المزار الكبير

المزار الكبير8%

المزار الكبير مؤلف:
المحقق: جواد القيّومي الإصفهاني
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: 702

المزار الكبير
  • البداية
  • السابق
  • 702 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187465 / تحميل: 6371
الحجم الحجم الحجم
المزار الكبير

المزار الكبير

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٩٢٠٠٢-٠-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

ثانياً: الانحراف السياسي

اتّبع الحكّام الأمويون سياسة من سبقهم في تحويل الخلافة إلى ملك يتوارثه الأبناء عن الآباء دون سابقة علم أو تقوى، وتوزيع المناصب المهمّة والحسّاسة في الدولة على أبنائهم وأقربائهم والمتملقين لهم، واستبدوا بالأمر فلا شورى ولا استشارة إلاّ مع المنحرفين والفسّاق من بطانتهم. ولشعورهم بعدم الأحقية بالخلافة استمروا على نهج من سبقهم في اتخاذ الإرهاب والتنكيل وسيلة لتثبيت سلطانهم، فحينما وجد الوليد بن عبد الملك أنّ ولاية عمر بن عبد العزيز على مكة والمدينة قد أصبحت ملجأً للهاربين من ظلم بقية الولاة، قام بعزله(١) تنكيلاً منه بالمعارضين وارهابهم وغلق منافذ السلامة أمامهم.

وكان سليمان بن عبد الملك محاطاً بثُلّة من الرجال الذين عرفوا بفسقهم وانحرافهم وسوء سيرتهم كما وصفهم أعرابيّ عنده، بعد أن أخذ منه الأمان، فقال له: يا أمير المؤمنين، أنه قد تكنّفك رجال أساءوا الاختيار لأنفسهم، وابتاعوا دنياهم بدينهم، ورضاك بسخط ربهم، خافوك في الله، ولم يخافوا الله فيك، حرب للآخرة وسلم للدنيا، فلا تأمنهم على ما يأمنك الله عليه، فإنّهم لم يأتوا إلاّ ما فيه تضييع وللأمة خسف وعسف، وأنت مسؤول عما اجترموا،

ــــــــــــــ

(١) الكامل في التاريخ: ٤ / ٥٧٧.

٨١

وليسوا مسؤولين عمّا اجترمت، فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك(١) .

واتّبع أبناء عبد الملك الوليد وسليمان سيرة أبيهم، والتزموا بوصيته في قتل الرافضين للبيعة، والتي جاء فيها: ادع الناس إلى البيعة، فمن قال برأسه هكذا فقل بسيفك هكذا(٢) .

وأقرّ كثير من الفقهاء سياسة الحكّام الأمويين خوفاً أو طمعاً أو استسلاماً للأمر الواقع، فقد أقرّوا ما ابتدعوا من ممارسات في تولية الحكم كالعهد إلى اثنين أو أكثر، فقد عهد سليمان بالحكم إلى عمر بن عبد العزيز ومن بعده ليزيد بن عبد الملك، فأقرّ كثير من الفقهاء ذلك، حتى أصبحت نظرية من نظريات تولّي الحكم(٣) .

وحينما تولّى عمر بن عبد العزيز الحكم حدث انفراج نسبي في السياسة الأُموية، كما لاحظنا، وقام ببعض الإصلاحات ومنح الحرية النسبية للمعارضين، وألغى بدعة سبّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام وردّ إلى أهل البيتعليهم‌السلام بعض حقوقهم، واعترف بالممارسات الخاطئة لأسلافه من الحكّام، حتى امتدحه الإمام الباقرعليه‌السلام على ذلك(٤) .

ولكن حكمه لم يدم طويلاً ; إذ عاد الوضع إلى ما كان عليه.

وامتازت هذه المرحلة بسرعة تبدّل الحكّام، فقد حكم سليمان ثلاث سنين، وحكم عمر بن عبد العزيز ثلاث سنين أو أقل، وحكم يزيد بن عبد الملك أربع سنين، وكان كل حاكم ينشغل بالإجهاز على ولاة من سبقه، وكثرت الاختلافات في داخل البيت الأُموي تنافساً على الحكم، كما كثرت

ــــــــــــــ

(١) الكامل في التاريخ: ٣ / ١٧٨.

(٢) البداية والنهاية: ٩ / ١٦١.

(٣) الأحكام السلطانية: ١٣، الماوردي.

(٤) الكامل في التاريخ: ٥ / ٦٢.

٨٢

الفتن الداخلية في عهدهم، حتى قام قتيبة بن مسلم بخلع سليمان والاستقلال في خراسان(١) .

وقام يزيد بن المهلب في سنة ( ١٠١ هـ ) بخلع يزيد بن عبد الملك وجهّز إليه يزيد من قتله وقتل أتباعه.

وأحاط يزيد نفسه بالمتملّقين الذين يبررون له انحرافاته حتى أفتوا له أنه ليس على الخلفاء حساب(٢) .

وهكذا كانت الأمة الإسلامية محاطة بالمخاطر من كل جانب، ففي سنة ( ١٠٤ هـ ) ظفر الخزر بالمسلمين وانتصروا عليهم في بعض الثغور.

وفي عهد هشام بن عبد الملك ازداد الإرهاب والتنكيل بأهل البيتعليهم‌السلام وأتباعهم وسائر المعارضين، حتى اجترأ هشام بن عبد الملك على سجن الإمام الباقرعليه‌السلام وأقدم على اغتياله(٣) . وأصدر أوامره بقتل بعض أتباع الإمام الباقرعليه‌السلام إلاّ أنّ الإمام استطاع أن ينقذهم من القتل(٤) .

والتجأ الكثير إلى العمل السرّي للإطاحة بالحكم الأُموي، فكان العباسيون يعدّون العدّة ويبثون دعاتهم في الأقاليم البعيدة عن مركز الحكومة وخصوصاً في خراسان، وأخذ زيد ابن الإمام زين العابدينعليه‌السلام يعدّ العدّة للثورة على الأمويين في وقتها المناسب، لأنّ الأمويين كانوا قد أحصوا أنفاس الناس عليهم لكي لا يتطرقوا إلى انحرافاتهم السياسية أو يعلنوا عن معارضتهم لها.

ــــــــــــــ

(١) تاريخ ابن خلدون: ٥ / ١٥١.

(٢) البداية والنهاية: ٩ / ٢٣٢.

(٣) مناقب آل أبي طالب: ٤ / ٢٠٦.

(٤) بحار الأنوار: ٤٦ / ٢٨٣.

٨٣

ثالثاً: الانحراف الأخلاقي

لقد حوّل الأمويون الأنظار إلى الغزوات، وحشّدوا جميع الطاقات البشريّة والمادّية باتجاه الغزوات; وذلك من أجل إشغال المسلمين عن التحدّث حول الأوضاع المنحرفة، وعن التفكير في العمل السياسي أو الثوري لاستبدال نظام الحكم بغيره، ولم يكن هدفهم نشر مفاهيم وقيم الإسلام كما يتصوّر البعض ذلك، لأنّهم كانوا قد خالفوا هذه المفاهيم والقيم في سياستهم الداخلية، وداسوا كثيراً من المقدسات الإسلامية، وشجّعوا على الانحرافات الفكرية.

وأدّى توسّع عمليات الفتح والغزو إلى خلق الاضطرابات في المجتمع الإسلامي وتشتيت الأُسر بغياب المعيل أو فقدانه، كما كثرت الجواري والغلمان ممّا أدّى إلى التشجيع على الانحراف باقتناء الأثرياء للجواري المغنّيات وتملك المخنثين، وانتقل الانحراف من البلاط إلى الأمة تبعاً لانحراف الحكّام وفسقهم، فقد انشغلوا باللهو والانسياق وراء الشهوات دون حدود أو قيود حتى كثر الغزل والتشبيب بالنساء في عهد الوليد بن عبد الملك بشكل خاص(١) .

وكانت همّة سليمان بن عبد الملك في النساء، وانعكس ذلك على المجتمع حتى كان الرجل يلقى صاحبه فيقول له: كم تزوجت ؟ وماذا عندك من السراري ؟(٢) .

وقد وصف أبو حازم الأعرج الوضع الاجتماعي والأخلاقي مجيباً سليمان بن عبد الملك على سؤاله: ما لنا نكره الموت؟ بقوله: لأنكم عمّرتم

ــــــــــــــ

(١) الأغاني: ٦ / ٢١٩.

(٢) البداية والنهاية: ٩ / ١٦٥.

٨٤

دنياكم وأخربتم آخرتكم، فأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب(١) .

وكان سليمان يسابق بين المغنيين ويمنح السابقين الجوائز الثمينة(٢) ، ويجزل العطاء للمغنيات. كما ازداد عدد المخنثين في عهده(٣) .

وأقبل يزيد بن عبد الملك على شرب الخمر واللهو(٤) ، ولم يتب من الشراب إلاَّ أسبوعاً حتى عاد إليه بتأثير من جاريته حبّابة(٥) .

وكان يقول: ما يقرّ عيني ما أوتيت من أمر الخلافة حتى اشتري سلامة وحبّابة فأرسل من يشتريهما له(٦) .

