الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة

الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة0%

الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة مؤلف:
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 199

الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة

مؤلف: الشيخ البهائي
تصنيف:

الصفحات: 199
المشاهدات: 64455
تحميل: 5144

توضيحات:

الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 199 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 64455 / تحميل: 5144
الحجم الحجم الحجم
الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة

الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة

مؤلف:
العربية

٦١
٦٢

٦٣
٦٤

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه الاستعانة

نحمدك يا من أَطلع في فلك الهداية شمس النبوة ، وقمر الولاية ، ونصلي على قطب مداره وآله ، أهلّة سماء الإهتداء ، ونسلّم تسليماً كثيراً. وبعد :

فيقول أقل الخلائق محمد المشتهر بهاء الدين العاملي عامله الله بإحسانه : هذه الحديقة الثالثة والأربعون من كتابنا الموسوم بحدائق الصالحين في شرح صحيفة مولانا وإمامنا قبلة أهل الحق واليقين علي بن الحسين زين العابدين سلام الله عليه وعلى آبائه الطاهرين ، تتضمن شرح الدعاء الثالث والأربعين ، وهودعاؤهعليه‌السلام عند الاستهلال أمليتها مع وفور الملال ، لتوزع البال ، واختلال الحال ، راجياً من الله تعالى أن يوفقني لإِكمال بقية الحدائق ، إنَّه مفيض الخير وملهم الحقائق.

وكان من دعائه عليه‌السلام إذا نظر إلى الهلال :

سمّي هلالاً لجريان عادتهم برفع الأصوات عند رؤيته ، مأخوذ من الإهلال ، وهو رفع الصوت ، ومنه قولهم : أَهلّ المعتمر ، إذا رفع صوته بالتلبية ، واستهل الصبي إذا صاح عند الولادة.

وقد اضطربوا في تحديد الوقت الذي يسمّى فيه بهذا الاسم ، فقال في

٦٥

« الصحاح » : الهلال أول ليلة ، والثانية والثالثة ، ثمّ هو قمر(1) .

وزاد صاحب القاموس فقال [4 / أ] : الهلال غرة القمر ، أو إلى ليلتين ، أوإلى ثلاث ، أو إلى سبع ، ولليلتين من آخر الشهر ستّ وعشرين وسبع وعشرين ، وفي غيرذلك قمر(2) . إنتهى.

قال الشيخ الجليل أبو علي الطبرسي(3) نور الله مرقده ـ في تفسيره الموسوم بمجمع البيان عند قوله تعالى :( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) (4) ـ : اختلفوا في أنه إلى كم يسمّى هلالاً ، وإلى كم يسمى قمراً؟.

فقال بعضهم : يسمّى هلالاً لليلتين من الشهر ، ثمّ لا يسمّى هلالاً إلى ان يعود في الشهر الثاني.

و قال آخرون : يسمّى هلالاً ثلاث ليال ، ثمّ يسمّى قمراً.

و قال آخرون : يسمّى هلالاً حتى يحجّر ، وتحجيره أن يستدير بخيط دقيق ؛ وهذا قول الأصمعي(5) .

________________________

(1) صحاح اللغة 5 : 1851 مادة ( هلل ).

(2) القاموس المحيط 4 : 71 مادة ( هلل ).

(3) الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي المشهدي ، أبو علي الطبرسي ، أمين الإِسلام ، عالم فاضل ، مفسر فقيه ، ثقة جليل القدر ، بيته بيت علم ومعرفة ، فولده مؤلف مكارم الأخلاق ، وسبطه صاحب المشكاة ، وهكذا سائر أقاربه. روى عن جمع منهم : أبو علي بن الشيخ الطوسي ، وعبد الجبار بن علي المقرىء. وممن عنه روى ابن شهر أشوب ، ومنتجب الدين ، والقطب الراوندي ، والدروستي. له مصنفات كثيرة منها : مجمع البيان ، جوامع الجامع ، اعلام الورى. مات سنة 48 هـ = 1153 م في سبزوار ، وحمل جثمانه إلى المشهد الرضوي.

انظر : رياض العلماء 4 : 340 / روضات الجنات 5 : 357 ت544 / الكنى والألقاب 2 : 444 / أعيان الشيعة 8 : 3398 / تنقيح المقال 2 : 7 ت 9461 / شهداء الفضيلة : 45 / مجالس المؤمنين 1 : 490 / مستدرك الوسائل ( الخاتمة ) 3 : 387 / معالم العلماء : 135 ت 920 / المقابر : 10 / نقد الرجال : 366.

(4) البقرة ، مدنية ، 2 : 189.

(5) أبو سعيد ، عبد الملك بن قريب ـ بضم القاف ، وقيل عاصم ـ بن علي بن أصمع الباهلي

٦٦

وقال بعضهم : يسمّى هلالاً حتى يبهر ضوؤه سواد الليل ، ثم يقال قمراً ، وهذا يكون في الليلة السابعة(1). إنتهى كلامه زيد إكرامه.

ولا يخفى أن قوله ـ وهذا يكون إلى آخره ـ يخالف بظاهره(2) قول صاحب القاموس « أو إلى سبع » ، ووجه التوفيق بينهما غيرخفّي(3) .

قالوا : وإنّما يسمى بعد الهلال قمراً لبياضه ، فإن الأقمر هو الأبيض(4) .

و قيل : لأنَّه يقمر الكواكب ، أي يغلبها بزيادة النور.

