المزار الكبير

المزار الكبير8%

المزار الكبير مؤلف:
المحقق: جواد القيّومي الإصفهاني
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: 702

المزار الكبير
  • البداية
  • السابق
  • 702 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187475 / تحميل: 6371
الحجم الحجم الحجم
المزار الكبير

المزار الكبير

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٩٢٠٠٢-٠-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

المخالفين لأنّه منصب الهيّ وكمال نفسانيّ ودرجة وهيبة

وما قيل من أنّ الولاية بمنزلة الحليلة للأئمّة واغتصبها المغتصبون منهم فتزوّجها فالنواصب أبناء هذه البغيّة ونزّلوا أخبار خبث مولد النواصب هذا التنزيل وقالوا : إنّ الزوج الشرعي للولاية هم الأئمّةعليهم‌السلام وقد عقد الله هذا الزواج في السماء

وهذا حديث باطل ومردود وهو أدنى من كلام المبرسمين أصحاب الماليخوليا ، والأولى أن ندعوه هذيان القلم ، وأكثر من هذا لا يستحقّ من عناية العلماء لردّه ولا يتّسق مع سابقة العلماء وشئوناتهم العلميّة ورتب أهل الفضل كما قال الحكماء :

از سخن پُر در من هم چون صدف هر گوش را

قفل گوهر ساز ياقوت زمر پوش را

در جواب هر سؤالى حاجت گفتار نيست

چشم بينا عذر مى خواهد لب خاموش را

لا تجعلنّ كلّ قول مثل جوهرة

تقرط الأُذن فيها كي تحلّيها

أبعد عن العين بالأقفال جوهرة

فإنّ حقّ يتيم الدرّ تخفيها

ولا تجيبنّ يوماً كلّ مسألة

إطباق كلّ شفاه عذرها فيها

ومن الأشعار التي أنشدها الإمام الرضاعليه‌السلام في حضرة المأمون ونسبه إلى بعض فتيان آل عبد المطّلب كما ورد في العيون هذان البيتان :

وإذا ابتليت بجاهل متكلّف

يجد المحال من الأُمور صوابا

أوليته منّي السكوت وربّما

كان السكوت عن الجواب جوابا(١)

وجملة القول : إنّ هذه الفقرة من الزيارة مساوقة لفقرة الصحيفة السجاديّة

_________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢ : ١٥٧ وفيه بدل « ابتليت » « بليت » وبدل « متكلّف » « متحكّم » ( هامش الأصل ) وفي المجلّد الأوّل منه ص ١٨٧ أربعة أبيات بدل البيتين ( المترجم )

٣٠١

وفيها يشير الإمام السجّاد إلى عيد الأضحى والجمعة وصلاة العيدين والخطبة ويقول : « اللهمّ هذا المقام لخلفائك وأصفياءك ومواضع اُمناءك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزّوها »(١) وهذا الابتزاز والإزالة والدفع كلّ ذلك ناشئ عن الصدر السالف والقرن الأوّل من عدول الصحابة ، ولا تتنافى عدالتهم مع ظلم أهل البيت وإيذاء فاطمةعليها‌السلام وإحراق بيتها والخلاف مع عليّعليه‌السلام وبغض الحسنينعليهما‌السلام ، كما مرّ عليك جانب من ذلك وعسى أن نشير فيما يأتي إلى جملة اُخرى منه

بل لا يتنافى ذلك عندهم مع تغيير جميع الفروع والاُصول والأحكام وهدم أساس الشريعة المقدّسة ـ على الصادع بها ألف سلام ـ كما يظهر ذلك من الأخبار المبثوثة في مطاوي كتبهم المعتمدة واُصولهم الصحيحة

نقل السيّد المحقّق الأمين شارح الصحيفة المقدّسة من الجمع بين الصحيحين في مسند أبي الدرداء في الحديث الأوّل من أخبار البخاري : قالت اُمّ الدرداء : دخل عليّ أبو الدرداء وهو مغضب ، فقلت : ما أغضبك ؟ فقال : والله ما أعرف من أمر محمّد شيئاً إلّا أنّهم يصلّون جميعاً(٢)

وفي الحديث الأوّل من صحيح البخاري من مسند أنس بن مالك نقل عن الزهري قال : دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي ، فقلت : ما يبكيك ؟ فقال : لا أعرض شيئاً ممّا أدركت إلّا هذه الصلاة وهذه الصلاة قد ضيّعت(٣)

وفي حديث آخر إنّه قال : ما أعرف شيئاً ممّا كان على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

_________________

(١) الصحيفة السجاديّة ، دعاء ٤٩ ( هامش الأصل ) الكاملة : ٢٨١ نشر جامعة المدرّسين ( المترجم )

(٢) صحيح البخاري ١ : ١٦٦ باب فضل صلاة الفجر في جماعة ، ط دار مطابع الشعب بمصر ( هامش الأصل )

(٣) نفسه ، باب تضييع الصلاة عن وقتها ، ص ١٤١ ( هامش الأصل )

٣٠٢

قيل : فالصلاة ؟ قال : أليس صنعتم ما صنعتم فيها(١)

وهذه شهادة صريحة من أبي الدرداء وأنس بن مالك ـ وهما من أكابر الصحابة عند أهل السنّة والجماعة ـ بأنّ أحكام الشريعة بأجمعها غيّرت ، وبدّلت أحكام الشرع الشريف عامّة ، حتّى الصلاة وهي أظهر الواجبات وأعرف الفرايض ، وجميع ما مرّ جرى على أيدي الصحابة والتابعين الذين رووا في حقّهم « خير القرون قرني ثمّ القرن الذي يليه »(٢)

وإذا كان حال القرن الأوّل والثاني بهذه المثابة فما بالك بالقرون اللاحقة والأعصار التابعة التي تتبدّل في كلّ يوم أحوالها ، وتتنزّل شئونها باعترافهم

وطبقاً للحديث سابق الذكر يمكن أن نقول :

õ خُذ جملة البلوى ودع تفصيلها õ

_________________

(١) نفسه

(٢) عمران بن حصين ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : خيركم قرني ثمّ الذين يلونهم ، ثمّ الذين يلونهم قال عمران : فما أدري قال النبيّ بعد قوله مرّتين أو ثالثاً ، ثمّ يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون ، ويخونون ولا يؤتمنون ، وينذرون ولا يفون ، ويظهر فيهم السمن

وفي خبر آخر : خير الناس قرني ثمّ الذين يلونهم ، ثمّ يجيء من بعدهم قوم تسبق شهادتهم إيمانهم ، وإيمانهم شهادتهم [ صحيح البخاري ، ٨ : ١١٣ باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها ، ط دار ومطابع الشعب بمصر ] ( هامش الأصل )

٣٠٣

وَلَعَنَ اللهُ الْمُمَهِّدِينَ لَهُمْ بِالتَّمْكِينِ مِنْ قِتالِكُمْ

الشرح : التمهيد مأخوذ من المهاد بمعنى البساط والفراش أو من العهد بمعنى سرير الطفل ، وكلاهما عائد إلى أصل واحد ونصّ في أساس البلاغة على أنّ التمهيد معناه التوطئة وتسهيل الأمر والإصلاح ، والمراد في أمثال هذه الوقائع وتمهيد العذر من المعاني المجازيّة ، ومعناه بسطه وتهيئة قبوله

والباء في « بالتمكين » للسببيّة على الظاهر والتمكين بمعنى الإقدار ، والظاهر أنّ اشتقاق المكان منه بحسب اللفظ ، وأمّا بحسب المعنى فاشتقاقه من الكون

القتال : بمعنى القتل والذبح والحرب

والمقصود من الممهّدين هم الأوائل الذين سهّلوا السبيل ووطّئوا الاُمور ، وهيّئوا أسباب الظلم ، لأنّه لولاهم وما ارتكبوه من السلوك الوحشي الخشن مع أهل البيت لما جرأ الأواخر على ظلمهم بتلك القسوة المعهودة

وهذا أصحّ الوجوه في تفسير الفقرة المعروفة « المقتول في يوم الجمعة أو الاثنين »(١)

_________________

(١) كما في البحار ٤٤ : ١٩٩ و ٢٠١

وعن عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام : يوم الاثنين يوم نحس قبض الله عزّ وجلّ نبيّه ، وما اُصيب آل محمّد إلّا يوم الاثنين [ الكافي ، باب صوم عرفة وعاشوراء ؛ بحار الأنوار ٤٥ : ٩٤ ] وتأتي هذه الرواية بتفصيلها ذيل « اللهمّ إنّ هذا يوم تبرّكت به بنو اُميّة »

مروج الذهب : وسُمعت في جنازته ( الإمام أبي الحسن الهاديعليه‌السلام ) سوداء وهي تقول : ماذا لقينا من يوم الاثنين [ بحار الأنوار ٥٠ : ٢٠٧ ]

ولنعم ما قيل : « ما قُتل الحسين إلّا في يوم السقيفة » فلعنة الله على من أسّس أساس الظلم والجور على أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين [ بحار الأنوار ٤٥ : ٣٣٨ ]

٣٠٤

لأنّ يوم السقيفة حدث في يوم الاثنين ، وقد أجاد الشاعر المفلّق الحاج هاشم الكعبي حيث قال :

