المزار الكبير

المزار الكبير8%

المزار الكبير مؤلف:
المحقق: جواد القيّومي الإصفهاني
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: 702

المزار الكبير
  • البداية
  • السابق
  • 702 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187450 / تحميل: 6370
الحجم الحجم الحجم
المزار الكبير

المزار الكبير

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٩٢٠٠٢-٠-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

من نتائج التطبيق:

إيجابيّات

استنساخ أعداد كبيرة من العباقرة والموهوبين وراثيّاً.

سلبيات:

١ - فتح باب الإنجاب بلا زواج.

٢ - ليست المواهب ولا الفضائل نتيجة الوراثة فحسب.

٣ - احتمال الكوارث المرضيّة الجامعة في هؤلاء المتشابهين وراثيّاً، فالمعروف أنّ التغاير والتشاكل في الوراثة من أسباب حماية الجنس البشري وارتقائه(١) .

ويقول طبيب آخر في هذا الموضوع:

أمّا موضوع التكاثر اللاّتزاوجي الذي أُطلق عليه( الاستنساخ ) فأُحب أنْ أضع فيه بعض النقاط على الحروف، فطريقة الاستنساخ ليست وسيلة تكاثر، أعني ليس أنّ شخصاً أنتج شخصاً آخر بوسيلة لا تزاوجيّة، أي بغير تزاوج، ولكنّ المهمّ هنا أنّ هذا الوليد تكون فيه جميع الخصائص الوراثيّة لهذا الكائن، وهذا لا يحدث إطلاقاً في أيّ تكاثر بطريقة التزاوج ؛ لأنّ كلّ مولود نصفه من الأُمّ ونصفه من الأب، أمّا هذا المولود فكلّه من الأب، أو كلّه من الأُمّ، إذا حصل يجب أن يكون كلّه من الأب ؛ لأجل أن يرث جميع الخصائص الممتازة.

___________________

(١) ص١٣١ وص١٣٢، الإنجاب في ضوء الإسلام.

١٢١

هذا الخيال صار حقيقةً مؤكّدةً، وأنتج ٢٠ ضفدعةً واحدة في عمليّة واحدة، فكلّها معبَّر عنها بأنّها توائم الأب ؛ لأنّها نسخة طبق الأصل من هذا الأب ولكنّها أصغر منه سنّاً ؛ لأنّها اُنتجت بعد عشرين سنة أو أربعين سنة، ولكنّها صورة دقيقة للغاية، كأنّها التوأم المتشابه(١) .

وعرّف الاستنساخ أو النسخ طبيب ثالث بقوله: إنّه يريد به المختصّون محاولة تقديم كائن، أو خليّة، أو جزيء يمكنه التكاثر عن غير طريق التلقيح ومن غير نقص أو إضافة للمحتوى الوراثي(٢) .

أقول في المقام مطالب:

١ - إذا حصل العلم من مذاق الشرع(٣) بعدم رضاه بتحقّق إنسان من رجل وامرأة بهذا النحو(٤) لا نكاح بينهما حتّى إذا لم يستلزم الزنا وحراماً آخر فيقيّد جواز العمليّة من الوجهة الدينيّة بأخذ الخليّتين المذكورتين من الزوجين فإنّها إنجاب بلا جماع لا بلا طرفين كما لا يخفى، وإلاّ فلا.

٢ - الظاهر جواز العمليّة المذكورة خارج الرحم لأصالة البراءة، نعم في صحّة نسبه إلى رجل أُخذت الخليّة من جسده، وإلى امرأة صاحبة البويضة غير واضح ؛ فإنّه لم يخلق من مائه:( خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ) (٥) ، وأمّا صاحبة البويضة فإنّها غير حامل وغير والدة ،

___________________

(١) ص١٧٥ نفس المصدر.

(٢) ص١٥٥ نفس المصدر.

(٣) هذا ما يُسمّى بالدليل اللُبّي في مقابل الدليل اللّفظي، والدليل اللّفظي غير متوفّر بنظري في المقام.

(٤) أي من منيّ امرأة وخليّة جسديّة من رجل.

(٥) الطارق آية ٦.

١٢٢

( إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاّ اللاّئِي وَلَدْنَهُمْ ) (١) ، فلاحظ.

وعلى كلٍّ، لا مانع من فرض إنسان أُمّ له شرعاً ( أو لا والد له ) فلا تحرم العمليّة المذكورة مادامت إرادة هذا المولود حرّةً، واختياره غير مسلوب فلاحظ، ومادامت الصفات المورثة ممّا لم تكن مبغوضة للشرع.

٣ - إذا ثبت في علم الطب - ولمّا يثبت لعدم وقوع الفرض حتّى تناله التجربة - أنّ الكوارث المرضيّة الجامعة في هؤلاء المتشابهين وراثياً ذات مخاطر فتحرم العمليّة لأجلها، فكما يحرم الإضرار بالغير الموجود يحرم التوسط في إيجاد موجود محفوف بالضرر والنقص.

٤ - لا سلبيّات للعمليّة سوى احتمال تلك الكوارث، تعتمد عليها في منع العمليّة شرعاً، وما قيل، من سلبيات أُخر، ضعيف أيضاً(٢) .

٥ - إذا حملته صاحبة البويضة وولدته فإنّها أُمّه جزماً، وإنْ شككنا أو نفينا نسبه عن الرجل، فإنّ مريم أمّ عيسىعليها‌السلام بلا شكّ، ولا والد لهعليه‌السلام .

___________________

(١) المجادلة آية ٢.

(٢) الإنجاب في ضوء الإسلام ص١٥٦.

١٢٣

المسألة الخامسة عشرة

المستقبل البيوتكنولوجي للإنسان ومعطيات النظام الاجتماعي

توصّل علماء الطبّ والبيولوجيا والكيمياء إلى اكتشاف بعض خبايا ميكانيكيّة الخليّة الحيّة، وصاغوا بعض القوانين العلميّة التي تحكم الشِّفْرة الوراثيّة للخليّة، ثمّ شرعوا بعد ذلك، في هندسة المستقبل الوراثيّة للأنواع الحيّة، إمّا عن طريق تجزئة الخلايا( الهندسة الوراثيّة ) وإمّا عن طريق اتّحاد الخلايا( الهندسة المشيجيّة ) .

واستعمل العلماء هذه الطرق، في التحكّم في التكوين الخلقي للخليّة، وفي تطويرها، فهناك ما يُسمّى بالتكاثر بالخلايا الجسديّة، حيث يراود العلماء الأمل، في تحويل الخليّة الجسديّة إلى خليّة جنينيّة يمكن لها أن تتكاثر، مثلها في ذلك مثل أصلها وهو البويضة الملقّحة، وذلك بعد تخليصها من القفل الكيميائي الذي يمنعها من محاكاة أصلها.

ومن بين الاستخدامات المتصوَّرة لتكنيك التكاثر بالخلايا الجسديّة بعث الذات البيولوجية للإنسان، وقوام هذا الاستخدام، هو نسخ نسخة طبق الأصل من الإنسان الذي أُخذت من جسده الخليّة الجسديّة. ويقال: إنّه من الممكن تحقيق نفس الغرض حتّى إذا أُخذت الخليّة من جثّة الإنسان، مادام أنّ هذه الخليّة ذاتها لم تمت. وبذلك يمكن ضمان بقاء العباقرة على قيد الحياة لتستفيد البشريّة من علمهم.

ولا بأس من أن أذكر تطبيقاً آخر للإمكانيّات البيولوجية الحديثة التي

١٢٤

ترتّب عليها كسر الحدود الفاصلة بين الأنواع المختلفة للكائنات.

فمما تفتّقت عنه قريحة العلماء: فكرة خلط خلايا بشريّة بخلايا نباتيّة أو حيوانيّة، لنصل بذلك إلى الإنسان الخضري ( الكلورفيلي ) أو الإنسان المجتر. ويستهدف العلماء من أبحاثهم هذه إنتاج سلالة بشريّة جديدة، يدخل في تكوينها بعض الصفات النباتيّة أو الحيوانيّة المرغوبة، كجعل الإنسان ذاتي التغذية، يعتمد على ذاته في غذائه كالنبات ( التمثيل الضوئي ).

ويفكّر العلماء - أيضاً - في إنتاج طراز جديد من الجنس البشري، عن طريق استخدام طريقة التكاثر الجسدي في تنمية الخلايا المختلطة، وبعد التأكّد من نجاح إنتاج هذا الطراز الجديد، فيمكن تعميمه بالطريق الطبيعي أي التكاثر الجنسي.

ولم يقف التلاعب بالحياة على المستوى العضوي، بل إنّ الفكر العلمي الحديث يتّجه إلى ابتداع طرق التحكّم في إرادة الإنسان بأجهزة الكترونية، وهذا هو الإنسان الالكتروني، الذي يمكنه إشباع رغباته وحاجاته عن طريق أزرار مركّبة على جسده.

