موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٩

موسوعة عبد الله بن عبّاس8%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 93305 / تحميل: 4733
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٩

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

لا تعدمك أن تجدها في ولدك.

قلت : فلا حاجة لي إذن فيها.

قال : فلم لا تخطب إلى ابن عمك؟ ـ يعني عليّاً ـ.

قلت : ألم تسبقني إليه؟

قال : فالأخرى.

قلت : هي لابن أخيه.

قال : يابن عباس إنّ صاحبكم إذا ولي هذا الأمر زهد ، ولكن أخشى عجبه بنفسه أن يذهب به فليتني أراكم بعدي.

قلت : يا أمير المؤمنين إنّ صاحبنا مَن قد علمت والله ، ما تقول ، إنّه ما غيّر ولا بدّل ولا أسخط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيام صحبته له.

قال : فقطع عليَّ الكلام ، فقال : ولا في ابنة أبي جهل لمّا أراد أن يخطبها على فاطمة؟

قلت : قال الله تعالى في معصية آدم عليه السلام :( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) (١) ، وصاحبنا لم يعزم على سخط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكن الخواطر التي لا يقدر أحد على دفعها عن نفسه ، وربما كانت من الفقيه في دين الله ، العالم العامل بأمر الله.

فقال : يا بن عباس مَن ظنّ أنّه يرد بحوركم فيغوص فيها معكم حتى

____________________

(١) طه / ١١٥.

١٠١

يبلغ قعرها فقد ظنّ عجزاً ، استغفر الله لي ولك ، خذ في غيرها.

ثم أنشأ يسألني عن شيء من أمور الفتيا وأجيبه ، فيقول : أصبت أصاب الله بك ، أنت والله أحق أن تتبّع )(١) .

٣ ـ ( أمسك عليَّ وأكتم ).

عن نبيط بن شريط(٢) ، قال : ( خرجت مع عليّ بن أبي طالب عليه السلام ومعنا عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، فلما صرنا إلى بعض حيطان الأنصار فوجدنا عمر بن الخطاب جالساً ينكت في الأرض ، فقال له عليّ بن أبي طالب : يا أمير المؤمنين ما الذي أجلسك وحدك ههنا؟

قال : لأمر همني.

فقال عليّ : أفتريد أحدنا ـ يعني نفسه وابن عباس ـ؟

____________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣ / ١٠٦ ط مصر الأولى ، تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٤ حوادث سن / ٢٣ ، كنز العمال ٧ / ٥٣ منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ٥ / ٢٢٩ ، المراجعات لشرف الدين / ٢٧٧.

(٢) نبيط بن شريط الأشجعي من قيس عيلان قاله ابن سعد في الطبقات الكبير ٨ / ١٥٢ تح الدكتور علي أحمد عمر نشر الخانجي بمصر ١٤٢١ هـ وقال : وهو أبو سلمة بن نبيط روى عن لبيد فذكر عنه قال : حججت مع أبي وعمتي فقال لي أبي : أترى ذلك صاحب الجمل الأحمر الذي يخطب ، ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب عند الجمرة ـ وذكر بعض الخطبة ـ ثم ذكرا بن سعد عن سلمة بن نبيط قال : قلت لأبي وكان قد شهد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ورواه وسمع منه ، يا أبة لو غشيت هذا السلطان فأصبت منهم وأصاب قومك في جناحك. قال : أي بني إني أخاف ان اجلس منهم مجلساً يدخلني النار.

١٠٢

قال عمر : إن كان عبد الله. فتخلف معه عبد الله بن عباس ، ومضيت مع عليّ عليه السلام ، وأبطأ علينا ابن عباس ثم لحق بنا ، فقال له عليّ : ما وراءك؟

قال : يا أبا الحسن أعجوبة من عجائب أمير المؤمنين ، أخبرك بها وأكتم عليَّ.

قال : فهلم.

قال : لمّا أن وليت عنه وهو ينظر إليك وإلى أثرك ، قال : آه آه آه.

فقلت : مم تتأوه يا أمير المؤمنين؟

فقال : من أجل صاحبك يا ابن عباس وقد أعطي ما لم يعط أحدٌ من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولولا ثلاث هنَّ فيه ما كان لهذا الأمر ـ يعني الخلافة ـ من أحد سواه.

قلت : ماهنّ يا أمير المؤمنين؟

قال : كثرة دعابته ، وبغض قريش له ، وصغر سنّه.

قال عليّ صلى الله عليه وآله وسلم : فما رددت عليه؟

قال ابن عباس رضي الله عنه : تداخلني ما يداخل ابن العم لابن عمه ، فقلت له : يا أمير المؤمنين أمّا كثرة دعابته فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يداعب ولا يقول إلاّ حقاً ، وأين أنت حيث كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ونحن صبيان وكهول وشيوخ وشبان يقول للصبي : ( سنافاً سنافاً )(١) ولكلّ ما يعلمه الله يشتمل على قلبه. وأمّا بغض قريش له ،

____________________

(١) ما سنا سنا : في نظم درر السمطين / ١٣٣ : ويقول الصبي ما يعلم أنه يستميل به قلبه ( أو يسول على قلبه ).

١٠٣

فو الله ما يبالي ببغضهم له بعد أن جاهدهم في الله حتى أظهر الله دينه ، فقصم أقرانها ، وكسر آلهتها ، وأثكل نساءها في الله لامه من لامه. وأمّا صغر سنّه ، فقد علمت أنّ الله تعالى حيث أنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :( بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ) (١) ، فوجّه النبيّ صاحبك ليبلّغ عنه ، فأمره الله أن لا يبلغ عنه إلاّ رجل من أهله ، فوجهه في أثره وأمره أن يؤذن ببراءة ، فهل لا استصغر الله سنّه!؟

قال : فقال عمر لابن عباس : أمسك علّي وأكتم فإن سمعتها من غيرك لم أنم بين لابتيها )(٢) .

٤ ـ ( إنّ عليّاً لأحق الناس ).

روي أحمد بن أبي واضح اليعقوبي الكاتب في تاريخه ، قال : روى ابن عباس رضي الله عنه : ( قال طرقني عمر بن الخطاب بعد هداة من الليل ، فقال : أخرج بنا نحرس نواحي المدينة ، فخرج وعلى عنقه درّته(٣) حافياً حتى أتى بقيع الغرقد(٤) فاستلقى على ظهره ، وجعل يضرب أخمص قدميه بدرّته

____________________

(١) التوبة / ١.

(٢) نظم درر السمطين للزرندي الحنفي / ١٣٣ ، فرائد السمطين ١ / ٣٣٤ ط بيروت للحافظ الحمويني تح المحمودي حديث ٢٦٧ / ١٧٣ ونسخة منه مخطوطة بمكتبة آية الله السيد اليزدي في مدرسته الكبيرة في النجف الأشرف.

(٣) الدرة : بالكسر السوط أو العصا التي يُضرب بها.

(٤) بقيع الغرقد : مقبرة أهل المدينة.

١٠٤

وتأوّه صعداء(١) .

فقلت له : يا أمير المؤمنين ما أخرجك إلى هذا إلا أمر؟

فقال : أمر الله يا بن عباس.

قال : قلت : إن شئت أخبرتك بما في نفسك؟

فقال : غص يا غواص ، إن كنت لتقول فتحسن.

قال : قلت : ذكرت هذا الأمر بعينه وإلى من تصيّره؟

قال : صدقت.

قال : فقلت له : أين أنت عن عبد الرحمن بن عوف؟

فقال : ذلك رجل ممسك ، وهذا الأمر لا يصلح إلا لمعطٍ في غير سرف ، ومانع في غير إقتار.

قال : قلت : فسعد بن أبي وقاص؟

قال : مؤمن ضعيف.

قال : فقلت : طلحة بن عبيد الله؟

قال : ذاك رجل يناول للشرف والمديح ، يعطي ماله حتى يصل إلى مال غيره ، وفيه بأو(٢) وكبر.

قال : فقلت : فالزبير بن العوام ، فهو فارس الإسلام؟

____________________

(١) الصعداء : المشقة وتنفس طويل.

(٢) الباؤ : الفخر والكبر ، من بأى عليهم بأواص فخر وتكبّر.

١٠٥

قال : ذاك يوماً إنسان ويوماً شيطان ، وعقة لقس(١) إن كان ليكادح على المكيلة من بكرة إلى الظهر حتى تفوته الصلاة.

قال : فقلت : عثمان بن عفان؟قال : إن ولي حمل بني أبي معيط وبني أمية على رقاب الناس ، وأعطاهم مال الله ، ولئن ولي ليفعلن ، والله لئن فعل لتسيرّن العرب إليه حتى تقتله في بيته.

ثم سكت. قال : فقال : أمضها يا بن عباس أترى صاحبكم لها موضعا؟

قال : فقلت : وأين يبتعد من ذلك مع فضله وسابقته وقرابته وعلمه.