ويسمّى في الليلة الرابعة عشرة بدراً ، قال في الصحاح : سمّي بذلك لمبادرته الشمس في الطلوع كأنه يعجلها المغيب(5) .

وقال بعضهم : سمي بدراً لكماله ، تشبيهاً له بالبدرة الكاملة وهي عشرة آلاف درهم(6) .

________________________

البصري ، عالم لغوي ، راوية لشعر ألعرب ، لقب بشيطان الشعر ، يحفظ عشرة آلاف ارجوزة ، روى عن سليمان التميمي ، وأبي عمرو بن العلا ، ومسعر بن كدام ، وسلمة بن بلال ، وكثيرغيرهم ؛ وعنه حدث أبو عبيد ، ويحيى بن معين ، وإسحاق الموصلي ، وسلمة بن عاصم ، وأبوحاتم السجستاني ، وأبو العيناء ، وخلق كثير. كان قليل الرواية للحديث ، مكثر التأليف ، له : الإبل ، الأضداد ، خلق الانسان ، المترادف ، الفرق ، الشاء ، الوحوش وغيرها. مات سنة 216 هـ = 831 م.

انظر : تاريخ بغداد 10 : 410 ت 5576 / الأنساب : 42 ، أ / وفيات الأعيان 3 : 170 ت379 / ميزان الاعتدال 2 : 662 ت 5240 / مرآة الجنان 2 : 64 / طبقات القراء 1 : 470 ت 1965 / تهذيب التهديب 6 : 368 ت 771 / بغية الوعاة 2 : 112 ت 1573 / سيرأعلام النبلاء 10 : 175ت 32 / أخبارأصفهان 2 : 130.

(1) مجمع البيان 1 : 283. وفي هامش الأصل : الإشارة إلى بهر ضوئه سواد الليل « منه » قدس سره.

(2) إذ الظاهر خروج ما بعد ( حتى ) عمَّا قبلها ، ويؤيده أن بهر ضوئه سواد الليل يمتد ليالي كثيرة ليس هوفيها هلالاً ألبتة « منه ». هامش الأصل.

(3) بجعل ما بعد ( حتى ) داخلاً فيما قبلها ، وإرادة البهر في الليلة الاُولى منه فقط ، أعني السابعة « منه ». قدس سره ، هامش المخطوطة.

(4) أنظر : الصحاح 2 : 798 ـ 799 ، القاموس المحيط : 598 ، مادة ( قمر ) فيهما.

(5) الصحاح 2 : 586 ، مادة ( بَدَرَ ).

(6) أنظر : تاج العروس 3 : 34 ـ 35.

٦٧

مقدمة :

لا ريب في استحباب الدعاء عند رؤية الهلال ، تأسياً بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد فعله أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والأئمة من ولده سلام الله عليهم(1) [4 / ب]

و ذهب ابن أبي عقيل(2) رحمه‌الله إلى وجوب الدعاء عند رؤية هلال شهررمضان(3) .

و هو قول نادر لا نعلم له فيه موافقاً ، وربما حمل قوله بالوجوب على إرادة تأكيد الاستحباب صوناً له عن مخالفة الجمهور.

والدعاء الذي أوجبه هو هذا :

« الحمد لله الذي خلقتي وخلقك ، وقدَّر منازلك ، وجعلك مواقيت للناس ؛ اللّهمّ أهلّه علينا إهلالاً مباركاً ؛ اللهم أدخله علينابالسلامة والإسلام ، واليقين والإيمان ، والبر والتقوى ، والتوفيق لما

________________________

(1) راجع : الكافي 4 : 70 ، باب ما يقال في مستقبل شهر رمضان ، الأحاديث 1 ـ 8 / من لا يحضره الفقيه 2 : 62 باب 29 ، القول عند رؤية هلال شهر رمضان ، ألأحاديث 268 ـ 270 / التهذيب 4 : 196 باب 50 ، الدعاء عند طلوع الهلال ، الأحاديث 562 ـ 564 / أمالي الصدوق : 48حديث 1 / عيون أخبار الرضاعليه‌السلام 2 : 71 حديث 329 / أمالي الشيخ الطوسي2 : 109.

(2) الحسن بن علي بن أبي عقيل العماني ، أبو محمد الحذاء ، فقيه متكلم ، جليل القدر ، من وجوه أصحابنا ، ثقة ، من أوائل من استعمل ألنظر ، وبحث الأصول والفروع عند ابتداء الغيبة الكبرى ، يعدّ من مشايخ جعفر بن قولويه ، يعبر عنه وابن الجنيد ، في كتب الفقه ، بالقديمين ، له : ألمتمسك بحبل آل الرسول ، والكر والفر في الإمامة. من أعيان المائة الرابعة ، ومن معاصري الشيخ الكليني ، انظر : رجال النجاشي : 48 رقم 100 / الفهرس للشيخ : 54 رقم 193 و 194 رقم 886 / رياض العلماء 1 : 203 ـ 209 / أعيان الشيعة 5 : 157 / أمل الآمل 2 : 61 ، 68 ، 74 / السرائر : 99 / تنقيح ألمقال 1 : 291 ، رقم 2519 / روضات الجنّات 2 : 259 رقم 193 / المقابيس : 7 / نقد الرجال : 93 رقم 92 ، معالم العلماء : 37 رقم 222 / الخلاصة : 40رقم 9.

(3) حكاه عنه العلامة في المختلف : 236.

٦٨

تحبّ وترضى ».

