موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٩

موسوعة عبد الله بن عبّاس12%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 93304 / تحميل: 4733
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٩

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

( وذهب جماعة من فقهاء الفتوى إلى أنّ من أراد النسك صار بمجرد تقليده الهدي محرماً ، حكاه ابن المنذر عن الثوري وأحمد وإسحاق )(١) .

٩ ـ وقال أيضاً :

( وقال أصحاب الرأي : من ساق الهدي وأمّ البيت ثمّ قلّد وجب عليه الاحرام )(٢) .

١٠ ـ وقال أيضاً :

( وقال الجمهور : لا يصير بتقليد الهدي محرماً ولا يجب عليه شيء )(٣) .

١١ ـ وقال أيضاً :

( ونقل الخطابي عن أصحاب الرأي مثل قول ابن عباس ، وهو خطأ عليهم ، فالطحاوي أعلم بهم منه ، ولعل الخطابي ظن التسوية بين المسألتين )(٤) .

١٢ ـ قال أمين محمود خطاب(٥) :

( وسبب هذا الحديث ما روت عمرة بنت عبد الرحمن أن زياد بن

____________________

(١) نفس المصدر.

(٢) نفس المصدر.

(٣) نفس المصدر.

(٤) نفس المصدر.

(٥) في فتح الملك المعبود تكملة المنهل العذب المورود شرح سنن الإمام أبي داود ١ / ١٤ ط الأولى بالاعتصام بالخيمية سنة ١٣٧٥.

٢٨١

أبي سفيان كتب إلى عائشة ـ وذكر الحديث ـ ثمّ قال أخرجه البخاري والطحاوي )(١) .

وقد أخرج الطحاوي هذا الحديث من ثمانية عشر طريقاً ، لبيان حجة من قال : لا يجب على من بعث هدياً أن يتجرد عن ثيابه ، ولا يترك شيئاً من محظورات الإحرام إلاّ بدخوله فيه بحج أو عمرة. وإلى هذا ذهب أكثر الصحابة والحنفيون ومالك والأوزاعي والثوري والشافعي وأحمد.

وعن ابن عباس وعمر وعليّ والنخعي وعطاء وابن سيرين : أنّ من أرسل هدياً إلى الحرم يلزمه إذا قلده الإحرام. ويحرم عليه كلّ ما يحرم على المحرم ، لحديث عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة ، عن عبد الملك ابن جابر ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنها قال : كنت عند النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم جالساً فقدّ قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه ، فنظر القوم إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال : ( إنّي أمرت ببُدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتشعر على ماء كذا وكذا ، فلبست قميصي ونسيت فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي ). وكان قد بعث ببُدنه من المدينة فأقام بالمدينة. أخرجه أحمد والطحاوي والبزار(٢) ، لكن ابن أبي لبيبة ليس ممّن يحتج به فيما ينفرد به ،

____________________

(١) انظر فتح الباري ٣ / ٣٥٤ ( من قلد القلائد بيده ) و ٤٣٩ ، وشرح معاني الآثار.

(٢) انظر ١٣ / ٣٣ من الفتح الرباني. و ٣ / ٢٢٧ من مجمع الزوائد ( من بعث هدياً وهو مقيم ) و ١ / ٤٣٩ من شرح معاني الآثار ( هامش المصدر السابق ).

٢٨٢

فكيف فيما خالفه فيه من هو أثبت منه.

قال الطحاوي في ( شرح معاني الآثار ) : إسناد حديث عائشة صحيح لا تنازع بين أهل العلم فيه ، وليس حديث جابر بن عبد الله كذلك ، لأنّ من رواه دون من روى حديث عائشة ، لكن قال في ( مجمع الزوائد ) بعد أن ذكر الحديث : ورجال أحمد ثقات. ( وعن عطاء ) بن يسار عن نفر من بني سلمة قالوا : كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم جالساً فشق ثوبه. فقال : إنّي واعدت هدياً يشعر اليوم. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ، وبهذا يرد على من قال : الظاهر أنه لا أصل لهذا الحديث.

ماذا وراء الأكمة من غمّة؟

إنّ اندفاع علماء التبرير في دفاعهم المستميت يوحي بدءاً بأنّهم في مقام إثبات حكم شرعي ، وإن دلّ على دعم موقف عائشة في فتياها التي ردت بها على فتيا ابن عباس ، كما هو الوجه الظاهر للعملة التي يتعاملون بها مع الناس ، وهذا وجه باهت اللون خافت النور إذا قيس بالوجه الآخر الذي كانوا يتعاملون به مع الحكام فإنّه ليس كذلك ، بل هو ذو لون صارخ أشدّ وهجاً وأكثر رهجاً ، وهو جوهر القضية في الحديث المذكور.

وذلك فيما أرى ـ والله العالم ـ كان لإستصدار قرار عائشي بتصديق نسب زياد بعد الإستلحاق وأنّه ابن أبي سفيان ، وهذا يتم من خلال جواب الكتاب تحريراً لو تم. وإذا لم يتم ـ كما هو الحال ـ فيكفي أنّ راوية

٢٨٣

الحديث عَمرة بنت عبد الرحمن(١) ذكرت ذلك عن عائشة ولم تذكر عنها إنكاراً لذلك ، وفي سكوتهاـ على أقل تقدير ـ إمضاء لما جاء في الحديث ، وفي هذا حسب زياد وآل زياد ، وفي مقابل ذلك لا بد من تقديم ثمن لعائشة يساوي ما أخذوه من مثمن ، وهل من ثمن أكثر قيمة من إذاعة وإشاعة أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث هديه من المدينة ، وعائشة هي التي تفتل القلائد للهدي ، وأبوها يسوق الهدي إلى مكة أو إلى منى ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يجتنب عما يجتنبه المحرم. وهكذا صار الحديث وكأنّه مناورة سياسية أكثر من بيان واقعة شرعية. واستمرت المناورة ـ فيما يبدوـ فقد ذكر السيد ابن عقيل أنّ زياداً كتب إلى عائشة كتاباً فيه : ( من زياد بن أبي سفيان وهو يريد أن تكتب له : إلى زياد بن أبي سفيان ليحتج بذلك ، فكتبت إليه من عائشة أم المؤمنين إلى ابنها زياد )(٢) .

وفي رواية ابن أبي الحديد قال : ( كتبت عائشة إلى زياد فلم تدر ما تكتب عنوانه ، إن كتبت زياد بن عبيد وابن أبيه أغضبته ، وإن كتبت زياد

____________________

(١) أتدري مَن هي عمرة بنت عبد الرحمن؟ كانت هي وأخواتها في حجر عائشة وعندها ( طبقات ابن سعد ٨ / ٣٥٣ ) افست ليدن.

وهي التي كتب عمر بن عبد العزيز في حقها إلى أبي بكر بن محمّد بن حزم : ان انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو سنة ماضية أو حديث عمرة فاكتبه فإني خشيت دروس العلم وذهاب أهله؟ يا لله يكون حديث عمرة بمنزلة حديث رسول الله ومثل السنّة الماضية في ميزان الاعتبار عند الخليفة الأموي؟ ولزيادة الاطلاع فان ابا بكر بن محمّد بن حزم هو زوج اختها؟ وراوي حديث الفتيا هو ابن اختها فظن خيراً.

(٢) النصائح الكافية / ٥٦ ط بمبي سنة ١٣٢٦ هـ.

٢٨٤

ابن أبي سفيان أثمت فكتبت من أم المؤمنين إلى ابنها زياد ، فلمّا قرأه ضحك وقال : لقد لقيت أم المؤمنين من هذا نصبا )(١) .

