رحلتي من الظلمات إلى النّور

رحلتي من الظلمات إلى النّور12%

رحلتي من الظلمات إلى النّور مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 466

رحلتي من الظلمات إلى النّور
  • البداية
  • السابق
  • 466 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 233870 / تحميل: 8019
الحجم الحجم الحجم
رحلتي من الظلمات إلى النّور

رحلتي من الظلمات إلى النّور

مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وكذا السدر والكافور والماء وقيمة الأرض التي يدفن فيها ، وأجرة حمل الميت وأجرة حفر القبر إلى غير ذلك مما يصرف في أي عمل من واجبات الميت ، فان كل ذلك يخرج من أصل التركة وان كان الميت مديوناً أو كانت له وصية ، هذا فيما إذا لم يوجد من يتبرع بشيء من ذلك وإلاّ لم يخرج من التركة ، وأما ما يصرف فيما زاد على القدر الواجب وما يلحق به فلا يجوز اخراجه من الأصل ، وكذا الحال في قيمة المقدار الواجب وما يلحقه فانه لا يجوز ان يخرج من الأصل الا ما هو المتعارف بحسب القيمة ، فلو كان الدفن في بعض المواضع اللائقة بحال الميت لا يحتاج إلى بذل مال ، وفي البعض الآخر يحتاج اليه قدم الأوّل ، نعم يجوز اخراج الزائد على القدر المذكور من الثلث مع وصية الميت به ، أو وصيته بالثلث من دون تعيين مصرف له كلاً أو بعضاً ، كما يجوز اخراجه من حصص الورثة الكبار منهم برضاهم دون القاصرين ، الا مع اذن الولي على تقدير وجود مصلحة تسوغ له ذلك.

( مسألة 109 ) : كفن الزوجة على زوجها حتى مع يسارها أو كونها منقطعة او ناشزة ، هذا إذا لم يتبرع غير الزوج بالكفن والا سقط عنه ، وكذلك إذا اوصت به من مالها وعمل بالوصية ، أو تقارن موتها مع موته ، أو كان البذل حرجياً على الزوج ، فلو توقف على الاستقراض ، أو فك ماله من الرهن ولم يكن فيه حرج عليه تعين ذلك ، والا لم يجب.

( مسألة 110 ) : يجوز التكفين بما كتب عليه القرآن الكريم أو بعض الأدعية المباركة كالجوشن الكبير أو الصغير ، ولكن يلزم ان يكون ذلك بنحو لا يتنجس موضع الكتابة بالدم ، أو غيره من النجاسات كان يكتب في حاشية الازار من طرف رأس الميت ، ويجوز ان يكتب على قطعة من القماش وتوضع على رأسه أو صدره.

٦١

( شروط الكفن )

يعتبر في الكفن أمور :

(1) الاباحة.

(2) الطهارة بان لا يكون نجساً ولا متنجساً.

(3) ان لا يكون من الحرير الخالص ، ولا بأس بما يكون ممزوجاً به بشرط ان يكون حريره أقل من خليطه ـ والأحوط وجوباً ـ ان لا يكون الكفن مُذهَّباً ، ولا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه ، ولا من جلد الميتة وان كان طاهراً ، ولا بأس ان يكون مصنوعاً من وبر أو شعر مأكول اللحم ، بل لا بأس ان يكون من جلده مع صدق الثوب عليه عرفاً ، وكل هذه الشروط ـ غير الاباحة ـ يختص بحال الإختيار ويسقط في حال الضرورة ، فلو انحصر الكفن في الحرام دفن عارياً ، ولو انحصر في غيره من الانواع التي لا يجوز التكفين بها اختياراً كفن به ، فاذا انحصر في واحد منها تعين ، واذا تعدد ودار الأمر بين تكفينه بالمتنجس وتكفينه بالنجس قدم الأوّل ، وإذا دار الأمر بين النجس أو المتنجس ، وبين الحرير قدم الثاني ، ولو دار الأمر بين أحد الثلاثة وبين غيرها قدم الغير ، ومع دوران الأمر بين التكفين بالمُذهَّب والتكفين بأجزاء مالا يؤكل لحمه تخيّر بينهما ، وان كان الاحتياط بالجمع حسناً.

( مسألة 111 ) : الشهيد لا يكفّن بل يدفن بثيابه الا إذا كان بدنه عارياً فيجب تكفينه.

( مسألة 112 ) : يستحب وضع جريدتين خضراوين مع الميت ، وينبغي ان تكونا من النخل ، فان لم يتيسر فمن السدر ، أو الرمان وان

٦٢

لم يتيسرا فمن الخلاف ( الصفصاف ) ، والأولى في كيفيته جعل احداهما من الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة بالبدن ، والأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين القميص والازار.

( الحنوط )

يجب تحنيط الميت المسلم وهو ( إمساس مواضع السجود السبعة بالكافور المسحوق غير الزائلة رائحته ) ويكفي فيه وضع المسمى ، ويشترط فيه اباحته فيسقط وجوب التحنيط عند عدم التمكن من الكافور المباح ، كما يعتبر طهارته وإن لم يوجب تنجس بدن الميت على ـ الأحوط وجوباً ـ والأفضل ان يكون الكافور المستخدم في التحنيط بمقدار سبعة مثاقيل ويستحب خلطه بقليل من التربة الحسينية ، ولكن لا يمسح به المواضع المنافية للاحترام.

( مسألة 113 ) : ـ الأحوط الأولى ـ ان يكون الامساس بالكف وان يبتدأ من الجبهة ، ولا ترتيب في سائر الأعضاء ، ويجوز ان يباشر التحنيط الصبي المميز بل وغيره أيضاً.

( مسألة 114 ) : يسقط التحنيط فيما إذا مات الميت في احرام العمرة أو الحج فَيُجنَّب من الكافور بل من مطلق الطيب ، نعم اذا مات الحاج بعد الفراغ من المناسك التي يحل له الطيب بعدها وجب تحنيطه كغيره من الأموات.

( مسألة 115 ) : وجوب التحنيط كوجوب التغسيل ، وقد مضى تفصيله في المسألة (91).

٦٣

( الصلاة على الميت )

تجب الصلاة على كل مسلم ميت وان كان فاسقاً ، ووجوبها كوجوب التغسيل ، وقد مر في المسألة (91).

( مسألة 116 ) : لا تجب الصلاة على اطفال المسلمين الا من عقل منهم الصلاة ، ومع الشك في ذلك فالعبرة ببلوغه ست سنين ، وفي استحباب الصلاة على من لم يعقل الصلاة اشكال ـ والأحوط وجوباً ـ عدم الاتيان بها الا رجاءً.

( مسألة 117 ) : تصح الصلاة على الميت من الصبي المميز ، ويجزي عن البالغين.

( مسألة 118 ) : يجب تقديم الصلاة على الدفن ، الا انه إذا دفن قبل ان يصلى عليه عصياناً أو لعذر فلا يجوز ان ينبش قبره للصلاة عليه ، ولم تثبت مشروعية الصلاة عليه وهو في القبر ـ فالأحوط وجوباً ـ الاتيان بها رجاءً.

( كيفية صلاة الميت )

يجب في الصلاة على الميت خمس تكبيرات والدعاء للميت عقيب احدى التكبيرات الأربع الأوّل ، وأما الثلاثة الباقية فيتخير فيها بين الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والشهادتين ، والدعاء للمؤمنين والتمجيد لله تعالى ، ولكن ـ الأحوط استحباباً ـ ان يكبّر أولاً ويقول ( أشْهَدُ اَنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ وَأنَّ مُحمّداً رَسولُ الله ) ثم يكبر ثانياً ، ويصلي على النبي وآله ، ثم يكبر ثالثاً ، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ، ثم يكبر رابعاً ، ويدعو للميت ، ثم يكبّر خامساً

٦٤

وينصرف.

والأفضل أن يقول بعد التكبيرة الأولى : ( أشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ الله وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ).

وبعد التكبيرة الثانية : ( اللهم صلِّ على محمّد وآل محمد ، وارحم محمداً وآل محمّد ، كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم ، انك حميد مجيد وصل على جميع الأنبياء والمرسلين والشهداء والصديقين وجميع عباد الله الصالحين ).

وبعد التكبيرة الثالثة : ( اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم والأموات ، تابع اللّهم بيننا وبينهم بالخيرات انك مجيب الدعوات انك على كل شيء قدير ).

وبعد الرابعة : ( اللّهم ان هذا المسجّى قدامنا عبدك وابن عبدك وابن امتك نزل بك وانت خير منزول به ، اللّهم إنا لا نعلم منه إلاّ خيراً وانت اعلم به منا ، اللّهم ان كان محسناً فزد في احسانه ، وان كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته واغفر له ، اللّهم اجعله عندك في أعلى عليين واخلف على اهله في الغابرين وارحمه برحمتك يا ارحم الراحمين ) ثم يكبّر ، وبها تتم الصلاة.

ولابُدّ من رعاية تذكير الضمائر وتأنيثها حسب اختلاف جنس الميت ، وتختص هذه الكيفية بما إذا كان الميت مؤمناً بالغاً ، وفي الصلاة على اطفال المؤمنين يقول بعد التكبيرة الرابعة : اللّهم اجعله لأبويه ولنا سلفاً وفرطاً وأجراً.

