من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه9%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267566 / تحميل: 8506
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الفصل الثالث و الخمسون في الفتن و الشبه و البدع

١٦١

١ في أوّل الباب الثالث من النهج باب المختار

من حكم امير المؤمنينعليه‌السلام و يدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله و الكلام القصير الخارج في ساير أغراضه .

قالعليه‌السلام :

كُنْ فِي اَلْفِتْنَةِ كَابْنِ اَللَّبُونِ لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ وَ لاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ قول المصنّف : « باب المختار » هو القسم الأخير من كتابه « من حكم أمير المؤمنينعليه‌السلام » اقتصر عليه في ( المصرية ) و زاد ابن أبي الحديد و ابن ميثم : « و مواعظه » و هو الصحيح لأصحية نسختيهما لا سيما الأخير الذي نسخته بخط المصنف .

و لأنّ فيه مواعظ كثيرة و منها في العنوان ( ١٥٠ ) كلامهعليه‌السلام لرجل سأله أن يعظه الذي قال المصنف فيه « و لو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة » .

١٦٢

و وصف الشعبي كلامهعليه‌السلام في الحكم و غيرها فقال : تكلّم أمير المؤمنينعليه‌السلام بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالا فقأن عيون البلاغة و أيتمن جواهر الحكمة و قطعن جميع الأنام عن اللحاق بواحدة منهن ، ثلاث منهن في الحكمة و ثلاث في المناجاة و ثلاث في الأدب ، أما اللائي في الحكمة فقال : قيمة كلّ امرى‏ء ما يحسنه ، و ما هلك امرؤ عرف قدره ، و المرء مخبوء تحت لسانه .

و أما اللائي في المناجاة فقال : اللّهم كفى بي عزّا أن أكون لك عبدا ، و كفى بي فخرا أن تكون لي ربا ، أنت كما أحب فاجعلني كما تحب و أما اللائي في الأدب فقال : امنن على من شئت تكن أميره ، و استغن عمّن شئت تكن نظيره و احتج إلى من شئت تكن أسيره(١) .

« و يدخل في ذلك المختار من أجوبة مسألته » ترى أجوبة مسألته في العناوين ( ١٦ ) ( ٣٠ ) ( ٩٤ ) ( ١٢٠ ) ( ١٥٠ ) ( ٢٢٧ ) ( ٢٢٩ ) ( ٢٣٥ ) ( ٢٦٦ ) ( ٢٨٧ ) ( ٢٩٤ ) ( ٣٠٠ ) ( ٣١٨ ) ( ٣٥٦ ) ( ٤٧٠ ) .

« و الكلام القصير » كان حاجب هشام بن عبد الملك يأمر منتجعيه بالإيجاز في الكلام ، فقام أعرابي فقال : إنّ اللَّه تعالى جعل العطاء محبة و المنع مبغضة فلأن نحبك خير من أن نبغضك فأعطاه و أجزل له .

« الخارج في سائر أغراضه » أي باقي مقاصده ، و الأصل في ( الغرض ) الهدف و ( سائر ) يأتي بمعنى الجميع و معنى الباقي ، و الأخير هو المراد هنا .

قوله « كن في الفتنة » الأصل في « الفتنة » قولهم « دينار مفتون » فتن بالنار ، و كلّ شي‏ء ادخل النار فقد فتن ، و قالوا « الناس عبيد الفتانين » أي الدرهم و الدينار .

« كابن اللبون » ابن اللبون : ولد الناقة الذكر إذا دخل في الثالثة ، لأن امّه

____________________

( ١ ) الخصال للصدوق : ١٨٦ .

١٦٣

وضعت غيره فصار لها لبن ، و الانثى بنت اللبون ، و يجمعان بنات اللبون .

« لا ظهر فيركب و لا ضرع فيحلب » نظيره قول حاجب بن زرارة في القعقاع :

ما هو رطب فيعصر و لا يابس فيكسر .

و في المثل : لا تكن حلوا فتزدرد و لا مرّا فتلفظ .

و من الأمثال في الاعتزال قولهم : لا ناقة لي في هذا و لا جمل و قالوا : ان كنت من أهل الفطن فلا تدر حول الفتن .

ثم كما لا ينتفع بابن اللبون لصغره كذلك بالثلب لكبره ، و هو الذي انكسرت أنيابه من شدّة هرمه ، و إنما الانتفاع الكامل بالناب الذي في وسط الشباب ، قال بعضهم :

ألم تر أن الناب يحلب علبة

و يترك ثلب لا ضراب و لا ظهر

قال ابن أبي الحديد : أيام الفتنة هي أيام الخصومة بين رئيسين ضالين يدعوان كلاهما إلى ضلالة ، كفتنة عبد الملك و ابن الزبير و فتنة مروان و الضحاك و فتنة الحجاج و ابن الأشعث ، و أما إذا كان أحدهما صاحب حق فليست أيام فتنة كالجمل و صفين(١) .

قلت : إن جانبوا العصبية و أرادوا فهم الحقيقة فأول أيام الفتنة أيام أوّلهم ، ففي ( الطبري ) : قال أبو مويهبة مولى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : بعث إليّ النبي من جوف الليل فقال : يا أبا مويهبة إنّي قد امرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال : السّلام عليكم أهل المقابر ، ليهن لكم ما أصبحتم ممّا أصبح الناس فيه ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أوّلها ، الآخرة شرّ من الاولى إلى أن قال ثم انصرف فبدأ

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٢ .

١٦٤

بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعه الذي قبض فيه(١) .

و في ( بلاغات نساء أحمد بن أبي طاهر البغدادي ) من رجالهم في ذكره خطبة سيّدة نساء العالمين باتفاق فرق المسلمين لما منعها أبو بكر فدك و في الخطبة : فأنقذكم اللَّه برسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد اللتيا و التي ، و بعد ما مني ببهم الرجال و ذؤبان العرب ، كلّما حشوا نارا للحرب أطفأها و نجم قرن للضلال و فغرت فاغرة من المشركين قذف بأخيه في لهواتها ، فلا ينكفي حتى يطأ صماخها بأخمصه و يخمد لهبها بحده ، مكدودا في ذات اللَّه قريبا من رسول اللَّه سيّدا في أولياء اللَّه ، و أنتم في بلهنية و ادعون آمنون ، حتى إذا اختار اللَّه تعالى لنبيه دار أنبيائه ظهرت خلّة النفاق و سمل جلباب الدين و نطق كاظم الغاوين و نبغ خامل الآفلين و هدر فنيق المبطلين ، فخطر في عرصاتكم و أطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم ، فوجدكم لدعائه مستجيبين و للغرة فيه ملاحظين ، فاستنهضكم فوجدكم خفافا و أحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير أبلكم و أوردتموها غير شربكم ، هذا و العهد قريب و الكلم رحيب و الجراح لما يندمل ، بدارا زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا و إنّ جهنم لمحيطة بالكافرين(٢) .

و روى الإسكافي منهم في نقضه ( عثمانية الجاحظ ) عن أبي رافع قال :

أتيت أبا ذر بالربذة اودّعه ، فلما أردت الانصراف قال لي و لا ناس معي :

ستكون فتنة فاتقوا اللَّه و عليكم بالشيخ علي بن أبي طالب فاتبعوه ، فإني سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول له : أنت أوّل من آمن بي و أوّل من يصافحني يوم القيامة ، و أنت الصدّيق الأكبر ، و أنت الفاروق الذي تفرّق بين الحق و الباطل ،

____________________

( ١ ) تاريخ الطبري ٢ : ٤٣٢ .

( ٢ ) بلاغات النساء لابن طيفور : ١٣ ١٤ .

١٦٥

و أنت يعسوب المؤمنين و المال يعسوب الكافرين ، و أنت أخي و وزيري و خير من أترك بعدي(١) .

ثم ما قاله ابن أبي الحديد : من فتنة الحجاج و ابن الأشعث خلاف عقيدة أهل نحلته ، فإنّ عندهم كان قيام ابن الأشعث فتنة ، و أمّا الحجاج فكان عامل من بايعه جميع الناس و كان عندهم خليفة حقّا و أميرا للمؤمنين به .

و كذلك قوله « فتنة عبد الملك و ابن الزبير » غير صحيح عند أهل ملته ، فانّه عندهم كان ابتداء ابن الزبير ولي اللَّه و عبد الملك عدوّ اللَّه ، و لما غلب عبد الملك صار هو ولي اللَّه و ابن الزبير عدوّ اللَّه(٢) .

ففي ( كامل المبرد ) : خرج مصعب بن الزبير إلى باجميراء ، ثم أتى الخوارج خبر مقتله بمسكن و لم يأت المهلب و أصحابه ، فتواقفوا يوما على الخندق ، فناداهم الخوارج : ما تقولون في المصعب ؟ قالوا : إمام هدى قالوا : فما تقولون في عبد الملك ؟ قالوا : ضالّ مضل فلما كان بعد يومين أتى المهلب قتل صعب و إنّ أهل الشام اجتمعوا على عبد الملك ، و ورد عليه كتاب عبد الملك بولايته ، فلما تواقفوا ناداهم الخوارج : ما تقولون في مصعب ؟ قالوا : لا نخبركم قالوا : فما تقولون في عبد الملك ؟ قالوا : إمام هدى قالوا : يا أعداء اللَّه بالأمس ضال مضل و اليوم امام هدى ، يا عبيد الدّنيا عليكم لعنة اللَّه(٣) .

و الخوارج و إن طعنوا عليهم بكون ما عليهم خلاف العقل و خلاف الفطرة التي فطر الناس عليها ، إلاّ أنّه يقال لهم : إنّ ذلك لازم لكم أيضا بموافقة العامة في إمامة صديقهم و صديقه ، فلا يمكن القول بالملزوم و ترك اللازم .

____________________

( ١ ) نقض العثمانية لأبي جعفر الإسكافي : ٢٩٠ ملحقة بالعثمانية .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٢ .

( ٣ ) الكامل في الأدب للمبرّد ٣ : ١١٠١ ١١٠٢ .

١٦٦

و أما قوله « إذا كان أحدهما صاحب حق فليست أيام فتنة كالجمل و صفين » فأيضا أهل ملّته غير معترفين به ، فهذا ابن عبد البر من أئمتهم قال في سعد بن أبي وقاص الذي لم يشهد الجمل و صفين مع أمير المؤمنينعليه‌السلام :

كان ممّن قعد و لزم بيته في الفتنة و أمر أهله أن لا يخبروه من أخبار الناس بشي‏ء حتى تجتمع الامة على إمام(١) .

و قال في ترجمة ابن فاروقهم : قيل لنافع : ما بال ابن عمر بايع معاوية و لم يبايع عليّا ؟ فقال : كان ابن عمر لا يعطي يدا في فرقة و لا يمنعها من جماعة ، و لم يبايع معاوية حتى اجتمعوا عليه(٢) .

قبّح اللَّه هذا الدين الذي يصير معاوية الذي كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعنه في غير موطن و عدوّ الدين أولى بالإمامة من أمير المؤمنينعليه‌السلام الذي جعله اللَّه تعالى في كتابه كنفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله .( و أنفسنا و أنفسكم . ) (٣) و جعله النبي بمنزلة نفسه في المتواتر منه في قوله للناس : من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه .

