موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٧

موسوعة عبد الله بن عبّاس11%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 520

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 520 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 67853 / تحميل: 4828
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

ليس غير وأمّا الدعوة العالمية فتختص بالنبي الخاتم كما أوضحناه(١) .

فان قلت: إنّ آدم قد بعث إلى الناس كافة كما أنّ نوحاً كان مبعوثاً إلى أهل الأرض كافة بعد الطوفان لأنّه لم يبق معه إلّا من آمن به، وعليه فينتقض الحصر في الحديث المتفق عليه بين الفريقين.

قلت: الحديث منصرف عن بدء الخلقة وعن النبي الذي لم يكن على أديم الأرض إلّا نفسه وولده، أمّا نوح فقد تضافرت الآيات أنّه كان مبعوثاً إلى قومه كقوله سبحانه:( إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ ) ( نوح ـ ١ ).

وأمّا صيرورة رسالته عالمية بعد الطوفان، لانحصار الخلق في الموجودين بعد هلاك الناس، فإنّما هو لأمر عارض لا يضر بخصوصية رسالته.

أضف إلى ذلك أنّ القدر المسلم هو أنّ الطوفان لم يكن عالمياً، بل كان خاصاً بمنطقة من الأرض التي كان يعيش فيها قومه ويؤيد ذلك أنّه إذا كان مبعوثاً إلى قومه خاصة لم يكن وجه لتعذيب غيرهم وإهلاكهم بتكذيب قومه إذا لم تصلهم دعوته كما هو الظاهر(٢) .

هيهنا سؤال :

إذا كانت نبوّة كلّ واحد من هؤلاء الأربعة اقليمية أو مختصة بقوم خاص، فما معنى « اُولوا العزم من الرسل » الذي وصف الله به عدة من الرسل ؟ فإنّ المشهور أنّ المقصود منهم من كانت رسالته عالمية موجهة إلى الناس كافة.

ولأجل الاجابة على هذا السؤال عقدنا البحث التالي.

__________________

(١) راجع صفحات ٣٧ ـ ٥٦ من هذا الكتاب.

(٢) وقد وقفت على حقيقة الحال عند البحث عن حقيقة نبوّة نوحعليه‌السلام .

١٠١

ما المراد باُولي العزم

من الرسل

لقد وصف الله بعض رسله أو كلهم بكونهم(١) اُولي العزم من الرسل حيث قال:( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إلّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إلّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ) ( الاحقاف ـ ٣٥ ).

فأمر نبيّه بالصبر والوقوف في وجه العدو كوقوفهم في وجه معانديهم ومخالفيهم وعندئذ يجب أن نتعرف على ما هو المراد من توصيفهم به وقبل كل شيء نأتي بنصوص أهل اللغة في معنى العزم :

١. يظهر من ابن فارس في مقاييسه أنّ لهذا اللفظ معنى واحداً وهو القطع ضد الوصل وإليه يرجع معناه الآخر وهو العزم وكأنّه يقطع التحيّر والشك قال: « عزم » له أصل واحد صحيح يدل على الصريمة والقطع يقال: عزمت أعزم عزماً ـ إلى أن قال ـ قال الخليل: العزم ما عقد عليه القلب من أمر أنت فاعله أي متيقّنه ويقال: ما لفلان عزيمة أي ما يعزم عليه كأنّه لا يمكنه أن يصرم الأمر بل يختلط فيه ويتردد ومن قولهم: عزمت على الجنى وذلك أن تقرأ عليه من عزائم القرآن وهي الآيات التي يرجى قطع الآفة عن المؤوف واعتزم السائر إذا سلك القصد قاطعاً له والرجل يعتزم الطريق: يمضي

__________________

(١) الترديد مبني على كون لفظة « من » تبعيضية أو بيانية وإن كان الظاهر هو الأوّل.

١٠٢

فيه لا ينثني.

واُولوا العزم من الرسل الذين قطعوا العلائق(١) بينهم وبين من لم يؤمن من الذين بعثوا إليهم كنوحعليه‌السلام إذ قال:( لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ) وكمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ تبرّأ من الكافر وبرّأه الله تعالى منهم وأمره بقتالهم في براءة من الله ورسوله(٢) .

٢. وفسّره الراغب بالقصد وعقد القلب، من غير إشارة إلى أصله الذي اخذ منه هذا المعنى وقال: العزم والعزيمة عقد القلب على امضاء الأمر قال:( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ) ،( وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ ) ،( وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ ) ،( إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ) ،( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) أي محافظة على ما اُمر به وعزيمة على القيام، والعزيمة تعويذ كأنّه تصوّر أنّك قد عقدت بها من الشيطان أن يمضي ارادته فيك وجمعها العزائم.

٣. وفسّره الفيروز آبادي بقوله: عزم على الأمر أراد فعله وقطع عليه، أو جدّ في الأمر ـ إلى أن قال ـ: واُولوا العزم من الرسل الذين عزموا على أمر الله فيما عهد إليهم، ونقل عن الزمخشري: اُولوا الجد والثبات والصبر.

والمحصّل من هذه النقول أنّ المعنى الأصيل لهذا اللفظ هو القطع ضد الوصل، ثم يستعمل لأجل المناسبة في عقد القلب والثبات والصبر.

أمّا القرآن فالظاهر أنّه لم يستعمل فيه إلّا بمعنى عقد القلب مثل قوله :

( فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ ) ( محمد ـ ٢١ ).

( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ) ( آل عمران ـ ١٥٩ ).

( وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ ) ( البقرة ـ ٢٢٧ ).

( وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ ) ( البقرة ـ ٢٣٥ ).

__________________

(١) هذا التفسير لم يعهد من المفسرين.

(٢) المقاييس ج ٤ ص ٣٠٨.

١٠٣

( وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ) ( آل عمران ـ ١٨٦ ).

أي أنّ الصبر والتقى من الاُمور التي بان رشدها ويجب أن يعزم وينعقد القلب عليها وعقد القلب عليها يستلزم الصبر ويتوقف على الثبات في معارك الحياة، فالصبر لازم العزم.

ومثله قوله سبحانه:( وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ) ( لقمان ـ ١٧ ).

وقوله سبحانه:( وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ) ( الشورى ـ ٤٣ ).

والتدبر في الآيتين الأخيرتين يعطي أن العزم ليس مرادفاً للصبر والثبات وإن فسّره به الزمخشري في كشافه حيث قال في تفسيره: « اُولوا العزم أي اُولوا الجد والثبات والصبر »(١) .

وذلك لأنّ اسم الإشارة في آية سورة لقمان امّا راجع إلى خصوص الصبر كما هو مقتضى الأقربية أو إلى كل ما أوصى به لقمان من إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على ما أصابه وعلى أي تقدير لا يصح أن يفسّر العزم بالصبر والثبات إذ يصير معنى الآية حينئذ: أنّ الصبر وحده أو هو مع غيره من عزم الاُمور.

وبذلك يظهر الحال في آية سورة الشورى فلاحظ.

وقوله سبحانه:( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) ( طه ـ ١١٥ ).

والمقصود لم نجد له عزماً حافظاً على عهده الذي عاهدناه.

نعم العزم على الشيء والمحافظة على عقد القلب في طول الحياة لا ينفك عن الثبات والجد والوقوف في وجه المشاكل.

هذا معنى العزم في القرآن وبذلك يظهر معنى العزم في الآية التي نحن بصدد

__________________

(١) الكشّاف: ج ٣ ص ١٢٦.

١٠٤

رفع الستر عن وجهها أعني قوله سبحانه:( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) . فانّه بمعنى أصحاب العزائم والقصود المؤكدة التي لا تنفصم أصلاً وتدعو إلى العمل والسعي في سبيل الله سبحانه.

من هم اُولي العزم من الرسل ؟

يجد القارئ الكريم حول الآية وجوهاً ومعاني حملت على الآية والآية لا تحتملها ودونك تلك الوجوه :

الوجه الأوّل :

١. هم الذين بعثوا إلى شرق الأرض وغربها جنّها وانّسها(١) .

