موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٩

موسوعة عبد الله بن عبّاس0%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

موسوعة عبد الله بن عبّاس

مؤلف: السيد حسن الموسوي الخرسان
تصنيف:

الصفحات: 496
المشاهدات: 87779
تحميل: 4043


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 87779 / تحميل: 4043
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء 9

مؤلف:
العربية

تعالجني وأعالجك فمر بي ـ يعني النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فقال : ( كأنّك تحبّه؟ ) ، فقلتُ : وما يمنعني؟ قال : ( أمّا انّه ليقاتلنك وهو لك ظالم )؟

فقال الزبير : اللّهمّ نعم ذكرتني ما نسيت ، وولّى راجعاً )(1) .

وروى البلاذري ، والذهبي ، وابن عساكر في تاريخه ، واللفظ له : ( إنّ ابن عباس قال للزبير يوم الجمل : يا بن صفية هذه عائشة تمتلك الملك لطلحة وأنت على ماذا تقاتل قريبك؟ فرجع )(2) .

( السفارة السادسة )

وهي آخر مرة لإتمام الحجة ، وللإعذار قبل الإنذار ، وقبل أن يسبق السيف العَذل ، فقد أرسله الإمام إلى الناكثين وهو يحمل مصحفاً منشوراً يدعوهم إلى ما فيه.

قال محمّد بن إسحاق : ( حدّثني جعفر بن محمّد ـ الصادق ـ عن أبيه ـ الباقر عليهما السلام ، عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال : بعثني عليّ عليه السلام يوم الجمل إلى طلحة والزبير وبعث معي بمصحف منشور ، وإنّ الريح لتصفق ورقه. فقال لي : ( قل لهما : هذا كتاب الله بيننا وبينكم فما تريدان؟

____________________

(1) الأغاني 16 / 127 ط الساسي.

في تاريخ الطبري 5 / 204 حوادث سنة 36 ط الحسينية : ( قال له : كنا نعدّك من بني عبد المطلب حتى بلغ ابنك ابن السوء ففرّق بيننا وبينك وعظم عليه أشياء فذكر ان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مرّ عليهما فقال لعلي : ما يقول ابن عمّك ليقاتلنك وهو لك ظالم ).

(2) تهذيب تاريخ ابن عساكر 5 / 367 ط دار المسيرة بيروت ، أنساب الأشراف ( ترجمة الإمام ) / 252 تحـ المحمودي ، تاريخ الإسلام 2 / 151ط القدسي.

٢٠١

فلم يكن لهما جواب إلاّ أن قالا : نريد ما أراد ، كأنّهما يقولان الملك. فرجعت إلى عليّ فأخبرته )(1) .

ولهذه السفارة حديث أوفى فيما رواه الشيخ المفيد في كتاب ( الجمل ) :

قال : ( ثمّ إنّ أمير المؤمنين عليه السلام رحل بالناس إلى القوم غداة الخميس لعشر مضين من جمادي الأولى ، وعلى ميمنته الأشتر ، وعلى ميسرته عمّار ابن ياسر ، وأعطى الراية محمّد بن الحنفية ابنه ، وسار حتى وقف موقفاً ، ثمّ نادى في الناس : ( لا تعجلوا حتى أعذر إلى القوم ). ودعا عبد الله بن العباس فأعطاه المصحف وقال : ( أمض بهذا المصحف إلى طلحة والزبير وعائشة ، وأدعهم إلى ما فيه ، وقل لطلحة والزبير : ألم تبايعاني مختارَين فما الذي دعاكما إلى نكث بيعتي ، وهذا كتاب الله بيني وبينكما؟ ).

قال عبد الله بن العباس : فبدأت بالزبير وكان عندي أبقاهما علينا ، وكلّمته في الرجوع ، وقلت له : إنّ أمير المؤمنين يقول لك : ألم تبايعني طائعاً فبم تستحل قتالي ، وهذا المصحف وما فيه بيني وبينك فإن شئت تحاكمنا إليه.

قال : ارجع إلى صاحبك فإنّا بايعنا كارهَين وما لي حاجة في محاكمته.

فانصرفت عنه إلى طلحة ، والناس يشتدون والمصحف في يدي ،

____________________

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد 2 / 499 ط مصر الأولى.

٢٠٢

فوجدته قد لبس الدرع وهو محتب بحمائل سيفه ودابته واقفة. فقلت له : إنّ أمير المؤمنين يقول لك ما حملك على الخروج وبما استحللت نقض بيعتي والعهد عليك؟

قال : خرجت أطلب بدم عثمان ، أيظن ابن عمك أنّه قد حوى على الأمر حين حوى على الكوفة وقد والله كتبت إلى المدينة يؤخذ لي بمكة.