لا يقال : انّما قال « من كنت مولاه فعلي مولاه » لا ما قلت قلت : ما ذكرته ان لم يكن لفظه هو معناه ، ألم يكن قال تلك الجملة بعد قوله للناس « ألست بكم أولى من أنفسكم » و قول الناس له « بلى أنت أولى بنا من أنفسنا » فهل يصير معناها غير ما قلناه .

قبّح اللَّه هذا الدين الذي هو خلاف ناموس الإنسانية ، حتى ان الحجاج الذي قال عمر بن عبد العزيز الذي هو أحد خلفائهم : لو أنّ جميع الامم جاءت

____________________

( ١ ) الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر ٢ : ٦٠٩ .

( ٢ ) المصدر نفسه ٣ : ٩٥٣ .

( ٣ ) آل عمران : ٦١ .

١٦٧

يوم القيامة كلّ واحدة منهم بشرارهم و جئناهم بالحجاج لغلبنا جميعهم لم يرضه ، فقال الاسكافي أحد أئمتهم في نقض ( عثمانيته ) : امتنع ابن عمر من بيعة عليعليه‌السلام و طرق على الحجاج بابه ليلا ليبايع لعبد الملك كيلا يبيت تلك الليلة بلا إمام ، زعم لأنّه روي ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال « من مات و لا إمام له مات ميتة جاهلية »(١) و حتى بلغ من احتقار الحجاج له و استرذاله حاله أن أخرج رجله من الفراش فقال : اصفق بيدك عليها قال و رواه بعضهم و زاد : و لما خرج قال الحجاج : ما أحمق هذا يترك بيعة علي و يأتيني مبايعا في ليله .

٢ الخطبة ( ٩١ ) إِنَّ اَلْفِتَنَ

إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ نَبَّهَتْ يُنْكَرْنَ مُقْبِلاَتٍ وَ يُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ يَحُمْنَ حَوْلَ اَلرِّيَاحِ يُصِبْنَ بَلَداً وَ يُخْطِئْنَ بَلَداً أقول : رواه الثقفي في أول ( غاراته ) باسنادين عن زر بن حبيش عنهعليه‌السلام : الأول عن إسماعيل بن ابان عن عبد الغفار بن القاسم عن المنصور بن عمرو عن ذر و الثاني عن أحمد بن عمران الأنصاري عن أبيه عن أبن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن زر قال : خطب عليعليه‌السلام بالنهروان إلى أن قال فقام إليه رجل آخر فقال لهعليه‌السلام : حدّثنا عن الفتن قال : ان الفتن إذا أقبلت شبهت و إذا أدبرت نبهت ، يشبهن مقبلات و يعرفن مدبرات ، ان الفتن تحوم كالرياح يصبن بلدا و يخطئن اخرى(٢) .

« ان الفتن إذا أقبلت شبهت و إذا أدبرت نبهت » في ( نهاية الجزري ) : التشابه قسمان ، قسم إذا ردّ إلى المحكم يفهم معناه ، و قسم لا سبيل إلى معرفة

____________________

( ١ ) نقض العثمانية : ٣٠١ .

( ٢ ) الغارات للثقفي : ٧ .

١٦٨

حقيقته ، فالمتتبع له متتبع للفتنة ، لأنّه لا يكاد ينتهي إلى شي‏ء تسكن إليه نفسه ، و منه حديث ذكر فيه فتنة « تشبه مقبلة و تبين مدبرة » أي أنّها إذا أقبلت شبهت على القوم و أرتهم أنّهم على الحق حتى يدخلوا فيها و يركبوا منها ما لا يجوز ، فإذا أدبرت بان أمرها فعلم من دخل فيها أنّه كان على الخطأ(١) .

« ينكرن مقبلات و يعرفن مدبرات » قد عرفت أنّ ( غارات الثقفي ) رواه « يشبهن مقبلات و يعرفن مدبرات » .

« يحمن حول الرياح » هكذا في ( المصرية )(٢) ، و الصواب : « حوم الرياح » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(٣) ، مع أنّه لا معنى لما في ( المصرية ) ، فالفتن لا يدرن حول الرياح بل يدرن حول الناس دور الرياح ، من قولهم « حام الطائر حول الشي‏ء حوما » أي دار .

« يصبن بلدا و يخطئن اخرى » أي كما أن الرياح الشديدة تصيب بلدا و تخطى‏ء بلدا كذلك الفتن يصبن بلدا فيبتلى الناس بوخامتهن و يخطئن بلدا فيسلمون منها .

٣ الحكمة ( ٧٦ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ اَلْأُمُورَ إِذَا اِشْتَبَهَتْ اُعْتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوَّلِهَا كان العباسيون يدّعون إجراء العدالة إذا ظهروا إلاّ انّه كان حالهم في الآخر معلومة من أوّلها .

____________________

( ١ ) النهاية لابن الأثير للجزري ٢ : ٤٤٢ .

( ٢ ) الطبعة المصرية : ٢٣٤ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٤٤ الخطبة ( ١٩٢ ) ، أمّا شرح ابن ميثم ٢ : ٣٨٨ ، بلفظ « حول » ، أما الخطبة ٧٤ بلفظ « حوم » .

١٦٩

و لما بايعت الأوس أبا بكر لئلا يصير الأمر إلى الخزرج و كانت بينهما رقابة من الجاهلية ، قال لهم المنذر بن الحباب : فعلتموها أما و اللَّه لكأني بأبنائكم على أبواب أبنائهم قد وقفوا يسألونهم بأكفّهم و لا يسقون الماء .

و صار كما قال(١) .

٤ الحكمة ( ٩٣ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ اَلْفِتْنَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ وَ هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فِتْنَةٍ وَ لَكِنْ مَنِ اِسْتَعَاذَ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ مُضِلاَّتِ اَلْفِتَنِ فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ وَ اِعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ١ ٧ ٨ : ٢٨ وَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَخْتَبِرُهُمْ بِالْأَمْوَالِ وَ اَلْأَوْلاَدِ لِيَتَبَيَّنَ اَلسَّاخِطَ لِرِزْقِهِ وَ اَلرَّاضِيَ بِقِسْمِهِ وَ إِنْ كَانَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمَ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ لَكِنْ لِتَظْهَرَ اَلْأَفْعَالُ اَلَّتِي بِهَا يُسْتَحَقُّ اَلثَّوَابُ وَ اَلْعِقَابُ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ اَلذُّكُورَ وَ يَكْرَهُ اَلْإِنَاثَ وَ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ تَثْمِيرَ اَلْمَالِ وَ يَكْرَهُ اِنْثِلاَمَ اَلْحَالِ و هذا من غريب ما سمع منه في التفسير « لا يقولن أحدكم اللّهم اني أعوذ بك من الفتنة » قال ابن بابويه في ( توحيده ) :

الفتنة على عشرة أوجه : فوجه الضلال ، و الثاني : الاختبار و هو قوله تعالى .( و فتناك فتونا ) .(٢) ( ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون ) (٣) و الثالث : الحجّة و هو قوله تعالى( ثم لم تكن فتنتهم إلاّ أن قالوا

_ ___________________

( ١ ) التوحيد للصدوق : ٣٨٦ .

( ٢ ) طه : ٤٠ .

( ٣ ) العنكبوت : ١ ٢ .

١٧٠

 و اللَّه ربنا ما كنّا مشركين ) (١) و الرابع : الشرك و هو قوله تعالى .( و الفتنة أشدّ من القتل ) .(٢) و الخامس : الكفر و هو قوله تعالى .( ألا في الفتنة سقطوا ) .(٣) و السادس : الإحراق بالنار و هو قوله تعالى( إن الذين فتنوا المؤمنين و المؤمنات ) . .(٤) و السابع : العذاب كقوله تعالى( يوم هم على النار يفتنون ) (٥) ( ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون ) (٦) .( و من يرد اللَّه فتنته فلن تملك له من اللَّه شيئا ) . .(٧) و الثامن : القتل كقوله تعالى .( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) .(٨) ( فما آمن لموسى إلاّ ذريّة من قومه على خوف من فرعون و ملئهم أن يفتنهم ) .(٩) و التاسع : الصدّ كقوله تعالى( و ان كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا اليك ) .(١٠) و العاشر : شدّة المحنة كقوله تعالى .( ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ) (١١) ، و قد زاد علي بن ابراهيم وجها آخر ، و هو المحبة كقوله تعالى .( انّما أموالكم و أولادكم فتنة ) .(١٢) و عندي أنّه المحنة بالنون لا المحبة بالباء لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله « الولد مجبنة مبخلة »(١٣) .

____________________

( ١ ) الأنعام : ٢٣ .

( ٢ ) البقرة : ١٩١ .

( ٣ ) التوبة : ٤٩ .

( ٤ ) البروج : ١٠ .

( ٥ ) الذاريات : ١٣ .

( ٦ ) الذاريات : ١٤ .

( ٧ ) المائدة : ٤١ .

( ٨ ) النساء : ١٠١ .

( ٩ ) يونس : ٨٣ .

( ١٠ ) الاسراء : ٧٣ .

( ١١ ) يونس : ٨٥ .

( ١٢ ) الأنفال : ٢٨ .

( ١٣ ) بحار الأنوار ١٠٤ : ٩٧ رواية ٦٠ ب ٢ .

١٧١

قلت : و المفهوم من الخليل أن الأصل في معناه الإحراق ، فقال : الفتن الإحراق(١) ، قال تعالى( يوم هم على النار يفتنون ) (٢) ، و ورق فتين أي فضة محرقة و يقال للحرة فتين كأن حجارتها محرقة .

هذا ، و عن الأصمعي لا يقال أفتنته بل فتنته ، ورد عليه بقول أعشى همدان في سعيد بن جبير :

لئن أفتنتني فهي بالأمس أفتنت سعيدا فأمسى قد قلى كلّ مسلم(٣) و عن ام عمرو بنت الأهتم : مررنا بمجلس فيه سعيد بن جبير و نحن جوار و معنا جارية تغني بدف معها و تنشد البيت « لئن أفتنتني . » ، فقال سعيد : كذبتن كذبتن .

« لأنّه ليس أحد إلاّ و هو مشتمل على فتنة » و لو بالمال أو الولد ، و لأنّ سنته تعالى فتن عباده و لن تجد لسنته تبديلا ، قال تعالى( أحسب الناس ان يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فَليعلمنَّ اللَّه الذين صدقوا و ليعلَمَنَّ الكاذبين ) (٤) .

« و لكن من استعاذ فليستعذ باللَّه من مضلاّت الفتن » كما في فتنة بني اسرائيل بالعجل الذي أضلّهم السامري به حتى تركوا هارون و أرادوا قتله .

و كما في فتنة المسلمين بعد وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمثل فتنة بني اسرائيل بجعل الثاني الأول عجله حتى تركوا خليفة نبيّهم و أرادوا قتله ، و كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لهم في المتواتر : لتتبعن بني إسرائيل حذوا بحذو حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه .

____________________

( ١ ) العين لأحمد الفراهيدي ٨ : ١٢٧ مادة ( فتن ) .

( ٢ ) الذاريات : ١٣ .

( ٣ ) العين للفراهيدي ٨ : ١٢٨ مادة ( فتن ) .

( ٤ ) العنكبوت : ٢ ٣ .

