المزار الكبير

المزار الكبير8%

المزار الكبير مؤلف:
المحقق: جواد القيّومي الإصفهاني
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: 702

المزار الكبير
  • البداية
  • السابق
  • 702 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187466 / تحميل: 6371
الحجم الحجم الحجم
المزار الكبير

المزار الكبير

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٩٢٠٠٢-٠-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

ثانياً: الانحراف السياسي

اتّبع الحكّام الأمويون سياسة من سبقهم في تحويل الخلافة إلى ملك يتوارثه الأبناء عن الآباء دون سابقة علم أو تقوى، وتوزيع المناصب المهمّة والحسّاسة في الدولة على أبنائهم وأقربائهم والمتملقين لهم، واستبدوا بالأمر فلا شورى ولا استشارة إلاّ مع المنحرفين والفسّاق من بطانتهم. ولشعورهم بعدم الأحقية بالخلافة استمروا على نهج من سبقهم في اتخاذ الإرهاب والتنكيل وسيلة لتثبيت سلطانهم، فحينما وجد الوليد بن عبد الملك أنّ ولاية عمر بن عبد العزيز على مكة والمدينة قد أصبحت ملجأً للهاربين من ظلم بقية الولاة، قام بعزله(١) تنكيلاً منه بالمعارضين وارهابهم وغلق منافذ السلامة أمامهم.

وكان سليمان بن عبد الملك محاطاً بثُلّة من الرجال الذين عرفوا بفسقهم وانحرافهم وسوء سيرتهم كما وصفهم أعرابيّ عنده، بعد أن أخذ منه الأمان، فقال له: يا أمير المؤمنين، أنه قد تكنّفك رجال أساءوا الاختيار لأنفسهم، وابتاعوا دنياهم بدينهم، ورضاك بسخط ربهم، خافوك في الله، ولم يخافوا الله فيك، حرب للآخرة وسلم للدنيا، فلا تأمنهم على ما يأمنك الله عليه، فإنّهم لم يأتوا إلاّ ما فيه تضييع وللأمة خسف وعسف، وأنت مسؤول عما اجترموا،

ــــــــــــــ

(١) الكامل في التاريخ: ٤ / ٥٧٧.

٨١

وليسوا مسؤولين عمّا اجترمت، فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك(١) .

واتّبع أبناء عبد الملك الوليد وسليمان سيرة أبيهم، والتزموا بوصيته في قتل الرافضين للبيعة، والتي جاء فيها: ادع الناس إلى البيعة، فمن قال برأسه هكذا فقل بسيفك هكذا(٢) .

وأقرّ كثير من الفقهاء سياسة الحكّام الأمويين خوفاً أو طمعاً أو استسلاماً للأمر الواقع، فقد أقرّوا ما ابتدعوا من ممارسات في تولية الحكم كالعهد إلى اثنين أو أكثر، فقد عهد سليمان بالحكم إلى عمر بن عبد العزيز ومن بعده ليزيد بن عبد الملك، فأقرّ كثير من الفقهاء ذلك، حتى أصبحت نظرية من نظريات تولّي الحكم(٣) .

وحينما تولّى عمر بن عبد العزيز الحكم حدث انفراج نسبي في السياسة الأُموية، كما لاحظنا، وقام ببعض الإصلاحات ومنح الحرية النسبية للمعارضين، وألغى بدعة سبّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام وردّ إلى أهل البيتعليهم‌السلام بعض حقوقهم، واعترف بالممارسات الخاطئة لأسلافه من الحكّام، حتى امتدحه الإمام الباقرعليه‌السلام على ذلك(٤) .

ولكن حكمه لم يدم طويلاً ; إذ عاد الوضع إلى ما كان عليه.

وامتازت هذه المرحلة بسرعة تبدّل الحكّام، فقد حكم سليمان ثلاث سنين، وحكم عمر بن عبد العزيز ثلاث سنين أو أقل، وحكم يزيد بن عبد الملك أربع سنين، وكان كل حاكم ينشغل بالإجهاز على ولاة من سبقه، وكثرت الاختلافات في داخل البيت الأُموي تنافساً على الحكم، كما كثرت

ــــــــــــــ

(١) الكامل في التاريخ: ٣ / ١٧٨.

(٢) البداية والنهاية: ٩ / ١٦١.

(٣) الأحكام السلطانية: ١٣، الماوردي.

(٤) الكامل في التاريخ: ٥ / ٦٢.

٨٢

الفتن الداخلية في عهدهم، حتى قام قتيبة بن مسلم بخلع سليمان والاستقلال في خراسان(١) .

وقام يزيد بن المهلب في سنة ( ١٠١ هـ ) بخلع يزيد بن عبد الملك وجهّز إليه يزيد من قتله وقتل أتباعه.

وأحاط يزيد نفسه بالمتملّقين الذين يبررون له انحرافاته حتى أفتوا له أنه ليس على الخلفاء حساب(٢) .

وهكذا كانت الأمة الإسلامية محاطة بالمخاطر من كل جانب، ففي سنة ( ١٠٤ هـ ) ظفر الخزر بالمسلمين وانتصروا عليهم في بعض الثغور.

وفي عهد هشام بن عبد الملك ازداد الإرهاب والتنكيل بأهل البيتعليهم‌السلام وأتباعهم وسائر المعارضين، حتى اجترأ هشام بن عبد الملك على سجن الإمام الباقرعليه‌السلام وأقدم على اغتياله(٣) . وأصدر أوامره بقتل بعض أتباع الإمام الباقرعليه‌السلام إلاّ أنّ الإمام استطاع أن ينقذهم من القتل(٤) .

والتجأ الكثير إلى العمل السرّي للإطاحة بالحكم الأُموي، فكان العباسيون يعدّون العدّة ويبثون دعاتهم في الأقاليم البعيدة عن مركز الحكومة وخصوصاً في خراسان، وأخذ زيد ابن الإمام زين العابدينعليه‌السلام يعدّ العدّة للثورة على الأمويين في وقتها المناسب، لأنّ الأمويين كانوا قد أحصوا أنفاس الناس عليهم لكي لا يتطرقوا إلى انحرافاتهم السياسية أو يعلنوا عن معارضتهم لها.

ــــــــــــــ

(١) تاريخ ابن خلدون: ٥ / ١٥١.

(٢) البداية والنهاية: ٩ / ٢٣٢.

(٣) مناقب آل أبي طالب: ٤ / ٢٠٦.

(٤) بحار الأنوار: ٤٦ / ٢٨٣.

٨٣

ثالثاً: الانحراف الأخلاقي

لقد حوّل الأمويون الأنظار إلى الغزوات، وحشّدوا جميع الطاقات البشريّة والمادّية باتجاه الغزوات; وذلك من أجل إشغال المسلمين عن التحدّث حول الأوضاع المنحرفة، وعن التفكير في العمل السياسي أو الثوري لاستبدال نظام الحكم بغيره، ولم يكن هدفهم نشر مفاهيم وقيم الإسلام كما يتصوّر البعض ذلك، لأنّهم كانوا قد خالفوا هذه المفاهيم والقيم في سياستهم الداخلية، وداسوا كثيراً من المقدسات الإسلامية، وشجّعوا على الانحرافات الفكرية.