فقلت له : أتق الله يا طلحة فإنّه ليس لك أن تطلب بدم عثمان ، وولده أولى بدمه منك ، هذا أبان بن عثمان ما ينهض في طلب دم أبيه.

قال طلحة : نحن أقوى على ذلك منه ، قتله ابن عمك وابتزّ أمرنا.

فقلت له : أذكرك الله في المسلمين وفي دمائهم ، وهذا المصحف بيننا وبينكم ، والله ما أنصفتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ حبستم نساءكم في بيوتكم ، وأخرجتم حبيسة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فأعرض عني ، ونادى أصحابه : ناجزوا القوم فإنّكم لا تقومون لحجاج ابن أبي طالب.

فقلت : يا أبا محمّد أبالسيف تخوّف ابن أبي طالب ، أما والله ليعاجلنك للسيف.

فقال : ذلك بيننا وبينكَ.

قال : فانصرفت عنهما إلى عائشة وهي في هودج مدقق بالدفوف(1) على جملها عسكر ، وكعب بن سور القاضي آخذ بخطامه ، وحولها ألازد

____________________

(1) أي مثبت بالسرج.

٢٠٣

وضبّة ، فلمّا رأتني قالت : ما الذي جاء بك يا بن عباس؟ والله لا سمعت منك شيئاً ، ارجع إلى صاحبك فقل له : ما بيننا وبينك إلاّ السيف ، وصاح مَن حولها : ارجع يا بن عباس لا يسفك دمك.

فرجعت إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأخبرته الخبر ، وقلت : ما تنتظر والله ما يعطيك القوم إلاّ السيف فأحمل إليهم قبل أن يحملوا عليك.

فقال : ( لنستظهر بالله عليهم ).

قال ابن عباس : فوالله ما رمت من مكاني حتى طلع عليَّ نشّابهم كأنّه جراد منتشر. فقلت : ما ترى يا أمير المؤمنين إلى ما يصنع القوم؟ مرنا ندفعهم.

فقال : ( حتى أعذر إليهم ثانية )(1) .

____________________

(1) الجمل / 180.

٢٠٤

ابن عباس وعائشة

لقد مرّت صفحات قرأنا فيها عرض الوقائع التاريخية التي أدّت إلى التأزم والتشنج بين ابن عباس وعائشة ، وذلك قبل أن تقوم الحرب على ساق. ولمّا قامت الحرب وأنتهت وقد قتل طلحة والزبير ، وبقيت عائشة تدير المعركة حتى إذا عُقر الجمل خسرت ربّة الجمل كثيراً من رصيدها عند ابن عباس ، بل وعند آخرين ممن تأثروا بخطبة الإمام عليه السلام التي أوضح فيها الحكم في قتال أهل القبلة ، وأنّه تحل دماء المقاتلين ولا تحل نساؤهم ، وقال فيها :

( وأمّا فلانة أدركها رأي النساء وضغن غلافي صدرها ، كمرجل القين ، ولو دعيت لتنال من غيري ما أتت إليّ لم تفعل ، ولها بعدُ حرمتُها الأولى والحساب عند الله ).

قال الشيخ محمد عبدة : ( المرجل القدر ، والقَين ـ بالفتح ـ الحداد ، أي أنّ ضغينتها وحقدها كانا دائمي الغليان ، كقدر الحداد ، فإنّه يغلي ما دام يصنع ، ولو دعاها أحد لتصيب من غيري غرضاً من الإساءة والعدوان مثل ما أتت إليّ ـ أي : فعلت بي ـ لم تفعل ، لأنّ حقدها كان عليّ خاصة أهـ )(1) .

____________________

(1) شرح نهج البلاغة لمحمد عبدة 2 / 63.