هذا المعنى أحد الوجوه التي تفسّر بها الآية وعلى هذا يجب عدّ رسالة كلّ من قام الاجماع على كونه من الرسل اُولي العزم أو عدّ منهم في الأخبار الصحاح رسالة عالمية لا اقليمية وبما أنّ موسى والمسيح قامت الضرورة على كونهم من اُولي العزم يجب أن يكون رسالتهم عالمية حسب هذا القول.

وقد عرفت ضعف هذا القول في البحث الماضي وأنّ الآيات تفيد كون رسالة الكليم والمسيح مختصة بقومهما وبالمناطق التي بعثا فيها فضلاً عن كون رسالة نوح والخليلعليهما‌السلام عالمية.

وعلى ذلك فهذا الاحتمال في تفسير الآية لا يمكن الركون إليه فلنبحث عن المحتملات الاُخر حول الموضوع.

الوجه الثاني :

أن يراد من اُولي العزم كل الرسل ولم يبعث الله رسولاً إلّا كان ذا عزم وحزم ورأي وكمال وعقل وعلى هذا فلفظة « من » في قوله:( مِنَ الرُّسُلِ ) تبيين لا تبعيض كما يقال :

__________________

(١) حق اليقين لشبر: ص ١١١ ناقلاً عن كامل الزيارت.

١٠٥

كسيته من الخز، وكأنّه قيل اصبر كما صبر الرسل من قبلك على أذى قومهم، ووصفهم بالعزم لأجل صبرهم وثباتهم(١) .

ويؤيد ذلك قوله سبحانه:( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ) ( الأحزاب ـ ٧ ).

فإنّ اضافة الميثاق إلى النبيين دليل على أنّ الميثاق المأخوذ منهم بوصف كونهم من النبيين غير الميثاق المأخود منهم بوصف كونهم من بني آدم الذي يشير إلى ذلك الميثاق قوله سبحانه:( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ ) ( الأعراف ـ ١٧٢ ).

فالآية الاُولى تدل على أخذ الميثاق من النبيين عامة وأخذ الميثاق وإن كان لا يدل على العزم الراسخ لكن سكوت القرآن عن نقضهم لهذا الميثاق وبما هم أنبياء معصومون من كل عصيان، يشعر أو يدل على قيامهم بالميثاق الغليظ الذي يتوقف على العزم الراسخ والإرادة القوية التي تستتبع الصبر والثبات.

وأمّا تخصيص الخمسة بالذكر فهو لعظمة شأنهم ورفعة مكانهم لكونهم أصحاب الشرائع والكتب لا لانحصار ذاك الوصف فيهم، كما يمكن أن يتوهم فقد خصّ الله سبحانه هؤلاء الخمسة بالذكر في مورد آخر وقال:( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) ( الشورى ـ ١٣ ).

وقد أشار سبحانه إلى أخذ الميثاق من الأنبياء جميعاً في قوله :

( وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا ) ( آل عمران ـ ٨١ )(٢) .

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٥ ص ٩٤.

(٢) وقد بسّط الطبرسي الكلام في تفسير الآية فراجع ج ١ ص ٤٦٨.

١٠٦

وهذه الآية تحتمل معنيين :

الأوّل: أنّه سبحانه أخذ الميثاق من النبيين ولم يذكر متعلّق الميثاق عندئذ وقوله:( لَمَا آتَيْتُكُم ) ليس متعلّقاً لأخذ الميثاق منهم، لكون اللام مفتوحة توطئة للقسم وقوله لتؤمنن جواب له، وعند ذلك يحتمل أن يكون الميثاق المأخوذ منهم هو وحدة الكلمة في الدين وعدم الاختلاف فيه وإليه تؤمى آية سورة الشورى أعني قوله:( أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا ) ( الشورى ـ ١٣ ).

الثاني: انّه سبحانه أخذ الميثاق من الاُمم على أنبيائهم على تصديقهم والاقتداء بهم وعلى ذلك تخرج عمّا نحن بصدد البحث عنه والمعنى الأوّل أظهر.

الوجه الثالث :

أن يكون « من » للتبعيض ويراد من « اُولوا العزم » بعض الأنبياء، قيل هم نوح صبر على أذى قومه وكانوا يضربونه حتى يغشى عليه، وإبراهيم على النار وذبح الولد، وإسحاق على الذبح، ويعقوب على فقدان الولد وذهاب البصر، ويوسف على الجب والسجن، وأيوب على الضر، وموسى إذ قال له قومه:( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ *قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) وداود يبكي على زلته أربعين سنة وعيسى لم يضع لبنة على لبنة وقال: إنّها معبرة فاعبروها ولا تعمروها، وقال الله تعالى في آدم:( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) ، وفي يونس:( وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ ) (١) .

وهذا القول أقرب الأقوال لولا أنّ فيه مسحة إسرائيلية حيث عد إسحاق ذبيحاً مع أنّ الذبيح هو إسماعيل ولكنّه لا يضر بأصل المعنى ويؤيده كما اُشير إليه نفي العزم عن آدم بعد ما عهد إليه ونسي ما عهد، والنسيان كناية عن الترك اُطلق السبب واُريد المسبّب لأنّ الشيء إذا نسي ترك، والمراد من العهد هو النهي عن أكل الشجرة بمثل قوله:( وَلا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ ) ( الأعراف ـ ١٩ ).

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٥ ص ١٩٤ ـ واحتمله الفخر راجع ج ٧ ص ٤٦٨.

١٠٧

وعلى ذلك فالعزم أمّا بمعنى القصد الجازم كما هو الحق أو الصبر والثبات ويؤيده ما رواه القمي في تفسير الآية حيث قال: وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم، ومعنى اُولوا العزم: أنّهم سبقوا الأنبياء إلى الإقرار بالله وأقروا بكل نبي كان قبلهم وبعدهم وعزموا على الصبر مع التكذيب لهم والأذى(١) .

ولا يرد على هذه الرواية ما أوردناه على السابقة، نعم انحصاره في الخمسة المذكورة في الرواية يحتاج إلى دليل قاطع.

ومع ذلك فهذا القول أقرب الأقوال لكن بتصرف فيه وهو أنّ جعل « اُولوا العزم » من الرسل حيث قال: اُولوا العزم من الرسل يدل على أنّ عزمهم القوي كان في تبليغ رسالتهم ونشرها بين الناس، لا مجرد إبتلائهم بالشدائد والبلايا ولو في غير طريق نشر الدين، فابتلاء يعقوب ويوسف وأيوب وغيرهم لا يجعلهم داخلاً في « اُولوا العزم من الرسل » بما هم رسل ذووا رسالة من الله سبحانه إلى عباده.

ويؤيده أنّ الآية بصدد تحريض النبي على تحمل المشاق في طريق دعوته ورسالته، والقرآن يصف نوحاً وإبراهيم وموسى بكونهم ذوي عزائم قوية في سبيل الدعوة وتبليغ الدين ولعلّ ههنا من يصفه القرآن بهذا الوصف أو هو كذلك وإن لم يصفه القرآن ولكنّا غير واقفين عليه.

الوجه الرابع :

من أتى بشريعة مستأنفة نسخت شريعة من تقدمه وهم خمسة اوّلهم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ثم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله روي عن ابن عباس وقتادة وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام قال: وهم سادة النبيين وعليهم دارت رحى المرسلين(٢) .

__________________

(١) تفسير القمي: ج ٢ ص ٣٠٠.

(٢) مجمع البيان: ج ٥ ص ١٩٤.

١٠٨

غير أنّه لم يثبت نسخ كلّ شريعة لاحقة لما تقدمها.

فذا هو عيسى بن مريم يبيّن الغاية من بعثته بقوله:( قَدْ جِئْتُكُم بِالحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ) ( الزخرف ـ ٦٣ ).

فإنّ معنى ذلك أنّ المسيح جاء مبيّناً لا ناسخاً لما تقدمه من الشرائع.

الوجه الخامس :

هم الذين اُمروا بالجهاد والقتال وجاهدوا في الدين. نقل عن السدي والكلبي(١) .

وهذا لوجه ينطبق مع بعض المعاني المتقدمة خصوصاً الثالث.