( مسألة 119 ) : يعتبر في صلاة الميت أمور :

٦٥

(1) ان تكون بعد الغسل والتحنيط والتكفين ، والا بطلت ولابُدّ من اعادتها ، واذا تعذر غسل الميت أو التيمم بدلاً عنه ، وكذلك التكفين والتحنيط لم تسقط الصلاة عليه.

(2) النية بان يقصد بها القربة ، مع تعيين الميت على نحو يرفع الابهام.

(3) القيام مع القدرة عليه.

(4) أن يكون رأس الميت على يمين المصلي.

(5) أن يوضع على قفاه عند الصلاة عليه.

(6) استقبال المصلي للقبلة حال الاختيار.

(7) أن يكون الميت أمام المصلي.

(8) أن لا يكون حائل بينهما من ستر أو جدار على نحو لا يصدق الوقوف عليه ، ولا يضر الستر بمثل النعش أو ميت آخر.

(9) الموالاة بين التكبيرات والأذكار ، بان لا يفصل بينها بمقدار تنمحي به صورة الصلاة.

(10) أن لا يكون بين الميت والمصلي بعد مفرط الا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة ، أو مع تعدد الجنائز في الصلاة عليها دفعة واحدة.

(11) أن لا يكون احدهما اعلى من الآخر علواً مفرطاً.

(12) أن يكون الميت مستور العورة ـ اذا تعذر الكفن ـ ولو بحجر أو لبنة.

٦٦

( دفن الميت )

يجب دفن الميت المسلم ومن بحكمه ووجوبه كوجوب التغسيل وقد مر في المسألة (91) ، وكيفية الدفن ان يوارى في حفيرة في الارض ، فلا يجزي البناء عليه ولا وضعه في بناء أو تابوت مع القدرة على المواراة في الأرض ، وتكفي مواراته في الحفيرة بحيث يؤمّن على جسده من السباع وايذاء رائحته للناس ولو لعدم وجود السباع أو من تؤذيه رائحته من الناس أو بسبب البناء على قبره بعد مواراته ، ولكن ـ الأحوط استحباباً ـ ان تكون الحفيرة بنفسها على كيفية تمنع من انتشار رائحة الميت ووصول السباع إلى جسده ، ويجب ان يوضع في قبره على طرفه الأيمن موجهاً وجهه الى القبلة.

( مسألة 120 ) : يجب دفن الجزء المبان من الميت ، وإن كان شعراً أو سناً أو ظفراً على ـ الأحوط وجوباً ـ نعم لو عثر عليها قبل دفنه يجب جعلها في كفنه.

( مسألة 121 ) : من مات في السفينة ، ولم يمكن دفنه في البر ، ولو بتأخيره لخوف فساده أو غير ذلك يغسّل ويكفن ويحنط ويُصلى عليه ثم يوضع في خابية ونحوها ويشد رأسها باستحكام ، أو يشد برجله ما يثقله من حجر ، أو حديد ثم يلقى في البحر ـ والأحوط استحباباً ـ اختيار الوجه الأوّل مع الإمكان ، وكذلك الحال في ميت خيف عليه من ان يخرجه العدو من قبره ويحرقه أو يمثّل به.

( مسألة 122 ) : لا يجوز دفن الميت في مكان يستلزم هتك حرمته كالبالوعة والمواضع القذرة ، كما لا يجوز دفنه في مقابر الكفار ، ولا يجوز

٦٧

دفن الكافر في مقبرة المسلمين.

( مسألة 123 ) : يعتبر في موضع الدفن الاباحة ، فلا يجوز الدفن في مكان مغصوب ، أو فيما وقف لجهة خاصة كالمدارس والحسينيات ونحوهما وان لم يكن مضراً بالوقف أو مزاحماً لجهته على ـ الأحوط وجوباً ـ.

( مسألة 124 ) : إذا دفن الميت في مكان لا يجوز دفنه فيه وجب نبش قبره واخراجه ودفنه في موضع يجوز دفنه فيه ، إلاّ في بعض الموارد المذكورة في ( العروة الوثقى ) وتعليقتنا عليها.

( مسألة 125 ) : إذا دفن الميت بلا غسل أو كفن ، أو حنوط مع التمكن منها وجب اخراجه مع القدرة لإجراء الواجب عليه ودفنه ثانياً بشرط ان لا يستلزم ذلك هتكاً لحرمته ، والا ففيه اشكال.

( مسألة 126 ) : لا يجوز نبش قبر المسلم إلاّ في موارد خاصة تقدم بعضها ، ومنها ما لو اوصى الميت بنقله الى المشاهد المشرفة فدفن عصياناً أو جهلاً أو نسياناً في غيرها ، فانه يجب النبش والنقل ما لم يفسد بدنه ولم يوجب النقل أيضاً فساد بدنه ولا محذوراً آخر ، وأما لو اوصى بنبش قبره ونقله بعد مدة الى الأماكن المشرفة ففي صحة وصيته اشكال.

( مسألة 127 ) : إذا كان الموجود من الميت يصدق عليه عرفاً انه ( بدن الميت ) كما لو كان مقطوع الأطراف ـ الرأس واليدين والرجلين ـ كلاً أو بعضاً ، أو كان الموجود جميع عظامه مجردة عن اللحم ، أو معظمها بشرط ان تكون من ضمنها عظام صدره ، ففي مثل ذلك تجب الصلاة عليه وكذا ما يتقدمها من التغسيل والتحنيط ـ ان وجد بعض مساجده ـ والتكفين بالازار والقميص بل وبالمئزر أيضاً ان وجد بعض ما يجب ستره به.

واذا كان الموجود من الميت لا يصدق عليه انه بدنه بل بعض بدنه ،

٦٨

فلو كان هو القسم الفوقاني من البدن أي الصدر وما يوازيه من الظهر سواء كان معه غيره أم لا وجبت الصلاة عليه ، وكذا التغسيل والتكفين بالازار والقميص وبالمئزر ان كان محله موجوداً ـ ولو بعضاً ـ على ـ الأحوط وجوباً ـ ولو كان معه بعض مساجده وجب تحنيطه على ـ الأحوط وجوباً ـ ويلحق بهذا في الحكم ما إذا وجد جميع عظام هذا القسم أو معظمها على ـ الأحوط وجوباً ـ وإذا لم يوجد القسم الفوقاني من بدن الميت كأن وجدت اطرافه كلاً أو بعضاً مجردة عن اللحم أو معه ، أو وجد بعض عظامه ولو كان فيها بعض عظام الصدر فلا يجب الصلاة عليه ، بل ولا تغسيله ولا تكفينه ولا تحنيطه ، وان وجد منه شيء لا يشتمل على العظم ولو كان فيه القلب فالظاهر انه لا يجب فيه أيضاً شيء مما تقدم عدا الدفن ـ والأحوط وجوباً ـ ان يكون ذلك بعد اللف بخرقة.

( صلاة ليلة الدفن )

روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال : لا يأتي على الميت أشدّ من أول ليلة فارحموا موتاكم بالصدقة ، فان لم تجدوا فليصّل احدكم ركعتين له ، يقرأ في الأولى بعد الحمد آية الكرسي ، وفي الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات ، فيقول بعد السلام : اللّهم صل على محمّد وآل محمّد وابعث ثوابها الى قبر فلان ، ويسمي الميت ورويت لهذه الصلاة كيفية اخرى أيضاً.

( غسل مسِّ الميت )

يجب الغسل على من مسّ الميت بعد برده وقبل اتمام غسله ، ولا فرق بين ان يكون المسّ مع الرطوبة أو بدونها ، كما لا فرق في الممسوس والماس بين ان يكون مما تحله الحياة وما لا تحله كالسن

٦٩

والظفر ، نعم لا يبعد عدم العبرة بالشعر ، سواء كان ماساً أم ممسوساً ، ولا يختص الوجوب بما إذا كان الميت مسلماً ، فيجب في مسّ الميت الكافر أيضاً ، بل ولا فرق في المسلم بين من يجب تغسيله ومن لا يجب كالمقتول في المعركة في جهاد ، أو دفاع عن الاسلام أو المقتول بقصاص أو رجم بعد الاغتسال على ـ الأحوط وجوباً ـ فيهما.

( مسألة 128 ) : يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد والمشاهد والمكث فيها وقراءة العزائم ، نعم لا يجوز له مسّ كتابة القرآن ونحوها مما لا يجوز للمحدث ، ولا يصح له كل عمل مشروط بالطهارة كالصلاة الا بالغسل ـ والأحوط استحباباً ـ ضم الوضوء اليه إذا كان محدثاً بالأصغر.

( مسألة 129 ) : لا يجب الغسل بمسّ القطعة المبانة من الميت أو الحي وإن كانت مشتملة على العظم واللحم معاً وان كان الغسل ـ أحوط استحباباً ـ.

( مسألة 130 ) : إذا يمّم الميت بدلاً عن تغسيله لعذر فالظاهر وجوب الغسل بمسّه.

