من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه9%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267617 / تحميل: 8506
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

والمستفاد من خبر الحسين بن أبي حمزة الثمالي ثابت بن دينار عند ما قصد زيارة الحسين (عليه السّلام) قادماً من الكوفة لأواخر عهد الدولة الاُمويّة ذكر باب الحائر وكرّر لفظه، بينما ابن اُخته الحسين اقتصر على ذكر القبر دون إيراد لفظ الباب(1) .

ومن الممكن إن لم يكن يقصد بالباب حدود حومة الحائر وجود بناء على سبيل الإجمال على التربة الطاهرة، وكلاهما يصرّخان إنّهما كانا على خوف ووجل من القتل، وصرح ابن الثمالي بوجود المسلحة المطوّقة للحفرة الطاهرة من الجند الاُموي للحيلولة دون مَنْ يؤم قصده.

كان لحركة الشيعة في استعراضهم لجند الشام بعين الوردة بزعامة سليمان بن صرد الخزاعي واستماتتهم بطلب ثأر الحسين (عليه السّلام)، وإعادتهم الكرّة تحت لواء إبراهيم الأشتر، واستقصائهم للجندي الاُموي مع زعيمهم ابن زياد، مستهونين غير محتفين بكلّ ما سامهم معاوية من خطوب وخسف، وما أذاقهم من مرّ العذاب وصنوف التنكيل بغارات بسر بن أرطأة، وصلب وقتل وسمل في ولاية زياد بن أبيه وسمرة بن جندب وابن زياد، ممّا خلف أثراً عميقاً سيئاً في نفوس آل مروان ودويّاً هائلاً.

فبعد أن تسنّى لعبد الملك بن مروان وصل حلقات فترة الحكم الذي دهم دور حكم آل أمية بموت يزيد بإقصائه آل الزبير عن منصّة الحكم والإمرة، أراد أن يستأصل الثورة من جذورها؛ لذلك اتّبع سياسة القسوة والشدّة تجاه أهل العراق، وضغط ما لا مزيد عليه لمستزيد، خصوصاً في ولاية الحجاج بن يوسف.

ونهج خلفاؤه عين خططه دون أيّ شذوذ مع تصلّب بالغ؛ كابن هبيرة،

____________________

(1) يقول في خبر طويل بعد أن نزل الغاضرية وقد أدركه الليل، وهدأت العيون ونامت، أقبل بعد أن اغتسل يريد القبر الشريف يقول: حتّى إذا كنت على باب الحير... وساق في خبره وقد كرّر لفظ الباب حيث يقول بعد ذلك: فلمّا انتهيت إلى باب الحائر... (إقبال الأعمال - لابن طاووس / 28)، ومجلد المزار من بحار الأنوار 22 / 120.

٦١

وخالد بن عبد الله القسري، ويوسف بن عمر.

فترى ممّا تقدّم أنّ من المستحيل إفساحهم المجال بأن يُشيّد بناء على قبر الحسين (عليه السّلام)، ويكون موضعاً للتعظيم والتقدير؛ ممّا يتنافى وسياستهم المبنية على الكراهية لآل البيت (عليهم السّلام) والتنكيل بشيعتهم.

وإن سلّمنا بتحقق خبر الحسين بن أبي حمزة الثمالي على سبيل استدراك الورود لفظ الباب، من الممكن أن نقول: أي وجود بناء في الفترة بين سنة أربع وستين لإحدى وسبعين، ونلتزم بتغاضي المروانيين من التعرّض لهم، وبقائه ليوم ورود الحسين ابن بنت أبي حمزة الثمالي لزيارة الضريح الأقدس.

وورد خبر لا يوثق به ولا يعوّل عليه من أنّ المختار بن أبي عبيدة الثقفي بنى على القبر الشريف وأقام حوله قرية(2) .

وقيل: إنّ سكينة بنت الحسين (عليه السّلام) أقامت بناء على الرمس الأقدس أمد اقترانها بمصعب في ولايته للكوفة، ففي أمد الفترة لسنة ست وستين عندما أمَّ التوّابون (عند مسيرهم للتلاقي مع جند عين الوردة) التربة الزاكية، وازدحموا على القبر

____________________

(1) جاء في مزار بحار الأنوار - للمولى محمّد باقر المجلسي / 120 ما نصه: (عن الحسين ابن بنت أبي حمزة الثمالي قال: خرجت في آخر زمان بني مروان إلى قبر الحسين (عليه السّلام) مستخفياً من أهل الشام حتّى انتهيت إلى كربلاء، فاختفيت في ناحية القرية، حتّى إذا ذهب من الليل نصفه أقبلت نحو القبر، فلمّا دنوت منه... حتّى كاد يطلع الفجر أقبلت... فقلت له عافاك الله، وأنا أخاف أن أصبح فيقتلوني أهل الشام إن أدركوني ها هنا... وصلّيت الصبح وأقبلت مسرعاً مخافة أهل الشام.

(2) ذكر هذا القبر صاحب كنز المصائب دون إسناد، وفضلاً عن ذلك فإنّ هذا الكتاب لا يُعتمد عليه كثيراً؛ لِما حُشي متنه من الأخبار الغير واردة.

وقد ذكر هذا الخبر عند سرده لما دار بين المختار ومصعب بن الزبير، وعدد المواقع التي دارت بينهم والتي انتصر في جميعها المختار، =

٦٢

كازدحام الناس على الحجر الأسود(1) .

لم يكن حينذاك ما يظلل قبره الشريف أيّ ساتر، واستقصوا أمد البقية من الفترة، المختار بن أبي عبيدة الثقفي، ومصعب، وابن أخيه حمزة؛ فالأخبار الواردة في زيارة الحسين (عليه السّلام) عن السجّاد علي، والباقر(2) محمّد بن علي (عليه السّلام) (لكونهما قضيا حياتهما في الدولة المروانية) يشفان عن خوف ووجل.

وممّا يؤيد وجود بناء بسيط (بل له بعض الشأن) على القبر الشريف في زمن ورود الحسين ابن بنت أبي حمزة للزيارة، ما جاء من الألفاظ في الزيارات الواردة عن الصادق (سلام الله عليه) لجدّه الحسين (عليه السّلام)(3) ، حيث يقول في خبر: «... بعد الغسل بحيال قبره الشريف في الفرات، فتتوجه إلى القبر حتّى تدخل الحير من جانبه الشرقي، وتقول:...، ثمّ إذا استقبلت القبر...، ثمّ اجلس عند رأسه الشريف...، ثمّ تحوّل عند رجليه...، ثمّ تحوّل عند رأس علي بن الحسين...، ثمّ تأتي قبور الشهداء»(4) .

وفي خبر المفضل بن عمر عن الصادق (سلام الله عليه): «إذا أتيت باب الحير

____________________

= وهزيمة مصعب، إلى أن تمكّن مصعب من المختار آخر الأمر.

وإذ لم ترد مثل هذه الأخبار في الكتب التأريخية - والمعروف بل المحقّق أنّه لم يكن بين المختار ومصعب من مواقف سوى ما كان بالمذار، ثمّ تحصّن المختار بقصر إمارة الكوفة إلى أن قُتل -؛ لذا قلّ الاعتماد على ما ورد في هذا الكتاب من قيام المختار بتشييد قبر الحسين (عليه السّلام)، وإن كان المحلّ مناسب لإعطاء مثل هذه النسبة له.

كيف لا وقد قام المختار بأخذ ثأر الحسين (عليه السّلام)، وقتل قاتليه وصلبهم، وأحرق بعضهم بالنار؟ فلا يبعد من أن يقوم بتشييد قبره الشريف، إلاّ أنّنا نحكم بوقوع مثل هذا الأمر وجداناً لا استناداً على ما ورد في هذا الكتاب؛ للأسباب السالفة.

(1) تاريخ الطبري 7 / 70، وكان ذلك سنة 65 هـ.

(2) مجلد المزار 22 / 110.

(3) فقد توفي الصادق (عليه السّلام) سنة 148، والثمالي توفي في زمن المنصور.

(4) مجلد المزار / 145.

٦٣

فكبر الله أربعاً، وقل:...»(1) .

وفي خبر ابن مروان عن الثمالي عند آخر فصول الزيارة يقول: ثمّ تخرج من السقيفة وتقف بحذاء قبور الشهداء وتومئ إليهم، وتقول:...(2) .

وفي خبر صفوان الجمّال عن الصادق (عليه السّلام) يقول: «فإذا أتيت باب الحائر فقف... وقل:... ثمّ تأتي باب القبة وقف من حيث يلي الرأس، وقل:...، ثمّ اخرج من الباب الذي عند رجلي علي بن الحسين (عليه السّلام) وقل:...، ثمّ توجه إلى الشهداء وقل:...»(3) .

وفي خبر آخر عن صفوان يقول: «فإذا أتيت الباب فقف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر وقل:...، ثمّ ادخل رجلك اليمنى القبر وأخّر اليسرى، ثم ادخل الحائر وقم بحذائه وقل:...»(4) . وهذا ما يدلّك على أنّ له باباً شرقيّاً وغربيّاً.

فخلاصة القول: إنّ المستفاد من هذه الزيارات هو وجود بناء ذو شأن على قبره في عصر الصادق (سلام الله عليه).

ومع هذا فقد كان الاُمويّون يقيمون على قبره المسالح لمنع الوافدين إليه من زيارته، ولم يزل القبر بعد سقوط بني اُميّة وهو بعيد عن كلّ انتهاك؛ وذلك لانشغال الخلفاء العباسيِّين بإدارة شؤون الملك، ولظهورهم بادئ الأمر مظهر القائم بإرجاع سلطة الهاشميِّين، وهو غير خفي أنّ القائمين بالدعوة كانوا من أهل خراسان، وأكثر هؤلاء إن لم نقل كلّهم كانوا من أنصار آل البيت (عليهم السّلام).

ولمّا رسخت قدم العباسيِّين في البلاد، وقمعوا الثورات جاهروا بمعاداة شيعة علي (عليه السّلام)، ولكنّها كانت خفيفة الوطأة أيام السفّاح، فتوارد الزائرون

____________________

(1) المصدر نفسه / 148.

(2) المصدر نفسه / 105.

(3) المصدر نفسه / 159.

(4) المصدر نفسه / 179.

٦٤

لقبر الحسين (عليه السّلام) من شيعته عند سنوح هذه الفرصة جهاراً، واشتدّت الوطأة أيام المنصور بوقيعته بوجوه آل الحسن(1) ، وخفّت ثانية في أيام المهدي والهادي.

فلمّا كانت أيام الرشيد(2) ، وكانت قد استقرّت الأوضاع، وثبتت دعائم الحكم، وقضت على ثورات العلويِّين بما دبّرته من طرق الغدر والخيانة، فأرغمت أنوفهم الحمية، وأخمدت نفوسهم الطاهرة، فأرادت القضاء عليهم في محو قبور أسلافهم، فسلكوا سلوك بني اُميّة؛ إذ أمر الرشيد بهدم قبره الشريف ومحو أثره، فأخذت الشيعة الوسائط بالاهتداء إلى تعيين موضع القبر، وتعيين محلّ الحفرة منها السدرة، فبلغ الرشيد ذلك فأمر بقطعها(3) ، ثمّ وضع المسالح على حدوده إلى أن انتقل إلى طوس ومات فيها.

فلم يتتبع الأمين ذلك لِما كان منشغلاً باللهو والطرب وصنوف المجون والبذل، فاغتنموا الحال وبادروا إلى تشييد قبره الشريف، وقد اتخذوا عليه بناءً عالياً.

ولمّا جاء دور المأمون وتمكّن من سرير الخلافة تنفس الشيعة الصعداء، واستنشقوا ريح الحرية، ولم يتعرّض لذلك، وكان المأمون يتظاهر بحبّه لآل البيت (عليهم السّلام) حبّاً جمّاً حتّى إنّه استعاض بلبس السواد - وهو شعار العباسيِّين - بلبس الخضرة - وهو شعار العلويِّين -، وأوصى بالخلافة من بعده لعلي الرضا

____________________

(1) مروج الذهب - للمسعودي 2 / 171.