الوجه السادس :

إنّ العزم بمعنى الوجوب والحتم واُولوا العزم من الرسل هم الذين شرعوا التشريع وأوجبوا على الناس الأخذ بها والانقطاع عن غيرها وخصهم القائل بأربعة أعني نوحاً وهوداً وإبراهيم ومحمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

وهذا المعنى مبني على كون العزم بمعنى الحكم والشريعة مقابل الرخصة وهو الذي يؤيده بعض الروايات المروية عن أهل البيت: وقد روي في العيون عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: « إنّما سمّي اُولوا العزم اُولي العزم لأنّهم كانوا أصحاب العزائم والشرائع وذلك أنّ كلّ نبي كان بعد نوح كان على شريعته ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى زمن إبراهيم الخليل »(٣) .

الوجه السابع :

المقصود هم الرسل الثمانية المذكورون في قوله سبحانه:( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا

__________________

(١) و (٢) مجمع البيان: ج ٥ ص ١٩٤.

(٣) العيون: ج ١٢ الباب ٣٢ ص ٨٠ ونور الثقلين: ج ٥ ص ٢٢.

١٠٩

إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ *وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ) ( الأنعام: ٨٣ ـ ٨٤ ).

والدليل على ذلك قوله سبحانه:( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إلّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ ) ( الأنعام ـ ٩٠ ).

وهذا المعنى من أبعد الأقوال عن الحق لأنّه سبحانه لم يخص الاهتداء بالثمانية إلّا وقد أشار إلى آبائهم بقوله:( وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) ( الأنعام ـ ٨٧ ).

ثمّ قال سبحانه:( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ) .

فيجب أن يكون الكل اُولي العزم.

وهناك أقوال اُخر يرجع إلى الاختلاف في عددهم بين كونه تسعة أو سبعة أو ستة أو خمسة أو أربعة وقد ضربنا عن ذكرها صفحاً.

وعرفت أنّ الحق هو الوجه الثالث بالتصرف الذي عرفته فيه وأوضحنا أنّ هذه اللفظة ليس علماً لعدة معيّنة بل هي وصف يشير إلى الجماعة الذين صبروا في طريق رسالاتهم وتبليغ دين الله سبحانه، وقد عرفت أنّ القرآن يصف ثلاثة من الرسل بهذا العنوان وهم عبارة عن نوح والخليل والكليم ولعلّ هناك من صبر في هذا الطريق، وعرفه القرآن ولم نقف عليه، عصمك الله وإيّانا من الزلل في القول والعمل وجعلنا من أصحاب العزائم القوية في نشر الحق.

شبهة واهية في المقام :

ذهب بعض المعترضين ممّن لا إلمام له بحقيقة التعاليم الإسلامية ولا معرفة له باُصول الدين المحمدي وفروعه إلى انكار عالمية الإسلام، تمسّكاً بالأمر التالي وهو :

إنّ الإسلام جاء بضرائب على الابل والبقر والغنم بمقادير دقيقة في غاية الدقة لأنّ الجزيرة العربية كانت يوم ذاك تكثر فيها الجمال والمواشي دون غيرها من البلاد

١١٠

والقارات وذلك آية كونه ديناً اقليمياً لا عالمياً، بل آية على أنّ تخطيطاته الاقتصادية، وقوانينه في الضرائب وغيرها تناسب عصر الجمال والمواشي، لا عصر الصاروخ والطائرة، والمعامل الكبرى، والمصانع الضخمة، والأعمال التجارية الهائلة.

قلت: هذه شبهة يتمسّك بها تارة على نفي كون الإسلام ديناً عالمياً، واُخرى على نفي كونه ديناً أبدياً وخاتماً لرسالات السماء بحجّة أنّ ما جاء به الإسلام من تشريع في مجال الضرائب ناقص لا يفي بالحاجات المتجددة في العصور المتطورة والحضارات المتقدمة، والنفقات المتزايدة.

وقد أجبنا عن هذه الشبهة مفصّلاً في الجزء الثاني من هذه الموسوعة عند البحث عن ( المنابع المالية للحكومة الإسلامية ) فلاحظ تجد فيها ما يقطع جذور الشبهة من أساسها.

١١١
١١٢

الفصل الثاني

الخاتمية

في

الذكر الحكيم

اتفقت الاُمّة الإسلامية عن بكرة أبيها على أنّ نبيّهم محمداً خاتم النبيين، وأنّ دينه خاتم الأديان، وكتابه خاتم الكتب والصحف، فهوصلى‌الله‌عليه‌وآله آخر السفراء الالهيين، أوصد به باب الرسالة والنبوّة، وختمت به رسالة السماء إلى الأرض.

لقد اتفق المسلمون كافة على أنّ دين نبيّهم، دين الله الأبدي، وكتابه، كتاب الله الخالد، ودستوره الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وقد أنهى الله إليه كلّ تشريع وأودع فيه اُصول كلّ رقي، وأناط به كلّ سعادة ورخاء، فاكتملت بدينه وكتابه الشرائع السماوية التي هي رسالة السماء إلى الأرض.

توضيحه: أنّ الشريعة الحقة الالهية التي أنزلها الله إلى أوّل سفرائه لا تفترق جوهراً عمّا أنزله على آخرهم، بل كانت الشريعة السماوية في بدء أمرها كنواة قابلة للنمو والنشوء، فأخذت تنمو وتستكمل عبر القرون والأجيال، حسب تطور الزمان وتكامل

١١٣

الاُمم، وتسرب الحصافة إلى عقولهم، وتسلل الحضارة إلى حياتهم.

ويفصح عمّا ذكرنا قوله سبحانه:( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا ) ( الشورى ـ ١٣ ) فقد وصّى نبيّنا محمداً بما وصّى به نوحاً، من توحيده سبحانه وتنزيهه عن الشرك، والدعوة إلى مكارم الأخلاق، والتنديد بالجرائم الخلقية، والقضاء على أسبابها، إلى غير ذلك ممّا تجده في صحف الأوّلين والآخرين.

وتتجلى تلك الحقيقة الناصعة، أي وحدة الشرائع السماوية، جوهراً من مختلف الآيات في شتى المواضع، قال سبحانه:( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إلّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ) ( آل عمران ـ ١٩ ) وظاهر الآية يعطي أنّ الدين عند الله ـ لم يزل ولن يزال ـ هو الإسلام في طول القرون والأجيال، ويعاضدها قوله تعالى:( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ ) ( آل عمران ـ ٨٥ ).

وقد نبّه سبحانه في مورد آخر على خطأ اليهود والنصارى في رمي ـ بطل التوحيد ـ إبراهيم باليهودية والنصرانية، وقال:( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ ) ( آل عمران ـ ٦٧ ).

نعم المراد من الإسلام في الآيتين هو التسليم لله والامتثال لأوامره ونواهيه لا المعنى العلمي منه، الذي يقابل اليهودية والنصرانية.

وقد سئل عليٌّعليه‌السلام عن حقيقة الإسلام، فقال: « لأنسبنّ الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي: الإسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين »(١) ففسّر الإسلام بالتسليم له سبحانه، وحقيقة التسليم هنا هو إرجاع الأمر والنهي إليه سبحانه، فالواجب ما أمر به والحرام ما نهى عنه، لا ما أمر به الأحبار والرهبان، أو نهوا عنه، ولا يتحقق التسليم إلّا برفض تحكيم الرجال في الشريعة، ورد آراء الناس والأحبار والرهبان في الحلال والحرام.

فحقيقة الشرائع السماوية في جميع الأدوار والأجيال كانت أمراً واحداً وهو

__________________

(١) نهج البلاغة: المختار من الحكم ١٢٥.

١١٤

التسليم لله في فرائضه وعزائمه وحده.

ولأجل ذلك كتب الرسول إلى قيصر عندما دعاه إلى الإسلام، قوله سبحانه:( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إلّا نَعْبُدَ إلّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) (١) .

وقد أمر سبحانه في آية اُخرى رسوله بدعوة معشر اليهود أو الناس جميعاً إلى اتباع ملّة إبراهيم، قال سبحانه:( فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ ) ( آل عمران ـ ٩٥ ).

