وهدوا إلى صراط الحميد

وهدوا إلى صراط الحميد23%

وهدوا إلى صراط الحميد مؤلف:
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 331

وهدوا إلى صراط الحميد
  • البداية
  • السابق
  • 331 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 75588 / تحميل: 6378
الحجم الحجم الحجم
وهدوا إلى صراط الحميد

وهدوا إلى صراط الحميد

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

س: كيف تعرّفنا بنفسك وتطلعنا على أوضاعك الشخصية قبل الاهتداء إلى الإِسلام وبعده؟

ج: أنا الآن على أعتاب الخمسين من العمر، وحسب الإسم الذي رافقني منذ الولادة، فإنني كنت أدعى وليام ليستر وكان مسقط رأسي في ولاية فرجينيا الأميركية، التي عشت وتعلّمت فيها من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب، ولم يكن يميّزني شيء عن أي أميركي آخر، من حيث أساليب العيش والسلوك والعلاقات، تلك الأساليب التي أصبحتُ بعدما اهتديت إلى الإِسلام أكتشف مفاسدها وأضرارها الشخصية والاجتماعية والإنسانية، وقد حمدت الله تعالى على الانعتاق منها.. ولكني مع ذلك كنت مطبوعاً على التأمّل والتفكر بما يسود مجتمعنا الأميركي والغربي بشكل عام من أوضاع وقيم إيجابية وأخرى سلبية نافرة، وأكثر ما كان يشغل تفكيري وأنا في مرحلة الشباب مسائل العقيدة الدينية السائدة في أميركا والتي كنت أعتنقها بشكل وراثي، دون أن يحصل لديَّ اقتناع فكري بها، حيث حاولتُ عبثاً أن أستجلي أسسها الإيمانية، وكنت أصطدم برفض العقل وأحكام المنطق الإنساني العام لها.

وبعد إكمال دراستي انتقلت للعمل في مجال اختصاصي في إحدى دول الشرق الأوسط، وهناك كان لي احتكاك مباشر مع المسلمين، كما تسنّى لي الاطّلاع عن كثب على الفكر والعقيدة الإِسلاميين، فحاولت التعمّق في دراستهما، وشيئاً فشيئاً حصل لديّ إعجاب واقتناع بالإِسلام وبصلاحيته كعقيدة إيمانية تنسجم مع أحكام العقل، كما تؤمّن التوازن والانسجام سواءً داخل الشخصية الإنسانية أو بين شرائح المجتمع، وهكذا اندفعتُ لاعتناقه والالتزام بأحكامه وشريعته وأنا في راحة نفسية تامة، كمن يجد ضالّته بعد تعب وعناء، وكان ذلك في سنة ١٩٧٩، وقد غيّرت اسمي واخترت اسم محمد علي لإِعجابي بهاتَين الشخصيتين العظيمتين اللتين قام الإِسلام على جهودهما بشكلٍ أساسي، ولشعوري بمظلومية الإِمام علي (ع) من جهة ثانية.

بعدها تزوّجت من امرأة عربية مسلمة، كي أضمن تأسيس أسرة تعيش حياة إسلامية سليمة، وقد أنجبت لي ثلاثة أبناء هم: عندليب (ست سنوات)، بشّار (٥ سنوات) ونسيم (سنتان)، وأكنّى بأبي بشّار.

٦١

وبعد عودتي مع أسرتي إلى الولايات المتحدة الأميركية، اخترت الإقامة هنا في ديربورن - ديترويت، لأنها أكثر مدن ولاية ميتشيغين احتشاداً بالمسلمين، حيث هناك مقوّمات مجتمع إسلامي نسبياً، فتجد مدارس ومساجد ومراكز ثقافية إسلامية وأسواقاً ومأكولات شرعية، كل هذا يساعد مع وجود الأشخاص المهتمين بالتعليم والتبليغ وإشاعة نوع من الحياة الإِيمانية على التغلّب على مصاعب ومشاكل الحياة المادية والفساد الخلقي السائد في المجتمع الأميركي، كما يعينني بالتالي على حفظ أولادي من الانجراف في تيار الفساد القوي.

س: ما الأمر الأبرز الذي شدّك لاعتناق الإِسلام؟

ج: سؤال تصعب الإجابة عليه فعلاً، فهناك الكثير من الجمال الروحي الذي يتدفّق من الإِسلام، والجمال الروحي من جمال الله تعالى يلهم دائماً وتصعب الإحاطة به بكلمات، وإنما يحتاج المرء إلى مجلدات كي يشرح ويصف مكامن الجمال في البناء الإِسلامي الشامخ المتكامل... وإذا كان لا بدّ من ذكر شيء فإن العقيدة الإِسلامية الصافية، والواضحة والمنسجمة مع التفكير العقلي المنطقي، خاصة عقيدة التوحيد التي لا تشوبها شائبة، كانت الحافز لي لأبدأ مشوار التعرّف على الإِسلام، ثم زاد إعجابي وانشدادي له بعد الاطلاع على شخصية الرسول (ص) وصفاته الفذّة فعرفتُ أنه سيد الرسل وقائد البشرية الأصلح الذي اختاره الله تعالى للتبليغ بخاتمة الرسالات السماوية، ثم عرفتُ الانسجام بين العلم والعمل في شخصيات الإِسلام الفذّة وعلى رأسها أئمة أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) فزاد تعلّقي بهم.. وهناك طبعاً النظام الإِسلامي بكلّيته وفلسفته الاجتماعية والإنسانية الذي لا بدّ أن يأسر الإنسان الباحث عندما يقارن بينه وبين الأديان والعقائد والفلسفات الأخرى... وإذا كان لي أن أختار مفردة واحدة من المفردات الملهمة في هذا المجال، فهناك مدلول قول الرسول الكريم (ص) :«الناس سواسية كأسنان المشط» وما هو بمعناه حيث يلاقي هذا القول صدى محبّباً عند الإنسان الغربي المفكّر، عندما يرى مظاهر العنصرية والتفاوت الطبقي والاجتماعي تحيط به من كل جانب، فيطمح إلى صورة النظام الإِسلامي الأمثل الذي يعبِّر عنها هذا الحديث الشريف.

٦٢

س: هل واجهتك ردود فعل سلبية من عائلتك ومحيطك بعد الإِسلام؟

ج: أجل، لسوء الحظ فعائلتي مثلها مثل أغلبية الأميركيين، لا تعرف شيئاً عن الإِسلام، إلّا ما سمعته من وسائل الإعلام المعادية، من أوصاف واتّهامات كاذبة خبيثة... ومما يعقّد الأمر أكثر أنها وكمعظم الأميركيين أيضاً، مصابة بما أسمّيه «وباء العنصرية» فعندما عدت من الشرق الأوسط برفقة زوجتي العربية المسلمة، عُوملَتْ من قبل البُلهاء والمتخلفين عقلياً آكلي لحم الخنزير، بشكلٍ سيّء وما تزال، وأُطلقت عليها الألقاب التي كانوا يطلقونها على الأميركيين السود، قبل عهد «مارتن لوثر كينغ» كالعبد وخيّال الجمل وغيرهما... فالجهل والعنصرية ما زالا موجودَين حتى في أيامنا الحاضرة، وليس فقط في محيط عائلتي، بل في كل أوساط المجتمعات الغربية، بما في ذلك بعض أوساط إخواني المسلمين مع الأسف الشديد.

س: كيف تعاملت مع ذلك كله؟

ج: في رأيي أن كل إهانة توجّه إلى الإِسلام من قبل الجهلة، يجب أن تعتبر إطراءً في حقه.. هكذا تعاملت مع الجهل.. ولكن عليك في المقابل أن تتمتع بروح الصبر والتحدّي من جهة أخرى، فتعمل بجد على تغيير ما أمكن من هذه العقلية الموروثة، عندها تشعر بأنك حققت انتصاراً لذاتك ولدينك، وهذا ما أعمل وفقه.

س: كيف هو حال المسلمين هنا؟

ج: في الحقيقة لست مؤهلاً للإجابة على هذا السؤال بشكل تفصيلي، ولكن ما يبدو لي أن هناك تقدّماً ملحوظاً في مجالات ومستويات عدّة.. هناك إيجابيات كثيرة، وأيضاً هناك سلبيات ونواقص يجب تلافيها وتجاوزها بروح التعاون والمسؤولية بين الجميع.. إن وجودي هنا بالقرب من المسلمين يقوّي عائلتي ويقوّيني.. فكلما ازداد عدد أسنان المشط كلما ازداد قوّة..

٦٣

س: هل لديك أمنية خاصة؟

ج: طبعاً.. هناك الأمنية التي يتمناها كل مسلم، ويجب أن يعمل على تحقيقها ما استطاع، وهي أن يصبح الإِسلام عزيزاً ومحترماً من قِبَل أهله أولاً والآخرين ثانياً، وأن تنتهي مصائب ومعاناة المسلمين والمستضعفين التي تدمي القلوب في أقطار عدة من الأرض.. وإذا كان لي من أمنية ذاتية، فهي أن أجد أولادي الثلاثة يحفظون القرآن الكريم عن ظهر قلب، وأن يفهموه ويعوا ما به من حقائق رائعة، ليكونوا في خط الرساليين المجاهدين في سبيل الله، متمثلين بما كان عليه الإِمام علي (ع) وأبناؤه الميامين من بعده من حرص على الإِسلام وتفانٍ في سبيله وعشق له.. عندها أموت وأنا سعيد.. لأنني أكون قد تأكدت من أن الإِسلام سيستمر في عائلتي وسيزدهر في محيطي الذي هو مجال مسؤوليتي الأولى...

٦٤

مقابلة الأخت الألمانية «حليمة كراوسن»

تعرّفت على الإِسلام واعتنقته وأنا فتاة صغيرة وبدون اتصال بأي مسلم.

ولدت حليمة كراوسن في عائلة ألمانية عميقة التديّن، كان جدّها لوالدتها قساً وأحد أعمامها راهباً، ولقد كانت فتاة متميزة وشديدة الذكاء، تعرّفت على الإِسلام واعتنقته في سن مبكّرة جداً (١٣ سنة) وبدون مساعدة أي مسلم، وقد حذا حذوها أحد أشقائها.

حليمة ما زالت مهتمَّة بدراسة اللغة العربية وتدريسها، كما هي منكبّة على دراسة العلوم الإِسلامية، والدعوة إلى الإِسلام.. إن قصة اعتناقها للإِسلام فريدة بحد ذاتها وتثير الإعجاب، كما تظهر ما لهذا الدين من تأثير على النفوس الحائرة، عندما تعود إلى الفطرة السليمة وتتجاوز التقليد الأعمى..

ولذلك آثرنا نشر هذه المقابلة التي أجرتها معها جريدة «كيو نيوز» ( Q News ) الصادرة في لندن.

