من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه9%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267635 / تحميل: 8507
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

١٦٤٨ - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام " عن الملاحة فقال: وما الملاحة فقلت: أرض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحا، فقال: مثل المعدن فيه الخمس قلت: فالكبريت والنفط يخرج من الارض؟ فقال: هذا وأشباهه فيه الخمس(١) ".

١٦٤٩ - وقال الصادق عليه السلام: " إن الله لا إله إلا هو لما حرم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس، فالصدقة علينا حرام، والخمس لنا فريضة، والكرامة لنا حلال(٢) ".

١٦٥٠ - وروي عن أبي بصير قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: " أصلحك الله(٣) ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال: من أكل من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم "(٤) .

___________________________________

(١) الملاحة بشد اللام. والخبر يدل على وجوب الخمس مطلقا جامدا ومايعا.

(٢) الخبر رواه المصنف رحمه الله في الخصال!!! باب الخمسة تحت رقم ٥١ باسناده عن عيسى بن عبدالله العلوى. وفيه " ان الله الذى لا اله الا هو الخ " والمراد بالكرامة التحف و الهدايا، وفى الصحاح التكريم والاكرام بمعنى، والاسم منه الكرامة.

(٣) " أصلحك الله " أى جعلك الله متمكنا في الارض ظاهرا كما جعلك باطنا.

" وما أيسر " سؤال بما الاستفهامية أى أى شئ أقل ما يدخل به العبد النار.

(٤) قال المؤلف بعد نقل الخبر في كمال الدين ص ٥٢٢: معنى اليتيم هو المنقطع القرين في هذا الموضع، فسمى النبى صلى الله عليه وآله بهذا المعنى يتيما، وكذلك كل امام بعده يتيم بهذا المعنى، والاية في أكل أموال اليتامى ظلما نزلت فيهم وجرت بعدهم في سائر الايتام، والدرة اليتيمة انما سميت يتيمة لانها منقطعة القرين. أقول في الطريق على بن أبى حمزة البطائنى.

٤١

١٦٥١ - وسأل زكريا بن مالك الجعفي(١) أبا عبدالله عليه السلام " عن قول الله عزوجل " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربي واليتامى والمساكين وابن السبيل " قال: أما خمس الله فللرسول يضعه في سبيل الله، وأما خمس الرسول صلى الله عليه وآله فلاقاربه(٢) وخمس ذي القربى فهم أقرباؤه، واليتامى يتامى أهل بيته، فجعل هذه الاربعة الاسهم فيهم(٣) وأما المساكين وأبناء السبيل فقد عرفت أنا لا نأكل الصدقة ولا تحل لنا فهي للمساكين وأبناء السبيل "(٤) .

١٦٥٢ - وفي توقيعات الرضا عليه السلام إلى إبراهيم بن محمد الهمداني " إن الخمس بعد المؤونة"(٥) .

١٦٥٣ - وروى أبوعبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " أيما ذمي

___________________________________

(١) الطريق اليه فيه الحسين بن أحمد بن ادريس وهو من مشايخ الاجازة له ورواه في الخصال عن محمد بن ماجيلويه.

(٢) أى بالارث وقيامهم عليهم السلام مقامه صلى الله عليه وآله، وفيه اشعار بأن سهم الله عزوجل الذى كان للرسول صلى الله عليه وآله أيضا لهم لقيامهم مقامه وسيصرح بذلك في قوله " فجعل هذه الاربعة الاسهم فيهم ". (مراد)

(٣) قوله " وخمس ذى القدبى الخ " في قوة قوله وخمس ذى القربى أيضا لاقاربه صلى الله عليه وآله لان المراد بذوى القربى أقرباؤه فيكون قد جعل الله لهم. (مراد)

(٤) أى فلابد أن يكون لمساكيننا وأبناء سبيلنا ما يعيشون به عوضا عن الصدقة فجعل الله عزوجل هذين السهمين لهم (مراد) أقول: راجع بيان هذا الخبر الشريف في الجزء الثالث (جزء الزكاة) من مصباح الفقيه للفقيه الهمدانى قدس سره ص ١٤٥.

(٥) الظاهر أن المراد بالمؤونة مؤونة السنة كما تقدم وسيجئ (م ت) أقول: قد صرح جماعة كثيرة من الفقهاء بأن المراد من المؤونة كل ما ينفقه على نفسه وعياله وغيرهم للاكل والشرب واللباس والمسكن والتزويج والخادم وأثاث البيت والكتب وغير ذلك مما يعد مؤونة عرفا، فتعم مثل الهبة والصدقة والصلة والنذر من الامور الواجبة والمندوبة ما لم يتجاوز عن الحد ولم يعد اسرافا أو تبذيرا أو يكون فوق الشأن.

(٦) طريق المؤلف إلى أبى عبيدة الحذاء وهو زياد بن عيسى الكوفى الثقة غير مذكور في المشيخة، والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٣٨٩ بسند صحيح.

وهو المعمول به عند فقهائنا رضوان الله تعالى عليهم.

٤٢

اشترى من مسلم أرضا فعليه الخمس ".

١٦٥٤ - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس فيقول: يا رب خمسي. وقد طيبنا(١) ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم أو لتزكوا ولادتهم "(٢) .

١٦٥٥ - وجاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: " يا أمير المؤمنين أصبت مالا أغمضت فيه أفلي توبة(٣) ؟ قال: ائتني بخمسه فأتاه بخمسه، فقال: هو لك إن الرجل إذا تاب تاب ماله معه "(٤) .

١٦٥٦ - وسئل أبوالحسن عليه السلام(٥) " عن الرجل يأخذ منه هؤلاء زكاة ماله أو خمس غنيمته، أو خمس ما يخرج له من المعادن أيحسب ذلك له في زكاته وخمسه؟ فقال: نعم "(٦) .

١٦٥٧ - وروي عن أبي علي بن راشد(٧) قال: قلت لابي الحسن الثالث عليه السلام: " إنا نؤتى بالشئ فيقال: هذا كان لابي جعفر عليه السلام عندنا، فكيف نصنع؟ فقال: ما كان لابي جعفر عليه السلام بسبب الامامة فهو لي وما كان غير ذلك فهو ميراث على كتاب الله

___________________________________

(١) في بعض النسخ " وقد أحللنا ".

(٢) يمكن أن يكون الترديد من الراوى، ورواه الكلينى ج١ ص٥٤٦ والشيخ في التهذيب ج١ص٣٨٨. وفى بعض النسخ الفقيه مكان " ولادتهم " " أولادهم ".

(٣) أى مالاحظت الحرام والحلال في تحصيله أو تساهلت في أحكام البيع والشراء، فخلطت الحلال بالحرام.

(٤) رواه الشخ باسناده عن الحسن بن زياد عن الصادق عليه السلام مع اختلاف في اللفظ راجع التهذيب ج ١ ص ٣٨٤ و ٣٨٩ وحمل على ما إذا كان قدر المال وصاحبه مجهولين ولعل مصرفه مصرف الصدقات.

(٥) في بعض النسخ " سئل أبوعبدالله عليه السلام ".

(٦) تقدم الكلام فيه في أبواب الزكاة.

(٧) هو من وكلاء الهادى عليه السلام أقامه مقام الحسين بن عبد ربه وكتب عليه السلام إلى الموالى ببغداد والمدائن والسواد وما يليها: قد أقمت أبا على بن راشد مقام الحسين بن عبد ربه ومن قبله من وكلائى وأوجبت في طاعته طاعتى وفى عصيانه الخروج إلى عصيانى.

٤٣

وسنة نبيه صلى الله عليه وآله "(١) .

١٦٥٨ - وروى عبدالله بن بكير عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " إني لآخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن أكثر أهل المدينة مالا(٢) ما أريد بذلك إلا أن تطهروا "(٣) .

١٦٥٩ - وروي عن يونسبن يعقوب قال: " كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فدخل عليه رجل من القماطين(٤) فقال: جعلت فداك تقع في أيدينا الارباح والاموال وتجارات نعرف أن حقك فيها ثابت وإنا عن ذلك مقصرون؟ فقال عليه السلام: ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم "(٥) .

١٦٦٠ - وروي عن علي بن مهزيار أنه قال: " قرأت في كتاب لابي جعفر عليه السلام إلى رجل يسأله أن يجعله في حل من مأكله ومشربه من الخمس، فكتب عليه السلام بخطه: من أعوزه شئ من حقي فهو في حل "(٦) .

١٦٦١ - وروى أبان بن تغلب عن أبي عبدالله عليه السلام " في الرجل يموت ولا وارث

___________________________________

(١) يعنى ما كان فيه من سهم الامام عليه السلام فهو للامام الذى بعده وما كان من الاموال الشخصية له دون السهم فهو لورثته يقسم فيهم على ما فرض الله وسن نبيه صلى الله عليه وآله وذلك لان مال الغنيمة لا يصير ملكا لاربابها ما لم يصل اليهم وكذا حصة الامام عليه السلام.

(٢) أى انى لمن الذين هم أكثر مالا في أهل المدينة. (مراد)

(٣) أى من الاثام التى تحصل بسبب منع الخمس أو مطلقا. ويمكن أن يقرء " تطهروا " بالتخفيف أى تطهروا من حقنا كما قال الفاضل التفرشى.

(٤) القماط كشداد: من يصنع القمط للصبيان والقمط بضمتين: الحبال. وقيل: القماط من يعمل بيوت القصب.

(٥) أى ما عملنا معكم بالعدل ان كلفناكم ذلك أى اعطاء حقنا ايانا اليوم الذى أنتم في التقية، وأيدى الظلمة. في الصحاح نصف أى عدل يقال: أنصفه من نفسه.

(٦) " من الخمس " أى فيما كان فيه الخمس أو من زيادة الارباح. و " اعوزه " في الصحاح أعوزه الشئ إذا احتاج اليه فلم يقدر عليه ولعل معنى الاعواز هنا الاحتياج الشديد أى أحوجه شئ من حقنا اليه والاسناد مجازى. (مراد)

٤٤

له ولا مولى له؟ فقال: هو من أهل هذه الآية: " يسلونك عن الانفال ".(١) .

١٦٦٢ - وروى عنه داود بن كثير الرقي أنه قال: " إن الناس كلهم يعيشون في فضل مظلمتنا إلا أنا أحللنا شيعتنا من ذلك "(٢) .

١٦٦٣ - وروى حفص بن البختري(٣) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إن جبرئيل عليه السلام كرى برجله خمسة أنهار(٤) ولسان الماء يتبعه: الفرات، ودجلة، ونيل مصر، ومهران، ونهر بلخ(٥) فما سقت أو سقي منها فللامام والبحر المطيف بالدنيا " وهو أفسيكون(٦) .

