وهدوا إلى صراط الحميد

وهدوا إلى صراط الحميد0%

وهدوا إلى صراط الحميد مؤلف:
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 331

وهدوا إلى صراط الحميد

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مؤسسة الإمام الحسين (عليه السلام)
تصنيف: الصفحات: 331
المشاهدات: 71227
تحميل: 5208

توضيحات:

وهدوا إلى صراط الحميد
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 331 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 71227 / تحميل: 5208
الحجم الحجم الحجم
وهدوا إلى صراط الحميد

وهدوا إلى صراط الحميد

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

س: وماذا عن وسائل دعوة غير المسلمين إلى الإِسلام بحسب خبرتكِ الشخصية؟

ج: لم أقم إطلاقاً حتى الآن بالتوجّه إلى الناس بشكل مباشر لأقول لهم إن الإِسلام هو الدين الصحيح وهو الدين الحق، لأنهم سيفهمون الأمر بشكل خاطئ، ويخيّل إليهم أنني مجنونة، وذلك لأنني أرى براهيني غير كافية لأقنع غيري حتى الآن. فلا يمكننا أن نقول لمن لا يؤمن بالقرآن - بل ويمكن أن لا يكون مؤمناً بدينه هو - إن هناك آيات تحدّد المسألة بوضوح، فسيظنون أننا نمارس نوعاً من الاستعلاء.

وأعتقد أيضاً أن الناس عندنا لن يتقبّلوا في البداية الدعاة الأجانب (كالعرب والإيرانيين)، إذ سيذكّرهم ذلك بممارسات البعثات التبشيرية المسيحية التي كان رجالها يرتكبون الكثير من الأخطاء في الخارج، ويجبرون الناس على التحوّل إلى المسيحية. وهكذا، فإنهم سيخافون منهم، ويخشون من أن يمارسوا معهم ممارسات المبشرين البغيضة. مع أنه ينبغي تعريف الناس بالإِسلام، فالكثيرون لا يعرفون ما هو الإِسلام؟ وماذا يريد من الجنس البشري أن يفعل؟ وما هو هدفه الذي عليه أن يناضل في سبيل تحقيقه؟ ولملء هذا الفراغ ينبغي أن نبدأ بالظهور في المؤسسات العامة، ونقوّي من دعوتنا بأن تكون لدينا منظّمة كبيرة تنسّق كل الأنشطة، وأن يكون لها فرع واحد على الأقل في كل بلد مع عالِم مبلّغ على الأقل أيضاً. وهذا أمر مهم جداً لأن الناس الذين يتوقون إلى المعرفة لا تتاح لهم غالباً الفرصة للاطلاع عليها إلّا بمثل هذه الوسائل، كما علينا أن نوضح للأوروبيين الفرق بين الإِسلام وبين الممارسات التي يلصقها بعض المسلمين بالإِسلام سلوكاً وممارسة، فذلك مما يشوّش الرؤية لدى بعض الناس. كذلك ينبغي أن يعرف المسلمون دينهم بشكل أعمق لكي يتمكنوا من إعطاء فكرة أفضل عنه.

٨١

س: ما هو الدور الذي تقومين أو تنوين القيام به في خدمة الدعوة الإِسلامية؟

ج: قبل أن أخدم عليّ أن أعرف الإِسلام بما فيه الكفاية، وهذا ما حدا بي للمجيء إلى لبنان. هناك العديد من السويسريين الذين اعتنقوا الإِسلام، ولا يزالون يجهلون الكثير عنه، لذلك أنا أخطط لتنظيم محاضرات وإعطاء دروس للآخرين، لكن يتعرّفوا أكثر فأكثر على الإِسلام، وأظنّ أنّ مكاني في المستقبل القريب هو سويسرا، لأنني أعرف هذا البلد، وأعرف سكانه، وأعرف حقوقي وواجباتي، وهناك أقدر أن أعمل في سبيل الدعوة على أفضل وجه. فأنا الآن مثلاً أعدّ استمارة توزّع على التلاميذ الذين يتخرّجون من المرحلة الثانوية تتناول مستوى اطلاع الشباب السويسري المتعلّم على الإِسلام ومعرفته به.

س: ما هي آفاق الدعوة الإِسلامية في بلدكِ؟

ج: الدعوة الإِسلامية لا تزال ضعيفة لدينا، وتحتاج إلى مزيد من الدعاة وإلى المزيد من الجهود. فبعض المؤسسات الإِسلامية مثلاً تهتم بالرجال أكثر من اهتمامها بالنساء، فضلاً عن عدم وجود برامج إسلامية متخصّصة لديها، وذلك عائد لانشغال القيّمين عليها بأعمالهم الحياتية الخاصة، والاقتصار على اللقاءات الأسبوعية. ومشكلة بعض المؤسسات الإِسلامية أنها تأخذ طابعاً تنظيمياً حزبياً أو تتبع انتماءً سياسياً، والناس يفضّلون أن يتعرّفوا على الإِسلام من مصادر حيادية، ولذلك أرى من المفيد إيجاد مؤسسات تبليغية محضة تهتم بالجانب التبليغي والتثقيفي دون غيره.

س: هل كوّنتِ فكرة عن حال المسلمين اليوم خاصة المرأة؟

ج: بشكل عام التقاليد والأعراف ما زالت تلقي بثقلها على تطبيق الإِسلام، وعلى سلوك المسلمين. فهناك أمور تحدث باسم الإِسلام وهي غير إسلامية أساساً، كحال المرأة في المجتمع الإِسلامي، فالنساء لا يعرفن الكثير عن حقوقهن أو واجباتهن، بينما ينبغي أن يبذلن المزيد من الجهد لدراسة دينهن، وأن يتمتعن بالمزيد من روح المبادرة. وعلى الرجال أن يمنحوا النساء فرصة العمل في سبيل الدعوة إذا رغبن في ذلك.

٨٢

س: هل تودّين مخاطبة المسلمين عبر منبر «نور الإِسلام»؟

ج: إنها مجلة جيدة جداً، ولكني أستغرب لماذا تزيد صفحاتها العربية على صفحاتها الإنكليزية، وأقترح أن تخصّص زاوية خاصة لترجمة معاني بعض آيات القرآن الكريم.

وأخيراً أودّ أن أطلب من كل المسلمين أن يتحلّوا بالصبر الذي أظهره الإمام الحسين (ع) لتحقيق هدفه.

وعليهم أيضاً أن يكونوا منفتحين ومنطقيين وعقلانيين، وبكلام آخر فأنا أدعو المسلمين للتعاون مع غير المسلمين في محاولة لإيجاد النقاط المشتركة بين كل الأديان. وأرى أنّ عليهم الاستفادة من كل من يقدّم لهم شيئاً حسناً، حتى ولو كان كافراً. ولكنّ عليهم بداية أن يكونوا أكثر ثقة ومعرفة بأمور دينهم.

