موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٩

موسوعة عبد الله بن عبّاس0%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

موسوعة عبد الله بن عبّاس

مؤلف: السيد حسن الموسوي الخرسان
تصنيف:

الصفحات: 496
المشاهدات: 87815
تحميل: 4043


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 87815 / تحميل: 4043
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء 9

مؤلف:
العربية

قالت : أتمنّون عليَّ برسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم؟

قال : إي والله أمّن عليكِ بمن لو كان فيكِ قلامةٌ منه مننتِ به على الخلق ، وإنّما نحن دمه ولحمه ، وأنتِ حشية من تسع حشايا خلّفهنّ رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ، والله ما أنتِ بأطولهنّ طولاً ، ولا أنضرهنّ عوداً.

فانصرف ابن عباس وأخبر عليّاً بالذي جرى. فقال : أنا كنت سديد الرأي حيث أرسلتك إليها )(1) .

3 ـ تاريخ اليعقوبي :

( ووجّه ابن عباس إلى عائشة يأمرها بالرجوع ، فلمّا دخل عليها ابن عباس ، قالت : أخطأت السنّة يا بن عباس مرتَين ، دخلت بيتي بغير إذني ، وجلست على متاعي بغير أمري.

____________________

أينتقص عليّ وأنتم حضور؟ ان عليّاً كان سهماً صادقاً ( صارماً ) احد مرامي الله على أعدائه يقتلهم لكفرهم فعاد ابن الزبير إلى خطبته وقال عذرت بني الفواطم يتكلمون فما بال ابن الحنفية؟ فقال محمّد : يا بن ام رومان وما لي لا أتكلم الخ. وقبل هذين العلمين ـ ابن عباس ومحمّد بن الحنفية ـ كان تعيير أبيها لها كما في مسند أحمد 4 / 271 ـ 272 فقد روى النعمان بن بشير قال جاء أبو بكر يستأذن على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فأذن له فدخل فقال يا ابنة أم رومان وتناولها

فأم رومان التي عيّروا عائشة بها هي غير التي في رواية جابر عند الدارقطني والبيهقي وغيرهما ، ان امرأة ارتدت عن الإسلام يقال لها ( أم رومان ) فبلغ أمرها إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فأمر أن تستتاب فإن تابت وإلاّ قتلت كما في المجموع للنووي 19 / 226 ط دار الفكر ، والاقناع في حلّ ألفاظ أبي شجاع 2 / 206 ، ونيل الأوطار 8 / 3 ومصادر أخرى.

(1) أخبار الدولة العباسية / 125 تحـ د عبد العزيز الدوري ود عبد الجبار المطلبي ط دار الطليعة بيروت.

٢٢١

قال : نحن علمنا أباك السنّة ، إنّ هذا ليس ببيتكِ ، بيتكِ الذي خلّفك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم به ، وأمركِ القرآن أن تقرّي فيه.

وجرى بينهما كلام موضعه في غير هذا من الكتاب (؟)(1) .

4 ـ كتاب ( الفتن ) لنعيم بن حماد ، عن ابن عباس ، قال :

( دخلت على عائشة ، فقلت : السلام عليك يا أمهُ.

قالت : وعليك يا بُني.

قال : قلت لها : ما أخرجك علينا مع منافقي قريش؟

قالت : كان ذلك قدراً مقدوراً )(2) .

نص المحاورة في مصادر القرن الرابع :

1 ـ كتاب ( الفتوح ) لابن أعثم الكوفي المتوفى نحو سنة 314 هـ ( ذكر ما جرى من الكلام بين عبد الله بن عباس وبين عائشة لمّا أنفذه إليها برسالته عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه M ) ، قال :

( ثمّ دعا عليّ رضي الله عنه بعبد الله بن عباس ، فقال له : ( اذهب إلى عائشة فقل لها أن ترتحل إلى المدينة كما جاءت ولا تقيم بالبصرة ).

فأقبل إلى عائشة فاستأذن عليها ، فأبت أن تأذن له ، فدخل عبد الله بغير إذن ، ثمّ التفت فإذا راحلة عليها وسائد فأخذ منها وسادة وطرحها ثمّ

____________________

(1) تاريخ اليعقوبي 2 / 159.

(2) كتاب الفتن لنعيم بن حماد نسخة مصورة عن نسخة متحف لندن بمكتبتي ( وص 47 من المطبوع بتحقيق سهيل زكار حديثاً ).

٢٢٢

جلس عليها.

فقالت عائشة : يا بن عباس أخطأت السنّة ، دخلتَ منزلي بغير إذني.