___________________________________

(١) يعنى وارثه الامام، فهو الوارث لمن لا وارث له.

(٢) الظاهر أن اضافة الفضل إلى المظلمة بيانية أى فضل مال هو مظلمتنا. وفى الصحاح الظلامة والمظلمة والظليمة: ما تطلبه عند الظالم وهو اسم ما أخذ منك.

(٣) رواه المصنف رحمه الله في الخصال بسند صحيح.

(٤) كرى كرضى: استحدث نهره، وكريت النهر كريا: حفرته.

(٥) الفرات هو النهر المشهور الذى ينبع في ارمينيا ويمر بسوريا إلى العراق حتى ينتهى إلى الخليج الفارسى. ونهر دجلة مخرجه من جبل بقرب آمد عند حصن هناك معروف بحصن ذى القرنين ومن تحته تخرج عين دجلة وكلما امتد انضم اليه مياه جبال ديار بكر وغيرها وينتهى إلى البحر بعد أن يقترن بالفرات ويشترك في مصبه في الخليج.

والنيل نهر يخرج من بحيرة فيكتوريا فيجتاز السودان وينتهى إلى بلاد النوبة ثم إلى مصر حيث يبلغ القاهرة ومنها يتشعب بالدلتا فينصب في البحر المتوسط.

ومهران شبهه الاصطخرى بالنيل في الكبر والنفع، مخرجه من ظهر جبل في الشمال وهو في بلاد السند وعليه كثير من المدن وأهمها الملتان.

ونهر بلخ وهو جيحون ومنبعه منم بحيرة في التبت الصغرى وعليه روافد كثيرة، وهو يصب في جنوب بحر آرال " بحيرة قزوين " وهذه الانهار الخمسة هى التى يستقى منها كثير من الخلق.

(٦) هذا الخبر رواه الكلينى في الكافى ج ١ ص ٤٠٩ وليس فيه " وهو أفسيكون " والظاهر أنه من كلام الصدوق رحمه الله فسربه البحر المطيف بالدنيا، وقال بعض الشراح المراد بالمطيف بالدنيا المحيط بالدنيا وهو لا يلائم تفسير المؤلف ولا تساعد عليه الخرائط الجغرافية الحديثة لان أفسيكون معرب آبسكون وهو بحر الخزر، قال في المراصد ومعجم البلدان آبسكون بفتح لهمزة وسكون الالف وفتح الباء الموحدة وسين مهملة ساكنة و كاف مضمونة وواو ساكنة ونون وقيل: بغير ألف ولا مد: بليدة على ساحل بحر طبرستان وبيها وبين جرجان ثلاثة أميال " فسمى البحر باسم البلدة. وقيل: المشهور أنه شعبة من البحر المحيط. والعلم عند الله.

٤٥

باب حق الحصاد والجذاذ (١)

قال الله تعالى: " وآتوا حقه يوم حصاده " وهو أن تأخذ بيدك الضغث بعد الضغث(٢) فتعطيه المسكين ثم المسكين حتى تفرغ منه، وعند الصرام الحفنة بعد الحفنة(٣) حتى تفرغ منه، ومن الجذاذ الحفنة بعد الحفنة حتى تفرغ منه(٤) ويترك

___________________________________

(١) الجذاذ بالمعجمتين: الصرام وهو قطع الثمرة وصرام النخل قطع ثمرتها.

وفى بعض النسخ، الجداد بالمهملتين وهو بمعنى القطع أيضا وقال ابن ادريس هو الصواب ونسب قراء‌ة الجذاذ بالذالين إلى المتفقهة.

(٢) الضغث بالكسر والفتح قبضة من الحشيش يختلط فيها الرطب واليابس.

(٣) تقدم أن الصرام بمعنى القطع. والحفنة بالفتح: مل‌ء الكفين ومنه اعطاء حفنة من دقيق (النهاية) وفى أقرب الموارد بضم الحاء وقالوا: الحفنة مل‌ء الكف دون الكفين.

(٤) قال في المدارك: المشهور بين الاصحاب أنه ليس في المال حق واجب سوى الزكاة والخمس، وقال الشيخ في الخلاف في المال حق سوى الزكاة المفروضة وهو ما يخرج يوم الحصاد من الضغث بعد الضغث والحفنة بعد الحفنة.

احتج الموجبون بالاخبار وقوله تعالى " و آتوا حقه يوم حصاده " وأجيب عن الاخبار بأنها انما تدل على الاستحباب لا الوجوب، وعن الآية باحتمال أن يكون المراد بالحق الزكاة المفروضة كما ذكره جمع من المفسرين وأن يكون المعنى فاعزموا على أداء الحق يوم الحصاد واهتموا به حتى لا تؤخروه عن أول وقت فيه يمكن الايتاء لان قوله: " وآتوا حقه " انما يحسن إذا كان الحق معلوما قبل ورود الآية، لكن ورد في أخبارنا انكار ذلك روى السيد المرتضى رضى الله عنه في الانتصار عن أبى جعفر (ع) في قوله تعالى " وآتوا حقه يوم حصاده " قال: ليس ذلك الزكاة ألا ترى أنه قال " ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين " قال المرتضى: وهذه نكتة منه عليه السلام مليحة، لان النهى عن السرف لا يكون الا فيما ليس بمقدر والزكاة مقدرة، وثانيا بحمل الامر على الاستحباب كما تدل عليه رواية معاوية بن شريح وحسنة زرارة ومحمد بن مسلم وأبى بصير في الكافى.

وجه الدلالة أن المتبادر من قوله عليه السلام في حسنة الفضلاء " هذا من الصدقة " الصدقة المندوبة.

٤٦

للحارس(١) يكون في الحائط أجرا معلوما، ويترك من النخلة معافارة، وأم جعرور(٢) ويترك للحارس العذق والعذقين والثلاثة لحفظه له(٣) وأما قوله تعالى: " ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين " فالاسراف أن تعطي بيديك جميعا(٤) .

١٦٦٤ - وقال الصادق عليه السلام: " لا تحصد بالليل، ولا تصرم بالليل، ولا تجذ بالليل، ولا تضح بالليل(٥) ولا تبذر بالليل لانك تعطي في البذر كما تعطي في الحصاد و متى فعلت ذلك بالليل لم يحضرك المساكين والسؤال ولا القانع ولا المعتر "(٦) .

١٦٦٥ - وروي عن مصادق قال: " كنت مع أبي عبدالله عليه السلام في أرض له وهم يصرمون فجاء سائل يسأل فقلت: الله يرزقك، فقال: مه ليس ذاك لكم حتى تعطوا ثلاثة فإن

___________________________________

(١) هو الذى يحرس الزرع ويحفظه، وفى بعض النسخ " الخارص " بالمعجمة والصاد وهو الذى يخرص الثمرة أى يقدرها، وصوبه بعض لكن في الكافى كما في المتن.

(٢) معافارة وأم جعرور: ضربان رديان من أردى التمر. (مجمع البحرين)

(٣) العذق: النخلة بحملها، والقنو من النخلة والعنقود من العنب (القاموس) والى هنا مأخوذ من خبر معاوية بن شريح وخبر الفضلاء: محمد بن مسلم وأبى بصير وزرارة المرويين في الكافى ج ٣ ص ٥٦٤ و ٥٦٥.

(٤) كما في قرب الاسناد في حديث البزنطى عن الرضا عليه السلام قال: " من الاسراف في الحصاد والجداد أن يصدق الرجل بكفيه جميعا قال وكان أبى عليه السلام إذا حضر حصد شئ ومن هذا فرأى أحدا من غلمانه يصدق بكفيه صاح به وقال: أعطه بيد واحدة القبضة بعد القبضة والضغث بعد الضغث من السنبل الحديث " ورواه العياشى في التفسير ج ١ ص ٣٧٩.

(٥) من ضحى يضحى تضحية أى لا تذبح الاضحية بالليل " ولا تبذر " من البذر وبذر الحب بذرا ألقاه في الارض للزراعة.

(٦) الخبر في الكافى ج ٣ ص ٥٦٥ بسند قوى مع زيادة واختلاف في اللفظ.

وفيه " فقلت: ما القانع والمعتر؟ قال: القانع الذى يقنع بما أعطيته، والمعتر الذى يمر بك فيسألك "الخ.

٤٧

أعطيتم بعد ذلك فلكم، وإن أمسكتم فلكم "(١)

باب الحق المعلوم والماعون

١٦٦٦ - روى سماعة عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " الحق المعلوم ليس من الزكاة هو الشئ تخرجه من مالك إن شئت كل جمعة، وإن شئت كل شهر، ولكل ذي فضل فضله، وقول الله عزوجل: " وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم " فليس من الزكاة، والماعون ليس من الزكاة هو المعروف تصنعه، والقرض تقرضه، ومتاع البيت تعيره، وصلة قرابتك ليس من الزكاة وقال عزوجل: " والذين في أموالهم حق معلوم " فالحق المعلوم غير الزكاة وهو شئ يفرضه الرجل على نفسه أنه في ماله و نفسه، ويجب له أن يفرضه على قدر طاقته وسعته "(٢) .

باب الخراج والجزية

١٦٦٧ - روي عن مصعب بن يزيد الانصاري قال: " استعملني(٣) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على أربعة رساتيق المداين(٤) البهقباذات(٥) ، وبهر سير ونهر

___________________________________

(١) رواه الكلينى في الكافى ج ٣ ص ٥٦٦ بسند ضعيف.

(٢) في بعض النسخ " ووسعه ". والخبر في الكافى ج ٣ ص ٤٩٨ مع اختلاف وتقديم وتأخير وفيه " فالحق المعلوم غير الزكاة وهو شئ يفرضه الرجل على نفسه في ماله، يجب عليه أن يفرضه على قدر طاقته وسعة ماله ".

(٣) أى جعلنى عاملا.

(٤) رساتيق جمع رستاق معرب روستا.

(٥) البهقباذات: هى ثلاثة الاعلى والاوسط والاسفل، والاعلى يشمل!!! بابل والفلوجتان العليا والسفلى وبهمن اردشير وأبز قباذ وعين التمر، والاوسط يشمل نهر البدأة وسورا وباروسما ونهر الملك، والاسفل يشمل خمسة طساسيج كانت على الفرات الاسفل حيث يدخل البطائح.

