وهدوا إلى صراط الحميد

وهدوا إلى صراط الحميد0%

وهدوا إلى صراط الحميد مؤلف:
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 331

وهدوا إلى صراط الحميد

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مؤسسة الإمام الحسين (عليه السلام)
تصنيف: الصفحات: 331
المشاهدات: 71387
تحميل: 5223

توضيحات:

وهدوا إلى صراط الحميد
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 331 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 71387 / تحميل: 5223
الحجم الحجم الحجم
وهدوا إلى صراط الحميد

وهدوا إلى صراط الحميد

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أجبرتني الأخطار الجسدية على التفكير، ربما لن تطول حياتي، فقد كانت حرب الألغام شائعة والناس يموتون يومياً إثر مرور سياراتهم فوق الألغام. وربما يحدث الأمر ذاته بسيارتي، ويمكن أن أقتل، وعلمتُ أنه إذا كانت مشيئة الله أن أموت مسلماً، فقد رغبت أن أموت مسلماً بعد أن أكون قد فعلتُ ما كنت أعلم أنه الحق، عندما أدركت أنني أريد أن أكون مسلماً، وأن أموت مسلماً، وأن أدفن مسلماً، وأن أواجه خالقي مسلماً، وحالما اتخذت هذا القرار المهم بلغني أني سأعيَّن في كشافة عُمان التصالحية.

في اليوم التالي الذي غادرتُ فيه مسقط وعمان، كان عقلي في أشد حيرة، ولكنني كنت أعلم أنني سأكره نفسي بقية العمر إن أنا أقدمتُ على ذلك، وبقيتُ أتساءل طوال الطريق بمحاذاة ساحل بطينة إلى الشارقة، أيترتب عليّ أن أفعلها؟ أتراني قادر على ذلك؟ وقضيت الليلة غير قادر على النوم بسبب القرار الذي كان يتوجب عليّ اتخاذه، ولم يكن الجواب ببعيد.

في الصباح التالي جاء سائق عربي يوقظني، وشاهد نسختي من القرآن المترجم، فسألني مندهشاً: هل تقرأ القرآن؟ وكان قراري قد اتخذ، فقلت: الحمد لله أنا مسلم، عند سماعه هذه الكلمات عانقني سائقي وقبَّل وجنتي، وتولتني مشاعر راحة وسعادة مفاجئة جلبها قراري، فبكيت.

عند وصولي إلى الشارقة أبلغتُ القائد البريطاني للكشافة التصالحية بأنني اعتنقتُ الإِسلام، ففوجئ وحاول بعد ذلك أن ينقلني من موقعي إلا أنه لم يفلح. ولم يكن ما تبقّى لي من وقت مع الكشافة التصالحية ممتعاً بسبب مناهضة بعض الضباط البريطانيين الذين ضايقهم اعتناقي الإِسلام، بينما المسلمون الذين كانوا في القوة كانوا مبتهجين، وأعانتني مساندتهم على تحمل المشاق، وساعدني الكثير من الضباط والرجال العرب الظفاريون على تعلّم ديني وواجباته، ونهج حياته وتعليمي الصلاة بالعربية.

١٨١

بعد شهر رمضان عام 1962م بوقت قصير، أُخذتُ إلى قاضي الشارقة، استجوبني بشأن ديني، وأخذ شهادتي بالإيمان وكتب لي شهادة مفادها أنني قبلت الإِسلام ديناً وأني أصبحتُ مسلماً بالحق، وأن اسمي في الإِسلام عبد الله مالك. حينما شارفت خدمتي على الانتهاء في كشافة عمان التصالحية، طلبتُ إعفائي من خدمتي في الجيش البريطاني، ومن شأن طلب كهذا أن يرفض عادة إذا تقدم به شخص متخرج حديثاً من كلية القيادة والأركان وعلى أية حال ادعيت محقاً أن خدمتي في المستقبل في الجيش البريطاني لن تتفق مع معتقداتي الدينية، وقُبِلت الاستقالة.

حياتي الجديدة

عندما حان وقت مغادرتي الإمارات المتصالحة، قررتُ قضاء إجازتي في لبنان، بالنسبة إليّ كمسلم أود أن أحظى بتعلم كل ما يستطاع تعلمه من الإِسلام والقرآن والحديث والشريعة الإِسلامية. وكنت أعلم أن هذا الأمر عسير إنجازه في أبو ظبي، بَيْدَ أن في لبنان يوجد علماء مسلمون أستطيع التعلم منهم، وهذا ما حصل، فقد قدمت إلى لبنان لأجل دراسة الإِسلام، ومن ثم رغبتُ في أداء فريضة الحج، وهذه بمشيئة الله تمت عام 1964 للمرة الأولى.

في وقت لاحق من ذلك العام (1964م) اقترح عليّ صديق الزواج من فتاة طيبة جداً مسلمة مؤمنة، كان على معرفة جيدة بأُسرتها، ولقد أعجبتُ كثيراً بهذه الفتاة، وتزوجتُ منها عام 1966، وكنا سعيدين والحمد لله.

وفي عام 1967م، أديت فريضة الحج ثانية مصطحباً زوجتي هذه المرة، وبرحمة الله وفضله رزقنا بمولود هو محمد في شباط عام 1969م، وحمدنا الله على هديته الغالية.

عملتُ في لبنان فترة في تجارة الملبوسات والعقارات، إلى جانب دأبي على دراسة الإِسلام والتعرّف إليه.

١٨٢

«مايكل وولف»

الكاتب الأميركي المهتدي للإِسلام

يقول:

· يصنف الأوروبيون والأميركيون الناس على أسس عرقية وذلك بشكلٍ آلي. أما المسلمون فيصنّفون الناس من خلال إيمانهم وأعمالهم.

· كنت بحث عن إطار أستطيع أن أعيش معه، عن مفردات من مفاهيم روحية يمكن تطبيقها في الحياة...

· كلما عرفتُ المزيد عن الإِسلام كلما بدا لي أنه يتطابق مع ما كنت أسعى إليه.

دائرة اهتمامه:

كان أول احتكاك «لمايكل وولف» بالمسلمين في العشرينات من عمره حين سافر إلى أفريقيا والتقى هناك بمسلمين من قبائل مختلفة.. من عرب وبربر وأوروبيين.

