منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء ١

منتهى المقال في أحوال الرّجال0%

منتهى المقال في أحوال الرّجال مؤلف:
المترجم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: علم الرجال والطبقات
ISBN: 964-5503-89-2
الصفحات: 390

منتهى المقال في أحوال الرّجال

مؤلف: الشيخ محّمد بن اسماعيل المازندراني ( ابو علي الحائري )
المترجم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف:

ISBN: 964-5503-89-2
الصفحات: 390
المشاهدات: 176498
تحميل: 4972


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 390 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 176498 / تحميل: 4972
الحجم الحجم الحجم
منتهى المقال في أحوال الرّجال

منتهى المقال في أحوال الرّجال الجزء 1

مؤلف:
ISBN: 964-5503-89-2
العربية

__________________

نرى أنّ علماء الرجال ذهب كل إلى رأي معين في من هو المقصود.

فالأكثر على أنّه أبي حمزة الثمالي ثابت بن دينار ، ويتلائم من حيث التأريخ.

حيث أنّ وفاته على ما ذكره النجاشي في ترجمته : 115 / 296 ، سنة خمسين ومائة.

أمّا الحسن بن محبوب فان وفاته على ما ذكره الكشي في رجاله : 584 / 1094 ، ومات الحسن بن محبوب في آخر سنة أربع وعشرين ومائتين ، وكان من أبناء خمس وسبعين سنة.

فتكون ولادته حينئذ سنة 149 ، فيكون عاصر من زمان الثمالي سنة واحدة.

وقد مال إلى هذا ـ أي إلى أنّه أبو حمزة الثمالي ـ الوحيد البهبهاني في تعليقته في ترجمة الحسن بن محبوب : 108 حيث قال : انّ التهمة في روايته عن أبي حمزة ثابت بن دينار ، ومرّ في ترجمة ثابت رواية الحسن بن محبوب عنه ، وكذا رواية أحمد بن محمّد بن عيسى وأخيه عبد الله عن الحسن.

وانّ وفاة أبي حمزة كانت سنة خمسين ومائة ، فبملاحظة سن الحسن وسنة وفاته ، يظهر أنّ تولد الحسن كان قبل وفاة أبي حمزة بسنة ، والظاهر أنّ هذا منشأ تهمته ، وربما يظهر من ترجمة أحمد أن تهمته من روايته وأخذه عنه في صغر سنه ، وعلى تقدير صحة التواريخ ، ظاهر أنّ روايته عن كتابه ، وغير خفي أنّ هذا ليس بفسق ، ولا منشأ للتهمة ، بل لا يجوز الاتهام بأمثال ذلك ، سيّما مثل الحسن الثقة الجليل ، الذي قد أكثر الأعاظم والأجلة من الثقات والفحول من الرواية عنه عموما ، وروايته عن أبي حمزة خصوصا. وكذا الكلام في الأخذ حال صغر السن ، ولذلك ندم أحمد وتاب. الى آخر كلامه.

ومال الى هذا الرأي أيضا الحائري في منتهى المقال : 104 في ترجمة الحسن بن محبوب. وكذا المامقاني في تنقيحه : 1 / 90 في ترجمة أحمد بن محمّد بن عيسى.

وذهب آخرون إلى أنّ المقصود منه هو علي بن أبي حمزة البطائني ، وأنّ ما يوجد في بعض نسخ النجاشي من إثبات كلمة الثمالي اشتباه من النساخ ، وكذا في بعض نسخ الكشي حيث فيها عن أبي حمزة ، من سقوط لفظ « ابن ».

ومال إلى هذا الرأي القهبائي في مجمعه : 1 / 161 في ترجمة أحمد بن محمّد بن عيسى ، وكذا في ترجمة الحسن بن محبوب : 2 / 144 ، حيث قال فيما قال : والمراد منه علي بن أبي حمزة البطائني ، فإنّ ابن محبوب روى عنه كما سيأتي في ترجمة ثابت بن دينار أبي حمزة الثمالي ، ووجه التهمة حينئذ أنّ ابن محبوب أمتن وأجل من أن يروي عن علي ابن أبي حمزة البطائني فإنّه واقفي ، خبيث ، ردي ، معاند للرضا عليه‌السلام . الى آخر ما نقله.

٤١

وكيف كان فالظاهر أنّ منشأ التوقف عدم درك الحسن عليا ، كما يظهر من تاريخ ولادة الأول ووفاة الثاني ، لكن بعد الإقرار بوثاقة الرجل وعدّه من الأركان الأربعة في زمانه ، لا ينبغي الإسراع إلى اتهامه ، بل يجب أن نحمل ذلك على أحسن محمل ، وهو أخذ الحسن الرواية من كتاب علي ، ومثله غير عزيز ، بل هو أكثر كثير ، ولا ينبغي الحمل على الإرسال ، إذ لا يخلو من نوع تدليس وتغرير ، وقد حقق ذلك الأستاذ العلامة دام علاه في غير موضع(1) ، ويأتي الإشارة إليه في ترجمته.

__________________

(1) الذي حققه الأستاذ العلامة الوحيد في ترجمة الحسن بن محبوب : 108 ، هو أنّ المقصود منه أبي حمزة الثمالي كما يظهر من تاريخ وفاة الثمالي وولادة الحسن ، وكذا حمله على أخذ الحسن الرواية من كتاب الثمالي ، فالظاهر أنّ كلمة علي هنا في المتن اشتباه ولا معنى لها.

٤٢

المقدمة الخامسة

في فوائد تتعلق بالرجال‌

التقطتها من فوائد الأستاذ العلامة(1) ، أعلى الله في الدارين مقامه.