٢٠٥

وهذا هو الذي أهبط رصيدها عند ابن عباس وعند غيره ، ممن عرفوها بتلك الصفة ، وبقيت في النفوس مرارة فعلها وما قامت به من سفك الدماء بغير حق ، حتى أنّ أمير الشعراء شوقي خاطب الإمام عليه السلام بقوله :

يا جبلاً تأبى الجبال ما حمل

ماذا رمت عليك ربة الجمل

أثأر عثمان الذي شجاها

أم غصة لم ينتزع شجاعاً

قضية من دمه تبنيها

هبت لها واستنفرت بنيها

ذلك فتق لم يكن بالبال

كيد النساء موهن الجبال

وإنّ أم المؤمنين لامرأة

وإنّ تك الطاهرة المبرأة

أخرجها من كنّها وسنّها

ما لم يُزل طول المدى من ضغنها

وشّر من عداك من تقيه

وملتقي السلاح تلتقيه(1)

ولقد مرّت في الجزء الثالث من الحلقة الأولى صفحات عن ابن عباس مع عائشة من بعد الحرب وما جرى بينهما من محاورات أدت إلى أنْ غلبها ابن عباس بالحجة ، ولكنّها استكانت وبكت حتى سُمع نشيجها ، فلنقرأ تلك الصفحات من جديد :

أمر تسيير عائشة إلى المدينة :

لم يبق للإمام عليه السلام أمر أهمّه إلاّ إرجاع عائشة إلى بيتها ، ولمّا كان عليه السلام

____________________

(1) دول العرب وعظماء الإسلام / 54.

٢٠٦

يتّبع أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قتاله الناكثين فهو يقتفي ما رسم له ، وقد مرّت أحاديث دالة على ذلك. وثمة أحاديث أُخرى في خصوص تسيير عائشة.

فقد روى أبو رافع عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال لعليّ : ( سيكون بينك وبين عائشة أمر ، فإذا كان ذلك فأرددها إلى مأمنها ). قال ابن حجر : أخرجه أحمد والبزار بسند حسن(1) . وأخرجه السيوطي في ( الخصائص ) عنهما وعن الطبراني(2) .

وفي حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت : ( ذكر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم خروج بعض أمهات المؤمنين ، فضحكت عائشة ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( أنظري يا حميراء(3) ألاّ تكوني أنتِ ).

ثمّ التفت إلى عليّ ، فقال : ( يا عليّ إن وليتَ من أمرها شيئاً فأرفق بها )(4) .

إذن فعلى الإمام عليه السلام أن يتفرغ لذلك.

قال طه حسين : ( وكان من الأمور ذات الخطر التي أراد عليّ أن يفرغ

____________________

(1) فتح الباري 16 / 165.

(2) الخصائص 2 / 127 ط حيدر آباد الأولى.

(3) من الطريف أن ينكر ابن قيم الجوزية ورود حديث فيه لفظ ( الحميراء ) وتبعه في ذلك غير واحد. وكأنهم ـ فيما أحسب ـ من باب سد الذرائع عندهم انكروا ذلك ، لئلا يصدمهم حديث الحوأب وفيه ( إياك أن تكونيها يا حميراء ) ، أو يدمغهم حديث ام سلمة المار ذكره في المتن ، مع أن الأحاديث التي ورد فيها لفظ ( الحميراء ) نافت على العشرين ـ فيما أحصيت ـ وربّما فاتني غيرها. فلا يعقل أن تكون جميع تلك الأحاديث موضوعة ، وبينها ما هو ثابت بسند صحيح كحديث الحوأب ، وقد أدرجه ناصر الدين الألباني في كتابه سلسلة الأحاديث الصحيحة 1 / 267 ـ 277. وأفاض الكلام في سنده ودلالته ، والرد على من أنكره وهو سعيد الأفغاني ، فراجع ( إشعاع البتيراء على أحاديث الحميراء ) مخطوط للكاتب والبتيراء اسم للشمس كما في القاموس ( بتر ).

(4) أخرجه الحاكم في المستدرك 2 / 136 وصححه ، كما أخرجه البيهقي في الدلائل وغيره.

٢٠٧

منها قبل أن يترك البصرة ، ردّ عائشة إلى المدينة لتقرّ في بيتها كما أمرها الله )(1) .

ولمّا كان قد أنزلها في دار عبد الله بن خلف ، فصارت لجأً لفلول الجرحى وغيرهم من أصحابها ، فكان لابدّ له من إنذارها بالتهيوء للرحيل ، قبل أن يتعاظم الخطب بطول بقائها ، ومن ذا هو الرسول الذي سيرسله إليها ، وهو يعلم منها ـ لما يبلغه عنها ـ صلابة وعناداً. وهل لها إلاّ ابن عمّه عبد الله بن عباس الذي سبق له أن كان رسوله إليها قبل الحرب. وله مواقف معها من قبلُ دلّت على كفاءة عالية وقدرة في دحض حججها.

وقد ذكرت بعض المصادر ـ كما سيأتي بيانها ـ بأنّ الإمام عليه السلام إستدعاه عقب خطبته في ذم أهل البصرة ، فقال : ( أين ابن عباس؟ ). فدعي له من كلّ ناحية ، فأقبل إليه ، فقال : ( إئت هذه المرأة ومرها فلترجع إلى بيتها الذي أمرها الله أن تقرّ فيه ).