س: ما الذي دفعك لاعتناق الإِسلام وأنت في الثالثة عشرة من العمر؟

ج: كانت المسألة مرتبطة في معظمها ومنذ البداية بفكرة التوحيد، الذي تتحدث عنه المسيحية أيضاً، ولكنه يرتبط لديها بعيسى المسيح (ع) والتثليث. ولم أكن أعتقد كثيراً بالتثليث في طفولتي حيث ظل محل تساؤل لديّ، وكنت أرى وأشعر أن هناك إلهاً واحداً هو الذي خلق جميع البشر، وهو الذي لا ريب في أنه كشف عن نفسه لهم بطريقة أو بأخرى... وانطلاقاً من كونه تعالى خالق كل الناس وأنه عادل ومحب فهذا يعني أنه سيمنحهم جميعاً فرصاً متساوية، ولا ترتبط عنايته بشعب واحد، هو شعب إسرائيل أو بشخصٍ واحدٍ هو يسوع المسيح (ع) وقد دفعتني قراءتي في سن مبكرة جداً للأديان الأخرى إلى تعزيز هذه المعتقدات لديّ، فوجدت في كل دين الحقيقة والحكمة، وإن كان هناك مسائل لم أستطع أن أتقبلها، ولكني كنت مطمئنة أنني سأفعل ذلك مع الوقت، ووجدت في ما بعد أن الدين الإِسلامي أكد الرسالات السابقة كافة، مشدداً على الحقيقة الكاملة في كلٍّ منها. كذلك أكد الإِسلام مفهوم التوحيد دون أي تشويه، بشكلٍ يتطابق مع ما توصَّلتُ إليه حول معنى التوحيد وارتباطه بالحب والعدل والمسؤولية.

٦٥

س: هل كنت تعرفين أي مسلم في ذلك الوقت؟

ج: لقد اتصلت بالإِسلام دون أن أتصل بأي مسلم، فقد اتصلت بهم بعدما اكتشفت الإِسلام. ولم يكن هناك عدد كبير من المسلمين آنذاك في منطقة سكني في ألمانيا، فبعدما اعتنقتُ الإِسلام كنت أود أن أتعلَّم كيفية قراءة القرآن، فطلبتُ من أحدهم أن يكتب لي الأحرف الأبجدية العربية، أما العمال المسلمون المهاجرون الذين جاؤوا في ما بعد فلم يكن لديهم فكرة عن الإِسلام تزيد عما أعرفه عنه، إلّا أنني حصلتُ على كتب بواسطة مستشرقين ومسافرين ولذا لم تكن المعلومات التي حصلت عليها من المسلمين بشكل مباشر.

س: بما أن معظم المستشرقين يميلون إلى أن يكونوا سلبيين في ما يتعلق بالإِسلام، فكيف استطعت أن تتبيني مواقفهم المتجنية؟

ج: في الحقيقة كان لديّ رؤية بهذا الشأن، وكان لي مما أعمله مصدر هداية، فكل ما وجدته سلبياً وضعته جانباً لكي أعود في ما بعد وأحاكمه عندما أحصل على المزيد من المعلومات.

س: كيف تعامل والداك معك وأنت تعتنقين الإِسلام في تلك السن المبكرة؟

ج: عندما قرأت أمي مذكراتي وعرف أهلي باعتناقي للإِسلام حاولوا اللجوء إلى القانون لحملي على التخلِّي عن الإِسلام، ولكن قيل لهم عندما يصبح المرء في سن الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة يكون حراً في اختيار دينه، فطلبوا من القس وآخرين من رجال الدين أن يحاولوا أن يقنعوني ويعيدوني إلى المسيحية، وهو تحدٍّ قبلته بسرور، فأنا أحب المناقشات وقد دفعتني إلى تكثيف قراءاتي وإلى تركيز تفكيري وتعميقه، ولا بدّ من أن أهلي أصيبوا بخيبة أمل إذ لم تأتِ النتيجة كما كانوا يتوقعون.

س: كيف كان رد فعل المسلمين الموجودين في مدينتكم على اعتناق فتاة صغيرة مثلك الإِسلام؟

ج: لقد رحّب بي العمال المسلمون المهاجرون على الفور، ولمّا لم يكونوا يصطحبون عائلاتهم فقد وجدوا بي أختاً صغيرة لهم بحاجة إلى الحماية.. وعلى الرغم من أنهم لم يكونوا مسلمين ملتزمين بأحكام الدين، إلّا أنني شعرتُ بالأمان، فقد حرصوا على ألا ألتقي بأي شخص مزعج أو غير موثوق به، وكنت أودع كتبي الإِسلامية معهم، إذ إن والديَّ كانا يعتقدان بأنهما يقومان بما عليهما دينياً، إذا هما أبعداني عن الكتب الإِسلامية التي كانت بحوزتي.

٦٦

س: كيف اكتسبت معرفة بالإِسلام في ظل عدم وجود مسلمين ملتزمين من حولك؟

ج: حاولت أن أتعرَّف بعمق أكبر على الإِسلام، وذلك كردِّ فعل من جهة على ما كان القس يقوله لي، ولأنني من جهة أخرى كنت أسعى بكلِّ جهدي إلى المعرفة، كنت أريد أن أقرأ القرآن وأن أفهمه، فحفظتُ أحرف الهجاء العربية، ولكن لم يكن لديّ ما أقرأه، ومن ثَمَّ أحضر لي أحد أساتذتي قرآناً صغير الحجم من تركيا، فصدمت لأنني لم أكن أعرف أحرف العلة، ولكنني تمكَّنت بفضل كتابة سورة الفاتحة العربية بواسطة أحرف لاتينية من أن أتوصل إلى معرفة أحرف العلة، وبالتالي تعلمتُ كيف أقرأ، وحفظتُ سورة الفاتحة والسور الصغيرة في القسم الأخير من القرآن، ولم يمتحنّي أحد قبل بلوغي الثامنة عشرة وذهابي إلى المسجد، حيث استمعتُ إلى الإمام واكتشفتُ أخطائي، ثم أخذتُ أتردَّد إلى المكتبة لأدرس النحو وعندما كنت في السابعة عشرة حصلتُ على معجم تعلَّمت منه جذور الكلمات العربية، وكان هذا في أواخر الستينات، كذلك تعلمتُ الصلاة من الكتب.

س: كيف عرفتِ أن ما تتعلمينه صحيح؟

ج: لوقتٍ طويلٍ لم أكن متأكدة حقاً بأن ما أفعله كان صحيحاً. ولكن الله يتقبل منا عندما نبذل أقصى ما في وسعنا من الجهد، ولم يكن في ذلك تعمد للخطأ وكانت النوايا حسنة، اتصلت بمسلمين - ليسوا علماء ولكنهم طلاب من كل أنحاء العالم - كانوا يعرفون عن الإِسلام أكثر مما يعرفه العمال المهاجرون، ولكن بما أن معرفتهم لم تكن كبيرة، إضافة إلى أنها كانت متأثرة بالأفكار المشبوهة في بلادهم، فقد خرجتُ بانطباعات مختلفة عن الإِسلام. وكنت قد تركت البيت لأتدرب على عملٍ مكتبيّ، ثم أخذت أذهب إلى المسجد. وعلى الرغم من أن هؤلاء الطلاب لم يكونوا على اطلاع واسع بل اكتفوا بما تعلموه في بلادهم، إلّا أنهم كانوا يعرفون أكثر من العمال المهاجرين، وكانوا يطبّقون أكثر منهم، على الرغم من أنهم كانوا يمارسون أشياء كثيرة ومختلفة، لذا خرجتُ بانطباعات مختلفة، كذلك وجدتُ في المكتبة عدة كتب إسلامية باللغة الإنكليزية، بما في ذلك ترجمة يوسف علي للقرآن وكذلك اشتركت في مناقشات حول الإِسلام، وغالباً ما كنت وحيدة، فعلى مدى ثلاث سنوات لم يكن هناك غالباً سوى الطعام وامرأة واحدة هي أنا.

وكلما قمتُ بأمر ما، كان يتلو ذلك نقاش: هل يجب على المرأة أن تفعل هذا أو ذاك؟ هل يجب أن تقود سيارة؟ أو أن تعيش خارج بيت والديها؟

٦٧

س: هل قال لك أحد: «يجب أن لا تفعلي هذا» حتى وأنت تدركين أنك على حق؟

ج: أجل، ولكني لم أكن أعرف بشكل مباشر وذلك باستثناء ما كان يحدث في المناقشات، بل كنت أفضِّل أن أنتظر لأنني لم أكن متأكدة من أنه ينبغي أن أواجه شخصاً ربما كان يعرف أكثر مني، في البداية تكوّنت لدي عقدة لأنني كنت أعتقد بأن العرب يتفوّقون عليّ بلغتهم العربية الأم، وقدرتهم على فهم القرآن، ولكنني سرعان ما اكتشفت أنني كنت مخطئة، وحتى عندما كنت أعتقد أنه يجوز لي أن أفعل بعض ما يمنعوني عنه لم أكن أهدر طاقتي في المناقشة، بل كنت أنتظر حتى أتأكد أكثر من موقفي.

س: ما هي أفضل طريقة لقراءة القرآن؟

ج: القرآن غير مرتبط بزمان، وهو يوضح نفسه لكل من يحاول الاقتراب منه، وكلما تطورت أكثر كلما زدت فهماً له، وهو ليس شيئاً يوضع على الرف، وهذا ما يجعله مختلفاً عن الإنجيل، فهو ليس كتاباً تحفظه للصلاة ولكنه كتاب تقرأه بانتظام وتحاول أن تتقرب منه، إنه كقراءة رسالة وصلتك للتوِّ، تفتح الرسالة وتقرأ ما يقوله المرسل، وتشعر أحياناً أن هناك ما هو غريب ولا تفهمه من المرة الأولى، وهو أحياناً يشبه المرآة، فقد تعاني مشكلة وتفتح القرآن وتجد فيه الحل، ولقد وجدت حلولاً لمشاكلي حتى في بعض الكتب التي تستشهد بآيات قرآنية، فعندما كنت في منزل الأسرة، ولم أكن قد حصلت بعد على ترجمة القرآن كنت مضطرة لأن آكل ما تطبخه والدتي وكان ذلك يسبب لي ضيقاً شديداً حتى ذهبت ذات يوم إلى المكتبة ووجدت في كتاب استشهد بالآية القرآنية التي تقول إن بعض أنواع الطعام محرمة إلّا إذا كان المرء مجبراً على أكلها رغماً عن إرادته وإذا كان لا يُكثِر من هذا الطعام، فعند ذاك لا يرتكب المرء إثماً، وتمكنت من إيجاد حل لمسألة أكل اللحم غير الشرعي إذ كنت أراقب أمي حين لا تكون تنظر إليّ فأرمي باللحم إلى الكلب.

٦٨

س: كيف يمكن للنساء أن يجدن الحقيقة إذا كان بعض الرجال الذين يملكون المؤهلات اللازمة ينقلون الأحاديث التي تقلِّل من شأن المرأة!؟.

ج: من الأمور الرئيسية التي تحدث عنها النبي (ص) ويكاد أكثر المسلمين لا يعرفونها، أو يعرفونها نظرياً فقط ولا يطبِّقونها، وهي ما يتعلق بالمعرفة ووجوب السعي للحصول عليها، حيث أن طلب المعرفة واجب ديني على كل مسلم رجلاً كان أم امرأة «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة» وإذا كان الرجال يملكون معرفة أكثر أو يبدون أنهم يملكون معرفة أكثر، فعلى النساء اكتساب المزيد من المعرفة، وما يعانيه العالم الإِسلامي اليوم من بؤس يعود إلى أن المسلمين وخصوصاً النساء لا يتبعون مراد هذا الحديث الشريف، وينبغي ألا يتوقف ذلك على انتظار المعلم.

