موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٩

موسوعة عبد الله بن عبّاس0%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

موسوعة عبد الله بن عبّاس

مؤلف: السيد حسن الموسوي الخرسان
تصنيف:

الصفحات: 496
المشاهدات: 87876
تحميل: 4043


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 87876 / تحميل: 4043
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء 9

مؤلف:
العربية

( وذهب جماعة من فقهاء الفتوى إلى أنّ من أراد النسك صار بمجرد تقليده الهدي محرماً ، حكاه ابن المنذر عن الثوري وأحمد وإسحاق )(1) .

9 ـ وقال أيضاً :

( وقال أصحاب الرأي : من ساق الهدي وأمّ البيت ثمّ قلّد وجب عليه الاحرام )(2) .

10 ـ وقال أيضاً :

( وقال الجمهور : لا يصير بتقليد الهدي محرماً ولا يجب عليه شيء )(3) .

11 ـ وقال أيضاً :

( ونقل الخطابي عن أصحاب الرأي مثل قول ابن عباس ، وهو خطأ عليهم ، فالطحاوي أعلم بهم منه ، ولعل الخطابي ظن التسوية بين المسألتين )(4) .

12 ـ قال أمين محمود خطاب(5) :

( وسبب هذا الحديث ما روت عمرة بنت عبد الرحمن أن زياد بن

____________________

(1) نفس المصدر.

(2) نفس المصدر.

(3) نفس المصدر.

(4) نفس المصدر.

(5) في فتح الملك المعبود تكملة المنهل العذب المورود شرح سنن الإمام أبي داود 1 / 14 ط الأولى بالاعتصام بالخيمية سنة 1375.

٢٨١

أبي سفيان كتب إلى عائشة ـ وذكر الحديث ـ ثمّ قال أخرجه البخاري والطحاوي )(1) .

وقد أخرج الطحاوي هذا الحديث من ثمانية عشر طريقاً ، لبيان حجة من قال : لا يجب على من بعث هدياً أن يتجرد عن ثيابه ، ولا يترك شيئاً من محظورات الإحرام إلاّ بدخوله فيه بحج أو عمرة. وإلى هذا ذهب أكثر الصحابة والحنفيون ومالك والأوزاعي والثوري والشافعي وأحمد.

وعن ابن عباس وعمر وعليّ والنخعي وعطاء وابن سيرين : أنّ من أرسل هدياً إلى الحرم يلزمه إذا قلده الإحرام. ويحرم عليه كلّ ما يحرم على المحرم ، لحديث عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة ، عن عبد الملك ابن جابر ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنها قال : كنت عند النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم جالساً فقدّ قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه ، فنظر القوم إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال : ( إنّي أمرت ببُدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتشعر على ماء كذا وكذا ، فلبست قميصي ونسيت فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي ). وكان قد بعث ببُدنه من المدينة فأقام بالمدينة. أخرجه أحمد والطحاوي والبزار(2) ، لكن ابن أبي لبيبة ليس ممّن يحتج به فيما ينفرد به ،

____________________

(1) انظر فتح الباري 3 / 354 ( من قلد القلائد بيده ) و 439 ، وشرح معاني الآثار.

(2) انظر 13 / 33 من الفتح الرباني. و 3 / 227 من مجمع الزوائد ( من بعث هدياً وهو مقيم ) و 1 / 439 من شرح معاني الآثار ( هامش المصدر السابق ).

٢٨٢

فكيف فيما خالفه فيه من هو أثبت منه.

قال الطحاوي في ( شرح معاني الآثار ) : إسناد حديث عائشة صحيح لا تنازع بين أهل العلم فيه ، وليس حديث جابر بن عبد الله كذلك ، لأنّ من رواه دون من روى حديث عائشة ، لكن قال في ( مجمع الزوائد ) بعد أن ذكر الحديث : ورجال أحمد ثقات. ( وعن عطاء ) بن يسار عن نفر من بني سلمة قالوا : كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم جالساً فشق ثوبه. فقال : إنّي واعدت هدياً يشعر اليوم. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ، وبهذا يرد على من قال : الظاهر أنه لا أصل لهذا الحديث.

ماذا وراء الأكمة من غمّة؟

إنّ اندفاع علماء التبرير في دفاعهم المستميت يوحي بدءاً بأنّهم في مقام إثبات حكم شرعي ، وإن دلّ على دعم موقف عائشة في فتياها التي ردت بها على فتيا ابن عباس ، كما هو الوجه الظاهر للعملة التي يتعاملون بها مع الناس ، وهذا وجه باهت اللون خافت النور إذا قيس بالوجه الآخر الذي كانوا يتعاملون به مع الحكام فإنّه ليس كذلك ، بل هو ذو لون صارخ أشدّ وهجاً وأكثر رهجاً ، وهو جوهر القضية في الحديث المذكور.