وعن رحلة بحثه عما يشبع روحه وعقله التي قادته إلى الإِسلام يقول مايكل وولف:

«بعد أن عشتُ خمسة وعشرين عاماً كمؤلف وكاتب في الولايات المتحدة الأميركية، أردت شيئاً أو معنى يخفف من هيمنة الدوافع والمصالح الذاتية الأنانية لديّ، لا سيما وأن الطريقة التي ينشأ عليها المرء، ترسّخ عنده الحاجات الأساسية في حياته.

وبما أني أعيش في مجتمع متعدّد الأعراق والجنسيات، فمن الطبيعي أن تكون قضايا العنصرية والحرية في دائرة اهتماماتي».

١٨٣

الحكم على الناس:

عن رحلته إلى أفريقيا يتابع وولف: «في أوائل العشرينيات من عمري ذهبتُ إلى أفريقيا وقضيتُ فيها ثلاثة أعوام، وكان لتلك المدة أثر كبير في تكوين شخصيتي، فهناك التقيتُ بمسلمين سود من قبائل مختلفة، ولم أشعر أن لدى هؤلاء المسلمين تصنيفاً للناس على أساس عرقي كما يحصل في الغرب، وخلال لقاءاتنا نادراً ما كان اللون ذا أهمية، لقد جرى الترحيب بي أولاً، والحكم عليّ لاحقاً بحسب شخصيتي وإنسانيتي، ووجدتُ أن الأوروبيين والأميركيين، يصنفون الناس على أسس عرقية وذلك بشكل آلي، أما المسلمون فيصنّفون الناس من خلال إيمانهم وأعمالهم، وأسعدني هذا الأمر، إذ وجدته سامياً ومنعشاً، وتذكرتُ المصلح الأميركي الأسود وداعية محاربة العنصرية «مالكوم إكس» الذي رأى خلاص أُمّته في هذا الأمر، فقد كتب: «على أميركا أن تفهم الإِسلام لأنه الدين الوحيد الذي يمحو من المجتمع مشكلة العرق».

السبل المغلقة:

كنت أحس نفسي في دائرة منعزلة تفرضها الثقافة المادية، فكنت أبحث عن الفرار، وكانت خلفيتي الهجينة تضع قدميّ في معسكرين دينيين، إذ كان أبي يهودياً وأمي مسيحية، فوجدتُ أن الدين الذي يركِّز على شعب مختار لا يطاق، وأن المفاهيم الغامضة في الدين الآخر صدّتني عن التوغّل فيه.

في المغرب:

بين عامي 1981 و1985 ذهبتُ مرتين إلى المغرب بدافع الفضول وحب السفر، وهناك بدأت أشعر بحياة متوازنة... كنت أبحث عن إطار أستطيع أن أعيش معه، عن مفردات من المفاهيم الروحية يمكن تطبيقها في الحياة... وفي الوقت نفسه لم أشأ أن أقايض ثقافتي، بل أردت بلوغ معانٍ جديدة.

١٨٤

وبين هاتين الرحلتين كنت أقرأ لكتّاب كتبوا عن الشرق وأهله، أمثال فريا ستارك الذي يقول: «إن السحر السرمدي للجزيرة العربية هو أن المسافر يجد قيمته هناك لمجرد كونه إنساناً...، ومن السرور أن يكون المرء محبوباً من دون غايات...» كانت لديَّ فكرة واضحة حول ما كنت أسعى إليه، كنت أبحث عن دين لا يفصل بين الميتافيزيقيا والعلم ويجب أن لا يكون سجيناً لأفق ضيّق أو غامضاً، إرضاءً لكهنته، بل يجب ألا يكون هناك كهنة، ولا فصل بين الطبيعة والأمور المقدّسة، ولا حرب مع الجسد، فإشباع الحاجات الغريزية بشكل صحيح يجب أن يكون طبيعياً وليس موضع لعنة على أبناء النوع، وأخيراً أردت اتباع منسك يومي، يشحذ أحاسيسي ويهذّب عقلي، وقبل كل شيء أردت الوضوح والحرية، فأنا لم أشأ مقايضة العقل بمبدأ أو عقيدة يُفرض على أتباعها الرضى من غير جدل. وكلّما عرفت المزيد عن الإِسلام، كلما بدا لي أنه يتطابق مع ما كنت أسعى له.

نظرة المثقفين الغربيين إلى الإِسلام:

معظم المثقفين الغربيين الذين عرفتهم في تلك الفترة كانوا ينظرون بريبٍ إلى أي مناخ ديني قوي، وكانوا يصنفون الدين على أنه استغلال سياسي، أو يعدّونه فكرة من القرون الوسطى ويلبسونه أفكار من ماضيهم الأوروبي. ومن موروثهم التاريخي والديني والعسكري، بنوا نظرتهم إلى الإِسلام، وأخذوا موقفاً سلبياً منه، وأضحت العلمانية هي الهواء الذي يتنفسه الغربيون والعدسة التي نحدّق من خلالها. صحيح أن العلمانية تتماهى مع الديمقراطية والحرية، لكن المرء ينسى بسهولة أن طرقاً أخرى للحياة موجودة وممكنة على الأرض، لذلك نجد أن 650 مليون مسلم يعتزون بإسلامهم في أربع وأربعين دولة، أضف إلى ذلك، حوالي أربعمئة مليون مسلم آخرين يعيشون كأقليات في أوروبا وآسيا والأميركيتين. وبفضل اقتصاديات مرحلة ما بعد الاستعمار، أصبح الإِسلام خلال ثلاثين عاماً ديناً رئيساً في أوروبا الغربية، ومن بين كل الأديان الكبرى في العالم، كان الإِسلام الدين الوحيد الذي يضم المزيد من الناس إلى صفوفه.

١٨٥

موقف أصدقائي من اهتمامي بالإِسلام:

لقد خاب أمل أصدقائي المسيحيين باهتمامي الجديد، كانوا جميعاً تقريباً يختلط عليهم الأمر بين الإِسلام والمكائد التي أعدها حفنة من الطغاة في الشرق الأوسط، وأثّر في موقفهم الكتب التي قرأوها، ونشرات الأخبار التي تتبّعوها وكلها تصوّر الدين على أنه مجموعة من الوظائف السياسية، وجلّها لم تتطرق إلى ممارساته الروحية. وقد أحببت أن أقتبس لهم قول «ماي ويست»: في كل مرّة تتخذ الدين هزواً، تكون أنت من يُضحك عليه.