وهكذا وصل الانحراف إلى ذروته، حينما أصبح اللهو والمجون من أولى هموم حكّام الدولة.

وليس غريباً أن تنحرف الأمة بانحراف حكامها وولاتهم وأجهزة الدولة، وبهذا الانحراف كانت تبتعد الأغلبية من الناس عن الأهداف الكبرى التي حددها المنهج الإسلامي، ولا تكترث بالأحداث والمخاطر المحيطة بالوجود الإسلامي.

رابعاً: الانحراف في الميدان الاقتصادي

لقد تصرّف الحكّام بالأموال العامّة وكأنّها ملك شخصي لهم، فكانوا ينفقونها حسب رغباتهم وأهوائهم، على ملذاتهم وشهواتهم وكان للجواري والمغنيين نصيب كبير في بيت المال، كما كانوا ينفقون الأموال لشراء الذمم

ــــــــــــــ

(١) مروج الذهب: ٣ / ١٧٧.

(٢) الأغاني: ١ / ٣١٧.

(٣) المصدر السابق: ٤ / ٢٧٢.

(٤) مروج الذهب: ٣ / ١٩٦.

(٥) الأغاني: ١٥ / ٢٩٥.

(٦) المصدر السابق: ٨ / ٣٤٦.

٨٥

والضمائر، ويمنحونها لمن يشترك في تثبيت سلطانهم أو مدحهم والثناء عليهم، فقد مدح النابغة الشيباني يزيد بن عبد الملك فأمر له بمائة ناقة، وكساه وأجزل صلته(١) .

فتنافس الشعراء فيما بينهم للحصول على مزيد من الأموال كما تنافس المغنّون لنيل الهدايا من الحكام أو ولاتهم.

وكان الحكّام يعيشون في أعلى مراتب الترف والبذخ، ويبذّرون أموال المسلمين على لهوهم وشهواتهم، وعلى المقربين لهم، في وقت كان كثير من الناس يعيشون حياة الفقر والجوع والحرمان.وازداد التمييز الطبقي حينما عُطِّل مبدأ التكافل الاجتماعي، ولم تكترث الدولة بمعاناة الناس وهمومهم ولم تتدخل في الحث على الإنفاق.

وقد ضاعف الحكّام من الضرائب، فأضافوا ضرائب جديدة على الصناعات والحرف وخصوصاً في عهد هشام بن عبد الملك، الذي كان ينفق ما تجمّع لديه على الشعراء المادحين له(٢) .

وقد وصف سليمان بن عبد الملك حالات الترف والمجون التي وصلوا إليها قائلاً: قد أكلنا الطيب، ولبسنا اللين، وركبنا الفاره، ولم يبق لي لذة إلاّ صديق أطرح معه فيما بيني وبينه مؤنة التحفظ(٣) .

وهكذا انساق الناس ـ وخصوصاً ـ أتباع الأمويين وراء شهواتهم ورغباتهم، وانشغل الكثير في السعي للحصول على الأموال بأي وجه أمكن.

ــــــــــــــ

(١) الأغاني: ٧ / ١٠٩.

(٢) المصدر السابق: ١ / ٣٣٩.

(٣) مروج الذهب: ٣ / ٧٦.

٨٦

الفصل الثالث: دور الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام في إصلاح الواقع الفاسد

على الرغم من انحراف الحكّام وأجهزتهم الإدارية والسياسية عن المبادئ الثابتة التي أرسى دعائمها القرآن الكريم والسنّة النبويّة; إلاّ أنّ القاعدة الفكرية والتشريعية للدولة بقيت متبنّاةً من قبل الحاكم وأجهزته في مظاهرها العامة، وعلى ضوء ذلك فإنّ دور الإمامعليه‌السلام كان دوراً إصلاحياً لإعادة الحاكم وأجهزته وإعادة الأمة إلى الاستقامة في العقيدة والشريعة، وجعل الإسلام بمفاهيمه وقيمه هو الحاكم على الأفكار والعواطف والمواقف.

وكان أسلوب الإمامعليه‌السلام الإصلاحي متفاوتاً تبعاً لتفاوت الظروف التي كانت تحيط به، وبالحكم القائم، وبالأمة المسلمة.

لقد كان الإمامعليه‌السلام مقصد العلماء من كل بلاد العالم الإسلامي. وما زار المدينة أحد إلاّ عرّج على بيته يأخذ من فضائله وعلومه، وكان يقصده كبار رجالات الفقه الإسلامي: كسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وأبي حنيفة.

وكان دورهعليه‌السلام في الإصلاح يتركّز على اتجاهين متزامنين:

الاتجاه الأول: التحرك في أوساط الأمة وعموم الناس، بما فيهم المسلمون وأصحاب الديانات الأخرى، فضلاً عن التحرك على الحكّام وأجهزتهم لإعادتهم إلى خطّ الاستقامة أو الحدّ من انحرافاتهم وحصرها في نطاق محدود.

الاتجاه الثاني: بناء الجماعة الصالحة لتقوم بدورها في إصلاح الأوضاع العامة للأمة وللدولة طبقاً للأسس والقواعد الثابتة التي أرسى دعائمها أهل البيتعليهم‌السلام بما ينسجم مع القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة.

٨٧

محاور الحركة الإصلاحية العامّة للإمام الباقر عليه‌السلام

أوّلاً: الإصلاح الفكري والعقائدي

من الأزمات التي خلّفتها سيرة الحكّام السابقين هي أزمة ارتباك المفاهيم وما رافقها من تقليد وسطحية في الفكر، فلم تتجلّ حقيقة التصور الإسلامي عند الكثير من المسلمين لكثرة التيارات الهدّامة ونشاطها في تحريف المفاهيم السليمة وتزييف الحقائق، فكان دور الإمامعليه‌السلام هو حمل النفوس على التمحيص لتمييز ما هو أصيل من العقيدة عمّا هو زيف، وعلى تحكيم الأفكار والمفاهيم الأصيلة في عالم الضمير وعالم السلوك على حد سواء، والاستقامة على المنهج الذي يريده الله تعالى للإنسان.

وقد مارس الإمامعليه‌السلام عدة نشاطات لإصلاح الأفكار والعقائد، نشير إلى أهمّها كما يلي:

١ ـ الردّ على الأفكار والعقائد الهدّامة والمذاهب المنحرفة

وجد المنحرفون لأفكارهم وعقائدهم الهدّامة أوساطاً تتقبّلها وتروّج لها ـ جهلاً أو طمعاً أو تآمراً على الإسلام الخالد ـ وفي عهد الإمام الباقرعليه‌السلام نشطت حركة الغلاة بقيادة المغيرة بن سعيد العجلي.

٨٨

روى علي بن محمد النوفلي أن المغيرة استأذن على أبي جعفرعليه‌السلام

وقال له: أخبر الناس أنّي أعلم الغيب، وأنا أطعمك العراق، فزجره الإمامعليه‌السلام زجراً شديداً وأسمعه ما كره فانصرف عنه، ثم أتى أبا هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية فقال له مثل ذلك، فوثب عليه، فضربه ضرباً شديداً أشرف به على الموت، فلمّا برئ أتى الكوفة وكان مشعبذاً فدعا الناس إلى آرائه واستغواهم فاتّبعه خلق كثير(١) .

واستمرّ الإمامعليه‌السلام في محاصرة المغيرة والتحذير منه وكان يلعنه أمام الناس ويقول:(لعن الله المغيرة بن سعيد كان يكذب علينا) (٢) .

ولعنعليه‌السلام بقية رؤساء الغلاة ومنهم بنان التبّان، فقال:(لعن الله بنان التبّان، وإن بناناً لعنه الله كان يكذب على أبي) (٣) .

وكانعليه‌السلام يحذّر المسلمين وخصوصاً أنصار أهل البيتعليهم‌السلام من أفكار الغلو، ويرشدهم إلى الاعتقاد السليم، بقوله:(لا تضعوا عليّاً دون ما وضعه الله، ولا ترفعوه فوق ما رفعه الله) (٤) .

وكانعليه‌السلام يخاطب أنصاره قائلاً:(يا معشر الشيعة شيعة آل محمد كونوا النمرقة الوسطى: يرجع إليكم الغالي، ويلحق بكم التالي) (٥) .

وحذّرعليه‌السلام من المرجئة ولعنهم حين قال:(اللهمّ العن المرجئة فإنهم أعداؤنا في الدنيا والآخرة) (٦) .

وكانعليه‌السلام يحذّر من أفكار المفوضة والمجبرة. ومن أقواله في ذلك:(إيّاك

ــــــــــــــ

(١) شرح نهج البلاغة: ٨ / ١٢١.

(٢) بحار الأنوار: ٢٥ / ٢٩٧.

(٣) المصدر السابق: ٢٥ / ٢٩٧.

(٤) المصدر السابق: ٢٥ / ٢٨٣.

(٥) المصدر السابق: ٦٧: ١٠١.

(٦) المصدر السابق: ٤٦ / ٢٩١.