١٧٢

و في ( خلفاء ابن قتيبة ) في قصة السقيفة فأخرجوا عليّا فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا له : بايع فقال : إن أنا لم أفعل فمه ؟ قالوا : إذن و اللَّه الذي لا إله إلاّ هو لضرب عنقك قال : إذن تقتلون عبد اللَّه و أخا رسوله قال عمر : أما عبد اللَّه فنعم و أما أخو رسوله فلا و أبو بكر ساكت لا يتكلّم ، فقال له عمر : ألا تأمر فيه ؟ فقال : لا اكرهه على شي‏ء ما كانت فاطمة إلى جنبه فلحق علي بقبر رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصيح و يبكي و ينادي : يابن امّ إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني إلى آخر ما ذكر(١) .

هذا ، و روى ( توحيد الصدوق ) أنّه تعالى قال : إنّ من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب من العبادة فأكفّه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده ، و إنّ منهم لمن لا يصلح ايمانه إلاّ بالفقر و لو أغنيته لأفسده ، و إنّ منهم لمن لا يصلح ايمانه إلاّ بالغنى و لو أفقرته لأفسده ، و ان منهم لمن لا يصلح إيمانه إلاّ بالسقم و لو صححت جسده لأفسده ذلك ، و إنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلاّ بالصحّة و لو أسقمته لأفسده ، و إنّي ادبر عبادي بعلمي بقلوبهم فإنّي عليم خبير(٢) .

« فإنّ اللَّه سبحانه يقول( و اعلموا أنّما أموالكم و أولادكم فتنة و أن اللَّه عنده أجر عظيم ) (٣) .

« و معنى ذلك أنّه سبحانه » سقطت كلمة « سبحانه » من ( المصرية )(٤) مع وجودها في ( ابن ميثم و ابن أبي الحديد و الخطية )(٥) .

____________________

( ١ ) الخلفاء لابن قتيبة : ١٣ .

( ٢ ) التوحيد للصدوق : ٣٩٨ ح ١ .

( ٣ ) الأنفال : ٢٨ .

( ٤ ) الطبعة المصرية : ٦٧٧ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٤٨ ، و ابن ميثم ٥ : ٢٨٧ .

١٧٣

« يختبرهم » أي : يمتحنهم .

« بالأموال و الأولاد ليتبيّن الساخط لرزقه » في الأموال .

« و الراضي بقسمه » في الأولاد .

« و إن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم » .( فليعلمن اللَّه الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين ) (١) .

« و لكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب و العقاب » لأن الجزاء على العمل لا مجرّد النيّة و مقتضى الطوية ، و إن كان هو تعالى يثيب على مجردهما تفضلا و لا يؤاخذ على صرفهما تكرّما .

« لأنّ بعضهم يحب الذكور و يكره الاناث » حتى قال تعالى( في مثلهم و إذا بُشّر أحدهم بالانثى ظلّ وجهه مسودّا و هو كظيم يتوارى عن القوم من سوء ما بُشّر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) (٢) .

قالوا : و لحب الناس الذكور و كراهتم للإناث و كان الواجب عليهم التسليم لمشيته تعالى شأنه قدّم عز و جل هبة الإناث على الذكور فقال .( يهب لمن يشاء إناثا و يهب لمن يشاء الذكور ) (٣) .

« و بعضهم يحبّ تثمير المال و يكره انثلام الحال » أي وقوع الخلل فيه ، قال تعالى( و إنّه لحبّ الخير لشديد ) (٤) و فسر الخير هنا بالمال .

و قال تعالى في امتحان عبيده بالمال و الولد و غيرهما( و لنبلونكم بشي‏ء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات

_ ___________________

( ١ ) العنكبوت : ٣ .

( ٢ ) النحل : ٥٨ ٥٩ .

( ٣ ) الشورى : ٤٩ .

( ٤ ) العاديات : ٨ .

١٧٤

 و بشّر الصابرين ) (١) .

« و هذا من غريب ما سمع منه في التفسير » و لو كان قال ما روي عنهعليه‌السلام بدل ما سمع منهعليه‌السلام كان أحسن .

جعله من غريب التفسير لأنّ المتبادر من كون الأموال فتنة أنّ الانسان يطغى أن رآه استغنى ، و أنّ كثيرا من الناس يميل المال بهم إلى الشهوات كما أنّ كثيرا منهم يصعب عليهم إخراج الحقوق التي أوجب اللَّه تعالى عليهم في المال فيهلكون كما ان المتبادر من كون الأولاد فتنة أنّهم يصيرون سببا للتخلّف عن الجهاد ، و البخل عن الزكاة ، و تحصيل المال لهم من غير طريق المشروع لو ضاق عليه المشروع و لموافقة الآباء غالبا أهواء أبنائهم المهوية ، كما اتفق للزبير مع ابنه ، فقالعليه‌السلام : ما زال الزبير منّا حتى نشأ ابنه الميشوم .

و روت العامة في تفسير الآية عن بريدة : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يخطب فجاء الحسن و الحسينعليهما‌السلام و عليهما قميصان أحمران يمشيان و يعثران ، فنزل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إليهما فأخذهما و وضعهما في حجره على المنبر و قال : صدق اللَّه تعالى( انّما أموالكم و أولادكم فتنة ) .(٢) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان و يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي و رفعتهما(٣) .

هذا ، و مما روي عنهعليه‌السلام من غريب التفسير غير ما مرّ أنّهعليه‌السلام قال :

الاستثناء في اليمين متى ما ذكر و لو بعد أربعين صباحا ثم تلا هذه الآية . و اذكر ربّك إذا نسيت .(٤) .

و أنّهعليه‌السلام قال : تستحب المقاربة مع أهله ليلة أول شهر الصيام لقوله

____________________

( ١ ) البقرة : ١٥٥ .

( ٢ ) التغابن : ١٥ .

( ٣ ) سنن الترمذي ٥ : ٦١٦ ح ٣٧٧٤ .

( ٤ ) الكافي ٧ : ٤٤٨ الرواية ٦ ، و الآية ٢٤ من سورة الكهف .

١٧٥

تعالى( اُحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) . .(١) .

٥ في الخطبة ( ١٤٣ ) منها :

وَ مَا أُحْدِثَتْ بِدْعَةٌ إِلاَّ تُرِكَ بِهَا سُنَّةٌ فَاتَّقُوا اَلْبِدَعَ وَ اِلْزَمُوا اَلْمَهْيَعَ إِنَّ عَوَازِمَ اَلْأُمُورِ أَفْضَلُهَا إِنَّ مُحْدَثَاتِهَا شِرَارُهَا « و ما احدثت بدعة إلاّ ترك بها سنة » قال ابن أبي الحديد : البدعة كلّ ما لم يكن في عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمنها الحسن كصلاة التراويح و منها القبيح كالمنكرات التي ظهرت أواخر الخلافة العثمانية و إن كانت قد تكلّفت الأعذار عنها(٢) .

قلت : صلاة التراويح أيضا من بدع ، قالعليه‌السلام ترك بها سنة ، و كيف تكون حسنة و كانت تشريعا في قبال الدين ، و إنما التشريع للَّه تعالى( ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون إنّ لكم فيه لما تخيرون ) (٣) .

ما كان للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يشرّع شيئا من قبل نفسه إلاّ بوحي منه تعالى إليه ، فكيف كان لعمر الذي أفحمته مرأة في أنفها فطس في حظره جعل الصداق أكثر من خمسمائة درهم بأنّه تعالى قال .( و آتيتم إحداهن قنطاراً ) .(٤) فقال : كل الناس أفقه من عمر .

و روى سليم بن قيس الهلالي في كتابه أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام خطب فقال : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّدين لخلافه

____________________

( ١ ) البقرة : ١٨٧ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٩٤ .

( ٣ ) القلم : ٣٦ ٣٨ .

( ٤ ) النساء : ٢٠ .

١٧٦

ناقضين لعهده مغيّرين لسنّته ، و لو حملت الناس على تركها تفرّق عني جندي حتى أبقى وحدي و قليل من شيعتي ، و اللَّه لقد أمرت أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة و أعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممّن يقاتل معي يا أهل الاسلام لقد غيرت سنّة عمر نهينا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعا ، و قد خفت أن يثوروا في ناحية عسكري(١) .

و روى محمد بن علي بن بابويه عن الباقر و الصادقعليهما‌السلام : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنّ الصلاة بالليل في شهر رمضان في جماعة بدعة ، و صلاة الضحى بدعة ، ألا و إنّ كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة سبيلها إلى النار(٢) .

و روى محمد بن يعقوب الكليني : إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام مر برجل يصلّي الضحى في مسجد الكوفة ، فغمز جنبه بالدرة و قال : نحرت صلاة الأوابين نحرك اللَّه(٣) .

و أما أعمال عثمان و لم قال كالمنكرات التي ظهرت أواخر الخلافة العثمانية كنفيه أبا ذر و ضربه عمارا و نهبه بيت المال لأقاربه و توليته لهم حتى يصلّوا بالناس سكارى و يصلّوا الصبح أربعا و يغنوا في الصلاة و غيرها من نظائرها فشنائع ينكرها الموحد و الملحد و المسلم و الكافر .

و أما ما قاله من تكلّف الأعذار الذي نوريهم ، فالتكلّف لعدم منكرية عداوة أبي جهل مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أقرب إلى العقول منه .

ثم جعلها في عداد البدع كصلاة التراويح في غير محله .

____________________

( ١ ) سليم بن قيس ، لا وجود له في الطبعة النجفية ، لعل المؤلف أخذه من البحار حيث ذكر المجلسي في ٩٦ : ٢٠٣ الرواية ٢١ باب ٢٤ .

( ٢ ) الفقيه للصدوق ٢ : ١٣٧ الرواية ١٩٦٤ باب ٢ .

( ٣ ) الكافي ٣ : ٤٥٢ رواية ٨ .

١٧٧

« فاتقوا البدع » روى ابن بابويه عن الصادقعليه‌السلام : من مشى إلى صاحب بدعة فوقرها فقد مشى في هدم الإسلام(١) .

« و الزموا المهيع » أي الطريق الواسع و هو طريق الاسلام ، قال تعالى( و إنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله ) . .(٢) .

« إنّ عوازم الامور أفضلها » قال ابن أبي الحديد : عوازم ما تقادم منها من قولهم « عجوز عوزم » أي مسنّة ، و يجوز أن يكون جمع عازمة بمعنى مفعول أي معزوم عليها ، أي مقطوع معلوم بيقين صحتها ، و الأول أظهر لأن في مقابلته « و ان محدثاتها » و المحدث في مقابلة القدم(٣) .

قلت : بل الظاهر أن « عوازم » محرف « قدائم » جمع قديم للتشابه الخطي بينهما ، لأن العزم في مقابل الرخصة لا المحدث ، يقال عزائم القرآن و رخصه ، ثم جمع العوزم بالعوازم كما قاله غير معلوم .