دين التوحيد:

تاريخياً يرى المسلم في الإِسلام التعبير الناضج الأخير لدين أصيل يعود إلى آدم (ع) ، مع دين توحيدي يبجل أنبياء بني إسرائيل كحلقات في سلسلة متواصلة بلغت ذروتها في عيسى (ع) ومحمد (ص)

الإِسلام في جوهره رسالة تجديد، وقد قام بدوره في العالم بإعادة طعم التوحيد المنسي وحلاوة الحياة المفقودة لملايين البشر...

ودفع القرآن الكريم، الشاعر الألماني «غوته» ليقول: «أنتم ترون هذه التعاليم فإنها لن تفشل أبداً، بأنظمتنا لا نستطيع نحن - وعموماً أي إنسان - أن نتقدم أكثر من هذا».

يجري التعبير عن الالتزام الأساس بالإِسلام من خلال تطبيق الأركان الخمسة. الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصوم هي العبادات التي يقوم بها المرء تكراراً طوال عمره، وإذا مكّنته ظروفه وجب عليه حجّ بيت الله الحرام مرّة واحدة في العمر... يجسد الحج تجربة حيوية لملايين الحجاج الجدد كل سنة، صحيح أن الحج يمثل طاعة وواجب إلّا أنه يمثل هدفاً سامياً وهو للمسلم رحلة العمر...

١٨٦

الغوص في الدين الجديد:

كمهتدٍ جديدٍ، شعرتُ بوجوب الذهاب إلى مكة، وبما أني «مدمن سفر»، فإني لم أجد رحلة أمتع من هذه. صوم شهر رمضان كل عام يسبق موسم الحج بحوالي مئة يوم وهذان المنسكان يشكلان فترة من الوعي المكثّف في المجتمع الإِسلامي، وأردتُ الاستفادة من هذه الفترة... قرأت وأقرأ كثيراً عن الإِسلام، والتحقتُ بمسجد قرب منزلي في كاليفورنيا وأريد الآن أن أعمّق في نفسي ما تعلّمته بالغوص في الدين الجديد، حيث يصهر الإِسلام كل مظاهر الوجود...

أريد أن أبحر في المجرى الرئيسي... في المياه الرحبة الهادئة.

«المسلم الفيتنامي»

شينغ يو (عبد الله) يروي قصة اهتدائه للإِسلام:

· يوم اعتنقتُ الإِسلام كان أسعد أيام حياتي.

· أنا الآن مختلف تماماً.. أشعر أن الله تعالى معي كل الوقت.

· لديّ أمل وطيد بأن أجعل عدداً كبيراً من الفيتناميين يفهمون الميّزات الرائعة للإِسلام.

أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، تلك هي الشهادة التي تلفظتُ بها من أعماق قلبي أمام حشد من المصلين في مسجد في المملكة البلجيكية في التاسع عشر من أيار/مايو عام 2000، وكنت قد بلغت لتوي السادسة والعشرين من العمر.

لقد وُلدت وتربيتُ في هانوي في فيتنام، وبنعمة الله، سمح لي بالمجيء إلى بلجيكا في 1998 لنيل الماجستير في مصادر الأرض الفيزيائية.

عندما كنت في فيتنام، كان لديَّ مفهوم غامض جداً حول الخالق، وغالباً ما كنت أشعر بالحرج حين أتساءل: «من أين أتى البشر والكون؟» في ذلك الحين، كان الرب أو الله وآدم وحواء بالنسبة إليّ مجرد شخصيات في قصة للأطفال. كما سبق لي أن تحدّثت مع البعض في الله ومحمد (ص) والقرآن والمسلمين، ولكنني لم أشعر قط أن تلك المفاهيم مرتبط بعضها ببعض بهذا الشكل.

١٨٧

من بين زملائي في بلجيكا كان هناك من يؤمن بالمسيحية، فيما اتَّبع آخرون الإِسلام، وقد شرحوا لي مرّات عدة معنى «الرب» ولكنني لم أكن مقتنعاً كفايةً، بل كنت أحتج على هذه الآراء بقوة، وأقول في نفسي «إنهم متعلّمون إلى هذا الحد ويؤمنون بهذا الهراء على هذا النحو!».

ولا زلت أذكر عندما رأيت لأوّل مرّة صديقاً مسلماً راكعاً في الصلاة، لقد ظننت أنه كان يبحث عن شيء وقع على الأرض، وفيما بعد عندما فهمت الحقيقة، شعرتُ بالخجل لقلّة معرفتي.

وعندما قيل لي إن المسلمين في العالم يبلغ تعدادهم حوالي مليار وثلاثمئة مليون نسمة، أي أن واحداً من كل خمسة أشخاص هو مسلم، تبدَّل موقفي من اللامبالاة إلى الفضول، وبادرتُ مستفسراً عن حقيقة الإِسلام. وازداد فضولي عندما علمت أن القرآن الكريم قد شرح بوضوح عدداً من الظواهر العلمية وتحدث عن الحياة الآخرة.

كما إنني علمتُ أن هناك عدداً من الجاليات الإِسلامية في فيتنام. وقد زاد هذا من حماسي لأتعرّف على الإِسلام بشكل شامل. فقد لاحظتُ أنه دين يجمع كثيراً من الأجناس والأتباع ويلتزمون سبيل عيش طاهر ومحترم. واقتنعتُ بأنه لا بدّ أن يكون هناك بعض المعجزات التي جعلت المسلمين يكتسبون إيماناً صلباً كهذا.

فبدأتُ أستعلم عن هذا الدين في أيلول/سبتمبر 1999، وكلما عرفتُ عنه أكثر كلما ازداد تقديري للإِسلام وأدركت أن المسلمين يعيشون بإخلاص ويمتلكون العديد من الصفات التي تجعلني أحترمهم. وكلما طوّرت علاقاتي مع المسلمين ترسخ إحساسي أكثر بالإِسلام.

