موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٩

موسوعة عبد الله بن عبّاس12%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 93253 / تحميل: 4730
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٩

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أبواب المستحقين للزكاة

١ -( باب أصناف المستحقين، وعدم اشتراط الإيمان في المؤلفة والرقاب، وسقوط المؤلفة الآن، وقبول دعوى الاستحقاق مع ظهور الكذاب، وأنه يعطى من يسأل ومن لا يسأل منهم)

[ ٧٧٤٩ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال: « هي للذين قال الله في كتابه:( لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) »(١) الخبر.

[ ٧٧٥٠ ] ٢ - وعن أبي بصير قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام :( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) (١) قال: « الفقير الذي يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس أجهد منهما ».

[ ٧٧٥١ ] ٣ - وعن زرارة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال:

____________________________

أبواب المستحقين للزكاة ووقت التسليم والنية

الباب - ١

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٥.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٨.

١٠١

« قلت: أرأيت قوله تعالى:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ) (١) إلى آخر الآية، كلّ هؤلاء يعطى أن كان لا يعرف، قال: « إنّ الإمام يعطي هؤلاء جميعاً، لأنهم يقرّون له بالطاعة، قال: قلت له: فإن كانوا لا يعرفون، فقال: يا زرارة، من كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف، لم يوجد لها موضع، وإنما كان يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه، وأمّا اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلّا من يعرف ».

[ ٧٧٥٢ ] ٤ - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، عن الفقير والمسكين، قال: « الفقير الذي يسأل، والمسكين أجهد منه، الذي لا يسأل ».

[ ٧٧٥٣ ] ٥ - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله:( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) قال: « هم السعاة ».

[ ٧٧٥٤ ] ٦ - وعن زرارة، قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « هم قوم وحدوا الله، وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله تبارك وتعالى، وشهدوا أن لا إله إلّا الله وأن محمّداً رسول الله، وهم في ذلك شكاك من بعد ما جاء به محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأمر الله نبيهم أن يتألفهم بالمال والعطاء، لكي يحسن

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٤.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩١ ح ٦٩.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩١ ح ٧٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٠٢

إسلامهم، ويثبتوا على دينهم، الذي قد دخلوا فيه وأقروا به » الخبر.

[ ٧٧٥٥ ] ٧ - وعن زرارة، وحمران، ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر، وأبي عبداللهعليهما‌السلام :( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « قوم تألفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقسّم فيهم الشئ » قال زرارة: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « فلما كان في قابل جاؤوا بضعف الّذين أخذوا، وأسلم (الناس كثيراً)(٢) قال: فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خطيباً، فقال: هذا خير أم الذي قلتم؟ قد جاؤوا من الإبل بكذا وكذا، ضعف ما أعطيتهم، وقد أسلم لله عالم وناس كثير، والذي نفسي بيده لوددت أن عندي ما أعطي كلّ انسان ديته، حتى يسلم لله ربّ العالمين ».

[ ٧٧٥٦ ] ٨ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ) (١) : « أعط في الله المستحقين من المؤمنين، على حبه للمال أو شدة حاجته هو إليه، يأمل الحياة ويخشى الفقر، لأنه صحيح شحيح( ذَوِي الْقُرْبَىٰ - إلى أن قال -وَالْمَسَاكِينَ ) (٢) مساكين الناس،( وَابْنَ السَّبِيلِ ) (٣) : المجتاز المنقطع به لا نفقة معه،( وَالسَّائِلِينَ ) (٤) : الّذين يتكففون ويسألون الصدقات،( وَفِي الرِّقَابِ ) (٥) المكاتبين يغنيهم ليؤدوا فيعتقوا » الخبر.

[ ٧٧٥٧ ] ٩ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

٧ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٢ ح ٧١.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في المصدر: ناس كثير.

٨ - تفسير الإمام العسكري (عيليه السلام) ص ٢٤٩.

(١ - ٥) البقرة ٢: ١٧٧.

٩ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١٠٣

سئل عن قول الله عزّوجلّ:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) (١) فقال: « الفقير الذي لا يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس الفقير أجهد منهما حالاً ».

[ ٧٧٥٨ ] ١٠ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) قال: « هم السعاة عليها، يعطيهم الإمام من الصدقة بقدر ما يراه، ليس في ذلك توقيت عليه ».

[ ٧٧٥٩ ] ١١ - وعن أبي جعفر بن عليعليهما‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ:( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « هم قوم يتألفون على الإسلام من رؤساء القبائل، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يعطيهم ليتألفهم، ويكون ذلك في كلّ زمان، إذا احتاج إلى ذلك الإمام فعله ».

[ ٧٧٦٠ ] ١٢ - وعن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن رسول الله صلوات الله عليهم، أنّه قال: « لا تحل الصدقة لغني، إلّا لخمسة: عامل عليها، أو غارم وهو الذي عليه الدين أو تحمل بالحمالة(١) ، أو رجل اشتراها بماله، أو رجل أهديت إليه ».

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٠ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) الحمالة: الدية والغرامة (لسان العرب ج ١١ ص ١٨٠).

١٠٤

[ ٧٧٦١ ] ١٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال: «( وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ ) (١) في الجهاد والحج، وغير ذلك من سبيل(٢) الخير،( وَابْنِ السَّبِيلِ ) (٣) الرجل يكون في السفر، فيقطع به نفقته، أو يسقط، أو يقع عليه اللصوص ».

[ ٧٧٦٢ ] ١٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم، فأردّها في فقرائكم ».

٢ -( باب أن من دفع الزكاة إلى غير المستحق، كغير المؤمن أو غير الفقير ونحوهما، ضمنها إلّا أن يكون اجتهد في الطلب فتحزيه، وأن من لم يعلم بوجوب الزكاة ثمّ علم، وجب عليه قضاؤها)

[ ٧٧٦٣ ] ١ - الجعفريات: اخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه: أن علياًعليهم‌السلام ، كان يقول: « الزكاة مضمونة، حتى توضع مواضعها ».

[ ٧٧٦٤ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

١٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١، ٣) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في المصدر: سبل.

١٤ - درر اللآلي: ج ١ ص ٢٠٦.

الباب - ٢

١ - الجعفريات ص ٥٤.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥١.

١٠٥

قال: « الزكاة مضمونة، حتى يضعها من وجبت عليه موضعها ».

٣ -( باب وجوب وضع الزكاة في مواضعها، ودفعها إلى مستحقها)

[ ٧٧٦٥ ] ١ - دعائم الإسلام: عن الوليد بن صبيح قال: قال لي شهاب: إني أرى بالليل أهوالاً عظيمة، وأرى امرأة تفزعني، فاسأل لي أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، عن ذلك، فسألته فقال: « هذا رجل لا يؤدّي زكاة ماله » فأعلمته فقال: بلى والله، إني لأعطيها، فأخبرته بما قال قال: « إن كان ذلك، فليس يضعها في مواضعها » فقلت ذلك لشهاب، فقال: صدق.

٤ -( باب اشتراط الإيمان والولاية في مستحق الزكاة، إلّا المؤلفة والرقاب والأطفال، وإن لم يجد للزكاة مستحقاً أو مؤمناً بعث بها إليهم، فإن تعذر جاز إعطاء المستضعف والانتظار، ويكره إعطاء السائل بكفه منها)

[ ٧٧٦٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية ».

[ ٧٧٦٧ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ولا يعطي الزكاة إلّا لأهل الولاية من المؤمنين، قيل له: فإذا لم يكن بالموضع وليّ محتاج إليها، قال: يبعث بها إلى موضع آخر،

____________________________

الباب - ٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٥.

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١٠٦

فيقسم في أهل الولاية، ولا تعط قوماً إن دعوتهم إلى أمرك لم يجيبوك، ولو كان الذبح - وأهوى بيده إلى حلقه - قيل له: فإن لم يوجد مؤمن مستحق، قال: يعطى المستضعفون الّذين لا ينصبون ».

[ ٧٧٦٨ ] ٣ - وعن علي (صلوات الله عليه)، أنّه استعمل مخنف بن سليم على صدقات بكر بن وائل، وكتب له عهدا كان فيه: « فمن كان من أهل طاعتنا من أهل الجزيرة، وفيما بين الكوفة وأرض الشام، فادّعى أنّه أدى صدقته إلى عمال الشام، وهو في حوزتنا ممنوع، قد حمته خيلنا ورجالنا، فلا يجوز(١) له ذلك، (وان الحق ما زعم)(٢) ، فأنه ليس له أن ينزل بلادنا، ويؤدي صدقة ماله إلى عدونا ».