وصرّح سبحانه بأنّ كلّ نبي جاء عقب نبي آخر، كان يصرّح بأنّه مصدّق بوجود ذلك النبي المتقدم عليه وكتابه ودينه، فالمسيح مصدّق لما بين يديه من التوراة ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله مصدّق لما بين يديه من الكتب وكتابه مهيمن عليه، كما قال سبحانه:( وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ) ،( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) ( المائدة: ٤٦، ٤٨ ).

وهذه النصوص كلّها تعبّر عن وحدة اُصول الشرائع وجذورها ولبابها.

وعلى هذه فرسالة السماء إلى الأرض، رسالة واحدة في الحقيقة مقولة بالتشكيك، متكاملة عبر القرون، جاءت بها الرسل طوال الأجيال، وكلّهم يحملون إلى المجتمع البشري رسالة واحدة لتصعد بهم إلى مدارج الكمال، وتهديهم إلى معالم الهداية ومكارم الأخلاق.

نعم كان البشر في أوّليات حياتهم يعيشون في غاية البساطة والسذاجة، فما كانت لهم دولة تسوسهم، ولا مجتمع يخدمهم ولا ذرائع تربطهم، وكانت أواصر الوحدة ووشائج الارتباط بينهم ضعيفة جداً، فلأجل ذاك القصور في العقل، وقلة التقدم، وضعف الرقي، كانت تعاليم أنبيائهم، والأحكام المشروعة لهم، طفيفة في غاية البساطة، فلما أخذت الانسانية بالتقدم والرقي، وكثرت المسائل يوماً فيوماً، اتسع نطاق الشريعة

__________________

(١) السيرة الحلبية: ج ٢ ص ٢٧٥، مسند أحمد: ج ١ ص ٢٦٢.

١١٥

واكتملت الأحكام تلو هذه الأحوال والتطورات.

فهذه الشرائع ( مع اختلافها في بعض الفروع والأحكام نظراً إلى الأحوال الاُممية والشؤون الجغرافية ) لا تختلف في اُصولها ولبابها، بل كلها تهدف إلى أمر واحد، وتسوق المجتمع إلى هدف مفرد، والاختلاف إنّما هو في الشريعة والمنهاج لا في المقاصد والغايات كما قال سبحانه:( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ ) ( المائدة ـ ٤٨ )(١) .

وقال سبحانه:( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) ( الجاثية ـ ١٨ ).

وخلاصة القول: إنّ السنن مختلفة، للتوراة شريعة، وللانجيل شريعة، وللقرآن شريعة ولكن الدين هو الاُصول والعقائد والأحكام التي تساير الفطرة الإنسانية ولا تخالفها، واحد.

وهاتان الآيتان لا تهدفان إلى اختلاف الشرائع في جميع موادها، ومواردها اختلافاً كلّياً بحيث يكون من النسبة بينها نسبة التباين، كيف وهو سبحانه يأمر نبيّه بالاقتداء بهدى أنبيائه السالفين ويقول:( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ) ( الأنعام ـ ٩٠ ).

وتخصيص الاقتداء بالتبعية لسننهم وسيرتهم في دعوة أقوامهم إلى الدين والصبر على أذاهم كما في قوله سبحانه:( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ) ( الأحقاف ـ ٣٥ ) تخصيص بلا وجه.

فالقول باختلاف الشرائع وتباينها في جميع الموارد لا يرتضيه القرآن والقول باتحاد الشرائع باطل بالضرورة قال سبحانه:( لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلا

__________________

(١) أي جعلنا لكل من موسى وعيسى ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أو لكل من اُمم التوراة والانجيل والقرآن شريعة وطريقاً خاصاً إلى ما هو الهدف الأقصى من بعث الرسل ومنهاجاً واضحاً، والاختلاف بين الكتب والشرائع جزئي لا كلي، والنسخ في بعض الأحكام لا في جميعها.

١١٦

يُنَازِعُنَّكَ فِي الأَمْرِ ) ( الحج ـ ٦٧ ).

والقول الوسط هو الأوسط، والشريعة الكاملة السمحة الصالحة لكلّ زمان وكلّ مكان هي الشريعة التي جاء بها الإسلام ونبيّه الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ثم إنّه سبحانه يصرح بحكمة اختلاف الشرائع وتعددها بقوله:( وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ) ( المائدة ـ ٤٨ ).

فإنّ الشريعة الواحدة إنّما تصلح لاُمّة مخلوقة على استعداد واحد، وحالة واحدة كسائر أنواع الخلق التي يقف استعدادها عند حد معين كالطير والنمل والنحل، وأمّا النوع الممتاز كالانسان الذي يرتقي في اطوار الحياة بالتدريج وعلى سنّة الارتقاء فلا تصلح له شريعة واحدة في كل طور من أطوار حياته، فشدة أحكام الانجيل في الزهد وترك الدنيا والخضوع لكل حاكم وكل معتد لا يمكن أن يؤخذ به في هذا العصر، ومثله ما في التوراة من أحكام شديدة كما لا يخفى.

نعم جاءت الرسل تترى، وتواصلت حلقات النبوّة في الأدوار الماضية إلى أن بعث الله آخر سفرائه، فأتم به نعمته وأكمل به دينه، فأصبح المجتمع البشري في ظل دينه الكامل وكتابه الجامع، غنياً عن تواصل الرسالة وتعاقب النبوّة، وأصبح البشر غير محتاجين إلى ارسال أي رسول بعده، إذ جاء الرسول بأكمل الشرائع وأتقنها وأجمعها للحقوق وبكل ما يحتاج إليه البشر في أدوار حياتهم وأنواع تطوّراتهم وفي الوقت نفسه فيها مرونة تتمشى مع جميع الأزمنة والأجيال، من دون أن تمس جوهر الرسالة الأصلي بتحوير وتحريف.

ولنا عودة إلى هذا الموضوع في الأبحاث الآتية.

النصوص القرآنية الدالّة على ختم النبوّة :

لقد نص القرآن الكريم على ذلك تنصيصاً لا يقبل الشك والترديد، ولا يرتاب فيه من له أدنى إلمام باللغة العربية، وذلك في مواضع :

١١٧

النص الأوّل: قوله سبحانه :

( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) ( الأحزاب ـ ٤٠ ).

توضيحه: تبنّى رسول الله زيداً قبل عصر الرسالة، وكان العرب ينزّلون الادعياء منزلة الأبناء في أحكام الزواج والميراث، فأراد الله سبحانه أن ينسخ تلك السنّة الجاهلية، فأمر رسوله أن يتزوّج زينب زوجة زيد بعد مفارقته لها، فلمّا تزوّجها رسول الله، أوجد ذلك الزواج ضَجّة بين المنافقين والمتوغلين في النزعات الجاهليّة، والمنساقين وراءها، فردّ الله سبحانه مزاعمهم وطعنهم بقوله:( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ) من الذين لم يلدهم ومنهم زيد ولكنّه( رَسُولَ اللهِ ) وهو لا يترك ما أمره الله به( وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) وآخرهم ختمت به النبوّة فلا نبي بعده ولا شريعة سوى شريعته، فنبوّته أبدية وشريعته باقية إلى يوم الدين.

الخاتم وما يراد منه :

الخاتم ( سواء كان بفتح التاء كما عليه « عاصم » أم بكسرها، كما عليه الباقون وعلى الفتح سواء أقلنا أنّه فعل كضارب بمعنى ختمهم، أم اسم بمعنى آخرهم، أو بمعنى ما يختم به أي المختوم به باب النبوّة، كما يختم بالطابع ) لا يفهم منه في المقام إلّا معنى واحد وهو أنّه قد ختم به باب النبوّة وأوصد بوجوده ودينه وكتابه باب الرسالة فلا نبي بعده أصلاً.

وقد أصفقت على هذا كتب اللغة والتفسير والتاريخ طيلة أربعة عشر قرناً ولم يختلف فيه اثنان، ولم ينبس أحد ببنت شفة على خلافه، فهذه معاجم اللغة وكتب التفسير المؤلفة في العهود الإسلامية السابقة، بيد أساطين اللغة وفطاحلها وأئمّة التفسير وأبطاله، ضع يدك على أي واحد منها، تجدها متضافرة على ما قلناه وسوف ننقل بعض نصوصهم.