عندما كنت أدرّس العربية كنت أطلب من طلابي أن يقرأوا ثلاث آيات من القرآن كل يوم، فإذا فعلوا ذلك على مدى عام يمكنك أن تتخيل عدد الآيات التي قرأوها، فإذا قرنوا ذلك بقراءة الترجمة والبحث عن المعاني في المعجم فإنهم سيكتسبون معرفة بقواعد العربية ومفرداتها.

٦٩

الأخت الأميركية المسلمة «سِندي ضاهر»

لم أستطع أن أنكر صحة وبساطة ومنطقية تعاليم الإِسلام ووحدانية الله تعالى.

اقترنت الأخت الأميركية «سِندي» بشاب لبناني مسلم منذ ثلاث عشرة سنة، ولم يكن - في حينها - المبدأ أو العقيدة هما الدافع الأساس لهذا الزواج، ولكن قيّض الله لها بعد ذلك بسنوات مَنْ أنار بصيرتها وفتح قلبها بهدى الإِسلام، فحصلت لديها القناعة الفكرية التامة به بعد بحث ونقاش، وتحوّل الاقتناع إلى إيمان راسخ والتزام قويّ واعٍ، بحيث صارت هي الدافع لتحسّن التزام زوجها المسلم أصلاً، وهذه ظاهرة طيّبة كثيراً ما أخذت تتكرر مع النساء الغربيات المتحوّلات عن إيمان إلى الإِسلام.

تعيش الأخت سِندي ضاهر في مدينة ديربورن من ولاية ميتشيغن الأميركية حاضنة ومربية لأسرتها المسلمة، وعاملة لنشر الإِسلام ضمن مجموعة من النساء الأميركيات المسلمات.

التقتها «نور الإِسلام» أثناء زيارتها لعائلة زوجها في لبنان وأجرت معها هذه المقابلة التي تروي من خلالها قصة إسلامها، كما تتحدث فيها عن واقعها وتطلّعاتها كمسلمة تحمل همّ الإِسلام.. وتبقى سِندي وأمثالها حجة دامغة على النساء اللواتي ولدن مسلمات ولكن لم يبق لهن - مع الأسف - من شرف الانتماء إلى الإِسلام، والالتزام به إلّا الاسم.

س: بداية هل حدثيننا عن نشأتِكِ وحياتِكِ الدينية الأولى؟

ج: مع ترحيبي بمجلة «نور الإِسلام» التي اطّلعت على أعداد منها في ديترويت حيث أقيم، والتي أقدّر دورها في خدمة الإِسلام ونشره، أجيب باختصار: وُلدت في مدينة «شريف پورت» في ولاية لويزيانا الأميركية. انفصل والداي عن بعضهما عندما كنت في الرابعة من عمري. وبعد ذلك بسنتين تزوجت أمي من رجل آخر، وكان مسيحياً ملتزماً، ومعهما نشأت على الإيمان بالعقائد المسيحية الأساسية وعلى رأسها ألوهية المسيح، والخطيئة الأصلية، وأن الإنجيل هو كلام الله المنزل.

ولقد كنت أذهب إلى الكنيسة بشكلٍ منتظمٍ حيث تعمّدت وتناولت القربان المقدس. ونشأتُ على أن هذه المعتقدات تؤدي إلى الخلاص الأبدي، وأن التشكيك بالتثليث هو خطيئة، كما أن التشكيك بحقائق الإنجيل يلحق بصاحبه اللعنة الأبدية، وأن الإيمان هو القبول بما لا يمكن قبوله، وأنه ينبغي بالتالي عدم طرح الأسئلة التي ينبغي ألا تطرح!

٧٠

س: كيف أمكن لك التعرّف على الإِسلام وأنت في هذه البيئة؟

ج: شاءت العناية الإلهية أن أتزوّج رجلاً مسلماً منذ ثلاث عشرة سنة، وعلى الرغم من أنه بسبب ذلك أصبح لدي العديد من الأصدقاء المسلمين إلّا أنني لم ألتقِ بداية بمسلمين مؤمنين، فمعظم المسلمين الذين عرفتهم حينها لم يكن لديهم الالتزام أو الحرص على الدعوة إلى الإِسلام، ولا المعرفة المفصّلة بالدين المسيحي بحيث يتمكَّنون من إرشادي إلى الصراط المستقيم.

وقبل ثماني سنوات التقيت بجارة جديدة من اللواتي نشأن على المسيحية المعمدانية قبل أن تعتنق الإِسلام وتتزوج من مسلم، فأصبحنا أصدقاء ولله الحمد. وكانت هذه الجارة حكيمة وتحب الله، ومهتمَّة كثيراً بتعريف الإِسلام للمتشوّقين. وفي حين أن بعض صديقاتي - اللواتي تحوّلن إلى الإِسلام - كن أصلاً غير مرتاحات إلى ديانتهن السابقة والمبادئ المادية الغربية، ويبحثن عن الحقيقة بشكل دائم حتى هداهن الله إلى الإِسلام، لم أكن أنا أبحث - أول الأمر - عن أي شيء، وبالتالي فإن دخول هذه المرأة المؤمنة والمثقفة في حياتي كان نعمة من الله تعالى، فهي التي زوّدتني بكتب تتضمَّن مقارنة بين الأديان، وتتحدث عن مبادئ الإِسلام. ولدهشتي وجدت في هذه الكتب الإجابة عن التساؤلات والاعتراضات التي كانت تراودني.

س: بعد ذلك كيف تبيّنت صحة عقيدة ومبادىء الإِسلام؟

ج: بعد ذلك عندما عدت إلى قراءة الإنجيل وجدتُ أن الإنجيل الذي يفترض أنه كلام الله المنزل، يبدو وكأنه مليء بالأخطاء، والتناقضات، فكيف يمكن أن يكون هذا كلام الله؟ فاستنتجتُ أنه قد تمّ تحريفه، وهكذا بحثتُ أيضاً عن المبدأ الأساسي في المسيحية ألا وهو التثليث الذي لم أقتنع به، ووجدتُ في التوراة أن جميع الأنبياء بما فيهم السيد المسيح (ع) يشدّدون على أن الله واحد. كذلك بحثت في تاريخ المسيحية والكنيسة والتوراة ووجدت فيها تأثراً بالمعتقدات الوثنية.

وكنت قد تعلّمتُ أن المسيحية تؤمن بأن الله العزيز الجبار كليّ الرحمة، فكيف يحتاج ويطلب معاقبة البريء الذي لم يرتكب معصية (السيد المسيح (ع) ) لكي يغفر لنا خطايانا. وإذا فعل ذلك زعيم سياسي أو قاضٍ لاعتبرته فاسداً وظالماً وحتى معتوهاً!

٧١

وبعدما تأكدت من عدم صواب المعتقدات التي نشأتُ عليها قامت صديقتي بإرشادي وطرح فكرة كون المسيح إنساناً مخلوقاً وأنه هو نفسه عبد لله وخاضع لإرادته.

ثم درسنا معاً وقارنّا بين التفسيرات الإنكليزية المختلفة لمعاني القرآن الكريم. وعلّمتني بعضاً من تاريخ الإِسلام وجهاد النبي محمد (ص) والمسلمين الأوائل.

لم أستطع أن أنكر صحة وبساطة ومنطقية ووحدانية الله المطلقة (التوحيد) التي يدعو إليها القرآن، فنطقتُ بالشهادتين (أن لا إله إلّا الله وأن محمداً رسول الله).

وأحمد الله على إرساله هذ الصديقة إليّ وأسأله دائماً أن يبارك هذه المرأة العظيمة في الدنيا وفي الآخرة، لهدايتي إلى الصراط المستقيم ألا وهو صراط الإِسلام.

س: عندما أشهرت إسلامك التزمت بالأوامر الإلهية، هل صادفتك عقبات في بيتكِ وفي محيطكِ العائلي؟

ج: عندما أعلنت إسلامي سألت زوجي (المسلم أصلاً) إذا كان يشعر بالحرج عندما يمشي معي علناً وأنا مرتدية الحجاب في أميركا، ولقد شعرت بارتياح شديد عندما قال: «إفعلي ما ينبغي عليك أن تفعليه، وأنا سأشعر بالفخر والسعادة إذا ارتديتِ الحجاب». فلقد أصبح زوجي والحمد لله يظهر مزيداً من الالتزام والمعرفة بالإِسلام. إلّا أن أسرتي المسيحية لم تكن سعيدة بإسلامي ورفضَت أن تناقش الموضوع معي فقلت لهم: «إذا كنت على خطأ وكان الإِسلام خاطئاً كما تزعمون (أستغفر الله) فهل تريدون مني أن أغضب عليكم يوم القيامة، يوم يعاقب الله غير المؤمنين، لأنكم لم ترشدوني إلى الحقيقة، وإذا كان الأمر على العكس (وهو كذلك) فأنا لا أريد منكم أن تلوموني على عقاب الله لكم، فدعونا نناقش الأمر ونبحث عن الحقيقة».

ولقد كتبتُ قصيدة في محاولة للوصول إليهم، وحاولت أن أنتهز فرصاً عديدة لأناقش الموضوع معهم، ولكنهم رفضوا دائماً أن يبحثوا في إمكانية أن تكون معتقداتهم على خطأ، ولقد عزّ عليّ أن لا أستطيع أن أخرجهم من ضلالهم، ولكنني سأبقى أحاول دائماً أن أهديهم إلى سواء السبيل.

٧٢

س: هل تذكرين بعض الحوارات التي جرت بينكِ بين أقاربك في هذا الشأن؟

ج: لقد ذهبتُ مرةً إلى لويزيانا لزيارة جدي وجدتي وثلاثة من أعمامي، فقال لي واحد منهم: «ها ها ما هذا أنت محمدية وستكونين واحدة من الحريم اللواتي يملكهنَّ زوجك؟»، فأجبته: «كم مرة تزوّجت يا عمي؟» فأجاب: «ثلاث مرات». وسألت الثاني فقال: «خمس مرات» وأخذ يلعن كل زوجاته السابقات. أما الثالث فقال: «إنه حر الآن وسبق أن طلَّق أربع مرات».

فقلت لهم: «ليس لدى زوجي الآن أي زوجة أخرى، وما تصفونه يبدو لي نوعاً من تعدُّد الزوجات من دون أيّ حسّ بالمسؤولية. كما أن الإِسلام لا يفرض تعدُّد الزوجات، بل وضع شروطاً لذلك، فلا يحق للرجل أن يتزوج أكثر من أربع نساء، وعليه أن يعاملهن بالعدل والتساوي، وإن لم يستطع فواحدة». وأضفت قائلة: «ولم أسمع بأي حالة بين المسلمين الكثر الذين التقيت بهم حتى الآن عن رجل تزوج ثلاث أو أربع نساء. هناك حالة أو حالتان لرجل تزوج امرأتين، إلّا أنني لم ألتق به، وإلى ذلك فإنَّ الطلاق هو أمر نادر بين المسلمين، وأخيراً فإذا أصبحتُ مريضة أو عاجزة وشعر زوجي بالحاجة إلى زوجة أخرى فإنني متأكدة من أنه سوف يستمر بتأمين حاجاتي وحاجات أولادي ولن يرميني جانباً كما تُرمى القمامة كما تفعلون أنتم» وهنا لم يجد أعمامي ما يردّون عليّ به.

