من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه6%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267757 / تحميل: 8513
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

الصالحة هو الإيمان ومعرفة الله وتسبيحه وتنزيهه.

وقد فسّر البعض «التسبيح» هنا بمعنى (شكر النعمة) والتي من ملازماتها إعانة المحرومين ، وهذان التّفسيران لا يتنافيان مع بعضهما البعض ، وهما مجموعان في مفهوم الآية الكريمة.

لقد سبق تسبيحهم (الاعتراف بالذنب) ، ولعلّ هذا كان لرغبتهم في تنزيه الله تعالى عن كلّ ظلم بعيدا عمّا نزّل بجنّتهم من دمار وبلاء عظيم ، وكأنّ لسان حالهم يقول : ربّنا إنّنا كنّا نحن الظالمين لأنفسنا وللآخرين ، ولذا حقّ علينا مثل هذا العذاب ، وما أصابنا منك هو العدل والحكمة.

كما يلاحظ في قسم آخر من آيات القرآن الكريم ـ أيضا ـ أنّ التسبيح قبل الإقرار بالظلم ، حيث نقرأ ذلك في قصّة يونسعليه‌السلام عند ما أصبح في بطن الحوت ، وذلك قوله :( لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (١) .

والظلم بالنسبة لهذا النبي العظيم هو بمعنى ترك الأولى ، كما أوضحنا ذلك في تفسير هذه الآية.

إلّا أنّ المسألة لم تنته إلى هذا الحدّ ، حيث يقول تعالى :( فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ ) .

والملاحظ من منطوق الآية أنّ كلّ واحد منهم في الوقت الذي يعترف بذنبه ، فإنّه يلقي بأصل الذنب على عاتق الآخر ، ويوبّخه بشدّة ، وأنّه كان السبب الأساس فيما وصلوا إليه من نتيجة بائسة مؤلمة ، وكلّ منهم ـ أيضا ـ يؤكّد أنّه لم يكن غريبا عن الله والعدالة إلى هذا الحدّ.

نعم ، هكذا تكون عاقبة كلّ الظالمين عند ما يصبحون في قبضة العذاب الإلهي.

ومع الإقرار بالذنب فإنّ كلا منهم يحاول التنصّل ممّا لحق بهم ، ويسعى جاهدا

__________________

(١) الأنبياء ، الآية ٨٧.

٥٤١

لتحويل مسئولية البؤس والدمار على الآخرين.

ويحتمل أن يكون شعور كلّ منهم ـ أو غالبيتهم ـ بالأدوار المحدودة لهم فيما حصل ، هو الذي دفع كلا منهم للتخلّي عن مسئولية ما حصل ، وذلك كأن يقترح شخص شيئا ، ويؤيّده الآخر في هذا الاقتراح ، ويتبنّى ثالث هذا العمل ، ويظهر الرابع رضاه بسكوته ومن الواضح في مثل هذه الأحوال مساهمة الجميع في هذه الجريمة ومشاركتهم في الذنب.

ثمّ يضيف تعالى :( قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ ) .

لقد اعترفوا في المرحلة السابقة بالظلم ، وهنا اعترفوا بالطغيان ، والطغيان مرحلة أعلى من الظلم ، لأنّ الظالم يمكن أن يستجيب لأصل القانون إلّا أنّ غلبة هواه عليه يدفعه إلى الظلم ، أمّا الطاغي فإنّه يرفض القانون ويعلن تمرّده عليه ولا يعترف برسميّته.

ويحتمل أن يكون المقصود بالظلم هو : (ظلم النفس) ، والمقصود بالطغيان هو (التجاوز على حقوق الآخرين).

وممّا يجدر ملاحظته أنّ العرب تستعمل كلمة (ويس) عند ما يواجهون مكروها ويعبّرون عن انزعاجهم منه ، كما أنّهم يستعملون كلمة (ويح) أحيانا ، وأحيانا اخرى (ويل) وعادة يكون استعمال الكلمة الاولى في المصيبة البسيطة ، والثانية للأشدّ ، والثالثة للمصيبة الكبيرة ، واستعمال كلمة (الويل) من قبل أصحاب البستان يكشف عن أنّهم كانوا يعتبرون أنفسهم مستحقّين لأشدّ حالات التوبيخ.

وأخيرا ـ بعد عودة الوعي إلى ضمائرهم وشعورهم. بل واعترافهم بالذنب والإنابة إلى الله ـ توجّهوا إلى البارئعزوجل داعين ، وقالوا :( عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ ) (١) فقد توجّهنا إليه ونريد منه انفاذنا ممّا

__________________

(١) «راغبون» : من مادّة (رغبة) ، هذه المادّة كلّما كانت متعدية بـ (إلى) أو (في) تكون بمعنى الميل إلى شيء معيّن ، وكلّما

٥٤٢

تورّطنا فيه

والسؤال المطروح هنا : هل أنّ هؤلاء ندموا على العمل الذي أقدموا عليه ، وقرّروا إعادة النظر في برامجهم المستقبلية ، وإذا شملتهم النعمة الإلهية مستقبلا فسيؤدّون حقّ شكرها؟ أم أنّهم وبّخوا أنفسهم وكثر اللوم بينهم بصورة موقتة ، شأنهم شأن الكثير من الظالمين الذين يشتدّ ندمهم وقت حلول العذاب ، وما إن يزول الضرّ الذي حاقّ بهم إلّا ونراهم يعودون إلى ما كانوا عليه سابقا من ممارسات مريضة؟

اختلف المفسّرون في ذلك ، والمستفاد من سياق الآية اللاحقة أنّ توبتهم لم تقبل ، بلحاظ عدم اكتمال شروطها وشرائطها ، ولكن يستفاد من بعض الرّوايات قبول توبتهم ، لأنّها كانت عن نيّة خالصة ، وعوضهم عن جنّتهم بأخرى أفضل منها ، مليئة بأشجار العنب المثمرة.

ويقول تعالى في آخر آية من هذه الآيات ، بلحاظ الاستفادة من هذا الدرس والإعتبار به :( كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ) .

وهكذا توجّه الآية خطابها إلى كلّ المغرورين ، الذين سحرهم المال وأبطرتهم الثروة والإمكانات المادية ، وغلب عليهم الحرص والاستئثار بكلّ شيء دون المحتاجين بأنّه لن يكون لكم مصير أفضل من ذلك. وإذا ما جاءت صاعقة وأحرقت تلك الجنّة ، فمن الممكن أن تأتي صاعقة أو عذاب عليكم من أمثال الآفات والحروب المحلية والعالمية المدمّرة ، وما إلى ذلك ، لتذهب بالنعم التي تحرصون عليها.

* * *

__________________

كانت متعدّية بـ (عن) تكون بمعنى الانصراف وعدم الاعتناء بشيء معيّن.

٥٤٣

بحثان

١ ـ الاستئثار بالنعم بلاء عظيم

جبل الإنسان وطبع على حبّ المال ، ويمثّل هذا الحبّ غريزة في نفسه ، لأنّ له فوائد شتّى ، وهذا الحبّ غير مذموم إذا كان في حدّ الاعتدال ، وجعل نصيب منه للمحتاجين ، وهذا لا يعني الاقتصار على أداء الحقوق الشرعية فقط ، بل أداء بعض الإنفاقات المستحبّة.

وجاء في الرّوايات الإسلامية ضرورة جعل نصيب للمحتاجين الحاضرين ممّا يقطف من ثمار البساتين وحصاد الزرع. وهذا ما يعرف بعنوان (حقّ الحصاد) وهو مقتبس من الآية الشريفة :( وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ) (١) ، وهذا الحقّ غير حقّ الزكاة ، وما يعطى للمحتاجين الحاضرين منه أثناء قطف الثمار أو حصاد الزرع غير محدود بحدّ معيّن(٢) .

إلّا أنّ التعلّق بالمال حينما يكون بصورة مفرطة وجشعة فإنّه يأخذ شكلا منحرفا وأنانيا ، وقد لا يكون بحاجة إليه ، فحرمان الآخرين والاستئثار بالأموال والتلذّذ بحيازة النعم والمواهب الإلهية دون سواه ، مرض وبلاء كما نلاحظ في حياتنا المعاصرة مفردات ونماذج كثيرة في مجتمعاتنا البشرية تعيش هذه الحالة.