ورغم ما يُقال عن تكنولوجيا التكاثر من أنّها ما زالت في طور الخيال، وأنّها لا تعدو أن تكون حاليّاً مجرّد أضغاث أحلام، إلاّ أنّ استخدامها الناجح على مستوى الحيوان والنبات، شجّع العلماء على التفكير في تطبيق قوانينها العلميّة على الجنس البشري، وما زراعة الأجنّة، أو طفل الأُنبوب، إلاّ تجسيد حيّ لطموح الإنسان في التحكّم في خلقته وصفاته، ولعلّ جهود العلماء في هذا المضمار، تجسّد رغبة الإنسان في التوصّل إلى إكسير الحياة ؛ ليكرّس بذلك خلوده وانتصاره على الموت، الذي هو مع ذلك سنّة الله في خلقه، ونذكر هنا أنّ أحد المليونيرات الأجانب طلب إنتاج نسخة من ذاته

١٢٥

وأبدى استعداده لتمويل أبحاث التكاثر الجسدي. ومثل هذا التفكير يحمل في طيّاته معاني كثيرة يفهمها كلّ لبيب(١) .

وقال بعضٌ آخر من الأطبّاء: موضوع الهندسة الوراثيّة في غاية الأهمّيّة، لسبب أنْ تقرّر أنّ كلّ القرارات الإلهيّة الموجودة داخل الخليّة يبدأ البحث فيها بمنتهى الدقّة، وهي تمثّل ٣٠٠ مليون جزئيّة. العالم بدأ في دراستها علميّاً واعتمد لها ١٥ مليار دولار، فتولّت ثلاث دول هذه العمليّة: أمريكا واليابان وألمانيا الغربيّة.

ومن المنتظر أنْ يتمّ الكشف عن هذه الجينوم، أو هذه الوثيقة بعد ١٥ عاماً...(٢) .

وقيل: إنّ بداية الإنسان ما هو إلاّ خليّة واحدة فيها نواة، إذا درسنا هذه النواة نجد أنّ فيها الحقيبة الوراثية، عبارة عن ٤٦ صبغ موجودين بين ٢٣ من الأب و٢٣ من الأُمّ، هذه الصبغيّات تحمل مورِّثات، هذه المورِّثات سواءٌ كانت تتحكّم في الصفات الطبيعيّة، أم الصفات المرضيّة، عددها كبير جدّاً يُقدّر بحوالي ٢ مليون مورِّث لغاية الآن، نحن الآن لم نعرف تقريباً أكثر من (٤٣٤٠) مورِّث بعضها يقيني وبعضها ليس بيقيني... ربّما يكون الأب سليماً من مرض، ثمّ يُبتلى ابنه به لوجود الصفات الوراثيّة في نواة الخليّة، انتهى كلامه بتغيير(٣) .

أقول : هذا البحث - من ناحيةٍ علميّةٍ - طويل عريض عميق جداً، ويُقال: إنّ العلم قادر على إيجاد لونٍ خاصٍّ لشعر المولود، وكيفيّة وجهه إلى

___________________

(١) الإنجاب في ضوء الإسلام ص ١٣٨ وما بعدها.

(٢) ص ٦٣٦ رؤية إسلاميّة لزراعة بعض الأعضاء البشريّة.

(٣) ص ٤٩١ وص ٤٩٢ نفس المصدر، ولم أفهم وجه التفاوت بين الرقمين ( ٣٠٠ مليون ) و ( حوالي مليونين ).

١٢٦

غير ذلك من الإنجازات المحيِّرة للعقول العامّيّة، وتحقيق هذه المسائل وأحكامها الفقهيّة ربّما يحتاج إلى تأليفٍ مستقلٍّ، وكلّ ميسّر لما خلق لأجله.

وحيث لا سبيل لي إلى جزئيّات هذه المسألة وإلى عشرين أعشارها ؛ نقتصر على ذكر بعض الأحكام الشرعيّة، حسب ما أدّى إليه نظري، والله العاصم والهادي:

التغيير في جنين الإنسان أو نطفته ربّما يكون على نحو نعلم بعدم رضا هذا الإنسان بعد ولادته وإدراكه وبلوغه بل يتنفّر منه ويتأذّى، بل يكون له ضرريّاً، وهذا غير مباح حتّى إذا طلبه الزوجان، إذ لا ولاية لهما على أولادهما بهذه السعة والإطلاق، وقد لا نعلم بذلك أو نعلم رضاه به، وهو على أقسام:

القسم الأوّل: إن التغيير قد ينجرّ إلى ما يستلزم إفراطه في الشهوة الجنسيّة، أكثر ممّا هو عليه الآن، أو تمايله الشديد في القتل والتعدّي.

وبالجملة: يصل الإنسان بوسيلة العمليّة الطبّيّة والبيولوجية والكيمياوية إلى حدٍّ تقوى غرائزه الحيوانيّة، بحيث تضعف به قواه العقلانية، ويختلّ به النظام الاجتماعي، والسلوك الأخلاقي، والاقتضاء الروحاني، وهذا حرام غير جائز بلا شبهة، ومخالف لهدف خِلقة الإنسان، وقد لا يستلزم ذلك بل إلى حدٍّ ما من الشرور، وفي جوازه نظر وبحث.

القسم الثاني: قد ينجرّ إلى ما يرغِّبه في الطاعات والخيرات، بحيث يسلب إرادته للشرور والمعاصي، والظاهر عدم جوازه ؛ لأنّ الطاعة المقبولة المطلوبة من الإنسان ما صدر عنه باختياره:( وَ لَوْ شَاءَ لَهَدَاکُمْ

١٢٧

أَجْمَعِينَ‌ ) (١) .

ومنه يظهر حرمة ما يرغبه في المعاصي بحيث يسلب عنه إرادة الصالحات، بطريق أولى.

القسم الثالث: وقد يرغِّبه الى الأفعال الصالحة والأخلاق الحميدة من غير سلب اختياره، وعندي أنّه جائزٌ بل حسن، يظهر وجهه ممّا ورد في حق الأُمّ المرضِعة وغير ذلك.

القسم الرابع: وقد ينجرّ إلى سلب إرادة الإنسان وجعله تابعاً في أفعاله - سواء كانت مباحة أو غير مباحة - إلى إرادة الغير، صالحاً كان أو شريراً، فهذا - أيضاً - غير جائز، فإنّه مضادٌّ لغرض الخِلقة، فإنّ الله سبحانه خلق الإنسان للتكامل الحاصل من العبوديّة، وإطاعة الربّ في جميع شئون الحياة، وهذا التكامل لا يحصل إلاّ بكونه مريداً مختاراً لا مجبوراً مضطرّاً.

القسم الخامس: وقد ينجرّ إلى تغييرات جسمانيّة بداع التجمّل والتحسّن، وهذا لا بأس به في حدّ نفسه، حتّى إذا سبّب طول قامته أو قصرها أو هزاله أو سمنه، فضلاً عن بياض وجهه، وشباهة عينه بعين الظبي، واصفرار لون شعره ونحو ذلك.

وقد تقدّم حكم بعض مانقلناه في أوّل الكلام هنا في المسائل المتقدّمة، والله الموفِّق.

___________________

(١) النحل آية ٩.

١٢٨

المسألة السادسة عشرة

التحكّم في معطيات الوراثة

عرّفت الوراثة بانتقال الصفات من الأُصول إلى الفروع، أو من السَّلف إلى الخَلَف، وهي تشمل إلى جانب الخصائص، الأمراض القابلة للتوريث(١) .

قيل: إنّ الصور المطروحة على بساط البحث لا تعدو ثلاثة أنواع، هي:

١ - النسخ ( الاستنساخ )، وهو الحصول على نسخ من الكائن دون التزاوج.

٢ - المزج بين صفات وخصائص معيّنة في المخلوق بالتصرّف في مورِّثاته.

٣ - استصفاء جنس معيّن باستبقاء عنصره في الطّور الأوّل للجنين(٢) .

أقول : أمّا الأوّل، فقد مرّ توضيحه وحكمه.

وأمّا الثاني، فقد سمّاه بعض الأطبّاء بالاستبدال، وهو كما عرّفه المختصّون: التمويل على ما للحامض النووي ( النوويك ) من خصائص ولاسيّما خاصّة الالتحام عند قصّه بحيث يمكن التحكّم في إبدال المورِّثات من خلال عمليّات معقّدة يعود تحقّق نتائجها إلى تلك الخصائص في الحامض المذكور.

___________________

(١) ص ١٤٩ الإنجاب في ضوء الإسلام.

(٢) ص ١٥١ نفس المصدر.

١٢٩

فإن اتّجه هذا التصرّف إلى العلاج من علّة، سواءٌ كانت مرضاً وراثيّاً قائماً بالجسم، أم انحرافاً في الطبيعة الأصليّة، أم تقاصراً عن القدر المألوف فيها ؛ فإنّه ممّا يندرج في التصرّفات المشروعة شرعاً، وإمّا إن اتّجه إلى سلب الإرادة حتّى في جانب الخير، أو إلى الانحراف بالسجايا إلى الميول الشرّيرة، فلا يجوز، كما لا يجوز كلّ ما يُؤثر على الفطرة الأصليّة، سواء كان بأسباب مادّيّة منضبطة: كالإسكار والتخدير، والإكراه الملجئ أو بأسباب أُخرى خاصّة، كالذي يتعاطاه السحرة النافثون في العُقَد، أو الحسدة هواة الإصابة بالعين، أو المرجفون، وما إلى ذلك من المؤثِّرات المعنويّة، أو النفسيّة السلبيّة أو المفسدة.