وكأنَّه ـ قدّس الله روحه ـ وجد الأمر بهذا الدعاء في بعض الروايات فحمله على الوجوب ، كما هو مقرر في الأُصول ، ولم يلتفت إلى تفرده بين الأصحاب رضوان الله عليهم بهذا الحكم.

وهذا كحكمه ـرحمه‌الله ـ بعدم انفعال الماء القليل بملاقاة النجاسة ما لم يتغير(1) ، ولا يعرف به قائل ، من أصحابنا رضي الله عنهم ، سواه.

و حسن الظن به ـ أعلى الله قدره ـ يعطي أنه لم ينعقد في عصره إجماع على ما يخالف مذهبه في المسألتين ، أو أنَّه انعقد ولم يصل إليه ، والله أعلم بحقيقة الحال.

تتمّة :

يمتد وقت الدعاء بامتداد وقت التسمية هلالاً ، والأولى عدم تاخيره عن الاُولى ، عملاً بالمتيقن المتفق عليه لغة وعرفاً. فإن لم يتيسَّر فعن الثانية؟ لقول أكثر أهل اللغة بالامتداد إليها ؛ فإن فاتت فعن الثالثة ؛ لقول كثير منهم بانّها آخرلياليه.

و أما ما ذكره صاحب القاموس ، وشيخنا الشيخ أبو عليرحمه‌الله ـ من إطلاق الهلال عليه إلى السابعة ـ(2) فهو خلاف المشهور لغة وعرفاً ، وكأنَّه مجاز ، من قبيل إطلاقه عليه في الليلتين الأخيرتين ، والله أعلم.

________________________

(1) انفرد العمانيقدس‌سره بفتاوى نادرة ، أوردها الفقهاء وأغلب من ترجم له ، منها : قوله بعدم نجاسة الماء القليل بمجرد الملاقاة. ومنها : عدم نجاسة ماء البئر بمجرد الملاقاة. ومنها : جواز تفريق ألسورة من دون الحمد على ركعات السنن. وغيرها انظر : ذكرى الشيعة : 195 ، المسألة الخامسة / والمختلف : 1 ، 4.

(2) تقدم كلامهما في صحيفة : 66.

٦٩

تبصرة :

حكم العلّامة(1) ـ أعلى الله مقامه ـ باستحباب الترائي للهلال ليلتي الثلاثين من شعبان وشهررمضان على الأعيان ، وبوجوبه فيهما على الكفاية.

واستدلَّ ـ طاب ثراه على الوجوب ـ بأن الصوم [5 / ] واجب في أول شهررمضان ، وكذا الإفطار في العيد ، فيجب التوصل إلى معرفة وقتهما ، لأنَّ ما لايتم الواجب إلَّا به فهو واجب(2) . هذا كلامه زيد إكرامه.

و أقول : للبحث فيه مجال ، لأنَّه إنَّما يجب صوم ما يعلم أو يظنّ أنّه من شهر رمضان ، لا ما يشك في كونه منه ، وهكذا إنما يجب إفطار ما يعلم أو يظنّ أنَّه العيد ، لا ما يشكّ في أنه هو(3) ، كيف والأغلب في الشهر أن يكون تامّاً(4) ، كما يشهد به التتبع؟!.

________________________

(1) الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي ، الشهير بالعلّامة ، حاله في الجلالة ، والفقاهة ، والوثاقة ، ووفور العلم في الفنون ، مشهود لها ، كفاه فخراً تلقيبه بالعلّامة ، أول من قسم الأخبار إلى أربعة اقسام. له مؤلفات منها : الخلاصة في الرجال ، منتهى ألمطلب ، تحرير الأحكام ، المختلف ، نهاية الوصول ، الألفين في الإمامة ، مختصر شرح نهج البلاغة ، القواعيد وغيرها. توفي سنة 726 = 1325 م ونقل جثمانه الشريف إلى النجف الأشرف ، ودفن عند المنارة اليسرى للداخل للحرم العلوي الشريف ومرقده الطاهر يزار ويتبرك به.

انظر : رجال العلامة : 45 رقم 52 / روضات الجنات 2 : 269 رقم 198 / تنقيح المقال 1 : 314رقم 2794 / الدرر الكامنة 2 : 49 رقم 1578 وأيضاً 2 : 71 رقم 1618 / لسان الميزان 2 : 317رقم 1295 / مرآة الجنان 4 : 276 رجال أبن داود : 78 رقم 466 / لؤلؤة البحرين : 210رقم 82 / رجال بحر العلوم 2 : 257 / نقد الرجال : 99 رقم 175 / امل الآمل : 1 / 81 رقم 224 / رياض العلماء 1 : 358 / جامع الرواة 1 : 230 / مصفى المقال : 131.

(2) انظر : تذكرة الفقهاء 1 : 268 في الفصل السابع من أقسام الصوم / منتهى المطلب 2 : 590.

(3) وأيضاً فدليله لوتم لدل على الوجوب العيني ، فتامل ،( منه ). قدس سره ، هامش المخطرط.

(4) وأما ما يوجد في بعض الروايات ، « من أنّ شعبان لا يتم أبداً ورمضان لا ينقص أبداً » فلم يقل به علماؤنا رضي الله عنهم ، وإنّما هو قول بعض الحشوية ، والقول به لا يجامع القول بوجوب الترائي للهلال ليلتي الثلاثين من الشهرين. فلا استحباب ،( منه ). قدس سره ، هامش الأصل.

٧٠

هداية :

ا لأدعية المأثورة عند النظر إلى الهلال كثيرة ، فبعضها يعمّ كلّ الشهور ، وبعضها يختص بشهر رمضان.