٧٠

( الأغسال المستحبة )

قد ذكر الفقهاء ( قدس الله اسرارهم ) كثيراً من الأغسال المستحبة ولكنه لم يثبت استحباب جملة منها ، والثابت منها ما يلي :

(1) غسل الجمعة : وهو من المستحبات المؤكدة ، ووقته من طلوع الفجر إلى الغروب ، والأفضل الاتيان به قبل الزوال ـ والأحوط الأولى ـ ان يؤتى به فيما بين الزوال إلى الغروب من دون قصد الأداء والقضاء ، ويجوز قضاؤه إلى غروب يوم السبت ، ويجوز تقديمه يوم الخميس رجاءً إذا خيف اعواز الماء يوم الجمعة ، وتستحب اعادته إذا وجد الماء فيه.

(2 ـ 7) غسل الليلة الأولى ، والليلة السابعة عشرة ، والتاسعة عشرة والحادية والعشرين ، والثالثة والعشرين ، والرابعة والعشرين ، من شهر رمضان المبارك.

(8 ـ 9) غسل يوم العيدين الفطر والأضحى ، ووقته من طلوع الفجر إلى غروب الشمس على الأظهر ، والأفضل ان يؤتى به قبل صلاة العيد.

(10 ـ 11) غسل اليوم الثامن والتاسع من ذي الحجة الحرام ، والأفضل في اليوم التاسع ان يؤتى به عند الزوال.

(12) غسل الاحرام.

(13) غسل دخول الحرم المكي.

(14) غسل دخول مكة.

(15) غسل زيارة الكعبة المشرفة.

(16) غسل دخول الكعبة المشرفة.

(17) غسل النحر والذبح.

٧١

(18) غسل الحلق.

(19) غسل دخول حرم المدينة المنورة.

(20) غسل دخول المدينة المنورة.

(21) غسل دخول مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(22) الغسل لوداع قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(23) غسل المباهلة مع الخصم.

(24) غسل الاستخارة.

(25) غسل الاستسقاء.

(26) غسل من مسّ الميت بعد تغسيله.

والأظهر ان هذه الاغسال تجزي عن الوضوء ، وأما غيرها فيؤتى بها رجاءً ، ولابُدّ معها من الوضوء فنذكر جملة منها :

(1) الغسل في ليالي الافراد من شهر رمضان المبارك وتمام ليالي العشرة الأخيرة.

(2) غسل آخر في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك قريباً من الفجر.

(3) غسل الرابع والعشرين من ذي الحجة الحرام.

(4) غسل يوم النيروز ( اول أيام الربيع ).

(5) غسل يوم النصف من شعبان.

(6) الغسل في أول رجب وآخره ونصفه ، ويوم المبعث وهو السابع والعشرون منه.

(7) الغسل لزيارة كل واحد من المعصومينعليهم‌السلام من قريب أو بعيد.

(8) غسل اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة.

٧٢

( الجبائر )

الجبيرة هي : ( ما يوضع على العضو من الألواح أو الخرق ونحوها إذا حدث فيه كسر ، أو جرح ، أو قرح ) وفي ذلك صورتان :

(1) ان يكون شيء من ذلك في مواضع الغَسل كالوجه واليدين.

(2) ان يكون في مواضع المسح كالرأس والرجلين ، وعلى التقديرين فان لم يكن في غَسل الموضع أو مسحه ضرر أو حرج وجب غسل ما يجب غسله ومسح ما يجب مسحه ، واما إذا استلزم شيئاً من ذلك ففيه صور :

( الأولى ) : ان يكون الكسر أو الجرح أو القرح في احد مواضع الغسل ، ولم تكن في الموضع جبيرة بان كان مكشوفاً ، ففي هذه الصورة يجب غسل ما حول الجرح والقرح ـ والأحوط الأولى ـ مع ذلك ان يضع خرقة على الموضع ويمسح عليها وان يمسح على نفس الموضع أيضاً إذا تمكن من ذلك ، وأما الكسر المكشوف من غير أن تكون فيه جراحة فالمتعين فيه التيمم.

( الثانية ) : ان يكون الكسر أو الجرح أو القرح في احد مواضع الغسل ، وكانت عليه جبيرة ، ففي هذه الصورة يغسل ما حوله ـ والأحوط وجوباً ـ ان يمسح على الجبيرة ولا يجزي غسل الجبيرة عن مسحها.

( الثالثة ) : ان يكون شيء من ذلك في احد مواضع المسح وكانت

٧٣

عليه جبيرة ، ففي هذه الصورة يتعين المسح على الجبيرة.

( الرابعة ) : ان يكون شيء من ذلك في احد مواضع المسح ولم تكن عليه جبيرة ، وفي هذه الصورة يتعين التيمم.

( مسألة 131 ) : يعتبر في الجبيرة أمران :

(1) طهارة ظاهرها ، فإذا كانت الجبيرة نجسة لم يصلح ان يمسح عليها فان امكن تطهيرها أو تبديلها ولو بوضع خرقة طاهرة عليها بنحو تعد جزءاً منها وجب ذلك فيمسح عليها ويغسل اطرافها ، وان لم يمكن اكتفى بغسل أطرافها ، هذا إذا لم تزد الجبيرة على الجرح بأزيد من المقدار المتعارف ، وأما لو زادت عليه فإن أمكن رفعها رفعها وغسل المقدار الصحيح ثم وضع عليها الجبيرة الطاهرة ، أو طهّرها ومسح عليها ، وإن لم يمكن ذلك لايجابه ضرراً على الجرح مسح على الجبيرة ، وإن كان لأمر آخر كالاضرار بالمقدار الصحيح وجب عليه التيمم إن لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم ، وإلاّ ـ فالأحوط لزوماً ـ الجمع بين الوضوء والتيمم.

(2) إباحتها ، فلا يجوز المسح عليها إذا لم تكن مباحة ، ولو مسح لم يصح وضوؤه على ـ الأحوط وجوباً ـ.

( مسألة 132 ) : يعتبر في جواز المسح على الجبيرة أمور :

( الأوّل ) : ان يكون في العضو كسر أو جرح أو قرح ، فإذا لم يتمكن من غسله أو مسحه لأمر آخر ، كنجاسته مع تعذر ازالتها ، أو لزوم الضرر من استعمال الماء أو لصوق شيء ـ كالقير ـ بالعضو ولم يتمكن من ازالته بغير حرج ففي جميع ذلك لا يجري حكم الجبيرة بل يجب التيمم ، نعم إذا كان اللاصق بالعضو دواءً يجري عليه حكم الجبيرة ، ولو كان اللاصق غيره وكان

٧٤

في مواضع التيمم تعين الجمع بينه وبين الوضوء.

( الثاني ) : ان لا تزيد الجبيرة على المقدار المتعارف ، والا وجب رفع المقدار الزائد وغسل الموضع السليم تحته إذا كان مما يغسل ومسحه إذا كان مما يمسح ، وان لم يتمكن من رفعه ، أو كان فيه حرج ، أو ضرر على الموضع السليم نفسه سقط الوضوء ووجب التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه ، وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بينه وبين الوضوء ، ولو كان رفعه وغسل الموضع السليم ، أو مسحه يستلزم ضرراً على نفس الموضع المصاب لم يسقط الوضوء فيمسح على الجبيرة.

( الثالث ) : ان يكون الجرح أو نحوه في نفس مواضع الوضوء فلو كان في غيرها وكان مما يضر به الوضوء تعين عليه التيمم ، وكذلك الحال فيما إذا كان الجرح أو نحوه في جزء من اعضاء الوضوء وكان مما يضر به غسل جزء آخر اتفاقاً ، كما إذا كان الجرح في اصبعه واتفق انه يتضرر بغسل الذراع ، فانه يتعين التيمم في مثل ذلك أيضاً.

( مسألة 133 ) : إذا كانت الجبيرة مستوعبة للعضو ، كما إذا كان تمام الوجه أو احدى اليدين أو الرجلين مجبَّراً جرى عليها حكم الجبيرة غير المستوعبة على الأظهر ، وأما مع استيعاب الجبيرة لتمام الأعضاء ، أو معظمها ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بين الوضوء مع المسح على الجبيرة وبين التيمم.

( مسألة 134 ) : إذا كانت الجبيرة في الكف مستوعبة لها ومسح المتوضئ عليها بدلاً عن غسل العضو ، فاللازم ان يمسح رأسه ورجليه بهذه الرطوبة لا برطوبة خارجية ـ والأحوط الأولى ـ فيما إذا لم تكن مستوعبة لها ان يمسح بغير موضع الجبيرة.

٧٥

( مسألة 135 ) : إذا برئ ذو الجبيرة في ضيق الوقت اجزأه وضوؤه سواء برئ في اثناء الوضوء ام بعده ، قبل الصلاة أو في اثنائها أو بعدها ، ولاتجب عليه اعادته لغير ذات الوقت كالصلوات الآتية في الموارد التي كان تكليفه فيها الوضوء جبيرة واما في الموارد التي جمع فيها بين الجبيرة والتيمم فلابُدّ من اعادة الوضوء للاعمال الآتية ، وهكذا الحكم فيما لو برئ في سعة الوقت بعد اتمام الوضوء ، وأما إذا برئ في اثنائه فلابُدّ من استيناف الوضوء ، أو العود إلى غسل البشرة التي مسح على جبيرتها ان لم تفت الموالاة.

