من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه9%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267618 / تحميل: 8506
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

والمستفاد من خبر الحسين بن أبي حمزة الثمالي ثابت بن دينار عند ما قصد زيارة الحسين (عليه السّلام) قادماً من الكوفة لأواخر عهد الدولة الاُمويّة ذكر باب الحائر وكرّر لفظه، بينما ابن اُخته الحسين اقتصر على ذكر القبر دون إيراد لفظ الباب(1) .

ومن الممكن إن لم يكن يقصد بالباب حدود حومة الحائر وجود بناء على سبيل الإجمال على التربة الطاهرة، وكلاهما يصرّخان إنّهما كانا على خوف ووجل من القتل، وصرح ابن الثمالي بوجود المسلحة المطوّقة للحفرة الطاهرة من الجند الاُموي للحيلولة دون مَنْ يؤم قصده.

كان لحركة الشيعة في استعراضهم لجند الشام بعين الوردة بزعامة سليمان بن صرد الخزاعي واستماتتهم بطلب ثأر الحسين (عليه السّلام)، وإعادتهم الكرّة تحت لواء إبراهيم الأشتر، واستقصائهم للجندي الاُموي مع زعيمهم ابن زياد، مستهونين غير محتفين بكلّ ما سامهم معاوية من خطوب وخسف، وما أذاقهم من مرّ العذاب وصنوف التنكيل بغارات بسر بن أرطأة، وصلب وقتل وسمل في ولاية زياد بن أبيه وسمرة بن جندب وابن زياد، ممّا خلف أثراً عميقاً سيئاً في نفوس آل مروان ودويّاً هائلاً.

فبعد أن تسنّى لعبد الملك بن مروان وصل حلقات فترة الحكم الذي دهم دور حكم آل أمية بموت يزيد بإقصائه آل الزبير عن منصّة الحكم والإمرة، أراد أن يستأصل الثورة من جذورها؛ لذلك اتّبع سياسة القسوة والشدّة تجاه أهل العراق، وضغط ما لا مزيد عليه لمستزيد، خصوصاً في ولاية الحجاج بن يوسف.

ونهج خلفاؤه عين خططه دون أيّ شذوذ مع تصلّب بالغ؛ كابن هبيرة،

____________________

(1) يقول في خبر طويل بعد أن نزل الغاضرية وقد أدركه الليل، وهدأت العيون ونامت، أقبل بعد أن اغتسل يريد القبر الشريف يقول: حتّى إذا كنت على باب الحير... وساق في خبره وقد كرّر لفظ الباب حيث يقول بعد ذلك: فلمّا انتهيت إلى باب الحائر... (إقبال الأعمال - لابن طاووس / 28)، ومجلد المزار من بحار الأنوار 22 / 120.

٦١

وخالد بن عبد الله القسري، ويوسف بن عمر.

فترى ممّا تقدّم أنّ من المستحيل إفساحهم المجال بأن يُشيّد بناء على قبر الحسين (عليه السّلام)، ويكون موضعاً للتعظيم والتقدير؛ ممّا يتنافى وسياستهم المبنية على الكراهية لآل البيت (عليهم السّلام) والتنكيل بشيعتهم.

وإن سلّمنا بتحقق خبر الحسين بن أبي حمزة الثمالي على سبيل استدراك الورود لفظ الباب، من الممكن أن نقول: أي وجود بناء في الفترة بين سنة أربع وستين لإحدى وسبعين، ونلتزم بتغاضي المروانيين من التعرّض لهم، وبقائه ليوم ورود الحسين ابن بنت أبي حمزة الثمالي لزيارة الضريح الأقدس.

وورد خبر لا يوثق به ولا يعوّل عليه من أنّ المختار بن أبي عبيدة الثقفي بنى على القبر الشريف وأقام حوله قرية(2) .

وقيل: إنّ سكينة بنت الحسين (عليه السّلام) أقامت بناء على الرمس الأقدس أمد اقترانها بمصعب في ولايته للكوفة، ففي أمد الفترة لسنة ست وستين عندما أمَّ التوّابون (عند مسيرهم للتلاقي مع جند عين الوردة) التربة الزاكية، وازدحموا على القبر

____________________

(1) جاء في مزار بحار الأنوار - للمولى محمّد باقر المجلسي / 120 ما نصه: (عن الحسين ابن بنت أبي حمزة الثمالي قال: خرجت في آخر زمان بني مروان إلى قبر الحسين (عليه السّلام) مستخفياً من أهل الشام حتّى انتهيت إلى كربلاء، فاختفيت في ناحية القرية، حتّى إذا ذهب من الليل نصفه أقبلت نحو القبر، فلمّا دنوت منه... حتّى كاد يطلع الفجر أقبلت... فقلت له عافاك الله، وأنا أخاف أن أصبح فيقتلوني أهل الشام إن أدركوني ها هنا... وصلّيت الصبح وأقبلت مسرعاً مخافة أهل الشام.

(2) ذكر هذا القبر صاحب كنز المصائب دون إسناد، وفضلاً عن ذلك فإنّ هذا الكتاب لا يُعتمد عليه كثيراً؛ لِما حُشي متنه من الأخبار الغير واردة.

وقد ذكر هذا الخبر عند سرده لما دار بين المختار ومصعب بن الزبير، وعدد المواقع التي دارت بينهم والتي انتصر في جميعها المختار، =

٦٢

كازدحام الناس على الحجر الأسود(1) .

لم يكن حينذاك ما يظلل قبره الشريف أيّ ساتر، واستقصوا أمد البقية من الفترة، المختار بن أبي عبيدة الثقفي، ومصعب، وابن أخيه حمزة؛ فالأخبار الواردة في زيارة الحسين (عليه السّلام) عن السجّاد علي، والباقر(2) محمّد بن علي (عليه السّلام) (لكونهما قضيا حياتهما في الدولة المروانية) يشفان عن خوف ووجل.

وممّا يؤيد وجود بناء بسيط (بل له بعض الشأن) على القبر الشريف في زمن ورود الحسين ابن بنت أبي حمزة للزيارة، ما جاء من الألفاظ في الزيارات الواردة عن الصادق (سلام الله عليه) لجدّه الحسين (عليه السّلام)(3) ، حيث يقول في خبر: «... بعد الغسل بحيال قبره الشريف في الفرات، فتتوجه إلى القبر حتّى تدخل الحير من جانبه الشرقي، وتقول:...، ثمّ إذا استقبلت القبر...، ثمّ اجلس عند رأسه الشريف...، ثمّ تحوّل عند رجليه...، ثمّ تحوّل عند رأس علي بن الحسين...، ثمّ تأتي قبور الشهداء»(4) .

وفي خبر المفضل بن عمر عن الصادق (سلام الله عليه): «إذا أتيت باب الحير

____________________

= وهزيمة مصعب، إلى أن تمكّن مصعب من المختار آخر الأمر.

وإذ لم ترد مثل هذه الأخبار في الكتب التأريخية - والمعروف بل المحقّق أنّه لم يكن بين المختار ومصعب من مواقف سوى ما كان بالمذار، ثمّ تحصّن المختار بقصر إمارة الكوفة إلى أن قُتل -؛ لذا قلّ الاعتماد على ما ورد في هذا الكتاب من قيام المختار بتشييد قبر الحسين (عليه السّلام)، وإن كان المحلّ مناسب لإعطاء مثل هذه النسبة له.

كيف لا وقد قام المختار بأخذ ثأر الحسين (عليه السّلام)، وقتل قاتليه وصلبهم، وأحرق بعضهم بالنار؟ فلا يبعد من أن يقوم بتشييد قبره الشريف، إلاّ أنّنا نحكم بوقوع مثل هذا الأمر وجداناً لا استناداً على ما ورد في هذا الكتاب؛ للأسباب السالفة.

(1) تاريخ الطبري 7 / 70، وكان ذلك سنة 65 هـ.

(2) مجلد المزار 22 / 110.

(3) فقد توفي الصادق (عليه السّلام) سنة 148، والثمالي توفي في زمن المنصور.

(4) مجلد المزار / 145.

٦٣

فكبر الله أربعاً، وقل:...»(1) .

وفي خبر ابن مروان عن الثمالي عند آخر فصول الزيارة يقول: ثمّ تخرج من السقيفة وتقف بحذاء قبور الشهداء وتومئ إليهم، وتقول:...(2) .

وفي خبر صفوان الجمّال عن الصادق (عليه السّلام) يقول: «فإذا أتيت باب الحائر فقف... وقل:... ثمّ تأتي باب القبة وقف من حيث يلي الرأس، وقل:...، ثمّ اخرج من الباب الذي عند رجلي علي بن الحسين (عليه السّلام) وقل:...، ثمّ توجه إلى الشهداء وقل:...»(3) .

وفي خبر آخر عن صفوان يقول: «فإذا أتيت الباب فقف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر وقل:...، ثمّ ادخل رجلك اليمنى القبر وأخّر اليسرى، ثم ادخل الحائر وقم بحذائه وقل:...»(4) . وهذا ما يدلّك على أنّ له باباً شرقيّاً وغربيّاً.

فخلاصة القول: إنّ المستفاد من هذه الزيارات هو وجود بناء ذو شأن على قبره في عصر الصادق (سلام الله عليه).

ومع هذا فقد كان الاُمويّون يقيمون على قبره المسالح لمنع الوافدين إليه من زيارته، ولم يزل القبر بعد سقوط بني اُميّة وهو بعيد عن كلّ انتهاك؛ وذلك لانشغال الخلفاء العباسيِّين بإدارة شؤون الملك، ولظهورهم بادئ الأمر مظهر القائم بإرجاع سلطة الهاشميِّين، وهو غير خفي أنّ القائمين بالدعوة كانوا من أهل خراسان، وأكثر هؤلاء إن لم نقل كلّهم كانوا من أنصار آل البيت (عليهم السّلام).

ولمّا رسخت قدم العباسيِّين في البلاد، وقمعوا الثورات جاهروا بمعاداة شيعة علي (عليه السّلام)، ولكنّها كانت خفيفة الوطأة أيام السفّاح، فتوارد الزائرون

____________________

(1) المصدر نفسه / 148.

(2) المصدر نفسه / 105.

(3) المصدر نفسه / 159.

(4) المصدر نفسه / 179.

٦٤

لقبر الحسين (عليه السّلام) من شيعته عند سنوح هذه الفرصة جهاراً، واشتدّت الوطأة أيام المنصور بوقيعته بوجوه آل الحسن(1) ، وخفّت ثانية في أيام المهدي والهادي.

فلمّا كانت أيام الرشيد(2) ، وكانت قد استقرّت الأوضاع، وثبتت دعائم الحكم، وقضت على ثورات العلويِّين بما دبّرته من طرق الغدر والخيانة، فأرغمت أنوفهم الحمية، وأخمدت نفوسهم الطاهرة، فأرادت القضاء عليهم في محو قبور أسلافهم، فسلكوا سلوك بني اُميّة؛ إذ أمر الرشيد بهدم قبره الشريف ومحو أثره، فأخذت الشيعة الوسائط بالاهتداء إلى تعيين موضع القبر، وتعيين محلّ الحفرة منها السدرة، فبلغ الرشيد ذلك فأمر بقطعها(3) ، ثمّ وضع المسالح على حدوده إلى أن انتقل إلى طوس ومات فيها.

فلم يتتبع الأمين ذلك لِما كان منشغلاً باللهو والطرب وصنوف المجون والبذل، فاغتنموا الحال وبادروا إلى تشييد قبره الشريف، وقد اتخذوا عليه بناءً عالياً.

ولمّا جاء دور المأمون وتمكّن من سرير الخلافة تنفس الشيعة الصعداء، واستنشقوا ريح الحرية، ولم يتعرّض لذلك، وكان المأمون يتظاهر بحبّه لآل البيت (عليهم السّلام) حبّاً جمّاً حتّى إنّه استعاض بلبس السواد - وهو شعار العباسيِّين - بلبس الخضرة - وهو شعار العلويِّين -، وأوصى بالخلافة من بعده لعلي الرضا

____________________

(1) مروج الذهب - للمسعودي 2 / 171.

(2) الظاهر إنّ الرشيد لم يتعرّض لقبر الحسين (عليه السّلام) إلاّ في اُخريات أيامه، ولعل سبب ذلك غضبه ممّا كان يشاهد من إقبال الناس لزيارة الحسين (عليه السّلام) وتعظيمه والسكنى بجواره، وكان قبل ذلك يجري ما أجرته أمّ موسى من الأموال على الذين يخدمون قبر الحسين في الحير. انظر الطبري 10 / 118. (عادل)

(3) روى ذلك محمّد بن الحسن الطوسي في أماليه / 206 طبع إيران، بسنده إلى جرير بن عبد الحميد، وذكر أنّه عندما سمع جرير بالخبر رفع يديه قائلاً: الله أكبر! جاءنا فيه حديث عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: «لعن الله قاطع السدرة» ثلاثاً. فلم نقف على معناه حتّى الآن.