قال : هو والله كما ذكرت ، ولو وليهم لحملهم على منهج الطريق ، فأخذ المحجة الواضحة ، إلاّ أنّ فيه خصالاً : الدعابة في المجلس ، وإستبداد الرأي ، والتبكيت للناس مع حداثة السن.

قال قلت : يا أمير المؤمنين هلاّ استحدثتم سنّه يوم الخندق ، إذ خرج عمرو بن عبد ود وقد كعم(٢) عنه الأبطال ، وتأخرت عنه الأشياخ ، ويوم بدر إذ كان يقط الأقران قطاً(٣) ، وهلا سبقتموه بالإسلام ( إذ كان جعلته السعب وقريش يستوفيكم )(٤) .

فقال : إليك يابن عباس ، أتريد أن تفعل بي كما فعل أبوك وعلىّ بأبي

____________________

(١) الوعقة : الشراسة ، وشدة الخلق يقال به وعقة ، فهو وعقةٌ واللقيس : الشره النفس الحريض على كل شرح.

(٢) كعم عنه : من كعم الخوف فلاناً فلا يرجع.

(٣) قطه قطاً : القطع عامة أو عرضاً.

(٤) كذا في النسخة.

١٠٦

بكر يوم دخلا عليه(١) .

قال : فكرهت أن أغضبه فسكتّ.

فقال : والله يابن عباس إنّ عليّاً ابن عمك لأحق الناس بها ، ولكن قريشاً لا تحتمله ، ولئن وليهم ليأخذهم بمرّ الحق ، لا يجدون عنده رخصة ، ولئن فعل لتنكثن بيعته ، ثم ليحاربن )(٢) .

٥ ـ ( فأردد إليه ظلامته ).

روى الزبير بن بكار في كتاب ( الموفقيات ) وغيره ، عن عبد الله بن عباس ، قال : ( إنّي لأماشي عمر بن الخطاب في سكة من سكك المدينة ،

____________________

(١) يشير إلى يوم دخلا على أبي بكر يطالبانه بما لهما من حق ، كسهم ذوي القربى وميراث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وحديثهما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما وغيرهما ، حيث كان الإمام عليه السلام يطالب بميراث زوجته فاطمة عليها السلام والعباس كذلك بما له من حق في سهم ذوي القربى ، وبالإرث على القول بالتعصيب إلزاماً لأبي بكر بما ألزم به نفسه ، وإلا فأهل البيت لا يقولون به ، وفتيا ابن عباس في ذلك معروفة ، وقد مرت الإشارة إليها مكرراً. وكانا ـ علي والعباس ـ يريان أبا بكر كان آثماً غادراً خائناً كما في صحيح مسلم ، ورأيا ذلك في عمر أيضاً ، وإلى القارئ الرواية بعين لفظه : فقد أخرج في ٥ / ١٥١ ـ ١٥٢ كتاب الجهاد والسير باب الفيء بسنده إلى مالك بن أوس ، وساق الحديث إلى قول عمر لعلي والعباس : فرأيتهماه كاذباً آثماً غادراً خائناً وفيه قال عمر : فرأيتهماني كاذبا آثماً غادراً خائنا ، وقد ذكر البخاري هذا الخبر وحذف منه هذه الكلمات ، ولشراح الصحيحين حول هذا الخبر تشريق وتغريب فمن أراد الاطلاع على بعض ما عندهم فليراجع كتابي ( المحسن السبط مولود أم سقط / ٢٦٧ ـ ٢٦٩ ).

(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٣٥ ط النجف ، وفي شرح النهج للمعتزلي ١٢ / ٥١ ـ ٥٢ صورة أخرى عن هذه المحاورة ، فليراجع.

١٠٧

إذ قال لي : يابن عباس ما أرى صاحبك إلاّ مظلوماً.

فقلت في نفسي : والله لا يسبقني بها ، فقلت : يا أمير المؤمنين فأردد إليه ظلامته. فانتزع يده من يدي ، ومضى وهو يهمهم ساعة ، ثم وقف فلحقته.

فقال : يابن عباس ما أظن القوم منعهم عنه إلاّ أنّه استصغره قومه.

فقلت في نفسي : هذه والله شر من الأولى ، فقلت : والله ما استصغره الله ورسوله حين أمره أن يأخذ سورة براءة من صاحبك أبي بكر.

قال : فأعرض عني وأسرع ، فرجعت عنه )(١) .

٦ ـ ( أوّل من راثكم عن هذا ـ الأمر ـ أبو بكر ).

قال عمرو بن عبد الله الليثي : ( قال عمر بن الخطاب ليلة في مسيره إلى الجابية(٢) : أين عبد الله بن عباس؟ فأتي به. فشكا إليه تخلّف عليّ بن أبي طالب عليه السلام عنه.

قال ابن عباس : فقلت له : أو لم يعتذر إليك؟

قال : بلى.

____________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ / ١٨ و ٣ / ١٠٥ ط مصر الأولى ، كشف اليقين للعلامة الحلي / ٤٦١ والمحققة / ٤٠ و ٩٢ ، كشف الغمة للأردبيلي ٢ / ٤٥ ، السقيفة للجوهري / ٧٠.

وهذا الخبر ما لم يوجد في النسخة المطبوعة من الموفقيات بتوثيق الدكتور سامي مكي العاني ط الأوقاف ببغداد وقد أشرت في ص ٥٧ إلى ما أستدركته عليه ممّا فاتته الإشارة إليه.

(٢) الجابية : بكسر الباء وياء خفيفة قرية من أعمال دمشق.

١٠٨

قلت : فهو ما اعتذر به.

قال : ثم أنشأ يحدثني ، فقال : إنّ أوّل من راثكم(١) عن هذا ـ الأمر ـ أبو بكر ، إنّ قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة والنبوّة

ـ قال أبو الفرج الاصفهاني : ( ثم ذكر قصة طويلة ليست من هذا الباب ، فكرهت ذكرها )(٢) ـ.

ثم قال : يا بن عباس هل تروي لشاعر الشعراء؟

قلت : ومن هو؟

قال : ويحك ، شاعر الشعراء الذي يقول :

فلو أنّ حمداً يخلد الناس خلدوا

ولكن حمد الناس ليس بمخلد

قلت : ذاك زهير.

فقال : ذاك شاعر الشعراء.

قلت : وبم كان شاعر الشعراء؟

قال : إنّه كان لا يعاظل(٣) الكلام ، ويتجنب وحشيّه ، ولا يمدح أحداً

____________________

(١) راثكم : من الريث وهو الإبطاء كالريث للقاموس ( ريث ).

(٢)أقول : لماذا كره أبو الفرج الأموي الهوى والنسب أن يذكر القصة الطويلة وهو الذي حشا كتابه بكل غث وسمين؟! وأيم الله ما ضاقت صفحات كتابه عنها ، ولكن ضاق صدره أن يثبتها لما فيها من بليغ الجواب ، ونافح الخطاب ومرّ العتاب ، فالى الله المرجع والمآب ، وسيجد الذين يكتمون العلم شر الحساب ، ومن ورائهم أشد العذاب.

(٣) يعاظل : من العضال في القوافي ، بمعنى التضمين ، يقال : فلان لا يعاظل بين القوافي ( الصحاح عظل ).

١٠٩

إلاّ بما فيه )(١) .

٧ ـ ( إنّي بابٌ وعليّ مفتاحه ).

عن ابن عباس رضي الله عنه قال : ( سمرت عند عمر ذات ليلة ، فجعل لا يسألني عن شيء إلاّ أخبرته ، فأعجب بذلك ، ثم قال : لو قلت إنّك سيد بني هاشم لصدقت.

قال ابن عباس : فقلت له كلا ، فأين أنت عن سيّدي وسيّديك ، وسيّدي شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين؟!

فقال : ومن هذان ويحك؟

قلت : الحسن والحسين ابنا فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

قال عمر : فأبوهما؟

قلت : هيهات ، ذلك بحيث لا تحس به الظنون كرماً ، ولا تدركه الصفات فضلاً ، أبانه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أهل بيته بفضله كما أبان أهل الفضل بفضلهم من غيرهم.

فقال عمر : أبيت إلاّ وجداً به كوجد النصارى ، قالت في عيسى فكذبت.

قال ابن عباس : فإنّا نقول في صاحبنا ولسنا مبطلين ولا كذّابين ، وما عسى أن نبلغ بقولنا ما قاله محمد نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم ، والله لئن قلت ذلك : لقد سمعت

____________________

(١) الأغاني ٩ / ٣٩ ط الساسي ، شرح نهج البلاغة ٤ / ٤٩٧.

١١٠

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( من أحبّك يا عليّ فقد أحبّني ، ومن أحبّني فقد أحبّ الله ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله ) ، وقال : ( إنّي باب وعلي مفتاحه ، فمن أرادني فليأته )(١) .

٨ ـ ( ولو سكت سكتنا ).