٨٣

رئيس تحرير المجلة الإِسلامية الإيطالية

الأخ المسلم الإيطالي «عمّار»

نعم الإِسلام يمكن أن ينهض في بلدنا والبلاد الأوروبية.

إن الدعوة المنظمة والجادّة للإِسلام غائبة في إيطاليا مع الأسف.

هذه المقابلة مع الأخ المسلم الإيطالي عمّار، رئيس تحرير المجلة الإِسلاميية الإيطالية: ( Puro ) أجرتها نشرة (ذي لاين The Line ) الإِسلامية الصادرة في لندن، وتعميماً للفائدة نعيد نشرها مع بعض التصرّف - الاختصار -، وفيها يتحدث الأخ «عمّار» عن أوضاع الإِسلام والمسلمين في إيطاليا حسب خبرته بعدما أصبح واحداً من المبلّغين النشطين في هذا البلد حديث العهد بالمسلمين كما يبيّن باختصار قصة إسلامه.

س: بدايةً هل تتفضل بتعريفنا على نفسك ومتى اعتنقت الإِسلام؟

ج: أدعى عمار، وأنا مسلم إيطالي في الرابعة والخمسين من العمر، اعتنقت الإِسلام قبل عشرة أعوام، وأنا متزوّج وأب لثلاثة أبناء، اعتنق أحدهم الإِسلام منذ ثلاث سنوات، وأنا أعيش في نابولي.

س: لماذا تحوّلت إلى الإِسلام؟

ج: قبل أن أعتنق الإِسلام، كنت منخرطاً في الحياة السياسية الإيطالية، وبالتحديد في جناح اليمين غير الممثّل في البرلمان، ولقد بدأ اهتمامي بالإِسلام بعدما تعرّفت إلى الثورة الإِسلامية في إيران التي أعجبتني رسالتها، والمفهوم الذي أوْضَحَتهُ عن الإِسلام بأنه ضد الرأسمالية والشيوعية معاً ويتميّز عنهما، وهذه هي التوجّهات نفسها التي كنت أعتقدها، أو على الأقل هذا ما أحسست به.

لقد بدأ اهتمامي بالإِسلام انطلاقاً من الرسالة السياسية وليس من أي شيء آخر.

٨٤

عليَّ أن أفتح هلالين هنا لكي أقول إنه قبل أن أصبح مسلماً وفي خلال الفترة التي كنت فيها ناشطاً سياسياً، فقد كنت أنتمي إلى ذلك التيار الفكري التقليدي الذي يرى في الغرب مرحلة مهترئة من التاريخ الإنساني. ومن بين كتّاب هذا التيار العالمي رينيه غيونون( Guenon ) (شيوعي تحوّل إلى الإِسلام) وبوركارد( Burcard ) وإيغولا وفالسان... وجميعهم يؤمنون أن الإنسان الغربي فقد روحيته وابتعد عن الله تعالى، وأنه بحاجة إلى أن يجد الله من جديد. وكنت أشاركهم هذا الإيمان، وإنما بشكل ذهني فقط. أما حياتي فقد كانت كحياة أي غربي آخر، خالية من الروحية الحقيقة. كنت أدين هذا المجتمع، وفي الوقت نفسه كنت عضواً فاعلاً فيه. واستمر ذلك حتى اهتديت إلى الإِسلام الذي يوفّر للفرد قواعد وتنظيمات واضحة ومحدّدة تهديه إلى الحياة الروحية التي تشعره بحقيقته الإنسانية، وفي النهاية تقوده إلى الله تعالى. ومن خلال التعاليم الإِسلامية تمكّنت من فهم أشياء كثيرة منها: أن الإِسلام، إضافة إلى كونه دليلاً للحياة الروحية، فهو أيضاً عقيدة لتحرير كل البشرية.

س: هل يمكن أن تحدّثنا عن وضع الإِسلام والمسلمين الحالي في إيطاليا؟ وكم يبلغ عدد المسلمين فيها؟

ج: إن وضع الإِسلام في إيطاليا هو بالطبع في نمو، فهناك أناس يدخلون في الإِسلام باستمرار؛ ومن الصعب تحديد عدد هؤلاء، ولكن علينا أن نميّز بين مَن يعتنق الإِسلام ليمارسه بصدق، وبين من لديه أهداف أخرى. وبحسب معلوماتي فإن هناك نحو خمسمائة مسلم ملتزم فقط من أصل نحو ألفي إيطالي تحوّلوا إلى الإِسلام في السنوات الأخيرة.

وأودُّ أن أضيف أنّ الدعوة المنظّمة والجادّة إلى الإِسلام في إيطاليا غائبة مع الأسف، ولقد قمت مع مجموعة من الإخوة والأخوات منذ سنتين ونصف بتأسيس وكالة أنباء، واكتشفنا أن الاهتمام بالإِسلام قد أخذ يزداد بعون الله. فنحن نتلقّى الكثير من الرسائل، وكان لنا حديثاً حوارات وخصوصاً مع الشبان. ولقد تمكّنا على سبيل المثال من أن نجعل أحد النازيين المتشددين يعتنق الإِسلام قبل بضعة شهور، ولقد تغيّر تماماً منذ أن اعتنق الإِسلام. كذلك لدينا بعض النسوة اللواتي تحوّلن إلى الإِسلام، ومعظمهن من الجامعيات اللواتي تخرّج بعضهن أو ممن ما زلن طالبات في الجامعة.

٨٥

س: ما هي المشاكل التي يواجهها المسلمون الإيطاليون؟

ج: في ما يتعلّق بمشاكل المسلمين في إيطاليا يمكن القول إنها متعدّدة، فمثلاً ليس لدينا مدافن يمكن أن أن ندفن فيها أمواتنا وفقاً لشريعة الإِسلام، وليس هناك تفاهم رسمي بين المسلمين والسلطة الإيطالية شبيه بالاتفاقات التي عقدتها السلطة مع الأقليات الدينية الأخرى كاليهود والبروتستانت، ذلك أنه ليس هناك اعتراف رسمي بالمجموعة الإِسلامية. وهذه بالطبع مشكلة ذات وجه قانوني، فهي تنكر شرعيتهم.

وهناك أيضاً مشكلة داخل المجموعة المسلمة نفسها وتعكس وضع المجموعات الإِسلامية في أوروبا وكل العالم الإِسلامي، فعندنا عملياً نوعان من فهم الإِسلام: الإِسلام الذي تسمّيه وسائل الإعلام الغربية الإِسلام الأصولي، أي إسلام الذين يودّون ممارسة دينهم ويحيون وفقاً لشرائعه، حيث النسوة يفتخرن بارتدائهن الحجاب، وهناك الإِسلام الذي يحبّه بعض المعلّقين الغربيين لأنه إسلام سلبي يولد ويموت في المسجد. هذا هو نوع الإِسلام الذي يحترمه الغرب ويمنحه الحرية.