فمن القسم الأول :

ما رواه الشيخ الصدوق ، عماد الإسلام ، محمد بن علي بن بابويه(1) رحمه‌الله في كتاب من لا يحضره الفقيه ؛ ورواه أيضا شيخ الطائفة ، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي(2) عطر الله تربته ، في كتاب تهذيب الأخبار ، ومصباح المتهجد ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال : « إذا رأيت الهلال فلا تبرح ، وقل :

( اللهم إني أسألك خير هذا الشهر ، وفتحه ونوره ، ونصره ، وبركته ، وطهوره ورزقه ؛ وأسألك خير ما فيه وخير ما بعده ، وأعوذ

________________________

(1) أبو جعفر ، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ، رئيس المحدثين ، جليل القدر ، حافظ للحديث ، ثبت ، بصير بالرجال ، كفاه فخراً ولادته بدعاء الحجة عجّل الله فرجه ، نزل الري ، وورد بغداد سنة 355 ، حدَّث بها ، وسمع منه جمع كثيرمن الفريقين ، له اكثرمن 300 مصنفاً ، رحل إلى الأمصار لطلب الحديث ، حتى بلغ عدد شيوخه اكثر من 250 شيخاً ، تخرجعليه جمع من أعيان الطائفة ووجوهها ، أمثال الشيخ المفيد ، والتلعكبري ، وابن القصار ، والنجاشي ، والمرتضى ، من كتبه : من لا يحضره الفقيه ، التوحيد ، كمال الدين ، الأمالي ، عيون الأخبار ، الخصال ، مات سنة 381 = 991 م.

انظر : الفهرست : 156 رقم 695 / رجال النجاشي : 389 رقم 1049 / معالم العلماء : 111 رقم 764 / رجال بن داود : 179 رقم 1455 / رجال العلامة : 147 رقم / 44 / روضات الجنات 6 : 132 رقم 574 / تنقيح المقال 3 : 154 رقم 11104 / أمل الآمل 2 : 283 / تاريخ بغداد 3 : 89 رقم 1078 رجال بحر العلوم 3 : 192 ، وغيرها كثير.

(2) أبو جعفر الطوسي ، محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ، نسبة إلى طوس خراسان ، شيخ الإمامية بلا منازع ، ووجههم ، جليل القدر ، عظيم المنزلة ، ثقة ، عين صدوق ، له اليد الطولى في الأخبار ، والرجال ، والفقه. له اكئر من 40 مؤلفاً لا زالت تحتل المكانة السامية بين آلاف المؤلفات ، غرة ناصعة في جبين الدهر ، منها : كتاب الخلاف ، الأبواب في الرجال ، التهذيب ، الاستبصار ، التبيان في التفسير ، الاقتصاد وغيرها روى عن ابن الحاشر ، وابن الصلت الاهوازي ، وابن الغضائري ، وابن الجنيد ، وشيخ الأمة المفيد ، وغيرهم. أخذ عنه

٧١

بك من شر ما فيه وشر ما بعده ؛ اللهم أدخله علينا بالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام والبركة ، والتوفيق لما تحب وترضى ) » (1) .

و منه ما رواه الشيخ الصدوق أيضاً ، في كتاب عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا رأى الهلال قال : «أيها الخلق المطيع ، الدائب السريع ، المتصرف في ملكوت الجبروت بالتقدير ، ربي وربك الله. أللهم أهلّه علينا بالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام والإحسان ، وكما بلَّغتنا أوله فبلّغنا آخره ، واجعله شهراً مباركاً ، تمحو فيه السيئات ، وتثبت لنا فيه الحسنات ، وترفع لنا فيه الدرجات ، يا عظيم الخيرات ) »(2) .

و منه ما أورده السيد الجليل الطاهر ، ذو المناقب والمفاخر ، رضي الدين علي بن طاووس(3) قدس الله نفسه ، ونوّر رمسه ، في كتاب الزوائد

________________________

جمع منهم ولده ، وابن شهر آشوب ، وابن البراج ، وحسكا ، وأبو الصلاح ، والطبري ، والآبي ، والطرابلسي ، توفي سنة 460 هـ = 1067 م ودفن بداره في النجف الأشرف.

انظر : البداية والنهاية 12 : 97 / لسان الميزان 5 : 135 رقم 452 / الكامل 10 : 24 / المنتظم 8 : 173 / جامع الرواة 2 : 92 / مقابيس الأنوار : 4 / معالم العلماء : 114 رقم 766 / تنقيح المقال 3 : 104 رقم 80563 / الخلاصة : 148 رقم 46 / رجال النجاشي : 403 رقم 1068 / الفهرست للطوسي : 159 رقم 699.

(1) من لا يحضره الفقيه 2 : 62 حديث 268 / التهذيب 4 : 197 حديث 564 / ومصباح المتهجد : 486 وفيهما هكذا( والبركة والتقوى والتوفيق ).

(2) عيون أخبار الرضا 2 : 71 حديث 329.

(3) رضي الدين ، علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني العلوي ، البيان والقلم أعجز من أن يذكره بشيء ، إذ جلالته وفضله ، وزهده وعبادته ، وعظم منزلته شيء لا يحاط به.كان كثير ألحفظ ، نقي الكلام ، شاعراً بليغاً ، له مصنفات كثيرة منها : فرج ألهموم ، رسالة في الإجازات ، مصباح الزائر ، فرحة ألناظر ، الطرائف ، الطرف ، غياث سلطان الورى لسكان الثرى ، وغيرها كثير ، مات سنة 664 هـ = 1265 م.