( مسألة 136 ) : إذا اعتقد الضرر من غسل العضو الذي فيه جرح أو نحوه فمسح على الجبيرة ثم تبين عدم الضرر فالظاهر صحة وضوئه ، وإذا اعتقد عدم الضرر فغسل ثم تبين انه كان مضراً وكانت وظيفته الجبيرة ـ فالأحوط وجوباً ـ الإعادة ، وكذا إذا اعتقد الضرر ولكن ترك الجبيرة وتوضأ ثم تبين عدم الضرر وان وظيفته غسل البشرة ، وأما إذا اعتقد الضرر في غسل العضو لاعتقاده ان فيه قرحاً أو جرحاً أو كسراً فعمل بالجبيرة ثم تبين سلامة العضو فالظاهر بطلان وضوئه.

( مسألة 137 ) : يجري حكم الجبيرة في الأغسال ـ غير غسل الميت ـ كما كان يجري في الوضوء ولكنه يختلف عنه في الجملة ، فان المانع عن الغسل إذا كان قرحاً أو جرحاً ـ سواء كان المحل مجبوراً أم مكشوفاً ـ تخير المكلف بين الغسل والتيمم ، واذا اختار الغسل وكان المحل مكشوفاً فله الاجتزاء بغسل اطرافه وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ ان يضع خرقة على موضع القرح ، أو الجرح ويمسح عليها ، وأما إذا كان المانع كسراً فان كان محل الكسر مجبوراً تعين عليه الاغتسال مع المسح على الجبيرة ، وأما إذا كان مكشوفاً ، أو لم يتمكن من المسح على الجبيرة تعين عليه التيمم.

٧٦

( التيمم )

يصح التيمم بدلاً عن الغسل ، أو الوضوء في سبعة مواضع :

( الأوّل ) : ما إذا لم يجد من الماء مقدار ما يفي بوظيفته الأولية من غسل أو وضوء ولو لكون الموجود منه فاقداً لبعض الشرائط المعتبرة فيه ، ويجب الفحص عنه على الحاضر إلى حين حصول اليأس منه ، وكذلك السعي اليه ما لم يكن بعيداً عنه بحيث يصدق عرفاً انه غير واجد للماء ، ولا يسوغ للمسافر ان يتيمم بمجرد عدم علمه بوجود الماء لديه ، بل لابُدّ له من احراز عدمه بالفحص عنه في مظانه إلى ان يحصل له الاطمينان بالعدم ، فلو احتمل وجود الماء في رحله ، أو في القافلة ، أو عند بعض المارة وجب عليه الفحص عنه ، ولو كان في فلاة وجب عليه الفحص فيما يقرب من مكانه وفي الطريق ، ـ والأحوط وجوباً ـ الفحص في المساحة التي حوله على نحو الدائرة غلوة سهم في الأرض الحزنة ( الوعرة ) وغلوة سهمين في الأرض السهلة ، ولا يجب الفحص أكثر من ذلك الا اذا اطمأن بوجوده خارج الحد المذكور بحيث لا يبعد عنه بمقدار يصدق عرفاً انه غير واجد للماء ، ويسقط وجوب الفحص عند تضيق الوقت بمقدار ما يتضيق منه وكذا إذا خاف على نفسه ، أو ماله المعتد به من لصّ ونحوه ، أو كان في الفحص حرج لا يتحمل عادة.

( مسألة 138 ) : إذا تيمم من غير فحص ـ فيما يلزم فيه الفحص ـ ثم

٧٧

صلى في سعة الوقت برجاء المشروعية لم يصح تيممه وصلاته وان تبين عدم الماء على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 139 ) : إذا انحصر الماء الموجود عنده بما يحرم التصرف فيه كما إذا كان مغصوباً لم يجب الوضوء ووجب التيمم ، والماء الموجود حينئذٍ بحكم المعدوم.

( الثاني ) : عدم تيسر الوصول إلى الماء الموجود إما للعجز عنه تكويناً لكبر ونحوه ، أو لتوقفه على ارتكاب عمل محرم كالتصرف في الإناء المغصوب ، أو لخوفه على نفسه ، أو عرضه ، أو ماله المعتد به من سبع ، أو عدو أو لص ، أو ضياع أو غير ذلك ، ولو انحصر الماء المباح بما كان في أواني الذهب والفضة ـ حيث يحرم استعمالها في الطهارة عن الحدث والخبث على الأحوط كما تقدم في المسألة (30) ـ فان امكن تخليصه منها بما لا يعد استعمالاً في العرف وجب الوضوء ، وإلاّ ففي سقوط الوضوء ووجوب التيمم اشكال.

( الثالث ) : كون استعمال الماء مضراً به ، كما إذا خاف حدوث مرض أو امتداده أو شدته ، وانما يشرع التيمم في هذه الصورة إذا لم تكن وظيفته الطهارة المائية مع المسح على الجبيرة والا وجبت ، وقد مر تفصيل ذلك.

( الرابع ) : خوف العطش على نفسه ، أو على غيره ممن يرتبط به ويكون من شأنه التحفظ عليه والاهتمام بشأنه ولو من غير النفوس المحترمة انساناً كان أو حيواناً ، ولو خاف العطش على غيره ممن لا يهمه أمره ولكن يجب عليه حفظه شرعاً ، أو يقع في الحرج بهلاكه عطشاً اندرج ذلك في غيره من المسوّغات.

( الخامس ) : استلزام الحرج والمشقة إلى حد يصعب تحمله عليه ، سواء كان في تحصيل الماء ، كما إذا توقف على الاستيهاب الموجب لذلّه

٧٨

وهوانه ، أو على شرائه بثمن يضر بحاله ـ والا وجب الشراء وان كان باضعاف قيمته ـ أم في نفس استعماله لشدة برودته ، أو لتغيره بما يتنفر طبعه منه أم فيما يلازم استعماله كما لو كان قليلاً لا يكفي للجمع بين استعماله في الوضوء وبين تبليل الرأس به مع فرض حاجته اليه لشدة حرارة الجو مثلاً بحيث يقع لولاه في الحرج والمشقة.

( السادس ) : ما إذا استلزم تحصيل الماء أو استعماله وقوع الصلاة أو بعضها خارج الوقت.

( السابع ) : ان يكون مكلفاً بواجب أهم أو مساوٍ يستدعي صرف الماء الموجود فيه كازالة الخبث عن المسجد فانه يجب عليه التيمم وصرف الماء في تطهيره ، وكذا إذا كان بدنه أو لباسه متنجساً ولم يكف الماء الموجود عنده للطهارة الحدثية والخبثية معاً فانه يتعين صرفه في ازالة الخبث وان كان الأولى فيه ان يصرف الماء في ازالة الخبث أولاً ، ثم يتيمم بعد ذلك.

( ما يصح به التيمم )

يجوز عند تعذر الطهارة المائية التيمم بمطلق وجه الارض من تراب أو رمل ، أو حجر أو مدر ، ومن ذلك ارض الجص والنورة وهكذا الجص المطبوخ ، والآجر والخزف ، ـ والأحوط الأولى ـ تقديم التراب على غيره مع الإمكان ، ويجوز التيمم بالغبار المجتمع على الثوب ونحوه إذا عدّ تراباً دقيقاً بان كان له جرم بنظر العرف وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ تقديم غيره عليه ، واذا تعذر التيمم بالأرض وما يلحق بها تيمم بالوحل وهو الطين الذي يلصق باليد ـ والأحوط وجوباً ـ عدم ازالة شيء منه الا ما يتوقف على ازالته صدق المسح باليد ، واذا تعذر التيمم بالوحل أيضاً تعين التيمم بالشيء المغبر ـ أي ما يكون الغبار كامناً فيه ـ أو لا يكون له جرم بحيث يصدق

٧٩

عليه التراب الدقيق ـ كما تقدم ـ واذا عجز عنه أيضاً كان فاقداً للطهور وحينئذٍ تسقط عنه الصلاة في الوقت ويلزمه القضاء خارجه.

( مسألة 140 ) : إذا كان طين وتمكن من تجفيفه وجب ذلك ولا تصل معه النوبة ، إلى التيمم بالطين أو الشيء المغبر ، ولا بأس بالتيمم بالأرض الندية وان كان الأولى ان يتيمم باليابسة مع التمكن.

( مسألة 141 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ اعتبار علوق شيء مما يُتيمم به باليد فلا يجزي التيمم على مثل الحجر الاملس الذي لا غبار عليه.

( مسألة 142 ) : لا يجوز التيمم بما لا يصدق عليه اسم الأرض وان كان اصله منها كالنباتات ، وبعض المعادن كالذهب والفضة ، ورماد غير الأرض ونحوها ، واذا اشتبه ما يصح به التيمم بشيء من ذلك لزم تكرار التيمم ليتيقن معه الامتثال.

( كيفية التيمم وشرائطه )

( مسألة 143 ) : يجب في التيمم أمور :

(1) ضرب باطن اليدين على الأرض ، ويكفي وضعهما عليها أيضاً ، ـ والأحوط وجوباً ـ ان يفعل ذلك دفعة واحدة.

(2) مسح الجبهة ، وكذا الجبينين ـ على الأحوط وجوباً ـ باليدين من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى والى الحاجبين ـ والأحوط الأولى ـ مسحهما أيضاً.

(3) المسح بباطن اليد اليسرى تمام ظاهر اليد اليمنى من الزند إلى اطراف الاصابع ، والمسح بباطن اليمنى تمام ظاهر اليسرى ـ والأحوط وجوباً ـ رعاية الترتيب بين مسح اليمنى واليسرى.