وأخيراً نجحت بالتالي مؤامرة زياد ، فكتبت إليه كتاب شفاعة لمرة بن أبي عثمان مولى عبد الرحمن بن أبي بكر ـ وقال ابن الكلبي هو مولى عائشة ـ سأل عائشة أن تكتب له إلى زياد وتبدأ به في عنوان كتابه ، فكتبت إليه بالوصاة به وعنونته : إلى زياد بن أبي سفيان من عائشة أم المؤمنين ، فلمّا رأى زياد أنّها قدّمته ونسبته إلى أبي سفيان سرّ بذلك وأكرم مرّة وألطفه وقال للناس : هذا كتاب أم المؤمنين إليّ وفيه كذا ، وعرضه ليقرأ عنوانه ثمّ أقطعه مائة جريب على نهر الأبّلة ، وأمر أن يحفر لها نهرٌ فنسب إليه(٢) .

وهذا ما أدركه علماء التبرير ـ ولا أقل بعضهم ـ إلاّ أنّهم تسللوا من وراء الأكمة لواذاً لئلا تصدمهم الحقيقة المرّة ، فتزل قدم بعد اهتزازها على أرضية هشة من المبررات التي ما أنزل الله بها من سلطان.

حتى قال بعضهم ممعناً في التبرير والتزوير ، فقال : ( وقع التحديث بهذا في زمن بني أمية ، وأمّا بعدهم فما كان يقال له إلاّ زياد بن أبيه وقبل استلحاق معاوية له كان يقال له زياد بن عبيد ، وكانت أمّه سمية مولاة الحرث بن كلدة الثقفي وهي تحت عبيد المذكور فولدت زياداً على فراشه ، فكان ينسب إليه ، فلمّا كان في أيام معاوية شهد جماعة على

____________________

(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٤ / ٧٦ ط مصر الأولى و ١٦ / ٢٠٤ تحـ أبو الفضل إبراهيم والقضايا الكبرى في الإسلام لعبد المتعال الصعيدي / ١٨٨.

(٢) راجع معجم البلدان ٥ / ٣٢٣ ( نهر مرّة ).

٢٨٥

إقرار أبي سفيان بأنّ زياداً ولده ، فاستلحقه معاوية بذلك ، وخالف الحديث الصحيح ( إنّ الولد للفراش وللعاهر الحجر ) وذلك لغرض دنيوي ، وقد أنكر هذه الواقعة على معاوية من أنكرها ، حتى قيلت فيها الأشعار ، ومنها قول القائل :

ألا أبلغ معاوية بن حرب

مغلغلة من الرجل اليماني

أتغضب أن يقال أبوك عِفٌّ

وترضى أن يقال أبوك زاني

وقد أجمع أهل العلم على تحريم نسبته إلى أبي سفيان ، وما وقع من أهل العلم في زمان بني أمية فإنّما هو تقية.

وذكر أهل الأمهات نسبته إلى أبي سفيان في كتبهم مع كونهم لم يؤلفوها إلاّ بعد انقراض عصر بني أمية محافظة منهم على الألفاظ التي وقعت من الرواة في ذلك الزمان كما هو دأبهم )(١) .

وجاء في ( كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري ) للشيخ محمّد الخضر الجكني الشنقيطي المتوفى سنة ١٣٥٤ هـ ، ترجمة زياد وكيفية إستلحاقه وأسماء الشهود له بذلك ، وفي آخر الترجمة ذكر غضب بني أمية من إستلحاقه ، وذكر شعر عبد الرحمن بن الحكم نقلاً عن ( الإستيعاب ) ، فمن أراد ذلك فليرجع إلى المصدر المذكور(٢) .

____________________

(١) نيل الأوطار للشوكاني ٥ / ١٠٧ ط العثمانية بمصر سنة ١٣٥٧ هـ.

(٢) كوثر المعاني ١٣ / ٣٨٨ ط مؤسسة الرسالة سنة ١٤١٥ هـ.

٢٨٦

وذكر الآبي في شرحه صحيح مسلم عند قوله : ( انّ ابن زياد كتب ). ( قلت ) ابن زياد هو عبيد الله بن زياد هذا هو الذي قتل الحسين بن عليّ ، وزياد هذا هو والده وكان معاوية استلحقه لأبيه أبي سفيان ، وتقدم إشباع الكلام على ذلك وعلى كيفية استلحاقه في حديث : ( من انتسب لغير أبيه من كتاب الإيمان فراجعه هناك )(١) .

نور على الدرب :

لو تفحصنا حديث عائشة في المصادر التي مرّ ذكرها لوجدناه ـ كما قلنا ـ يتفاوت بين مصدر وآخر ، بل بين رواية راو واحد في المصدر الواحد. وللتدليل والإختصار نذكر للقارئ ما في صحيح البخاري فقط ، وهو عند أصحابه كلّ الصيد في جوف الفرا.

ولقد ذكر الحديث في ستة أبواب متتابعة بشتى الصور ، وهي كما يلي في كتاب الحج بألفاظها :

١ ـ باب ( من أشعر وقلّد بذي الحليفة ثمّ أحرم ).

قال البخاري : ( حدثنا أبو نعيم ، حدثنا أفلح ، عن القاسم ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : فتلت قلائد بُدن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بيديّ ثمّ قلّدها وأشعرها وأهداها ، وما حُرم عليه شيء كان أحلّ له )(٢) .

____________________

(١) شرح صحيح مسلم ٣ / ٤١٣.

(٢) صحيح البخاري ٢ / ١٦٩ح ٣ ط بولاق.

٢٨٧

أقول : وهذا الحديث لم يشرحه ابن حجر في ( فتح الباري )(١) فظن خيراً!

٢ ـ باب ( فتل القلائد للبدن والبقر ).

قال البخاري : ( حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا الليث ، حدثنا ابن شهاب ، عن عروة ، عن عمرة بنت عبد الرحمن : أنّ عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يهدي من المدينة فأفتل قلائد هديه ثمّ لا يجتنب شيئاً ممّا يجتنبه المحرم )(٢) .

أقول : وهذا الحديث أيضاً غض ابن حجر النظر عنه فتعداه بسلام!(٣)

٣ ـ باب ( إشعار البدن ).

قال البخاري : ( حدثنا عبد الله بن سلمة ، حدثنا أفلح بن حميد ، عن القاسم ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : فتلت قلائد هدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثمّ أشعرها وقلّدها أو قلّدتها ، ثمّ بعث بها إلى البيت وأقام بالمدينة فما حرم عليه شيء كان له حلّ )(٤) .

أقول : وعلى ما عودنا ابن حجر في سابقيه لقد تغاضى عن شرحه إلى شرح معنى الإشعار ومشروعيته وإختلاف العلماء فيه!(٥)

٤ ـ باب ( من قلد القلائد بيده ).

____________________

(١) فتح الباري ٤ / ٢٩١.

(٢) صحيح البخاري ٢ / ١٦٩ ح ٢ط بولاق.

(٣) فتح الباري ٤ / ٢٩١.

(٤) صحيح البخاري ٢ / ١٦٩ ح ١ ط بولاق.

(٥) فتح الباري ٤ / ٢٩٢.

٢٨٨

قال البخاري : ( عبد الله بن يوسف )(١) وذكر الحديث الذي ذكرناه أوّلاً كخير شاهد فلا حاجة إلى إعادة ذكره.

٥ ـ باب ( تقليد الغنم ).

قال البخاري : ( حدثنا أبو النعمان ، حدثنا عبد الواحد ، حدثنا الأعمش ، حدثنا إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أفتل القلائد للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيقلّد الغنم ويقيم في أهله حلالاً )(٢) .

أقول : وقد استبسل ابن حجر في شرح عنوان الباب وذكر ( من رأى تقليد الغنم ومن لم ير ) ، والردّ عليه بحديث الباب إلى آخر ما عنده(٣) .

٦ ـ نفس الباب.

قال البخاري : ( حدثنا أبو النعمان ، حدثنا حماد ، حدثنا منصور بن المعتمر ( ح= حيلولة ) ، وحدثنا محمّد بن كثير أخبرنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أفتل قلائد الغنم للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فيبعث بها ثمّ يمكث حلالاً )(٤) .