٦٥

ابن موسى الكاظم (عليه السّلام)، ولعل ذلك كيد منه، وكان هذا الوقوع بعد قتل أخيه الأمين، واسترضاء لمناصريه الخراسانيين.

وقد زعم البعض أنّه هو الذي شيّد قبره الشريف، وبنى عليه لهذه الفترة(1) ، وفي ورود أبي السرايا بن السري بن المنصور إلى قبر الحسين (عليه السّلام) أيام المأمون عام تسعة وتسعين بعد المئة حين قام ببيعة محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل طباطبا بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط، دليل على تشييد قبر الحسين(2) بعد مضي الرشيد إلى طوس.

وبقي الحال على هذا المنوال والشيعة في حالة حسنة حتّى قام حول قبره الشريف سوقاً، واتخذت دوراً حوله، وأخذ الشيعة بالتوافد إلى قبره للسكنى بجواره، إلى أن كان من المغنّية الشهيرة التي قصدت من سامراء في شعبان زيارة قبره الشريف، وكانت تبعث بجواريها إلى المتوكّل قبل أن يلي الخلافة يغنين له إذا شرب، وقد بعث إليها بعد استخلافه فأخبر بغيبتها، فأسرعت بالرجوع عندما أبلغها الخبر بطلب المتوكّل لها، فبعثت إليه بجارية وكان يألفها، فقال لها: أين كنتم؟

قالت: خرجت مولاتي إلى الحج وأخرجتنا معها.

فقال: إلى أين حججتم في شعبان؟

قالت: إلى قبر الحسين (عليه السّلام).

فاستطير غضباً(3) ، وفيه من بغض آل أبي طالب ما هو غني عن البيان، فبعث بالديزج بعد أن استصفى أملاك المغنّية - وكان الديزج يهودياً قد أسلم - إلى قبر الحسين (عليه السّلام)، وأمره بحرث قبره الشريف ومحوه، وهدم كلّ ما حوله من الدور والأسواق، فمضى لذلك وعمل بما أمر به، وقد حرث نحو مئتي جريب من جهات القبر، فلمّا بلغ الحفرة لم يتقدّم

____________________

(1) نزهة الحرمين - للعلاّمة السيد حسن الصدر (مخطوط) نقلاً عن تسلية المجالس.

(2) انظر مقاتل الطالبيِّين - لأبي الفرج الإصبهاني / 341 ط النجف.

(3) المصدر نفسه / 386.

٦٦

إليه أحد، فأحضر قوماً من اليهود فكربوه، وأجرى الماء عليه(1) ، فحار الماء عند حدود قبره الشريف(2) ، ثمّ وكّل به المسالح بين كلّ مسلحتين ميل، ولا يزوره أحد إلاّ وأخذوه ووجهوا به إلى المتوكّل(3) ، فحصل للشيعة من ذلك كرب عظيم لِما طرأ على قبره من الجور، ولم يعهد مثله إلى هذا الحد.

فضاق بمحمد بن الحسين الأشناني بعد طول عهده بالزيارة، فوطّن نفسه على المخاطر، وساعده رجل من العطّارين، فخرجا يمكثان النهار ويسيران الليل حتّى بلغا الغاضرية، وخرجا منها نصف الليل، فسارا بين مسلحتين وقد ناموا حتّى دنا من القبر الشريف، فخفى عليهما موضعه، فجعلا يتحرّيان موضع القبر حتّى أتياه وقد قُلع الصندوق الذي كان عليه واُحرق، وفي الموضع اللبن قد خُسف وصار الخندق، فزاراه وانكبّا عليه، وقد شمّا من القبر رائحة ما شمّا مثلها قطّ من الطيب.

فقال الأشناني للعطّار: أي رائحة هذه؟

فقال: والله ما شممت مثلها بشيء من العطر.

فودّعاه وجعلا حوله علامات في عدّة مواضع، وبعد قتل المتوكّل حضر مع بعض الطالبيِّين والشيعة فأخرجوا العلامات وأعادوا القبر إلى ما كان عليه أوّلاً.

وقد نالت الشيعة شيء من الحرية على عهد المنتصر، وكان هذا محبّاً لآل البيت (عليهم السّلام)، مقرّباً لهم، رافعاً مكانتهم، معظّماً قدرهم، ومن حسناته إليهم أنّه شيّد قبر الحسين (عليه السّلام)، ووضع ميلاً عالياً يرشد الناس إليه(4) ، وذلك في عام السابع والأربعين بعد المئتين.

ولم يُهدم بناء المنتصر ظلماً؛ لعدم تعرّض أخلافه له؛ لِما ظهر من الوهن في دولتهم، وانحلال أمرهم، وتسلّط الأتراك عليهم، وانشغالهم بأنفسهم.

وفي خلافة المسترشد ضاقت الأرض على رحبها على الشيعة؛ وذلك عندما أمر بأخذ جميع ما اجتمع من هدايا

____________________

(1) المصدر نفسه / 386.

(2) المصدر نفسه / 386.

(3) المصدر نفسه / 387.

(4) فرحة الغري - لعبد الكريم بن طاووس.

٦٧

الملوك والأمراء والوزراء والأشراف من وجوه الشيعة من الأموال والمجوهرات في خزانة الروضة المطهّرة، وأنفقه على العسكر، واعتذر بأنّ القبر لا يحتاج إلى الخزانة(1) ، إلاّ أنّه لم يتعرّض للبناء ولم يمسّه؛ لقصور يده، وضعف شأنه لا لشيء آخر.

وكان البناء الذي شيّد في عهد المنتصر قد سقط في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين ومئتين(2) ، فقام إلى تجديده محمّد بن زيد القائم بطبرستان في خلافة المعتضد بالله العباسي(3) لسنة ثلاث وثمانين ومئتين(4) ، وقد أخذ حال القبر الشريف منذ تشييد المنتصر إيّاه بالعروج إلى مدارج العمران يوماً بعد يوم حيث أمن الناس من إتيانه واتخاذ الدور عند رمسه.

وقد زار القبر عضد الدولة بن بويه سنة (370 هـ) بعد أن بالغ في تشييد الأبنية حول الضريح وزخرفتها(5) ، وكان آل بويه يناصرون الشيعة.

وقد استحفل التشيّع على عهدهم حتّى إنّ معزّ الدولة أمر سنة 352 بإقامة المآتم في عاشوراء، وكان ذلك أوّل مأتم أُقيم في بغداد.

____________________

(1) المناقب - لابن شهر آشوب، وكان ذلك سنة 511 هـ.

(2) فرحة الغري / 61.

(3) جاء في بحر الأنساب (العائد لخزانة المرحوم الشيخ عبد الحسين شيخ العراقيين الطهراني) عند ذكره لنسب المعتضد بالله العباسي بقوله: وأمر بعمارة مشهد الغري بالكوفة ومشهد كربلاء، وافتقد الخزائن بدار الخلافة، فأخرج منها ما وجده من نهب الواثق من مال مشهد الحسين بن علي (عليه السّلام) وأعاده إليه.

(4) فرحة الغري، وكان محمّد بن زيد هذا دائم التصدّق على العلويِّين في المشاهد؛ فقد بعث في خلافة المعتضد بالله اثنين وثلاثين ألف دينار لمحمد بن ورد ليفرّقها على العلويِّين. (انظر الكامل 6 / 80، والطبري 12 / 346).

(5) تسلية المجالس - لمحمد المجدي (بالفارسية)، طبع حجر.

٦٨

(وعندما عفا عضد الدولة عن عمران بن شاهين البطائحي بنى الرواق المشهور برواق عمران بن شاهين في المشهدين الشريفين الغروي والحائري (على مشرفهما السّلام»(1) .

وفي سنة سبع وأربعمئة هجـ احترق الحرم الشريف إثر اندلاع حريق عظيم كان سببه إشعال شمعتين كبيرتين سقطتا في الليل على التأزير واحترق، وتعدّت النار بعد الحرق القبة إلى الأروقة(2) ، فكان البناء على القبر الشريف بعد وقوع هذا الحريق ما وصفه الطنجي في رحلته، إلاّ أنّي لم أقف على خبر مَنْ شيّد هذا البناء، وفي أيّ تاريخ كان ذلك(3) ، ولعله كان قد تبقى شيء من البناء الذي

____________________

(1) فرحة الغري / 67.

(2) الكامل - لابن الأثير 9 / 110 ط ليدن، و7 / 295 من ط القاهرة، والمنتظم - لابن الجوزي 7 / 283، البداية - لابن كثير 12 / 4، والنجوم الزاهرة - لابن تغري بردى 4 / 241.

(3) ذكر كلّ من العلاّمة السيد حسن الصدر الكاظمي في نزهة الحرمين / 35، والعلامة السيد محسن الأمين العاملي في أعيان الشيعة 4 / 302، ومن أخذ عنهما، أنّ أبا محمّد الحسن بن الفضل بن سهلان وزير سلطان الدولة البويهي هو الذي جدّد بناء الحائر بعد وقوع هذا الحريق، لكن المصادر التي عوّلوا عليها لم تنسب إلى ابن سهلان هذا سوى بناء سور الحائر وليس تجديد بنائه، كما في المنتظم 7 / 283، والبداية والنهاية 12 / 16، ومجالس المؤمنين / 211، والنجوم الزاهرة 4 / 259.

هذا فضلاً عن أنّ ابن سهلان بدأ ببناء سور الحائر في سنة 400 هـ، أيّ قبل وقوع الحريق بسبعة أعوام، وهي نفس السنة التي أمر ببناء سور على مشهد أمير المؤمنين(عليه السّلام). (الكامل 7 / 249. ط القاهرة).

فقد ورد في المنتظم 7 / 246: وفي جمادى الأولى (سنة 400 هجـ) بدأ ببناء السور على المشهد بالحائر، وكان أبو محمّد الحسن بن الفضل بن سهلان قد زار هذا المشهد، وأحبّ أن يؤثر فيه مؤثراً، ثمّ ما نذر لأجله أن يعمل عليه سوراً حصيناً مانعاً؛ لكثرة مَنْ يطرق الموضع من العرب، وشرع في قضاء هذا النذر، ففعل وعمل السور، وأحكم وعرض، ونصبت عليه أبواب وثيقة وبعضها حديد، وتمّم وفرغ منه، وتحسّن المشهد به، وحسن الأثر فيه. (عادل).

٦٩

شيّده عضد الدولة، إلى أن شيّد عليه البناء الموجود اليوم على القبر الشريف، أو إنّه قد جدّده بعد الحريق أخلاف عضد الدولة؛ إذ كانت دولتهم قائمة عند وقوع الحريق.

هذا وكان إكمال بناء الحرم في سنة سبع وستين وسبعمئة، وقد أمر بتشييده السلطان أويس الإيلكاني، وأتمّه وأكمله ولده السلطان حسين(1) .

____________________

(1) زينة المجالس - لمحمد المجدي (مخطوط) باللغة الفارسية / 84، والمجدي من معاصري الشيخ البهائي، وقد صنّف كتابه هذا سنة 1004 هجـ، فقد جاء فيه: إلى أن أمر السلطان أويس الإيلكاني، وابنه السلطان حسين ببناء عمارة عالية.

وللسيد المؤلّف (عبد الحسين) ملاحظة مهمة في هذا الخصوص، خطر لي أن أثبتها هنا، يقول: ذكر سماحة السيد محسن الأمين العاملي في المجلد 3 / 593، من أعيان الشيعة، قال فضيلته عن آخر كتاب الأماقي في شرح الإيلاقي لعبد الرحمن العتايقي الحلّي المجاور بالنجف الأشرف، في نسخته المخطوطة في خزانة العلوية الذي تمّت كتابته في محرّم سنة 755 هجـ، قال: (في هذه السنة احترقت الحضرة الغروية (صلوات الله على مشرّفها)، وعادت العمارة وأحسن منها في سنة 760 سبعمئة وستون). انتهى.

أقول: هذا الحريق هو الذي ذكره ابن مهنا الداودي في العمدة / 5، ولكنّه لم يذكر اسم المجدّد للبناء الذي شيّد على الروضة المطهّرة الحيدرية، حيث المدّة تقارب زمن البناء الذي قام به السلطان أويس، وولده السلطان حسين الإيلكانية في سنة (767) على قبر الحسين (سلام الله عليه) الموجود اليوم على الروضة الطاهرة.