٦ الخطبة ( ٥٠ ) و من كلام لهعليه‌السلام :

إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ اَلْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وَ أَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اَللَّهِ وَ يَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالاً عَلَى غَيْرِ دِينِ اَللَّهِ فَلَوْ أَنَّ اَلْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ اَلْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى اَلْمُرْتَادِينَ وَ لَوْ أَنَّ اَلْحَقَّ خَلَصَ مِنْ اَلْبَاطِلِ اِنْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ اَلْمُعَانِدِينَ وَ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَ مِنْ هَذَا

____________________

( ١ ) الفقيه للصدوق ٣ : ٥٧٢ ح ٤٩٥٧ الباب ٢ .

( ٢ ) الأنعام : ١٥٣ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٩٤ .

١٧٨

ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي اَلشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ يَنْجُو اَلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ ٢ ٤ ٢١ : ١٠١ مِنَ اَللَّهِ اَلْحُسْنى‏ ٦ ٦ ٢١ : ١٠١ أقول : رواه الكليني في ( بدع كافيه ) بإسنادين عن عاصم بن حميد عن محمد ابن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : أيها الناس إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع و أحكام تبتدع ، يخالف فيها كتاب اللَّه ، يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا ، فهنا لك استحوذ الشيطان على أوليائه و نجا الذين سبقت لهم منه الحسنى(١) .

و رواه في ( روضته ) مع زيادات ، فروى عن سليم بن قيس قال : خطب عليعليه‌السلام فقال : إنّما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع و أحكام تبتدع ، يخالف فيها حكم اللَّه ، يتولى فيها رجال رجالا ، إنّ الحق لو خلص لم يكن اختلاف و لو أنّ الباطل خلص لم يخف على ذي حجى ، لكنّه يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجتمعان فيجللان معا ، فهنا لك يستولي الشيطان على أوليائه و نجا الذين سبقت لهم الحسنى ، إنّي سمعت رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

كيف أنتم إذا لبستكم فتنة تربو فيها الصغير و يهرم فيها الكبير يجري الناس عليها و يتخذونها سنة ، فإذا غيّر منها شي‏ء قيل قد غيّرت السنّة ، و قد أتى الناس منكرا ثم تشتدّ البلية و تسبى الذريّة و تدقهم الفتنة كما تدقّ النار الحطب و كما تدقّ الرحى بثفالها ، و يتفقهون لغير اللَّه و يتعلمون لغير العمل و يطلبون الدنيا بأعمال الآخرة .

ثم أقبل بوجهه و حوله ناس من أهل بيته و خاصته و شيعته فقال : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّدين لخلافه ناقضين بعهده مغيّرين لسنّته ، و لو حملت الناس على تركها و حوّلتها إلى مواضعها

____________________

( ١ ) الكافي ١ : ٥٤ رواية ١ و أيضا ٨ : ٥٨ الرواية ٢١ .

١٧٩

و الى ما كانت في عهد رسول اللَّه لتفرّق عني جندي حتى أبقى وحدي أو مع قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي و فرض إمامتي من كتاب اللَّه و سنّة رسوله ، أرأيتم لو أمرت بمقام ابراهيم فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول اللَّه و رددت فدك إلى ذريّة فاطمة و رددت صاع رسول اللَّه كما كان و أمضيت قطائع أقطعها النبي لأقوام لم تمض لهم و لم تنفذ و رددت دار جعفر إلى ورثته و هدمتها من المسجد و رددت قضايا من الجور قضي بها و نزعت نساء تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن و استقبلت بهن الحكم ( في الفروج و الأحكام ) و سبيت ذراري بني تغلب و رددت ما قسم من أرض خيبر و محيت دواوين العطاء و أعطيت كما كان النبي يعطي بالسوية و لم أجعلها دولة بين الأغنياء و ألقيت المساحة و سويت بين المناكح و أنفذت خمس الرسول كما أنزل اللَّه عز و جل و فرضه و رددته إلى ما كان عليه و سددت ما فتح من الأبواب و فتحت ما سد منه و حرمت المسح على الخفين و حددت على النبيذ و أمرت باحلال المتعتين و أمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات و ألزمت الناس الجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم و أخرجت من ادخل مع رسول اللَّه في مسجده ممن كان رسول اللَّه أخرجه و أدخلت من اخرج بعد رسول اللَّه و حملت الناس على حكم القرآن ( في ) الطلاق على السنّة و أخذت الصدقات على أصنافها و حدودها و رددت الوضوء و الغسل و الصلاة إلى مواقيتها و شرائعها و حدودها و رددت أهل نجران إلى مواضعهم و رددت سبايا فارس و سائر الامم إلى كتاب اللَّه و سنّة نبيّه ، إذن لتفرّقوا عني ، و اللَّه لقد أمرت الناس ألا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة و أعلمتهم أنّ اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي : يا أهل الاسلام غيّرت سنّة عمر نهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعا ، و لقد خفت أن

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

بها أنها قد ذكيت فيأكل من لحمها إن أراد، فإن كان الهدي مضمونا فإن عليه أن يعيده، يبتاع مكان الهدي إذا انكسر أو هلك - والمضمون الواجب عليه في نذر أو غيره - فان لم يكن مضمونا وإنما هو شئ تطوع به فليس عليه أن يبتاع مكانه إلا أن يشاء أن يتطوع ".

٣٠٧٤ - وروي عن عبدالرحمن بن الحجاج قال: " سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل اشترى هديا لمتعته فأتى به منزله فربطه ثم انحل فهلك هل يجزيه أو يعيد؟ قال: لا يجزيه إلا أن يكون لا قوة به عليه "(١) .

٣٠٥٧ - وروى ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل اشترى كبشا فهلك منه، قال: يشتري مكانه آخر، قلت: فان اشترى مكانه ثم وجد الاول، قال: إن كانا جمعيا قائمين فليذبح الاول وليبع الآخر وإن شاء ذبحه وإن كان قد ذبح الآخر فليذبح الاول معه "(٢) .

٣٠٧٦ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا أصاب الرجل بدنة ضالة(٣) فلينحرها ويعلم أنها بدنة "(٤) .

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤٩٤ في الصحيح وظاهره الاجزاء مع تعذر البدل وهو مخالف للمشهور، ويمكن حمله على الانتقال إلى الصوم. (المرآة)

(٢) حمل على الاستحباب الا أن يكون الاول منذورا أو إذا أشعره لما روى الشيخ في الصحيح عن الحلبى قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يشترى البدنة ثم تضل قبل أن يشعرها ويقلدها فلا يجدها حتى يأتى منى فينحر فيجد هديه، قال: ان لم يكن قد أشعرها فهى من ماله ان شاء نحرها وان شاء باعها وان كان أشعرها نحرها ".

(٣) أى منقطعة، لا يمكنها الحركة.

(٤) أى فلينحرها عن صاحبها ويسمها بعلامة الذبيحة كالكتابة أو لطخ السنام بالدم ليعلم من مر بها أنها بدنة، والظاهر لزوم الحفظ والتعريف مع الامكان لما روى الكلينى في الصحيح ج ٤ ص ٤٩٤ والشيخ واللفظ له عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " إذا وجد الرجل هديا ضالا فليعرفه يوم النحر والثانى والثالث ثم يذبحه عشية الثالث الحديث " و قطع به في المنتهى.

٥٠١

٣٠٧٧ - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن الهدي الواجب إن أصابه كسر أو عطب أيبيعه؟ وإن باعه ما يصنع بثمنه؟ قال: إن باعه فليتصدق بثمنه ويهدي هديا آخر "(١) .

٣٠٧٨ - وفي رواية حماد، عن حريز في حديث يقول في آخره: " إن الهدي المضمون لا يأكل منه إذا عطب فإن أكل منه غرم(٢) ".

باب الذبح والنحر وما يقال عند الذبيحة

٣٠٧٩ - روي معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " النحر في اللبة(٣)

___________________________________

(١) رواه الشيخ ج ١ ص ٥٠٨ في الصحيح مع زيادة هكذا " قال: سألته عن الهدى الواجب إذا أصابه كسر أو عطب أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه في هدى؟ قال: لا يبيعه، فان باعه فليتصدق بثمنه وليهد هديا آخر " ورواه الكلينى في الحسن كالصحيح ج ٤ ص ٤ ٤٩ عن الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام هكذا قال: " سألته عن الهدى الواجب إذا أصابه كسر أو عطب أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه على هدى آخر؟ قال: يبيعه ويتصدق بثمنه ويهدى هديا آخر " وقال في الدروس: ولو كسر جاز بيعه فيتصدق بثمنه أو يقيم بدله ندبا ولو كان الهدى واجبا وجب البدل، وفى رواية الحلبى يتصدق بثمنه ويهدى بدله، وقال في المدارك ص ٣٩٨ مورد الرواية الهدى الواجب ومقتضاه أنه إذا بيع يتصدق بثمنه ويقيم بدله وجوبا، وأما الهدى المتبرع به فلم أقف على جواز بيعه وأفضلية التصدق بثمنه واقامة بدله على رواية تدل عليه والاصح تعين ذبحه مع العجز عن الوصول وتعليمه بما يدل على أنه هدى سواء كان عجزه بواسطة الكسر أو غيره.

(٢) روى الكلينى ج ٤ ص ٥٠٠ باسناده عن أبى بصير قال: " سألته عن رجل أهدى هديا فانكسر، فقال: ان كان مضمونا والمضمون ما كان في يمين يعنى نذر أو جزاء فعليه فداؤه، قلت: أيأكل منه؟ فقال: لا انما هو للمساكين فان لم يكن مضمونا فليس عليه شئ، قلت أيأكل منه؟ قال: يأكل منه " وروى أيضا " أنه يأكل منه مضمونا كان أو غير مضمون " وقال في المدارك: ربما يجمع بحمل المنع على الكراهة أو بحمل المضمون على غير الفداء والمنذور، بل على ما لزم بالسياق والاشعار والتقليد.

(٣) اللبة بالفتح والتشديد: المنحر وموضع القلادة، والنحر في الابل والذبح في البقر والغنم.

٥٠٢

والذبح في الحلق ".

٣٠٨٠ - وقال الصادق عليه السلام: " كل منحور ومذبوح حرام، وكل مذبوح منحور حرام(١) ".

٣٠٨١ - وروى الحلبي عنه عليه السلام أنه قال: " لا يذبح لك اليهودي ولا النصراني اضحيتك، وإن كانت امرأة فلتذبح لنفسها وتستقبل القبلة(٢) وتقول: وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما(٣) اللهم منك ولك ".

٣٠٨٢ - وروي عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل " فاذكروا اسم الله عليها صواف " قال: ذلك حين تصف للنحر(٤) ، وتربط يديها ما بين الخف إلى الركبة، ووجوب جنوبها إذا وقعت إلى الارض(٥) ".

٣٠٨٣ - وسأله أبوالصباح الكناني " كيف تنحر البدنة؟ قال: تنحر وهي قائمة من قبل اليمين(٦) ".

٣٠٨٤ - وروى معاوية بن عمار عنه عليه السلام أنه قال: " إذا اشتريت هديك فاستقبل

___________________________________

(١) أى كل ما يجب نحره لو ذبح بدل النحر فهو حرام وكذا العكس. (سلطان)

(٢) " فلتذبح لنفسها " أى فلتذبح جوازا لنفسها لا لغيرها كراهة، و " تستقبل القبلة " أى بالذبيحة أو معها، وكأنه الخطاب ويمكن الغيبة.