[ ٧٧٦٩ ] ٤ - زيد النرسي في أصله: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سئل إذا لم نجد أهل الولاية، يجوز(١) أن نتصدق على غيرهم؟ فقالعليه‌السلام : « إذا لم تجدوا أهل الولاية في مصر تكونون فيه، فابعثوا بالزكاة المفروضة إلى أهل الولاية من غير مصركم ».

[ ٧٧٧٠ ] ٥ - تفسير العسكريعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ) (١) : « الواجبة عليه لإخوانه المؤمنين ».

[ ٧٧٧١ ] ٦ - الصدوق في المقنع: لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل

____________________________

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥٩.

(١) في المصدر: تُجْزِ.

(٢) في المصدر: وإن كان الحق على ما زعم.

٤ - زيد النرسي ص ٥٤.

(١) في المصدر: يجوز لنا.

٥ - تفسير الإمام العسكري ص ٢٥٠.

(١) البقرة ٢: ١٧٧.

٦ - المقنع ص ٥٢.

١٠٧

الولاية.

[ ٧٧٧٢ ] ٧ - أبو جعفر محمّد بن علي الطوسي في ثاقب المناقب: عن أبي الصلت الهروي، قال: حضرت مجلس الإمام محمّد بن علي بن موسى الرضاعليهم‌السلام ، وعنده جماعة من الشيعة وغيرهم، فقام إليه رجل - إلى أن قال - ثمّ قام إليه آخر وقال: يا مولاي - جعلت فداك - (إن لم أجد أحداً من شيعتكم، فإلى من أدفعه؟)(١) فقالعليه‌السلام : « إن لم تجد أحداً فارم بها في الماء، فأنها تصل إليه » [ قال فجلس الرجل ](٢) فلمّا انصرف من كان في المجلس قلت له: جعلت فداك يا سيدي، رأيت عجباً، قال: « نعم، تسألني عن الرجلين - إلى أن قال - وأمّا الآخر فأنه قم يسألني عن الزكاة، إن لم يجد أحداً من شيعتنا، فإلى من يدفعه؟ قلت له: إن لم تجد أحداً من الشعية فارم بها في الماء، فأنها تصل إلى أهلها ».

٥ -( باب عدم جواز دفع الزكاة إلى المخالف في اعتقاد الحق من الأصول: كالمجسمة، والمجبرة، والواقفية، والنواصب، وغيرهم)

[ ٧٧٧٣ ] ١ - الكشي في رجاله: عن حمدويه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن عمر، وعن محمّد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن الصدقة على الناصب وعلى

____________________________

٧ - ثاقب المناقب ص ٢٢٨

(١) مابين القوسين ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب - ٥

١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٩٤ ح ٤٠٩.

١٠٨

الزيدية؟ فقال: « لا تصدّق عليهم بشئ، ولا تسقهم من الماء إن استطعت، وقال في(١) الزيدية: هم النصاب ».

[ ٧٧٧٤ ] ٢ - وعن محمّد بن الحسن، عن أبي علي الفارسي، قال: حكى منصور، عن الصادق علي بن محمّد بن الرضاعليهم‌السلام : أنّ الزيدية والواقفية والنصاب، بمنزلة عنده سواء.

٦ -( باب أن حد الفقر الذي يجوز معه أخذ الزكاة، ان لا يملك مؤونة السنة له ولعياله فعلاً أو قوة، كذي الحرفة ولصنعة)

[ ٧٧٧٥ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة، قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال: « هي للذين قال الله في كتابه:( لِلْفُقَرَاءِ - إلى قوله -فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) (١) » الخبر.

[ ٧٧٧٦ ] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تحل الصدقة لغني، ولا لقوي مكتسب ».

[ ٧٧٧٧ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا تحل الصدقة لغني، إلّا لخمسة »، الخبر. وقد تقدم(١) .

____________________________

(١) في المصدر: لي.

٢ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٩٥ ح ٤١٠.

الباب - ٦

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٢ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٢٠ ح ٢٧.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب الحديث ١٢.

١٠٩

٧ -( باب جواز أخذ الفقير الزكاة، وإن كان له خادم ودابة ودار ممـّا يحتاج إليه، لا ما يزيد عن احتياجه، بقدر كفاية سنة)

[ ٧٧٧٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن علي(١) عليهما‌السلام ، أنّه قال: « لا بأس أن يعطى(٢) الزكاة، من له الدار والخادم والمائتا درهم ».

[ ٧٧٧٩ ] ٢ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أن عمر شيخ من أصحابنا، سأل عيسى بن أعين وهو محتاج، قال: فقال له عيسى: أما أن عندي شيئاً من الزكاة، ولا اعطيك منها شيئاً، قال: فقال له: لم؟ قال: لأني رأيتك اشتريت تمراً واشتريت لحماً، قال: إنما ربحت درهما، فاشتريت (به أربعين)(١) تمراً، وبدانق لحماً، ورجعت بدانقين لحاجة، قال: فوضع أبو عبداللهعليه‌السلام يده على جبهته، قال: ثمّ رفع رأسه فقال: « إنّ الله عزّوجلّ نظر في أموال الأغنياء، ونظر في الفقراء، فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفي به الفقراء، ولو لم يكفهم لزادهم، بلى فليعطه ما يأكل ويشرب ويكتسي ويتزوج ويصدّق ويحج ».

____________________________

الباب - ٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) في المصدر: جعفر بن محمّد.

(٢) وفيه: من الزكاة.

٢ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط ص ٢٢.

(١) في نسخة: بدانقين، والظاهر هو الصواب كما يظهر من سياق الحديث ومن تقسيم الدرهم إلى دوانق.

١١٠

٨ -( باب حكم من كان له مال يتجر به، ولا يربح فيه مقدار مؤونة سنة له ولعياله، أو وجه معيشته كذلك)

[ ٧٧٨٠ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة، قال: سألته عن الزكاة، لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال - إلى أن قال - « وقد تحل الزكاة لصاحب ثلاثمائة درهم، وتحرم على صاحب خمسين درهماً، فقلت له: وكيف يكون هذا؟ قال: إذا كان صاحب الثلاثمائة درهم له عيال كثير، فلو قسمها بينهم لم يكفهم، فليعفف(١) عنها نفسه وليأخذها لعياله، وأمّا صاحب الخمسين فأنها تحرم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها، وهو يصيب فيها ما يكفيه إن شاء الله ».

[ ٧٧٨١ ] ٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام ، يقول: « إنّ الزكاة تحل لمن له ثمانمائة درهم، وتحرم على من له خمسون درهماً، قال: قلت: وكيف ذلك؟ قال: يكون لصاحب الثمانمائة عيال، ولا يكسب ما يكفيه، ويكون صاحب الخمسين درهماً ليس له عيال، وهو يصيب ما يكفيه ».

____________________________

الباب - ٨

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) في المصدر: فلم يعفف.

٢ - كتاب حسين بن عفان بن شريك ص ١٠٨.

١١١

٩ -( باب أنّه لا يجوز دفع الإنسان زكاته إلى من تجب عليه نفقته، وهم: أبواه، وأجداده، وأولاده، وزوجاته، ومماليكه، دون بقية الأقارب)

[ ٧٧٨٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية، ولا تعطي من أهل الولاية: الأبوين، والولد، والزوجة(١) ، والمملوك، وكل من هو في نفقتك فلا تعطه ».

[ ٧٧٨٣ ] ٢ - الصدوق في المقنع: لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية، ولا تعط من أهل الولاية: الأبوين، والولد، ولا الزوج، والزوجة، والمملوك، ولا الجد والجدة، وكل من يجير(١) الرجل على نفقته.

١٠ -( باب جواز شراء الأب المملوك ونحوه من واجبي النفقة، من الزكاة وعتقه)

[ ٧٧٨٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن اشترى رجل اباه من زكاة ماله فاعتقه، فهو جائز ».

[ ٧٧٨٥ ] ٢ - الصدوق في المقنع: مثله.

____________________________

الباب - ٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) في المصدر زيادة: والصبي.