٤٨

جوبر، ونهر الملك(١) وأمرني أن أضع على كل جريب زرع غليظ درهما ونصفا وعلى كل جريب وسط درهما، وعلى كل جريب زرع رقيق ثلثي درهم، وعلى كل جريب كرم عشرة دراهم، وعلى كل جريب نخل عشرة دراهم، وعلى كل جريب البساتين التي تجمع النخل والشجرة عشرة دارهم، وأمرني أن ألقي كل نخل شاذ عن القرى لمارة الطريق وأبناء السبيل، ولا آخذ منه شيئا، وأمرني أن أضع على الدهاقين الذين يركبون البراذين(٢) ويتختمون بالذهب على كل رجل منهم ثمانية وأربعين درهما، وعلى أوساطهم والتجار منهم على كل رجل أربعة وعشرين درهما، وعلى سفلتهم وفقرائهم على كل إنسان منهم اثني عشر درهما، قال: فجبيتها(٣) ثمانية عشر ألف ألف درهم في سنة ".

١٦٦٨ - وروى فضيل بن عثمان الاعور عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " ما من مولود يولد إلا على الفطرة(٤) فأبواه اللذان يهودانه وينصرانه ويمجسانه(٥) وإنما أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله الذمة وقبل الجزية عن رؤوس أولئك بأعيانهم على أن لا يهودوا

___________________________________

(١) بهرسير بفتح الموحدة وضم الهاء وفتح الراء وكسر السين من نواحى بغداد، ونهر جوبر بالنون والهاء والراء والجيم المفتوحة وفتح الموحدة والراء من سواد بغداد وقيل من طساسيج كورة استان أردشيربابكان وهى على امتداد نهر كوثى والنيل، ولعل الاصل نهر جوبرة وهو نهر معروف بالبصرة. ونهر الملك هو أحد الانهر التى كانت تحمل من الفرات إلى دجلة وأوله عند قرية الفلوجة ومصبه في دجلة أسفل من المدائن بثلاثة فراسخ. راجع المسالك والممالك.

(٢) الدهاقين جمع دهقان معرب والمراد هنا كبراء الفلاحين من المجوس، والبراذين جمع برذون مركب عراقى.

(٣) من الجباية أى جمعتها.

(٤) أى على فطرة التوحيد والاسلام كما قال الله عزوجل " فطرة الله التى فطر الناس عليها ".

(٥) في القاموس مجسه تمجيسا صيره مجوسيا.

٤٩

أولادهم ولا ينصروا، وأما أولاد أهل الذمة اليوم فلا ذمة لهم ".(١) .

١٦٦٩ - وفي رواية علي بن رئاب، عن زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الجزية من أهل الذمة على أن لا يأكلوا الربا، ولا يأكلوا لحم الخنزير، ولا ينكحوا الاخوات، ولا بنات الاخ، ولا بنات الاخت، فمن فعل ذلك منهم [فقد] برئت منه ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله، وقال: ليست لهم اليوم ذمة "(٢) .

١٦٧٠ - وروى حريز، عن زرارة قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " ما حد الجزية على أهل الكتاب؟ وهل عليهم في ذلك شئ موظف لا ينبغي أن يجوز(٣) إلى غيره؟ فقال: ذلك إلى الامام يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ماله وما يطيق، إنما هم قوم فدوا أنفسهم أن لا يستعبدوا أو يقتلوا، فالجزية يؤخذ منهم على قدر ما يطيقون

___________________________________

(١) لان هؤلاء غير أولئك، أو لانهم لا يعملون بشرائط الذمة، وهو أظهر معنى، والاول لفظا (م ت) وقال سلطان العلماء: أى أهل الذمة في هذا العصر فانهم أولاد أهل الذمة في عصر الرسول صلى الله عليه وآله، ولعل المراد بهذا الكلام أن الذمة التى أعطاها رسول الله صلى الله عليه وآله لما كانت مخصوصة بأعيان تلك الاشخاص فلا ينفع في ذمة أولادهم فلابد لهم من ذمة اخرى من امام العصر، ولما لم يكن فلا ذمة لهم.

وقال الفاضل التفرشى: قوله " الا على الفطرة " أى على فطرة الاسلام وخلقته أى المولود خلق في نفسه على الخلقة الصحيحة التى لو خلى وطبعه كان مسلما صحيح الاعتقاد والافعال وانما يعرض له الفساد من خارج فصيرورته يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا انما هى من قبل أبويه غالبا لانهما أشد الناس اختلاطا وتربية له، ولعل وجه انتفاء ذمتهم أن ذمة رسول الله صلى الله عليه وآله لم تشملهم بل أعطاهم الذمة بسبب أن لا يفسدوا اعتقاد أولادهم ليحتاجوا إلى الذمة.

ولم يعطوا الذمة من قبل الاوصياء عليهم السلام لعدم تمكنهم في تصرفات الامامة و انما يعطوها من قبل من ليس له تلك الولاية فاذا ظهر الحق وقام القائم عليه السلام لم يقروا على ذلك ولا يقبل منهم الا الاسلام.

وأخذ الجزية منهم في هذا الزمان من قبيل أخذ الخراج من الارض، والمنع عن التعرض لهم باعتبار الامان، وأما قوله في حديث زرارة الاتى " ذلك إلى الامام " فمعناه أنه إذا كان متمكنا ويرى المصلحة في أخذ الجزية منهم كما وقع في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وهو لا نافى انتفاء الذمة عنهم اليوم.

أقول: قوله " ولا يقبل منهم الا الاسلام " رجم بالغيب مبتن على الوهم.

(٢) لانهم لم يعملوا بالشروط المذكورة.

(٣) كذا، والصحيح " أن يجوزوا ".

٥٠

له أن يأخذهم به حتى يسلموا، فإن الله عزوجل قال: " حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون"(١) وهو لا يكترث بما يؤخذ منه حتى يجد ذلا لما أخذ منه فيألم لذلك فيسلم ".

١٦٧١ - وقال محمد بن مسلم(٢) قلت لابي عبدالله عليه السلام: " أرأيت ما يأخذ هؤلاء من هذا الخمس(٣) من أرض الجزية ويأخذون من الدهاقين جزية رؤوسهم أما عليهم في ذلك شئ موظف؟ فقال: كان عليهم ما أجازوا على نفوسهم وليس للامام أكثر من الجزية، إن شاء الامام وضع ذلك على رؤوسهم وليس على أموالهم شئ، وإن شاء فعلى أموالهم وليس على رؤوسهم شئ(٤) ، فقلت: فهذا الخمس؟ فقال: إنما هذا شئ كان صالحهم عليه رسول الله صلى الله عليه وآله "(٥) .

١٦٧٢ - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في أهل الجزية " يؤخذ من أموالهم ومواشيهم شئ سوى الجزية؟ قال: لا ".

___________________________________

(١) استشهاد على أن له أن يأخذ منهم قدر وسعهم ليتألموا فيسلموا (مراد) والصاغر الراضى بالذل، والغريب، وفى الصحاح " يقال: ما أكترث له أى ما ابالى به " يعنى لا يبالى لما يؤخذ منه حتى يجد أى ما لم يجد ذلا لما أخذ منه.

وظاهر الاية وجوب أدائها بيده لا المبعث بيد وكيله بل يؤدى بيده إلى أن يقول المصدق: بس. (م ت)

أقول: سقطت هنا جملة " وكيف يكون صاغرا " وموجودة في الكافى ج ٣ ص ٥٦٦.

(٢) رواه الكلينى في الحسن كالصحيح مع الذى تقدم في حديث راجع ج ٣ ص ٥٦٦.

(٣) أى من الذى وضع عمر على نصارى تغلب من تضعيف الزكاء ورفع الجزية.

(٤) كأن المراد أنهم وان أجازوا على أنفسهم لكن ليس للامام العدل أن يفعل ذلك، أو المراد أنه ليس لها مقدار مقدر مخصوص لكن كلما قدر لهم ينبغى أن يوضع اما على رؤوسهم واما على أموالهم (المرآة) والمشهور عدم جواز الجمع بين الرؤوس والاراضى وينافيه خبر مصعب المتقدم، وقيل يجوز.

(٥) قال بعض الشراح: الظاهر أنه عليه السلام بين أن هذا الخمس من فعل عمر أو من البدع وليس للامام أن يقرره عليهم ولم يفهم السائل ولما أعاد السؤال اضطر في أن يتقى فقال: انما هذا شئ كان صالحهم عليه رسول الله صلى الله عليه وآله.

٥١

١٦٧٣ - قال:(١) وسألت أبا عبدالله عليه السلام " عن صدقات أهل الذمة وما يؤخذ من جزيتهم من ثمن خمورهم ولحم خنازيرهم وميتتهم؟ فقال: عليهم الجزية في أموالهم تؤخذ منهم من ثمن لحم الخنزير أو خمر وكلما أخذوا من ذلك فوزر ذلك عليهم و ثمنه للمسلمين حلال يأخذونه في جزيتهم"(٢) .

١٦٧٤ - وروى طلحة بن زيد عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " جرت السنة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه(٣) ، ولا من المغلوب على عقله ".

١٦٧٥ - وروى حفص بن غياث قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن النساء كيف سقطت الجزية ورفعت عنهن؟ فقال: لان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء والولدان في دار الحرب إلا أن يقاتلن وإن قاتلت أيضا فأمسك عنها ما أمكنك ولم تخف خللا(٤) فلما نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن قتلهن في دار الحرب كان ذلك في دار الاسلام أولى(٥) ولو امتنعت أن تؤدي الجزية لم يمكن قتلها فلما لم يمكن قتلها رفعت الجزية عنها ولو منع الرجال فأبوا أن يؤدوا الجزية كانوا ناقضين للعهد وحلت دماؤهم وقتلهم لان قتل الرجال مباح في دار الشرك والذمة، وكذلك المقعد من أهل الشرك والذمة(٦) والاعمى والشيخ الفاني والمرأة والولدان في أرض الحرب من أجل ذلك

___________________________________

(١) رواه الكلينى في الحسن كالصحيح عنه.

(٢) قال الفاضل التسترى رحمه الله: فيه دلالة على أن الكافر يؤخذ بما يستحله إذا كان حراما في شريعة الاسلام وأن ما يأخذونه على اعتقاد حل حلال علينا وان كان ذلك الاخذ حراما عندنا ولعل من هذا القبيل ما يأخذ الجائر من الخراج والمقاسمة وأشباههما.

(٣) عته عتها وهو معتوه من باب تعب: نقص عقله من غير جنون.

(٤) " لم تخف خللا " عطف على " أمكنك " فالامساك عن قتلها حين قاتلت مشروط بأمرين أحدهما امكان الاحتراز عن قتلها إلى قتل الرجال فلو لم يمكن ذلك كما إذا تترس الرجال بهن جاز قتلها، والاخر أن ابقاء‌ها لا يوجب خللا في قتال أهل الاسلام فاذا أورث ذلك خللا كما إذا كانت لها قوة وشجاعة بقتل أهل الاسلام جاز قتلها. (مراد)

(٥) لانها في دار الحرب كانت تعين أهل الحرب بخلاف دار الاسلام اذ لا حرب فيها.