(٣) يكمن أن يكون على سبيل الاختصار يعنى إلى آخر الايات ليوافق الخبر السابق تحت ٣٠٤٦ والاتى تحت رقم ٣٠٨٤ والمجزى ذلك والزائد فضل، وقوله " منك " أى هذه النعمة منك، و " لك " أى لاغيرك.

(٤) في القاموس: صفت الابل قوائمها فهى صافة وصواف وفى التنزيل " فاذكروا اسم الله عليها صواف " أى مصفوفة، فواعل بمعنى مفاعل، وقيل مصطفة.

(٥) الوجوب بمعنى السقوط، وفسروا وجوب الجنوب بما في الخبر لكن صرحوا بأنه كناية عن خروج الروح وهو المشهور بين الاصحاب والاحوط في العمل. (المرآة)

(٦) أى الذى ينحرها يقف من جانبها الايمن ويطعنها في موضع النحر. (سلطان)

٥٠٣

به القبلة(١) وانحره أو اذبحه وقل: " وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك، بسم الله، والله أكبر، اللهم تقبل مني " ثم أمر السكين ولا تنخعها حتى تموت(٢) ".

باب نتايج البدنة وحلابها وركوبها

٣٠٨٥ - روى حماد، عن حريز أن أبا عبدالله عليه السلام قال: " كان علي عليه السلام إذا ساق البدنة ومر على المشاة حملهم على بدنة، وإن ضلت راحلة رجل ومعه بدنة ركبها غير مضر ولا مثقل ".

٣٠٨٦ - وسأل يعقوب بن شعيب أبا عبدالله عليه السلام " عن الرجل أيركب هديه إن احتاج إليه؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يركبها غير مجهد ولا متعب(٣) ".

٣٠٨٧ - وروى منصور بن حازم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " كان علي عليه السلام يحلب البدنة ويحمل عليها غير مضر(٤) ".

٣٠٨٨ - وروى أبوبصير عنه عليه السلام " في قول الله عزوجل: " لكم فيها منافع إلى أجل مسمى " قال: إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها وإن كان لها

___________________________________

(١) ظاهره جعل الذبيحة مقابلة للقبلة وربما يفهم منه استقبال الذابح أيضا وقال العلامة المجلسى: فيه نظر.

(٢) أى لا تقطع رقبتها، وقال بعض الشارحين: أى لا تقطع نخاعها قبل موتها والنخاع هو الخيط الابيض الذى في جوف القفار ممتدا من الرقبة إلى أصل الذنب، وفى الوافى: نخع الذبيحة جاوز منتهى الذبح فأصاب نخاعها.

(٣) بأن يركبها قليلا ولا يركب معه غيره ولا يحمل عليها فوق طاقتها ويرفق بها. (م ت)

(٤) أى غير مضر في الحلب والحمل، وفى بعض النسخ " غير مصر " بالمهملة.

٥٠٤

لبن حلبها حلابها لا ينهكها "(١) .

باب بلوغ الهدى محله

٣٠٨٩ - روى علي بن أبي حمزة عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا اشترى الرجل هديه وقمطه في بيته فقد بلغ محله فإن شاء فليحلق(٢) ".

باب الرجل يوصى من يذبج عنه ويلقى هو شعره بمكة

٣٠٩٠ - روى ابن مسكان عن أبي بصير قال: قلت لابى عبدالله عليه السلام " الرجل يوصي من يذبح عنه ويلقي هو شعره بمكة، فقال: ليس له أن يلقي شعره إلا بمنى(٣) ".

باب تقديم المناسك وتأخيرها

٣٠٩١ - روى بن أبي عمير(٤) ، عن جميل بن دراج عن أبي عبدالله عليه السلام قال:

___________________________________

(١) العنف مثلثة العين: ضد الرفق، ونهلك الضرع نهكا: استوفى جميع ما فيه كما في القاموس، والخبر كسابقية يدل على جواز ركوب الهدى ما لم يضربه، والشرب ما لم يضر بولده.

(٢) في القاموس قمطه يقمطه: شد يديه ورجليه كما يفعل بالصبى في المهد انتهى، و يدل على جواز الحلق بعد شراء الهدى وربطه في منزله كما هو الظاهر من كريمة " لا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدى محله " وبه قال الشيخ في جملة من كتبه، والمشهور عدم جواز قبل الذبح والنحر.

(٣) قال المحقق: يجب أن يحلق بمنى فلو رحل رجع فحلق بها، فان لم يتمكن حلق أو قصر مكانه وبعث بشعره ليدفن بها ولو لم يتمكن لم يكن عليه شئ.

(٤) طريق المصنف إلى محمد بن أبى عمير صحيح ورواه الكلينى في الحسن كالصحيح.

٥٠٥

" سألته عن الرجل يزور البيت قبل ان يحلق؟ قال: لا ينبغى إلا أن يكون ناسيا، ثم قال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه اناس يوم النحر، فقال بعضهم: يا رسول الله حلقت قبل أن أذبح، وقال بعضهم حلقت قبل أن أرمي، فلم يتركوا شيئا كان ينبغي لهم أن يقدموه إلا أخروه، ولا شيئا كان ينبغي لهم أن يؤخروه إلا قدموه، فقال: لا حرج(١) ".

٣٠٩٢ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل نسي أن يذبح بمنى حتى زار البيت فاشترى بمكة، ثم نحرها، قال: لا بأس قد أجزأ عنه ".

باب فيمن نسى أو جهل أن يقصر أو يحلق حتى ارتحل من منى

٣٠٩٣ - روى علي بن أبى حمزة، عن أبي بصير قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل جهل أن يقصر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى، قال: فليرجع إلى منى حتى يلقي شعره بها حلقا كان أو تقصيرا، وعلى الصرورة الحلق(٢) ".

___________________________________

(١) فيه دلالة على ما ذهب اليه الشيخ في الخلاف وابن أبى عقيل وأبوالصلاح وابن ادريس من أن ترتيب مناسك منى مستحب لا واجب، واختاره العلامة في المختلف على ما هو المحكى عنه، ويفهم من كلام الشهيد الثانى الميل اليه، وذهب الشيخ في المبسوط والاستبصار إلى وجوب الترتيب اليه ذهب أكثر المتأخرين فلو قدم بعضها على بعض أثم ولا اعادة، قال في المدارك: لا ريب في حصول الاثم بناء على القول بوجوب الترتيب وانما الكلام في الاعادة وعدمها فالاصحاب قاطعون بعدم وجوب الاعادة وأسنده في المنتهى إلى علمائنا مستدلا عليه بصحيحة جميل وما في معناها، وهو مشكل لانها محمولة على الناسى والجاهل عند القائلين بالوجوب ولو قيل بتناولها للعامد لدلت على عدم وجوب الترتيب والمسألة محل تردد انتهى وقال في المنتهى: هذا كما يتناول مناسك منى كذلك يتناول مناسك منى مع الطواف.

(٢) يدل على أنه لا بد للجاهل أن يرجع إلى منى للحلق والتقصير، ولعله محمول على الامكان ويدل على تعين الحلق على الصرورة وحمل في المشهور على تأكد الاستحباب، وقال الشيخ بتعينه على الصرورة وعلى الملبد. (المرآة)

٥٠٦

وروي أنه يحلق بمكة ويحمل شعره إلى منى(١) .

٣٠٩٤ - و " كان رسول الله صلى الله عليه وآله يوم النحر يحلق رأسه ويقلم أظفاره ويأخذ من شاربه ومن أطراف لحيته(٢) ".

باب ما يحل للمتمتع والمفرد إذا ذبح وحلق قبل أن يزور البيت

٣٠٩٥ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا ذبح الرجل وحلق فقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا النساء والطيب، فإذا زار البيت وطاف وسعى بين الصفا والمروة فقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا النساء، فإذا طاف طواف النساء فقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا الصيد"(٣) .

٣٠٩٦ - وروى علي بن النعمان(٤) ، عن سعيد الاعرج عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن رجل رمى الجمار وذبح وحلق رأسه أيلبس قميصا وقلنسوة قبل أن يزور البيت؟ فقال: إن كان متمتعا فلا(٥) ، وإن كان مفردا للحج فنعم ".

___________________________________

(١) أصل الخبر كما رواه الكلينى ج ٤ ص ٥٠٣ في الحسن كالصحيح عن حفص البخترى الثقة عن أبى عبدالله عليه السلام هكذا " في رجل يحلق رأسه بمكة؟ قال: يرد الشعر إلى منى " ولا يخفى اختلاف المفهومين.

(٢) رواه الكلينى مسندا في الكافى ج ٤ ص ٥٠٢ عن عبدالرحمن بن أبى عبدالله عن أبى عبدالله عليه السلام.

(٣) المراد بالصيد هنا الحرمى لا الاحرامى كما هو واضح، لكن أفتى ابن الجنيد بخلافه ويؤيده ظاهر بعض الروايات التى تدل على أنه لا يجوز للمحرم الصيد الا بعد النفر الثانى، وفى شرح اللمعة. الاقوى حل الاحرام من الصيد بطواف النساء.

(٤) الطريق إلى على بن النعمان صحيح ككما في الخلاصة وسعيد الاعرج لم يوثق وله أصل عنه على بن النعمان وصفوان بن يحيى.

(٥) لعله محمول على الكراهة فلا ينافى ما سبق. (سلطان)

٥٠٧

وقد روى أنه يجوز له أن يضع الحناء على رأسه، إنما يكره السك و ضربه(١) إن الحناء ليس بطيب، ويجوز أن يغطي رأسه لان حلقه له أعظم من تغطيته إياه(٢) .

باب ما يجب من الصوم على المتمتع إذا لم يجد ثمن الهدى

روي عن الائمة عليهم السلام أن المتمتع إذا وجد الهدي ولم يجد الثمن صام ثلاثة أيام في الحج يوما قبل التروية، ويوم التروية، ويوم عرفة، وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله تلك عشرة كاملة لجزاء الهدي، فإن فاته صوم هذه الثلاثة الايام تسحر ليلة الحصبة(٣) وهي ليلة النفر وأصبح صائما وصام يومين من بعد، فإن فاته صوم هذه ثلاثة الايام حتى يخرج وليس له مقام صام هذه الثلاثة في الطريق إن شاء و إن شاء صام العشرة في اهله ويفصل بين الثلاثة والسبعة بيوم وإن شاء صامها متتابعة.(٤)

___________________________________

(١) السك بالضم: نوع من الطيب، وضربه أى نحوه.

(٢) في الكافى ج ٤ ص ٥٠٥ في الصحيح عن سعيد بن يسار قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن المتمتع إذا حلق رأسه قبل أن يزور البيت يطليه بالحناء؟ قال: نعم الحناء والثياب والطيب وكل شئ الا النساء رددها على مرتين أو ثلاثة، وقال: وسألت أبا الحسن عليه السلام عنها فقال: نعم الحناء والثياب والطيب وكل شئ الا النساء " وفى الموثق عن يونس ابن يعقوب قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام فقلت: المتمتع يغطى رأسه إذا حلق، فقال: يا بنى حلق رأسه أعظم من تغطيته اياه".

(٣) أى يأكل السحور أو يخرج في السحر ليجوز له صوم اليوم.