١١٨

والأولى أن نرجع قبل كل شيء إلى نفس القرآن وموارد استعمال هذه المادة فيه، حتى نستعين بالقرآن الكريم نفسه، في رفع الابهام :

١.( يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ ) ( المطففين ـ ٢٥ ) أي من الشراب الخالص الذي لا غش فيه، تختم أوانيه من الأكواب والأباريق بمسك، أو مختوم بابه بشي مثل الشمع وغيره، وذلك آية خلوصه.

٢.( خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ ) ( المطففين ـ ٢٦ ) مقطعه رائحة مسك إذا شرب.

٣.( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَىٰ عَلَى اللهِ كَذِبًا فَإِن يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ ) ( الشوري ـ ٢٤ ).

٤.( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ ) ( يس ـ ٦٥ ) أي طبع على أفواههم فتوصّد أفواههم وتتكلم أيديهم.

٥.( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ ) ( الجاثية ـ ٢٣ ).

٦.( خَتَمَ اللهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ) ( البقرة ـ ٧ ).

٧.( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُم بِهِ ) ( الأنعام ـ ٤٦ ).

فإذا انتهى الكافر من كفره إلى حالة يعلم الله أنّه لا يؤمن، يطبع الله على قلبه كما يطبع على الشيء بالشمع والطين فيصير قلبه كالمختوم عليه، لا يدخله شيء، ولا يخرج منه شيء، فلا يدخله الإيمان ولا يخرج منه الكفر.

فالختم على الشيء، بمعنى الطبع عليه كناية عن ختم أمره، فالختم على القلب يلازم انتهاء أمره وامتلاءه بالكفر والالحاد فلم يبق فيه موضع لنور الحق وكلماته، كما أنّ ختم الورقة وطبعها بالطابع علامة أنّ الكاتب بلغ ما أراد من كتابته فيها، وانتهى غرضه

١١٩

ومقصده.

والختم على النبوّة عبارة عن أنّه أوصد باب النبوّة وطبع على بابها، فهو مقفل إلى يوم القيامة، لا يفتح في وجه أحد.

وعلى أي تقدير فالناظر في هذه الآيات لا يتلقّى من تلك المادة إلّا معنى واحداً وهو الانتهاء، أو ما يلازمه من الطبع على الشيء.

وقد أوضحه إمام اللغة ابن فارس في معجمه وقال: « الختم » له أصل واحد وهو البلوغ آخر الشيء، يقال ختمت العمل، وختم القارئ السورة، فأمّا الختم وهو الطبع على الشيء، فذلك من هذا الباب أيضاً، لأنّ الطبع على الشيء لا يكون إلّا بعد بلوغ آخره في الإحراز، والخاتم مشتق من الختم، لأنّه به يختم، ويقال: الخاتم بالكسر، والخاتام والخيتام.

والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم الأنبياء لأنّه آخرهم، وختام كل مشروب، آخره، قال الله تعالى:( خِتَامُهُ مِسْكٌ ) ، أي أنّ آخر ما يجدونه عند شربهم إياه رائحة المسك.

وقال أبو البقاء العكبري: الخاتم بفتح التاء على معنى المصدر، أو هو فعل مثل قاتل بمعنى ختمهم، وقال الآخرون: اسم بمعنى آخرهم، وقيل: هو بمعنى المختوم به النبيون، كما يختم بالطابع ويقرأ بكسرها، بمعنى آخرهم(١) .

وقال الجوهري في صحاحه: ختمه ويختمه ختماً وختاماً، طبع على قلبه: جعله لا يفهم شيئاً ولا يخرج منه شيء، وختم الشيء: بلغ آخره، والختام ككتاب: الطين يختم به على الشيء، والخاتم ما يوضع على الطينة، وحلي للاصبع

قال الفيروز آبادي في قاموسه: ختمت الشيء ختماً فهو مختوم ومختم، شدّد للمبالغة، وختم الله له بخير منه، وختمت القرآن: بلغت آخره، واختتمت الشيء: نقيض افتتحته، وإلخاتم بكسر التاء وفتحها، والخيتام والخاتام: كلّها بمعنى واحد ،

__________________

(١) التبيان في اعراب القرآن: ج ٢ ص ١٠٠.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

ومن سورة حم الزخرف

١ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( فاما نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ ) (١) ، قال : « بعليّ »(٢) .

ومن سورة حم الجاثية

١ ـ عن ابن عباس في قول الله تعالى :( أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ) (٣) ، قال : « نزلت في عليّ وحمزة وعبيدة بن الحرث بن عبد المطلب وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وفي ثلاثة رهط من المشركين عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة ،( الذين اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ ) يعني اكتسبوا الشرك بالله ، كانوا جميعاً بمكة فتجادلوا وتنازعوا فيما بينهم ، فقال الثلاثة( الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ ) للثلاثة من المؤمنين ، والله ما أنتم على شيء وإن كان ما تقولون في الآخرة حقاً لنفضلن عليكم فيها ، فأنزل الله عزوجل فيهم هذه الآية »(٤) .

٢ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء

____________

(١) الزخرف / ٢٢.

(٢) شواهد التنزيل ٢ / ١٥٥.

(٣) الجاثية / ٢١.

(٤) شواهد التنزيل ٢ / ١٦٨.

٢٤١

مَا يَحْكُمُونَ ) (١) ، قال : «( أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ ) يعني بني أمية ،( أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) النبيّ وعليّ وحمزة وجعفر والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام » (٢).

ومن سورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم

١ ـ عن عبد الله بن عباس قال في قول الله :( وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ) (٣) ، قال : «( وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ) هم والله حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء ، وجعفر الطيار ،( فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ) يقول : لن يبطل حسناتهم في الجهاد وثوابهم الجنّة ،( سَيَهْدِيهِمْ ) يقول يوفقهم للأعمال الصالحة ،( وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ) حالهم ونياتهم وعملهم ،( وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ) وهداهم لمنازلهم »(٤) .

٢ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ ) (٥) ، قال : «( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ) يعني ولي عليّ وحمزة وجعفر وفاطمة والحسن والحسين ، وولي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ينصرهم الله بالغلبة على عدوهم ،( وَأَنَّ الْكَافِرِينَ ) يعني أبا سفيان بن حرب وأصحابه ،( لا

____________

(١) الجاثية / ٢١.

(٢) شواهد التنزيل ٢ / ١٧٠.

(٣) محمد / (٤) ـ ٦.

(٤) شواهد التنزيل ٢ / ١٧٣.

(٥) محمد / ١١.

٢٤٢

مَوْلَى لَهُمْ « يقول لا ولي لهم يمنعهم من العذاب » (١).

٣ ـ عن عبد الله بن عباس في قوله تعالى :( أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ ) (٢) ، قال : «( أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ ) ، يقول على دين من ربّه ، نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ ، كانا على شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ،( كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ) أبو جهل بن هشام وأبو سفيان بن حرب ، إذا هويا شيئاً عبداه ، فذلك قوله :( وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ ) »(٣) .

٤ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ * فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ) (٤) ، قال : «( فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ ) ، يقول : جدّ الأمر وأمروا بالقتال ،( فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ ) نزلت في بني أمية ليصدقوا الله في إيمانهم وجهادهم ، والمعنى لو سمحوا بالطاعة والإجابة لكان خيراً لهم من المعصية والكراهة ،( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ ) فلعلكم أن وليتم أمر هذه الأمة أن تعصوا الله ،( وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ) ، قال ابن عباس : فولاّهم الله أمر هذه الأمة فعملوا بالتجبر والمعاصي ، وتقطعوا أرحام نبيهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته »(٥) .

أقول : لا شك في نسبة الولاية إلى الله تعالى فيما تسامح في التعبير

____________

(١) شواهد التنزيل ٢ / ١٧٤.

(٢) محمد / ١٤.

(٣) شواهد التنزيل ٢ / ١٨٢ ، والآية في سورة الحديد / ١٩.

(٤) محمد / (٢٠) ـ ٢٢.