فائدة :

قال المحقق الشيخ محمّد : إذا قال النجاشي : ثقة ، ولم يتعرض لفساد المذهب‌ ، فظاهره أنّه عدل إمامي ، لأنّ ديدنه التعرض للفساد ، فعدمه ظاهر في عدم ظفره ، وهو ظاهر في عدمه ، لبعد وجوده مع عدم ظفره ، لشدّة بذل جهده ، وزيادة معرفته ، وعليه جماعة من المحققين(2) ، انتهى(3) .

أقول : لا يخفى أنّ الرؤيّة المتعارفة المسلّمة أنّه إذا قال عدل إمامي ـ النجاشي كان أو غيره ـ : ثقة ، الحكم بمجرده بكونه عدلا إماميا كما هو ظاهر.

إمّا لما ذكر.

أو لأنّ الظاهر(4) التشيع ، والظاهر من الشيعة حسن العقيدة.

__________________

(1) راجع فوائد الوحيد البهبهاني ـ الفائدة الثانية ـ.

(2) انظر الرواشح السماوية ـ الراشحة السابعة عشر ـ : 67 ، تكملة الرجال : 1 / 21 ، وعدة الرجال : 17 ، الفائدة الخامسة.

ونقل المصنف في ترجمة عبد السلام بن صالح الهروي عن المحقق الشيخ محمّد : إن عدم نقل النجاشي كونه عاميا يدل على نفيه. إلى آخره.

وقال في مشرق الشمسين : 271 : قلت : انّهم يريدون بقولهم : فلان ثقة ، أنّه عادل ضابط. إلى آخره.

(3) انتهى كلام المحقق الشيخ محمّد ، ويستمر كلام الوحيد.

(4) في تعليقة الوحيد : الظاهر من الرواة.

٤٣

أو لأنّهم وجدوا منهمرحمهم‌الله أنّهم اصطلحوا ذلك في الإمامية ـ وإن أطلقوا على غيرهم مع القرينة ـ بأنّ معنى ثقة : عادل ثبت ، فكما أنّ عادل ظاهر فيهم فكذا ثقة(1) .

أو لأنّ المطلق ينصرف إلى الكامل.

أو لغير ذلك.

نعم في مقام التعارض بأن يقول الآخر : فطحي مثلا ، يحكمون بكونه موثّقا ، معللين بعدم المنافاة.

ولعلّ مرادهم : عدم معارضة الظاهر النص ، وعدم مقاومته ، بناء على أنّ دلالة ثقة على الإمامية ظاهرة ـ كما أنّ فطحي على إطلاقه لعلّه ظاهر في عدم ثبوت العدالة عند قائله ، مع تأمّل فيه ـ وانّ الجمع مهما أمكن لازم ، فيرفع اليد عما ظهر ، ويتمسّك بالمتيقن ، أعني : مطلق العدالة ، فيصير فطحيا عادلا في مذهبه ، فيكون الموثّق تسامح أو كلاهما.

وكذا لو كانا من واحد ، لكن لعلّه لا يخلو عن نوع تدليس ، إلاّ أن لا يكون مقصّرا عندهم ، لكون حجيّة خبر الموثّقين إجماعيا أو حقا عندهم ، واكتفوا بظهور ذلك منهم ، أو غير ذلك ، وسيجي‌ء في أحمد بن محمّد بن خالد ، ما له دخل.

أو يكون ظهر خلاف الظاهر واطّلع الجارح على ما لم يطّلع عليه المعدّل ، لكن ملائمة هذا للقول بالملكة لا تخلو عن إشكال ، مع أنّ المعدّل ادّعى كونه عادلا في مذهبنا ، فإذا ظهر كونه مخالفا فالعدالة في مذهبه من أين؟!

إلاّ أن يدّعى أن الظاهر اتحاد سبب الجرح والتعديل في المذهبين‌

__________________

(1) راجع عدة الرجال للكاظمي : 17 ، الفائدة الخامسة.

٤٤

سوى الاعتقاد بإمامة إمام.

لكن هذا لا يصحّ بالنسبة إلى الزيدي والعامي ومن ماثلهما جزما ، وأمّا بالنسبة إلى الفطحي والواقفي ومن ضاهاهما ، فثبوته أيضا يحتاج إلى التأمّل.

مع أنّه إذا ظهر خطأ المعدّل بالنسبة إلى نفس ذلك الاعتقاد فكيف يؤمن خطؤه بالنسبة إلى غيره.

وأيضا ربما يكون الجارح والمعدّل واحدا كما في إبراهيم بن عبد الحميد(1) .

وأيضا لعلّ الجارح جرحه مبني على ما لا يكون سببا في الواقع ، كما سيذكر في إبراهيم بن عمر وسيجي‌ء فيه ما ينبغي أن يلاحظ.

وكيف كان هل الحكم والبناء المذكور عند التعارض مطلق ، أم مقيد بما إذا انحصر ظنّ المجتهد فيه ، وانعدمت الأمارات والمرجحات؟ إذ لعلّه بملاحظتها يكون الظاهر عنده حقيّة أحد الطرفين.

لعلّ الأكثر على الثاني ، وأنّه هو الأظهر ، كما يأتي في إبراهيم بن عمر ، وابن عبد الحميد ، وغيرهما كسماعة ، وغيره.

هذا كله إذا كان الجارح والمعدّل عدلا إماميا.

وأما إذا كان كعلي بن الحسن بن فضّال فمن جرحه يحصل ظنّ ، وربما يكون أقوى من الإمامي ، فهو معتبر في مقام اعتباره وعدم اعتباره ، على ما سيجي‌ء في أبان وغيره ، بناء على جعله شهادة أو رواية ، ولم نجعل منشأ قبولها الظنّ.