وقصّة (أصحاب الجنّة) التي حدّثتنا الآيات السابقة عنها ، هي كشف وتعرية واضحة لهذه النفسيات المريضة لأصحاب الأموال الذين يستأثرون بالخير والنعم والهبات الإلهية ، ويؤكّدون بحصرها فيهم دون سواهم ويتجسّد هذا المعنى في الخطّة التي اعدّت من جانب أصحاب الجنّة في حرمان المحتاجين ، بالتفصيل الذي ذكرته الآيات الكريمة

__________________

(١) الأنعام ، الآية ١٤١.

(٢) يمكن مطالعة الروايات التي جاءت في هذا المجال في ج ٦ ، من (وسائل الشيعة) أبواب زكاة الغلات ، باب ١٣ ، وفي (سنن البيهقي) ج ٤ ، ص ١٣٣.

٥٤٤

وغاب عن بالهم أنّ آهات هؤلاء المحرومون تتحوّل في أحيان كثيرة إلى صواعق محرقة ، تحيل سعادة هؤلاء الأغنياء الظالمين إلى وبال ، وتظهر هذه الصواعق على شكل كوارث ومفاجات وثورات ، ويشاهدون آثارها المدمّرة بامّ أعينهم ، ويتحوّل ترفهم وبذخهم إلى زفرات وآهات وصرخات تشقّ عنان السماء ، معلنين التوبة والإقلاع عن الممارسات الاستئثارية ، ولات ساعة متاب.

٢ ـ العلاقة بين (الرزق) و (الذنوب)

ممّا يستفاد ـ ضمنا ـ من القصّة أعلاه وجود علاقة بين الذنب والرزق ، وممّا يؤيّد هذا ما ورد في حديث عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال : «إنّ الرجل ليذنب الذنب ، فيدرأ عنه الرزق ، وتلا هذه الآية :( إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ ، فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ ) (١) .

ونقل عن ابن عبّاس أيضا أنّه قال : إنّ العلاقة بين الذنب وقطع الرزق ، أوضح من الشمس ، كما بيّنها اللهعزوجل في سورة ن والقلم(٢) .

* * *

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٣٩٥ ، (حديث ٤٤).

(٢) تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ٣٧.

٥٤٥

الآيات

( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٣٤) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦) أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ (٣٨) أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ (٣٩) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ (٤٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٤١) )

التّفسير

١ ـ استجواب كامل :

إنّ طريقة القرآن الكريم في الكشف عن الحقائق ، واستخلاص المواقف ، تكون من خلال عملية مقارنة يعرضها الله سبحانه في الآيات الكريمة ، وهذا الأسلوب مؤثّر جدّا من الناحية التربوية فمثلا تستعرض الآيات الشريفة حياة الصالحين وخصائصهم وميزاتهم ومعاييرهم ثمّ كذلك بالنسبة إلى الطالحين والظالمين ، ويجعل كلا منهما في ميزان ، ويسلّط الأضواء عليهما من خلال عملية

٥٤٦

مقارنة ، للوصول إلى الحقيقة.

وتماشيا مع هذا المنهج وبعد استعراض النهاية المؤلمة لـ (أصحاب الجنّة) في الآيات السابقة ، يستعرض البارئعزوجل حالة المتّقين فيقول :( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) .

«جنّات» من (الجنّة) حيث كلّ نعمة متصوّرة على أفضل صورة لها تكون هناك ، بالإضافة إلى النعم التي لم تخطر على البال.

ولأنّ قسما من المشركين والمترفين كانوا يدّعون علوّ المقام وسموّه في يوم القيامة كما هو عليه في الدنيا ، لذا فإنّ الله يوبّخهم على هذا الادّعاء بشدّة في الآية اللاحقة. بل يحاكمهم فيقول :( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) .

هل يمكن أن يصدّق إنسان عاقل أنّ عاقبة العادل والظالم ، المطيع والمجرم ، المؤثر والمستأثر واحدة ومتساوية؟ خاصّة عند ما تكون المسألة عند إله جعل كلّ مجازاته ومكافآته وفق حساب دقيق وبرنامج حكيم.

وتستعرض الآية (٥٠) من سورة فصّلت موقف هؤلاء الأشخاص المماثل لما تقدّم ، حيث يقول تعالى :( وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي ، وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً ، وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى ) .

نعم ، إنّ الفئة المغرورة المقتنعة بتصرّفاتها الراضية عن نفسها تعبر أنّ الدنيا والآخرة خاصّة بها وملك لها.

ثمّ يضيف تعالى أنّه لو لم يحكم العقل بما تدعون ، فهل لديكم دليل نقلي ورد في كتبكم يؤيّد ما تزعمون :( أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ ) (١) أي ما اخترتم من الرأي

إن توقّعكم في أن تكون العناصر المجرمة من أمثالكم مع صفوف المسلمين

__________________

(١) جملة (إنّ لكم ..) مفعول به لـ (تدرسون) وطبقا للقواعد فإنّها يجب أن تقرأ (أن) بـ (فتح الهمزة). إلّا أنّ مجيء اللام على رأس اسم (أن) جعلها تقرأ (إن) بـ (كسر الهمزة) وذلك لأنّ الفعل يصبح معلّقا عن العمل.

٥٤٧

وعلى مستواهم ، حديث هراء لا يدعمه العقل ، ولم يأت في كتاب يعتدّ به ولا هو موضع اعتبار.

ثمّ تضيف الآية اللاحقة أنّه لو لم يكن لديكم دليل من العقل أو النقل ، فهل أخذتم عهدا من الله أنّه سيكون معكم إلى الأبد :( أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ ) .

وتتساءل الآية الكريمة عن هؤلاء مستفسرة عمّن يستطيع الادّعاء منهم بأنّه قد أخذ عهدا من الله سبحانه في الاستجابة لميوله وأهوائه ، وإعطائه ما يشاء من شأن ومقام ، وبدون موازين أو ضوابط ، وبصورة بعيدة عن مقاييس السؤال وموازين الاستجابة؟ حتّى يمكن القول بأنّ المجرمين متساوون مع المؤمنين(١) .

ويضيف سبحانه ـ استمرارا لهذه التساؤلات ـ كي يسدّ عليهم جميع الطرق ومن كلّ الجهات ، فيقول :( سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ ) فمن منهم يضمن أنّ المسلمين والمجرمين سواء ، أو يضمن أنّ الله تعالى سيؤتيه كلّ ما يريد؟!.

وفي آخر مرحلة من هذا الاستجواب العجيب يقول تعالى :( أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ ) .

فالآية تطلب من المشركين تقديم الدليل الذي يثبت أنّ هذه الأصنام المنحوتة من الحجارة ، والتي لا قيمة لها ولا شعور ، تكون شريكة الله تعالى وتشفع لهم عنده.

وذهب بعض المفسّرين إلى أنّ (شركاء) هنا بمعنى (شهداء).

ومن خلال العرض المتقدّم نستطيع القول : إنّ هؤلاء المجرمين لإثبات ادّعاءاتهم في التساوي مع المؤمنين في يوم القيامة ، بل أفضليتهم أحيانا كما يذهب بعضهم لذلك ، لا بدّ لهم أن يدعموا قولهم هذا بإحدى الوسائل الأربعة

__________________

(١) فسّر البعض مصطلح (بالغة) هنا بمعنى (مؤكّد) ، وفسّرها البعض الآخر بأنّها (مستمر) والمعنى الثاني أنسب ، وبناء على هذا فإنّ (الجارّ والمجرور) في (إلى يوم القيامة) تكون متعلّقة بـ (بالغة).

٥٤٨

التالية : إمّا دليل من العقل ، أو كتاب من الكتب السماوية ، أو عهد من الله تعالى ، أو بواسطة شفاعة الشافعين وشهادة الشاهدين. وبما أنّ جواب جميع هذه الأسئلة سلبي ، لذا فإنّ هذا الادّعاء فارغ من الأساس وليست له أيّة قيمة.

* * *

٥٤٩

الآيات

( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ (٤٣) فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥) )

التّفسير

العجز عن السجود :

تعقيبا للآيات السابقة التي استجوب الله تعالى فيها المشركين والمجرمين استجوابا موضوعيا ، تكشف لنا هذه الآيات جانبا من المصير البائس في يوم القيامة لهذه الثلّة المغرمة في حبّها لذاتها ، والمكثرة للادّعاءات ، هذا المصير المقترن بالحقارة والذلّة والهوان.

يقول تعالى :( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ) (١) .

__________________

(١) «يوم» ظرف متعلّق بمحذوف تقديره : (اذكروا يوم ...) ، واحتمل البعض ـ أيضا ـ أنّه متعلّق بـ (فليأتوا) في الآية

٥٥٠

جملة( يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ ) كما قال جمع من المفسّرين ، كناية عن شدّة الهول والخوف والرعب وسوء الحال ، إذ أنّ المتعارف بين العرب عند مواجهتهم أمرا صعبا أنّهم يشدّون ثيابهم على بطونهم ممّا يؤدّي إلى كشف سيقانهم.