قال ابن عباس : فأتيتها وهي في دار بني خلف ، فطلبت الإذن عليها فلم تأذن.

وهنا سؤال يفرض نفسه ، لماذا لم تأذن عائشة لابن عباس؟ ولعلّ في استعراض مواقفه السابقة معها ، وما كان يدور بينهما من تشنج نجد جواب ذلك وهو الذي فرض على عائشة تصلّب موقفها في عدم الإذن.

وإذا رجعنا نستقرئ مواقف ابن عباس معها ، فعلينا أن نبدأ بها من يوم

____________________

(1) الفتنة الكبرى 2 / 59.

٢٠٨

اجتمع بها في الصلصل سنة 35 هـ حيث ضمّهما المنزل وكلاهما في الطريق إلى مكة ، وكان ابن عباس أمير الموسم في تلك السنة ، فحرّضته على عثمان ودعته إلى الهتاف بطلحة ، وقد مرّ بنا في الجزء الثالث من الحلقة الأولى خبر ذلك مفصّلاً.

ومن بعد ذلك كانت مواقف سفارته بين الإمام وبين زعماء الناكثين وهي منهم ، وكلّها كانت مواقف نصيحة لها من ابن عباس أن لا تخوض فيما وضع عنها وعن النساء ، وعليها أن ترجع إلى بيتها وتقرّ فيه كما أمرها الله ، ولكنه لم يجد لديها أذناً صاغية.

وآخر موقف كان قبيل نشوب الحرب ، إذ أرسله الإمام عليه السلام وهو يحمل مصحفاً ليدعو القوم إلى ما فيه فاجتمع بطلحة والزبير ، ولمّا أتى عائشة وكانت في هودجها تحفّها الأزد وضبّة ، وقد أخذ كعب بن سور القاضي بخطام الجمل ، فلمّا رأته نادته ما الذي جاء بك يا بن عباس ، والله ما سمعت منك شيئاً ، ارجع إلى صاحبك وقل له ما بيننا وبينك إلاّ السيف ، وتعاوت الغوغاء من حولها : ارجع يا بن عباس لا يسفك دمك.

فهذا التشنّج المذموم مع رسول يطلب حكم الكتاب لحقن الدماء ، لا شك له أثره في نفس ابن عباس ، كما لا شك أيضاً له ذكراه الأليمة في نفس قيادة مهزومة.

والآن أتاها وقد تبدّل الموقف على الساحة ، فهي كانت رأساً تقود جيشاً ، وأضحت الآن أسيرة حرب ، ورهينة مغلوبة. وأصبح ابن عباس قائداً

٢٠٩

منتصراً ، ورسولاً لإمام غدا مظفّراً ، فلعلّ شعورها بالفشل والخيبة دعاها إلى أن تحجب ابن عباس من الدخول عليها ، لئلا تراه في عزّ النصر ، ويراها في ذلّ الهزيمة.

أو لعلّها لم تأذن له لئلا يرى بيوتاً في دار ابن خلف ضمت فلول الناكثين ، أخفتهم معها حيث منحها الإمام عليه السلام الحماية الكافية ، فهي تحميهم بكنفها ، وإن شملهم العفو العام.

وما يدرينا لعلّهما معاً إعتملا في نفسها فلم تأذن له.

ومهما يكن مردّ ذلك المنع ، فلم يكن منعها برادع لابن عباس وهو رسول الإمام عليه السلام ، وحبر الأمة لا يخفى عليه وجه فقاهة الدخول بغير إذنها ، إلاّ أنّه الأدب القرآني الذي كان ابن عباس ترجمانه يأمره بالآية( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (1) .

ولعلّ عائشة أيضاً تخيّلت أنّها بمنعه من الدخول عليها ، ستغلبه بقوله تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النبيّ إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (2) .

ولم تدر أنّ ابن عباس أوعى منها لأحكام القرآن كما سيتبين ذلك عند قراءة نص المحاورة.

____________________

(1) النور / 27.

(2) الأحزاب / 53.