وأما تعديله فلو جعل من مرجّحات قبول الرواية فلا إشكال ، بل‌

__________________

(1) حيث وثقه الشيخ في الفهرست : 7 / 12 ، وقال في رجاله : 344 / 26 و 366 / 1 إنّه : واقفي.

٤٥

يحصل منه ما في غاية القوّة(1) .

وأما لو جعل من دلائل العدالة فلا يخلو عن إشكال ، ولو على رأي من يجعل التعديل من باب الظنون أو الرواية ، ويعمل بالموثّق لعدم ظهور إرادة العدل الإمامي ، أو في مذهبه ، أو الأعم ، ومجرد الوثوق بقوله ، ولم يظهر اشتراطه العدالة في قبول الرواية.

إلاّ أن يقال : إذا كان الإمامي المعروف كمحمّد بن مسعود يسأل عن رجل ويقول : « ثقة » على الإطلاق ، مضافا إلى ما يظهر من رويّته من التعرض للوقف والناووسية وغيرهما في مقام جوابه وإفادته له ، وأيضا ربما يظهر من إكثاره ذلك أنّه كان يرى التعرض لأمثال ذلك في المقام.

وكذا الحال بالنسبة إلى محمّد بن مسعود الجليل ، بالقياس إلى الجليل الآخذ عنه ، وهكذا.

فإنه ربما يظهر من ذلك إرادة العدل الإمامي ، مضافا إلى أنّه لعل الظاهر مشاركة أمثاله مع الإمامية في اشتراط العدالة ، وأنّه ربما يظهر من الخارج كون الراوي من الإمامية ، فيبعد خفاء حاله على الجميع ، بل وعليه أيضا ، فيكون تعديله بالعدالة في مذهبنا كما لا يخفى.

فلو ظهر من الخارج خلافه فلعل حاله حال توثيق الإمامي. وأيضا بعد ظهور المشاركة ، إحدى العدالتين مستفادة فلا يقصر عن الموثق ، فتأمل. فإنّ المقام يحتاج إلى التأمّل التامّ.

وأشكل من ذلك ما إذا كان الجارح إماميا والمعدّل غيره.

وأما العكس فحاله ظاهر ، سواء قلنا بأنّ التعديل من باب الشهادة ، أو‌

__________________

(1) في فوائد الوحيد : بل يحصل منه علما في غاية القوة.

٤٦

الرواية ، أو الظنون(1) .

فائدة :

المدح في نفسه يجامع صحة العقيدة وعدمها‌ ، والأول يسمّى حديثه : حسنا ، والثاني : قوّيا(2) .

وإذا لم يظهر صحتها ولا فسادها فهو أيضا من القوي(3) ، لكن نراهم بمجرد ورود المدح يعدّونه حسنا ، ولعلّه لأنّ إظهار المدح مع عدم إظهار القدح ، وعدم تأمّل منهم ، ظاهر في كونه إماميا(4) .

مضافا إلى أنّ ديدنهم التعرّض للفساد ، على قياس ما مرّ في التوثيق ، فيكون في مقام التعارض : قويا ، على قياس ما مرّ.

والأولى في صورة عدم التعارض أيضا ملاحظة خصوص المدح بعد ملاحظة ما في المقام ، ثم البناء على الظن الحاصل عند ذلك.

ومن التأمّل فيما مرّ يظهر حال مدح علي بن الحسن بن فضال وأمثاله ، وكذا حال المعارضة بين مدحه وقدح الإمامي ، وعكسه ، وغير ذلك(5) .

فائدة :

من المدح ما له دخل في قوة السند ، وصدق القول‌ ، مثل : خيّر ، وصالح.

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 5.

(2) قال الكاظمي في العدة : 20 : ثمّ المدح إن جاء في أصحابنا أفاد الحديث حسنا وعدّ حسنا ، وإن جاء في غيرهم أفاده قوة وعدّ قويا.

(3) قال الطريحي في جامع المقال : 3 : القوي. أطلقوه على ما رواه من سكت عن مدحهم وقدحهم.

(4) انظر عدة الرجال للكاظمي : 17 ، الفائدة الخامسة.

(5) التعليقة : 6.

٤٧

ومنه ما له دخل في المتن ، مثل : فهم ، وحافظ.

ومنه ما لا دخل له فيهما : كشاعر ، وقارئ.

ومنشأ صيرورة الحديث حسنا أو قويا هو الأول.

وأما الثاني : فيعتبر في مقام الترجيح والتقوية ، بعد كون الحديث معتبرا.

وأما الثالث : فلا اعتبار له لأجل الحديث ، نعم ربما يضمّ إلى التوثيق ، وذكر أسباب الحسن والقوة إظهارا لزيادة الكمال ، فهو من المكمّلات(1) .

هذا ، وقولهم : أديب ، وعارف باللّغة ، أو النحو ، أو أمثالهما ، هل هو من الأول أو الثاني أو الثالث؟

الظاهر عدم قصوره عن الثاني ، مع احتمال كونه من الأول ، ولعل مثل القارئ أيضا كذلك ، فتأمل(2) .

فائدة :

المتعارف المشهور أنّ قولهم : ثقة في الحديث ، تعديل وتوثيق للراوي نفسه‌(3) .

ولعل منشأه الاتفاق على ثبوت العدالة ، وأنّه يذكر لأجل الاعتماد ،

__________________

(1) التعليقة : 6.