٢ - المقنع ص ٥٢.

(١) في المصدر: يجبر.

الباب - ١٠

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - المقنع ص ٥٢.

١١٢

١١ -( باب أنّه من كان عليه زكاة فأوصى بها، وجب إخراجها من الأصل، مقدماً على الميراث، وكان كالدين وحجة الإسلام)

[ ٧٧٨٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال في الرجل (وجبت عليه زكاة ماله)(١) ، فلم يخرجه(٢) حتى حضره الموت، فأوصى أن تخرج عنه: « أنها تخرج من جميع ماله، إلّا أن يوصي بإخراجها من ثلثه ».

١٢ -( باب كراهة اعطاء المستحق من الزكاة أقل من خمسة دراهم وعدم التحريم)

[ ٧٧٨٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يجوز في الزكاة أن يعطي أقل من نصف دينار ».

١٣ -( باب جواز إعطاء المستحق من الزكاة ما يغنيه، وأنه لا حد له في الكثرة، إلّا من يخاف منه الإسراف، فيعطى قدر كفايته لسنة)

[ ٧٧٨٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

الباب - ١١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥١.

(١) في المصدر: تجب عليه زكاة في ماله.

(٢) وفيه: يخرجها.

الباب - ١٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٢.

الباب - ١٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١١٣

قال: « ويعطى المؤمن من الزكاة، ما يأكل منه ويشرب، ويكتسي، ويتزوج، ويحج، ويتصدق، (ويوفي دينه)(١) ».

وتقدم(٢) مثله، عن كتاب عاصم بن حميد.

١٤ -( باب جواز تفضيل بعض المستحقين على بعض، واستحباب كون التفضيل لفضيلة، كترك السؤال، والديانة، والفقه، والعقل)

[ ٧٧٨٩ ] ١ - السيد علي بن طاووس في مهج الدعوات: فيما وجده من طريق الدعاء اليماني، قال: هذا لفظ ما وجدنا: حدّثنا الشريف أبو الحسين زيد بن جعفر العلوي المحمّدي، قال: حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عبدالله بن البساط - قراءة عليه - قال: حدّثنا المغيرة بن عمرو بن الوليد العرزمي المكي بمكة - قراءة عليه - قال: حدّثنا أبو سعيد (محمّد بن المفضل)(١) الحسيني - قراءة عليه - قال: حدّثنا أبو إسحاق (بن)(٢) إبراهيم بن محدم الشافعي، ومحمّد بن يحيى بن أبي عمر العبدي، قالا: حدّثنا فضيل بن عياض، عن عطاء بن السائب، عن طاووس، عن ابن عباس - في حديث طويل - ذكر فيه دخول الرجل اليماني، على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وشكايته عن عدوه، وتعليمهعليه‌السلام الدعاء المعروف - إلى أن قال - ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أتصدق بعشرة آلاف، فمن المستحق(٣) لذلك؟

____________________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) الباب: ٧ من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث ٢.

الباب - ١٤

١ - مهج الدعوات ص ١١٩.

(١) في المصدر: مفضل بن محمّد.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر: المستحقون.

١١٤

يا أمير المؤمنين، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فرّق ذلك في أهل الورع من حملة القرآن، فما تزكو الصنيعة إلّا عند أمثالهم، فيتقوون بها على عبادة ربهم وتلاوة كتابه » فانتهى الرجل إلى ما أشار به أمير المؤمنينعليه‌السلام .

١٥ -( باب عدم وجوب استعياب المستحقين بالإعطاء، والتسوية بينهم، واستحباب ذلك)

[ ٧٧٩٠ ] ١ - أحمد بن علي بن أبي طالب في الاحتجاج: عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي، قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام بمكة إذ دخل عليه أُناس من المعتزلة، فيهم عمرو بن عبيد - إلى أن قال - قال الصادقعليه‌السلام لعمرو: « ما تقول في الصدقة »؟ قال: فقرأ عليه هذه الآية( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) إلى آخرها قال: « نعم، فكيف تقسم بينهم؟ » قال: أقسمها على ثمانية أجزاء، فأعطي كلّ جزء من الثمانية جزءاً، قالعليه‌السلام : « إن كان صنف منهم عشرة آلاف، وصنف رجلاً واحداً و(٢) رجلين و(٣) ثلاثة، جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف؟! » قال: نعم، قال: « وكذا تصنع بين صدقات أهل الحضر وأهل البوادي، فتجعلهم فيها سواء؟! » قال: نعم، قال: « فخالفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في كلّ ما أتى به (في سيرته)(٤) ، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقسم صدقة أهل

____________________________

الباب - ١٥

١ - الاحتجاج ص ٣٦٤

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢، ٣) في المصدر: أو.

(٤) ليس في المصدر.

١١٥

البوادي في أهل البوادي، وصدقة الحضر في أهل الحضر، لا يقسمه(٥) بينهم بالسوية، إنما (يقسم على)(٦) قدر ما يحضره منهم، وعلى ما يرى، فإن كان في نفسك شئ ممـّا قلت(٧) فإن فقهاء أهل المدينة ومشيختهم كلهم، لا يختلفون في أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كذا كان يصنع ».

[ ٧٧٩١ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام : « أن علي بن أبي طالبعليه‌السلام يعطي الرجل زكاة ماله في هذه السهام بالحصص. للفقراء أهل العفة نصيب ولنسوانهم، ونصيب للسؤال، ونصيب في الرقاب، ونصيب في الغارمين. ونصيب في بني السبيل، وهو الضعيف المنقطع به ».

[ ٧٧٩٢ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام أنّه بعث إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من اليمن بذهبة في أديم مقروظ - يعني مدبوغ بالقرظ - لم تخلص(١) من ترابها، فقسمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين خمسة نفر: الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن بن بدر، وزيد الخيل، وعلقمة بن علاثة، وعامر بن الطفيل، فوجد(٢)

____________________________

(٥) في المصدر: يقسم، والظاهر أنّه أصوب.

(٦) وفيه: يقسمه.

(٧) وفيه زيادة: لك.

٢ - الجعفريات ص ٥٤.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) في المصدر: تُحَصَّل.

(٢) وَجَد: غضب (لسان العرب ج ٣ ص ٤٤٦).

١١٦

في ذلك ناس من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، فقال: « ألا تأمنوني!؟ وأنا أمين في(٤) السماء، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء ».

[ ٧٧٩٣ ] ٤ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن محمّد القصري، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الصدقة؟ فقال: « نعم(١) ، ثمنها(٢) فيمن قال الله » الخبر.

١٦ -( باب تحريم الزكاة الواجبة على بني هاشم، إذا كان الدافع من غيرهم)

[ ٧٧٩٤ ] ١ - الصدوق في الأمالي والعيون: عن ابن شاذويه المؤدب، وجعفر بن محمّد بن مسرور معاً، عن محمّد بن عبدالله الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضاعليه‌السلام ، فيما ذكرهعليه‌السلام من فضائل العترة، لعلماء العراق وخراسان، بحضرة المأمون، قالعليه‌السلام : « فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ونزه رسوله ونزه أهل بيته، فقال:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ

____________________________

(٣) في المصدر زيادة « وقالوا: نحن كنا أحقّ بهذا، فبلغه ذلكصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٤) وفيه: من في.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٤ ح ٨٠.

(١) نعم: ليس في المصدر.

(٢) وفيه: أقسمها.

الباب - ١٦

١ - أمالى الصدوق ص ٤٢٨، وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٢٣٨.

١١٧

وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) (١) فهل تجد في شئ من ذلك أنه سمى(٢) لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى، لأنه تعالى لما نزه نفسه، عن الصدقة، نزه رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونزه أهل بيته، لا بل حرّم عليهم، لأن الصدقة محرمة على محمد وآله وهي أوساخ أيدي الناس، لا تحل لهم لأنهم طهّروا من كلّ دنس ووسخ، فلما طهرهم الله عزّوجلّ [ و ](٣) اصطفاهم، رضي لهم ما رضي لنفسه، وكره لهم ما كره لنفسه عزّوجلّ ».