وأدّى توسّع عمليات الفتح والغزو إلى خلق الاضطرابات في المجتمع الإسلامي وتشتيت الأُسر بغياب المعيل أو فقدانه، كما كثرت الجواري والغلمان ممّا أدّى إلى التشجيع على الانحراف باقتناء الأثرياء للجواري المغنّيات وتملك المخنثين، وانتقل الانحراف من البلاط إلى الأمة تبعاً لانحراف الحكّام وفسقهم، فقد انشغلوا باللهو والانسياق وراء الشهوات دون حدود أو قيود حتى كثر الغزل والتشبيب بالنساء في عهد الوليد بن عبد الملك بشكل خاص(١) .

وكانت همّة سليمان بن عبد الملك في النساء، وانعكس ذلك على المجتمع حتى كان الرجل يلقى صاحبه فيقول له: كم تزوجت ؟ وماذا عندك من السراري ؟(٢) .

وقد وصف أبو حازم الأعرج الوضع الاجتماعي والأخلاقي مجيباً سليمان بن عبد الملك على سؤاله: ما لنا نكره الموت؟ بقوله: لأنكم عمّرتم

ــــــــــــــ

(١) الأغاني: ٦ / ٢١٩.

(٢) البداية والنهاية: ٩ / ١٦٥.

٨٤

دنياكم وأخربتم آخرتكم، فأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب(١) .

وكان سليمان يسابق بين المغنيين ويمنح السابقين الجوائز الثمينة(٢) ، ويجزل العطاء للمغنيات. كما ازداد عدد المخنثين في عهده(٣) .

وأقبل يزيد بن عبد الملك على شرب الخمر واللهو(٤) ، ولم يتب من الشراب إلاَّ أسبوعاً حتى عاد إليه بتأثير من جاريته حبّابة(٥) .

وكان يقول: ما يقرّ عيني ما أوتيت من أمر الخلافة حتى اشتري سلامة وحبّابة فأرسل من يشتريهما له(٦) .

وهكذا وصل الانحراف إلى ذروته، حينما أصبح اللهو والمجون من أولى هموم حكّام الدولة.

وليس غريباً أن تنحرف الأمة بانحراف حكامها وولاتهم وأجهزة الدولة، وبهذا الانحراف كانت تبتعد الأغلبية من الناس عن الأهداف الكبرى التي حددها المنهج الإسلامي، ولا تكترث بالأحداث والمخاطر المحيطة بالوجود الإسلامي.

رابعاً: الانحراف في الميدان الاقتصادي

لقد تصرّف الحكّام بالأموال العامّة وكأنّها ملك شخصي لهم، فكانوا ينفقونها حسب رغباتهم وأهوائهم، على ملذاتهم وشهواتهم وكان للجواري والمغنيين نصيب كبير في بيت المال، كما كانوا ينفقون الأموال لشراء الذمم

ــــــــــــــ

(١) مروج الذهب: ٣ / ١٧٧.

(٢) الأغاني: ١ / ٣١٧.

(٣) المصدر السابق: ٤ / ٢٧٢.

(٤) مروج الذهب: ٣ / ١٩٦.

(٥) الأغاني: ١٥ / ٢٩٥.

(٦) المصدر السابق: ٨ / ٣٤٦.

٨٥

والضمائر، ويمنحونها لمن يشترك في تثبيت سلطانهم أو مدحهم والثناء عليهم، فقد مدح النابغة الشيباني يزيد بن عبد الملك فأمر له بمائة ناقة، وكساه وأجزل صلته(١) .

فتنافس الشعراء فيما بينهم للحصول على مزيد من الأموال كما تنافس المغنّون لنيل الهدايا من الحكام أو ولاتهم.

وكان الحكّام يعيشون في أعلى مراتب الترف والبذخ، ويبذّرون أموال المسلمين على لهوهم وشهواتهم، وعلى المقربين لهم، في وقت كان كثير من الناس يعيشون حياة الفقر والجوع والحرمان.وازداد التمييز الطبقي حينما عُطِّل مبدأ التكافل الاجتماعي، ولم تكترث الدولة بمعاناة الناس وهمومهم ولم تتدخل في الحث على الإنفاق.

وقد ضاعف الحكّام من الضرائب، فأضافوا ضرائب جديدة على الصناعات والحرف وخصوصاً في عهد هشام بن عبد الملك، الذي كان ينفق ما تجمّع لديه على الشعراء المادحين له(٢) .

وقد وصف سليمان بن عبد الملك حالات الترف والمجون التي وصلوا إليها قائلاً: قد أكلنا الطيب، ولبسنا اللين، وركبنا الفاره، ولم يبق لي لذة إلاّ صديق أطرح معه فيما بيني وبينه مؤنة التحفظ(٣) .

وهكذا انساق الناس ـ وخصوصاً ـ أتباع الأمويين وراء شهواتهم ورغباتهم، وانشغل الكثير في السعي للحصول على الأموال بأي وجه أمكن.

ــــــــــــــ

(١) الأغاني: ٧ / ١٠٩.

(٢) المصدر السابق: ١ / ٣٣٩.

(٣) مروج الذهب: ٣ / ٧٦.

٨٦

الفصل الثالث: دور الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام في إصلاح الواقع الفاسد

على الرغم من انحراف الحكّام وأجهزتهم الإدارية والسياسية عن المبادئ الثابتة التي أرسى دعائمها القرآن الكريم والسنّة النبويّة; إلاّ أنّ القاعدة الفكرية والتشريعية للدولة بقيت متبنّاةً من قبل الحاكم وأجهزته في مظاهرها العامة، وعلى ضوء ذلك فإنّ دور الإمامعليه‌السلام كان دوراً إصلاحياً لإعادة الحاكم وأجهزته وإعادة الأمة إلى الاستقامة في العقيدة والشريعة، وجعل الإسلام بمفاهيمه وقيمه هو الحاكم على الأفكار والعواطف والمواقف.

وكان أسلوب الإمامعليه‌السلام الإصلاحي متفاوتاً تبعاً لتفاوت الظروف التي كانت تحيط به، وبالحكم القائم، وبالأمة المسلمة.

لقد كان الإمامعليه‌السلام مقصد العلماء من كل بلاد العالم الإسلامي. وما زار المدينة أحد إلاّ عرّج على بيته يأخذ من فضائله وعلومه، وكان يقصده كبار رجالات الفقه الإسلامي: كسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وأبي حنيفة.

وكان دورهعليه‌السلام في الإصلاح يتركّز على اتجاهين متزامنين:

الاتجاه الأول: التحرك في أوساط الأمة وعموم الناس، بما فيهم المسلمون وأصحاب الديانات الأخرى، فضلاً عن التحرك على الحكّام وأجهزتهم لإعادتهم إلى خطّ الاستقامة أو الحدّ من انحرافاتهم وحصرها في نطاق محدود.

الاتجاه الثاني: بناء الجماعة الصالحة لتقوم بدورها في إصلاح الأوضاع العامة للأمة وللدولة طبقاً للأسس والقواعد الثابتة التي أرسى دعائمها أهل البيتعليهم‌السلام بما ينسجم مع القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة.