(2) التعليقة : 6 ، وقال الكاظمي في عدته : 20 : وقد عدّوا في المدح مثل شاعر ، أديب ، قارئ عارف باللّغة والنحو ، نجيب. والحق أنّ هذا كلّه ونحوه ، وإن كان في الناس ممدحة ، لكنّه لا يفيد الحديث حسنا أو قوة.

(3) انظر : توضيح المقال : 39 ، ومقباس الهداية : 2 / 162 ، حيث تعرضوا للأقوال فيهما ، وقال الكاظمي في عدته : 18 ، الفائدة الخامسة : وقولهم : ثقة في الحديث توثيق ، كما هو المعروف.

٤٨

وعلى قياس ما مرّ في التوثيق ، وأنّ الشيخ الواحد ربما يحكم في واحد بأنّه ثقة ، وفي موضع آخر بأنّه ثقة في الحديث.

مضافا إلى أنّه في الموضع الأول كان ملحوظ نظره الموضع الآخر كما سيجي‌ء في أحمد بن إبراهيم بن أحمد(1) ، فتأمل.

وربما قيل : بالفرق بينه وبين ثقة(2) .

ويمكن أن يقال ـ بعد ملاحظة اشتراطهم العدالة ـ : إنّ العدالة المستفادة من الأول هي بالمعنى الأعم ، وقد أشرنا وسنشير إلى أنّ التي وقع الاتفاق على اشتراطها هي التي بالمعنى الأعم.

ووجه الاستفادة إشعار العبارة وكثير من التراجم مثل أحمد بن بشير ، وأحمد بن الحسن ، وأبيه ، والحسين بن أبي سعيد ، والحسين بن أحمد بن المغيرة ، وعلي بن الحسن الطاطري ، وعمّار بن موسى ، وغير ذلك.

إلاّ أنّ المحقق نقل عن الشيخ أنّه قال : يكفي في الراوي أن يكون متحرزا عن الكذب في الرواية ، وإن كان فاسقا بجوارحه(3) ، فتأمّل.

__________________

(1) قال الشيخ الطوسي في رجاله : 445 / 44 : أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن المعلى. واسع الرواية ، ثقة.

وقال في الفهرست : 30 / 90 : أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن معلى. وكان ثقة في حديثه.

(2) قال في الفصول الغروية : 303 : ومن هنا قد يقع التعارض بين توثيق بعض وتصريح آخر بأنه من غير الإماميّة ، كما في داود بن حصين ، فإن النجاشي أطلق توثيقه ، والشيخ صرّح بأنّه من الواقفة. الى أن قال : وأمّا إذا قيد ، كقولهم ثقة في الحديث ، فيمكن أن يكون التقييد قرينة على إرادة مجرد الاعتماد عليه في الحديث ، وبيان تحرزه فيه عن الكذب ، فلا يدل على التعديل ، بل ولا على كونه إماميا ، ونقل عن الأكثر القول بأنّه يفيد التعديل ، وهو غير واضح.

(3) معارج الأصول : 149 ، عن عدة الأصول : 1 / 382.

٤٩

فائدة :

اختلف في قولهم : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه‌

فالمشهور أنّ المراد صحة ما رواه حيث تصح الرواية إليه ، فلا يلاحظ ما بعده إلى المعصومعليه‌السلام ، وإن كان فيه ضعيف ، وهذا هو الظاهر من العبارة(1) .

وقيل : لا يفهم منه إلاّ كونه ثقة(2) .

واعترض عليه : بأنّ هذا أمر مشترك فلا وجه لاختصاص الإجماع بالمذكورين(3) .

وهذا بظاهره في غاية السخافة ، إذ كون الرجل ثقة لا يستلزم وقوع الإجماع على وثاقته.

إلاّ أن يكون المراد ما أورده بعض المحققين : من أنّه ليس بالتعبير بها لتلك الجماعة دون غيرهم ممن لا خلاف في عدالته فائدة(4) .

وفيه : أنّه إن أردت عدم خلاف من المعدّلين المعروفين ، ففيه :

أولا : إنّا لم نجد من وثّقه جميعهم.

__________________

(1) راجع وسائل الشيعة : 30 / 244 الفائدة السابعة ، والوافي : 1 / 27.

(2) قال الشيخ الأصفهاني في الفصول الغروية : 303 قولهم : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه. وهذا عند الأكثر على ما قيل يدل على توثيق من قيل ذلك في حقه.

(3) ذكر هذا القول الشيخ محمّد في شرح الاستبصار على ما نقل عنه الشيخ النوري في مستدركة : 3 / 760 ـ الفائدة السابعة ـ قائلا : وتوقف في هذا بعض قائلا : إنا لا نفهم منه إلا كونه ثقة ، قال والذي يقتضيه النظر القاصر : إن كون الرجل ثقة أمر مشترك فلا وجه لاختصاص الإجماع بهؤلاء المذكورين.

(4) ذكر ذلك المحقق الشيخ محمّد في شرح الاستبصار على ما نقل عنه السيد الصدر في نهاية الدراية : 152.

٥٠

وإن أردت عدم وجدان خلاف منهم ، ففيه : انّه غير ظهور الوفاق ، مع أنّ سكوتهم ربما يكون فيه شي‌ء ، فتأمّل.

وثانيا : إنّ اتفاق خصوص هؤلاء غير إجماع العصابة ، وخصوصا أنّ مدّعي هذا الإجماع الكشي عن مشايخه. هذا مع أنّه لعلّ عند هذا القائل يكون تصحيح الحديث أمرا زائدا على التوثيق.