فقال ابن عباس : لو كنتِ في منزلكِ الذي خلّفك فيه رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم لما دخلت عليك إلاّ بإذنكِ ، وذلك المنزل الذي أمركِ الله عليه السلام أن تقرّي فيه ، فخرجتِ منه عاصية لله عليه السلام ولرسوله محمّد صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم. وبعد فهذا أمير المؤمنين يأمركِ بالإرتحال إلى المدينة فارتحلي ولا تعصي.

فقالت عائشة : رحم الله أمير المؤمنين ذاك عمر بن الخطاب.

فقال ابن عباس : وهذا والله أمير المؤمنين وإن رغمت له الأنوف ، وأربدّت له الوجوه.

فقالت عائشة : أبيتُ ذلك عليكم يا بن عباس.

فقال ابن عباس : لقد كانت أيّامك قصيرة المدة ، ظاهرة الشؤم ، بيّنة النكد ، وما كنتِ في أيامكِ إلاّ كقدر حلب شاة حتى صرتِ ما تأخذين وما تعطين ولا تأمرين ولا تنهَين وما كنت إلاّ كما قال أخو بني أسد حيث يقول :

ما زال إهداء القصائد بيننا

شتم الصديق وكثرة الألقاب

حتى تُركتِ كأن قولكِ فيهم

في كل محتفل طنين ذباب

قال : فبكت عائشة بكاءً شديداً ، ثمّ قالت : نعم والله أرحل عنكم ، فما

٢٢٣

خلق الله بلداً هو أبغض إليّ من بلد أنتم به يا بني هاشم.

فقال ابن عباس : ولم ذلك؟ فوالله ما هذا بلاؤنا عندك يا بنت أبي بكر.

فقالت عائشة : وما بلاؤكم عندي يا بن عباس؟

قال : بلاؤنا عندكِ إنّا جعلناكِ للمؤمنين أمّاً وأنتِ بنت أم رومان ، وجعلنا أباك صدّيقاً وهو ابن أبي قحافة ، وبنا سُمّيت أم المؤمنين لا بتيم وعديّ.

فقالت عائشة : يا بن عباس أتمنّون عليّ برسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم؟

فقال : ولم لا نمنّ عليك برسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم؟ ولو كانت فيك شعرة منه أو ظفر لمننتِ علينا وعلى جميع العالمين بذلك. وبعد فإنّما كنتِ إحدى تسع حشايا من حشاياه ، لستِ بأحسنهنّ وجهاً ، ولا بأكرمهنّ حسباً ، ولا بأرشحهنّ عرقاً ، وأنتِ الآن تريدين أن تقولي ولا تُعصَين ، وتأمري ولا تخالفين ، ونحن لحم الرسول صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ودمه ، وفينا ميراثه وعلمه.

فقالت عائشة : يا بن عباس ما باذل لك عليّ بن أبي طالب؟

فقال ابن عباس : أما والله أقرّ له وهو أحق به مني وأولى ، لأنّه أخوه وابن عمه ، وزوج الطاهرة ابنته وأبو سبطيه ، ومدينة علمه ، وكشاف الكرب عن وجهه ، وأمّا أنتِ فلا والله ما شكرتِ نعماءَنا عليكِ وعلى أبيكِ من قبلكِ.

٢٢٤

ثمّ خرج وسار إلى عليّ فأخبره بما جرى بينه وبين عائشة من الكلام.

فدعا عليّ ببغلة رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم فاستوى عليها ، وأقبل إلى منزل عائشة ، ثمّ استأذن ودخل ، فإذا عائشة جالسة وحولها نسوة من نساء أهل البصرة وهي تبكي وهنّ يبكين معها.

قال : ونظرت صفية بنت الحارث الثقفية امرأة عبد الله بن خلف الخزاعي إلى عليّ ، فصاحت هي ومن كان معها هناك من النسوة وقلّن بأجمعهنّ : يا قاتل الأحبة ، يا مفرّق بين الجمع ، أيتم الله منك بنيك كما أيتمت ولد عبد الله بن خلف.

فنظر إليها عليّ فعرفها ، فقال : ( أما إنّي لا ألومك أن تبغضيني وقد قتلت جدك في يوم بدر ، وقتلت عمك يوم أحد ، وقتلت زوجك الآن ، ولو كنت قاتل الأحبة كما تقولين لقتلت مَن في هذا البيت ومن في هذه الدار ).

قال : فأقبل عليّ على عائشة ، فقال : ( ألا تنحين كلابك هؤلاء عني ، أمّا إنني قد هممت أن أفتح باب هذا البيت فأقتل مَن فيه ، وباب هذا البيت فأقتل مَن فيه ، ولولا حبّي للعافية لأخرجتهم الساعة ، فضربت أعناقهم صبراً ).