تا الله ما سيف شمر نال منك ولا

يدا سنان وإن جلّ الذي ارتكبوا

لولا الذي أغضبوا ربّ العُلى وأبوا

نصّ الولا ولحقّ المصطفى غصبوا

أصابك النفر الماضي بما ابتدعوا

وما المسبّب لو لم ينجح السبب

ولا تزال خيول الحقد كامنة

حتّى إذا أبصروها فرصة وثبوا

فادرك الكلّ ما قد كان يطلبه

والقصد يدرك لمّا يمكن الطلب

كفُّ بها اُمّك الزهراء قد ضربوا

هي التي اُختك الحورا بها سلبوا

وإن نار وغىً صاليت جمرتها

كانت لها كفّ ذاك البغي تحتطب

وليبك يومك من يبكيك يوم غدوا

بالصنوا قوداً وبنت المصطفى ضربوا

والله ما كربلا لو لا السقيفة والإحياء

تدري(١) ولا لا النار ما الحطب

وورد في كثير من الأخبار لعن قاتلي سيّد الشهداء ومقاتليه ، ولعلّنا نشير إلى جانب منه فيما يأتي ونكتفي هنا بذكر حديث واحد ليقوم بأداء حقّ هذا العنوان ،

_________________

ولنعم ما نقله عليّ بن عيسى عن بعض الأصحاب عن القاضي أبي بكر بن أبي قريعة في ضمن أبياتٍ له :

وأريتكم أنّ الحسين

اُصيب في يوم السقيفه

ولأيّ حالٍ اُلحدت

بالليل فاطمة الشريفه

ولما حمت شيخيكم

عن وطي حجرتها المنيفه

أوّه لبنت محمّد

ماتت بغصّتها أسيفه

فوالله لا أنسى زينب بنت عليّعليهما‌السلام وهي تندب وتنادي بصوت حزين وقلب كئيب : وا محمّداه ! صلّى عليك مليك السماء وهذا حسين محزوز الرأس من القفا ، مسلوب العمامة والرداء ، بأبي من عسكره في يوم الاثنين نهبا بأبي من فساط مقطّع العُرى . [ بحار الأنوار ٤٥ : ٥٩ ]

(١) جاء في الكتاب « تعلم » ولا يستقيم بها الوزن فاستبدلنا بها « تدري » لأنّي أحفظها هكذا

٣٠٥

ولئلّا تخلو هذه المقولة من هذه الأخبار من رأس

وفي تفسير الإمام الحسن العسكري :( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ ) (١) نزلت في اليهود ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا نزلت هذه الآية في هؤلاء اليهود الذين نقضوا عهد الله وكذّبوا رسل الله وقتلوا أولياء الله : أفلا اُنبّئكم بمن يضاهيهم من يهود هذه الاُمّة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : قومٌ من اُمّتي ينتحلون بأنّهم أهل ملّتي ، يقتلون أفاضل ذرّيّتي وأطائب اُرومتي ، ويبدّلون شريعتي وسنّتي ، ويقتلون ولدي الحسن والحسين كما قتل أسلاف هؤلاء اليهود زكريّا ويحيى

ألا وإنّ الله يلعنهم كما لعنهم ، ويبعث على بقايا ذراريهم يوم القيامة هادياً مهديّاً من ولد الحسين المظلوم يحرقهم بسيوف أوليائه إلى نار جهنّم

ألا ولعن الله قتلة الحسين ومحبّيهم وناصريهم والساكتين عن لعنهم من غير تقيّة تسكتهم

ألا وصلّى الله على الباكين على الحسين بن عليّعليهما‌السلام رحمة وشفقة ، واللاعنين لأعدائهم والممتلئين عليهم غيظاً وحنقاً

ألا وإنّ الراضين بقتل الحسينعليه‌السلام شركاء قتله

ألا وإنّ قتلته وأعوانهم وأشياعهم ، والمتقدّمين بهم برآء من دين الله

ألا إنّ الله ليأمر الملائكة المقرّبين أن يتلقّوا دموعهم المصبوبة لقتل الحسينعليه‌السلام إلى الخزّان في الجنان فيمزجونها بماء الحيوان فيزيد في عذوبتها وطيبها ألف ضعفها ، وإنّ الملائكة ليتلقّون دموع الفرحين الضاحكين لقتل الحسينعليه‌السلام ويلقونها في ألهاوية ويمزجونها بحميمها وصديدها وغسّاقها وغسلينها فتزيد في شدّة حرارتها وعظيم عذابها ألف ضعفها ، يشدّد بها على

_________________

(١) البقرة : ٨٤

٣٠٦

المنقولين إليها من أعداء آل محمّد عذابهم(١)

اللهمّ اجر دموعنا في مصاب الحسين ، ووفّقنا للعن قتلته من الأوّلين والآخرين ، اللهمّ العنهم لعناً وبيلاً ، وعذّبهم عذاباً أليماً لا تعذّب به أحداً من خلقك ، وصلّ على محمّد وآله الطاهرين من اليوم إلى يوم الدين

_________________

(١) تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام : ٣٦٧ ط اُولى ١٤٠٩ مهر ـ قم المقدّسة ( المترجم ) تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام : ١٤٨ ، بحار الأنوار ٤٤ : ٣٠٤ رقم ١٧ ( هامش الأصل )

٣٠٧

بَرِئْتُ إِلَىٰ اللهِ وَإِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَمِنْ أَشْياعِهِمْ وَأَتْباعِهِمْ وَأَوْلِيائِهِمْ(١)

برء : من باب سمع أي فارق ، والتبرّي بمعنى المفارقة ، وهذا المعنى مأخوذ من كتب الأدب من قبيل منتهى الإرب وتاج المصادر ، وترجمة القزويني على القاموس ، ولم تبيّن الكتب العربيّة حقيقة معنى البرائة ، وبرأ من مرضه أي تنق وعوفي ، وبرأ من دينه أي سقط عنه طلبه ، وكلا المعنيين مأخوذ من المعنى المتقدّم

وفي تفسير مجمع البيان ومفاتيح الغيب لابن الخطيب الرازي فسّر البرائة بانقطاع العصمة ، وهذا تفسير باللازم

وبعض المنتسبين إلى العلم فسّروا البرائة بالامتناع ، وبعد التتبّع والفحص الكامل لم نجد وجهاً لهذا التفسير

وسبب تعدّيته بـ « إلى » كان لإشرابه معنى توجّه أو تعطّف ، لأنّ المتبرّء من واحد متقرّب إلى الآخر ، إذ المتبرّء حين يدبر عنه يقبل على غيره فيثير حنقه بمحبّة غيره ورعاية قربه ، ولعلّ هذا المعنى هو الذي صحّح دخول « إلى » على هذا الطرف

والضمير في « منهم » راجع إلى جميع الطوائف المذكورة المراد من هذه الصفات أولئك الذين لهم المدخليّة التامّة في ذلك الأمر حيث استندت إليهم الأفعال ممّا جرى على الحسينعليه‌السلام بنحو من الأنحاء لينفى عنهم عنوان الأشياع والأتباع وينطبق عليهم عنوان مستقلّ آخر

تبع تباعاً وتِباعاً : اقتفى أثر فلان ، وتبع وزان فرس بمعنى تابع ، ويطلق على

_________________

(١) الصحيح من أشياعهم وأتباعهم وغفلةً من المؤلّف أو الناسخ حدث التقديم والتأخير ( هامش الأصل )

٣٠٨

المفرد والجمع مثل :( إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا ) (١) وجمع أتباع ، وتباعة ، وإن كان يطلق على المشي الظاهر ولكنّه من جهة التوسّع في الإطلاق يتناول المعنوي أيضاً وفي هذا السياق يوجد حديث مبنى على ذوق أهل المعرفة وليس هذا المقام موضع بيانه

الشيعة : عبارة عن الأنصار والأتباع ، صرّح بذلك في المصباح وغيره ، واشتقاقه من المشايعة ومعناها المتابعة والنصرة ، وهو مأخوذ من التشييع والمشايعة بمعنى المصاحبة للتعظيم ، كما يستعمل في معنى مشايعة الموتى وتشييعهم ، وكلا الحقيقتين مأخوذ من الشيوع بمعنى الظهور لأنّ في لفظ : مشيّع ومشايع يتبادر الميّت والضيف إلى الذهن وبه يتعالى اسمه ويشيع شرفه

ومجمل القول : جمع الشيعة شيعٍ ، وجمع الشيع أشياع ، وقد ارتكب الفيروزآبادي في القاموس خطأً حين اعتبر الأشياع والشيع كلاهما جمع التشيّع ، لأنّ قياس العربيّة لا يسمع بجمع « فعله » على « أفعال » وصرّح بما قلناه الفيّومي في المصباح

الولي : مأخوذ من ولي ومعناه الحقيقي القرب ، ويستعمل في القرابة النسبيّة والقرب الروحاني وهو المحبّة ، ويستعمل أيضاً في قرب الإحاطة وهو الرئاسة

واعلم أنّ رعاية الصحّة تتمّ في أمرين :

الأمر الأوّل : التنقية وهي دفع الفضلات والأخلاط الفاسدة

والأمر الثاني : التقوية وهي حفظ البنية وبقاء المزاج الذي هو الصورة الخامسة الحاصلة من تفاعل الكيفيّات الأربع ، المتداعية بالانفكاك والانفصال

كما أنّ حصول الكمال الإنساني والترقّي النفساني في السلوك الأخلاقي بأمرين :