وإن أردت اتفاق جميع العصابة فلم يوجد إلاّ في مثل سلمان ، ممن عدالته ضرورية لا تحتاج إلى الإظهار ، وأمّا غيرهم فلا يكاد يوجد ثقة جليل سالما عن القدح ، فضلا عن أن يتحقق اتفاقهم على سلامته منه ، فضلا عن أن يثبت عندك.

واعترض هذا المحقق أيضا : بمنع الإجماع ، لأنّ بعض هؤلاء لم يدع أحد توثيقه ، بل قدح بعض في بعضهم. وبعض منهم وإن ادّعي توثيقه إلاّ أنّه ورد منهم قدح فيه.

وفيه أيضا تأمل ، وسيظهر لك وجهه في الجملة.

نعم ، يرد عليهم : أنّ تصحيح القدماء لا يستلزم التوثيق ، إلاّ أنّه يمكن أن يقال : يبعد أن لا يكون رجل ثقة ومع ذلك تتفق العصابة بأجمعها على تصحيح جميع ما رواه ، سيما بعد ملاحظة دعوى الشيخ الاتفاق على اعتبار العدالة لقبول الخبر(1) .

وربما يظهر ذلك من الرجال أيضا ، وخصوصا مع مشاهدة أنّ كثيرا من الأعاظم الثقات لم يتفقوا على تصحيح حديثه ، وسيجي‌ء في عبد الله بن سنان ما يؤكده ، نعم لا يحصل الظن بكونه ثقة إماميا بل الأعم ، كما لا يخفى ، ويشير إليه نقل هذا الإجماع في الحسن بن علي ، وعثمان بن‌

__________________

(1) عدة الأصول : 1 / 376 ـ 377.

٥١

عيسى.

وما يظهر من عدة الشيخ وغيرها : أنّ المعتبر العدالة بالمعنى الأعم ، فلا يقدح نسبة بعضهم الى الوقف وأمثاله(1) ، نعم النسبة إلى التخليط ـ كما وقعت في أبي بصير يحيى الأسدي ـ ربما تكون قادحة(2) .

فإن قلت : المحقق في المعتبر ضعّف ابن بكير(3) ، وأيضا الشيخ(4) ربما يقدح فيما صحّ عن هؤلاء بالإرسال. والمناقشة في مراسيل ابن أبي عمير معروفة.

قلت : أمّا المحقق فلعلّه لم يعتمد على الإجماع المزبور ، أو لم يتفطّن لما ذكرنا ، أو لم يعتبر هذا الظن ، أو غرضه من الضعف ما يشمل الموثقيّة.

والشيخ وغيره من المناقشين ربما لم يثبت عندهم الإجماع ، أو لم يثبت وجوب اتّباعه ، لعدم كونه بالمعنى المعهود ، بل كونه مجرد اتّفاق ، أو لم يفهموا على وفق المشهور. ولا يضرّ ذلك ، أو لم يقنعوا بمجرد ذلك.

والأول أظهر بالنسبة إليهرحمه‌الله ، لعدم ذكره ذلك في كتابه ، كما ذكره الكشي ، والنجاشي(5) ، وأمثاله.

هذا وربما يتوهم بعض من إجماع العصابة وثاقة من روى عنه‌

__________________

(1) عدة الأصول : 1 / 379.

(2) في رجال الكشي : 476 / 903 ، قال محمّد بن مسعود : سألت علي بن الحسن بن علي ابن فضال ، عن أبي بصير هذا ، هل كان متّهما بالغلوّ؟ فقال : أمّا الغلو فلا ، ولكن كان مخلّطا.

(3) المعتبر : 56 في مبحث الحيض.

(4) الاستبصار 3 : 276 / 982.

(5) فتشنا كتاب النجاشي فلم نجد ذكر لهذا الإجماع.

٥٢

هؤلاء(1) .

وفساده ظاهر. نعم يمكن أن يفهم منه اعتداد ما بالنسبة إليه.

وعندي : أنّ رواية هؤلاء إذا صحت إليهم لا تقصر عن أكثر الصحاح ، ويظهر وجهه بالتأمل فيما ذكرنا.

أقول : الجماعة الّذين ادّعى الكشي إجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم : زرارة ، ومعروف بن خربوذ ، وبريد بن معاوية العجلي ، وأبو بصير الأسدي ـ وقال بعضهم مكانه : أبو بصير المرادي ، وهو ليث بن البختري ـ والفضيل بن يسار ، ومحمّد بن مسلم ، وجميل بن درّاج ، وعبد الله بن مسكان ، وعبد الله بن بكير ، وحمّاد بن عثمان ، وحمّاد بن عيسى ، وأبان بن عثمان ، ويونس بن عبد الرحمن ، وصفوان بن يحيى ، وابن أبي عمير ، وعبد الله بن المغيرة ، والحسن بن محبوب ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وفضالة بن أيوب.

وقال بعضهم : مكان ابن محبوب : الحسن بن علي بن فضال ، وبعضهم مكانه : عثمان بن عيسى(2) .

وأمّا معنى الكلام المزبور فالظاهر المنساق الى الذهن هو ما اختاره الأستاذ العلامة وعزاه الى المشهور ، وصرّح بعض أجلاء العصر أيضا(3) بأن‌

__________________

(1) الفصول الغروية : 303 قال : وربما قيل بأنّها تدل على وثاقة الرجال الذين بعده أيضا ، وهو بعيد.

(2) رجال الكشي : 238 / 431 ، 375 / 705 ، 556 / 1050.

