موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٨

موسوعة عبد الله بن عبّاس0%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 432

موسوعة عبد الله بن عبّاس

مؤلف: السيد حسن الموسوي الخرسان
تصنيف:

الصفحات: 432
المشاهدات: 22969
تحميل: 4515


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 432 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 22969 / تحميل: 4515
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء 8

مؤلف:
العربية

والمعين عليك ، فإنّ الذي يقتلك ولد زنا ابن ولد زنا ابن ولد زنا ، إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة ولم يرض لنا الدنيا ).

قال : ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ابن عباس فقال : ( أما إنّ أوّل هلاك بني أمية ـ بعد ما يملك منهم عشرة ـ على يد ولدك. فليتقوا الله وليراقبوا في ولدي وعترتي ، فإنّ الدنيا لم تبق لأحد قبلنا ولا تبقى لأحد بعدنا. دولتنا آخر الدول ، يكون مكان كلّ يوم يومين ، ومكان كلّ سنة سنتين. ومنا من ولدي من يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ) )(1) .

6 ـ ( قال سليم ، قال : لمّا قتل الحسين بن عليّ عليه السلام بكى ابن عباس بكاء شديداً ، ثم قال : ما لقيت هذه الأمة بعد نبيها ، اللهم إنّي أشهدك أني لعليّ بن أبي طالب وليّ ولولده ، ومن عدوّه وعدوّهم برئ ، وإنّي أسلّم لأمرهم.

لقد دخلت على عليّ عليه السلام بذي قار ، فأخرج إليّ صحيفة ، وقال لي : ( يا بن عباس ، هذه صحيفة أملاها علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخطي بيدي ). فقلت : يا أمير المؤمنين ، إقرأها علي فقرأها ، فإذا فيها كلّ شيء كان منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مقتل الحسين عليه السلام وكيف يقتل ومن يقتله ومن ينصره ومن يستشهد معه. فبكى بكاء شديداً وأبكاني.

فكان فيما قرأه علي : كيف يصنع به ، وكيف تستشهد فاطمة ، وكيف يستشهد الحسن ابنه ، وكيف تغدر به الأمة. فلمّا أن قرأ كيف يقتل الحسين

____________________

(1) كتاب سليم / 905 ح 61 تح الأنصاري نشر الهادي.

١٠١

ومن يقتله أكثر البكاء ، ثم أدرج الصحيفة وقد بقي ما يكون إلى يوم القيامة.

وكان فيها ـ فيما قرأ ـ أمر أبي بكر وعمر وعثمان ، وكم يملك كلّ إنسان منهم ، وكيف بويع عليّ عليه السلام ، ووقعة الجمل ، وسير عائشة وطلحة والزبير ، ووقعة صفين ومن يقتل فيها ، ووقعة النهروان وأمر الحكمين ، وملك معاوية ومن يقتل من الشيعة ، وما يصنع الناس بالحسن ، وأمر يزيد بن معاوية ، حتى انتهى إلى قتل الحسين. فسمعتُ ذلك ، ثم كان كلّ ما قرأ لم يزد ولم ينقص. فرأيت خطه أعرفه في صحيفة لم تتغير ولم تصفر.

فلمّا أدرج الصحيفة ، قلت : يا أمير المؤمنين ، لو كنت قرأت علي بقية الصحيفة؟ قال عليه السلام : ( لا ، ولكني محدّثك. ما يمنعني فيها ما نلقى من أهل بيتك وولدك وهو أمر فظيع من قتلهم لنا وعداوتهم إيانا ، وسوء ملكهم وشوم قدرتهم. فأكره أن تسمعه فتغتم ويحزنك ولكني أحدثك :

أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند موته بيدي ففتح لي ألف باب من العلم يفتح كلّ باب ألف باب ـ وأبو بكر وعمر ينظران إلي ـ وهو يشير إلى ذلك. فلمّا خرجت قالا لي : ما قال لك؟ فحدثتهما بما قال. فحركا أيديهما ثم حكيا قولي ، ثم وليا يرددان قولي ويخطران بأيديهما.