أقول : ذكر ابن حجر إعلال بعض المخالفين حديث الباب ، بأنّ الأسود تفرد عن عائشة بتقليد الغنم دون بقية الرواة عنها من أهل بيتها وغيرهم. قال المنذري وغيره : ليست هذه بعلّة لأنّه حافظ ثقة لا يضرّه

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ / ١٦٩ ح ٢ ط بولاق.

(٢) نفس المصدر.

(٣) من شاء الاستزادة فليرجع إلى فتح الباري ٤ / ٢٩٥.

(٤) صحيح البخاري ٢ / ١٧٠ ح ٣ ط بولاق.

٢٨٩

التفرد(١) (؟)

٧ ـ الباب نفسه.

قال البخاري : ( حدثنا أبو نعيم ، حدثنا زكرياء ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : فتلت لهدي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، تعني القلائد قبل أن يحرم )(٢) .

٨ ـ باب ( القلائد من العهن ).

قال البخاري : ( حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا معاذ ، حدثنا ابن عون ، عن القاسم ، عن أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : فتلت قلائدها من عهن كان عندي )(٣) .

أقول : وقد أشار ابن حجر في ( فتح الباري ) إلى تفاوت رواية يحيى في الباب ، كما أشار إلى رواية مسلم للحديث عن ابن عون مثله وزاد : ( فأصبح فينا حلالاً يأتي ما يأتي الحلال من أهله )(٤) !

وهذه الزيادة كشفت لنا غمغمة الأحاديث السابقة في أقوال عائشة : ( وما حرم عليه شيء كان أحلّ له ) ، أو ( لا يجتنب شيئاً ممّا يجتنبه المحرم ) ، أو ( فما حرم عليه شيء كان له حلّ ) ، أو قولها : ( فيقيم في أهله

____________________

(١) فتح الباري ٤ / ٢٩٦.

(٢) صحيح البخاري ٢ / ١٧٠ح ٤ ط بولاق.

(٣) نفس المصدر.

(٤) فتح الباري ٤ / ٢٩٦.

٢٩٠

حلالاً ، أو ثمّ يمكث حلالاً ).

وبعد هذا العرض نترك المقارنة لمن أحبّ ، ليعرف كيف التلاعب بألفاظ الحديث عند الرواة ، من دون حياء.

والآن إلى نقاط على الحروف :

إذا ما رجعنا ثانية إلى الحديث وقرأناه قراءة ثانية ومتأنّية تساقطت من أجوائه المسائل التالية :

١ ـ ما بال زياد يكتب إلى عائشة في ذلك؟! وكان الأحرى به وقد أصبح ابن أبي سفيان أن يكتب إلى أخته أم حبيبة؟ أليس كذلك؟ فهي أخته فيما يزعمون ، وهي من أمهات المؤمنين ، ولا يخفى عليها ذلك من فعل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فإن لم تكن فتلت القلائد مرّة ، فلا أقل أنّها رأت أو سمعت من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك شيئاً. وهذه عاشت كثيراً من سنيّ ولاية زياد وأدرك هو حياتها فقد ماتت سنة ٥٩ هـ كما في ( إسعاف المبطأ )(١) .

٢ ـ هل أنّ أحاديث عائشة كلّها لواقعة واحدة؟ فإن كانت فلماذا تفاوتت صورها ، وقد بلغت عند مسلم عشرة أحاديث ومرّت ثمانية منها عند البخاري؟ أو هي وقائع متعددة؟

فإن كانت كلّها لواقعة واحدة ، فلماذا اختلفت إختلافاً فاحشاً حتى في رواية الراوي الواحد عن عائشة وفي المصدر الواحد؟

فأنظر روايات عمرة وعروة والقاسم والأسود ، وقارن بين رواياتهم

____________________

(١) إسعاف المبطأ / ٣٥.

٢٩١

على انفراد فضلاً عن مقارنتها بروايات بعضهم مع بعض؟ وإن كانت لوقائع متعددة فما بال عائشة وحدها تتولى فتل القلائد دون بقية الزوجات في جميع تلك السنين؟

على أنّه من المستبعد جداً أن لا يكون قد شاركتها مرّة غيرَها في ذلك الفتل العظيم الذي خصّت نفسها به!

وأبعد من ذلك كلّه عدم ورود حديث واحد عنهن يؤيد ذلك الإختصاص!

٣ ـ ثمّ ما بالها لم تذكر ـ ولو لمرّة واحدة ـ اسم الشخص الذي كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يرسل معه الهدي ، وما ذكرت غير أبيها؟ فهل يعني ذلك أنّه وحده كان يتولى سياق الهدي كما كانت ابنته تتولى فتل القلائد في جميع سني الهجرة؟ وهذا ما يكذبه الوجدان ، لأنّه لم يذهب إلى مكة أو إلى منى بعد الهجرة إلاّ وهو مع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم سواء في عمرة القضاء أو في حجة الوداع ، وفي كلتيهما كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم موجوداً يتولى هديه بنفسه.

ولو سلّمنا جدلاً زعم بعض علماء التبرير أنّه كان ذلك في السنة التاسعة ـ وهي سنة تبليغ براءة ـ بحجة ذهابه أميراً على الموسم ، فما بال الرواة وعلماء التبرير أبلسوا عن مصير الهدي عندما لحقه الإمام عليه السلام وأبلغه أمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأخذ منه الآيات فرجع أبو بكر إلى المدينة ، كيف صار الهدي هل أرجعه معه؟ أو أخذه عليّ عليه السلام كما أخذ آيات براءة؟ أو أرسله أبو بكر مع آخرين غير عليّ عليه السلام؟ وهكذا استفهام بعد استفهام ، هذا كلّه

٢٩٢

إذا صدقت تلكم الأحلام.

ولكي يستبين زيف ذلك الزعم ، فلنقرأ في ذلك ما رواه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند :

( قال عبد الله بن أحمد : حدثنا محمّد بن سليمان لوين ، حدثنا محمّد ابن جابر ، عن سماك ، عن حنش ، عن عليّ ، قال : لمّا نزلت عشر آيات من براءة على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، دعا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر ، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة ، ثمّ دعاني النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال لي : ( أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى مكة فاقرأه عليهم ) ، فلحقته بالجحفة ، فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : يا رسول الله نزل فيَّ شيء؟ قال : لا. ولكن جبريل جاءني فقال : لن يؤدي عنك إلاّ أنت أو رجل منك )(١) .

ونعود إلى أوّل السؤال ، لو سلّمنا جدلاً أن أباها تولى كان ذلك في السنة التاسعة ، فمن هم أولئك الذين تولوا المهمة في باقي السنوات؟ ولماذا لم تذكرهم؟ وهي لا تخلو إمّا أن تكون تعلمهم وكتمت أسماءهم لحاجة في نفسها ـ كما فعلت ذلك في حديث آخر وذلك في مرض النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت خروجه يتوكأ على رجلين الفضل بن العباس ورجل ، فسأل السامع ابن عباس فأخبره أنّه عليّ ، ولكن عائشة لا تطيب لها نفس أن تذكره ـ وهذا لا يليق بها!

وإمّا أن تكون لا تعلمهم وهو بعيد غايته ، كيف وابن عباس كان يعلم

____________________

(١) زيادات المسند ١ / ٣٢٢ برقم ١٢٩٦.

٢٩٣

بعضاً منهم ، فيذكر ذويب الخزاعي منهم ، وناجية الأسلمي منهم(١) (؟)

وأعود إلى الأفغاني الذي استدرجني إلى هذه الجولة لأقول له في الختام :

أرأيت كيف كان ابن عباس أوعى وأذكى وأزكى في حديثه حين سمّى من عَرفهم ، وهو لم يفتل فتلاً ولا حبلاً ولا دق طبلاً (؟!!)