(3) وهو السيد محسن الأعرجي ، قال في عدته : 40 ، الفائدة الثامنة : إن المراد الإجماع على الحكم بصحة كل حديث جاء به ، وصحّ عنه ، وثبتت روايته له ، حتى لا ينظر فيما فوقه ، وبالجملة كلّما ثبت عندهم أنّه رواه حكموا بصحته في نفس الأمر ، ووروده عن المعصوم ، سواء رواه عنه بلا واسطة ، أو بواسطة ثقة أو غير ثقة. إلى آخر كلامه.

٥٣

عليه الشهرة.

بل نسب ذلك المحقق الداماد إلى الأصحاب مؤذنا بدعوى الإجماع ، حيث قال في الرواشح السماوية ـ بعد عدّ الجماعة ـ : وبالجملة هؤلاء على اعتبار الأقوال المختلفة في تعيينهم أحد وعشرون ، بل اثنان وعشرون رجلا ، ومراسيلهم ومرافيعهم ومقاطيعهم ومسانيدهم الى من يسمّون من غير المعروفين معدودة عند الأصحاب رضي الله عنهم من الصحاح ، من غير اكتراث منهم ، لعدم صدق حدّ الصحيح ـ على ما قد علمته ـ عليها(1) . الى آخر كلامه زيد في إكرامه.

وقال مثل ذلك في أوائل الوافي(2) . إلاّ أنّه لم ينسب ذلك الى الأصحاب ، بل إلى المتأخرين.

وقال نحو ذلك في مشرق الشمسين(3) .

وقال محمّد أمين الكاظمي : المراد بهذه العبارة أنه إذا صح السند الى الرجل فالحديث صحيح. ولا ينظر الى من بعده ، ولا يسأل عنه ، ومن هنا صحح العلامة وابن داود والبهائي والسيد محمّد رواية أبان بن عثمان مع أنه ناووسي ، لكن هذه الصحة يراد بها ما ثبت نقله عن الأئمة المعصومينعليهم‌السلام وإن كان الراوي غير إمامي. انتهى. فتأمل.

وقال الشهيدقدس‌سره في نكت الإرشاد في كتاب البيع بعد ذكر رواية‌

__________________

(1) الرواشح السماوية : 47.

(2) الوافي : 1 / 27 ، إلاّ أنّه بعد أن ذكر رأي المتأخرين عقبه بقوله : وأنت خبير بأنّ هذه الرواية ليست صريحة في ذلك ولا ظاهرة فيه ، فإنّ ما يصحّ عنهم إنّما هو الرّواية لا المرويّ ، بل كما يحتمل ذلك يحتمل كونها كناية عن الإجماع على عدالتهم وصدقهم ، بخلاف غيرهم ممّن لم ينقل الإجماع على عدالته.

(3) مشرق الشمسين : 269 ـ 270.

٥٤

عن الحسن بن محبوب عن خالد بن جرير عن أبي الربيع الشامي هكذا : وقد قال الكشي : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن الحسن بن محبوب.

قلت : في هذا توثيق ما لأبي الربيع الشامي. انتهى ، فتأمل.

ووصف الشهيد الثاني في المسالك في بحث الارتداد خبرا فيه الحسن بن محبوب عن غير واحد بالصحة(1) ، وما ذلك إلاّ لذلك كما صرح به في موضع آخر منه ، ونقله في مشرق الشمسين(2) وغيره.

وذهب الى ما قلناه أيضا العلامة المجلسيقدس‌سره (3) ـ على ما نقل ـ ونسبه الى جماعة من المحققين منهم والده المقدّس التقي(4) . ويأتي في حمزة بن حمران ما يرشد إليه.

واستدل في الفوائد النجفية على صحة خبر ضعيف بأن في سنده عبد الله بن المغيرة وهو ممن أجمعت العصابة ، والطريق إليه صحيح. وقال في موضع آخر نحو ذلك ، ثم قال : على ما فهمه الشيخ البهائي ، وقبله الشهيد ، وقبلهما العلامة في المختلف من تلك العبارة.

والسيد الأستاذ دام علاه(5) ـ بعد حكمه بذلك وسلوكه في كثير من‌

__________________

(1) مسالك الأفهام : 2 / 358.

(2) مشرق الشمسين : 270.

(3) قال العلامة المجلسي في كتاب الأربعين : 512 ، في الحديث الخامس والثلاثون : وأمّا محمّد بن أبي عمير فلا ريب في ثقته وفضله ، وهو ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، إمّا تأكيدا للتوثيق ، أو لعدم النظر الى من بعده من رجال السند.

(4) قال المجلسي الأول في روضة المتقين : 14 / 19 : اعلم أنّ الظاهر من إجماع الأصحاب على تصحيح ما يصح عنه : أنّهم لم يكونوا ينظرون الى ما بعده ، فإنهم كانوا يعلمون أنّه لا يروي إلاّ ما كان معلوم الصدور عن الأئمةعليهم‌السلام . الى آخر كلامه.

(5) هو السيد المحقق السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي صاحب رياض المسائل.

٥٥

مصنفاته كذلك ـ بالغ في الإنكار ، وقال : بل المراد دعوى الإجماع على صدق الجماعة ، وصحة ما ترويه ، إذا لم يكن في السند من يتوقف فيه ، فإذا قال أحد الجماعة : حدثني فلان ، يكون الإجماع منعقدا على صدق دعواه ، وإذا كان فلان ضعيفا أو غير معروف ، لا يجديه ذلك نفعا.

وقد ذهب الى ما ذهب إليه بعض أفاضل العصر(1) ، وليس لهما دام فضلهما ثالث.

وسائر أساتيذنا ومشايخنا على ما ذهب إليه الأستاذ العلامة أعلى الله في الدارين مقامهم ومقامه.