يا بن عباس ، إنّ الحسن يأتيك من الكوفة بكذا وكذا ألف رجل غير رجل.

يا بن عباس ، إنّ ملك بني أمية إذا زال كان أوّل ما يملك من بني هاشم ولدك ، فيفعلون الأفاعيل ).

١٠٢

فقال ابن عباس : لأن يكون نسختي ( نسخت / ظ ) ذلك الكتاب أحبّ إلي ممّا طلعت عليه الشمس )(1) .

7 ـ وقال الصدوق في ( كمال الدين ) ، قال : حدثنا أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما ، قالا : حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ، جميعاً عن محمد بن عيسى ويعقوب بن يزيد وإبراهيم بن هاشم ، جميعاً عن حماد بن عيسى ، عن عمر بن أذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي :

أنّه سمع من سلمان ومن أبي ذر ومن المقداد رحمة الله عليهم حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : ( من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية ).

ثم عرضه على جابر وابن عباس ، فقالا : صدقوا وبرّوا ، قد شهدنا ذلك وسمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإنّ سلمان قال : يا رسول الله ، إنّك قلت : ( من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية ) ، من هذا الإمام يا رسول الله؟

قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( من أوصيائي يا سلمان. فمن مات من أمتي وليس له إمام يعرفه مات ميتة جاهلية. فإن جهله وعاداه فهو مشرك ، وإن جهله ولم يعاده ولم يوال له عدوا فهو جاهل وليس بمشرك ) )(2) .

وحسبنا بما ذكرنا من أحاديث مختارة من ( كتاب سليم بن قيس الهلالي ) إذ هو أوّل وأقدم كتاب مدوّن من القرن الأوّل وصلت نسخته إلينا.

والآن فلنختار بعض ما جاء في بعض الأصول القديمة التي وصلت إلينا روايتها عن طريق الجوامع الحديثية الكبرى كالبحار والوسائل ومستدرك الوسائل ، برواية الإمام الصادق عليه السلام وأبيه الباقر عليه السلام عن ابن عباس رضي الله عنه.

____________________

(1) كتاب سليم / 915 ح 66 تح الأنصاري نشر الهادي.

(2) كتاب سليم / 932 ح 71 تح الأنصاري نشر الهادي.

١٠٣

ـ فمن ذلك ما جاء في ( قرب الإسناد )(1) :

1 ـ قال : محمد بن عبد الحميد ، وعبد الصمد بن محمد ، جميعاً عن حنان بن سدير ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : ( سألني عيسى بن موسى عن الغنم للأيتام وعن الأبل المؤبلة ما يحلّ منها؟ فقلت له : إنّ ابن عباس كان يقول : إذ لاطها أحواضها ، وطلب ضالتها ، وهنأ جرباها ، فله أن يصيب من لبنها من غير نهك للضرع ، ولا فساد للنسل )(2) .

2 ـ قال : جعفر ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : انتدب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس ليلة بدر إلى الماء ، فانتدب عليّ ، فخرج وكانت ليلة باردة ذات ريح وظلمة فخرج بقربته ، فلمّا كان إلى القليب لم يجد دلواً ، فنزل في الجبّ تلك الساعة فملأ قربته ثم أقبل ، فاستقبلته ربح شديدة فجلس حتى مضت ثم قام ، ثم مرّت به أخرى فجلس حتى مضت ، ثم قام ، ثم مرّت به أخرى فجلس حتى مضت ثم قام ، فلمّا جاء قال له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما حبسك يا أبا الحسن؟ ) فقال : ( لقيت ريحاً ، ثم ريحاً ، ثم ريحاً ، شديدة فأصابتني قشعريرة ).

فقال : ( أتدري ما كان ذلك يا عليّ؟ ) ، فقال : لا.

فقال : ( ذلك جبرئيل في ألف من الملائكة وقد سلّم عليك وسلمّوا ، ثم مرّ ميكائيل في ألف من الملائكة فسلّم عليك وسلّموا ، ثم مرّ أسرافيل في ألف من الملائكة فسلم عليك وسلّموا )(3) .