٨٩

أن تقول بالتفويض! فإنّ الله عَزَّ وجَلَّ لم يفوّض الأمر إلى خلقه وهناً وضعفاً، ولا أجبرهم على معاصيه ظلماً) (١) .

وفي عرض هذا الردّ القاطع الصريح كان الإمامعليه‌السلام يبيّن الأفكار السليمة حول التوحيد لكي تتعرف الأمة على عقيدتها السليمة.

وكان ممّا ركّز عليه الإمامعليه‌السلام في هذا المجال بيان مقومات التوحيد ونفي التشبيه والتجسيم لله تعالى.

قالعليه‌السلام :(يا ذا الذي كان قبل كل شيء، ثم خلق كل شيء، ثم يبقى ويفنى كلّ شيء، ويا ذا الذي ليس في السموات العلى ولا في الأرضين السفلى، ولا فوقهنّ، ولا بينهنّ ولا تحتهنّ إله يعبد غيره) (٢) .

وفي جوابهعليه‌السلام للسائلين عن جواز القول بأنّ الله موجود، قال:(نعم، تخرجه من الحدّين: حدّ الإبطال، وحدّ التشبيه) (٣) .

وقالعليه‌السلام :(إن ربّي تبارك وتعالى كان لم يزل حيّاً بلا كيف، ولم يكن له كان، ولا كان لكونه كيف، ولا كان له أين، ولا كان في شيء، ولا كان على شيء، ولا ابتدع له مكاناً) (٤) .

كما ركّز الإمام الباقرعليه‌السلام على العبودية الخالصة لله ونهى عن الممارسات التي تتضمّن الشرك بالله تعالى.قالعليه‌السلام :(لو أن عبداً عمل عملاً يطلب به وجه الله عزّ جلّ والدار الآخرة، فأدخل فيه رضى أحد من الناس كان مشركاً) (٥) .

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٥ / ٢٩٨.

(٢) المصدر السابق: ٣ / ٢٨٥.

(٣) المصدر السابق: ٣ / ٢٦٥.

(٤) المصدر السابق: ٣ / ٣٢٦.

(٥) المصدر السابق: ٦٩ / ٢٩٧.

٩٠

كما دعا إلى الانقطاع الكامل لله تعالى بقوله:(لا يكون العبد عابداً لله حق عبادته; حتى ينقطع عن الخلق كلّه إليه) (١) .

ونهى الإمامعليه‌السلام عن التكلم في ذات الله تعالى، وذلك لأنّ الإنسان المحدود لا يحيط بغير المحدود فلا ينفعه البحث عن الذات اللامحدودة إلاّ بُعداً، ومن هنا كان التكلم عن ذاته تعالى عبثاً لا جدوى وراءه، فنهىعليه‌السلام عن ذلك، وحذّر منه بقوله:(إن الناس لا يزال لهم المنطق، حتى يتكلموا في الله، فإذا سمعتم ذلك فقولوا: لا اله إلاّ الله الواحد الذي ليس كمثله شيء) (٢) .

وممّا ركّز عليه الإمام الباقرعليه‌السلام الردع من اتّباع المذاهب المنحرفة والأفكار الهدّامة هو بيان عاقبة أهل الشبهات والأهواء والبدع، واستهدف الإمامعليه‌السلام من التركيز على عاقبة المنحرفين فكرياً وعقائدياً إبعاد المسلمين عن التأثر بهم، وإزالة حالة الأنس والألفة بينهم وبين الأفكار والعقائد المنحرفة.

قالعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى:( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) : هم النصارى والقسيسون والرهبان وأهل الشبهات والأهواء من أهل القبلة والحرورية وأهل البدع(٣) .

٢ ـ الحوار مع المذاهب والرموز المنحرفة

يعتبر الحوار إحدى الوسائل التي تقع في طريق إصلاح الناس، حيث تزعزع المناظرة الهادفة والحوار السليم الأفكار والمفاهيم المنحرفة.

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٦٧ / ٢١١.

(٢) المصدر السابق: ٣ / ٢٦٤.

(٣) المصدر السابق: ٢ / ٢٩٨.

٩١

من هنا قام الإمامعليه‌السلام بمحاورة بعض رؤوس المخالفين، لتأثيرهم الكبير على أتباعهم لو صلحوا واستقاموا على الحقّ. وإليك بعض مناظراته:

مع علماء النصارى: حينما أخرج هشام بن عبد الملك الإمامعليه‌السلام من المدينة إلى الشام كانعليه‌السلام يجلس مع أهل الشام في مجالسهم، فبينا هو جالس وعنده جماعة من الناس يسألونه، اذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك، فسأل عن حالهم، فأُخبر أنهم يأتون عالماً لهم في كل سنة في هذا اليوم يسألون عمّا يريدون وعمّا يكون في عامهم، وقد أدرك هذا العالم أصحاب الحوارييّن من أصحاب عيسىعليه‌السلام ، فقال الإمامعليه‌السلام : فهلمّ نذهب إليه؟ فذهبعليه‌السلام إلى مكانهم، فقال له النصراني: أسألك أو تسألني؟ قالعليه‌السلام : تسألني، فسأله عن مسائل عديدة حول الوقت، وحول أهل الجنّة، وحول عزرة وعزير، فأجابهعليه‌السلام عن كل مسألة.

فقال النصراني: يا معشر النصارى، ما رأيت أحداً قطّ أعلم من هذا الرجل لا تسألوني عن حرف وهذا بالشام ردّوني فردّوه إلى كهفه، ورجع النصارى مع الإمامعليه‌السلام .

وفي رواية: أنّه أسلم وأسلم معه أصحابه على يد الإمامعليه‌السلام (١) .

مع هشام بن عبد الملك: ناظره هشام بن عبد الملك في مسائل متنوعة تتعلق بمقامات أهل البيتعليهم‌السلام ، وميراثهم لعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وادعاء الإمام عليعليه‌السلام علم الغيب، فأجابه الإمامعليه‌السلام عن مسائله المتنوعة وناظره في إثبات مقامات أهل البيتعليهم‌السلام مستشهداً بالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة،

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٤٦ / ٣١٣ ـ ٣١٥.

٩٢

فلم يستطع هشام أن يردّ عليه، وناظره في مواضع أخرى، فقال له هشام: (أعطني عهد الله وميثاقه ألاّ ترفع هذا الحديث إلى أحد ما حييت)، قال الإمام الصادقعليه‌السلام :فأعطاه أبي من ذلك ما أرضاه (١) .

وقد ذكرنا تفصيل المناظرتين في بحث سابق فراجع(٢) .مع الحسن البصري: قال له الحسن البصري: جئت لأسألك عن أشياء من كتاب الله تعالى.

وبعد حوار قصير قال لهعليه‌السلام :بلغني عنك أمر فما أدري أكذاك أنت؟ أم يُكذب عليك؟ قال الحسن: ما هو ؟

قالعليه‌السلام :زعموا أنّك تقول: إنَّ الله خلق العباد ففوّض إليهم أمورهم .

فسكت الحسن... ثمّ وضّح له الإمامعليه‌السلام بطلان القول بالتفويض وحذّره قائلاً:وإيّاك أن تقول بالتفويض، فإنّ الله عَزَّ وجَلَّ لم يفوّض الأمر إلى خلقه، وهناً منه وضعفاً، ولا أجبرهم على معاصيه ظلماً (٣) .

ولهعليه‌السلام مناظرات مع محمد بن المنكدر ـ من مشاهير زهاد ذلك العصر ـ ومع نافع بن الأزرق أحد رؤساء الخوارج، ومع عبد الله بن معمر الليثي، ومع قتادة بن دعامة البصري(٤) واحتجاجات لا يتحمّل شرحها هذا المختصر.

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٤٦ / ٣١٣ ـ ٣١٥.

(٢) راجع مبحث: ملامح وأبعاد هامة في عصر الإمام الباقرعليه‌السلام .

(٣) الاحتجاج: ٢/١٨٤.(٤) أعيان الشيعة: ١/٦٥٣ .

٩٣

٣ ـ إدانة فقهاء البلاط

جاء قتادة بن دعامة البصري إلى الإمامعليه‌السلام وقد هيّأ له أربعين مسألة ليمتحنه بها، فقال لهعليه‌السلام :أنت فقيه أهل البصرة؟ قال قتادة: نعم، فقالعليه‌السلام :(ويحك يا قتادة إن الله عَزَّ وجَلَّ خلق خلقاً، فجعلهم حججاً على خلقه، فهم أوتاد في أرضه، قوّام بأمره، نجباء في علمه اصطفاهم قبل خلقه) ، فسكت قتادة طويلاً، ثم قال: أصلحك الله، والله لقد جلست بين يدي الفقهاء، وقدّام ابن عباس، فما اضطرب قلبي قدّام أحد منهم ما اضطرب قدّامك(١) .

وأدان الإمام الباقرعليه‌السلام أبا حنيفة لقوله بالقياس، وعلّق الأستاذ محمد أبو زهرة على هذه الإدانة قائلاً: تتبيّن إمامة الباقر للعلماء، يحاسبهم على ما يبدو منهم، وكأنّه الرئيس يحاكم مرءوسيه ليحملهم على الجادة، وهم يقبلون طائعين تلك الرئاسة(٢) .