روى الحافظ ابن مردويه ، والراغب الاصفهاني ، والسيد ابن طاووس ، والشيخ المجلسي ، عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال : ( كنت أسير مع عمر بن الخطاب في ليلة وعمر على بغل ، وأنا على فرس ، فقرأ آية فيها ذكر عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

فقال : أما والله يا بني عبد المطلب لقد كان عليّ فيكم أولى بهذا الأمر منّي ومن أبي بكر.

فقلت في نفسي : لا أقالني الله إن أقلته ، فقلت : أنت تقول ذلك يا أمير المؤمنين! وأنت وصاحبك اللذان وثبتما وانتزعتما وأفرغتما الأمر من ادون الناس؟!

فقال : إليكم يا بني عبد المطلب ، أمّا إنّكم أصحاب عمر بن الخطاب. فتأخرت وتقدم هنيهة ، فقال : سر لا سرت ، وقال : أعد عليَّ كلامك.

فقلت : إنّما ذكرت شيئاً فرددتُ عليه جوابه ، ولو سكت سكتنا.

فقال : إنّا والله ما فعلنا الذي فعلنا عن عداوة ، ولكن استصغرناه وخشينا أن لا يجتمع عليه العرب وقريش لما قد وترها.

____________________

(١) مصباح الأنوار لمحمد بن هاشم ٢ / باب ٤٨ مخطوط من موقوفات مكتبة المرحوم العلامة الجليل السيد عباس الخرسان ( قدس سره ).

١١١

قال : فأردت أن أقول : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبعثه فينطح كبشها فلم يستصغره ، أفستصغره أنت وصاحبك؟

فقال : لا جرم فكيف ترى؟ والله ما نقطع أمراً دونه ، ولا نعمل شيئاً حتى نستأذنه )(١) .

٩ ـ ( إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أراد الأمر له ).

عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال : ( خرجت مع عمر إلى الشام في أحدى خرجاته ، فانفرد يوماً يسير على بعيره ، فاتبعته.

فقال لي : يابن عباس أشكو إليك ابن عمك ، سألته أن يخرج معي فلم يفعل ، ولم أزل أراه واجداً. فيم تظن موجدته؟

قلت : يا أمير المؤمنين إنّك لتعلم.

قال : أظنه لا يزال كئيباً لفوت الخلافة.

قلت : هو ذاك ، إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أراد الأمر له.

فقال : يابن عباس وأراد رسول الله الأمر له ، فكان ماذا إذا لم يرد الله تعالى؟ إنّ رسول الله أراد ذلك وأراد الله غيره ، فنفذ مراد رسوله ، أوكلّ ما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان؟ إنّه أراد إسلام عمه ولم يرده الله فلم يسلم.

ـ قال ابن أبي الحديد : وقد روي معنى هذا الخبر بغير هذا اللفظ ، وهو

____________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب لابن مردويه / ١٢٧ ، اليقين لابن طاووس / ٢٠٥ ، محاضرات الراغب الاصفهاني ٢ / ٢١٣ ، بحار الأنوار ٨ / ٢٠٩ ط الكمباني.

١١٢

قوله : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يذكره للأمر في مرضه فصددت عنه خوفاً من الفتنة ، وانتشار أمر الإسلام ، فعلم رسول صلى الله عليه وآله وسلم ما بنفسي وأمسك ، وأبى الله إلاّ إمضاء ما حتم ـ )(١) .

أقول : يبدو أنّ هذه المحاورة مبتورة الآخر! إذ لم يذكر الراوي للخبر عن ابن عباس رضي الله عنه جوابه على مقالة عمر في تفريقه بين مراد الله ومراد رسوله ، كما لم يذكر جوابه على مسألة إسلام عم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والمراد به هو أبو طالب. وليس من المعقول ولا من المقبول منطقياً أن يسكت ابن عباس عن جوابه ، وهو الذي قد ورد عنه الجواب الشافي في بقية إحتجاجاته عن إرادة الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم الأمر لعليّ عليه السلام ، ومن غير المعقول أيضاً أنّه يتجاهل إسلام عمه أبي طالب رضي الله عنه وأبوه العباس هو أحد الشهود بإسلام أبي طالب ، وهو الذي كان عنده ساعة إحتضاره وكان عنده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً ، وهو الذي روى عن أبيه قوله : ( أنّ أبا طالب ما مات حتى قال : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله )(٢) . وهو الذي أجاب من سأله : يا بن عم رسول الله إخبرني عن أبي طالب هل كان مسلماً؟

فقال له : ( وكيف لم يكن مسلماً وهو القائل :

وقد علموا أنّ ابننا لا مكذّبٌ

لدينا ولا يعبأ بقول الأباطل

____________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣ / ١١٤.

(٢) أعيان الشيعة ٣٩ / ١٣٦ ، والغدير ٧ / ٣٩ نقلاً عن ضياء العالمين للفتوني.

١١٣

أنّ أبا طالب كان مثله كمثل أصحاب الكهف ، حين أسرّوا الإيمان وأظهروا الشرك ، فآتاهم الله أجرهم مرتين )(١) .

فيا هل ترى أنّ ابن عباس رضي الله عنه عجز عن الجواب؟ وهو الذي كان على حدّ تعبير عمر كما في المحاججة الآتية : ( واهاً لابن عباس ما رأيته لاحى أحداً قط إلاّ خصمه )؟!!

أم أنّ يداً أثيمة امتدّت إلى المحاورة فحذفت منها ما لم يرق لها من بليغ الحجة وفصل الخطاب! كما صنع أبو الفرج في حذفه كلاماً كثيراً كره ذكره ، وقد مرّ اعترافه بذلك في إحتجاج(٦) تحت عنوان ( أوّل من راثكم عن هذا أبو بكر ) ، فراجع.

١٠ ـ ( واهاً لابن عباس ما رأيته لا حى أحداً قط إلاّ خصمه ).

بين يدي المحاججة :

لقد أخرج هذه المحاججة جمع من المصنفين في كتبهم ، منهم :

١ ـ أبو محمد الفضل بن شاذان في كتابه ( الإيضاح )(٢) .

٢ ـ أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد الشيباني المعروف بـ ( ثعلب )

____________________

(١) الأمالي للصدوق / ٣٦٦ ، الحجة على المذاهب / ٩٤ ـ ١١٥ ، الغدير ٧ / ٣٩٦ ، وقد روى عن الإمام الصادق عليه السلام أنه أجاب أيضاً من سأله عن ذلك مستشهداً بالبيت المذكور ومعه قوله :

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأرامل

وفي رسالة ( بغية الطالب في إيمان أبي طالب ) ما يغني عن الإطالة.

(٢) كتاب الإيضاح لابن شاذان / ٨٧ ط الأعلمي بيروت.

١١٤

المتوفى ٢٩١ هـ ، وستأتي روايته لها ، لأنّها أوفى من روايات الآخرين أوّلاً ، ولكونه أقدمهم زماناً ثانياً.

٣ ـ شيخ المفسرين وإمام المؤرخين أبو جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفي ٣١٠ هـ ، أخرجها في تاريخه ، قال :

( حدثني سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن رجل ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال : بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبعض أصحابه يتذاكرون الشعر ، فقال بعضهم : فلان أشعر ، وقال بعضهم : بل فلان أشعر ، قال : فأقبلت ، فقال عمر : قد جاءكم أعلم الناس بها.

فقال عمر : من شاعر الشعراء يا بن عباس؟

قال : فقلت : زهير بن أبي سلمي.

فقال عمر : هلّم من شعره ما نستدل به على ما ذكرت؟

فقلت : أمتدح قوماً من بني عبد الله بن غطفان ، فقال : ( لو كان يقعد فوق الشمس من كرمٍ ) الأبيات الآتية )(١) .

٤ ـ المحدث الكبير أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري ـ معاصر السابق ـ والمتوفى في أوائل الأربعمائة أيضاً ، ويشاركه إسماً ونسباً وكنية ونسبة ، أخرجها في كتابه ( المسترشد في الإمامة ) ، قال :

( رواه ـ الحديث ـ سفيان بن عيينة ، عن النهدي ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه عبد الله بن عمر ، قال : كنّا عند أبي عمر ذات يوم إذ قال : من أشعر

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤ / ٢٢٢ تح محمد أبو الفضل إبراهيم.

١١٥

الناس؟ قلنا : فلان وفلان. فبينا نحن كذلك ، إذ طلع عبد الله بن عباس فسلّم فأجلسه إلى جنبه وقال : قد جاءكم ابن بجدتها ، من أشعر الناس يا بن عباس؟

قال : ذاك زهير بن أبي سلمى.

قال : فأنشدني شيئاً من شعره أستدل به على ما تقول؟

قال : امتدح قوماً من بني غطفان يقال لهم بنو سنان ، فقال : ( لوكان يقعد فوق الشمس من كرم ) الأبيات )(١) .