(2) الظاهر إنّ الرشيد لم يتعرّض لقبر الحسين (عليه السّلام) إلاّ في اُخريات أيامه، ولعل سبب ذلك غضبه ممّا كان يشاهد من إقبال الناس لزيارة الحسين (عليه السّلام) وتعظيمه والسكنى بجواره، وكان قبل ذلك يجري ما أجرته أمّ موسى من الأموال على الذين يخدمون قبر الحسين في الحير. انظر الطبري 10 / 118. (عادل)

(3) روى ذلك محمّد بن الحسن الطوسي في أماليه / 206 طبع إيران، بسنده إلى جرير بن عبد الحميد، وذكر أنّه عندما سمع جرير بالخبر رفع يديه قائلاً: الله أكبر! جاءنا فيه حديث عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: «لعن الله قاطع السدرة» ثلاثاً. فلم نقف على معناه حتّى الآن.

٦٥

ابن موسى الكاظم (عليه السّلام)، ولعل ذلك كيد منه، وكان هذا الوقوع بعد قتل أخيه الأمين، واسترضاء لمناصريه الخراسانيين.

وقد زعم البعض أنّه هو الذي شيّد قبره الشريف، وبنى عليه لهذه الفترة(1) ، وفي ورود أبي السرايا بن السري بن المنصور إلى قبر الحسين (عليه السّلام) أيام المأمون عام تسعة وتسعين بعد المئة حين قام ببيعة محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل طباطبا بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط، دليل على تشييد قبر الحسين(2) بعد مضي الرشيد إلى طوس.

وبقي الحال على هذا المنوال والشيعة في حالة حسنة حتّى قام حول قبره الشريف سوقاً، واتخذت دوراً حوله، وأخذ الشيعة بالتوافد إلى قبره للسكنى بجواره، إلى أن كان من المغنّية الشهيرة التي قصدت من سامراء في شعبان زيارة قبره الشريف، وكانت تبعث بجواريها إلى المتوكّل قبل أن يلي الخلافة يغنين له إذا شرب، وقد بعث إليها بعد استخلافه فأخبر بغيبتها، فأسرعت بالرجوع عندما أبلغها الخبر بطلب المتوكّل لها، فبعثت إليه بجارية وكان يألفها، فقال لها: أين كنتم؟

قالت: خرجت مولاتي إلى الحج وأخرجتنا معها.

فقال: إلى أين حججتم في شعبان؟

قالت: إلى قبر الحسين (عليه السّلام).

فاستطير غضباً(3) ، وفيه من بغض آل أبي طالب ما هو غني عن البيان، فبعث بالديزج بعد أن استصفى أملاك المغنّية - وكان الديزج يهودياً قد أسلم - إلى قبر الحسين (عليه السّلام)، وأمره بحرث قبره الشريف ومحوه، وهدم كلّ ما حوله من الدور والأسواق، فمضى لذلك وعمل بما أمر به، وقد حرث نحو مئتي جريب من جهات القبر، فلمّا بلغ الحفرة لم يتقدّم

____________________

(1) نزهة الحرمين - للعلاّمة السيد حسن الصدر (مخطوط) نقلاً عن تسلية المجالس.

(2) انظر مقاتل الطالبيِّين - لأبي الفرج الإصبهاني / 341 ط النجف.

(3) المصدر نفسه / 386.

٦٦

إليه أحد، فأحضر قوماً من اليهود فكربوه، وأجرى الماء عليه(1) ، فحار الماء عند حدود قبره الشريف(2) ، ثمّ وكّل به المسالح بين كلّ مسلحتين ميل، ولا يزوره أحد إلاّ وأخذوه ووجهوا به إلى المتوكّل(3) ، فحصل للشيعة من ذلك كرب عظيم لِما طرأ على قبره من الجور، ولم يعهد مثله إلى هذا الحد.

فضاق بمحمد بن الحسين الأشناني بعد طول عهده بالزيارة، فوطّن نفسه على المخاطر، وساعده رجل من العطّارين، فخرجا يمكثان النهار ويسيران الليل حتّى بلغا الغاضرية، وخرجا منها نصف الليل، فسارا بين مسلحتين وقد ناموا حتّى دنا من القبر الشريف، فخفى عليهما موضعه، فجعلا يتحرّيان موضع القبر حتّى أتياه وقد قُلع الصندوق الذي كان عليه واُحرق، وفي الموضع اللبن قد خُسف وصار الخندق، فزاراه وانكبّا عليه، وقد شمّا من القبر رائحة ما شمّا مثلها قطّ من الطيب.

فقال الأشناني للعطّار: أي رائحة هذه؟

فقال: والله ما شممت مثلها بشيء من العطر.

فودّعاه وجعلا حوله علامات في عدّة مواضع، وبعد قتل المتوكّل حضر مع بعض الطالبيِّين والشيعة فأخرجوا العلامات وأعادوا القبر إلى ما كان عليه أوّلاً.

وقد نالت الشيعة شيء من الحرية على عهد المنتصر، وكان هذا محبّاً لآل البيت (عليهم السّلام)، مقرّباً لهم، رافعاً مكانتهم، معظّماً قدرهم، ومن حسناته إليهم أنّه شيّد قبر الحسين (عليه السّلام)، ووضع ميلاً عالياً يرشد الناس إليه(4) ، وذلك في عام السابع والأربعين بعد المئتين.

ولم يُهدم بناء المنتصر ظلماً؛ لعدم تعرّض أخلافه له؛ لِما ظهر من الوهن في دولتهم، وانحلال أمرهم، وتسلّط الأتراك عليهم، وانشغالهم بأنفسهم.

وفي خلافة المسترشد ضاقت الأرض على رحبها على الشيعة؛ وذلك عندما أمر بأخذ جميع ما اجتمع من هدايا

____________________

(1) المصدر نفسه / 386.

(2) المصدر نفسه / 386.

(3) المصدر نفسه / 387.

(4) فرحة الغري - لعبد الكريم بن طاووس.

٦٧

الملوك والأمراء والوزراء والأشراف من وجوه الشيعة من الأموال والمجوهرات في خزانة الروضة المطهّرة، وأنفقه على العسكر، واعتذر بأنّ القبر لا يحتاج إلى الخزانة(1) ، إلاّ أنّه لم يتعرّض للبناء ولم يمسّه؛ لقصور يده، وضعف شأنه لا لشيء آخر.

وكان البناء الذي شيّد في عهد المنتصر قد سقط في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين ومئتين(2) ، فقام إلى تجديده محمّد بن زيد القائم بطبرستان في خلافة المعتضد بالله العباسي(3) لسنة ثلاث وثمانين ومئتين(4) ، وقد أخذ حال القبر الشريف منذ تشييد المنتصر إيّاه بالعروج إلى مدارج العمران يوماً بعد يوم حيث أمن الناس من إتيانه واتخاذ الدور عند رمسه.

وقد زار القبر عضد الدولة بن بويه سنة (370 هـ) بعد أن بالغ في تشييد الأبنية حول الضريح وزخرفتها(5) ، وكان آل بويه يناصرون الشيعة.

وقد استحفل التشيّع على عهدهم حتّى إنّ معزّ الدولة أمر سنة 352 بإقامة المآتم في عاشوراء، وكان ذلك أوّل مأتم أُقيم في بغداد.

____________________

(1) المناقب - لابن شهر آشوب، وكان ذلك سنة 511 هـ.

(2) فرحة الغري / 61.

(3) جاء في بحر الأنساب (العائد لخزانة المرحوم الشيخ عبد الحسين شيخ العراقيين الطهراني) عند ذكره لنسب المعتضد بالله العباسي بقوله: وأمر بعمارة مشهد الغري بالكوفة ومشهد كربلاء، وافتقد الخزائن بدار الخلافة، فأخرج منها ما وجده من نهب الواثق من مال مشهد الحسين بن علي (عليه السّلام) وأعاده إليه.

(4) فرحة الغري، وكان محمّد بن زيد هذا دائم التصدّق على العلويِّين في المشاهد؛ فقد بعث في خلافة المعتضد بالله اثنين وثلاثين ألف دينار لمحمد بن ورد ليفرّقها على العلويِّين. (انظر الكامل 6 / 80، والطبري 12 / 346).

(5) تسلية المجالس - لمحمد المجدي (بالفارسية)، طبع حجر.

٦٨

(وعندما عفا عضد الدولة عن عمران بن شاهين البطائحي بنى الرواق المشهور برواق عمران بن شاهين في المشهدين الشريفين الغروي والحائري (على مشرفهما السّلام»(1) .

وفي سنة سبع وأربعمئة هجـ احترق الحرم الشريف إثر اندلاع حريق عظيم كان سببه إشعال شمعتين كبيرتين سقطتا في الليل على التأزير واحترق، وتعدّت النار بعد الحرق القبة إلى الأروقة(2) ، فكان البناء على القبر الشريف بعد وقوع هذا الحريق ما وصفه الطنجي في رحلته، إلاّ أنّي لم أقف على خبر مَنْ شيّد هذا البناء، وفي أيّ تاريخ كان ذلك(3) ، ولعله كان قد تبقى شيء من البناء الذي

____________________

(1) فرحة الغري / 67.

(2) الكامل - لابن الأثير 9 / 110 ط ليدن، و7 / 295 من ط القاهرة، والمنتظم - لابن الجوزي 7 / 283، البداية - لابن كثير 12 / 4، والنجوم الزاهرة - لابن تغري بردى 4 / 241.

(3) ذكر كلّ من العلاّمة السيد حسن الصدر الكاظمي في نزهة الحرمين / 35، والعلامة السيد محسن الأمين العاملي في أعيان الشيعة 4 / 302، ومن أخذ عنهما، أنّ أبا محمّد الحسن بن الفضل بن سهلان وزير سلطان الدولة البويهي هو الذي جدّد بناء الحائر بعد وقوع هذا الحريق، لكن المصادر التي عوّلوا عليها لم تنسب إلى ابن سهلان هذا سوى بناء سور الحائر وليس تجديد بنائه، كما في المنتظم 7 / 283، والبداية والنهاية 12 / 16، ومجالس المؤمنين / 211، والنجوم الزاهرة 4 / 259.

هذا فضلاً عن أنّ ابن سهلان بدأ ببناء سور الحائر في سنة 400 هـ، أيّ قبل وقوع الحريق بسبعة أعوام، وهي نفس السنة التي أمر ببناء سور على مشهد أمير المؤمنين(عليه السّلام). (الكامل 7 / 249. ط القاهرة).

فقد ورد في المنتظم 7 / 246: وفي جمادى الأولى (سنة 400 هجـ) بدأ ببناء السور على المشهد بالحائر، وكان أبو محمّد الحسن بن الفضل بن سهلان قد زار هذا المشهد، وأحبّ أن يؤثر فيه مؤثراً، ثمّ ما نذر لأجله أن يعمل عليه سوراً حصيناً مانعاً؛ لكثرة مَنْ يطرق الموضع من العرب، وشرع في قضاء هذا النذر، ففعل وعمل السور، وأحكم وعرض، ونصبت عليه أبواب وثيقة وبعضها حديد، وتمّم وفرغ منه، وتحسّن المشهد به، وحسن الأثر فيه. (عادل).

٦٩

شيّده عضد الدولة، إلى أن شيّد عليه البناء الموجود اليوم على القبر الشريف، أو إنّه قد جدّده بعد الحريق أخلاف عضد الدولة؛ إذ كانت دولتهم قائمة عند وقوع الحريق.

هذا وكان إكمال بناء الحرم في سنة سبع وستين وسبعمئة، وقد أمر بتشييده السلطان أويس الإيلكاني، وأتمّه وأكمله ولده السلطان حسين(1) .

____________________

(1) زينة المجالس - لمحمد المجدي (مخطوط) باللغة الفارسية / 84، والمجدي من معاصري الشيخ البهائي، وقد صنّف كتابه هذا سنة 1004 هجـ، فقد جاء فيه: إلى أن أمر السلطان أويس الإيلكاني، وابنه السلطان حسين ببناء عمارة عالية.