لقد تساءلتُ مرات عدّة هل الرب موجود حقاً؟ وكيف يمكننا أن نؤمن بالله فيما لا نستطيع رؤيته بأعيننا؟ وبالرغم من وجود الكثير من المعدات الحديثة فنحن لا نزال غير قادرين على رؤية الرب. لقد فكرتُ في هذا الأمر ليلاً ونهاراً لأجد جواباً ملائماً.

وفيما بعد، اكتشفت أنه رغم عدم قدرتهم على رؤية الرب، فإن بمقدور البشر إدراك وجوده - تعالى - بقلوبهم وعقولهم، مثلما نرى لوحة، فإننا نشعر فحسب بأفكار ورسالة الرسم بعقولنا ولكننا لا نلتقطها مباشرة من اللوحة. ومع هذا، فإذا كان بمقدور البشر رؤية وتمييز الرب متجسداً، عندئذٍ هل صحيح أن الرب يشبه المخلوقات التي خلقها - (سبحانه وتعالى) ؟ كلا، هذا هو جوهر الإِسلام. فالرب لا يقدّم أبداً للعبادة بشكل تماثيل ينتجها بشر بأنفسهم.

١٨٨

خلال بحثي حول الإِسلام، تلقيت التشجيع والعون الصادق والإرشاد من الأخوة والأخوات في الإِسلام من أنحاء العالم، وخصوصاً المسلمين الناطقين باللغة الفيتناميّة.

وقد تسنت لي نعمة الحصول على ترجمة فيتناميّة للقرآن الكريم في شهر آذار/مارس. وبعد قراءة القرآن الكريم، أصبحت مؤمناً بشكلٍ تامٍ بالله (سبحانه وتعالى) - على أنه خالق ورب الكون، وأن محتويات القرآن هي فعلياً كلام الله الذي أوحاه إلى النبي محمد (ص)

وأعتقد أن الإِسلام هو دين الحقيقة الأبدية وهو قريب جداً من الحياة. وقد قرّرت اتباع الإِسلام وأن أكون مسلماً دون تردد..

ويوم اعتنقتُ الإِسلام كان أسعد أيام حياتي. فمن الآن فصاعداً أصبح بإمكاني رؤية نور حقيقة الإِسلام، وبهذا وضعتُ حداً لفترة الظلام والجهل. أشعر بالسلام والسعادة لأن عقلي أصبح لديه سند قوي - لقد تشرّفت وأصبحت فخوراً باعتناقي الإِسلام، وقد مرّت شخصيتي بتغيّرات رئيسية. قبل ذلك، كنت أتعاطى الكحول والجعة في أوقات الفرح والحزن. كنت أكذب من دون خجل، وإذا ما قمت بأمر ما، فإني كنت أفعله لأجل مصلحتي الخاصة.

لم أكن أفكر بأن هذا الأمر جيد أو سيّء، وكنت أخاف الموت خوفاً عظيماً. الآن، أنا مختلف تماماً، أشعر أن الله معي كل الوقت وهو - (سبحانه وتعالى) - يراني ويصغي إليّ ويطَّلع على كل ما يدور في خاطري. وهذا يجعلني شخصاً صالحاً وتقياً، ورغم أنني أشعر بأسى كبيرٍ لما ارتكبتُ في الماضي، إلا أنني أظل خالياً من الهموم ونفسي مطمئنة، فالله هو أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

لدي أمل أخير، وهو أن أقوم بعمل يجعل عدداً كبيراً من الأشخاص في العالم، وخصوصاً في فيتنام، يفهمون الميّزات الجميلة والرائعة لصراط الإِسلام المستقيم وأن يهتدوا كما هداني الله

١٨٩

«المسلم الهنغاري»

الأخ روبير مانياس

يقول:

· الإِسلام تجاوز بي هذه «الأنا» نحو أفق أوسع وأبعد ليشمل الآخر الذي هو أخ لي في الدين أو نظير لي في الخلق.

· جدي القسيس البروتستانتي شجعني على البحث عن الحقيقة وبارك لي في إسلامي.

· من أجل سبر أسرار هذا الدين واكتشاف معانيه النبيلة، أقمتُ سنوات في مصر وسوريا ولبنان دارساً للغة العربية ومحصلاً للعلوم الشرعية.

زار الأخ «روبير مانياس» بيروت مؤخراً وكان قد قضى فيها بضع سنوات طالباً في إحدى مدارسها الدينية لتحصيل العلوم الإِسلامية، وقد تفضّل بزيارة مكاتب «نور الإِسلام» وكانت معه هذه المقابلة الطيبة والشيّقة.

وُلد روبير وترعرع في أُسرة مسيحية متديّنة، تتكوّن من أب كاثوليكي وأم بروتستانتية تقيم في بودابست عاصمة هنغاريا «المجر» وسر الانقلاب العظيم في حياة هذا الشاب الثلاثيني، القلق الملامح والباحث عن الحقيقة، هو جدّه لأُمه، القسيس البروتستانتي المطلَّع على الأديان الأخرى من يهودية وبوذية وإسلام..

س: سألنا «روبير» عن بداية مسيرته وعن سر هذه العلاقة بجدّه؟

ج: فأردف قائلاً: كنت شديد التعلق به، كان قدوة بالنسبة لي أرافقه في حلّه وترحاله وأنا صبي لم أبلغ الحلم بعد، كان يبادلني نفس المشاعر ويملأ أوقاتي بالحديث عن عقيدة النصرانية والأديان الشرقية الأخرى، ينتقي لي منها الحِكَم والعِبر ويأمرني بحفظها، وأحياناً يقصّ لي قصص البطولة والصبر والفداء فأحفظها عن ظهر قلب ثم أردّدها أمام أهلي وأصدقائي فيلتفّون حولي ويستمعون إليّ بإعجاب. كنت أشعر بسعادة غريبة بالرغم من أني لم أكن أدرك تلك المعاني العميقة وأنا أروي لهم ما كان يقصّه عليَّ جدّي.

١٩٠

في السادسة عشر من عمري شعرتُ ببداية انعطاف غريب عندما صارحني بشكوكه في العقيدة قائلاً: «يا بني، أشعر بتناقضات لم أجد لها جواباً شافياً... لقد سألتُ الكثير ممن حاورتهم، وطالعتُ في الكتب لكن لم أعثر على معنى مقنع لعقيدة الثالوث هذه!...».