٢١٠

ماذا عن نص المحاورة؟

هذا موضوع استجدّ عندي بحثه بعد أن قرأت قريباً كتاب ( عائشة والسياسة ) لسعيد الأفغاني الشامي ، والرجل معروف من خلال كتابه ( الإسلام والمرأة ) ومعنّي بعائشة خاصة من خلال تحقيقه لكتاب ( الإجابة فيما استدركته عائشة على الصحابة ) للزركشي وقد طبعه بدمشق سنة 1358 هـ ، وتصاعدت حمّى الهيام بها فأخرج كتابه ( عائشة والسياسة ) وطبعه بالقاهرة سنة 1947 م. فقرأته من ألفه إلى يائه ـ كما يقولون ـ فرأيته في المقدمة ينأى بنفسه عن التقليد ، ويزعم لنفسه ( التحرّر من كثير من الآراء والمذاهب التاريخية التي يتعبد بها بعض الباحثين لعصرنا )(1) .

وقال : ( وعلى هذا فلست إذن متبعاً مذهباً ما ، ولن أخضع الحوادث لتفسير ما فأكلّف الأشياء غير طبائعها ، فلا أقول بالعلّية التاريخية المطردة ، ولا أقرّ ( الجبرية ) في التاريخ ، وأجد أبعد المذاهب عن الواقع وأنآها عن الحقّ والفطرة : مذهب التفسير المادي للتاريخ ).

وهذا نهج جيّد لو استقام على الطريقة ، ويستحق الإجادة حين رأيته ، قال : ( وأحبّ أن أنبّه هنا إلى خطأ يوقع كثيراً من الباحثين في القصور ، ذلك أنّهم يكتفون في بحوثهم في التاريخ العربي بالمصادر التاريخية فحسب ، فتجيء بحوثهم على ضلع ، ما تكاد تستقل واقفة ، وكم من حقائق تاريخية خلت منها مصادر التاريخ وزخرت بها كتب الأدب ودواوين

____________________

(1) عائشة والسياسة ، المقدمة / 3.

٢١١

الشعر وأن ما استفدته أنا من كتب اللغة والفقه والحديث والتفسير والأدب والأخبار لا يقلّ عمّا أصبته في مطوّلات التاريخ ).

فهذا أيضاً جيّد ونهج قويم لو لم يقل : ( ولابدّ من الإشارة إلى أنّي جعلت أكثر اعتمادي ـ بعد البحث في المصادر التاريخية ـ على تاريخ الطبري خاصة ، فهو أقرب المصادر من الواقع ، وصاحبه أكثر المؤرخين تحرّياً وأمانة ، وعليه اعتمد كلّ من أتى بعده من الثقات. وليس الكامل لابن الأثير إلاّ تاريخ الطبري منسّقاً مختصراً منه الأسانيد واختلاف الروايات ، وحسبك أنّ ابن خلدون فيلسوف المؤرخين نقل عنه حوادث الجمل ثمّ أدلى بهذه الشهادة القيّمة : ( هذا أمر الجمل ملخصاً من كتاب أبي جعفر الطبري ، اعتمدناه للوثوق به ولسلامته من الأهواء الموجودة في كتب ابن قتيبة وغيره من المؤرخين )(1) .

فأين التحرّر الذي زعمه أوّلاً؟! ثمّ أين الدعوة إلى قراءة الحقائق التاريخية في كتب اللغة والفقه والحديث والتفسير ...؟! ولِمَ نعى على الآخرين الإقتصار على المصادر التاريخية فحسب؟ فما دام قد أكثر الإعتماد على الطبري وليكن الباقي مرجعاً ثانوياً أو لا يكون. وهو لئن قارب الصواب حيناً فقد جانبه أحياناً ، ولست في مقام المؤاخذة والحساب على ما وجدته من هنات وهفوات في كتابه. ولقد سجلت ما عندي على هوامش صفحاته حين قراءتي له.

____________________

(1) تاريخ ابن خلدون 2 / 425 مطبعة النهضة سنة 1355 هـ.

أقول : لقد مرّ بالقارئ ما ذكرته من شواهد خداع وتضليل المؤرخين ما قاله ابن كثير ، ولدى المقارنة تبيّن ما ارتكبه من الخيانة. فراجع.

٢١٢

لكن ممّا ينبغي التنبيه عليه في المقام أن أشير إلى زلة من زلاّته ممّا يتعلق بابن عباس وهذا هو الذي حداني إلى ذكره في المقام.

فالأفغاني ناقش رواية ابن عباس لحديث الحوأب. وهذه نقطة أولى تقدمت الإشارة إليها في هامش بعض الصفحات قريباً ، واكتفيت برد ابن بلده ناصر الدين الألباني ، فراجع.

أمّا النقطة الثانية : فهي مناقشته حوار ابن عباس مع عائشة بالبصرة وقد أرسله الإمام عليه السلام إليها يأمرها بالتهيؤ للرحيل والعودة إلى بيتها الذي أمرها الله أن تقرّ فيه.