قال : فسكتت عائشة وسكتت النسوة فلم تنطق واحدة منهن.

قال : ثمّ أقبل على عائشة فجعل يوبّخها ويقول : ( أمركِ الله أن تقرّي في بيتك وتحتجبي بستركِ ولا تبرّجي ، فعصيته وخضّبت الدماء ، تقاتليني

٢٢٥

ظالمة ، وتحرضين عليّ الناس ، وبما ( وبنا / ظ ) شرّفك الله وشرّف أباك من قبلك وسمّاك أم المؤمنين ، وضرب عليكِ الحجاب ، قومي الآن فارحلي ، واختفي في الموضع الذي خلّفكِ فيه رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم إلى أن يأتيكِ فيه أجلكِ ). ثمّ قام عليّ فخرج من عندها.

قال : فلمّا كان من الغد بعث إليها ابنه الحسن ، فجاء الحسن ، فقال لها : يقول لك أمير المؤمنين : أما والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لئن لم ترحلي الساعة لأبعثنّ عليك بما تعلمين.

قال : وعائشة في وقتها ذلك قد ضفرت قرنها الأيمن وهي تريد أن تضفر الأيسر ، فلمّا قال لها الحسن ما قال ، وثبت من ساعتها ، وقالت : رحلوني.

فقالت لها امرأة من المهالبة : يا أم المؤمنين جاءك عبد الله بن عباس فسمعناك وأنت تجاوبينه حتى علا صوتك ثمّ خرج من عندك وهو مغضب ، ثمّ جاءك الآن هذا الغلام برسالة أبيه فأقلقكِ وقد كان أبوه جاءكِ فلم نرَ منكِ هذا القلق والجزع؟

فقالت عائشة : إنّما أقلقني لأنه ابن بنت رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ، فمن أحبّ أن ينظر رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم فلينظر إلى هذا الغلام ، وبعد فقد بعث إليّ أبوه بما قد علمت ولابدّ من الرحيل.

فقالت لها المرأة : سألتك بالله وبمحمّد صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم إلاّ

٢٢٦

أخبرتني بماذا بعث إليكِ عليّ رضي الله عنه؟

فقالت عائشة رضي عنها : ويحكِ إنّ رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم أصاب من مغازيه نفلاً ، فجعل يقسّم ذلك في أصحابه ، فسألناه أن يعطينا منه شيئاً وألححنا عليه في ذلك ، فلامنا عليّ رضي الله عنه وقال : حسبكنّ أضجرتنّ رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ، فتجهمناه وأغلظنا له في القول ، فقال :( عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ ) (1) فأغلظنا له أيضاً في القول وتجهّمناه ، فغضب النبيّ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم من ذلك وما استقبلنا به عليّاً ، فأقبل عليه ثمّ قال : ( يا عليّ إنّي قد جعلت طلاقهنّ إليك ، فمن طلقتها منهنّ فهي بائنة ) ، ولم يوقّت النبيّ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم في ذلك وقتاً في حياة ولا موت. فهي تلك الكلمة ، وأخاف أن أبين من رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم )(2) .

2 ـ ( العقد الفريد ) لابن عبد ربه الأندلسي المتوفى سنة 328 هـ :

____________________

(1) التحريم / 5.

(2) كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي 2 / 334 ـ 338 ط أفست دار الندوة الجديدة عن الطبعة الاُولى بحيدر آباد.

قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 4 / 234 : وقد قيل ان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فوّض أمر نسائه بعد موته وجعل إليه أن يقطع عصمة أيّهنّ شاء إذا رأى ذلك ، وله من الصّحابة جماعة يشهدون له بذلك فقد كان قادراً على أن يقطع عصمة ام حبيبة ويبيح نكاحها الرجال عقوبة لها ولمعاوية اخيها فانها كانت تبغض عليّاً كما يبغضه أخوها ولو فعل ذلك لانتهش لحمه ، وهذا قول الإمامية وقد رووا عن رجالهم انه عليه السلام تهدد عائشة بضرب من ذلك. وقارن مناقب ابن شهر اشوب 1 / 397 ط الحيدرية كلام عائشة في ذلك وقول خطيب خوارزم :

عليّ في النساء له وحي

أمين لم يمانع بالحجاب

٢٢٧

( عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : لمّا انقضى أمر الجمل دعا عليّ بن أبي طالب بآجرتين فعلاهما ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : ( يا أنصار المرأة ، وأصحاب البهيمة ، رغا فجئتم ، وعقر فهُزمتم ، نزلتم شرّ بلاد ، أبعدها من السماء ، بها مغيض كلّ ماء ، ولها شر أسماء ، هي البصرة والبصيرة والمؤتفكة وتدمر. أين ابن عباس؟ ).