من المقتضي أن يكون السلطان حسين الإيلكاني هو منفرداً أقام البناء على الروضة الطاهرة الحيدرية، وبالخاصة لموقع قبورهم التي ظهرت في سنة الخامس عشر بعد الثلاثمئة والألف هـ وسط الصحن الشريف ما يلي باب الطوسي، أحد أبواب الصحن الشريف، في القسم الشمالي من الروضة الزاكية؛ إذ ظهر سرب فيه ثلاثة قبور على أحدهم في القاشاني مرقوم (توفي الشاهزاده الأعظم معزّ الدين عبد الواسع في 15 جمادى الأوّل سنة 790)، وعلى لوح القبر الثاني (هذا ضريح الطفل الصغير سلالة السلاطين الشاهزادة ابن الشيخ أويس (طاب ثراه). توفي يوم الأربعاء حادي عشر محرّم الحرام سنة إحدى وثلاثين وثمانمئة).

وعلى لوح القبر الثالث (هذا قبر الشاهزادة سلطان بايزيد (طاب ثراه). توفي في جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين وثمانمئة هلالية)، وعلى قبر آخر (هذا قبر المرحومة السعيدة بايندة السلطان).

وقد ابتدأ حكم الأسرة الإيلكانية الجلائرية في بغداد وآذربايجان بعد موت أبي سعيد بن أولجياتو محمّد خدابنده بقليل بالشيخ حسن الكبير، تقريباً بين سنة تسع وثلاثين وسبعمئة، أو سنة الأربعون، وكانت وفاته سنة 757 هـ، ثمّ تلاه في الحكم ولده السلطان أويس سنة 757 هـ، وتوفي سنة 776 هـ، ثمّ تلاه ولده السلطان حسين من سنة 776 هـ، إلى أن توفي في سنة 784 هـ، ثمّ تلا السلطان حسين أخوه السلطان أحمد الجلائري ابن أويس، إلى أن قُتل في تبريز بين سنة ثلاث عشرة وثمانمئة وأربع عشرة، وبه تقريباً انتهت أيامهم.

٧٠

وكان تاريخ هذا البناء موجوداً فوق المحراب الذي موضعه اليوم الرخام المنعوت بنخل مريم(1) فيما يلي الرأس الشريف، وقد شاهد ذلك التأريخ بنفسه محمّد بن سليمان بن زوير السليماني، وذكره في كتابه المسمّى بـ (الكشكول).

وقد كان إنزال هذا التاريخ سنة السادس عشر بعد المئتين والألف (1216)، ومن موضعه، عند عمل المرايا والتزيينات للحرم الشريف بأمر محمّد علي خان القواينلو كما تشير إلى ذلك الكتابة

____________________

(1) جاء في كتاب (دلائل الدين) تأليف عبد الله ابن الحاج هادي ما ترجمته: روى عن السجّاد (عليه السّلام): أنّ الله تعالى ذكر في القرآن أنّ السيدة مريم (عليها السّلام) عندما أرادت أن تلد ابنها المسيح ابتعدت عن قومها، وذهبت إلى كربلاء - بصورة معجزة - بجنب نهر الفرات، وقد ولد المسيح قرب مكان ضريح الحسين (عليه السّلام)، وفي نفس الليلة عادت السيدة مريم إلى دمشق.

ومصداق هذا الخبر ما ورد عن الباقر (عليه السّلام) - على ما أتذكر - أنّ صخرة على مقربة من قبر الحسين نُصبت في الحائط قد أجمع ساكنوا هذا المقام على أنّ الرأس الشريف قد حزّ على هذه الصخرة، ويقولون أنّ المسيح قد ولد على نفس تلك الصخرة أيضاً.

٧١

الموجودة في أعلى الباب الثالث من أبواب الحرّم المقابل للشبكة المباركة: (واقفه محمّد علي خان القواينلو سنة 1216) هـ.

وكذلك هذا التأريخ موجود بعينه في الكُتيبة القرآنية داخل القبّة على الضريح المقدّس، وفي سنة 920 هـ أهدى الشاه إسماعيل الصفوي صندوقاً(1) إلى القبر الشريف،

____________________

(1) عندما دخل الشاه إسماعيل الصفوي الأوّل - مؤسس الدولة الصفوية في إيران والذي يرتقي نسبه إلى الإمام السابع موسى بن جعفر (عليه السّلام) - بغداد فاتحاً سنة 914 هـ كان همّه الأول هو التبرّك بزيارة أجداده الأئمّة المعصومين (عليهم السّلام)، فقصد زيارة مرقد الحسين (عليه السّلام)، وعمل ثوباً حريرياً لقبره الشريف، وعلّق اثنى عشر قنديلاً من الذهب أطراف القبر، وفرش تلك الحضيرة القدسية بالبسط، وجلّله بأنواع الحرير والإستبرق، وبذل الأموال الكثيرة لللائذين بقبره الشريف، ثمّ خرج قاصداً النجف الأشرف. (وقد ترجم النص المتقدّم العلاّمة المؤلّف عن (حبيب السير) لخواند مير بالفارسية - مخطوط في 3 مجلدات في مكتبة المؤلّف سنة 1008 هـ).

وقد جاء أيضاً في (عالم آراى عباسي) لإسكندر منشي جـ 2 عن زيارة هذا الشاه ما ترجمته: توجه الشاه من بغداد إلى تربة كربلاء بعد إخلاص النيّة، وتشرّف بزيارة مرقد الحسين المنوّر وشهداء كربلاء، وقد زيّن الروضة وأنعم على المجاورين، ثمّ توجه من هناك إلى زيارة علي المرتضى (عليه السّلام) عن طريق الحلّة. راجع أيضاً فارسنامه ناصري 1 / 93.

وزار كربلاء أيضاً الشاه عباس الأول الصفوي، فقد جاء في فارسنامه ناصري ما ترجمته: غادر الشاه عباس الأول الصفوي أصفهان في سنة 1033 هجري متجهاً نحو بغداد، وفي غرّة ربيع الأوّل من نفس السنة دخل بغداد فاتحاً...، ثمّ توجه إلى النجف الأشرف في محرّم الحرام، وعلى بعد (30) كيلو متر ترجّل عن فرسه وخلع نعله، وأنعم على كافة سكنة النجف، وتوجه بعد ذلك مسروراً فرحاً إلى زيارة كربلاء وطاف بالبقعة الطاهرة، ثمّ أقفل راجعاً إلى بغداد وزار الإمامين الكاظمين وسامراء.

وفي ربيع هذه السنة أعاد الكرّة لزيارة كربلاء والنجف الأشرف، وقبل أعتاب هاتين الحضرتين أدّى لوازم الزيارة، وأهدى من الصناديق القيمة والطنافس الحريرية المطرّزة والديباج الشيء الكثير، ورجع مقفلاً إلى بغداد، وأعاد الزيارة مرّة أخرى إلى الروضة الحسينيّة.

وانظر أيضاً =

٧٢

ولم يرد ما يهمّ خبره من أخلافه الصفوية إلاّ الإقدام بأمور طفيفة لا مجال لذكرها، إلاّ أنّه بلغني - ولم أتثبّت من ذلك أنّ الشاه سليمان الصفوي قام ببناء القسم الشمالي من الصحن المطهّر، والإيوان الكبير الذي فيه المسمّى (بصافي صفا) نسبة إلى الصفويِّين، وليس اليوم في هذا الإيوان دليل على ذلك سوى إنّ الكاشي المعرّق الموجود في سقف هذا الإيوان، والزخارف المعمولة من البورق فيه يستدل منها أنّ بناء هذه الجهة أقدم بناء من الجهات الثلاث للصحن الشريف، فضلاً عن أنّ نقوش الكاشي المعرّق وصنعتها تشبه إلى حدّ كبير نقوش الكاشي المعرّق الموجود في روضة الجوادين (سلام الله عليهما)، وحرم حضرة الرضا (عليه السّلام)، ومقبرة خواجه ربيع، والقدم كاه.

وقد كان في حواشي الكاشي المعرّق الموجود في جنبتي هذا الإيوان - الشرقي والغربي - كُتيبة تنص على اسم الباني وتأريخ بنائه، ولكن مع مرور الزمن تلف واندرس أثره، ومع شديد الأسف لم يسعَ أحد بعد

____________________

= عالم آراي عباسي، وهناك مصدر لا بدّ من الإشارة إليه في هذا الخصوص هو (تاريخ دهامر الألماني) الذي تُرجم من اللغة الفرنسية إلى الفارسية باسم: سلطان التواريخ، في تاريخ سلاطين آل عثمان، يقع في ثلاث مجلدات ضخام، تحتوي على 72 باباً، ينتهي به مؤلفه إلى آخر عهد عبد الحميد الأول العثماني، بعد حرب الروس والأتراك وعقد معاهدة (كنارجة).

وفي سنة 1034 هـ أعاد السلطان مراد الرابع العثماني العراق إلى حوزة دولته، وفي 27 جمادى الأولى سنة 1039 هـ احتل بغداد مرّة أخرى الشاه صفي حفيد الشاه عباس الأول، وزار كربلاء في سنة 1048 هـ في يوم عيد، فقبّل أعتاب ضريح سيد الشهداء وأخيه العباس بعد أن أنذر النذور، وأكرم ذوي الحاجة. (روضة الصفاي ناصري المجلد الثامن).

وفي سنة 1156 هـ توجه نادر شاه من النجف الأشرف إلى تقبيل أعتاب الحسين (عليه السّلام) الذي حرمه مطاف ملائكة الرحمن، وقدّمت زوجته رضية سلطان بيكم كريمة الشاه سلطان حسين الصفوي عشرين ألف نادري لتعمير جامع الحرم الشريف (التاريخ النادري).

٧٣

ذلك لإرجاع هذا النص التأريخي المهم إلى موضعه.

وعندما أرادوا دفن ميرزا موسى الوزير فيه(1) عملوا موضعية الكُتيبة

____________________

(1) وقد شيّد هذا الإيوان الكبير في سنة 1281 هـ من قبل المرحوم ميرزا موسى وزير طهران، لتكون مقبرة له ولعائلته، وقد جدّد المرايا والكُتيبة القرآنية، وزوّق جدرانها الداخلية بالكاشي النفيس.

وقد نظم الشاعر (قلزم) الذي كان من الشعراء الشهيرين في تلك الفترة، هذه القصيدة بالمناسبة:

اي نمودار حريمت حرم عرش برين

ظـل دركـاهت خـركه زده بر عليين

قـدسيان بسته بفرمان تو از عرش كمر

آسمان سوده در ايوان تو بر فرش جبين

بـوده دارلـت شـاهنشه اقـليم شهود

بـيشكا رانـت فـرمان ده سرحد يقين

ظل خركاه تو را قبله كند روح القدس

خاك دركاه تو را سجده برد حور العين

از ازل تـاج شـهادة جه نهادي بر سر

شـد ترا ملك شفاعت همه در زير نكين

از بـهاي كـهر باك تو اين توده خاك

كعبه دين شود وشد سجده كه أهل زمين

إلى أن يقول:

قـصة طـور كـليم الله فاخلع نعليك

هـمه از خاك درت مظهر آيات مبين

عكس از شمسه ايوان تو شد شمس فلك

بر تو اوبر همه كون مكان كشت مكين

سـاكـنان حـرم وجـلال مـلكوت

هـه بـرخاك رهـت بايد خاك نشين

=

٧٤

الموجودة اليوم من المرايا، رُقمت بهذه الآية:( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً

____________________

=

بـهر فـراشي حجابت هر شام وسحر

قيصر أز روم كمر بندى وفقفور أز جين

إلى أن يقول:

اين هـمان وادى دوروا تـش شـوق

صـه جـه موسى باميد قبسي خاك نشين

انـدرين عـهد هـمايون از فـو ظـفر

رايـت دولـت اسـلام بر از جرخ برين

شـاه شـاهان جهان ظل خدا كهف زمان

خـسرو مـلك مـلل بـادشاه دولت ودين

شـهـر بـازيكه زأواز كـوي سـخطش

تـااب درشـده در جـحمه كـوه طـنين

مـير فـرخنده نـزادى زد راوكـه بـود

افـتـاب فـلك ورفـعت كـوه وتـمكين

داشـت جـون كوهري آراسته نور صفا

كـرد ايـن صـفه ايـوان صفارا ترين

دولت نـاصرى وسـعى امـام مـلت

أنـدرين عـهد بـود مـحيي آثار جنين

افـتـخار فـضلا قـبله أربـاب فـلاح

بـيشواى دو جـهان بـادشاه شرع مبين

انـكه از بـندكي صـاحب روضـه باك

شـده بـرخا جـكي علم ازل صدر تشين

جون زفيض كف موسى شد اين طور صفا

..........................................