وذلك فيما أرى ـ والله العالم ـ كان لإستصدار قرار عائشي بتصديق نسب زياد بعد الإستلحاق وأنّه ابن أبي سفيان ، وهذا يتم من خلال جواب الكتاب تحريراً لو تم. وإذا لم يتم ـ كما هو الحال ـ فيكفي أنّ راوية

٢٨٣

الحديث عَمرة بنت عبد الرحمن(1) ذكرت ذلك عن عائشة ولم تذكر عنها إنكاراً لذلك ، وفي سكوتهاـ على أقل تقدير ـ إمضاء لما جاء في الحديث ، وفي هذا حسب زياد وآل زياد ، وفي مقابل ذلك لا بد من تقديم ثمن لعائشة يساوي ما أخذوه من مثمن ، وهل من ثمن أكثر قيمة من إذاعة وإشاعة أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث هديه من المدينة ، وعائشة هي التي تفتل القلائد للهدي ، وأبوها يسوق الهدي إلى مكة أو إلى منى ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يجتنب عما يجتنبه المحرم. وهكذا صار الحديث وكأنّه مناورة سياسية أكثر من بيان واقعة شرعية. واستمرت المناورة ـ فيما يبدوـ فقد ذكر السيد ابن عقيل أنّ زياداً كتب إلى عائشة كتاباً فيه : ( من زياد بن أبي سفيان وهو يريد أن تكتب له : إلى زياد بن أبي سفيان ليحتج بذلك ، فكتبت إليه من عائشة أم المؤمنين إلى ابنها زياد )(2) .

وفي رواية ابن أبي الحديد قال : ( كتبت عائشة إلى زياد فلم تدر ما تكتب عنوانه ، إن كتبت زياد بن عبيد وابن أبيه أغضبته ، وإن كتبت زياد

____________________

(1) أتدري مَن هي عمرة بنت عبد الرحمن؟ كانت هي وأخواتها في حجر عائشة وعندها ( طبقات ابن سعد 8 / 353 ) افست ليدن.

وهي التي كتب عمر بن عبد العزيز في حقها إلى أبي بكر بن محمّد بن حزم : ان انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو سنة ماضية أو حديث عمرة فاكتبه فإني خشيت دروس العلم وذهاب أهله؟ يا لله يكون حديث عمرة بمنزلة حديث رسول الله ومثل السنّة الماضية في ميزان الاعتبار عند الخليفة الأموي؟ ولزيادة الاطلاع فان ابا بكر بن محمّد بن حزم هو زوج اختها؟ وراوي حديث الفتيا هو ابن اختها فظن خيراً.

(2) النصائح الكافية / 56 ط بمبي سنة 1326 هـ.

٢٨٤

ابن أبي سفيان أثمت فكتبت من أم المؤمنين إلى ابنها زياد ، فلمّا قرأه ضحك وقال : لقد لقيت أم المؤمنين من هذا نصبا )(1) .

وأخيراً نجحت بالتالي مؤامرة زياد ، فكتبت إليه كتاب شفاعة لمرة بن أبي عثمان مولى عبد الرحمن بن أبي بكر ـ وقال ابن الكلبي هو مولى عائشة ـ سأل عائشة أن تكتب له إلى زياد وتبدأ به في عنوان كتابه ، فكتبت إليه بالوصاة به وعنونته : إلى زياد بن أبي سفيان من عائشة أم المؤمنين ، فلمّا رأى زياد أنّها قدّمته ونسبته إلى أبي سفيان سرّ بذلك وأكرم مرّة وألطفه وقال للناس : هذا كتاب أم المؤمنين إليّ وفيه كذا ، وعرضه ليقرأ عنوانه ثمّ أقطعه مائة جريب على نهر الأبّلة ، وأمر أن يحفر لها نهرٌ فنسب إليه(2) .

وهذا ما أدركه علماء التبرير ـ ولا أقل بعضهم ـ إلاّ أنّهم تسللوا من وراء الأكمة لواذاً لئلا تصدمهم الحقيقة المرّة ، فتزل قدم بعد اهتزازها على أرضية هشة من المبررات التي ما أنزل الله بها من سلطان.