(٥) شواهد التنزيل ٢ / ١٧٥.

٢٤٣

المجازي الذي يصح سلبه على المعنى الحقيقي نحو قوله تعالى :( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) (١) ، وقوله تعالى :( أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ * خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) (٢) ، وقوله تعالى :( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ) (٣) ، وقوله تعالى :( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) (٤) وقوله تعالى :( وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (٥) ، إلى غير ذلك من الآيات المتشابهة ، وابن عباس لا يخفى عليه وجه الحقيقة والمجاز في استعماله « فولاّهم الله أمر هذه الأمّة ».

ومن سورة الفتح

١ ـ عن ابن عباس أنّه سئل عن قول الله عزوجل :( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) (٦) ؟ قال : « سأل قوم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا : فيمن نزلت هذه الآية يا نبي الله؟ قال : « إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أبيض فينادي مناد ليقم سيد المؤمنين ومعه الذين آمنوا بعد بعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيقوم عليّ

____________

(١) النساء / ١١٥.

(٢) الصافات / (٩٥) ـ ٩٦.

(٣) الأنعام / ١٦٥.

(٤) الشمس / ٧ ـ٨.

(٥) الأنعام / ١٢٩.

(٦) الفتح / ٢٩.

٢٤٤

ابن أبي طالب فيعطى اللواء من النور الأبيض بيده ، تحته جميع السالفين من الأولين والأنصار لا يخلطهم غيرهم ، حتى يجلس على منبر من نور رب العزة ، ويعرض الجميع عليه رجلاً رجلاً ، فيعطى أجره ونوره ، فإذا أتى على آخرهم قيل لهم قد عرفتم منازلكم من الجنّة ، إنّ ربكم تعالى يقول لكم : عندي مغفرة وأجر عظيم ـ يعني الجنّة ـ فيقوم عليّ بن أبي طالب والقوم تحت لوائه حتى يدخلهم الجنّة ، ثم يرجع إلى منبره ولا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين فيأخذ بنصيبهم منه إلى الجنّة ، ويترك أقواماً على النار فذلك قوله :( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَنُورُهُمْ ) يعني السالفين الأولين وأهل الولاية ، وقوله :( وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا ) يعني بالولاية بحق عليّ ، وحق عليّ الواجب على العالمين ،( أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) (١) هم الذين قاسم عليّ عليهم النار فاستحقوا الجحيم » (٢).

ومن سورة الحجرات

١ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ) (٣) ، قال : « يعني صدقوا بالله ورسوله ، ثم لم

____________

(١) الحديد / ١٩.

(٢) شواهد التنزيل ٢ / ١٧٦.

(٣) الحجرات / ١٥.

٢٤٥

يشكّوا في إيمانهم ، نزلت في عليّ بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وجعفر ، ثم قال :( وَجَاهَدُوا ) الأعداء في سبيل الله في طاعته ،( بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) يعني في إيمانهم فشهد الله لهم بالصدق والوفاء » (١).

ومن سورة ق

١ ـ عن ابن عباس ، قال : « أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ناقتين عظيمتين ، فنظر إلى أصحابه ، وقال : « هل فيكم أحد يصلي ركعتين لا يهتم فيهما من أمر الدنيا بشيء ولا يحدّث قلبه بفكر الدنيا أعطيت إحدى الناقتين له ».

فقام عليّ ودخل في الصلاة فلمّا سلّم هبط جبرائيل فقال : أعطيه إحداهما ، فقال رسول الله : « إنّه جلس في التشهد فتفكّر أيّهما يأخذ » ، فقال جبرائيل : تفكّر أن يأخذ أسمنهما فينحرها ويتصدق بها لوجه الله ، فكان تفكره لله لا لنفسه ولا للدنيا ، فأعطاه رسول الله كلتيهما ، وأنزل الله :( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى ) أي في صلاة علي لعظة ،( لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ) « أي » عقل ،( أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ ) يعني أستمع بأذنيه إلى ما تلاه بلسانه ،( وَهُوَ شَهِيدٌ ) (٢) يعني حاضر القلب لله عزوجل.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ما من عبد صلى لله ركعتين لا يتفكر فيهما من أمور الدنيا بشيء إلاّ رضى الله عنه وغفر له ذنوبه »(٣) .

____________

(١) شواهد التنزيل ٢ / ١٨٧.

(٢) ق / ٣٧.

(٣) شواهد التنزيل ٢ / ١٩٣.

٢٤٦

ومن سورة الذاريات

١ ـ عن عبد الله بن عباس في قوله تعالى :( كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) (١) ، قال : « نزلت في عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام. وكان عليّ يصلي ثلثي الليل الأخير ، وينام الثلث الأوّل ، فإذا كان السحر جلس في الإستغفار والدعاء ، وكان ورده في كلّ ليلة سبعون ركعة ختم فيها القرآن »(٢) .

ومن سورة الطور

١ ـ عن عبد الله بن عباس في قوله تعالى :( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ) (٣) ، قال : « نزلت خاصة في عليّ وحمزة وجعفر وفاطمة عليهم السلام ، يقول إنّ المتقين في الدنيا من الشرك والفواحش والكبائر ،( فِي جَنَّاتٍ ) يعني البساتين ،( وَنَعِيمٍ ) في أبواب الجنان.

قال ابن عباس : لكلّ واحد منهم بستان في الجنّة العليا في وسط خيمة من لؤلؤ ، في كلّ خيمة سرير من ذهب واللؤلؤ ، على كلّ سرير سبعون فراشاً »(٤) .

____________

(١) الذاريات / ١٧.

(٢) شواهد التنزيل ٢ / ١٩٥.

(٣) الطور / ١٧.

(٤) شواهد التنزيل ٢ / ١٩٦.

٢٤٧

ومن سورة النجم

١ ـ عن ابن عباس قال : « كنت جالساً مع فتية من بني هاشم عند النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، إذ انقضّ كوكب ، فقال رسول الله : « من انقضّ هذا النجم في منزله ، فهو الوصيّ من بعدي » ، فقام فتية من بني هاشم ، فنظروا ، فإذا الكوكب قد أنقضّ في منزل عليّ ، قالوا : يا رسول الله قد غويت في حبّ عليّ ، فأنزل الله تعالى :( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ) (١) »(٢) .

٢ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ) (٣) ، قال : « أضحك عليّاً وحمزة وجعفر يوم بدر من الكفار بقتلهم آباءهم ، وأبكى كفار مكة في النار حين قتلوا »(٤) .

أقول : إنّ ذكر جعفر في هذا الخبر سهو من الرواة غير مغتفر ، فإنّه كان يومئذ بالحبشة ولم يحضر بدراً ، وما جاء من الحبشة إلاّ عند فتح خيبر ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « بأيّهما أنا أشدّ فرحاً بقدوم جعفر أم بفتح خيبر » ، ولا يبعد أن يكون المراد عبيدة ، فهو كما مرّ ذكره مع عليّ عليه السلام وحمزة في يوم بدر.

____________

(١) النجم / (١) ـ ٧.

(٢) شواهد التنزيل ٢ / ٢٠٣.

(٣) النجم / ٤٣.

(٤) شواهد التنزيل ٢ / ٢٠٧.

٢٤٨

ومن سورة الرحمن

١ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) (١) ، قال : «( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) عليّ وفاطمة ،( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) ، قال : حبّ دائم لا ينقطع ، ولاينفد ،( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) ، قال : الحسن والحسين »(٢) .

ومن سورة الواقعة

١ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) (٣) ، قال : « سألت رسول الله؟ قال : « حدثني جبرائيل بتفسيرها ، قال : ذاك عليّ وشيعته إلى الجنّة »(٤) .

٢ ـ عن عبد الله بن عباس في قول الله تعالى :( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) (٥) ، قال : « يوشع بن نون إلى موسى ، وشمعون بن يوحنا إلى عيسى ، وعليّ بن أبي طالب إلى النبيّ »(٦) .

٣ ـ عن ابن عباس قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّ الله تبارك وتعالى قسم الخلق قسمين ، فجعلني في خيرهم قسماً فذلك قوله :( وَأَصْحَابُ

____________

(١) الرحمن / (١٩) ـ ٢٢.