_________________

(١) إبراهيم : ٢١

٣٠٩

أحدهما : دفع الرذائل من قبيل الحسد واللؤم والقساوة وحبّ الجاه

وثانيهما : كسب الفضائل من جنس العفو والسماح ورقّة القلب والإعراض عن الخلق

ومثله الإيمان وهو مصحّح جميع الأعمال وميزان كلّ كمال مركّب كذلك من جزئين :

الأوّل : البرائة من أعداء الله

والثاني : محبّة الله وأوليائه

وهذا المعنى مضافاً إلى ما جاء في سرده وتوضيحه من الكتاب والسنّة فإنّه وارد في خصوص جماعة معيّنة من طريق أهل بيت النبيّ ؛ أهل العصمة والطهارة أرواحنا لهم الفداء ، وذلك معترف به ومشهود به من جميع القلوب الصافية والنفوس الزاكية

حيث ما من عاقل نبيه يستولي عليه الوهم بالقدرة على الجمع بين محبّة إنسان ومحبّة عدوّه ، كما قال الشاعر في الحكمة الشعريّة :

تحبّ عدوّي ثمّ تزعم أنّني

صديقك إنّ الرأي منك لعازبُ

وللعقلاء أصحاب البصائر والقلوب الواعية تكفي هذه الآية المباركة التي يقول الحقّ تعالى فيها :( لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَـٰئِكَ حِزْبُ اللَّـهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (١) وفي هذه الآية المباركة وردت وجوه من تأكيد المنع عن موادّة أعداء الله

_________________

(١) المجادلة : ٢٢

٣١٠

وفي الحديث المنقول عن العيون بطرق عدّة أنّ الإمام الرضاعليه‌السلام كتب إلى المأمون في حديث طويل : حبّ أولياء الله واجب وكذلك بغض أعداء الله والبرائة منهم ومن أئمّتهم ولعلّنا نشير في أثناء البحث إلى جانب منه في مقام آخر(١)

_________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢ : ١٢٢ رقم ٣٥ ما كتبه الرضاعليه‌السلام إلى المأمون في محض الإسلام وشرايع الدين ( هامش الأصل ) وفي نسختي ص ١٢٤ ( المترجم )

٣١١

يَا أَبا عبد الله إِنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ إِلىٰ يَوْمِ الْقِيامَةِ

الشرح : السلم : بمعنى المسالمة والصلح والموادعة لأنّه جاء بمعنى المسالمة والصلح كما في القاموس وغيره ، والظاهر عدم الاشتراك بل من باب استعمال المصدر بمعنى اسم الفاعل ، فإمّا أن يكون محمولاً على المبالغة أو بتقدير ذو ( اي ذو سلم ) كما صرّح بذلك الأُدباء ، وهذا المعنى وإن لم يكن قياسيّاً بل متوقّفاً على مقتضى الحال الخاصّة التي يعرفها الأديب بالممارسة ، كما صرّح بذلك الآمدي في الموازنة بين أبي تمام والبحتري ، وإن كانت الأمثلة التي استشهد بها لا تخلو من نقاش ، ولكنّ الميزان في هذا الموضع ثابت ومحقّق

ومثله الحديث في كلمة « حرب » والأظهر في رأي هذا العبد لله أنّها المعنى المصدري نفسه

ويجب أن نقول ذلك من أجل إظهار كمال المطاوعة والتوغّل في العبوديّة والمتابعة أنّا وصلنا في هذا المقام إلى درجة أصبحنا حقيقة السلم مع من سالمكم ومصداقاً واقعيّاً للحرب لمن حاربكم

اليوم : بحسب أصل اللغة من أوّل طلوع الشمس إلى غروبها ـ كما هو المشهور بين اللغويّين ـ ويطابق اصطلاح حكماء الفرس وعلماء الهيئة والحساب أو أنّه من أوّل طلوع الفجر حتّى غروب الشمس كما صرّح بذلك ابن هشام في « شرح الكعبيّة » والظاهر أنّ المعنى الثاني لليوم هو تحديد الزمن الشرعي من اليوم وليس المعنى اللغوي ، وهذا القليل البضاعة أشار تلويحاً في « منظومة ميزان الفلك » إلى هذا المعنى :

واليوم من طلوع جرم الشمس

إلى غروبها بزعم الفُرْس

كذاك في النجوم والحساب

وذاك في السنّة والكتاب

يؤخذ من طلوع فجر صادق

إلى ذهاب حمرة المشارق

٣١٢

وتفصيل هذه الجملة أنّ غاية النهار زوال الحمرة(١) كما هو المعروف من مذهب الإماميّة ، أو غروب القرص كما هو مذهب أهل السنّة ، وقال بهذا شرذمة من علماء الشيعة نظراً إلى الأخبار المحمولة على التقيّة أو أنّهم جعلوا الأخبار في القول السابقة حاكمة على الأخبار التي قال بها الشيعة لا الأقلّيّة منهم فمالوا إليها وقالوا بها ، والإفاضة بها خارجة عن منهج هذا الشرح

وأحياناً يطلق اليوم على مطلق الزمان كما صرّح به ابن هشام في شرح الكعبيّة وحكى القول به عن سيبويه واستشهد بما أثر عن القوم من قولهم : أنا اليوم أفعل كذا ، ويريدون الوقت الحاضر ، ومن هذا القبيل قولهم : تلك أيّام الهرج ، كما قال بعض شرّاح القاموس(٢)

وأكثر اللغويّين والاُدباء نصّوا على هذا المعنى واستعماله في يوم القيامة أظهر ، لأنّه مبنى على هذا المعنى غير ملحوظٍ به طلوعاً أو غروباً ، ولابدّ من أخذهما في المعنى عند الوقوف على ظواهر العبارات

وفي الحقيقة إنّنا وإن أمكننا القول عن حقيقة اليوم بأنّه مدّة ظهور الشمس في نصف الفلك المرئي ، وأخذ الطلوع والغروب في معناه للدلالة على مصاديق أفراده في الخارج ، وبناءاً على هذا يكون يوم القيامة من مصاديق المعنى الأوّل ، والله أعلم بالصواب

القيامة : مصدر قيام ظاهراً ، يقال : قام قياماً وقيامة كما نقل بعض العلماء المتبحّرين اللغويّين ، وإن لم يذكر في كثير من الكتب

_________________

(١) يجب تحديدها بالمشرقيّة وبها يعرف دخول الليل ، أمّا الحمرة المغربيّة التي تمتدّ بعد اختطاط الظلام فلا عبرة بها ( المترجم )

(٢) قال الزبيدي : وقد يراد باليوم الوقت ، ومنه الحديث : تلك أيّام الهرج أي وقته ، ولا يختصّ بالنهار دون الليل [ تاج العروس ٩ : ١١٥ ]

٣١٣

وإطلاق يوم القيامة على يوم الحشر إمّا بسبب قيام البشريّة كافّة من مضاجعها للعرض على الله تعالى ، وإمّا بسبب قيام الخلق كافّة في ساحة العدل الربّاني جلّت عظمة الله ، كما في قوله تعالى عزّ من قائل :( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) (١)

وزعم بعضهم أنّ الكلمة مولّدة من السريانيّة بمعنى « قيماً » أي يوم الحشر ، وهذا غاية في البعد ، والأصحّ الأوّل

والظاهر أنّ التعبير عن يوم الجمعة بيوم القيامة نظراً لهذا المعنى ، لقيام الخطيب فيها بالخطبة أو لقيام الناس فيه كافّة بالصلوات ، أو لقيام أمر النبيّ فيه ، أو لتذكاره بأمر يوم القيامة ، والله أعلم

فائدة

في الأخبار الكثيرة المرويّة عن الفريقين أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لفاطمة وأمير المؤمنينعليهما‌السلام : حربك حربي وسلمك سلمي(٢) وكذلك قال لأهل العباعليهم‌السلام : « أنا سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم » أو قريباً من هذا اللفظ ، كما أوصل الترمذي في الجامع السند إلى زيد بن أرقم : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام : أنا سلم لمن سالمتم وحرب لمن حاربتم(٣)

يتبيّن من هذا الحديث على اُصول أهل السنّة والجماعة كفر معاوية وأصحاب الجمل وأصحاب واقعة كربلاء جميعاً ، لأنّ من حارب رسول الله باتفاق الاُمّة ونصّ الكتاب والسنّة كافر ، فإذا كان محارب هذه الجماعة محارباً لرسول الله فهو كافر البتّة

_________________

(١) المطفّفين : ٦

(٢) بحار الأنوار ٤٢ : ٢٦١ وتجد ذلك أيضاً في الأجزاء التالية ٢٦ ـ ٢٧ ـ ٣٢ ـ ٣٣ ـ ٣٧ ـ ٣٨ ـ ٣٩ ـ ٤٠ ـ ٦٥ ( المترجم )

(٣) اُنظر : سنن ابن ماجة القزويني ١ : ٥٢ ( المترجم ) صحيح الترمذي ، ج ٥ باب ٦١ فضل فاطمة رقم ٣٨٧٠ ( هامش الأصل )