حتى قال بعضهم ممعناً في التبرير والتزوير ، فقال : ( وقع التحديث بهذا في زمن بني أمية ، وأمّا بعدهم فما كان يقال له إلاّ زياد بن أبيه وقبل استلحاق معاوية له كان يقال له زياد بن عبيد ، وكانت أمّه سمية مولاة الحرث بن كلدة الثقفي وهي تحت عبيد المذكور فولدت زياداً على فراشه ، فكان ينسب إليه ، فلمّا كان في أيام معاوية شهد جماعة على

____________________

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد 4 / 76 ط مصر الأولى و 16 / 204 تحـ أبو الفضل إبراهيم والقضايا الكبرى في الإسلام لعبد المتعال الصعيدي / 188.

(2) راجع معجم البلدان 5 / 323 ( نهر مرّة ).

٢٨٥

إقرار أبي سفيان بأنّ زياداً ولده ، فاستلحقه معاوية بذلك ، وخالف الحديث الصحيح ( إنّ الولد للفراش وللعاهر الحجر ) وذلك لغرض دنيوي ، وقد أنكر هذه الواقعة على معاوية من أنكرها ، حتى قيلت فيها الأشعار ، ومنها قول القائل :

ألا أبلغ معاوية بن حرب

مغلغلة من الرجل اليماني

أتغضب أن يقال أبوك عِفٌّ

وترضى أن يقال أبوك زاني

وقد أجمع أهل العلم على تحريم نسبته إلى أبي سفيان ، وما وقع من أهل العلم في زمان بني أمية فإنّما هو تقية.

وذكر أهل الأمهات نسبته إلى أبي سفيان في كتبهم مع كونهم لم يؤلفوها إلاّ بعد انقراض عصر بني أمية محافظة منهم على الألفاظ التي وقعت من الرواة في ذلك الزمان كما هو دأبهم )(1) .

وجاء في ( كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري ) للشيخ محمّد الخضر الجكني الشنقيطي المتوفى سنة 1354 هـ ، ترجمة زياد وكيفية إستلحاقه وأسماء الشهود له بذلك ، وفي آخر الترجمة ذكر غضب بني أمية من إستلحاقه ، وذكر شعر عبد الرحمن بن الحكم نقلاً عن ( الإستيعاب ) ، فمن أراد ذلك فليرجع إلى المصدر المذكور(2) .

____________________

(1) نيل الأوطار للشوكاني 5 / 107 ط العثمانية بمصر سنة 1357 هـ.

(2) كوثر المعاني 13 / 388 ط مؤسسة الرسالة سنة 1415 هـ.

٢٨٦

وذكر الآبي في شرحه صحيح مسلم عند قوله : ( انّ ابن زياد كتب ). ( قلت ) ابن زياد هو عبيد الله بن زياد هذا هو الذي قتل الحسين بن عليّ ، وزياد هذا هو والده وكان معاوية استلحقه لأبيه أبي سفيان ، وتقدم إشباع الكلام على ذلك وعلى كيفية استلحاقه في حديث : ( من انتسب لغير أبيه من كتاب الإيمان فراجعه هناك )(1) .

نور على الدرب :

لو تفحصنا حديث عائشة في المصادر التي مرّ ذكرها لوجدناه ـ كما قلنا ـ يتفاوت بين مصدر وآخر ، بل بين رواية راو واحد في المصدر الواحد. وللتدليل والإختصار نذكر للقارئ ما في صحيح البخاري فقط ، وهو عند أصحابه كلّ الصيد في جوف الفرا.

ولقد ذكر الحديث في ستة أبواب متتابعة بشتى الصور ، وهي كما يلي في كتاب الحج بألفاظها :

1 ـ باب ( من أشعر وقلّد بذي الحليفة ثمّ أحرم ).

قال البخاري : ( حدثنا أبو نعيم ، حدثنا أفلح ، عن القاسم ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : فتلت قلائد بُدن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بيديّ ثمّ قلّدها وأشعرها وأهداها ، وما حُرم عليه شيء كان أحلّ له )(2) .

____________________

(1) شرح صحيح مسلم 3 / 413.

(2) صحيح البخاري 2 / 169ح 3 ط بولاق.

٢٨٧

أقول : وهذا الحديث لم يشرحه ابن حجر في ( فتح الباري )(1) فظن خيراً!

2 ـ باب ( فتل القلائد للبدن والبقر ).

قال البخاري : ( حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا الليث ، حدثنا ابن شهاب ، عن عروة ، عن عمرة بنت عبد الرحمن : أنّ عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يهدي من المدينة فأفتل قلائد هديه ثمّ لا يجتنب شيئاً ممّا يجتنبه المحرم )(2) .