(٢) شواهد التنزيل ٢ / ٢١٠.

(٣) الواقعة / ١٠.

(٤) شواهد التنزيل ٢ / ٢١٦.

(٥) الواقعة / ١٠.

(٦) شواهد التنزيل ٢ / ٢١٧.

٢٤٩

الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ ) (١) ،( وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ ) (٢) ، فأنا من أصحاب اليمين ، وأنا خير أصحاب اليمين ، ثم جعل القسمين أثلاثاً ، فجعلني في خيرها ثلثاً ، فذلك قوله :( فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ) (٣) ،( وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ) (٤) ،( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (٥) ، فإنا من السابقين ، وإنا خير السابقين ، ثم جعل الأثلاث قبائل ، فجعلني في خيرها قبيلة ، فذلك قوله :( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ) (٦) ، فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر ، ثم جعل القبائل بيوتاً ، فجعلني في خيرها بيتاً فذلك قوله :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٧) » (٨).

ومن سورة الحديد

١ ـ عن ابن عباس في قوله الله تعالى :( يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ) (٩) ، قال : « الحسن والحسين ،( وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ) ، قال : عليّ بن أبي

____________

(١) الواقعة / ٢٧.

(٢) الواقعة / ١٠.

(٣) الواقعة / ٨.

(٤) الواقعة / ٩.

(٥) الواقعة / (١٠) ـ ١١.

(٦) الحجرات / ١٣.

(٧) الأحزاب / ٣٣.

(٨) شواهد التنزيل ٢ / (٢٩) ـ ٣٠.

(٩) الحديد / ٢٨.

٢٥٠

طالب عليه السلام » (١).

ومن سورة المجادلة

١ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) (٢) ، قال : « بلغنا أنّ رجلاً من أصحاب رسول كان أوّل من فعل ذلك ، وهو عليّ بن أبي طالب ، قدّم ديناراً في عشر كلمات كلمهنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأمّا سائر الناس فلم يفعلوا ، وشقّ عليهم أن يعتزلوا رسول الله وكلامه ، وبخلوا أن يقدموا صدقاتهم »(٣) .

ومن سورة الحشر

١ ـ عن ابن عباس في قوله الله تعالى :( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (٤) ، قال : « نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين »(٥) .

٢ ـ عن ابن عباس قال : « فرض الله الإستغفار لعليّ في القرآن على كلّ مسلم ،

____________

(١) شواهد التنزيل ٢ / ٢٢٧.

(٢) المجادلة / (١٢) ـ ١٣.

(٣) شواهد التنزيل ٢ / ٢٣٩.

(٤) الحشر / ٩.

(٥) شواهد التنزيل ٢ / ٢٥٠.

٢٥١

قال : وهو قوله :( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ ) (١) ، وهو السابق » (٢).

٣ ـ عن عبد الله بن عباس قال : « كنت مع عليّ بن أبي طالب فمرّ بقوم يدعون ، فقال : أدعوا لي فإنّه أمرتم بالدعاء لي ، قال الله عزوجل :( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ ) (٣) ، وأنا أوّل المؤمنين إيماناً »(٤) .

ومن سورة الصف

١ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ) (٥) . من هؤلاء؟ قال : « حمزة أسد الله وأسد رسوله ، وعليّ بن أبي طالب ، وعبيدة بن الحرث ، والمقداد بن الأسود »(٦) .

٢ ـ عن ابن عباس في قوله عزوجل :( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ) (٧) ، قال : « نزلت في عليّ وحمزة وعبيدة وسهل بن حنيف والحرث بن الصمة وأبي دجانة »(٨) .

____________

(١) الحشر / ١٠.

(٢) شواهد التنزيل ٢ / ٢٤٩.

(٣) الحشر / ١٠.

(٤) شواهد التنزيل ٢ / ٢٥٠.

(٥) الصف / ٤.

(٦) شواهد التنزيل ٢ / ٢٥١.

(٧) الصف / ٤.

(٨) شواهد التنزيل ٢ / ٢٥٢.

٢٥٢

ومن سورة الجمعة

١ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) (١) ، قال : « الكتاب القرآن ، والحكمة ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام »(٢) .

ومن سورة التحريم

١ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٣) ، قال : « يعني عليّ بن أبي طالب عليه السلام »(٤) .

٢ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٥) ، قال : «( وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ ) نزلت في عائشة وحفصة ، وقوله :( فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ ) نزلت في رسول الله خاصة ، وقوله :( وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) نزلت في عليّ خاصة »(٦) .

ومن سورة الحاقة

١ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) (٧) : « عن

____________

(١) الجمعة / ٢.

(٢) شواهد التنزيل ٢ / ٢٥٣.

(٣) التحريم / ٤.

(٤) شواهد التنزيل ٢ / ٢٦٠.

(٥) التحريم / ٤.

(٦) شواهد التنزيل ٢ / ٢٦٢.

(٧) الحاقة / ١٢.

٢٥٣

النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال : « لمّا نزلت :( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) ، قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : سألت ربي أن يجعلها أذن عليّ » ، قال عليّ : « ما سمعت من رسول الله شيئاً إلاّ حفظته ووعيته ولم أنسه » (١).

٢ ـ عن ابن عباس ، قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « يا عليّ إنّ الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك ، وأن أحبّك وأحبَ من يحبّك ، وأن أعلمّك وتعي ، وحق على الله أن تعي » ، فأنزل الله :( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « سألت ربي أن يجعلها أذنك يا عليّ ».

قال عليّ : « منذ نزلت هذه الآية ، ما سمعت أذناي شيئاً من الخير والعلم والقرآن إلاّ وعيته وحفظته »(٢) .

ومن سورة الجن

١ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ ) (٣) ، قال : « ذكر ربّه وولاية عليّ بن أبي طالب عليه وعلى أولاده السلام »(٤) .

ومن سورة المزمل

١ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ) (٥) ، قال : « هو عليّ

____________

(١) شواهد التنزيل ٢ / ٢٨٣.

(٢) شواهد التنزيل ٢ / ٢٨٣.

(٣) الجن / ١٧.

(٤) شواهد التنزيل ٢ / ٢٩٠.

(٥) المزمل / ٢٠.

٢٥٤

وأبو ذر » (١).

٢ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ) (٢) ، قال : «( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ ) يا محمد ،( تَقُومُ ) تصلي ،( أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ) ، قال : فأوّل من قام الليل معه عليّ ، وأوّل من بايع معه عليّ ، وأوّل من هاجر معه عليّ »(٣) . أي من أهل بيته.

ومن سورة الإنسان

١ ـ عن ابن عباس في قوله الله تعالى :( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) (٤) ، قال : « مرض الحسن والحسين مرضاً شديداً حتى عادهما جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكان فيهم أبو بكر وعمر.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « يا أبا الحسن لو نذرت لله نذراً ».

فقال عليّ : « لئن عافى الله سبطي نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ممّا بهما من سقم لأصومّن لله نذراً ثلاثة أيام » ، وسمعته فاطمة ، فقالت : ولله علي مثل الذي ذكرته ، وسمعه الحسن والحسين فقالا : يا أبه ولله علينا مثل الذي ذكرت ، فأصبحا وقد صاموا ، فأتى عليّ إلى جار له ، فقال : « أعطنا جزّة صوف تغزلها فاطمة ، وأعطنا كراه ما

____________

(١) شواهد التنزيل ٢ / ٢٩١.

(٢) المزمل / ٢٠.

(٣) شواهد التنزيل ٢ / ٢٩٢.

(٤) الإنسان / ٥.

٢٥٥

شئت » ، فأعطاه جزة من صوف وثلاث أصوع من شعير ».

قال الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل : وساق الحديث بطوله مع الأشعار إلى قوله :

« إذ هبط جبرئيل فقال : يا محمد يهنيك ما أنزل فيك وفي أهل بيتك :( إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً ) (١) ، فدعا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عليّاً وجعل يتلوها عليه ، وعليّ يبكي ويقول : « الحمد الله الذي خصنا بذلك »(٢) .