إسلامنا إسلام حيّ، إسلام النبي محمد (ص) وخلفائه الشرعيين، الذين أظهروا لنا من خلال حياتهم أن الإِسلام يتضمن إضافة إلى الصلاة الجهاد أيضاً.

س: سمعنا أن هناك مشاكل تسببها بعض الأطراف للأجانب، فهل المسلمون مستهدفون أيضاً؟

ج: هناك مشكلة عدم رضا عن المهاجرين بشكل عام، فكما هو الحال في بلدان أوروبية أخرى، تواجه إيطاليا أزمة اقتصادية، والأجانب يُعتبرون - في نظر كثير من المواطنين - يأخذون فرص العمل في ظل سوق مثقل أصلاً، وليس هناك كراهية خاصة للمسلمين، ففي حدود علمي، أن الأجانب الذين أصبحوا هدفاً للحركة القومية من غير المسلمين أو من المسلمين غير الملتزمين، وهؤلاء كانوا دائماً يتصادمون مع السكان المحليين. إنهم عناصر لا يلتزمون بالإِسلام، ووجدوا طريقهم إلى داخل مجتمع الجريمة الإيطالي، فهم يشربون الخمرة، ويتعاطون المخدرات.

٨٦

والغضب المحلي موجّه ضد هؤلاء، وأنا لا أرى في ذلك مشكلة بالنسبة إلى المسلمين، ولا أرى الآن مشكلة يمثّلها اليمين المتطرّف. إن عالم اليمين في إيطاليا وفي أوروبا أيضاً عالم متنوّع جداً وعلينا أن نميّز بينهم، فهناك مثلاً بعض التقليديين المعجبين جداً بما حققه الإِسلام في إيران، وفي غيرها من البلاد الإِسلامية الناهضة، وقد أعلنوا غير مرّة في منشوراتهم عن مشاعرهم وآرائهم تجاه ذلك، وهم يقولون إن أوروبا تهترئ، وإن خلاصها قد يأتي من الإِسلام، حتى أن بعض الذين اعتنقوا الإِسلام في إيطاليا يأتون من هذه الأوساط، وهم بالطبع ما أن يصبحوا مسلمين حتى يقوموا مثلي بترك هذه المعتقدات والنشاطات السياسية.

علينا أن نوضّح بشكل محدّد من أين يأتي الخطر الحقيقي؟ أنا على سبيل المثال، أرى الخطر الحقيقي هو الخطر اليساري، فهم يُظهرون أنفسهم كما لو كانوا يتعاطفون مع المهاجرين ويريدون أن يساعدوهم، إلّا أن مساعدتهم ليست بلا ثمن، فهم يريدون أن يُدخِلوهم في ثقافتهم ودينهم ونمط حياتهم، والحقيقة أن أكثر الأوساط الغربية يمكن أن تكون مصدر خطر على المسلمين والإِسلام، سواء أولئك الذين يهاجمونهم جسدياً، أم الذين يحاولون خداعهم ببريق الكلمات اللطيفة.

س: هل لديكم حرية العبادة في إيطاليا؟ وهل هناك مدارس إسلامية أو منظمات أو مساجد؟ وهل يمكن ارتداء الحجاب في المدارس والجامعات؟

ج: أقدر أن أقول إنه لا توجد حالياً أي مشكلة في ما يتعلّق بحرية العبادة، فبإمكاننا أن نجتمع، وأن نمارس صلاة الجماعة بشكل علني بعد إخطار البوليس، وخصوصاً إذا كان المنظمون يحملون الجنسية الإيطالية. والحقيقة أن المسلمين في نابولي احتفلوا بعيد الفطر في السنتين الأخيرتين في حديقة عامة، كذلك قمنا بمسيرة في يوم القدس. وقمت أنا شخصياً كمسلم إيطالي نيابة عن الجماعة المسلمة بإخطار البوليس بأننا ننوي أن نسير في نظام، وفي موعد محدّد وفي طرق محددة، وكان هذا هو كل ما في الأمر.

٨٧

أمّا فيما يتعلق بارتداء الحجاب، فليس هناك أيّ خطر في المدارس أو الجامعات، ويمكن للنسوة أن يرتدين الحجاب حتى عند أخذ صورة جواز السفر.

أمّا حول عدد المنظمات والمدارس والمساجد فيمكننا القول إن هذه غير موجودة عملياً، هناك فقط مسجد واحد في روما وآخر في ميلانو، أما بالنسبة إلى المباني التي تشبه المساجد، فهناك عدد منها، وتقام فيها صلاة الجماعة والجمعة ويجتمع فيها المسلمون، ولا يوجد حتى الآن مدارس للأطفال المسلمين.

وفي السنوات الأخيرة ومع تزايد عدد المسلمين أُنشئت بعض المنظمات المبنية على قاعدة الهوية الوطنية، ويجري التنسيق بين ممثلي هذه المنظمات والجماعات بهدف صياغة المطالب الإِسلامية الموحدة المقدمة إلى الحكومة.

س: هل الوضع في البوسنة يجعلك خائفاً على مستقبل الإِسلام في أوروبا؟

ج: أعتقد أن الوضع في البوسنة يمكن أن يكون مقدمة لوضع خطير في أوروبا بأسرها، حيث يمكن أن تنمو تربية معادية للإِسلام نظراً للعداء التاريخي بين الغرب والإِسلام.

وعلى الرغم مما تبثّه الدعاية الغربية فإن التاريخ برهن أن نمو الإِسلام لم يكن بسبب «السيف» بل بفضل رسالته الحيّة، وهذا ما يجعل الإِسلام ينمو وينتشر بسرعة حالياً في العالم، وهو نموّ يشكّل تهديداً لهيمنة بعض القوى والجهات التي تلجأ دفاعاً عن مصالحها إلى إيجاد شبكة تبثّ الأكاذيب وتشوّه الرسالة الإِسلامية لكي تعمّق العداء بين الشعوب في الغرب وبين الإِسلام. ولقد لعب هذا الدور في الماضي قادة الكنيسة المتحجّرون، أما اليوم - وبعدما أصبحت المسيحية مجرد عقيدة شخصية - فإن قادة هذا التحرّك هم زعماء القوى العلمانية، ومدراء الشركات متعددة الجنسيات، الذين يريدون العالم مجرد سوق لمنتجاتهم وسلعهم. وبالطبع إذا تمكّنت هذه الكراهية من الترسّخ فسوف يكون الوضع أسوأ بالنسبة إلى معتنقي الإِسلام الجدد، لأن الناس يكرهون مواطنيهم الذين يغيّرون دينهم، ويرون أنه من غير المنطقي بالنسبة إليهم أن يقوم إيطالي أو أوروبي بتغيير دينه، في حين أنه من المنطقي بالنسبة إليهم طبعاً أن يكون العربي أو الهندي أو الباكستاني مسلماً. لذلك فأنا أخشى أننا في المستقبل - ربما ليس القريب جداً - سنرى انتشار ظاهرة مواجهة مفتوحة ضد الإِسلام في أوروبا.