ونقرأ جواب ابن عبّاس المفسّر المعروف عند ما سئل عن تفسير هذه الآية قال : كلّما خفي عليكم شيء من القرآن ارجعوا إلى الشعر فإنّ الشعر ديوان العرب ، ألم تسمعوا قول الشاعر :

وقامت الحرب بنا على ساق.

إنّ هذا القول كناية عن شدّة أزمة الحرب.

وقيل : إنّ (ساق) تعني أصل وأساس الشيء ، كساق الشجرة ، وبناء على هذا فإنّ جملة (يكشف عن ساق) تعني أنّ أساس كلّ شيء يتّضح ويتبيّن في ذلك اليوم ، إلّا أنّ المعنى الأوّل أنسب حسب الظاهر.

وفي ذلك اليوم العظيم يدعى الجميع إلى السجود للبارئعزوجل ، فيسجد المؤمنون ، ويعجز المجرمون عن السجود ، لأنّ نفوسهم المريضة وممارساتهم القبيحة قد تأصّلت في طباعهم وشخصياتهم في عالم الدنيا ، وتطفح هذه الخصال في اليوم الموعود وتمنعهم من إحناء ظهورهم للذات الإلهية المقدّسة.

وهنا يثار سؤال : إنّ يوم القيامة ليس بيوم تكاليف وواجبات وأعمال ، فلم السجود؟

يمكن استنتاج الجواب من التعبير الذي ورد في بعض الأحاديث ، نقرأ في الحديث التالي عن الإمام الرضاعليه‌السلام في قوله تعالى :( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ ) قال : «حجاب من نور يكشف فيقع المؤمنون سجّدا وتدمج أصلاب المنافقين فلا يستطيعون السجود»(١) .

__________________

السابقة ، إلّا أنّ هذا المعنى مستبعد.

(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٣٩٥ ، ح ٤٩.

٥٥١

وبتعبير آخر : في ذلك اليوم تتجلّى العظمة الإلهية ، وهذه العظمة تدعو المؤمنين للسجود فيسجدون ، إلّا أنّ الكافرين حرموا من هذا الشرف واللطف.

وتعكس الآية اللاحقة صورة جديدة لحالتهم حيث يقول سبحانه :( خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ) (١) .

هذه الآية الكريمة تصف لنا حقيقة المجرمين عند ما يدانون في إجرامهم ويحكم عليهم ، حيث نلاحظ الذلّة والهوان تحيط بهم ، وتكون رؤوسهم مطأطئة تعبيرا عن هذه الحالة المهينة.

ثمّ يضيف تعالى :( وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ ) .

إلّا أنّهم لن يسجدوا أبدا ، لقد صحبوا روح التغطرس والعتوّ والكبر معهم في يوم القيامة فكيف سيسجدون؟

إنّ الدعوة للسجود في الدنيا لها موارد عديدة ، فتارة بواسطة المؤذّنين للصلاة الفردية وصلاة الجماعة ، وكذلك عند سماع بعض الآيات القرآنية وأحاديث الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ولذا فإنّ الدعوة للسجود لها مفهوم واسع وتشمل جميع ما تقدّم.

ثمّ يوجّه البارئعزوجل الخطاب لنبيّه الكريم ويقول :( فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ ) .

وهذه اللهجة تمثّل تهديدا شديدا من الواحد القهّار لهؤلاء المكذّبين المتمردين ، حيث يخاطب الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله : لا تتدخّل ، واتركني مع هؤلاء ، لاعاملهم بما يستحقّونه. وهذا الكلام الذي يقوله ربّ قادر على كلّ شيء ، ـ بالضمن ـ باعث على اطمئنان الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمؤمنين أيضا ، ومشعرا لهم بأنّ الله معهم وسيقتصّ من جميع الأعداء الذين يثيرون المشاكل والفتن والمؤامرات أمام

__________________

(١) «ترهقهم» من مادّة (رهق) ، (على وزن شفق) بمعنى التغطية والإحاطة.

٥٥٢

الرّسول والرسالة ، ولن يتركهم الله تعالى على تماديهم.

ثمّ يضيف سبحانه :( سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ) .

نقرأ في حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : «إذا أحدث العبد ذنبا جدّد له نعمة فيدع الاستغفار ، فهو الاستدراج»(١) .

والذي يستفاد من هذا الحديث ـ والأحاديث الاخرى في هذا المجال ـ أنّ الله تعالى يمنح ـ أحيانا ـ عباده المعاندين نعمة وهم غارقون في المعاصي والذنوب وذلك كعقوبة لهم. فيتصوّرون أنّ هذا اللطف الإلهي قد شملهم لجدارتهم ولياقتهم له فيأخذهم الغرور المضاعف ، وتستولي عليهم الغفلة إلّا أنّ عذاب الله ينزل عليهم فجأة ويحيط بهم وهم بين أحضان تلك النعم الإلهية العظيمة وهذا في الحقيقة من أشدّ ألوان العذاب ألما.

إنّ هذا اللون من العذاب يشمل الأشخاص الذين وصل طغيانهم وتمردّهم حدّه الأعلى ، أمّا من هم دونه في ذلك فإنّ الله تعالى ينبّههم وينذرهم عن ممارساتهم الخاطئة عسى أن يعودوا إلى رشدهم ، ويستيقظوا من غفلتهم ، ويتوبوا من ذنوبهم ، وهذا من ألطاف البارئعزوجل بهم.

وبعبارة اخرى : إذا أذنب عبد فإنّه لا يخرج من واحدة من الحالات الثلاث التالية :

إمّا أن ينتبه ويرجع عن خطئه ويتوب إلى ربّه.

أو أن ينزل الله عليه العذاب ليعود إلى رشده.

أو أنّه غير أهل للتوبة ولا للعودة للرشد بعد التنبيه له ، فيعطيه الله نعمة بدل البلاء وهذا هو : (عذاب الاستدراج) والذي أشير له في الآيات القرآنية بالتعبير

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٤٠.

٥٥٣

أعلاه وبتعابير اخرى.

لذا يجب على الإنسان المؤمن أن يكون يقظا عند إقبال النعم الإلهية عليه ، وليحذر من أن يكون ما يمنحه الله من نعم ظاهرية يمثّل في حقيقته (عذاب الاستدراج) ولذلك فإنّ المسلمين الواعين يفكّرون في مثل هذه الأمور ويحاسبون أنفسهم باستمرار ، ويعيدون تقييم أعمالهم دائما ، كي يكونوا قريبين من طاعة الله ، ويؤدّون حقّ الألطاف والنعم التي وهبها الله لهم.

جاء في حديث أنّ أحد أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام قال : إنّي سألت الله تبارك وتعالى أن يرزقني مالا فرزقني ، وإنّي سألت الله أن يرزقني ولدا فرزقني ، وسألته أن يرزقني دارا فرزقني ، وقد خفت أن يكون ذلك استدراجا؟ فقال : «أمّا مع الحمد فلا»(١) .

والتعبير بـ (أملي لهم) إشارة إلى أنّ الله تعالى لا يستعجل أبدا بجزاء الظالمين ، والاستعجال يكون عادة من الشخص الذي يخشى فوات الفرصة عليه ، إلّا أنّ الله القادر المتعال أيّما شاء وفي أي لحظة فإنّه يفعل ذلك ، والزمن كلّه تحت تصرّفه.

وعلى كلّ حال فإنّ هذا تحذير لكلّ الظالمين والمتطاولين بأن لا تغرّهم السلامة والنعمة أبدا ، وليرتقبوا في كلّ لحظة بطش الله بهم(٢) .

* * *

__________________

(١) اصول الكافي نقلا عن نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ١٩٧ ، ح ٥٩.

(٢) سبق كلام حول عقوبة (الاستدراج) في الآية (١٨٣) من سورة الأعراف ، وكذلك في الآية (١٧٨) سورة آل عمران.

٥٥٤

الآيات

( أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩) فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠) )

التّفسير

لا تستعجل بعذابهم :

استمرارا للاستجواب الذي تمّ في الآيات السابقة للمشركين والمجرمين ، يضيف البارئعزوجل سؤالين آخرين ، حيث يقول في البداية :( أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ) .