كـلك قـلزم بي تاريخ سخنور شده وكفت

بـا كـف مـوسى آراسـته طـور سنين

٧٥

وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ... ) .

هذا وقام السلطان مراد الرابع العثماني سنة ثمان وأربعين وألف بتعمير وتجديد القبّة السامية، وجصّصها من الخارج(1) .

وفي سنة 1135 هـ نهضت زوجة نادر شاه وكريمة حسين الصفوي إلى تعمير المسجد المطهّر، وأنفقت على ذلك عشرين ألف نادري.

وقام أغا محمّد خان (الخصي) مؤسس الدولة القاجارية في إيران بتذهيب القبّة السامية للسنة السابعة بعد المئتين والألف الهجرية(2) .

وقد نظم بهذه المناسبة الميرزا سليمان خان المشهور بصباحي الشاعر، مؤرّخاً هذا التذهيب بقوله:

كلك صباحي از اين تاريخ أونوشت

در كبند حسين علي زيب بافت زر

1207 هـ

____________________

(1) لم نعثر على مصدر هذا الخبر، ولكنّه قد جاء في كلشن خلفاء (ص 102 وجه) لنظمي زاده بالتركية: أنّ الوالي علي باشا الوند زادة، بأمر من السلطان مراد الثالث العثماني قد جدّد بناء جامع الحسين وقبّته المنوّرة، وذلك سنة 984 هـ.

وقد أرّخ هذا البناء أحد الشعراء المشهورين بأبيات مطلعها:

بـحمد الله كه از عون الهي

نـموده خـدمت شاه شهيدان

شه كشور ستان خاقان اعظم

مـراد بن سليم ابن سليمان

وقد وهم الأستاذ حسن الكليدار في كتابه (مدينة الحسين / 38) إذ ذكر أنّ هذه الأبيات قد قيلت بمناسبة تشييد القبّة من قبل مراد الرابع العثماني، إلاّ أنّ الصحيح ما ذكرناه. (عادل)

(2) مجلد القاجارية من ناسخ التواريخ - للسان الملك سبيهر / 33 سنة 1206 هـ.

٧٦

وفي أوائل القرن التاسع عشر (1214هـ) أهدى فتح علي شاه القاجاري - أحد ملوك إيران - شبكة فضية(1) ، وهي إلى اليوم موجودة على القبر الشريف، وحوالي هذا التاريخ أمرت زوجته بتذهيب المأذنتين حتّى حدّ الحوض.

وفي سنة 1259 هـ قام محمّد علي شاه - ملك أود - سلطان الهند بتذهيب الإيوان الشريف وصياغة بابه بالفضة.

ويوجد اليوم على الفردة اليمنى من باب الفضة في إيوان الذهب: (هو الله الموفّق المستعان، قد أمر بصنع هذا الباب المفتوح لرحمة الملك المنان، وبإتمام تذهب هذا الإيوان الذي هو مختلف ملائكة الرحمن، وبحفر الحسينيّة وبناء قناطرها التي هي معبر أهل الجنان).

وعلى الفردة الثانية، الجانب الأيسر تتمته: (وتعمير بقعة قدوة الناس مولانا وسيدنا أبو الفضل العباس، السلطان ابن السلطان، والخاقان ابن الخاقان، السلطان الأعظم والخاقان الأكرم، سلطان الهند، محمّد على شاه (تغمّده الله بغفرانه، وأسكنه فسيح جناته)، وكان ذلك في سنة 1259 هـ ألف ومئتين وتسعة وخمسين).

وقام بعد ذلك أمراء الأكراد البختيارية إلى تزيين المسجد والأروقة، وقد وسع الضلع الغربي من الصحن الشريف، وجدّد بناءه المتغمّد برحمته المرحوم الشيخ عبد الحسين الطهراني(2) (شيخ العراقين) من قبل شاه

____________________

(1) مجلد القاجارية من ناسخ التواريخ / 63.

(2) جاء في مستدرك الوسائل - للعلاّمة النوري 3 / 397 في ترجمة الشيخ عبد الحسين الطهراني: (شيخي وأستاذي ومَنْ إليه في العلوم الشرعية استنادي، أفقه الفقهاء، وأفضل العلماء، العالم الرباني، الشيخ عبد الحسين الطهراني... حتّى يقول: وجاهد في الله في محو صولة المبتدعين، وأقام أعلام الشعائر في العتبات العاليات، وبالغ مجهوده في عمارة القباب الساميات).

وقد توفي في الكاظمية في 22 شهر رمضان سنة 1286 هـ، ونُقل إلى كربلاء، ودُفن في إحدى حجرات الصحن الحسيني.

٧٧

إيران ناصر الدين شاه القاجاري سنة 1275 هـ، وشيّد إيوانه الكبير وحجر جهتيه.

وقد أنشد الشيخ جابر الكاظمي الشاعر الكبير مؤرّخاً لهذا البناء بالفارسية يقول:

بـنائي ناصر الدين شاه بنا كرد

زخـاك أوست بائين كاخ خضرا

نه صحن وكنبدي جرخي مكوكب

زنـور أو مـنور روي غـبرا

بـراي كـشوار عـرش يـعني

حـسين بـن عـلي دلبند زهرا

بـناي سـال أو جابر همي كوي

أز ايوان شـكست كـسرى

بكو تأريخ ايوانش مؤرخ 1275 هـ

وله تأريخ بالعربية:

لـله إيوانٌ سما رفعةً

فطاول العرشَ به الفرشُ

قال لسانُ الغيب تأريخه

أنت لأملاك السما عرشُ

ولم يحدث بعد ذلك ما يهمّ ذكره سوى ما جدّدت إنشاءه إدارة الأوقاف في العهد الأخير، في القسم الغربي من الصحن؛ لظهور الصدع فيه.

وفي المشهد الحسيني عدّة نقوش وكتابات تدلّ على تواريخ إصلاحه والزيارات فيه؛ ففي أعلى عمود وسط الضلع الجنوبي من شبكة الفولاد المنصوبة على قبر الحسين (عليه السّلام) ما يقابل الوجه الشريف، هذه العبارة: (مَنْ بكى وتباكى على الحسين فله الجنّة صدق الله ورسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سنة 1185 هـ).

وما يقابل الزوايا الأربعة من القبر الشريف عبارة: (واقفه الموفّق بتوفيقات الدارين، ابن محمّد تقي خان اليزدي محمّد حسين سنة 1222 هـ).

٧٨

ويوجد في الإيوان الخارج من جدار الرواق الغربي المقابل للشبكة المباركة في الكاشي، فوق الشباك: (عمل أوسته أحمد المعمار سنة 1296 هـ).

ويستفاد من أبيات منظومة بالفارسية فوق شباك المقبرة الشمالية المقابلة للضريح أنّه بمباشرة الحاج عبد الله ابن القوام على نفقة الحاج محمّد صادق التاجر الشيرازي الأصفهاني الأصل، قد قام بتكميل تعمير سرداب الصحن الحسيني، وتطبيق الأروقة الثلاثة الشرقي والشمالي والغربي بالكاشي في سنة ألف وثلاثمئة الهجرية.

إيضاح ما يوجد في خارطة كربلاء من المواقع

أنهار كربلاء

(النهرين): فرعان يشتقان من عمود الفرات، ويتصلان ببعضهما في قرية نينوى في جوار الحاير الحسيني، ويتجهان إلى الشمال الشرقي إلى الكوفة معاً على سبيل توحيد وتفرد؛ وللفارق يعرفان بنهري كربلاء، يتوضّح على ضوء ما سرده أبو الفرج في المقاتل(1) ، ونورد بين قوسين ما تفرّد بإيراده صاحب الدرّ النظيم(2) :

قال أبو الفرج: لمّا قُتل زيد بن علي دفنه ابنه يحيى، تفرّق عنه الناس ولم يبقَ معه إلاّ عشرة نفر. قال سلمة بن ثابت: قلت له: أين تريد؟

قال: أريد النهرين. ومعه الصياد العبدي.

قلت: إن كنت تريد النهرين فقاتل ها هنا حتّى تُقتل.

قال: اُريد نهري كربلاء (وظننت أنّه يريد أن يتشطط الفرات)، فقلت له: النجاء قبل الصبح. فخرجنا فلمّا

____________________

(1) مقاتل الطالبيِّين / 61 ط القاهرة.

(2) الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم - لجمال الدين الشامي جـ 2 خط.

٧٩

جاوزنا الأبيات سمعنا الأذان، فخرجنا مسرعين، فكلّما استقبلني قوم استطعمتهم فيطعموني الأرغفة، فأطعمه إيّاها وأصحابي حتّى أتينا نينوى، فدعوت سابقاً فخرج من منزله ودخله يحيى، ومضى سابق إلى الفيوم فأقام به.

(فلمّا خرجنا من الكوفة سمعنا أذان المؤذنين فصلّينا الغداة بالنخيلة، ثمّ توجهنا سراعاً قبل نينوى، فقال: اُريد سابقاً مولى بشر بن عبد الملك. فأسرع السير إلى أن انتهينا إلى نينوى وقد أظلمتنا، فأتينا منزل سابق فاستخففت الباب فخرج إلينا).

وذكر ابن كثير في البداية(1) عن محمّد بن عمرو بن الحسن قال: كنّا مع الحسين بنهري كربلاء. وأورد ابن شهر آشوب في المناقب: مضى الحسين قتيلاً يوم عاشوراء بطفّ كربلاء بين نينوى والغاضرية من قرى النهرين(2) .

قال الطبري(3) بعد مهادنة أهل الحيرة لخالد بن الوليد في مفتتح الفتح، وخضوع الدهاقين لأداء جزية وضريبة، وزع بينهم العمال؛ ولتمهيد الأمن أقام مخافر عهد بعمالة النهرين إلى بشر بن الخصاصية، فاتخذ بشر الكويفة ببابنورا قاعدة لعمالته.

وذكر عند حوادث سنة 278 هـ(4) ابتداء أمر القرامطة: وردت الأخبار بحركة قوم يعرفون بالقرامطة بسواد الكوفة، فكان ابتداء أمرهم قدوم رجل من خوزستان، ومقامه بموضع يُقال له: النهرين، يظهر الزهد والتقشّف، ويسفّ الخوص ويأكل من كسبه، ويكثر الصلاة.

إذا قعد إليه إنسان ذكّره أمر الدين، وزهده في الدنيا، وأعلمه أنّ الصلاة المفروضة

____________________

(1) ج 8 / 188.

(2) المناقب 4 / 83، ط بمبي.

(3) ج 4 / 17، ط ليدن.

(4) ج 8 / 159، ط الاستقامة.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

والصدقة والعتق "(١) .

٢٩٧٣ - وقال رجل للصادق عليه السلام: " جعلت فداك إني كنت نويت أن اشرك

___________________________________

(١) تقدم نحوه ج ١ ص ١٨٥ وتقدم الكلام في وجه انتفاع الميت بما أهدى اليه هناك ونزيدك ههنا بيانا وهو ما قاله استاذنا الشعرانى في هامش الوافى قال مد ظله في جملة كلامه ما حاصله: " مستحق الاجر العامل وما يصل إلى الميت تفضل من الله تعالى وذلك لان ما يصل إلى العبد في الاخرة ثلاثة أقسام ثواب وعوض وتفضل، لانه كان أن يكون على سبيل الاستحقاق أو لا، والثانى هو التفضل، والاول اما أن يكون على العمل الاختيارى أو على غير الاختيارى، والاولى هو الثواب مثل ما يستحقه على الصلاة والصوم، والثانى هو العوض مثل ما يستحقه على الالام والامراض والفقر وغيرها، والميت لا يستحق بعمل الغير شيئا لانه اما أن يكون عاصيا فرفعه عنه بفعل الغير تفضل، وهو واضح، وان كان معذورا لا يستحق عقابا سواء أتى الولى أو الغير بقضاء ما فات عنه أو عصى ولم يأت وهذا شئ يوافق أصول مذهبنا ومذهب أهل العدل، ويصح دعوى الاجماع بل ضرورة المذهب عليه، وببالى أنى رأيت دعوى الاجماع من ابن شهر آشوب عليه الرحمة ولكن يظهر من كلام شيخنا الانصارى قدس سره أن في المسألة خلافا بين الامامية فالمشهور على أن الثواب للميت، والسيد المرتضى والعلامة قدس سرهما على أن الثواب للعامل، ثم انه سرد أحاديث كثيرة وتعجب من السيد واستبعد أن تكون تلك الاخبار مخفية عن مثله، والحق أن مذهب السيد رحمه الله اجماعى موافق لاصول المذهب لان الثواب كما ثبت في علم الكلام بل العوض أيضا انما هما على الكلفة التى يحتملها المكلف من جانب المولى والواجب في مذهب أهل العدل ايصال نفع اليه جبرا لتلك المشقة والكلفة واما من لم يتكلف شيئا فلا يجب على المولى اثابته.