(٦) أى مثل المرأة في رفع الجزية عنهم لامتناع قتلهم، فحينئذ يراد بأهل الشرك من كان من احدى الفرق الثلاث قبل اعطاء الذمة ووضع الجزية على رؤوسهم وأموالهم فانه حين يوضع الجزية عليهم لا يوضع على هؤلاء منهم، وبهذا الاعتبار ذكرت المرأة فيهم فالمشبه به المرأة التى هى أهل الذمة والمشبه أعم من أن يكون من أهل الذمة أو من أهل الشرك بالمعنى المذكور.

وفى الصحاح المقعد: الاعرج ولعل المراد هنا من لا يقدر على المشى. (مراد)

٥٢

رفعت عنهم الجزية ".

١٦٧٦ - وورى ابنمسكان عن الحلبي قال: " سأل رجل أبا عبدالله عليه السلام عن الاعراب أعليهم جهاد؟ فقال: ليس عليهم جهاد إلا أن يخاف على الاسلام فيستعان بهم، فقال: فلهم من الجزية شئ؟ قال: لا ".(١)

١٦٧٧ - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام عن سير [ة] الامام في الارض التي فتحت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إن أمير المؤمنين عليه السلام قد سار في أهل العراق بسيرة فهي إمام لسائر الارضين، وقال: إن أرض الجزية لا ترفع عنها الجزية وإنما الجزية عطاء المجاهدين، والصدقات لاهلها الذين سمى الله عزوجل في كتابه ليس لهم من الجزية شئ، ثم قال عليه السلام: ما أوسع العدل إن الناس يستغنون إذا عدل فيهم، وتنزل السماء رزقها، وتخرج الارض بركتها بإذن الله عزوجل ".

١٦٧٨ - والمجوس تؤخذ منهم الجزية لان النبي صلى الله عليه وآله قال: " سنوا بهم سنة أهل الكتاب".

وكان لهم نبي اسمه دامسب(٢) فقتلوه، وكتاب يقال له جاماسب(٣) كان يقع في

___________________________________

(١) هذا الخبر يدل بظاهره على سقوط الجهاد عن سكان البادية وعلى أنهم لا يستحقون الجزية لانها للمجاهدين أو المهاجرين وليسوا منهما.(م ت)

(٢) في بعض النسخ " داماست "

(٣) في الكافى ج ٣ ص ٥٦٧ باسناد مرسل قال: " سئل أبوعبدالله عليه السلام عن المجوس أكان لهم نبى؟ فقال: نعم أما بلغك كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أهل مكة أن أسلموا والا نابذتكم بحرب، فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أن خذ منا الجزية ودعنا على عبادة الاوثان، فكتب اليهم النبى صلى الله عليه وآله: أنى لست آخذ الجزية الا من أهل الكتاب فكتبوا اليه يريدون بذلك تكذيبه: زعمت أنك لا تأخذ الجزية الا من أهل الكتاب، ثم أخذت الجزية من مجوس هجر، فكتب اليهم النبى صلى الله عليه وآله ان المجوس كان لهم نبى فقتلوه وكتاب أحرقوه أتاهم نبيهم بكتابهم في اثنى عشر ألف جلد ثور " وفى شرح الارشاد: أن المجوس قوم كان لهم نبى وكتاب فحرقوه فاسم كتابهم جاماسب واسم نبيهم ذرادشت فقتلوه.

٥٣

اثني عشر ألف جلد ثور فحرقوه(١) .

١٦٧٩ - وسأل أبوالورد(٢) أبا جعفر عليه السلام عن مملوك نصراني لرجل مسلم عليه جزية؟ قال: نعم، قال: فيؤدي عنه مولاه المسلم الجزية؟ قال: نعم إنما هو ماله يفتديه إذا أخذ يؤدي عنه "(٣) .

وقد أخرجت ما رويت من الاخبار في هذا المعنى في كتاب الجزية.

باب فضل المعروف

١٦٨٠ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أول من يدخل الجنة المعروف وأهله و

___________________________________

(١) وقال الفاضل التفرشى: " لعلهم كانوا جعلوا أوراق الكتاب من جلد ثور عوضا عن القرطاس للاستحكام ". وقال بعض الشراح: ظاهر هذا الخبر أن القرطاس لم يكن يومئذ وكانوا يكتبون على الجلود والالواح.

(٢) الطريق اليه صحيح.

(٣) اختلف علماؤنا في ايجاب الجزية على المملوك فالمشهور عدم وجوبها عليه وهو قول العامة بأسرهم لقوله صلى الله عليه وآله: " لا جزية على العبد " لانه مال فلا يؤخذ منه كغيره من الحيوان، وقال قوم لا يسقط لقول الباقر عليه السلام وقد " سئل عن مملوك نصرانى لرجل مسلم أعليه جزية؟ قال: نعم.

قلت: فيؤدى عنه مولاه المسلم الجزية؟ قال: نعم انما هو ماله يفديه اذا أخذ يؤدى عنه ".

ولانه مشرك فلا يجوز أن يستوطن دار الاسلام بغير عوض كالحر ولا فرق بين أن يكون العبد لمسلم أو ذمى ان قلنا بوجوب الجزية عليه ويؤديه مولاه عنه (تذكرة الفقهاء) وقال المولى المجلسى رحمه الله: يدل الخبر على جواز أخذ الجزية من المسلم لاجل مملوكه الذمى وهو مشكل بناء على عدم تملك العبد، ومن اذلال المسلم بأخذ الجزية عنه.

٥٤

أول من يرد علي الحوض ".(١)

١٦٨١ - وقال عليه السلام: " أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة "(٢) .

وتفسيره أنه إذا كان يوم القيامة قيل لهم: هبوا حسناتكم لمن شئتم وادخلوا الجنة.(٣)

١٦٨٢ - وقال عليه السلام: " كل معروف صدقة، والدال على الخير كفاعله، والله يحب إغاثة اللهفان".(٤)

١٦٨٣ - وقال الصادق عليه السلام: " اصنع المعروف إلى كل أحد، فإن كان أهله وإلا فأنت أهله".

١٦٨٤ - وقال عليه السلام: " أيما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصل ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ".

١٦٨٥ - وقال عليه السلام: " المعروف شئ سوى الزكاة فتقربوا إلى الله عزوجل بالبر وصلة الرحم".

١٦٨٦ - وقال عليه السلام: " رأيت المعروف كاسمه، وليس شئ أفضل من المعروف إلا ثوابه، وذلك يراد منه، وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه

___________________________________

(١) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٢٨ وفى النهاية " المعروف اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله تعالى والتقرب اليه والاحسان إلى الناس، وكل ما ندب اليه الشرع ".

وقد يخص بما يتعدى إلى الغير وهو المراد هنا ظاهرا، وقوله: " أول من يدخل الجنة المعروف " اما على تجسم الاعمال واما على أنه سبب لدخولها.

(٢) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٢٩ وزاد في آخره " يقال لهم: ان ذنوبكم قد غفرت لكم فهبوا حسناتكم لمن شئتم ".

(٣) الظاهر أن المؤلف رحمه الله أخذ هذا التفسير من ذيل الحديث الذى نقلناه عن الكافى.

(٤) اللهفان: المتحسر والمكروب، والملهوف: المظلوم، واللهيف: المضطر.

٥٥

وليس كل من يرغب فيه يقدر عليه، ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه، فإذا اجتمعت الرغبة والقدرة والاذن فهناك تمت السعادة للطالب والمطلوب إليه ".

١٦٨٧ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " صنايع المعروف تقي مصارع السوء ".(١)

١٦٨٨ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أفضل صدقة صدقة عن ظهر غنى(٢) وابدأ بمن تعول، واليد العلياء خير من اليد السفلى، ولا يلوم الله عزوجل على الكفاف ".(٣)

١٦٨٩ - وقال صلى الله عليه وآله: " إن البركة أسرع إلى البيت الذى يمتار منه المعروف من الشفرة في سنام البعير، أو السيل إلى منتهاه "(٤) .

___________________________________

(١) أى تحفظ الانسان عن المهالك ومساقط السوء.

(٢) أى ما فضل عن قوت العيال وكفايتهم فاذا أعطيتها غيرك مما فضل عن قوت عيالك كانت عن استغناء منك ومنهم.

وقال الطريحى في المجمع في مادة " ظهر ": لا بعد أن يراد بالغنى ما هو الاعم من غنى النفس والمال، فان الشخص إذا رغب في ثواب الاخرة أغنى نفسه عن أعراض الدنيا وزهد فيما يعطيه وساوى من كان غنيا بماله فيقال: انه تصدق عن ظهر غنى فلا منافاة بينه وبين قوله عليه السلام " أفضل الصدقة جهد المقل ".

والظهر قد يرد في مثل هذا اشباعا للكلام وتمكينا كان صدقته مستندة إلى ظهر قوى من المال، ويقال ما كان ظهر غنى المراد نفس الغنى ولكنه أضيف للايضاح والبيان كما قيل: ظهر الغيب والمراد نفس الغيب ومنه نفس القلب ونسيم الصبا وهى نفس الصبا انتهى.

وفى بعض النسخ " على ظهر غنى ".

(٣) أى لا يلوم على الادخار للعيال لان الانفاق على العيال اعطاء.

يعنى إذا كان المال بقدر ما يكفى العيال فلا يلام على عدم الاعطاء، وقيل: إذا لم يكن عنده كفاف لايلام على المنع، والكفاف: الرزق.

(٤) يمتار أى يجلب وأكثر استعماله في جلب الطعام، والشفرة السكين العريض، و السنام: حدبة في ظهر البعير يقال له بالفارسية " كوهان ".

وفى الخبر دلالة على أن اصطناع المعروف سبب للزيادة في الدنيا والآخرة، والخبر في الكافى ج ٤ ص ٢٩ عن النبى صلى الله عليه وآله.

٥٦

١٦٩٠ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " لكل شئ ثمرة وثمرة المعروف تعجيله "(١)

١٦٩١ - وقال الصادق عليه السلام: " رأيت المعروف لا يصلح إلا بثلاث خصال تصغيره وستره وتعجيله، فإنك إذا صغرته عظمته عند من تصنعه إليه، وإذا سترته تممته وإذا عجلته هنأته، وإن كان غير ذلك محقته ونكدته "(٢) .

١٦٩٢ - وقال عليه السلام للمفضل بن عمر: " يا مفضل إذا أردت أن تعلم أشقي الرجل أم سعيد فانظر إلى معروفه إلى من يصنعه، فإن كان يصنعه إلى من هو أهله فاعلم أنه إلى خير، وإن كان يصنعه إلى غير أهله فاعلم أنه ليس له عند الله تعالى خير "(٣) .