٣١٤

وَلَعَنَ اللهُ آلَ زِيادٍ

الشرح : يمكن أن يكون الواو في مطلع الجملة للعطف ، وتكون هذه الجملة الدعائيّة معطوفة على ما سبقها من اللعائن ، وعلى هذا الوجه تكون الجملة المتضمّنة للبرائة والاستسلام والمتابعة معترضة بين العاطف والمعطوف عليه ، والنكتة المتصوّرة في وجه إقحام هذه الجملة بينهما أنّ الزائر وهو يمارس لعن الأعداء يتذكّر أعمالهم الشنيعة وآثارهم الفظيعة ، فتقلّبهم الأيّام الخوالي فيهيج وجده الكامن وشوقه الساكن فيفقد السيطرة على نفسه وهو يستعرض جرائم القوم ومنكراتهم فيظهر البرائة منهم دونما اختيار منه ، وتدركه النفرة منهم ومن أتباعهم وأشياعهم ، من هنا يخاطب الإمام المظلوم لفرط حبّه وخلوص إرادته فيحمله ذلك على عرض مسالمته الكاملة ومتابعته الشاملة مع صفاء الباطن وخلوص النيّة بين يدي ساحة الإمام المقدّسة وسدّته الرفيعة

وينعتق من هذا الكلام الذي اندفع فجئة على لسانه مرّة اُخرى ويعدل عنه إلى الحديث الأوّل من لعن الأعداء ويعطف عليهم أولئك الذين هم أعيان الظالمين المسبّبين لهذا الخطب الفادح والرزء الجليل ، والذين لهم أثر يذكر في جريان هذه الخطوب وإعانة على حدوثها فيأخذ بلعنهم واحداً واحداً ، ويعطفهم على الأوائل لكي يشفي غيظه ويريح حنقه ويبرأ من لواعج صدره من ذكرهم بالتفصيل ، كما يمكن أن تكون الواو استئنافيّة

وعلى كلّ حال فإنّ النكتة تعود إلى ما ذكرناه تفصيلاً

وسوف نذكر معنى الآل بعد هذا الحديث إن شاء الله(١)

_________________

(١) ذيل « صلّی الله عليه وآله » ( هامش الأصل )

٣١٥

وزياد المنصوص عليه باللعن هو والد عبيد الله لعنهما الله المعروف بزياد بن أبيه وزياد بن اُمّه وزياد بن عبيد وزياد بن سميّة ، واشتهر بعد استلحق معاوية إيّاه بابن أبي سفيان ، وعبيد وسميّة كلاهما من موالي كسرىٰ فأهداهما كسرى إلى أبي الخير بن عمر الكندي أحد أقيال اليمن ، وأشار إلى ذلك أبو بكر بن دريد في مقصورته المعروفة ، فقال :

فخامرت نفس أبي الخير جوىٰ

حتّى حواه الحتف فيمن قد حوىٰ

وشرح حاله في الشروح الدريديّة وغيرها ، وفي شرح الدريديّة(١) : وكان من حديثه مسيره إلى كسرى يستجيشه على قومه فأعطاه جيشاً من الأساورة فلمّا صاروا بكاظمة ونظروا إلى وحشة بلاد العرب ، فقالوا : أين نمضي مع هذا ، فعمدوا إلى سمّ فدفعوه إلى طبّاخه ووعدوه بالإحسان إليه(٢) إن ألقى السمّ في طعام الملك ، ففعل ذلك ، فما استقرّ الطعام في جوفه حتّى اشتدّ وجعه ، فلمّا علم الأساورة ذلك دخلوا عليه فقالوا له : إنّك قد بلغت إلى هذه الحالة فاكتب لنا إلى الملك كسرى إنّك قد أذنت لنا في الرجوع ، فكتب لهم بذلك

ثمّ إنّ أبا الجبر خفّ ما به فخرج إلى الطائف البليدة التي بالقرب من مكّة وكان بها الحارث بن كلدة طبيب العرب الثقفي ، فعالجه فأبرأه فأعطاه سميّة ـ بضمّ العين المهملة وفتح الميم وتشديد الياء المثنّاة من تحتها وفي آخره هاء ـ وعبيداً ـ بضمّ العين المهملة تصغير عبد ـ وكان كسرى قد أعطاهما أبا الجبر في جملة ما أعطاه(٣) وهذا يوافق ما نقله ابن عبد ربّه وابن خلّكان

_________________

(١) فيها : إنّه أبو الجبر ولم يذكر سميّة ولا عبيداً [ الخطيب التبريزي ، شرح مقصورة ابن دريد ، ص ٥٩ ] ( المترجم )

(٢) إلى هنا أخذناه من هامش الخطيب : ٥٩

(٣) ابن خلّكان ، وفيات الأعيان ٦ : ٣٥٦

٣١٦

ويقول ابن الأثير في الكامل وابن خلدون في العبر : أنّ سميّة جارية لدهقان من أهل زنده رود ، أهداها للحارث بن كلدة لمّا عالجه ، والطريق الأوّل أتقن وأمتن

وخلاصة القول : إنّ سميّة ولدت نافعاً على فراش الحارث ولكنّه نفاه ، ثمّ ولدت أبابكرة الصحابي المعروف على فراشه ، فنفاه أيضاً ولم يعترف به ، وأعطى سميّة لعبيد ، وهؤلاء الثلاثة : زياد ونافع وأبوبكرة أولاد سميّة ومعهم شبل بن معبد الذين شهدوا على المغيرة لعنه الله بالزنا عند عمر بن الخطّاب ، وتلكّأ زياد بشهادته بتلويح من عمر ، فدرأ عن المغيرة الحدّ وأقامه على الشهود ، وهي من أشدّ المطاعن على عمر ، كما هو مذكور بالتفصيل في الأسفار الكلاميّة

وقال في العقد الفريد : كان الزانيات من النساء في الجاهليّة ينصبن على بيوتهنّ رايات ليعرفن بذلك ويقصدهنّ الشباب ، وكان بغاة النفع من الناس يرسلون جواريهم في هذا السبيل كرهاً ليجمعن لهم الحطام الفاني والعرض الزائل وينالوا بذلك الحياة الدنيا ، وقد أشار الله تعالى في محكم كتابه المجيد بقوله :( وَلَا تُكْرِهُوا
فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ
) (١) يريد في الجاهليّة( فَإِنَّ اللَّـهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) يريد في الإسلام

وفي مروج الذهب : وكانت سميّة من ذوات الرايات بالطائف تؤدّي الضريبة إلى الحارث بن كلدة وكانت تنزل بالموضع الذي نزل فيه البغايا بالطائف خارجاً عن الحضر في محلّة يقال لها : حارّة البغايا .

وجاء أبو سفيان يوماً إلى أبي مريم السلولي وهو خمّار في الطائف في الجاهليّة ، فقال : أبغني بغيّاً ، فأتيته وقلت له : لم أجد إلّا جارية الحارث بن كلدة سميّة فقال : ائتني بها على ذفرها وقذرها ( يظهر من قول أبي سفيان هذا أنّه

_________________

(١) النور : ٣٣

٣١٧

وطأها قبل هذا اليوم ) ( الى أن قال ) والله لقد أخذ بدرعها وأغلقت الباب عليهما وقعدت دهشاناً ، فلم ألبث أن خرج عليّ يمسح جبينه ، فقلت : مه يا أبا سفيان ، فقال : ما أصبت مثلها يا أبا مريم لو لا استرخاء من ثديها وذفر من فيها(١)

وولدت سميّة زياداً عام أوّل من الهجرة على فراش عبيد الله ، فكان يعرف بزياد بن عُبيد وابن اُمّه وابن أبيه وابن سميّة ، ولمّا بلغ أشدّه استكتبه أبو موسى الأشعري فأرسله عمر في حاجة فأحسن القيام بها فقدم على عمر وهو في المسجد ، فخطب بين يديه خطبة أعجب بها الحاضرون ، فقال عمرو بن العاص : لو كان قرشيّاً لساق العرب بعصاه ،

فقال أبو سفيان : اُقسم بالله أنّي أعرف الذي وضعه في رحم اُمّه

فقيل له : من يا تُرى ؟

فقال : أنا هو !

ولمّا استخلف أمير المؤمنين ، كان زياد معروفاً بالنزاهة ولم يظهر منه خلاف وكان إدرايّاً سياسيّاً حازماً ذا فطنة وكياسة ، من ثمّ عهد إليه أمير المؤمنين بإدارة حدود فارس(٢) ، وأراد معاوية خديعته فما تأتّىٰ ذلك له ، وكتب إليه يوماً يتهدّده ، فقال عقيب ذلك : « أتعجب من ابن آكلة الأكباد ورأس النفاق يخوّفني بقصده إيّاي » ، وأثنى على أمير المؤمنينعليه‌السلام ثناءاً بليغاً فأرسل إليه أمير المؤمنين رسالة يحذّره من مكر معاوية ويأمره بالثبات على عهده إلى أن استشهد أمير المؤمنين وانقضت أيّامه عند ذلك فتح معاوية أحابيله عليه ، واستعان عليه بخبث فطرته

_________________

(١) مروج الذهب ٢ : ١٥ و ١٦ بتصرّف من المؤلّف ( المترجم ) و ٣ : ٦ ط دار الهجرة ( هامش الأصل )

(٢) لم يعهد إليه الإمام بذلك إنّما كان بفعل ابن عبّاس لأنّه والي البصرة يومئذٍ وفارس من توابعها ( المترجم )