حينها أدركتُ أن جدّي كانت تؤرِّقه مسألة الأقانيم الثلاثة متسائلاً كيف يدخل جزء من الرب في عيسى ثم يموت؟!.

في البداية حاولتُ أن أتجاهل حدّة هذه الأسئلة الحرجة، لكن دون جدوى، فقد كانت تلاحقني في كل مناسبة، حتى سرى الشك إلى نفسي، وأصبحت شريكاً لجدّي في قلق البحث عن الحقيقة.

ذات يوم قال لي: لا يمكن أن تكتفي بالشك، عليك أن تبحث عن جواب لهذه المفارقات في ديننا. ثم وضع بين يديّ كتباً في النصرانية واليهودية والإِسلام أُلّفت باللغة الألمانية. أخذتها وشرعتُ في قراءتها بشغفٍ. وكنت كلما أنهيت فصلاً منها أحاور جدّي حول ما ورَدَ فيه من شروح وتساؤلات جعلتني أتوقف تجاه كل ما كنت أعتقده مقدّساً.

لكن لم تسكّن هذه الكتب سورتي بل زادت حيرتي. حينها شعر جدي بقلقي، وقال لي بأنه يخشى أن يكون قد حمّلني ما لا أطيق. لكني أكدتُ له عزمي وإصراري على الوصول إلى جواب تطمئن إليه النفس.

فنظر إليّ وعلامات الفخر تعلو وجهه، ثم نصحني بالذهاب إلى رجال الدين الآخرين لأتحاور معهم. علّني أهتدي إلى تأويل منطقي لهذه العقيدة.

وبالفعل كانت نصيحة جدّي آنذاك فاتحة تجربة رائعة بالنسبة لي تعرّفتُ من خلالها على بعض رجال دين من ديانات مختلفة، بل على بعض المسلمين في هنغاريا، حيث أمضيتُ مدّة طويلة أحاورهم وأستفسر عن معتقداتهم حول الرب والنبوة والأنبياء وحقيقة كتبهم المقدّسة. وكنت ألتقط من أحاديثهم كل ما أجده علامة فارقة في أجوبتهم وفهمهم لمعنى الخالق والمخلوق وكُتب الوحي، ثم أدوّنه لأعيد عرضه بعد ذلك على عقيدتي في الألوهية، مقارناً بين فكرة وأخرى، مستعيناً بجدّي الذي لم يدّخر جهداً في لملمة تلك المعلومات المبعثرة ومقارنتها بما في كتابنا المقدّس.

١٩١

س: هل هناك عوامل أخرى ساعدتك في رحلة البحث عن الحقيقة؟

ج: نعم عندما انتسبتُ إلى الجامعة كان اختياري للتاريخ كمادة اختصاص عاملاً مهمّاً في تراكم معلوماتي وتوسيع آفاقي حول الديانات والشعوب في العالم القديم والحديث. شعرت حينها برغبة عارمة فيما وراء الحدود، فلم تعد الكتب لوحدها تفيدني، كان عليَّ أن ألمس الحقيقة وأشاهدها بين بشر أحياء ينطقون بها ويتصرّفون على طبقها، لذلك تاقت نفسي إلى عبور الحدود والسفر، وقد كان أول بلد زرته هو مصر، حيث اختلطتُ مع الجميع وحاورتهم وأفدت منهم بعض الأجوبة البسيطة عن مشكلة العقيدة التي كانت تشغل اهتمامي.

سنة 1992 عزمتُ على السفر إلى سوريا التي وجدتُ في أهلها سعة الصدر وفي علمائها التواضع والصبر على أسئلتي المحرجة أحياناً، وخلال جلساتي معهم والحوارات التي كانت تدور في المساجد، بدأت أتلمّس بعض الأجوبة المقنعة التي كان جدي يبحث عنها حول التوحيد والنبوة والأنبياء.

رجعتُ إلى هنغاريا راغباً في أن أعرض بين يديّ جدي ما فهمته من معاني التوحيد والوحي والنبوة، وأثناء دراستي كنت أمضي بعض الوقت في الجمعية الإِسلامية التي أسستها جاليات مسلمة، وتفرّغتُ للمطالعة والبحث حتى سنة 1995 حيث أعلنتُ فيها دخولي في الإِسلام.

س: كيف كان أثر اعتناقك للإِسلام على عائلتك ومحيطك؟

ج: كان جدي آنذاك على قيد الحياة، وعندما أخبرته بإسلامي استبشر وقال لي:

- «الحمد لله أنك وَجدتَ ما يُطَمئن قلبك وما زلت تبحث عن الحقيقة».

لكن المفارقة هي أن جدي لم يُسلم، وبقي ذلك بالنسبة لي لغزاً محيّراً، لم يجبني عليه بصراحة؟

أما عائلتي فلم أجد منهم معارضة بل استأنسوا بأفكاري من خلال الحوارات الطويلة معهم.

١٩٢

س: ما هي الخطوات التي قمت بها لاحقاً في سبيل اكتساب المزيد من الثقافة والعلوم الإِسلامية؟

ج: عندما أسلمتُ شعرتُ بأنني لم أصل إلى الهدف، وإنما وصلتُ إلى نقطة الانطلاق. فالبداية انتهت بالنسبة لي، وكان عليَّ أن أنطلق إلى المهمّة الصعبة، مهمّة سبر أسرار هذا الدين واكتشاف معانيه النبيلة والسامية. كنت أدرك بأن هذا الهدف لا يتم إلا بتحصيل مقدّمات هذا الدين ومفاتيح نصوصه بلغته الأصل، من أجل ذلك عكفت على دراسة اللغة العربية في بعض المدارس الرسمية التي أسسها بعض المستشرقين في هنغاريا بعدها سافرتُ إلى دمشق مرّة أخرى وانتسبتُ إلى معهد اللغة العربية للأجانب الذي تشرف عليه وزارة التعليم العالي في سوريا.

أمضيتُ سنةً كاملة أتعلّم اللغة العربية ومبادئها، على يدي أستاذ لامع ومميّز بأسلوبه العلمي والمنهجي في التدريس حيث زادني ذلك تعلّقاً وحباً للعربية.