فلا يقلّ عن هذه التصرّفات في الخطورة، ما يصل إليه الإنسان من نتائج بالوسائل المادّيّة المختبريّة والإجراءات الطبيّة، فكلّ مِن هذا وذاك استجابة لأمر الشيطان، ومطاوعة لنزغاته بالقيام بالتصرّف المُعْتَبر سبباً تنشأ عنه مسبِّبات منسجمة مع ذلك التغيير، فإنّ الله ربط الأسباب بالمسبِّبات، والحكم كما يتعلّق بالمباشر، يتعلّق بالتسبّب إذا ما توفّرت صلته السببيّة كما ذكره بعضهم(١) ولا يخلو عن متانةٍ وصحّةٍ.

وأمّا الثالث، وهو التحكّم في جنس الجنين بعد تشخيصه(٢) فهو - أيضاً - في حدّ نفسه جائز، وقد مرّ تفصيله.

___________________

(١) ص١٥٨ نفس المصدر.

(٢) وفسّر الاستصفاء بعضهم بالاصطفاء لأحد الجنسين على الآخر.

١٣٠

المسألة السابعة عشرة

حكم البييضات الفائضة

تبقى من البييضات المخصبة في أُنبوبة المختبر، إذ يمكن تلقيح عشرين بويضة ولا يحتاج إلاّ إلى اثنين أو ثلاثة، فما هو حكم البقيّة الفائضة ؟

الأسئلة الشرعيّة المتعلِّقة بالمقام أُمور:

١ - هل يجوز إهدارها والإزهاق بها أو يحرم ؟

٢ - هل تجب الديّة بإهدارها ؟

٣ - هل يُعزل لها من الإرث سهمها ؟

٤ - ما هو الحكم بالنسبة إلى عدّة صاحبتها ؟

٥ - هل يُعطّل الحدّ الشرعي بالنسبة إلى صاحبتها ؟

٦ - مَن يملك التصرّف فيها ؟

٧ - هل يجوز نقلها في رحم صاحبتها بعد وفاة زوجها، أو بعد طلاقها ؟

وإليك أجوبة هذه الأسئلة مستعيناً بالله تعالى:

أمّا السؤال الأوّل فجوابه: أنّه لا مصرف للبييضات الفائضة إلاّ رحم صاحبتها أيّام حياة زوجها، فإن أمكن وجب إبقائها على الأحوط، حتّى تُنقل إليها، وإن لم يمكن - ولو بانصراف صاحبتها عنها - فلا بُدّ من إتلافها ؛ حذراً من استعمالها على نحو الحرام شرعاً.

نعم، إذا كانت البييضات في الأُنبوبة في مسير حياتها الإنسانيّة، وأمكن ذلك طبّيّاً، ولم يستلزم المؤنات الكثيرة ؛ فالأحوط لزوماً إبقاءها، بل إذا تعلّق

١٣١

بها الروح وجب حفظها، مهما أمكن ؛ فإنّها نفسٌ محترمةٌ يحرم إتلافها، بلا فرق بين كونها في رحم، أو في أُنبوبة، أو في محلٍّ آخر.

وجواب السؤال الثاني: أنّه إذا وجب إهدارها لا ديّة لها، وإذا تعلّق بها الروح، وأمكن حفظها، وجبت الديّة جزماً على مَن أتلفها، وإذا لم تتعلّق بها الروح، وكان في مسيرها إلى الحياة الإنسانيّة فالأحوط لزوماً وجوب الديّة بالشرطين المذكورين، ( أيّ إمكان حياتها إلى ولادتها في الأُنبوبة طبّاً، ووجود مَن يقوم بمؤنتها ).

وعلى كلٍّ، الأحوط للطبيب أنْ لا يخصب البيضات أكثر من حاجة صاحبتها.

وجواب الثالث: أنّها إذا تعلّق بها الروح، وخرجت من الأُنبوبة إنسانا حيّاً يرث أباه، وقد مرّ الإشكال في نسبه إلى صاحبة البويضة، فإنّ الحكم بأُمومتها مع قوله تعالى:( إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ ) (١) مشكل، وإذا علموا بعدم خروجها حيّةً فلا يعزل له سهم، وأمّا إذا شكّ فالأحوط عزل السهم له، وكذا إذا علم بخروجه حيّاً من الأُنبوبة.

ويمكن أن يُقال بعدم وجوب عزل سهمٍ له، لأنّ موضوعه الحمل، ولا يصدق على ما في الأُنبوبة حمل بوجه، فإذا خرج حيّاً وقد قسّم الورثة الإرث بينهم، عليهم أن يردّ كلُّ واحدٍ من سهمهم ما يبلغ حقّ الحيّ المذكور.

وأمّا جواب الرابع: فهو منفيٌّ جزماً، فإنّ وجود البييضة في الأُنبوبة لا تجعلها حاملاً، وهذا واضح.

___________________

(١) المجادلة آية ٢.

١٣٢

وجواب الخامس: أنّه لا يُعطّل الحدّ عليها، نعم إذا فرضنا الجنين في معرض الخروج عن الأُنبوبة حيّاً، ولا توجد له حاضنة ومربّية سواها، ففي جريان الحدّ عليها تردّد، وتحقيقه في محلّه.

وجواب السادس: أنْ حق الأولويّة لصاحب الحيوان المنوي وصاحبة البويضة، وإذا مات أحدهما سقط حقّ الاستفادة عن البويضة المخصَّبة نهائيّاً كما ظهر ممّا سبق.

وأمّا جواب الأخير فقد اتّضح ممّا سبق، وأنّ النقل المذكور غير جائز.

بقي في المسألة أُمورٌ ينبغي ذكرها:

١ - إذا أُخصبت البييضة بحيوانٍ منويٍّ من غير الزوج، ثمّ تزوّج بصاحبتها، فهل يجوز نقلها إلى رحمها بعد الزواج ؟ فيه وجهان: أقربهما الجواز لعدم المانع، وهذا غير مَن حملت من أجنبي ثمّ زُوّجته، فإنّ الولد ولد زنا، ولا يرث من الرجل، ولا يخرج الولد بالعقد اللاحق عمّا انعقد عليه من الزنا بلا شبهة. نعم هو ولده لغةً وطبّاً، ولكنّه ليس بولده بحيث يرث منه ويورِث، كما مرّ.

٢ - إنّ زراعة خلايا بشريّة جنينيّة من خلال ثقب صغير بالجمجمة بمقدار ستّة مليمترات مكعّبة، بالأُسلوب الجراحي المجسّم، قد تمّت في تشيكوسلوفاكيا في أغسطس ١٩٨٩(١) ، فإذا أمكنت زراعة البييضات الفائضة في ذلك فلا بأس به شرعاً، كما أنّ زراعة خلايا بشريّة من جنينٍ ساقطٍ - أيضاً - لا مانع منه، لكنّ جواز الأوّل في فرض كون البييضات الفائضة

___________________

(١) ص٦٥ رؤية إسلاميّة لزراعة بعض الأعضاء البشريّة.

١٣٣

من صاحبة الجنين لا غير، كما عرفت سابقاً، نعم الخلايا غير المنويّة من أحد لا بأس بزراعتها في بدن جنينٍ آخر.

٣ - قيل: يمكن الاحتفاظ باللقيحة الى خمسين سنة، يعني حتّى إلى ما بعد المعدّل الأقصى لعمر الأبوين، إذ المعتاد أنْ لا يباشر الأطبّاء عملية التلقيح المُجرى إلاّ ما بعد الثلاثين سنة من عمر الأبوين(١) .

٤ - قيل: إنّه يمكن استخراج خمسين بويضة من امرأةٍ واحدةٍ، وإنّ أحد مراكز أطفال الأنابيب كان لديه ١٢٠٨ جنيناً فائضاً، أُودعت الثلاّجات وجمدت من ٤٣٢ امرأة أُجريت لهنّ عمليّة طفل الأُنبوب(٢) .

أقول : للحكومة منع إنشاء الأجنّة الفائضة عن مقدار الحاجة بتاتاً ؛ سدّاً لذرائع الفساد والحرام، لأجل حصول الثروة - كما منعت ألمانيا الغربية على ما نُقل - بل الأحسن منع استخراج البييضات الفائضة عن حاجة الزوجين مطلقاً.

___________________

(١) ص١١١ وص١١٢ نفس المصدر.

(٢) ص١٧٤ نفس المصدر.

١٣٤

المسألة الثامنة عشرة

في دفع الموت في الجملة

من الممكن قدرة الطبّ - في مستقبلٍ قريبٍ أو بعيدٍ - على حفظ الصحّة العامّة للبدن وحفظ خلاياه عن الفتور والفساد، فلا يُستبدل الشباب بالهرم والشيخوخة، فيدفع الموت ويطيل عمر الإنسان، بل تأثير الطبّ في دفع الأمراض المُهْلِكة، وتكثير النسل الإنساني، وطول العمر في الجملة، واقعٌ بالفعل ومن زمنٍ ولا مجال لإنكاره.