(٤) روى الكلينى ج ٤ ص ٥٠٦ بسند فيه ارسال لا يضر بصحة السند كما نقلنا تحقيقه في هامش الكافى وكذا رواه الشيخ عن رفاعة بن موسى قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن المتمتع لا يجد الهدى، قال: يصوم قبل التروية بيوم، ويوم التروية، ويوم عرفة، قلت فانه قدم يوم التروية؟ قال: يصوم ثلاثة أيام بعد التشريق، قلت: لم يقم عليه جماله قال: يصوم يوم الحصبة وبعده يومين، قال: قلت: وما الحصبة؟ قال: يوم نفره، قلت: يصوم وهو مسافر؟ قال: نعم أليس هو يوم عرفة مسافرا، انا أهل بيت نقول ذلك لقول الله عزوجل: " فصيام ثلاثة أيام في الحج " يقول في ذى الحجة "، وفى الصحيح عن معاوية بن عمار، عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن متمتع لم يجد هديا قال: يصوم ثلاثة أيام في الحج يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة، قال: قلت فان فاته ذلك؟ قال: يتسحر ليلة الحصبة ويصوم ذلك اليوم، ويومين بعده، قلت: فان لم يقم عليه جماله أ يصومها في الطريق؟ قال: ان شاء صامها في الطريق وان شاء إذا رجع إلى أهله ".

وفى الموثق كالصحيح كالشيخ عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: " من لم يجد هديا وأحب أن يقدم الثلاثة الايام في أول العشرة فلا بأس ".

ويستفاد مما تقدم جواز صيام اليوم الثالث عشر في هذه الصورة ولا بأس به فيخص المنع من صيام أيام التشريق بغيرها لتخصيص منع الصيام في السفر بغير الثلاثة الايام كما قاله الفيض رحمه الله في الوافى. =

٥٠٨

ولا يجوز له أن يصوم أيام التشريق(١) ، فإن النبي صلى الله عليه وآله بعث بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق(٢) فأمره أن يتخلل الفساطيط وينادي في الناس أيام منى ألا لا تصوموا فإنها أيام أكل وشرب وبعال(٣) .

___________________________________

= وفى الشرايع " ولو فاته يوم التروية أخره إلى بعد النفر " وقال في المدارك: بل الاظهر جواز يوم النفر وهو الثالث عشر ويسمى يوم الحصبة كما اختاره الشيخ في النهاية وابنا بابوية وابن ادريس للاخبار الكثيرة وان كان الافضل التأخير إلى بعد أيام التشريق كما يدل عليه صحيحة رفاعة وقد ظهر من الروايات أن يوم الحصبة هو الثالث من أيام التشريق ونقل عن الشيخ في المبسوط أنه جعل ليلة التحصيب ليلة الرابع، والظاهر أن مراده الرابع من يوم النحر لصراحة الاخبار، وربما يظهر من كلام أهل اللغة أنه اليوم الرابع عشر، ولا عبرة به.

(١) أى بمنى وما تقدم من أنه يصوم يوم الثالث فمحمول على من نفر في الثانى عشر. (م ت)

(٢) الاورق من الابل مالونه لون الرماد.

(٣) روى المؤلف في معانى الاخبار ص ٣٠٠ مسندا عن عمرو بن جميع، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وآله بديل بن ورقاء الخزاعى على جمل أورق فأمره أن ينادى في الناس أيام منى ألا تصوموا هذه الايام فانها أيام أكل وشرب وبعال والبعال: النكاح وملاعبة الرجل أهله "، وروى الشيخ في الصحيح نحوه في التهذيب ج ١ ص ٥١٢.

٥٠٩

ومن جهل صيام ثلاثة أيام في الحج صامها بمكة إن أقام جماله، وإن لم يقم صامها في الطريق أو بالمدينة إن شاء، فإذا رجع إلى أهله صام السبعة الايام(١) فإذا مات قبل ان يرجع إلى أهله ويصوم السبعة فليس على وليه القضاء(٢) .

٣٠٩٧ - وروى صفوان(٣) ، عن معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من مات ولم يكن له هدي لمتعته فليصم عنه وليه ".

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: هذا على الاستحباب لا على الوجوب وهو إذا لم يصم الثلاثة في الحج أيضا(٤) .

___________________________________

(١) روى الشيخ في الصحيح ج ١ ص ٥١٣ عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كان متمتعا فلم يجد هديا فليصم ثلاثة ايام في الحج وسبعة إذا رجع أهله، فان فاته ذلك وكان له مقام بعد الصدر صام ثلاثة أيام بمكة، وان لم يكن له مقام صام في الطريق أو في أهله "، وقوله " في الطريق " قيد بما إذا لم يخرج ذو الحجة فاذا خرج وجب عليه الهدى من قابل لما رواه الكلينى ج ٤ ص ٥٠٩ في الحسن كالصحيح عن منصور عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " من لم يصم في ذى الحجة حتى يهل هلال المحرم فعليه دم شاة وليس له صوم ويذبحه بمنى ".

(٢) روى الكلينى ج ٤ ص ٥٠٩ في الحسن كالصحيح عن الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام أنه " سئل عن رجل يتمتع بالعمرة إلى الحج ولم يكن له هدى فصام ثلاثة أيام في الحج ثم مات بعدما رجع إلى أهله قبل أن يصوم السبعة الايام أعلى وليه أن يقضى عنه؟ قال: ما أرى عليه قضاء " وقال العلامة المجلسى: ذهب أكثر المتأخرين إلى قضاء الجميع وذهب الشيخ وجماعة إلى وجوب قضاء الثلاثة فقط لهذا الخبر، وحمل في المنتهى على ما إذا مات قبل التمكن من الصيام، وربما ظهر من كلام الصدوق استحباب قضاء الثلاثة أيضا وهو ضعيف.

(٣) يعنى صفوان بن يحيى والطريق اليه حسن ورواه الكلينى ج ٤ ص ٥٠٩ في الصحيح عن معاوية بن عمار.

(٤) كأنه حمل عليه قوله عليه السلام في صحيح الحلبى " ما أرى عليه قضاء " وهو عام وان كان المورد خاصا والمشهور وجوب الثلاثة دون السبعة بحمل الوجوب على الثلاثة والعدم على السبعة. (م ت)

٥١٠

٣٠٩٨ - وروي عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: " سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي فصام ثلاثة أيام، فلما قضى نسكه بداله أن يقيم سنة، قال: فلينظر منهل أهل بلده(١) فإذا ظن قد دخلوا بلدهم فليصم السبعة الايام "(٢)

٣٠٩٩ - وفي رواية معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام " أنه إن كان له مقام بمكة فأراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر سيره إلى أهله أو شهرا ثم صام "(٣) .

وإن لم يصم الثلاثة الايام فوجد بعد النفر ثمن هدي فإنه يصوم الثلاثة لان أيام الذبح قد مضت(٤) .

٣١٠٠ - وقد روى زراة عن أبى عبدالله عليه السلام أنه قال: " من لم يجد ثمن

___________________________________

(١) المنهل: المشرب والموضع الذى فيه المشرب والمورد وتسعى المنازل التى في المفاوز على طرق السفار مناهل لان فيها الماء.

وفى الكافى " ينتظر مقدم أهل بلده ".

(٢) المشهور بين الاصحاب أن المقيم بمكة ينتظر أقل الامرين من مضى الشهر ومن مدة وصوله إلى إلى أهله على تقدير الرجوع. (المرآة)

(٣) قال في المدارك: من وجب عليه صوم السبعة بدل الهدى إذا أقام بمكة انتظر لصيامها مضى مدة يمكن أن يصل فيها إلى بلده ان لم يزد تلك المدة على شهر فاذا زادت على تلك كفى مضى الشهر، ومبدء الشهر من انقضاء أيام التشريق.

(٤) روى الكلينى ج ٤ ص ٥٠٩ في الموثق كالصحيح عن أبى بصير عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدى [به] حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أيذبح أو يصوم؟ قال: بل يصوم فان أيام الذبح قد مضت " وهو خلاف المشهور وحمله الشيخ في الاستبصار ج ٢ ص ٢٦٠ على من لم يجد الهدى ولا ثمنه وصام الثلاثة الايام ثم وجد ثمن الهدى فعليه أن يصوم السبعة.

وقال الشهيد في الدروس: مكان هدى التمتع منى و زمانه يوم النحر فان فات أجزأ في ذى الحجة، وفى رواية أبى بصير تقييده بما قبل يوم النفر و حملت على من صام ثم وجد ويشكل بأنه احداث قول ثالث الا أن يبنى على جواز صيامه في التشريق انتهى، والمشهور جواز المضى في الصوم لمن لم يجد الهدى وصام ووجدها بعد صوم الثلاثة وقالوا: الهدى أفضل، واستقرب العلامة في القواعد وجوب الهدى إذا وجده في وقت الذبح، وقال ابن ادريس بسقوط الهدى بمجرد التلبس بالصوم وان لم يتم الثلاثة.

٥١١

الهدى فأحب أن يصوم الثلاثة الايام في العشر الاواخر فلا بأس بذلك "(١) .

٣١٠١ - وسأل يحيى الازرق(٢) أبا ابراهيم عليه السلام " عن رجل دخل يوم التروية متمتعا وليس له هدي فصام يوم التروية ويوم عرفة، فقال: يصوم يوما آخر بعد أيام التشريق بيوم(٣) قال: وسألته عن متمتع كان معه ثمن هدي وهو يجد بمثل الذي معه هديا فلم يزل يتوانى ويؤخر ذلك(٤) حتى كان آخر أيام التشريق وغلت الغنم فلم يقدر أن يشتري بالذي معه هديا، قال: يصوم ثلاثة أيام بعد أيام التشرق "(٥)

٣١٠٢ - وروى عبدالرحمن بن أعين عن أبى جعفر عليه السلام قال: " الصبي يصوم عنه وليه إذا لم يجد هديا "(٦)

___________________________________

(١) يدل على جواز التأخير إلى الاواخر اختيارا.

(٢) طريق المصنف اليه حسن كالصحيح بابراهيم بن هاشم، وروى الشيخ صدر الخبر في التهذيب ج ١ ص ٥١٢ في الصحيح والكلينى ج ٤ ص ٥٠٨ ذيله في الصحيح عن يحيى وهو يحيى بن عبدالرحمن الازرق ثقة كوفى من أصحاب الكاظم عليه السلام وفى المشيخة يحيى بن حسان ولعله نسبة إلى الجد.

(٣) يدل على حصول التتابع الواجب بصيام اليومين إذا كان الفاصل العيد وأيام التشريق (م ت) وقال في المدارك: أما وجوب التتابع في الثلاثة في غير هذه الصورة وهى غير ما إذا كان الثالث العيد فقال في المنتهى: انه مجمع عليه بيه الاصحاب.

وانما الكلام في استثناء هذه الصورة فان الروايات الواردة بذلك ضعيفة الاسناد وفى مقابلها أخبار كثيرة دالة على خلاف ما تضمنته وهى أقوى منها اسنادا وأوضح دلالة لكن نقل العلامة في المختلف الاجماع على الاستثناء فان تم فهو الحجة والا فللنظر فيه مجال، ونقل عن ابن حمزة أنه استثنى أيضا ما إذا أفطر يوم عرفة لضعفه عن الدعاء وقد صام يومين قبله ونفى عنه البأس في المختلف وهو بعيد انتهى أقول: قوله قدس سره " ان الروايات الواردة بذلك ضعيفة الاسناد " منها خبر المتن وقد عرفت أن سنده في هذا الكتاب حسن كالصحيح وفى الكافى والتهذيب صحيح.