٤ ـ الدعوة إلى أخذ الفكر من مصادره النقيّة

لقد حذّر الإمامعليه‌السلام الناس من الوقوع في شراك الأفكار والآراء والعقائد المنحرفة، وحذّر من البدع وجعلها أحد مصاديق الشرك فقال:(أدنى الشرك أن يبتدع الرجل رأياً فيُحَبّ عليه ويبغَض) (٣) .

كما حذّر من الإفتاء بالرأي فقال:(من أفتى الناس بغير علم ولا هوى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه) (٤) .

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٤٦ / ٣٥٧.

(٢) تاريخ المذاهب الإسلامية: ٦٨٩.

(٣) المحاسن: ٢٠٧.

(٤) المصدر السابق: ٢٠٥.

٩٤

ومن هنا كان يدعو الناس إلى أخذ العلم والفكر من منابعه النقية وهم أهل البيت المعصومون من كل زيغ وانحراف. قالعليه‌السلام لسلمة بن كهيل وللحكم بن عتيبة:(شرّقا وغرِّبا فلا تجدان علماً صحيحاً إلاّ شيئاً خرج من عندنا) (١) .

وكان يحذّر من مجالسة أصحاب الخصومات ويقول:(لا تجالسوا أصحاب الخصومات، فإنهم يخوضون في آيات الله) (٢) .

كما كان يشجع على ذكر مقامات أهل البيتعليهم‌السلام وفضائلهم فإنّها من أسباب نشر الحق والفضيلة، فعن سعد الإسكاف، قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : إني أجلس فأقصّ، وأذكر حقكم وفضلكم. فقالعليه‌السلام :(وددت أن على كل ثلاثين ذراعاً قاصّاً مثلك) (٣) .

٥ ـ نشر علوم أهل البيتعليهم‌السلام

لقد فتح الإمامعليه‌السلام أبواب مدرسته العلمية لعامة أبناء الأمة الإسلامية، حتى وفد إليها طلاب العلم من مختلف البقاع الإسلامية، وأخذ عنه العلم عدد كبير من المسلمين بشتى اتّجاهاتهم وميولهم، منهم: عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، والزهري، وربيعة الرأي، وابن جريج، والأوزاعي، وبسام الصيرفي(٤) ، وأبو حنيفة وغيرهم(٥) .

وفي ذلك قال عبد الله بن عطاء: ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علماً

ــــــــــــــ

(١) الكافي: ١ / ٣٩٩.

(٢) كشف الغمّة: ٢ / ١٢٠.

(٣) رجال الكشي: ٢١٥.

(٤) سير أعلام النبلاء: ٤ / ٤٠١.

(٥) تاريخ المذاهب الإسلامية: ٣٦١.

٩٥

منهم عند أبي جعفر، لقد رأيت الحكم عنده كأنّه متعلم(١) .

وكانت أحاديثه مسندة عن آبائه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما كان يرسل الحديث ولا يسنده. وحينما سئل عن ذلك، قال:إذا حدّثت بالحديث فلم أسنده، فسندي فيه أبي زين العابدين عن أبيه الحسين الشهيد عن أبيه علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرئيل عن الله عَزَّ وجَلَّ (٢) .

ثانياً: تأسيس المدرسة الفقهية النموذجية(٣)

لقد جهد الإمام الباقر وولده الصادقعليهما‌السلام على نشر الفقه الإسلامي وتبنّيا نشره بصورة إيجابية في وقت كان المجتمع الإسلامي غارقاً في الأحداث والاضطرابات السياسية، حيث أهملت الحكومات في تلك العصور الشؤون الدينية إهمالاً تاماً، حتى لم تعد الشعوب الإسلامية تفقه من أمور دينها القليل ولا الكثير، يقول الدكتور علي حسن: (وقد أدى تتبعنا للنصوص التاريخية إلى أمثلة كثيرة تدل على هذه الظاهرة ـ أي إهمال الشؤون الدينية ـ التي كانت تسود القرن الأول سواء لدى الحكام أو العلماء أو الشعب، ونعني بها عدم المعرفة بشؤون الدين، والتأرجح وعدم الجزم والقطع فيها حتى في العبادات، فمن ذلك ما روي أن ابن عباس خطب في آخر شهر رمضان على منبر البصرة فقال: اخرجوا صدقة صومكم فكان الناس لم يعلموا، فقال: من ها هنا من أهل المدينة؟ فقوموا إلى إخوانكم فعلموهم، فإنهم لا يعلمون فرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) .

ــــــــــــــ

(١) مختصر تاريخ دمشق: ٢٣ / ٧٩.

(٢) إعلام الورى: ٢٩٤.

(٣) راجع حياة الإمام محمد الباقرعليه‌السلام ، باقر شريف القرشي ١/٢١٥ ـ ٢٢٦.

(٤) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم: ٢ / ١٣١.

٩٦

فأهل البلاد الإسلامية لم يعرفوا شؤون دينهم معرفة كافية، وقد كان يوجد في بلاد الشام من لا يعرف عدد الصلوات المفروضة، حتى راحوا يسألون الصحابة عن ذلك(١) .

إن الدور المشرق الذي قام به الإمام الباقر والصادقعليهما‌السلام في نشر الفقه وبيان أحكام شريعة الله كان من أعظم الخدمات التي قدّماها للعالم الإسلامي.

وسعى إلى الأخذ من علومهما أبناء الصحابة والتابعون، ورؤساء المذاهب الإسلامية كأبي حنيفة ومالك وغيرهما، وتخرج على يد الإمام أبي جعفرعليه‌السلام جمهرة كبيرة من الفقهاء كزرارة بن أعين، ومحمد بن مسلم وأبان بن تغلب، وإليهم يرجع الفضل في تدوين أحاديث الإمامعليه‌السلام وقد أصبحوا من مراجع الفتيا بين المسلمين، وبذلك أعاد الإمام أبو جعفرعليه‌السلام للإسلام نضارته وحافظ على ثرواته الدينية من الضياع والضمور.

ومن الجدير بالذكر أن الشيعة هم أول من سبق إلى تدوين الفقه فقد قال مصطفى عبد الرازق: (ومن المعقول أن يكون النزوع إلى تدوين الفقه كان أسرع إلى الشيعة لأن اعتقادهم العصمة في أئمتهم أو ما يشبه العصمة كان حرياً إلى تدوين أقضيتهم وفتاواهم)(٢) .

وبذلك فقد ساهمت الشيعة في بناء الصرح الإسلامي، وحافظت على أهم ثرواته... ولابد لنا من وقفة قصيرة للنظر في فقه أهل البيتعليهم‌السلام الذي هو مستمد من الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ــــــــــــــ

(١) سنن النسائي: ١ / ٤٢.

(٢) تمهيد لتأريخ الفلسفة الإسلامية: ص٢٠٢.

٩٧

مميّزات مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام الفقهيّة

١ ـ الاتصال بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والشيء المهم في فقه أهل البيتعليهم‌السلام هو أنه يتصل اتصالاً مباشراً بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فطريقه إليه أئمة أهل البيتعليهم‌السلام الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وجعلهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سفن النجاة، وأمن العباد، وعدلاء الذكر الحكيم حسبما تواترت الأخبار بذلك.

قالعليه‌السلام :(لو أننا حدثنا برأينا ضللنا كما ضل من قبلنا، ولكنا حدثنا ببينة من ربنا بينها لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فبينها لنا) (١) .

٢ ـ المرونة: إن فقه أهل البيت يساير الحياة، ويواكب التطور، ولا يشذ عن الفطرة ويتمشى مع جميع متطلبات الحياة، فليس فيه ـ والحمد لله ـ حرج ولا ضيق، ولا ضرر، ولا إضرار، وإنما فيه الصالح العام، والتوازن في جميع مناحي تشريعاته، وقد نال إعجاب جميع رجال القانون، واعترفوا بأنه من أثرى ما قنن في عالم التشريع عمقاً وأصالة وإبداعاً.

٣ ـ فتح باب الاجتهاد: إنّ من أهم ما تميز به فقه أهل البيتعليهم‌السلام هو فتح باب الاجتهاد، فقد دلّ ذلك على حيوية فقه أهل البيت، وتفاعله مع الحياة واستمراره في العطاء لجميع شؤون الإنسان، وإنه لا يقف مكتوفاً أمام الأحداث المستجدة التي يبتلى بها الناس خصوصاً في هذا العصر الذي برزت فيه كثير من الأحداث واستحدثت فيه كثير من الموضوعات، وقد أدرك كبار علماء المسلمين من الأزهر مدى الحاجة الملحّة إلى فتح باب الاجتهاد، ومتابعة الشيعة الإمامية في هذه الناحية.

ــــــــــــــ

(١) أعلام الورى: ٢٧٠.

٩٨

قال السيد رشيد رضا: (ولا نعرف في ترك الاجتهاد منفعة ما، وأمّا مضارّه فكثيرة، وكلها ترجع إلى إهمال العقل، وقطع طريق العلم، والحرمان من استغلال الفكر، وقد أهمل المسلمون كل علم بترك الاجتهاد، فصاروا إلى ما نرى)(١) .