٨٨

س: ما هي رسالتك إلى معتنقي الإِسلام الجدد؟

ج: أود أولاً أن أهنئهم على اختيارهم، فهو اختيار يمكن أن يحمل إليهم السعادة والاستقرار والتوازن. وما أريد أن أقوله لهم هو أنّ أهم شيء هو النمو الروحي داخل الإِسلام، بعدما اتخذوا الخطوة الأولى وأعلنوا أن لا إله إلّا الله وأن محمداً رسول الله. يجب أن نعمّق معرفتنا بالإِسلام كي نتقدّم وإلّا خسرنا فرصة طيبة، فنصبح مثل من يدعى إلى مائدة فيها ما لذّ وطاب من الطعام، ولا يأكل إلّا فتات الخبز الذي يقع على الأرض. فنحن الذين علينا أن نغذّي أنفسنا بكل هذا الغذاء الروحي، والنموّ الروحي يجب أن يترافق مع أي نمو آخر، لأن الإِسلام ليس ديناً فحسب بل هو أيضاً تحرر كامل.

لقاء مع الأخ المسلم الألماني..

كريستوف مارسينكوفسكي

الأخ مارسينكوفسكي:

شدّني إلى الإِسلام انسجامه مع الفطرة ووضعه الحلول المناسبة لمشاكل البشرية.

أثناء إقامتي في ألمانيا الغربية تعرّفت على الكثيرين من المسلمين الألمان الذين هداهم الله تعالى إلى دينه الحقّ، وهؤلاء الذين ما برحوا يدخلون في دين الله أفواجاً رجالاً ونساءً، باتوا اليوم يعدّون بعشرات، بل بمئات الألوف.

وتأثّر المثقفين الألمان بالإِسلام ومبادئه السامية ليس أمراً جديداً، فهو يمتد في جذوره إلى قرون سبقت، حيث مجَّد الشاعر الألماني الأكبر «غوته» الإِسلام ونبيّه الأعظم (ص) في أشعاره الرائعة. واليوم وبفضل الجالية الإِسلامية الكبيرة في ألمانيا ونشاطها الملحوظ في التبليغ والدعوة، فإنه يتاح لأعداد متزايدة من الألمان الاطّلاع على الإِسلام، وكثير منهم يتأثرون به ويجدون فيه ضالتهم المنشودة التي تخلّصهم من أوهام حضارتهم المادية المقيتة. وهؤلاء الأشخاص لا يقفون غالباً عند حد هداية وتثبيت أنفسهم، بل يعملون على استنقاذ غيرهم من أُسرهم وأبناء مجتمعهم. ولا شك أن هؤلاء وأمثالهم من ملايين الغربيين الذين يختارون اليوم الإِسلام ديناً لهم، غير مبالين بما اعتادوه من صخب الحياة الغربية وبهرجتها، يعتبرون حجة تصفع وجوه المتهاوين من أبناء أمّتنا الراكضين كالبلهاء وراء زيف الحضارة المعاصرة.

٨٩

من هؤلاء الأخوة المسلمين الألمان الذين عرفتهم، أقدّم للأخوة قرّاء مجلة نور الإِسلام الأخ المسلم الجامعي (كريستوف مارسينكوفسكي) الذي أجريتُ معه حواراً مختصراً بيّن فيه كيفية اعتناقه للإِسلام وكيف وجده، وما يثير اهتمامه اليوم كمسلم ملتزم وعامل في سبيل دينه. لقد بادرت الأخ كريستوف الذي لم يعمد إلى تغيير اسمه الأصلي بالسؤال:

كيف أصبحت مسلماً ولماذا؟

فأجابني بقوله: لقد وجدتُ الإِسلام أولاً ضد الصنمية ومظاهرها المتعددة التي تظهر بشكلٍ أو بآخر في الأديان الأخرى والتي تستصغر العقل.. إنه دين التوحيد والتنزيه الخالص، الذي يعطي أوضح وأرقى فكرة عن الخالق العظيم، وعن تجلّي مشيئته في خلقه، كما يرسم بشكلٍ رائعٍ وعقلاني العلاقة المثلى بين الإنسان وخالقه، مما يعطي الحياة قيمتها الفضلى ويبعث في نفس الإنسان الاطمئنان إلى مصيره ويحفّزه إلى العمل الإيجابي المستقيم الذي يبني الحياة بشكلٍ سليم.

ووجدت ثانياً أن كتابه (القرآن الكريم) ليس كتاباً بعيداً عن الحياة وتطورها، أي ليس كتاباً للإيمان فقط يُقرأ في المساجد ويوضع على الرفوف، بل إنه يضع وبجدارة نظاماً شاملاً لحياة الإنسان - الفرد والمجتمع - يتسم بالواقعية، ويلّبي حاجات الإنسان في حياته بشكلٍ متوازنٍ وعادلٍ، فلا يسمح بأن تطغى الروح أو الجسد بعضهما على بعض، بل ينظمهما ويشبعهما، وهذا أمر حيوي للإنسان لا نجده في الأديان والحضارات الأخرى التي نعايشها، وهو ما أثار إعجابي العميق بالإِسلام.

ثم إنني من خلال معايشتي لأصدقائي وجدتهم ضائعين تائهين، رغم أنهم مقتنعون بضرورة وجود ذلك النظام العادل المتوازن الذي يجعل لحياتهم هدفاً ومعنى، ولذلك فإنهم لعدم إيمانهم بالله ولفقدانهم هذا النظام في حياتهم، انغمسوا في حياتهم الخاصة وأهملوا الاهتمام بالمصلحة العامة.. إنني لم أقتنع بهذا الواقع السيء المُعاش الذي يرفضه عقلي وإحساسي، لذلك أتيت إلى الإِسلام وحاولت جهدي أن أفهم مبادئه وتعاليمه، فوجدت فيه ضالتي وارتاحت نفسي له كثيراً، وأنا أعتبر نفسي كأنني ولدت من جديد في أحضانه ولست آسفاً على كل ما افتقدته من تصرفات وأنماط حياة يمنعني التزامي الإِسلامي الجديد أن أتعاطاها، وعلى كلٍّ فإنني مقتنع بأن ما منعني عنه الإِسلام ليس إلا الخبائث والرذائل والشرور، لأنه أباح لي الطيبات وما يصلحني ويرفع قدري في الحياة الدنيا والآخرة.