[ ٧٧٩٥ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي فمشيت معه، فممرنا بتمر مصبوب وأنا يومئذ غلام صغير(١) ، فجمزت(٢) فتناولت تمرة فجعلتها في فيّ، (فأخرج التمرة)(٣) بلعابها ورمى بها في التمر، وكان من تمر الصدقة، وقال: إنا أهل البيت(٤) لا تحل لنا الصدقة ».

[ ٧٧٩٦ ] ٣ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تحل الصدقة لي ولا لأهل بيتي، إن الصدقة أوساخ أموال(١) الناس، فقيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام :

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في الأمالي: جعل عزّوجلّ سهماً.

(٣) أثبتناه من المصدرين.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٥٨.

(١) ليس في المصدر.

(٢) جمز: عدا وأسرع. (مجمع البحرين ج ٤ ص ١٠).

(٣) في المصدر: فجاء رسول الله حتى أدخل إصبعه في فيَّ فأخرجها.

(٤) في نسخة: بيت، منه (قدّه).

٣ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٥٩.

(١) أموال: ليس في المصدر.

١١٨

الزكاة التي يخرجها الناس من ذلك ؟ قال: نعم ».

[ ٧٧٩٧ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « لا تحل لنا زكاة مفروضة، وما أبالي أكلت من زكاة أو شربت من خمر، إن الله حرم علينا من(١) صدقات الناس، أن نأكلها و(٢) نعمل عليها ».

[ ٧٧٩٨ ] ٥ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام (١) ، أنه نظر إلى الحسن بن عليعليهما‌السلام ، وهو طفل صغير قد أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فاستخرجها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من فمه وأنّ عليها لعابه، فرمى بها في تمر الصدقة حيث كانت، وقال: « إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة ».

[ ٧٧٩٩ ] ٦ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن العيص بن القاسم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن أناساً من بني هاشم، أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسألوه أن يستعملهم على صدقة المواشي والنعم، فقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله للعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، فنحن أول به، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بني عبد المطلب، إن الصدقة لا تحل لي ولا لكم، ولكن وعدت الشفاعة - ثم قال: أنا أشهد أنه قد وعدها - فما ظنكم يا بني عبد المطلب، إذ أحذت بحلقة باب الجنة، أتروني مؤثراً عليكم غيركم!؟ ».

____________________________

٤ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٥٩.

(١) من: ليس في المصدر.

(٢) وفيه: أو.

٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٦.

(١) لم يتبيّن من المصدر بأنّ هذه الرواية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٣ ح ٧٥.

١١٩

[ ٧٨٠٠ ] ٧ - الشيخ أبو علي الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن علي بن أحمد القلانسي، عن عبد الله بن محمد، عن عبد الرحمن بن صالح، عن موسى بن عثمان(١) ، عن أبي إسحاق السبيعي، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم: « أن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي » الخبر.

[ ٧٨٠١ ] ٨ - نهج البلاغة: ومن كلام لهعليه‌السلام : « وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها(١) ، كأنها(٢) عجنت بريق حية أو قيئها، فقلت: أَصِلة ؟ أم زكاة ؟ أم صدقة ؟ فذلك كله محرم علينا أهل البيت » الخبر.

[ ٧٨٠٢ ] ٩ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ ) (١) قالعليه‌السلام : « إعط لقرابة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الفقراء هدية أو براً، لا صدقة فإن الله تعالى قد أجلّهم عن الصدقة - إلى أن قال - (واليتامى، آت)(٢) اليتامى من بني هاشم الفقراء براً لا صدقة ».

[ ٧٨٠٣ ] ١٠ - سليم بن قيس الهلالي في كتابه: عن أمير المؤمنين

____________________________

٧ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٣١، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٧٥ ح ٩.

(١) كان في الطبعة الحجرية « عمران »، والصحيح أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال (راجع لسان الميزان ج ٦ ص ١٢٥).

٨ - نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٤٤ ح ٢١٩.

(١) شَنِئ الشئ: ابغضه (لسان العرب ج ١ ص ١٠١).

(٢) في المصدر: كأنّما.

٩ - تفسير الامام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٩.

(١) البقرة ٢: ١٧٧.

(٢) في المصدر: أرادوا.

١٠ - كتاب سليم بن قيس الهلالي ص ١٦٣.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

بين يدي محاوراته مع عثمان

لقد قرأنا في الجزء الثاني من الحلقة الأولى من هذه الموسوعة كثيراً من أخبار ابن عباس في أيام عثمان ، ولمّا كان حال عثمان غير خفيّ في التاريخ ، بالرغم من موضوعات زادت في تشويهه بأكاذيب أموية ، لكنها لم تصنع شيئاً ، فبقيت حال عثمان كما هي معلومة نسباً وحسباً وصحبةً ومصاهرةً وحكومةً وممارسةً وضلوعاً وإنصياعاً لبني أمية ، ما سببّت نقمة الناس عليه ، لأمور صدرت منه ومنهم ما كان ينبغى لمثله في سنّه وشأنه أن تنسب إليه فيؤاخذ عليها حتى أودت بحياته ، فكان كما قال عنه الدكتور طه حسين في كتابه ( الفتنة الكبرى ) :

( فأمّا عثمان فمهما يكن إعتذار أهل السنة والمعتزلة عنه ، فإنّه قد أسرف وترك عمّاله يسرفون في العُنف بالرعية ، ضرباً ونفياً وحبساً ، وهو نفسه قد ضرب أو أمر بضرب رجلين من أعلام أصحاب النبيّ ، فضرب عمار بن ياسر حتى أصابه الفتق ، وأمر من أخرج عبد الله بن مسعود من مسجد النبيّ إخراجاً عنيفاً ، حتى كسر بعض أضلاعه ).

وقال أيضاً : ( فهذه السياسة العنيفة التي تسلط الخليفة وعماله على أبشار الناس وأشعارهم وعلى أمنهم وحريتهم ليست من سيرة النبيّ ولا من سيرة الشيخين في شيء ).

١٤١

وقال أيضاً : ( والسياسة المالية التي أصطنعها عثمان منذ نهض بالخلافة كلّها موضوع النقمة والإنكار من أكثر الذين عاصروا عثمان ، ومن أكثر الرواة والمؤرخين ).

وقال أيضاً : ( ولو سار عثمان في الأموال العامّة سيرة عمر فلم ينفق المال إلاّ بحقه ، لجنّب نفسه وجنّب المسلمين شراً عظيماً ، ولكان من الممكن أن ينشئ الإسلام للإنسانية نظاماً سياسياً وإجتماعياً صالحاً يجنبّها كثيراً من الإضطراب الذي اضطرت إليه ، والفساد الذي تورطت فيه )(١) .

أقول : وعلى نحو ما مرّ من أقوال طه حسين نجد أقوال آخرين من الباحثين المحدثين ، ولا بدع لو التقت أراؤهم في نقد أفعاله وأختلفت أقوالهم في توجيه سياسته والتي رأوها جميعاً سياسية أموية رعناء جلبت له وللأمة كثيراً من الشر ، وكثرّت عليه أسباب النقمة ، بداية من المسلمين الصحابة في المدينة ، وسرعان ما أستطار شررها إلى بقية الأمصار ، فكثرت وفود الساخطين من العراق ومصر وغيرهما والتقوا بالصحابة فتفاقم الخطب.

وكانت شدّة المحنة والمعاناة عندما فزع الثوار إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يشكون حالهم ، فيسارع هو إلى عثمان ناصحاً في محاولات إصلاح بين الطرفين ، لكن عثمان لم يستجب للنصح ، بل وزاد في تعقيد الأمور إتهامه الإمام عليه السلام ما دام كثير من الثوار اتخذوه لجأً ، يرجون إغاثتهم

____________________

(١) الفتنة الكبرى ١ / ١٩٠ ـ ١٩٨.

١٤٢

من سوء أفعال عثمان وبطانته ، وكلّما دافع الإمام عليه السلام عن عثمان بالحسنى إزداد تصلّب الساخطين ، فآثر الإعتزال ليقضي الله أمراً كان مفعولاً ، غير أنّ عثمان وبتحريض من بني أمية كان يزداد غضباً وحنقاً عليه ، ممّا أضطر العباس بن عبد المطلب ومن بعده ابنه عبد الله حبر الأمة القيام بمحاولات إصلاحية أيضاً ولتهدئة الخواطر ، عسى أن تهدأ الفورة وتسكن الثورة ، ولم تنجح تلك المساعي ، لأنّ عثمان كان إذن شرّ يسمع لما يقوله له مروان وبني أمية.