٤ ـ الرجوع إلى حكم العقل: انفرد فقهاء الإمامية عن بقية المذاهب الإسلامية فجعلوا العقل واحداً من المصادر الأربعة لاستنباط الأحكام الشرعية، وقد أضفوا عليه أسمى ألوان التقديس فاعتبروه رسول الله الباطني، وإنه مما يُعبَد به الرحمن، ويكتَسب به الجنان. ومن الطبيعي ان الرجوع إلى حكم العقل إنّما يجوز إذا لم يكن في المسألة نص خاص أو عام وإلا فهو حاكم عليه، وإن للعقل مسرحاً كبيراً في علم الأصول الذي يتوقف عليه الاجتهاد.

ثالثاً: الإصلاح السياسي

استثمر الإمامعليه‌السلام بعض ظروف الانفراج السياسي النسبي من أجل بناء وتوسعة القاعدة الشعبية، وتسليحها بالفكر السياسي السليم المنسجم مع رؤية أهل البيتعليهم‌السلام ، وتعبئة الطاقات لاتخاذ الموقف المناسب في الوقت المناسب، ولهذا لم تنطلق أي ثورة علوية في عهده، لعدم اكتمال شروطها من حيث العدة والعدد.

وكان الإمامعليه‌السلام يقدّم للأمة المفاهيم والأفكار السياسية الأساسية مع الحيطة والحذر; وكانت له مواقف سياسية صريحة من بعض الحكام لإعادتهم إلى جادة الصواب.

وقد تجلّى دوره الإصلاحي في الممارسات التالية:

١ ـ الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحرّران الإنسان والمجتمع من ألوان الانحراف في الفكر والعاطفة والسلوك، ويحوّلان المفاهيم والقيم الإسلامية الثابتة إلى ممارسات سلوكية واضحة المعالم، تترجم فيها الآراء والنصوص إلى مشاعر وعواطف وأعمال وحركات وعلاقات متجسدة في الواقع لكي تكون الأمة والدولة بمستوى المسؤولية في الحياة، والمسؤولية هي حمل الأمانة الإلهية وخلافة الله تعالى في الأرض.

ــــــــــــــ

(١) الوحدة الإسلامية: ٩٩.

٩٩

ومن هنا جاءت تأكيدات الإمامعليه‌السلام على هذه الفريضة التي جعلها شاملة لجميع مرافق الحياة الإنسانية حيث قال:(إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصالحين، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحلّ المكاسب، وتردّ المظالم وتعمّر الأرض، وينتصف من الأعداء ويستقيم الأمر، فأنكروا بقلوبكم، والفظوا بألسنتكم، وصكّوا بها جباههم، ولا تخافوا في الله لومة لائم...) (١) .

وحذّرعليه‌السلام من مغبّة التخليّ عن المسؤولية، ومداهنة المنحرفين حكّاماً كانوا أم من سائر أفراد الأمة فقال: (أوحى الله تعالى إلى شعيب النبيعليه‌السلام إنّي لمعذّب من قومك مائة ألف: أربعين ألفاً من شرارهم، وستين ألفاً من خيارهم، فقال: يا ربّ هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار ؟

فأوحى الله عَزَّ وجَلَّ إليه: إنهم داهنوا أهل المعاصي، ولم يغضبوا لغضبي)(٢) .

وحثعليه‌السلام على هذه المسؤولية وبيّن آثار التخلي عنها فقال:(الأمر

ــــــــــــــ

(١) تهذيب الأحكام: ٦ / ١٨٠.

(٢) المصدر السابق: ٦ / ١٨١.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

الباب (١٢)

التوجه إلى مشهد أمير المؤمنينعليه‌السلام

١ ـ فإذا أردت الخروج من الكوفة والتوجه إلى أمير المؤمنينصلوات الله عليه فاحرز رحلك وتوجه وأنت على طهرك وغسلك ،وعليك السكينة والوقار وتقول :

اللهم إني توجهت(١) من منزلي ابغي فضلك ، وأزور وصي نبيكصلوات الله عليهما ، اللهم فيسر لي ذلك وسبب المزار له ، واخلفنيفي عاقبتي(٢) وحزانتي(٣) بأحسن الخلافة يا ارحم الراحمين.

فإذا وردت الخندق فقل :

الله أكبر ، أهل الكبرياء والعظمة ، الله أكبر أهل التكبير والتقديسوالتسبيح والمجد والآلاء ، الله أكبر مما أخاف واحذر ، الله أكبر عماديوعليه أتوكل ، الله أكبر رجائي واليه أنيب.

اللهم أنت ولي نعمتي والقادر على طلبتي ، تعلم حاجتي وماتضمره هواجس الصدور(٤) ، فأسألك بحق نبيك المرضي ، الذي قطعتبه حجج المحتجين ، وعذر المعتذرين ، فاخترته حجة على العالمين ،

__________________

(١) خرجت ( خ ل ).

(٢) العاقبة : الولد.

(٣) حزانة الرجل : عياله الذين تتحزن لأمرهم.

(٤) هواجس الصدور اي ما يخطر فيها ويدور فيها من الأحاديث والأفكار.

١٨١

ان لا تحرمنا زيارة أمير المؤمنين وثواب مزاره ، وان تجعلني من وفدهالصالحين وشيعته ومنتجبيه المباركين.

وإذا تراءت لك القبة فقل :

الحمد لله على ما اختصني من طيب المولد ، واستخلصني اكرامابه من(١) موالاة الأبرار ، السفرة الأطهار ، والخيرة الاعلام ، اللهم فتقبلسعيي إليك ، وتضرعي بين يديك ، واغفر لي الذنوب [ التي لا تخفىعليك ](٢) ، انك أنت الله الملك الغفار.

فإذا وصلت إلى العلم فقل :

اللهم انك ترى مكاني ، وتسمع كلامي ، ولا يخفى عليك شئ منأمري ، وكيف يخفى عليك ما أنت مكونه وبارؤه ، وقد جئتك مستشفعابنبيك نبي الرحمة ، ومتوسلا بوصي رسولك ، وأسألك بهما اثباتا فيالهدى ، ونورك في الآخرة والأولى ، وقربة إليك ، وزلفة لديك ، انكأنت الملك القديم.

فإذا وصلت إلى باب الحائر كبرت ثلاثين تكبيرة ، وهللت ثلاثينتهليلة ، وحمدت الله ثلاثين تحميدة ، وصليت على محمد وآله ثلاثينمرة ، ثم دنوت من حيث تدخل ، فقدمت رجلك اليمنى وقلت :

__________________

(١) استخلصني اكراما به اي استخلصني به اكراما لي ، ومن بيانية ، يقال : استخلصه لنفسه :استخصه.

(٢) من المصادر.

١٨٢

بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى اللهعليه وآله.

وصل ركعتين تحية المشهد مندوبا وقل :

السلام على رسول الله خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله ، السلامعلى وصيه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، السلام على جميع ملائكة هذاالحرم الذي هم به محفون ، وبمشهده محدقون ، ولزواره مستغفرون ،الحمد لله الذي أكرمنا بمعرفته ومعرفة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومنفرض علينا طاعته صلى الله عليه ، رحمة وتطولا.

الحمد لله الذي سيرني في بلاده ، وحملني على دوابه ، وطوى ليالبعيد ، ودفع عني المكاره ، وبلغني حرم أخي نبيه ووصي رسولهصلى الله عليهما ، وادخلني البقعة التي قدسها ، وبارك عليه ، واختارهالوصي نبيه صلى الله عليهما.

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، اشهدان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واشهد ان علياعليه‌السلام عبده وأخو رسوله.

اللهم إني عبدك وزائرك ، الوافد إليك ، المتقرب إليك بزيارة أخينبيك ومستحفظ رسولك صلى الله عليهما وسلم ، وعلى كل مأتي حقلمن زاره ، وأنت خير مأتي وأكرم مزور.

فأسألك اللهم بمعاقد العز من عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك ،

١٨٣

وبموجبات رحمتك وعزائم مغفرتك ، ان تصلي على محمد واله وانتجعل حظي من زيارتي في موضعي فكاك رقبتي من النار ، وتجعلنيممن يسارع في الخيرات ويدعوك رغبا ورهبا ، واجعلني منالخاشعين.

اللهم انك بشرتني على لسان نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت :( وبشر الذين امنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ) (١) .

فاني مؤمن بك وبجميع أنبيائك ورسلك صلواتك عليهم ،وبكلماتك وأنبيائك ، فلا توقفني بعد معرفتهم موقفا تفضحني فيه علىرؤوس الاشهاد ، وأوقفني مع محمد وآله صلواتك عليهم ، وتوفنيعلى التصديق بهم والتسليم لهم ، فإنهم عبيدك ، وأنت خصصتهمبكرامتك ، وأمرتني باتيانهم ، وفرضت علي طاعتهم ، فلك الحمد يارب العالمين.

فإذا وقفت على باب السلام فقل :

السلام على أبي الأئمة ، ومعدن النبوة ، والمخصوص بالاخوة ،السلام على يعسوب(٢) الايمان ، وكلمة الرحمن(٣) ، وكهف الأنام ، وسلام

__________________

(١) يونس : ٢.