وللسيد المؤلّف (عبد الحسين) ملاحظة مهمة في هذا الخصوص، خطر لي أن أثبتها هنا، يقول: ذكر سماحة السيد محسن الأمين العاملي في المجلد 3 / 593، من أعيان الشيعة، قال فضيلته عن آخر كتاب الأماقي في شرح الإيلاقي لعبد الرحمن العتايقي الحلّي المجاور بالنجف الأشرف، في نسخته المخطوطة في خزانة العلوية الذي تمّت كتابته في محرّم سنة 755 هجـ، قال: (في هذه السنة احترقت الحضرة الغروية (صلوات الله على مشرّفها)، وعادت العمارة وأحسن منها في سنة 760 سبعمئة وستون). انتهى.

أقول: هذا الحريق هو الذي ذكره ابن مهنا الداودي في العمدة / 5، ولكنّه لم يذكر اسم المجدّد للبناء الذي شيّد على الروضة المطهّرة الحيدرية، حيث المدّة تقارب زمن البناء الذي قام به السلطان أويس، وولده السلطان حسين الإيلكانية في سنة (767) على قبر الحسين (سلام الله عليه) الموجود اليوم على الروضة الطاهرة.

من المقتضي أن يكون السلطان حسين الإيلكاني هو منفرداً أقام البناء على الروضة الطاهرة الحيدرية، وبالخاصة لموقع قبورهم التي ظهرت في سنة الخامس عشر بعد الثلاثمئة والألف هـ وسط الصحن الشريف ما يلي باب الطوسي، أحد أبواب الصحن الشريف، في القسم الشمالي من الروضة الزاكية؛ إذ ظهر سرب فيه ثلاثة قبور على أحدهم في القاشاني مرقوم (توفي الشاهزاده الأعظم معزّ الدين عبد الواسع في 15 جمادى الأوّل سنة 790)، وعلى لوح القبر الثاني (هذا ضريح الطفل الصغير سلالة السلاطين الشاهزادة ابن الشيخ أويس (طاب ثراه). توفي يوم الأربعاء حادي عشر محرّم الحرام سنة إحدى وثلاثين وثمانمئة).

وعلى لوح القبر الثالث (هذا قبر الشاهزادة سلطان بايزيد (طاب ثراه). توفي في جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين وثمانمئة هلالية)، وعلى قبر آخر (هذا قبر المرحومة السعيدة بايندة السلطان).

وقد ابتدأ حكم الأسرة الإيلكانية الجلائرية في بغداد وآذربايجان بعد موت أبي سعيد بن أولجياتو محمّد خدابنده بقليل بالشيخ حسن الكبير، تقريباً بين سنة تسع وثلاثين وسبعمئة، أو سنة الأربعون، وكانت وفاته سنة 757 هـ، ثمّ تلاه في الحكم ولده السلطان أويس سنة 757 هـ، وتوفي سنة 776 هـ، ثمّ تلاه ولده السلطان حسين من سنة 776 هـ، إلى أن توفي في سنة 784 هـ، ثمّ تلا السلطان حسين أخوه السلطان أحمد الجلائري ابن أويس، إلى أن قُتل في تبريز بين سنة ثلاث عشرة وثمانمئة وأربع عشرة، وبه تقريباً انتهت أيامهم.

٧٠

وكان تاريخ هذا البناء موجوداً فوق المحراب الذي موضعه اليوم الرخام المنعوت بنخل مريم(1) فيما يلي الرأس الشريف، وقد شاهد ذلك التأريخ بنفسه محمّد بن سليمان بن زوير السليماني، وذكره في كتابه المسمّى بـ (الكشكول).

وقد كان إنزال هذا التاريخ سنة السادس عشر بعد المئتين والألف (1216)، ومن موضعه، عند عمل المرايا والتزيينات للحرم الشريف بأمر محمّد علي خان القواينلو كما تشير إلى ذلك الكتابة

____________________

(1) جاء في كتاب (دلائل الدين) تأليف عبد الله ابن الحاج هادي ما ترجمته: روى عن السجّاد (عليه السّلام): أنّ الله تعالى ذكر في القرآن أنّ السيدة مريم (عليها السّلام) عندما أرادت أن تلد ابنها المسيح ابتعدت عن قومها، وذهبت إلى كربلاء - بصورة معجزة - بجنب نهر الفرات، وقد ولد المسيح قرب مكان ضريح الحسين (عليه السّلام)، وفي نفس الليلة عادت السيدة مريم إلى دمشق.

ومصداق هذا الخبر ما ورد عن الباقر (عليه السّلام) - على ما أتذكر - أنّ صخرة على مقربة من قبر الحسين نُصبت في الحائط قد أجمع ساكنوا هذا المقام على أنّ الرأس الشريف قد حزّ على هذه الصخرة، ويقولون أنّ المسيح قد ولد على نفس تلك الصخرة أيضاً.

٧١

الموجودة في أعلى الباب الثالث من أبواب الحرّم المقابل للشبكة المباركة: (واقفه محمّد علي خان القواينلو سنة 1216) هـ.

وكذلك هذا التأريخ موجود بعينه في الكُتيبة القرآنية داخل القبّة على الضريح المقدّس، وفي سنة 920 هـ أهدى الشاه إسماعيل الصفوي صندوقاً(1) إلى القبر الشريف،

____________________

(1) عندما دخل الشاه إسماعيل الصفوي الأوّل - مؤسس الدولة الصفوية في إيران والذي يرتقي نسبه إلى الإمام السابع موسى بن جعفر (عليه السّلام) - بغداد فاتحاً سنة 914 هـ كان همّه الأول هو التبرّك بزيارة أجداده الأئمّة المعصومين (عليهم السّلام)، فقصد زيارة مرقد الحسين (عليه السّلام)، وعمل ثوباً حريرياً لقبره الشريف، وعلّق اثنى عشر قنديلاً من الذهب أطراف القبر، وفرش تلك الحضيرة القدسية بالبسط، وجلّله بأنواع الحرير والإستبرق، وبذل الأموال الكثيرة لللائذين بقبره الشريف، ثمّ خرج قاصداً النجف الأشرف. (وقد ترجم النص المتقدّم العلاّمة المؤلّف عن (حبيب السير) لخواند مير بالفارسية - مخطوط في 3 مجلدات في مكتبة المؤلّف سنة 1008 هـ).

وقد جاء أيضاً في (عالم آراى عباسي) لإسكندر منشي جـ 2 عن زيارة هذا الشاه ما ترجمته: توجه الشاه من بغداد إلى تربة كربلاء بعد إخلاص النيّة، وتشرّف بزيارة مرقد الحسين المنوّر وشهداء كربلاء، وقد زيّن الروضة وأنعم على المجاورين، ثمّ توجه من هناك إلى زيارة علي المرتضى (عليه السّلام) عن طريق الحلّة. راجع أيضاً فارسنامه ناصري 1 / 93.

وزار كربلاء أيضاً الشاه عباس الأول الصفوي، فقد جاء في فارسنامه ناصري ما ترجمته: غادر الشاه عباس الأول الصفوي أصفهان في سنة 1033 هجري متجهاً نحو بغداد، وفي غرّة ربيع الأوّل من نفس السنة دخل بغداد فاتحاً...، ثمّ توجه إلى النجف الأشرف في محرّم الحرام، وعلى بعد (30) كيلو متر ترجّل عن فرسه وخلع نعله، وأنعم على كافة سكنة النجف، وتوجه بعد ذلك مسروراً فرحاً إلى زيارة كربلاء وطاف بالبقعة الطاهرة، ثمّ أقفل راجعاً إلى بغداد وزار الإمامين الكاظمين وسامراء.

وفي ربيع هذه السنة أعاد الكرّة لزيارة كربلاء والنجف الأشرف، وقبل أعتاب هاتين الحضرتين أدّى لوازم الزيارة، وأهدى من الصناديق القيمة والطنافس الحريرية المطرّزة والديباج الشيء الكثير، ورجع مقفلاً إلى بغداد، وأعاد الزيارة مرّة أخرى إلى الروضة الحسينيّة.

وانظر أيضاً =

٧٢

ولم يرد ما يهمّ خبره من أخلافه الصفوية إلاّ الإقدام بأمور طفيفة لا مجال لذكرها، إلاّ أنّه بلغني - ولم أتثبّت من ذلك أنّ الشاه سليمان الصفوي قام ببناء القسم الشمالي من الصحن المطهّر، والإيوان الكبير الذي فيه المسمّى (بصافي صفا) نسبة إلى الصفويِّين، وليس اليوم في هذا الإيوان دليل على ذلك سوى إنّ الكاشي المعرّق الموجود في سقف هذا الإيوان، والزخارف المعمولة من البورق فيه يستدل منها أنّ بناء هذه الجهة أقدم بناء من الجهات الثلاث للصحن الشريف، فضلاً عن أنّ نقوش الكاشي المعرّق وصنعتها تشبه إلى حدّ كبير نقوش الكاشي المعرّق الموجود في روضة الجوادين (سلام الله عليهما)، وحرم حضرة الرضا (عليه السّلام)، ومقبرة خواجه ربيع، والقدم كاه.

وقد كان في حواشي الكاشي المعرّق الموجود في جنبتي هذا الإيوان - الشرقي والغربي - كُتيبة تنص على اسم الباني وتأريخ بنائه، ولكن مع مرور الزمن تلف واندرس أثره، ومع شديد الأسف لم يسعَ أحد بعد

____________________

= عالم آراي عباسي، وهناك مصدر لا بدّ من الإشارة إليه في هذا الخصوص هو (تاريخ دهامر الألماني) الذي تُرجم من اللغة الفرنسية إلى الفارسية باسم: سلطان التواريخ، في تاريخ سلاطين آل عثمان، يقع في ثلاث مجلدات ضخام، تحتوي على 72 باباً، ينتهي به مؤلفه إلى آخر عهد عبد الحميد الأول العثماني، بعد حرب الروس والأتراك وعقد معاهدة (كنارجة).

وفي سنة 1034 هـ أعاد السلطان مراد الرابع العثماني العراق إلى حوزة دولته، وفي 27 جمادى الأولى سنة 1039 هـ احتل بغداد مرّة أخرى الشاه صفي حفيد الشاه عباس الأول، وزار كربلاء في سنة 1048 هـ في يوم عيد، فقبّل أعتاب ضريح سيد الشهداء وأخيه العباس بعد أن أنذر النذور، وأكرم ذوي الحاجة. (روضة الصفاي ناصري المجلد الثامن).

وفي سنة 1156 هـ توجه نادر شاه من النجف الأشرف إلى تقبيل أعتاب الحسين (عليه السّلام) الذي حرمه مطاف ملائكة الرحمن، وقدّمت زوجته رضية سلطان بيكم كريمة الشاه سلطان حسين الصفوي عشرين ألف نادري لتعمير جامع الحرم الشريف (التاريخ النادري).

٧٣

ذلك لإرجاع هذا النص التأريخي المهم إلى موضعه.

وعندما أرادوا دفن ميرزا موسى الوزير فيه(1) عملوا موضعية الكُتيبة

____________________

(1) وقد شيّد هذا الإيوان الكبير في سنة 1281 هـ من قبل المرحوم ميرزا موسى وزير طهران، لتكون مقبرة له ولعائلته، وقد جدّد المرايا والكُتيبة القرآنية، وزوّق جدرانها الداخلية بالكاشي النفيس.