فلابدّ لي من عرض جميع ما وقفت عليه من نصوص المحاورة ثمّ عرض مناقشة الأفغاني بعد ذلك.

بين يديّ فعلاً من المصادر التي روت المحاورة أكثر من عشرين مصدراً ، تختلف في روايتها مسندة ومرسلة ، مختصرة ومفصّلة ، وهي موزّعة على القرون كالآتي :

فمن القرن الثالث :

1 ـ كتاب ( الجمل ) للواقدي المتوفى سنة 207 هـ وهذا بتوسط كتاب الشافي للمرتضى.

2 ـ ( أخبار الدولة العباسية ) ، مجهول المؤلف من القرن الثالث يميل المحققان له أنّه لابن النطّاح المتوفى سنة 252 هـ(1) .

____________________

(1) أخبار الدولة العباسية / 15 المقدمة ط دار الطليعة بيروت.

٢١٣

3 ـ تاريخ اليعقوبي المتوفى سنة 292 هـ.

4 ـ كتاب ( الفتن ) لنعيم بن حماد المتوفى سنة 229 هـ.

ومن القرن الرابع :

1 ـ تاريخ الفتوح لابن أعثم الكوفي المتوفى سنة 314 هـ.

2 ـ ( العقد الفريد ) لابن عبد ربه الاندلسي المتوفى سنة 328 هـ.

3 ـ ( البدء والتاريخ ) لأبي زيد البلخي المتوفى سنة 343 هـ(1) .

4 ـ ( مروج الذهب ) للمسعودي المتوفى سنة 346 هـ.

5 ـ ( شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار ) للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمّد التميمي المغربي المتوفى سنة 363 هـ.

6 ـ رجال الكشي ( معرفة أخبار الناقلين ) لأبي عمرو الكشي المتوفى قبل سنة 368 هـ. وهذا بتوسط ( إختيار الرجال ) للطوسي.

ومن القرن الخامس :

1 ـ ( الشافي ) للشريف المرتضى المتوفى سنة 436 هـ.

2 ـ ( تلخيص الشافي ) للشيخ الطوسي المتوفى سنة 460 هـ.

3 ـ ( إختيار الرجال ) للشيخ الطوسي المتوفى سنة 460 هـ.

____________________

(1) قال كاتب جلبي في كشف الظنون : وهو كتاب مفيد مهذب عن خرافات العجائز وتزاوير القصاص لأنه تتبع فيه صحاح الأسانيد أقول : وقد طبع في باريس سنة 1916 ميلادية بعناية كليمان هوار ، وكتب في صفحة العنوان المنسوب إلى أبي زيد أحمد بن سهل البلخي وهو لمطهر بن طاهر المقدسي.

٢١٤

ومن القرن السادس :

1 ـ ( مصباح الأنوار ) للشيخ هاشم بن محمّد المتوفى بعد سنة 552 هـ.

ومن القرن السابع :

1 ـ ( الجوهرة في نسب النبيّ وأصحابه العشرة ) لمحمّد بن أبي بكر بن عبد الله بن موسى الأنصاري التلمساني المشهور بالبرّيّ.

2 ـ ( الحدائق الوردية ) لحميد بن أحمد المحلي الشهيد المتوفى سنة 652 هـ.

3 ـ ( تذكرة خواص الأمة ) لسبط ابن الجوزي المتوفى سنة 654 هـ.

4 ـ ( شرح نهج البلاغة ) لابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي المتوفى سنة 655 هـ.

ومن القرن الثامن :

ومن القرن التاسع :

1 ـ ( شرح صحيح مسلم ) للأبي المالكي المتوفى سنة 827 هـ.

ومن القرن العاشر :

ومن القرن الحادي عشر :

ومن القرن الثاني عشر :

1 ـ ( سمط النجوم العوالي ) للعصامي المكي المتوفى سنة 1111 هـ.

2 ـ ( بحار الأنوار ) للشيخ المجلسي المتوفى سنة 1111 هـ.

3 ـ ( الدرجات الرفيعة ) للسيد علي خان المدني الشيرازي المتوفى سنة 1120 هـ.

ومن القرن الثالث عشر :

1 ـ شعب المقال لأبي القاسم النراقي المتوفى سنة 1319 هـ.

٢١٥

2 ـ أعيان الشيعة ج3 ق2 للسيد الأمين.

3 ـ أحاديث أم المؤمنين عائشة للسيد مرتضى العسكري من المعاصرين.

4 ـ عائشة والسياسة لسعيد الأفغاني من المعاصرين.