(٢) اليعسوب : السيد والرئيس والمقدم ، واصله أمير النحل.

(٣) كلمة الرحمن : اي يبين للخلق ما أراد الله اظهاره ، كما أن الكلمة تبين ما في ضميرصاحبها ، أو المراد انه صاحب كلمات الله وعلومه.

١٨٤

على ميزان الأعمال(١) ومقلب الأحوال(٢) وسف ذي الجلال ، وسلامعلى صالح المؤمنين ، ووارث علم النبيين ، والحاكم في يوم الدين.

سلام على شجرة التقوى ، وسامع السر والنجوى ، ومنزل المنوالسلوى ، سلام على حجة الله البالغة ، ونعمته السابغة ، ونقمتهالدامغة.

سلام على إسرائيل الأمة ، وباب الرحمة ، وأبي الأئمة ، سلام علىصراط الله الواضح ، والنجم اللائح ، والامام الناصح ، سلام على وجهالله الذي من آمن به امن ، سلام على نفسه القائمة فيه بالسنن ، وعينهالتي من رعته اطمأن ، سلام على اذن الله الواعية في الأمم ، ويدهالباسطة بالنعم ، وجنبه الذي من فرط فيه ندم.

اشهد انك مجازي الخلق ، ومالك الرزق ، والحاكم بالحق ، بعثكالله علما لعباده ، فوفيت بمراده ، وجاهدت فيه حق جهاده ، صلى اللهعليك ، وجعل أفئدة من المؤمنين تهوي إليك ، والخير منك وفييديك.

عبدك الزائر بحرمك ، اللائذ بكرمك ، الشاكر لنعمك ، قد هربإليك من ذنوبه ، ورجاك لكشف كروبه ، فأنت ساتر عيوبه ، فكن لي إلى

__________________

(١) لأنهم ـ على ما ورد في الروايات الكثيرة ـ موازين يوم القيامة وهم يحاسبون الخلق.

(٢) اي يقلب أحوالهم من الضلالة إلى الهداية ، ومن الجهل إلى العلم و ، أو انه محنةالورى به يتميز المؤمن من الكافر ، وبه انتقل جماعة من الكفر إلى الايمان ، وبه ظهر كفرالمنافقين ، وله معنى آخر دقيق ليس هنا موضع ذكرها.

١٨٥

الله سبيلا ، ومن الله مقيلا ، ولما آمل فيك كفيلا ، نجني نجاة من وصلحبله بحبلك ، وسلك إلى الله بسبلك ، وأنت سامع الدعاء ، ولي الجزاء ،عليك منا التسليم ، وأنت السيد الكريم ، وأنت بنا رحيم ، منك النوال ،وعليك بعد الله التكلان ، والحمد لله وحده.

السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، السلام عليكيا ولي الله ، السلام عليك يا صفوة الله ، السلام عليك يا حبيب الله ،السلام عليك يا وصي رسول رب العالمين وخاتم النبيين ، السلام عليكيا سيد الوصيين ، السلام عليك يا حجة الله على الخلق أجمعين.

السلام عليك أيها النبأ العظيم ، الذي هم فيه مختلفون ، وعنهمسؤولون ، السلام عليك أيها الفاروق الأعظم ، السلام عليك ياأمير المؤمنين ، السلام عليك يا امين الله ، السلام عليك يا حبل اللهوموضع سره ، وعيبة علمه وخازن وحيه.

بابي أنت وأمي يا مولاي يا حجة الخصام ، بابي أنت وأمي يا بابالمقام(١) ، اشهد انك حبيب الله وخاصة الله وخالصته.

واشهد انك عمود الدين ، ووارث علم الأولين والآخرين ،

__________________

(١) باب المقام اي مقام إبراهيم لحج البيت واعتماره لا يقبل الا بولايتك فمن لم يأتهبولايتك فكأنما اتى البيت من غير بابه ، أو باب القيام عند رب العالمين للحساب ، كناية عن أنإياب الخلق إليه وحسابهم عليه ، فكما انه لا يدخل البيت الا بعد المرور على الباب كذلكلا يأتي أحد ليقوم للحساب الا بعد أن يلقاهعليه‌السلام بما هو أهله من البشارة أو الاكتياب ـ البحار.

١٨٦

وصاحب الميسم(١) والصراط المستقيم ، اشهد انك قد بلغت عن اللهوعن رسوله ، ورعيت ما استحفظت ، وحفظت ما استودعت ، وحللتحلال الله ، وحرمت حرام الله ، وأقمت احكام الله ، ولم تتعد حدودالله ، وعبدت الله مخلصا حتى اتاك اليقين.

اشهد انك أقمت الصلاة ، واتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ،ونهيت عن المنكر ، واتبعت الرسول ، وتلوت الكتاب حق تلاوته ،وجاهدت في الله حق جهاده ، ونصحت لله ولرسوله ، وجدت بنفسكصابرا محتسبا ، وعن دين الله مجاهدا ، ولرسول الله موفيا ، ولما عندالله طالبا ، وفيما وعد راغبا ، ومضيت للذي أنت عليه شاهدا وشهيداومشهودا ، فجزاك الله عن رسول الله وعن الاسلام وأهله أفضلالجزاء.

لعن الله من افترى عليك وغضبك ، ولعن الله من قتلك ، ولعنمن بايع على قتلك ، ولعن من بلغه ذلك فرضي به ، أنا إلى الله منهمبرئ ، ولعن الله أمة خالفتك ، وأمة جحدت ولايتك ، وأمة تظاهرتعليك ، وأمة قاتلتك ، وأمة جارت عليك وحادت عنك(٢) وخذلتك(٣) ،الحمد لله الذي جعل النار مثواهم وبئس الورد المورود.

__________________

(١) إشارة إلى ما ورد في الاخبار انهعليه‌السلام الدابة التي يخرج في آخر الزمان ، ومعه العصاوالميسم ، يسم بهما وجوه المؤمنين والكافرين.

(٢) الحيد : الميل.

(٣) خذله : ترك نصرته.

١٨٧

اللهم العن قتلة أنبيائك وأوصياء أنبيائك بجميع لعناتكوأصلهم(١) حر نارك ، اللهم العن الجوابيت والطواغيت والفراعنة ،واللات والعزى ، وكل ند يدعى من دون الله ، وكل ملحد مفتر.

اللهم العنهم وأشياعهم وأتباعهم ، وأولياءهم وأعوانهمومحبيهم لعنا كثيرا ، لا انقطاع له ولا اجل.

اللهم إني أبرأ إليك من جميع أعدائك ، وأسألك اللهم ان تصليعلى محمد وآله وان تجعل لي لسان صدق في أوليائك ، وتحبب إليمشاهدهم ، حتى تلحقني بهم ، وتجعلني لهم تبعا في الدنيا والآخرة ، ياارحم الراحمين.

ثم تحول إلى عند رأسه صلوات الله عليه وتقول :

سلام الله وسلام ملائكته المقربين ، والمسلمين لك بقلوبهم ،والناطقين بفضلك ، والشاهدين على أنك صادق صديق ، عليك يامولاي ورحمة الله وبركاته ، صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك ،اشهد أنك طاهر مطهر ، من طهر طاهر مطهر.

اشهد لك يا ولي الله وولي رسوله بالبلاغ والأداء ، واشهد أنكحبيب الله ، وأنك باب الله(٢) الذي يؤتى منه ، وأنك سبيل الله ، وانك

__________________

(١) صلى اللحم : شواه أو ألقاه في النار للاحراق.

(٢) المراد بالباب الذي لا يؤتي الا منه ، اي لا يوصل إلى الله والى معرفته وعبادته الابمتابعتك.

١٨٨

عبد الله وأخو رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

اتيتك متقربا إلى الله بزيارتك ، في خلاص نفسي ، متعوذا بك مننار استحقها مثلي بما جنيت على نفسي ، اتيتك انقطاعا إليك وإلىولدك(١) الخلف من بعدك على بركة الحق ، فقلبي لكم مسلم ، وأمري لكممتبع ، ونصرتي لكم معدة.

أنا عبد الله ومولاك وفي طاعتك ، الوافد إليك ، ألتمس كمالالمنزلة عند الله تعالى ، وأنت يا مولاي ممن أمرني الله بصلته ، وحثنيعلى بره ، ودلني على فضله ، وهداني لحبه ، ورغبني في الوفادة إليه ،وألهمني طلب الحوائج عنده.

أنتم أهل بيت يسعد من تولاكم ، ولا يخيب من أتاكم ، ولا يخسرمن يهواكم ، ولا يسعد من عاداكم ، لا أجد أحدا أفزع إليه خيرا ليمنكم ، أنتم أهل بيت الرحمة ، ودعائم الدين ، وأركان الأرض ، والشجرةالطيبة.

اللهم لا تخيب توجهي إليك برسولك وال رسولك ، واستشفاعيبهم ، اللهم أنت مننت علي بزيارة مولاي أمير المؤمنين وولايتهومعرفته ، فاجعلني ممن ينصره وينتصر به ، ومن علي بنصرك لدينكفي الدنيا والآخرة ، اللهم إني أحيى على ما حيي عليه علي بن أبي طالبوذريته الطاهرون.