ثم رجعتُ إلى هنغاريا قاصداً تجمعات الجاليات الإِسلامية واقتربتُ منهم أكثر، وقد ساعد ذلك على امتثال بعض الواجبات العبادية والممارسات الأخلاقية التي يأمرني بها الإِسلام، كما كان اختلاطي بهم مناسبة لأتكلّم اللغة العربية وأفهم معانيها. آنذاك كان يدور في خلدي فكرة دراسة العلوم الشرعية في بعض الدول المجاورة لنا كالنمسا حيث يوجد فيها معاهد لدراسة الشريعة لكنني كنت أفضّل الدراسة وسط بيئة إسلامية وعربية لأستفيد أكثر بالقرب من حياة المسلمين اليومية.

لذلك كان عليّ أن أنتظر ثلاث سنوات توّجتها بالحصول على شهادة الدراسات العليا في التاريخ.

عام 1998 شاءت العناية الإلهية أن ألتقي برجل لبناني كان مقيماً في هنغاريا فحدّثته عن رغبتي في دراسة الإِسلام، فاقترح عليّ السفر معه إلى لبنان وهناك تعرّفتُ على علماء أفاضل وبدأتُ حينها رحلة العلم والتعلّم، كانت شاقة واجهت أثناءها كثيراً من التحديات لأنني اخترت بيئة أخرى تختلف تماماً عن نشأتي ومحيطي الأول، إلا أنني استفدت كثيراً من دراستي للعلوم الشرعية التي زرعت في نفسي معانٍ جديدة حول الحياة والإنسان، وقد رافقني خلال هذه المرحلة أستاذ في الفلسفة، فتح لي آفاقاً عن حقيقة هذا الدين العظيم، وأجاب عن بعض أسئلتي القلقة.

١٩٣

س: كيف تقيّم تجربتك مع الإِسلام حتى الآن وكيف تحدّد المسؤوليات المترتبة عليك تجاه دينك الجديد؟

ج: أشعر أن تجربتي ناجحة بقدر ما عمّقت أفكاري عن الإِسلام وأهله، لكن عليّ أن لا أكتفي بهذه التجربة الشخصية وأجعلها خلاصاً فردياً، فالإِسلام تجاوز بي هذه «الأنا» نحو أفق أوسع وأبعد لتشمل الآخر، فهو إما أخ لي في الدين أو نظير لي في الخلق. هذه مبادئ الإِسلام وأخلاقه الإنسانية العالية، تجعلني أشعر أكثر بواجبي ومسؤوليتي تجاه أهلي وأسرتي ومجتمعي لأبلِّغهم رسالة الإِسلام التي أنعم الله بها عليَّ.

جمعية المسلمين الهنغاريين:

من أجل هذه المبادئ السامية، نحن الآن في العاصمة «بودابست» نسعى لإنشاء معاهد ومكتبات تساعدنا لنشر الوعي بالإِسلام وحقيقة خاتم الأنبياء (ص) بين الناس. حالياً ندرّس اللغة العربية في الجمعية، والجميع (مسلمون وغير مسلمين) يستفيدون منها في كثير من المجالات.

س: هل لديك اهتمامات خاصة غير هذه النشاطات المباركة التي ذكرتها؟

ج: بالنسبة لعملي الخاص: أنا الآن أكتب في أكبر مجلة في هنغاريا G.V.H حول الثقافة الدينية والفكر الإِسلامي، وأهتم بالأحداث المُهمّة في التاريخ المعاصر كالثورة الإِسلامية في إيران، كما أعتني كثيراً بشعائر الإِسلام والعيدين وشهر رمضان المبارك وأحاول أن أبلغ معانيها إلى مجتمعي في هنغاريا.

١٩٤

«المسلم الأرمني»

الأخ نوبار كليسليان

يقول:

* بعدما قرأتُ القرآن الكريم مرّات عدّة، أدركتُ أنه كتاب إلهي، ومن المستحيل أن يكون نتاجاً بشرياً، ولذلك اعتنقت الإِسلام.

* ميزة القرآن الكريم، أنه صالح لكل زمان ومكان وكلما قرأته أكثر كلما اكتشفت فيه أشياء جديدة.

* أتمنّى على العلماء والخطباء المسلمين أن يحثّوا الناس على القراءة والتعلّم واستنباط معاني القرآن الكريم لأنهم أُمّة «إقرأ».

* الصفة الوحيدة التي أحبّ أن تطلق عليّ، أنني رجل من أهل القرآن.

يسرّ مجلة نور الإِسلام في هذا الباب الذي تستضيف فيه الأخوة والأخوات المهتدين، الذين شرح الله تعالى صدورهم للإِسلام ولنور الحق المبين، أن ننشر (بتصرّف) وتعميماً للفائدة هذه المقابلة القيّمة التي أجرتها الأخت المهندسة ناديا سلطان مع الأخ المسلم الأرمني المهتدي إلى الإِسلام منذ سنوات. وقد نَشرت هذه المقابلة سابقاً جريدة «صدى المشرق» الصادرة باللغة العربية، في كندا، حيث يقيم الآن الأخ نوبار كليسليان ويواصل فيها عمله التبليغي ونشاطه الفكري المميز.

س: بدايةً نرحِّب بكم أخاً مسلماً طيباً وعاملاً نشطاً في سبيل الإِسلام على صعيد الدعوة والفكر والتأليف ونرجو إعطاءنا لمحة عن نشأتك وعن حياتك الدراسية والعملية؟

ج: وُلدت في مدينة حلب السورية عام 1942م ونشأتُ فيها، وعندما أصبحتُ في المرحلة الجامعية انتقلتُ إلى لبنان، حيث دخلت الجامعة الأمريكية في بيروت وحصلتُ فيها على درجة ماجستير في الرياضيات ثم قمت بالتدريس بين عامي 1962م 1976م في الجامعة اللبنانية وكلية بيروت للبنات والجامعة الأمريكية، ومدرسة جان أمريان، ومدارس أخرى.

ثم هاجرتُ في عام 1976م مع زوجتي وأولادي ذوي الأعمار 6 و3 سنوات إلى كندا، وذلك بسبب الحروب الأهلية في لبنان، حيث عملت في مجال تسويق الآلات، ثم في تجارة الأحجار الكريمة كما عملتُ في عام 1982م في مجال العقارات وبيع الأراضي، كما أقمتُ بتدريس الرياضيات تطوعاً لأبناء المعارف من الجاليات العربية والأرمنية.