٥ ـ المؤرخ الشهير أبو الحسن ابن الأثير المتوفي ٦٣٠ هـ في كتابه ( الكامل في التاريخ ) أخرجها في حوادث سنة ٢٣ ط بمصر بنحو ما تقدم عن ابن جرير المؤرخ.

٦ ـ عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي في ( شرح النهج ) ، قال :

( وروى عبد الله بن عمر ، قال : من أشعر العرب؟ فقالوا : فلان وفلان ، فاطلع عبد الله ابن عباس فسلّم وجلس ، فقال عمر : قد جاءكم الخبير ، من أشعر الناس يا عبد الله؟

قال : زهير بن أبي سلمى.

قال : فأنشدني ممّا تستجيده له؟

فقال : يا أمير المؤمنين إنّه مدح قوماً من غطفان يقال لهم بنو سنان فقال : ( لو كان يقعد فوق الشمس من كرم ) الأبيات )(٢) .

____________________

(١) المسترشد في الإمامة / ٢٨٠.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣ / ١٠٧.

١١٦

٧ ـ صاحب ( أخبار الدولة العباسية ) من القرن الثالث ، جاء فيه :

( أخبرنا علي بن إبراهيم بن هاشم القمي ، عن أبيه ، عن الزبيري بإسناد له يرفعه قال : بينما عمر جالس في جماعة من أصحابه فتذاكروا الشعر.

فقال : من أشعر الناس؟ فاختلفوا. فدخل عبد الله بن عباس.

فقال عمر : قد جاءكم ابن بجدتها وأعلم الناس. من أشعر الناس يابن عباس؟

قال : زهير بن أبي سلمى المزني.

قال : أنشدني من شعره.

فأنشدته : ( لو كان يقعد فوق الشمس من كرم ) الخ )(١) .

٨ ـ الأمير أسامة بن منقذ المتوفى ٥٤٨ هـ في كتابه ( المنازل والديار ) ، قال :

( روي أنّ قوماً تشاجروا بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من أشعر الناس؟

فقال عمر : سأرسل إلى سيد الناس فأسأله. فقال الناس : تشاجرنا في سيد الشعراء فنريد الآن ننظر إلى سيد الناس ، فأرسل إلى عبد الله بن العباس ، فجاءه رضي الله عنه.

فقال له : يا أبا العباس أنشدنا ما تستحسن من الشعر.

فقال : سأنشدكم لسيد الشعراء ، فأنشدهم لزهير )(٢) .

____________________

(١) أخبار الدولة العباسية / ٣٢ تحقيق الدكتور عبد العزيز الدوري والدكتور عبد الجبار المطلبي ط دار الطليعة بيروت ١٩٧١ هـ.

(٢) المنازل والديار / ١٥٥ ط موسكو ١٩٦١ نشر آثار الآداب الشرقية السلسلة الكبرى نصوص ١٢.

١١٧

هذه جملة من المصادر التي اطلعت عليها ولعلّ ما فاتني الإطلاع عليه أكثر ، ولنقتصر على هذا فحسب.

والآن إلى القارئ المحاججة بلفظ أبي العباس ثعلب في شرح ديوان زهير مع إضافة ما تنفرد به روايته عن الآخرين :

( قال(١) عبد الله بن محمد البصري ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السدوسي ، عن محمد بن خداش الأسلمي ، عن نوح بن دراج ، عن حبيب ابن زاذان ، عن أبيه ، قال : دخلت على عمر بن الخطاب رحمه الله وعنده نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فذكروا الشعر ، فقال لهم عمر : من كان أشعر العرب؟ فاختلفوا ، فبينا هم كذلك إذ طلع عليهم عبد الله بن عباس ، فقال عمر لجلسائه : قد جاءكم ابن بجدتها(٢) ، وأعلم الناس بأيامها.

ثم قال عمر : من كان أشعر العرب يابن عباس؟

قال : ذاك زهير بن أبي سلمى المزني.

____________________

(١) قال أبو أحمد عبد السلام البصري : ممّا قرأت على شيخنا أبي رياش أحمد بن أبي هاشم قال تشاجروا في الشعر بين يدي عمر بن الخطاب رحمة الله عليه في أشعر الناس قال : سأرسل إلى سيد الناس فأسأله. فقال الناس : قد تشاجرنا في سيد الشعراء فنريد الآن ننظر من سيد الناس؟! فأرسل إلى عبد الله بن عباس فجاءه فقال له يا أبا العباس أنشدنا ما تستحسن من الشعر؟. فقال : سأنشدكم لسيد الشعراء فأنشدهم لزهير بن أبي سلمى : هل في تذكر أيام الصبا فند ـ القصيدة.

(٢) البجدة : دخلة الأمر وباطنه يقال : هو عالم بجدة أمرك ، ومنه يقال : هو ابن بجدتها للعالم بالشيء المتقن له المميزّ له ، وكذلك يقال : للدليل الهادي الخرّيت.

١١٨

فقال عمر : هلا تنشدني من شعره أبياتاً نستدل بها على قولك فيه؟

قال : نعم ، مدح قوماً من غطفان يقال لهم بنو سنان ، فقال :

هل في تذكّر أيام الصبا فند(١)

أم هل لما فات من أيامه رددُ

أم هل يلامنَّ باكٍ هاج عبرته

بالحجر إذ شفّه الوجدُ الذي يجد(٢)

أوفى على شرفٍ نشزٍ فأزعجه

قلبٌ إلى آل سلمى تائقٌ كمدُ(٣)

متى ترى دار حيّ عهدنا بهمُ

حيثُ التقى الغور من نعمان والنجد(٤)

لهم هوىً من هوانا ما يقرّبنا

ماتت على قربه الأحشاء والكبد

إني لما استودعتني يوم ذي غُذُمٍ

راعٍ إذا طال بالمستودع الأمد(٥)

إن تمس دارهمُ عنا مباعدة

فما الأحبةُ إلا هم وإن بعدوا

يا صاحبيّ انظرا والغور دونكما

هل يبدونَّ لنا فيما نرى الجمد(٦)

هيهات هيهات من نجد وساكنه

من قد أتى دونه البغثاء والثمدُ(٧)

____________________

(١) فند : الخطأ في القول والرأي.

(٢) شفّه : براه وأسقمه ، الوجد : الحبّ الشديد.

(٣) شرف : المكان العالي ، النشر : المرتفع.

(٤) الغور : ما انهبط من الأرض ، ضد النجد وهو ما ارتفع ، جمعه أنجد وأتجاه ونجاد ونجود ونجد.

(٥) ذوغذم بضمتين موضع من نواحي المدينة.

(٦) الجمدُ : بضمتين جبل لبني نصر بنجد.

(٧) البغثاء : أخلاها الناس ، ولعل الأبغث موضع ذو رمل وحجارة كما في تاج العروس وقد أهمله ياقوت ، والمد : الماس القليل الذي لا مادة له ، ولعل البغثاء والثمد موضعان بعينهما.

١١٩

إلى ابن سلمى سنان وابنه هرمٍ

تخبو باقتادها عيدية تخدُ(١)

في مسبطر تباري في أزمّتها

فتل المرافق في اعناقها قود(٢)

معصوصبات ببادرن النجاءبنا

إذا ترامت بها الديمومة الجدد(٣)

عوم القوادس قفّى الأردمون بها

إذا ترامى بها المغلولب الزبدُ(٤)

بفتية كسيوف الهند يبعثهم

همٌ فكلهم ذوحاجة يقد(٥)

منّهمُ السيرُ فانئآدت سوالفهم

وما بأعناقهم إلا الكرى أود(٦)

إني لأبعثهم والليل مطرق

ولم يناموا سوى إن قلت قد هجدوا(٧)

إلى مطايا لهم حدبٍ عرائكها

وقد تحلل من أصلابها القحدُ(٨)

____________________

(١) تخبو : تسرع ، والاقتاد : خشب الرجل أو جميع أدواته ، وعيدية : منسوبة إلى فحل منجب يقال له عيد ، تنسب إليه كرام النجائب ، وتخد : تسرع ، والوخد : سعة الخطو.

(٢) المسبطر : الممتد ، واسبطرت الأبل : أسرعت ، وفتل المرافق ذو الفتل وهو الاندماج والقود في العنق : الطول.

(٣) اعصوصبت الابل جدت في السير ، والنجا : السرعة ، والديمومة : الفلاة الواسعة أو المغازة التي لاماء فيها لبعدها ، والجدد : الأرض الغليظة المستوية.

(٤) عوم : سبح ، والقوادس ج قادس : السفينة العظيمة ، الأردمون ج أردم : وهو الملاح الحاذق ، الغلولب : العشب المتكاثر : ولعل المراد البحر المتلاطم بالزبد الكثير.

(٥) يقدُ : يشتعل كناية عن بعد الهمة في طلب الحاجة.