____________________

(1) طبعة سلسلة مصادر البحار 98 / 321.

(2) قرب الإسناد / 98ح331. ورواه الكليني في الكافي 5 / 130 / 4 والطوسي في التهذيب 6 / 340 / 151 ، نحوه ، وهذا رواه المجلسي في البحار 99 / 112 / 1.

(3) قرب الإسناد / 111ح378. ورواه المجلسي في البحار 103 / 285 / 8 عند الجماع يورث العمى.

١٠٤

3 ـ وقال : وعنه ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن ابن عباس : أنّهما قالا : ( النظر إلى الفرج يورث العمى )(1) .

ـ ومن المختار من كتاب ( الأعمال المانعة من دخول الجنة ) ، تصنيف أبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمي نزيل الري ، المطبوع مع ( جامع الأحاديث ) وغيره من تصانيفه :

قال : ( عن عطاء ، عن عبد الله بن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يدخل الجنة عاق ولا قاطع رحم ، ولا مدمن خمر ، ولا مؤمن بسحر ، ولا قتات ، ولا منّان ، ولا ديوث ، ولا كاهن ، ومن مشى إلى كاهن فصدّقه بما يقول فقد برئ ممّا أنزل الله على محمد ).

فقال عطاء : سألته عن القتات والديّوث؟ فقال : أمّا القتات الذي يسعى بصاحبه إلى السلطان ، فيهلك نفسه وأخاه وسلطانه ، والديوث الذي يجلب على حليلته الرجال )(2) .

ـ ومن المختار من كتاب ( الغايات ) ، تصنيف أبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمي نزيل الري ، المطبوع مع ( جامع الأحاديث ) وغيره من تصانيفه :

( عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لمّا أسري بي إلى السماء دخلت الجنة ، فخيّل لي حمزة وجعفر ، فقلت لهما : فداكما أبي وأمي أيّ الأعمال أفضل؟ فقالا : الصلاة عليك وحبّ عليّ بن أبي طالب ) )(3) .

____________________

(1) قرب الإسناد / 140ح502. جامع الأحاديث / 59 ط الإسلامية بطهران سنة 1369 هـ.

(2) جامع الأحاديث / 59 ط الإسلامية بطهران سنة 1369 هـ.

(3) جامع الأحاديث / 72 ط الإسلامية بطهران سنة 1369 هـ.

١٠٥

ومن الكتاب المذكور قال : ( عن عبد الله بن عباس ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( لم يسمع الله كلمة أحبّ إليه ولا أعظم عنده من لا إله إلاّ الله ، وعظمها فلا تلتقي بها الشفتان ، وليس من مسلم يملأ فاه ويمدّ بها صوته حتى تتناثر عنه ذنوبه كما يتناثر ورق الشجر اليابس ) )(1) .

ومن الكتاب المذكور ، قال : ( عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إنّ لكلّ شيء شرفاً ، وإنّ شرف المجالس استقبال القبلة ) )(2) .

ـ ومن المختار من كتاب ( المسلسلات ) ، تصنيف أبي محمد جعفر بن أحمد ابن علي القمي نزيل الري ، المطبوع مع ( جامع الأحاديث ) وغيره من تصانيفه :

قال : ( حدثنا هرون بن موسى ، قال : حدّثني جعفر بن علي الدقاق ، قال : حدثني محمد زكريا الجوهري ، قال : حدثنا يعقوب بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس ، عن أبيه جعفر بن سليمان ، عن أبيه سليمان بن علي ، عن أبيه علي بن عبد الله ، عن أبيه عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متختماً في يمينه )(3) .

وعن علي بن عبد الله : ورأيت أبي عبد الله متختماً في يمينه. قال سليمان بن علي : ورأيت أبي عليّاً متختماً في يمينه. قال جعفر بن سليمان : ورأيت أبي سليمان متختماً في يمينه. قال يعقوب بن جعفر :

____________________

(1) جامع الأحاديث / 78 ط الإسلامية بطهران سنة 1369 هـ.