٨٧

محاور الحركة الإصلاحية العامّة للإمام الباقر عليه‌السلام

أوّلاً: الإصلاح الفكري والعقائدي

من الأزمات التي خلّفتها سيرة الحكّام السابقين هي أزمة ارتباك المفاهيم وما رافقها من تقليد وسطحية في الفكر، فلم تتجلّ حقيقة التصور الإسلامي عند الكثير من المسلمين لكثرة التيارات الهدّامة ونشاطها في تحريف المفاهيم السليمة وتزييف الحقائق، فكان دور الإمامعليه‌السلام هو حمل النفوس على التمحيص لتمييز ما هو أصيل من العقيدة عمّا هو زيف، وعلى تحكيم الأفكار والمفاهيم الأصيلة في عالم الضمير وعالم السلوك على حد سواء، والاستقامة على المنهج الذي يريده الله تعالى للإنسان.

وقد مارس الإمامعليه‌السلام عدة نشاطات لإصلاح الأفكار والعقائد، نشير إلى أهمّها كما يلي:

١ ـ الردّ على الأفكار والعقائد الهدّامة والمذاهب المنحرفة

وجد المنحرفون لأفكارهم وعقائدهم الهدّامة أوساطاً تتقبّلها وتروّج لها ـ جهلاً أو طمعاً أو تآمراً على الإسلام الخالد ـ وفي عهد الإمام الباقرعليه‌السلام نشطت حركة الغلاة بقيادة المغيرة بن سعيد العجلي.

٨٨

روى علي بن محمد النوفلي أن المغيرة استأذن على أبي جعفرعليه‌السلام

وقال له: أخبر الناس أنّي أعلم الغيب، وأنا أطعمك العراق، فزجره الإمامعليه‌السلام زجراً شديداً وأسمعه ما كره فانصرف عنه، ثم أتى أبا هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية فقال له مثل ذلك، فوثب عليه، فضربه ضرباً شديداً أشرف به على الموت، فلمّا برئ أتى الكوفة وكان مشعبذاً فدعا الناس إلى آرائه واستغواهم فاتّبعه خلق كثير(١) .

واستمرّ الإمامعليه‌السلام في محاصرة المغيرة والتحذير منه وكان يلعنه أمام الناس ويقول:(لعن الله المغيرة بن سعيد كان يكذب علينا) (٢) .

ولعنعليه‌السلام بقية رؤساء الغلاة ومنهم بنان التبّان، فقال:(لعن الله بنان التبّان، وإن بناناً لعنه الله كان يكذب على أبي) (٣) .

وكانعليه‌السلام يحذّر المسلمين وخصوصاً أنصار أهل البيتعليهم‌السلام من أفكار الغلو، ويرشدهم إلى الاعتقاد السليم، بقوله:(لا تضعوا عليّاً دون ما وضعه الله، ولا ترفعوه فوق ما رفعه الله) (٤) .

وكانعليه‌السلام يخاطب أنصاره قائلاً:(يا معشر الشيعة شيعة آل محمد كونوا النمرقة الوسطى: يرجع إليكم الغالي، ويلحق بكم التالي) (٥) .

وحذّرعليه‌السلام من المرجئة ولعنهم حين قال:(اللهمّ العن المرجئة فإنهم أعداؤنا في الدنيا والآخرة) (٦) .

وكانعليه‌السلام يحذّر من أفكار المفوضة والمجبرة. ومن أقواله في ذلك:(إيّاك

ــــــــــــــ

(١) شرح نهج البلاغة: ٨ / ١٢١.

(٢) بحار الأنوار: ٢٥ / ٢٩٧.

(٣) المصدر السابق: ٢٥ / ٢٩٧.

(٤) المصدر السابق: ٢٥ / ٢٨٣.

(٥) المصدر السابق: ٦٧: ١٠١.

(٦) المصدر السابق: ٤٦ / ٢٩١.

٨٩

أن تقول بالتفويض! فإنّ الله عَزَّ وجَلَّ لم يفوّض الأمر إلى خلقه وهناً وضعفاً، ولا أجبرهم على معاصيه ظلماً) (١) .

وفي عرض هذا الردّ القاطع الصريح كان الإمامعليه‌السلام يبيّن الأفكار السليمة حول التوحيد لكي تتعرف الأمة على عقيدتها السليمة.

وكان ممّا ركّز عليه الإمامعليه‌السلام في هذا المجال بيان مقومات التوحيد ونفي التشبيه والتجسيم لله تعالى.

قالعليه‌السلام :(يا ذا الذي كان قبل كل شيء، ثم خلق كل شيء، ثم يبقى ويفنى كلّ شيء، ويا ذا الذي ليس في السموات العلى ولا في الأرضين السفلى، ولا فوقهنّ، ولا بينهنّ ولا تحتهنّ إله يعبد غيره) (٢) .

وفي جوابهعليه‌السلام للسائلين عن جواز القول بأنّ الله موجود، قال:(نعم، تخرجه من الحدّين: حدّ الإبطال، وحدّ التشبيه) (٣) .

وقالعليه‌السلام :(إن ربّي تبارك وتعالى كان لم يزل حيّاً بلا كيف، ولم يكن له كان، ولا كان لكونه كيف، ولا كان له أين، ولا كان في شيء، ولا كان على شيء، ولا ابتدع له مكاناً) (٤) .

كما ركّز الإمام الباقرعليه‌السلام على العبودية الخالصة لله ونهى عن الممارسات التي تتضمّن الشرك بالله تعالى.قالعليه‌السلام :(لو أن عبداً عمل عملاً يطلب به وجه الله عزّ جلّ والدار الآخرة، فأدخل فيه رضى أحد من الناس كان مشركاً) (٥) .

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٥ / ٢٩٨.

(٢) المصدر السابق: ٣ / ٢٨٥.

(٣) المصدر السابق: ٣ / ٢٦٥.

(٤) المصدر السابق: ٣ / ٣٢٦.

(٥) المصدر السابق: ٦٩ / ٢٩٧.

٩٠

كما دعا إلى الانقطاع الكامل لله تعالى بقوله:(لا يكون العبد عابداً لله حق عبادته; حتى ينقطع عن الخلق كلّه إليه) (١) .

ونهى الإمامعليه‌السلام عن التكلم في ذات الله تعالى، وذلك لأنّ الإنسان المحدود لا يحيط بغير المحدود فلا ينفعه البحث عن الذات اللامحدودة إلاّ بُعداً، ومن هنا كان التكلم عن ذاته تعالى عبثاً لا جدوى وراءه، فنهىعليه‌السلام عن ذلك، وحذّر منه بقوله:(إن الناس لا يزال لهم المنطق، حتى يتكلموا في الله، فإذا سمعتم ذلك فقولوا: لا اله إلاّ الله الواحد الذي ليس كمثله شيء) (٢) .

وممّا ركّز عليه الإمام الباقرعليه‌السلام الردع من اتّباع المذاهب المنحرفة والأفكار الهدّامة هو بيان عاقبة أهل الشبهات والأهواء والبدع، واستهدف الإمامعليه‌السلام من التركيز على عاقبة المنحرفين فكرياً وعقائدياً إبعاد المسلمين عن التأثر بهم، وإزالة حالة الأنس والألفة بينهم وبين الأفكار والعقائد المنحرفة.

قالعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى:( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) : هم النصارى والقسيسون والرهبان وأهل الشبهات والأهواء من أهل القبلة والحرورية وأهل البدع(٣) .

٢ ـ الحوار مع المذاهب والرموز المنحرفة

يعتبر الحوار إحدى الوسائل التي تقع في طريق إصلاح الناس، حيث تزعزع المناظرة الهادفة والحوار السليم الأفكار والمفاهيم المنحرفة.

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٦٧ / ٢١١.

(٢) المصدر السابق: ٣ / ٢٦٤.

(٣) المصدر السابق: ٢ / ٢٩٨.

٩١

من هنا قام الإمامعليه‌السلام بمحاورة بعض رؤوس المخالفين، لتأثيرهم الكبير على أتباعهم لو صلحوا واستقاموا على الحقّ. وإليك بعض مناظراته:

مع علماء النصارى: حينما أخرج هشام بن عبد الملك الإمامعليه‌السلام من المدينة إلى الشام كانعليه‌السلام يجلس مع أهل الشام في مجالسهم، فبينا هو جالس وعنده جماعة من الناس يسألونه، اذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك، فسأل عن حالهم، فأُخبر أنهم يأتون عالماً لهم في كل سنة في هذا اليوم يسألون عمّا يريدون وعمّا يكون في عامهم، وقد أدرك هذا العالم أصحاب الحوارييّن من أصحاب عيسىعليه‌السلام ، فقال الإمامعليه‌السلام : فهلمّ نذهب إليه؟ فذهبعليه‌السلام إلى مكانهم، فقال له النصراني: أسألك أو تسألني؟ قالعليه‌السلام : تسألني، فسأله عن مسائل عديدة حول الوقت، وحول أهل الجنّة، وحول عزرة وعزير، فأجابهعليه‌السلام عن كل مسألة.

فقال النصراني: يا معشر النصارى، ما رأيت أحداً قطّ أعلم من هذا الرجل لا تسألوني عن حرف وهذا بالشام ردّوني فردّوه إلى كهفه، ورجع النصارى مع الإمامعليه‌السلام .

وفي رواية: أنّه أسلم وأسلم معه أصحابه على يد الإمامعليه‌السلام (١) .

مع هشام بن عبد الملك: ناظره هشام بن عبد الملك في مسائل متنوعة تتعلق بمقامات أهل البيتعليهم‌السلام ، وميراثهم لعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وادعاء الإمام عليعليه‌السلام علم الغيب، فأجابه الإمامعليه‌السلام عن مسائله المتنوعة وناظره في إثبات مقامات أهل البيتعليهم‌السلام مستشهداً بالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة،

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٤٦ / ٣١٣ ـ ٣١٥.

٩٢

فلم يستطع هشام أن يردّ عليه، وناظره في مواضع أخرى، فقال له هشام: (أعطني عهد الله وميثاقه ألاّ ترفع هذا الحديث إلى أحد ما حييت)، قال الإمام الصادقعليه‌السلام :فأعطاه أبي من ذلك ما أرضاه (١) .

وقد ذكرنا تفصيل المناظرتين في بحث سابق فراجع(٢) .مع الحسن البصري: قال له الحسن البصري: جئت لأسألك عن أشياء من كتاب الله تعالى.

وبعد حوار قصير قال لهعليه‌السلام :بلغني عنك أمر فما أدري أكذاك أنت؟ أم يُكذب عليك؟ قال الحسن: ما هو ؟

قالعليه‌السلام :زعموا أنّك تقول: إنَّ الله خلق العباد ففوّض إليهم أمورهم .

فسكت الحسن... ثمّ وضّح له الإمامعليه‌السلام بطلان القول بالتفويض وحذّره قائلاً:وإيّاك أن تقول بالتفويض، فإنّ الله عَزَّ وجَلَّ لم يفوّض الأمر إلى خلقه، وهناً منه وضعفاً، ولا أجبرهم على معاصيه ظلماً (٣) .

ولهعليه‌السلام مناظرات مع محمد بن المنكدر ـ من مشاهير زهاد ذلك العصر ـ ومع نافع بن الأزرق أحد رؤساء الخوارج، ومع عبد الله بن معمر الليثي، ومع قتادة بن دعامة البصري(٤) واحتجاجات لا يتحمّل شرحها هذا المختصر.

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٤٦ / ٣١٣ ـ ٣١٥.

(٢) راجع مبحث: ملامح وأبعاد هامة في عصر الإمام الباقرعليه‌السلام .

(٣) الاحتجاج: ٢/١٨٤.(٤) أعيان الشيعة: ١/٦٥٣ .

٩٣

٣ ـ إدانة فقهاء البلاط

جاء قتادة بن دعامة البصري إلى الإمامعليه‌السلام وقد هيّأ له أربعين مسألة ليمتحنه بها، فقال لهعليه‌السلام :أنت فقيه أهل البصرة؟ قال قتادة: نعم، فقالعليه‌السلام :(ويحك يا قتادة إن الله عَزَّ وجَلَّ خلق خلقاً، فجعلهم حججاً على خلقه، فهم أوتاد في أرضه، قوّام بأمره، نجباء في علمه اصطفاهم قبل خلقه) ، فسكت قتادة طويلاً، ثم قال: أصلحك الله، والله لقد جلست بين يدي الفقهاء، وقدّام ابن عباس، فما اضطرب قلبي قدّام أحد منهم ما اضطرب قدّامك(١) .

وأدان الإمام الباقرعليه‌السلام أبا حنيفة لقوله بالقياس، وعلّق الأستاذ محمد أبو زهرة على هذه الإدانة قائلاً: تتبيّن إمامة الباقر للعلماء، يحاسبهم على ما يبدو منهم، وكأنّه الرئيس يحاكم مرءوسيه ليحملهم على الجادة، وهم يقبلون طائعين تلك الرئاسة(٢) .

٤ ـ الدعوة إلى أخذ الفكر من مصادره النقيّة

لقد حذّر الإمامعليه‌السلام الناس من الوقوع في شراك الأفكار والآراء والعقائد المنحرفة، وحذّر من البدع وجعلها أحد مصاديق الشرك فقال:(أدنى الشرك أن يبتدع الرجل رأياً فيُحَبّ عليه ويبغَض) (٣) .

كما حذّر من الإفتاء بالرأي فقال:(من أفتى الناس بغير علم ولا هوى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه) (٤) .

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٤٦ / ٣٥٧.

(٢) تاريخ المذاهب الإسلامية: ٦٨٩.

(٣) المحاسن: ٢٠٧.

(٤) المصدر السابق: ٢٠٥.

٩٤

ومن هنا كان يدعو الناس إلى أخذ العلم والفكر من منابعه النقية وهم أهل البيت المعصومون من كل زيغ وانحراف. قالعليه‌السلام لسلمة بن كهيل وللحكم بن عتيبة:(شرّقا وغرِّبا فلا تجدان علماً صحيحاً إلاّ شيئاً خرج من عندنا) (١) .

وكان يحذّر من مجالسة أصحاب الخصومات ويقول:(لا تجالسوا أصحاب الخصومات، فإنهم يخوضون في آيات الله) (٢) .