ومع كثرة الشواهد على المساعي الإصلاحية التي بذلها الإمام عليه السلام وعمه العباس وابنه عبد الله ، كان عثمان يتهمهم في النصح ، مع أنّه لو أنصفهم لوجدهم أحرص الناس عليه وأرعى ذماماً له للقرابة النسبية منه ، وهذا ما سنقرأ بعضاً منه في مواقف العباس وابنه عبد الله بن عباس في إصلاح ذات البين ، لكن عثمان ـ كما قلناـ كان مغلوباً على أمره من قبل بني أمية ، وفي قلوبهم جميعاً من الحقد والشنآن على بني هاشم عموماً وعلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام خصوصاً ، ممّا طغى على لسان عثمان ، فأظهرته فلتات اللسان عن بعض ما يضمره الجنان من الحقد والشنآن ، فيقول للإمام عليه السلام مغاضباً وعاتباً : ( ما ذنبي إليك إذا لم تحبّك قريش وقد قتلت منهم سبعين ترد آنافهم الماء قبل شفاهم ) ، وفي لفظ آخر : ( كأن أعناقهم أباريق فضة ) ، ونحو هذا. ولقد همّ مرّة ـ وربما أكثر ـ بأن ينفي الإمام عليه السلام من المدينة كما صنع مع أبي ذر ، كما ستأتي الإشارة إليه في مواقف العباس الإصلاحية والإستصلاحية.

١٤٣

وإلآن إلى قراءة بعضها ، ولنبدأ بما رواه الطبري في تاريخه :

( بسند عن حمران بن أبان ، قال : أرسلني عثمان إلى العباس بعدما بويع فدعوته له ، فقال : مالك تعبدتني ـ ( تبعّدتني ظ )؟ قال : لم أكن قط أحوج إليك مني اليوم. قال ـ العباس ـ : الزم خمساً لا تنازعك الأمة خزائمها ما لزمتها. قال : وما هي؟ قال : الصبر عن القتل ، والتحبب ، والصفح ، والمدارات ، وكتمان السر )(١) .

ولكن عثمان لم يلتزم بنصيحة العباس ، بل استمر على حاله ، فاتسع الخرق على الراقع ، حتى عجز العباس من رأب الصدع ، مع ما كان فيه من حنكة رأي وجودة تدبير ، حتى قيل له داهية قريش ، ولمّا رأى تسافل الحال ونذر الشر بدت تلوح في الأفق ، فصار يدعو ربّه أن يسبق به أجله قبل وقوع الكارثة التي بدت بوادرها تنذر بشر مستطير فإستجاب له ربّه ، فما كانت إلاّ جمعة حتى لقي ربّه.

أمّا عن مواقفه في نصيحة عثمان في كفّ أذاه عن الإمام عليه السلام وعن الأمّة فهي متعددة ، أذكر بعضها :

فمنها ما ذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج ، قال :

( روى الزبير بن بكار في كتابه الموفقيات ، عن عبد الله بن عباس ، قال : ما سمعت من أبي شيئاً قط في أمر عثمان يلومه فيه ولا يعذره ، ولا سألته عن شيء من ذلك مخافة أن أهجم منه على ما لا يوافقه ، فأنا عنده

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤ / ٤٠٠ ط دار المعارف بمصر.

١٤٤

ليلة ونحن نتعشى إذ قيل هذا أمير المؤمنين عثمان بالباب ، فقال : أئذنوا له ، فدخل فأوسع له على فراشه وأصاب من العشاء معه ، فلمّا رفع قام من كان هناك وثبتّ أنا.

فحمد الله عثمان وأثنى عليه ، ثمّ قال : أمّا بعد يا خال فإنّي قد جئتك أستعذرك من ابن أخيك عليّ سبّني ، وشهر أمري ، وقطع رحمي ، وطعن في ديني ، وإنّي أعوذ بالله منكم يا بني عبد المطلب ، إن كان لكم حقّ تزعمون أنّكم غُلبتم عليه فقد تركتموه في يدي مَن فعل ذلك بكم ، وأنا أقرب إليكم رحماً منه ، وما لمت منكم أحداً إلاّ عليّاً ، ولقد دعيت أن أبسط عليه فتركته لله والرحم وأنا أخاف أن لا يتركني فلا أتركه.

قال ابن عباس : فحمد أبي الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أمّا بعد يا بن أختي فإن كنت لا تحمد عليّاً لنفسك فإنّي لا أحمدك لعليّ ، وما عليّ وحده قال فيك ، بل غيره ، فلو أنّك اتهمت نفسك للناس أتهم الناس أنفسهم لك ، ولو أنّك نزلت ممّا رقيت وأرتقوا ممّا نزلوا فأخذت منهم وأخذوا منك ما كان بذلك بأس.

قال عثمان : فذلك إليك يا خال وأنت بيني وبينهم.

قال : أفأذكر لهم ذلك عنك؟

قال : نعم ، وأنصرف.

فما لبثنا أن قيل : هذا أمير المؤمنين قد رجع بالباب ، قال أبي : أئذنوا له ، فدخل فقام قائماً ولم يجلس وقال : لا تعجل يا خال حتى أوذنك. فنظرنا فإذا مروان بن الحكم كان جالساً بالباب ينتظره حتى خرج فهو

١٤٥

الذي ثناه عن رأيه الأوّل.

فأقبل عليَّ أبي وقال : يا بني ما إلى هذا من أمره شيء. ثمّ قال : يا بني أملك عليك لسانك حتى ترى ما لابدّ منه. ثمّ رفع يديه فقال : اللّهمّ اسبق بي ما لا خير لي في إدراكه ، فما مرّت جمعة حتى مات رحمه الله )(١) .

ومنها ما رواه البلاذري في ( أنساب الأشراف ) ، بإسناده عن صهيب مولى العباس ، قال :

( إنّ العباس قال لعثمان : أذكرّك الله في أمر ابن عمك وابن خالك وصهرك ، وصاحبك مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد بلغني أنّك تريد أن تقوم به وبأصحابه.

فقال : أوّل ما أجيبك به أنّي قد شفعتك ، إنّ عليّاً لو شاء لم يكن أحد عندي إلاّ دونه ، ولكن أبى إلاّ رأيه. ثم قال لعليّ مثل قوله لعثمان.

فقال عليّ : لو أمرني عثمان أن أخرج من داري لخرجت )(٢) .

وهذا رواه ابن عساكر أيضاً في ( تاريخ مدينة دمشق ) ، بسنده عن صهيب مولى العباس ، وجاء في آخر قول الإمام عليه السلام : ( فأمّا أداهن أن لا

____________________

(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٢ / ٣٩٧.

وهذه الواقعة غير التي سبقتها وان عاصرتها زماناً ففي الاُولى كانت الشكوى في دار عثمان والعباس حاضر عنده. أمّا هذه فهي في دار العباس وعثمان حاضر عنده ، ولا مانع من تعدّدهما إذا عرفنا تخبّط السياسة يومئذ في معالجة مشاكل الناس وأستحواذ مروان على عثمان في تدبير أُموره.

(٢) أنساب الأشراف ١ / ٤٩٨ ـ ٤٩٩.

١٤٦

يقام بكتاب الله فلم أكن لأفعل )(١) .

وجاء الخبر في ( التعديل والتجريح ) مسنداً عن سهيل مولى العباس يقول : ( أرسلني العباس إلى عثمان أدعوه ، فأتاه فقال : أفلح الوجه أبا الفضل ، قال : ووجهك يا أمير المؤمنين. قال : عليّ ابن عمك وابن عمتك وصهرك وأخوك في دينك وصاحبك مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبلغني أنّك تريد أن تقوم به وبأصحابه. فقال : لو شاء عليّ ما كان دونه أحد ، ثم أرسلني إلى عليّ ، فقال : إنّ عثمان ابن عمك وابن عمتك وأخوك في دينك وصاحبك مع رسول صلى الله عليه وآله وسلم وولي بيعتك ، فقال : لو أمرتني أن أخرج من داري لفعلت )(٢) .