س: من خلال احتكاكِكِ بالأميركيين كيف تجدين نظرتهم إلى الإِسلام؟

ج: الأميركيون بشكل عام يجهلون أي شيء عن الإِسلام، وهناك دعاية هائلة مضادة للإِسلام في أميركا، والكثير من الأكاذيب والآراء المسبقة، ويحدث غالباً أن نتعرّض نحن النساء المسلمات (إذ يمكن التعرف إلينا بسرعة بسبب وضع الحجاب) للإهانة اللفظية، إلّا أننا نادراً ما نهتم بذلك، ويحدث أحياناً - وخصوصاً عندما يدركون أننا نعرف الإنكليزية - أن يبدوا فضولاً هائلاً، الأمر الذي يفتح الباب إلى الحوار بل وحتى إلى التفهُّم.

٧٣

س: كيف تمارسين حياتَكِ وعلاقاتِكِ ونشاطاتِكِ الإِسلامية الحالية؟

ج: أنا محظوظة جداً لأنني أعيش في ديربورن في ولاية ميتشيغن، حيث هناك عدد كبير من المسلمين. ولقد بتنا الآن نملك فرصاً عديدة لتعلّم الإِسلام وممارسة تعاليمه.. فأن تكون مسلماً هو أمر عزيز جداً في المجتمع الذي أعيش فيه، وكل معتقداتي ونواياي وأفكاري وأعمالي تتمحور حول الإِسلام والتقرّب إلى الله تعالى، ولقد بات لديّ العديد من الأصدقاء المؤمنين وخصوصاً مجموعة كبيرة ومتزايدة من المعتنِقَات الجديدات للإسلام، حيث ألّفنا جمعية تعاضدية أسميناها جمعية النساء المسلمات( U.M.W.A .) لنتمكن من خلالها من مساعدة بعضنا البعض وتقوية إسلامنا. ولدينا خلفيات متشابهة فنحن جميعاً نتكلم الإنكليزية، ولدينا فهم مشترك للمشاكل والصعوبات التي قد تواجهنا.

وتواجه بعض معتَنِقَات الإِسلام عزلة خانقة من صديقاتهن السابقات وأسرهن، ونحن جميعاً نحاول أن ننشئ أطفالنا على الإِسلام في ظل مجتمع غربي، وثقافة غربية معادية أو غير متفهّمة، وجميعنا بحاجة لزيادة معرفتنا بالإِسلام، ولدينا والحمد لله مكتبة كبيرة الحجم تضم عدداً من الكتب الإِسلامية باللغة الإنكليزية، ونحن نطبع نشرة دورية، ونهتم بالدعوة في مجتمعنا بشكل عام. ونحاول أيضاً أن نستقطب بعض المتحوّلات الجديدات، وكذلك فإننا نحاول أن نتصل بمجموعات أخرى، فنذهب إلى المراكز والمساجد الإِسلامية المختلفة الموجودة في منطقتنا، كذلك يأتي إلينا بعض علماء الدين ويتحدثون إلى مجموعتنا بشكل مباشر.

س: هل هناك مشاكل بارزة تعترض حياة المسلمين والأجيال الطالعة في المنطقة التي تقيمين فيها؟

ج: نعم المعتنقون الجدد للإِسلام يحتاجون - نظراً لكونهم مضللين سابقاً - إلى البحث الدائم عن المعرفة والحقيقة. فنحن بشكل عام لا نأخذ ديننا كما هو في الظاهر ولدينا شعور عميق بقيمة ونعمة الإِسلام.

وأكثر ما يهمّني بالنسبة إلى المستقبل هو عنصر الشباب الذين هم بحاجة إلى المزيد من المدارس الإِسلامية التي تبعدهم عن التأثير السلبي للمجتمع. فعلى سبيل المثال حدث أن اصطدمتُ السنة الماضية بمدير مدرسة ابنتي (عشر سنوات) غير المسلم حول صيام شهر رمضان المبارك فقال لي: «لقد خسرَت ابنتك شهراً كاملاً من حياتها وتعليمها، لأن هناك رجلاً قام بوضع قوانين بشرية لزمان مختلف ومكان مختلف».

٧٤

وعلى الرغم من أن أبناءنا يأخذون دروساً خصوصية باللغة العربية وبالدين إلّا أنهم بحاجة ماسّة للدراسة في مدرسة نهارية من هذا النوع، لكي لا يتأثروا بالأيديولوجيا والأفكار المنحرفة أو المعادية للإِسلام. وهناك عدد متزايد من الجيلين الثالث والرابع من أطفال المهاجرين الذين لا يعرفون العربية بما يكفي ليتعرفوا على دينهم دون مساعدة خاصة. وهناك الكثير من العوائق التي تقف في وجه فتح مدارس إسلامية في أميركا، ولكن لا بدّ لنا من أن نجد الطريقة المناسبة بمساعدة أهل الخير والغيورين على دينهم.

س: كيف وجدتِ المرأة المسلمة في لبنان بعد إقامتك في ربوعه هذه الصيف؟

ج: في الحقيقة ينتاني شعوران متناقضان حيال المرأة المسلمة في لبنان وفي البلاد الإِسلامية الأخرى على ما أعلم، وهما: ارتياح أولاً لما شاهدته من نهضة إسلامية لدى الكثير من النساء والفتيات اللواتي أقبلن على الالتزام بدينهن والعمل من أجله بعد مرحلة الضياع والهجمة الحضارية الغربية التي اكتسحت هذه المناطق، وثانياً: استهجان وتعجّب لهذا السقوط المريع الذي أصاب الكثير الكثير من النساء والفتيات اللواتي يقلّدن بشكلٍ أعمى العادات والتقاليد الغربية السخيفة والتي لم تجلب لنساء العرب والمجتمع الغربي إلّا الانحطاط الخلقي والإباحية وهدم العائلة وقيمها الإيجابية الجميلة، والأمراض النفسية والاجتماعية والصحية الفتاكة التي تئن منها هذه المجتمعات اليوم. وإنني شعرتُ بكثير من الأسف والخجل من وجود أعداد كبيرة من النساء اللواتي صادفتهن في الشوارع وهن يرتدين الأزياء الغربية الفاضحة، ويتصرفن بشكلٍ مستهترٍ ومغاير لتعاليم دينهن العظيمة من دون أن يتعرّفن حتى على الجوانب الإيجابية في حياة النساء الغربيات المتزنات.

وإنني أدعو هؤلاء من منطلق التجربة للعودة إلى أحضان الدين، وسوف يشعرن حقاً بالسعادة والعزّة والكرامة.

٧٥

الأخت السويسرية: «أريان ديتڤلير خليل»

الإِسلام غيّر حياتي على الصعيدين الشخصي والاجتماعي، ولقد أحسستُ بالسعادة لأنني على الطريق الصحيح.

ما كان يبدو لي غير منطقي في الإِسلام في البداية، أصبح منطقياً جداً ومقنعاً بعدما قرأتُ عنه أكثر.

لا يمكنني القول إن الحياة الاجتماعية التي عرفتها مع المسلمين هي حياة أفضل، لأن معظم المسلمين لا يطبّقون الإِسلام في ممارساتهم كما ينبغي.

جاءت إلى لبنان وغرضها الأساس ليس زيارة أهل زوجها فقط، وإنما لمتابعة دورة دراسية مكثّفة عن الإِسلام في عقيدته ومفاهيمه وشريعته، الشيء الذي لم يتوفّر لها بشكلٍ كافٍ في بلدها سويسرا حيث تقيم مع زوجها المسلم اللبناني.

وكل من شاهدها لاحظ شغفها بالمعرفة، وإلحاحها في الحصول على أجوبة مقنعة ومعمّقة للتساؤلات التي تحملها، وما يلفت النظر من حماسها للإِسلام، وإحساسها الكبير بالمسؤولية تجاه فهمه، ووعيه والعمل على نشره والتبليغ به في المحيط الذي تعيش فيه.

زارت الأخت أريان مكاتب «نور الإِسلام» للتعرّف والاستفادة من إمكانياتنا لأجل غرضها النبيل، فأجرينا معها هذه المقابلة الطيبة.

س: لقد منّ الله تعالى عليك بالهداية للإِسلام وأنتِ في مقتبل العمر، فهل لك أن تحدثينا عن شيء من ظروف حياتكِ قبل الإِسلام؟

ج: أنا امرأة سويسرية أدعى أريان ديتڤيلر خليل، أبلغ من العمر حالياً عشرين عاماً. أكملت دراستي الثانوية عام ١٩٩٢، ثم عملتُ في مكتبة للحصول على بعض المال، بعدها دخلت الجامعة لشهر واحد لدراسة القانون، ولكنني سرعان ما اكتشفت أن هذا الاختصاص ليس مرامي. ولقد أحببتُ العمل في المكتبة لأني كنت ألتقي فيها بنوعيات مختلفة من الناس.

٧٦

ويمكن اعتبار بداية فترة مراهقتي عادية، حيث كنت أذهب إلى المدرسة مثل كل التلميذات، وكنت أستمتع بأوقات فراغي، لكني كنت أحسّ أنني مختلفة عن الآخرين، لأنني كنت أفضّل النقاشات المطوّلة مع الكبار على الذهاب إلى الحفلات الراقصة. كذلك كنت أحبّ أن أمضي الساعات الطوال في البيت لأرسم لوحة أو لأكتب قصيدة، ولم يكن لديّ أصدقاء كثر، بل بضعة أصدقاء حميمين. فعلى الرغم من كوني اجتماعية جداً بطبعي، إلّا أنني لم أحاول أن أمضي أوقاتي مع الذين يدّعون من جهة أنهم أصدقائي، ثم إنهم لا يسألون عني في حال غيابي.

س: هل كنتِ ملتزمة دينياً، وأيّ فكرة كنتِ تحملينها عن الدين؟

ج: لقد كان عمري ١٥ سنة عندما بدأ التفكير في الله تعالى يأخذ أهمية ثانوية في حياتي. فلقد أصبحت أكثر اهتماماً بهذه الحياة، وما يجب أن أفعله فيها. كنت أبحث عن أيديولوجية عقلانية وإنسانية وليس دينية، ولم أكن مقتنعة بديني الذي كنت عليه، لأنني كنت أعرف أن هناك ديانات أخرى تُعتبر بالنسبة لأتباعها أيضاً ديانات صحيحة، ولأن الدين كان يطلب منا في الغالب الإيمان بأشياء يصعب البرهنة عليها، أو أن الأدلّة العلمية تدحضها. هذا فضلاً عن كون كل ما تعلّمناه في المدرسة كان باسم العلم وليس باسم الله. صحيح أننا تعلمنا الدين في المدرسة أيضاً، ولكننا تعلّمناه كمادة دراسية ثقافية وليس كمؤثر روحي. ولقد أخذت بالابتعاد عن الله على الرغم من أنني بقيتُ لا أنكر وجوده. جلّ ما في الأمر أنني لم أبقَ متأكدة من وجود أي شيء خارج عن نطاق هذا العالم المادي بخلاف ما يذهب إليه الفلاسفة.

من ناحية أخرى كنت أحبّ الخوض في النقاشات دون أن أكون مؤمنة بشكل فعليّ بأيّ منها. ولقد بدت العديد من النظريات منطقية في نظري، طالما أنها مبنية على قاعدة الخدمة الإنسانية والمنفعة العامة. ولكنني كنت لا أريد أن أتقيّد بحدود أيّ نظرية حتى لا أضطر للالتزام بأطرها المحدّدة. كان المهم في نظري هو أن يكون المرء صالحاً في علاقته مع الآخرين، وأن يبذل ما في وسعه لمساعدتهم، بغض النظر عمن يتلقى المساعدة. ولقد كان هذا الأمر نابعاً من تراثي الثقافي المسيحي أساساً من جهة، ومتأثراً بمفهوم الحرية الغربي.