أي إذا كانت حجّتهم أنّ الاستجابة لدعوتك تستوجب أجرا ماديا كبيرا ، وأنّهم غير قادرين على الوفاء به ، فإنّه كذب ، حيث أنّك لم تطالبهم بأجر ، كما لم يطلب أي من رسل الله أجرا.

٥٥٥

«مغرم» من مادّة (غرامة) وهي ما يصيب الإنسان من ضرر دون أن يرتكب جناية ، و (مثقل) من مادّة (ثقل) بمعنى الثقل ، وبهذا فإنّ الله تعالى أسقط حجّة اخرى ممّا يتذرّع به المعاندون.

وقد وردت الآية أعلاه وما بعدها (نصّا) في سورة الطور (آية ٤٠ ـ ٤١).

ثمّ يضيف واستمرارا للحوار بقوله تعالى :( أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ) .

حيث يمكن أن يدّعي هؤلاء بأنّ لهم ارتباطا بالله سبحانه عن طريق الكهنة ، أو أنّهم يتلقّون أسرار الغيب عن هذا الطريق فيكتبونها ويتداولونها ، وبذلك كانوا في الموقع المتميّز على المسلمين ، أو على الأقل يتساوون معهم.

ومن المسلّم به أنّه لا دليل على هذا الادّعاء أيضا ، إضافة إلى أنّ لهذه الجملة معنى (الاستفهام الإنكاري) ، ولذا فمن المستبعد ما ذهب إليه البعض من أنّ المقصود من الغيب هو (اللوح المحفوظ) ، والمقصود من الكتابة هو القضاء والقدر ، وذلك لأنّهم لم يدّعوا أبدا أنّ القضاء والقدر واللوح المحفوظ في أيديهم.

ولأنّ العناد واللامنطقية التي كان عليها أعداء الإسلام تؤلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتدفعه إلى أن يدعو الله عليهم ، لذا فإنّه تعالى أراد أن يخفّف شيئا من آلام رسوله الكريم ، فطلب منه الصبر وذلك قوله تعالى :( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ) .

أي انتظر حتّى يهيء الله لك ولأعوانك أسباب النصر ، ويكسر شوكة أعدائك ، فلا تستعجل بعذابهم أبدا ، واعلم بأنّ الله ممهلهم وغير مهملهم ، وما المهلة المعطاة لهم إلّا نوع من عذاب الاستدراج.

وبناء على هذا فإنّ المقصود من (حكم ربّك) هو حكم الله المقرّر الأكيد حول انتصار المسلمين.

وقيل أنّ المقصود منها هو : أن تستقيم وتصبر في طريق إبلاغ أحكام الله تعالى.

كما يوجد احتمال آخر أيضا وهو أنّ المقصود بالآية أنّ حكم الله إذا جاء

٥٥٦

فعليك أن تستسلم لأمره تعالى وتصبر ، لأنّه سبحانه قد حكم بذلك(١) .

إلّا أنّ التّفسير الأوّل أنسب.

ثمّ يضيف تعالى :( وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ ) :

والمقصود من هذا النداء هو ما ورد في قوله تعالى :( فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (٢) .

وبذلك فقد اعترف النبي يونسعليه‌السلام بترك الأولى ، وطلب العفو والمغفرة من الله تعالى. كما يحتمل أن يكون المقصود من هذا النداء هو اللعنة التي أطلقها على قومه في ساعة غضبه. إلّا أنّ المفسّرين اختاروا التّفسير الأوّل لأنّ التعبير بـ «نادى» في هذه الآية يتناسب مع ما ورد في الآية (٨٧) من سورة الأنبياء ، حيث من المسلّم انّه نادى ربّه عند ما كانعليه‌السلام في بطن الحوت.

«مكظوم» من مادّة (كظم) على وزن (هضم) بمعنى الحلقوم ، و (كظم السقاء) بمعنى سدّ فوهة القربة بعد امتلائها ، ولهذا السبب يقال للأشخاص الذين يخفون غضبهم وألمهم ويسيطرون على انفعالاتهم ويكظمون غيظهم بأنّهم : كاظمون ، والمفرد : كاظم ، ولهذا السبب يستعمل هذا المصطلح أيضا بمعنى (الحبس).

وبناء على ما تقدّم فيمكن أن يكون للمكظوم معنيان في الآية أعلاه : المملوء غضبا وحزنا ، أو المحبوس في بطن الحوت ، والمعنى الأوّل أنسب ، كما ذكرنا.

ويضيف سبحانه في الآية اللاحقة :( لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ ) (٣) .

من المعلوم أنّ يونسعليه‌السلام خرج من بطن الحوت ، والقي في صحراء يابسة ،

__________________

(١) في هذه الصورة ستكون اللام في (لحكم ربّك) هي لام التعليل.

(٢) الأنبياء ، الآية ٨٧.

(٣) مع انّ (النعمة) مؤنث ، إلّا أنّ فعلها (تداركه) جاء بصورة مذكر ، وسبب هذا أنّ فاعل المؤنث يكون لفظيا ، وأنّ الضمير المفعول أصبح فاصلا بين الفعل والفاعل (فتأمّل!).

٥٥٧

عبّر عنها القرآن الكريم بـ (العراء) وكان هذا في وقت قبل الله تعالى فيه توبته وشمله برحمته ، ولم يكن أبدا مستحقّاعليه‌السلام للذمّ.

ونقرأ في قوله تعالى :( فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) (١) كي يستريح في ظلالها.

كما أنّ المقصود من (النعمة) في الآية أعلاه هو توفيق التوبة وشمول الرحمة الإلهية لحالهعليه‌السلام حسب الظاهر.

وهنا يطرح سؤالان :

الأوّل : هو ما جاء في الآيتين ١٤٣ ، ١٤٤ من سورة الصافات في قوله تعالى :( فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) وهذا مناف لما ورد في الآية مورد البحث.

وللجواب على هذا السؤال يمكن القول : كانت بانتظار يونسعليه‌السلام عقوبتان : إحداهما شديدة ، والاخرى أخفّ وطأة. الاولى الشديدة هي أن يبقى في بطن الحوت إلى يوم يبعثون ، والأخفّ : هو أن يخرج من بطن الحوت وهو مذموم وبعيد عن لطف الله سبحانه ، وقد كان جزاؤهعليه‌السلام الجزاء الثاني ، ورفع عنه ما ألمّ به من البعد عن الألطاف الإلهية حيث شملته بركة اللهعزوجل ورحمته الخاصّة.

والسؤال الآخر يتعلّق بما جاء في قوله تعالى :( فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ) (٢) وإنّ ما يستفاد من الآية مورد البحث أنّهعليه‌السلام لم يكن ملوما ولا مذموما.

ويتّضح الجواب على هذا السؤال بالالتفات إلى أنّ الملامة كانت في الوقت الذي التقمه الحوت توّا ، وأنّ رفع المذمّة كان متعلّقا بوقت التوبة وقبولها من قبل الله تعالى ، ونجاته من بطن الحوت.

لذا يقول البارئعزوجل في الآية اللاحقة :( فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ

__________________

(١) الصافات ، الآية ١٤٥ و١٤٦.

(٢) الصافات ، الآية ١٤٣.

٥٥٨

الصَّالِحِينَ ) .

وبذلك فقد حمّله الله مسئولية هداية قومه مرّة اخرى ، وعاد إليه يبلّغهم رسالة ربّه ، ممّا كانت نتيجته أن آمن قومه جميعا ، وقد منّ الله تعالى عليهم بألطافه ونعمه وأفضاله لفترة طويلة.

وقد شرحنا قصّة يونسعليه‌السلام وقومه ، وكذلك بعض المسائل الاخرى حول تركه لـ (الأولى) واستقراره فترة من الزمن في بطن الحوت والإجابة على بعض التساؤلات المطروحة في هذا الصدد بشكل مفصّل في تفسير الآيات (١٣٩ ـ ١٤٨) من سورة الصافات وكذلك في تفسير الآيات (٨٧ ، ٨٨) من سورة الأنبياء.

* * *

٥٥٩

الآيتان

( وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٥٢) )

التّفسير

يريدون قتلك لكنّهم عاجزون

هاتان الآيتان تشكّلان نهاية سورة القلم ، وتتضمّنان تعقيبا على ما ورد في بداية السورة من نسبة الجنون إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قبل الأعداء.

يقول تعالى :( وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ) .

«ليزلقونك» من مادّة (زلق) بمعنى التزحلق والسقوط على الأرض ، وهي كناية عن الهلاك والموت.