كما كان يشجع على ذكر مقامات أهل البيتعليهم‌السلام وفضائلهم فإنّها من أسباب نشر الحق والفضيلة، فعن سعد الإسكاف، قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : إني أجلس فأقصّ، وأذكر حقكم وفضلكم. فقالعليه‌السلام :(وددت أن على كل ثلاثين ذراعاً قاصّاً مثلك) (٣) .

٥ ـ نشر علوم أهل البيتعليهم‌السلام

لقد فتح الإمامعليه‌السلام أبواب مدرسته العلمية لعامة أبناء الأمة الإسلامية، حتى وفد إليها طلاب العلم من مختلف البقاع الإسلامية، وأخذ عنه العلم عدد كبير من المسلمين بشتى اتّجاهاتهم وميولهم، منهم: عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، والزهري، وربيعة الرأي، وابن جريج، والأوزاعي، وبسام الصيرفي(٤) ، وأبو حنيفة وغيرهم(٥) .

وفي ذلك قال عبد الله بن عطاء: ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علماً

ــــــــــــــ

(١) الكافي: ١ / ٣٩٩.

(٢) كشف الغمّة: ٢ / ١٢٠.

(٣) رجال الكشي: ٢١٥.

(٤) سير أعلام النبلاء: ٤ / ٤٠١.

(٥) تاريخ المذاهب الإسلامية: ٣٦١.

٩٥

منهم عند أبي جعفر، لقد رأيت الحكم عنده كأنّه متعلم(١) .

وكانت أحاديثه مسندة عن آبائه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما كان يرسل الحديث ولا يسنده. وحينما سئل عن ذلك، قال:إذا حدّثت بالحديث فلم أسنده، فسندي فيه أبي زين العابدين عن أبيه الحسين الشهيد عن أبيه علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرئيل عن الله عَزَّ وجَلَّ (٢) .

ثانياً: تأسيس المدرسة الفقهية النموذجية(٣)

لقد جهد الإمام الباقر وولده الصادقعليهما‌السلام على نشر الفقه الإسلامي وتبنّيا نشره بصورة إيجابية في وقت كان المجتمع الإسلامي غارقاً في الأحداث والاضطرابات السياسية، حيث أهملت الحكومات في تلك العصور الشؤون الدينية إهمالاً تاماً، حتى لم تعد الشعوب الإسلامية تفقه من أمور دينها القليل ولا الكثير، يقول الدكتور علي حسن: (وقد أدى تتبعنا للنصوص التاريخية إلى أمثلة كثيرة تدل على هذه الظاهرة ـ أي إهمال الشؤون الدينية ـ التي كانت تسود القرن الأول سواء لدى الحكام أو العلماء أو الشعب، ونعني بها عدم المعرفة بشؤون الدين، والتأرجح وعدم الجزم والقطع فيها حتى في العبادات، فمن ذلك ما روي أن ابن عباس خطب في آخر شهر رمضان على منبر البصرة فقال: اخرجوا صدقة صومكم فكان الناس لم يعلموا، فقال: من ها هنا من أهل المدينة؟ فقوموا إلى إخوانكم فعلموهم، فإنهم لا يعلمون فرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) .

ــــــــــــــ

(١) مختصر تاريخ دمشق: ٢٣ / ٧٩.

(٢) إعلام الورى: ٢٩٤.

(٣) راجع حياة الإمام محمد الباقرعليه‌السلام ، باقر شريف القرشي ١/٢١٥ ـ ٢٢٦.

(٤) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم: ٢ / ١٣١.

٩٦

فأهل البلاد الإسلامية لم يعرفوا شؤون دينهم معرفة كافية، وقد كان يوجد في بلاد الشام من لا يعرف عدد الصلوات المفروضة، حتى راحوا يسألون الصحابة عن ذلك(١) .

إن الدور المشرق الذي قام به الإمام الباقر والصادقعليهما‌السلام في نشر الفقه وبيان أحكام شريعة الله كان من أعظم الخدمات التي قدّماها للعالم الإسلامي.

وسعى إلى الأخذ من علومهما أبناء الصحابة والتابعون، ورؤساء المذاهب الإسلامية كأبي حنيفة ومالك وغيرهما، وتخرج على يد الإمام أبي جعفرعليه‌السلام جمهرة كبيرة من الفقهاء كزرارة بن أعين، ومحمد بن مسلم وأبان بن تغلب، وإليهم يرجع الفضل في تدوين أحاديث الإمامعليه‌السلام وقد أصبحوا من مراجع الفتيا بين المسلمين، وبذلك أعاد الإمام أبو جعفرعليه‌السلام للإسلام نضارته وحافظ على ثرواته الدينية من الضياع والضمور.

ومن الجدير بالذكر أن الشيعة هم أول من سبق إلى تدوين الفقه فقد قال مصطفى عبد الرازق: (ومن المعقول أن يكون النزوع إلى تدوين الفقه كان أسرع إلى الشيعة لأن اعتقادهم العصمة في أئمتهم أو ما يشبه العصمة كان حرياً إلى تدوين أقضيتهم وفتاواهم)(٢) .

وبذلك فقد ساهمت الشيعة في بناء الصرح الإسلامي، وحافظت على أهم ثرواته... ولابد لنا من وقفة قصيرة للنظر في فقه أهل البيتعليهم‌السلام الذي هو مستمد من الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ــــــــــــــ

(١) سنن النسائي: ١ / ٤٢.

(٢) تمهيد لتأريخ الفلسفة الإسلامية: ص٢٠٢.

٩٧

مميّزات مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام الفقهيّة

١ ـ الاتصال بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والشيء المهم في فقه أهل البيتعليهم‌السلام هو أنه يتصل اتصالاً مباشراً بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فطريقه إليه أئمة أهل البيتعليهم‌السلام الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وجعلهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سفن النجاة، وأمن العباد، وعدلاء الذكر الحكيم حسبما تواترت الأخبار بذلك.

قالعليه‌السلام :(لو أننا حدثنا برأينا ضللنا كما ضل من قبلنا، ولكنا حدثنا ببينة من ربنا بينها لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فبينها لنا) (١) .

٢ ـ المرونة: إن فقه أهل البيت يساير الحياة، ويواكب التطور، ولا يشذ عن الفطرة ويتمشى مع جميع متطلبات الحياة، فليس فيه ـ والحمد لله ـ حرج ولا ضيق، ولا ضرر، ولا إضرار، وإنما فيه الصالح العام، والتوازن في جميع مناحي تشريعاته، وقد نال إعجاب جميع رجال القانون، واعترفوا بأنه من أثرى ما قنن في عالم التشريع عمقاً وأصالة وإبداعاً.

٣ ـ فتح باب الاجتهاد: إنّ من أهم ما تميز به فقه أهل البيتعليهم‌السلام هو فتح باب الاجتهاد، فقد دلّ ذلك على حيوية فقه أهل البيت، وتفاعله مع الحياة واستمراره في العطاء لجميع شؤون الإنسان، وإنه لا يقف مكتوفاً أمام الأحداث المستجدة التي يبتلى بها الناس خصوصاً في هذا العصر الذي برزت فيه كثير من الأحداث واستحدثت فيه كثير من الموضوعات، وقد أدرك كبار علماء المسلمين من الأزهر مدى الحاجة الملحّة إلى فتح باب الاجتهاد، ومتابعة الشيعة الإمامية في هذه الناحية.