٧٧

س: وهل ظلّ موقفك سلبياً من الدين؟

ج: اكتشفت أنّ الدين بالنسبة إليّ كان شيئاً موروثاً، وأنّ معظم الناس ينتمون إلى دين معيّن لمجرد أنهم وُلدوا في بلد يتوارث فيه الناس هذا الدين، وليس عبر الاقتناع الناتج من دراسة هذا الدين والتعمّق في مفاهيمه. لذلك فقد تضاءل إيماني فعلاً، إذ رأيت نفسي أنني مسيحية بالمصادفة، فأنا أعيش في بلد مسيحي وأهلي مسيحيون وورثتُ أو أخذتُ منهم القناعة بالمسيحية. كما أنني كنت مقتنعة بأن الديانات الخمس الكبرى في العالم (المسيحية، اليهودية، الإِسلام، البوذية والهندوسية) كانت جميعها صحيحة، ما أفضى إلى تشوّش ذهني لديّ، وحرمني من فرصة التعمّق في الدراسة الدينية، الأمر الذي دفعني في النهاية أيضاً إلى أن أفقد إيماني كما أشرتُ.

س: ما الذي أنقذكِ من هذا التشوش والارتباك؟

ج: لقد ازداد هذا الارتباك عندما التقيت بزوجي في سويسرا، لقد كان مسلماً عن اقتناع بخلافي أنا تماماً، على الرغم من أنه لم يكن يمارس شعائر الإِسلام بشكل كامل، فقد كان يدافع عن وجهة نظره كلما سنحت له الفرصة، وإن لم يكن ذلك بطريقة تتيح لي أن أستفيد منها، نظراً إلى صعوبة التفاهم آنذاك لاختلاف اللغات من ناحية، ولعدم قدرتي على تحمّل المناقشات المطوّلة في هذا الموضوع، على الرغم من محاولتي التغلّب على نفسي بعدما لمست مدى حماسه وإيمانه بما يقول، لدرجة أنني بتّ أرى فيه إنساناً متزمّتاً ويكاد يكون متعصّباً. ومع ذلك استمرت علاقتنا الطبيعية بعد أن قرّرنا عدم الخوض في مناقشات حادّة دون التوصل إلى نتيجة واضحة.

س: وماذا حصل بعد ذلك؟

ج: بعد ستة أشهر ذهب إلى الكويت لمدة سنتين، إلّا أنني عدت والتقيت به مرتين في قبرص، حيث تزوّجنا في المرة الثانية، وكنت قد بلغتُ التاسعة عشرة من عمري، وكنت لا أزال متمسّكة بمسيحيتي على حالة التشوّش التي شرحتها، وعندما عدنا إلى سويسرا، ولاحظت مدى اهتمامه بتأدية شعائره الدينية، أحسستُ بأنني خُدعتُ، لأننا كنا قد اتفقنا على التغاضي عن الهوّة الدينية التي تفصل بيننا. ولا أنكر أنني عندما رأيته يصلّي للمرة الأولى حدث شيء غريب في داخلي، لم أستطع أن أجد له تفسيراً، ولم أستطع أن أتحمّله فشعرت - كردة فعل غريبة أيضاً - بالحزن واليأس، ولم يكن هناك شيء يمكن أن يهدّىء من روعي.

٧٨

س: وهل ساءت العلاقة بينكما أكثر؟

ج: لم تتعكّر العلاقة ظاهراً بيننا، بل كان هناك عاملان يتصارعان في داخلي، وكان قلبي ممزّقاً بينهما. حتى أنني وصلت إلى وقت تمنيت فيه أن أموت لكي أتخلص من حيرتي ومن ألمي. لقد دام هذا المخاض أياماً عدة، انعكس في خلالها الألم الداخلي على وضعي الصحي، فقد غدوت عصبية جداً، لا أعرف ما إذا كان ينبغي أن أسخر من هذه الحياة التي بدت أحياناً سخيفة جداً، أو أن أبكي لأنني لا أدرك معناها الحقيقي.

ثم شاء الله العزيز القدير أن يرفع عني هذا البلاء في إحدى الليالي، وانفلقت بذرة الإِسلام في داخلي، فلقد غمرني الله برحمته وأرشدني إليه.

س: كيف حصل ذلك؟

ج: كنت في البيت مع زوجي عندما قلت له فجأة: أريد أن أعتنق الإِسلام، ولم أعد أريد أن أخرج من دون حجاب!

استغرب زوجي الأمر ولم يستطع أن يفهم ما حدا بي إلى مثل هذا التغيير. أنا نفسي لم أكن أعرف ما هو سرّ هذا التغيير، على الرغم من أنني كنت متأكدة تماماً من شعوري وموقفي، وكانت تلك هي المرة الأولى في حياتي التي أتخذ فيها قراراً مهماً دون أن أكون قد أمعنت النظر فيه من قبل. لقد كان ذلك الشعور الذي انتابني لفترة، وذلك الصراع الداخلي والمخاض العسير هو الطريق الوحيد الذي أوصلني إلى الإِسلام. لقد بقي عقلي مغلقاً، ولم يكن مستعداً لتحليل أي معطيات بشكل موضوعي، بل شعرت وشعر زوجي بأني دُفِعت دفعاً إلى ذلك، ولهذا السبب ساوَرَتْهُ شكوك حول مدى جدية نواياي، فقال: إنه لن يقبل أن يكون التغيير بسببه. أكدت له أن الأمر يتعلّق برغبتي الشخصية وبكامل اختياري وملء إرادتي في أن أصبح مسلمة، وإنني أصبحت مقتنعة بذلك تماماً. فترك الخيار لي دون أن يقوم بمنعي إذا كنت متأكدة تماماً مما أفعله. بل قال إن من واجبه أن يساعدني على اتخاذ الخطوة الأولى على طريق الإِسلام، فعلّمني النطق بالشهادتين بعد أن تأكد من قناعتي واعتقادي. وهكذا كتب زوجي الشهادتين بالعربية مرة، وبأحرف لاتينية مرة أخرى، وكنت قد أصبحت إلى حدٍ ما قادرة على قراءة النصوص العربية. أحسست بسعادة غامرة وأنا أتلفّظ بالشهادتين معلنة إسلامي لله على الرغم من أنني لم أكن أعلم أيّ مستقبل ينتظرني!

٧٩

س: ما كان تأثير اعتناقكِ الإِسلام في محيطكِ، وما هي المشاكل التي واجهتكِ؟

ج: قبل كل شيء كان أصدقائي يعرفون أنني تغيرت. ولقد تقبّلوا ذلك بعد أن تحدّثوا معي حول أسباب هذا التغيير. ولقد أبقوا على صلتهم بي. ولذا شعرتُ بسعادة أكبر لأنني أمتلك أصدقاء حقيقيين لا يغيّرون موقفهم، ويقبلونني كما أنا وليس كما يرغبون.

وعندما علم أخي بالأمر (وهو أصغر مني بعامَين)، أخذ يهزأ من خوفي من أن أبلّغ أهلي وأواجههم بالحقيقة. فرغم قناعتي تهيّبت الأمر مع أنني كنت أعيش في بيت مستقل مع زوجي. علم والداي بإسلامي، فقال أبي بلهجة فيها امتعاض وتسليم بالأمر الواقع: كنت أعلم منذ البداية أنكِ سوف تتغيرين؟!.

لم يكن سعيداً لأنه كان من النوع المتشائم. وبدأ يتخيّل حدوث بعض المآسي، كأن يطلّقني زوجي، ويأخذ الأطفال، وما إلى ذلك.

ثم تقبّل والداي الأمر، ولا يزالان حتى الآن على استعداد لمساعدتي، ولكن المشكلة كانت محصورة في جدي وجدتي الإيطاليَّين، فلقد انزعجا كثيراً من هذه الخطوة.

س: ما هي التغيّرات الإيجابية الملموسة التي حدثت لكِ بعد اعتناقكِ الإِسلام؟

ج: الإِسلام غيّر حياتي على الصعيدَين الشخصي والاجتماعي. فقد صرت أفكر أكثر في عواقب أي عمل أقوم به أو أقدم عليه، وصرت أهتم بالحياة الآخرة، ولقد أحسست بالسعادة لأنني على الطريق الصحيح. وبعدما اعتنقت الإِسلام أخذت أقرأ عنه أكثر، فما كان يبدو غير منطقي في البداية أصبح منطقياً جداً ومقنعاً الآن.

على الصعيد الاجتماعي بصراحة، لا يمكنني القول إن الحياة الاجتماعية التي عرفتها مع المسلمين هي حياة أفضل، لأن معظم المسلمين لا يطبّقون الإِسلام في ممارساتهم كما ينبغي. ولو كانوا هم السبب لتحوّلي إلى الإِسلام لكنت بقيت على ما كنت عليه قبل الإِسلام.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

(الاول): في الانساب.

ومراتبهم ثلاث: (الاولى): الآباء والاولاد: لا لاب يرث المال إذا انفرد.

والام الثلث والباقي بالرد.

ولو اجتمعا فللام الثلث وللاب الباقي.

ولو كان له أخوة كان لها السدس.

ولو شاركهما زوج او زوجة، فللزوج النصف، وللزوجة الربع.

وللام ثلث الاصل إذا لم يكن حاجب والباقي للاب، ولو كان لها حاجب كان لها السدس.

ولو انفرد الابن فالمال له.

ولو كانوا أكثر اشتركوا بالسوية.

ولو كانوا ذكرانا وإناثا فللذكر سهمان، وللانثى سهم.

ولو اجتمع معهما الابوان فلهما السدسان والباقي للاولاد ذكرانا كانوا او اناثا او ذكرانا وإناثا ولو كانت بنت فلها النصف وللابوين السدسان، والباقي يرد أخماسا.

ولوكان من يحجب الام ردعلى الاب والبنت أرباعا.

ولو كانت بنتان فصاعدا فللابوين: السدسان، وللبنتين او البنات: الثلثان بالسوية.

ولو كان معهما او معهن أحد الابوين كان له: السدس، ولهما اولهن: الثلثان والباقي يرد أخماسا.

ولو كان مع البنت والابوين زوج او زوجة كان للزوج: الربع، وللزوجة الثمن، وللابوين: السدسان، والباقي للبنت.

وحيث يفضل عن النصف يرد الزائد عليها وعلى الابوين أخماسا.

ولو كان من يحجب الام رددناه على البنت والاب أرباعا.

ويلحق مسائل: (الاولى): الاولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ويأخذ كل فريق نصيب من يتقرب به، ويقسمونه للذكر مثل حظ الانثيين، اولاد ابن كانوا او أولاد البنت على الاشبه.

(ويمنع) الاقرب الابعد.

ويرد على ولد البنت كما يرد

٢٦١

على امه ذكرا كان او انثى.

ويشاركون الابوين كما يشاركهما الاولاد للصلب على الاصح.

(الثانية): يحبى الولد الاكبر بثياب بدن الميت وخاتمه وسيفه ومصحفه إذا خلف الميت غير ذلك.

ولو كان الاكبر بنتا أخذه الاكبر من الذكور ويقضي عنه ما ترك من صيام او صلاة.

وشرط بعض الاصحاب ألا يكون سفيها ولا فاسد الرأي.