وقد نظم الشاعر (قلزم) الذي كان من الشعراء الشهيرين في تلك الفترة، هذه القصيدة بالمناسبة:

اي نمودار حريمت حرم عرش برين

ظـل دركـاهت خـركه زده بر عليين

قـدسيان بسته بفرمان تو از عرش كمر

آسمان سوده در ايوان تو بر فرش جبين

بـوده دارلـت شـاهنشه اقـليم شهود

بـيشكا رانـت فـرمان ده سرحد يقين

ظل خركاه تو را قبله كند روح القدس

خاك دركاه تو را سجده برد حور العين

از ازل تـاج شـهادة جه نهادي بر سر

شـد ترا ملك شفاعت همه در زير نكين

از بـهاي كـهر باك تو اين توده خاك

كعبه دين شود وشد سجده كه أهل زمين

إلى أن يقول:

قـصة طـور كـليم الله فاخلع نعليك

هـمه از خاك درت مظهر آيات مبين

عكس از شمسه ايوان تو شد شمس فلك

بر تو اوبر همه كون مكان كشت مكين

سـاكـنان حـرم وجـلال مـلكوت

هـه بـرخاك رهـت بايد خاك نشين

=

٧٤

الموجودة اليوم من المرايا، رُقمت بهذه الآية:( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً

____________________

=

بـهر فـراشي حجابت هر شام وسحر

قيصر أز روم كمر بندى وفقفور أز جين

إلى أن يقول:

اين هـمان وادى دوروا تـش شـوق

صـه جـه موسى باميد قبسي خاك نشين

انـدرين عـهد هـمايون از فـو ظـفر

رايـت دولـت اسـلام بر از جرخ برين

شـاه شـاهان جهان ظل خدا كهف زمان

خـسرو مـلك مـلل بـادشاه دولت ودين

شـهـر بـازيكه زأواز كـوي سـخطش

تـااب درشـده در جـحمه كـوه طـنين

مـير فـرخنده نـزادى زد راوكـه بـود

افـتـاب فـلك ورفـعت كـوه وتـمكين

داشـت جـون كوهري آراسته نور صفا

كـرد ايـن صـفه ايـوان صفارا ترين

دولت نـاصرى وسـعى امـام مـلت

أنـدرين عـهد بـود مـحيي آثار جنين

افـتـخار فـضلا قـبله أربـاب فـلاح

بـيشواى دو جـهان بـادشاه شرع مبين

انـكه از بـندكي صـاحب روضـه باك

شـده بـرخا جـكي علم ازل صدر تشين

جون زفيض كف موسى شد اين طور صفا

..........................................

كـلك قـلزم بي تاريخ سخنور شده وكفت

بـا كـف مـوسى آراسـته طـور سنين

٧٥

وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ... ) .

هذا وقام السلطان مراد الرابع العثماني سنة ثمان وأربعين وألف بتعمير وتجديد القبّة السامية، وجصّصها من الخارج(1) .

وفي سنة 1135 هـ نهضت زوجة نادر شاه وكريمة حسين الصفوي إلى تعمير المسجد المطهّر، وأنفقت على ذلك عشرين ألف نادري.

وقام أغا محمّد خان (الخصي) مؤسس الدولة القاجارية في إيران بتذهيب القبّة السامية للسنة السابعة بعد المئتين والألف الهجرية(2) .

وقد نظم بهذه المناسبة الميرزا سليمان خان المشهور بصباحي الشاعر، مؤرّخاً هذا التذهيب بقوله:

كلك صباحي از اين تاريخ أونوشت

در كبند حسين علي زيب بافت زر

1207 هـ

____________________

(1) لم نعثر على مصدر هذا الخبر، ولكنّه قد جاء في كلشن خلفاء (ص 102 وجه) لنظمي زاده بالتركية: أنّ الوالي علي باشا الوند زادة، بأمر من السلطان مراد الثالث العثماني قد جدّد بناء جامع الحسين وقبّته المنوّرة، وذلك سنة 984 هـ.

وقد أرّخ هذا البناء أحد الشعراء المشهورين بأبيات مطلعها:

بـحمد الله كه از عون الهي

نـموده خـدمت شاه شهيدان

شه كشور ستان خاقان اعظم

مـراد بن سليم ابن سليمان

وقد وهم الأستاذ حسن الكليدار في كتابه (مدينة الحسين / 38) إذ ذكر أنّ هذه الأبيات قد قيلت بمناسبة تشييد القبّة من قبل مراد الرابع العثماني، إلاّ أنّ الصحيح ما ذكرناه. (عادل)

(2) مجلد القاجارية من ناسخ التواريخ - للسان الملك سبيهر / 33 سنة 1206 هـ.

٧٦

وفي أوائل القرن التاسع عشر (1214هـ) أهدى فتح علي شاه القاجاري - أحد ملوك إيران - شبكة فضية(1) ، وهي إلى اليوم موجودة على القبر الشريف، وحوالي هذا التاريخ أمرت زوجته بتذهيب المأذنتين حتّى حدّ الحوض.

وفي سنة 1259 هـ قام محمّد علي شاه - ملك أود - سلطان الهند بتذهيب الإيوان الشريف وصياغة بابه بالفضة.

ويوجد اليوم على الفردة اليمنى من باب الفضة في إيوان الذهب: (هو الله الموفّق المستعان، قد أمر بصنع هذا الباب المفتوح لرحمة الملك المنان، وبإتمام تذهب هذا الإيوان الذي هو مختلف ملائكة الرحمن، وبحفر الحسينيّة وبناء قناطرها التي هي معبر أهل الجنان).

وعلى الفردة الثانية، الجانب الأيسر تتمته: (وتعمير بقعة قدوة الناس مولانا وسيدنا أبو الفضل العباس، السلطان ابن السلطان، والخاقان ابن الخاقان، السلطان الأعظم والخاقان الأكرم، سلطان الهند، محمّد على شاه (تغمّده الله بغفرانه، وأسكنه فسيح جناته)، وكان ذلك في سنة 1259 هـ ألف ومئتين وتسعة وخمسين).

وقام بعد ذلك أمراء الأكراد البختيارية إلى تزيين المسجد والأروقة، وقد وسع الضلع الغربي من الصحن الشريف، وجدّد بناءه المتغمّد برحمته المرحوم الشيخ عبد الحسين الطهراني(2) (شيخ العراقين) من قبل شاه

____________________

(1) مجلد القاجارية من ناسخ التواريخ / 63.

(2) جاء في مستدرك الوسائل - للعلاّمة النوري 3 / 397 في ترجمة الشيخ عبد الحسين الطهراني: (شيخي وأستاذي ومَنْ إليه في العلوم الشرعية استنادي، أفقه الفقهاء، وأفضل العلماء، العالم الرباني، الشيخ عبد الحسين الطهراني... حتّى يقول: وجاهد في الله في محو صولة المبتدعين، وأقام أعلام الشعائر في العتبات العاليات، وبالغ مجهوده في عمارة القباب الساميات).

وقد توفي في الكاظمية في 22 شهر رمضان سنة 1286 هـ، ونُقل إلى كربلاء، ودُفن في إحدى حجرات الصحن الحسيني.

٧٧

إيران ناصر الدين شاه القاجاري سنة 1275 هـ، وشيّد إيوانه الكبير وحجر جهتيه.

وقد أنشد الشيخ جابر الكاظمي الشاعر الكبير مؤرّخاً لهذا البناء بالفارسية يقول:

بـنائي ناصر الدين شاه بنا كرد

زخـاك أوست بائين كاخ خضرا

نه صحن وكنبدي جرخي مكوكب

زنـور أو مـنور روي غـبرا

بـراي كـشوار عـرش يـعني

حـسين بـن عـلي دلبند زهرا

بـناي سـال أو جابر همي كوي

أز ايوان شـكست كـسرى

بكو تأريخ ايوانش مؤرخ 1275 هـ

وله تأريخ بالعربية:

لـله إيوانٌ سما رفعةً

فطاول العرشَ به الفرشُ

قال لسانُ الغيب تأريخه

أنت لأملاك السما عرشُ

ولم يحدث بعد ذلك ما يهمّ ذكره سوى ما جدّدت إنشاءه إدارة الأوقاف في العهد الأخير، في القسم الغربي من الصحن؛ لظهور الصدع فيه.

وفي المشهد الحسيني عدّة نقوش وكتابات تدلّ على تواريخ إصلاحه والزيارات فيه؛ ففي أعلى عمود وسط الضلع الجنوبي من شبكة الفولاد المنصوبة على قبر الحسين (عليه السّلام) ما يقابل الوجه الشريف، هذه العبارة: (مَنْ بكى وتباكى على الحسين فله الجنّة صدق الله ورسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سنة 1185 هـ).

وما يقابل الزوايا الأربعة من القبر الشريف عبارة: (واقفه الموفّق بتوفيقات الدارين، ابن محمّد تقي خان اليزدي محمّد حسين سنة 1222 هـ).

٧٨

ويوجد في الإيوان الخارج من جدار الرواق الغربي المقابل للشبكة المباركة في الكاشي، فوق الشباك: (عمل أوسته أحمد المعمار سنة 1296 هـ).

ويستفاد من أبيات منظومة بالفارسية فوق شباك المقبرة الشمالية المقابلة للضريح أنّه بمباشرة الحاج عبد الله ابن القوام على نفقة الحاج محمّد صادق التاجر الشيرازي الأصفهاني الأصل، قد قام بتكميل تعمير سرداب الصحن الحسيني، وتطبيق الأروقة الثلاثة الشرقي والشمالي والغربي بالكاشي في سنة ألف وثلاثمئة الهجرية.

إيضاح ما يوجد في خارطة كربلاء من المواقع

أنهار كربلاء

(النهرين): فرعان يشتقان من عمود الفرات، ويتصلان ببعضهما في قرية نينوى في جوار الحاير الحسيني، ويتجهان إلى الشمال الشرقي إلى الكوفة معاً على سبيل توحيد وتفرد؛ وللفارق يعرفان بنهري كربلاء، يتوضّح على ضوء ما سرده أبو الفرج في المقاتل(1) ، ونورد بين قوسين ما تفرّد بإيراده صاحب الدرّ النظيم(2) :

قال أبو الفرج: لمّا قُتل زيد بن علي دفنه ابنه يحيى، تفرّق عنه الناس ولم يبقَ معه إلاّ عشرة نفر. قال سلمة بن ثابت: قلت له: أين تريد؟

قال: أريد النهرين. ومعه الصياد العبدي.

قلت: إن كنت تريد النهرين فقاتل ها هنا حتّى تُقتل.

قال: اُريد نهري كربلاء (وظننت أنّه يريد أن يتشطط الفرات)، فقلت له: النجاء قبل الصبح. فخرجنا فلمّا

____________________

(1) مقاتل الطالبيِّين / 61 ط القاهرة.

(2) الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم - لجمال الدين الشامي جـ 2 خط.

٧٩

جاوزنا الأبيات سمعنا الأذان، فخرجنا مسرعين، فكلّما استقبلني قوم استطعمتهم فيطعموني الأرغفة، فأطعمه إيّاها وأصحابي حتّى أتينا نينوى، فدعوت سابقاً فخرج من منزله ودخله يحيى، ومضى سابق إلى الفيوم فأقام به.

(فلمّا خرجنا من الكوفة سمعنا أذان المؤذنين فصلّينا الغداة بالنخيلة، ثمّ توجهنا سراعاً قبل نينوى، فقال: اُريد سابقاً مولى بشر بن عبد الملك. فأسرع السير إلى أن انتهينا إلى نينوى وقد أظلمتنا، فأتينا منزل سابق فاستخففت الباب فخرج إلينا).

وذكر ابن كثير في البداية(1) عن محمّد بن عمرو بن الحسن قال: كنّا مع الحسين بنهري كربلاء. وأورد ابن شهر آشوب في المناقب: مضى الحسين قتيلاً يوم عاشوراء بطفّ كربلاء بين نينوى والغاضرية من قرى النهرين(2) .

قال الطبري(3) بعد مهادنة أهل الحيرة لخالد بن الوليد في مفتتح الفتح، وخضوع الدهاقين لأداء جزية وضريبة، وزع بينهم العمال؛ ولتمهيد الأمن أقام مخافر عهد بعمالة النهرين إلى بشر بن الخصاصية، فاتخذ بشر الكويفة ببابنورا قاعدة لعمالته.

وذكر عند حوادث سنة 278 هـ(4) ابتداء أمر القرامطة: وردت الأخبار بحركة قوم يعرفون بالقرامطة بسواد الكوفة، فكان ابتداء أمرهم قدوم رجل من خوزستان، ومقامه بموضع يُقال له: النهرين، يظهر الزهد والتقشّف، ويسفّ الخوص ويأكل من كسبه، ويكثر الصلاة.