١٦٩٣ - وقال عليه السلام: " إنما أعطاكم الله هذه الفضول من الاموال لتوجهوها حيث وجهها الله عزوجل ولم يعطكموها لتكنزوها ".

١٦٩٤ - وقال عليه السلام: " لو أن الناس أخذوا ما أمرهم الله به فأنفقوه فيما نهاهم عنه ما قبله منهم، ولو أخذوا ما نهاهم الله عنه فأنفقوه فيما أمرهم الله به ما قبله منهم حتى يأخذوه من حق وينفقوه في حق ".

١٦٩٥ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أتى إليه المعروف فليكاف به وإن عجز فليثن، فإن لم يفعل فقد كفر النعمة "(٤) .

١٦٩٦ - وقال الصادق عليه السلام: " لعن الله قاطعي سبيل المعروف، قيل: وما

___________________________________

(١) أى ان الثمرة مطلوبة من كل شئ وثمرة المعروف والمطلوب الاهم منه تعجيله وفى الكافى ج ٤ ص ٣٠ " تعجيل السراح " والسراح بالمهملات: الارسال والخروج من الامر بسرعة وسهولة وفى المثل " السراح من النجاح " يعنى إذا لم تقدر على قضاء حاجة أحد فآيسته فان ذلك من الاسعاف.

(٢) " محقته " أى أبطلت ثوابه. و " نكدته " أى ضيعته وقللته.

(٣) محمول على ما إذا علم أنه ليس من أهله فلا ينافى ما تقدم. والخبر يدل على وجوب رعاية وجه المصرف ومورد الاعطاء أفى حق أم باطل، وعلى حرمة تضييع المال.

(٤) يدل على رجحان شكر النعمة ولو بالثناء على المنعم.

٥٧

قاطعي(١) سبيل المعروف؟ قال: الرجل يصنع إليه المعروف فيكفره فيمنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره "(٢) .

باب ثواب القرض

١٦٩٧ - قال الصادق عليه السلام: " مكتوب على باب الجنة الصدقة بعشرة، والقرض بثمانية عشر ".

١٦٩٨ - وقال عليه السلام: " في قول الله عز وجل " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس " قال: المعروف القرض ".

١٦٩٩ - وقال عليه السلام: " ما من مؤمن أقرض مؤمنا يلتمس به وجه الله عزوجل إلا حسب له أجرها(٣) بحساب الصدقة حتى يرجع ماله إليه ".

١٧٠٠ - وقال عليه السلام: " قرض المؤمن غنيمة وتعجيل خير، إن أيسر أذاه وإن مات احتسب من زكاته "(٤) .

باب ثواب انظار المعسر

١٧٠١ - صعد(٥) رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر ذات يوم فحمد الله وأثنى عليه وصلى

___________________________________

(١) في بعض النسخ " قاطعوا " كما في الكافى.

(٢) اخبار هذا الباب كلها مروية في الكافى مسندة.

(٣) الضمير المؤنث راجع إلى القرض بتأويل الحسنة وفى الكافى " أجره " وهو أصوب، وقوله: " حتى يرجع ماله اليه " ظاهره أنه يثاب على ابقائه وقتا فوقتا مثل ثواب التصدق به فيرجع إلى ما يجئ في الانظار. (مراد)

(٤) في بعض النسخ " بزكاته ". وفى الكافى " من الزكاة ".

(٥) رواه الكلينى ج ٤ ص ٣٥ باسناده عن يحيى بن عبدالله بن الحسن المثنى عن الصادق عليه السلام.

٥٨

على أنبيائه عليهم السلام ثم قال: " أيها الناس ليبلغ الشاهد منكم الغائب: من أنظر معسرا(١) كان له على الله عزوجل في كل يوم ثواب صدقة بمثل ماله حتى يستوفيه(٢) وقال أبوعبدالله عليه السلام(٣) : قال الله عزوجل: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون (أنه معسر)(٤) " فتصدقوا عليه بمالكم فهو خير لكم ".

١٧٠٢ - وقال عليه السلام: " خلوا سبيل المعسر كما خلاه الله تبارك وتعالى "(٥) .

١٧٠٣ - وقال عليه السلام: " من أراد أن يظله الله عزوجل يوم لا ظل إلا ظله فلينظر معسرا أو ليدع له من حقه"(٦) .

باب ثواب تحليل الميت

١٧٠٤ - قيل للصادق عليه السلام: " إن لعبد الرحمن بن سيابة دينا على رجل قد مات وكلمناه أن يحلله فأبى فقال: ويحه أما يعلم أن له بكل درهم عشرة إذا حلله

___________________________________

(١) الانظار: التأخير والامهال.

(٢) يدل بظاهره على أن انظار المعسر ثوابه أفضل من الصدقة.

(٣) في الكافى " ثم قال أبوعبدالله عليه السلام ".

(٤) ظاهره ينافى ما سبق من أنه ان أنظر كان له في كل يوم ثواب الصدقة بمثله الا أن يخص ذلك بالصدقة على غير ذلك المعسر، وهذا بالصدقة عليه أو يحمل على تفاوت مراتب الصدقة والله أعلم، والظاهر في أمثال هذه المواضع المبالغة في كثرة الثواب لا خصوص المقدار الذى ذكر فلا بأس باختلاف المذكورات. (سلطان)

(٥) أى اتركوه وأعرضوا عنه كما تركه الله تعالى حيث قال: " فنظرة إلى ميسرة ".

والخبر رواه الكلينى باسناده عن يعقوب بن سالم عن أبى عبدالله عليه السلام.

(٦) " من " في قوله " من حقه " للتبعيض يعنى أو يخفف عنه ليتمكن من أدائه كما في الوافى أو يدع حقه رأسا.

٥٩

وإذا لم يحلله فإنما له درهم بدل درهم "(١) .

باب استدامة النعمة باحتمال المؤونة  (٢)

١٧٠٥ - قال الصادق عليه السلام: " من عظمت نعمة الله عليه اشتدت مؤونة الناس عليه(٣) ، فاستديموا النعمة باحتمال المؤونة، ولا تعرضوها للزوال(٤) ، فقل من زالت عنه النعمة فكادت تعود إليه "(٥) .

١٧٠٦ - وقال عليه السلام: " أحسنوا جوار نعم الله(٦) واحذروا أن تنتقل عنكم إلى غيركم، أما إنها لن تنتقل(٧) عن أحد قط فكادت ترجع إليه، وكان علي عليه السلام(٨) يقول: قل ما أدبر شئ فأقبل ".

___________________________________

(١) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٣٦ باسناده عن الحسن بن خنيس قال: " قلت لابى عبدالله عليه السلام: ان لعبد الرحمن بن سيابة الحديث ".

(٢) أى من كان يريد أن تدوم نعم الله تعالى عليه فليتحمل مؤونة الخلائق في ماله حتى تدوم.(م ت)

(٣) اما بتكليفه تعالى في الزكاة والخمس وغيرهما من الواجبات أو من توقع الناس وسؤالهم وطلبهم منه.

(٤) " فاستديموا الخ " أى اطلبوا دوام النعمة باعانة المؤمنين (سلطان) " ولا تعرضوها للزوال " أى بعدم القيام على الانفاق والاعانة وعدم الاحتمال لمؤونة الخلق.

والخبر رواه الكلينى بسند صحيح عنه عليه السلام.

(٥) يعنى أنه إذا زالت النعمة بسبب عدم تحمل مؤونات الناس فنادر أن تعود اليه بعد أن زالت.

والخبر في الكافى ج ٤ ص ٣٨ بسند صحيح على ما في المرآة.

(٦) أى مجاورتها بأداء حقوق الخالق والمخلوق.(م ت).

(٧) في بعض النسخ " لم تنتقل " كما في الكافى.

(٨) في الكافى " قال: وكان على عليه السلام ".

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

يده مع يد الذّابح، ويسمّي الله تعالى، ويقول « وَجَّهْتُ وَجْهِيَ » إلى قوله « وأنا من المسلمين » ثمَّ يقول: « اللهم منك ولك. بسم الله، والله أكبر. اللهمّ تقبّل منّي » ثمَّ يمرّ السّكين. ولا ينخعه حتّى يموت. ومن أخطأ في الذّبيحة، فذكر غير صاحبها، كانت مجزئة عنه بالنّيّة. وينبغي أن يبدأ أيضا بالذّبح قبل الحلق، وفي العقيقة بالحلق قبل الذّبح. فإن قدّم الحلق على الذّبح ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء.

ومن السّنّة أن يأكل الإنسان من هديه لمتعته، ومن الأضحيّة ويطعم القانع والمعترّ: يأكل ثلثه، ويطعم القانع والمعترّ ثلثه، ويهدي لأصدقائه الثّلث الباقي. وقد بيّنّا أنه لا يجوز أن يأكل من الهدي المضمون إلّا إذا كان مضطرّا. فإن أكل منه من غير ضرورة، كان عليه قيمته. ولا بأس بأكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام وادّخارها. ولا يجوز أن يخرج من منى من لحم ما يضحّيه. ولا بأس بإخراج السّنام منه. ولا بأس أيضا بإخراج لحم قد ضحّاه غيره. ويستحبّ أن لا يأخذ شيئا من جلود الهدي والأضاحي، بل يتصدّق بها كلّها. ولا يجوز أيضا أن يعطيها الجزّار. وإذا أراد أن يخرج شيئا منها لحاجته إلى ذلك، تصدّق بثمنه.

ولا يجوز أن يحلق الرّجل رأسه، ولا أن يزور البيت، إلا بعد الذّبح، أو أن يبلغ الهدي محلّه. وهو أن يحصل في رحله

٢٦١

فإذا حصل في رحله بمنى، وأراد أن يحلق، جاز له ذلك. ومتى فعل ذلك ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء. ومن وجبت عليه بدنة في نذر أو كفّارة، ولم يجدها، كان عليه سبع شياه. فإن لم يجد، صام ثمانية عشر يوما إمّا بمكّة أو إذا رجع إلى أهله.

والصّبيّ إذا حجّ به متمتّعا، وجب على وليّه أن يذبح عنه.

ومن لم يتمكّن من شراء هدي، إلّا يبيع بعض ثيابه التي يتجمّل بها، لم يلزمه ذلك، وكان الصوم مجزئا عنه.

ويجزي الهدي عن الأضحيّة. وإن جمع بينهما، كان أفضل. ومن لم يجد الأضحيّة، جاز له أن يتصدّق بثمنها. فإن اختلفت أثمانها، نظر إلى الثّمن الأوّل والثّاني والثّالث، وجمعها ثمَّ يتصدّق بثلثها، وليس عليه شي‌ء.