ويجتزئ في التيمم سواء كان بدلاً عن الوضوء ، أم الغسل بضرب

 

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

المجتمع ، مثل :

( إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) (١) .

ومثل هذه التعابير كثيرة في آيات القران والروايات الاسلامية ، وفي جميعها اعتبر « العلماء » فئة خاصة تقع عليها مسؤولية جسمية في المجتمع. اذن ، لا شك في وجود فئة معيّنة في الامة الاسلامية باسم « الروحانيون » او بالتعبير الاسلامي « العلماء ».

من المنظار الاسلامي

ان ظاهرة التخصص امر طبيعي في العلم ( خصوصاً في عالمنا المعاصر ) ، وهذا التخصص يرفع من مستوىٰ الاعمال ويجعلها متّقنة ودقيقة للغاية ، كما انه لا يمكن لاحد ان يتخصص في اكثر من مجالين كأقصىٰ شيء. وفلسفة هذا التقسيم والتخصيص واضحة ايضاً ، لان تطور العلوم واتّساعها يجعل من الصعب علىٰ الشخص الإلمام بجميع العلوم ، مثل : الطب والنهدسة والفيزياء والكيمياء والزراعة والخياطة والتجارة الخ.

اذن لا بدّ ان يقسم المجتمع الىٰ فئات ومجموعات مختلفة في تخصصها واعمالها ، ولهذا تجد ظهور مختلف الفئات علىٰ مدىٰ آلاف السنين

________________

(١) سورة فاطر : ٢٨.

٤٢١

من تاريخ البشرية ، مع ان هذه التقسيمات اصبحت اكثر بروزاً في عصرنا الحاضر وادقّ من الناحية العلمية ، اذن وفيما يتعلق بالدين والايديولوجية الاسلامية فنحن بحاجة الىٰ فئة متخصصة في معارفه وعلومه التي تشمل جميع مجالات الحياة ، ومن خلال هذه الفئة نستطيع توجيه وقيادة المجتمع أيديولوجياً ، وضمان المتطلبات الحياتية للأمة ، لانه وكما هو الحال مع سائر المواضيع التي يحتاجها المجتمع ، لا يستطيع كل شخص ان يجتهد بنفسه في المسائل الاسلامية ويتبحّر فيها.

اصدقائي الاعزاء !

ومع الاخذ بما قلته من ضرورة التخصص في العلوم باعتبارها ضرورة عصرية تتطلبها سعة العلوم وتعقيدات الحياة ، فان المسائل الدينية والايديولوجية ايضاً تحتاج الىٰ اشخاص مختصين بالمعارف الدينية ومتفقهين فيها وهؤلاء هم « الروحانيون » او حسب التعبير الاسلامي « العلماء » ، ولكن كيف قبلتم بوجود متخصصين في جميع الفروع ، مثل : الطب والهندسة والاقتصاد والاجتماع والقانون واعتبرتموه ضرورة لابد منها ، بينما عندما وصل الامر الىٰ المعارف والعلوم الاسلامية تساءلتم عن فلسفة ظهور هذه الفئة التي تسمىٰ بـ « العلماء » ؟

بيضاوي : الفارق بين الاسلام والمجالات التي ذكرتها مثل الطب ، هو ان الدين يخص جميع الناس.

الشيخ : ايّها السيد بيضاوي ، أليس الطب ايضاً لجميع الناس والكل

٤٢٢

بحاجة اليه ؟! وما هو وجه التمايز في ذلك بين الدين والمجالات الاخرىٰ ؟! وكون الدين لكل الناس ، لا يعني ان كل الناس يستطيعون ان يلمّوا بجميع جوانبه ويطعلوا علىٰ كل معارفه ، وبحيث يمكنهم تقديم اجوبة لكل ما يواجههم في حياتهم من تساؤلات دينية لان هذا الامر غير ممكناً. ولهذا ظهرت الحاجة الىٰ فئة خاصة في المجتمع الاسلامي متخصصة في المعارف الاسلامية تسمىٰ بـ « الروحانيين » او « العلماء ».

الاساس هو التخصص العلمي لا الملابس

ولابدّ هنا من التذكير بهذه النقطة ، وهي ان البحث عن الروحانيين يستهدف تخصصهم العلمي بعنوان فئة معيّنة في المسائل الاسلامية وننظر فيه الىٰ ملابسهم ، وهذا ما امر به القرآن من تفقه مجموعة من الاشخاص في الدين ، وما املته الضرورات الاجتماعية والعلمية ، بهذا الشكل ظهرت شريحة الروحانيون او العلماء ، اما الملابس فهي قضية عرضية وليست في القضايا الاسلامية ، لكنهم حساسون من ملابس العلماء ، لانه وكما يعبر عن ذلك الدكتور شريعتي ، هذه الحساسية تشبه الحالات النفسية التي تعاني منها المرأة الحامل.

أي انه نوع من الشعور الفردي ، لا علاقة لنا به.

٤٢٣

ملابس الروحانيين

اصدقائي الاعزاء !

اساس بحثنا حول العلماء ، هو التخصّص العلمي الذي يمتلكوه في المسائل الاسلامية وليست الملابس ولكن هناك حقيقة اُخرىٰ تواجهنا وهي الحساسية من نوع ملابسهم ، لانه :

اولاً ـ اذا كان الآخرون احراراً في اختيار ملابسهم وتراهم احياناً يجعلون الغرب قدوتهم في ذلك ، فلماذا نسلب هذا الحق من العلماء ، ونطالبهم بعدم لبس العمامة والجبة والعباءة ؟!

وكونهم يلبسون ما يرونه مناسباً لهم ، فقد جعلوا الرسول الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة المعصومينعليهم‌السلام اسوتهم في الملابس ، لانه وحسب الوثائق التاريخية والاسلامية ، ليس هناك شك من انهم كانوا يلبسون العمامة والعباءة والملابس الطويلة ، ومع ذلك فالعلماء احرار في اختيار نوع ملابسهم ، والنموذج الذي اختاروه هي تلك الملابس المحلية التي كان يرتدي مثلها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة المعصومونعليهم‌السلام من بعده ، وقد ذكرناها بأنها محلية لانه ليست في الاسلام ملابس خاصة.

ثانياً ـ موضع امتلاك كل مجموعة متخصصة نوع محدد من الملابس ، هي قضية مطروحة في عالمنا الحاضر ، وهذا الامر يسهّل وصول الناس لهم ، كالاطباء والممرضين الذين يرتدون لون محدد من الملابس ، لذلك يمكن لمراجعي المستشفيات التعرف عليهم ببساطة ، وهكذا بالنسبة للعلماء فزيّهم

٤٢٤

المعروف يسهل عملية رجوع الناس اليهم لمعرفة احكام الشريعة.

ثالثاً ـ وجود زيّ خاص ، وبالخصوص في عصرنا الحاضر ، يعد حائلاً امام تلبس كل مخادع ومتمايل بثياب العلماء ، ولو حذف هذا الزي ، فان عملية ادعاء كل خائن ومزيف بأنه من العلماء والروحانيين ، ولأزداد عدد المنحرفين والمزيفين بين فئة العلماء ـ مع وجود قلتهم حالياً ـ فلماذا كل هذا التحسس من زيّ العلماء ، مما ينتهي الىٰ نتائج لا تحمد عواقبها.

الروحاني الحقيقي

حسن ، الطالب الجامعي : يا عمّ ! كلامك حول العلماء منطقي تماماً ، ونحن نقبله ابتداءً ، ولكن هل انت تدافع عن جميع الروحانيين ؟! في حين ان اكثرهم يعانون من نقاط ضعف كثيرة وفي بعض الاحيان اضروا بالاسلام كثيراً.

الشيخ : أبداً ، انا لا ادافع عن العلماء بشكل مطلق ، لان هذا العمل لا يرتضيه الاسلام ولا قادته ، كما لا يقبل به العقل والمنطق السليم.

وما اقصده هنا هو بيان هذه الحقيقة وهي : ان انتقاد الروحانيين بشكل عام وكلّي بعيد عن المنطق والانصاف ، وهنا أيضاً ذكر مقولة للدكتور علي شريعتي ، حيث يقول في احدىٰ خطاباته :

« المستقلّون فكرياً ، والذين يصدرون الاحكام بعد بحث وتمحيص يعلمون جيداً الدور الذي لعبه العلماء والدين والمسجد والبازار في انتفاضات

٤٢٥

وثورات القرن الاخير ، ولابدّ ان تعلموا انه انه لا يوجد في الاسلام جهاز روحاني موحّد كما هو الحال في المسيحية ، حتىٰ يمكن الحكم عليه بشكل عام ، بل العلماء في الاسلام ، هم نخبة طبيعية من الجماهير والمجتمع ، ولكل واحد منهم شخصيته المستقلة ، لذا لا يوجد في الاسلام طبقة موحّدة ومنظّمة باسم « الروحانية » ، فالحديث عنها والحكم عليها ، لا يكون إلّا بسبب الجهل بها.

وعلىٰ الرغم من وجود اشخاص منحطّين ، وحتىٰ عملاء للسلطة بينهم ، إلّا انه ليس من المنطق مقارنتهم بتشكيلات الروحانية المسيحية الوسطىٰ »(١) .