أقول : وهذا الحديث أيضاً غض ابن حجر النظر عنه فتعداه بسلام!(3)

3 ـ باب ( إشعار البدن ).

قال البخاري : ( حدثنا عبد الله بن سلمة ، حدثنا أفلح بن حميد ، عن القاسم ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : فتلت قلائد هدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثمّ أشعرها وقلّدها أو قلّدتها ، ثمّ بعث بها إلى البيت وأقام بالمدينة فما حرم عليه شيء كان له حلّ )(4) .

أقول : وعلى ما عودنا ابن حجر في سابقيه لقد تغاضى عن شرحه إلى شرح معنى الإشعار ومشروعيته وإختلاف العلماء فيه!(5)

4 ـ باب ( من قلد القلائد بيده ).

____________________

(1) فتح الباري 4 / 291.

(2) صحيح البخاري 2 / 169 ح 2ط بولاق.

(3) فتح الباري 4 / 291.

(4) صحيح البخاري 2 / 169 ح 1 ط بولاق.

(5) فتح الباري 4 / 292.

٢٨٨

قال البخاري : ( عبد الله بن يوسف )(1) وذكر الحديث الذي ذكرناه أوّلاً كخير شاهد فلا حاجة إلى إعادة ذكره.

5 ـ باب ( تقليد الغنم ).

قال البخاري : ( حدثنا أبو النعمان ، حدثنا عبد الواحد ، حدثنا الأعمش ، حدثنا إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أفتل القلائد للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيقلّد الغنم ويقيم في أهله حلالاً )(2) .

أقول : وقد استبسل ابن حجر في شرح عنوان الباب وذكر ( من رأى تقليد الغنم ومن لم ير ) ، والردّ عليه بحديث الباب إلى آخر ما عنده(3) .

6 ـ نفس الباب.

قال البخاري : ( حدثنا أبو النعمان ، حدثنا حماد ، حدثنا منصور بن المعتمر ( ح= حيلولة ) ، وحدثنا محمّد بن كثير أخبرنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أفتل قلائد الغنم للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فيبعث بها ثمّ يمكث حلالاً )(4) .

أقول : ذكر ابن حجر إعلال بعض المخالفين حديث الباب ، بأنّ الأسود تفرد عن عائشة بتقليد الغنم دون بقية الرواة عنها من أهل بيتها وغيرهم. قال المنذري وغيره : ليست هذه بعلّة لأنّه حافظ ثقة لا يضرّه

____________________

(1) صحيح البخاري 2 / 169 ح 2 ط بولاق.

(2) نفس المصدر.

(3) من شاء الاستزادة فليرجع إلى فتح الباري 4 / 295.

(4) صحيح البخاري 2 / 170 ح 3 ط بولاق.

٢٨٩

التفرد(1) (؟)

7 ـ الباب نفسه.

قال البخاري : ( حدثنا أبو نعيم ، حدثنا زكرياء ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : فتلت لهدي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، تعني القلائد قبل أن يحرم )(2) .

8 ـ باب ( القلائد من العهن ).

قال البخاري : ( حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا معاذ ، حدثنا ابن عون ، عن القاسم ، عن أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : فتلت قلائدها من عهن كان عندي )(3) .

أقول : وقد أشار ابن حجر في ( فتح الباري ) إلى تفاوت رواية يحيى في الباب ، كما أشار إلى رواية مسلم للحديث عن ابن عون مثله وزاد : ( فأصبح فينا حلالاً يأتي ما يأتي الحلال من أهله )(4) !

وهذه الزيادة كشفت لنا غمغمة الأحاديث السابقة في أقوال عائشة : ( وما حرم عليه شيء كان أحلّ له ) ، أو ( لا يجتنب شيئاً ممّا يجتنبه المحرم ) ، أو ( فما حرم عليه شيء كان له حلّ ) ، أو قولها : ( فيقيم في أهله

____________________

(1) فتح الباري 4 / 296.

(2) صحيح البخاري 2 / 170ح 4 ط بولاق.

(3) نفس المصدر.

(4) فتح الباري 4 / 296.

٢٩٠

حلالاً ، أو ثمّ يمكث حلالاً ).

وبعد هذا العرض نترك المقارنة لمن أحبّ ، ليعرف كيف التلاعب بألفاظ الحديث عند الرواة ، من دون حياء.