ومن نذر لله تعالى أن ينحر بدنة، فإن سمّى الموضع الذي ينحرها فيه، وجب عليه الوفاء به، وإن لم يسمّ الموضع، لم يجز له أن ينحرها إلّا بفناء الكعبة. ويكره للإنسان أن يضحّي بكبش قد تولّى تربيته، ويستحبّ أن يكون ذلك ممّا يشتريه.

باب الحلق والتقصير

يستحبّ أن يحلق الإنسان رأسه بعد الذّبح. وإن كان صرورة، لا يجزئه غير الحلق. وإن كان ممّن حجّ حجّة الإسلام، جاز له التّقصير، والحلق أفضل. اللهمّ إلّا أن يكون قد لبّد

٢٦٢

شعره. فإن كان كذلك، لم يجزئه غير الحلق في جميع الأحوال.

ومن ترك الحلق عامدا أو التّقصير إلى أن يزور البيت، كان عليه دم شاة. وإن فعله ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء، وكان عليه إعادة الطّواف. ومن رحل من منى قبل الحلق، فليرجع إليها، ولا يحلق رأسه إلّا بها مع الاختيار. فإن لم يتمكّن من الرّجوع إليها، فليحلق رأسه في مكانه، ويردّ شعره إلى منى، ويدفنه هناك فإن لم يتمكّن من ردّ الشعر، لم يكن عليه شي‌ء.

والمرأة ليس عليها حلق، ويكفيها من التّقصير مقدار أنملة.

وإذا أراد أن يحلق، فليبدأ بناصيته من القرن الأيمن ويحلق إلى العظمين ويقول إذا حلق: « اللهمّ أعطني بكلّ شعرة نورا يوم القيامة ». ومن لم يكن على رأسه شعر، فليمرّ الموسى عليه. وقد أجزأه. وإذا حلق رأسه، فقد حلّ له كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا النّساء والطّيب، إن كان متمتّعا. فإن كان حاجّا غير متمتّع، حلّ له كلّ شي‌ء إلّا النّساء. فإذا طاف طواف الزّيارة، حلّ له كلّ شي‌ء إلّا النّساء. فإذا طاف طواف النّساء، حلّت له أيضا النّساء.

ويستحبّ ألا يلبس الثّياب إلّا بعد الفراغ من طواف الزّيارة، وليس ذلك بمحظور. وكذلك يستحبّ ألّا يمسّ الطّيب إلّا بعد الفراغ من طواف النّساء، وإن لم يكن ذلك محظورا على ما قدّمناه.

٢٦٣

باب زيارة البيت والرجوع الى منى ورمي الجمار

فإذا فرغ من مناسكه بمنى، فليتوجّه إلى مكّة، وليزر البيت يوم النّحر، ولا يؤخره إلّا لعذر. فإن أخّره لعذر، زار من الغد ولا يؤخر أكثر من ذلك. هذا إذا كان متمتّعا. فإن كان مفردا أو قارنا، جاز له أن يؤخر الى أيّ وقت شاء، غير أنّه لا تحلّ له النّساء. وتعجيل الطّواف للقارن والمفرد أفضل من تأخيره.

ويستحبّ لمن أراد زيارة البيت أن يغتسل قبل دخول المسجد والطّواف بالبيت، ويقلّم أظفاره، ويأخذ من شاربه، ثمَّ ثمَّ يزور. ولا بأس أن يغتسل الإنسان بمنى، ثمَّ يجي‌ء إلى مكّة، فيطوف بذلك الغسل بالبيت. ولا بأس أن يغتسل بالنّهار ويطوف بالليل ما لم ينقض ذلك الغسل بحدث أو نوم. فإن نقضه بحدث أو نوم، فليعد الغسل استحبابا، حتّى يطوف وهو على غسل. ويستحبّ للمرأة أيضا أن تغتسل قبل الطّواف.

وإذا أراد أن يدخل المسجد، فليقف على بابه، ويقول: « اللهمّ أعنّي على نسكك » إلى آخر الدّعاء الذي ذكرناه في الكتاب المقدّم ذكره. ثمَّ يدخل المسجد، ويأتي الحجر الأسود فيستلمه ويقبّله. فإن لم يستطع، استلمه بيده وقبّل يده. فإن لم يتمكّن من ذلك أيضا، استقبله، وكبّر، وقال ما قال حين طاف بالبيت يوم قدم مكّة. ثمَّ يطوف بالبيت أسبوعا كما قدّمنا وصفه

٢٦٤

ويصلّي عند المقام ركعتين. ثمَّ ليرجع الى الحجر الأسود فيقبّله، إن استطاع، ويستقبله ويكبّر. ثمَّ ليخرج إلى الصّفا، فيصنع عنده ما صنع يوم دخل مكّة. ثمَّ يأتي المروة، ويطوف بينهما سبعة أشواط، يبدأ بالصّفا ويختم بالمروة.

فإذا فعل ذلك، فقد حلّ له كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا النّساء. ثمَّ ليرجع الى البيت، فيطوف به طواف النّساء أسبوعا، يصلّي عند المقام ركعتين، وقد حلّ له النّساء.

وأعلم أنّ طواف النّساء فريضة في الحجّ وفي العمرة المبتولة. وليس بواجب في العمرة التي يتمتّع بها الى الحج. فإن مات من وجب عليه طواف النّساء. كان على وليّه القضاء عنه. وإن تركه وهو حيّ، كان عليه قضاؤه. فإن لم يتمكّن من الرّجوع الى مكّة، جاز له أن يأمر من يتوب عنه. فإذا طاف النّائب عنه، حلّت له النّساء. وطواف النّساء فريضة على النّساء والرّجال والشّيوخ والخصيان، لا يجوز لهم تركه على حال.

فإذا فرغ الإنسان من الطّواف فليرجع إلى منى ولا يبيت ليالي التّشريق إلّا بها. فإن بات في غيرها، كان عليه دم شاة. فإن بات بمكّة ليالي التّشريق، ويكون مشتغلا بالطّواف والعبادة، لم يكن عليه شي‌ء. وإن لم يكن مشتغلا بهما، كان عليه ما ذكرناه، وان خرج من منى بعد نصف اللّيل، جاز له أن يبيت بغيرها، غير أنّه لا يدخل مكّة إلّا بعد طلوع الفجر. وإن تمكّن ألّا يخرج

٢٦٥

منها إلّا بعد طلوع الفجر، كان أفضل. ومن بات الثّلاث ليال بغير منى متعمّدا، كان عليه ثلاثة من الغنم. والأفضل أن لا يبرح الإنسان أيّام التّشريق من منى. فإن أراد أن يأتي مكّة للطّواف بالبيت تطوّعا، جاز له ذلك، غير أنّ الأفضل ما قدّمناه.

وإذا رجع الإنسان إلى منى لرمي الجمار، كان عليه أن يرمي ثلاثة أيّام: الثّاني من النّحر والثّالث والرّابع، كلّ يوم بإحدى وعشرين حصاة. ويكون ذلك عند الزّوال، فإنّه الأفضل. فإن رماها ما بين طلوع الشمس الى غروبها، لم يكن به بأس.

فإذا أراد أن يرمي، فليبدأ بالجمرة الأولى، فليرمها عن يسارها من بطن المسيل بسبع حصيات يرميهنّ خذفا. ويكبّر مع كلّ حصاة، ويدعوا بالدّعاء الذي قدّمناه. ثمَّ يقوم عن يسار الطّريق ويستقبل القبلة، ويحمد الله تعالى ويثني عليه، ويصلّي على النّبيّ وآله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمَّ ليتقدم قليلا ويدعوا ويسأله أن يتقبّل منه. ثمَّ يتقدّم أيضا ويرمي الجمرة الثّانية، ويصنع عندها كما صنع عند الأولى، ويقف ويدعوا، ثمَّ يمضي إلى الثّالثة فيرميها كما رمى الأوليين، ولا يقف عندها.

وإذا غابت الشّمس، ولم يكن قد رمى بعد، فلا يجوز له أن يرمي إلّا في الغد. فإذا كان من الغد، رمى ليومه مرّة، ومرّة قضاء لما فاته، ويفصل بينهما بساعة. وينبغي أن يكون الذي يرمي لأمسه بكرة، والذي ليومه عند الزّوال. فإن فاته رمي يومين،

٢٦٦

رماها كلّها يوم النّفر، وليس عليه شي‌ء. وقد بينا أنّه لا يجوز الرّمي باللّيل. وقد رخّص للعليل والخائف والرّعاة والعبيد الرّمي باللّيل. ومن نسي رمي الجمار الى أن أتى مكّة، عاد إلى منى، ورماها، وليس عليه شي‌ء. وحكم المرأة في جميع ما ذكرناه حكم الرّجل سواء.

فإن لم يذكر الى أن يخرج من مكّة، لم يكن عليه شي‌ء. إلّا أنّه إن حجّ في العام المقبل، أعاد ما كان قد فاته من رمي الجمار. وإن لم يحجّ أمر وليّه أن يرمي عنه. فإن لم يكن له وليّ، استعان برجل من المسلمين في قضاء ذلك عنه.

والترتيب واجب في الرّمي. يجب أن يبدأ بالجمرة العظمى ثمَّ الوسطى ثمَّ جمرة العقبة. فمن خالف شيئا منها، أو رماها منكوسة، كان عليه الإعادة. ومن بدأ بجمرة العقبة ثمَّ الوسطى ثمَّ الأولى، أعاد على الوسطى ثمَّ جمرة العقبة وقد أجزأه. فإن نسي فرمى الجمرة الأولى بثلاث حصيات، ورمى الجمرتين الأخريين على التّمام، كان عليه ان يعيد عليها كلّها. وإن كان قد رمى من الجمرة الأولى بأربع حصيات ثمَّ رمى الجمرتين على التّمام، كان عليه أن يعيد على الأولى بثلاث حصيات. وكذلك إن كان قد رمى على الوسطى أقل من أربعة، أعاد عليها وعلى ما بعدها. وإن رماها بأربعة، تمّمها، وليس عليه شي‌ء من الإعادة على الثّالثة. ومن رمى جمرة بست حصيات، وضاعت عنه واحدة،

٢٦٧

أعاد عليها بحصاة، وإن كان من الغد. ولا يجوز له أن يأخذ من حصى الجمار فيرمي بها. ومن علم أنّه قد نقص حصاة واحدة، ولم يعلم من أي الجمار هي، أعاد على كلّ واحدة منها بحصاة. فإن رمى بحصاة، فوقعت في محمله، أعاد مكانها حصاة أخرى. فإن أصابت إنسانا أو دابّة، ثمَّ وقعت على الجمرة، فقد أجزأه.