ــــــــــــــ

(١) أعلام الورى: ٢٧٠.

٩٨

قال السيد رشيد رضا: (ولا نعرف في ترك الاجتهاد منفعة ما، وأمّا مضارّه فكثيرة، وكلها ترجع إلى إهمال العقل، وقطع طريق العلم، والحرمان من استغلال الفكر، وقد أهمل المسلمون كل علم بترك الاجتهاد، فصاروا إلى ما نرى)(١) .

٤ ـ الرجوع إلى حكم العقل: انفرد فقهاء الإمامية عن بقية المذاهب الإسلامية فجعلوا العقل واحداً من المصادر الأربعة لاستنباط الأحكام الشرعية، وقد أضفوا عليه أسمى ألوان التقديس فاعتبروه رسول الله الباطني، وإنه مما يُعبَد به الرحمن، ويكتَسب به الجنان. ومن الطبيعي ان الرجوع إلى حكم العقل إنّما يجوز إذا لم يكن في المسألة نص خاص أو عام وإلا فهو حاكم عليه، وإن للعقل مسرحاً كبيراً في علم الأصول الذي يتوقف عليه الاجتهاد.

ثالثاً: الإصلاح السياسي

استثمر الإمامعليه‌السلام بعض ظروف الانفراج السياسي النسبي من أجل بناء وتوسعة القاعدة الشعبية، وتسليحها بالفكر السياسي السليم المنسجم مع رؤية أهل البيتعليهم‌السلام ، وتعبئة الطاقات لاتخاذ الموقف المناسب في الوقت المناسب، ولهذا لم تنطلق أي ثورة علوية في عهده، لعدم اكتمال شروطها من حيث العدة والعدد.

وكان الإمامعليه‌السلام يقدّم للأمة المفاهيم والأفكار السياسية الأساسية مع الحيطة والحذر; وكانت له مواقف سياسية صريحة من بعض الحكام لإعادتهم إلى جادة الصواب.

وقد تجلّى دوره الإصلاحي في الممارسات التالية:

١ ـ الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحرّران الإنسان والمجتمع من ألوان الانحراف في الفكر والعاطفة والسلوك، ويحوّلان المفاهيم والقيم الإسلامية الثابتة إلى ممارسات سلوكية واضحة المعالم، تترجم فيها الآراء والنصوص إلى مشاعر وعواطف وأعمال وحركات وعلاقات متجسدة في الواقع لكي تكون الأمة والدولة بمستوى المسؤولية في الحياة، والمسؤولية هي حمل الأمانة الإلهية وخلافة الله تعالى في الأرض.

ــــــــــــــ

(١) الوحدة الإسلامية: ٩٩.

٩٩

ومن هنا جاءت تأكيدات الإمامعليه‌السلام على هذه الفريضة التي جعلها شاملة لجميع مرافق الحياة الإنسانية حيث قال:(إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصالحين، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحلّ المكاسب، وتردّ المظالم وتعمّر الأرض، وينتصف من الأعداء ويستقيم الأمر، فأنكروا بقلوبكم، والفظوا بألسنتكم، وصكّوا بها جباههم، ولا تخافوا في الله لومة لائم...) (١) .

وحذّرعليه‌السلام من مغبّة التخليّ عن المسؤولية، ومداهنة المنحرفين حكّاماً كانوا أم من سائر أفراد الأمة فقال: (أوحى الله تعالى إلى شعيب النبيعليه‌السلام إنّي لمعذّب من قومك مائة ألف: أربعين ألفاً من شرارهم، وستين ألفاً من خيارهم، فقال: يا ربّ هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار ؟

فأوحى الله عَزَّ وجَلَّ إليه: إنهم داهنوا أهل المعاصي، ولم يغضبوا لغضبي)(٢) .

وحثعليه‌السلام على هذه المسؤولية وبيّن آثار التخلي عنها فقال:(الأمر

ــــــــــــــ

(١) تهذيب الأحكام: ٦ / ١٨٠.

(٢) المصدر السابق: ٦ / ١٨١.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

باب الاستيذان :

فإذا أردت الاستيذان فقم عند باب القبة وارم بطرفك نحو القبروقل :

يا مولاي يا أبا عبد الله يا بن رسول الله ، عبدك وابن أمتك ، الذليلبين يديك ، والمصغر في علو قدرك ، والمعترف بحقك ، جاءكمستجيرا بك ، قاصدا إلى حرمك ، متوجها إلى مقامك ، متوسلا إلى اللهتعالى بك ، أأدخل يا مولاي ، أأدخل يا ولي الله ، أأدخل يا ملائكة اللهالمحدقين بهذا الحرم المقيمين في هذا المشهد.

فان خشع قلبك ودمعت عيناك ، فهو علامة القبول والاذن ،وادخل رجلك اليمنى واخر اليسرى وقل :

بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله ، اللهمأنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين.

ثم قل :

الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ،والحمد لله الفرد الصمد ، الماجد الاحد ، المتفضل المنان ، المتطولالحنان ، الذي من بطوله ، وسهل لي زيارة مولاي باحسانه ، ولم يجعلنيعن زيارته ممنوعا ، ولا عن ذمته مدفوعا ، بل تطول ومنح.

ثم ادخل ، فإذا توسطت وصبرت فقم حذاء القبر بخشوع وبكاء

٤٢١

وتضرع وقل :

السلام عليك يا وارث ادم صفوة الله ، السلام عليك يا وارث نوحنبي الله ، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله ، السلام عليك ياوارث موسى كليم الله ، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله ، السلامعليك يا وارث محمد حبيب الله.

السلام عليك يا وارث علي ولي الله ، السلام عليك أيها الوصيالبر التقي ، السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره والوتر الموتور.

اشهد انك قد أقمت الصلاة ، واتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ،ونهيت عن المنكر ، وجاهدت في الله حق جهاده حتى استبيح حرمك وقتلت مظلوما.

ثم قم عند رأسه خاشعا قلبك ، دامعة عينيك ، ثم قل :

السلام عليك يا أبا عبد الله ، السلام عليك يا بن رسول الله ، السلامعليك يا بن سيد الوصيين ، السلام عليك يا بن فاطمة سيدة نساءالعالمين ، السلام عليك يا بطل المسلمين.

يا مولاي ، اشهد انك كنت نورا في الأصلاب الشامخة والأرحامالمطهرة ، لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ، ولم تلبسك من مدلهماتثيابها(١) ، واشهد انك من دعائم الدين وأركان المسلمين ومعقلالمؤمنين.

__________________

(١) أدلهم الظلام : كثف واسود ، ومدلهم مبالغة.

٤٢٢

واشهد انك الامام البر التقي الرضي ، الزكي الهادي المهديواشهد ان الأئمة من ولدك كلمة التقوى ، واعلام الهدى ، والعروةالوثقى ، والحجة على أهل الدنيا.

ثم تنكب على القبر وتقول :

انا لله وانا إليه راجعون ، يا مولاي انا موال لوليكم ومعاد لعدوكم ،وانا بكم مؤمن ، وبإيابكم موقن ، بشرائع ديني وخواتيم عملي ، وقلبيلقلبكم سلم ، وامري لامركم متبع ، يا مولاي اتيتك خائفا فامني ،واتيتك مستجيرا فاجرني ، واتيتك فقيرا فاغنني.