والآن إلى نقاط على الحروف :

إذا ما رجعنا ثانية إلى الحديث وقرأناه قراءة ثانية ومتأنّية تساقطت من أجوائه المسائل التالية :

1 ـ ما بال زياد يكتب إلى عائشة في ذلك؟! وكان الأحرى به وقد أصبح ابن أبي سفيان أن يكتب إلى أخته أم حبيبة؟ أليس كذلك؟ فهي أخته فيما يزعمون ، وهي من أمهات المؤمنين ، ولا يخفى عليها ذلك من فعل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فإن لم تكن فتلت القلائد مرّة ، فلا أقل أنّها رأت أو سمعت من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك شيئاً. وهذه عاشت كثيراً من سنيّ ولاية زياد وأدرك هو حياتها فقد ماتت سنة 59 هـ كما في ( إسعاف المبطأ )(1) .

2 ـ هل أنّ أحاديث عائشة كلّها لواقعة واحدة؟ فإن كانت فلماذا تفاوتت صورها ، وقد بلغت عند مسلم عشرة أحاديث ومرّت ثمانية منها عند البخاري؟ أو هي وقائع متعددة؟

فإن كانت كلّها لواقعة واحدة ، فلماذا اختلفت إختلافاً فاحشاً حتى في رواية الراوي الواحد عن عائشة وفي المصدر الواحد؟

فأنظر روايات عمرة وعروة والقاسم والأسود ، وقارن بين رواياتهم

____________________

(1) إسعاف المبطأ / 35.

٢٩١

على انفراد فضلاً عن مقارنتها بروايات بعضهم مع بعض؟ وإن كانت لوقائع متعددة فما بال عائشة وحدها تتولى فتل القلائد دون بقية الزوجات في جميع تلك السنين؟

على أنّه من المستبعد جداً أن لا يكون قد شاركتها مرّة غيرَها في ذلك الفتل العظيم الذي خصّت نفسها به!

وأبعد من ذلك كلّه عدم ورود حديث واحد عنهن يؤيد ذلك الإختصاص!

3 ـ ثمّ ما بالها لم تذكر ـ ولو لمرّة واحدة ـ اسم الشخص الذي كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يرسل معه الهدي ، وما ذكرت غير أبيها؟ فهل يعني ذلك أنّه وحده كان يتولى سياق الهدي كما كانت ابنته تتولى فتل القلائد في جميع سني الهجرة؟ وهذا ما يكذبه الوجدان ، لأنّه لم يذهب إلى مكة أو إلى منى بعد الهجرة إلاّ وهو مع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم سواء في عمرة القضاء أو في حجة الوداع ، وفي كلتيهما كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم موجوداً يتولى هديه بنفسه.

ولو سلّمنا جدلاً زعم بعض علماء التبرير أنّه كان ذلك في السنة التاسعة ـ وهي سنة تبليغ براءة ـ بحجة ذهابه أميراً على الموسم ، فما بال الرواة وعلماء التبرير أبلسوا عن مصير الهدي عندما لحقه الإمام عليه السلام وأبلغه أمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأخذ منه الآيات فرجع أبو بكر إلى المدينة ، كيف صار الهدي هل أرجعه معه؟ أو أخذه عليّ عليه السلام كما أخذ آيات براءة؟ أو أرسله أبو بكر مع آخرين غير عليّ عليه السلام؟ وهكذا استفهام بعد استفهام ، هذا كلّه

٢٩٢

إذا صدقت تلكم الأحلام.

ولكي يستبين زيف ذلك الزعم ، فلنقرأ في ذلك ما رواه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند :

( قال عبد الله بن أحمد : حدثنا محمّد بن سليمان لوين ، حدثنا محمّد ابن جابر ، عن سماك ، عن حنش ، عن عليّ ، قال : لمّا نزلت عشر آيات من براءة على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، دعا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر ، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة ، ثمّ دعاني النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال لي : ( أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى مكة فاقرأه عليهم ) ، فلحقته بالجحفة ، فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : يا رسول الله نزل فيَّ شيء؟ قال : لا. ولكن جبريل جاءني فقال : لن يؤدي عنك إلاّ أنت أو رجل منك )(1) .