انظر : روضات الجنات 4 : 325رقم 405 / عمدة الطالب : 219 / تنقيح المقال 2 : 310 رقم 8529 / المقابيس : 12 / نقد الرجال : 244 رقم 241 / جامع الرواة 2 : 603 / رياض العلماء 4 : 161 / لؤلؤة البحرين : 235 رقم 84 / خاتمة المستدرك 3 : 467 / معجم رجال الحديث

٧٢

والفوائد(1) . وهو أن يقول عند رؤيته [ 6 / ] : «ربي وربك الله رب العالمين. اللهمَّ صلّ على محمد وآل محمد ، وأهله علينا وعلى أهل بيوتاتنا ، وأشياعنا بأمن وإيمان ، وسلامة وإسلام ، وبرّ وتقوى ، وعافية مجللة ، ورزق واسع حسن ، وفراغ من الشغل ، واكفنا بالقليل من النوم ، ووفقنا للمسارعة فيما تحب وترضى وثبتنا عليه ؛ اللهم بارك لنا في شهرناهذا ، وارزقنا بركته وخيره ، وعونه وغُنمه ، ونُوره ويُمنه ، ورحمته ومغفرته ، واصرف عنَّا شره وضره ، وبلاءه وفتنته ؛ اللهمّ ما قسمت فيه من رزق أو خير أو عافية أو فضل ، أو مغفرة أو رحمة فأجعل نصيبنا منه الاكثر ، وحظّنا فيه الأوفر » (2) .

ومنه ما أورده أيضاً في الكتاب المذكور وهو أن يقول عند رؤيته :

« الله أكبر ـ ثلاثا ـ ربي وربك الله لا إله إلَّا هو رب العالمين ،

________________________

12 : 188 / الأعلام 5 : 26 / معجم المؤلفين 7 : 248 وغيرها.

(1) اختلفت الآراء في مؤلف الكتاب( الزوائد والفوائد ) ، وكذا في اسمه ، حيث ورد تارة : الزوائدوالفوائد ، وأخرى : زوائد الفوائد.

وأما المؤلف فقد نسبه العلامة المجلسي في البحار 1 : 13 ، وصاحب الروضات 4 : 338 ، وشيخ الذريعة 12 : 59 ، الى رضي الدين علي بن علي بن طاووس ، اي « الابن ». واليه مال السيد المشكاة كما حكى عن مقدمته للصحيفة السجادية.

ونسبه الشيخ البهائي لرضي الدين علي بن طاووس « الأب » كما هنا وفي موضع آخر وهو واضح.

ثم إن ما نسبه صاحب الروضات الى الشيخ البهائي من نسبته الكتاب الى الابن في الحديقة الهلالية فهو كما ترى. ولا أعلم كيف استفاد ذلك من هذه العبارة الصريحة.

والحق موقوف على الحصول على نسخة كاملة للكتاب لمعرفة المؤلف إذ النسخة ألموجودة في جامعة طهران ـ على ما جاء وصفها في فهرستها للمخطوطات 1 : 127 ـ ناقصة الأول والآخر ، والكاتب امي والنسخة مغلوطة جدا ، ومع هذه الصفات لا يمكن الركون والاعتماد في النسبة عليها.

هذا كلّه اضافة إلى ما كرره في الإقبال من النقل عن كتاب الزوائد والفوائد صريحاً.

ومع اعتراف شيخ الذريعة قدس سره بذلك لا أعرف وجها لحمله كلام ابن طاووس على إرادة المعنى اللغوي الوصفي وصرفه عن ظاهره حيث يقول السيد في عمل ذي الحجة ما لفظه : [ وقد ذكرنا في كتاب الزوائد والفوائد في عمل ] تلاحظ.

(2) الزوائد والفوائد : مخطوط ، ألإقبال : 18.

٧٣

ا لحمد لله الذي خلقني وخلقك ، وقدّرك منازل ، وجعلك اية للعالمين ، يباهي الله بك الملائكة ؛ الّلهم أهله علينا بالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام ، والغبطة والسرور ، والبهجة والحبور ، وثبتنا على طاعتك ، والمسلارعة فيما يرضيك ؛ اللهم بارك لنا في شهرناهذا ، وارزقنا خيره وبركته ، ويمنه وعونه وقوته ، واصرف عناشره وبلاءه وفتنته ، برحمتك يا أرحم الراحمين » (1) .

و من القسم الثاني :

ما رواه ركن الملة ، ثقة الإسلام ، محمد بن يعقوب الكليني(2) ـ سقى الله ضريحه صوب الرضوان ـ في كتاب الكافي ؛ ورواه آية الله العلَّآمة طاب ثراه في التذكرة ، ومنتهى المطلب ؛ عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليه‌السلام قال : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أهل شهررمضاناستقبل القبلة ورفع يديه فقال: ( الّلهمّ أهلّه علينا بالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام والعافية المجللة ، والرّزق الواسع ، ودفع الأسقام ؛ اللهمّ ارزقنا صيامه وقيامه وتلاوة القرآن فيه ، وسلّمه لنا ،

________________________

(1) الزوائد والفوائد : مخطوط ، الإقبال : 19.

(2) أبو جعفر الرازي ، محمد بن يعقوب بن اسحاق الكليني ، المشهور بثقة الإسلام ، شيخ الطائفة ووجههم في الري ، القلم عاجز عن بيان فضله ، وجلالة قدره ، وورعه وعلو منزلته ، هو اشهر.