(2) جامع الأحاديث / 87 ط الإسلامية بطهران سنة 1369 هـ.

(3) ما بين القوسين زيادة يقتضيها السياق.

١٠٦

ورأيت أبي جعفر متختماً في يمينه. قال محمد بن زكريا : ورأيت يعقوب ابن جعفر متختماً في يمينه. قال جعفر بن علي : ورأيت محمد بن زكريا متختماً في يمينه. قال هارون بن موسى : ورأيت جعفر بن علي متختماً في يمينه.

قال مصنف هذا الكتاب : ورأيت هارون بن موسى متختماً في يمينه )(1) .

ومن كتاب ( المسلسلات ) أيضاً ، ما رواه مصنفه بعنوان أحاديث الخلفاء ـ وهذا يعدّ من نوادر الأخبار ، إذ جميعها رواها مسلسلة بروايته عن شيوخه بأسانيدهم المنتهية إلى خلفاء بني العباس بدءاً من المأمون ، عن الرشيد ، عن أبيه المهدي ، عن المنصور ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن ابن عباس ، ولست أذكرها إيماناً مني بصحتها جميعاً ، إذ فيها بعض ما أملته السياسة لتثبيت الحكم ، غير أنّها طريفة في جمعها مسلسلة ـ وهي تسعة كما يلي :

( أحاديث الخلفاء :

1 ـ حدثنا محمد بن جعفر الوكيل من بني هاشم ، قال : حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين بن زريق البغدادي ، قال : حدثني علي ابن محمد المروزي ، قال : حدثني أمير المؤمنين المأمون ، عن أمير المؤمنين الرشيد ، عن المهدي ، عن المنصور ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن ابن عباس ، قال : كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يكثر أن يقبّل فاطمة عليها السلام ، فقالت له عائشة : يا نبي الله إنّك تكثر تقبّل فاطمة؟ فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ( إنّ جبرئيل ليلة

____________________

(1) جامع الأحاديث / 116 ط الإسلامية بطهران سنة 1369 هـ.

١٠٧

أسرى بي أدخلني إلى الجنة فأطعمني من جميع ثمارها فصار ماء في صلبي فحملت خديجة بفاطمة عليها السلام ، فإذا اشتقت إلى تلك الثمار قبلت فاطمة فأصبت من رائحتها جميع تلك الثمار ).

2 ـ قال أبو بكر : حدثنا محمد بن حمدون السمسار ، قال : حدثني محمد بن حماد بن عيسى ، قال : سمعت الفضل بن الربيع يقول : يوماً كنت مع مولاي المأمون فأردنا الخروج يوم الأربعاء ، فقال المأمون : يوم مكروه ، سمعت أبي الرشيد يقول : سمعت المهدي يقول : سمعت المنصور يقول : سمعت أبي محمد بن علي يقول : سمعت أبي علي يقول : سمعت أبي عبد الله بن عباس يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( إنّ آخر الأربعاء في الشهر يوم نحس مستمر ).

قال مصنف هذا الكتاب وروي أنّ معنى مستمر : يكون النهار نحس من أوّله إلى الليل ، وقال : إنّ معنى المستمر : هو أن لا يذهب نحسه إلى أن يذهب من يوم الخميس ساعة.

3 ـ قال أبو بكر : حدثني أحمد بن عبد الله المالكي ، قال : حدثني عبد الرحمن بن الليث ، قال : حدثني إسحاق بن إبراهيم الموصلي ، قال : سمعت شيرويه النحوي : قال : سمعت هرثمة بن أعين ، قال : سمعت هرون الرشيد يقول : سمعت أبي المهدي يقول : سمعت أبي المنصور يقول : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أفضل الكلام لا إله إلاّ الله وأفضل الدعاء الحمد لله ).