وأمّا فتياه فقد كانت هي الفتيا الصحيحة ، ورأيه هو الصواب ، وهو على رأي الإمام عليه السلام ورأي عمر وابنه وقيس بن سعد ، وهؤلاء كلّهم من الصحابة بينهم خليفتان ، مضافاً إلى نفر من فقهاء التابعين كالنخعي وعطاء وابن سيرين وآخرين.

وحسب ابن عباس أنّه كان على رأي عليّ أمير المؤمنين عليه السلام الذي هو مع الحقّ والحقّ معه كما قال صلى الله عليه وآله وسلم(٢) ، ولو بحثنا عن جذور المسألة تاريخياً

____________________

(١) راجع المحلى لابن حزم ٧ / ٢٦٩ عن ابن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع فلان الأسلمي ثماني عشرة بدنة وفي سنن ابن ماجة ٢ / ١٠٣٦ برقم ٣١٠٥ عن ابن عباس ان ذويباً الخزاعي حدث ان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث معه بالبدن وفي سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة سمي الأسلمي وهو ناجية ، وقال الترمذي : حديث ناجية حديث حسن صحيح. وفي المبسوط للسرخسي الحنفي ٤ / ١٤٥ : ان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بعث عام الحديبية الهدايا على يد ناجية بن جندب الأسلمي

(٢) تاريخ بغداد ١٤ / ٣٢١ بسنده عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال دخلت على أم سلمة فرأيتها تبكي وتذكر عليّاً فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض يوم القيامة ) ، وهذا ما رواه سعد بن أبي وقاص أيضاً وقد قال سمعت في بيت ام سلمة ، فأرسل معاوية إلى أم سلمة فسألها فقالت قد قاله رسول الله في بيتي ، فقال معاوية لسعد : ما كنت عندي قط ألوم منك الآن فقال : ولم؟ قال : لو سمعت

٢٩٤

لوجدناها من أيام كان ابن عباس بالمدينة قبل أن يخرج منها مع الإمام عليه السلام فكان يبعث هديه ويتجرّد كما كان يفعل ذلك الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً.

فقد روى الشيخ الطوسي في ( التهذيب ) بسنده عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( أنّ ابن عباس رضي الله عنه وعليّاً عليه السلام كانا يبعثان بهديهما من المدينة ثمّ يتجرّدان ، وإن بعثا بهما من أفق من الآفاق واعدا أصحابهما بتقليدهما وإشعارهما يوماً معلوماً ، ثمّ يمسكان يومئذ إلى يوم النحر عن كلّ ما يمسك عنه المحرم ، ويجتنبان كلّ ما يجتنب المحرم ، إلاّ أنّه لا يلبي إلاّ من كان حاجاً أو معتمراً )(١) . والحديث صحيح الإسناد(٢) .

وقد استمر كذلك حتى في أيام ولايته على البصرة ، كما سيمرّ مزيد بيان عن ذلك في تاريخ ولايته.

( الحديث الثاني ) :

عن ابن عباس ـ وهذا أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الحج بابّ التقصّير في العمرة ـ وهو صحيح السند وواضح الدلالة(٣) .

وأمّا حكاية قول البيهقي : ( قد قررنا ) فذلك قاله عقب حديث ابن

____________________

من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لم أزل خادماً لعليّ حتى أموت. أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٧ / ٢٣٦ ، ولم يسم معاوية بل كنى عنه بأحد وبالرجل. وهذه سجية علماء التبرير في كل زمان ومكان.

(١) تهذيب الأحكام ٥ / ٤٢٤.

(٢) كما في الجواهر ٢٠ / ١٦٠ ط الآداب النجف.

(٣) صحيح مسلم ٤ / ٥٨ ط صبيح.

٢٩٥

عباس ولفظه : ( قد روينا عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم عن أبي ذر ما دلّ على أنّ فسخهم للحج بالعمرة كان خاصاً للركب من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنّ غيرهم إذا حجّوا أو قرنوا ثم طافوا طواف القدوم لم يحلّوا حتى يكون يوم النحر فيحلون بما جعل به التحلل والله أعلم

ثم ساق حديث ابن عمر )(١) .

أقول : ومن الغريب من البيهقي أن يذكر هذا! وهو الذي روى في باب من أختار التمتع بالعمرة إلى الحج… حديث مسلم في صحيحه عن مجاهد ، عن ابن عباس ، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : ( هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن معه هدي فليحلّ الحلّ كلّه فقد دخل العمرة في الحج إلى يوم القيامة )(٢) .

وأوضح من ذلك حديث عائشة ـ وقد أخرجه مسلم في الصحيح أيضاً ـ قالت : ( قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأربع أو لخمس مضين من ذي الحجّة ، قالت : فدخل عليَّ يوماً وهو غضبان ، قلت : من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار(٣) ؟ قال : ( أما شعرتِ أنّي أمرت الناس بأمر فإذا هم

____________________

(١) راجع سنن البيهقي ٥ / ٧٨ ، باب تعجيل الطواف بالبيت.

(٢) سنن البيهقي ٥ / ١٨ ط دار الفكر بيروت.

(٣) لا ينقضي العجب من أم المؤمنين فهي إذ تقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ( من اغضبك ادخله الله النار ) فهل كان خروجها من بيتها إلى البصرة رضاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ أولم ينهها عن ذلك كما في حديث الحوأب ثم في حربها للإمام هل كان رضأً لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم؟ كيف وهو الذي قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم حربك حربي وسلمك سلمي ، بأنها أورثت الأمة معاناة التوفيق والتلفيق.

٢٩٦

يترددون فيه ) ، قال : ( ولو أنّي استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقتُ الهدى حتى اشتريه ، ثم أحلّ كما حلّوا )(١) .

وأوفى من ذلك حديث عطاء عن جابر بن عبد الله ، قال : ( أهللنا أصحاب رسول صلى الله عليه وآله وسلم بالحج خالصاً وحده ، فقدم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم صبح رابعة مضت من ذي الحجة فأمر بعد أن قدم أن نحلّ ، فقال : ( أحلّوا وأصيبوا النساء ) ، قال عطاء : ولم يعزم عليهم أن يصيبوا النساء ولكنّه أحلّهن لهم.

قال عطاء قال جابر : فبلغه عنّا أنّا نقول : لمّا لَم يكن بيننا وبين عرفة إلاّ خمس ، أمرنا أن نحلّ إلى نسائنا ، فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني فقام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بيننا فقال : ( قد علمتم أنّي أتقاكم لله ، وأصدقكم وأبرّكم ، ولولا هديي لأحللت كما تحلون ، ولو استقبلت من أمري ما أستدبرت ما أُهديت ، فحلّوا ) ، قال : فأحللنا وسمعنا وأطعنا.

قال جابر : فقدم عليّ رضي الله عنه من سعايته ، فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : ( بما أهللت؟ ).

قال : بما أهل به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.

قال : ( فاهدي وأمكث حراماً ).

قال : فأهدى له عليّ رضي الله عنه.

قال سراقة بن مالك بن جعشم : متعتنا هذه يا رسول الله لعامنا هذا أم للأبد؟

قال : ( بل لأبد )(٢) .

____________________

(١) سنن البيهقي ٥ / ١٩.

(٢) سنن البيهقي ٥ / ١٨.

٢٩٧

فتبين أنّ فتيا ابن عباس هي على السنّة التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!

فهذه الأحاديث الثلاثة أثبتت أنّ الحق كان مع ابن عباس ، وما رواه الزركشي عن عائشة وابن عمر في إنكارها على ابن عباس لا وجه له إلا التشهير به بغير حق ، فإنّ ابن عباس لم يقل لا يجوز الطواف قبل الإتيان بعرفة كما شهروا به ، بل صريح ما رواه الزركشي وقبله البيهقي ، وأخرجه مسلم : عن عطاء ، عن ابن عباس كان يقول : ( لا يطوف بالبيت حاج ولا عن حاج إلاّ حلّ ). وبقية إستدلال عطاء يكشف عن مراد ابن عباس هو للحاج المتمتع وليس للقارن.