وقد يُتوهم حرمة دفع الموت شرعاً لجريان سنّة الله، على أنّ كلّ نفس ذائقة الموت، قال الله سبحانه وتعالى:

( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ... ) (١) ، وقال تعالى:( وَ اللَّهُ خَلَقَکُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاکُمْ ) (٢) ، وقال سبحانه:( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيکُمْ ) (٣) .

أقول : إنْ أراد هذا القائل أنّ الله تعالى أراد موت كلِّ إنسانٍ حين أجله، استناداً إلى هذه الآيات وأمثالها، فلا يجوز دفعه ؛ لأنّه تعجيز له تعالى ! فهو هذيان، والقائل به جاهل بالله وقدرته، وربّما لا يكون مؤمناً، قال الله تعالى:

( وَ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ کُنْ فَيَکُونُ‌ ) (٤) ، وقال تعالى:( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ) ، وقال سبحانه:( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي

___________________

(١) النساء آية ٧٨.

(٢) النحل آية ٧٠.

(٣) الجمعة آية ٨.

(٤) البقرة آية ١١٧.

١٣٥

السموات ولا في الأرض ) (١) وقال تعالى:( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ ) (٢) .

وبالجملة: بطلان هذا التخيّل على ضوء العقل والدين غير خفي، وقد ثبت في محلّه أنّ الكائنات تفتقر إليه تعالى في وجودها وصفاتها وأفعالها، حدوثاً وبقاءً.

على أنّ تأثير الأسباب في المسبَّبات، ووصول الإنسان الساعي إلى الأسباب - أيضاً - من سنّة الله ومشيئته، وقال سبحانه:( وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِمَا شَاءَ ) (٣) ، وقال سبحانه:

( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاّ بِسُلْطَانٍ ) (٤) .

وهل علم الإنسان وقدرته إلاّ قطرة مفاضة من علمه وقدرته اللذين لا يت-ناهيان.

ولبّ الكلام: أنّ البحث في إرادته التشريعيّة التي هي بمعنى طلبه تعالى شيئاً أو تركاً من المكلَّف، من طريق إرادته واختياره، فقد يمتثله المكلَّف وقد يعصيه. لا في إرادته التكوينيّة التي يستحيل تخلّف المراد عنها، بناءً على وحدة واجب الوجود واستحالة الشرك. وهذا، فليكن ببال القرّاء في جميع مطالب هذا الكتاب وغيره.

وإن أراد القائل المذكور أنّ دفع الموت حرام على المكلَّفين، فهذا شيءٌ ممكنٌ عقلاً، لكنّه باطلٌ ؛ لعدم دليل في الكتاب والسنّة يدلّ على

___________________

(١) فاطر آية ٤٤.

(٢) الأنفال آية ٥٩.

(٣) البقرة آية ٢٥٥.

(٤) الرحمن آية ٣٣.

١٣٦

حرمته، بل لا شكّ في جواز المواظبة على أساس التوصيات الطبّيّة على صحّة البدن، وطول العمر، ولزوم العلاج على المريض بكلّ الوسائل الممكنة، كما سبق.

وإنْ أراد أنّ الله سبحانه وتعالى أخبر بانّ كلّ إنسانٍ يموت، وهذا يكشف عن عدم إمكان دفع الموت، فكلّ محاولةٍ له تصبح فاشلةً لا محالة، فتحرم لكونها عبثاً وإسرافاً للمال، فممنوع أيضاً ؛ لأنّ الطبّ لا يدّعي - ولا يصحّ له أن يدّعي - دفع الموت عن الإنسان بنحوٍ مطلق، وأنّه لا يموت أصلاً، ضرورة أنّ للموت أسباباً، غير صحّة البدن ونشاط الخلايا، كالغرق والحرق والقتل وافتراس مفترس وغير ذلك، والله سبحانه قادر على إماتة الإنسان بكلّ هذه الأسباب.

والطبُ إنّما يدّعي دفع الموت عن طريقٍ واحدٍ وسببٍ فاردٍ، فلا تناقض بين الأخبار عن موت كلّ أحدٍ، وقدرة الطبّ على دفع الموت عن بعض الأفراد، وهي من قدرة الله وتقديره.

وفي الدِّين ما يؤيّد إمكان الطبّ على دفع الموت وتطويل العمر: بحفظ الخلايا، ودفع الأمراض، من بقاء عيسى بن مريمعليه‌السلام على أظهر الأقوال، بل وببقاء الخضرعليه‌السلام كما اشتهر، وببقاء وليّ العصر، وناموس الدهر، المهدي الموعود المنتظر - عجّل الله تعالى فرجه - على عقيدتنا الشيعيّة الإماميّة.

فإن قيل: إنّ القرآن يقول بأنّ لكلّ أُمّةٍ أجلٌ لا يستقدمون منه ساعة ولا يستأخرون(١) ، فأيّ أثر للطّب ؟

يُقال له: لا شكّ في صدق القرآن في

___________________

(١) الأعراف آية ٣٤، ويونس آية ٤٩.

١٣٧

إخباره، لكن من أين علمت أنّ أجل مَن ينتفع بالطبّ، ويستفيد من العلم الحديث ثمانون سنةً فقط لا ألف ومئة وثمانون سنة، أو أنّه مليون سنة.

والواقع أنّ كثيراً من مدّعي العلم، الذين ليسوا من الراسخين في المعارف الإسلاميّة، وجميع الملحدين المادّيّين، يتخيّلون إرادة الله تعالى وأفعاله في عرض الأسباب الطبيعيّة، فتحيّروا ضلالةً وجهالةً، بل ألحد المادّيّون بأنّ الأسباب المادّيّة تُغني عن الخالق المدبِّر المريد، ولو علموا أنّ إرادة الله وأفعاله في طول الأسباب المادّيّة، وأنّ الموجودات محتاجة إلى إفاضته تعالى في جميع شؤنها حدوثاً وبقاءً ؛ لم يضلّوا ولن يلحدوا، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أنّ هدانا الله.

نعم أجل كلّ إنسانٍ يُحدّد في ضمن الأسباب المادّيّة لا خارجها، وفهم ذلك ينفعك في مقامات كثيرة بإذن الله المنّان دائم الفضل.

وفي الأخير تخيّل متخيّل: أنّ دفع الموت يهدم تشريع الميراث الذي اهتمّ به الشارع، وهو خبط عشواء، فإنّ أحكام الإرث تترتّب على الموت وإنّما اهتمّ بها الشارع في فرض الموت، فإذا زال الموضوع أو تأخّر زالت الأحكام أو تأخّرت بتبعه، كما أنّ الأحكام المتعلّقة بالسفر والمسافر، من قصر الصلاة وإفطار صوم رمضان تزول بزواله.

وبالجملة: الأحكام لا توجب حفظ الموضوع بل تترتّب إذا تحقّق، وليكن هذا واضحاً.

ولنا أنْ نقول على سبيل النقض والجدل: إنّ الإيمان بالله وباليوم الآخر وبالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله واجب ومن أهمّ الواجبات، فيجب حفظ الحياة، وإطالة العمر، لحفظ الإيمان بالله تعالى وتحصيل مرضاته !

١٣٨

المسألة التاسعة عشرة

نهاية الحياة الإنسانيّة

( ١ )

نظر الشريعة الإسلاميّة

المفهوم من القرآن المجيد أنّ موت الإنسان - وهو نهاية الحياة الإنسانيّة - بأخذ روحه، وهو انقطاع اتّصال الروح وتدبيرها عن البدن انقطاعاً نهائيّاً غير مؤقّت.

قال الله تعالى:( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا... ) (١) ، وقال:( قُلْ يَتَوَفَّاکُمْ مَلَکُ الْمَوْتِ الَّذِي وُکِّلَ بِکُمْ ) (٢) ، وقال:( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِکَةُ ) (٣) ... وقال:( كلّ نفسٍ ذائقة الموت ) (٤) ، وقال:( أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ) (٥) ، وقال:( إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ‌ ) (٦) ، وقال:( إذا بلغت التراقي ) (٧) - بناءً على رجوع الضمير المستتر في كلمة( بلغت ) إلى النفس أو الروح وقوله:( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى

___________________

(١) الزمر آية ٤٢.

(٢) السجدة آية ١١.

(٣) النحل آية ٣٢.

(٤) آل عمران ١٨٣ وغيرها.

(٥) الأنعام آية ٩٣.

(٦) الواقعة آية ٨٣.

(٧) القيامة آية ٢٦.

١٣٩

رَبِّکِ... ) (١) ، وغيرها من الآيات.

وليكن هذا واضحاً مسلّماً غير قابل للخلاف والنقاش في الشريعة الإسلاميّة(٢) …، لكن لحظة انقطاع الروح غير محسوسة ولا منصوصة، فهل لها علامة طبيّة وما هي ؟

هل هي سكون القلب عن النبض كما يقول به الأطبّاء القدامى ؟

أو موت جذع المخّ كما يعتقد به الأطبّاء الجدد ؟ أو كلاهما ؟

لا شكّ أنّ إدراك الكليّات والعواطف الإنسانيّة: كالإيثار، وحبّ العلم والكمال، وحب الله تعالى، وغيرها، من أبرز آثار الروح والنفس الإنسانيّة، بل وكذا الإحساس والحركة الإراديّة.