ونعود إلى أوّل السؤال ، لو سلّمنا جدلاً أن أباها تولى كان ذلك في السنة التاسعة ، فمن هم أولئك الذين تولوا المهمة في باقي السنوات؟ ولماذا لم تذكرهم؟ وهي لا تخلو إمّا أن تكون تعلمهم وكتمت أسماءهم لحاجة في نفسها ـ كما فعلت ذلك في حديث آخر وذلك في مرض النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت خروجه يتوكأ على رجلين الفضل بن العباس ورجل ، فسأل السامع ابن عباس فأخبره أنّه عليّ ، ولكن عائشة لا تطيب لها نفس أن تذكره ـ وهذا لا يليق بها!

وإمّا أن تكون لا تعلمهم وهو بعيد غايته ، كيف وابن عباس كان يعلم

____________________

(1) زيادات المسند 1 / 322 برقم 1296.

٢٩٣

بعضاً منهم ، فيذكر ذويب الخزاعي منهم ، وناجية الأسلمي منهم(1) (؟)

وأعود إلى الأفغاني الذي استدرجني إلى هذه الجولة لأقول له في الختام :

أرأيت كيف كان ابن عباس أوعى وأذكى وأزكى في حديثه حين سمّى من عَرفهم ، وهو لم يفتل فتلاً ولا حبلاً ولا دق طبلاً (؟!!)

وأمّا فتياه فقد كانت هي الفتيا الصحيحة ، ورأيه هو الصواب ، وهو على رأي الإمام عليه السلام ورأي عمر وابنه وقيس بن سعد ، وهؤلاء كلّهم من الصحابة بينهم خليفتان ، مضافاً إلى نفر من فقهاء التابعين كالنخعي وعطاء وابن سيرين وآخرين.

وحسب ابن عباس أنّه كان على رأي عليّ أمير المؤمنين عليه السلام الذي هو مع الحقّ والحقّ معه كما قال صلى الله عليه وآله وسلم(2) ، ولو بحثنا عن جذور المسألة تاريخياً

____________________

(1) راجع المحلى لابن حزم 7 / 269 عن ابن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع فلان الأسلمي ثماني عشرة بدنة وفي سنن ابن ماجة 2 / 1036 برقم 3105 عن ابن عباس ان ذويباً الخزاعي حدث ان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث معه بالبدن وفي سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة سمي الأسلمي وهو ناجية ، وقال الترمذي : حديث ناجية حديث حسن صحيح. وفي المبسوط للسرخسي الحنفي 4 / 145 : ان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بعث عام الحديبية الهدايا على يد ناجية بن جندب الأسلمي

(2) تاريخ بغداد 14 / 321 بسنده عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال دخلت على أم سلمة فرأيتها تبكي وتذكر عليّاً فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض يوم القيامة ) ، وهذا ما رواه سعد بن أبي وقاص أيضاً وقد قال سمعت في بيت ام سلمة ، فأرسل معاوية إلى أم سلمة فسألها فقالت قد قاله رسول الله في بيتي ، فقال معاوية لسعد : ما كنت عندي قط ألوم منك الآن فقال : ولم؟ قال : لو سمعت

٢٩٤

لوجدناها من أيام كان ابن عباس بالمدينة قبل أن يخرج منها مع الإمام عليه السلام فكان يبعث هديه ويتجرّد كما كان يفعل ذلك الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً.

فقد روى الشيخ الطوسي في ( التهذيب ) بسنده عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( أنّ ابن عباس رضي الله عنه وعليّاً عليه السلام كانا يبعثان بهديهما من المدينة ثمّ يتجرّدان ، وإن بعثا بهما من أفق من الآفاق واعدا أصحابهما بتقليدهما وإشعارهما يوماً معلوماً ، ثمّ يمسكان يومئذ إلى يوم النحر عن كلّ ما يمسك عنه المحرم ، ويجتنبان كلّ ما يجتنب المحرم ، إلاّ أنّه لا يلبي إلاّ من كان حاجاً أو معتمراً )(1) . والحديث صحيح الإسناد(2) .

وقد استمر كذلك حتى في أيام ولايته على البصرة ، كما سيمرّ مزيد بيان عن ذلك في تاريخ ولايته.

( الحديث الثاني ) :

عن ابن عباس ـ وهذا أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الحج بابّ التقصّير في العمرة ـ وهو صحيح السند وواضح الدلالة(3) .

وأمّا حكاية قول البيهقي : ( قد قررنا ) فذلك قاله عقب حديث ابن

____________________

من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لم أزل خادماً لعليّ حتى أموت. أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7 / 236 ، ولم يسم معاوية بل كنى عنه بأحد وبالرجل. وهذه سجية علماء التبرير في كل زمان ومكان.

(1) تهذيب الأحكام 5 / 424.

(2) كما في الجواهر 20 / 160 ط الآداب النجف.