__________________

(١) المراد بالولد الحسينعليه‌السلام ، أو جميع الأئمةعليهم‌السلام ، فان الولد يكون واحدا وجمعا.

١٨٩

ثم انكب على القبر فقبله وضع خديك عليه ، ثم انفتل إلى القبلةوأنت مقامك عند الرأس ، فصل ركعتين ، تقرأ في الأولى فاتحة الكتابوسورة الرحمن ، وفي الثانية فاتحة الكتاب وسورة يس ، ثم تتشهدوتسلم.

فإذا سلمت فسبح تسبيح الزهراء فاطمةعليها‌السلام واستغفر وادع ، ثماسجد وقل في سجودك :

اللهم إني إليك توجهت ، وبك اعتصمت ، وعليك توكلت ، اللهمأنت ثقتي ورجائي ، فاكفني ما أهمني وما لا يهمني وما أنت اعلم بهمني ، عز جارك وجل ثناؤك ولا اله غيرك ، صل على محمد وآل محمدوقرب فرجهم.

ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وقل :

اللهم ارحم ذلي بين يديك ، وتضرعي إليك ، ووحشتي منالناس ، وانسي بك يا كريم.

ثم ضع خدك الأيسر على الأرض وقل :

لا إله إلا أنت حقا حقا ، سجدت لك يا رب تعبدا ورقا ، اللهم انعملي ضعيف ، فضاعفه لي يا كريم.

تقول ذلك ثلاثا ، ثم عد إلى السجود وقل : شكرا شكرا ـ مائة مرة.

وتقوم فصل أربع ركعات كما صليت ، ويجزيك ان عدلت عن ذلكإلى ما تيسر من القرآن ، تكمل بالأربع ست ركعات الأوليان ، منها لزيارة

١٩٠

أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والأربع لزيارة ادم ونوحعليهما‌السلام ، وتسبح تسبيحالزهراءعليها‌السلام وتستغفر لذنبك وتدعوا بما شئت.

ثم تحول إلى عند الرجلين وقل :

السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، أنت أولمظلوم ، وأول مغصوب حقه ، صبرت واحتسبت حتى اتاك اليقين ،اشهد انك لقيت الله وأنت شهيد ، عذب الله قاتلكم بأنواع العذاب.

جئتك زائرا عارفا بحقك ، مستبصرا بشأنك ، معاديا لأعدائك ،مواليا لأوليائك ، القى على ذلك ربي إن شاء الله تعالى ، ولي ذنوبكثيرة ، فاشفع لي عند ربك ، فان لك عند الله مقاما معلوما وجاهاوشفاعة ، وقد قال الله تعالى :( ولا يشفعون الا لمن ارتضى (١) وهم منخشيته مشفقون ) (٢) .

صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك ، وعلى الأئمة من ذريتك ،صلاة لا يحصيها الا هو ، وعليكم أفضل السلام ورحمة الله وبركاته.

واجتهد في الدعاء فإنه موضع مسألة ، وأكثر من الاستغفار فإنه

__________________

(١) لعل المراد بالشفاعة أولا في قوله :( فاشفع لي إلى ربك ) الاستغفار في هذه الحالة ،وبالشفاعة ثانيا في قوله :( ولا يشفعون الا لمن ارتضى ) في القيامة ، اي ادع لي الان بالغفرانلأصير قابلا لشفاعتك في القيامة ، ويحتمل أن يكون المعنى اشفع لي فان كل من شفعتم له فهوالمرتضى ، ويحتمل أن يكون المقصود الاستشهاد بالقران لمجرد وقوع الشفاعة لا لخصوصالمشفوع له ، والله العالم ـ البحار.

(٢) الأنبياء : ٢٨.

١٩١

موطن مغفرة ، اساله الحوائج فإنه مقام إجابة ، وأكثر من الصلاة والدعاءوالزيارة والتحميد والتسبيح والتهليل وذكر الله تعالى وتلاوة القرآنوالاستغفار ما استطعت.

زيارة أبي البشر آدم صلى الله عليه :

تقف على ضريح أمير المؤمنينعليه‌السلام وتقول :

السلام عليك يا صفي الله ، السلام عليك يا حبيب الله ، السلامعليك يا نبي الله ، السلام عليك يا امين الله ، السلام عليك يا خليفة اللهفي ارضه.

السلام عليك يا أبا البشر ، سلام الله عليك وعلى روحك وبدنك ،وعلى الطاهرين من ولدك وذريتك ، صلاة لا يحصيها الا هو ورحمة اللهوبركاته.

باب الوداع :

فإذا قضيت نسكك واردت الانصراف فقف على القبر كوقوفكعليه في ابتداء زيارتك ، وتستقبله بوجهك وتجعل القبلة بين كتفيك ،تقول :

السلام عليك يا أمير المؤمنين وعلى ضجيعيك ادم ونوحورحمة الله وبركاته ، أستودعكم الله وأسترعيكم واقرأ عليكم

١٩٢

السلام ، امنا بالله وبالرسل ، وبما جاءت به ودلت عليه ، اللهم اكتبنا معالشاهدين.

اللهم إني أشهدك في مماتي على ما شهدت عليه في حياتي ، اشهدانكم الأئمة ـ وتسميهم واحدا بعد واحد.

واشهد ان من قتلكم وحاربكم مشركون ، ومن رد عليكم فيأسفل درك من الجحيم ، واشهد ان من حاربكم لنا أعداء ، وانهم حزبالشيطان ، وعلى من قتلكم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، ومنشرك فيه ومن سره قتلكم.

اللهم إني أسألك بعد الصلاة والتسليم ان تصلي على محمد النبي وآله ـ وتسميهم ـ ولا تجعل هذا اخر العهد من زيارتي إياهم ، فان جعلتهفاحشرني معهم.

اللهم وذلل قلوبنا لهم بالطاعة والمناصحة ، وحسن المؤازرةوالتسليم(١) .

__________________

(١) رواه السيد ابن طاووس في مصباح الزائر : ٦٠ والشهيد في مزاره : ٢٩ والمفيد فيمزاره ، عنهم البحار ١٠٠ : ٢٨١

ذكره عبد الكريم بن طاووس في فرحة الغري : ٩٣ عن صفي الدين بن معدان ، عن الحسينابن الفضل ، عن الحسين بن محمد بن مصعب ، وعن زيد بن علي بن محمد بن يعقوب ، عنالحسين بن محمد بن مصعب ، عن محمد بن حسين بن أبي الخطاب ، عن صفوان بن علي البزازعن صفوان الجمال ، عن الصادق عليه‌السلام ، عنه البحار ١٠٠ : ٢٣٥

١٩٣

الباب (١٣)

فأما العمل والصلاة ليلة المبعث ، وهي ليلة سبع وعشرين من رجب

الف ـ فإنه روى صالح بن عقبة عن أبي الحسنعليه‌السلام أنه قال : صلليلة سبع وعشرين من رجب أي وقت شئت من الليل اثنتي عشرة ركعة ،تقرأ في كل ركعة الحمد ، والمعوذتين ، و( قل هو الله أحد ) أربعا يعنيسورة منها أربع ركعات ، وينوي انه يصلي صلاة ليلة المبعث مندوبا قربةإلى الله تعالى.

فإذا فرغت قلت وأنت في مكانك أربع مرات :

لا إله إلا الله والله أكبر ، والحمد لله ، وسبحان الله ، ولا حولولا قوة الا بالله.

ثم ادع ما شئت(١) .

ب ـ رواية أخرى : روي عن أبي جعفر محمد بن علي الرضاعليهما‌السلام أنه قال : ان في رجب ليلة خير مما طلعت عليه الشمس ، وهي ليلة سبعوعشرين من رجب ، فيها نبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في صبيحتها ، وان للعاملفيها من شيعتنا أجر عمل ستين سنة ، قيل له : وما العمل فيها أصلحكالله؟ قال :

__________________

(١) رواه الشيخ في مصباحه : ٨١٣ ، عنه السيد في الاقبال ٣ : ٢٦٧ ، عنه الوسائل ٨ : ١١١.

١٩٤

إذا صليت العشاء الآخرة واخذت مضجعك ، ثم استيقظت ايساعة شئت من الليل قبل الزوال ، صليت اثنتي عشرة ركعة ، تقرأ في كلركعة الحمد وسورة من خفاف المفصل.

فإذا سلمت في كل شفع جلست بعد التسليم ، وقرأت الحمدسبعا ، و( قل هو الله أحد ) ، و( قل يا أيها الكافرون ) سبعا سبعا(١) ،وقلت بعقب ذلك هذا الدعاء :

الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملكولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا.

اللهم إني أسألك بمعاقد عزك على أركان عرشك ، ومنتهى الرحمةمن كتابك ، وباسمك الأعظم الأعظم الأعظم ، وذكرك الاعلى الاعلىالاعلى ، وبكلماتك التامات ان تصلي على محمد واله وان تفعل بي ماأنت أهله(٢) .