من أن يحيط به بيان ، له كتب منها الكافي اشهرها ، أحد الاصول الحديثية المعتمدة لدى الطائفة ، صنفه في عشرين سنة ، يعد من مجددي المذهب على رأس المائة الثالثة ، توفي والصيمري آخر السفراء في سنة واحدة ، وسميت بسنة تناثر النجوم.

مات ببغداد سنة 328 = 939 م ودفن في بقعة على يسار العابر من الرصافة.

انظر : تنقيح المقال 3 : 201 رقم 11540 / رجال بحر العلوم 3 : 325 / رجال الشيخ : 495 رقم 27 / الفهرست : 135 رقم 591 / رجال النجاشي : 377 / 1026 / فلك النجاة : 337 / جامع الأصول 11 : 323 / روضات الجنات 6 : 108 رقم 8 / تاج العروس 9 : مادة كلين / عوائد الأيام : 297 / الكامل 6 : 274 / لسان الميزان 5 : 433 رقم 1419 / وانظر مقدمة الكافي بقلم البحاثة الأستاذ حسين محفوظ في طبعة 1388 لدار الكتب الاسلامية.

٧٤

وتسلّمه منّا ، وسلّمنا فيه ) (1) .

و منه ما أورده الشيخ الصدوق طاب ثراه في كتاب من لا يحضره الفقيه أيضاً ، نقلا عن أبيهرضي‌الله‌عنه في الرسالة ـ وذكر السيد الجليل الطاهر المشار إليه [7 / ] أنّه مروي عن الصادقعليه‌السلام ـ قال : إذا رأيت هلال شهر رمضان فلا تشر إليه ، ولكن استقبل القبلة وارفع يديك إلى الله عزّ وجلّ وخاطب الهلال ، وقل :« ربي وربك الله رب العالمين ؛ اللّهمّ أهلّه علينا بالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام ، والمسارعة إلى ما تحب وترضى ؛اللّهمَّ بارك لنا في شهرنا هذا ، وارزقنا عونه وخيره ، واصرف عنّاضرّه وشرّه ، وبلاءه وفتنته » (2) .

تنبيه :

يستفاد من هذه الروايات بعض الآداب التي ينبغي مراعاتها حال قراءة الدعاء عند رؤية الهلال :

فمنها : أن تكون قراءة الدعاء قبل الانتقال من المكان الذي رأى فيه الهلال ، كما تضمنته الرواية الأول ، فإن قولهعليه‌السلام « لا تبرح » أي لا تَزُل عن مكانك الذي رأيته فيه(3) .

و منها : استقبال القبلة حال الدعاء ، كما تضمنه الحديث المروي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أنَّه كان يفعل ذلك(4) .

و منها : رفع اليدين إلى الله عزَّ وجلَّ وقت قراءة الدعاء ، كما تضمنه الحديثان الأخيران(5) .

________________________

(1) الكافي 4 : 70 حديث 1 / تذكرة الفقهاء 1 : 268 / منتهى المطلب 2 : 590 وفي المصادر هكذا ( اللهم سلمه لنا ) / الفقيه 2 : 62 حديث 269.

(2) الفقيه 2 : 62 ذيل الحديث 269 ، والاقبال : 18.

(3) انظرصحيفة 71 ، وهي ما روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

(4) انظر صحيفة 74 ، وهي رواية الامام الباقرعليه‌السلام .

(5) انظر صحيفة 74 ، 75 وهما روايتا الإمامين الباقر والصادقعليهما‌السلام .

٧٥

ولا خصوصية لهذين الأمرين بهلال شهر رمضان ، وإن تضمن الخبران انّ فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك كان في هلاله ، وكذلك أمر الصادقعليه‌السلام بذلك ، بل لا خصوصية لهما بدعاء الهلال ، فانهما يعمّان كلدعاء [ 8 / ].

و منها : أن لا يشير إلى الهلال بيده ولا برأسه ، ولا بشيء من جوارحه ، كما تضمنته الرواية الأخيرة(1) ، ولعلّ هذا أيضا غيرمختص بهلال شهر رمضان.

و منها : أن يخاطب الهلال بالدعاء ، ولعل المراد خطابه بما يتعلق به من الألفاظ ، نحو « ربي وربك الله رب العالمين » وكأوَّل الدعاء الذي أوجبه ابن أبي عقيلرحمه‌الله (2) ، وكاكثر ألفاظ هذا الدعاء الذي نحن بصدد شرحه.

و قد يُظنّ التنافي بين مخاطبة الهلال واستقبال القبلة في البلاد التي قبلتها على سمت المشرق.

وليس بشيء ، لأنَّ الخطاب ليس إلَّا توجيه الكلام نحو الغير للإفهام ، وهو لا يستلزم مواجهة المخاطب واستقباله ، إذ قد يخاطب الإنسان من هو وراءه.

ويمكن أن يقال : استقبال الداعي الهلال وقت قراءة ما يتعلق بمخاطبته من فصول الدعاء ، واستقبال القبلة في الفصول الاُخر.

وأما رفع اليدين فالظاهر أنَّه في جميع الفصول ، وإن كان تخصيصه بما عدا الفصول المخاطب بها الهلال غير بعيد ، والله أعلم.

تذكرة فيها تبصرة :

قد عرفت أنَّه يمتد وقت الدعاء بامتداد وقت التسمية هلالاً ، ولو قيل بامتداد ذلك إلى ثلاث ليال لم يكن بعيدا ، فلو نذر قراءة دعاء الهلال عند

________________________

(1) انظر صحيفة 75. وهي رواية الإمام الصادقعليه‌السلام .