ولمّا كانت مصادر القرون المتأخرة مصادر ثانوية ، خصوصاً القرون ( 10 ، 11 ، 12 ، 13 ، 14 ) فإنّها تستقي معلوماتها من المصادر الأولى لتصريح أربابها بذلك ، إذن لا حاجة بنا إلى الرجوع إليها إلاّ إذا دعت الحاجة إلى تصحيح المعلومة فيها ، كما سيأتي منا في محاسبة سعيد الأفغاني على ذلك.

أمّا مصادر القرون الأولى من الثالث وحتى التاسع ، فبعضها يروي المحاورة بسند متصل وقد يختلف عن سند الآخرين ، كما أنّ رواية المحاورة تتفاوت قليلاً أو كثيراً ، وذلك مسؤولية الرواة ولا ضير ، وبمقارنة بين النصوص المتشابهة يجعلنا أكثر إطمئناناً بما ورد في خصوص مصادر القرنين الثالث والرابع.

وسوف نأتي بنص المحاورة نقلاً منها على إختلاف روايتها في القرون الأولى ، ومنها :

نص المحاورة في مصادر القرن الثالث :

1 ـ قال السيد المرتضى :

( فإنّ الواقدي روى بإسناده ، عن شعبة ، عن ابن عباس ، قال : أرسلني عليّ عليه السلام إلى عائشة بعد الهزيمة وهي في دار الخزاعيين يأمرها أن ترجع إلى بلادها.

٢١٦

قال : فجئتها فوقفت على بابها ساعة لا تأذن لي ، ثمّ أذنت(1) ، فدخلت ولم يوضع لي وسادة ولا شيء أجلس عليه ، فالتفت فإذا وسادة في ناحية البيت على متاع فتناولتها ووضعتها ثمّ جلست عليها.

فقالت عائشة : يا بن عباس أخطأت السنّة تجلس على متاعنا بغير إذننا.

فقلت لها : ليست بوسادتك ، تركتِِ متاعك في بيتك الذي لم يجعل الله لكِ بيتاً غيره.

فقالت : والله ما أحبّ أنّي أصبحت في منزل غيره.

قلت : أمّا حين اخترتِ لنفسكِ فقد كان الذي رأيتِ.

فقالت : أيّها الرجل أنت رسول فهلمّ ما قيل لك؟

قال : فقلت : إنّ أمير المؤمنين عليه السلام يأمرك أن ترحلي إلى منزلكِ وبلدكِ.

فقالت : ذاك أمير المؤمنين عمر.

قال ابن عباس : فقلت : أمير المؤمنين عمر والله يرحمه ، وهذا والله أمير المؤمنين.

فقالت : أبيتُ ذلك.

فقلت : أما والله ما كان إلاّ فواق ناقة غير غزير حتى ما تأمرين ولا تنهين كما قال الشاعر الأسدي :

ما زال إهداء القصائد بيننا

شتم الصديق وكثرة الألقاب

____________________

(1) لم يرد هذا في غير هذا المصدر ، وأما في بقية المصادر دخل عليها بغير إذنها ، وهو الصحيح إذ ورد فيها قوله عائشة : أخطأت السنة دخلت منزلي بغير اذني.

٢١٧

حتى تركتِ كأنّ أمركِ فيهم

في كل ناحية طنينُ ذباب(1)

قال ابن عباس : فوالله يعلم لبكت حتى سمعت نشيجها.

فقالت : أفعل ، ما بلد أبغض إليَّ من بلد لصاحبك مملكة فيه ، وبلد قتل فيه أبو محمّد وأبو سليمان ـ تعني طلحة بن عبيد الله وابنه ـ.

فقلت : أنتِ والله قتلتهما.

قالت : وأجلهما إلى سباق.

قلت : لا ولكنكِ لما شجّعوكِ على الخروج خرجتِ ، فلو أقمتِ ما خرجا.

قال : فبكت مرّة أخرى أشد من بكائها الأوّل. ثمّ قالت : والله لئن لم يغفر الله لنا لنهلكن ، نخرج لعمري من بلدك ، فأبغض بها والله بلداً إليَّ وبمن فيها.

فقلت : والله ما هذا جزاؤنا وما هي بأيدينا عندك ولا عند أبيك ، لقد جعلنا أباكِ صدّيقاً وجعلناكِ للناس أمّاً.