(٦) منهم السير : قطعهم وأعياهم ، انئادت انعطفت ، وسوالفهم : صفحة أعناقهم ، والأود إلاعوجاج.

(٧) الهجود : من الأضداد : نام بالليل وسهر بالليل ومنه المنهجد بالعبادة.

(٨) الحُدب من الأبل : البارزة الهزال ، والعرائك : الأسنمة ، تحلل : ذاب ، أصلابها : ظهورها والمقحدة : أصلا السنام. ولعل القحد هنا جمع القحدة بحذف التاء.

١٢٠

أقول للقوم والأنفاس قد بلغت

دون اللُهّا غيّر أن لم ينقص العددُ(1)

سيروا إلى خير قيس كلها حسبا

ومنتهى من يريد الجد أو يفد

فاستمطروا الخير من كفّيه إنهما

بسيبه يتردّى منهما البُعُد(2)

مبارك البيت ميمون نقيبته

جزل المواهب من يعطي كمن يعد(3)

فالناس فوجان في معروفه شرع

فمنهم صادرٌ أوقاربٌ يرد(4)

رحب الفناء لو أنّ الناس كلّهم

حلّو إليه إلى أن ينقضي الأبد

في الناس للناس أندادٌ وليس له

فيهم شبيهٌ ولا عدلٌ ولا ندد(6)

إني لمرتحلٌ بالفجر ينصبني

حتى يفرّج عنّي همّ ما أجد(7)

لو كان يخلد أقوامٌ بمجدهم

أو ما تقدّم من أيامهم خلدوا(8)

____________________

(1) اللها : جمع لهاة وهي اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى سقف الفم.

(2) السيب : العطاء ، والبُعّد : أي البعيد.

(3) ميمون النقيبة : محمود المختبر ، مبارك النفس ، ميمون المشورة ، ميمون الأمر ينجح فيما يحاول وجزل المواهب : الكريم المعطاء.

(4) شرعٌ : أي سواء ، والصادر : الذي ورد ورجع ، والقارب : طالب الماء.

(5) السيب : العطاء والمال والنافلة ، والسجل : الدلو العظيمة فيها الماء ، والعطاء.

(6) العدلُ : الشبيه والنظير ، والندد مأخوذ من الندّ ، وهو بمعنى المثل والشبيه. وان لم يرد في المصادر اللغوية ( ندد ) كما ورد في الشعر.

(7) أنصّبه الهم : أتعبه من النصب.

8 ـ في الهامش نسخة :

أوكان يخلد أقوام بمكرمة

أو ما تسلّف من أيامهم خلدوا

١٢١

أوكان يقعد فوق الشمس من كرمٍ

قومٌ بأوّلهم أو مجدهم قعدوا

قومٌ أبوهم سنان حين تنسبهم

طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا

إنسٌ إذا أمنوا جنٌ إذا غضبوا

مرزّءون بهاليلٌ إذا جُهدوا(1)

محسّدون على ما كان من نعم

لا ينزع الله منهم ما له حُسدوا

لو يوزنون عياراً أو مكايلة

مالوا برضوى ولم يعدلهم أحد(2)

فجثا عمر على ركبتيه ، قال : ما لهذا الشاعر قاتله الله : لقد قال كلاماً ( حسناً )(3) ماكان ينبغي أن يقال إلاّ في أهل رسول الله لما خصهم الله به من النبّوة والكرامة.

فقال ابن عباس : وفقك الله يا أمير المؤمنين ، فلم تزل موفقاً عارفاً بحقنا!

قال عمر : أي والله إنّي لأعرف حقكم ، وأعجب كيف عدل الناس بهذا الأمر عنكم!؟

فقال ابن عباس : لا أدري.

قال عمر : لكن عمر يدري.

قال ابن عباس : فلم لا تخبرنا كيف كان ذلك؟

____________________

(1) جُهد الرجل فهو مجهود ، من التعب والمشقة.

(2) رضوى : اسم جبل بالمدينة وأحد : كذلك جبل بالمدينة.

(3) ما بين القوسين من أخبار الدولة العباسية / 32.

١٢٢

قال عمر : إنّ قريشاً كرهت أن تجمع لكم النبوة والخلافة ، فتجمخون عليها جمخا(1) فنظرت قريش لأنفسها واختارت أبا بكر ذا سنّها وفضلها ، وأصابت قريش ووفقّت وذكر حديثاً طويلاً موضعه غير هذا. إهـ )(2) .

إلى هنا أنتهى ما رواه ثعلب ، وبتر الحديث الطويل ، لأنّه ليس من موضوع كتابه ، أو لغرض آخر في نفسه! ومهما يكن فإنّ في المصادر الأخرى بقية ذلك الحديث الطويل ، وإلى القارئ ذلك بروايتها مجتمعة :

( إنّ عمر قال بعد سماعه الأبيات : قاتله الله يا بن عباس لقد قال كلاماً حسناً ، والله لقد أحسن ، وما أرى هذا المدح يصلح إلاّ لهذا البيت من بني هاشم ، لفضل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقرابتهم منه.

فقال ابن عباس : وفقك الله يا أمير المؤمنين فلم تزل موفقاً.

فقال يابن عباس : أتدري ما منع قومكم ـ الناس ـ منكم بعد محمد؟

فقال ابن عباس : فكرهت أن أجيبه ، فقلت : إن لم أكن أدري فأمير المؤمنين يدريني؟

قال : كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوة والخلافة فتجحفوا الناس جحفاً ، فنظرت قريش لأنفسها فاختارت فأصابت ووُفِقّت.

____________________

(1) جمخ جمخاً : فخر وتكبّر. ووردت الجملة أيضاًً : فتبجحوا على قومكم تبجحاً كما في الطبري ، وبجح بالشيء أيضاً بمعنى افتخر به ، كما وردت : فتجحفوا الناس جحفاً كما في شرح النهج ومعنى ذلك قولهم أجحف الدهر بالناس استأصلهم وأهلكهم. كما وردت : فتجخفوا الناس جخفاً ، جخف افتخر باكثر ممّا عنده ( اللسان ).

(2) ديوان زهير / 278 ط دار الكتب المصرية.

١٢٣

فأطرق ابن عباس طويلاً ، ثم رفع رأسه ، وقال : إن يأذن لي أمير المؤمنين ويميط عنّي غضبه فيسمع كلامي؟

قال : هات قل ما تشاء.

قال ابن عباس : أمّا قولك : إنّ قريشاً كرهت ، فإنّ الله تعالى قال لقوم :( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ) (1) .

وأمّا قولك : إنّا كنّا نجحف جحفاً ، فلو جحفنا بالخلافة جحفنا بالقرابة ، ولكنا قوم أخلاقنا مشتقة من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال الله تعالى :( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (2) ، وقال له :( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (3) .

وأمّا قولك : إنّ قريشاً إختارت فأصابت ووفقت ، فإنّ الله تعالى يقول :( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) (4) ، وقد علمت يا أمير المؤمنين إنّ الله تعالى إختار من خلقه لذلك من أختار ، فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها واختارت لأنفسها من حيث اختار الله لها ، لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود ولوفّقت وأصابت.

فقال عمر : على رسلك يا بن عباس ، أبت قلوبكم يا بني هاشم إلاّ ضغناً وغشّاً في أمر قر يش لا يزول وحقداً عليها لا يحول.

____________________

(1) محمد / 9.

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً ) الأحزاب / 9.

(2) سورة القلم / 4.

(3) سورة الشعراء / 215.

(4) القصص / 68.

١٢٤

فقال ابن عباس : مهلاً يا أمير المؤمنين لا تنسب قلوب بني هاشم إلى الغشّ ، فإنّ قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قلوب بني هاشم ، الذي طهّره الله تعالى وزكاه ، وهم أهل البيت الذين قال الله تعالى لهم :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (1) .

وأمّا قولك : حقداً ، فكيف لا يحقد من غُصب شيئُه ويراه في يد غيره؟!

فقال عمر : أمّا أنت يابن عباس فقد بلغني عنك كلام أكره أن أخبرك به فتزول منزلتك عندي.

قال : وما هو يا أمير المؤمنين إخبرني به؟ فإن يك باطلاً فمثلي أماط الباطل عن نفسه ، وإن يك حقاً فإّن منزلتي عندك لا تزول به.

قال : بلغني إنّك لا تزال تقول : أخذ هذا الأمر منّا حسداً وبغياً وظلماً.

قال ابن عباس : أمّا قولك حسداً ، فقد حسد إبليس آدم فأخرجه من الجنة ، فنحن ولده المحسودون.

وأمّا قولك : ظلماً ، فأمير المؤمنين يعلم صاحب الحق من هو؟ فقد ثبت للجاهل والحليم.

ثم قال : يا أمير المؤمنين ألم تحتج العرب على العجم بحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ واحتجت قريش على سائر العرب بحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ واحتجت قريش على سائر العرب بحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فنحن أحّق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من

____________________

(1) الأحزاب / 33.