٩٠

س: هل تواجهك كمسلم مشاكل ما في هذا المجتمع؟

ج: نعم.. فالغربيون ضد الدين عموماً، لأنهم يريدون أن يكونوا مع الله بنفس المستوى - أي مثل الله الخالق - وهذا أمر مستحيل ومعاندة باطلة، لأن الإنسان مخلوق بشري ولا يمكنه أن يفهم شيئاً عن ذات الله المقدسة، ويبقى صغيراً وعاجزاً في مقابل العزّة الإلهية، وبناءً على تلك الضدّية للدين عموماً وللإِسلام خصوصاً فإن الدول الغربية المستكبرة تسعى لخلق المشاكل وعن قصد للمسلمين وتعمل على تقييد حريتهم في مجالات كثيرة رغم أنها تدّعي الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وحريته.. وأما على مستوى الناس، فبرغم أنهم يقولون عن أنفسهم بأنهم شعوب متسامحة، إلّا أن الواقع مختلف وهذا ما يلمسه المسلم ويعاني منه في مجالات حياتية كثيرة، خاصة مع بروز وتفاقم الحركات العنصرية التي تضغط لمواجهة كل ما يغيِّر نمط الحياة الغربية السائد. أقول هذا رغم أن الوضع في ألمانيا يمكن أن يكون أفضل من غيره في بلدان أوروبية أخرى.

س: ما هو رأيك بالوضع الحالي للإِسلام والمسلمين؟

ج: في الواقع لا يملك المرء إلّا أن يبدي الأسف الشديد لما عليه وضع المسلمين من تشرذم وتناحر وبروز فئات همّها تفرقة المسلمين بدل توحيدهم وتعزيزهم، وهم الذين يملكون أعظم رسالة وتاريخ وأوسع الثروات، مما يؤهلهم لموقع قيادي مهم في هذا العالم. ولكنني شديد المتابعة والاهتمام بالصحوة الإِسلامية الجديدة التي تمتلك فهماً أعمق للإِسلام وتعمل على توطيد أركانه في الأرض، خاصة في بعض البلدان الإِسلامية، ولكنني أخشى عليها أيضاً من عوامل الضعف الناتجة عن التفرّق والانعزال والتسرّع وآمل أن يعي القيمون عليها ويعملوا على تصحيح كل خلل، وأشير بالخصوص إلى التفرقة المذهبية والافتئات على بعض المذاهب الإِسلامية الذي يقوم به البعض دون وازع من ورع، أو دون مداراة للمصلحة الإِسلامية العليا التي تسمح بالاختلاف ولكن لا تقبل التنابذ والتعدّي.

٩١

ونحن هنا كمسلمين غربيين لنا أمل وطيد بأن تتعزز مسيرة الإِسلام في الغرب، وأن يتّسع أثره، لأن هناك قابلية جيدة لتفهمه وخاصة لدى المثقفين، ولكن المطلوب هو أن نحسن الدعوة وخاصة بالسلوك والعمل قبل الكلام والإعلام، مع أن هذا الجانب أيضاً فيه نقص شديد، وقبل ذلك نحن بحاجة إلى الإخلاص والثبات والصبر على الإساءات لأن لدينا هدفاً كبيراً يحتاج إلى كل التضحيات، وأقول بكل صراحة للإخوة المسلمين الألمان وغيرهم من مسلمي أوروبا - مع أنه لا تصنيف ولا تمييز بين الأجناس والأعراق في الإِسلام - بأن عليهم أن يعكسوا بينهم فقط جمال الإِسلام وعظمته، وما هو حسن وجيد دون غيره في مسلمي العالم، لأننا في موقع خطير وحساس ولا يمكننا أن نخدم إسلامنا فيه إذا ما أسأنا التقدير وأخطأنا الوعي.

الأخت الأميركية (فاطمة) ديرا

الإِسلام أدخل السعادة على حياتي وأشعرني باحترامي لنفسي وللآخرين

الإسلام هو الحقيقة تشعّ نوراً.. يهتدي به من يغوص في الظلمات.. يضيء درباً للتائهين المستغيثين: ربنا إنك تهدي من تشاء إلى صراط المستقيم.. يستغيثون بربهم في ليل الضياع الحالك، فيغيثهم بأشعة من نور الإِسلام والهداية، والله يهدي لنوره من يشاء.

من ظلمة الضياع.. وظلام التشويه.. فرّت الأميركية (ديرا) لتصبح (فاطمة) أختاً مسلمة جديدة اهتدت إلى «نور الإِسلام» وقبس الإيمان.. وها هي في مقابلة مع «نور الإِسلام» تروي لنا من منزلها الزوجي في بلدة كيفون اللبنانية، حكاية هدايتها وقصة إعجابها بالإِسلام والتزامها بأحكامه.

٩٢

س: بدايةً، وبعد أن تعرّفينا على نفسك، نرجو أن تضعينا في جو نشأتك ومحيطكِ والدوافع التي قادتك إلى التعرّف على الإِسلام؟

ج: بداية أرحب بكم، وأعرّفكم على نفسي باختصار، فأنا أميركية من مدينة «دنفر» في ولاية كولورادو من مواليد 1951، إسمي الأصلي (ديرا) واتخذتُ إسم (فاطمة) تيمناً وإعجاباً بسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) أحمل شهادة الليسانس في التمريض إلى جانب اهتمام ثقافي متنوّع وخاصة في النواحي الدينية، عملت في حقل التمريض في أميركا، وأنا الآن ربّة منزل ولديّ عائلة من زوجي المسلم اللبناني الذي تعرّفت عليه بعد اعتناقي الإِسلام، وإنني أعمل على الاهتمام بعائلتي ورعايتها حيث تقيم في هذه البلدة اللبنانية الطيبة، كما أعمل على تنمية ثقافتي الإِسلامية وأحاول أن أهيّء شيئاً ما أخدم به ديني ورسالتي.

بعد هذا فإنني أحمد الله (سبحانه وتعالى) الذي هداني إلى الحق، ولذا فأنا ممتنة شاكرة فالأمر يبدو كمن يعود إلى بيته الحقيقي للراحة بعد رحلة عناء طويلة، وليجد أن هناك أجوبة على كل الأسئلة، ويشعر بارتياح لمعرفته بأن هناك حقيقة مطلقة.