(2) انظر صحيفة 68 ، و 73.

٧٦

رؤيته ، وقلنا بالمجازية فيما فوق الثلاث [9 / أ] ، لم تجب عليه القراءة برؤيته فيما فوقها ، حملاً للمطلق على الحقيقة ؛ وهل تشرع؟ ألظاهر نعم إن رآه في تتمة السبع ، رعاية لجانب الاحتياط ، أما فيما فوقها فلا ، لأنه تشريع.

و لو رآه يوم الثلاثين فلا وجوب على الظاهر لعدم تسميته حينئذٍ هلالاً.

و ما في حسنة حماد بن عثمان(1) ـ عن الصادقعليه‌السلام من إطلاق إسالهلال عليه قبل الغروب(2) ـ لعله مجاز ، إذ الأصل عدم النقل.

ولو لم يره حتى مضت الثلاث فاتفق وصوله إلى بقعة شرقية هو فيها هلال فرآه هناك لم يبعد القود بوجوبه عليه حينئذٍ ، كما لا يبعد القول بوجوب الصوم على من رأى هلال شهر رمضان فصام ثلاثين ثم سافر إلى بلد مضى فيه من شهررمضان تسعة وعشرون ولم يُر فيه الهلال ليلة الثلاثين ، وهو مختار العلامة طاب ثراه في القواعد(3) .

وقد استدلَّ عليه ـ ولده فخر المحققين(4) رحمه‌الله في الإيضاح بأنَّ

________________________

(1) حمَّاد بن عثمان بن زياد الرواسي ، الملقب بالناب ، من أصحاب الأئمة الصادق والكاظم والرضاعليهم‌السلام ، من الثقات الأجلاء ، وهكذا اخوته ، فهم من بيت فضل وعلم من خيار الشيعة ، وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، وأقرّوا له بالفقه ، لم يختلف في توثيقه اثنان ، روى عنه ابن أبي عمير ، والوشّاء ، والحسن بن علي بن فضال ، وفضالة ، وغيرهم مات سنة 190 هـ =805 م.

راجع : تنقيح المقال 1 : 365 رقم 3313 / رجال الشيخ : 173 رقم 139 و 346 رقم 2 و 371رقم 1 / الفهرست : 60 رقم 230 / الخلاصة : 56 رقم 3 / جامع الرواة 1 : 271 / مجمع الرجال 2 : 227.

(2) التهذيب 4 : 176 حديث 488 / والاستبصار 2 : 73 حديث 225 ألكافي 4 : 78 حديث 10. والغروب اشارة الى آخر الشهر.

(3) قواعد الأحكام : 69 ـ 70.

(4) أبو طالب ، محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي ، فخر المحققين وجه وجوه الطائفة ، جليل القدر ، عظيم المنزلة ، رفيع الشأن ، جيد التصنيف لما امتاز به من وفور العلم والفقاهة ، وطول الباع في كثير من ألعلوم ، أوصى اليه والده العلامة في آخر القواعد ـ الذي صنفه له ولمَّا يبلغ العاشرة ـ باتمام ما بقي ناقصاً من كتبه ، بلغ رتبة الاجتهاد في العاشرة من عمره ، له مصنفات

٧٧

الاعتبار في الأهلَّة بالموضع الذي فيه الشخص ألآن لا بموضع كان يسكنه ، وإلاَّ لوجب على الغائب عن بلده الصوم برؤية الهلال في بلده ، وهو باطل إجماعاً(1) ، هذا ملخص كلامه.

و أقول : فيه بحث ، فإنَّ من اعتبر موضعاً كان يسكنه لم يعتبره من حيث سبق سكناه فيه ، بل من حيث رؤيته الهلال فيه سابقأ ، فكلّفه العمل بمقتضى تلك الرؤية ، فمن أين يلزمه وجوب الصوم على الغائب عن بلده برؤية غيره الهلال فيه؟! فتأمل.

بسط كلام لإبراز مرام :

تحقق أمثال هذه المسائل المبنية على تخالف الآفاق في تقدم طلوع الأهلّة وتأخرها ظاهر ، بناء على ما ثبت من كروية الأرض ، والذين أنكروا كرويتها فقدأنكروا تحققها ، ولم نطلع لهم على شبهة في ذلك فضلا عن دليل.

و الدلائل الآتية المذكورة في المجسطي(2) ـ وغيره ـ شاهدة بكرويتها ، وان كانت شهادة الدليل الّلمِّي المذكور في الطبيعي مجروحة [9 / ب].

و قد يتوهم أن القول بكرويّتها خلاف ما عليه أهل الشرع ، وربّما استند ببعض الآيات الكريمة كقوله تعالى :( الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ

________________________

منها : ايضاح الفوائد ، شرح خطبة القواعد ، الفخرية في النية ، حاشية الارشاد ، الكافية في الكلام ، مات سنة 771 هـ = 1369.

انظر : هدية الأحباب : 288 / روضات الجنات 6 : 330 رقم 591 / جامع الرواة 2 : 96 تنقيح المقال 3 : 106 رقم 10581 / الفوائد الرضوية : 486 / خاتمة المستدرك 3 : 459 نقد الرجال : 302 رقم 253 أمل الآمل 2 : 260 رقم 768 / أعيان الشيعة 9 : 159.

(1) إيضاح الفوائد 1 : 252.