(3) صحيح مسلم 4 / 58 ط صبيح.

٢٩٥

عباس ولفظه : ( قد روينا عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم عن أبي ذر ما دلّ على أنّ فسخهم للحج بالعمرة كان خاصاً للركب من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنّ غيرهم إذا حجّوا أو قرنوا ثم طافوا طواف القدوم لم يحلّوا حتى يكون يوم النحر فيحلون بما جعل به التحلل والله أعلم

ثم ساق حديث ابن عمر )(1) .

أقول : ومن الغريب من البيهقي أن يذكر هذا! وهو الذي روى في باب من أختار التمتع بالعمرة إلى الحج… حديث مسلم في صحيحه عن مجاهد ، عن ابن عباس ، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : ( هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن معه هدي فليحلّ الحلّ كلّه فقد دخل العمرة في الحج إلى يوم القيامة )(2) .

وأوضح من ذلك حديث عائشة ـ وقد أخرجه مسلم في الصحيح أيضاً ـ قالت : ( قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأربع أو لخمس مضين من ذي الحجّة ، قالت : فدخل عليَّ يوماً وهو غضبان ، قلت : من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار(3) ؟ قال : ( أما شعرتِ أنّي أمرت الناس بأمر فإذا هم

____________________

(1) راجع سنن البيهقي 5 / 78 ، باب تعجيل الطواف بالبيت.

(2) سنن البيهقي 5 / 18 ط دار الفكر بيروت.

(3) لا ينقضي العجب من أم المؤمنين فهي إذ تقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ( من اغضبك ادخله الله النار ) فهل كان خروجها من بيتها إلى البصرة رضاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ أولم ينهها عن ذلك كما في حديث الحوأب ثم في حربها للإمام هل كان رضأً لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم؟ كيف وهو الذي قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم حربك حربي وسلمك سلمي ، بأنها أورثت الأمة معاناة التوفيق والتلفيق.

٢٩٦

يترددون فيه ) ، قال : ( ولو أنّي استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقتُ الهدى حتى اشتريه ، ثم أحلّ كما حلّوا )(1) .

وأوفى من ذلك حديث عطاء عن جابر بن عبد الله ، قال : ( أهللنا أصحاب رسول صلى الله عليه وآله وسلم بالحج خالصاً وحده ، فقدم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم صبح رابعة مضت من ذي الحجة فأمر بعد أن قدم أن نحلّ ، فقال : ( أحلّوا وأصيبوا النساء ) ، قال عطاء : ولم يعزم عليهم أن يصيبوا النساء ولكنّه أحلّهن لهم.

قال عطاء قال جابر : فبلغه عنّا أنّا نقول : لمّا لَم يكن بيننا وبين عرفة إلاّ خمس ، أمرنا أن نحلّ إلى نسائنا ، فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني فقام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بيننا فقال : ( قد علمتم أنّي أتقاكم لله ، وأصدقكم وأبرّكم ، ولولا هديي لأحللت كما تحلون ، ولو استقبلت من أمري ما أستدبرت ما أُهديت ، فحلّوا ) ، قال : فأحللنا وسمعنا وأطعنا.

قال جابر : فقدم عليّ رضي الله عنه من سعايته ، فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : ( بما أهللت؟ ).

قال : بما أهل به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.

قال : ( فاهدي وأمكث حراماً ).

قال : فأهدى له عليّ رضي الله عنه.

قال سراقة بن مالك بن جعشم : متعتنا هذه يا رسول الله لعامنا هذا أم للأبد؟

قال : ( بل لأبد )(2) .

____________________

(1) سنن البيهقي 5 / 19.

(2) سنن البيهقي 5 / 18.

٢٩٧

فتبين أنّ فتيا ابن عباس هي على السنّة التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!

فهذه الأحاديث الثلاثة أثبتت أنّ الحق كان مع ابن عباس ، وما رواه الزركشي عن عائشة وابن عمر في إنكارها على ابن عباس لا وجه له إلا التشهير به بغير حق ، فإنّ ابن عباس لم يقل لا يجوز الطواف قبل الإتيان بعرفة كما شهروا به ، بل صريح ما رواه الزركشي وقبله البيهقي ، وأخرجه مسلم : عن عطاء ، عن ابن عباس كان يقول : ( لا يطوف بالبيت حاج ولا عن حاج إلاّ حلّ ). وبقية إستدلال عطاء يكشف عن مراد ابن عباس هو للحاج المتمتع وليس للقارن.