قال : فدُعيت له من كلّ ناحية ، فأقبلتُ إليه.

فقال : ( إئتِ هذه المرأة ، فلترجع إلى بيتها التي أمرها الله أن تقرّ فيه ).

قال : فجئت فاستأذنت عليها فلم تأذن لي ، فدخلت بلا إذن ، ومددت يدي إلى وسادة في البيت فجلست عليها.

فقالت : تالله يا بن عباس ما رأيت مثلك ، تدخل بيتنا بلا إذننا ، وتجلس على وسادتنا بغير أمرنا.

فقلت : والله ما هو ببيتكِ ، ولا بيتكِ إلاّ الذي أمرك الله أن تقرّي فيه فلم تفعليّ ، إنّ أمير المؤمنين يأمركِ أن ترجعي إلى بلدكِ الذي خرجتِ منه.

قالت : رحم الله أمير المؤمنين ، ذاك عمر بن الخطاب.

قلت : نعم ، وهذا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب.

قالت : أبيتُ أبيت.

قلت : ما كان إباؤكِ إلاّ فواق ناقة بكيئة(1) ثمّ صرتِ ما تحلين ولا

____________________

(1) الفُواق ( بضم الفاء وفتحها ) : ما بين الحلبتين من الوقت ، لأن الناقة تحلب ثمّ تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدرّ ثمّ تحلب ، والبكيئة من النوق : التي قلّ لبنها.

٢٢٨

تمرّين ، ولا تأمرين ولا تنهين.

قال : فبكت حتى علا نشيجها ، ثمّ قالت : نعم ارجع ، فإنّ أبغض البلدان إليَّ بلدٌ أنتم فيه.

قلت : أما والله ما كان ذلك جزاؤنا منكِ ، إذ جعلناكِ للمؤمنين أمّاً ، وجعلنا أباكِ لهم صدّيقاً.

قالت : أتمنّ عليَّ برسول الله يا بن عباس؟

قلت : نعم نمنّ عليكِ بمن لو كان منكِ بمنزلته منّا لمننتِ به علينا.

قال ابن عباس : فأتيت عليّاً فأخبرته ، فقبّل بين عينيّ ، وقال : بأبي( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (1) )(2) .

3 ـ ( البدء والتاريخ ) المنسوب لأبي زيد البلخي المتوفى سنة 340 هـ :

( وجاء ابن عباس ، فقال : إنّما سميتِ أم المؤمنين بنا؟

قالت : نعم.

قال : أولسنا أولياء زوجك؟

قالت : بلى.

قال : فلم خرجت بغير إذننا؟

قالت : قضاء وأمر )(3) .

____________________

(1) آل عمران / 34.

(2) العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي 4 / 328 تحـ أحمد أمين ورفيقيه ط مصر والآية.

(3) البدء والتاريخ 5 / 215 ط باريس أفست.

٢٢٩

4 ـ ( مروج الذهب ) للمسعودي المتوفى سنة 346 هـ :

( وبعث عبد الله بن عباس إلى عائشة يأمرها بالخروج إلى المدينة ، فدخل عليها بغير إذنها ، واجتذب وسادة فجلس عليها.

فقالت له : يا بن عباس أخطأت السنّة المأمور بها دخلت إلينا بغير إذننا ، وجلست على رحلنا بغير أمرنا.

فقال لها : لو كنتِ في البيت الذي خلّفك فيه رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ما دخلنا إلاّ بإذنكِ ، وما جلسنا على رحلكِ إلاّ بأمركِ ، وإنّ أمير المؤمنين يأمركِ بسرعة الأوبة ، والتأهب للخروج إلى المدينة.

فقالت : أبيت ما قلت ، وخالفت ما وصفت.

فمضى إلى عليّ فخبّره بامتناعها ، فردّه إليها ، وقال : إنّ أمير المؤمنين يعزم عليكِ أن ترجعي ، فأنعمت وأجابت إلى الخروج ، وجهّزها عليّ.

وأتاها في اليوم الثاني ودخل عليها ومعه الحسن والحسين وباقي أولاده وأولاد أخوته وفتيان أهله من بني هاشم وغيرهم من شيعته من همدان. فلمّا بصرت به النسوان صحن في وجهه وقلن : يا قاتل الأحبة.