وبما أن المسيحية في المجتمع الذي كنت أعيش فيه قد انقلبت عن أصولها نحو العلمانية، ولم تعد تلتزم بالحق كما علّمه المسيح (ع) فإنها باتت تقوم على مغالطات أساسية، وأن ينشأ المرء في بيئة مسيحية كما حدث معي، فإن هذا يعني أنه سيلقَّن مفاهيم مرتبكة ومشوشة كالإنجيل المحرّف، والعلاقة غير المباشرة مع الله (سبحانه وتعالى) ، وفصل الدين عن البيئة السياسية والاقتصادية، والمغفرة بواسطة المسيح (ع) والصلب ومذهب الخطيئة الأصلية، وأن المسيح هو ابن الله. ولقد وضع بعضهم بعض الأفكار الوثنية المتعلقة بالميلاد والفصح «والتثليث». هذه هي المناحي السلبية، ونظراً إلى أنني لم أكن أعلم أنها مغلوطة عندما كنت أعتنق المسيحية، فقد كنت أتساءل عما يبدو لي فيها من تناقضات، دون أن أتلقّى الإجابات عليها من أساتذتي ووالديّ، الذين كانوا يقولون لي: عندما تكبرين ستفهمين. وقد كبرت فعلاً ولكنني لم أفهم! ومع ذلك فقد منحتني المسيحية أموراً إيجابية كالمعرفة بوجود إله واحترامه، وقدرة على الالتزام بالقوانين الدينية كما أعرفها، وكذلك أعطتني قدراً من القاعدة المعرفية التي مكّنتني من مواصلة بحثي عن الحقيقة، وأنا أقف شاكرة هذه التجربة كما أشكر والدَيّ وجدَّيّ الذين بذلوا ما في وسعهم لجعلي أعرف معنى العلاقة مع الله.

٩٣

إنَّ عائلتي وأسرتي في الولايات المتحدة ذات أصل ألماني وتعتنق البروتستانيّة اللوثرية لذا فهي معزولة اجتماعياً، ولقد دخلت مدرسة لوثرية نحو 13 عاماً، وكنت أحضر دروساً دينية يومياً وأذهب إلى الكنيسة. ولا أظن أنني تلقيت تربية أميركية «تقليدية»، فلقد كانت نشأتي جد «دينية».

ولقد أصبحت لاحقاً عضواً غير فاعل في الكنيسة في أوائل مرحلة الشباب، إذ سرعان ما اكتشفت أنها غير قادرة على الإجابة على أسئلتي، وغير قادرة على معالجة الحقائق الاجتماعية والسياسية في الولايات المتحدة. وهكذا أمضيت نحو 15 سنة وأنا أبحث في الفلسفات المختلفة وفي المذاهب المسيحية الأخرى. ولقد حاولتُ أن أعود إلى الكنيسة اللوثرية لعام واحد، إلّا أنني وجدتُ أنه من المستحيل أن أشارك كإنسانة راشدة في الإيمان بعقائد كان شعوري برفضها يزداد تدريجياً. وهكذا أخذت الحيرة الداخلية تعتصرني وأنا أحاول أن أعرف لماذا لا أحصل على الاطمئنان الداخلي وأصل إلى الحقيقة. إلّا أنني لم أفقد الأمل بأن الله (عزّ وجل) الذي خلقنا جميعاً وخلق هذا العالم لا بدّ أنه وضع الحقيقة فيه، فكنت أشعر في داخلي أن الله منحنا «الحقيقة الكاملة» إلّا أنني لسبب ما لم أكن قادرة على الوصول إليها.

س: إذاً كيف قادتك خطواتك إلى التعرّف على الإِسلام واعتناقه؟

في منتصف العقد الثالث من العمر، أخذت أشعر أكثر فأكثر بالإحباط من البحث ومن المشاركة في هذا العالم وتأمين مستقبل لي فيه دون أن أجد حلاً لما كنت أبحث عنه. كنت أخشى من كيفية مواجهة يوم القيامة وأنا لم أتوصل بعد إلى المعرفة الكاملة، فعمدت ببساطة إلى الصلاة والتضرُّع إلى الله أن يهديني الصراط المستقيم ويسدّد خطاي.

وبعد ذلك بأسبوعين أخذت طبيبة كانت تدرّسني التمريض في ذلك الوقت تحدثني عن عقيدتها الإِسلامية. ولقد كانت باكستانية شيعية. ولم يكن لديها كتب حول الإِسلام باللغة الإنكليزية يمكنني أن أقرأها، إلّا أنها شاركتني كل ما تعرفه، فأحسست باهتمام شديد ورغبة في مزيد من المعرفة.

٩٤

في ذلك الوقت، كنت أنهي دراستي الجامعية في التمريض، وهكذا أخذت أبحث في مناهج الجامعة عن قسم يعلّم الإِسلام، فوجدت مادة تدعى «دراسة الإِسلام». انتسبت إلى الصف ووجدتُ أنها ذات طبيعة تاريخية عامة، فتعلمتُ منها ما قدرتُ عليه، إضافة إلى المعلومات التي تلقَّيتها من زملائي ومعظمهم مسلمون. وقد التقيتُ في هذا الصف بأخت مسيحية اعتنقت الإِسلام بفضل إرشادات وتعاليم زوجها الإيراني. ولقد ساعدتني كثيراً ولله الحمد في دراستي للإِسلام، وفي العديد من مناحي المعاملات اليومية والعبادات، وبفضل صداقتها واهتمامها تعرَّفتُ على جماعة من المؤمنين من الجاليتين المحليتين الإيرانية واللبنانية.

وبعد نحو عام من الدراسة، وبعدما دعوتُ الله أن يساعدني في الوصول إلى الصراط المستقيم، أصبحت مسلمة في «ليلة القدر» من شهر رمضان المبارك، فالله الرحمن الرحيم كان رؤوفاً بي، إذ أرشدني إلى الحقيقة.

س: ما كان أثر اعتناقك الإِسلام على المحيط، وما هي المشاكل التي واجهتكِ؟

ج: اعتناق الإِسلام يعني تغييراً حتمياً في حياة المرء، والالتزام بالعقيدة أدخل السعادة إلى حياتي، ولقد دهش البعض في البداية وعاملوني معاملة صعبة، ولكن كيف لا يمكن أن أكون سعيدة بعد أن أمضيت هذا الوقت الطويل بانتظار الوصول إلى الحقيقة.

على المستوى الشخصي كان همّي أن أحصل على كل المعلومات التي أستطيع الوصول إليها، وأن أتعلّم من المسلمين الآخرين كيفية الصلاة، وكيفية التأمل، ثم ارتديتُ اللباس الإِسلامي الشرعي، وأحسستُ بتحوّل كبير عندما قمتُ بذلك، ولم أكن أعلم عندما درست الإِسلام للمرة الأولى أن هذا أمر ضروري، ولذا شعرت بنوع من الصدمة عندما أخبرتني الأخوات بذلك، وقد حدثت هذه العملية ببطء وأدركت أن ارتداء اللباس الإِسلامي لا يشمل فقط الثياب وما تغطيه، بل إنه كناية عن رحلة روحية داخلية، أخذتُ أشعر فعلاً باحترامي لنفسي واحترامي للمجتمع وللمؤمنين وقد نما هذا الاحترام بعد ارتدائي للملابس الشرعية، إن مثلنا الأعلى في ارتداء اللباس الشرعي يأتي من نساء آل بيت النبوة (عليهم السلام) كالسيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) والسيدة زينب (عليها السلام) ومن المؤكد أنهن القدوة الصالحة لسلوك النساء كأمهات وزوجات وأعضاء في المجتمع.