(الثالثة): لا يرث مع الابوين ولا مع الاولاد جد ولا جدة ولاأحد من ذوي القرابة.

لكن يستحب للاب أن يطعم أباه وأمه: السدس من أصل التركة بالسوية، إذا حصل له الثلثان.

وتطعم الام أباها وأمها: النصف من نصيبها بالسوية إذا حصل لها الثلث فما زاد.

ولو حصل لاحدهما نصيبه الاعلى دون الآخر استحب له طعمة الجد والجدة دون صاحبه.

ولا طعمة لاحد الاجداد إلا مع وجود من يتقرب به.

(الرابعة): لا يحجب الاخوة الام إلا بشروط أربعة: أن يكون أخوين او أخا وأختين او أربع أخوات فما زاد لاب وأم او لاب مع وجود الاب، غير كفرة ولا رق.

وفي القتلة قولان، أشبههما: عدم الحجب وان يكونوا منفصلين لا حملا.

(المرتبة الثانية): الاخوة والاجداد اذا لم يكن أحد الابوين، ولا ولد وان نزل، فالميراث للاخوة والاجداد.

فالاخ الواحد للاب والام يرث المال، وكذا الاخوة.

والاخت انما ترث النصف بالتسمية، والباقي بالرد.

وللاختين فصاعدا الثلثان بالتسمية والباقي بالرد.

ولو اجتمع الاخوة والاخوات لهما كان المال بينهم للذكر سهمان وللانثى سهم.

٢٦٢

وللواحد من ولد الام السدس ذكرا كان او انثى.

وللاثنين فصاعدا الثلث بينهم بالسوية ذكرانا كانوا او اناثا.

ولا يرث مع الاخوة للاب والام ولا مع أحدهم أحد من ولد الاب، لكن يقومون مقامهم عند عدمهم.

ويكون حكمهم في الانفراد والاجتماع ذلك الحكم.

ولو اجتمع الكلالات كان لولد الام السدس إن كان واحدا، والثلث ان كانوا أكثر، والباقي لولد الاب والام ويسقط أولاد الاب.

فان أبقت الفريضة فالرد على كلالة الاب والام، وان ابقت الفريضة مع ولد الام وولد الاب، ففي الرد قولان، أحدهما: يرد على كلالة الاب، لان النقص يدخل عليهم، مثل أخت لاب مع واحد او اثنين فصاعدا من ولد الام، او أختين للاب، مع واحد من ولد الام.

والآخر: يرد على الفريقين بنسبة مستحقهما وهو أشبه.

وللجد المال إذا انفرد لاب كان او لام.

وكذا الجدة.

ولو اجتمع جد وجدة، فان كانا لاب فلهما المال، للذكر مثل حظ الانثيين وإن كانا لام فالمال بالسوية.

واذا اجتمع الاجداد المختلفون، فلمن يتقرب بالام الثلث على الاصح، واحدا كان او اكثر.

ولمن يتقرب بالاب الثلثان ولو كان واحدا.

ولو كان معهم زوج او زوجة أخذ النصيب الاعلى.

ولمن يتقرب بالام ثلث الاصل.

والباقي لمن يتقرب بالاب.

والجد الادنى يمنع الاعلى.

واذا اجتمع معهم الاخوة، فالجد كالاخ والجدة كالاخت.

مسألتان: (الاولى): لو اجتمع أربعة أجداد لاب ومثلهم لام كان لاجداد الام الثلث بينهم أرباعا.

ولاجداد الاب وجداته الثلثان، لابوي أبيه ثلثا الثلثين

٢٦٣

أثلاثا ولابوي امه الثلث أثلاثا أيضا فيصح من مئة وثمانية.

(الثانية): الجد وإن علا يقاسم الاخوة والاخوات.

وأولاد الاخوة والاخوات وإن نزلوا، يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة الاجداد والجدات ويرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به.

ثم إن كانوا أولاد أخوة او أخوات لاب اقتسموا المال، للذكر مثل حظ الانثيين.

وإن كانوا لام اقتسموا بالسوية.

(المرتبة الثانية): الاعمام والاخوال: المعلم المال اذا انفرد.

وكذا للعمين فصاعدا.

وكذا العمة والعمتان والعمات.

والعمومة والعمات: للذكر مثل حظ الانثيين.

ولو كانوا متفرقين، فلمن تقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث إن كانوا أكثر بالسوية.

والباقي لمن يتقرب بالاب والام للذكر مثل حظ الانثيين ويسقط من يتقرب بالاب معهم.

ويقومون مقامهم عند عدمهم.

ولا يرث الابعد مع الاقرب مثل ابن خال مع خال او عم.

اوابن عم مع خال او عم، الا ابن عم لاب وأم مع عم لاب فابن العم أولى.

وللخال المال اذا انفرد.

وكذا للخالين والاخوال والخالة والخالتين والخالات.

ولو اجتمعوا فالمال بينهم بالسوية كيف كانوا.

ولو كانوا متفرقين، فلمن يتقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث إن كانوا اكثر.

والثلثان لمن يتقرب بالاب والام.

ويسقط من يتقرب بالام معهم.

والقسمة بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.

ولو اجتمع الاخوال والاعمام فللاخوال الثلث وللاعمام الثلثان.

ولو كان معهم زوج او زوجة فلهما النصيب الاعلى.

ولمن يتقرب بالام ثلث الاصل.

والباقي لمن يتقرب بالاب.

ولو اجمتع عم الاب وعمته وخاله وخالته وعم الام وعمتها وخالها وخالتها كان

٢٦٤

لمن يتقرب بالام الثلث بينهم أرباعا.

ولمن يتقرب بالاب الثلثان: ثلثاه لعمه وعمته أثلاثا.

وثلثه لخاله وخالته بالسوية، على قول.

مسائل: (الاولى): عمومة الميت وعماته وخئولته وخالاته وأولادهم وإن نزلوا أولى من عمومة أبيه وخئولته.

وكذا أولاد كل بطن أقرب.

أولى من البطن الابعد.

ويقوم اولاد العمومة والعمات والخئولة والخالات مقام آبائهم عند عدمهم، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به واحدا كان أو أكثر.

(الثانية): من اجتمع له سببان ورث بهما ما لم يمنع أحدهما الآخر.

فالاول كابن عم لاب هو خال لام، وزوج هو ابن عم، وعمة لاب هي خالة لام.

والثاني كابن عم هو أخ لام.

(الثالثة): حكم أولاد العمومة والخئولة مع الزوج والزوجة حكم آبائهم، يأخذ من يتقرب بالام ثلث الاصل والزوج نصيبه الاعلى.

وما يبقى لمن يتقرب بالاب.

المقصد الثاني في ميراث الازواج: للزوج مع عدم الولد النصف، وللزوجة الربع.

ومع وجوده وإن نزل نصف النصيب.

ولو لم يكن وارث سوى الزوج، رد عليه الفاضل.

وفي الزوجة قولان: أحدهما: لها الربع والباقي للامام.

والآخر: يرد عليها الفاضل كالزوج.

وقال ثالث: بالرد مع عدم الامام والاول: أظهر.

واذا كن اكثر من واحدة فهن مشتركات في الربع أو الثمن.

وترث الزوجة وإن لم يدخل بها الزوج.

وكذا الزوج.

وكذا في العدة

٢٦٥

الرجعية خاصة.

لكن لو طلقها مريضا ورثت وإن كان بائنا ما لم تخرج السنة ولم يبرأ ولم تتزوج.

ولا ترث البائن إلا هنا.

ويرث الزوج من جمع ما تركته المرأة، وكذا المرأة عدا العقار، وترث من قيمة الآلات والابنية، ومنهم من طرد الحكم في أرض المزارع والقرب، وعلم الهدى يمنعها العين دون القيمة.

مسألتان: (الاولى): إذا طلق واحدة من أربع وتزوج أخرى فاشتبهت كان للاخيرة ربع الثمن مع الولد او ربع الربع مع عدمه، والباقي بين الاربعة بالسوية.

(الثانية): نكاح المريض مشروط بالدخول، فان مات قبله فلا مهر لها ولا ميراث.

المقصد الثالث في الولاء وأقسامه ثلاثة.

(القسم الاول): ولاء العتق: ويشترط التبرع بالعتق وألا يتبرأ من ضمان جريرته.

فلو كان واجبا كان المعتق سائبة.

وكذا لو تبرع بالعتق وتبرأ من الجريرة ولا يرث المعتق مع وجود مناسب وإن بعد.

ويرث مع الزوج والزوجة.

وإذا اجتمعت الشروط ورثه المنعم إن كان واحدا، واشتركوا في المال ان كانوا أكثر.

ولو عدم المنعم فللاصحاب فيه أقوال، أظهرهما.

انتقال الولاء إلى الاولاد الذكور دون الاناث.

فان لم يكن الذكور، فالولاء لعصبة المنعم.

ولو كان المعتق امرأة فالى عصبها دون أولادها ولو كانوا ذكورا.

ولا يرث الولاء من يتقرب بأم المنعم.

ولا يصح بيعه ولا هبته.

ويصح جره من مولى الام إلى المولى الاب اذا كان الاولاد مولودين على الحرية.

٢٦٦

القسم الثاني ولاء تضمن الجريرة: من توالى إنسانا يضمن حدثه: ويكون ولاؤه له.

ثبت له الميراث ولا يتعدى الضامن، ولا يضمن إلا سائبة كالمعتق في النذر والكفارات أو من لا وارث له.

ولا يرث الضامن الا مع فقد كل مناسب ومع فقد المعتق.

ويرث معه الزوج والزوجة نصيبهما الاعلى وما بقي له، وهو أولى من بيت مال الامام.

القسم الثالث ولاء الامامة: ولا يرث الا مع فقد وارث عدا الزوجة فانها تشاركه على الاصح.

ومع وجوده (ع) فالمال له يصنع به ما شاء.

وكان عليعليه‌السلام يعطيه فقراء بلده تبرعا.

ومع غيبته يقسم في الفقراء ولا يعطي الجائر إلا مع الخوف.

وأما اللواحق فأربعة: (الاول): في ميراث ابن الملاعنة: ميراثه لامه وولده، للام السدس والباقي للولد.

ولو انفردت كان لها الثلث والباقي بالرد.

ولو انفردت الاولاد فللواحد النصف وللاثنتين فصاعدا الثلثان.

وللذكران المال بالسوية.

وان اجتمعوا فللذكر سهمان وللانثى سهم.

ويرث الزوج والزوجة نصيبهما الاعلى مع عدم الولد وان نزل، والادنى معهم.

ولو عدم الولد يرثه من تقرب بأمه الاقرب فالاقرب الذكر والانثى سواء.

ومع عدم الوارث يرثه الامام.

ويرث هو امه ومن يتقرب بها على الاظهر.

ولا يرث أباه ولا من يتقرب به ولا يرثونه.

ولو اعترف به الاب لحق به، وورث هو أباه دون غيره من ذوي قرابة أبيه ولا عبرة بنسب الاب.

فلو ترك اخوة الاب وأم مع أخ أو اخت لام كانوا سواء في المال.

وكذا لو ترك جدا لام مع أخ أو أخت أو اخوة أو أخت من أب وأم.

٢٦٧

خاتمة تشتمل على مسائل: (الاولى): ولد الزنا لا ترثه أمه ولا غيرها من الانساب.

ويرثه ولده إن نزل والزوج أو الزوجة.