فقال : ( لو كنت قاتل الأحبة لقتلت مَن في هذا البيت ) ، وأشار إلى بيت من تلك البيوت قد اختفى فيه مروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عامر وغيرهم.

٢٣٠

فضرب مَن كان معه بأيديهم إلى قوائم سيوفهم لما علموا مَن في البيت مخافة أن يخرجوا منه فيغتالوه.

فقالت له عائشة بعد خطب طويل كان بينهما : إنّي أحبّ أن أقيم معك فأسير إلى قتال عدوك عند سيرك.

فقال : بل ارجعي إلى البيت الذي تركك فيه رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم.

فسألته أن يؤمّن ابن اختها عبد الله بن الزبير ، فأمّنه. وتكلّم الحسن والحسين في مروان فأمّنه ، وأمّن الوليد بن عقبة وولد عثمان وغيرهم من بني أمية ، وأمّن الناس جميعاً )(1) .

5 ـ ( شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار ) للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمّد التميمي المغربي المتوفى سنة 363 هـ :

( وبآخر ـ أي سند آخر ـ عن عبد الله بن عباس ، أنّه قال : لمّا استقر أمر الناس بعد وقعة الجمل ، وأقام عليّ صلوات الله عليه في البصرة بمن معه أياماً بعث بي إلى عائشة يأمرها بالرحيل عن البصرة والرجوع الي بيتها.

قال ابن عباس : فدخلت عليها في الدار التي أنزلها فيها ، فلم أجد شيئاً أجلس عليه ، ورأيت وسادة في ناحية من الدار فأخذتها فجلست عليها.

فقالت لي : يا بن عباس ما هذا؟ تدخل عليّ بغير إذني في بيتي ،

____________________

(1) مروج الذهب للمسعودي 2 / 337 ط السعادة بمصر سنة 1377 تحـ محمّد محي الدين عبد الحميد.

٢٣١

وتجلس على فراشي بغير إذني؟ لقد خالفت السنّة.

قال ابن عباس : نحن علّمناكِ وغيركِ السنّة ، ونحن أولى بها منك ، إنّما بيتكِ البيت الذي خلّفكِ فيه رسول الله صلوات الله عليه وآله ، فخرجتِ منه ظالمة لنفسكِ ، عاتبة على ربّكِ ، عاصية نبيّكِ ، فإذا رجعت إليه لم أدخله إلاّ بإذنكِ ولم أجلس على ما فيه إلاّ بأمركِ.

قال : فبكت. فقلت لها : إنّ أميرالمؤمنين بعثني إليك يأمرك بالرحيل عن البصرة والرجوع إلى بيتك.

قالت : ومن أمير المؤمنين؟ إنّما كان أمير المؤمنين عمر.

فقلت لها : قد كان عمر يدعى أمير المؤمنين ، وهذا والله عليّ أمير المؤمنين حقاًَ كما سمّاه بذلك رسول الله صلوات الله عليه وآله ، وهو والله أمسّ برسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم رحماً ، وأقدم سلماً ، وأكثر علماً ، وأحلم حلماً من أبيك ومن عمر.

قال : فقالت : ما شئت ذلك. قال : فقلت لها : أما والله لقد أبؤك ( كذا في النسخة والصواب إباؤك ) ذلك قصير المدة عظيم النبعة ظاهر الشوم بيّن النكاد ( النكد ) ، وما كان إلاّ كحلب شاة حتى صرت ما تأخذين ولا تعطين ولا كنت إلاّ كما قال أخو بني فهر :

ما زال إهداء القصائد بيننا

شتم الصديق وكثرة الألقاب

حتى تُركتِ كأن قولكِ فيهم

في كل محتفل طنين ذباب

٢٣٢

فأراقت دمعتها ، وأبدت عولتها ، وظهر نشيجها ، ثمّ قالت : أرحل والله عنكم ، فوالله ما من أبغض إليَّ من دار تكونون بها.

قلت : ولِمَ ذلك؟ والله ما ذلك ببلائنا عندك ، ولا بأثرنا عليك وعلى أبيك ، إذ جعلناك أمّاً للمؤمنين وأنت بنت أم رومان ، وجعلنا أباك صدّيقاً وهو ابن أبي قحافة.