نعم ، هناك حقيقة قائمة وهي ان العلماء تيار استمر علىٰ مدىٰ تاريخ الاسلام وسيبقىٰ مستمراً ، وان الذي يريد مهاجمته بشكل عام دون تمييز ، يكون قد انحرف وزلّ عن الطريق القويم ، كما ان المدافعين عنهم دون قيد او شرط مخطئون أيضاً ، مع ان القرآن والروايات امتدحت العلماء والروحانيين وحظوا بتفضيل من قبل الله عزّ وجلّ.

لكن تبقىٰ هذه الحقيقة في الاسلام ، وهو ان قيمة العالم ومكانته تكون في تحمله لمسؤولياته الجسمية والوفاء بعهده والتزاماته امام الله عزّ وجل ، فلو انحرف عن هذا الطريق سيكون من اسوء الناس ، كما يقول امير المؤمنين الامام عليعليه‌السلام :

« العلماء اُمناء الله علىٰ حلاله وحرامه مالم يأتوا أبواب السلاطين » .

________________

(١) « القاسطين والمارقين والناكثين » : ٢٤١.

٤٢٦

أو ما حدد الرسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله من وظيفة للعلماء وهي مكافحة البدع والقوانين الباطلة ، من خلال توعية الناس وارشادهم ، ثم اضاف :

« إذا ظهرت البدع فعلىٰ العالم ان يظهر علمه وإلّا فعليه لعنة الله » .

وعندما سُئِل الامام عليعليه‌السلام : مَن خير الخلق بعد ائمة الهدىٰعليهم‌السلام ؟

قال : العلماء اذا صلحوا.

قيل : فمن شرار خلق الله بعد ابليس ؟

قال : العلماء اذا فسدوا(١) .

أو كما يقول القرآن الكريم :

( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) (٢) .

ومع الأخذ بهذه الحقائق والعديد من النماذج الاسلامية الاُخرىٰ فيما يتعلق بموضوع بحثناً ، لا يمكن لي ولا لأي مسلم مطّلع علىٰ الاسلام واحكامه ، ان يدافع عن الروحانيين بشكل مطلق لأنّ مثل هذا العمل لم يقم به أي مدافع علىٰ الاسلام ، ولا يقبل به المنطق والعقل أيضاً.

والعلماء الشيعة علىٰ قسمين ( رغم انه لا يمكن مقارنتهم بعلماء اهل السنة ) :

________________

(١) تفسير البرهان : ١ / ١١٨.

(٢) سورة البقرة : ١٥٩.

٤٢٧

القسم الاول :

رسالي وملتزم ومسؤول ومجاهد ، يقف علىٰ الدوام بوجه الطغاة وينصر المظلومين ، وهؤلاء هم الذين نذروا حياتهم للمحرومين وفي سبيل الله ، ومن اجل ارشاد الناس الىٰ الله ، فدخلوا السجون ، وتحمّلوا التعذيب وصعوبات كثيرة ، وارتقىٰ بعضهم اعواد المشانق ونال الشهادة ، وهؤلاء هم المنادون بالحق والوارثون للانبياء ، فهم العلماء والروحانيون الذين يمتدحهم القرآن الكريم والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والائمةعليهم‌السلام في الآيات والاحاديث ، وهم الذين يقول فيهم أمير المؤمنين عليعليه‌السلام :

« وما اخذ الله علىٰ العلماء ان لا يقاروا علىٰ كظة ظالم ولا سغب مظلوم »(١) .

أجل ، هؤلاء هم العلماء والروحانيون الحقيقيون ، الذين يجدر بي وبغيري ان ندافع عنهم.

القسم الثاني :

وهم الأقلية التي نست وظيفتها ومسؤوليتها ، وباعت دينها بدنياها ، اولئك الذين نسوا مكانتهم عند الله والناس ووقفوا بجانب الجبابرة أو هيّئوا الأرضية لتعدّي الجبابرة والظلمة علىٰ حقوق الناس والقانون من خلال حيادهم ووقوفهم موقف المتفرّج على ما يحدث في المجتمع.

________________

(١) نهج البلاغة.

٤٢٨

هؤلاء لا يجدر بنا ان نسمّيهم علماء أو روحانيون ، وليست لهم أية كرامة او مكانة جليلة ، بل هم من الذين شخّصهم الحديث النبوي الشريف ، « رأوا الفتنة ولم يظهروا علمهم ، فعليهم لعنة الله ».

اغلبية أم اقلية ؟

حسن ، الطالب الجامعي : نشكرك علىٰ بيانكم الجميل والمنطقي ، ولكن ، هل لكم ان تقولوا لنا رأيكم في الاغلبية منهم ؟

الشيخ : برأيي ان الاغلبية تقريباً هي ضمن الاتجاه الصحيح او قريبة منه ، لان اكثر الروحانيون هم من طلاب الحوزة المضحّين والاتقياء ، الذين يعيشون ظروفاً معيشية صعبة ( مقارنة بالاخوة طلاب الجامعات ) ـ علىٰ الرغم من ان حقوق الفئتين « الحوزويين والجامعيين » مهدورة كباقي فئات المجتمع ـ.

واكثر الطلبة الحوزويين يفتقدون ابسط لوازم الدراسة من المدارس نفسها حتىٰ الاقسام الداخلية والامكانيات الرياضية واماكن النزهة المكتبات ، لكنهم علىٰ الرغم من ذلك جادون في دراستهم وطلبهم للعلم وبناء شخصيتهم الروحية لكي يتحملوا في المستقبل مسؤوليتهم الجسمية ( التي يشعر بها ويعيها العديد منهم ).

وما عدىٰ هذه الاغلبية ، هناك بين الروحانيين الآخرين ، خاصة الوعاظ منهم ، عدد لا بأس به ممن يأخذ علىٰ عاتقه مسؤولية تربية الناس وارشادهم فكرياً.

٤٢٩

ولكن ، بني حسن ، أنت طالب جامعي ، وعندما نقول : « وعاظ » أو « علماء رساليون » تتصور مستوىٰ معين من الفكر ، وكأن جميع الناس في هذا البلد طلاب جامعين مثلك ، في حين ان هذه التصور خاطئ ؛ لانه يجب ان لا ننسىٰ وجود نسبة كبيرة واكثرية محرومة وفقيرة في بلادنا ، وهؤلاء يحتاجون الىٰ لغة اخرىٰ في الخطاب ، غير لغة المثقفين والجامعيين ، هؤلاء بحاجة الىٰ من يخاطبهم بلسانهم ، والروحانيون يمتلكون هذه القدرة في الخطاب لانهم من ابناء هذا الشعب المحروم وقريبون منه ، ولان شعبنا متدين يسمع لحديث اهل الدين والعلماء ، لان الدين عنده متأصّل في الاعماق ، فلماذا ننسىٰ هذه الاغلبية المحرومة ونتركها فريسة للأعلام والتضليل الاستكباري الكافر.

ان نجاح اية حركة ثورية او اصلاحية هي رهن نفوذ افكارهم وعقائدها في الجماهير الحقيقية وتحريكها ، فليس هناك شك في ضرورة الاستفادة من هذه القوة الجماهير الجبابرة لخدمة الاسلام والمسلمين المحرومين ، فهل يستطيع العلماء الذين يتكلمون بلغة المثقفين والجامعيين القيام بهذه المهمة ؟! وهل تستطيع تلك الجماهير المسلمة القروية فهم ما يقوله اولئك العلماء الذين يتحدثون بلغة النخبة ؟ طبعاً لا ، اذن ، ومن اجل توعية تلك الجماهير التي جعلتها سياسات المستعمر متخلّفة فكرياً ، لابدّ م الاستفادة من روحانيين يتكلمون لغة بسيطة وليسوا من الطراز الأول ، وهؤلاء الروحانيون هم الذين يمدون جسور العلاقة مع تلك الجماهير المليونية وتوجههم نحو مسيرة الكلمال.

أجل يا بني العزيز حسن ، لا تنسىٰ ان شعبنا ليس جميعه طلاب

٤٣٠

جامعات ، كما ان العلماء الذين يستطيعون مخاطبتهم بلغتهم ليسوا اولئك العلماء الذين يؤمنون في التكامل مع الجامعيين ومتطلباتهم الايديولوجية.

وعلىٰ هذا الاساس فإن عدداً قليلاً من الروحانيين ، لا يؤمنون بأي عمل ، أو انهم يقومون بدور سلبي ، مخالف لما اوجبته عليهم الرسالة ، وهؤلاء الاقلية كما يعبّر عنهم الامام العسكريعليه‌السلام : « هم اضرّ علىٰ ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد عليه اللعنة والعذاب علىٰ الحسين بن عليعليه‌السلام واصحابه »(١) .

دور العلماء في حركة الانسان التكاملية

بيضاوي : ايّها الشيخ ، مع اننا فهمنا من خلال كلامكم دور العلماء والمسؤولية الملقاة علىٰ عاتقهم ، لكنني اود ان اتعرّف علىٰ الخدمات التي قدموها والالتزامات التي انجزوها.