١٢٥

سائر قريش.

فقال عمر : إليك عني يا بن عباس ، قم الآن فارجع إلى منزلك.

فقال ابن عباس : فقلت أفعل ، فلما ذهبت لأقوم استحيى مني ، فقال : يا ابن عباس مكانك أيّها المنصرف إنّي على ما كان منك ، فوا الله إنّي لراع لحقك ، محبّ لما سرّك.

فقال ابن عباس : يا أمير المؤمنين إنّ لي عليك وعلى كلّ مسلم ( مؤمن ) حقاً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فمن حفظه فحق نفسه حفظ ، وحظّه أصاب ، ومن أضاعه فحق نفسه أضاع ، وحظّه أخطأ. ثم قام ابن عباس فمضى.

فقال عمر لجلسائه : ( لله درّ ابن عباس )(1) واهاً لابن عباس والله ما رأيته لاحى أحداً قط إلاّ خصمه ).

11 ـ ( إنّا أنزل علينا القرآن ).

ذكر الغزالي في كتابه ( مقامات العلماء بين يدي الخلفاء ) :

( روى إبراهيم التيمي ، عن عبد الله بن عمر ، قال : خلا عمر ذات يوم فجعل يحدّث نفسه ، اتختلف هذه الأمة ونبيّها واحد وقبلتها واحدة؟

فقال ابن عباس : يا أمير المؤمنين إنّا أنزل علينا القرآن ، وعلمنا فيمن نزل ، فإنّه سيكون بعدنا أقوام يقرؤن القرآن ولايدرون فيمن نزل ، فيكون فيه رأي ، وإذا كان لهم فيه رأي اختلفوا فإذا اختلفوا اقتتلوا.

____________________

(1) ما بين القوسين من أخبار الدولة العباسية / 32.

١٢٦

قال : فزبره عمر وانتهره ، فانصرف ابن عباس. فنظر فيما قال فعرفه ، فأرسل إليه ، وقال : أعد علي ما قلت ، قال : فأعاده عليه ، فعرف عمر قوله ، وعلم أنّه الحق فأعجبه ذلك القول )(1) .

12 ـ ( قد رشحه لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصُرفت عنه ).

أخرج محمد بن حبيب في ( أماليه ) ، قال : وقد روي عن ابن عباس أيضاً ، قال :

( دخلت على عمر يوماً ، فقال : يابن العباس لقد أجهد هذا الرجل نفسه في العبادة حتى نحلته رياءً؟!

قلت : مَن هو؟

فقال : هذا ابن عمك ـ يعني عليّاً ـ.

قلت : وما يقصد بالرياء يا أمير المؤمنين؟

قال : يرشح نفسه بين الناس بالخلافة.

قلت : وما يصنع بالترشيح ، قد رشّحه لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصُرفت عنه.

قال : انّه كان شاباً حدثاً فاستصغرت العرب سنّه ، وقد كُمل الآن ، ألم تعلم أنّ الله تعالى لم يبعث نبيّاً إلاّ بعد الأربعين؟

قلت : يا أمير المؤمنين أمّا أهل الحجى والنهى فإنّهم ما زالوا يعدّونه كاملاً منذ رفع الله منار الإسلام ، ولكنهم يعدّونه محروماً مجدوداً(2) .

____________________

(1) مقامات العلماء بين يدي الخلفاء والأمراء / 175 تح محمد جاسم الحديثي.

(2) المجدد : أي كان ذا جدّ وحظ فهو محظوظ.

١٢٧

فقال : أما أنّه سيليها بعد هياط ومياط(1) ، ثم تزلّ فيها قدمه ، ولا يقضي منها إربه ، ولتكونن شاهداً ذلك يا عبد الله ، ثم يتبيّن الصبح لذي عينين ، وتعلم العرب صحة رأي المهاجرين الأولين الذين صرفوها عنه بادئ بدء ، فليتني أراكم بعدي يا عبد الله ، إنّ الحرص محرمة ، وإنّ دنياك كظلك كلّما هممت به إزداد عنك بعداً )(2) .

أقول : من الغريب أن يقول عمر : ( إنّ الله لم يبعث نبيّاً إلا بعد الأربعين )! فكيف يقول في عيسى بن مريم ، ويحيى إبني الخالة عليهما السلام؟ وأغرب من ذلك عدم ردّ ابن عباس عليه!! ولعلّ رواة السوء حذفوا ما لم يوافق هواهم كما مرّ عن أبي الفرج الأصفهاني ، فراجع الإحتجاج رقم (6) لها ، وعن ثعلب في المحاورة رقم (10).

13 ـ ( يكرهون ولا يتكم لهم! ).

أخرج ابن جرير الطبري في تاريخه ، قال :

( حدثني عمر ، قال : حدثنا علي ، قال حدثنا أبو الوليد المكي ، عن رجل من ولد طلحة ، عن ابن عباس ، قال : خرجت مع عمر في بعض أسفاره ، فإنّا لنسير ليلة ، وقد دنوت منه ، إذ ضرب مقدم رحله بسوطه ، وقال :

كذبتُم وبيت الله يقتلُ أحمدٌ

ولمّا نطاعن دونه ونناضل

____________________

(1) يقال هم في هياط ومياط : أي في اضطراب ومجئ وذهابه.

(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3 / 115 ط مصر الأولى.

١٢٨

ونسلمه حتى نُصّرع حوله

ونذهل عن ابنائنا والحلائل(1)

ثم قال : استغفر الله ، ثم سار فلم يتكلم قليلاً ، ثم قال :

وما حَملت من ناقة فوق رحلها

أبرّ وأوفى ذمّةً من محمّد

وأكسى لبرُد الخال قبل ابتذالِه

وأعطى لرأس السابق المتجرّد(2)

____________________

(1) البيتان من قصيدة أبي طالب اللامية المشهورة التي فضلها ابن كثير في تاريخه على المعلقات ، ولها شروح خاصة بها كزهرة الأدباء في شرح لامية شيخ البطحاء للمرحوم الشيخ جعفر النقدي طبع مع ديوان أبي طالب في النجف.

2 ـ نسب البيتان إلى حسان بن ثابت في المغني لابن قدامة 8 / 369 ط دار الكتاب العربي بيروت ، والشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة 8 / 293 ط دار الكتاب العربي ، وأمالي الشيخ المفيد / 304 ، وأمالي الشيخ الطوسي / 76 ، ومناقب ابن شهر آشوب 1 / 199 ، ولم يوجدا في ديوانه بشرح البرقوقي ، ونسبا مع أبيات أخر إلى هاتف يهتف على أبي قبيس كما في مجمع الزوائد للهيثمي 8 / 279 نقلا ًعن الطبراني وهو في الكبير 7 / 106 ، وفي تصحيفات المحدثين للعسكري 3 / 931 ط القاهرة تحقيق محمود أحمد ميرة ط 1402 هـ نسبه مع أبيات أخرى إلى اسيد بن زنيم وهو ممن اهدر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم دمه يوم الفتح فجاء حتى قعد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوضع يده في يده ثم قال : أنا أسيد بن زنيم العائذ بك ثم أنشأ يقول :

لأنت الذي تهدي معداً لدينها

بل الله يهديها وقال لك أشهد

وما حملت من ناقة فوقها رحلها

أبرّ وأوّفى ذمة من محمد

وأكسى لبرد الخال قد تعلمونه

وأعطى لرأس السابح المتجرد

تعلّم رسول الله أنك قادر

على كل حال من تهام ومنجد

تعلّم بأن الركب ركب عويمر

هم الكاذبوك المخلفوا كل موعد

ونبوّا رسول الله إني هجوته

فلا رفعت سوطي إلى أذن يدي

سوى أنني قد قلت يا ويح فتية

اصيبوا بنحس أم أصيبوا بأسعد

وفي شرح نهج البلاغة 17 / 282 ذكر ان قائل الأبيات انس بن زنيم وذكرها بأكثر ممّا مرّ ،

١٢٩

ثم قال : استغفر الله ، يا بن عباس ما منع عليّاً من الخروج معنا؟

قلت : لا أدري.

قال : يا بن عباس أبوك عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنت ابن عمه ، فما منع قومكم منكم؟

قلت : لا أدري.

قال : لكني أدري ، يكرهون ولا يتكم لهم!

قلت : لِمّ ، ونحن لهم كالخير؟

قال : اللهم غفراً يكرهون أن تجتمع فيكم النبوة والخلافة ، فيكون بجَحاً بجحاً(1) . لعلكم تقولون : إنّ أبا بكر فعل ذلك ، لا والله ، ولكن أبا بكر أتى أحزم ما

____________________

وكذلك في كنز العمال 23 / 282 ، وقال ابن عبد البر في الاستذكار 8 / 622 : قد قيل إن اصدق بيت قاله شاعر :

فما حملت من ناقة فوق رحلها

أبرّ وأوفى ذمة من محمّد

وهذا البيت في عشر لأبي إياس الديلي يمدح به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد ذكرت أبا اياس في كتاب الصحابة والحمد لله.