وربّما يتوهّم متوهّمٌ أنّ الحسّ والحركة الإراديّة من خواصّ النفس الحيوانيّة دون الإنسانيّة لثبوتهما في الحيوانات أيضاً، لكنّه توهُّمٌ خاطئ، فإنّهما وإن وُجدا في الحيوان والإنسان معاً، لكن ليس للإنسان نفسٌ حيوانيّة في قِبال النفس الإنسانيّة، ليستند إليها الحسّ والحركة، بل هما يستندان إلى النفس الإنسانيّة، ومن هنا جعل الاستهلال والحركة في المولود علامتين لحياته في الأحاديث(٣) .

كما لا شكّ في علم الطبّ، وعلم الجنين، وغيرهما، لحدّ الآن أنّ القلب - كاليد والرجل والأنف والكبد والكلية ونحوها - لا حسّ له ولا علم ولا إدراك، بل هو أجنبي عن العواطف الإنسانيّة أيضاً، وهي من آثار المخّ

___________________

(١) الفجر آية ٢٨.

(٢) والمتأمِّل المتدبِّر في هذه الآيات يفهم أنّ قوله تعالى:( ثمّ أنشأناه خلقاً آخر ) يُراد به ظاهراً إنشاء اتصال الروح بالجنين، وبه تبدأ الحياة الإنسانيّة. فافهم ذلك جيّداً.

(٣) ص٣٥٠ وص٣٥١ ج٢٤ جامع أحاديث الشيعة.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

أمرهم ، فأمات بسيفك من عاندك ، فشفي وهوى ، وأحيا بحجتك منسعد فهدى ، صلوات الله عليك غادية ورائحة ، وعاكفة وذاهبة ، فمايحيط المادح وصفك ، ولا يحبط الطاعن فضلك.

أنت أحسن الخلق عبادة ، وأخلصهم زهادة ، وأذبهم عن الدين ،أقمت حدود الله بجهدك ، وفللت عساكر المارقين بسيفك ، تخمد(١) لهبالحروب ببنانك(٢) ، وتهتك ستور الشبه ببيانك ، وتكشف لبس الباطل عنصريح الحق ، لا تأخذك في الله لومة لائم.

وفي مدح الله تعالى لك غنى عن مدح المادحين وتقريظالواصفين ، قال الله تعالى :( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا اللهعليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) (٣) .

ولما رأيت قد قتلت الناكثين والقاسطين والمارقين ، وصدقكرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعده ، فأوفيت بعهده ، قلت : اما آن أنتخضب هذه من هذه ، أم متى يبعث أشقاها ، واثقا بأنك على بينة منربك وبصيرة من امرك ، قادما على الله ، مستبشرا ببيعك الذي بايعته به ،وذلك هو الفوز العظيم.

اللهم العن قتلة أنبيائك وأوصياء أنبيائك بجميع لعناتك ،

__________________

(١) خمدت النار : سكن لهبها.

(٢) البنان : الإصبع.

(٣) الأحزاب : ٢٣.

٢٨١

واصلهم حر نارك ، والعن من غصب وليك حقه ، وأنكر عهده ، وجحدهبعد اليقين ، والاقرار بالولاية له يوم أكملت له الدين.

اللهم العن قتلة أمير المؤمنين ومن قتلته ، وأشياعهم وأنصارهم ،اللهم العن ظالمي الحسين وقاتليه والمتابعين عدوه وناصريه ،والراضين بقتله وخاذليه ، لعنا وبيلا.

اللهم العن أول ظالم ظلم ال محمد ومانعيهم حقوقهم ، اللهمخص أول ظالم وغاصب لآل محمد باللعن وكل مستن بما سن إلى يومالدين.

اللهم صل على محمد خاتم النبيين ، وسيد المرسلين(١) وآله الطاهرين، واجعلنا بهم متمسكين ، وبموالاتهم من الفائزين الآمنين ،الذين لاخوف عليهم ولا يحزنون ، انك حميد مجيد.

١٣ ـ الزيارة المختصة بيوم الغدير(٢) :

روى جابر الجعفي قال أبو جعفرعليه‌السلام : مضى أبي علي بن الحسينعليهما‌السلام إلى مشهد أمير المؤمنينعليه‌السلام فوقف ثم بكى وقال :

السلام عليك يا امين الله في ارضه وحجته على عباده ، السلام

__________________

(١) في بعض الصادر : وعلى علي سيد الوصيين.

(٢) لا دليل على اختصاص هذه الزيارة بيوم الغدير ، ويؤيده عدها في كتب المزار بعنوانالزيارات المطلقة.

٢٨٢

عليك يا أمير المؤمنين

اشهد انك جاهدت في الله حق جهاده ، وعملت بكتابه ، واتبعتسنن نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتى دعاك الله إلى جواره ، وقبضك إليهباختياره ، والزم أعداءك الحجة ، مع ما لك من الحجج البالغة على جميعخلقه.

اللهم فاجعل نفسي مطمئنة بقدرك ، راضية بقضائك ، مولعة(١) بذكرك ودعائك ، محبة لصفوة(٢) أوليائك ، محبوبة في ارضك وسمائك ،صابرة على نزول بلائك ، [ شاكرة لفواضل نعمائك ، ذاكرة لسوابغآلائك ](٣) ، مشتاقة إلى فرحة لقائك ، متزودة التقوى ليوم جزائك ، مستنةبسنن أوليائك ، مفارقة لأخلاق أعدائك ، مشغولة عن الدنيا بحمدكوثنائك.

ثم وضع خده على قبره ، وقال :

اللهم ان قلوب المخبتين إليك والهة(٤) ، وسبل الراغبين إليكشارعة ، واعلام القاصدين إليك واضحة ، وأفئدة العارفين منك فازعة ،وأصوات الداعين إليك صاعدة ، وأبواب الإجابة لهم مفتحة.

__________________

(١) المولعة : المتعلقة.

(٢) الصفوة : الخالصة.

(٣) زيادة من سائر المصادر.

(٤) المخبتين : الخاشعين ، والهة : متحيرة من شدة الوجد.

٢٨٣

ودعوة من ناجاك مستجابة ، وتوبة من أناب إليك مقبولة ، وعبرةمن بكى من خوفك مرحومة ، والإغاثة لمن استغاث بك موجودة ،والإعانة لمن استعان بك مبذولة ، وعداتك(١) لعبادك منجزة.

وزلل من استقالك(٢) مقالة ، واعمال العاملين لديك محفوظة ،وأرزاقك إلى الخلائق(٣) من لدنك نازلة ، وعوائد المزيد إليهم واصلة ،وذنوب المستغفرين مغفورة ، وحوائج خلقك عندك مقضية ، وجوائزالسائلين عندك موفرة ، وعوائد المزيد متواترة(٤) ، وموائد المستطعمينمعدة ، ومناهل الظماء(٥) مترعة(٦) .

اللهم فاستجب دعائي ، واقبل ثنائي ،(٧) واجمع بيني وبين أوليائيبحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، انك ولي نعمائي ،ومنتهى مناي ، وغاية رجائي في منقلبي ومثواي.

قال الباقرعليه‌السلام : ما قاله أحد من شيعتنا عند قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام

__________________

(١) عداتك : وعودك.

(٢) استقالك : طلب صفحك.

(٣) ارزاق الخلائق ( خ ل ).

(٤) متواترة : متتابعة.

(٥) زيادة : لديك ( خ ل ).

(٦) اترعه : ملاه.

(٧) زيادة : وأعطني جزائي ( خ ل ).

٢٨٤

الا وقع في درج(١) من نور ، وطبع عليه بطابع محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يسلم إلىالقائمعليه‌السلام ، فيلقى صاحبه بالبشرى والتحية والكرامة إن شاء الله(٢) .

__________________

(١) الدرج ـ بالفتح ـ الذي يكتب فيه.

(٢) رواه ابن قولويه في الكامل : ٩٢ ، باسناده عن أحمد بن علي ، عن أبيه ، عن علي بنموسى ، عن أبيه ، عن جده ، عن السجادعليه‌السلام ، عنه البحار ١٠٠ : ٢٦٤.

أورد بهذا اللفظ وبغيره : الشيخ في مصباحه : ٦٨٢ برواية جابر الجعفي عن الباقر عليه‌السلام ، والسيد في مصباحه : ٥٨٣ ، والشهيد في مزاره : ٩٥ ، والكفعمي في مصباحه : ٤٨٠ وفيالبلد الأمين : ٤٩٥ جميعا عن الباقر ، عن أبيه عليهما‌السلام .