(2) المجسطي ـ بكسر الميم والطاء وفتح الجيم وتخفيف الياء ـ كلمة يونانية ، اصلها ماجستوس ، اسم لأهم بل لأشرف ما صنّف في عالم الهندسة الفلكية بأدلتها التفصيلية ، وكل من جاء بعد كان عيالاً عليه من دون استثناء ، مؤلفه الحكيم بطليموس الفلوزي ، عُرِّب قديماً بواسطة جمع ، ونقح أيضا وشرح. للتفصيل راجع كشف الظنون 2 : 1594 / ولغة نامه دهخدا 41 : 455 / وفرهنك جامع فارسي( آنندراج ) 6 : 3854.

٧٨

فِرَاشاً ) (1) ، وقوله سبحانه :( أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا) (2) وقوله جلَّ شأنه :( وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ) (3) ، وأمثال ذلك ، ولا دلالة في شيء منها على ما ينافي الكروية.

قال في الكشّاف عند تفسير الاية الاُولى ، فإن قلت : هل فيه دليل على أنّ الأرض مسَّطحة وليست بكرّية؟.

قلت : ليس فيه إلَّا أنَّ الناس يفتر شونها كما يفعلون بالمفارش ، وسواءكانت على شكل السطح أو شكل الكرة فالافتراش غير مستنكر ولا مدفوع؛ لعظم حجمها ، واتساع جرمها ، وتباعد أطرافها. وإذا كان متسهّلاً في الجبل وهو وتد من أوتاد الأرض ، فهو في الأرض ذات الطول والعرض أسهل(4) . إنتهى كلامه.

و قال(5) في التفسير الكبير : من الناس من يزعم أنَّ الشرط في كون الأرض فراشاً أن لا تكون كرة ، فاستدلَّ بهذه الاية على أن الأرض ليست كرة ، وهذا بعيد جدا ، لأنَّ الكرة إذا عظمت جداً كان كل قطعة منها كالسطح(6) ، انتهى.

و كيف يتوهم متوهم أن القول بكروية الأرض خلاف ما عليه أهل الشرع!! وقد ذهب إليه كثيرمن علماء الإسلام ، وممن قال به صريحاً من فقهائنا ـ رضوان الله عليهم ـ العلّامة آية الله ، وولده فخر المحققين قدس سرهما.

________________________

(1) البقرة ، مدنية ، 2 : 22.

(2) النبأ ، مكية ، 78 : 6.

(3) الغاشية ، مكية ، 88 : 20

(4) تفسير الكشاف 1 : 94

(5) أبوعبدالله محمد بن عمر بن الحسين الطبرستاني الرازي ، ابن الخطيب الشافعي الأشعري. العالم الاُصولي المتكلّم المشارك في العلوم. أخذ عن والده والكمال السمناني والجيلي. له التفسير ، المباحثالمشرقية ، الملخّص ، المحصّل. توفي سنة 606 هـ = 1209 م بهراة.

له ترجمة في : تاريخ الحكماء : 1 29 / وفيات الأعيان 4 : 248 ت / طبقات السبكي 5 : 23 / وانظرسيرأعلام النبلاء 21 : 500 ت 261 ومصادره.

(6) التفسير الكبير للفخر الرازي 2 : 104.

٧٩

قال العلامة في التذكرة : إنَّ الأرض كرة ، فجاز أن يرى الهلال في بلد ولا يظهر في آخر ؛ لأنَّ حدبة الأرض مانعة لرؤيته ، وقد رصد ذلك أهل المعرفة ، وشوهد بالعيان خفاء بعض الكواكب الغربيّة لمن جد في السيرنحو المشرقوبالعكس(1) ، إنتهى كلامه زيد إكرامه [10 / أ].

و قال فخر المحقّقين في الإيضاح : الأقرب أنَّ الأرض كروية؟لأنَّ الكواكب تطلع في المساكن الشرقية قبل طلوعها في المساكن الغربية ، وكذا في الغروب.

فكلّ بلد غربب بَعُد عن الشرقي بألف ميل يتأخر غروبه عن غروب الشرقي بساعة واحدة.

و إنَّما عرفنا ذلك بأرصاد الكسوفات القمرية ، حيث ابتدأت في ساعات أقل من ساعات بلدنا في المساكن الغربية ، وأكثر من ساعات بلدنا في المساكنالشرقية ، فعرفنا أنَّ غروب الشمس في المساكن الشرقية قبل غروبها في بلدنا ، وغروبها في المساكن الغربية بعدغروبها في بلدنا ، ولو كانت الأرض مسطحة لكان الطلوع والغروب في جميع المواضع في وقت واحد.

ولأنَّ السائر على خط من خطوط نصف النهار على الجانب الشمالي يزداد عليه ارتفاع القطب الشمالي وانخفاض الجنوبي ، وبالعكس(2) ، انتهى كلامه رفع الله مقامه ؛ وهو خلاصة ما ذكره صاحب المجسطي ، وغيره في هذا الباب.

ولا يخفى أن قولهرحمه‌الله : ولأن السائر ، إلى آخره ، من تتمة الدليل ؛لأن اختلاف المطالع والمغارب لا يستلزم كروية الأرض بل استدارتها فيما بين الخافقين فقط ، فيتحقق لوكانت اسطوانية الشكل مثلاً كما لا يخفى.

ولنشرع الآن في شرح الدعاء.

________________________

(1) تذكرة الفقهاء 1 : 603.

(2) إيضاح الفوائد 1 : 252.

٨٠