٣١٨

ودنائة مولده وأوكل أمر جذبه نحوه إلى المغيرة بن شعبة وهو يومئذٍ رأس النفاق ومعدن النصب فانطلّت الحيلة على زياد واستلحقه معاوية وصيّره أخاه واعترف زياد حبّاً في الدنيا وميلاً إلى جاهها بخباثة مولده ورضي باُخوّة معاوية وأبوة أبي سفيان وعند ذلك أقسم أبوبكرة أن لا يكلّمه لأنّه زنىّ سميّة وقدح في نسبه(١)

ولمّا استقرّ رأيهما على ذلك أرسلت إليه جويريّة بنت أبي سفيان عن أمر أخيها معاوية ، فأتاها فأذنت له وكشفت عن شعرها بين يديه وقالت : أنت أخي ، أخبرني بذلك أبو مريم ثمّ أخرجه معاوية إلى المسجد وجمع الناس ، فقام أبو مريم السلولي ، فقال : أشهد أنّ أبا سفيان قدم علينا بالطائف وأنا خمّار في الجاهليّة ، فقال : أبغني بغيّاً ، فأتيته وقلت له : لم أجد إلّا جارية الحارث بن كلدة سميّة ، فقال : إأتني بها على ذفرها(٢) وقذرها

فقال له زياد : مهلاً يا أبا مريم ، إنّما بعثت شاهداً ولم تبعث شائماً ، فقال أبو مريم : لو كنتم كفيتموني لكان أحبّ إليّ وإنّما شهدت بما عاينت ورأيت ، والله لقد أخذ بكُمِّ درعها وأغلقت الباب عليهما وقعدت دهشاناً ، فلم ألبث أن خرج عليّ يمسح جبينه ، فقلت : مه ، يا أبا سفيان ، فقال : ما أصبت مثلها يا أبا مريم ، لولا استرخاء من ثديها وذفر من فيها(٣)

وفي رواية الكامل : فخرجت من عنده وإنّ اسكتيها لتقطر منيّاً(٤)

_________________

(١) كان صرم أبي بكرة له قبل هذا التاريخ أي عندما تلجلج في الشهادة وكان أحد الشهود على المغيرة فأقسم أبوبكرة لا يكلّمه مادام حيّاً ( المترجم )

(٢) الذفر : الرائحة الخبيثة

(٣) المسعودي ٣ : ١٦ ط دار الكتب العلميّة لبنان ـ ١٤١١ ( المترجم )

(٤) الكامل في التاريخ ٣ : ٣٠١ ( المترجم )

٣١٩

ولولا أنّ ذلك في فضائح أعداء أهل البيت لما ذكرت هذه الجملة ، ولكنّها في فضائهم وأنا مترجمها أيضاً

ويقال : إنّ المتنبّي قال في حقّها :

أقم المسالح حول شفر سميّة

إنّ المنيّ بحلقتيها خضرم

وخلاصة الحديث : إنّ معاوية بهذه الشهادة صيّر زياداً أخاه ، وقام يونس بن عبيد فقال : يا معاوية ، قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ الولد للفراش وللعاهر الحجر وقضيت أنت أنّ الولد للعاهر وأنّ الحجر للفراش مخالفة لكتاب الله تعالى وانصرافاً عن سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بشهادة أبي مريم على زنا أبي سفيان(١)

والحقّ أنّ هذا العار لا يمحوه الماء وهو طعن لا تجد له جواباً بأيّ كتاب ، وكان الفضل بن روزبهان التزم بالجواب على مطاعن معاوية في ردّه على نهج الحقّ وحين يبلغ الحديث إلى هذا الحدّ يقول : لم يكن معاوية بالخليفة الشرعي فلا يلزمنا الجواب عن كلّ مطاعنه وهذه الحكاية مذكورة في جميع كتب أهل السنّة والجماعة ، ولم يردّها أحد منهم ، وذكرها الشعراء في تلك الفترة وطعنوا بها على معاوية وزياد منهم عبدالرحمن بن الحكم أخو مروان لعنه الله :

ألا أبلغ معاوية بن حربٍ

مغلغلة من الرجل اليماني(٢)

أتغضب أن يقال أبوك عفّ

وترضى أن يقال أبوك زاني

فأشهد أن رحمك من زياد

كرحم الفيل من ولد الأتان

وأشهد أنّها حملت زياداً

وصخر من سميّة غير دان

_________________

(١) مروج الذهب ٣ : ١٧ ( المترجم ) والكامل لابن الأثير ٣ : ٤٤٢ ط بيروت ( هامش الأصل )

(٢) كذا في مروج الذهب وفي شرح النهج والوفيات فقد ضاقت بما تأتي اليدان وهو أثبت على هذه الرواية وقيل أنّها ليزيد بن المفرغ فيصحّ ما ذكرناه في المتن ( منهرحمه‌الله )

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

الغامرة ، يأمن من ركبها ، ويغرق من تركها ، المتقدم لهم مارق ، والمتأخرعنهم زاهق ، واللازم لهم لاحق.

اللهم صل على محمد وال محمد الكهف الحصين ، وغياثالمضطر المستكين ، وملجأ الهاربين ، وعصمة المعتصمين.

اللهم صل على محمد وال محمد صلاة كثيرة تكون لهم رضى ،ولحق محمد وال محمد أداء(١) وقضاء ، بحول منك وقوة يا رب العالمين.

اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الأبرار الأخيار ، الذينأوجبت حقوقهم ، وفرضت طاعتهم وولايتهم.

اللهم صل على محمد وال محمد ، واعمر قلبي بطاعتك ،ولا تخزني بمعصيتك ، وارزقني مواساة من قترت عليه من رزقك بماوسعت علي من فضلك ، ونشرت علي من عدلك ، وأحييتني تحتظلك ، وهذا شهر نبيك سيد رسلك ، شعبان الذي حففته(٢) منك بالرحمةوالرضوان ، الذي كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يدأب(٣) في صيامهوقيامه ، في لياليه وايامه ، بخوعا(٤) لك في اكرامه واعظامه إلى محلحمامه.

__________________

(١) أداء : فرضا.

(٢) حففته : حصصته.

(٣) يدأب : يجد ويتعب.

(٤) بخوعا : خضوعا.

٤٠١

اللهم فاعنا على الاستنان بسنته(١) فيه ، ونيل الشفاعة لديه ، اللهمواجعله لي شفيعا مشفعا ، وطريقا إليك مهيعا ،(٢) واجعلني له متبعاحتى ألقاك(٣) يوم القيامة عني راضيا ، وعن ذنوبي غاضيا ، قد أوجبت ليمنك الرحمة(٤) والرضوان ، وأنزلتني دار القرار ، ومحل الأخيار(٥) .

٢ ـ وروى محمد بن أبي حمزة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : من قالفي كل يوم من شعبان سبعين مرة :

استغفر الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ، الحي القيوم ،وأتوب إليه.

كتبه الله في الأفق المبين ، قلت : وما الأفق المبين؟ قال : قاع بينيدي العرش فيه انهار تطرد فيه من القدحان عدد النجوم(٦) .

__________________

(١) الاستنان بسنته : العمل بشريعته.

(٢) مهيعا : واسعا بينا.

(٣) ألقاه ( خ ل ).

(٤) الكرامة ( خ ل ).

(٥) أورده الشيخ في مصباحه : ٥٧٥ بالاسناد عن محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بنمحمد السياري ، عن العباس بن مجاهد ، عنه الوسائل ٧ : ٣٦٥.

رواه السيد في الاقبال ٣ : ٢٩٩ بعدة طرق إلى جده الشيخ ، وعن محمد بن علي الطرازيفي كتابه.

أخرجه الكفعمي في البلد الأمين : ١٨٦ ، وفي مصباحه : ٥٤٤ مرسلا عنه عليه‌السلام .

(٦) رواه الصدوق في الخصال : ٥٨٢ ، ثواب الأعمال : ١٩٨ ، فضائل الأشهر الثلاثة : ٥٦

٤٠٢

ليلة النصف :

الف ـ أفضل الأعمال فيها زيارة أبي عبد الله الحسين بن عليعليهما‌السلام .

١ ـ وروى خداش ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : من زار قبر الحسينابن عليعليهما‌السلام ثلاث سنين متواليات لا يفصل بينهن في النصف من شعبانغفرت له ذنوبه البتة(١) .

٢ ـ وروى محمد بن مارد القمي قال : قال لنا أبو جعفرعليه‌السلام : من زارقبر الحسين في النصف من شعبان غفرت له ذنوبه ولم يكتب عليه سيئةفي سنته حتى يحول عليه الحول ، فان زاره في السنة الثانية غفرت ذنوبه(٢) .

__________________

معاني الأخبار : ٢٢ ، باسناده عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن موسى بن جعفر البغدادي ، عنمحمد بن جمهور ، عن عبد الله بن عبد الرحمان ، عن ابن أبي حمزة ، عنهم البحار ٥٨ : ٢٩ ، ٩٧ : ٩١ ، الوسائل ١٠ : ٥١٠ ، أخرجه الكفعمي في مصباحه : ٥٤٥ ، البلد الأمين : ١٨٧.

ذكره الشيخ في مصباحه : ٧٦١ عن محمد بن أبي حمزة ، عنه السيد في الاقبال ٣ : ٢٩٥.

أورده السيد في الاقبال ٣ : ٢٩٥ عن محمد بن الحسن الصفار من كتاب فضل الدعاء ، وفيه :( الحي القيوم الرحمن الرحيم ) ، عنه الوسائل ١٠ : ٥١١.