(٤) قوله " وهو يجد مثل الذى معه " أى يجد بقدر الثمن الذى معه هديا يشتريه بهذا الثمن.

وقوله " يؤخر ذلك " بمنزلة التفسير لقوله " يتوانى ". (مراد)

(٥) أى متتابعا لما تقدم وروى الشيخ في القوى عن اسحاق بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا تصوم الثلاثة الايام متفرقة " (التهذيب ج ١ ص ٥١٢).

(٦) تقدم نحوه تحت رقم ٢٨٩٦ في معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام، وقال الفاضل التفرشى: ظاهره ان الولى لم يجد هديا من ماله.

٥١٢

٣١٠٣ - وروي عن عمران الحلبي أنه قال: " سئل أبوعبدالله عليه السلام عن رجل نسي أن يصوم الثلاثة الايام التى على المتمتع إذا لم يجد الهدي حتى يقدم إلى أهله قال: يبعث بدم "(١) .

باب ما يجب على المتمتع إذا وجد ثمن الهدى ولم يجد الهدى

قال أبي - رضي الله عنه - في رسالته إلي: إن وجدت ثمن الهدي ولم تجد الهدي فخلف الثمن عند رجل من أهل مكة ليشتري لك في ذي الحجة ويذبحه عنك، فإن مضت ذو الحجة ولم يشتر أخره إلى قابل ذي الحجة لان أيام الذبح قد مضت.(٢)

___________________________________

(١) قال الشيخ في الاستبصار ج ٢ ص ٢٨٣: انه يبعث بدم إذا خرج ذو الحجة ولم يصم وانما يجوز له صيام الثلاثة الايام ما دام في ذى الحجة انتهى، ويستفاد من هذه الرواية أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون تأخير الصوم عن ذى الحجة لعذر أو لغيره كما قاله صاحب المدارك.

(٢) روى الكلينى ج ٥ ص ٥٠٨ في الحسن كالصحيح عن حماد، عن حريز عن أبى عبدالله عليه السلام " في متمتع يجد الثمن ولا يجد الغنم قال: يخلف الثمن عند بعض أهل مكة ويأمر من يشترى له ويذبح عنه وهو يجزى عنه، فان مضى ذو الحجة أخر ذلك إلى قابل من ذى الحجة "، وفى التهذيب ج ١ ص ٤٥٧ في الصحيح عن البزنطى عن النضر بن قراوش قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فوجب عليه النسك فطلبه فلم يصبه وهو موسر حسن الحال وهو يضعف عن الصيام فما ينبغى له أن يصنع؟ قال يدفع ثمن النسك إلى من يذبحه بمكة ان كان يريد المضى إلى أهله وليذبح في ذى الحجة، فقلت: فانه دفعه إلى من يذبحه عنه فلم يصب في ذى الحجة نسكا وأصابه بعد ذلك، قال: لا يذبحه عنه الا في ذى الحجة ولو أخره إلى قابل " وما تعارضه من اختيار الصوم في ذى الحجة وان أصاب الثمن فيها فمحمولة على التخيير أو على أنه وجد الثمن بعد صيام الثلاثة أو بعد التلبس بالصيام.

٥١٣

باب المحصور والمصدود  (١)

٣١٠٤ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " المحصور غير المصدود، وقال المحصور هو المريض، والمصدود هو الذي يرده المشركون(٢) كما ردوا رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه ليس من مرض، والمصدود تحل له النساء والمحصور لا تحل له النساء"(٣) .

وإذا قرن الرجل الحج والعمرة فاحصر بعث هديا مع هديه(٤) ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله، فإذا بلغ محله أحل وانصرف إلى منزله وعليه الحج من قابل ولا يقرب النساء، وإذا بعث بهديه مع أصحابه فعليه أن يعدهم لذلك يوما فإذا.

كان ذلك اليوم فقد وفى فإن اختلفوا في الميعاد لم يضره إن شاء الله تعالى(٥) .

__________________________________

(١) المحصور هو الممنوع بعد الاحرام عن الوصول والاتمام بالمرض، والمصدود هو الممنوع بعد الاحرام من مكة أو الموقفين بالعدو.

(٢) لعله كناية عن العدو، وخصوص ذكر المشركين من باب التمثيل.

(٣) أى بعد الذبح والتقصير والحلق، والخبر رواه الشيخ والكلينى ج ٤ ص ٣٦٩ في الصحيح مع زيادة ورواه المصنف في معانى الاخبار ص ٢٢٢ باسناده عن ابن أبى عمير وصفوان ابن يحيى رفعاه إلى أبى عبدالله عليه السلام كما في المتن بدون الزيادة.

(٤) اختلف الاصحاب في أنه هل يكفى هدى السياق عن هدى التحلل أم لا فذهب ابنا بابوبه وجمع من الاصحاب إلى عدم الاكتفاء والمشهور الاكتفاء، ففى الدروس: قال ابنا بابويه لا يجزى هدى السياق عن هدى التحلل وأطلق المعظم التداخل.

(٥) روى المصنف في المقنع ص ٧٧ عن سماعة قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل احصر في الحج قال: فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه، ومحله منى يوم النحر إذا كان في حج وان كان في عمرة نحر بمكة فانما عليه أن يعدهم لذلك يوما، فاذا كان ذلك اليوم فقد وفى، فان اختلفوا في الميعاد لم يضره ان شاء الله " ورواه الشيخ في الموثق ج ١ ص ٥٦٨ من التهذيب عن زرعة.

وقوله " وعليه الحج من قابل " أى وجوبا ان كان واجبا عليه وندبا ان كان ندبا، لكن يجب طواف النساء لتحليلها.

٥١٤

٣١٠٥ - وقال الصادق عليه السلام: " المحصور والمضطر ينحران بدنتيهما في المكان الذي يضطر ان فيه "(١) .

٣٠١٦ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام " في المحصور ولم يسق الهدي، قال: ينسك ويرجع، قيل: فان لم يجد هديا؟ قال: يصوم "(٢) .

وإذا تمتع رجل بالعمرة إلى الحج فحبسه سلطان جائر بمكة فلم يطلق عنه إلى يوم النحر فإن عليه أن يلحق الناس بجمع، ثم ينصرف إلى منى فيرمي ويذبح ويحلق ولا شئ عليه، فإن خلي عنه يوم النحر فهو مصدود عن الحج إن كان دخل مكة متمتعا بالعمرة إلى الحج فليطف بالبيت اسبوعا ويسعى اسبوعا ويحلق رأسه ويذبح شاة، وإن كان دخل مكة مفردا للحج فليس عليه ذبح ولا شئ عليه(٣) .

___________________________________

(١) لعل المراد بالمضطر هنا المصدود وحكمه واضح، وأما المحصور ففيه اشكال من حيث وجوب بعث الهدى عليه كما هو المشهور ولا يحل حتى يبلغ الهدى محله، ويمكن حمله على عدم امكان البعث أو على التخيير كما هو مذهب ابن الجنيد فانه خير المحصور بين البعث والذبح حيث حصر، وقال سلار: المتطوع ينحر حيث يحصر ويتحلل حتى من النساء والمفترض يبعث ولا يتحلل من النساء. (سلطان)

(٢) أى يذبح أو ينحر هناك ويرجع، وفى الكافى " فان لم يجد ثمن هدى صام " والخبر يدل على أن الصوم في المحصور بدل من الهدى مع العجز عنه وهو خلاف المشهور، وفى المدارك: المعروف من مذهب الاصحاب أنه لا بدل لهدى التحلل فلو عجز عنه وعن ثمنه بقى على احرامه ونقل عن ابن الجنيد أنه حكم بالتحلل بمجرد النية عند عدم الهدى، نعم ورد بعض الروايات في بدلية الصوم في هدى الاحصار كحسنة معاوية بن عمار وهى مجملة المتن.

(٣) روى الكلينى في الموثق كالصحيح عن الفضل بن يونس عن أبى الحسن عليه السلام قال: " سألته عن رجل عرض له سلطان فأخذه ظالما له يوم عرفة قبل أن يعرف فبعث به إلى مكة فحسبه فلما كان يوم النحر خلى سبيله كيف يصنع؟ قال: يلحق فيقف بجمع ثم ينصرف إلى منى فيرمى ويذبح ويحلق ولا شئ عليه، قلت: فان خلى عنه يوم النفر كيف يصنع؟ قال: هذا مصدود عن الحج ان كان دخل مكة متمتعا بالعمرة إلى الحج فليطف بالبيت اسبوعا ثم يسعى اسبوعا ويحلق رأسه ويذيح شاة، فان كان مفردا للحج فليس عليه ذبح ولا شئ عليه " ولزوم الهدى على من صد عن التمتع حتى فاته الموقفان خلاف المشهور، وحكى عن الشيخ أنه نقل في الخلاف قولا بوجوب الدم على فائت الحج.

وظاهر الخبر عدم لزوم العمرة لو فات عنه الافراد للتحلل وهو خلاف ما عليه الاصحاب.

٥١٥

٣١٠٧ - وروى رفاعة بن موسى عن أبي عبدالله عليه السلام قال: خرج الحسين عليه السلام معتمرا وقد ساق بدنة حتى انتهى إلى السقيا فبرسم(١) فحلق رأسه ونحرها مكانه ثم أقبل حتى جاء فضرب الباب، فقال علي عليه السلام: ابني ورب الكعبة افتحوا له وكانوا قد حموا له الماء فأكب عليه فشرب، ثم اعتمر بعد "(٢) .

والمحصور لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت ويسعى بن الصفا والمروة.

 (٣) والقارن إذا احصر وقد اشترط وقال: فحلني حيث حبستني فلا يبعث بهديه ولا يتمتع من قابل ولكن يدخل في مثل ما خرج منه(٤) .

___________________________________

(١) البرسام بالكسر علة شديدة، برسم الرجل فهو مبرسم أى أصيب بالبرسام.

(٢) روى الكلينى ج ٤ ص ٣٦٩ في الصحيح في ذيل حديث رواه عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام " فان الحسين بن على صلوات الله عليهما خرج معتمرا فمرض في الطريق فبلغ عليا عليه السلام ذلك وهو في المدينة، فخرج في طلبه فأدركه بالسقيا وهو مريض بها، فقال: يا بنى ما تشتكى؟ فقال: أشتكى رأسى، فدعا على عليه السلام ببدنة فنحرها وحلق رأسه ورده إلى المدينة، فلما برأ من وجعه اعتمر، قلت: أرأيت حين برء من وجعه قبل أن يخرج إلى العمرة حلت له النساء؟ قال: لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة، قلت: فما بال رسول الله صلى الله عليه وآله حين رجع من الحديبية حلت له النساء ولم يطف بالبيت؟ قال: ليسا سواء كان النبى صلى الله عليه وآله مصدودا والحسين عليه السلام محصورا ".

(٣) كما في ذيل صحيحة معاوية بن عمار التى تقدمت.