( الحديث الثالث ) :

ومداره حول رواية البيهقي في إستفتاء ابن عباس من عائشة وأم سلمة حول إجراء عملية جراحية لعينيه فنهتاه ، وأيضاً حول رواية الحاكم في ( المستدرك ) في إستفتائه من عائشة وأبي هريرة وغيرهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الموضوع نفسه.

وهذا قد سبق مني الكلام فيه في الجزء الرابع من الحلقة الأولى في عنوان : ( وابيضت عيناه من الحزن )(١) ، وذكرت هناك بعض الخبط حول سبب العمى ، حيث قالوا : كان سبب عماه رؤية الملك ، وفندت ذلك.

والآن قالوا سبب عماه مبالغته في إيصال الماء إلى داخل عينيه ، حيث

____________________

(١) موسوعة عبد الله بن عباس / الحلقة الأولى ٤ / ٣٠٢.

٢٩٨

يرى وجوب ذلك كما في ( تفسير الرازي )(١) ، ووعدت بالتحقيق في هذه المسألة في الحلقة الثانية. وحان وقت انجاز الوعد ، فأقول :

لقد وقع الخلط في هذه المسألة ( إيصال الماء إلى داخل العين في غسل الوجه ) :

فقال أصحاب الشافعي : إنّه مستحب ، وحكي عن ابن عمر مثل ذلك(٢) .

قال القرطبي في تفسيره : ( وأمّا العينان فالناس كلّهم مجمعون على أنّ داخل العينين لا يلزم غسله ، إلاّ ما روي عن عبد الله بن عمر أنّه كان ينضح الماء في عينيه ، وإنّما سقط غسلهما للتأذي بذلك والحرج به.

قال ابن العربي : ولذلك كان عبد الله بن عمر لمّا عمي يغسل عينيه إذ كان لا يتأذى بذلك )(٣) .

وقال الجصاص الحنفي في ( أحكام القرآن ) : ( فإن قيل أنّ ابن عمر كان يدخل الماء عينه في الجنابة؟ قيل له : لم يكن يفعله على وجه الوجوب ، وقد كان مصعباً على نفسه في أمر الطهارة يفعل فيهما ما لا يراه واجباً ، قد كان يتوضأ لكلّ صلاة ويفعل أشياء على وجه الإحتياط لا على وجه الوجوب )(٤) .

وقال السرخسي الحنفي في ( المبسوط ) : ( وحدّ الوجه من قصاص

____________________

(١) تفسير الرازي ١١ / ١٥٧.

(٢) الخلاف ١ / ٨٥.

(٣) تفسير القرطبي ٦ / ٨٤.

(٤) أحكام القرآن ٢ / ٣٦٦ ـ ٣٦٧.

٢٩٩

الشعر إلى أسفل الذقن إلى الأذنين ، لأنّ الوجه أسم لما يواجه الناظر إليه ، غير أنّ إدخال الماء في العينين ليس شرط ، لأنّ العين شحم لا يقبل الماء.

وفيه أيضاً : فمن تكلف له من الصحابة رضوان الله عليهم كُفّ بصره في آخر عمر كابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم )(١) .

وقال الكاساني في ( بدائع الصنائع ) : ( وإدخال الماء في داخل العينين ليس بواجب ، لأنّ داخل العين ليس بوجه ، لأنّه لا يواجه إليه ، ولأنّ فيه حرجاً ، وقيل أنّ من تكلف لذلك من الصحابة كفّ بصره كابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم )(٢) .

وقال أيضاً : ( واحتج بحديث ابن عباس رضي الله عنه أنّ طبيباً قال له بعد ما كفّ بصره : لو صبرت أياماً مستلقياً صحت عيناك. فشاور عائشة وجماعة من الصحابة رضي الله عنه فلم يرخصوا له في ذلك ، وقالوا له : أرأيت لو مّتَ في هذه الأيام كيف تصنع بصلاتك؟

ثم قال الكاساني : وتأويل حديث ابن عباس رضي الله عنه : أنّه لم يظهر لهم صدق ذلك الطبيب فيما يدعي )(٣) .

هذه جملة ممّا قالوه في سبب عماه. وقد أبعدوا مرمى حجارتهم حتى نالت ابن عمر أيضاً فجعلوه أعمى ، وهذا لم يذكره مترجموه في ترجمته ، راجع ( الإصابة ) ، و ( الإستيعاب ) ، و ( أسد الغابة ) ، وطبقات ابن سعد.

____________________

(١) المبسوط ١ / ٦.

(٢) بدائع الصنائع ١ / ٨٧.

(٣) نفس المصدر ١ / ٣١٦.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

٧ -( باب أنّ من دخل من سفر بعد الزوال مطلقا، أو قبله، وقد أفطر، استحب له الإمساك بقيّة النّهار، ولم يجب، ووجب عليه القضاء)

[ ٨٤٧٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، في مسافر يقدم بلده، وقد كان مفطرا (قبل الزوال)(١) ، فيدخل عند الظّهر، قال: « يكفّ عن الطعام أحبّ اليّ ».

[ ٨٤٧١ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا قدمت من السفر، وعليك بقيّة يوم، فامسك من الطعام والشراب إلى الليل ».

٨ -( باب عدم جواز صوم شئ من الواجب في السفر، إلّا النّذر المعيّن، سفرا وحضرا، وثلاثة أيام دم المعتة، وثمانية عشر يوماً لمن أفاض من عرفات قبل الغروب)

[ ٨٤٧٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يصوم في السفر شيئاً من صوم الفرض، ولا السنة، ولا التطوّع، إلّا الصوم الّذي ذكرناه في أوّل الباب، من صوم كفّارة صيد الحرم، وصوم كفّارة الاختلال(١) في

____________________________

الباب - ٧

١ - الجعفريات ص ٦٠.

(١) في المصدر: أول النهار.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

الباب - ٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: الاحلال.

٣٨١

الإحرام، إن كان به أذى من رأسه، وصوم ثلاثة أيّام، لطلب الحاجة عند قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو يوم الأربعاء والخميس والجمعة ».

[ ٨٤٧٣ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ومن تمتّع بالعمرة إلى الحج، فعليه ما استيسر من الهدي، كما قال الله عزّوجلّ، شاة فما فوقها، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام في الحج، يصوم يوماً قبل التّروية، ويوم التّروية، ويوم عرفة وسبعة أيّام إذا رجع إلى أهله، وله أن يصوم متى شاء، إذا دخل في الحجّ، وإن (قدّم صوم الثلاثة الأيام)(١) في أوّل العشر فحسن، وإن لم يصم في الحج، فليصم في الطّريق » الخبر.

[ ٨٤٧٤ ] ٣ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « لم يكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يصوم في السفر تطوّعا ولا فريضة، يكذبون على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نزلت هذه الآية، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكراع الغميم، عند صلاة الفجر، فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بإناء فشرب وأمر النّاس أن يفطروا، فقال قوم: قد توجّه النهار، ولو صمنا يومنا هذا، فسمّاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : العصاة، فلم يزالوا يسمّون بذلك الاسم، حتّى قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٨.

(١) في المصدر: قدمها.

٣ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨١ ح ١٩٠.

٣٨٢

٩ -( باب جواز صوم المندوب في السفر، على كراهية)

[ ٨٤٧٥ ] ١ - بعض نسخ الفقه الرضوي: على من نسب إليهعليه‌السلام : « أروي عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، أنّه قال: يستحبّ إذا قدم المدينة - مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله - أن يصوم ثلاثة أيام، فإن كان له بها مقام، أن يجعل صومها في يوم الاربعاء والخميس والجمعة ».