قالت : تمنّون علينا برسول الله ( صلوات الله عليه وآله )؟

قلت : ولِمَ لا نمن عليكم بمن لو كانت فيك شعرة لمننتِ بها وفخرت ، ونحن منه وإليه لحمه ودمه ، وإنّما أنت حشية من تسع حشيات خلّفهن ، لست بأرشحهن عرقاً ، ولا بأنضرهن ورقاً ، ولا بأمدهنّ ظلاً ، وإنّما أنت كما قال أخو بني أسد :

مننت على قومي فأبدوا عداوة

فقلت لهم كفوا العداوة والنكرا

ففيه رضا من مثلكم لصديقه

وأحرى بكم أن تظهروا البغي والكفرا

قال : فسكتت ، وانصرفت إلى عليّ صلوات الله عليه فأخبرته بما جرى بيني وبينها ، فقال صلوات الله عليه : أنا كنت أعلم بك إذ بعثتك.

وتثاقلت عائشة بعد ذلك عن الخروج إلى بيتها فأرسل إليها عليّ صلوات الله عليه : والله لترجعنَ إلى بيتك أو لألفظنّ بلفظة لا يدعوك بعدها أحد من المؤمنين أمّاً.

فلمّا جاءها ذلك ، قالت : أرحلوني أرحلوني ، فو الله لقد ذكرني شيئاً لو ذكرته قبلُ ما سرت بسيري هذا.

فقال لها بعض خاصتها : ما هو يا أم المؤمنين؟

٢٣٣

قالت : إنّ رسول الله ( صلوات الله عليه وآله ) قد جعل طلاق نسائه إليه وقطع عصمتهنّ منه حيّاً وميتاً ، وأنا أخاف أن يفعل ذلك إن خالفته ، فارتحلت )(1) .

6 ـ رجال الكشي ( إختيار معرفة الرجال ) :

( جعفر بن معروف ، قال : حدّثني الحسن بن علي بن النعمان ، عن أبيه ، عن معاذ بن مطر ، قال : سمعت إسماعيل بن الفضل الهاشمي ، قال : حدثني بعض أشياخي ، قال : لمّا هزم عليّ بن أبي طالب عليه السلام أصحاب الجمل بعث أمير المؤمنين عليه السلام عبد الله بن عباس ( رحمة الله عليهما ) إلى عائشة يأمرها بتعجيل الرحيل وقلّة العرجة(2) .

قال ابن عباس : فأتيتها وهي في قصر بني خلف في جانب البصرة ، قال : فطلبت الإذن عليها ، فلم تأذن ، فدخلت عليها من غير إذنها ، فإذا بيت قفار(3) لم يعدّ لي فيه مجلس ، فإذا هي من وراء سترين.

قال : فضربت ببصري فإذا في جانب البيت رحل عليه طنفسة(4) ، قال : فمددت الطنفسة فجلست عليها.

فقالت من وراء الستر : يا بن عباس أخطأت السنّة دخلت بيتنا بغير إذننا وجلست على متاعنا بغير إذننا.

____________________

(1) شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار 1 / 390 – 392 ط مؤسسة النشر الإسلامي.

(2) العُرجة بالضم والفتح : الإقامة بالمكان.

(3) الخالي وهو من القفر.

(4) الطنفسة : البساط.

٢٣٤

فقال ابن عباس ( رحمة الله عليهما ) : نحن أولى بالسنّة منك ، ونحن علّمناك السنّة ، وإنّما بيتك الذي خلّفكِ فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرجتِ منه ظالمة لنفسك ، غاشّةً لدينك ، عاتبة على ربّك ، عاصية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فإذا رجعت إلى بيتك لم ندخله إلاّ بإذنك ، ولم نجلس على متاعكِ إلاّ بأمركِ.

إنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام بعث إليكِ يأمركِ بالرحيل إلى المدينة وقلة العُرجة.

فقالت : رحم الله أمير المؤمنين ذلك عمر بن الخطاب.

فقال ابن عباس : هذا والله أمير المؤمنين وإن تربّدت فيه وجوه ، ورغمت فيه معاطس ، أما والله لهو أمير المؤمنين وأمسّ برسول الله رحماً ، وأقرب قرابة ، وأقدم سبقاً ، وأكثر علماً وأعلى مناراً ، وأكثر آثاراً من أبيك ومن عمر.

فقالت : أبيت ذلك.

فقال : أما والله إن كان إباؤك فيه لقصير المدّة ، عظيم التبعة ، ظاهر الشؤم ، بيّن النكَد ، وما كان إباؤك فيه إلاّ حلب شاة ، حتى صرتِ لا تأمرين ولا تنهينَ ، ولا ترفعين ولا تضعين ، وما كان مثلكِ إلاّ كمثل ابن الحضرمي ابن نجمان أخي بني أسد ، حيث يقول :

ما زال إهداء القصائد بيننا

شتم الصديق وكثرة الألقاب

حتى تُركتِ كأن قوبهم

في كل محتفل طنين ذباب

قال : فأراقت دمعتها ، وأبدت عويلها ، وتبدّى نشيجها ، ثمّ قالت : أخرج

٢٣٥

والله عنكم فما في الأرض بلد أبغض إليّ من بلد تكونون فيه!