الشيخ : ان دور العلماء الحقيقيين يمكن تلخيصه بأن طريقهم طريق الانبياء ومسؤولياتهم تجاه الناس هي من نفس نوع مسؤولية الانبياء ، اي ان مسؤوليتهم هي ارشاد وقيادة المجتمع نحو الله والتكامل وتعبئة الناس للتطور وتطبيق النظام التوحيدي الذي تضمن فيه العدالة والمساواة والنمو الفكري والعلمي والثقافي ، والاستفادة العادلة من جميع الامكانيات والقدرات الالهية والمصادر الطبيعية لجميع البشر.

بعبارة اخرىٰ تحريك الجتمع لتكامل شامل ، مادي ومعنوي وعلمي

________________

(١) تفسير البرهان : ١ / ١١٨.

٤٣١

وانساني ، ولانه من الطبيعي ان يصطدموا في هذا المسير مع قوىٰ مستبدة وموانع ، كان من الضروري ان يعبئوا جميع الامكانيات والطاقات لازالة هذه الموانع الشيطانية والاستمرار في المسيرة ، وبهذا الشكل تكون مسؤولية العلماء الاساسية هي توعية الناس وترشيدهم لاقامة نظام الهي وحكومة اسلامية تضمن للجميع امكانيات التعالي والرقي من خلال القسط والعدل الاسلامي ، وكذلك محاربة الحكومات المستبدة والطاغوتية من اجل اجتثاثها وارساء اسس نظام اسلامي عادل علىٰ انقاضها.

حسن ، الطالب الجامعي : هذه المسؤولية التي رأيتموها للعلماء ، هي من اسمىٰ الاعمال التي يقوم بها العالم ويسعىٰ اليها ، ولكن هل هناك من العلماء من قام بخطوات حقيقية في هذا الطريق ؟

الشيخ : تاريخ العلماء علىٰ مدىٰ قرون يثبت ذلك.

اصدقائي الاعزاء !

الكلام عن العلماء الحقيقيين والدور الذي قاموا به ، يدعونا الىٰ العودة للتاريخ ، ومن هناك يمكننا فهم قيمة التضحيات التي قدموها في سبيل الاهداف الكبرىٰ والانسانية وفي سبيل مسيرة التكامل التي حدد معالمها الانبياء ، لان تاريخ كفاح ومقارعة « علماء الشيعة » للجبابرة في عصرهم ومن اجل اقامة الحكم الاسلامي يعود الىٰ ما بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله مباشرة ، ولان أباذر والمقداد وسلمان وعمار ومن تلاهم من امثال حجر بن عدي وعمرو بن الحمق وسعيد بن جبير من شهداء الاسلام الاوائل ، جميعهم من علماء

٤٣٢

الاسلام ، ولم يكونوا مسلمين عاديين.

أجل ان تاريخ علماء الشيعة الحقيقيين ، هو طريق يمرّ بين النار والدماء ومستمر هكذا الىٰ الآن ، ولو اردنا حساب عدد شهداء الاسلام من العلماء الشيعة ( دون الذين سقطوا في فترة حياة الائمةعليهم‌السلام ) لتجاوز عددهم المئات ، وفي ذلك يمكنكم الرجوع الىٰ كتاب « شهداء الفضيلة » للعلامة الامينيرحمه‌الله ، الذي ذكر فيه بالتفصيل شهداء علماء الشيعة علىٰ مدىٰ التاريخ ، مع انه اختار فقط كبار العلماء الذين كانوا يجارون علماء عصره ، ولو اضفنا الىٰ ذلك سائر طلاب العلوم الدينية والفضلاء الذين سقطوا شهداء في مواجهات مع قوىٰ البغي ، لأرتفع العدد كثيراً جداً.

الحفاظ علىٰ مصادر الثقافة الاسلامية

ان اهم ما قام به علماء الشيعة علىٰ مدىٰ تاريخهم هو حفظهم وصيانتهم بأحسن وجه لتراث الشيعة الثقافي والمصادر الاولية للأيديولوجية الاسلامية ، وقد استطاع علماء الشيعة جمع مصادر التشريع الاسلامية الاساسية ( باستثناء القرآن ) والحفاظ عليها ، ويُعد نهج البلاغة واحداً منها. وبتأمّل بسيط لأمكانيات ذلك العصر والوسائل المتاحة في السفر والتنقل بالاضافة الىٰ الضغوطات التي كان يواجهها علماء الشيعة من اخوانهم السنّة وحكوماتهم ، لعرفنا قيمة ما انجزه علماء الشيعة الكبار الاوائل ، والجهد الذي بذلوه لحفظ التراث الاسلامي الصحيح ، من خلال جمع وتأليف اهم الكتب الحديثية والفقهية والتفسيرية والعقائدية مثل : اصول الكافي ، وفروع الكافي

٤٣٣

ومن لا يحضره الفقيه ، والتهذيب ، والاستبصار ، ومئات الكتب الاُخرىٰ ، وأن الفضل الذي جعلنا اليوم نمتلك العديد من الكتب التي تتناول مختلف المسائل الاسلامية يعود الىٰ تلك المصادر الأوّلية التي جمعها وكتبها وحفظها اولئك العلماء الافاضل ، الذين بذلوا جهوداً جبارة في تأليفها وتحمّلوا صعوبات جمّة في حفظها الآن.

أليس من غير الانصاف ، ان نتساءل ونحن نرىٰ ما تركوه لنا من تراث : ما الذي فعله العلماء لنشر ثقافة الاسلام الاصلية ؟! في حين انه لا يعلم ان كل ما يكتب اليوم وينتشر ما هو إلّا اقتباس واستنباط من تلك المصادر الأولية التي جمعها وألفها وحفظها علماء الاسلام اولئك.

فأحدىٰ الاساطير تقول ان سمكة كانت تسبح وسط الماء وهي تقول : « من قال ان السمكة لا تستطيع ان تعيش خارج الماء » ؟ أو مثل الشخص الذي يقوم بطبخ مواد أوّلية جمعها آخرون بعناء من اماكن بعيدة ونائية وبعد ان يشعر بنشوة اللذة ينسىٰ اولئك الذين هيّئوا له تلك المواد ويتجاهلهم ! فالذين يقفون من العلماء مثل هذه المواقف يفقدون لصفة الانصاف والعدل ، وللأسف الشديد تلاحظ هذه الصفة حالياً بيننا ، فبعض الاشخاص ومن خلال بعض الخدمات التي يقدمونها ، يقومون بتجاهل خدمات الآخرين وانجازاتهم ، في حين ان القرآن يأمر المسلمين الجدد باحترام المسلمين الاوائل واعطاءهم حق السبق في الايمان والسعي لتحقيق الاهداف الربانية ، يقول القرآن في هذا الصدد :

( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ) (١)

________________

(١) سورة الحشر : ١٠.

٤٣٤

العلماء والحركات الثورية

من أهم الاصعدة التي يبرز فيها دور العلماء والرساليون هي الحركات الثورية في المنطقة الاسلامية ، للحد الذي يمكن القول ، انه ليست هناك ثورة في البلدان الاسلامية ، إلّا وكان للعلماء الحقيقيين فيها دور القيادة ، او ادوار حساسة ومهمة جداً ، وهذه حقيقة يمكن دركها من خلال الرجوع الىٰ تاريخ البلدان الاسلامية سواءً في آسيا او افريقياً.

ولإثبات هذه الحقيقية ، ليست هناك حاجة للرجوع الىٰ القرون الاولىٰ من التاريخ الاسلامي ، بل نستقرىء تاريخنا المعاصر وبالتحديد القرن الذي نعيش فيه ، فهناك ، فهناك شخصيات علمائية ثورية كثيرة ظهرت في هذا القرن وتولت قيادة ثورات وانتفاضات عظيمة في تاريخنا السياسي المعاصر ، مثل آية الله الميرزا الشيرازي الكبير ، قائد ثورة التنباك ، والسيد جمال الدين الاسد آبادي ( الافغاني ) وآية الله الشيخ محمد تقي الشيرازي الذي اصدر فتوىٰ الجهاد ضد الانجليز في العراق ، بالاضافة الىٰ العديد من العلماء والمجتهدين الذين توجهوا بأنفسهم الىٰ ساحات القتال آنذاك حتىٰ حصلوا علىٰ استقلال العراق ، وآية الله السيد شرف الدين العاملي ، قائد الشيعة في حروب استقلال في لبنان ، والذي كان يشارك في القتال بنفسه ، حتىٰ ان احد ابناءه استشهد في احدىٰ المعارك التي كان يقودها هو ، او الميرزا كوچك خان الذي قادر ثورة الغابة في منطقة جيلان في ايران ، او العلماء الذين قادوا ثورة الدستور سنة ١٩٠٦ و الخ حتىٰ يصل الامر الىٰ شمس هذا العصر الساطعة

٤٣٥

والشخص الذي لا يمكن معرفة قيمة تحركه الثوري والاسلامي إلّا بمرور الزمان وكذلك الشخصيات الاخرىٰ التي سارت خلفه في هذه الثورة الاسلامية المباركة منذ البداية.

أجل ، لقد كانت الروحانية الحقيقية هي الركن الذي تستند اليه الجماهير المسلمة او المحرومة في مقارعتها للأنظمة الجائرة ، فكان العلماء هم المدافعون عن القانون الالهي والمسلمين علىٰ مدىٰ التاريخ الاسلامي ، ونظراً لسعة مجال البحث وعدم امكانية سرد مختصر لكل الثورات والانتفاضات التي قادها العلماء ، لذلك سنكتفي بملخص لقصة التنباك.