[ ٨٤٧٦ ] ٢ - الشيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن جابر، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « ليس من البرّ الصّيام في السفر ».

[ ٨٤٧٧ ] ٣ - وعن عبد الرحمان بن عوف، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الصائم في السفر، كالمفطر في الحضر ».

[ ٨٤٧٨ ] ٤ - وعن جابر، أنّه قال: قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن جماعة يصومون في السفر، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أُولئك العصاة ».

[ ٨٤٧٩ ] ٥ - وعن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، أنّه قال: « كان أبي لا

____________________________

الباب - ٩

١ - نقله عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤ ح ٣.

٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٠٤ ح ٣١.

٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ٢ ص ٨١ ح ٢١٧.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٠٤ ح ٣٢.

٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ٢ ص ٨٠ ح ٢١٣

٣٨٣

يصوم في السفر، وكان ينهى عنه ».

وروى ابن ابي جمهور في عوالي اللآلي: الحديث الأول والثاني، عن الشهيد، مرسلا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٠ -( باب جواز الجماع للمسافر ونحوه، في شهر رمضان، على كراهية، وكذا يكره له التملّي من الطّعام والشّراب)

[ ٨٤٨٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، أنّه قال في حديث: « وإن هي اغتسلت من حيضتها، وجاء زوجها من سفر، فليكف عن مجامعتها، فهو أحبّ إليّ، إذا جاء في شهر رمضان ».

[ ٨٤٨١ ] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا أفطر المسافر، فلا بأس أن يأتي أهله أو جاريته إن شاء، وقد روي فيه نهي.

____________________________

الباب - ١٠

١ - الجعفريات ص ٦١.

٢ - المقنع ص ٦٢.

٣٨٤

١١ -( باب سقوط الصوم الواجب: عن الشيخ، والعجوز، وذي العطاش* ، إذا عجزوا عنه، ويجب على كلّ منهم، أن يتصدق عن كلّ يوم بمدّ من طعام، ويستحبّ أن يتصدق بمدّين، ولا يجب القضاء إن استمرّ العجز، ويستحبّ قضاء الوليّ عنه)

[ ٨٤٨٢ ] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ، فريضة شهر رمضان، وأنزل( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) أتى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شيخ كبير يتوكأ بين رجلين، فقال: يا رسول الله، هذا شهر مفروض ولا أطيق الصّيام، قال: إذهب فكل، واطعم عن كلّ يوم نصف صاع، وإن قدرت ان تصوم اليوم واليومين، وما قدرت فصم - إلى أن قال - وأتاه صاحب عطش، فقال: يا رسول الله، هذا شهر مفروض، ولا أصبر عن الماء ساعة، الّا تخوّفت الهلاك، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنطلق فافطر، وإذا اطقت فصم ».

[ ٨٤٨٣ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « الشيخ الكبير، والذي يأخذه العطاش ».

____________________________

الباب - ١١

(* ) العطاش: داء يصيب الانسان يشرب الماء فلا يروى. (لسان العرب - عطش - ج ٦ ص ٣١٨).

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٦.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٣٨٥

[ ٨٤٨٤ ] ٣ - وعن سماعة، عن أبي بصير، قال: سألتهعليه‌السلام ، عن قول الله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « هو الشيخ الكبير الّذي لا يستطيع، والمريض ».

[ ٨٤٨٥ ] ٤ - وعن العلاء، عن محمّد، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن قول الله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « هو الشيخ الكبير، والذي يأخذه العطاش ».

[ ٨٤٨٦ ] ٥ - احمد بن محمّد السيّاري في التّنزيل والتّحريف: عن ابي الحسنعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « الشيخ الفاني، والمعطوش، والصّبي الّذي لا يقوى على السّحور(٢) ، ويطعم مسكينا مكان كلّ يوم ».

____________________________

٣ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٧.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٤ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٧٩.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٥ - التنزيل والتحريف ص ١١.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

(٢) في المصدر: السجود.

٣٨٦

١٢ -( باب جواز افطار الحامل المقرب، والمرضع القليلة اللّبن، إذا خافتا على أنفسهما أو الولد، ولم يكن استرضاع غيرها، ويجب عليهما القضاء والصّدقة عن كلّ يوم بمدّ)

[ ٨٤٨٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام : أنّه كانت له أُمّ ولد، فأصابها عطاش [ وهي حامل ](١) ، فسئل عبدالله بن عمر بن الخطاب فقال: مروها تفطر، وتطعم كلّ يوم مسكينا.

[ ٨٤٨٨ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ، فريضة شهر رمضان، وأنزل:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) أتى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شيخ كبير - إلى أن قال - وأتته امرأة فقالت: يا رسول الله، انّي امرأة حبلى، وهذا شهر رمضان مفروض، وأنا أخاف على ما في بطني ان صمت، فقال لها: إنطلقي فافطري، وإن أطقت فصومي، وأتته امرأة مرضعة فقالت: يا رسول الله، هذا شهر مفروض صيامه، وإن صمت خفت أن يقطع لبني، فيهلك ولدي، فقال: إنطلقي وافطري، وإذا أطقت فصومي ».

[ ٨٤٨٩ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا لم يتهيأ للشيخ، أو الشاب المعلول، أو المرأة الحامل، أن يصوم من العطش والجوع، أو خافت

____________________________

الباب - ١٢

١ - الجعفريات ص ٦٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٣٨٧

أن يضر بولدها، فعليهم جميعا الإفطار، ويتصدق عن كلّ واحد، لكلّ يوم (بمدّ من)(١) طعام، وليس عليه القضاء ».

[ ٨٤٩٠ ] ٤ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن رفاعة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « المرأة تخاف على ولدها، والشيخ الكبير ».

[ ٨٤٩١ ] ٥ - وعن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « [ الشيخ ](١) الكبير والذي به العطاش، لا حرج عليهما أن يفطرا في رمضان، وتصدق كلّ واحد منهما في كلّ يوم بمدّ من طعام، ولا قضاء عليهما، وإن لم يقدرا فلا شئ عليهما ».

١٣ -( باب وجوب الافطار على المريض الّذي يضره الصوم، في شهر رمضان وغيره)

[ ٨٤٩٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « لا يجوز للمريض والمسافر، الصيام ».

[ ٨٤٩٣ ] ٢ - العياشي: عن سماعة، عن أبي بصير قال: سألته عن قول

____________________________

(١) في المصدر: بمدين.

٤ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٨٠.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٥ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٨١.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب - ١٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٧.

٣٨٨

الله:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ ) (١) الآية، قال: « هو الشّيخ الكبير، الّذي لا يستطيع، والمريض ».

١٤ -( باب أنّ حدّ المريض الموجب للإفطار، وما يخاف به الإضرار، وأنّ المريض يرجع إلى نفسه، في قوّته وضعفه)

[ ٨٤٩٤ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام ، عن حدّ المرض، الّذي يجب على صاحبه فيه الإفطار، كما يجب عليه في السّفر، في قوله:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ ) (١) قال: « هو مؤتمن عليه مفوّض إليه، فإن وجد ضعفاً فليفطر، وإن وجد قوّة فليصم، كان المريض(٢) على ما كان ».

[ ٨٤٩٥ ] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « حدّ المرض الّذي يجب على صاحبه فيه( عِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (١) ، كما يجب(٢) في السّفر، لقول الله عزّوجلّ:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (٣) أن يكون العليل لا

____________________________

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

الباب - ١٤

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨١ ح ١٨٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

(٢) لعلّه: المرض. بقرينة الحديث التالي.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) في المصدر: الإفطار.

(٢) وفيه زيادة: عليه

(٣) البقرة ٢: ١٨٤.

٣٨٩

يستطيع أن يصوم، أو يكون إن استطاع الصوم زاد في علّته، وخاف على نفسه، وهو مؤتمن على ذلك مفوّض إليه فيه، فإن أحسّ ضعفا فليفطر، وإن وجد قوّة على الصوم فليصم، كان (المريض على)(٤) ما كان ».