إذا قعد إليه إنسان ذكّره أمر الدين، وزهده في الدنيا، وأعلمه أنّ الصلاة المفروضة

____________________

(1) ج 8 / 188.

(2) المناقب 4 / 83، ط بمبي.

(3) ج 4 / 17، ط ليدن.

(4) ج 8 / 159، ط الاستقامة.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

فان فضل من ذلك شئ فهو للورثة إن لم يكن عليه دين، قلت: أرأيت إن كانت الحجة تطوعا ثم مات في الطريق قبل أن يحرم لمن يكون جمله ونفقة وما معه؟ قال: يكون جميع ما معه وما ترك للورثة، إلا أن يكون عليه دين فيقضى عنه أو يكون أوصى بوصية فينفذ ذلك لمن أوصى له ويجعل ذلك من ثلثه ".

باب ما يقضى عن الميت من حجة الاسلام، أوصى أو لم يوص

٧ ٢٩١ - روى هارون بن حمزة الغنوي(١) عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل مات ولم يحج حجة الاسلام(٢) ولم يترك إلا قدر نفقة الحج وله ورثة(٣) ، قال: هم أحق بميراثه إن شاؤوا أكلوا وإن شاؤوا حجوا عنه "(٤) .

٢٩١٨ - وروي عن حارث بياع الانماط(٥) أنه سئل أبوعبدالله عليه السلام " عن رجل أوصى بحجة، فقال: إن كان صرورة فهي من صلب ماله إنما هي دين عليه، وإن كان قد حج فهي من الثلث"(٦) .

___________________________________

(١) الطريق اليه صحيح وهو ثقة عين كما في الخلاصة.

(٢) مع عدم وجوبها عليه واستقرارها.

أو لم تستقر بأن يكون الموت في سنة الاستطاعة قبل الاتيان بالحج. (م ت)

(٣) ولم يترك نفقة العيال ولم يكن مستقرا وله ورثة.

(٤) فالحاصل يحمل على سنة الاستطاعة إذا لم تكن له نفقة العيال أو كانت ولم يصر مستطيعا بأن يكون قد مات قبل أوان الحج بمقدار ما يمكن الاتيان به أو قبل دخول الحرم كما قاله بعض. (م ت)

(٥) الطريق اليه ضعيف بمحمد بن سنان وروى نحوه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل مات فأوصى أن يحج عنه، قال: ان كان صرورة فمن جميع المال وان كان تطوعا فمن ثلثه ".

(٦) يدل على أن حجة الاسلام من الاصل كسائر الديون المالية، وغيرها من الثلث ويشمل النذر.

والخبر بكتاب الوصية أنسب من هذا الكتاب.

٤٤١

٢٩١٩ - وروي عن الحارث بن المغيرة(١) قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " إن ابنتي أوصت بحجة ولم تحج، قال: فحج عنها فإنها لك ولها، قلت: إن امي ماتت ولم تحج، قال: حج عنها فإنها لك ولها "(٢) .

٢٩٢٠ - وروي عن معاوية بن عمار قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن امرأة أوصت بمال في الصدقة والحج والعتق، فقال: ابدأ بالحج فإنه مفروض فإن بقي شئ فاجعل في الصدقة طائفة وفي العتق طائفة "(٣) .

٢٩٢١ - وروي عن بشير النبال(٤) قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " إن والدتي توفيت ولم تحج، قال: يحج عنها رجل أو امرأة، قال: قلت: أيهم أحب إليك؟ قال: رجل أحب إلي "(٥) .

٢٩٢٢ - وروي عن عاصم بن حميد(٦) ، عن محمد بن مسلم قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها أيقضى عنه؟ قال: نعم "(٧) .

___________________________________

(١) الطريق اليه صحيح على ما في الخلاصة الا أن فيه أحمد بن أبى عبدالله عن أبيه ومحمد بن ماجيلوية وتوثيقه من تصحيح العلامة نحو هذا الطرق (جامع الرواة).

(٢) أى لك ثوابا ولها أصالة ان كانت واجبة عليها دونه وبالعكس لو كان الامر بالعكس أو كان لهما أصالة كما يفهم من اخبار كثيرة وقد تقدم بعضها، وروى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " حج الصرورة يجزى عنه وعمن حج عنه ".

وحمل على الاجزاء في الثواب حتى يجب عليه الحج ويحج عن نفسه ". (م ت)

(٣) يدل على تقديم الحج لكونه مفروضا والتعليل يشعر بتقديم الفرائض لو وقعت مع غيرها وربما يقيده بالمالية كما في المعلل. (م ت)

(٤) الطريق اليه ضعيف بمحمد بن سنان.

(٥) يدل على جواز نيابة المرأة وأفضلية الرجل. (م ت)

(٦) الطريق اليه حسن كالصحيح وهو ثقة عين.

(٧) يدل على وجوب قضاء الحج عن الميت وان لم يوص، ويؤيده ما في الكافى ج ٤ ص ٢٧٧ في الصحيح عن رفاعة قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل يموت ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها أيقضى عنه؟ قال: نعم ".

٤٤٢

باب الرجل يوصى بحجة فيجعلها وصيه في نسمة

٢٩٢٣ - روى ابن مسكان(١) قال: حدثني أبوسعيد عن أبي عبدالله عليه السلام " أنه سئل عن رجل أوصى بحجة فجعلها وصية في نسمة، قال: يغرمها وصيه ويجعلها في حجة كما أوصى فإن الله عزوجل يقول: " فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه "(٢) .

باب الحج عن أم الولد إذا ماتت

٢٩٢٤ - روى ابن فضال، عن يونس بن يعقوب قال: " أرسلت إلى أبي - عبدالله عليه السلام أن أم امرأة كانت أم ولد فماتت فأرادت المرأة أن تحج عنها، قال: أوليس قد عتقت بولدها(٣) تحج عنها".

باب الرجل يوصى اليه الرجل أن يحج عنه ثلاثة رجال، فيحل له أن يأخذ لنفسه حجة منها

٢٩٢٥ - كتب عمرو بن سعيد الساباطي(٤) إلى أبي جعفر عليه السلام يسأله " عن رجل أوصى إليه رجل أن يحج عنه ثلاثة رجال فيحل له أن يأخذ لنفسه حجة منها؟ فوقع عليه السلام بخطه وقرأته: حج عنه إن شاء الله تعالى فان لك مثل أجره،

___________________________________

(١) الطريق اليه صحيح والظاهر أن أبا سعيد هو القماط الثقة.

(٢) يدل على ضمان الوصى إذا غير الوصية.

(٣) أى بموت مولاها والامر بالحج عنها اما وجوبا مع الاستقرار أو استحبابا مع عدمه، وقال سلطان العلماء: لعله اشارة إلى عدم بقائها على الرقية فينبغى الحج عنها.

(٤) في الطريق اليه أحمد بن الحسن بن على بن فضال وهو فطحى ثقة.

٤٤٣

ولا ينقض من أجره شئ إن شاء الله تعالى "(١) .

باب من يأخذ حجة فلا تكفيه

٦ ٢٩٢ - روى علي بن مهزيار(٢) عن محمد بن إسماعيل قال: أمرت رجلا أن يسأل أبا الحسن عليه السلام " عن الرجل يأخذ من الرجل حجة فلا تكفيه أله أن يأخذ من رجل آخر حجة اخرى فيتسع بها فتجزي عنهما جمعيا أو يتركهما جميعا إن لم تكفه إحدهما؟ فذكر أنه قال: أحب إلي أن تكون خالصة لواحد فان كانت لا تكفيه فلا يأخذها ".

باب من أوصى في الحج بدون الكفاية

٢٩٢٧ - روى ابن مسكان، عن أبي بصير(٣) عمن سأله قال: قلت له: " رجل أو صى بعشرين دينارا في حجة، فقال يحج بها رجل من حيث يبلغه "(٤) .

٢٩٢٨ - وكتب إبراهيم بن مهزيار إلى أبي محمد عليه السلام: " اعلمك يا مولاي أن مولاك علي بن مهزيار أوصى أن يحج عنه من ضيعة - صير ربعها لك - حجة في كل سنة بعشرين دينارا وإنه منذ انقطع طريق البصرة تضاعفت المؤونة على الناس فليس يكتفون بعشرين دينارا، وكذلك أوصى عدة من مواليك في حجتين(٥) فكتب عليه السلام:

___________________________________

(١) مع أن ظاهر الوصية ارسال الغير أو لانه يشترط التعدد في الموجب والقابل ولعل ذلك مبنى على أن العبارة عامة والتغاير الاعتبارى كاف.

(٢) الطريق اليه صحيح وهو ومحمد بن اسماعيل ثقتان.

(٣) كذا في جميع النسخ وفى الكافى ج ٤ ص ٣٠٨ والتهذيب " عن أبى سعيد " و هو الصواب.

(٤) لعل المراد به موضع يفى به ذلك المال وهو أيضا في الوصية. (المرآة)

(٥) في الكافى ج ٤ ص ٣١٠ " وكذلك أوصى عدة من مواليك في حججهم ".

٤٤٤

يجعل ثلاث حجج حجتين إن شاء الله تعالى "(١) .

٢٩٢٩ - وكتب إليه علي بن محمد الحضيني: " أن ابن عمي أوصى أن يحج عنه بخمسة عشر دينارا في كل سنة فليس يكفي فما تأمرني في ذلك؟ فكتب عليه السلام: تجعل حجتين في حجة إن شاء الله، إن الله عالم بذلك ".

باب الحج من الوديعة

٢٩٣٠ - روى سويد القلاء عن أيوب بن حر، عن بريد العجلي(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن رجل استودعني مالا فهلك وليس لولده شئ ولم يحج حجة الاسلام، قال: حج عنه وما فضل فأعطهم "(٣) .

___________________________________

(١) اعلم أن الاصحاب قد قطعوا بأنه إذا أوصى أن يحج عنه سنين متعددة وعين لكل سنة قدرا معينا اما مفصلا كمائة أو مجملا كغلة بستان فقصر عن أجرة الحج جمع مما زاد على السنة ما يكمل به اجرة المثل لسنة ثم يضم الزائد إلى ما بعده وهكذا، واستدلوا بهذه الرواية والرواية الاتية، ولعلهم حملوا هذه الرواية على أنه عليه السلام علم في تلك الواقعة أنه لا تكمل اجرة المثل الا بضم نصف أجر السنة الثانية بقرينة أن حكم في الحديث الاخر بجعل حجتين حجة لعلمه بأنه في تلك الواقعة لا تكمل الاجرة الا بضم مثل ما عين لكل سنة اليه ويظهر منهما أن اجرة الحج في تلك السنين كانت ثلاثين دينارا فلما كان على بن مهريار أوصى لكل سنة بعشرين فبانضمام نصف اجرة السنة الثانية تم الاجرة ولما كان الاخر أوصى بخمسة عشر أمر بتضعيفها لتمام الاجرة فتأمل (المرآة) أقول: ويظهر من هذا الخبر أن وفاة على بن مهزيار الاهوازى في حياة أبى محمد العسكرى عليه السلام فما رواه المصنف رحمه الله في كمال الدين باب من شاهد القائم عليه السلام من ملاقاته اياه عليه السلام في زمان الغيبة ففيه ما فيه وبسطنا الكلام هناك (راجع كمال الدين ص ٤٦٦ طبع مكتبة الصدوق).

(٢) طريق الرواية صحيح ورواه الكلينى أيضا في الصحيح.