(١) رواه ابن قولويه في الكامل : ٣٣٤ ، والشيخ في مصباحه : ٧٦١ ، والأمالي ١ : ٤٦ ، عنهمالبحار ١٠١ : ٩٤.

(٢) رواه ابن قولويه في الكامل : ٣٣٤ ، والشيخ في مصباحه : ٧٦١ ، والأمالي ١ : ٤٦ ، عنهمالبحار ١٠١ : ٩٤ ، الوسائل ١٤ : ٤٦٨.

٤٠٣

٣ ـ وروى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : من أحب ان يصافحه مائةوعشرون الف نبي فليزر قبر الحسينعليه‌السلام في نصف شعبان ، فان أرواحالنبيين تستأذن في زيارته فيؤذن لهم(١) .

ب ـ صلاة ليلة النصف من شعبان :

١ ـ روى أبو يحيى الصنعاني عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ،ورواه عنهما ثلاثون رجلا ممن يوثق به ، قالا : إذا كان ليلة النصف منشعبان فصل أربع ركعات ، تقرأ في كل ركعة( قل هو الله أحد ) مائة مرة ،تنوي أصلي صلاة ليلة النصف من شعبان مندوبا قربة إلى الله تعالى ، كلركعتين بتسليمة ، فإذا فرغت منهما فقل :

اللهم إني إليك فقير ، ومن عذابك خائف مستجير ، اللهم لا تبدلاسمي ، ولا تغير جسمي ، ولا تجهد بلائي ، ولا تشمت بي أعدائي.

أعوذ بعفوك من عقابك ، وأعوذ برحمتك من عذابك ، وأعوذبرضاك من سخطك ، وأعوذ بك منك جل ثناؤك ، أنت كما أثنيت علىنفسك وفوق ما يقول القائلون(٢) .

__________________

(١) رواه ابن قولويه في الكامل : ٣٣٣ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٤٨ ، مصباحه : ٧٦١ ، عنهمالبحار ١٠١ : ٩٣.

(٢) رواه الكليني في الكافي ٣ : ٤٦٩ باسناده عن علي بن محمد مرفوعا عن الصادقعليه‌السلام ، عنه الشيخ في التهذيب ٣ : ١٨٥ ، أورده المفيد في مسار الشيعة : ٧٥ مرسلا

٤٠٤

٢ ـ صلاة أخرى في هذه الليلة

روى أبو يحيى عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال : سئل الباقرعليه‌السلام عنفضل ليلة النصف من شعبان ، فقال : هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر ، فيهايمنح الله العباد فضله ويغفر لهم بمنه ، فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالىفيها ، فإنها ليلة آلى اللهعزوجل على نفسه لا يرد سائلا فيها ما لم يسألالله معصية ، فإنها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلةالقدر لنبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاجتهدوا في الدعاء والثناء على الله سبحانه ، فإنه منسبح الله تعالى فيها مائة مرة وحمده مائة مرة وكبره مائة مرة ، غفر الله لهما سلف من معاصيه ، وقضى له حوائج الدنيا والآخرة ما التمسه ، وماعلم حاجته إليه وان لم يلتمسه ، منة وتفضلا على عباده.

قال أبو يحيى : فقلت لسيدنا الصادقعليه‌السلام : أي شئ أفضلالأدعية؟ فقال : إذا أنت صليت عشاء الآخرة فصل ركعتين ، تقرأ فيالأولى الحمد مرة وسورة الجحد ، وهي( قل يا أيها الكافرون ) ، واقرأفي الركعة الثانية الحمد وسورة التوحيد ، وهي( قل هو الله أحد ) .

فإذا أنت سلمت قلت : سبحان الله ـ ثلاثا وثلاثين مرة ، والحمد لله ـ ثلاثا وثلاثين مرة ، والله أكبر ـ أربعا وثلاثين مرة.

__________________

ذكره الشيخ في مصباحه : ٧٦٢ عن أبي يحيى الصنعاني ، عنه السيد في الاقبال ٣ : ٣١٤عنهم البحار ٩٧ : ٨٨ ، ٩٨ : ٤٨ ، الوسائل ٨ : ١٠٦.

ذكره السيد في الاقبال ٣ : ٣١٤ عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري مقطوعا.

٤٠٥

ثم قل :

يا من إليه ملجأ العباد في المهمات ، واليه يفزع الخلق فيالملمات ، يا عالم الجهر والخفيات ، يا من لا تخفى عليه خواطر الأوهاموتصرف الخطرات ، يا رب الخلائق والبريات ، يا من بيده ملكوتالأرضين والسماوات.

أنت الله لا إله إلا أنت ، أمت إليك بلا اله الا أنت ، فبلا اله الا أنتاجعلني في هذه الليلة ممن نظرت إليه فرحمته ، وسمعت دعاءهفأجبته ، وعلمت استقالته فأقلته ، وتجاوزت عن سالف خطيئته وعظيمجريرته ، فقد استجرت بك من ذنوبي ، ولجأت إليك في ستر عيوبي.

اللهم فجد علي بكرمك وفضلك ، واحطط خطاياي بحلمكوعفوك ، وتغمدني في هذه الليلة بسابغ كرامتك ، واجعلني فيها منأوليائك الذين اجتبيتهم لطاعتك ، واخترتهم لعبادتك ، وجعلتهمخالصتك وصفوتك.

اللهم اجعلني في هذه الليلة ممن سعد جده ، وتوفر من الخيراتحظه ، واجعلني ممن سلم فنعم ، وفاز فغنم ، واكفني شر ما أسلفت ،واعصمني من الازدياد في معصيتك ، وحبب إلي طاعتك ، وما يقربنيمنك ويزلفني عندك.

سيدي إليك يلجأ الهارب ، ومنك يلتمس الطالب ، وعلى كرمكيعول المستقيل التائب ، أدبت عبادك بالتكرم وأنت أكرم الأكرمين ،

٤٠٦

وأمرت بالعفو عبادك وأنت الغفور الرحيم

اللهم فلا تحرمني ما رجوت من كرمك ، ولا تؤيسني من سابغنعمك ، ولا تخيبني من جزيل قسمك في هذه الليلة لأهل طاعتك ،واجعلني في جنة من شرار بريتك.

رب ان لم أكن من أهل ذلك فأنت أهل الكرم والعفو والمغفرة ،وجد علي بما أنت أهله لا بما استحقه ، فقد حسن ظني بك ، وتحققرجائي لك ، وعلقت نفسي بكرمك ، وأنت ارحم الراحمين وأكرمالأكرمين.

اللهم واخصصني من كرمك بجزيل قسمك ، وأعوذ بعفوك منعقوبتك ، واغفر لي الذنب الذي يحبس عني(١) الخلق ، ويضيق عليالرزق ، حتى أقوم بصالح رضاك ، وانعم بجزيل عطائك ، واسعد بسابغنعمائك.

فقد لذت بحرمك ، وتعرضت لكرمك ، واستعذت بعفوك منعقوبتك ، وبحلمك من غضبك ، فجد بما سألتك ، وأنل ما التمستمنك ، أسألك بك لا بشئ هو أعظم منك.

ثم تسجد وتقول عشرين مرة يا رب ، يا الله ـ سبع مرات ، لا حولولا قوة الا بالله ـ سبع مرات ، ما شاء الله ـ عشر مرات ، لا قوة الا بالله ـ عشر مرات.

__________________

(١) علي ( خ ل ).

٤٠٧

ثم تصلي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وتسال الله حاجتك ، فوالله لو سألتبها بعدد القطر لبلغك اللهعزوجل إياها بكرمه وفضله(١) .

وتقول :

الهي تعرض لك في هذا الليل المتعرضون ، وقصدك القاصدون ،وأمل فضلك ومعروفك الطالبون ، ولك في هذا الليل نفحات وجوائزوعطايا ومواهب ، تمن بها على من تشاء من عبادك ، وتمنعها منلم تسبق له العناية منك ، وها انا ذا عبيدك الفقير إليك ، المؤمل فضلكومعروفك.

فان كنت يا مولاي تفضلت في هذه الليلة على أحد من خلقك ،وعدت عليه بعائدة من عطفك ، فصل على محمد وال محمد الطيبينالطاهرين ، الخيرين الفاضلين ، وجد علي بطولك ومعروفك يا ربالعالمين ، وصلى الله على محمد خاتم النبيين وآله الطاهرين وسلمتسليما ، ان الله حميد مجيد.

__________________

(١) رواه الشيخ في مصباحه : ٧٦٣ باسناده عن أبي يحيى ، عنه السيد في الاقبال ٣ : ٣١٥ ،عنه البحار ٩٨ : ٤٠٨.

ذكره الشيخ في أماليه ١ : ٣٠٢ باسناده عن الفحام ، عن صفوان بن حمدون الهروي ، عنأحمد بن محمد السري ، عن أحمد بن محمد بن عبد الرحمان ، عن الحسين بن عبد الرحمان بنمحمد الأزدي ، عن أبيه وعمه عبد العزيز بن محمد ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي يحيى ،عنه البحار ٩٧ : ٨٦.

أخرجه الكفعمي في مصباحه : ٥٤١ ، البلد الأمين : ١٧٤.

٤٠٨

اللهم إني أدعوك كما أمرت فاستجب لي كما وعدت انك لا تخلفالميعاد(١) .