ذكره السيد عبد الكريم بن أحمد بن طاووس في فرحة الغري : ٤٠ ، باسناده عن محمد بنمحمد الطوسي ، عن والده ، عن السيد فضل الله العلوي ، عن ذي الفقار بن معبد ، عن الشيخ ، عنالمفيد ، عن محمد بن أحمد القمي ، عن محمد بن علي بن الفضل الكوفي ، عن محمد بن روحالقزويني ، عن أبي القاسم النقاش بقزوين ، عن الحسين بن سيف بن عميرة ، عن أبيه سيف ، عنجابر الجعفي ، عن الباقر ، عن أبيه عليهما‌السلام .

ورواه أيضا مع اختلاف في فرحة الغري : ٤٣ عن علي بن بلال المهلبي ، عن أحمد بن عليابن مهدي الرقي ، عن أبيه ، عن علي بن موسى عليهما‌السلام ، مثله ثم قال : وذكر ابن أبي قرة في مزارهعن محمد بن عبد الله ، عن إسحاق بن محمد بن مروان ، عن أبيه ، عن علي بن سيف بن عميرة ،عن أبيه ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن الباقر عليه‌السلام .

ذكره السيد ابن طاووس في الاقبال ٢ : ٢٧٣ كما في فرحة الغري ، باسناده عن كتاب المسرةمن كتاب مزار ابن أبي قرة ، عن جماعة إليه ، رواه عن محمد بن عبد الله ، عن أبيه ، عن الحسن بنيوسف بن عميرة ، عن أبيه ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام ، عنأبيه علي بن الحسين عليهما‌السلام .

أقول : قال السيد في الاقبال بعد ذكر الدعاء : ( وقد زاره مولانا الصادق عليه‌السلام بنحو هذهالألفاظ من الزيارة تركنا ذكرها خوف الإطالة ) ، وقريب منه ما ذكره السيد عبد الكريم بن أحمدابن طاووس في فرحة الغري.

٢٨٥

فاما صلاة يوم الغدير والدعاء :

فإنه ينبغي ان يغتسل أولا يوم الغدير ، فإذا قرب من الزوال وبقيبينه وبين الزوال نصف ساعة صلى ركعتين ، يقرأ في كل واحدة منهماعشر مرات :( قل هو الله أحد ) بعد الحمد ، وعشر مرات :( انا أنزلناهفي ليلة القدر ) ، وعشر مرات آية الكرسي.

فإذا سلم عقب بما أراد من تسبيح الزهراءعليها‌السلام وغير ذلك منالدعاء ، ثم تقول :

ربنا اننا سمعنا مناديا ينادي للايمان ان امنوا بربكم فآمنا ، ربنافاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ، ربنا وأتنا ما وعدتناعلى رسلك ولا تخزنا يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد.

اللهم إني أشهدك وكفى بك شهيدا ، واشهد ملائكتك وأنبياءكوحملة عرشك وسكان سماواتك وارضيك ، بأنك أنت الله لا إله إلا أنتالمعبود فلا يعبد سواك ، فتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا ،وأشهد أن محمدا عبدك ورسولكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واشهد انأمير المؤمنين عبدك ومولانا.

ربنا سمعنا واجبنا وصدقنا المنادي رسولكصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ نادى بنداء عنك ، بالذي امرته ان يبلغ ما أنزلت إليه ، من ولاية وليامرك ، وحذرته وأنذرته ان لم يبلغ ما امرته ان تسخط عليه ، ولما بلغ

٢٨٦

رسالاتك(١) عصمته من الناس ، فنادى مبلغا عنك : الا من كنت مولاهفعلي مولاه ومن كنت وليه فعلي وليه ، ومن كنت نبيه فعلي اميره.

ربنا قد أجبنا داعيك النذير محمدا عبدك ورسولك إلى الهاديالمهدي ، عبدك الذي أنعمت عليه ، وجعلته مثلا لبني إسرائيل ، عليأمير المؤمنين ومولاهم ووليهم ، ربنا واتبعنا مولانا وولينا وهاديناوداعينا ، وداعي الأنام وصراطك المستقيم وحجتك البيضاء ،وسبيلك الداعي إليك على بصيرة هو ومن اتبعه ، وسبحان الله عمايشركون.

واشهد انه الإمام الهادي الرشيد أمير المؤمنين ، الذي ذكرته فيكتابك فإنك قلت وقولك الحق :( وانه في أم الكتاب لدينا لعليحكيم ) (٢) .

اللهم فانا نشهد بأنه عبدك والهادي من بعد نبيك ، النذير المنذر ،وصراطك المستقيم ، وأمير المؤمنين ، وقائد الغر المحجلين ،وحجتك البالغة ، ولسانك المعبر عنك في خلقك ، وانه القائم بالقسطفي بريتك ، وديان دينك ، وخازن علمك ، وأمينك المأمون ، المأخوذميثاقه وميثاق رسولكعليهما‌السلام من جميع خلقك وبريتك ، شاهدابالاخلاص لك والوحدانية.

__________________

(١) رسالتك ( خ ل ).

(٢) الزخرف : ٤٣.

٢٨٧

بأنك أنت الله لا إله إلا أنت ، وأن محمدا عبدك ورسولك ، وانعليا أمير المؤمنين جعلته وليك ، والاقرار بولايته تمام وحدانيتكوكمال دينك وتمام نعمتك على جميع خلقك من بريتك ، فقلتوقولك الحق :( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتيورضيت لكم الاسلام دينا ) (١) .

فلك الحمد بموالاته واتمام نعمتك علينا ، بالذي جددت منعهدك وميثاقك ، وذكرتنا ذلك ، وجعلتنا من أهل الاخلاص والتصديقبميثاقك ومن أهل الوفاء بذلك ، ولم تجعلنا من اتباع المغيرينوالمبدلين ، والمنحرفين(٢) والمبتكين اذان الانعام ، والمغيرين خلقالله ، ومن الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ، وصدهمعن السبيل والصراط المستقيم.

اللهم العن الجاحدين والناكثين ، والمغيرين والمكذبين بيومالدين من الأولين والآخرين ، اللهم فلك الحمد على انعامك علينابالهدى الذي هديتنا به إلى ولاة امرك من بعد نبيك ، الأئمة الهداةالراشدين ، واعلام الهدى ، ومنار القلوب والتقوى والعروة الوثقى ،وكمال دينك وتمام نعمتك ، ومن بهم وبموالاتهم رضيت لنا الاسلامديناً.

__________________

(١) المائدة : ٣.

(٢) المحرفين ( خ ل ).

٢٨٨

ربنا فلك الحمد ، امنا وصدقنا بمنك علينا بالرسول النذير المنذروالينا وليهم ، وعادينا عدوهم ، وبرئنا من الجاحدين والمكذبين بيومالدين ، اللهم فكما كان ذلك من شأنك يا صادق الوعد ، يا من لا يخلفالميعاد ، يا هو كل يوم في شأن إذ أتممت علينا نعمتك بموالاة أوليائك ،المسؤول عنهم عبادك ، فإنك قلت :( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ) (١) ،وقلت وقولك الحق :( وقفوهم انهم مسؤولون ) (٢) .

ومننت علينا بشهادة الاخلاص وبولاية أوليائك الهداة بعد النذيرالمنذر السراج المنير ، وأكملت لنا بهم الدين ، وأتممت علينا النعمة ،وجددت لنا عهدك ، وذكرتنا ميثاقك المأخوذ منا في ابتداء خلقك إيانا ،وجعلتنا من أهل الإجابة ولم تنسنا ذكرك ، فإنك قلت :( وإذ اخذ ربكمن بنى ادم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم الست بربكمقالوا بلى ) (٣) .

شهدنا بمنك ولطفك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت ربنا ، ومحمدعبدك ورسولك نبينا ، وعلي أمير المؤمنين عبدك الذي أنعمت به علينا ،وجعلته اية لنبيكعليه‌السلام ، وآيتك الكبرى ، والنبأ العظيم ، الذيهم فيه مختلفون ، وعنه مسؤولون.

__________________

(١) التكاثر : ٦.

(٢) الصافات : ٢٤.

(٣) الأعراف : ١٧٢.

٢٨٩

اللهم فكما كان من شأنك ان أنعمت علينا بالهداية إلى معرفتهمفليكن من شأنك ان تصلي على محمد وال محمد وان تبارك لنا فييومنا هذا الذي أكرمتنا به ، وذكرتنا فيه عهدك وميثاقك ، وأكملت ديننا ،وأتممت علينا نعمتك ، وجعلتنا بمنك من أهل الإجابة والبراءة منأعدائك وأعداء أوليائك ، المكذبين بيوم الدين.

فاسالك يا رب تمام ما أنعمت به ، وان تجعلنا من الموفين(١) ،ولا تلحقنا بالمكذبين ، واجعل لنا قدم صدق مع المتقين ، واجعل لنا منالمتقين إماما ، يوم تدعو كل أناس بإمامهم ، واحشرنا في زمرة أهل بيتنبيك الأئمة الصادقين ، واجعلنا من البرآء من الذين هم دعاة إلى النار ،ويوم القيامة هم من المقبوحين ، وأحينا على ذلك ما أحييتنا ، واجعللنا مع الرسول سبيلا ، واجعل لنا قدم صدق في الهجرة إليهم.