ولا بأس أن يرمي الإنسان راكبا. وإن رمى ماشيا، كان أفضل ولا بأس أن يرمى عن العليل والمبطون والمغمى عليه والصّبيّ.

وينبغي أن يكبّر الإنسان بمنى عقيب خمس عشرة صلاة. يبدأ بالتّكبير يوم النّحر من بعد الظّهر إلى صلاة الفجر من اليوم الثّالث من أيّام التّشريق، وفي الأمصار عقيب عشر صلوات، يبدأ عقيب الظّهر من يوم النّحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثّاني من أيّام التّشريق، ويقول في التّكبير: « الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، والله أكبر، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا ورزقنا من بهيمة الأنعام ».

باب النفر من منى ودخول الكعبة ووداع البيت

لا بأس أن ينفر الإنسان من منى اليوم الثّاني من أيّام التّشريق وهو اليوم الثّالث من يوم النّحر. فإن أقام إلى النّفر الأخير، وهو اليوم الثّالث من أيّام التّشريق والرّابع من يوم النّحر، كان أفضل. فإن كان ممّن أصاب النّساء في إحرامه أو صيدا، لم يجز له أن

٢٦٨

ينفر في النّفر الأوّل. ويجب عليه المقام الى النّفر الأخير. وإذا أراد أن ينفر في النّفر الأوّل، فلا ينفر إلّا بعد الزّوال، إلّا أن تدعوه ضرورة إليه من خوف وغيره، فإنّه لا بأس أن ينفر قبل الزّوال، وله أن ينفر بعد الزّوال ما بينه وبين غروب الشّمس. فإذا غابت الشّمس، لم يجز له النّفر، وليبت بمنى الى الغد. وإذا نفر في النّفر الأخير، جاز له أن ينفر من بعد طلوع الشّمس أيّ وقت شاء. فإن لم ينفر وأراد المقام بمنى، جاز له ذلك، إلّا الإمام خاصّة، فإنّ عليه أن يصلّي الظّهر بمكّة.

ومن نفر من منى، وكان قد قضى مناسكه كلّها، جاز له أن لا يدخل مكّة. وإن كان قد بقي عليه شي‌ء من المناسك، فلا بدّ له من الرّجوع إليها. والأفضل على كلّ حال الرّجوع إليها لتوديع البيت وطواف الوداع.

ويستحبّ أن يصلّي الإنسان بمسجد منى، وهو مسجد الخيف. وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مسجده عند المنارة التي في وسط المسجد، وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا، وعن يمينها وعن يسارها مثل ذلك. فإن استطعت أن يكون مصلّاك فيه، فافعل. ويستحبّ أن يصلّي الإنسان ستّ ركعات في مسجد منى. فإذا بلغ مسجد الحصباء، وهو مسجد رسول الله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فليدخله وليسترح فيه قليلا وليستلق على قفاه.

٢٦٩

فإذا جاء إلى مكّة فليدخل الكعبة، إن تمكّن من ذلك سنّة واستحبابا. والصّرورة لا يترك دخولها على حال مع الاختيار. فإن لم يتمكّن من ذلك، لم يكن عليه شي‌ء.

فإذا أراد دخول الكعبة فليغتسل قبل دخولها سنّة مؤكّدة. فإذا دخلها، فلا يمتخط فيها، ولا يبصق. ولا يجوز دخولها بحذاء. ويقول إذا دخلها: « اللهمّ إنّك قلت: ومن دخله كان آمنا، فآمنّى من عذابك عذاب النار ».

ثمَّ يصلّي بين الأسطوانتين على الرّخامة الحمراء ركعتين، يقرأ في الأولى منهما « حم السّجدة » وفي الثّانية عدد آياتها، ثمَّ ليصلّ في زوايا البيت كلّها، ثمَّ يقول: « اللهمّ من تهيّأ وتعبّأ » إلى آخر الدّعاء. فإذا صلّى عند الرّخامة على ما قدّمناه، وفي زوايا البيت، قام فاستقبل الحائط بين الرّكن اليمانيّ والغربيّ، ويرفع يديه، ويلتصق به، ويدعوا. ثمَّ يتحوّل الى الرّكن اليمانيّ، فيفعل به مثل ذلك. ثمَّ يأتي الرّكن الغربيّ، ويفعل به أيضا مثل ذلك، ثمَّ ليخرج. ولا يجوز أن يصلّي الإنسان الفريضة جوف الكعبة مع الاختيار. فإن اضطرّ الى ذلك، لم يكن عليه بأس بالصّلاة فيها. فأمّا النّوافل فالصّلاة فيها مندوب اليه.

فإذا خرج من البيت ونزل عن الدرجة، صلّى عن يمينه ركعتين. فإذا أراد الخروج من مكّة، جاء الى البيت، فطاف به أسبوعا طواف الوداع سنّة مؤكّدة. فإن استطاع أن يستلم الحجر

٢٧٠

والرّكن اليمانيّ في كل شوط، وفعل. وإن لم يتمكّن، افتتح به، وختم به، وقد أجزأه. فإن لم يتمكن من ذلك أيضا، لم يكن عليه شي‌ء. ثمَّ يأتي المستجار، فيصنع عنده كما صنع يوم قدم مكّة. ويتخيّر لنفسه من الدّعاء ما أراد. ثمَّ يستلم الحجر الأسود، ثمَّ يودّع البيت ويقول: « اللهمّ لا تجعله آخر العهد من بيتك » ثمَّ ليأت زمزم فيشرب منه، ثمَّ ليخرج، ويقول: « آئبون تائبون، عابدون، لربّنا حامدون، الى ربّنا راغبون، الى ربّنا راجعون ». فإذا خرج من باب المسجد، فليكن خروجه من باب الحنّاطين. فيخرّ ساجدا، ويقوم مستقبل الكعبة، فيقول: « اللهمّ إني أنقلب على لا إله إلا الله ».

ومن لم يتمكّن من طواف الوداع، أو شغله شاغل عن ذلك حتى خرج، لم يكن عليه شي‌ء. فإذا أراد الخروج من مكّة، فليشتر بدرهم تمرا، وليتصدّق به، ليكون كفّارة لما دخل عليه في الإحرام، إن شاء الله.

باب فرائض الحج

فرائض الحجّ: الإحرام من الميقات، والتّلبيات الأربع، والطّواف بالبيت، إن كان متمتّعا، ثلاثة أطواف: طواف للعمرة، وطواف للزيارة، وطواف للنّساء، وإن كان قارنا أو مفردا، طوافان: طواف للحجّ، وطواف للنّساء، ويلزمه مع

٢٧١

كلّ طواف ركعتان عند المقام، وهما أيضا فرضان، والسّعي بين الصّفا والمروة، والوقوف بالموقفين: عرفات والمشعر الحرام وإن كان متمتّعا، كان الهدي أيضا واجبا عليه أو ما يقوم مقامه.

فمن ترك الإحرام متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركه ناسيا حتّى يجوز الميقات، كان عليه أن يرجع إليه، ويحرم منه، إذا تمكّن منه. فإن لم يتمكّن لضيق الوقت أو الخوف أو ما جرى مجراهما من أسباب الضّرورات، أحرم من موضعه وقد أجزأه. فإن كان قد دخل مكّة، وأمكنه الخروج الى خارج الحرم، فليخرج وليحرم منه. فإن لم يستطع ذلك، أحرم من موضعه.

ومن ترك التّلبية متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركها ناسيا، ثمَّ ذكر، فليجدّد التّلبية، وليس عليه شي‌ء.

ومن ترك طواف الزّيارة متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركه ناسيا، أعاد الطّواف أيّ وقت ذكره.

ومن ترك طواف النّساء متعمّدا، لم يبطل حجّة، إلّا أنّه لا تحلّ له النّساء، حتى يطوف عنه حسب ما قدّمناه. وركعتا الطّواف متى تركهما ناسيا، كان عليه قضاءهما حسب ما قدّمناه.

ومن ترك السّعي متعمّدا، فلا حجّ له. فإن تركه ناسيا،

٢٧٢

عليه قضاؤه حسب ما قدّمناه.

ومن ترك الوقوف بعرفات متعمّدا، أو بالمشعر الحرام، فلا حجّ له. فإن ترك الوقوف بعرفات ناسيا، كان عليه أن يعود، فيقف بها ما بينه وبين طلوع الفجر من يوم النّحر. فإن لم يذكر إلّا بعد طلوع الفجر، وكان قد وقف بالمشعر، فقد تمَّ حجّه، وليس عليه شي‌ء.

وإذا ورد الحاجّ ليلا، وعلم: أنّه مضى الى عرفات، وقف بها وإن كان قليلا، ثمَّ عاد الى المشعر الحرام قبل طلوع الشّمس، وجب عليه المضيّ إليها والوقوف بها، ثمَّ يجي‌ء إلى المشعر الحرام. فإن غلب على ظنّه أنّه إن مضى الى عرفات، لم يلحق المشعر قبل طلوع الشّمس، اقتصر على الوقوف بالمشعر، وقد تمَّ حجّه، وليس عليه شي‌ء.

ومن أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشّمس، فقد أدرك الحجّ. وإن أدركه بعد طلوع الشّمس، فقد فاته الحجّ.

ومن وقف بعرفات، ثمَّ قصد المشعر، فعاقه في الطّريق عائق، فلم يلحق الى قرب الزّوال، فقد تمَّ حجّه، ويقف قليلا بالمشعر ويمضي إلى منى. ومن لم يكن قد وقف بعرفات، وأدرك المشعر بعد طلوع الشّمس، فقد فاته الحجّ، لأنّه لم يلحق أحد الموقفين في وقته.

ومن فاته الحجّ، فليقم على إحرامه الى انقضاء أيّام

٢٧٣

التّشريق، ثمَّ يجي‌ء، فيطوف بالبيت، ويسعى بين الصّفا والمروة، ويجعل حجّته عمرة. وإن كان قد ساق معه هديا، فلينحره بمكّة وكان عليه الحجّ من قابل إن كانت حجته حجّة الإسلام. وإن كانت حجّة التّطوّع، كان بالخيار: إن شاء حجّ، وإن شاء لم يحجّ. ومن حضر المناسك كلّها ورتّبها في مواضعها. إلّا أنّه كان سكرانا، فلا حجّ له، وكان عليه الحجّ من قابل.

باب مناسك النساء في الحج والعمرة

قد بيّنّا فيما تقدّم من أن الحجّ واجب على النّساء كوجوبه على الرّجال. فمتى كانت المرأة لها زوج، فلا تخرج إلّا معه. فإن منعها زوجها من الخروج في حجّة الإسلام، جاز لها خلافه. ولتخرج، وتحجّ حجّة الإسلام. وإن أرادت أن تحجّ تطوّعا، فمنعها زوجها، فليس لها مخالفته.