وأما الاحاديث التى سردها (ره) فلا يدل الا على انتفاع الميت بالعمل وهذا مما لا ريب فيه ولكنه تفضل لا استحقاق ولم يدل على كونه مستحقا لاجر عمل تكلفه غيره الا إذا أوصى فله ثواب الوصية سواء عمل الاوصياء بوصيته أو لا، وقال بعض أساتيدنا ان الشيخ رحمه الله حمل الثواب على مطلق انتفاع الميت وفهم من عدم الثواب عدم الانتفاع مطلقا ولذلك تعجب من السيد قدس سره وجعل مفاد الاخبار ردا عليه.

وهو بعيد لان الفرق بين الثواب والتفضل والعوض معروف في الكتب الاعتقادية وكون الثواب في مذهب أهل العدل واجبا لاستحقاق العبد بسبب الكلفة أيضا معروف، والسيد العلامة وغيرهما كانوا معتنين بهذه المسائل أشد اعتناء أكثر من اعتنائهم بالمسائل الفرعية أو مثلها لابتلائهم بالمحاجة مع المخالفين، فاذا أطلقوا لفظ الثواب ما كان ينصرف أذهانهم الا إلى المعنى المصطلح عليه في علم الكلام الذى صرفوا عمرهم في اثباته ورد أهل الجبر من مخالفيهم ولا يحتمل البتة أن يريدوا بالثواب مطلق الانتفاع بل المراد منه في كلامهم الاستحقاق قطعا ولا ريب أن المستحق للثواب هو العامل وانتفاع الميت تفضل. =

٤٦١

في حجتي(١) العام امي أو بعض أهلي فنسيت، فقال عليه السلام: الآن فأشركهما ".

باب التعجيل قبل التروية إلى منى

٢٩٧٤ - روي عن إسحاق بن عمار(٢) قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: " يتعجل الرجل قبل التروية بيوم أو يومين من أجل الزحام وضغاط الناس؟ فقال: لا بأس "(٣) .

٢٩٧٥ - وقال(٤) في خبر آخر: " لا يتعجل بأكثر من ثلاثة أيام(٥) ".

٢٩٧٦ - وروى جميل بن دراج(٦) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " على الامام أن

___________________________________

= ثم ان مطلق انتفاع الميت بعمل الاحياء ليس مما يحتاج في اثباته إلى هذه الاحاديث بل هو مما اتفق عليه أهل الملل وليس الصلاة على الميت الا لذلك وكذلك زيارة القبور والاستغفار لهم، ويدل عليه آيات كثيرة من القرآن الكريم كقوله تعالى " ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان " وقوله: " استغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات " وقوله " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره انهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون " إلى غير ذلك، ولكن جميع ذلك لا يدل على أن الميت يستحق ثواب الصلاة والاستغفار بل يدل على ايصال نفع اليه تفضلا.

والله العالم.

(١) في بعض النسخ " أن أدخل في حجتى ".

(٢) الطريق اليه صحيح وهو ثقة.

(٣) يدل على جواز التعجيل بيوم أو يومين للمعذور.

(٤) أى قال اسحاق بن عمار كما في الكافى ج ٤ ص ٤٦٠ وهو فيه تتمة للخبر الاول.

(٥) يدل على عدم جواز التعجيل للمعذور أكثر من ثلاثة أيام ولعله محمول على ما إذا لم يكن العذر شديدا بحيث يضطره إلى ذلك. (المرآة)

(٦) الطريق اليه صحيح وهو ثقة جليل.

٤٦٢

يصلي الظهر بمنى ثم يبيت بها ويصبح حتى تطلع الشمس، ثم يخرج إلى عرفات(١) ".

٢٩٧٧ - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام " هل صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر بمنى يوم التروية قال: نعم والغداة يوم عرفة ".

باب حدود منى وعرفات وجمع

٢٩٧٨ - روى معاوية بن عمار، وأبوبصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " حد منى من العقبة إلى وادي محسر(٢) " و " حد عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف "(٣) .

٢٩٧٩ - وقال عليه السلام: " حد عرفة من بطن عرنة، وثوية، ونمرة(٤) و

___________________________________

(١) المشهور بين المتأخرين أنه يستحب للمتمتع أن يخرج إلى عرفات يوم التروية بعد أن يصلى الظهرين الا المضطر كالشيخ والهم والمريض من يخشى الزحام، وذهب المفيد والمرتضى إلى استحباب الخروج قبل الفريضتين وايقاعهما بمنى (المرآة) وقال الفاضل التفرشى: قوله " على الامام أن يصلى الظهر بمنى " أى ظهر يوم التروية، ويمكن أن يراد بالامام امام الاصل وامام قوم يأتمون به في الصلاة.

(٢) إلى هنا صحيحة معاوية بن عمار كما في الكافى ج ٤ ص ٤٦١ رواها في الحسن ذيل حديث، والبافى من حديث أبى بصير كما في الكافى ج ٤ ص ٤٦٢ رواه في الصحيح.

والمراد من العقبة هى التى فيها جمرة العقبة.

(٣) محسر بضم الميم وكسر السين المهملة وتشديدها واد بين منى ومزدلفة وهو إلى منى أقرب وحد من حدودها، والمأزمين: موضع بين عرفة والمشعر وطريق بين جبلى المشعر الذى في جانب عرفة وهو مخالف للمشهور ولما يأتى الا أن يقال توابع عرفة، وقرأ بعض الافاضل المأرمين بالراء المهملة وفسره بالميلين المنصو بين لحد الحرم، قال في النهاية الارام الاعلام وهى حجارة تجمع وتنصب في المفازة يهتدى بها، واحدها ارم كعنب.

(٤) نمرة كفرحة: ناحية بعرفات أو الجبل الذى عليه أنصاب الحرم على يمينك خارجا من المازمين تريد الموقف ومسجدها، و " عرفة " بضم العين وفتح الراء قال في القاموس: " بطن عرنة بعرفات وليس من الموقف "، وثوية بفتح الثاء المثلثة وكسر الواو وتشديد الياء المفتوحة كذا ضبطه الاكثر.

وفى الصحاح " ثوية بهيئة التصغير: اسم موضع ".

وهو كالسابق من حدود عرفة وليس منها، في المراصد " ونمرة بالفتح ثم الكسر: ناحية بعرفة، كانت منزل النبى صلى الله عليه وآله في حجة الوداع، وقيل: نمرة هو الجبل الذى عليه أنصاب الحرم عن يمينك إذا خرجت من المأزمين تريد الموقف، وذو المجاز: موضع سوق بعرفة على ناحية كبكب عن يمين الامام على فرسخ، كانت به تقوم في الجاهلية ثمانية أيام ".

٤٦٣

ذى المجاز وخلف الجبل موقف - إلى وراء الجبل(١) - ".

وليست عرفات من الحرم والحرم أفضل منها(٢) .

وحد المشعر الحرام من المأزمين إلى الحياض وإلى وادي محسر(٣) .

٢٩٨٠ - و " وقف النبي(٤) صلى الله عليه وآله بعرفة في ميسرة الجبل فجعل الناس يبتدرون

___________________________________

(١) مروى في الكافى ج ٤ ص ٤٦٢ إلى قوله " وخلف الجبل موقف " والظاهر أن " إلى وراء الجبل " من توضيح المصنف.

(٢) لما روى الكلينى ج ٤ ص ٤٦٢ في الحسن كالصحيح عن حفص وهشام بن الحكم عن أبى عبدالله عليه السلام أنه قيل له: " أيما أفضل الحرم أو عرفة؟ فقال: الحرم، فقيل: وكيف لم تكن عرفات في الحرم؟ فقال: هكذا جعلها الله عزوجل ".

(٣) هذا الكلام رواه الشيخ في الصحيح في التهذيب ج ١ ص ٥٠١ عن معاوية بن عمار ولم ينسبه إلى المعصوم ويمكن أن يكون مقطوعا أو مضمرا.

وروى في الصحيح عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام أنه " قال للحكم بن عتيبة: ما حد المزدلفة؟ فسكت، فقال أبوجعفر عليه السلام: حدها ما بين المأزمين إلى الجبل إلى حياض محسر " والظاهر أن المراد بالحياض حياض وادى محسر فيكون التحديد من ابتداء المأزمين من جانب عرفات إلى منتهى المازمين وهو وادى محسر، وتقدم أن المأزم هو ما بين الجبلين، والمأزمين أحدهما المشعر والاخر من جمرة العقبة إلى الابطح وهما مأزما منى من الجانبين، لكن اشتهر اطلاق المأزمين على مأزم المشعر اما باعتبار جانبيه واما باعتبار اطلاق المأزم على الجبل دون مضيقه كما قال المولى المجلسى رحمه الله ويؤيده ما في الكافى في الموثق كالصحيح عن اسحاق بن عمار عن أبى الحسن عليه السلام قال: " سألته عن حد جمع فقال: ما بين المأزمين إلى وادى محسر ".

(٤) هذا هو حديث معاوية بن عمار رواه الكلينى ج ٤ ص ٤٦٣ في الصحيح عن أبى

٤٦٤

أخفاف ناقته فيقفون إلى جانبها فنحاها، ففعلوا مثل ذلك فقال: أيها الناس إنه ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف ولكن هذا كله موقف وأشار بيده، وقال عليه السلام: عرفة كلها موقف ولو لم يكن إلا ما تحت خف ناقتي لم يسع الناس ذلك، وفعل عليه السلام في المزدلفة مثل ذلك، فإذا رأيت خللا فتقدم فسده بنفسك وراحلتك فإن الله تعالى يحب أن تسد تلك الخلال(١) وانتقل عن اهضاب واتق الاراك(٢) ونمرة وهي بطن عرنة، وثوية وذا المجاز فإنه ليس من عرفات".

٢٩٨١ - وفي خبر آخر قال: " أصحاب الاراك لاحج لهم - وهم الذين يقفون

___________________________________

(١) المراد سد الفرج الكائنة على الارض برحله أو بنفسه بأن لا يدع بينه وبين الاصحاب فرجة لتستر الارض التى يقفون عليها وربما علل بأنها إذا بقيت فربما يطمع أجنبى في دخولها فيشتغلون بالتحفظ منه عن الدعاء ويؤذيهم في شى من أمورهم، واحتمل بعض الاصحاب كون متعلق الجار في " به " و " بنفسه " محذوفا صفة للخلل والمعنى أنه يسد الخلل الكائن بنفسه و برحله بأن يأكل ان كان جائعا ويشرب ان كان عطشانا وهكذا يصنع ببعيره ويزيل الشواغل المانعة عن الاقبال والتوجه والدعاء، وهو اعتبار حسن، الا أن معنى الاول هو المستفاد من النقل.

(٢) كذا في بعض النسخ والمعنى أنه لا يرتفع الجبال، والمشهور الكراهة ونقل عن ابن البراج وابن ادريس أنهما حرما الوقوف على الجبل الا لضرورة، ومع الضرورة كالزحام وشبهه ينتفى الكراهة والتحريم اجماعا.

وفى بعض النسخ " واسفل عن الهضاب " وفى القاموس: الهضبة: الجبل المنبسط على الارض أو جبل خلق من صخرة واحدة وفى التهذيب " وابتهل عن الهضاب " وقال المولى المجلسى: يستحب أن يكون الوقوف في سفح الجبل والمكان المستوى.

وقوله: " واتق الاراك " الاراك كسحاب: القطعة من الارض وموضع بعرفة كما في القاموس ولا خلاف في أن الاراك من حدود عرفة وليس بداخل فيها.

والخبر إلى هنا من خبر معاوية بن عمار والبقية يمكن أن يكون من تتمة هذا الخبر أو يكون في خبر آخر عن معاوية بن عمار أيضا كما نقل نحوه الشيخ في ذيل خبر في التهذيب عن معاوية بن عمار، وأيضا روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٩٧ في حديث عن سماعة بن مهران عن أبى عبدالله عليه السلام هكذا " اتق الاراك ونمرة وهى بطن عرنة وثوية وذا المجاز، فانه ليس من عرفة فلا تقف فيه ".