4 ـ قال أبو بكر : حدثني حمدان بن محمد الوراق ، قال : حدثني

١٠٨

العباس بن حمزة الهاشمي ، قال : حدثني علي بن زيد ، قال : حدثني حميد بن مسعدة صاحب الجيوش ، قال : كنت واقفاً على رأس المأمون ، فحدثنا عن أبيه الرشيد ، عن المهدي ، عن أبيه المنصور ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن ابن عباس أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( العم والد والملك في ولده إلى تقوم الساعة )؟!

5 ـ قال أبو بكر : حدثني محمد بن الحسن بن علي ، عن أبي عمران موسى بن أفلح ، قال : حدثني أبو حذيفة إسحاق بن بشير ، قال : حدثني المأمون ، عن أبيه الرشيد ، عن أبيه المهدي ، عن أبيه المنصور ، عن أبيه محمد ، عن أبيه علي ، عن عبد الله بن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( مولى القوم من أنفسهم ومولاهم منهم ).

6 ـ قال أبو بكر : حدثنا محمد بن عيسى أبو صالح الكاتب ، قال : حدثنا الحسين بن عبد الله الحصيب ، قال : حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : حدثني المأمون ، قال : حدثني الرشيد ، قال : حدثني المهدي ، قال : حدثي المنصور ، قال : حدثني أبي ، قال : سمعت ابن عباس يقول : سمعت عليّ بن أبي طالب عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( النجوم أمان لأهل السماء إذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض ).

7 ـ بإسناده عن المنصور ، عن أبيه ، عن عكرمة ، قال : سمعت ابن عباس يقول لمّا مات عليّ بن أبي طالب : ( اليوم مات رباني هذه الأمة ).

8 ـ حدثنا محمد بن عبد الله الكوفي ، قال : حدثني الفضل بن أحمد

١٠٩

الكاتب ، قال : حدثني طاهر بن إسمعيل الطاهري ، قال : حدثني داود بن رشيد الخوارزمي ، قال : حدثني أبي ، قال : كنت ذات يوم عند المهدي فذكروا عليّاً ، فقال المهدي : حدثني أبي المنصور ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن ابن عباس ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالساً وأصحابه حافّون به ، إذ دخل عليّ بن أبي طالب عليه السلام وعنده وجهه فيها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ألا تقومون إلى عبقريّكم ) ، فقام إليه القوم بأجمعهم قياماً ، قال المهدي ، قال لي المنصور : يعني إلى سيدكم.

9 ـ حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثني أبو بكر محمد بن أحمد ، قال : حدثني أبو اسحق إبراهيم بن محمد بن عمرويه ، قال : حدثني محمد بن هرون بن عيسى ، قال : حدثني محمد بن عبيد الكوسج ، قال : حدثني أبو الفضل محمد بن عيسى الجهني ، قال : حدثني أحمد بن إسحق الكندي ، قال : حدثني شريك ، عن المهدي ، عن أبيه ، عن المنصور ، عن أبيه محمد ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما تقدم على الله أمة يوم القيمة أكرم من أمتي ، ولا أهل بيت أكرم عليه من أهل بيتي ، ألا فاتقوا الله فيهم ) )(1) .

ونكتفي بهذه النتف المختارة من التراث الشيعي فعلاً ، إذ سيأتي في آخر الحلقة الثالثة مقتنيات لئالئ الأخبار من بحار الأنوار من مرويات ابن عباس فيما يتعلق بشتى صنوف المعرفة.

____________________

(1) جامع الأحاديث / 111 ـ 112.

١١٠

المبحث الثاني

أحاديث مختارة عن ابن عباس في التراث السنّي

١١١
١١٢

ليس من السهل استيعاب جميع ما ورد عن ابن عباس في دواوين الحديث في التراث السني ، فهو من الكثرة بما فيها من المكرر والمنكر ما يزيد على المليون؟ وهذا ما يصعب على الباحث الإحاطة بها ، وغربلتها من ذروه القول وزور النسبة ، ممّا هو هشيم تذوره الرياح.