أقول : ذكره في الإستيعاب 4 / 1605 البجاوي ، ولابن عساكر في تاريخ دمشق 20 / 21 تحقيق حول قائل البيت فقال : فيقال : الشعر الذي يروي لابن أبي اناس بن زنيم أو لسارية :

وما حملت من ناقة فوق كورها

أبرّ وأوفى ذمة من محمد

إنما قاله أسيد بن أبي أياس ، وقال : ثم ذكر باقي الشعر ، وفي الإصابة في ترجمة أنس بن زنيم نسب البيت له ، وفي ترجمة سارية نسبه له ، وكذا في اسد الغابة وغيرها ، وحسبنا بهذا فلقد طال الكلام في المقام.

(1) البجح : التعاظم والفخر.

١٣٠

حضره ، ولو جعلها لكم ، ما نفعكم مع قربكم. أنشدني لشاعر الشعراء زهير قوله :

إذا ابتدرت قيس بن عيلان غاية

من المجد من يسبق إليها يسوّد(1)

فأنشدته وطلع الفجر ، فقال : أقرأ ( الواقعة ) ، فقرأتها ، ثم نزل فصلى وقرأ بالواقعة )(2) .

14 ـ ( إنّكم فضلتموهم بالنبوّة ).

ذكر أحمد التابعي في كتابه ( الإعتصام بحبل الإسلام ) :

( قال عبد الله بن عباس : ما شيت عمر بن الخطاب يوماً ، فقال : يابن عباس ما يمنع قومكم منكم وأنتم أهل البيت خاصة؟

قلت : لا أدري.

قال : لكنني أدري ، إنّكم فضلتموهم بالنبوة ، فقالوا : إن فضلوا بالخلافة مع النبوة لم يبقوا لنا شيئاً ، وأنّ أفضل النصيبيَن بأيديكم ، بل ما أخالها إلاّ مجتمعة لكم وإن نزلت على رغم أنف قريش )(3) .

15 ـ ( لئن وليهم ليحملنهم على المحجة البيضاء ).

لقد روى الفضل بن شاذان في كتابه ( الإيضاح ) محاورة تقرب ممّا مرّ

____________________

(1) ديوان زهير بشرح ثعلب / 234 من قصيدة يمدح بها هرم بن سنان بن أبي حارثة المريّ.

(2) تاريخ الطبري 4 / 222 ط محققة.

(3) الإعتصام / 140 ط1 مطبعة السعادة 1327 هـ ، أنظر الطرائف لابن طاووس / 423 عن العقد الفريد لابن عبد ربة 4 / 280.

١٣١

في أوّل هذا الجزء من معرفة ابن عباس بالشعر الجاهلي وكثرة إستشهاده به. قال :

( كان عبد الله بن عباس عند عمر ، فتنفس عمر نفساً عالياً ، قال ابن عباس : حتى ظننت أن أضلاعه قد انفرجت.

فقلت له : ما أخرج هذا النفس منك إلاّ همّ شديد.

قال : أي والله يا بن عباس ، إنّي فكرت فلم أدر فيمن أجعل هذا الأمر بعدي. ثم قال : لعلك ترى صاحبك لها أهلاً؟

قلت : وما يمنعه من ذلك مع جهاده وسابقته وقرابته وعلمه.

قال : صدقت ، ولكنه أمرؤ فيه دعابة.

قلت : فأين أنت من طلحة؟

قال : هو ذو البأو بإصبعه المقطوعة.

قلت : فعبد الرحمن بن عوف؟

قال : رجل ضعيف لو صار الأمر إليه لوضع خاتمه في يد امرأته.

قلت : فالزبير؟

قال : شكس لقس يلاطم في البقيع في صاع من بُرّ.

قلت : فسعد بن أبي وقاص؟

قال : صاحب مقنب وسلاح.

قلت : فعثمان؟

قال : أوه أوه ـ مراراً ـ.

١٣٢

ثم قال : والله لئن وليها ليحملنّ بني أبي معيط على رقاب الناس ، ثم لتنهضنّ إليه العرب فتقتله.

ثم قال : يا بن عباس إنّه لا يصلح لهذا الأمر إلاّ حصيف العقدة قليل الغرّة ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، يكون شديداً من غير عنف ، لّيناً من غير ضعف ، جواد من غير سرف ، ممسكاً من غير وكف.

ثم أقبل على ابن عباس ، فقال : وإنّ أحراهم أن يحملهم على كتاب ربّهم وسنة نبيّهم لصاحبك ، والله لئن وليها ليحملنّهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم )(1) .

16 ـ ( نشنشة من أخشن ).

روى الزمخشري في ( الفائق ) ( نشنش ) عن ابن عباس رضي الله عنه :

( كان عمر إذا صلى جلس للناس. فمن كانت له حاجة كلّمه ، وإن لم يكن لأحد حاجة قام فدخل ، فصلى صلوات لا يجلس للناس فيهنّ.

قال : فحضرت الباب ، فقلت : يا يرفأ أبأمير المؤمنين شكاة؟

فقال : ما بأمير المؤمنين من شكوى.

فجلست فجاء عثمان بن عفان ، فجاء يرفأ ، فقال : قم يابن عفان ، قم يابن عباس ، فدخلنا على عمر فإذا بين يديه صُبرٌ من مال ، على كلّ صبرة منها كتف.

____________________

(1) الإيضاح / 163.

١٣٣

فقال عمر : إنّي نظرت في أهل المدينة فوجدتكما من أكثر أهلها عشيرة ، فخذا هذا المال فاقتسماه ، فما كان من فضل فردّا ، فأمّا عثمان فحتاً ، وأما أنا فجثوت لركبتي قلت : وإن كان نقصان رددت علينا؟

فقال عمر : نشنشة من أخشنَ ـ يعني حجر من جبل ـ أما كان هذا عند الله إذ محمد وأصحابه يأكلون القدّ؟

قلت : بلى ، لقد كان عند الله ومحمد حيّ ، ولو عليه كان فتح لصنع فيه غير الذي تصنع.

قال : فغضب عمر ، وقال : إذاً صنع ماذا؟

قلت : إذن لأكل وأطعمنا.

قال : فنشج عمر حتى اختلفت أضلاعه. ثم قال : وددتْ أن خرجت منها كفافاً لا لي ولا عليَّ ).

ثم قال الزمخشري : ( هكذا جاء في الحديث مع التفسير ، وكأنّ الحجر سمي نشنشة من نشنشه ونصنصه إذا حرّكه.

والأخشن : الجبل الغليظ كالأخشب ، والخشونة والخشوبة اختان.

وفيه معنيان : أحدهما أن يشبهه بأبيه العباس في شهامته ورميه بالجوابات المصيبة ، ولم يكن لقريش مثل رأي العباس.

والثاني : إن يريد أن كلمته هذه منه حجر من جبل ، يعني أن مثلها

١٣٤

يجئ من مثله ، وأنه كالجبل في الرأي والعلم وهذه قطعة منه )(1) .

____________________

(1) الفائق في غريب الحديث 3 / 396 مادة ( نشنش ).

ومن الغريب أن يروي الزمخشري هذا في كتابه الفائق في مادة ( نشنش ) بينما ذكر هو في كتابه المستقصى في أمثال العرب 2 / 134 برقم 463 بلفظ ( شنشنة أعرفها من أحزم ) وهو المذكور في جملة من كتب الأمثال واللغة ، راجع جمهرة الأمثال لأبي هلال 1 / 443 برقم 998 ، ومجمع الامثال للميداني 2 / 155 ، ونهاية ابن الأثير 1 / 541 ، وقد ذكروا أن عمر بن الخطاب قاله في ابن عباس يشبّه في رأيه بأبيه ، ويقال إنه لم يكن لقريش مثل رأي العباس ابن عبد المطلب.

١٣٥

إحتجاجه على أهل الشورى

( كم تمنعون حقوقنا!؟ ).