[ ٨٤٩٦ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ويصوم العليل إذا وجد من نفسه خفّة، وعلم أنّه قادر على الصوم، وهو أبصر بنفسه ».

١٥ -( باب أنّ من صام في المرض مع إضراره به، لم يجزه، وعليه القضاء)

[ ٨٤٩٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « لا يجوز للمريض والمسافر الصيام، فإن صاما كانا عاصيين، وعليهما القضاء » وقالعليه‌السلام : « وروي أن من صام في مرضه أو سفره، أو أتمّ الصلاة، فعليه القضاء ».

وقال «عليه‌السلام في موضع آخر(١) : « فإن صام في السفر، أو في حال المرض، فعليه في ذلك القضاء، فإنّ الله يقول:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ».

الصّدوق في الهداية: عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، مثله(٢) .

____________________________

(٤) في المصدر: المرض.

٣ - فقه الرضا ص ٢٥.

الباب - ١٥

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

(١) نفس المصدر ص ٢٣.

(٢) الهداية ص ٥١.

٣٩٠

[ ٨٤٩٨ ] ٢ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عنهعليه‌السلام ، مثله، وزاد بعد قوله: أو في حال المرض، فهو عاص الخ.

١٦ -( باب استحباب إمساك المريض بقيّة النّهار، إذا برئ من مرضه في أثنائه، ويجب عليه القضاء)

[ ٨٤٩٩ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأمّا صوم التّأديب، فإنّه يؤمر الصبي إذا بلغ سبع سنين بالصوم تأديبا، وليس بفرض، وإن لم يقدر إلّا نصف النهار، فليفطر إذا غلبه العطش، وكذلك من أفطر لعلّة أوّل النهار، ثمّ قوي بقيّة يومه، أُمر بالإمساك بقيّة يومه تأديبا، وليس بفرض ».

[ ٨٥٠٠ ] ٢ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنّه قال في حديث: « وأمّا صوم التّأديب، فالصبي يؤمر إذا راهق بالصوم تأديبا، و ليس بفرض، وكذلك من أفطر بعلة من أوّل النهار، وقوي(١) بقيّة يومه » و ذكر مثله.

الصدوق في الهداية: عنهعليه‌السلام ، مثله، وفي المقنع مثله(٢) .

____________________________

٢ - تفسير علي بن إبراهيم ج ١ ص ١٨٧، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

الباب - ١٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

٢ - تفسير علي بن إبراهيم ج ١ ص ١٨٧، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦١.

(١) في المصدر: ثمّ عوفي.

(٢) الهداية ص ٥٠، والمقنع ص ٥٧.

٣٩١

١٧ -( باب بطلان صوم الحائض وإن رأت الدّم قرب الغروب، أو انقطع عقيب الفجر، ووجوب قضائها للصّوم دون الصلاة)

[ ٨٥٠١ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن حاضت وقد بقي عليها بقيّة يوم، أفطرت وعليها القضاء ».

١٨ -( باب استحباب إمساك الحائض بقيّة النهار، إذا طهرت في أثنائه، أو حاضت، ويجب عليها قضاؤه)

[ ٨٥٠٢ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : في المرأة إذا حاضت فاغتسلت نهارا، قال: « تكف عن الطعام، أحبّ اليّ ».

[ ٨٥٠٣ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا طهرت المرأة من حيضها، وقد بقي عليها يوم، صامت ذلك اليوم تأديبا، وعليها قضاء ذلك اليوم ».

الصدوق في المقنع: مثله، وفيه: « بقي عليها بقيّة يوم، صامت ذلك المقدار »(١) .

____________________________

الباب - ١٧

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

الباب - ١٨

١ - الجعفريات ص ٦١.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

(١) المقنع ص ٦٤.

٣٩٢

[ ٨٥٠٤ ] ٣ - السيد فضل الله الرّاوندي في نوادره: بإسناده المعتبر عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: » إذا قدم المسافر مفطرا بلده نهارا يكف عن الطعام أحبّ اليّ وكذلك قال في الحائض إذا طهرت نهارا ».

١٩ -( باب عدم وجوب الصوم على الطفل والمجنون، واستحباب تمرين الولد على الصوم لسبع أو تسع، بقدر ما يطيق، ولو بعض النهار، أو إذا أطاق، أو راهق، ووجوبه على الذكر لخمس عشرة، وعلى الأُنثى لتسع، إلّا أن يبلغ بالاحتلام أو الإنبات قبل ذلك، فيجب إلزامهما)

[ ٨٥٠٥ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنّ الغلام يؤخذ بالصيام، إذا بلغ تسع سنين، على قدر ما يطيقه، فإن أطاق إلى الظّهر أو بعده، صام إلى ذلك الوقت، فإذا غلب عليه الجوع والعطش أفطر، وإذا صام ثلاثة أيّام، فلا تأخذه بصيام الشهر كلّه ».

[ ٨٥٠٦ ] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام أنّه قال: « يؤمر الصبي بالصلاة إذا عقل، وبالصوم إذا أطاق ».

[ ٨٥٠٧ ] ٣ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « إنّا نأمر صبياننا بالصلاة والصيام ما أطاقوا منه، إذا كانوا أبناء سبع سنين ».

____________________________

٣ - نوادر الراوندي ص ٣٧.

الباب - ١٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٣.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٤.

٣٩٣

[ ٨٥٠٨ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام : أنّه كان يأمر الصبي بالصوم في شهر رمضان، بعض النهار، فإذا رأى الجوع والعطش غلب عليه، أمره فأفطر.

[ ٨٥٠٩ ] ٥ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « يجب الصلاة على الصبي إذا عقل، والصوم إذا أطاق ».

السيد الرّاوندي في نوادره: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عنهعليهم‌السلام ، مثله(١) .

وتقدم عن تفسير علي بإسناده، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام : أنّه قال: « وأمّا صوم التّأديب، فالصبي يؤمر إذا راهق بالصوم، تأديبا وليس بفرض »(٢) .

____________________________

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٤.

٥ - الجعفريات ص ٥١.

(١) عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣١٩ ح ٣.

(٢) تقدم في الباب ١٦ حديث ٢.

٣٩٤

أبواب أحكام شهر رمضان

١ -( باب وجوب صومه، وعدم وجوب شئ من الصّوم، غير ما نصّ على صومه)

[ ٨٥١٠ ] ١ - الشيخ المفيد في الاختصاص: عن عبد الرحمان بن ابراهيم، عن الحسين بن مهران، عن الحسين بن عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن محمّد عن أبيه، عن جدّه الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « جاء رجل من اليهود، إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - وساق الخبر إلى أن قال - يا محمّد، فاخبرني عن الثامن، لأيّ شئ افترض الله صوما على أُمّتك ثلاثين يوما؟ وافترض على سائر الأُمم أكثر من ذلك؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ آدم لمـّا أن أكل من الشجرة، بقي في جوفه مقدار ثلاثين يوما، فافترض الله على ذريّته ثلاثين يوماً الجوع والعطش، وما يأكلون(١) باللّيل فهو تفضّل من الله على خلقه، وكذلك كان لآدمعليه‌السلام ثلاثين يوما، كما على أُمّتي، ثمّ تلا هذه الآية:( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذين مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (٢) قال: صدقت يا محمّد، فما

____________________________

أبواب أحكام شهر رمضان

الباب - ١

١ - الاختصاص ص ٣٨.

(١) في المصدر: يأكلونه.

(٢) البقرة ٢: ١٨٣.

٣٩٥

جزاء من صامها؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما مؤمن يصوم يوماً من شهر رمضان، حاسبا محتسبا، إلّا أوجب الله تعالى له سبع خصال: أوّل الخصلة يذوب الحرام من جسده، والثّاني يتقرّب إلى رحمة الله تعالى، والثّالث يكفر خطيئته، ألا تعلم أنّ الكفّارات في الصوم يكفّر، والرّابع يهوّن عليه سكرات الموت، والخامس آمنه الله من الجوع والعطش يوم القيامة، والسّادس براءة من النّار، والسّابع أطعمه الله من طيّبات الجنّة، قال: صدقت يا محمّد ».