ثمّة أقوال مختلفة في تفسير هذه الآية :

١ ـ قال كثير من المفسّرين : إنّ الأعداء حينما يسمعون منك هذه الآيات العظيمة للقرآن الكريم ، فإنّهم يمتلئون غضبا وغلا ، وتتوجّه إليك نظراتهم الحاقدة وبمنتهى الغيظ ، وكأنّما يريدون أن يطرحوك أرضا ويقتلوك بنظراتهم الخبيثة

٥٦٠

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وأما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك اضعفهم وقوتك فيجب أن تعدل فيهم وتكون لهم كالوالد الرحيم، وتغفر لهم جهلهم، ولا تعاجلهم بالعقوبة، وتشكر الله عزوجل على ما آتاك من القوة عليهم.

وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله عزوجل إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم، وفتح لك من خزائنه، فإن أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم(١) ولم تضجر عليهم زادك الله من فضله، وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقا على الله عزوجل أن يسلبك العلم وبهاء‌ه، ويسقط من القلوب محلك.

وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عزوجل جعلها لك سكنا وانسا فتعلم أن ذلك نعمة من الله عزوجل عليك فتكرمها، وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لانها أسيرك، وتطعمها وتكسوها، وإذا جهلت عفوت عنها.

وأما حق مملوكك فأن تعلم أنه خلق ربك وابن أبيك وامك، ولحمك ودمك لم تملكه لانك صنعته دون الله، ولا خلقت شيئا من جوارحه، ولا أخرجت له رزقا ولكن الله عزوجل كفاك ذلك، ثم سخره لك، وائتمنك عليه، واستودعك إياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه، فأحسن إليه كما أحسن الله إليك، وإن كرهته استبدلت به، ولم تعذب خلق الله عزوجل، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق امك فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا، ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبال أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك، وتضحى وتظلك، وتهجر النوم لاجلك ووقتك الحر والبرد لتكون لها، فإنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه.

___________________________________

(١) الخرق - بالضم والتحريك -: ضد الرفق وأن لا يحسن الرجل العمل.

٦٢١

وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك فإنك لولاه لم تكن(١) فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق ولدك فأن فأن تعلم أنه منك، ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وليته من حسن الادب والدلالة على ربه عزوجل والمعونة على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الاحسان إليه، معاقب على الاساء‌ة إليه.

وأما حق أخيك فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك فلا تتخذه سلاحا على معصية الله(٢) ولا عدة للظلم لخلق الله، ولا تدع نصرته على عدوه(٣) والنصيحة له، فان أطاع الله تعالى وإلا فليكن الله أكرم عليك منه، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق مولاك المنعم عليك فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله، وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى الحرية وانسها، فأطلقك من أسر الملكة، وفك عنك قيد العبودية، وأخرجك من السجن، وملكك نفسك، وفرغك لعبادة ربك، وتعلم أنه أولى الخلق بك في حياتك وموتك، وأن نصرته عليك واجبة بنفسك وما احتاج إليه منك، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق مولاك الذي أنعمت عليه فأن تعلم أن الله عزوجل جعل عتقك له وسيلة إليه، وحجابا لك من النار، وأن ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة لما أنفقت من مالك، وفي الآجل الجنة.

وأما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه، وتكسبه(٤) المقالة

___________________________________

(١) في الخصال " فانه لولاه لم تكن ".

(٢) أى لا تجعلهم عونا لك على المعصية بالجور والغلبة على أعدائك، أو بالاجتماع معهم بالغيبة وأمثالها ويؤيده قوله " ولا عدة " أى مهيأة وان احتمل التأكيد. (م ت)

(٤) أى تذكر معروفه عند الناس حتى يذكر بالمعروف فكأنك جعلت كسبه، والكسب بمعنى الجمع أيضا.

٦٢٢

الحسنة، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عزوجل، فإذا فعلت ذلك كنت قد شركته سرا وعلانية، ثم إن قدرت على مكافأته يوما كافئته.

وأما حق المؤذن فأن تعلم أنه مذكر لك ربك عزوجل، وداع لك إلى حظك، وعونك على قضاء فرض الله عليك فاشكر على ذلك شكرك للمحسن إليك.

وأما حق إمامك في صلاتك فأن تعلم أنه تقلد السفارة فيما بينك وبين ربك عزوجل، وتكلم ولم تتكلم عنه، ودعا لك ولم تدع له، وكفاك هول المقام بين يدي الله عزوجل، فإن كان نقص كان عليه دونك، وإن كان تماما كنت شريكه، ولم يكن له عليك فضل فوقى نفسك بنفسه، وصلاتك بصلاته، فتشكر له على قدر ذلك.

وأما حق جليسك فأن تلين له جانبك، وتنصفه في مجازاة اللفظ(١) ، ولا تقوم من مجلسك إلا بإذنه، ومن تجلس إليه يجوز له القيام عنك بغير إذنك، وتنسى زلاته، وتحفظ خيراته، ولا تسمعه إلا خيرا.

وأما حق جارك فحفظه غائبا وإكرامه شاهدا، ونصرته إذ كان مظلوما، ولا تتبع له عورة(٢) فان علمت عليه سوء‌ا سترته عليه، وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شديدة، وتقيل عثرته.

وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا قوة إلا الله.

وأما حق الصاحب فأن تصحبه بالتفضل والانصاف وتكرمه كما يكرمك، ولا تدعه يسبق إلى مكرمة، فإن سبق كافئته، وتوده كما يودك، وتزجره عما يهم به من معصية(٣) وكن عليه رحمة، ولا تكن عليه عذابا، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق الشريك فإن غاب كفيته، وإن حضر رعيته، ولا تحكم دون حكمه

__________________________________

(١) أى ان تواضع لك بالكلمات الحسنة فتواضع بمثلها ولا تتكلم معه الا بما تريد أن يتكلم معك وان حصل لك خطأ فتداركه. (م ت)

(٢) أى لا تجسس عيوبه.

(٣) من قوله: " ولا تدعه " إلى هنا ليس في الخصال.

٦٢٣

ولا برأيك دون مناظرته، وتحفظ عليه ماله، ولا تخنه فيما عز أوهان من أمر، فان يد الله تبارك وتعالى على الشريكين مالم يتخاونا، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق مالك فأن لا تأخذه إلا من حله، ولا تنفقه إلا في وجهه، ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك، فاعمل به بطاعة ربك، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع التبعة، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق غريمك الذي يطالبك فإن كنت موسرا أعطيته، وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول، ورددته عن نفسك ردا لطيفا(١) .

وأما حق الخليط أن(٢) لا تغره، ولا تغشيه، ولا تخدعه، وتتقي الله تبارك وتعالى في أمره.

وأما حق الخصم المدعي عليك فان كان ما يدعي عليك حقا كنت شاهده على نفسك، ولم تظلمه وأوفيته حقه، وإن كان ما يدعي باطلا رفقت به، ولم تأت في أمره غير الرفق، ولم تسخط ربك في أمره، ولا قوة الا بالله.

وأما حق خصمك الذي تدعي عليه فان كنت محقا في دعواك أجملت مقاولته، ولم تجحد حقه، وإن كنت مبطلا في دعواك اتقيت الله عزوجل، وتبت إليه، وتركت الدعوى.

وأما حق المستشير فان علمت أن له رأيا حسنا أشرت عليه، وإن لم تعلم له أرشدته إلى من يعلم.

وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه، وإن وافقك حمدت الله عزوجل.

وحق المستنصح أن تؤدي إليه النصيحة، وليكن مذهبك الرحمة له والرفق به.

___________________________________

(١) ليس في النسخ ولا في الخصال ولا في تحف العقول حق الغريم الذى تطالبه و الظاهر أنه سقط من الجميع أو زيد من النساخ في أول الخبر.

(٢) كذا في النسخ والظاهر أن الصواب " فأنه " لان جواب " أما " يذكر مع الفاء.

٦٢٤

وحق الناصح أن تلين له جناحك، وتصغي إليه بسمعك، فإن أتى بالصواب حمدت الله عزوجل، وإن لم يوافق رحمته ولم تتهمه، وعلمت أنه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة، فلا تعبأ بشئ من أمره على حال، ولا قوة إلا بالله.

وحق الكبير توقيره لسنه وإجلاله لتقدمه في الاسلام قبلك، وترك مقابلته عند الخصام، ولا تسبقه إلى طريق، ولا تتقدمه ولا تستجهله، وإن جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الاسلام حرمته.

وحق الصغير رحمته في تعليمه، والعفو عنه والستر عليه، والرفق به والمعونة له(١) .

وحق السائل إعطاؤه على قدر حاجته.