غير أنّ الغريب في أمر ذلك التراث الضخم الفخم ، أنّه قد سجلته أقلام أئمة الحفاظ ، فجمعت الغث والسمين ، وصارت المباراة بالتكاثر ، والعبرة بما روى الرواة ، ويعجب القاريء من كثرة ما سطروه وما قالوه في توثيقه لأنّهم كانوا قد انتقوه.

ولنوقف القاريء على جانب من تلك المباراة ، وهي لا تخلو من مماراة ومباهات.

ممّا قاله السيوطي في ( تدريب الراوي ) :

( وممّا روي في قدر حفظ الحفاظ :

قال أحمد بن حنبل : انتقيت المسند من سبعمائة ألف حديث وخمسين ألف حديث.

وقال أبو زرعة الرازي : كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف

١١٣

حديث ، قيل له وما يدريك؟ قال ذاكرته فأخذت عليه الأبواب.

وقال يحيى بن معين : كتبت بيدي ألف ألف حديث.

وقال البخاري : أحفظ مائة ألف حديث صحيح ، ومائتي ألف حديث غير صحيح.

وقال مسلم : صنفت هذا المسند الصحيح من ثلثمائة ألف حديث مسموعة.

وقال أبو داود : كتبت عن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم خمسمائة ألف حديث ، انتخبت منها ما ضمنته كتاب السنن.

وقال الحاكم في المدخل : كان الواحد من الحفاظ يحفظ خمسمائة ألف حديث ، سمعت أبا جعفر الرازي يقول : سمعت أبا عبد اللّه بن وارة يقول : كنت عند إسحاق بن إبراهيم بنيسابور ، فقال رجل من أهل العراق : سمعت أحمد بن حنبل يقول : صح من الحديث سبعمائة ألف وكسر ، وهذا الفتى ، يعني أبا زرعة ، قد حفظ سبعمائة ألف ، قال البيهقي : أراد ما صح من الأحاديث ، وأقاويل الصحابة والتابعين.

وقال غيره : سئل أبو زرعة عن رجل حلف بالطلاق أنّ أبا زرعة يحفظ مائتي ألف حديث ، هل يحنث؟ قال : لا ، ثم قال : أحفظ مائة ألف حديث كما يحفظ الإِنسان سورة قل هو اللّه أحد؛ وفي المذاكرة ثلثمائة ألف حديث.

وقال أبو بكر محمد بن عمر الرازي الحافظ : كان أبو زرعة يحفظ

١١٤

سبعمائة ألف حديث ، وكان يحفظ مائة وأربعين ألفاً في التفسير والقرآن.

قال الحاكم : وسمعت أبا بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة يقول : سمعت أبا العباس أحمد بن محمد بن سعيد يقول : أحفظ لأهل البيت ثلثمائة ألف حديث ، قال : وسمعت أبا بكر يقول : كتبت بأصابعي عن مطين مائة ألف حديث ، وسمعت أبا بكر المزني يقول : سمعت ابن خزيمة يقول : سمعت علي بن خَشرم يقول : كان إسحاق بن راهويه يملي سبعين ألف حديثٍ حفظاً.

وأسند ابن عدي ، عن ابن شُبْرُمة ، عن الشعبي ، قال : ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا ، ولا حدثني رجل بحديث قط إلاّ حفظته ، فحدثت بهذا الحديث إسحاق بن راهويه ، فقال : تعجب من هذا؟ قلت : نعم.

قال : ما كنت لأسمع شيئاً إلاّ حفظته ، وكأني أنظر إلى سبعين ألف حديث ، أو قال : أكثر من سبعين ألف حديث في كتبي.

وأسند عن أبي داود الخفاف ، قال : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : كأني أنظر إلى مائة ألف حديث في كتبي ، وثلاثين ألفاً أسردها.

وأسند الخطيب ، عن محمد بن يحيى بن خالد ، قال : سمعت إسحاق بن راهويه ، يقول : أعرف مكان مائة ألف حديث كأنّي أنظر إليها ، وأحفظ سبعين ألف حديث عن ظهر قلبي ، وأحفظ أربعة آلاف حديث مزورة.