[ ٨٥١١ ] ٢ - ابن شهر آشوب في المناقب: عن الفضل بن ربيع، ورجل آخر، في حديث طويل أنّ هارون سأل موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، وهو لا يعرفه فقال: أخبرني ما فرضك؟ قالعليه‌السلام : « إنّ الفرض رحمك الله واحد - إلى أن قال - ومن اثني عشر واحد - إلى أن قالعليه‌السلام - وأمّا قولي من اثني عشر واحد، فصيام شهر رمضان من اثني عشر شهرا » الخبر.

[ ٨٥١٢ ] ٣ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « من صام يوماً من رمضان، خرج من ذنوبه مثل يوم ولدته أُمّه، فإن انسلخ عليه الشّهر وهو حيّ، لم تكتب عليه خطيئته إلى الحول ».

[ ٨٥١٣ ] ٤ - وعن الشعبي، عن قيس الجهني، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: « ما من يوم يصومه العبد من شهر رمضان، إلّا جاء يوم القيامة في غمامة من نور، في تلك الغمامة قصر

____________________________

٢ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٤ ص ٣١٢.

٣ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

٣٩٦

من درّة، له سبعون بابا، كلّ باب من ياقوته حمراء ».

[ ٨٥١٤ ] ٥ - وعن عبد الرحمان بن عوف: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ذكر شهر رمضان، وفضله على الشّهور بما فضّله الله، وقال: « إنّ شهر رمضان شهر كتب الله صيامه على المسملين، وسَنَّ قيامه، فمن صامه إيمانا واحتسابا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥١٥ ] ٦ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « من صام شهر رمضان وقامه، إيمانا واحتسابا، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ».

[ ٨٥١٦ ] ٧ - السيد فضل الله الرّاوندي في نوادره: عن علي بن الحسين الورّاق، عن عبدالله بن جعفر، عن محمّد بن أبي نعيم بن علي، وأبي إسحاق بن عيسى، عن محمّد بن الفضل بن حاتم، عن إسحاق بن راهويه، عن النّضر بن شميل، عن القاسم بن الفضل، عن النّضر بن شيبان، عن أبي سلمة، عن عبد الرحمان، عن أبيه، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر رمضان ففضله بما فضّله الله عزّوجلّ، على سائر الشّهور، قال: « شهر فرض الله صيامه، وسنّ قيامه، فمن صام وقام(١) إيمانا واحتسابا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥١٧ ] ٨ - وعن أبي القاسم الورّاق، عن محمّد، عن عمير بن احمد، عن أبيه، عن محمّد بن سعيد، عن هدية، عن همام بن [ يحيى ](١) عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن مسيّب، عن

____________________________

٥ و ٦ - درر اللآلي ج ١ ص ١٧.

٧ - نوادر الراوندي، أخرجه عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٩ ح ١٧.

(١) في البحار: صامه وقامه.

٨ - نوادر الراوندي، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٩ ح ١٨.

(١) سقط من الطبعة الحجرية، وما أثبتناه من البحار هو الصواب « راجع =

٣٩٧

سلمانرضي‌الله‌عنه قال: خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في آخر يوم من شعبان، فقال: « قد أظلكم شهر رمضان، شهر مبارك، شهر فيه ليلة القدر(٢) خير من الف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيامه لله عزّوجلّ طوعا » الخبر.

[ ٨٥١٨ ] ٩ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: قال لي يوما: « يا زهري، من أين جئت؟ » قلت: من المسجد، قال: « فيم كنت؟ » قال: تذاكرنا فيه أمر الصوم، فاجتمع رأيي ورأي اصحابي، أنّه ليس من الصوم شئ واجب، إلّا صوم شهر رمضان، فقال: « يا زهري ليس كما قلتم، الصوم على أربعين وجها: فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان، وأربعة عشر وجها صاحبها بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر، وعشرة أوجه منها حرام، وصوم الإذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأديب، وصوم الإباحة، وصوم السفر، والمرض »، فقلت: فسرّهنّ لي جعلت فداك، فقال: « أمّا الواجب فصوم شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين » الخبر.

ورواه الصدوق في الهداية والمقنع: عنهعليه‌السلام ، مثله(١) .

[ ٨٥١٩ ] ١٠ - وقال في قوله تعالى:( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذين

____________________________

= تهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٢٢ ».

(٢) « القدر » ليس في البحار.

٩ - تفسير القمي ج ١ ص ١٨٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٥٩.

(١) الهداية ص ٤٨، المقنع ص ٥٥.

١٠ - تفسير القمي ج ١ ص ٦٥.

٣٩٨

مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (١) فإنّه قال، أي الصادقعليه‌السلام كما هو الظّاهر: « أوّل ما فرض الله الصّوم، لم يفرضه في شهر رمضان إلّا على الأنبياء، ولم يفرضه على الأُمم، فلمّا بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خصّه بفضل [ شهر ](٢) رمضان، هو وأُمّته، وكان الصّوم قبل أن ينزل شهر رمضان، يصوم النّاس أيّاماً، ثمّ نزل:( شَهْرُ رَمَضَانَ الّذي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) (٣) ».

[ ٨٥٢٠ ] ١١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنّ الصوم على أربعين وجها - إلى أن قال - أمّا الصوم الواجب، فصوم شهر رمضان » الخبر. قال: « وقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) ، أنّه قال: من دخل عليه شهر رمضان، فصام نهاره، وأقام ورداً في ليله، وحفظ فرجه ولسانه، وغضّ بصره، وكفّ أذاه(٢) ، خرج من ذنوبه (كهيئة يوم)(٣) ولدته أُمّه، فقيل له: ما أحسن هذا من حديث! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أصعب هذا من شرط! ».

[ ٨٥٢١ ] ١٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّد أنّه قال: « صوم شهر رمضان، فرض في كلّ عام ».

وعن عليعليه‌السلام (١) أنّه قال: « صوم شهر رمضان، جنّة

____________________________

(١) البقرة ٢: ١٨٣.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ١٨٥.

١١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) نفس المصدر ص ٢٤.

(٢) في المصدر: أذناه.

(٣) في المصدر: كيوم.

١٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٨.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٢٦٩.

٣٩٩

من النّار ».

[ ٨٥٢٢ ] ١٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « شهر رمضان، شهر فرض الله صيامه، فمن صامه احتسابا وإيمانا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥٢٣ ] ١٤ - القطب الرّاوندي في لبّ اللّباب: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « ينطق الله جميع الأشياء، بالثناء على صوام شهر رمضان ».

[ ٨٥٢٤ ] ١٥ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « إنّ الجنّة مشتاقة إلى أربعة نفر: إلى مطعم الجيعان، وحافظ اللّسان، وتالي القرآن، وصائم شهر رمضان، » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ رمضان إلى رمضان، كفّارة لمـّا بينهما » وقال: « أنّ الجنّة لتزيّن من السنة إلى السنة، لصوم شهر رمضان ».

[ ٨٥٢٥ ] ١٦ - الصدوق في كتاب فضائل الأشهر الثلاثة: عن أحمد بن الحسن القطان، عن أحمد بن محمّد بن محمّد بن سعيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي الزبير المكّي، عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ الله تبارك وتعالى، لم يفرض من صيام شهر رمضان، فيما مضى الّا على الأنبياء دون أُممهم، وإنّما فرض عليكم ما فرض على أنبيائه ورسله قبلي، إكراما وتفضيلا » الخبر.

____________________________

١٣ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٣٢ ح ١.

١٤ - لب اللباب: مخطوط.

١٥ - لب اللباب: مخطوط.

١٦ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٣٩.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496