١٩٥

في عام 1990م حصلتُ على المركز الثاني في بيع العقارات فيHall of Fame Remax كندا والمركز الرابع عالمياً.

س: هل يمكن أن تتكلم عن البداية: كيف اعتنقت الدين الإِسلامي؟

ج: كان لي صديق رجل أعمال مسلم من أصل عربي أهداني مرة نسخة من القرآن مترجمة إلى الإنكليزية لتوماس أرفينك (وهي برأيي أفضل نسخة إنجليزية مترجمة للقرآن الكريم لأنّ اللغة المستخدمة فيها لغة أمريكا الشمالية وهي لغة بسيطة ومفهومة) ثم قرأتُ بعدها القرآن الكريم باللغة العربية أكثر من عشرين مرة، حينئذٍ عرفتُ أن هذا الكتاب هو كتاب إلهي ومن المستحيل أن يكون «نتاجاً بشرياً» وفي الوقت عينه قرأتُ كتاب «رسالة الإِسلام» للمسلم النمساوي محمد أسد، وعندما اعتنقتُ الدين الإِسلامي قررت أن أترجم القرآن إلى اللغة الأرمنية.

س: كيف كانت هذه المهمة؟ وما هي المدة التي استغرقتها؟

ج: لم تكن مهمة يسيرة بالطبع، كنت أعتمد في عملي بشكل متوازن على نسخة القرآن الكريم الإنجليزية، والنسخة العربية، وكتاب محمد أسد وتفسير الطبري الذي أفادني كثيراً، وإن كنت أختلف معه في بعض المواضيع، وقد احتجتُ إلى خمس سنوات لإكمال العمل (من أيار 1997م إلى نيسان 2002م).

س: لقد ذكرت أنه لدى قراءتك للقرآن أيقنت بما لا يقبل الشك أنه كلام إلهي وليس نتاجاً بشرياً، هل لك أن تشرح لنا حيثيات هذا اليقين... لماذا؟

ج: معجزة القرآن الكريم أنه لا يسري على زمن دون آخر فهو قابل للفهم والتطبيق الآن وبعد آلاف السنين، هذاأولاً .

ثانياً: إن أي موسوعة بالرغم من أنها تتضمن آلاف الصفحات إلا أنه لا بدّ من وجود ثغرات فيها، أما القرآن الكريم بأجزائه الثلاثين فإنه يجيب على جميع الأسئلة التي يمكن أن تخطر على البال، إنه تغطية كاملة وشاملة لاحتياجات الإنسان وليس فيه أي سهو أو تقصير في أي موضوع يهم الإنسان سواء في حياته الدنيا أو ما ينتظره بعد الموت.

ثالثاً: معجزة القرآن تكمن أيضاً أنه كلما قرأته أكثر كلما اكتشفتَ فيه أشياء جديدة. الإنسان لن يمل من قراءته حتى لو تجاوزت مئات المرات، وهذا دليل قطعي على أنه كلام إلهي وليس من صنع البشر.

١٩٦

س: ما هو رأيك بالإِسلام والمسلمين اليوم؟

ج: بالنسبة للمسلمين جوابي عن هذا السؤال له شقان:

الأول: أنني ومنذ أن اعتنقتُ الإِسلام وأنا أداوم على صلاة الجمعة، وقد استغربتُ فعلاً أن أياً من الخطباء لم يتناول في خطبته قضية توجيه المسلمين إلى القراءة وحضهم عليها بالرغم من أن أول آية نزلت من القرآن كانت، «إقرأ». أتمنى أن يعود خطباء الجمعة بالمسلمين إلى أصل الإِسلام وجوهره بالحض على القراءة والتعلم والتدبر في معاني القرآن الكريم لأنهم أمة «إقرأ»، وإلا فإن مقولة «برنارد شو» سوف تنطبق عليهم بأنهم أسوأ مطبقين لأفضل كتاب دين أنزل على البشرية، لأنهم لا يقرأون.

ثانياً: بالنسبة لرأيي في المسلمين بشكلٍ عامٍ فإن الكثير يأتون إليّ باعتباري معتنقاً للإِسلام ويوجهون إليّ هذا السؤال: ما رأيي بالمسلمين؟ وأنا أجيب، إنني لا أملك الإجابة عن هذا السؤال، لأن أمر محاكمة البشر سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين يعود إلى خالقهم، الله (عزّ وجل) لقد أوضح الله في القرآن أن البشر لهم الحرية المطلقة في هذه الحياة الدنيا سواء أتبعوا تعاليم القرآن أم تجاهلوها ولكن مرجعهم في الحياة الآخرة إلى الله كي يحاسبهم. أما الإِسلام فهو القرآن، وأنا أحاول أن أتبع تعاليمه قدر الاستطاعة. وأستطيع مناقشة مواضيعه دائماً مع أي شخص لأن الله قد أوصى بالشورى وسمح بالحوار وتبادل الأفكار والآراء.

س: هل هناك في الأفق أي أعمال أخرى غير ترجمتك للقرآن الكريم؟

ج: نعم إنني الآن أقوم بتأليف كتاب بعنوان - الخلق هل هو مخطط أم عشوائي؟ الكتاب باللغة الإنكليزية، ويتناول عدة مواضيع أستطيع أن أذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر الماء: القرآن يذكر بأن الماء هو سبب الحياة ولكن حتى يبقى الماء صالحاً لإمداد الأحياء من بشر ونبات وحيوان بالحياة فإنه يجب أن يكون بحالة تمكنه من أداء هذه الوظيفة بألا يكون بخاراً أو لا يكون متجمداً. وأن الكون كله مسخر لتحقيق الحالة السائلة للماء لتمكينه من أداء وظيفته ويتجلى ذلك في أمور كثيرة جداً، حجم الأرض، جاذبية الأرض، بعد الأرض عن كل من الشمس والقمر، دوران الأرض، حركة الرياح، حتى العواصف فإنها تخدم هذه الوظيفة.