(٤) قوله " فلا يبعث بهديه " أى لا حاجة إلى البعث بل يذبح هناك وهذا فائدة الاشتراط، وروى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٦٨ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام وعن فضالة عن ابن أبى عمير عن رفاعة عن أبى عبدالله عليه السلام أنهما قالا " القارن يحصر وقد قال واشترط فحلنى حيث حبستنى، قال: يبعث بهديه، قلنا: هل، يتمتع في قابل؟ قال: لا ولكن يدخل في مثل ما خرج منه " والمشهور استحباب القضاء قارنا الا إذا كان واجبا عليه بالنذر وشبهه، وفى المحكى عن المنتهى قال: ونحن نحمل هذه الرواية على الاستحباب أو على أنه قد كان القران متعينا عليه لانه إذا لم يكن واجبا لم يجب القضاء فعدم وجوب الكيفية أولى.

وقال في المدارك وهو حسن والقول بوجوب الاتيان بما كان واجبا عليه والتخيير في المندوب لابن ادريس وجماعة وقوته ظاهرة.

٥١٦

٣١٠٨ - وسأل حمزة بن حمران أبا عبدالله عليه السلام " عن الذي يقول: حلني حيث حبستني، فقال: هو حل حيث حبسه الله عزوجل، قال أو لم يقل(١) ولا يسقط الاشتراط عنه الحج من قابل"(٢) .

باب الرجل يبعث بالهدى ويقيم في أهله

٣١٠٩ - روي عن معاوية بن عمار قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يبعث بالهدي تطوعا وليس بواجب(٣) فقال: يواعد أصحابه يوما فيقلدونه(٤) فإذا كان تلك الساعة اجتنب ما يجتنبه المحرم إلى يوم النحر، فإذا كان يوم النحر أجزأ عنه(٥) ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله حين صده المشركون يوم الحديبية نحر وأحل ورجع

___________________________________

(١) أى سواء قال باللفظ أو نوى، قال سلطان العلماء: يكمن أن يراد بذلك أن القول ليس له دخل بل الاعتداد بالقصد.

(٢) أى ان كان الحج واجبا عليه لا يسقط بالاشتراط.

(٣) أى يبعث بالهدى للقران أو التمتع على تقدير ان كان يحج قارنا أو تمتعا تطوعا وليس بواجب عليه بالنذر وشبهه أو الكفارة أو القضاء. (م ت)

(٤) أى يقلدون الهدى الذى بعثه الرجل فيعلقون في عنقه النعل في ذلك اليوم الموعود فيصير ذلك بمنزلة احرام الرجل بالتقليد. (مراد)

(٥) أى أجزأ عن حجه أو أجزأ الاجتناب ولا يلزم الاجتناب إلى يوم النفر الاول والثانى لان أركان الحج يمكن حصولها يوم النحر فالاولى أن يكون المنتهى منتهى اليوم (م ت) أقول: والخبر في الكافى ج ٤ ص ٥٤٠ إلى هنا، ورواه الشيخ رحمه الله في التهذيب ج ١ ص ٥٦٨ بتمامه.

وروى أيضا في الصحيح عن الحلبى قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل بعث بهديه مع قوم يساق وواعدهم يوما يقلدون فيه هديهم ويحرمون، فقال: يحرم عليه ما يحرم على المحرم في اليوم الذى واعدهم فيه حتى يبلغ الهدى محله، قلت: أرأيت ان اختلفوا في الميعاد وأبطؤوا في المسير عليه وهو يحتاج أن يحل هو في اليوم الذى واعدهم فيه قال: ليس عليه جناح أن يحل في اليوم الذى واعدهم فيه " وروى الكلينى في القوى نحوه عن أبى الصباح الكنانى عن أبى عبدالله عليه السلام، وفى الشرايع " روى أن باعث الهدى تطوعا يواعد أصحابه وقتا لذبحه أو نحره ثم يجتنب ما يجتنبه المحرم، فاذا كان وقت المواعدة أحل لكن لا يلبى ولو أتى بما يحرم على المحرم كفر استحبابا " وقال في المدارك: ذكر الشارح أن ملابسة تروك الاحرام بعد المواعدة أو الاشعار مكروه لا محرم، ويشكل بان مقتضى روايتى الحلبى وأبى الصباح التحريم ولا معارض لهما، وأما ما ذكره من استحباب التكفير بملابسة ما يوجبه على المحرم فلم أقف له على مستند، وغاية ما يستفاد من صحيحة هارون بن خارجة (يعنى ما يأتى في الهامش) أن من لبس ثيابه للتقية كفر ببقرة، وهى مختصة باللبس ومع ذلك فحملها على الاستحباب يتوقف على وجود معارض.

٥١٧

إلى المدينة "(١) .

٣١١٠ - وقال الصادق عليه السلام: " ما يمنع أحدكم من أن يحج كل سنة؟ فقيل له لا يبلغ ذلك أموالنا، فقال: أما يقدر أحدكم إذا خرج أخوه أن يبعث معه بثمن اضحية ويأمره أن يطوف عنه اسبوعا بالبيت ويذبح عنه فإذا كان يوم عرفة لبس ثيابه وتهيأ وأتى المسجد فلا يزال في الدعاء حتى تغرب الشمس "(٢) .

___________________________________

(١) لعله تعليل للاجزاء عنه بان رسول الله صلى الله عليه وآله فعل بالحديبية وأجزأ عنه فبعثه ونحره يوم النحر بمكة أو منى أجزأ بطريق أولى. (سلطان)

(٢) قيل: مقتضى هذا الخبر مغاير لمقتضى الخبر الاول، وقال الفاضل التفرشى: هذا طريقة اخرى لادراك ثواب الحج قريبة من الطريق الاولى ولا منافات بين الحديثين انتهى وروى الكلينى ج ٤ ص ٥٤٠ في الصحيح عن هارون بن خارجة قال: " ان مرادا بعث ببدنة وأمر أن تقلد وتشعر في يوم كذا وكذا، فقلت له: انما ينبغى أن لا يلبس الثياب فبعثنى إلى أبى عبدالله عليه السلام بالحيرة فقلت له: ان مرادا صنع كذا وكذا وان لا يستطيع أن يترك الثياب لمكان زياد فقال: مره أن يلبس الثياب وليذبح بقرة يوم الاضحى عن نفسه " وكان زياد واليا في الكوفة وكان مراد يتردد اليه ويتقى منه.

٥١٨

باب نوادر الحج

٣١١١ - روي عن بكير بن أعين، عن أخيه زرارة قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " جعلني الله فداك أسألك في الحج منذ أربعين عاما فتفتيني(١) ، فقال: يا زرارة بيت يحج قبل آدم عليه السلام بألفي عام(٢) تريد أن تفنى مسائله في أربعين عاما ".

٣١١٢ - وقال الصادق عليه السلام: " أودية الحرم تسيل في الحل، وأودية الحل لا تسيل في الحرم "(٣) .

وروي عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت أنه قال: لو لا جعفر بن محمد ما علم الناس مناسك حجهم.

٣١١٣ - وذكر الماء عند الصادق عليه السلام في طريق مكة وثقله قال: " الماء لا يثقل إلا أن ينفرد به الجمل فلا يكون عليه غير الماء "(٤) .

___________________________________

(١) أى أسألك مع أبيك أو كان سأل عنه عليه السلام في زمان أبيه أيضا والا فالظاهر أنه كان في زمان امامته عليه السلام اربعا وثلاثين سنة أو على المبالغة والتجوز، وقوله " في الحج " أى عن مسائله منذ أربعين عاما فتفتينى وما يفنى مسائله. (م ت)

(٢) أى كان يحجه الملائكة أو مع بنى الجان. (م ت)

(٣) لعل المراد انه تعالى رفعه صورة كما رفعه معنى.

والخبر رواه الكلينى ج ٤ ص ٥٤٠ باسناده عن أصرم بن حوشب وهو عامى موثق له كتاب، ولعله مخصوص بما إذا جرى السيل من غير عمل فلا ينافى جريان الماء من عرفات إلى مكة.

(٤) رواه الكلينى ج ٤ ص ٥٤٢ بسند فيه ارسال.

ولعل المراد أن الماء لا يبقى ثقله ولا يحس به إذا كان في حمل البعير مع غيره من الاحمال فينبغى أن لا ينفرد به البعير (مراد) وقال سلطان العلماء: أى لا ينبغى اكثار حمله وثقله على الجمل مزيدا على سائر ما حمله فانه ظلم عليه، نعم لو انفرد بحمله فلا بأس، وقال العلامة المجلسى: لعله محمول على المياه القليلة التى تشرب في الطريق وما يعلق على الاحمال منها.

٥١٩

٣١١٤ - و " كان علي عليه السلام يكره الحج والعمرة على الابل الجلالات "(١) .

٣١١٥ - وقال جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: " إذا كان أيام الموسم بعث الله تبار الله تعالى ملائكة في صور الآدميين يشترون متاع الحاج والتجار، قيل: ما يصنعون به؟ قال: يلقونه في البحر"(٢) .

وروي عن محمد بن عثمان العمري - رضي الله عنه - أنه قال: والله إن صاحب هذا الامر ليحضر الموسم كل سنة يرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه.

وروي عن عبدالله بن جعفر الحميري أنه قال: سألت محمد بن عثمان العمري - رضي الله عنه - فقلت له: رأيت صاحب هذا الامر؟ فقال: نعم وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: " اللهم انجز لي ما وعدتني " قال محمد بن عثمان - رضي الله عنه وأرضاه -: ورأيته صلوات الله عليه متعلقا بأستار الكعبة في المستجار وهو يقول: " الهم انتقم لي من أعدئك ".

٣١١٦ - وروي عن داود الرقي قال: " دخلت على أبي عبدالله عليه السلام ولي على رجل مال قد خفت تواه(٣) فشكوت ذلك إليه، فقال لي: إذا صرت بمكة فطف عن عبدالمطلب طوافا، وصل عنه ركعتين، وطف عن أبي طالب طوافا، وصل عنه ركعتين، وطف عن عبدالله طوافا، وصل عنه ركعتين، وطف عن آمنة [أم محمد] طوافا وصل عنها ركعتين، وطف عن فاطمة بنت أسد طوافا، وصل عنها ركعتين، ثم ادع الله عزو جل أن يرد عليك مالك، قال: ففعلت ذلك ثم خرجت من باب الصفا فإذا غريمي

___________________________________

(١) مروى في الكافى ج ٤ ص ٥٤٣ في الموثق عن اسحاق بن عمار عن جعفر عن آبائه عليهم السلام.

(٢) رواه الكلينى ج ٤ ص ٥٤٧ عن أحمد بن محمد، عن على بن ابراهيم التيملى عن ابن اسباط، عن رجل من أصحابنا، وعلى بن ابراهيم التيملى مجهول الحال وليس له عنوان في كتب الرجال والتيملى المعروف هو الحسن بن على بن فضال فان صح فيدل على كون الملائكة أجسام لطيفه يمكنهم التشكل بشكل الادميين وأنه يمكن لغير النبى والوصى أن يراهم ولا يعرفهم وعلى استحباب التجارة بمنى ومكة وان أمكن المناقشة فيه كما قاله العلامة المجلسى.

(٣) توى يتوى توى المال: هلك وضاع وتلف.

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640