٩٥

أمّا تأثير اعتناقي الإِسلام على أهلي وأقاربي فقد كان متوقعاً، فهم كمسيحيين ينظرون إليّ كـ «إنسان ضائع وضال»، ولقد كان أقسى ما عانيته أن أخسر احترام والديّ لي في هذا المجال. وأدعو الله أن يهديهما إلى صراط الإِسلام، بالطبع لا يزال والديّ يحبّانني كابنة لهما، ولقد أخذا يتقبّلان بعض المسائل أكثر بمرور السنين كتغيير الثياب، ونوع الطعام، إلّا أن نظرتهما إليّ لا تزال على حالها، فهما يشعران بالأذى من جراء هذا التغيير، أما أنا فأتقبل والديّ والتزامهما بالكنيسة وبأسرتهما.

وسعادتي الكبرى تتمثَّل في اعتناق أولادي الثلاثة البالغين الإِسلام. وهم والحمد لله يدرسون شؤون دينهم، وكلٌّ منهم ينوي أن يتفقّه في الدين لكي يتمكن من الدعوة إليه وخدمته. فأبنائي يدرسون الآن التربية والتعليم وابنتي زوجة وأمّ وربة منزل.

أصدقائي الحقيقيون تقبلوا رغبتي في اعتناق الإِسلام، ولقد أصبحت علاقتي معهم أوثق في بعض الحالات لأننا بتنا قادرين على مناقشة الدين بمعرفة أكثر، وهم قاموا بأشياء لطيفة كأن يشتروا لحماً من جزار مسلم ليدعوني إلى تناول الطعام، ويوفروا لي غرفة خاصة للصلاة عندما أقوم بزيارتهم، وبشكل عام، لم أخسر أصدقائي بل ربما أكون قد كسبتهم.

أما زملائي في المستشفى حيث كنت أعمل، فقد كانوا متفهمين جداً، فعندما كان يحين وقت الصلاة يتناوبون على استلام مكاني في العمل كي أتمكن من الصلاة، وينظِّمون وقت العشاء بحيث أتمكن من الإفطار في شهر رمضان، وهم بشكلٍ عام منفتحون وكانوا يطرحون العديد من الأسئلة حول الإِسلام الأمر الذي قاد إلى مناقشات طويلة، ولقد بدأت بارتداء الحجاب في المستشفى بعد نحو عام على اعتناقي الإِسلام، وبعد ستة أشهر من ارتدائه في الخارج.

واللطيف أن حجابي فرض احترامهم لي في العمل، حتى أن إدارة المستشفى أرادت ترقيتي إلى منصب رئيسة الممرضات، إلّا أنني رفضتُ لتجنب حضور الحفلات المرتبطة بهذا المنصب، والتي تتضمن شرب الخمر والرقص، رفضتُ المنصب بعد أن اشترطت إدارة المستشفى ذلك، واعتبرت أن حضور هذه الحفلات إلزامي.

٩٦

س: ما هو التأثير الإيجابي الملموس في حياتك منذ اعتناقك الإِسلام؟ وعلى الصعيد الشخصي هل تشعرين بمزيد من الطمأنينة والراحة؟

ج: أجل، فأنا أكثر أمناً واطمئناناً، وكما ذكرت أعلاه فأنا كمن وصل إلى البيت بعد عناء رحلة شاقة. فالإِسلام يغطي كل شؤون الحياة وأنا أرى فيه حلاً دائماً لكل المسائل التي تعترضني، وأنا أشعر بمدى عظمته وكماله يوماً بعد يوم كلما عرفت مفاهيمه أكثر.

والقرآن الكريم هو المصدر الأساس الذي يشعرني بالاطمئنان والسلام، وإحساسي بالأمان يتعمق عند اطلاعي أكثر فأكثر على سيرة الأنبياء والأئمة الإثني عشر (عليهم السلام) الذين يُعتبرون القدوة المثلى في هذه الحياة، ولا توجد أي مشكلة نواجهها مهما كانت قاسية يمكن مقارنتها بما واجهه الإمام الحسين (ع) في كربلاء.

كذلك فإنني أشعر بالارتياح من أنني الآن على علاقة مباشرة بالله (عزّ وجل) من دون الحاجة إلى وسيط كالكنيسة لدى المسيحين، فالقرآن يقول في سورة التحريم الآية 8:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَ‌بُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ‌ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِ‌ي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ‌ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّـهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُ‌هُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَ‌بَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَ‌نَا وَاغْفِرْ‌ لَنَا إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‌ ﴾ ، وفي هذا علاقة مباشرة ووثيقة بالله تعالى.

س: على الصعيد الإيماني، هل تشعرين بالفرق بين علاقتك بالمسلمين الآن، وعلاقتكِ بغير المسلمين في الماضي؟

ج: أجل، فلقد حدَّد الله لنا كيف نتعامل في ما بيننا على أسس «أخلاقية» كريمة، ولدينا القرآن وسُنَّة الرسول (ص) والأئمة (عليهم السلام) لنهتدي بهم، وأنا أشعر بالفخر والامتنان لهذه المصادر الملهمة والقدوة في آنٍ، كما أشعر أنني أقيم علاقات وثيقة مع المسلمين الآخرين، وبالطبع نحن لسنا جميعاً كاملين وكلنا نخطىء في تعاملنا مع بعضنا البعض «كجسد واحد»، إلّا أن السائد أن العلاقات في المجتمع الإِسلامي تبقى على مستوى أرفع بكثير من حيث الصدق والمحبة والتعاون من المجتمع غير الإِسلامي.

٩٧

وأنا لم أترك المسيحية لأنها لا تتضمن الصدق والمحبة والتعاون، ولكن لأنني شعرتُ بخلل في عقيدتها، ويمكن للمرء أن يجد نماذج كثيرة من العلاقات القائمة على المحبة والتعاون في المجتمع الذي نشأت فيه، ولكن من دون «الحقيقة الكاملة» كما هي في الإِسلام، فإن المسيحي الذي لا يملك القوانين التي تتيح له كيفية التعامل في كل مجالات الحياة سوف يشعر بأنه تائه على المستوى الاجتماعي.

س: هل لديك اقتراحات محددة للدعوة إلى الإِسلام على أساس خبرتك الشخصية؟

ج: إن وضعية التعامل التي نعيشها في حياتنا اليومية تشكّل أحد أعظم الطرق التي تظهر أن الدعوة إلى الله يجب أن تصوغ مظاهر شخصيتنا، وهذه الشخصية سوف تشكِّل حافزاً للبعض كي يدرس الإِسلام، وأنا أشجع المسلمين الذين يسافرون إلى بلاد غير مسلمة للعمل أو الدراسة على أن لا يتخلوا عن عقيدتهم وأخلاقيتهم في التعامل مع غير المسلمين، فسلوكهم مهم جداً، وما يراه الجمهور غير المسلم من أعمالهم هو في الغالب ما يعتبر لديهم السلوك الإِسلامي، وهو أمر قد يكون مضللاً لغير المسلمين إذا سلكوا أمامهم سلوكاً منحرفاً.