سيدي ومولاي أنت مولاي حجة الله على الخلق أجمعين ، امنتبسركم وعلانيتكم ، وبظاهركم وباطنكم ، وأولكم وآخركم ، واشهدانك التالي لكتاب الله ، وامين الله ، الداعي إلى الله بالحكمة والموعظةالحسنة ، لعن الله أمة ظلمتك ، ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به.

ثم صل عند الرأس أربع ركعات ، فإذا سلمت فقل :

اللهم إني لك صليت ، ولك ركعت ، ولك سجدت ، وحدكلا شريك لك ، لأنه لا تجوز الصلاة والركوع والسجود الا لك ، لأنك أنتالله الذي لا إله إلا أنت ، اللهم صل على محمد وال محمد وأبلغهم عنيأفضل السلام والتحية ، واردد علي منهم السلام.

اللهم وهاتان الركعتان هدية مني إلى سيدي الحسين بن عليعليهما‌السلام ، اللهم صل على محمد وعليه وتقبلها مني ، وأجرني

٤٢٣

عليهما أفضل املي ورجائي فيك وفي أوليائك ، يا ولي المؤمنين.

ثم تنكب على القبر وتقبله وتقول :

السلام على الحسين بن علي المظلوم الشهيد ، قتيل العبراتوأسير الكربات ، اللهم إني اشهد أنه وليك وابن نبيك ، الثائر بحقك ،أكرمته بكرامتك ، وختمت له بالشهادة ، وجعلته سيدا من السادة ،وقائدا من القادة ، وأكرمته بطيب الولادة ، وأعطيته مواريث الأنبياء ،وجعلته حجتك على خلقك من الأوصياء.

فاعذر في الدعاء ، ومنح النصيحة ، وبذل مهجته فيك حتىاستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة ، وقد توازر عليه من غرتهالدنيا ، وباع حظه بالأرذل الأدنى ، وتردى(١) في هواه ، وأسخطكوأسخط نبيك ، وأطاع من عبادك اولي الشقاق والنفاق وحملة الأوزاروالمستوجبين للنار.

فجاهدهم فيك صابرا محتسبا ، مقبلا غير مدبر ، لا تأخذه في اللهلومة لائم ، حتى سفك في طاعتك دمه ، واستبيح حريمه ، اللهم العنهملعنا وبيلا ، وعذبهم عذابا أليما.

ثم اعطف على علي بن الحسينعليهما‌السلام ، وهو عند رجل الحسينعليه‌السلام وقل :

السلام عليك يا ولي الله ، السلام عليك يا بن رسول الله ، السلام

__________________

(١) تردى في البئر : سقط.

٤٢٤

عليك يا بن خاتم النبيين ، السلام عليك يا بن فاطمة سيدة نساء العالمين ،السلام عليك يا بن أمير المؤمنين ، السلام عليك أيها المظلوم الشهيد ،بابي أنت وأمي عشت سعيدا وقتلت مظلوما شهيدا.

زيارة الشهداء رضوان الله عليهم :

ثم انحرف إلى قبور الشهداء وقل :

السلام عليكم أيها الذابون عن توحيد الله ، السلام عليكم بما صبرتم [ فنعم عقبى الدار ، بابي أنتم وأمي فزتم فوزا عظيما ](١) .

باب زيارة العباس بن عليعليه‌السلام :

تقف عليه وتقول :

السلام عليك أيها الولي الصالح والصديق المواسي ، اشهد انكامنت بالله ، ونصرت ابن رسول الله ، ودعوت إلى سبيل الله ، وواسيتبنفسك ، وبذلت مهجتك ، فعليك من الله أفضل التحية والسلام.

ثم تنكب على القبر وتقول :

بابي أنت وأمي يا ناصر دين الله ، السلام عليك يا ناصر الحسينالصديق ، السلام عليك يا ناصر الحسين الشهيد ، عليك مني السلام مابقيت وبقي الليل والنهار.

__________________

(١) زيادة من مصباح الزائر.

٤٢٥

ثم تصلي عند رأسه ركعتين وتقول ما قلت عند رأس الحسين ،وترجع إلى مشهد الحسينعليه‌السلام وتقيم عنده ما أحببت ، الا انه يستحبالا تجعله موضع مبيتك.

باب الوداع :

فإذا أردت وداعه فقم عند الرأس وأنت تبكي وتقول :

السلام عليك يا مولاي سلام مودع ، لا قال ولا سئم ، فان انصرففلا عن ملالة ، وان أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين ، يا مولايلا جعله الله اخر العهد مني لزيارتك ، ورزقني العود إليك ، والمقام فيحرمك ، والكون في مشهدك ، امين رب العالمين.

ثم قبله وامر سائر وجهك عليه ، وامسح على سائر بدنك ، فإنهأمان وحرز ، واخرج من عنده القهقرى ، لا توله دبرك وقل :

السلام عليك يا باب المقام ، السلام عليك يا شريك القران ، السلامعليك يا حجة الخصام ، السلام عليك يا سفينة النجاة ، السلام عليكم ياملائكة ربي المقيمين في هذا الحرم ، السلام عليك ابدا ما بقيت وبقيالليل والنهار.

وتقول :

انا لله وانا إليه راجعون ، لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

٤٢٦

إلى أن تغيب عن القبر ، فإذا فعلت ذلك كنت كمن زار الله في عرشه(١)

٣ ـ زيارة سيدنا أبي عبد الله الحسين بن عليعليهما‌السلام ، وهي زيارةصفوان.

روى صفوان الجمال أنه قال : قال لي مولاي جعفر بن محمدالصادقعليهما‌السلام : إذا أردت زيارة الحسين بن علي صلوات الله عليه فصمقبل ذلك ثلاثة أيام ، واغتسل في اليوم الرابع(٢) ، واجمع إليك أهلكوولدك وقل قبل مسيرك :

اللهم إني استودعك اليوم نفسي وأهلي ومالي وولدي ، ومن كانمني بسبيل ، الشاهد منهم والغائب.

اللهم اجعلنا من الفائزين واحفظنا بحفظ الايمان واحفظ علينا ،اللهم اجعلنا في جوارك وحفظك وحرزك ، ولا تغير ما بنا من نعمتك ،وزدنا من فضلك انا إليك راغبون.

اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب ، وسوء المنظرفي المال والاهل والولد ، اللهم ارزقنا حلاوة الايمان وبرد المغفرة ،وأمانا من عذابك ، وآتنا من لدنك رحمة انه لا يملك ذلك غيرك.

__________________

(١) رواه السيد في مصباح الزائر : ١٧٢ ، والشهيد في مزاره ، عنهما البحار ١٠١ : ٣٥٠ ـ ٣٥٥.

(٢) في المصادر : اليوم الثالث.

٤٢٧

فإذا اتيت الفرات ، فكبر الله مائة مرة ، وهلل مائة مرة ، وصل علىالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مائة مرة ، ثم قل بعد ذلك :

اللهم أنت خير من وفد إليه الرجال ، وشدت إليه الرحال ، وأنتسيدي خير مقصود ، وقد جعلت لكل زائر كرامة ، ولكل وافد تحفة ،فاسالك ان تجعل تحفتك إياي فكاك رقبتي من النار ، واشكر سعيي ،وارحم مسيري إليك ، من غير من مني عليك بل لك المن علي ، إذجعلت لي السبيل إلى زيارته ، وعرفتني فضله وشرفه.