فقال ابن عباس ( رحمه الله ) : فلم؟ فوالله ماذا بلاؤنا عندكِ ، ولا بصنيعتنا إليكِ ، إنّا جعلناكِ للمؤمنين أمّاً وأنت بنت أم رومان ، وجعلنا أباكِ صدّيقاً وهو ابن أبي قحافة.

فقالت : يا بن عباس تمنّون عليّ برسول الله؟

فقال : ولم لا نمنّ عليكِ بمن لو كان منك قلامة منه مننتنا به ، ونحن لحمه ودمه ، ومنه وإليه ، وما أنتِ إلاّ حشية من تسع حشايا خلّفهنّ بعده ، لستِ بأبيضهنّ لوناً ، ولا بأحسنهنّ وجهاً ، ولا بأرشحهنّ عرقاً ، ولا بأنضرهنّ روقاً ، ( رونقاً / ظ ) ولا بأطراهنّ أصلاً ، فصرتِ تأمرين فتطاعين ، وتدعين فتجابين ، وما مثلكِ إلاّ كما قال أخو بني فهر :

مننت على قومي فأبدوا عداوة

فقلت لهم كفّوا العداوة والنكرا

ففيه رضاً من مثلكم لصديقه

وأحجَ بكم أن تجمعوا البغي والكفرا

قال : ثمّ نهضت وأتيت أمير المؤمنين عليه السلام فأخبرته بمقالتها وما رددت عليها.

فقال : أنا كنت أعلم بك حيث بعثتك )(1) .

نص المحاورة في مصادر القرن الخامس :

1 ـ لقد روى المحاورة الشيخ المفيد المتوفى سنة 413 هـ في رسالته

____________________

(1) رجال الكشي اختيار معرفة الرجال / 57 ـ 60 تحـ حسن المصطفوي ط جامعة مشهد سنة 1348 شمسي.

٢٣٦

( الكافية في إبطال توبة الخاطئة ) ، ورواها بسندين : أحدهما من العامة ، والآخر من الخاصة(1) .

ومن اللافت للنظر خلوّ كتابه ( الجمل ) منها (؟) وهو أحرى بذكره فيها ، ولعلّ ذلك من نقصان النسخة التي وصلت إلينا.

2 ـ الشريف المرتضى المتوفى سنة 436 هـ ، روى المحاورة نقلاً عن الواقدي ، وله الفضل في حفظ شيء من كتاب الواقدي الذي عفى الدهر عليه(2) .

3 ـ الشيخ الطوسي المتوفى سنة 460 هـ ، روى المحاورة أيضاً عن الواقدي ، في كتابه ( تلخيص الشافي ) ، وأحسبه أخذها بتوسط ( الشافي )(3) .

نص المحاورة في مصادر القرن السادس :

1 ـ الشيخ هاشم بن محمّد المتوفى بعد سنة 552 هـ ، رواها في كتابه ( مصباح الأنوار ) ، فقد قال :

( وبالإسناد عن شهردار بن شيرويه الديلمي ، قال : أخبرنا عبدوس بن عبد الله بن عبدوس ، عن الشريف أبي طالب المفضل بن طاهر الجعفري بإصبهان ، عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الاصبهاني : حدّثنا محمّد بن عبد الله بن الحسين ، حدّثنا عليّ بن الحسين

____________________

(1) اُنظر البحار 8 / 418 ط الكمپاني.

(2) كتاب الشافي / 292 ط حجرية سنة 1300 هـ.

(3) تلخيص الشافي 4 / 153.

٢٣٧

ابن إسماعيل ، حدّثنا محمّد بن الوليد العقيلي ، حدّثنا قثم بن أبي قباذ الحراني ، عن وكيع ، عن خالد النوا ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : لمّا أصيب زيد بن صوحان يوم الجمل

وروى أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال لولده محمّد بن الحنفية

وروى عن عبد الله بن عباس ، قال : لمّا هزم أصحاب الجمل نزلت عائشة في دار عبد الله بن خلف ، فأرسلني أمير المؤمنين عليه السلام إليها يأمرها بالمسير عن البصرة والتأهب للمسير إلى المدينة.

قال ابن عباس : فأتيتها فدخلت عليها في بيت قفر لم أجد فيه مجلس إلاّ التراب ، فضربت ببصري ناحية البيت فلم أر شيئاً إلاّ رحلها فتناولت طنفسة فقعدت فوقها.