واجعل محيانا خير المحيا ، ومماتنا خير الممات ، ومنقلبنا خيرالمنقلب ، على موالاة أوليائك ومعاداة أعدائك ، حتى تتوفانا وأنت عناراض ، قد أوجبت لنا جنتك برحمتك ، والمثوى في جوارك في دارالمقامة من فضلك ، لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ، ربنا اغفرلنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ، ربنا وأتنا ما وعدتنا علىرسلك ولا تخزنا يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد.

اللهم واحشرنا مع الأئمة الهداة من ال رسولك ، نؤمن بسرهم

__________________

(١) المصدقين ( خ ل ).

٢٩٠

وعلانيتهم ، وشاهدهم وغائبهم ، اللهم إني أسألك بالحق الذي جعلتهعندهم ، وبالذي فضلتهم به على العالمين جميعا ان تبارك لنا في يومناهذا الذي أكرمتنا فيه بالموافاة بعهدك الذي عهدته إلينا ، والميثاق الذيواثقتنا به من موالاة أوليائك والبراءة من أعدائك ان تتم علينا نعمتك ،ولا تجعله مستودعا واجعله مستقرا ولا تسلبناه ابدا ، ولا تجعلهمستعارا ، وارزقنا مرافقة وليك الهادي المهدي إلى الهدى ، وتحتلوائه وفي زمرته ، شهداء صادقين على بصيرة من دينك ، انك على كلشئ قدير(١) .

١٤ ـ زيارة جامعة لسائر الأئمة صلوات الله عليهم ، والقول فيمبتدأ الامر في الزيارة إلى آخرها وردت عن الصادقينعليهم‌السلام .

إذا أردت زيارة قبور الأئمةعليهم‌السلام فليكن من قولك عند العقد علىالعزم والنية :

اللهم صل عزمي بالتحقيق ، ونيتي بالتوفيق ، ورجائي بالتصديق ،وتول أمري ولا تكلني إلى نفسي ، وأحل عقدة الحيرة والتخلف(٢) عنحضور المشاهد المقدسة.

__________________

(١) رواه في الاقبال ٢ : ٢٨٢ ، عنه البحار ٩٨ : ٣٠٢ ، رواه مع اختلاف في التهذيب ٣ : ١٤٣ ،مصباح المتهجد ٢ : ٦٩١.

(٢) عقدة الخيرة ( خ ل ) ، أتخلف ( خ ل ).

٢٩١

وصل ركعتين قبل خروجك وقل بعقبهما :

اللهم إني استودعك ديني ونفسي وجميع حزانتي ، اللهم أنتالصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل والمال والولد ، اللهم إني أعوذبك من سوء الصحبة واخفاق الأوبة(١) ، اللهم سهل لنا حزن ما نتغول(٢) عليه ، ويسر علينا مستغزر(٣) ما نروح ونغدو له ، انك على كل شئقدير.

فإذا سلكت طريقك فليكن همك ما سلكت له ، ولتقلل من حالتغص منك ولتحسن الصحبة لمن صحبك ، وأكثر من الثناء على اللهتعالى ذكره والصلاة على رسوله.

فإذا أردت الغسل للزيارة فقل وأنت تغتسل :

بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله ، اللهماغسل عني درن الذنوب ووسخ العيوب ، وطهرني بماء التوبة ،وألبسني رداء العصمة ، وأيدني بلطف منك توفقني لصالح الأعمال ،انك ذو الفضل العظيم.

فإذا دنوت من باب المشهد فقل :

الحمد لله الذي وفقني لقصد وليه ، وزيارة حجته ، وأوردني

__________________

(١) اخفاق الأوبة : طلب حاجة فاخفق ، اي لم يدركها.

(٢) المغاولة : المبادرة في السير.

(٣) المستغزر : الذي يطلب أكثر مما يعطي.

٢٩٢

حرمه ولم يبخسني(١) حظي من زيارة قبره والنزول بعقوة(٢) مغيبهوساحة تربته ، الحمد لله الذي لم يسمني بحرمان ما أملته ، ولا صرفعزمي عما رجوته ، ولا قطع رجائي مما توقعته ، بل البسني عافيتهوأفادني نعمته واتاني كرامته.

فإذا دخلت المشهد فقف على الضريح الطاهر وقل :

السلام عليكم أئمة المؤمنين وسادة المتقين وكبراء الصديقينوامراء الصالحين وقادة المحسنين واعلام المهتدين وأنوار العارفين ،وورثة الأنبياء وصفوة الأوصياء ، وشموس الأتقياء وبدور الخلفاء ،وعباد الرحمان وشركاء القران ، ومنهج الايمان ومعادن الحقائقوشفعاء الخلائق ، ورحمة الله وبركاته.

اشهد انكم أبواب الله ومفاتيح رحمته ، ومقاليد مغفرته ،وسحائب رضوانه ، ومصابيح جنانه ، وحملة قرآنه ، وخزنة علمه ،وحفظة سره ، ومهبط وحيه ، وأمانات النبوة ، وودائع الرسالة.

أنتم أمناء الله وأحباؤه ، وعباده وأسخياؤه ، وأنصار توحيده ، وأركان تمجيده ، ودعاته إلى دينه ، وحرسة خلائقه ، وحفظة شرائعه.

لا يسبقكم ثناء الملائكة في الاخلاص والخشوع ، ولا يضادكمذو ابتهال وخضوع ، انى ولكم القلوب التي تولى الله رياضتها بالخوف

__________________

(١) بخسه حقه ـ كمنعه ـ نقصه.

(٢) العقوة : ما حول الدار والمحلة.

٢٩٣

والرجاء ، وجعلها أوعية الشكر والثناء ، وامنها من عوارض الغفلة ،وصفاها من شواغل الفترة ، بل يتقرب أهل السماء بحبكم وبالبراءة منأعدائكم ، وتواتر البكاء على مصابكم ، والاستغفار لشيعتكمومحبيكم.

فانا اشهد الله خالقي واشهد ملائكته وأنبيائه وأشهدكم يا مواليباني مؤمن بولايتكم ، معتقد لإمامتكم ، مقر بخلافتكم ، عارف بمنزلتكم ،مؤمن بعصمتكم ، خاضع لولايتكم ، متقرب إلى الله بحبكم وبالبراءةمن أعدائكم ، عالم بان الله قد طهركم من الفواحش ، ما ظهر منها ومابطن ، ومن كل ريبة ونجاسة ودنية ورجاسة ، ومنحكم راية الحق الذيمن تقدمها ذل ، ومن تأخر عنها زل ، وفرض طاعتكم على كل اسودوابيض.

واشهد انكم قد وفيتم بعهد الله وذمته ، وبكل ما اشترطه عليكمفي كتابه ، ودعوتم إلى سبيله ، وأنفدتم طاقتكم في مرضاته ، وحملتمالخلائق على منهاج النبوة ومسالك الرسالة ، وسرتم فيه بسيرة الأنبياء ،ومذاهب الأوصياء ، فلم يطع لكم أمر ولم تصغ إليكم اذن ، فصلواتالله على أرواحكم وأجسادكم.

ثم تنكب على القبر وتقول :

بابي أنت وأمي يا حجة الله لقد أرضعت بثدي الايمان ، وفطمتبنور الاسلام ، وغذيت ببرد اليقين ، وألبست حلل العصمة ، واصطفيت

٢٩٤

وورثت علم الكتاب ، ولقنت فصل الخطاب ، وأوضح بمكانك معارفالتنزيل ، وغوامض التأويل ، وسلمت إليك راية الحق ، وكلفت هدايةالخلق ، ونبذ إليك عهد الإمامة ، وألزمت حفظ الشريعة.

واشهد يا مولاي انك وفيت بشرائط الوصية ، وقضيت ما الزمكمن فرض الطاعة ، ونهضت بأعباء الإمامة ، واحتذيت مثال النبوة فيالصبر والاجتهاد ، والنصيحة للعباد وكظم الغيظ ، والعفو عن الناس ،وعزمت على العدل في البرية ، والنصفة في القضية ، ووكدت الحججعلى الأمة بالدلائل الصادقة والشواهد الناطقة ، ودعوت إلى اللهبالحكمة البالغة والموعظة.

فمنعت من تقويم الزيغ وسد الثلم(١) ، واصلاح الفاسد وكسرالمعاند ، واحياء السنن وإماتة البدع ، حتى فارقت الدنيا وأنت شهيد ،ولقيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنت حميد صلوات الله عليكصلاة تترادف وتزيد.

ثم صر إلى عند الرجلين وقل :

يا سادتي يا آل رسول الله ، إني بكم أتقرب إلى الله جل وعلا ،بالخلاف على الذين غدروا بكم ، ونكثوا بيعتكم ، وجحدوا ولايتكم ،وأنكروا منزلتكم ، وخلعوا ربقة طاعتكم ، وهجروا أسباب مودتكم ،وتقربوا إلى فراعنتهم بالبراءة منكم ، والاعراض عنكم ، ومنعوكم من

__________________

(١) الثلمة ـ بالضم ـ فرجة المكسور والمهدوم ، والثلم ـ محركة ـ ان ينثلم حرف الوادي.