وقال عبد اللّه بن أحمد بن حنبل : قال أبي لداود بن عمرو الضبي

١١٥

وأنا أسمع : كان يحدثكم إسماعيل بن عياش هذه الأحاديث بحفظه؟ قال : نعم ، ما رأيت معه كتاباً قط ، قال له : لقد كان حافظاً؟ كم كان يحفظ؟ قال : شيئاً كثيراً ، قال : أكان يحفظ عشرة آلاف؟ قال عشرة آلاف وعشرة آلاف وعشرة آلاف ، فقال أبي : هذا كان مثل وكيع.

وقال يزيد بن هارون : أحفظ خمسة وعشرين ألف حديث بإسناده ولا فخر ، وأحفظ للشاميين عشرين ألف حديث.

وقال يعقوب الدورقي : كان عند هشيم عشرون ألف حديث.

وقال الآجري : كان عبيد اللّه بن معاذ العنبري يحفظ عشرة آلاف حديث )(1) .

هذا ما ذكره السيوطي وهو على عهدته ، غير أنّ بعض قراء كتابه يناقشون في تلك الكثرة ، هل كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مليون حديث ليحفظها أحمد بن حنبل ويكتبها أبو زرعة بيده؟

وعائشة تنكر على أبي هريرة كثرة تحديثه فتقول لابن أختها عروة في حديث أخرجه مسلم في صحيحه : ( بعد أحاديث النهي عن المدح وقبل أحاديث النهي عن كتب العلم ) : ( بسنده قال : كان أبو هريرة يحدث وهو يقول : إسمعي ربّة الحجرة إسمعي ربّة الحجرة ، وعائشة تصلي ، فلمّا قضت صلاتها ، قالت لعروة : ألا تسمع إلى هذا ومقالته آنفاً ، إنّما كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يحدث حديثاً لو عدّه العاد

____________________

(1) تدريب الراوي 1 / 50 ـ 52. ط الثانية تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف.

١١٦

( لأحصاه ) )(1) .

ومعنى قولها : ( لو عدّه العادّ لأحصاه ) كناية عن القلّة ، فأين تكون الأحاديث المليون التي كتبها أبو زرعة بيده؟!

إنّها مزيدات لا يكاد القارئ يصدّق بها! ومهما يكن من أمرها فإنّ دواوين الحديث السني الموجودة اليوم بأيدينا ، هل يحتوي جميعها فضلاً عن الواحد منها على ما ذكر؟ والله أعلم بحقائق الأمور.

ومهما يكن لا مناص من الرجوع إليها لغرض انتقاء بعض ما نراه صالحاً من حديث ابن عباس ، فإذا ألقينا نظرة فاحصة على تلك الدواوين نجد أقربها زماناً مع انتقائه وضعاً إلى أيام ابن عباس هو كتاب ( مسند أبي داود الطيالسي ) المتوفى سنة 204 هـ عن ثمانين سنة ، وهو أوّل من صنف في المسانيد ، وإنّما اخترته لأنّه غير متهم.

قال ابن حجر في ( تهذيب التهذيب ) : ( قال ابن معين : هو مولى لآل الزبير وأمه فارسية ، ثم بصري. وقال عمر بن شبّة : كتبوا عن أبي داود باصبهان أربعين ألف حديث وليس معه كتاب )(2) .

وهذا أخذت عنه بعض ما أخرجه في كتابه المسند في الجزء الأوّل في ذكر تلاميذ ابن عباس ، ومن بعده رجعت إلى كتاب ( المصنّف ) لعبد الرزاق المتوفى سنة ( 211 هـ ) وهو كتاب جليل في تبويبه ، غزير في مادته ، ولا تخلو أحاديثه من مكررات ، بل وبعض المنكرات أيضاً ، وإنّما اخترته على علم

____________________

(1) صحيح مسلم 8 / 229 ط صبيح.

(2) تهذيب التهذيب 4 / 182 ـ 183.