(٣) قال في المدارك ص ٣٣٨: اعتبر المحقق وغيره في جواز الاخراج علم المستودع أن الورثة لا يؤدون والا وجب استيذانهم وهو جيد لان مقدار أجرة الحج وان كان خارجا عن ملك الورثة الا أن الوارث مخير في جهات القضاء وله الحج بنفسه والاستقلال بالتركة و الاستيجار بدون اجرة المثل فيقتصر في منعه من التركة على موضع الوفاق، واعتبر في التذكرة مع ذلك أمن الضرر فلو خاف على نفسه أو ماله لم يجز له ذلك وهو حسن، واعتبر أيضا عدم التمكن من الحاكم واثبات الحق عنده والاوجب استيذانه، وحكى الشهيد في اللمعة قولا باعتبار اذن الحاكم في ذلك مطلقا واستبعده، وذكر الشارح أن وجه البعد اطلاق النص الوارد بذلك وهو غير جيد فان الرواية انما تضمنت أمر الصادق عليه السلام لبريد في الحج عمن له عنده الوديعة وهو اذن وزيادة، ولا ريب أن استيذان الحاكم مع امكانه اولى أما مع التعذر فلا يبعد سقوطه حذرا من تعطيل الحق الذى يعلم من بيده المال ثبوته، ومورد الرواية الوديعة وألحق بها غيرها من الحقوق المالية حتى الغصب والدين ويقوى اعتبار استيذان الحاكم في الدين فانه انما يتعين بقبض المالك أو ما في معناه، ومقتضى الرواية أن المستودع يحج لكن جواز الاستيجار ربما كان اولى خصوصا إذا كان الاجير أنسب لذلك من الودعى.

٤٤٥

باب الرجل يموت وما يدرى ابنه هل حج أو لا

٢٩٣١ - سئل أبوعبدالله عليه السلام(١) " عن رجل مات وله ابن فلم يدر حج أبوه أم لا، قال: يحج عنه، فإن كان أبوه قد حج كتب لابيه نافلة وللابن فريضة، وإن لم يكن حج أبوه كتب لابيه فريضة وللابن نافلة "(٢) .

باب المتمتع عن أبيه

٢٩٣٢ - روى جعفر بن بشير(٣) ، عن العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٤ ص ٢٧٧ بسند مرفوع عنه عليه السلام.

(٢) قال العلامة المجلسى: لعله محمول على أنه لم يترك سوى ما يحج به وليس للولد مال غيره فلو كان الاب قد حج يكون الابن مستطيعا بهذا المال، ولو لم يكن قد حج كان يلزمه صرف هذا المال في حج أبيه فيجب على الولد أن يحج بهذا المال ويردد النية بين والده ونفسه فان لم يكن أبوه حج كان لابيه مكان الفريضة والا فللابن، فلا ينافى هذا وجوب الحج على الابن مع الاستطاعة بمال آخر لتيقن البراء‌ة.

(٣) الطريق اليه صحيح وهو ثقة والمراد بالعلاء العلاء بن رزين القلاء وهو الذى صحب محمد بن مسلم وتفقه عليه وكان ثقة جليلا.

٤٤٦

عليه السلام قال: " سألته عن رجل يحج عن أبيه أيتمتع(١) ؟ قال: نعم، المتعة له والحج عن أبيه"(٢) .

باب تسويف الحج

٢٩٣٣ - روى محمد بن الفضيل قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله عزوجل: " ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " فقال: نزلت فيمن سوف الحج(٣) - حجة الاسلام - وعنده ما يحج به، فقال: العام أحج، العام أحج حتى يموت قبل أن يحج ".

٢٩٣٤ - وروي عن معاوية بن عمار قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل لم يحج قط وله مال، فقال: هو ممن قال الله عزوجل: " ونحشره يوم القيمة أعمى " فقلت: سبحان الله أعمى؟ ! فقال: أعماه الله عزوجل عن طريق الخير ".

٢٩٣٥ - وروى صفوان بن يحيى(٤) عن ذريح المحاربي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق منه الحج(٥) أو سلطان يمنعه منه، فليمت يهوديا أو نصرانيا ".(٦)

___________________________________

(١) مع أنه لا فائدة للاب في التمتع لانه لا يمكن له التمتع بالنساء والثياب والطيب الذى هو فائدة حج التمتع. (م ت)

(٢) لعله محمول على أنه كان على أبيه حج الافراد والمطلق فاذا تفضل الابن بالتمتع كان الفضيلة له وأصل الحج للاب. (سلطان)

(٣) التسويف: التأخير، يقال: سوفته أى مطلته، فكأن الانسان في تأخير الحج يماطل نفسه فيما ينفعه. (المرآة)

(٤) طريق المصنف إلى صفوان حسن كالصحيح ورواه الكلينى والشيخ في الصحيح.

وصفوان وذريح ثقتان.

(٥) في بعض النسخ " معه الحج ".

(٦) يعنى كان حشره معهم أو يكون مثلهم في ترك الحج.

٤٤٧

٢٩٣٦ - وروى علي بن أبي حمزة عنه عليه السلام أنه قال: " من قدر على ما يحج به وجعل يدفع ذلك وليس له عنه شغل يعذره الله فيه حتى جاء الموت فقد ضيع شريعة من شرايع الاسلام ".

باب العمرة في أشهر الحج

٢٩٣٧ - روى سماعة بن مهران(١) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " من حج معتمرا(٢) في شوال ومن نيته أن يعتمر ويرجع إلى بلاده فلا بأس بذلك، وإن هو أقام إلى الحج فهو متمتع لان أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة، فمن اعتمر فيهن وأقام إلى الحج فهي متعة، ومن رجع إلى بلاده ولم يقم إلى الحج فهي عمرة، فان اعتمر في شهر رمضان أو قبله فأقام إلى الحج فليس بمتمتع وإنما هو مجاورا أفرد العمرة، فان هو أحب أن يتمتع في أشهر الحج بالعمرة إلى الحج فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق(٣) ، أو يجاوز عسفان(٤) فيدخل متمتعا بعمرة إلى

___________________________________

(١) الطريق اليه حسن قوى وهو واقفى ثقة.

(٢) أى قصد العمرة، وكونه بمعنى الحج الاصطلاحى بعيد.

قد ذكر سابقا أخبار تدل على وجوب العمرة على الناس مثل الحج كما في قوله تعالى: " وأتموا الحج والعمرة لله ".

ومن تمتع بالعمرة إلى الحج لا يجب عليه عمرة اخرى، ويجب العمرة المفردة على القارن والمفرد مقدما على الحج أو مؤخرا عنه، واستطاعة العمرة مثل استطاعة الحج ومن استطاع العمرة المفردة فقط لا يجب عليه الحج الا أن يستطيع له بعد فيجب عليه الحج متمتعا على قول.

(٣) ذات عرق موضع أول تهامة وآخر عقيق وهو على نحو مرحلتين من مكة.

(٤) وعسفان كعثمان موضع بين مكة والمدينة، بينه وبين مكة مرحلتان.

و قال بعض الشراح: ان لم يكن التجاوز بمعنى الوصول إلى الجحفة يمكن أن يكون الاحرام منه للمحاذاة.

٤٤٨

الحج فإن هو أحب أن يفرد الحج فليخرج إلى الجعرانة فيلبي منها "(١) .

٢٩٣٨ - وروى عمر بن يزيد عن أبي عبدالله عليه السلام قال " من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج إلى أهله متى شاء إلا أن يدركه خروج الناس يوم التروية "(٢)

٢٩٣٩ - وفي رواية عبدالرحمن بن أبي عبدالله عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " العمرة في العشر متعة "(٣) .

___________________________________

(١) قال في المراصد: " الجعرانة " لا خلاف في كسر أوله، وأصحاب الحديث يكسرون عينه ويشددون راء‌ه، وأهل الادب يخطئونهم ويسكنون العين ويخففون الراء، و الصحيح أنهما لغتان جيدتان، قال على بن المدينى: أهل المدينة يثقلون الجعرانة والحديبية وأهل العراق يخففونهما: منزل أوماء بين الطائف ومكة وهى إلى مكة أقرب، نزله النبى عليه السلام وقسم بها غنائم حنين وأحرم منه بالعمرة، وله فيه مسجد وبه بئار متقاربة انتهى وقال سلطان العلماء: لعل المراد أنه أراد افراد الحج عن هذه العمرة التى أراد فعلها فليخرج إلى الجعرانة لاحرام هذه العمرة المفردة فالخروج اليها للعمرة التى أحب افراد الحج عنها لا للحج كما توهم العبارة، فان ميقات حج الافراد اما مكة أو دويرة أهلها ولا دخل للجعرانة فيها هذا على المشهور، وأما على ما في روايتين صحيحتين احديهما عن عبدالرحمن ابن الحجاج عن الصادق عليه السلام والاخرى عن سالم الحناط عنه عليه السلام: ان المجاور إذا أراد الحج فليخرج إلى الجعرانة.

فيمكن حمل هذا أيضا عليهما انتهى، أقول: لعل المراد برواية عبدالرحمن بن الحجاج ما في التهذيب ج ١ ص ٤٥٩ وأما رواية سالم فما عثرت عليها.

(٢) ظاهره أنه يصح له التمتع بتلك العمرة فيشترط وقوعها في أشهر الحج، ولعل المراد بادراكه خروج الناس يوم التروية وقوعه في العشر من ذى الحجة فيكون في معنى ما يجيئ من قوله عليه السلام " وان كان في ذى الحجة فلا يصلح الا الحج " والظاهر أن الاتيان بالحج الذى يفهم من الاستثناء على سبيل الوجوب اما من حيث انه حينئذ يستطيع الحج فيكون داخلا في عموم الاية فيكون ذلك بالنسبة اليه حجة الاسلام ان كان مستطيعا من منزله، ولا ينافى ذلك وجوبه على غير المستطيع مرة أخرى لو استطاع لدليل آخر واما من حيث انه أتى بالعمرة فيكون ذلك حجة الاسلام بالنسبة إلى المستطيع من منزله دون من لا يستطيع منه فلو استطاع بعد ذلك وجب عليه كما هو المشهور. (مراد)

(٣) يدل على تأكد استحباب جعل العمرة في العشر من ذى الحجة تمتعا أو وجوبه إذا قصد بها التمتع سواء كان في العشر أو في أشهر الحج. (م ت)

٤٤٩

٢٩٤٠ - وروى معاوية بن عمار قال: " سئل أبوعبدالله عليه السلام عن رجل أفرد الحج هل له أن يعتمر بعد الحج؟ فقال: نعم إذا أمكن الموسى من رأسه فحسن "(١) .

٢٩٤١ - وروى المفضل بن صالح(٢) عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " العمرة مفروضة مثل الحج، فإذا أدى المتعة فقد أدى العمرة المفروضة ".

٢٩٤٢ - وسأله عبدالله بن سنان " عن المملوك يكون في الظهر يرعى وهو يرضى أن يعتمر ثم يخرج، فقال: إن كان اعتمر في ذي القعدة فحسن، وإن كان في ذي الحجة فلا يصلح إلا الحج "(٣) .

٢٩٤٣ - " واعتمر رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث عمر متفرقات كلها في ذي القعدة(٤)

___________________________________

(١) وفى الكافى عن عبدالرحمن بن أبى عبدالله مثله.

ولعله كناية عن الاحلال فينتقل الذهن من تمكينه الموسى من رأسه إلى الحلق ومنه إلى الاحلال (مراد) وقال المولى المجلسى هذا الخبر يدل على عدم الاحتياج إلى الفصل بين العمرة المفردة وحجها بشهر بل يكفى اليومين والثلاثة انتهى، وقال السيد رحمه الله في المدارك: محل العمرة المفردة بعد الفراغ من الحج وذكر جمع من الاصحاب أنه يجب تأخيرها إلى انقضاء أيام التشريق، و نص العلامة وغيره على جواز تأخيرها إلى استقبال المحرم واستشكل جدى رحمه الله هذا الحكم بوجوب ايقاع الحج والعمرة المفردة في عام واحد، قال: الا أن يراد بالعام اثنى عشر شهرا مبدؤها زمان التلبس بالحج، وهو محتمل مع أنه لا دليل على اعتبار هذا الشرط وأوضح ما وقفت عليه صحيحة عبدالرحمن بن أبى عبدالله عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قلت له: العمرة بعد الحج؟ قال إذا أمكن الموسى من الرأس ".

(٢) طريق المصنف اليه غير مذكور وهو ضعيف.

(٣) فيه نوع منافاة مع خبر عمر بن يزيد المتقدم تحت رقم ٢٩٣٨ ويمكن الجمع بحمل ذى الحجة وتقييده بادراك يوم التروية والتفصيل في كتاب منتقى الجمان ج ٢ ص ٥٩٧ فلتراجع.