وادعى السيد الأستاذ دام ظله أنّه لم يعثر في الكتب الفقهية من أول كتاب الطهارات الى آخر كتاب الديات على عمل فقيه من فقهائنا رضي الله عنهم بخبر ضعيف محتجا : بأنّ في سنده أحد الجماعة وهو إليه صحيح.

وإذا وقفت على ما تلوناه عليك عرفت أنّ كلامه سلمه الله تعالى ليس على حقيقته ، على أنّ من لم يعمل يجاب عنه بنحو ما أجاب الأستاذ العلامة عن قدح الشيخ فيما صحّ عن هؤلاء بالإرسال.

بقي شي‌ء آخر : وهو أن الصحيح عند القدماء غير الصحيح المصطلح عليه عند المتأخرين(2) .

__________________

(1) هو السيد البهي والمولى الصفي ، سيدنا السيد مهدي الطباطبائي ـ دام ظله ـ ( منه ) وقال السيد الطباطبائي في رجاله : 2 / 367 في ترجمة زيد النرسي ، وفي رواية ابن أبي عمير لأصل زيد النرسي : وحكى الكشي في رجاله إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، والإقرار له بالفقه والعلم ، ومقتضى ذلك صحة الأصل المذكور ، لكونه ممّا قد صحّ عنه ، بل توثيق راويه أيضا ، لكونه العلة في التصحيح غالبا. الى آخر كلامه.

والظاهر أنّ هذا الكلام يخالف لما في المتن.

(2) مشرق الشمسين : 269 ـ 270.

٥٦

لكن يجاب عنه : بأنّ الصحيح هو الاصطلاح القديم ، والداعي لوضع هذا الجديد خفاء القرائن والأمارات التي بها كان يتميز الصحيح من الضعيف ، فإذا عرف الصحيح ـ سيّما وأن يدّعي الإجماع عليه غير واحد ـ لا محيص عنه ولا ملجأ منه.

هذا كله ، والانصاف أن مثل هذا الصحيح ليس في القوة كسائر الصحاح ، بل وأضعف من كثير من الحسان.

لا لما فهمه السيد الأستاذ مدّ في بقاه ، ومن شاركه ، إذ لا يكاد يفهم ذلك من تلك العبارة أبدا ، ولا يتبادر الى الذهن مطلقا.

ومن المعلوم أنّ صدق الرجل غير تصحيح ما يصح عنه.

بل لوهن الإجماع المزبور ، إذ لم نقف على من وافق الكشي في ذلك من معاصريه والمتقدمين عليه والمتأخرين عنه(1) ، الى زمان العلامةرحمه‌الله أو ما قاربه ، نعم ربما يوجد ذكر لهذا الإجماع في كلام النجاشي فقط من‌

__________________

(1) قال ابن شهرآشوب في المناقب : 4 / 211 ، في أحوال الإمام الباقرعليه‌السلام : واجتمعت العصابة أنّ أفقه الأولين ستة ، وهم أصحاب أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، وهم : زرارة بن أعين ، ومعروف بن خربوذ المكي ، وأبو بصير الأسدي ، والفضيل بن يسار ، ومحمّد ابن مسلم الطائفي ، ويزيد بن معاوية العجلي.

وقال في باب أحوال الإمام الصادق عليه‌السلام : 4 / 280 : واجتمعت العصابة على تصديق ستة من فقهائه عليه‌السلام وهم : جميل بن درّاج ، وعبد الله بن مسكان ، وعبد الله بن بكير ، وحمّاد بن عيسى ، وحمّاد بن عثمان ، وأبان بن عثمان.

وفي باب أحوال الإمام الكاظم عليه‌السلام : 4 / 325 ، نقل مثل هذا أيضا ، إلا أنّه نسبه الى الشيخ الطوسي في الاختيار ، حيث قال : وفي اختيار الرجال عن الطوسي : أنّه اجتمع أصحابنا على تصديق ستة نفر من فقهاء الكاظم والرضا عليهما‌السلام وهم : يونس بن عبد الرحمن ، وصفوان بن يحيى بياع السابري ، ومحمّد بن أبي عمير ، وعبد الله بن المغيرة ، والحسن بن محبوب السّراد ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر.

٥٧

المتقدمين ، وذلك بعنوان النقل عن الكشي(1) .

إلاّ أنّ غير واحد من علمائنا ـ منهم الشيخ البهائي طاب ثراه ـ صرّح بأنّ من الأمور الموجبة لعدّ الحديث من الصحيح عند قدمائنا ، وجوده في أصل معروف الانتساب الى أحد الجماعة الّذين أجمعوا على تصحيح ما يصح عنهم(2) ، فتدبر.

لكن هذا الإجماع لم يثبت وجوب اتباعه ، كالذي بالمعنى المصطلح ، لكونه مجرد وفاق ، ولعل ما ذكرناه هو الداعي للسيد الأستاذ وموافقيه لحمل الكلام المزبور على خلاف معناه المعروف المشهور ، فتأمل.

فائدة :

قولهم : صحيح الحديث ، عند القدماء هو : ما وثقوا بكونه من المعصومعليه‌السلام ‌ ، أعمّ من أن يكون الراوي ثقة أو لأمارات أخر يقطعون أو يظنون بها صدوره عنهعليه‌السلام (3) .

__________________

(1) فتشت رجال النجاشي بحثا عن هذا الإجماع فلم أجد له عينا ولا أثرا.

(2) مشرق الشمسين : 269.

(3) قال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : 269 ـ في أقسام الخبر وما يكون به صحيحا ـ : وهذا الاصطلاح لم يكن معروفا بين قدمائنا ـ قدس الله أرواحهم ـ كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم ، بل كان المتعارف بينهم إطلاق الصحيح على كل حديث اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه ، أو اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه.