وينبغي أن لا تخرج إلّا مع ذي محرم لها من أب أو أخ أو عمّ أو خال. فإن لم يكن لها أحد ممّن ذكرناه. جاز لها أن تخرج مع من تثق بدينه من المؤمنين.

وإذا كانت المرأة في عدّة الطّلاق، جاز لها أن تخرج في حجّة الإسلام، سواء كان للزّوج عليها رجعة أو لم تكن. وليس لها أن تخرج إذا كانت حجّتها تطوّعا، إلّا أن تكون العدّة

٢٧٤

لزوجها عليها فيها رجعة. فأمّا عدّة المتوفّى عنها زوجها، فلا بأس بها أن تخرج فيها الى الحجّ فرضا كان أو نفلا.

وإذا خرجت المرأة، وبلغت ميقات أهلها، فعليها أن تحرم منه، ولا تؤخره. فإن كانت حائضا، توضّأت وضوء الصّلاة واحتشت واستثفرت وأحرمت، إلّا أنها لا تصلّي ركعتي الإحرام فإن تركت الإحرام ظنّا منها أنّه لا يجوز لها ذلك، وجازت الميقات، كان عليها أن ترجع الى الميقات، فتحرم منه، إذا أمكنها ذلك. فإن لم يمكنها، أحرمت من موضعها. إذا لم تكن قد دخلت مكّة. فإن كانت قد دخلت مكّة، فلتخرج الى خارج الحرم، وتحرم من هناك. فإن لم يمكنها ذلك، أحرمت من موضعها، وليس عليها شي‌ء.

فإذا دخلت المرأة مكّة، وكانت متمتّعة، طافت بالبيت، وسعت بين الصّفا والمروة، وقصّرت. وقد أحلّت من كلّ ما أحرمت منه مثل الرّجل سواء.

فإن حاضت قبل الطّواف، انتظرت ما بينها وبين الوقت الذي تخرج الى عرفات. فإن طهرت، طافت وسعت. وإن لم تطهر، فقد مضت متعتها، وتكون حجّة مفردة، تقضي المناسك كلّها ثمَّ تعتمر بعد ذلك عمرة مبتولة. فإن طافت بالبيت ثلاثة أشواط ثمَّ حاضت، كان حكمها حكم من لم يطف. وإذا طافت أربعة أشواط، ثمَّ حاضت، قطعت الطّواف،

٢٧٥

وسعت بين الصّفا والمروة، وقصّرت، ثمَّ أحرمت بالحجّ، وقد تمّت متعتها.

فإذا فرغت من المناسك، وطهرت تمّمت الطّواف. وإن كانت قد طافت الطّواف كلّه، ولم تكن قد صلّت الرّكعتين عند المقام، فلتخرج من المسجد، ولتسع، وتعمل ما قدّمناه من الإحرام بالحجّ وقضاء المناسك، ثمَّ تقضي الرّكعتين إذا طهرت. وإذا طافت بالبيت بين الصّفا والمروة وقصّرت، ثمَّ أحرمت بالحجّ، وخافت أن يلحقها الحيض فيما بعد، فلا تتمكّن من طواف الزّيارة وطواف النّساء، فجائز لها أن تقدّم الطّوافين معا، والسّعي بين الصّفا والمروة، ثمَّ تخرج فتقضي المناسك كلّها، ثمَّ ترجع الى منزلها.

فإن كانت قد طافت طواف الزّيارة، وبقي عليها طواف النّساء، فلا تخرج من مكّة إلّا بعد أن تقضيه. وإن كانت قد طافت منه أربعة أشواط وأرادت الخروج، جاز لها أن تخرج وإن لم تتمّ الطّواف.

والمستحاضة لا بأس بها أن تطوف بالبيت، وتصلّي عند المقام، وتشهد المناسك كلّها، إذا فعلت ما تفعله المستحاضة. والفرق بينها وبين الحائض، أنّ الحائض لا يحلّ لها دخول المسجد، فلا تتمكّن من الطّواف، ولا يجوز لها أيضا الصّلاة، والطّواف لا بدّ فيه من الصّلاة، وليس هذا حكم المستحاضة.

٢٧٦

وإذا أرادت الحائض وداع البيت، فلا تدخل المسجد، ولتودّع من أدنى باب من أبواب المسجد، وتنصرف، إن شاء الله.

وإذا كانت المرأة عليلة لا تقدر على الطّواف، طيف بها، وتستلم الأركان والحجر. فإن كان عليها زحمة، فتكفيها الإشارة. ولا تزاحم الرّجال. وإن كان بها علّة تمنع من حملها والطّواف بها، طاف عنها وليّها، وليس عليها شي‌ء. وكذلك إذا كانت عليلة لا تعقل عند الإحرام، أحرم عنها وليّها، وجنّبها ما يجتنب المحرم، وقد تمَّ إحرامها. وليس على النّساء حلق ولا دخول البيت. فإن أرادت دخول البيت، فلتدخله إذا لم يكن هناك زحام. ولا يجوز للمستحاضة دخول البيت على حال.

باب من حج عن غيره

من وجب عليه الحجّ، لا يجوز له أن يحجّ عن غيره إلّا بعد أن يقضي حجّته التي وجبت عليه. فإذا قضاها، جاز له بعد ذلك أن يحجّ عن غيره. ومن ليس له مال يجب عليه الحجّ، جاز له أن يحجّ عن غيره. فإن تمكّن بعد ذلك من المال، كان عليه أن يحجّ عن نفسه، وقد أجزأت الحجّة التي حجّها عمّن حجّ عنه.

وينبغي لمن يحجّ عن غيره أن يذكره في المواضع كلّها،

٢٧٧

فيقول عند الإحرام: اللهمّ ما أصابني من تعب أو نصب أو لغوب فأجر فلان بن فلان، وأجرني في نيابتي عنه. وكذلك يذكره عند التّلبية والطّواف والسّعي وعند الموقفين وعند الذّبح وعند قضاء جميع المناسك، فإن لم يذكره في هذه المواضع، وكانت نيته الحجّ عنه، كان جائزا.

ومن أمر غيره أن يحجّ عنه متمتّعا، فليس له أن يحجّ عنه مفردا ولا قارنا. فإن حجّ عنه كذلك، لم يجزئه، وكان عليه الإعادة. وإن أمره أن يحجّ عنه مفردا أو قارنا، جاز له أن يحجّ عنه متمتّعا، لأنه يعدل الى ما هو الأفضل. ومن أمر غيره أن يحجّ عنه على طريق بعينها، جاز له أن يعدل عن ذلك الطّريق الى طريق آخر. وإذا أمره أن يحجّ عنه بنفسه، فليس له أن يأمر غيره بالنّيابة عنه. فإن جعل الأمر في ذلك اليه، جاز له أن يستنيب غيره فيه. وإذا أخذ حجة عن غيره، لا يجوز له أن يأخذ حجة أخرى، حتى يقضي التي أخذها.

وإذا حجّ عن غيره، فصدّ عن بعض الطّريق، كان عليه ممّا أخذه بمقدار ما بقي من الطّريق. اللهم إلّا أن يضمن الحجّ فيما يستأنف، ويتولّاه بنفسه.

فإن مات النّائب في الحجّ، وكان موته بعد الإحرام ودخول الحرم، فقد سقطت عنه عهدة الحجّ، وأجزأ عمّن حجّ عنه وإن مات قبل الإحرام ودخول الحرم، كان على ورثته، إن

٢٧٨

خلّف في أيديهم شيئا، مقدار ما بقي عليه من نفقة الطّريق. وإذا أخذ حجة، فأنفق ما أخذه في الطّريق من غير إسراف، واحتاج الى زيادة، كان على صاحب الحجّة أن يتمّمه استحبابا. فإن فضل من النّفقة شي‌ء، كان له، وليس لصاحب الحجّة الرّجوع عليه بالفضل. ولا يجوز للإنسان أن يطوف عن غيره وهو بمكّة، إلّا أن يكون الذي يطوف عنه مبطونا لا يقدر على الطّواف بنفسه، ولا يمكن حمله والطّواف به. وإن كان غائبا، جاز أن يطوف عنه.

وإذا حجّ الإنسان عن غيره من أخ له أو أب أو ذي قرابة أو مؤمن، فإن ثواب ذلك يصل الى من حجّ عنه من غير أن ينقض من ثوابه شي‌ء. وإذا حجّ الإنسان عمّن يجب عليه الحجّ بعد موته تطوّعا منه بذلك، فإنّه يسقط عن الميّت بذلك فرض الحجّ.

ومن كان عنده وديعة، فمات صاحبها، وله ورثة، ولم يكن قد حجّ حجّة الإسلام، جاز له أن يأخذ منها بقدر ما يحجّ عنه، ويردّ الباقي على ورثته، إذا غلب على ظنّه أنّ ورثته لا يقضون عنه حجّة الإسلام. فإن غلب على ظنّه أنّهم يتولّون القضاء عنه، فلا يجوز له أن يأخذ منها شيئا إلّا بأمرهم.

ولا بأس أن تحجّ المرأة عن الرّجل إذا كانت قد حجّت

٢٧٩

حجّة الإسلام، وكانت عارفة. وإذا لم تكن حجّت حجّة الإسلام، وكانت صرورة، لم يجز لها أن تحجّ عن غيرها على حال.

ولا يجوز لأحد أن يحجّ عن غيره إذا كان مخالفا له في الاعتقاد، اللهمّ إلّا أن يكون أباه، فإنّه يجوز له أن يحجّ عنه.

باب العمرة المفردة

العمرة فريضة مثل الحجّ، لا يجوز تركها. ومن تمتّع بالعمرة إلى الحجّ، سقط عنه فرضها. وإن لم يتمتّع، كان عليه أن يعتمر بعد انقضاء الحجّ، إن أراد، بعد انقضاء أيّام التّشريق، وإن شاء أخّرها إلى استقبال المحرّم. ومن دخل مكّة بالعمرة المفردة في غير أشهر الحجّ، لم يجز له أن يتمتّع بها الى الحجّ. فإن أراد التّمتّع كان عليه تجديد عمرة في أشهر الحجّ. وإن دخل مكّة بالعمرة المفردة في أشهر الحجّ، جاز له أن يقضيها، ويخرج الى بلده أو أيّ موضع شاء. والأفضل له أن يقيم حتى يحجّ، ويجعلها متعة. وإذا دخلها بنيّة التّمتّع، لم يجز له أن يجعلها مفردة، وأن يخرج من مكّة، لأنّه صار مرتبطا بالحجّ. وأفضل العمرة ما كانت في رجب، وهي تلي الحجّ في الفضل.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640