ولو لم يكن أحدهم فميراثه للامام.

وقيل: ترثه أمه كابن الملاعنة.

(الثانية): الحمل يرث ان سقط حيا وتعتبر حركة الاحياء كالاستهلال، والحركات الارادية، دون التقلص.

(الثالثة): قال الشيخ: يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطا.

ولو كان ذو فرض أعطوا النصيب الادنى.

(الرابعة): يرث دية الجنين أبواه ومن يتقرب بهما أو بالاب.

(الخامسة): اذا تعارفا بما يقتضي الميراث توارثا ولم يكلف أحدهما البينة.

(السادسة): المفقود يتربص بماله.

وفى قدر التربص روايات: أربع سنين، وفي سندها ضعف.

وعشر سنين وهي في حكم خاص.

وفي ثالثة يقتسمه الورثة اذا كانوا ملاء، وفيها ضعف أيضا.

وقال في الخلاف حتى يمضي مدة لا يعيش مثله إليها، وهو أولى في الاحتياط وأبعد من التهجم على الاموال المعصومة بالاخبار الموهومة.

(السابعة): لو تبرأ من جريرة ولده و ميراثه، ففي رواية يكون ميراثه للاقرب إلى أبيه، وفي الرواية ضعف.

(الثاني): في ميراث الخنثى: من له فرج الرجال والنساء يعتبر بالبول، فمن أيهما سبق يورث عليه.

فان

٢٦٨

بدر منهما قال الشيخ: يورث على الذي ينقطع منه أخيرا، وفيه تردد.

وإن تساويا، قال في الخلاف: يعمل فيه بالقرعة، وقال المفيد وعلم الهدى: تعد أضلاعه.

وقال في النهاية والايجاز والمبسوط: يعطى نصف ميراث رجل ونصف امرأة، وهو أشهر.

ولو اجتمع مع الانثى ذكر وانثى، قيل: للذكر أربعة، وللخنثى ثلاثة وللانثى سهمان.

وقيل: تقسم الفريضة مرتين فتفرض مرة ذكرا ومرة انثى ويعطى نصف النصيبين وهو أظهر.

مثاله خنثى وذكر تفرضهما ذكرين تارة وذكرا وأنثى أخرى، وتطلب أقل مال له نصف ولنصفه نصف وله ثلث ولثلثه نصف، فيكون اثنا عشر فيحصل للخنثى خمسة وللذكر سبعة.

ولو كان بدل الذكر انثى حصل للخنثى سبعة وللانثى خمسة.

ولو شاركهم زوج أو زوجة صححت فريضة الخنثى ثم ضربت فخرج نصيب الزوج أو الزوجة في تلك الفريضة فما ارتفع فمنه تصح.

ومن ليس له فرج النساء ولا الرجال يورث بالقرعة.

ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد يوقظ أو يصاح به، فان انتبه أحدهما فهما اثنان.

(الثالث): في الغرقى والمهدوم عليهم: وهؤلاء يرث بعضهم إذا كان لهم أو لاحدهم مال وكانوا يتوارثون واشتبه المتقدم في الموت بالمتأخر.

وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الغرق والهدم تردد.

ومع الشرائط يورث الاضعف أولا، ثم الاقوى، ولا يورث مما ورث منه.

وفيه قول آخر.

والتقديم على الاستحباب على الاشبه.

فلو غرق أب وابن، ورث الاب أولا نصيبه، ثم ورث الابن من أصل تركة

٢٦٩

أبيه مما لا ورث منه، ثم يعطى نصيب كل منهما لوارثه.

ولو كان لاحدهما وارث اعطي ما اجتمع لدى الوراث لهم، وما اجتمع للآخر للامام.

ولو لم يكن لهما غيرهما انتقل مال كل منهما إلى الآخر ثم منهما إلى الامام.

واذا لم يكن بينهما تفاوت في الاستحقاق سقط اعتبار التقديم، كأخوين، فان كان لهما مال ولا مشارك لهما انتقل مال كل منهما إلى صاحبه ثم منهما إلى ورثتهما.

وإن كان لاحدهما مال صار ماله لاخيه، ومنه إلى ورثته ولم يكن للآخر شئ ولو لم يكن لهما وارث انتقل المال إلى الامام.

ولو ماتا حتف أنفهما لم يتوارثا، وكان ميراث كل منهما لورثته.

(الرابع): في ميراث المجوس: وقد اختلف الاصحاب فيه.

فالمحكي عن يونس أنه لا يورثهم إلا بالصحيح من النسب والسبب.

وعن الفضل بن شاذان: أنه يورثهم بالنسب، صحيحه وفاسده.

والسبب الصحيح خاصة، وتابعه المفيدرحمه‌الله .

وقال الشيخ: يورثون بالصحيح والفاسد فيهما.

واختيار الفضل أشبه.

ولو خلف أما هي زوجة، فلها نصيب الام دون الزوجة.

ولو خلف جدة هي أخت ورثت بهما.

ولا كذا لو خلف بنتا هي أخت، لانه لا ميراث للاخت مع البنت.

٢٧٠

خاتمة في حساب الفرائض مخارج الفروض ستة: ونعني بالمخرج أقل عدد يخرج منه ذلك الجزء صحيحا.

فالنصف من اثنين، والربع من أربعة، والثمن من ثمانية، والثلثان والثلث من ثلاثة، والسدس من ستة.

والفريضة إما بقدر السهام أو أقل أو أكثر: فما كان بقدرها فان انقسم من غير كسر وإلا فاضرب عدد من انكسر عليهم في أصل الفريضة مثل: أبوين وخمس بنات، تنكسر الاربعة على الخمسة، فتضرب خمسة في اصل الفريضة فما اجتمع فمنه الفريضة، لانه لا وفق بين نصيبهن وعددهن.

ولو كان وفق ضربت الوفق من العدد لا من النصيب في اصل الفريضة مثل: أبوين وست بنات، للبنات أربعة، وبين نصيبهن وهو أربعة وعددهن وهو ستة، وفق، وهو النصف فيضرب الوفق من العدد وهو ثلاثة في أصل الفريضة وهو ستة فما اجتمع صحت منه.

ولو نقصت الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة فلا عول ويدخل النقص على البنت أو البنات أو من يتقرب بالاب والام، أو الاب، مثل: ابوين، وزوج وبنت.

فللابوين السدسان وللزوج الربع، والباقي للبنت.

وكذا الابوان أو أحدهما، وبنت او بنات وزوج، النقص يدخل على البنت او البنات، واثنان من ولد الام والاختان للاب والام أو للاب مع زوج أو زوجة يدخل النقص على من يتقرب بالاب والام، أو الاب خاصة.

ثم ان انقسمت الفريضة على صحة والا ضربت سهام من انكسر عليهم.

في أصل الفريضة.

٢٧١

ولو زادت الفريضة كان الرد على ذوي السهام دون غيرهم.

ولا تعصيب.

ولا يرد على الزوج والزوجة، ولا على الام مع وجود من يحجبها، مثل أبوين وبنت.

فاذا لم يكن حاجب فالرد أخماسا.

وان كان حاجب فالرد ارباعا تضرب فخرج سهام الرد في أصل الفريضة فما اجتمع صحت منه الفريضة.

تتمة في (المناسخات) ونعني به أن يموت الانسان فلا تقسم تركته، ثم يموت أحد وراثه ويتعلق الغرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد.

فان اختلف الوارث او الاستحقاق اوهما ونهض نصيب الثاني بالقسمة على وراثه والا فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الاولى، ان كان بين الفريضتين وفق.

وان لم يكن فاضرب الفريضة الثانية في الاولى فما بلغ صحت منه الفريضتان.

٢٧٢

كتاب القضاء والنظر في الصفات، والآداب، وكيفية الحكم، وأحكام الدعوى

والصفات ست: التكليف، والايمان، والعدالة، وطهارة المولد، والعلم، والذكورة ويدخل في العدالة اشتراط الامانة والمحافظة على الواجبات.

ولا ينعقد الا لمن له أهلية الفتوى، ولا يكفيه فتوى العلماء.

ولابد أن يكون ضابطا، فلو غلبه النسيان لم ينعقد له القضاء.

وهل يشترط علمه بالكتابة؟ الاشبه: نعم، لاضطراره إلى ما لا يتيسر لغير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الا بها، ولا ينعقد للمرأة.

وفي انعقاده للاعمى تردد، والاقرب: أنه لا ينعقد لمثل ما ذكرناه في الكتابة وفي اشتراط الحرية تردد، الاشبه: أنه لا يشترط.

ولا بد من اذن الامام ولا ينعقد بنصب العوام له.

نعم لو تراضى اثنان بواحد من الرعية فحكم بينهما لزم.

ومع عدم الامام ينفذ قضاء الفقيه من فقهاء أهل البيتعليهم‌السلام ، الجامع للصفات.

وقبول القضاء عن السلطان العادل مستحب لمن يثق بنفسه، وربما وجب النظر الثاني في الآداب: وهي مستحبة ومكروهة.

فالمستحب: اشعار رعيته بوصوله ان لم يشتهر خبره.

والجلوس في قضائه مستدبر القبلة، وأن يأخذ ما في يد المعزول من حجج الناس وودائعهم.

والسؤال عن أهل السجون واثبات أسمائهم، والبحث عن موجب اعتقالهم ليطلق من يجب اطلاقه، وتفريق الشهود عند الاقامة، فانه اوثق، خصوصا في موضع الريبة.

٢٧٣

عدا ذوي البصائر، لما يتضمن من الغضاضة، وأن يستحضر من أهل العلم من يخاوضه(١) في المسائل المشتبهة.

والمكروهات: الاحتجاب وقت القضاء، وان يقضي مع ما يشغل النفس، كالغضب، والجوع، والعطش، والغم، والفرح، والمرض، وغلبة النعاس، وأن يرتب قوما للشهادة، وأن يشفع إلى الغريم في اسقاط أو ابطال.

مسائل: (الاولى): للامام أن يقضي بعلمه مطلقا في الحقوق، ولغيره في حقوق الناس، وفي حقوق الله قولان.

(الثانية): إن عرف عدالة الشاهدين حكم، وان عرف فسقهما اطرح، وإن جهل الامرين، فالاصح: التوقف حتى يبحث عنهما.

(الثالثة): تسمع شهادة التعديل مطلقة، ولا تسمع شهادة الجرح الا مفصلة.

(الرابعة): اذا التمس الغريم احضار الغريم وجب اجابته ولو كان امرأة ان كانت برزة.

ولو كان مريضا او امرأة غير برزة استناب الحاكم من يحكم بينهما.

(الخامسة): الرشوة على الحاكم حرام وعلى المرتشي اعادتها.

النظر الثالث في كيفية الحكم، وفيه مقاصد: (الاول): في وظائف الحاكم، وهي أربع: (الاولى): التسوية بين الخصوم في السلام، والكلام، والمكان، والنظر، والانصات، والعدل في الحكم.

ولو كان أحد الخصمين كافرا جاز أن يكون الكافر قائما والمسلم قاعدا أو أعلى منزلا.

(الثانية): لا يجوز أن يلقن أحد الخصمين شيئا يستظهره على خصمه.

٢٧٤

(الثالثة): اذا سكتا استحب له أن يقول: تكلما، او ان كنتما حضرتما لشئ فاذكراه او ما ناسبه.

(الرابعة): اذا بدر أحد الخصمين سمع منه.