٤٦٥

تحت الاراك - "(١) .

٢٩٨٢ - و " وقف النبي صلى الله عليه وآله بجمع فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته فأهوى بيده وهو واقف فقال: إني وقفت وكل هذا موقف(٢) ".

٢٩٨٣ - وقال الصادق عليه السلام: " كان أبي عليه السلام يقف بالمشعر الحرام حيث يبيت(٣) ".

ويستحب للصرورة أن يطأ المشعر برجله أو يطأه ببعيره(٤) .

ويستحب للصرورة أن يدخل البيت(٥) .

باب التقصير في الطريق إلى عرفات

٢٩٨٤ - روى معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: إن أهل مكة

___________________________________

(١) روى الكلينى ج ٤ ص ٤٦٣ بسند ضعيف عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " ان النبى صلى الله عليه وآله قال: ان أصحاب الاراك لا حج لهم يعنى الذين يقفون عند الاراك " وروى الشيخ في الموثق عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا ينبغى الوقوف تحت الاراك فاما النزول تحته حتى تزول الشمس وتنهض إلى الموقف فلا بأس " (التهذيب ج ١ ص ٤٩٨).

(٢) تقدم الكلام فيه.

(٣) يدل على الاستحباب لما رواه الكلينى ج ٤ ص ٤٦٩ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " اصبح على طهر بعد ما تصلى الفجر فقف ان شئت قريبا من الجبل وان شئت حيث شئت الخبر ".

(٤) روى الكلينى ج ٤ ص ٤٦٨ في الحسن كالصحيح عن الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام في حديث قال: " ويستحب للصرورة أن يقف على المشعر الحرام ويطأه برجله الحديث " وفى آخر حسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عنه عليه السلام في حديث " ثم أفض حين يشرق لك ثبير وترى الابل موضع أخفافها ".

(٥) روى الكلينى ج ٤ ص ٤٦٩ في مرسل عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " يستحب للصرورة أ؟ طأ المشعر الحرام وأن يدخل البيت ".

٤٦٦

يتمون الصلاة بعرفات، فقال: ويلهم - أو ويحهم - وأي سفر أشد منه، لا يتم(١) ".

باب اسم الجبل الذى يقف عليه الناس بعرفة

٢٩٨٥ - سئل الصادق عليه السلام " ما اسم جبل عرفة الذي يقف عليه الناس؟ فقال: ألال(٢) ".

باب كراهة المقام عند المشعر بعد الافاضة

٢٩٨٦ - روى أبان، عن عبدالرحمن بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام " أنه كره أن يقيم عند المشعر بعد الافاضة".

ولا يجوز للرجل الافاضة منها قبل طلوع الشمس(٣) ، ولا من عرفات قبل قبل غروبها فيلزمه دم شاة(٤) .

___________________________________

(١) تقدم تحت رقم ١٣٠١ مع بيانه في المجلد الاول ص ٤٤٧.

(٢) " الال " بالفتح وآخره لام بوزن حمام ويروى بالكسر بوزن بلال: جبل بعرفات.

قيل: جبل رمل بعرفات عليه يقوم الامام.

وقيل: عن يمين الامام، وقيل: هو جبل عرفة نفسه، وقيل: سمى ألالا لان الحجيج إذا رأوه ألو أى اجتهدوا ليدركوا الوقوف.(المراصد) قال النابغة: بمصطحبات من لصاف وثبرة * يزرن ألالا سيرهن التدافع

(٣) روى الكلينى ج ٤ ص ٤٧٠ في الحسن كالصحيح عن هشام بن الحكم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا تجاوز وادى محسر حتى تطلع الشمس " وفى الموثق عن اسحاق بن عمار قال: " سألت أبا ابراهيم عليه السلام أى ساعة أحب اليك أن أفيض من جمع فقال: قبل أن يطلع الشمس بقليل فهى أحب الساعات إلى، قلت: فان مكثنا حتى تطلع الشمس، قال: ليس به بأس " وتقدم خبر معاوية بن عمار " ثم أفض حين يشرق لك ثبير وترى الابل موضع أخفافها ".

(٤) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٩٩ عن ضريس الكناسى عن أبى جعفر عليه السلام قال: " سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس؟ قال: عليه بدنة ينحرها يوم النحر فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوم بمكة أو في الطريق أو في أهله " وفى الصحيح عن مسمع ابن عبدالملك عن أبى عبدالله عليه السلام " في رجل أفاض من عرفات قبل غروب الشمس، قال: ان كان جاهلا فلا شئ عليه وان كان متعمدا فعليه بدنة " والمشهور لزوم البدنة ومستندهم الخبران وأمثالهما ونسبت الشاة إلى ابن بابويه، وروى المؤلف تحت رقم ٢٩٩٤ ما يدل على أن من أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة ".

٤٦٧

باب السعى في وادى محسر

٢٩٨٧ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا مررت بوادي محسر(١) - وهو واد عظيم بين جمع ومنى وهو إلى منى أقرب - فاسع فيه حتى تجاوزه، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله حرك ناقته فيه وقال: اللهم سلم عهدي(٢) واقبل توبتي، وأجب دعوتي، واخلفني بخير فيمن تركت بعدي(٣) ".

٢٩٨٨ - وروى محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن عليه السلام قال: " الحركة في وادي محسر مائة خطوة(٤) ".

٢٩٨٩ - وفي حديث آخر " مائة ذراع(٥) ".

___________________________________

(١) " محسر " بالضم ثم الفتح وكسر السين المشددة وراء واد بين منى ومزدلفة ليس من منى ولا من مزدلفة. (المراصد)

(٢) في الكافى ج ٤ ص ٤٧١ " اللهم سلم لى عهدى " أى اجعل ايمانى الذى عهدت معك في الميثاق سالما من شوائب الشرك الخفى والجلى ومن الالحاد في دينك، أو عهدى في المجئ إلى بيتك اجعله سالما من الفساد الصورى والمعنوى. (م ت)

(٣) أى بعد مجيئى إلى بيتك أو بعد مفارقتى للحياة (م ت) وقال في المدارك: المراد بالسعى هنا الهرولة وهى الاسراع في المشى للماشى، وتحريك الدابة للراكب، وأجمع العلماء كافة على استحباب ذلك، ولو ترك السعى فيه رجع فسعى استحبابا انتهى، وقال العلامة المجلسى: قوله " حرك ناقته " يدل على أن الراكب يركض دابته قليلا.

(٤) ظاهره أن طول وادى محسر مائة خطوة. (المرآة)

(٥) روى الكلينى ج ٤ ص ٤٧١ بسند مجهول عن عمر بن يزيد مقطوعا قال: " الرمل في وادى محسر قدر مائة ذراع " والرمل محركة الهرولة.

٤٦٨

وترك رجل السعي في وادي محسر فأمره أبوعبدالله بعد الانصراف إلى مكة أن يرجع فيسعى(١) .

باب ما جاء فيمن جهل الوقوف بالمشعر

٢٩٩٠ - في رواية علي بن رئاب أن الصادق عليه السلام قال: " من أفاض من عرفات مع الناس فلم يلبث معهم بجمع ومضى إلى منى متعمدا أو مستخفا فعليه بدنة "(٢) .

٢٩٩١ - وروى يونس بن يعقوب عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " رجل أفاض من عرفات فمر بالمشعر فلم يقف حتى انتهى إلى منى فرمى الجمرة ولم يعلم

___________________________________

(١) روى الكلينى ج ٤ ص ٤٧٠ في الحسن عن حفص بن البخترى وغيره عن أبى عبدالله عليه السلام أنه قال لبعض ولده.

" هل سعيت في وادى محسر؟ فقال: لا، قال: فأمره أن يرجع حتى يسعى: قال له ابنه: لا أعرفه، فقال له: سل الناس " وفى آخر مرسل قال: " مر رجل بوادى محسر فأمره أبو عبدالله عليه السلام بعد الانصراف إلى مكة أن يرجع فيسعى ".

(٢) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤٧٣ عن سهل بن زياد عن على بن رئاب عن حريز عنه عليه السلام، وقال الشهيد في الدروس: الوقوف بالمشعر ركن أعظم من عرفة عندنا فلو تعمد تركه بطل حجه، وقول ابن الجنيد بوجوب البدنة لا غير ضعيف ورواية حريز بوجوب البدنة على متعمد تركه أو المستخف به متروكة محمولة على من وقف به ليلا قليلا ثم مضى ولو تركه نسيانا فلا شئ عليه إذا كانت وقف بعرفات اختيارا فلو نسيهما بالكلية بطل حجه وكذا الجاهل، ولو ترك الوقوف بالمشعر جهلا بطل حجه عند الشيخ في التهذيب ورواية محمد بن يحيى (*) بخلافه وتأولها الشيخ على تارك كمال الوقوف جهلا وقد أتى باليسير منه انتهى.

(*) روى الكلينى في الحسن كالصحيح ج ٤ ص ٤٧٣ عن محمد بن يحيى الخثعمى عن أبى عبدالله عليه السلام أنه قال " في رجل لم يقف بالمزدلفة ولم يبت بها حتى أتى منى فقال: ألم ير الناس ولم ينكر [يذكر خ ل] منى حين دخلها؟ قلت: فان جهل ذلك، قال: يرجع، قلت: ان ذلك قد فاته، قال: لا بأس ".

٤٦٩

حتى ارتفع النهار، قال: يرجع إلى المشعر فيقف، ثم يرمي الجمرة "(١) .

٢٩٩٢ - وروى محمد بن حكيم قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " الرجل الاعمى(٢) والمرأة الضعيفة يكونان مع الجمال الاعرابي فإذا أفاض بهم من عرفات مر بهم كما هم إلى منى ولم ينزل بهم جميعا، فقال: أليس قد صلوا بها، فقد أجزأهم، قلت: فإن لم يصلوا بها؟ قال: ذكروا الله عزوجل فيها فان كانوا قد ذكروا الله عزوجل فيها فقد أجزأهم"(٣) .

وروي فيمن جهل الوقوف بالمشعر أن القنوت في صلاة الغداة بها يجزيه وأن اليسير من الدعاء يكفي(٤) .

باب من رخص له التعجيل من المزدلفة قبل الفجر

٢٩٩٣ - روى ابن مسكان، عن أبي بصير قال: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول:

___________________________________

(١) يدل على أن الجاهل معذور والرجوع لادراك اضطرارى المشعر يكون قبل الزوال.

(٢) في بعض النسخ " الاعجمى ".

(٣) يدل على معذورية الجاهل والضعيف عن معارضة الجمال والاجتزاء بالصلاة في المشعر أو الذكر كما قال الله تعالى " فاذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ".

(٤) روى الكلينى ج ٤ ص ٤٧٢ بسند فيه محمد بن سنان عن ابن مسكان، عن أبى بصير قال: " قلت لابى عبدالله عليه السلام: جعلت فداك ان صاحبى هذين جهلا أن يقفا بالمزدلفة فقال: يرجعان مكانهما فيقفان بالمشعر ساعة: قلت: فانه لم يخبرهما أحد حتى كان اليوم وقد نفر الناس، قال: فنكس رأسه ساعة ثم قال: أليسا قد صليا الغداة بالمزدلفة؟ قلت: بلى فقال: أليسا قد قنتا في صلاتهما؟ قلت: بلى، فقال: تم حجهما، ثم قال: المشعر من المزدلفة والمزدلفة من المشعر وانما يكفيهما اليسير من الدعاء " قال العلامة المجلسى: قوله عليه السلام " من المزدلفة " لفظ " من " اما للابتداء أى لفظ المشعر مأخوذ من المكان المسمى بالمزدلفة وكذا العكس، أو للتبعيض أى لفظ المشعر من أسماء المزدلفة أى المكان المسمى بها وبالعكس وعلى التقديرين المراد أن المشعر الذى هو الموقف مجموع المزدلفة لاخصوص المسجد وان كان قد يطلق عليه.

٤٧٠

لا بأس بأن تقدم النساء إذا زال الليل فيقفن عند المشعر الحرام ساعة، ثم ينطلق بهن إلى منى فيرمين الجمرة(١) ثم يصبرن ساعة، ثم يقصرن وينطلق بهن إلى مكة فيطفن إلا أن يكن يردن أن يذبح عنهن فإنهن يوكلن من يذبح عنهن"(٢) .