____________________

(1) ما أستشهد به الحبر ابن عباس من أبيات للحضرمي بن عامر الأسدي وقد ذكرها ابن دريد في المجتنى / 104 بتفاوت يسير ، وأولها :

ما زال إهداء الضغائن بيننا

شتم الصديق وكثرة الألقاب

حتى تركت كأن أمرك فيهم

في كلّ مجمعة طنين ذباب

أهلكت جندك من صديق فالتمس

جنداً تعيش به من الأوغاب

الخ.

٢١٨

فقالت : أتمنّون عليَّ برسول الله.

قلت : إي والله لأمنّن بهِ عليكِ ، والله لو كان لكِ لمننتِ به.

قال ابن عباس : فقمت وتركتها ، فجئت عليّاً عليه السلام فأخبرته خبرها وما قلت لها.

فقال عليه السلام :( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (1) (2) .

وهذا رواه الشيخ الطوسي في ( تلخيص الشافي ) أيضاً ملحقاً بـ ( الشافي ).

2 ـ أخبار الدولة العباسية ، قال :

( لمّا فرغ عليّ رحمة الله عليه ورضوانه من قتال أهل البصرة ، بعث ابن عباس إلى عائشة رضي الله عنها وهي في ذكر شيء ( والصواب في دار بني خلف ) خلف الستر ، فأتاها ابن عباس فاستأذن في الدخول فلم تأذن له ، فدخل من غير إذن ، فلم تطرح له شيئاً يقعد عليه ، فأخذ وسادة فجلس عليها.

فقالت : أخطأت السنّة يا بن عباس ، دخلتَ علينا من غير إذن ، وجلستَ على مقرمتنا من غير أمرنا.

فقال : ما أنتِ والسنّة ، نحن علّمناكِ وأباكِ السنّة ، ونحن أولى بها منكِ ، والله ما هو بيتكِ ، وإنّما بيتكِ الذي خلّفكِ فيه رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم فخرجتِ منه ظالمة لنفسكِ ، فأوردتِ من بنيكِ ممّن أطاعكِ موارد الهلكة ، ولو كنتِ في بيتكِ الذي خلّفكِ فيه رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم لم ندخله إلاّ بإذنكِ ، إنّ أمير المؤمنين يأمرك

____________________

(1) آل عمران / 34.

(2) الشافي / 292 ط حجرية.

٢١٩

بتعجيل الرحلة إلى المدينة وقلّة العرجة.

قالت : أردت عمر بن الخطاب؟

قال : عليّ والله أمير المؤمنين وإن تربّدت فيه وجوه ، وأرغمت فيه أنوف ( معاطس ) ، والله إن كان إباؤك لعظيم الشؤم ، ظاهر النكد ، وما كان مقدار طاعتك إلاّ مقدار حلب شاة ، حتى صرتِ تأمرين فلا تطاعين ، وتدعين فلا تجابين ، وما مثلكِ إلاّ كما قال أخو بني أسد :

ما زال يهدي والهواجر بيننا

شتم الصديق وكثرة الألقاب

حتى تركتِ كأنّ صوتك فيهم

في كل ناحية طنينُ ذباب

فانتحبت حتى سُمع حنينها من وراء الستر ، ثمّ قالت : والله ما في الأرض بلدة أبغض إليَّ من بلدة أنتم بها معاشر بني هاشم.

فقال : والله ما ذاك يدنا عندكِ وعند أبيكِ ، لقد جعلنا أباكِ صدّيقاً وهو ابن أبي قحافة(1) ، وجعلناكِ للمؤمنين أمّاً وأنت ابنة أم رومان(2) .

____________________

(1) كان منادي عبد الله بن جدعان على مائدته وأجرته أربعة دوانيق ـ المنمق لمحمّد بن حبيب / 465 ، وإرشاد القلوب بتوسط سفينة البحار ( قحف ).

(2) اختلف مترجموها مع الصحابة في نسبها وفي أسمها وفي وفاتها ، وربّما هناك علة أخرى أغفلوها إكراماً لابنتها ، وإلا فلا معنى لتعيير ابن عباس لها بأمها فيقول لها : وأنت بنت أم رومان. وأكد ذلك تعيير محمّد بن الحنفية لعبد الله بن الزبير بها في المسجد الحرام على رؤوس الأشهاد فلم يردّ عليه. فقد روى اليعقوبي في تاريخه 3 / 8 ط النجف ، والمسعودي في مروج الذهب 3 / 80 ط دار الأندلس واللفظ له : قال : خطب ابن الزبير فنال من عليّ : فبلغ ذلك ابنه محمّد بن الحنفية فجاء حتى وضع له كرسي قدّامه فعلاه وقال : يا معشر قريش شاهت الوجوه

٢٢٠