فقالت : أخطأت السنّة يا بن عباس.

قلت : وما فعلت؟

قالت : دخلت بيتي بغير إذني وتناولت طنفستي بغير أمري.

قلت : نحن علّمناكِ السنّة ، ونحن أحق بها منكِ ، وإنّما بيتك الذي أجلسكِ الله فيه ورسوله ، لأنّ الله عليه السلام يقول :( يَانِسَاءَ النبيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ ) (1) الآيات ، فخرجتِ من بيتكِ ظالمة لنفسكِ عاتبة على ربّك ، عاصية لنبيّك ، فإذا رجعتِ إلى بيتكِ فقعدتِ فيه لم يكن لنا أن ندخله إلاّ بإذنك ، ولم نأخذ متاعك إلاّ بأمركِ ، إنّ أمير المؤمنين

____________________

(1) الأحزاب / 32.

٢٣٨

بعثني إليكِ يأمركِ بالمسير إلى المدينة.

فقالت : رحم الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.

قلت : صدقت قد كان عمر أمير المؤمنين رغماً ، وهذا والله أمير المؤمنين حقاً ، أما والله لهو أمسّ برسول الله رحماً ، وأوجب حقاً ، وأعلم علماً ، وأحلم حلماً ، وأقدم سلماً من أبيكِ ومن عمر.

قالت : أبيت ذلك يا بن عباس.

قلت : أما والله لقد كان إباؤك لقصير المدة ، ظاهر الشؤم عليك ، بيّن النكال ، وما كنتِ إلاّ كحلب الشاة حتى ما تأخذين ولا تعطين ، ولا تأمرين ولا تنهين ، ولا كنت إلاّ كما قال أخو بني أسد ( حيث ) يقول :

ما زال إهداء القصائد بيننا

شتم الصديق وكثرة الألقاب

حتى تُركتِ كأن قولكِ بينهم

في كل محتفل طنين ذباب

فأوردت دمعتها نشيجها ، ثمّ قالت : أرحل والله عنكم ، أما والله ما في الأرض بلدة أبغض إليّ من بلدة أراكم فيها يا بني هاشم.

قلت : أما والله ما ذاك ببلائنا عندك ، ولا بأثرنا عليكِ ، جعلناكِ للمؤمنين أمّاً وأنت ابنة أم رومان ، وجعلنا أباكِ صدّيقاً وهو ابن أبي قحافة ، وأنتِ تسمّين بنا أم المؤمنين لا بتيم وعدي.

قالت : تمنّون عليَّ برسول الله يا بن عباس.

قلت : ولِمَ لا نمنّ عليكِ بمن لو كانت فيكِ شعرة منه لمننتِ علينا ،

٢٣٩

ونحن لحمه ودمه ومنه وإليه ، وإنّما أنتِ حشية من تسع حشايا خلّفها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لستِ بأرشحهنّ عَرَقاً ، ولا بأنظرهنّ ورقاً ، ولا بأمدهنّ ظلاً ، فصرتِ تأمرين وتنهين فتطاعين ، وتدعين فتجابين ، فما شكرتِ نعمانا عليك ولا كنت إلاّ كما قال أخو بني فهر :

مننت على قومي فأبدوا عداوة

فقلت لهم كفّوا العداوة والنكرا

ففيه الرضا من مثله لصديقه

وأحجى بكم أن تجمعوا البغي والكفرا

ثمّ نهضت فأتيت أمير المؤمنين عليه السلام ـ وكان إذا بعث رجلاً لم يزل مقعداً له حتى يأتيه ـ فأخبرته بما كان بيني وبينها من الكلام.

فقال : أنا كنت أعلم بها منك حيث بعثتك إليها. يا حسن هلمّ فاذهب إلى عائشة فقل لها : قال لك أمير المؤمنين : والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لئن لم ترتحلي الساعة لأبعثنّ إليك بما تعلمين.

فلمّا أتاها الحسن دخل عليها بغير إذن فأخبرها بمقالة أمير المؤمنين ، فقالت : رحّلوني.

فقالت لها امرأة من المهالبة : يا أم المؤمنين أتاكِ ابن عباس شيخ بني هاشم فسمعناك تحاوريه حتى علا صوتكِ ، فخرج من عندك مغضباً ، فأتاك غلام فأقلقكِ؟

فقالت : إنّه والله ابن رسول الله ، فمن أراد أن ينظر إلى مقلتي رسول الله فلينظر إلى هذا الغلام ، وقد بعث أبوه إليّ بما علّّمنيه.

٢٤٠