وحق المسؤول إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفصله، وإن منع فاقبل عذره.

وحق من سرك لله تعالى أن تحمد الله تعالى أولا ثم تشكره.

وحق من أساء‌ك أن تعفو عنه، وإن علمت أن العقو يضر انتصرت، قال الله تبارك وتعالى: " ولمن انتصر بعد ظلمه فاولئك ما عليهم من سبيل ".

وحق أهل ملتك إضمار السلامة والرحمة لهم، والرفق بمسيئهم وتألفهم واستصلاحهم، وشكر محسنهم وكف الاذى عنهم، وتحب لهم ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك، وأن يكون شيوخهم بمنزلة أبيك، وشبانهم، بمنزلة إخوتك وعجائزهم بمنزلة امك، والصغار بمنزلة أولادك.

وحق الذمة(٢) أن تقبل منهم ما قبل الله عزوجل منهم، ولا تظلمهم ما وفوا

___________________________________

(١) في تحف العقول هكذا " وأما حق الصغير فرحمته وتثقيفه وتعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به، والستر على جرائر حداثته فانه سبب للتوبه والمداراة له، وترك مماحكته، فان ذلك أدنى لرشده ".

(٢) أى حق أهل الذمة.

٦٢٥

لله عزوجل بعهده(١) .

باب الفروض على الجوارح

٣٢١٥ - قال أمير المؤمنين عليه السلام(٢) في وصيته لابنه محمد بن الحنفية رضي الله عنه: " يا بني لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم، فإن الله تبارك وتعالى قد فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة ويسألك عنها، وذكرها و وعظها وحذرها وأدبها ولم يتركها سدى، فقال الله عزوجل: " ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا " وقال عزوجل: " إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم " ثم استعبدها بطاعته فقال عزوجل: " يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون " فهذه فريضة جامعة واجبة على الجوارح، وقال عزوجل: " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا " يعني بالمساجد الوجه واليدين والركبتين والابهامين، وقال عزوجل: " وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم " يعني بالجلود الفروج.

ثم خص كل جارحة من جوارحك بفرض ونص عليها، ففرض على السمع أن لا تصغي به إلى المعاصي فقال عزوجل: " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذ اسمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم " وقال عزوجل: " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره "، ثم استثنى عزوجل موضع النسيان فقال: " وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين " وقال عزوجل: " فبشر

___________________________________

(١) اعلم أن هذه الرسالة بتمامها منقولة في تحف العقول لحسن بن على بن شعبة الحرانى مع زيادات في بيان كل حق وقد أشرت اليها في حق الصغير فقط.

(٢) رواه المصنف في الحسن كالصحيح عن حماد بن عيسى عمن ذكره عن أبى عبدالله عليه السلام كما نص عليه في المشيخة.

٦٢٦

عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه اولئك الذين هداهم الله واولئك هم أولوا الالباب " وقال عزوجل: " وإذ امروا باللغو مروا كراما " وقال عزوجل: " والذين إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه " فهذا ما فرض الله عزوجل على السمع و هو عمله.

وفرض علي البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عزوجل عليه فقال عز من قائل: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم " فحرم أن ينظر أحد إلى فرج غيره.

وفرض على اللسان الاقرار والتعبير عن القلب بما عقد عليه فقال عزوجل: " قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا - الآية " وقال عزوجل: " وقولوا للناس حسنا "(١) .

وفرض على القلب وهو أمير الجوارح الذي به تعقل وتفهم وتصدر عن أمره ورأيه فقال عزوجل: " إلا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان - الآية " وقال تعالى حين أخبر عن قوم أعطوا الايمان بأفواهم ولم تؤمن قلوبهم فقال تعالى: " الذين قالوا آمنا بأفواهم ولم تؤمن قلوبهم " وقال عزوجل: " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " وقال عزوجل: " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ".

وفرض على اليدين أن لا تمدهما إلى ما حرم الله عزوجل عليك وأن تستعملهما بطاعته فقال عزوجل: " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين " وقال عزوجل " فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب ".

وفرض على الرجلين أن تنقلهما في طاعته وأن لا تمش بهما مشية عاص فقال عزوجل: " ولا تمش في الارض مرحا إنك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها " وقال عزوجل: " اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون " فأخبر عنها أنها تشهد

___________________________________

(١) يدل على وجوب الاقرار بالاعتقادات، ولا يدل على اشتراط الايمان به كما قاله بعض، نعم يشترط عدم الانكار باللسان لقوله تعالى " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ". (م ت)

٦٢٧

على صاحبها يوم القيامة، فهذا ما فرض الله تبارك وتعالى على جوارحك فاتق الله يا بني واستعملها بطاعته، ورضوانه، وإياك أن يراك الله تعالى عند معصيته أو يفقدك عند طاعته فتكون من الخاسرين، وعليك بقراء‌ة القرآن والعمل بما فيه ولزوم فرائضه وشرائعه وحلاله وحرامه وأمره ونهيه والتهجد به(١) وتلاوته في ليلك و نهارك فانه عهد من الله تبارك وتعالى إلى خلقه فهو واجب على كل مسلم أن ينظر كل يوم في عهده ولو خمسين آية، واعلم أن درجات الجنة على عدد آيات القرآن فاذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارق، فلا يكون في الجنة بعد النبيين والصديقين أرفع درجة منه"(٣) .

والوصية طويلة أخذنا منها موضع الحاجة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين.

تم الجزء الثاني من كتاب من لا يحضره الفقيه تصنيف الشيخ الامام السعيد الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي [نزيل الري] قدس الله روحه ونور ضريحه، ويتلوه [في] الجزء الثالث أبواب القضايا والاحكام و الحمد لله وحده، والصلاة على من لا نبي بعده.

___________________________________

(١) هجد أى نام، وتهجد: سهر، ومنه قيل لصلاة الليل التهجد. (الصحاح)

(٢) ستجئ البقية في المجلد الرابع باب النوادر آخر أبواب الكتاب ان شاء الله.

إلى هنا تمت تعاليقنا على هذا الجز والحمد لله رب العالمين، ونسأله أن يفرج عنا الهم ويكشف الغم لئلا نشتغل بهما عن تعاهد فروضه واستعمال سننه.

٦٢٨

الفهرس

بيان الرموز ٣

أبواب الزكاة ٣

باب علة وجوب الزكاة ٣

باب ما جاء في مانع الزكاة ٩

باب ما جاء في تارك الزكاة وقد وجبت له ١٣

باب الرجل يستحيى من أخذ الزكاة فيعطى على وجه آخر ١٣

باب الاصناف التي تجب عليها الزكاة ١٣

زكاة الغلات ٣٥

الحج من مال الزكاة ٣٥

زكاة مال المملوك والمكاتب.. ٣٦

ما لبنى هاشم من الزكاة ٣٧

باب نوادر الزكاة ٣٨

باب الخمس ٣٩

باب حق الحصاد والجذاذ ٤٦

باب الحق المعلوم والماعون. ٤٨

باب الخراج والجزية ٤٨

باب فضل المعروف.. ٥٤

باب ثواب القرض.. ٥٨

باب ثواب انظار المعسر ٥٨

باب ثواب تحليل الميت.. ٥٩

باب استدامة النعمة باحتمال المؤونة ٦٠

باب فضل السخاء والجود ٦١

فضل القصد. ٦٤

باب فضل سقى الماء ٦٤

٦٢٩

باب ثواب اصطناع المعروف إلى العلوية ٦٥

باب فضل الصدقة ٦٦

باب ثواب صلة الامام عليه السلام ٧٢

كتاب الصوم ٧٣

باب علة فرض الصيام ٧٣

باب فضل الصيام ٧٤

باب وجوه الصوم ٧٧

باب صوم السنة ٨١

باب صوم التطوع وثوابه من الايام المتفرقة ٨٥

باب ثواب صوم رجب.. ٩١

باب ثواب صوم شعبان. ٩٢

باب فضل شهر رمضان وثواب صيامه ٩٤

باب القول عند رؤية هلال شهر رمضان. ١٠٠

باب ما يقال في أول يوم من شهر رمضان. ١٠٢

باب القول عند الافطار كل ليلة من شهر رمضان من أوله إلى آخره ١٠٦

باب آداب الصائم وما ينقض صومه وما لا ينقضه ١٠٧

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ١١٥

باب الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصوم ١٢٢

باب الصوم للرؤية والفطر للرؤية ١٢٣

باب صوم يوم الشك.. ١٢٦

باب الرجل يسلم وقد مضى بعض شهر رمضان. ١٢٨

باب الوقت الذي يحل فيه الافطار وتجب فيه الصلاة ١٢٩

باب الوقت الذي يحرم فيه الاكل والشرب على الصائم وتحل فيه صلاة الغداة ١٣٠

باب حد المرض الذي يفطر صاحبه ١٣٢

باب ما جاء فيمن يضعف عن الصيام من شيخ أو شاب أو حامل أو مرضع. ١٣٣

باب ثواب من فطر صائما ١٣٤

٦٣٠

باب ثواب السحور ١٣٥

باب الرجل يتطوع بالصيام وعليه شئ من الفرض.. ١٣٦

باب الصلاة في شهر رمضان. ١٣٧

باب ما جاء في كراهية السفر في شهر رمضان. ١٣٩

باب وجوب التقصير في الصوم في السفر ١٤٠

باب صوم الحائض والمستحاضة ١٤٤

باب قضاء صوم شهر رمضان. ١٤٧

باب قضاء الصوم عن الميت.. ١٥٢

باب فدية صوم النذر ١٥٤

باب صوم الاذن. ١٥٥

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان وما جاء في العشر الاواخر و... في ليلة القدر ١٥٦