٢ ـ عن ابن عباس في قوله تعالى :( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً ) (٣) ، وقال ـ ابن عباس ـ : « نزلت في عليّ بن أبي طالب ، أطعم عشاءه وأفطر على القراح »(٤) .

أقول : وفي المقام كلام للحاكم الحسكاني فيه إحقاق حق وقول صدق ، أذكره بلفظه تذكرة للمستبصرين :

قال الحاكم الحسكاني : « قلت : اعترض بعض النواصب على هذه القصة بأن قال : اتفق أهل التفسير على أنّ هذه السورة مكية ، وهذه القصة كانت بالمدينة ـ إن كانت ـ فكيف كانت سبب نزول السورة ، وبان بهذا أنّها مخترعة!!!

____________

(١) الإنسان / (٧) ـ ٨.

(٢) شواهد التنزيل ٢ / (٣٠٥) ـ ٣٠٦.

(٣) الإنسان / (٨) ـ ١٠.

(٤) شواهد التنزيل ٢ / ٣٨٠.

٢٥٦

قلت : كيف يسوغ له دعوى الإجماع مع قول الأكثر : أنّها مدنية!!!

١٠٦٢ ـ فلقد حدثونا عن أبي الشيخ الأصبهاني ، « قال : حدثنا » بهلول الأنباري ، « حدثنا » محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي ، « حدثنا » عمر ابن هارون ، « حدثنا » عثمان بن عطاء ، عن أبيه ، عن ابن عباس.

وحدثنا أبو نصر المفسر ، « حدثنا » عمي أبو حامد إملاءاً سنة سبع وأربعين « وثلاث مائة ، قال : حدثنا » أبو يوسف يعقوب بن محمود المقرئ ، « حدثنا » محمد بن يزيد السلمي ، « حدثنا » زيد بن أبي موسى ، « حدثنا » عمر بن هارون ، عن عثمان بن عطاء ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، أنّه قال : أوّل ما نزل بمكة :( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) (١) وذكر « كلامه » إلى قوله : هذا ما نزل بمكة « وهي » خمسة وثمانين سورة. وأوّل ما نزل بالمدينة البقرة ، وآل عمران ، والأنفال ، والأحزاب ، والممتحنة ، وإذا زلزلت ، والحديد ، ومحمد ، والرعد ، والرحمان ، و( هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ ) (٢) ، والطلاق وذكر إلى قوله : فذلك ثمانية وعشرون سورة ممّا نزل بالمدينة. هذا لفظ أبي نصر.

وقال بهلول : ثم أنزل بالمدينة البقرة ، ثم الأنفال ، ثم آل عمران ، ثم الأحزاب ، ثم الممتحنة ، ثم النساء ، ثم إذا زلزلت ، ثم الحديد ، ثم سورة محمد ، ثم الرعد ، ثم سورة الرحمان ، ثم( هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ ) ، ثم الطلاق وذكر إلى قوله : « فذلك ثمانية وعشرون ».

____________

(١) العلق / ١.

(٢) الانسان / ١.

٢٥٧

وزاد : قال عمر بن هارون : « و » حدثني ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس نحوه.

ورواه عن عثمان بن عطاء جماعة.

١٠٦٣ ـ أخبرونا عن أحمد بن حرب الزاهد ، قال : حدثني صالح بن عبد الله الترمذي في التفسير من تأليفه « عنه » عمر بن هارون ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس.

وعن عثمان بن عطاء ، عن أبيه ، عن ابن عباس : أنّ سورة هل أتى مدنية.

ورواه عن مجاهد بن أبي نجيح ، وأبو عمرو بن أبي العلاء المقرئ.

١٠٦٤ ـ وأخبرنا علي بن أحمد ، « أخبرنا » أحمد بن عبيد ، « أخبرنا » محمد بن الفضل بن جابر ، « أخبرنا » إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي ، قال : حدثني عبد العزيز بن عبد الرحمان القرشي ، « عنه » حصيف ، عن مجاهد ، عن ابن عباس أنّه قال : أوّل ما أنزل الله على نبيّه من القران :( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) وساق الحديث إلى قوله : ثم هاجر إلى المدينة وأنزل الله عليه بالمدينة البقرة ، والأنفال ـ إلى « قوله » ـ ثم الرحمان ، ثم( هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ ) ، ثم الطلاق ، ثم لم يكن الحديث بطوله.

« و » رواه جماعة عن إسماعيل.

١٠٦٥ ـ قرأت في التفسير تأليف أبي القاسم عبد الله بن محمشاذ بن إسحاق « قال » : كتب إلينا أبو سهل محمد بن محمد بن علي الطالقاني ، « حدثنا » أخبرنا عبد الله بن محمد بن سليم ، « حدثنا » صالح بن محمد الترمذي ، « حدثنا » محمد

٢٥٨

ابن مروان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال : أوّل شيء نزل بمكة( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) ، ثم ن والقلم ، ثم والضحى ، ثم( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ) (١) ، ثم( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) (٢) ، ثم تبت ، ثم( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ) (٣) وذكر إلى قوله : وهي ثلاثة وثمانون سورة ممّا نزل بمكة.

وأوّل شيء نزل بالمدينة( وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ ) (٤) ، ثم البقرة ، ثم الأنفال ، ثم آل عمران ، ثم الأحزاب ، ثم الممتحنة ، ثم النساء ، ثم إذا زلزلت ، ثم الحديد ، ثم سورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم( هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ ) ، ثم الطلاق وذكر « كلامه » إلى قوله : وإذا كانت فاتحة سورة نزلت بمكة كتبت « السورة » مكية ، ثم يزيد الله فيها ما يشاء بالمدينة ، فذلك ثلاثون سورة نزلت بالمدينة.

١٠٦٦ ـ حدثني حمزة بن عبد العزيز الصيدلاني ، « حدثنا » أبو عمرو « حدثنا » ، محمد بن جعفر السختياني ، « حدثنا » أبو نعيم الجرجاني قراءة عليه بهرات سنة ست عشرة وثلاث مائة فأقرّ به ، « حدثنا » أبو العباس ابن الوليد بن مزيد البيروتي ، قال : أخبرني محمد بن شعيب بن شابور ، قال : أخبرني عثمان بن عطاء ، عن أبيه عطاء الخراساني ، قال : هذا كتاب ما

____________

(١) المزمل / ١.

(٢) المدثر / ١.

(٣) التكوير / ١.

(٤) المطففين / ١.

٢٥٩

ذكر لنا من تفسير القرآن وتنزيل سوره الأوّل فالأوّل « ممّا نزلت » بمكة ، وما أنزل بعد ذلك بالمدينة وذكر « كلامه » إلى قوله : ثم كان أوّل ما أنزل بالمدينة سورة البقرة وذكر إلى قوله : ثم( هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً ) (١) وذكر الحديث.

١٠٦٧ ـ أخبرنا أبو نصر المقرئ ، « أخبرنا » أبو عمرو بن مطر إملاءا في المحرم سنة تسع وخمسين ، « حدثنا » جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ ، « حدثنا » محمد بن علي الثقفي ، قال : حدثني علي بن الحسين بن واقد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني يزيد ، عن عكرمة ، والحسن ابن أبي الحسن : أنّ أوّل ما أنزل الله من القرآن بمكة :( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) ، ون والقلم وذكر « كلامه » إلى قوله : وما أنزل الله بالمدينة :( وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ ) ، والبقرة ، والأنفال ، وآل عمران ، والأحزاب ـ « وساق كلامه » إلى « قوله » ـ : والرحمان ، و( هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ ) ، و( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ) (٢) الحديث.

١٠٦٨ ـ أخبرنا الحاكم أبو عبد الله ، قال : أخبرني أبو محمد ابن زياد العدل ، « أخبرنا » محمد بن إسحاق ، « أخبرنا » يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، « أخبرنا » أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي ، « أخبرنا » علي بن الحسين بن واقد ، عن أبيه ، قال : حدثني يزيد النحوي ، عن عكرمة والحسن ، قالا : ما أنزل الله من القرآن بمكة :( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) وذكر

____________

(١) الانسان / ١.

(٢) الطلاق / ١.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520