( الحديث الثالث ) :

ومداره حول رواية البيهقي في إستفتاء ابن عباس من عائشة وأم سلمة حول إجراء عملية جراحية لعينيه فنهتاه ، وأيضاً حول رواية الحاكم في ( المستدرك ) في إستفتائه من عائشة وأبي هريرة وغيرهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الموضوع نفسه.

وهذا قد سبق مني الكلام فيه في الجزء الرابع من الحلقة الأولى في عنوان : ( وابيضت عيناه من الحزن )(1) ، وذكرت هناك بعض الخبط حول سبب العمى ، حيث قالوا : كان سبب عماه رؤية الملك ، وفندت ذلك.

والآن قالوا سبب عماه مبالغته في إيصال الماء إلى داخل عينيه ، حيث

____________________

(1) موسوعة عبد الله بن عباس / الحلقة الأولى 4 / 302.

٢٩٨

يرى وجوب ذلك كما في ( تفسير الرازي )(1) ، ووعدت بالتحقيق في هذه المسألة في الحلقة الثانية. وحان وقت انجاز الوعد ، فأقول :

لقد وقع الخلط في هذه المسألة ( إيصال الماء إلى داخل العين في غسل الوجه ) :

فقال أصحاب الشافعي : إنّه مستحب ، وحكي عن ابن عمر مثل ذلك(2) .

قال القرطبي في تفسيره : ( وأمّا العينان فالناس كلّهم مجمعون على أنّ داخل العينين لا يلزم غسله ، إلاّ ما روي عن عبد الله بن عمر أنّه كان ينضح الماء في عينيه ، وإنّما سقط غسلهما للتأذي بذلك والحرج به.

قال ابن العربي : ولذلك كان عبد الله بن عمر لمّا عمي يغسل عينيه إذ كان لا يتأذى بذلك )(3) .

وقال الجصاص الحنفي في ( أحكام القرآن ) : ( فإن قيل أنّ ابن عمر كان يدخل الماء عينه في الجنابة؟ قيل له : لم يكن يفعله على وجه الوجوب ، وقد كان مصعباً على نفسه في أمر الطهارة يفعل فيهما ما لا يراه واجباً ، قد كان يتوضأ لكلّ صلاة ويفعل أشياء على وجه الإحتياط لا على وجه الوجوب )(4) .

وقال السرخسي الحنفي في ( المبسوط ) : ( وحدّ الوجه من قصاص

____________________

(1) تفسير الرازي 11 / 157.

(2) الخلاف 1 / 85.

(3) تفسير القرطبي 6 / 84.

(4) أحكام القرآن 2 / 366 ـ 367.

٢٩٩

الشعر إلى أسفل الذقن إلى الأذنين ، لأنّ الوجه أسم لما يواجه الناظر إليه ، غير أنّ إدخال الماء في العينين ليس شرط ، لأنّ العين شحم لا يقبل الماء.

وفيه أيضاً : فمن تكلف له من الصحابة رضوان الله عليهم كُفّ بصره في آخر عمر كابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم )(1) .

وقال الكاساني في ( بدائع الصنائع ) : ( وإدخال الماء في داخل العينين ليس بواجب ، لأنّ داخل العين ليس بوجه ، لأنّه لا يواجه إليه ، ولأنّ فيه حرجاً ، وقيل أنّ من تكلف لذلك من الصحابة كفّ بصره كابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم )(2) .

وقال أيضاً : ( واحتج بحديث ابن عباس رضي الله عنه أنّ طبيباً قال له بعد ما كفّ بصره : لو صبرت أياماً مستلقياً صحت عيناك. فشاور عائشة وجماعة من الصحابة رضي الله عنه فلم يرخصوا له في ذلك ، وقالوا له : أرأيت لو مّتَ في هذه الأيام كيف تصنع بصلاتك؟

ثم قال الكاساني : وتأويل حديث ابن عباس رضي الله عنه : أنّه لم يظهر لهم صدق ذلك الطبيب فيما يدعي )(3) .

هذه جملة ممّا قالوه في سبب عماه. وقد أبعدوا مرمى حجارتهم حتى نالت ابن عمر أيضاً فجعلوه أعمى ، وهذا لم يذكره مترجموه في ترجمته ، راجع ( الإصابة ) ، و ( الإستيعاب ) ، و ( أسد الغابة ) ، وطبقات ابن سعد.

____________________

(1) المبسوط 1 / 6.

(2) بدائع الصنائع 1 / 87.

(3) نفس المصدر 1 / 316.

٣٠٠