٢٩٥

إقامة الحدود ، واستئصال الجحود ، وشعب الصدع ، ولم الشعث ، وسدالخلل ، وتثقيف الأود(١) ، وإمضاء الأحكام ، وتهذيب الاسلام ، وقمعالآثام ، وأرهجوا عليكم نقع(٢) الحروب والفتن ، وأنحوا عليكم سيوفالأحقاد(٣) ، هتكوا منكم الستور ، وابتاعوا بخمسكم الخمور ، وصرفواصدقات المساكين إلى المضحكين والساخرين.

وذلك بما طرقت لهم الفسقة الغواة ، والحسدة البغاة ، أهل النكثوالغدر ، والخلاف والمكر ، والقلوب المنتنة من قذر الشرك ، والأجسادالمشحنة(٤) من درن الكفر ، أضبوا على النفاق ، وأكبوا على علائقالشقاق(٥) .

فلما مضى المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، اختطفوا الغرة(٦) ،وانتهزوا الفرصة ، وانتهكوا الحرمة ، وغادروه على فراش الوفاة ،وأسرعوا لنقض البيعة ، ومخالفة المواثيق المؤكدة ، وخيانة الأمانةالمعروضة على الجبال الراسية ، وأبت أن تحملها وحملها الانسان

__________________

(١) الثقاف : ما يقوم به الرماح ، يريد انه سوى عوج المسلمين.

(٢) أرهج : اثار الغبار ، النقع : الغبار.

(٣) أنحى عليه ضربا إذا أقبل ، وأنحى له السلاح ضربه بها.

(٤) شحنه وأشحنه : ملاه.

(٥) اضب فلانا : لزمه فلم يفارقه وعليه أمسك ، أكب عليه : إذا اقبل ولزم.

(٦) العترة ( خ ل ) ، الاختطاف : استلاب الشئ واخذه بسرعة ، اي اغتنموا غفلة الناس واخذوها لتحصيل مرامهم.

٢٩٦

الظلوم الجهول ، ذو الشقاق والغرة ، بالآثام المؤلمة ، والانفة عن الانقيادلحميد العاقبة.

فحشر سفلة الأعراب ، وبقايا الأحزاب ، إلى دار النبوة والرسالة ،ومهبط الوحي والملائكة ، ومستقر سلطان الولاية ، ومعدن الوصيةوالخلافة والإمامة ، حتى نقضوا عهد المصطفى ، في أخيه علم الهدى ،والمبين طريق النجاة من طرق الردى.

وجرحوا كبد خير الورى ، في ظلم ابنته ، واضطهاد حبيبته ،واهتضام عزيزته ، وبضعة لحمه ، وفلذة كبده ، وخذلوا بعلها ، وصغرواقدره ، واستحلوا محارمه ، وقطعوا رحمه ، وأنكروا اخوته ، وهجروامودته ، ونقضوا طاعته ، وجحدوا ولايته ، وأطمعوا العبيد في خلافته.

وقادوه إلى بيعتهم ، مصلتة سيوفها(١) ، مشرعة(٢) أسنتها ، وهو ساخطالقلب ، هائج الغضب ، شديد الصبر ، كاظم الغيظ ، يدعونه إلى بيعتهمالتي عم شومها الاسلام ، وزرعت في قلوب أهلها الآثام ، وعقت(٣) سلمانها ، وطردت مقدادها ، ونفت جندبها ، وفتقت بطن عمارها ،وحرفت القرآن ، وبدلت الأحكام ، وغيرت المقام ، وأباحت الخمسللطلقاء ، وسلطت أولاد اللعناء على الفروج ، وخلطت الحلال بالحرام.

__________________

(١) أصلت السيف : جرده من غمده.

(٢) مقذعة ( خ ل ) ، قذعه ـ كمنعه ـ رماه بالفحش وسوء القول وبالعصا ضربه ، وما فيالمتن هو الظاهر.

(٣) عقت من العقوق خلاف البر ، ولعله في الأصل : عنفت من التعنيف.

٢٩٧

واستخف بالايمان والاسلام ، وهدمت الكعبة ، وأغارت على دارالهجرة يوم الحرة ، وأبرزت بنات المهاجرين والأنصار للنكالوالسوءة(١) ، وألبستهن ثوب العار والفضيحة ، ورخصت لأهل الشبهةفي قتل أهل بيت الصفوة وإبادة نسله ، واستيطال شافته ، وسبي حرمه ،وقتل أنصاره ، وكسر منبره ، وقلب مفخره ، وإخفاء دينه ، وقطع ذكره.

يا موالي فلو عاينكم المصطفى ، وسهام الأمة معرقة(٢) في أكبادكم ،ورماحهم مشرعة(٣) في نحوركم ، وسيوفها مولغة في دمائكم ، يشفيأبناء العواهر غليل الفسق من ورعكم ، وغيظ الكفر من إيمانكم.

وأنتم بين صريع في المحراب ، قد فلق السيف هامته ، وشهيد فوقالجنازة قد شكت أكفانه(٤) بالسهام ، وقتيل بالعراء قد رفع فوق القناة(٥) رأسه ، ومكبل في السجن قد رضت بالحديد أعضاؤه(٦) ، ومسموم قدقطعت بجرع السم أمعاؤه ، وشملكم عباديد(٧) تفنيهم العبيد وأبناءالعبيد.

__________________

(١) السورة ( خ ل ) ، السورة : السطوة والاعتداء.

(٢) مغرقة ( خ ل ) ، معرقة من أعرق الشجرة إذا اشتدت عروقه في الأرض.

(٣) أشرعت الرمح نحوه سددت.

(٤) شكها بالرمح : خرقها.

(٥) العراء : الفضاء لا يستر فيه بشئ ، والقناة الرمح.

(٦) الكبل : القيد ، كبله حبسه في سجن أو غيره ، والرض : الدق.

(٧) العباديد : الفرق من الناس والخيل الذاهبون في كل وجه.

٢٩٨

فهل المحن يا ساداتي الا التي لزمتكم ، والمصائب الا التيعمتكم ، والفجايع إلا التي خصتكم ، والقوارع(١) إلا التي طرقتكم ،صلوات الله عليكم وعلى أرواحكم وأجسادكم ، ورحمة الله وبركاته.

ثم قبله وقل :

بأبي وأمي يا آل المصطفى ، إنا لا نملك إلا أن نطوف حولمشاهدكم ، ونعزي فيها أرواحكم ، على هذه المصائب العظيمة الحالةبفنائكم ، والرزايا الجليلة النازلة بساحتكم ، التي أثبتت في قلوبشيعتكم القروح ، وأورثت أكبادهم الجروح ، وزرعت في صدورهمالغصص.

فنحن نشهد الله أنا قد شاركنا أولياءكم وأنصاركم المتقدمين ، فيإراقة دماء الناكثين والقاسطين والمارقين ، وقتلة أبي عبد الله سيدشباب أهل الجنة يوم كربلاء ، بالنيات والقلوب ، والتأسف على فوتتلك المواقف ، التي حضروا لنصرتكم ، والله وليي يبلغكم منيالسلام(٢) .

ثم اجعل القبر بينك وبين القبلة وقل :

اللهم يا ذا القدرة التي صدر عنها العالم مكونا مبروئا عليها ،مفطورا تحت ظل العظمة ، فنطقت شواهد صنعك فيه بأنك أنت الله

__________________

(١) القوارع : الدواهي.

(٢) عليكم منا السلام ، ورحمة الله وبركاته. ( خ ل )

٢٩٩

لا إله إلا أنت ، مكونه وبارؤه وفاطره

ابتدعته لا من شئ ، ولا على شئ ، ولا في شئ ، ولا لوحشةدخلت عليك إذ لا غيرك ، ولا حاجة بدت لك في تكوينه ، ولا لاستعانةمنك على ما تخلق بعده ، بل أنشأته ليكون دليلا عليك ، بأنك بائن منالصنع ، فلا يطيق المنصف بعقله إنكارك ، والموسوم بصحة المعرفةجحودك.

أسألك بشرف الاخلاص في توحيدك ، وحرمة التعلق بكتابك ،وأهل بيت نبيك ، أن تصلي على آدم بديع فطرتك ، وبكر حجتك ،ولسان قدرتك ، والخليفة في بسيطتك ، وعلى محمد الخالص منصفوتك ، والفاحص عن معرفتك ، والغائص المأمون على مكنونسريرتك ، بما أوليته من نعمتك بمعونتك ، وعلى من بينهما من النبيينوالمكرمين من الأوصياء والصديقين ، وأن تهبني لإمامي هذا.

وضع خدك على سطح القبر وقل :

اللهم بمحل هذا السيد من طاعتك ، وبمنزلته عندك ، لا تمتنيفجأة ، ولا تحرمني توبة ، وارزقني الورع عن محارمك دينا ودنيا ،واشغلني بالآخرة عن طلب الأولي ، ووفقني لما تحب وترضى ،وجنبني اتباع الهوى ، والاغترار بالأباطيل والمنى.

اللهم اجعل السداد في قولي ، والصواب في فعلي ، والصدقوالوفاء في ضماني ووعدي ، والحفظ والايناس مقرونين بعهدي

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702