(٤) رواه الكلينى في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام، و ينافى ما تقدم ص ٢٣٨ عن المصنف أن النبى صلى الله عليه وآله اعتمر تسع عمر ولم يحج حجة الوداع الا وقبلها حج.

٤٥٠

عمرة أهل فيها من عسفان وهي عمرة الحديبية، وعمرة القضاء أحرم فيها من الجحفة وعمرة أهل فيها من الجعرانة وهي بعد أن رجع من الطائف من غزوة حنين "(١) .

باب اهلال العمرة المبتولة واحلالها ونسكها

٢٩٤٤ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا دخل المعتمر مكة من غير تمتع وطاف بالبيت وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام وسعى بين الصفا والمروة فليلحق بأهله إن شاء "(٢) .

___________________________________

(١) " أهل " أى رفع صوته بالتلبية، وعسفان كعثمان: موضع على مرحلتين من مكة لقاصد المدينة.

(٢) ظاهره موافق لمذهب الجعفى من عدم وجوب طواف النساء في العمرة المفردة وهو الظاهر من كلام المصنف رحمه الله كما سيأتى خلافا للمشهور بل الاجماع على ما نقل في المنتهى (سلطان) وقال المولى المجلسى قدس سره: " لم يذكر فيه التقصير وطواف النساء لا يدل على عدم الوجوب لانهما للاحلال وليسا من الاركان والنسك مع وجودهما في أخبار أخر والمثبت مقدم إلى آخر ما قال " أقول: روى الكلينى ج ٤ ص ٥٣٨ في الحسن كالصحيح عن ابن أبى عمير عن بعض أصحابنا عن اسماعيل بن رباح عن أبى الحسن عليه السلام قال: " سألته عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ قال نعم " ورواه الشيخ في كتابيه.

وفيه عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن اسماعيل، عن ابراهيم ابن عبدالحميد، عن عمر بن يزيد أو غيره عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " المعتمر يطوف ويسعى ويحلق، قال: ولا بد له من بعد الحلق من طواف آخر " ونقله الشيخ في الاستبصار ج ٢ ص ٢٣٢ وقال: أما ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى، عن على بن محمد بن عبدالحميد، عن أبى خالد مولى على بن يقطين قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ فقال: ليس عليه طواف النساء " فلا ينافى ما قدمناه لان هذا الخبر محمول على من دخل معتمرا عمرة مفردة في أشهر الحج، ثم أراد أن يجعلها متعة للحج جاز له ذلك، ولم يلزمه طواف النساء لان طواف النساء انما يلزم المعتمر العمرة المفردة عن الحج، فاذا تمتع بها إلى الحج سقط عنه فرضه.

يدل على ذلك ما رواه محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى قال: كتب أبوالقاسم مخلد ابن موسى الرازى إلى الرجل " سأله عن العمرة المبتولة هل على صاحبها طواف النساء، والعمرة التى يتمتع بها إلى الحج؟ فكتب أما العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء، واما التى يتمتع بها إلى الحج فليس على صاحبها طواف النساء " واما ما رواه محمد بن أحمد، عن محمد بن عبدالحميد، عن سيف، عن يونس عمن رواه قال: " ليس طواف النساء الا على الحاج " فلا ينافى ما ذكرناه لان هذه الرواية موقوفة غير مسندة إلى أحد من الائمة عليهم السلام وإذا لم تكن مسندة لم يجب العمل بها لانه يجوز أن يكون ذلك مذهبا ليونس اختاره على بعض آرائه كما اختار مذاهب كثيرة لا يلزمنا المصير اليها لقيام الدلالة على فسادها.

٤٥١

٢٩٤٥ - وروى عنه عليه السلام أنه قال: " من ساق هديا في عمرة فلينحر قبل أن يحلق رأسه، قال: ومن ساق هديا وهو معتمر نحر هديه عند المنحر وهو بين الصفا والمروة وهي الحزورة "(١) .

٢٩٤٦ - وروى علي بن رئاب، عن مسمع بن عبدالملك عن أبي عبدالله عليه السلام " في الرجل يعتمر عمرة مفردة ثم يطوف بالبيت طواف الفريضة، ثم يغشى امرأته قبل أن يسعى بين الصفا والمروة، قال: قد أفسد عمرته وعليه بدنة ويقيم بمكة حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه(٢) ، ثم يخرج إلى الوقت الذي وقته رسول الله صلى الله عليه وآله

___________________________________

(١) ما اشتمل عليه من ذبح ما ساقه في العمرة بالحزورة محمول على الاستحباب كما هو المشهور بين الاصحاب.

والحزورة كقسورة موضع بمكة عند باب الحناطين بين الصفا والمروة.

(٢) المنع فيه من الاتيان بالعمرة التى للافساد في الشهر الاول لا ينافى ما يجيئ من تجويز الاتيان بالعمرة بعد مضى عشرة أيام من العمرة الاولى لان ذلك لعل بطريق الاستحباب أو بخصوص صورة الافساد.

٤٥٢

لاهله فيحرم منه ويعتمر ".

٢٩٤٧ - وقد روى علي بن رئاب، عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام " أنه يخرج إلى بعض المواقيت فيحرم منه ويعتمر ".

ولا يجب طواف النساء إلا على الحاج(١) والمعتمر عمرة مفردة يقطع التلبية إذا دخل أول الحرم(٢) .

٢٩٤٨ - وروى صفوان بن يحيى، عن سالم بن الفضيل(٣) قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " دخلنا بعمرة فنقصر أو نحلق؟ فقال: احلق(٤) فإن رسول الله صلى الله عليه وآله ترحم على المحلقين ثلاث مرات وعلى المقصرين مرة ".

فإن أحل رجل من عمرته فقصر من شعره ونسي أظفاره فإنه يجز به ذلك وإن تعمد ذلك أو هو جاهل فليس عليه شئ(٥) .

باب العمرة في شهر رمضان ورجب وغيرهما

٢٩٤٩ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام أنه " سئل أي العمرة

___________________________________

(١) تقدم الكلام فيه آنفا من أنه مذهب المؤلف خلافا للمشهور وظاهر أكثر النصوص ويمكن أن نقول بان الحصر اضافى بالنسبة إلى عمرة التمتع بها إلى الحج كما هو المشهور.

(٢) ستجيئ الاخبار في هذا الحكم عن قريب.

(٣) هكذا في النسخ التى بأيدينا وسالم بن الفضيل مجهول وعد صاحب المدارك هذه الرواية من الصحاح، ولعل في نسخته سالم أبى الفضل وهو الصواب والمراد سالم الحناط وكنيته أبوالفضل ورواية صفوان عنه كثيرة في التهذيب والاستبصار والفقيه.

(٤) لعل المراد العمرة المفردة فان فيها التخيير بين الحلق والتقصير، والحلق فيها أفضل على المشهور بخلاف عمرة التمتع فان التقصير فيها متعين. (سلطان)

(٥) سيجئ أن الواجب فيها الحلق أو التقصير ويكفى في التقصير مسماه، فلو اكتفى بقلم الاظفار أو بتقصير الشعر جاز والجمع أفضل ومع الحلق أكمل. (م ت)

٤٥٣

أفضل: عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان؟ فقال: لا بل عمرة في شهر رجب أفضل ".

٢٩٥٠ - وروى عنه عليه السلام عبدالرحمن بن الحجاج " في رجل أحرم في شهر وأحل في آخر، قال: يكتب له في الذي نوى، وقال(١) : يكتب له في أفضلهما ".

٢٩٥١ - وفي رواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا أحرمت وعليك من رجب يوم وليلة فعمرتك رجبية ".

باب مواقيت العمرة من مكة وقطع تلبية المعتمر

٢٠٥٢ - روى عمر يزيد عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحرم من الجعرانة والحديبية وما أشبههما، ومن خرج من مكة يريد العمرة ثم دخل معتمرا لم يقطع التلبية حتى ينظر إلى الكعبة "(٢) .

___________________________________

(١) في الكافى " أو يكتب له في أفضلهما " فان كان هو الصواب بالترديد من الراوى، أو المراد أنه ان لم يكن في أحدهما فضل على الاخر يكتب في الذى نوى والا ففى الافضل.

وقال الفاضل التفرشى: قوله " في الذى نوى " ظاهره أن عمرته يحسب في الفضل من عمرة الشهر الذى نوى وأهل فيه، ولعل مقصود السائل أن يسأل عمن أحرم في رجب وأحل في شعبان وقد علم عليه السلام ذلك من قصده فأجاب بأن عمرته هذه رجبية ثم ذكر لتتميم الافادة أن تلك العمرة وان اختلف احرامها واحلالها بحسب الشهر تحسب من أفضل الشهرين عمرة فلا منافاة بين القولين، ويمكن أن يراد بالقول الاول أنها معدودة من عمرة الشهر الذى أهل فيه وبالقول الثانى أنه يثاب بثواب أفضل الشهرين، وأن يراد بقوله عليه السلام " في الذى نوى " في الشهر الذى هو المقصود بالذات من تلك العمرة.

(٢) قال الشيخ بعد نقله في التهذيب ج ١ ص ٤٧٤: يجوز أن تكون هذه الرواية مخصوصة بمن خرج من مكة للعمرة دون من سواه.

٤٥٤

٢٩٥٣ - وروي أنه " يقطع التلبية إذا نظر إلى المسجد الحرام "(١) .

٢٩٥٤ - وروي أنه " يقطع التلبية إذا دخل أول الحرم "(٢) .

٢٩٥٥ - وفي رواية الفضيل(٣) قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام قلت: دخلت بعمرة فأين أقطع التلبية؟ فقال: بحيال العقبة - عقبة المدنيين -، قلت: أين عقبة المدنيين؟ قال: بحيال القصارين "(٤) .

٢٩٥٦ - وروي عن يونس بن يعقوب(٥) قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة، فقال: إذا رأيت ذا طوى فاقطع التلبية "(٦) .

٢٩٥٧ - وفي رواية مرازم(٧) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " يقطع صاحب العمرة

___________________________________

(١) روى الكلينى ج ٤ ص ٥٣٧ في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " من اعتمر من التنعيم فلا يقطع التلبية حتى ينظر إلى المسجد " والتنعيم موضع بمكة خارج الحرم وهو أدنى الحل اليها على طريق المدينة.

(٢) روى الكلينى ج ٤ ص ٥٣٧ في الموثق عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال: " يقطع تلبية المعتمر إذا دخل الحرم ".

(٣) المراد بالفضيل الفضيل بن يسار كما صرح به في التهذيب ج ١ ص ٤٧٣، وفى طريقه على بن الحسين السعد آبادى وهو قوى.

(٤) خص ذلك بمن جاء من المدينة كما قال الشيخ رحمه الله وقال المولى المجلسى: ويمكن القول بالتخيير بينه وبين دخول الحرم وهو مشترك بين الجانبين، ويمكن حمله على عمرة التمتع كما سيجئ أنه موضع قطعها من طريق المدينة وان كان الاظهر المفردة.

(٥) في الطريق اليه الحكم بن مسكين ولم يوثق ورواه الشيخ في الاستبصار والتهذيب عنه بسند حسن، ويونس بن يعقوب كوفى ثقة له كتب.

(٦) ذوطوى موضع بمكة داخل الحرم على نحو فرسخ من مكة ترى منه بيوت مكة، وحمل الشيخ الخبر على من جاء من طريق العراق.

(٧) طريق المصنف اليه حسن بابراهيم بن هاشم وهو كالصحيح وفى الكافى ج ٤ ص ٥٣٧ أيضا في الحسن كالصحيح، ومرازم بن حكيم ثقة.

٤٥٥

المفردة التلبية إذا وضعت الابل أخفافها في الحرم "(١) .

٢٩٥٨ - وروي أنه " يقطع التلبية إذا نظر إلى بيوت مكة "(٢) .