٣ ـ صلاة أخرى في هذه الليلة :

روى محمد بن صدقة العنبري قال : حدثنا موسى بن جعفر ، عنأبيهعليهما‌السلام قال : الصلاة ليلة النصف من شعبان أربع ركعات ، تقرأ في كلركعة الحمد مرة و( قل هو الله أحد ) مائتين وخمسين مرة ، ثم تجلسوتتشهد وتسلم.

وتدعو بعد التسليم وتقول :

اللهم إني إليك فقير ، ومن عذابك خائف ، وبك مستجير ، ربلا تبدل اسمي ، رب لا تغير جسمي ، رب لا تجهد بلائي.

اللهم إني أعوذ بعفوك من عقوبتك ، وأعوذ برضاك من سخطك ،وأعوذ برحمتك من عقابك ، وأعوذ بك منك لا إله إلا أنت ، جل ثناؤك ،ولا احصي مدحتك ولا الثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك وفوقما يقول القائلون ، أنت صل على محمد وال محمد وافعل بي كذا وكذا.

وسل حاجتك إن شاء الله(٢) .

٤ ـ صلاة أخرى في هذه الليلة :

__________________

(١) رواه الشيخ في مصباحه : ٧٦٣ مرسلا ، عنه السيد في الاقبال ٣ : ٣١٨ ، عنه البحار٩٧ : ٨٨ و ٩٨ : ٤١١.

(٢) رواه الشيخ في مصباحه : ٧٦٩ باسناده عن محمد بن صدقة العنبري ، عن الكاظم ، عنأبيهعليهما‌السلام

٤٠٩

روى علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه قال : سألت أبا الحسن عليابن موسى الرضاعليهما‌السلام عن ليلة النصف من شعبان قال : هي ليلة يعتق اللهفيها الرقاب من النار ويغفر فيها الذنوب الكبار ، قلت : فهل فيها صلاةزيادة على سائر الليالي؟ قال : ليس فيها شئ موظف ، ولكن ان أحببت انتتطوع فيها بشئ فعليك بصلاة جعفر بن أبي طالبعليه‌السلام ، وأكثر فيها منذكر الله تعالى ومن الاستغفار والدعاء ، فان أبيعليه‌السلام كان يقول : الدعاءفيها مستجاب ، قلت : ان الناس يقولون : انها ليلة الصكاك ، فقال : تلك ليلةالقدر في شهر رمضان(١) .

وقد روي صلوات اخر ذكرت في المصباح لا نطول بذكره هاهنا.

ج ـ وفي هذه الليلة ولد الحجة الصالح صاحب الزمانعليه‌السلام ،ويستحب ان يدعى فيها بهذا الدعاء :

اللهم بحق ليلتنا ومولودها ، وحجتك وموعودها التي قرنت إلىفضلها فضلا ، فتمت كلمتك صدقا وعدلا ، لا مبدل لكلماتك ولا معقبلآياتك ، نورك المتألق ، وضياؤك المشرق ، والعلم النور في طخياءالديجور ، الغائب المستور ، جل مولده ، وكرم محتده ، والملائكةشهده ، والله ناصره ومؤيده إذا آن ميعاده ، والملائكة أمداده.

__________________

(١) رواه الصدوق في العيون ١ : ٢٩٢ ، الأمالي : ٣٢ ، فضائل الأشهر الثلاثة : ٤٥ ، عنهمالوسائل ٨ : ٦٠.

٤١٠

سيف الله الذي لا ينبو ، ونوره الذي لا يخبو ، وذو الحلم الذيلا يصبو ، مدار الدهر ، ونواميس العصر ، وولاة الامر ، والمنزل عليهم مايتنزل في ليلة القدر ، وأصحاب الحشر والنشر ، تراجمة وحيه وولاةامره ونهيه.

اللهم فصل على خاتمهم وقائمهم ، المستور عن عوالمهم ،وأدرك بنا أيامه ، وظهوره وقيامه ، واجعلنا من أنصاره ، واقرن ثارنابثاره ، واكتبنا في أعوانه وخلصائه ، وأحينا في دولته ناعمين ، وبصحبتهغانمين ، وبحقه قائمين ، ومن السوء سالمين ، يا ارحم الراحمين ،والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد خاتم النبيينوالمرسلين ، وعلى أهل بيته الصادقين وعترته الناطقين ، والعن جميعالظالمين ، واحكم بيننا وبينهم يا احكم الحاكمين(١) .

د ـ وروى إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال : علمني أبو عبد اللهعليه‌السلام دعاء ادعو به ليلة النصف من شعبان وهو :

اللهم أنت الحي القيوم ، العلي العظيم ، الخالق الرازق ، المحييالمميت ، البدئ البديع ، لك الجلال ولك الفضل ، ولك الحمد ولكالمن ، ولك الجود ولك الكرم ، ولك المجد ، ولك الامر ولك الشكر ،وحدك لا شريك لك.

يا واحد يا أحد يا صمد ، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا

__________________

(١) رواه السيد في الاقبال ٣ : ٣٣٠.

٤١١

أحد ، صل على محمد وال محمد واغفر لي وارحمني ، وكفني ماأهمني ، واقض ديني ، ووسع علي في رزقي ، فإنك في هذه الليلة كلأمر حكيم تفرق ، ومن تشاء من خلقك ترزق ، فارزقني وأنت خيرالرازقين.

فإنك قلت وأنت خير القائلين الناطقين :( واسألوا الله منفضله ) (١) ، فمن فضلك اسال ، وإياك قصدت ، وابن نبيك اعتمدت ، ولكرجوت ، فارحمني يا ارحم الراحمين(٢) .

ه ـ دعاء آخر ليلة شعبان :

روى الحارث بن المغيرة النصري قال : كان أبو عبد اللهعليه‌السلام يقولفي آخر ليلة من شعبان وأول ليلة من شهر رمضان :

اللهم ان هذا الشهر المبارك الذي انزل فيه القران ، وجعل هدىللناس وبينات من الهدى والفرقان قد حضر ، فسلمنا فيه ، وسلمه لنا ،وتسلمه منا ، في يسر منك وعافية ، يا من اخذ القليل وشكر الكثير اقبلمني اليسير.

اللهم إني أسألك ان تجعل لي إلى كل خير سبيلا ، ومن كل ما

__________________

(١) النساء : ٣٢.

(٢) رواه الشيخ في مصباحه : ٧٧٤ باسناده عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي.

أورده الكفعمي في البلد الأمين : ١٨٧.

٤١٢

لا تحب مانعا ، يا ارحم الراحمين ، يا من عفى عني وعما خلوت به منالسيئات ، يا من لم يؤاخذني بارتكاب المعاصي ، عفوك عفوك عفوك ، ياكريم ، الهي وعظتني فلم اتعظ ، وزجرتني عن محارمك فلم انزجر ، فماعذري فاعف عني يا كريم ، عفوك عفوك.

اللهم إني أسألك الراحة عند الموت ، والعفو عند الحساب ، عظمالذنب من عبدك فليحسن التجاوز من عندك ، يا أهل التقوى ويا أهلالمغفرة ، عفوك عفوك.

اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، ضعيف فقير إلىرحمتك ، وأنت منزل الغنى والبركة على العباد ، قاهر مقتدر ، أحصيتأعمالهم ، وقسمت ارزاقهم ، وجعلتهم مختلفة ألسنتهم وألوانهم خلقامن بعد خلق.

اللهم لا يعلم العباد علمك ، ولا يقدر العباد قدرك ، وكلنا فقير إلىرحمتك ، فلا تصرف عني وجهك ، واجعلني من صالحي خلقك فيالعمل والأمل ، والقضاء والقدر.

اللهم أبقني خير البقاء ، وأفنني خير الفناء ، على موالاة أوليائكومعاداة أعدائك ، والرغبة إليك ، والرهبة منك ، والخشوع والوفاءوالتسليم لك ، والتصديق بكتابك ، واتباع سنة رسولك.

اللهم ما كان في قلبي من شك أو ريبة ، أو جحود أو قنوط ، أو فرحأو بذخ ، أو بطر أو خيلاء ، أو رياء أو سمعة ، أو شقاق أو نفاق ، أو كفر

٤١٣

أو فسوق ، أو عصيان أو عظمة ، أو شئ لا تحب ، فأسألك يا رب انتبدلني مكانه ايمانا بوعدك ، ووفاء بعهدك ، ورضا بقضائك ، وزهدا فيالدنيا ، ورغبة فيما عندك ، وأثرة وطمأنينة ، وتوبة نصوحا ، أسألكذلك يا رب العالمين.

الهي أنت من حلمك تعصى ، ومن كرمك وجودك تطاع ، فكأنكلم تعص ، وانا ومن لم يعصك سكان ارضك ، فكن علينا بالفضل جوادا ،وبالخير عوادا ، يا ارحم الراحمين ، وصلى الله على محمد واله ، صلاةدائمة لا تحصى ولا تعد ، ولا يقدر قدرها غيرك ، يا ارحم الراحمين(١) .

١ ـ زيارة للحسين بن عليعليهما‌السلام أيضا مختصرة ، يزار بها في ليلةالقدر وفي العيدين.

وبالاسناد عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال : إذاأردت زيارة أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام فليأت مشهده بعد أن تغتسلوتلبس أطهر ثيابك ، فإذا وقفت على قبره فاستقبله بوجهك واجعلالقبلة بين كتفيك وقل :

السلام عليك يا ابن رسول الله ، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين ،

__________________

(١) رواه الشيخ في مصباحه : ٧٨١ باسناده عن الحارث بن المغيرة النضري.