ولو قطع عليه غريمه منعه حتى تنتهي دعواه او حكومته.

ولو ابتدرا الدعوى.

سمع من الذي عن يمين صاحبه.

وان اجتمع خصوم كتب أسماء المدعين واستدعى من يخرج اسمه.

المقصد الثاني - في جواب المدعى عليه.

وهو إما اقرار، او انكار، او سكوت.

أما الاقرار فيلزم إذا كان جائز الامر، رجلا كان او امرأة.

فان التمس المدعي الحكم به حكم له.

ولا يكتب على المقر حجة إلا بعد المعرفة باسمه ونسبه او يشهد بذلك عدلان إلا أن يقنع المدعي بالحلية.

ولو امتنع المقر من التسليم أمر الحاكم خصمه بالملازمة، ولو التمس حبسه حبس.

ولو ادعى الاعسار كلف البينة، ومع ثبوته ينظر.

وفي تسليمه إلى الغرماء رواية، وأشهر منها: تخليته.

ولو ارتاب بالمقر توقف في الحكم حتى يستبين حاله.

وأما الانكار فعنده يقال للمدعي: ألك بينة؟ فان قال: نعم، امر باحضارها فاذا حضرت سمعها. ولو قال: البينة غائبة، اجل بمقدار احضارها.

وفي تكفيل المدعى عليه تردد، ويخرج من الكفالة عند انقضاء الاجل.

وإن قال: لا بينة، عرفه الحاكم أن له اليمين. ولا يجوز إحلافه حتى يلتمس المدعي.

فان تبرع او احلفه الحاكم لم يعتد بها، واعيدت مع التماس المدعي.

ثم المنكر: إما أن يحلف او يرد او ينكل، فان حلف سقطت الدعوى، ولو ظفر له المدعي بمال لم يجز له المقاصة.

ولو عاود الخصومة لم تسمع دعواه.

ولو

٢٧٥

أقام بينة لم تسمع، وقيل: يعمل بها ما لم يشترط الحالف سقوط الحق بها.

ولو أكذب نفسه جاز مطالبته وحل مقاصته.

فان رد اليمين على المدعي صح.

فان حلف استحق.

وان امتنع سقطت دعواه.

ولو نكل المنكر عن اليمين وأصر، قضي عليه بالنكول، وهو المروي.

وقيل: يرد اليمين على المدعي، فان حلف ثبت حقه، وان نكل بطل.

ولو بذل المنكر اليمين بعد الحكم بالنكول لم يلتفت اليه.

ولا يستحلف المدعي مع بينة إلا في الدين على الميت يستحلف على بقائه في ذمته استظهارا.

وأما السكوت: فان كان لآفة توصل إلى معرفة إقراره او انكاره.

ولو افتقر إلى مترجم لم يقتصر على الواحد.

ولو كان عنادا حبسه حتى يجيب.

المقصد الثالث - في كيفية الاستحلاف: ولا يستحلف أحد إلا بالله ولو كان كافرا، لكن ان رأى الحاكم احلاف الذمي بما يقتضيه دينه اردع جاز.

ويستحب للحاكم تقديم العظة.

ويجزيه ان يقول: والله ماله قبلي كذا.

ويجوز تغليظ اليمين بالقول والزمان والمكان.

ولا تغليظ لما دون نصاب القطع.

ويحلف الاخرس بالاشارة، وقيل: يوضع يده على اسم الله تعالى في المصحف وقيل: يكتب اليمين في لوح ويغسل ويؤمر بشربه بعد اعلامه فان شربه كان حالفا وإن امتنع الزم الحق.

ولا يحلف الحاكم أحدا إلا في مجلس قضائه إلا معذورا كالمريض، او امرأة غير برزة.

٢٧٦

ولا يحلف المنكر إلا على القطع.

ويحلف على فعل غيره على نفي العمل كما لو ادعى على الوارث فأنكر، او ادعى أن يكون وكيله قبض او باع.

واما المدعي ولا شاهد له، فلا يمين عليه إلا مع الرد او مع نكول المنكر على قول.

ويحلف على الجزم.

ويكفي مع الانكار الحلف على نفي الاستحقاق.

فلو ادعى المنكر الابراء او الاداء انقلب مدعيا.

والمدعي منكرا، فيكفيه اليمين على بقاء الحق.

ولا يتوجه على الوارث بالدعوى على موروثه الا مع دعوى علمه بموجبه أو إثباته وعلمه بالحق وأنه ترك في يده مالا.

ولا تسمع الدعوى في الحدود مجردة عن البينة.

ولا يتوجه بها يمين على المنكر.

ولو ادعى الوارث لموروثه مالا سمع دعواه سواء كان عليه دين يحيط بالتركة أو لم يكن.

ويقضى بالشاهد واليمين في الاموال والديون.

ولا يقبل في غيره مثل الهلال والحدود والطلاق والقصاص.

ويشترط شهادة الشاهد أولا، وتعديله.

ولو بدأ باليمين وقعت لاغية.

ويفتقر إلى اعادتها بعد الاقامة.

ولا يحلف مع عدم العلم ولا يثبت مال غيره(١) .

مسألتان: (الاولى): لا يحكم الحاكم باخبار لحاكم آخر، ولا بقيام البينة بثبوت الحكم عند غيره.

نعم لو حكم بين الخصوم واثبت الحكم واشهد على نفسه فشهد شاهدان

____________________ ___

(١) إي: مال لغيره.

وفى الشرح الكبير: فلو ادعى غريم الميت مالا له (للميت) على آخر مع شاهد فان حلف الوارث ثبت وان امتنع لم يحلف الغريم ولا يجبر الوارث عليه.. لان يمينه لاثبات مال الغير.

(*)

٢٧٧

يحكم عند آخر وجب على المشهود عنده انفاذ ذلك الحكم.

(الثانية): القسمة تميز الحقوق ولا يشترط حضور قاسم بل هو أحوط فاذا عدلت السهام كفت القرعة في تحقق القسمة.

وكل ما يتساوى اجزاؤه يجبر الممتنع على قسمته كالحنطة، والشعير، وكذا ما لا يتساوى أجزاؤه اذا لم يكن في القسمة ضرر.

كالارض، والخشب.

ومع الضرر لا يجبر الممتنع.

المقصد الرابع - في الدعوى.

وهي تستدعي فصولا: (الاول) في المدعي: وهو الذي يترك لو ترك الخصومة.

وقيل: هو الذي يدعي خلاف الاصل او امرا خفيا.

ويشترط التكليف، وان يدعي لنفسه أو لمن له ولاية الدعوى عنه، وايراد الدعوى بصيغة الجزم وكون المدعى به مملوكا.

ومن كانت دعواه عينا فله انتزاعها.

ولو كان دينا والغريم مقر باذل او مع جحوده عليه حجة لم يستقل المدعي بالانتزاع من دون الحاكم.

ولو فات احد الشروط وحصل للغريم في يد المدعي مال كان له المقاصة ولو كان من غير جنس الحق.

وفي سماع الدعوى المجهولة تردد، اشبهه: الجواز.

مسائل: (الاولى): من انفرد بالدعوى لما لا يد عليه قضى له به.

ومن هذا ان يكون بين جماعة كيس فيدعيه أحدهم.

(الثانية): لو انكسرت سفينة في البحر فما اخرجه البحر فهو لاهله.

وما اخرج بالغوص فهو لمخرجه، وفي الرواية ضعف.

(الثالثة): روي في رجل دفع إلى رجل دراهم بضاعة يخلطها بماله ويتجر بها، فقال: ذهبت، وكان لغيره معه مال كثير فأخذوا أموالهم، قال: يرجع عليه

٢٧٨

بماله ويرجع هو على اولئك بما أخذوا.

ويمكن حمل ذلك على من خلط المال ولم يأذن له صاحبه وأذن الباقون.

(الرابعة): لو وضع المستأجر الاجرة على يد أمين فتلفت كان المستأجر ضامنا إلا أن يكون الآجر دعاه إلى ذلك فحقه حيث وضعه.

(الخامسة): يقضى على الغائب مع قيام البينة، ويباع ماله، ويقضى دينه ويكون الغائب على حجته، ولا يدفع اليه المال إلا بكفلاء.

(الفصل الثاني): في الاختلاف في الدعوى: وفيه مسائل: (الاولى): لو كان في يد رجل وامرأة جارية فادعى أنها مملوكته وادعت المرأة حريتها وأنها بنتها، فان أقام أحدهما بينة قضي له وإلا تركت الجارية حتى تذهب حيث شاء‌ت.

(الثانية): لو تنازعا عينا في يدهما قضي لهما بالسوية ولكل منهما احلاف صاحبه.

ولو كانت في يد أحدهما قضي بها للمتشبث وللخارج احلافه.

ولو كانت في يد ثالث وصدق أحدهما قضي له، وللآخر إحلافه.

ولو صدقهما قضى لهما بالسوية.

ولكل منهما احلاف الآخر وإن كذبهما أقرت في يده.

(الثالثة): اذا تداعيا خصا قضي لمن اليه القمط(١) وهي رواية عمرو بن شمر عن جابر، وفي عمرو ضعف.

وعن منصور بن حازم عن أبي عبداللهعليه‌السلام أن علياعليه‌السلام قضى بذلك، وهي قضية في واقعة.

(الرابعة): إذا ادعى ابوالميتة عارية بعض متاعها كلف البينة وكان كغيره من الانساب.

وفيه رواية بالفرق ضعيفة.

(الخامسة): اذا تداعى الزوجان متاع البيت فله ما للرجال، ولها ما للنساء وما يصلح لهما يقسم بينهما.

وفي رواية: هو للمرأة وعلى الرجال البينة.

____________________ ___

(١) القمط بالكسر: الحبل الذى يشد به الخص.

(*)

٢٧٩

وفي المبسوط: اذا لم يكن بينة ويدهما عليه كان بينهما.

(الثالث): في تعارض البينات: يقضى مع التعارض للخارج إذا شهدتا بالملك المطلق على الاشبه.

ولصاحب اليد لو انفردت بينته بالسبب كالنتاج وقديم الملك وكذا الابتياع.

ولو تساويا في السبب فروايتان، أشبههما: القضاء للخارج.

ولو كانت يداهما عليه قضي لكل منهما بما في يد الآخر، فيكون بينهما نصفين.

ولو كان المدعى به في يد ثالث قضي بالاعدل فالاكثر، فان تساويا عدالة وكثرة أقرع بينهما، فمن خرج اسمه أحلف وقضي له.

ولو امتنع احلف الآخر.

ولو امتنعا قسم بينهما.

وفي المبسوط: يقرع بينهما إن شهدتا بالملك المطلق.

ويقسم إن شهدتا بالملك المقيد.

والاول أشبه.

كتاب الشهادات

والنظر في امور أربعة: (الاول): في صفات الشاهد، وهي ستة: (الاول): البلوغ، فلا تقبل شهادة الصبي ما لم يصر مكلفا.

وقيل: تقبل اذا بلغ عشرا، وهو شاذ.

واختلفت عبارة الاصحاب في قبول شهادتهم في الجنايات و محصلها القبول في الجراح مع بلوغ العشر ما لم يختلفوا، ويؤخذ بأول قولهم.

وشرط الشيخ في الخلاف: ألا يفترقوا.

(الثاني): كمال العقل: فالمجنون لا تقبل شهادته.

ومن يناله الجنون أدوارا تقبل في حال الوثوق باستكمال فطنته.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331