ومنها ما رواه البلاذري وغيره ، واللفظ له قال :

( حدثني عباس بن هشام ، عن أبيه ، عمّن حدثه ، عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عباس : إنّ عثمان شكا عليّاً إلى العباس فقال له : يا خال إنّ عليّاً قد قطع رحمي ، وألّب الناس عليَّ ، والله لئن كنتم يا بني عبد المطلب أقررتم هذا الأمر في أيدي بني تيمّ وعدي ، فبنو عبد مناف أحق أن لا تنازعوهم فيه ولا تحسدوهم عليه.

قال عبد الله بن العباس : فأطرق أبي طويلاً ، ثم قال : يا بن أخت لئن كنت لا تحمد عليّاً فما نحمدك له ، وأن حقك في القرابة والإمامة للحق الذي لا يُدفع ولا يجحد ، فلو رقيت فيما تطأطأ ، أو تطأطأت فيما رقي ،

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق ٣٩ / ٢٦٤ ط دار الفكر بيروت.

(٢) التعديل والتجريح ٣ / ١٠٠٧.

١٤٧

تقاربتهما ، وكان ذلك أوصل وأجمل.

قال : قد صيّرت الأمر عن ذلك إليك ، فقرّب الأمر بيننا.

قال : فلمّا خرجنا من عنده دخل عليه مروان فأزاله عن رأيه ، فما لبثنا أن جاء أبي رسول عثمان بالرجوع إليه ، فلمّا رجع ، قال : يا خال أحبّ أن تؤخر النظر في الأمر الذي ألقيت إليك حتى أرى من رأي.

فخرج أبي من عنده ثم التفت إلى فقال : يا بني ليس إلى هذا الرجل من أمره شيء ، ثم قال : اللهم أسبق بي الفتن ، ولا تبقني إلى ما لا خير لي في البقاء إليه ، فما كانت جمعة حتى هلك )(١) .

ويبدو لي تعدّد الوقائع مع تقارب الزمان بينهما ، ففي الرواية الأولى كانت الشكاة في دار العباس وقد أتاه عثمان بنفسه ليلة وأصاب معه من عشائه ثم نفث شكاته ، وفي الرواية الثانية التي رواها البلاذري بسنده عن ابن عباس أنّ التشاكي كان في دار عثمان ، وفي خبر التعديل والتجريح أنّ العباس أرسل مولاه سهيل فاستدعى عثمان إلى بيته ونصحه باستعمال الرفق واللين مع عليّ عليه السلام ، وفي كلّ الروايات قرأنا طرحاً إستصلاحياً يكاد النجاح حليفه ، لكن صراحة استحواذ مروان على عثمان في تخبطه السياسي فلم يدع مجالاً للعباس ولا لغيره أن يصلح بينه وبين الناس لمعالجة المشاكل العالقة يومئذ.

ويبدو لي أنّ العباس يأس من إصلاح ما أفسده بنو أمية من أمر

____________________

(١) أنساب الأشراف ١ / ق٤ / ٤٩٨ ـ ٤٩٩.

١٤٨

عثمان ، وتوقع المزيد من طوارق الحدثان تجتاح المجتمع الإسلامي في المدينة وغيرها ، ولذلك دعا أن يسبقها أجله ، فمرض فكان العوّاد يعودونه ، فكان آخر نصائحه لعثمان حين دخل عليه في مرضه الذي مات فيه :

( فقال ـ عثمان ـ : أوصني بما ينفعني ( الله ) به.

فقال : إلزم ثلاث خصال خواص تصيب بها ثلاث عوام ، فالخواص : ترك مصانعة الناس في الحق ، وسلامة القلب ، وحفظ اللسان ، تُصب بها سُرور الرعية ، وسلامة الدين ، ورضا الربّ )(١) .

ولشدّة اهتمامه بوحدة كلمة المسلمين وصلاح ذات البين كانت وصاياه لعثمان ، وكذلك كانت وصيته للإمام أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً ، وهي آخر وصية صدرت منه ، تكشف عن بُعد نظر في قراءة المستقبل المظلم الذي ستنتصر فيه قوى الشر على وحدة الخير ، ويكون عليّ عليه السلام ضحيتها ، لذلك كانت نظرة العباس تفيض بالألم على ما أصاب بني هاشم من تحديات وإحباطات سابقاً ، مضافاً إلى ما سيلاقونه لاحقاً من عقبات ومعادات من أعدائهم مع خذلان من أنصارهم ، إلاّ من رحم الله فحفظ فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقليلٌ ما هم.

كلّ هذا كان عند العباس بثاقب نظره رؤيا العين ، فهو إذ يوصي الإمام عليه السلام بتجنب المواجهة مع عثمان خشية عليه من أن يعصب به كلّ

____________________

(١) أخبار الدولة العباسية / ٢١.

١٤٩

الإضطغان القرشي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للدماء التي أُريقت في سبيل الإسلام ، من قريش وغيرهم ، والعباس كان يعرف كراهية قريش لبني هاشم منذ عهد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد مرّت بنا شواهد على ذلك.

والآن إلى قراءة وصيته لابن أخيه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام :

وصية العباس للإمام عليه السلام :

لقد سبق ذكر الوصية عند ذكر وفاة العباس ، إلاّ أنّ ثمة تفاوت وتعقيب وتذنيب اقتضى ذكرها ثانياً.

قال ابن أبي الحديد : ( قرأت في كتاب صنفه أبو حيان التوحيدي في تقريظ الجاحظ ، قال : نقلت من خط الصولي : قال الجاحظ : إنّ العباس بن عبد المطلب أوصى عليّ بن أبي طالب عليه السلام في علته التي مات فيها ، فقال : أي بُنيّ إنّي مشفٍ على الظعن عن الدنيا إلى الله الذي فاقتي إلى عفوه وتجاوزه أكثر من حاجتي إلى ما أنصحك فيه وأشير عليك به ، ولكن العِرق نبوض ، والرحم عروض ، وإذا قضيت حق العمومة فلا أبالي بعد ، إنّ هذا الرجل ـ يعني عثمان ـ قد جاءني مراراً بحديثك ، وناظرني ملايناً ومخاشناً في أمرك ، ولم أجد عليك إلاّ مثل ما أجد منك عليه ، ولا رأيت منه لك إلاّ مثل ما أجد منك له ، ولست تؤتى من قلّة علم ولكن من قلّة قبول ، ومع هذا كلّه فالرأي الذي أودّعك به أن تمسك عنه لسانك ويدك ، وهمزك وغمزك ، فإنّه لا يبدؤك ما لم تبدؤه ، ولا يجيبك عما لم يبلغه ،

١٥٠

وأنت المتجني وهو المتأني ، وأنت العائب وهو الصامت ، فإن قلت : كيف هذا وقد جلس مجلساً أنا به أحق ، فقد قاربت ولكن ذاك بما كسبت يداك ، ونكص عنه عقباك ، لأنّك بالأمس الأدنى هرولتَ إليهم ، تظن أنّهم يُحلّون جيدك ويُختمّون أصبعك ، ويطأون عقبك ، ويرون الرشد بك ، ويقولون لا بد لنا منك ، ولا معدل لنا عنك ، وكان هذا من هفواتك الكُبر ، وهناتك التي ليس لك منها عذر ، والآن بعد ما ثللت عرشك بيدك ، ونبذت رأي عمك في البيداء ، يتدهده(١) في السافياء(٢) ، خذ بأحزم ممّا يتوضح به وجه الأمر ، لا تشارّ هذا الرجل ولا تماره ، ولا يبلغه عنك ما يحنقه عليك ، فإنّه إن كاشفك أصاب أنصاراً ، وإن كاشفته لم تر إلا ضِراراً ، ولم تستلج إلاّ عثاراً ، واعرف مَن هو بالشام له ، وَمَن ههنا حوله ، ومن يطيع أمره ويمتثل قوله ، ولا تغترر بناس يطيفون بك ، ويدّعون الحنوّ عليك والحبّ لك ، فإنّهم بين مولى جاهل ، وصاحب متمنّ ، وجليس يرعى العين ويبتدر المحضر ، ولو ظن الناس بك ما تظن بنفسك لكان الأمر لك والزمام في يدك ، ولكن هذا حديث يوم مرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فات ، ثم حرم الكلام فيه حين مات ، فعليك الآن بالعزوف عن شيء عرضك له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يتم ، وتصدّيت له مرّة بعد مرّة فلم يستقم ، ومن ساور الدهر غُلِب ، ومن حرص على ممنوع تعب ، فعلى ذلك فقد أوصيت عبد الله بطاعتك ، وبعثته على متابعتك ، وأوجرته محبتك ، ووجدت عنده من ذلك ظني به لك ، لا

____________________

(١) يتدهده : يتدحرج.