٢٩٩٤ - وروى علي بن رئاب، عن مسمع عن أبي إبراهيم عليه السلام " في رجل وقف مع الناس بجمع ثم أفاض قبل أن يفيض الناس، قال: إن كان جاهلا فلا شئ عليه وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة "(٣) .

باب ما جاء فيمن فاته الحج

٢٩٩٥ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " من أدرك جمعا فقد

___________________________________

(١) أى جمرة العقبة.

(٢) روى الكلينى ج ٤ ص ٤٧٤ في الصحيح عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " رخص رسول الله صلى الله عليه وآله للنساء والصبيان أن يفيضوا بليل ويرموا الجمار بليل وأن صلوا الغداة في منازلهم فان خفن الحيض مضين إلى مكة ووكلن من يضحى عنهن " وفى الحسن عن أبى بصير عنه عليه السلام قال: " رخص رسول الله صلى الله عليه وآله للنساء والضعفاء أن يفيضوا من جمع بليل وأن يرموا الجمرة بليل، فان أرادوا أن يزوروا البيت وكلوا من يذبح عنهن ".

وفى الشرايع: " و يجوز الاضافة قبل الفجر للمرأة ومن يخاف على نفسه من غير جبران " وقال في المدارك: هذا الحكم مجمع عليه بين الاصحاب بل قال في المنتهى ويجوز للخائف والنساء ولغيرهم من أصحاب الاعذار ومن له ضرورة الافاضة قبل طلوع الفجر من مزدلفة، وهو قول من يحفظ عنه العلم، ثم استدل بهذه الروايات وما شاكلها.

(٣) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤٧٣ في الصحيح عن مسمع عن أبى عبدالله عليه السلام ولعل السهو من النساخ.

وقال العلامة المجلسى رحمه الله: اختلف الاصحاب في أن الوقوف بالمشعر ليلا واجب أو مستحب وعلى التقديرين يتحقق به الركن، فلو أفاض قبل الفجر عامدا بعد أن كان به ليلا ولو قليلا لم يبطل حجه وجبره بشاة على المشهور بين الاصحاب، وقال ابن ادريس: من أفاض قبل الفجر عامدا مختارا يبطل حجه.

ولا خلاف في عدم بطلان حج الناسى بذلك وعدم وجوب شئ عليه ولا في جواز افاضة اولى الاعذار قبل الفجر واختلف في الجاهل وهذا الخبر يدل على أنه كالناسى.

٤٧١

أدرك الحج(١) ، وقال: أيماء قارن أو مفرد أو متمتع قدم وقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل، قال: وقال في رجل أدرك الامام وهو بجمع، فقال: إن ظن أنه يأتي عرفات فيقف بها قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها(٢) ، فإن ظن أنه لا يأتيها حتى يفيضوا فلا يأتيها(٣) وقد تم حجه ".

٢٩٩٦ - وروى ابن محبوب عن داود الرقي قال: " كنت مع أبي عبدالله عليه السلام بمنى إذ جاء رجل فقال: إن قوما قدموا(٤) وقد فاتهم الحج، فقال عليه السلام: نسأل الله العافية، أرى أن يهريق كل رجل منهم شاة ويحلوا(٥) وعليهم الحج من قابل

___________________________________

(١) " أدرك جمعا " أى وقوقه الاختيارى أو الاعم منه ومن الاضطرارى ولعله أظهر و أقسام الوقوفين بالنسبة إلى الاختيارى والاضطرارى ثمابية، أربعة مفردة وأربعة مركبة والصور كلها مجزية الا اضطرارى عرفة فانه غير مجز قولا واحدا وكذا الاختيارى على الاظهر وان كان الاشهر الاجزاء وفى الاضطراريين واضطرارى المشعر خلاف وظاهر الاخبار الصحيحة الاجزاء.

(٢) فليأت عرفات حيث انه يدرك الموقف الاضطرارى في عرفات والاختيارى في المشعر.

(٣) في الكافى " فلا يأتها وليقم بجمع فقد تم حجه " فيستفاد منه أن اختيارى المشعر مقدم على اضطرارى عرفة، وقال العلامة المجلسى: ولا ريب فيه وانما الاشكال فيما إذا تعارض الاضطراريان ولعل تقديم اضطرارى المشعر أولى لدلالة الاخبار على ادراك الحج بادراكه دون اضطرارى عرفة.

(٤) في الكافى ج ٤ ص ٤٧٥ " قدموا يوم النحر وقد فاتهم الحديث " فاختلف الحكم فيه لان من قدم يوم النحر وأدرك المشعر الحرام قبل الزوال فقد أدرك الحج لان اضطرارى المشعر (يعنى الوقوف فيه آناما) كان من طلوع الشمس إلى زوال يوم النحر.

(٥) أجمع علماؤنا على أن من فاته الحج تسقط عنه بقية أفعاله ويتحلل بعمرة مفردة، وصرح في المنتهى وغيره بأن معنى تحلله بالعمرة أنه ينقل احرامه بالنية من الحج إلى العمرة المفردة ثم يأتى بأفعالها، ويحتمل قويا انقلاب الاحرام اليها بمجرد الفوات كما هو الظاهر القواعد والدروس، ولا ريب أن العدول أولى وأحوط، وهذه العمرة واجبة بالفوات فلا تجزى عن عمرة الاسلام، وهل يجب الهدى على فائت الحج؟ قيل: لا وهو المشهور وحكى الشيخ قولا بالوجوب للامر به في رواية الرقى ولم يعمل به أكثر المتأخرين لضعف الخبر عندهم. (المرآة)

٤٧٢

إن انصرفوا إلى بلادهم(١) ، وإن أقاموا حتى تمضي أيام التشريق بمكة ثم خرجوا(٢) إلى وقت أهل مكة فأحرموا منه واعتمروا فليس عليهم الحج من قابل ".

باب أخذ حصى الجمار من الحرم وغيره

٢٩٩٧ - روى حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " يجزيك أن تأخذ حصى الجمار من الحرم كله إلا من مسجد الحرام ومسجد الخيف "(٢) .

___________________________________

(١) حمله الشيخ على حج التطوع وحمل الحج من قابل على الاستحباب، واحتمل في الاستبصار ج ٢ ص ٣٠٨ حمله على من اشترط في حال الاحرام فانه إذا كان كذلك لم يلزمه الحج من قابل.

وقال الفيض: " ذلك لانه لا بد لمن أتى مكة من اتيانه باحدى العبادتين ولهذا يقول في شرطه حين يحرم " وان لم يكن حج فعمرة " أقول: استدل الشيخ في الاستبصار على حمله هذا بصحيحة ضريس بن أعين قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل خرج متمتعا بالعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة الا يوم النحر، فقال: يقيم على احرام ويقطع التلبية حين يدخل مكة ويطوف ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق رأسه وينصرف إلى أهله ان شاء، وقال: هذا لمن اشترط على ربه عند احرامه، فان لم يكن فان عليه الحج من قابل " واعترض عليه العلامة رحمهما الله بأن الحج الفائت ان كان واجبا لم يسقط بمجرد الاشتراط وان لم يكن واجبا لم يجب بترك الاشتراط.

وقال الفاضل التفرشى: في هذا الحديث منافاة للحديث السابق حيث كان فيه ان من فاته الحج كان احلاله بالعمرة، وفى هذا الحديث انه يحل بالشاة، وفيه اشكال آخر وهو أن هذا الحج ان كان واجبا فكيف يسقط عنهم بالعمرة وان لم يكن واجبا فكيف يجب عليهم من قابل إذا انصرفوا إلى بلادهم، ويمكن دفع المنافاة بحمل فوت الحج في هذا الحديث على فوته بالمرض وفى الحديث الاول على فوته بمنع العدو عنه، ويمكن رفع الاشكال بحمل الحج على المندوب وحمل قوله عليه السلام " وعليهم الحج من قابل " على تأكيد الاستحباب لتحصيل ثواب الحج دون الوجوب وحمل قوله عليه السلام " وان أقاموا الخ " على أن ثواب تلك العمرة يقوم مقام ثواب الحج من قابل.

(٢) في الكافى " ثم يخرجوا ".

وقوله " وقت " أهل مكة أى ميقاتهم.

(٣) ظاهره جواز الاخذ من غيرهما من المساجد، لكن الوجه في تخصيص المسجدين لانهما الفرد المعروف من المساجد التى كانت في الحرم أو لكونهما موردين للحاج لا انحصار الحكم فيهما، وفى الكافى ج ٤ ص ٤٧٨ في القوى عن حريز عمن أخبره عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سألته من أين ينبغى أخذ حصى الجمار؟ قال: لا تأخذه من موضعين: من خارج الحرم، ومن حصى الجمار، ولا بأس بأخذه من سائر الحرم " وهذا الخبر وخبر المتن كل منهما مخصص للاخر بوجه، ويدل على وجوب كون الحصاة أبكارا لم يرم بها صحيحا قبل ذلك وعليه فتوى الاصحاب.

٤٧٣

باب ما جاء فيمن خائف الرمى أو زاد أو نقص

٢٩٩٨ - روى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " ذهبت أرمي فإذا في يدي ست حصيات، فقال: خذ واحدة من تحت رجليك "(١) .

٢٩٩٩ - وفي خبر آخر: " ولا تأخذ من حصى الجمار -(٢) الذي قد رمي - ".

٣٠٠٠ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل أخذ إحدى وعشرين حصاة فرمى بها وزادت واحدة ولم يدر أيهن نقصت، قال: فليرجع فليرم كل واحدة بحصاة، وإن سقطت من رجل حصاة ولم يدر أيتهن هي فليأخذ من تحت قدميه حصاة فيرمي بها، قال: فإن رميت بحصاة فوقعت في محمل فأعد مكانها، وإن أصابت إنسانا أو جملا ثم وقعت على الجمار أجزأك(٣) .

وقال في رجل رمى الجمار فرمى الاولى بأربع حصيات ثم رمى الاخيرتين بسبع سبع، قال: يعود فيرمى الاولى بثلاث وقد فرغ(٤) ، وإن كان رمى الوسطى بثلاث ثم رمى الاخرى فليرم الوسطى

___________________________________

(١) محمول على ما إذا لم يعلم أنها من حصيات المرمية، وعدم العلم كاف ولا يحتاج إلى العلم بالعدم.

(٢) رواه الكلينى في القوى من حديث عبدالاعلى عن الصادق عليه السلام في خبر بهذا اللفظ والظاهر أن التوضيح من المصنف.

وتقدم نحوه في خبر حريز المنقول في الهامش.

(٣) لانه بفعلك بخلاف ما تممت بفعل آخر.

(٤) لا خلاف بين الاصحاب ظاهرا في عدم لزوم استيناف ما جاوز النصف ولا ما بعده إذا كان ناسيا أو جاهلا، ولو لم يتجاوز في الاول النصف فلا خلاف في استيناف ما بعده، والمشهور استيناف الاول أيضا، وذهب ابن ادريس إلى عدم وجوب استيناف الاول بل يكفى البناء على الاول عنده والخبر في الكافى بزيادة ههنا وهى " وان كان رمى الاولى بثلاث ورمى الاخيرتين بسبع سبع فليعد وليرمهن جميعا بسبع سبع ".

٤٧٤

بسبع(١) ، وإن كان رمى الوسطى بأربع رجع فرمى بثلاث(٢) قال: قلت: الرجل يرمي الجمار منكوسة، قال: يعيدها على الوسطى وجمزة العقبة "(٣) .

٣٠٠١ - وروى محمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال في الخائف: " لا بأس بأن يرمي الجمار بالليل، ويضحي بالليل، ويفيض بالليل "(٤) .

٣٠٠٢ - وسأله معاوية بن عمار " عن امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتى نفرت إلى مكة، قال: فلترجع فترمي الجمار كما كانت ترمي، والرجل كذلك "(٥) .

___________________________________

(١) أى لا يحتاج إلى رمى الاولى فانها قد تمت، لا أنها لا تحتاج إلى رمى الاخرى لانه لم يحصل الترتيب بين الوسطى والعقبة بخلاف مالو تجاوز النصف. (م ت)

(٢) فلا يحتاج إلى رمى الاخير. (م ت)

(٣) قوله " قلت الرجل الخ " نقله الكلينى بلفظ أبسط وزاد في آخره بعد قوله " وجمرة العقبة " " وان كان من الغد ".