١١٧

بذلك ، لأنّه استقى منه العلّية من أئمة الحديث ، والجلّة من فقهاء الأمة كأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، والبخاري ومسلم ، وسائر أصحاب الأصول ، والذي سماه الذهبي ( خزانة علم ).

قال الناشر مدير المجلس العلمي ، إبراهيم ميا : ( وأيم الله لم يبالغ فيه. فإنّ هذا الديوان نظراً إلى ثروة مضامينه ، وغزارة موادّه ، لحريّ بحق أن يدعى موسوعة الحديث والأثر )(1) .

وأنا إنّما أخترت مصنف عبد الرزاق مضافاً إلى ما فيه ممّا تقدمت الإشارة إليه ، لأنّ عبد الرزاق غير متهم في روايته وإن أتهم في مذهبه بالتشيّع ، وقد دفع عنه ذلك أحمد بن حنبل ونفى أن يكون سمع منه في ذلك شيئاً.

فقد جاء في كتاب ( العلل في معرفة الرجال ) لأحمد بن حنبل رواية عبد الله بن أحمد ، قال : ( ( 1413 ) سألت أبي ، قلت له : عبد الرزاق كان يتشيع ويفرط في التشيع ، فقال : أمّا أنا فلم أسمع منه في هذا شيئاً ، ولكن كان رجلاً تعجبه أخبار الناس ، أو الأخبار )(2) .

أقول : وما أدري كيف يتهم بالتشيّع من يقول بالمفاضلة على نحو ما قاله ابن عمر؟!

فلنقرأ ما في كتاب ( العلل ) لأحمد بن حنبل لنعرف تسنن عبد الرزاق الشديد ، الذي لا يرضى عنه أن يحيد.

قال كما في كتاب ( العلل ) : ( ( 1465 ) حدثني سلمة بن شبيب ، قال :

____________________

(1) المصنف لعبد الرزاق / مقدمة الناشر / 7.

(2) العلل في معرفة الرجال 1 / 233 ط انقره 1963م.

١١٨

سمعت عبد الرزاق ، يقول : والله ما انشرح صدري قط أن أفضل عليّاً على أبي بكر وعمر ، رحم الله أبا بكر ورحم الله عمر ورحم الله عثمان ورحم الله عليّاًَ.

ومن لم يحبّهم فما هو بمؤمن ، وإنّ أوثق عملي حبّي إياهم )(1) .

إذن فالرجل على تسننه هذا غير متهم في مذهبه ، كما هو غير متهم في حديثه على تشيعه المزعوم لو صح(2) ، لذلك قدّمته على موطأ مالك ، لما تقدم في أنّه كتبه بمباركة السلطة الحاكمة ، ولم يكن كتاب ( المصنف ) كذلك ، فهذا هو ما جعلني أختار كتابه ( المصنّف ) لأنّه وكتابه مقبولان عند العامّة ، وله في مقدمة كتاب ( فهرست أحاديث وآثار المصنف ) المطبوع عالم الكتب ط الأولى ( 1408 هـ ) ترجمة مفيدة ، فلتراجع.

وقد استعنت بهذا الكتاب في ذكر بعض أحاديث ابن عباس الموقوفة دون المرفوعة ، ونرجئ الباقي إلى الحلقة الثالثة عند ذكر مسنده ، نسأل الله تعالى التوفيق لإتمام ذلك.

وما انتقيته من ( المصنّف ) أخذته من طبعة المكتب الإسلامي بتحقيق الشيخ المحدث حبيب الرحمن الأعظمي متناً وهامشاً ، فأتبعت المتن بما في هامشه ، بدءاً من أوّله إلى آخره في أجزائه الأحد عشر ، وربما أضفت إلى ذلك بعض ما وجدته من آثار لابن عباس موقوفة في بعض المصادر القديمة الأخرى.

____________________

(1) نفس المصدر.

(2) سيأتي تحقيق هذا في الحلقة الثالثة من هذه الموسوعةوالمصادر.

١١٩
١٢٠