(٢) السافياء : الريح التي تحمل التراب.

١٥١

توتر قوسك إلاّ بعد الثقة بها ، وإذا أعجبتك فأنظر إلى سيتها ، ثم لا تفوّق إلاّ بعد العلم ، ولا تغرق في النزع إلاّ لتصيب ، وأنظر لا تطرف يمينك عينَك ، ولا تجنِ شمالك شينك ، ودّعني بآيات من آخر سورة الكهف(١) ، وقم إذا بدا لك )(٢) .

تعقيب ابن أبي الحديد على الوصية :

قال ابن أبي الحديد بعد ذكره الوصية المتقدمة : ( قلت : الناس يستحسنون رأي العباس لعليّ عليه السلام في أن لا يدخل في أصحاب الشورى ، وأمّا أنّا فانّي أستحسنه إن قصد به معنى ، ولا أستحسنه إن قصد به معنى آخر ، وذلك لأنّه إن أجري بهذا الرأي إلى ترفّعه عليهم وعلوّ قدره عن أن يكون مماثلاً لهم ، أو أجري به إلى زهده في الإمارة ورغبته عن الولاية ، فكلّ هذا رأي حسن وصوابه ، وإن كان منزعه في ذلك إلى أنّك إن تركت الدخول معهم وانفردت بنفسك في دارك أو خرجت عن المدينة إلى بعض أموالك فإنّهم يطلبونك ويضربون إليك آباط الإبل حتى يولّوك الخلافة ، وهذا هو الظاهر من كلامه ، فليس هذا الرأي عندي بمستحسن ،

____________________

(١) هي قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً _ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً _ قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً _ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدا ً) الكهف / ١٠٧ ـ ١١٠.

(٢) شرح النهج لابن أبي الحديد ٣ / ٢٨٢ ط مصر الاُولى.

١٥٢

لأنّه لو فعل لولّوا عثمان أو واحداً منهم غيره ، ولم يكن عندهم من الرغبة إليه عليه السلام ما يبعثهم على طلبه ، بل كان تأخره عنهم قرّة أعينهم ، وواقعاً بإيثارهم ، فإنّ قريشاً كلّها كانت تبغضه أشد البغض ، ولو عمّر عمر نوح وتوصل إلى الخلافة بجميع أنواع التوصل كالزهد فيها تارة ، والمناشدة بفضائله تارة ، وبما فعله في ابتداء الأمر من إخراج زوجته وأطفاله ليلاً إلى بيوت الأنصار ، وبما اعتمده إذ ذاك من تخلّفه في بيته واظهار أنّه قد عكف على جمع القرآن ، وبسائر أنواع الحيل فيها لم تحصل له إلاّ بتجريد السيف كما فعله في آخر الأمر.

ولست ألوم العرب لا سيما قريشاً في بغضها له وانحرافها عنه ، فإنّه وترها وسفك دماءها ، وكشف القناع في منابذتها ، ونفوس العرب وأكبادها كما تعلم ، وليس الإسلام بمانع من بقاء الأحقاد في النفوس ، كما نشاهد اليوم عياناً ، والناس كالناس الأول ، والطبائع واحدة ، فأحسب أنّك كنت من سنتين أو ثلاث جاهلياً أو من بعض الروم وقد قتل واحد من المسلمين ابنك أو أخاك ثم أسلمت ، أكان اسلامك يُذهب عنك ما تجده من بغض ذلك القاتل وشنآنه ، كلا إنّ ذلك لغير ذاهب ، هذا إذا كان الإسلام صحيحاً والعقيدة محققة لا كإسلام كثير من العرب ، فبعضهم تقليداً ، وبعضهم للطمع والكسب ، وبعضهم خوفاً من السيف ، وبعضهم على طريق الحمية والإنتصار ، أو لعداوة قوم آخرين من أضداد الإسلام وأعدائه.

١٥٣

واعلم أنّ كلّ دم أراقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسيف عليّ عليه السلام وبسيف غيره ، فإنّ العرب بعد وفاته عليه السلام عصبت تلك الدماء بعليّ بن أبي طالب عليه السلام وحده ، لأنّه لم يكن في رهطه مَن يستحق في شرعهم وسنتهم وعادتهم أن يعصب به تلك الدماء إلاّ بعليّ وحده ، وهذه عادة العرب إذا قتل منها قتلى طالبت بتلك الدماء القاتل ، فإن مات أو تعذرت عليها مطالبته طالبت بها أمثل الناس من أهله. لمّا قتل قوم من بني تميم أخاً لعمرو بن هند ، قال بعض أعدائه يحرض عمراً عليهم :

من مبلغ عمراً بأن المرء لم يخلق صُباره

وحوادث الأيام لايبقى لها إلاّ لحجاره

ها إنّ عجزة أمه بالسفح أسفل من أواره

تسفي الرياح خلال كشيحه وقد سلبوا أزاره

فاقتل زرارة لا أرى في القوم أمثل من زرارة

أن يقتل زرارة بن عدس رئيس بني تميم ، ولم يكن قاتلاً أخا الملك ولا حاضراً قتله. ومن نظر في أيام العرب ووقائعها ومقاتلها عرف ما ذكرناه )(١) .

____________________

(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٣ / ٢٨٣ ط الأولى بمصر.

١٥٤

محاورات ابن عباس مع عثمان

بين يدي المحاورة الأولى :

نذكر ما روى الواقدي في كتاب ( الشورى ) عن ابن عباس رحمه الله قال :

( شهدت عتاب عثمان لعليّ عليه السلام يوماً فقال له في بعض ما قاله : نشدتك الله أن تفتح للفرقة باباً ، فلعهدي بك وأنت تطيع عتيقاً وابن الخطاب طاعتك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولستُ بدون واحد منهما ، وأنا أمسّ بك رحماً وأقرب إليك صهراً ، فإن كنت تزعم أنّ هذا الأمر جعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لك ، فقد رأيناك حين توفي نازعت ثمّ أقررت ، فإن كانا لم يركبا من الأمر جَداً فكيف أذعنت لهما بالبيعة وبخعت بالطاعة ، وإن كانا أحسنا فيما وليّا ولم أقصر عنهما في ديني وحسبي وقرابتي فكن لي كما كنت لهما.

فقال عليّ عليه السلام : أمّا الفرقة ، فمعاذ الله أن أفتح لها باباً وأسهّل إليها سبيلاً ، ولكني أنهاك عمّا ينهاك الله ورسوله عنه ، وأهديك إلى رشدك.

وأمّا عتيق وابن الخطاب ، فإن كانا أخذا ما جعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لي فأنت أعلم بذلك والمسلمون ، وما لي ولهذا الأمر وقد تركته منذ حين. فأمّا أن لا يكون حقي بل المسلمون فيه شرع ، فقد أصاب السهم الثغرة ،

١٥٥

وأمّا أن يكون حقي دونهم ، فقد تركته لهم طبت به نفساً ، ونفضت يدي عنه استصلاحاً.

وأمّا التسوية بينك وبينهما ، فلست كأحدهما ، إنّهما وليا هذا الأمر فطلقا أنفسهما وأهلهما عنه ، وعُمتَ فيه وقومك عوم السابح في اللجة ، فارجع إلى الله أبا عمرو وأنظر هل بقي من عمرك إلاّ كظمء الحمار ، فحتى متى وإلى متى؟ ألا تنهى سفهاء بني أمية عن أعراض المسلمين وأبشارهم وأموالهم؟ والله لو ظلم عامل من عمالك حيث تغرب الشمس لكان أثمه مشتركاً بينه وبينك.

قال ابن عباس : فقال عثمان : لك العتبى ، وافعل وأعزل من عمالي كلّ من تكرهه ويكرهه المسلمون.

ثمّ أفترقا ، فصدّه مروان بن الحكم عن ذلك ، وقال : يجتريء عليك الناس فلا تعزل أحداً منهم )(١) .