وقال الكاظمي في التكملة : 1 / 50 : اعلم : أنّ الصحة في لسان القدماء يجعلونها صفة لمتن الحديث على خلاف اصطلاح المتأخرين حيث يجعلونها صفة للسند ، ويريدون به ما جمع شرائط العمل ، إما من كونه خبر ثقة ، كما هو في اصطلاح المتأخرين. الى آخره.

وقال المجلسي الأول في روضة المتقين : 14 / 10 : والظاهر من طريقة القدماء سيما أصحابنا أن مرادهم بالصحيح ما علم وروده من المعصوم.

٥٨

ولعلّ اشتراطهم العدالة لأجل أخذ الراوي من الراوي(1) من دون حاجة الى التثبت ، وتحصيل أمارات تورث لهم الوثوق المعتدّ به.

كما أنّه عند المتأخرين أيضا كذلك(2) .

وما قيل : من أنّ الصحيح عندهم قطعي الصدور بيّنا فساده في الرسالة(3) .

ثم انّ بين صحيحهم والمعمول به عندهم لعلّه عموم من وجه ، لأنّ ما وثقوا بكونه عنهمعليهم‌السلام الموافق للتقية صحيح غير معمول به عندهم ، وببالي التصريح بذلك في أواخر الكافي(4) .

__________________

(1) في التعليقة : 6 ، الرواية عن الراوي.

(2) قال الشهيد الثاني في الرعاية : 203 : إنّ ألفاظ التعديل الدالة عليه صريحا هي قول المعدّل : هو عدل أو ثقة. إلى أن قال : وكذا قوله هو صحيح الحديث ، فإنّه يقتضي كونه ثقة ضابطا ، ففيه زيادة تزكية.

وذهب الى هذا السيد الداماد في الرواشح السماوية : 60 ، الراشحة الثانية عشر.

وقال الكاظمي في عدته : 18 ، الفائدة الخامسة ، بعد ذكر كلام الشهيد الثاني في درايته : ولقائل أقصاه الصدق والضبط ، وهما لا يستلزمان الوثاقة المأخوذ فيها الايمان ، بل ربما قضت الإضافة باختصاص المدح بالحديث دون المحدّث. كما قال الشيخ في سعد ابن طريف القاضي : إنّه صحيح الحديث. وقد قال النجاشي : إنّه يعرف وينكر. وروى الكشي عن حمدويه الثقة انّه ناووسي.

اللهم إلاّ أن تقوم قرينة على عدم إرادة ذلك ، كما إذا قيل ذلك في الأجلاء ، أو بعد التوثيق ، فان قال قائل إنّما يعد حديث المحدث صحيحا في نفسه ، ويتلقّى منه بالقبول إذا كان ثقة ، منعنا عليه ذلك لأنّ المدار في القبول والتصحيح عند المتقدمين على الصّدق والضبط ، وبالجملة الوثاقة بالمعنى الأعم ولا يتوقفون في ذلك على الايمان. الى آخر كلامه.

وراجع مقباس الهداية : 2 / 166.

(3) رسالة الاخبار والاجتهاد ، للوحيد البهبهاني : 47 إلى آخر الرسالة ، فصّل القول فيها ردا على من قال بأنّ أحاديثنا كلها قطعية الصدور عن المعصومعليه‌السلام .

(4) المذكور في الكافي 7 : 324 / 9 : وعن أبيه ، عن ابن فضّال جميعا ، عن أبي الحسن الرضا

٥٩

وما روته العامة ـ مثلا ـ عن عليعليه‌السلام لعله غير صحيح عندهم ، ويكون معمولا به كذلك ، لما نقل عن الشيخ في العدّة : من أنّ رواية المخالفين عن الأئمةعليهم‌السلام إن عارضتها رواية الموثوق به وجب طرحها ، وإن وافقها وجب العمل بها ، وإن لم يكن ما يوافقها ولا ما يخالفها ولا يعرف لها قول فيها وجب أيضا العمل بها ، لما روي عن الصادقعليه‌السلام « إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما رووا(1) عنا فانظروا الى ما رووه عن عليعليه‌السلام فاعملوا به ».

ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث ، وغياث بن كلوب ، ونوح بن دراج ، والسكوني ، وغيرهم من العامة عن أئمتناعليهم‌السلام ، ولم(2) ينكروه ولم يكن عندهم خلافه(3) ، انتهى.

والمتأخرون ـ أيضا ـ بين صحيحهم والمعمول به عندهم العموم من وجه ، وبين صحيحهم وصحيح القدماء المطلق ، كما أثبتناه في الرسالة(4) .

ولعل منشأ قصر اصطلاحهم في الصحة فيما روته الثقات صيرورة‌

__________________

عليه‌السلام ، قال يونس : عرضت عليه الكتاب فقال : هو صحيح. إلى أن قال : عن الحسن بن الجهم قال عرضته على أبي الحسن الرضاعليه‌السلام فقال لي : ارووه فإنه صحيح.

وفي : 327 / 5 شبيه هذه العبارة.

وفي : 330 / 1 : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، ومحمد بن عيسى ، عن يونس جميعا قالا : عرضنا كتاب الفرائض عن أمير المؤمنين عليه‌السلام على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام فقال : هو صحيح. وغيرها.

(1) في العدة : روي.

(2) في العدة : فيما لم.

(3) عدة الأصول : 1 / 379.

(4) وهي رسالة الأخبار والاجتهاد ، للوحيد البهبهاني : 62 الى آخره.

٦٠