ويستحب الغسل في هذه الليلة.

__________________

(١) كذا ، وفي بعض المصادر زيادة : المعوذتين وانا أنزلناه وآية الكرسي.

(٢) رواه الشيخ في مصباحه : ٨١٣.

رواه السيد ابن طاووس في الاقبال ٣ : ٢٦٦ ، باسناده عن الطرازي في كتابه ، عن عدة منأصحابنا ، عن عبد الباقي بن قانع بن مروان ، عن محمد بن زكريا الغلابي ، عن محمد بن عفيرالضبي.

وأيضا عن محمد بن عبد الله ، عن جعفر بن فروخ ، عن الغلابي ، عن العباس بن بكار ، عنالضبي ، عنه مستدرك الوسائل ٦ : ٢٨٩.

١٩٥

ويوم السابع والعشرين منه :

فيه بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويستحب صومه ، وهو أحد الأيامالأربعة في السنة ، ويستحب الغسل فيه ندبا والصلاة المخصوصة.

الف ـ وروى الريان بن الصلت قال : صام أبو جعفر الثانيعليه‌السلام لماكان ببغداد يوم النصف من رجب ويوم سبع وعشرين منه ، وصام معهجميع حشمه ، وأمرنا ان نصلي الصلاة التي هي اثنتا عشرة ركعة ، تقرأفي كل ركعة الحمد وسورة.

فإذا فرغت قرأت الحمد أربعا ، و( قل هو الله أحد ) أربعا ،والمعوذتين أربعا ، وقلت :

لا إله إلا الله والله أكبر ، وسبحان الله والحمد لله ، ولا حولولا قوة الا بالله العلي العظيم ـ أربعا.

الله الله ربي لا أشرك به شيئا ـ أربعا(١) .

ب ـ ويستحب ان يدعي في هذا اليوم بهذا الدعاء :

يا من أمر بالعفو والتجاوز ، وضمن على نفسه العفو والتجاوز ، يامن عفى وتجاوز ، اعف عني وتجاوز يا كريم.

__________________

(١) رواه السيد ابن طاووس في الاقبال ٣ : ٢٧٤ ، عن الشيخ في مصباحه : ٨١٤ ، عنهالوسائل ٨ : ١١٢.

١٩٦

اللهم وقد أكدى(١) الطلب ، وأعيت الحيلة والمذهب ، ودرستالآمال ، وانقطع الرجاء الا منك وحدك لا شريك لك.

اللهم إني أجد سبل المطالب إليك مشرعة(٢) ، ومناهل(٣) الرجاءلديك مترعة(٤) ، وأبواب الدعاء لمن دعاك مفتحة ، والاستعانة لمناستعان بك مباحة ، واعلم انك لداعيك بموضع إجابة ، وللصارخ إليكبمرصد إغاثة ، وان في اللهف إلى جودك والضمان بعدتك عوضا منمنع الباخلين ، ومندوحة(٥) عما في أيدي المستأثرين ، وانك لا تحتجب(٦) عن خلقك الا ان تحجبهم الأعمال دونك.

وقد علمت أن أفضل زاد الراحل إليك عزم إرادة ، وقد ناجاك بعزمالإرادة قلبي ، فأسالك بكل دعوة دعاك بها راج بلغته امله ، أو صارخ إليكأغثت صرخته ، أو ملهوف مكروب فرجت عن قلبه(٧) ، أو مذنب خاطئغفرت له ، أو معافى أتممت نعمتك عليه ، أو فقير أهديت غناك إليه ،ولتلك الدعوة عليك حق ، وعندك منزلة ، الا صليت على محمد

__________________

(١) أكدى : بخل أو قل خيره.

(٢) مشرعة : مفتوحة.

(٣) المناهل : المشارب.

(٤) مترعة : مملوة.

(٥) المندوحة : السعة.

(٦) تحجب ( خ ل ).

(٧) فرجت كربه ( خ ل ).

١٩٧

وال محمد وقضيت حوائجي وحوائج الدنيا والآخرة.

وهذا رجب المرجب المكرم ، الذي أكرمتنا به أول أشهر الحرم ،أكرمتنا به من بين الأمم يا ذا الجود والكرم ، فنسألك به وباسمك الأعظمالأعظم الأعظم ، الاجل الأكرم الذي خلقته فاستقر في ظلك فلا يخرجمنك إلى غيرك ، ان تصلي على محمد وأهل بيته الطاهرين ، وتجعلنا منالعاملين فيه بطاعتك ، والآملين فيه لشفاعتك.

اللهم واهدنا إلى سواء السبيل ، واجعل مقيلنا(١) عندك خير مقيل ،في ظل ظليل ، فإنك حسبنا ونعم الوكيل ، والسلام على عبادهالمصطفين وصلواته عليهم أجمعين.

اللهم بارك لنا في يومنا هذا الذي فضلته ، وبكرامتك جللته ،وبالمنزل العظيم منك أنزلته ، وصل على من فيه إلى عبادك أرسلته ،وبالمحل الكريم أحللته.

اللهم صل عليه صلاة دائمة ، تكون لك شكرا ولنا ذخرا ، واجعللنا من أمرنا يسرا ، واختم لنا بالسعادة إلى منتهى اجالنا ، وقد قبلتاليسير من أعمالنا ، وبلغنا برحمتك أفضل امالنا ، انك على كل شئقدير ، وصلى الله على محمد وآله وسلم(٢) .

__________________

(١) المقيل : موضع الاستراحة.

(٢) رواه الشيخ في مصباحه : ٨١٤.

ذكره السيد في الاقبال ٣ : ٢٧٦ باسناده إلى محمد بن علي الطرازي ، عن علي بن إسماعيلابن يسار.

١٩٨

ج ـ رواية أخرى : رواية أبو القاسم الحسين بن روح رحمة الله عليهقال : تصلي في هذا اليوم اثنتا عشرة ركعة ، يقرأ في كل ركعة فاتحةالكتاب وما تيسر من السور ، وتتشهد وتسلم وتقول بين كل ركعتين :

الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ،ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا.

يا عدتي في مدتي ، ويا صاحبي في شدتي ، ويا وليي في نعمتي ، ياغياثي في رغبتي ، يا مجيبي في حاجتي ، يا حافظي في غيبتي ، يا كالئيفي وحدتي ، يا أنسي في وحشتي.

أنت الساتر عورتي فلك الحمد ، وأنت المقيل عثرتي فلك الحمد ،و أنت المنفس صرعتي فلك الحمد ، صل على محمد وال محمد واسترعورتي ، وآمن روعتي ، وأقلني عثرتي ، واصفح عن جرمي ، وتجاوز عنسيئاتي في أصحاب الجنة ، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.

فإذا فرغت من الصلاة والدعاء قرأت الحمد والاخلاصوالمعوذتين و( قل يا أيها الكافرون ) و( انا أنزلناه ) وآية الكرسي سبعمرات ، ثم تقول :

لا إله إلا الله والله أكبر ، وسبحان الله والحمد لله ولا حولولا قوة الا بالله ـ سبع مرات.

ثم تقول :

١٩٩

الله الله ربي لا أشرك به شيئا ـ سبع مرات.

فاسأل ما أحببت(١) .

فاما الزيادات في عمل رجب :

الف ـ فإنه روي أبو سعيد الخدري قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الا انرجبا شهر الله الأصم ـ وذكر فضل صيامه وما لصائم أيامه من الثواب ،ثم قال في آخره ـ : قيل : يا رسول الله فمن لم يقدر على هذه الصفة يصنعماذا لينال ما وصفت ، قال : يسبح الله تعالى في كل يوم من رجب إلى تمامثلاثين بهذا التسبيح مائة مرة :

سبحان الاله الجليل ، سبحان من لا ينبغي التسبيح الا له ، سبحانالأعز الأكرم ، سبحان من لبس العز وهو له أهل(٢) .

__________________

(١) رواه السيد في الاقبال ٣ : ٢٧٣ ، باسناده عن الطرازي في كتابه ، عن أبي العباس احمدابن علي بن نوح ، عن أصل كتاب أبي احمد المحسن بن عبد الحكم الشجري ، عن كتابأبي نصر جعفر بن محمد بن الحسن بن الهيثم ، عن الحسين بن روح ، عنه المستدرك ٦ : ٢٩١.

ذكره مع اختلاف السيد في الاقبال ٣ : ٢٧٥ عن الشيخ الطوسي في المصباح : ٧٥٠ باسنادهعن أبي القاسم بن روح.

(٢) رواه السيد في الاقبال ٣ : ١٩٧ عن جده الشيخ الطوسي ، عن أبي سعيد الخدري.

ذكره الصدوق في أماليه : ٤٢٩ ، باسناده عن محمد بن أبي إسحاق بن أحمد الليثي ، عن محمدابن الحسين الرازي ، عن علي بن محمد بن علي المفتي ، عن الحسن بن محمد بن المروزي ، عنأبيه ، عن يحيى بن عياش ، عن علي بن عاصم ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ،عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ذكره في الاقبال ٣ : ٢٨٤ عن أمالي الصدوق وثواب الأعمال.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702