كان ابن عباس في عهد عمر غالباً عليه كما مرّ عن مصادره في الجزء الثاني من الحلقة الأولى ، وقد قرأنا هناك ما به الإتفاق بينهما وما عليه الإختلاف بينهما ، وكان بالرغم من شدّة عمر وفظاظة خلقه يسمع من ابن عباس ما يثيره فلا ينقطع حبل الإتصال بينهما ؛ وقرأنا في إحتجاجه في بعض محاوراته ما أسمع عمراً كلاماً شديداً فتركه مخصوماً ؛ كما قرأنا عن مظاهر الغضبات العمرية لكنّها سرعان ما تزول ، كسحابة صيف عن قليل تقشع ، وعند قراءتنا لتلك المحاورات وقفنا على أسباب إستبعاد عمر لابن عباس عن ساحة الترشيح للخلافة ، لأنّه يخشى أن يأتي عليه الذي هو آت ـ يعني الموت ـ فيقول ابن عباس هلّم إلينا لا إليكم ـ يعني استرجاع الحق المغصوب لبني هاشم ـ وهذا ما كرهته قريش وما زالت تكرهه لأن تجتمع النبوة والخلافة في بني هاشم ، وكان عمر يجهر بذلك في حواره مع ابن عباس. ولمّا طُعن عمر كانت أحاديث تجري بينهما حول النفر المرشحين ، وقد أزرى عمر بمن سمّاهم بما يخدش المقام منهم أعظم الذم ، فقال في عليّ وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف وعثمان ما ينبغي له أن

١٣٦

لا يرشحهم ، حيث قال : ( يا بن عباس : إنّه لا يصلح لهذا الأمر إلاّ حصيف العقدة ، قليل الغرة ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، يكون شديداً من غير عنف ، ليّناً من غير ضعف ، سخياً من غير سرف ، ممسكاً من غير وكف

قال ـ ابن عباس ـ : ثم أقبل عليّ بعد أن سكت هنيهة ، وقال : أجرؤهم والله أن يحملهم على كتاب ربّهم وسنة نبيّه لصاحبك ، أما إن ولي أمرهم حملهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم ).

وقرأنا عن عملية الشورى وما أورثت الأمّة من ويلات ، وأنّه لم يشتت بين المسلمين ولا فرّق أهواءهم إلاّ الشورى كما رآها معاوية ، ومرّ خبره نقلاً عن ابن عبد ربه في ( العقد الفريد )(1) ، فراجع. ومرّت آراء آخرين في هذا.

وخدعة الشورى ما زالت نقطة مؤاخذة على من ابتدعها ، مهما تكلّف مَن حاول تبرير ما وقع فيها من الخطأ ، ولم يسع المؤرخون العمريون أن يتجاهلوا مواقف بني هاشم المستريبة منها والناقدة لما جرى فيها.

وقد قرأنا عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بعض ما جرى له مع النفر المرشحين ، وقرأنا عن العباس ما رأى وما قال ، وقرأنا عن ابن عباس بعض ما قاله ، فكان الولد سر أبيه كما في المثل ، وعلى حدّ قول الشاعر : ( ومن يشابه أبه فما ظلم ).

لقد كان ابن عباس في رأيه كأبيه العباس داهياً ، ثم فاق أباه بعلمه

____________________

(1) موسوعة عبد الله بن عباس / الحلقة الأولى 2 / 132.

١٣٧

فكان عالماً ومتكلماً جريئاً يقول الحق ، ولم تخدعه أسارير مفتوحة على قلوب مضطغنة ، وقد مرّت بنا في الحلقة الأولى ( سيرة وتاريخ ) بعض أخباره في الجزء الثاني وما كان منه مع عمر بن الخطاب كما تقدم.

ومرّت بنا عن قريب ما كان يدور بينهما من كلام يصح وصفه بأنّه محاورات إحتجاجية ، وابن عباس لم يكن يخفي ما في نفسه من شعور بالمرارة التي يعانيها هو وسائر أقربائه من بني هاشم من فوت الخلافة منهم ، وإستبعادهم عن مراكز القيادة في الدولة الإسلامية الفتيّة ، لولا أنّهم قوم صبروا على اللأواء ، كما قال سيدهم ومعلمهم : ( فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى )(1) .

ولمّا دالت الأيام ـ والأيام دول ـ لصالح عثمان بخدعة الشورى ـ وهي ( خدعة وأيّما خدعة ) كذا سماها الإمام عليه السلام كما في تاريخ الطبري وسير أعلام النبلاء(2) ـ وكانت محسوبة النتائج محسومة العواقب ، فكان ابن عباس يعلمها مثل إمامه عليه السلام وهي في رأيهما أنّها هي الخدعة.

وقد مرّ بنا ما رواه عبد الرزاق في ( المصنف ) ، والزمخشري في ( مختصر كتاب الموافقة بين أهل البيت والصحابة ) ، واللفظ له في حديث الشورى : ( وثب علي وعبد الله بن عباس ، فقال له عبد الله بن عباس :

خُدعت يا عليّ؟ فقال : وأيّ خدعة!! فسمعتها فاطمة بنت قيس ، فقالت : إنّ عبد الرحمن طلب الوثيقة لنفسه فأعطاه عثمان الثقة ، وأخذ عبد

____________________

(1) نهج البلاغة / الخطبة الشقشقية.

(2) تاريخ الطبري 4 / 238 ـ 239 ط محققة ، سير أعلام النبلاء 2 / 579 ط دار الفكر ـ

١٣٨

الرحمن لنفسه بالوثيقة ، فتكلمت بثلاث لغات في لغة واحدة )(1) . وما كانت الخدعة التي أرادها ابن عباس إلاّ التي ذكرتها فاطمة بنت قيس والتي كان إجتماع أصحاب الشورى في بيتها(2) ، فتلك هي المناورة من عبد الرحمن بن عوف في صرف الأمر عن أهل البيت عليهم السلام ، فإنّ في طلبه من الإمام أن يتعهّد بأن يسير بسيرة الخليفتين ـ أبي بكر وعمر ـ وهو يعلم أنّ عليّاً لا يرضى أن يتقيّد بسياستهما ، إنّما أراد أن يحرجه بل ويخرجه ليفسح المجال لاختيار عثمان ، وسرعان ما تحقق غرضه(3) .

وقد مرّت أقوال وآراء قدامى ومحدثين حول بيعة عثمان ، فكان من أبرع كتاب العصر في صراحته وصرامته هو الدكتور علي سامي النشار في كتابه ( نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام ) حيث قال : ( وقد أحس قلّة من خلص الصحابة أنّ الأمر نزع من علي للمرّة الثالثة ، وأنّه إذا كان الأمر قد سُلب منه أوّلاً لكي يُعطى للصاحب الأوّل ، ثم أخذ منه ثانياً لكي يعطى للصاحب الثاني ، فقد أخذ منه ثالثاً لكي يُعطي لشيخ متهاو متهالك ، لا يحسن الأمر ولا يقيم العدل ، ترك الأمر لبقايا قريش الضالة )(4) .

ومن خلّص الصحابة ما رواه التاريخ من كلام عمار والمقداد وابن

____________________

(1) أنظر الحلقة الأولى من هذه الموسوعة 2 / 148 ، نقلاً عن مختصر كتاب الموافقة بين أهل البيت والصحابة للزمخشري ، المصنف 5 / 407.

(2) أنظر الحلقة الأولى من هذه الموسوعة 2 / 148.

(3) أنظر الحلقة الأولى من هذه الموسوعة 2 / 132 ـ 133.

(4) نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام1 / 253 ط الرابعة دار المعارف بمصر 1966.

١٣٩

عباس ، والذي يعنينا فعلاً نقله ، هو ما قاله ابن عباس فيما رواه البياضي في كتابه ( الصراط المستقيم ) ، قال : ( وأسند الحاجب إلى ابن عباس أنّه قال يوم الشورى : كم تمنعون حقنا؟ وربّ البيت إنّ عليّاً هو الإمام والخليفة ، وليملكنّ من ولده أئمة أحد عشر يقضون بالحق ، أوّلهم الحسن بوصية أبيه إليه ، ثم الحسين بوصية أخيه إليه ، ثم ابنه عليّ بوصية أبيه إليه ، ثم ابنه محمد بوصية أبيه إليه ، ثم ابنه جعفر بوصية أبيه إليه ، ثم ابنه موسى بوصية أبيه إليه ، ثم ابنه علي بوصية أبيه إليه ، ثم ابنه محمد بوصية أبيه إليه ، ثم ابنه علي بوصية أبيه إليه ، ثم ابنه الحسن بوصية أبيه ، فإذا مضى فالمنتظر صاحب الغيبة(1) .

قال ـ الراوي ـ لابن عباس : من أين لك هذا؟ قال : إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علّم عليّاً ألف باب ، فتح له من كلّ باب ألف باب ، وأنّ هذا من ثَمَ )(2) .

____________________

(1) يشير إلى حديث اثني عشر خليفة ، من حديث جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة ) فقال كلمة صمّنيها الناس فقلت لأبي ما قال؟ قال : ( كلهم من قريش ) كما أخرج الحديث مسلم واحمد وغيرهما ، وقد ذكرت في كتاب ( علي إمام البررة 3 / 305 ـ 331 ) ما يتعلق بالحديث المذكور ، وإن الكلمة التي قالها صلى الله عليه وآله وسلم فضجّت الناس منها قال ( كلهم من بني هاشم ) كما في رواية ينابيع المودة ، ولابن عباس روايات في الأئمة الإثنا عشر ذكرت فيها اثني عشر حديثاً مع مصادرها موثقة تحسن مراجعة ذلك في الكتاب المذكور.

(2) الصراط المستقيم 2 / 151.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496