فالعقيدة بالنسبة إلى المسيحي ربما تكون كما حدث معي، السبب الأهم لاعتناق الإِسلام، وأنا أشجع كل مسيحي على دراسة العقيدة الإِسلامية بعمق، وأعتقد أن دراسة المسيحية بشكل فعلي سوف تؤدي بالمرء المسيحي إلى اعتناق الإِسلام، لكثرة الأخطاء الفكرية والمنطقية التي تقع فيها، وهناك كتب متوافرة تظهر المغالطات الموجودة في الإنجيل، كما تلفت الانتباه إلى المقاطع التي تشير إلى النبي محمد (ص) بوصفه خاتم الأنبياء.

ولقد أعجبتُ جداً بالعديد من الكتب الإِسلامية المترجمة إلى الإنكليزية، ولقد قامت بعض المؤسسات الإِسلامية بدور مهم في الولايات المتحدة من حيث تأمين هذه الكتب لي ولأبنائي كما وللآخرين.

٩٨

س: ما هو الدور الذي تقومين به أو تنوين القيام به في خدمة الدعوة الإِسلامية؟

ج: أعتقد أن أعظم ما يمكنني أن أخدم به ديني هو أن أكون زوجة وأمّاً وربة بيت صالحة، لديَّ طفل صغير وأشعر بأن من واجبي - وهو واجب يشعرني بالسعادة - أن أربّيه في بيئة إسلامية، فالتربية عمل مطلوب وذو قيمة عالية، ونحن محظوظون جداً في أن لنا في الأنبياء والأئمة وزوجاتهم المؤمنات قدوة حسنة، والجهد الذي بذلوه في تربية أطفالهم والعمل من أجل عائلاتهم هو السبب الذي يجعل لدينا حياة اجتماعية وأسرية سليمة ومتماسكة.

وأشعر أن هناك حاجة ماسّة إلى كتب إسلامية للأطفال باللغة الإنكليزية، ومع أنني لست متخصصة في هذا المجال، فإن لديَّ بعض الأفكار حول المضمون، وإن شاء الله سأساهم بجهودي في هذا المجال وفي أي كتابة قد تكون هناك حاجة إليها.

س: ما هي آفاق الدعوة الإِسلامية في بلادك؟

ج: أنا أعيش الآن في لبنان، ولكنني سأتحدث عن الولايات المتحدة حيث أمضيت قسماً من حياتي، إن آفاق الدعوة الإِسلامية في الولايات المتحدة واسعة جداً، والناس بشكل عام طيبون ومتقبلون، إنهم يشكّلون مجموعات باحثة لم تعد لديها أي أوهام حول مجتمعها الحالي.

أعتقد أن مصير الأميركيين هو السقوط والخيبة، إذا لم يتخذوا من الإِسلام أو حتى من المسيحية ديناً، لأن العلمانية سوف تُسقِط المجتمع والدولة.

س: ما هو وضع المرأة المسلمة كما ترينه؟

ج: أعتقد أن المرأة المسلمة يجب أن تتمثل بالنساء القدوة في تاريخنا الإِسلامي؛ كالسيدة خديجة (عليها السلام) ، والسيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، والسيدة زينب (عليها السلام) ، وزوجات الأئمة (عليهم السلام) ، والسيدة هاجر (عليها السلام) ، والسيدة مريم (عليها السلام) ، وزوجة فرعون.. الخ. فإذا اقتدت النساء بهن في جهادهن وحاولن أن يتصفن ولو ببعض صفاتهن، فإننا سنعطي حياتنا التي منحنا إياها الله بعض الراحة والاطمئنان، فهل هذا هو وضع المرأة المسلمة الحالي؟ كلا على الأرجح، فكما ذكرت من قبل لقد وقعنا في فخ ثقافاتنا وعاداتنا بدلاً من الإِسلام، وليس لدينا أي عذر لأن الله قد جعل للمرأة في الإِسلام مكانة رفيعة، فحقوقها محمية ووضعها كفرد مرتبط بمدى إيمانها.

٩٩

س: هل ترغبين في توجيه كلمة إلى المسلمين عبر منبر «نور الإِسلام»؟

ج: أريد أن أضمّ صوتي للآخرين الذين أبدوا خوفهم من تدفق وسائل الإعلام «اليهودية» إلى البلاد النامية في العالم. وأعتقد أن ذلك قد لعب دوراً في تدمير البنية الاجتماعية المحدودة في الولايات المتحدة قبل نحو 30 أو 40 عاماً، وهي الآن تحاول أن تنقلها إلى العالم وخصوصاً مع انتشار الأقمار الاصطناعية والڤيديو والكاسيت.. الخ. فأفلام هوليود وموسيقاها ورسومها المتحركة هي حالياً أكبر صادرات الولايات المتحدة، وبالتالي فإن توزيعها سيحظى بالحماية في العالم بأسره من قِبَل المالكين الخاصين ومن قِبَل الحكومة الأميركية، فنلتفت عندما نشغّل التلفزيون ونشاهد أي برنامج للعنف وأي برنامج غير إنساني ولا معنى له - كما في العديد من أفلام الرسوم المتحركة وغيرها - إلى أن هذه البرامج مناقضة للتعاليم الإِسلامية، وأننا ندعو قوة شريرة وهائلة إلى منزلنا، وهي قد تحوّل اهتمام أطفالنا وحتى اهتمامنا نحن عن مواضيع مهمة إلى مواضيع مضللة ومفسدة.

شكراً لـ «نور الإِسلام» على اهتمامها بأفكاري وكلماتي، أقدر عملكم الرائد، وأحبّ أن أقرأ القسم الإنكليزي من مجلتكم.

الأسترالية (فيلما وليم) تعتنق الإِسلام

حكاية «مبشّرة» أسترالية أيقظتها سورة «مريم»!

«فيلما وليم» منصّرة أسترالية كان لها نشاط واسع في كنيسة «المورمن» في أستراليا في الدعوة إلى النصرانية متغاضية عن تناقضاتها كالقول بأن عيسى ابن الله وأنه مات تكفيراً لخطايا البشر فضلاً عن الأفكار المنحازة إلى اليهود والبيض.(1)

لكن «فيلما» عندما ذهبت إلى أسرة فلسطينية تعيش هناك وتلا أفرادها عليها معاني سورة «مريم» انتابتها نوبة شديدة من البكاء، وانتهت إلى رحلة طويلة في البحث والدراسة في الإِسلام وحديثاً أعلنت إسلامها.

____________________

(1) عن جريدة «المسلمون» العدد: 568.

١٠٠