(٤) يدل على أنه يجوز لذوى الاعذار ايقاع تلك الافعال في الليل وظاهره الليلة المتقدمة (المرآة) وقال الفاضل التفرشى: الظاهر أن المراد بالليل الحادى عشر وما بعدها اذ لو كان المراد ليلة النحر كانت الافاضة من المشعر بالليل فكان المناسب تقديم الافاضة على الرمى و التضحية انتهى، أقول: تعميم الحكم لذوى الاعذار مطلقا وحمل الاخبار على المثال من دون لحاظ الخصوصية مشكل حيث ان بعض المذكورات التى تأتى تحت رقم ٣٠٠٤ في خبر أبى بصير كالحاطبة والمملوك وما في موثق سماعة في التهذيب ج ١ ص ٥٢١ من الراعى والعبد ليس معذورا بنظر العرف فالتعدى عن مورد النصوص إلى كل عذر عرفى مشكل.

(٥) اطلاق الرواية يقتضى وجوب الرجوع من مكة والرمى وان كان بعد انقضاء أيام التشريق، لكن صرح الشيخ وغيره بأن الرجوع انما يجب مع بقاء أيام التشريق ومع خروجها يقضى في القابل، وظاهر الاكثر أن القضاء في القابل على الاستحباب، وقال جماعة بالوجوب بنفسه ان أمكن والا استناب. قاله في المدارك.

٤٧٥

٣٠٠٣ - ورو عنه عبدالله بن سنان " في رجل أفاض من جمع حتى انتهى إلى فعرض له شئ فلم يرم الجمرة حتى غابت الشمس، قال: يرمي إذا أصبح مرتين إحديهما بكرة وهي للامس، والاخرى عند زوال الشمس "(١) .

باب الذين آطلق لهم الرمى بالليل

٣٠٠٤ - روى وهيب بن حفص(٢) عن أبي بصير قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الذي ينبغي له أن يرمي بالليل من هو؟ قال: الحاطبة(٣) والمملوك الذي لا يملك من أمره شئ، والخائف، والمدين، والمريض الذى لا يستطيع أن يرمي يحمل إلى الجمار فإن قدر على أن يرمي وإلا فارم عنه وهو حاضر "(٤) .

باب الرمى عن العليل والصبيان

٣٠٠٥ - روى معاوية بن عمار، وعبدالرحمن بن الحجاج عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " الكسير والمبطون يرمى عنهما، قال: والصبيان يرمى عنهم ".

٣٠٠٦ - وسأل إسحاق بن عمار أبا الحسن موسى عليه السلام " عن المريض يرمى

_____________________________

(١) الطريق صحيح ورواه الكلينى أيضا في الصحيح وزاد في آخره " وهى ليومه " و الخبر يدل على وجوب القضاء والابتداء بالفائت وعليه الاصحاب، وعلى استحباب الفصل بينه وبين الاداء.

(٢) في الطريق اليه محمد بن على والظاهر كما نص عليه الاردبيلى أنه أبوسمينة الصيرفى وهو ضعيف لا يعتمد على شئ كما في الخلاصة.

(٣) كذا في بعض النسخ بمعنى الحطاب الذى يجلب الحطب، وفى بعضها بالخاء المعجمة.

وقال سلطان العلماء: ولعل المراد من خطبها رجل فيستحيى فيكون اسم الفاعل بمعنى المفعول.

وقال الفاضل التفرشى نظيره.

(٤) المريض مبتدأ خبره " يحمل إلى الجمار ".

٤٧٦

عنه الجمار؟ قال: نعم يحمل إلى الجمرة ويرمى عنه، قلت: لا يطيق ذلك، فقال: يترك في منزله ويرمى عنه "(١) .

باب ما جاء فيمن بات ليالى منى بمكة  (٢)

٣٠٠٧ - روى ابن مسكان، عن جعفر بن ناجية عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عمن بات ليالي منى بمكة، فقال: عليه ثلاثة من الغنم يذبحهن "(٣) .

___________________________________

(١) المشهور وجوب الاستنابة مع العذر وحملوا الحمل إلى الجمرة على الاستحباب جمعا.(المرآة)

(٢) يجب أن يبيت المتقى عن الصيد والنساء في احرامه ليلة الحادى عشر والثانى عشر بمنى وغير المتقى الليلتين مع ليلة الثالث، ولا يجوز أن يبيت في غيرها فليزمه لكل ليلة دم شاة الا أن يكون مشتغلا بالعبادة بمكة أو كان فيها أكثر الليل. (م ت)

(٣) حمل على من غربت الشمس في الليلة الثالثة وهو بمنى أو من لم يتق الصيد والنساء وادعى الاجماع على وجوب المبيت بمنى ليلة الحادى عشر والثانى عشر، وقد حكى عن تبيان الشيخ ومجمع الطبرسى - قدس سرهما - القول باستحباب المبيت وهو نادر فان تم الاجماع فلا كلام فيه والا فاستفادة الوجوب من كثير من الاخبار التى استدلوا بها مشكلة حيث يظهر ن بعضها كالخبر الاتى أنه مع الاشتغال بطاعة الله تعالى ولو كان بالعبادات المستحبة لا شئ عليه ولا يسقط الفرض بالنفل كما هو المعروف، ولا تنافى بين لزوم الدم وعدم وجوب المبيت وفى الحج موارد تجب فيها التذكرة مع عدم حرمة ما يوجبها نعم ما روى من طريقنا وطرق العامة " أنه لم يرخص النبى صلى الله عليه وآله لاحد أن يبيت بمكة الا للعباس من أجل سقايته (*) " بمفهومه في الجملة يؤيد القول بالوجوب وكذا صحيح معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام " لا تبت ليالى التشريق الا بمنى فان بت في غيرها فعليك دم الخ " و أما ما روى الشيخ ج ١ ص ٥٢٠ من التهذيب في الصحيح عن العيص بن القاسم عن أبى عبدالله عليه السلام " عن رجل فاتته ليلة من ليالى منى، قال: ليس عليه شئ وقد أساء " فلا يدل على الوجوب لجواز حمل الاساء‌ة على الكراهة كما يظهر من صحيحة سعيد بن يسار قال: " قلت لابى عبدالله عليه السلام فاتتبى ليلة المبيت بمنى من شغل، فقال: لا بأس ".

(*) راجع علل الشرايع ج ٢ ب ٢٠٧ وصحيح مسلم ج ٤ ص ٨٦ والبخارى كتاب ٢٥ ب ٧٥ وموطأ مالك باب البيتوتة بمكة ليالى منى وسنن أبى داود ج ١ ص ٤٥٤.

٤٧٧

٣٠٠٨ - وسأله معاوية بن عمار " عن رجل زار البيت فلم يزل في طوافه ودعائه والسعي والدعاء حتى طلع الفجر، قال: ليس عليه شئ(١) كان في طاعة الله عزوجل ".

٣٠٠٩ - وروى عنه جميل بن دراج أنه قال: " إذا خرجت من منى قبل غروب الشمس فلا تصبح إلا بها ".

٣٠١٠ - وروى عنه عليه السلام جعفر بن ناجية أنه قال: " إذا خرج الرجل من منى أول الليل فلا ينتصف له الليل إلا وهو بمنى(٢) ، وإذا خرج بعد نصف الليل فلا بأس أن يصبح بغيرها ".

٣٠١١ - وقال الصادق عليه السلام: " لا تدخلوا منازلكم بمكة إذا زرتم - يعني أهل مكة - "(٣) .

٣٠١٢ - وروى ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا زار الحاج من منى فخرج من مكة فجاز بيوت مكة(٤) فنام ثم أصبح قبل أن يأتي منى فلا شئ عليه"(٥) .

___________________________________

(١) الظاهر أن يكون النظر إلى الدم، ولا يبعد أن يكون النظر إلى سقوط المبيت و يؤيده ترخيص النبى صلى الله عليه وآله للعباس.

(٢) قوله " فلا ينتصف " على صيغة نهى الغائب من قبيل " لا تمت وأنت ظالم " أى ليكن على حال لا ينتصف الليل الا وهو بمنى. (مراد)

(٣) رواه الكلينى في الموثق كالصحيح ج ٤ ص ٥١٥ عن ابن بكير عمن أخبره وحمله الشيخ في التهذيبين على الفضل والاستحباب دون الحظر والايجاب (الوافى) وقال صاحب الوسائل: محمول على الكراهة أو على الدخول مع النوم.

(٤) أى حالكونه جائيا من منى إلى مكة للزيارة فزار وخرج من مكة فجاز بيوتها.

(٥) اعلم أن أقصى ما يستفاد من الروايات ترتب الدم على مبيت الليالى المذكورة في غير منى بحيث يكون خارجا عنها من أول الليل إلى آخره بل أكثر الاخبار المعتبرة انما يدل على ترتب الدم على مبيت هذه الليالى بمكة كرواية هشام بن الحكم وغيرها والمسألة قوية الاشكال. (المدارك)

٤٧٨

باب اتيان مكة بعد الزيارة للطواف

٣٠١٣ - روى جميل عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " لا بأس أن يأتي الرجل مكة فيطوف أيام منى ولا يبيت بها".

٣٠١٤ - وسأله ليث المرادي(١) " عن الرجل يأتي مكة أيام منى بعد فراغه من زيارة البيت فيطوف بالبيت تطوعا؟ فقال: المقام بمنى أحب إلى "(٢) .

باب النفر الاول والاخير

٣٠١٥ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا أردت أن تنفر في يومين(٣) فليس لك أن تنفر حتى تزول الشمس(٤) ، فإن تأخرت إلى آخر أيام التشريق وهو يوم النفر الاخير فلا عيلك أي ساعة نفرت ورميت قبل الزوال أو بعده ".

٣٠١٦ - قال(٥) : " وسمعته يقول: في قول الله عزوجل: " فمن تعجل في يومين إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى " فقال: يتقى الصيد حتى ينفر

___________________________________

(١) لم يذكر المصنف طريقه اليه ورواه الكلينى ج ٤ ص ٥١٥ عن المفضل بن صالح الضعيف عنه عن أبى عبدالله عليه السلام وكذا الشيخ في التهذيبين.

(٢) في الكافى والتهذيبين " المقام بمنى أفضل وأحب إلى ".

(٣) أى بعد مضى يومين من يوم النحر وهو يوم الثانى عشر من ذى الحجة.

(٤) فلا يجوز قبله وهو المشهور بل قيل انه اجماع.

لكن في خبر زرارة المروى في التهذيب ج ١ ص ٥٢٤ عن أبى جعفر عليه السلام قال: " لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الاول قبل الزوال " وحمله الشيخ على حال الضرورة دون حال الاختيار، وفى سنده ضعف و جهالة ولم يثبت الجابر.

(٥) أى قال معاوية بن عمار.

٤٧٩

أهل منى في النفر الاخير "(١) .

٣٠١٧ - وفي رواية ابن محبوب، عن أبي جعفر الاحوال، عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " لمن اتقى الرفث والفسوق والجدال وما حرم الله عليه في إحرامه "(٢) .

٣٠١٨ - وفي رواية علي بن عطية، عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: " لمن اتقى الله عزوجل(٣) ".

٣٠١٩ - وروي أنه " يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته امه "(٤) .

٣٠٢٠ - وروي " من وفي [لله] وفي الله له "(٥) .

٣٠٢١ - وفي رواية سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة عن أبي - عبدالله عليه السلام " في قول الله عزوجل: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه " يعنى من مات فلا إثم عليه، ومن تأخر أجله فلا إثم عليه لمن اتقى الكبائر "(٦) .

___________________________________

(١) أى يجوز أن يعجل إذا اتقى الصيد حتى ينفر أهل منى في النفر الاخير، والمشهور أن المراد أن التخيير لمن اتقى في احرامه عن الصيد والنساء، ويمكن تعميم هذا الخبر بحيث يشمل ما قبله أيضا. (م ت)

(٢) أى عدم الاثم، أو التخيير، أو التعجيل لمن اتقى الرفث وأخويه وسائر المحرمات في حال الاحرام.

(٣) أى التخيير أو التعجيل أو عدم الاثم لمن كان متقيا قبل حجه أو مطلقا كقوله تعالى " انما يتقبل الله من المتقين ".

(٤) يؤيد عدم الاثم، ورواه الكلينى ج ٤ ص ٢٥٢ باسناده عن عبدالاعلى عن أبى عبدالله عليه السلام في حديث.

(٥) يعنى وفى لله بقوله تعالى " فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، ووفى الله له " بقوله " فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه " فعلى هذا يكون المراد بالتقوى تقوى الاحرام فيكون كخبر سلام بن المستنير الذى رواه الكلينى بلفظ آخر في باب ما ينبغى تركه للمحرم من الجدال.

(٦) رواه الكلينى ج ٤ ص ٥٢٢ في ضمن حديث طويل.

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640