المحاورة الثانية :

روى الزبير بن بكار في كتاب ( الموفقيات ) بسنده عن ابن عباس S قال : ( صليت العصر يوماً ثمّ خرجت ، فإذا أنا بعثمان في أيام خلافته في بعض أزقة المدينة وحده ، فأتيته إجلالاً وتوقيراً لمكانه ، فقال لي : هل رأيت عليّاً؟

____________________

(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٢ / ٣٩٨ ط مصر الأولى.

١٥٦

قلت : خلّفته في المسجد ، فإن لم يكن الآن فيه فهو في منزله.

قال : أمّا منزله فليس فيه ، فابغه لنا في المسجد ، فتوجهنا إلى المسجد ، وإذا عليّ عليه السلام يخرج منه.

ـ قال ابن عباس : وقد كنت أمس ذلك اليوم عند عليّ فذكر عثمان وتجرّمه عليه ، وقال : أما والله يا بن عباس إنّ من دوائه لقطع كلامه وترك لقائه. فقلت له : يرحمك الله كيف لك بهذا ، فإن تركته ثمّ أرسل إليك فما أنت صانع؟ قال : أعتلّ وأعتلّ فمن يضرّني؟ قال : لا أحدـ

قال ابن عباس : فلمّا تراءينا له وهو خارج من المسجد ظهر منه من الالتفات والطلب للإنصراف ما أستبان لعثمان ، فنظر إليّ عثمان ، وقال : يا ابن عباس أما ترى ابن خالنا يكره لقاءنا؟

فقلت : ولِمَ وحقك ألزم وهو بالفضل أعلم.

فلمّا تقاربا رماه عثمان بالسلام فردّ عليه. فقال عثمان : إن تدخل فإياك أردنا ، وإن تمض فإياك طلبنا. فقال عليّ : أيّ ذلك أحببت. قال : تدخل ، فدخلا وأخذ عثمان بيده فأهوى به إلى القبلة فقصر عنها وجلس قبالتها ، فجلس عثمان إلى جانبه ، فنكصت عنهما ، فدعواني جميعاً فأتيتهما.

فحمد الله عثمان وأثنى عليه وصلّى على رسوله ، ثمّ قال : أمّا بعد يا ابنّي خاليّ وابنيّ عمّي فإذ جمعتكما في النداء فأستجمعكما في الشكاية على رضائي عن أحدكما ووجدي على الآخر ، إنّي أستعذركما من أنفسكما وأسألكما فياتكما وأستوهبكما رجعتكما ، فوالله لو غالبني الناس

١٥٧

ما أنتصرت إلاّ بكما ، ولو تهضّموني ما تعززت إلاّ بعزّكما ، ولقد طال هذا الأمر بيننا حتى تخوّفت أن يجوز قدره ويعظم الخطر فيه. ولقد هاجني العدو عليكما وأغراني بكما ، فمنعني الله والرحم ممّا أراد ، وقد خلونا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى جانب قبره ، وقد أحببت أن تظهرا لي رأيكما وما تنطويان لي عليه وتصدقا ، فإنّ الصدق أنجى وأسلم ، وأستغفر الله لي ولكما.

قال ابن عباس : فأطرق عليّ عليه السلام وأطرقت معه طويلاً. أمّا أنا فأجللته أن أتكلّم قبله ، وأمّا هو فأراد أن أجيب عنّي وعنه ؛ ثمّ قلت له : أتتكلم أم أتكلم أنا عنك؟ قال : بل تكلم عني وعنك.

فحمدت الله وأثنيت عليه ، وصلّيت على رسوله ، ثمّ قلت : أمّا بعد يا ابن عمنا وعمتنا ، فقد سمعنا كلامك لنا وخلطك في الشكاية بيننا على رضاك ـ زعمت ـ عن أحدنا ووجدك على الآخر ، وسنفعل في ذلك فنذمّك ونحمدك ، اقتداء منك بفعلك فينا ، فإنا نذمّ مثل تهمتك إيانا على ما اتهمتنا عليه بلا ثقة إلاّ ظنّاً ، ونحمد منك غير ذلك من مخالفتك عشيرتك ، ثمّ نستعذرك من نفسك استعذارك إيانا من أنفسنا ، ونستوهبك فياتك استيهابك إيانا فيأتنا ، ونسألك رجعتك مسألتك إيانا رجعتنا ، فإنّا معاً أيّما حمدت وذممت منّا كمثلك في أمر نفسك ، ليس بيننا فرق ولا إختلاف ، بل كلانا شريك صاحبه في رأيه وقوله ، فوالله ما تعلمنا غير معذّرين فيما بيننا وبينك ، ولا تعرفنا غير قانتين عليك ولا تجدنا غير راجعين إليك ،

١٥٨

فنحن نسألك من نفسك مثل ما سألتنا من أنفسنا.

وأمّا قولك : لو غالبني الناس ما أنتصرت إلاّ بكما ، أو تهضّموني ما تعزّزت إلاّ بعزّكما ، فأين بنا وبك عن ذلك ونحن وأنت كما قال أخو كنانة :

بدا بحتر ما رام نال وإن يرم

نخض دونه غمرا من الغر رائمه

لنا ولهم منا ومنهم على العدى

مراتب عزّ مصعدات سلالمه

وأمّا قولك في هيج العدو إياك وإغرائه لك بنا ، فوالله ما أتاك العدو من ذلك شيئاً إلاّ وقد أتانا بأعظم منه ، فمنعناه ما أراد ما منعك من مراقبة الله والرحم ، وما أبقيت أنت ونحن إلاّ على أدياننا وأعراضنا ومروآتنا ، ولقد لعمري طال بنا وبك هذا الأمر حتى تخوّفنا منه على أنفسنا وراقبنا منه ما راقبت.

وأمّا مساءلتك إيانا عن رأينا فيك وما ننطوي عليه لك ، فإنّا نخبرك أنّ ذلك إلى ما تحبّ لا يعلم واحد منّا من صاحبه إلاّ ذلك ، ولا يقبل منه غيره ، وكلانا ضامن على صاحبه ذلك وكفيل به ، وقد برّأت أحدنا وزكّيته وأنطقت الآخر وأسكته ، وليس السقيم منّا ممّا كرهت بأنطق من البري فيما ذكرت ، ولا البري منّا ممّا سخطت بأظهر من السقيم فيما وصفت ، فإمّا جمعتنا في الرضا وإمّا جمعتنا في السخط ، لنجازيك بمثل ما تفعل بنا في ذلك مكايلة الصاع بالصاع ، فقد أعلمناك رأينا وأظهرنا لك ذات أنفسنا

١٥٩

وصدقناك ، والصدق ـ كما ذكرت ـ أنجى وأسلم ، فأجب إلى ما دعوت إليه ، وأجلل عن النقص والغدر مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وموضع قبره ، وأصدق تنج وتسلم ، ونستغفر الله لنا ولك.

قال ابن عباس : فنظر إليّ عليّ عليه السلام نظر هيبة ، وقال : دعه حتى يبلغ رضاه فيما هو فيه. فوالله لو ظهرت له قلوبنا وبدت له سرائرنا حتى رآها بعينه كما يسمع الخبر عنها بإذنه ما زال متجرّماً منتقماً ، والله ما أنا ملقى على وضمة ، وإنّي لمانع ما وراء ظهري ، وانّ هذا الكلام لمخالفة منه وسوء عشرة.

فقال عثمان : مهلاً أبا حسن فوالله إنّك لتعلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصفني بغير ذلك يوم يقول وأنت عنده : إنّ من أصحابي لقوماً سالمين لهم وانّ عثمان لمنهم ، إنّه لأحسنهم بهم ظنّاً ، وأنصحهم لهم حبّاً.

فقال عليّ عليه السلام : فصدّق قوله صلى الله عليه وآله وسلم بفعلك ، وخالف ما أنت الآن عليه ، فقد قيل لك ما سمعت وهو كاف إن قبلت.

قال عثمان : تثق يا أبا الحسن؟

قال : نعم أثق ولا أظنك فاعلاً.

قال عثمان : قد وثقت وأنت ممن لا يخفر صاحبه ولا يكذّب لقيله.

قال ابن عباس : فأخذت بأيديهما حتى تصافحا وتصالحا وتمازحا ، ونهضت عنهما فتشاورا وتآمرا وتذاكرا ، ثمّ افترقا ، فوالله ما مرّت ثالثة حتى

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496