١٩٧

كنت فيما مضى أخشى العواصف وأكرهها حتى علمت أنها تنظف البيئة من التلوث وتساعد على التوازن البيئي. وفي نهاية كل فصل هنالك تساؤل أطرحه للقارئ هل هذا صدفة أم أن هنالك يداً عُليا تخطط وتعمل لأجل تحقيق التوازن على الأرض لاستمرار الحياة؟

س: هل كان لنشأتك في بلاد عربية أي تأثير على قرارك باعتناق الدين الإِسلامي؟

ج: كلا نهائياً بل العكس هو الصحيح، التأثير الأساسي كان عند قراءتي القرآن الكريم. ولكن بعد اعتناقي للإِسلام بدأت أشعر بالتعاطف مع المسلمين في سائر أنحاء العالم حيث يعاني المسلمون من الظلم والاضطهاد.

١٩٨

«وغدوتُ زينب راميرز»

الأخت الفيليبينية المهتدية: زينب (تيريزا) تقول:

· كنت أحمل أفكاراً خاطئة عن الإِسلام وبعد الاطلاع على عقائده ومفاهيمه أُعجبتُ بهذا الدين العظيم.

· حجاب الفتيات المسلمات أثار إعجابي وتقديري بوقاره وروحيته وحشمته.

· ما حصلتُ عليه من خلال اعتناقي الإِسلام، أثمن من كل جواهر العالم وأخاف أن يسرقه منّي إبليس.

· أختنا العزيزة زينب راميرز (تيريزا - قبل اعتناق الإِسلام) أهلاً بك في جنة الإِسلام ونحمد الله الذي هدانا وهداك إلى صراطه المستقيم. سأطرح عليك بعض الأسئلة التي قد تعطينا فكرة واضحة عن مسيرتك إلى عالم الهُدى وعن حياتك بعد الاهتداء إليه.

زينب: أرجو أن أوفَّق إلى ذلك.

س: أعطنا لمحة عن حياتك قبل الإِسلام.

- إنني مواطنة فيلبينيّة، وُلدت في العاصمة مانيلا بعيداً عن المناطق الإِسلاميّة، وكنت أنتمي لعائلة كاثوليكيّة. توفّي والدي وأنا في السّادسة من عُمرِي فتولّت أمّي أمر إعالتي وأخي الوحيد.

أنهيتُ دراستي وحصلتُ على ليسانس ( BA ) في علوم الكومبيوتر عام 1984، ثم عملت في مكتب طيران كمسؤولة، وكنت أذهب إلى الكنيسة وأحضر اجتماعات لدراسة الإنجيل وتحليله. (في تلك الفترة كنت أظنّ أنّ المسلمين سيئون لا يعرفون الخالق ويقتلون النّاس وأنّنا يجب أن نهديهم إلى المسيحيّة!).

تعرّفتُ إلى زوجي الذي كان يدرس الهندسة وصرتُ أدرّسه الإنكليزيّة. وبعد أشهر من التعارف طلب الزواج منّي. وافقتُ على الزواج منه دون أن أعرف أنّه مسلم، إذ لم يسبق لي أن سألته عن دينه، واكتشفتُ ذلك عندما أخبرني أنّه يذهب إلى المسجد للصلاة؛ أمّا هو فلم يعترض على ذهابي إلى الكنيسة وممارستي الطقوس المسيحيّة. لقد كان خلوقاً ومتفهّماً جداً.

١٩٩

س: متى كانت خطوتك الأولى على درب الهُدى وما الذي دفعك إلى ذلك؟

- بعد الزواج، تعرّفتُ على الإِسلام من خلال زوجي فكنّا نناقش ديانتينا.. كان يحدّثني عن الإِسلام وكنت أحدّثه عن المسيحيّة فعرفتُ أنّ ما كنت أحمله من أفكار عن الإِسلام كانت خاطئة، وهذا ما دفعني أكثر للاطلاع على عقائد هذا الدين ومبادئه ومفاهيمه.

س: كيف حصل لديك الاقتناع التام باعتناق الإِسلام؟

صار زوجي يُحضِرُ لي كتباً إنكليزيّة تتحدّث عن الإِسلام ونبيه (ص) وعن أهل البيت (عليهم السلام) وكلّما كنتُ أقرأ أكثر كلّما كان اهتمامي بالمعرفة يزداد فشعرت بأنّ عقلي يميل إلى عقائد هذا الدين وأنّني مقتنعة تماماً به. وصرتُ أميل لحضور المجالس الإِسلاميّة وأطمئن إليها، وكم كان حجاب الأخوات اللواتي كنت أراهُنَّ هناك يثير إعجابي بحشمته ووقاره وروحيّته.

س: وبعد قناعتك بكل ذلك كيف كانت الخطوة التالية؟

الخطوة التالية كانت التفكير جدّياً بإعلان إسلامي أمام الجميع وارتداء الحجاب والقيام بالفرائض التي أوجبها الله على عباده. وغيّرتُ إسمي من تيريزا إلى زينب ثم طلبتُ من زوجي أن يعلّمني الصلاة وصرت أراقبه وهو يصلّي، بعدها صرت أصلّي معه، وكنتُ حينها أمّاً لطفل عمره 4 سنوات.

س: ما كانت ردّة فعل محيطك المسيحي آنذاك؟

أمّي لم تعارض اعتناقي الإِسلام، لم تكن متعصّبة ضد هذا الدين (وفوجئتُ عندما عرفتُ أنها تعلم عن أعياد المسلمين وصلاتهم وصومهم...) لكنها للأسف لم تكن تعرف حقيقة وجوهر الإِسلام. أمّا رفاقي فاجتاحتهم موجة من الحزن وظنّوا أنني قد ضللت السبيل، وصاروا يحذّروني من الشيطان ويقولون لي أنّه قد سيطر عليّ لكي أترك دين آبائي وأجدادي... لم أكترث لموقفهم طبعاً، وقمت بما يُرضي ضميري وعقلي وروحي والحقّ معاً.

س: والآن بعد وجودك في عالم الحق أكثر من اثنتي عشرة سنة، كيف تشعرين؟

أشعر بالرّضى عما قمتُ به وبراحة الضمير والاستقرار وأدعو الرحمن كل يوم بعد صلاتي أن يثبّت قلبي على الهدى لأنّ ما حصلت عليه أثمن من كل جواهر العالم وأخاف أن يسرقه منّي إبليس.

٢٠٠