فتوىٰ تحريم التنباك

قامت حكومة الملك ناصر الدين شاه القاجاري ، الظالمة والمستبدة في سنة ١٨٩٠ بأعطاء امتياز احتكار في بيع وشراء التنباك لشركة بريطانية بأسم جي. اف طالبوت(١) ، وهذا العقد الذي وقع في ٩ آيار من نفس السنة في السفارة البريطانية بطهران ، كان في الحقيقة وثيقة لتسلط الاجانب علىٰ الشعب الايراني اقتصادياً وسياسياً ، وبواسطة هذه الوثيقة كانت بريطانيا تستطيع بسط سيطرتها علىٰ جميع الاراضي الزراعية ، وبالاضافة الىٰ عشرات المفاسد السياسية والاقتصادية والثقافية ، وكان بامكانها اجراء سياسة المحصول الواحد بالتدريج ، وبهذه الطريقة يتهيء الوضع لسلطة المستعمر علىٰ البلاد بشكل عام.

________________

(١) G. F.Talbot

٤٣٦

وفي تلك الظروف الحساسة ، قام المرجع آية الله الشيرازي الكبير ، باصدار فتواه التاريخية ، بعد ان أحسّ بالخطر المحدق وادرك مسؤوليته الجسمية في درء الخطر ، فحرّم استعمال التنباك ، لقد استطاع الشيرازي الكبير ان يقلب المعادلة سطر واحد ، فلم يعد استعمال التنباك محضوراً في المدن الايرانية جميعها ، بل وصل الامر الىٰ بيت الملك نفسه الىٰ نسائه وخدمه ، وكانوا يقولون له بصراحة ان استعمال التنباك حرام.

لقد كانت الحركة التي قام بها المرجع الشيرازي مباغتة للملك ناصر الدين شاه ، واسياده البريطانيين إلى الحدّ الذي اذهلتهم ، فحاولوا بشتىٰ الطرق مواجهتها ، فتارة بالتطميع وتارة بالتهديد ، ولقد طلب الشاه مراراً من المرحوم آية الله الاشتياني قائد الحركة في طهران ان يستعمل ( النارجيلة ) لكي ينقض عملياً فتوىٰ المرجع الشيرازي ، لكنه لم يستسلم امام تهديد وتطميع الشاه ! وقال : « لن استعمل التنباك إلّا ان يفتي الميرزا الشيرازي بذلك » ، فاظطر ناصر الدين شاه في النهاية الىٰ الغاء ذلك العقد ، وعاد للناس مرّة ثانية الحق في زرع وبيع وشراء التنباك ، وقد دفعت الدولة مبلغ نصف ميلون جنيه استرليني من اموال الشعب المسكين ، كغرامة مالية لشركة طالبوت(١) .

وحول فتوىٰ تحريم التنباك ، يقول احد الكتاب المشهورين :

في القرن التاسع عشر ، كانت البلاد الاسلامية تعيش حالة ثورة عامة وغير منظمة ضد الاستعمار والتسلط الغربي ، وكانت هذه الثورات جماهيرية وبقيادة العلماء المسلمين ، ففي ايران قامت ثورة التنباك التي لا زلنا لا نعرف

________________

(١) ثورة ايران ، تأليف ادوارد براون.

٤٣٧

قيمتها الحقيقية ! لقد بدأت هذه الثورة بفتوىٰ قصيرة من الميرزا حسن الشيرازي ، وكان اصدار تلك الفتوى بتأثير رسالة السيد جمال الدين التي بعث بها الىٰ المرجع الشيرازي وحذره فيها من ان القضية ليست مجرد تنباك ، فهؤلاء اي البريطانيين ـ لا يريدون تنباكنا فقط ، بل يريدون عزتنا واستقلالنا ووجودنا واصالتنا ! لقد شيّدوا في طهران بناية للشركة ، انظروا اليها ! فلماذا هذا الحصار الكبير والحيطان التي يبلغ ارتفاعها عدة امتار ؟ فالتنباك لا يحتاج الىٰ مثل هذه القلاع ، والحقيقة ان هذه قواعد سياسية وعسكرية وليست مجرد شركات.

لقد احسّ الميرزا الشيرازي بالمسؤولية ، فأعلن فتواه انظروا كيف ان الدين والدينا لا يقبلان الفصل في الاسلام ! وانه لا يمكن اساساً التفريق بينها ، وكيف ان الاستعمار نجح في القاء تلك الاكذوبة في افواهنا ، وكيف قام بعض المثقفين بترديدها دون وعي ، يتصورون انهم يقومون بدور المثقفين الاوروبيين مقابل الكنيسة ، غافلين من هذا القياس مع الفارق.

أمّا فتوىٰ الشيرازي الكبير ، فهذا نصّها :

« من الآن استعمال التنباك بأي نحو كان في حكم محاربة امام الزمان عج » !

الامير كامران ميرزا ولي العهد ووزير الحرب ( الدفاع ) يقول لاحد غلمانه : جئني بالنارجيلة ! لكن الغلام لا يطيع ! فيطلب ذلك من زوجته ، إلّا انها هي الاخرىٰ تمتنع ! لقد حطم حرم الملك في يوم واحد جميع ادوات استعمال التنباك ، علىٰ اساس فتوىٰ المرجع الشيرازي ! ألم تكن المقاومة السلبية التي قام بها غاندي بعد ذلك بتأثير وايحاء من هذه الحركة ؟ لقد كانت حركة الميرزا الشيرازي ضد الاستعمار الاقتصادي الذي دخل ايران بواسطة

٤٣٨

شركة رجي ( شبيهة بشركة الهند الشرقية في شبه القارة الهندية ) ، حركة مقاومة سلبية ، فلم يقاتل احد ولا قام شخص بعمل ، والعمل الوحيد الذي قاموا به هو انهم لم يستعملوا التنباك واضربوا عنه ، هذه الحركة اجتثت اول نبتة استعمارية غرسوها وارادوا لها ان تتأصّل في عمق ارضنا ، وقد صرفوا الملايين لكي يسيطروا بالتدريج علىٰ اسواقنا وثرواتنا ، ورأيتم كيف ان فتوىٰ مختصرة قلبت المعادلة ووعت الناس وافهمت الاجنبني بحراجة موقفة ، وفي ذلك الوقت لم يكن شعبنا مثقفاً ؟

وبعد هذه الثورة قام غاندي بحركة المقاومة السلبية ضد المنتوجات البريطانية في الهند ، في جميع انحاء الهند ، فاستطاع شل حركة الاستعمار البريطاني ، وبذلك فقدت بريطانيا تلك المنطقة الغنية بمصادرها وهي في ذروة قوتها.

فالاستعمار يستمر بالحياة وينمو عندما يكون اهل المناطق المستعمرة مستهلكين لبضاعة ومنتوجاته ، ولو قام هؤلاء ، ولم يبقوا علىٰ بضائعهم ، لمات الاستعمار ، فالمستعمرون قاموا في البداية بتشويه حضارتنا ومن ثم صعدوا علىٰ اكتافنا(١) .

العلماء الرساليون في جميع الجبهات

ومن خلال ذلك التوضيح الذي قدمناه ، تبين ان الروحانيين الرساليين

________________

(١) « اقبال » : ٥٩.

٤٣٩

فقط ، هم الذين سجلوا حضروهم علىٰ جميع الميادين والجبهات : الايديولوجية والثقافية والاسلامية وفي مجال الهداية وفي مجال جمع وصياغة المصادر الاسلامية في التشريع وفي مجال مقارعة الظلمة والمستعمرين ، وفي حروب الاستقلال التي خاضتها اغلب البلدان الاسلامية ، وفي النهاية من اجل تطبيق النظام التوحيدي والحكومة الاسلامية في المجتمع ، ولم يكن حضورهم في هذه الميادين والجبهات عادياً بل كانوا القادة والطليعة في التحرك.

ولقد استطاع العلماء الرساليون حفظ ونشر المعتقدات الاسلامية علىٰ مدىٰ كل هذه القرون ونقل هذا التراث الفكري والعقائدي من نسل الىٰ آخر ، بحيث لا يشك اي انسان منصف بأن العلماء الرساليين هم الذين كانوا السبب في بقاء الاسلام وعلومه وثقافته بعد زمن الائمة المعصومينعليهم‌السلام وحتىٰ يومنا الحاضر ، فكانوا من جهة يحرسون الثقافة الاسلامية ويحافظون عليها ، ومن جهة اخرىٰ يردون علىٰ الافتراءات والاباطيل التي ينشرها الآخرون ضد الاسلام والتشيع ، فكتبوا في ذلك مئات الكتب واقاموا عشرات المحاججات والمناظرات ( واكثرها موجود لحد الآن ) ، وقد نُشر بعضها علىٰ يد بعض الكتاب المعاصرين فتلقفها الناس وتصوروا انها حديثة ومن ابداعات هؤلاء الناشرين !

والعجيب ان بعضهم كان يتساءل عما يفعله العلماء وما قدموه للاسلام ؟! لانهم غير مطلعين علىٰ ان ما وصل اليهم هو ببركة اقلام وجهود العلماء وليس غيرهم.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466