باب الدعاء في كل ليلة من العشر الاواخر من شهر رمضان. ١٦١

باب وداع شهر رمضان. ١٦٤

باب التكبير ليلة الفطر ويومه وما يقال في سجدة الشكر بعد المغرب.. ١٦٧

باب ما يجب على الناس إذا صح عندهم بالرؤية يوم الفطر بعد ما أصبحوا صائمين. ١٦٨

باب النوادر ١٦٩

باب الفطرة ١٧٥

باب الاعتكاف.. ١٨٤

باب علل الحج. ١٩٠

باب فضائل الحج. ٢٠١

نكت في حج الانبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين. ٢٢٩

٦٣١

باب ابتدا الكعبة وفضلها وفضل الحرم ٢٤١

من أراد الكعبة بسوء ٢٤٨

الالحاد في الحرم والجنايات ٢٥١

اظهار السلاح بمكة ٢٥٢

الانتفاع بثياب الكعبة ٢٥٢

كراهية أخذ تراب البيت وحصاه ٢٥٣

كراهية المقام بمكة ٢٥٤

شجر الحرم ٢٥٤

لقطة الحرم ٢٥٦

باب تحريم صيد الحرم وحكمه ٢٥٧

باب ما يجوز أن يذبح في الحرم ويخرج به منه ٢٦٤

باب ما جاء في السفر إلى الحج وغيره من الطاعات.. ٢٦٥

باب الايام والاوقات التى يستحب فيها السفر، والايام والاوقات التى يكره فيها السفر ٢٦٦

باب افتتاح السفر بالصدقة ٢٦٩

باب حمل العصا في السفر ٢٧٠

باب ما يستحب للمسافر من الصلاة إذا أراد الخروج. ٢٧١

باب ما يستحب للمسافر من الدعاء عند خروجه في السفر ٢٧١

باب القول عند الركوب.. ٢٧٢

باب ذكر الله عزوجل والدعاء في المسير. ٢٧٣

باب ما يجب على المسافر في الطريق من حسن الصحابة، وكظم الغيظ، و... حسن الخلق، وكف الاذي، والورع  ٢٧٤

باب تشييع المسافر وتوديعه والدعاء له ٢٧٥

باب ما يقول من خرج وحده في سفر ٢٧٦

باب كراهة الوحدة في السفر ٢٧٦

٦٣٢

باب الرفقاء في السفر ووجوب حق بعضهم على بعض.. ٢٧٨

باب الحداء والشعر في السفر ٢٨٠

باب حفظ النفقة في السفر ٢٨٠

باب اتخاذ السفرة في السفر ٢٨٠

باب السفر الذى يكره فيه اتخاذ السفرة ٢٨١

باب الزاد في السفر ٢٨١

باب حمل الآلات والسلاح في السفر ٢٨٢

باب الخيل وارتباطها وأول من ركبها ٢٨٣

باب حق الدابة على صاحبها ٢٨٦

باب ما لم تبهم عنه البهائم. ٢٨٨

باب ثواب النفقة على الخيل. ٢٨٨

باب علة الرقعتين في باطن يدى الدابة ٢٨٩

باب حسن القيام على الدواب.. ٢٨٩

باب ما جاء في الابل. ٢٩٠

باب ما يجب من العدل على الجمل وترك ضربه واجتناب ظلمه ٢٩٢

باب ما جاء في ركوب العقب  ٢٩٣

باب ثواب من أعان مؤمنا مسافرا ٢٩٣

باب المروء‌ة في السفر ٢٩٤

باب ارتياد المنازل والامكنة التي يكره النزول فيها ٢٩٤

باب المشى في السفر ٢٩٥

باب آداب المسافر ٢٩٦

باب دعاء الضال عن الطريق. ٢٩٨

باب القول عند نزول المنزل. ٢٩٨

باب القول عند دخول مدينة أو قرية ٢٩٨

٦٣٣

باب الموت في الغربة ٢٩٩

باب تهنئة القادم من الحج. ٢٩٩

باب ثواب معانقة الحاج. ٢٩٩

باب النوادر ٣٠٠

باب توفير الشعر للحج والعمرة ٣٠١

باب مواقيت الاحرام ٣٠٢

باب التهيؤ للاحرام ٣٠٧

باب وجوه الحاج. ٣١٢

باب فرائض الحج. ٣١٧

باب ما جاء فيمن حج بمال حرام ٣١٧

باب عقد الاحرام وشرطه ونقضه والصلاة له ٣١٨

باب الاشعار والتقليد  ٣٢٣

باب التلبية ٣٢٥

باب ما يجب على المحرم اجتنابه من الرفث والفسوق والجدال  في الحج. ٣٢٨

باب ما يجوز الاحرام فيه وما لا يجوز ٣٣٤

باب ما يجوز للمحرم اتيانه واستعماله ومالا يجوزمن جميع الانواع. ٣٤٧

الطيب للمحرم ٣٥٠

الظلال للمحرم ٣٥٢

المحرم يقص ظفرا أو شعرا ٣٥٦

المحرم يتزوج أو يزوج أو يطلق ٣٦١

ما يجوز للمحرم قتله ٣٦٣

باب ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب من الصيد. ٣٦٤

باب تقصير المتمتع وحلقه واحلاله ومن نسى التقصير حتى يواقع أو يهل بالحج. ٣٧٥

باب المتمتع يخرج من مكة ويرجع. ٣٧٨

باب احرام الحائض والمستحاضة ٣٨٠

باب الوقت الذى إذا أدركه الانسان يكون مدركا للتمتع  ٣٨٤

٦٣٤

باب الوقت الذى متى أدركه الانسان كان مدركا للحج. ٣٨٦

باب تقديم طواف الحج وطواف النساء قبل السعى وقبل الخروج إلى منى ٣٨٧

باب تأخير الزيارة  ٣٨٨

باب حكم من نسى طواف النساء ٣٨٩

باب انقضاء مشى الماشي. ٣٩١

باب حكم من قطع عليه الطواف بصلاة أو غيرها ٣٩٢

باب السهو في الطواف.. ٣٩٥

باب ما يجب على من اختصر شوطا في الحجر ٣٩٨

باب ما جاء في الطواف خلف المقام  ٣٩٩

باب ما يجب على من طاف أو قضى شيئا من المناسك على غير وضوء ٣٩٩

باب ما جاء في طواف الاغلف.. ٤٠١

باب القران بين الاسابيع  ٤٠١

باب طواف المريض والمحمول من غير علة ٤٠٢

باب ما يجب على من بدأ بالسعى قبل الطواف أو طاف وأخر السعى  ٤٠٤

باب الرجل يطوف عن الرجل وهو غائب أو شاهد ٤٠٦

باب السهو في ركعتى الطواف  ٤٠٧

باب نوادر الطواف.. ٤٠٩

باب السهو في السعى بين الصفا والمروة ٤١٣

باب السعى راكبا والجلوس بين الصفا والمروة ٤١٦

باب حكم من قطع عليه السعى لصلاة أو غيرها ٤١٧

باب استطاعة السبيل إلى الحج  ٤١٨

باب ترك الحج. ٤١٩

باب الاجبار على الحج وعلى زيارة النبى صلى الله عيله وآله ٤٢٠

باب علة التخلف عن الحج. ٤٢٠

باب دفع الحج إلى من يخرج فيها ٤٢١

٦٣٥

باب حج الجمال والاجير. ٤٢٨

باب من يموت وعليه حجة الاسلام وحجة في نذر عليه ٤٢٨

باب ما جاء في الحج قبل المعرفة ٤٢٩

باب ما جاء في حج المجتاز ٤٣٠

باب حج المملوك والمملوكة  ٤٣٠

باب ما يجزى عن المعتق عشية عرفة من حجة الاسلام ٤٣٢

باب حج الصبيان. ٤٣٣

باب الرجل يستدين ويحج، ووجوب الحج على من عليه الدين. ٤٣٦

باب ما جاء في المرأة يمنعها زوجها من حجة الاسلام أو حجة تطوع. ٤٣٧

باب حج المرأة مع غير محرم أوولى. ٤٣٨

باب حج المرأة في العدة ٤٣٩

باب الحاج يموت في الطريق. ٤٤٠

باب ما يقضى عن الميت من حجة الاسلام، أوصى أو لم يوص.. ٤٤١

باب الرجل يوصى بحجة فيجعلها وصيه في نسمة ٤٤٣

باب الحج عن أم الولد إذا ماتت.. ٤٤٣

باب الرجل يوصى اليه الرجل أن يحج عنه ثلاثة رجال، فيحل له أن يأخذ لنفسه حجة منها ٤٤٣