أورده السيد في الاقبال ١ : ٤٣ عن عدة طرق عن الصادق عليه‌السلام .

ذكره الكفعمي في البلد الأمين : ١٩٢.

٤١٤

السلام عليك يا ابن الصديقة الطاهرة سيدة نساء العالمين ، السلام عليكيا مولاي ، يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته.

اشهد أنك قد أقمت الصلاة ، واتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ،ونهيت عن المنكر ، وتلوت الكتاب حق تلاوته ، وجاهدت في الله حقجهاده ، وصبرت على الأذى في جنبه محتسبا حتى أتاك اليقين.

واشهد ان الذين خالفوك وحاربوك ، وان الذين خذلوك ، والذينقتلوك ملعونون على لسان النبي الأمي ، وقد خاب من افترى ، لعن اللهالظالمين لكم من الأولين والآخرين ، وضاعف عليهم العذاب الأليم.

اتيتك يا مولاي يا ابن رسول الله ، زائرا عارفا بحقك ، مواليالأوليائك ، معاديا لأعدائك ، مستبصرا بالهدى الذي أنت عليه ، عارفابضلالة من خالفك ، فاشفع لي عند ربك.

ثم تنكب على القبر وتضع خدك عليه وتتحول إلى عند الرأسوتقول :

السلام عليك يا حجة الله في ارضه وسمائه ، صلى الله علىروحك الطيبة وجسدك الطاهر ، وعليك السلام يا مولاي ورحمة اللهوبركاته.

ثم تنكب على القبر وتقبله وتضع خدك عليه وتنحرف إلى عندالرأس فتصلي ركعتين للزيارة وتصلي بعدهما ما تيسر ، ثم تتحول إلىعند الرأس وتزور علي بن الحسينعليهما‌السلام فتقول :

٤١٥

السلام عليك يا مولاي وابن مولاي ورحمة الله وبركاته ، لعن اللهمن ظلمك ، ولعن من قتلك ، وضاعف عليهم العذاب الأليم.

وتدعو بما تريد.

وتزور الشهداء منحرفا من عند الرجلين إلى القبلة فتقول :

السلام عليكم أيها الصديقون ، السلام عليكم أيها الشهداءالصابرون ، اشهد انكم جاهدتم في سبيل الله ، وصبرتم على الأذى فيجنب الله ، ونصحتم لله ولرسوله حتى اتاكم اليقين.

اشهد انكم احياء عند ربكم ترزقون ، فجزاكم الله عن الاسلاموأهله أفضل جزاء المحسنين ، وجمع الله بيننا وبينكم في محل النعيم.

ثم تمضي إلى مشهد العباس ابن أمير المؤمنينعليهما‌السلام ، فإذا وقفتعليه فقل :

السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين ، السلام عليك أيها العبدالصالح ، المطيع لله ولرسوله ، اشهد انك قد جاهدت ونصحتوصبرت حتى أتاك اليقين ، لعن الله الظالمين لكم من الأولين والآخرينوالحقهم بدرك الجحيم.

ثم يصلي في مسجده تطوعا ما أراد وينصرف(١) .

__________________

(١) عنه البحار ١٠١ : ٣٥١.

أورده الشهيد في مزاره : ١٦٧ ، والسيد في مصباح الزائر : ١٧١ مقطوعا.

ذكره الشهيد والسيد وابن المشهدي بعنوان زيارته في ليلة القدر والعيدين ، وقال السيد

٤١٦

٢ ـ زيارة أخرى لأبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه يزار بهاأيضا في العيدين.

إذا أردت زيارتهعليه‌السلام فصم ثلاثة أيام ، واغتسل في اليوم الثالث ،واجمع أهلك إليك وولدك وقل :

اللهم إني استودعك اليوم نفسي وأهلي ومالي وولدي ، وكل منكان مني بسبيل ، الشاهد منهم والغائب ، اللهم احفظنا بحفظ الايمانواحفظ علينا.

اللهم اجعلنا في حرزك ، ولا تسلبنا نعمتك ، ولا تغير ما بنا مننعمة وعافية ، وزدنا من فضلك انا إليك راغبون.

واخرج من منزلك خاشعا ، وأكثر من التهليل والتكبير والتحميدوالتمجيد والصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وامض وعليك السكينة والوقار.

وروي ان الله تعالى يخلق من عرق زوار قبر الحسين ، من كل عرقةسبعين الف ملك يسبحون الله ويستغفرون له ولزوار الحسين إلى أنتقوم الساعة.

فإذا لاحت لك القبة السامية فقل :

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ، الله خير اما يشركون ،

__________________

بأنها مختصة بليلة القدر ويزار بها في العيدين ، اما لا يظهر من الرواية اختصاصها بهما والظاهر أنهامن الزيارات المطلقة ولا اختصاص لها بالأزمان ، والله العالم.

٤١٧

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ، وسلام على آل يس ،انا كذلك نجزي المحسنين ، وسلام على الطيبين الطاهرين ، الأوصياءالصادقين ، القائمين بأمر الله وحجته ، الساعين إلى سبيل الله ،المجاهدين في الله حق جهاده ، الناصحين لجميع عباده ، المستخلفينفي بلاده ، المرشدين إلى هدايته وارشاده.

فإذا أشرفت على قنطرة العلقمي فقل :

اللهم إليك قصد القاصدون ، وفي فضلك طمع الراغبون ، وبكاعتصم المعتصمون ، وعليك توكل المتوكلون ، وقد قصدتك وافدا ،وفي رحمتك طامعا ، ولعزتك خاضعا ، ولولاة امرك طائعا ، ولأمرهممتابعا.

اللهم ثبتني على محبة أوليائك ، ولا تقطع أثري عن زيارتهم ،واحشرني في زمرتهم ، وادخلني الجنة بشفاعتهم.

فإذا اتيت الفرات فكبر الله مائة تكبيرة ، وهلله مائة تهليلة ، وصلعلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مائة مرة ثم قل :

اللهم أنت خير من وفد إليه الرجال ، وشدت إليه الرحال ، وأنتسيدي أكرم مزور وأفضل مقصود ، وقد جعلت لكل زائر كرامة ولكلوافد تحفة.

فاسالك ان تجعل تحفتك إياي فكاك رقبتي من النار ، واشكرسعيي ، وارحم مسيري إليك من أهلي ، بغير من مني عليك بل لك المن

٤١٨

علي ، إذ جعلت لي السبيل إلى زيارة ابن نبيك ، وعرفتني فضلهوحفظتني بالليل والنهار حتى بلغتني هذا المكان ، وقد رجوتكفلا تقطع رجائي ، وقد أملتك فلا تخيب املي ، واجعل مسيري هذا كفارةلذنوبي يا رب العالمين.

فأنزل فاغتسل وقل في غسلك :

بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة الا بالله ، وعلى ملة رسول اللهوالصادقين عن الله جل وعز ، اللهم طهر قلبي ، واشرح به صدري ،ونور به قلبي ، ويسر به أمري.

اللهم اجعله لي نورا وطهورا ، وشفاء من كل داء وآفة وعاهةوسوء ما أخاف واحذر ، اللهم اجعل لي شاهدا يوم حاجتي وفقريوفاقتي إليك يا رب العالمين ، انك على كل شئ قدير.

باب الصلاة في مشرعة الصادقعليه‌السلام (١) :

فإذا فرغت من غسلك فالبس ثوبين طاهرين وصل ركعتين خارجالمشرعة ، وهو المكان الذي قال الله جل وعز :( وفي الأرض قطعمتجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان

__________________

(١) الشرعة ـ بالكسر ـ والمشرعة مورد الشاربة من النهر ، والآن النهر العلقمي مطموسوشرعة الصادقعليه‌السلام غير معلوم ، لكن ينسب إليهعليه‌السلام وضع في تلك الجهة ، فلعله هي.

٤١٩

يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل ) (١)

تقرأ في الأولى فاتحة الكتاب و( قل يا أيها الكافرون ) ، وفي الثانيةفاتحة الكتاب و( قل هو الله أحد ) .

فإذا سلمت فسبح ثم قل :

الحمد لله الواحد المتوحد في الأمور كلها ، الرحمن الرحيم ، الذيهدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، لقد جاءت رسل ربنا بالحق.

اللهم لك الحمد حمدا كثيرا ابدا لا ينقطع ولا يفنى ، حمدايصعد أوله ولا ينفد آخره ، حمدا يزيد ولا يبيد ، وصلى الله علىمحمد البشير النذير ، وعلى آله الأخيار الأبرار وسلم تسليما.

فإذا توجهت إلى الحائر على ساكنه السلام فقل :

اللهم إليك توجهت ، ولبابك قرعت ، وبفنائك نزلت ، وبحبلكاعتصمت ، ولرحمتك تعرضت ، وبوليك توسلت ، فصل على محمدواله واجعل زيارتي مبرورة ودعائي مقبولا.

ثم امش وقصر خطاك ، وعليك السكينة والوقار والخشوع ،والتكبير والتهليل والتحميد والتمجيد ، والثناء على الله جل وعز ،والصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والبراءة ممن أسس الجور والظلم عليهم ،ودفعهم عن مقاماتهم وأزالهم عن مراتبهم ، ومن نصب لهم حرباوجحدهم حقاً.

__________________

(١) الرعد : ٤.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702