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: هذه الاخبار كلها صحيحة متفقة ليست بمختلفة والمعتمر عمرة مفردة في ذلك بالخيار يحرم من أي ميقات من هذه المواقيت شاء(٣) ، ويقطع التلبية في أي موضع من هذه المواضع شاء، وهو موسع عليه، ولا قوة إلا بالله [العلي العظيم] ".

باب أشهر الحج وأشهر السياحة والاشهر الحرم

٢٩٥٩ - روى زرارة(٤) عن أبي جعفر عليه السلام " في قول الله عزوجل: " الحج

_____________________________

(١) محمول على من أحرم من المواقيت الخمسة لعمرة التمتع أو من دويرة الاهل غير خارج الحرم من التنعيم والحديبية والجعرانة. (م ت)

(٢) روى الكلينى في الحسن كالصحيح ج ٤ ص ٣٩٩ عن الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " المتمتع إذا نظر إلى بيوت مكة قطع التلبية ".

وفى خبر آخر عن سدير قال: قال أبوجعفر وأبوعبدالله عليهما السلام: " إذا رأيت أبيات مكة فاقطع التلبية ".

(٣) حمله على التخيير باعتبار فهم المنافاة في الجميع ولا منافاة بينها على ما ذكرنا ولا تفهم منها الا في بعضها، مع أنه لا معنى للتخيير للمحرم من خارج الحرم كالتنعيم فانه أول الحرم بين القطع ومن دخول الحرم وبين النظر إلى المسجد والى الكعبة لان ظاهر الابتداء والقطع يقتضى الفصل ولا فاصلة هنا وكذا ما ذكره الشيخ رحمه الله من عدم المنافاة بين الجميع أيضا بحمل القطع عند دخول الحرم لمن أحرم من خارجه، والقطع عند النظر إلى المسجد والى الكعبة لمن أحرم من أول الحرم، والقطع عند العقبة لمن جاء من طريق المدينة.

وعند ذى طوى لمن جاء من قبل العراق فانه يبقى المنافاة بين النظر إلى المسجد والى الكعبة وبين القطع عند أول الحرم والقطع عند ذى طوى والعقبة فالاولى الجمع بالتخيير في موضع المنافاة كما ذكرنا والله تعالى يعلم. (م ت)

(٤) كذا في بعض النسخ وفى بعضها " أبان " ولعل المراد ابن تغلب لعدم رواية أبان بن عثمان عن أبى جعفر عليه السلام ولكن الصواب النسخة التى جعلناها في المتن يعنى " زرارة " لما في الكافى ج ٤ ص ٢٨٩ ومعانى الاخبار ص ٢٩٤ طبع مكتبة الصدوق مروى عنه.

٤٥٦

أشهر معلومات "(١) قال: شوال وذو القعدة وذو الحجة، ليس لاحد أن يحرم بالحج فيما سواهن ".

٢٩٦٠ - وفي رواية اخرى " وشهر مفرد لعمرة رجب "(٢) .

٢٩٦١ - وقال عليه السلام: " ما خلق الله عزوجل في الارض بقعة أحب اليه من الكعبة ولا أكرم عليه منها ولها حرم الله عزوجل الاشهر الحرم الاربعة في كتابه يوم خلق السماوات والارض ثلاثة منها متوالية للحج وشهر مفرد للعمرة رجب "(٣) .

٢٩٦٢ - وقال عليه السلام: " في قول الله عزوجل: " فسيحوا في الارض أربعة أشهر " قال: عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الاول وعشرة أيام من شهر

___________________________________

(١) قال الطبرسى في المجمع: يعنى وقت الحج أشهر معلومات لا يجوز فيها التبديل والتغيير بالتقديم والتأخير كما يفعلهما النساء الذين انزل فيهم " انما النسئ الاية " وأشهر الحج عندنا شوال وذو القعدة وعشر من ذى الحجة على ما روى عن أبى جعفر عليه السلام وبه قال ابن عباس وانما صارت هذه الاشهر أشهر الحج لانه لا يصح الاحرام بالحج الا فيها.

(٢) الظاهر أنه تتمة خبر مثل الخبر المتقدم [أو ما يأتى] ويكون فيه هذه الزيادة فتصير المعنى أن أشهر الحج ثلاثة وشهر مفرد قرره الله تعالى لعمرة رجب، ويمكن أن يكون من كلام المعصوم تتمة لقول الله تعالى (م ت) وقال الفاضل التفرشى: ينبغى أن يقرأ " رجب " بالرفع على أن يكون بيانا لشهر ويجعل تنوين عمرة للتنظيم، ويؤيده ما يجيئ من قوله عليه السلام " وشهر مفرد للعمرة رجب".

(٣) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٢٣٩ في الصحيح عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام في ذيل حديث، وأما الاشهر الحرم فهى الاشهر الذى حدم الله تعالى فيها القتال والجهاد وهى ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، وقد يخطر بالبال اشكال في الكلام حيث قال " ولها حرم الله الاشهر الحرم " يعنى لحرمة الكعبة والحج فان اريد بالاشهر المتوالية شوال وتالياه فليس شوال من الاشهر الذى حرم فيه القتال وعلى تقديره كانت الاربعة متوالية لاثلاثة منها ولم يكن رجب منها، وان اريد ذو القعدة وتالياه فليس للمحرم دخل في الحج فلم يكن تحريم القتال فيه للحج، ويمكن رفع الاشكال بأن يقال: لما كان الحج في ذى الحجة حرم الله قبله شهر للمجيئ وبعده شهر لعود الحاج إلى أوطانهم حتى لا يكون حرب في الطريق ويأمن السبل.

٤٥٧

ربيع الآخر، ولا يحسب في الاربعة الاشهر عشرة أيام من أول ذي الحجة "(١) .

٣ ٢٩٦ - وروي أبوجعفر الاحول عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل فرض الحج في غير أشهر الحج، قال: يجعلها عمرة(٢) ".

باب العمرة في كل شهر وفى أقل ما يكون

٢٩٦٤ - روي إسحاق بن عمار(٣) قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: " السنة اثنا عشر شهرا يعتمر لكل شهر عمرة(٤) ".

٢٩٦٥ - وروى علي بن أبي حمزة(٥) عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: " لكل شهر عمرة، قال: فقلت له: أيكون أقل من ذلك؟ قال: لكل عشرة أيام عمرة(٦) ".

___________________________________

(١) لا مناسبة بين الحديث والباب لان الاية نزلت في أمر آخر لا صلة له بأشهر الحج وهو امهال المشركين الناكثين أربعة أشهر من يوم الابلاغ كما في الخبر غير الاشهر الحرم المشهورة.

(٢) الطريق حسن كالصحيح بابراهيم بن هاشم.

وقوله: " فرض الحج " أى أحرم وقيل: أى أراد، وقوله " يجعلها عمرة " أى أحرم بالعمرة دون الحج.

(٣) الطريق اليه صحيح وهو ثقة على المشهور.

(٤) يدل على استحباب العمرة في كل شهر ويشعر بكراهة الاقل.

(٥) الظاهر أنه البطائنى الواقفى وهو ضعيف.

(٦) اختلف الاصحاب في حد الفصل بين العمرتين فقال ابن أبى عقيل: لا يجوز عمرتان في عام واحد، وقال أبوالصلاح وابن حمزة والمحقق في النافع والعلامة في المختلف: أقله شهر، وقال الشيخ في المبسوط: أقل ما بين العمرتين عشرة أيام، وقال السيد المرتضى وابن ادريس وجماعة إلى جواز الاتباع بين العمرتين مطلقا، وأما القول بأنه " لا يجوز عمرتان في عام واحد " فلعله لصحيح الحلبى في التهذيب ج ١ ص ٥٧١ عن الصادق عليه السلام " والعمرة في كل سنة مرة " وقول أبى جعفر عليه السلام في صحيح حريز وزرارة " لا يكون عمرتان في سنة " وقد حملا على خصوص عمرة التمتع للاخبار المستفيضة بجواز الاكثر بل استحبابها.

وأما القول بأن أقل الفصل شهر فلرواية اسحاق بن عمار وما رواه الكلينى ج ٤ ص ٥٣٤ في الحسن عن يونس بن يعقوب قال: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ان عليا عليه السلام كان يقول: في كل شهر عمرة " ويمكن المناقشة بعدم صراحتها في المنع من تكرر العمرة في الشهر الواحد اذ من الجائز أن يكون الوجه في تخصيص الشهر تأكد الاستحباب، وأما القول بعدم الحد فلعله من جهة الاطلاق مع أنه يشكل استفادته من الاخبار أو النبوى المشهور " والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما " وهو كما ترى لا يستفاد منه عدم الحد، غير أنه من طرق العامة ورواه أحمد ابن حنبل في مسنده ج ٣ ص ٤٤٧ وج ٢ ص ٢٤٦ و ٤٦٢ من حديث عامر بن ربيعة.

٤٥٨

٢٩٦٦ - وروى أبان، عن أبي الجارود(١) عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن العمرة بعد الحج في ذي الحجة، قال: حسن(٢) ".

باب يقول الرجل إذا حج عن غيره أو طاف عنه

٢٩٦٧ - روى ابن مسكان، عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يقضي عن أخيه أو عن أبيه أو عن رجل من الناس الحج هل ينبغي له أن يتكلم بشئ؟ قال: نعم يقول عند إحرامه بعد ما يحرم: " اللهم ما أصابني في سفري هذا من نصب أو شدة أو بال‌ء أو شعث(٣) فأجر فلانا فيه وأجرني في قضائي عنه(٤) ".

___________________________________

(١) الطريق إلى أبان بن عثمان صحيح وهو الذى روى كثيرا في الكافى والتهذيب والاستبصار عن أبى الجارود زياد بن المنذر الضعيف.

(٢) يدل على جواز العمرة في ذى الحجة بعد الحج وقد تقدمت الاخبار الصحيحة في ذلك.

(٣) الشعث محركة: انتشار الامر، وقد يطلق على ما يعرض للشعر من ترك الترجيل والتدهين.

وفى بعض النسخ " أو شغب " أى جوع.

(٤) المشهور بين الاصحاب أنه انما يجب تعيين المنوب عنه عند الافعال قصدا، وحملوا التكلم به لاسيما الالفاظ المخصوصة على الاستحباب.

٤٥٩

٨ ٢٩٦ - وفي رواية معاوية بن عمار قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: " إذا أردت أن تطوف بالبيت عن أحد من إخوانك فائت الحجر الاسود وقل: بسم الله، اللهم تقبل من فلان(١) ".

٩ ٢٩٦ - وروي عن البزنطي أنه قال: " سأل رجل أبا الحسن الاول عليه السلام عن الرجل يحج عن الرجل يسميه باسمه؟ قال: الله عزوجل لا تخفى عليه خافية(٢) ".

٢٩٧٠ - وروى مثنى بن عبدالسلام(٣) عن أبي عبدالله عليه السلام " في الرجل يحج عن الانسان يذكره في المواطن كلها؟ قال: إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، الله يعلم أنه قد حج عنه ولكن يذكره عند الاضحية إذا هو ذبحها(٤) ".

باب الرجل يحج عن الرجل أو يشركه في حجة أو يطوف عنه

٢٩٧١ - روى معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " إن أبي قد حج ووالدتي قد حجت، وإن أخوي قد حجا، وقد أردت أن ادخلهم في حجتي كأني قد أحببت أن يكونوا معي، فقال: اجعلهم معك فإن الله عزوجل جاعل لهم حجا ولك حجا، ولك أجرا بصلتك إياهم(٥) ".

٢٩٧٢ - وقال عليه السلام: " يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج

___________________________________

(١) أى يسمى المنوب.

(٢) يدل على عدم وجوب التلفظ والاجتزاء بالقصد الذى هو لازم لفعل المختار.

(٣) الطريق اليه قوى بمعاوية بن حكيم، والمثنى لا بأس به.

(٤) يدل على عدم الاستحباب الا عند الذبح، وتحمل الاخبار الاولة على الادعية لا النية. (م ت)

(٥) يدل على عدم استحباب تشريك ذوى القرابة في ثواب الحج والاولى أن يكون بعد الحج لو كان واجبا. (م ت)

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640