باب من يأخذ حجة فلا تكفيه ٤٤٤

باب من أوصى في الحج بدون الكفاية ٤٤٤

باب الحج من الوديعة ٤٤٥

باب الرجل يموت وما يدرى ابنه هل حج أو لا. ٤٤٦

باب المتمتع عن أبيه ٤٤٦

باب تسويف الحج. ٤٤٧

باب العمرة في أشهر الحج. ٤٤٨

باب اهلال العمرة المبتولة واحلالها ونسكها ٤٥١

باب العمرة في شهر رمضان ورجب وغيرهما ٤٥٣

٦٣٦

باب مواقيت العمرة من مكة وقطع تلبية المعتمر ٤٥٤

باب أشهر الحج وأشهر السياحة والاشهر الحرم ٤٥٦

باب العمرة في كل شهر وفى أقل ما يكون. ٤٥٨

باب يقول الرجل إذا حج عن غيره أو طاف عنه ٤٥٩

باب الرجل يحج عن الرجل أو يشركه في حجة أو يطوف عنه ٤٦٠

باب التعجيل قبل التروية إلى منى. ٤٦٢

باب حدود منى وعرفات وجمع. ٤٦٣

باب التقصير في الطريق إلى عرفات.. ٤٦٦

باب اسم الجبل الذى يقف عليه الناس بعرفة ٤٦٧

باب كراهة المقام عند المشعر بعد الافاضة ٤٦٧

باب السعى في وادى محسر ٤٦٨

باب ما جاء فيمن جهل الوقوف بالمشعر ٤٦٩

باب من رخص له التعجيل من المزدلفة قبل الفجر ٤٧٠

باب ما جاء فيمن فاته الحج. ٤٧١

باب أخذ حصى الجمار من الحرم وغيره ٤٧٣

باب ما جاء فيمن خائف الرمى أو زاد أو نقص.. ٤٧٤

باب الذين آطلق لهم الرمى بالليل. ٤٧٦

باب الرمى عن العليل والصبيان. ٤٧٦

باب ما جاء فيمن بات ليالى منى بمكة  ٤٧٧

باب اتيان مكة بعد الزيارة للطواف.. ٤٧٩

باب النفر الاول والاخير. ٤٧٩

باب نزول الحصبة ٤٨٢

باب باب قضاء التفث ٤٨٣

باب أيام النحر ٤٨٦

باب الحج الاكبر والحج الاصغر ٤٨٨

٦٣٧

باب الاضاحى. ٤٨٨

باب الهدى يعطب أو يهلك قبل أن يبلغ محله وما جاء في الاكل منه ٤٩٩

باب الذبح والنحر وما يقال عند الذبيحة ٥٠٢

باب نتايج البدنة وحلابها وركوبها ٥٠٤

باب بلوغ الهدى محله ٥٠٥

باب الرجل يوصى من يذبج عنه ويلقى هو شعره بمكة ٥٠٥

باب تقديم المناسك وتأخيرها ٥٠٥

باب فيمن نسى أو جهل أن يقصر أو يحلق حتى ارتحل من منى. ٥٠٦

باب ما يحل للمتمتع والمفرد إذا ذبح وحلق قبل أن يزور البيت.. ٥٠٧

باب ما يجب من الصوم على المتمتع إذا لم يجد ثمن الهدى. ٥٠٨

باب ما يجب على المتمتع إذا وجد ثمن الهدى ولم يجد الهدى. ٥١٣

باب المحصور والمصدود  ٥١٤

باب الرجل يبعث بالهدى ويقيم في أهله ٥١٧

باب نوادر الحج. ٥١٩

باب سياق مناسك الحج. ٥٢٥

القول بين الركن اليمانى والركن الذى فيه الحجر الاسود ٥٣٣

الوقوف بالمستجار ٥٣٣

الخروج إلى الصفا ٥٣٥

التقصير. ٥٣٧

الغدو إلى عرفات ٥٤٠

دعاء الموقف.. ٥٤١

الافاضة من عرفات.. ٥٤٣

أخذ حصى الجمار من جمع. ٥٤٥

الوقوف بالمشعر الحرام ٥٤٥

الافاضة من المشعر الحرام ٥٤٦

٦٣٨

الرجوع إلى منى ورمى الجمار ٥٤٧

الحلق. ٥٥٠

زيارة البيت.. ٥٥١

اتيان الحجر الاسود ٥٥١

الخروج إلى الصفا ٥٥٢

طواف النساء ٥٥٢

رمى الجمار ٥٥٣

التكبير أيام التشريق. ٥٥٤

النفر من منى. ٥٥٥

دخول مكة ٥٥٦

دخول الكعبة ٥٥٦

باب الابتداء بمكة والختم بالمدينة ٥٥٨

الصلاة في مسجد غدير خم. ٥٥٩

نزول معرس النبي صلى الله عليه وآله ٥٦٠

باب تحريم المدينة وفضلها ٥٦١

باب ما جاء فيمن حج ولم يزر النبي صلى الله عليه وآله وفيمن مات بمكة أو المدينة ٥٦٥

اتيان المدينة ٥٦٥

اتيان المنبر. ٥٦٨

الصوم بالمدينة والاعتكاف عند الاساطين. ٥٧٠

زيارة فاطمة بنت النبي صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها ٥٧٢

اتيان المشاهد وقبور الشهداء ٥٧٤

توديع قبر النبي صلى الله عليه وآله ومنبره ٥٧٥

زيارة قبور الائمة الحسن بن علي بن أبي طالب، وعلى بن الحسين، ومحمد بن على الباقر... وجعفر بن محمد الصادق عليهم السلام بالبقيع. ٥٧٥

باب ثواب زيارة النبي والائمة صلوات الله عليهم أجمعين. ٥٧٧

٦٣٩

باب موضع قبر أميرالمؤمنين علي بن أبى طالب عليه السلام ٥٨٦

زيارة قبر أميرالمؤمنين صلوات الله عليه ٥٨٦

زيارة أخرى لامير المؤمنين عليه السلام ٥٩٢

زيارة قبر أبى عبدالله الحسين بن على بن أبى طالب عليهما السلام المقتول بكربلا. ٥٩٤

الوداع. ٥٩٧

زيارة قبور الشهداء ٥٩٨

باب ما يجزى من زيارة الحسين عليه السلام في حال التقية ٥٩٨

باب ما يقوم مقام زيارة الحسين وزيارة غيره من الائمة عليهم السلام لمن لا يقدر على قصده لبعد المسافة ٥٩٩

باب فضل تربة الحسين عليه السلام وحريم قبره ٥٩٩

باب زيارة الامامين أبى الحسن موسى بن جعفر وأبي جعفر محمد بن على الثاني عليهما السلام ببغداد في مقابر قريش   ٦٠٠

باب زيارة قبر الرضا أبي الحسن على بن موسى عليهما السلام بطوس. ٦٠٢

الوداع. ٦٠٥

باب زيارة الامامين أبى الحسن علي بن محمد وأبي محمد الحسن بن على عليهم السلام بسر من رأى  ٦٠٧

باب ما يجزي من القول عند زيارة جميع الائمة عليهم السلام ٦٠٨

زيارة جامعة لجميع الائمة عليهم السلام ٦٠٩

باب الحقوق. ٦١٨

باب الفروض على الجوارح. ٦٢٦

٦٤٠