اللهم فاحفظني بالليل والنهار حتى تبلغني هذا المكان ، فقدرجوتك فلا تقطع رجائي ، وقد أملتك فلا تخيب املي ، واجعل مسيريهذا كفارة لذنوبي ، يا رب العالمين.

فإذا أردت الغسل ندبا فقل :

بسم الله وبالله ، ولا حول ولا قوة الا بالله ، وعلى ملة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى الأئمة الصادقين ، اللهم طهر به قلبي ،واشرح به صدري ، ونور به بصري ، اللهم اجعله لي نورا وطهوراوخيرا ، وشفاء من كل داء وسقم ، وعافني من كل ما أخاف واحذر.

اللهم اجعله لي شاهدا يوم حاجتي وفقري وفاقتي إليك يا ربالعالمين ، انك على كل شئ قدير.

فإذا فرغت من غسلك فالبس ثوبين طاهرين أو ثوبا ، وصل ركعتينندبا خارج المشرعة ، وهو المكان الذي قال الله جل وعز :( وفي

٤٢٨

الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغيرصنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل ) (١) .

واقرأ في الركعة الأولى فاتحة الكتاب و( قل هو الله أحد ) ، وفيالثانية فاتحة الكتاب و( قل يا أيها الكافرون ) .

فإذا سلمت فكبر الله ما استطعت وقل :

الحمد لله الواحد المتوحد في الأمور كلها ، الرحمن الرحيم ،والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، لقدجاءت رسل ربنا بالحق.

اللهم لك الحمد حمدا كثيرا دائما سرمدا ، لا ينقطع ولا يفنى ،حمدا ترضى به عنا ، حمدا يتصل أوله ولا ينفد اخره ، حمدا يزيدولا يبيد ، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

فإذا توجهت إلى الحائر فقل :

اللهم إليك قصدت ، ولبابك قرعت ، وبفنائك نزلت ، وبكاعتصمت ، ولرحمتك تعرضت ، وبوليك الحسينعليه‌السلام توسلت ،اللهم صل على محمد واله واجعل زيارتي مبرورة ودعائي مقبولا.

فإذا اتيت الباب فقف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر وقل :

يا مولاي يا أبا عبد الله يا بن رسول الله ، عبدك وابن عبدك ، وابنأمتك ، الذليل بين يديك ، المقصر في علو قدرك ، المعترف بحقك ،

__________________

(١) الرعد : ٤.

٤٢٩

جاءك مستجيرا بذمتك ، قاصدا إلى حرمك ، متوجها إلى الله تباركوتعالى بك.

ء فأدخل يا حجة الله ، أأدخل يا أمير المؤمنين ، أأدخل يا وليالله ، أأدخل يا باب الله ، أأدخل يا ملائكة الله ، أأدخل أيها الملائكةالمحدقون بهذا الحرم ، المقيمون بهذا المشهد.

ثم ادخل رجلك اليمنى القبة واخر اليسرى وقل :

الله أكبر كبيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، والحمد لله الفردالاحد الصمد الواحد ، المتفضل المتطول الجبار ، الذي من بطوله ،وسهل زيارة مولاي ، ولم يجعلني عن زيارته ممنوعا ، وعن ذمتهمدفوعا ، بل تطول ومنح ، فله الحمد.

ثم ادخل الحائر وقم بحذائه بخشوع ، وقل :

السلام عليك يا وارث ادم صفوة الله ، السلام عليك يا وارث نوحنبي الله ، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله ، السلام عليك ياوارث موسى كليم الله ، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله ، السلامعليك يا وارث محمد حبيب الله ، السلام عليك يا وارث علي حجة الله ،السلام عليك يا وارث الحسن الداعي إلى الله ، السلام عليك يا وارثنبي الله.

السلام عليك أيها الصديق الشهيد ، السلام عليك أيها البر الرضي ،السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره والوتر الموتور.

٤٣٠

اشهد انك قد أقمت الصلاة ، واتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ،ونهيت عن المنكر ، وعبدت الله مخلصا حتى اتاك اليقين.

ثم ادخل عند القبر وقم عند الرأس خاشعا قلبك ، وقل :

السلام عليك يا بن رسول الله ، السلام عليك يا بن أمير المؤمنينسيد الوصيين ، السلام عليك يا بن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ،السلام عليك يا وعاء النور ورحمة الله وبركاته.

السلام عليك يا خازن الكتاب المشهور ، السلام عليك يا أسالاسلام الناصر لدين الله ، السلام عليك يا نظام المسلمين.

يا مولاي ، اشهد انك كنت نورا في الأصلاب الشامخة والأرحامالمطهرة ، لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ، اشهد انك يا مولاي من دعائمالدين وأركان المسلمين ومعقل المؤمنين.

واشهد انك الامام البر التقي ، المطهر الزكي الهادي المهدي ،واشهد ان الأئمة من ولدك كلمة التقوى ، واعلام الهدى ، والعروةالوثقى ، والحجة على أهل الدنيا من أوليائك.

ثم انكب على القبر وقل :

انا لله وانا إليه راجعون ، يا مولاي انا موال لوليكم معاد لعدوكم ،وانا بكم مؤمن ، وبإيابكم موقن ، بشرائع ديني وخواتيم عملي ، وقلبيلقلوبكم سلم ، وامري لامركم متبع.

يا مولاي امنت بسركم وعلانيتكم ، وظاهركم وباطنكم ، وأولكم

٤٣١

وآخركم ، يا مولاي اتيتك خائفا فامني ، واتيتك مستجيرا فاجرني.

يا سيدي أنت وليي ومولاي وحجة الله على الخلق أجمعين ،امنت بسركم وعلانيتكم ، وبظاهركم وباطنكم ، يا مولاي أنت السفيربيننا وبين الله ، والداعي إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، لعن اللهأمة ظلمتك ، ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به.

ثم صل عند الرأس ركعتين زيارة ندبا ، فإذا سلمت فقل بعد ذلك :

اللهم إني صليت وركعت وسجدت لك ، وحدك لا شريك لك ،اللهم صل على محمد واله وبلغهم عني السلام كثيرا وأفضل التحيةوالسلام ، واردد علي منهم السلام كثيرا.

ثم تقول :

اللهم هاتان الركعتان هدية مني وكرامة إلى سيدي ومولايأبي عبد الله الحسين بن علي أمير المؤمنين صلوات الله عليهما ، اللهمصل على محمد وال محمد وتقبل مني ، وبلغني أفضل املي ورجائيفيك وفي وليك أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ثم انكب على القبر ثانية وقل :

يا مولاي ، اشهد ان اللهعزوجل منجز لك ما وعدك ومعذب منقتلك عليه اللعنة إلى يوم الدين.

ثم تأتي إلى قبر علي بن الحسينعليهما‌السلام فتقبله وتقول :

السلام عليك يا ولي الله وابن وليه ، السلام عليك يا حبيب الله

٤٣٢

وابن حبيبه ، السلام عليك يا خليل الله وابن خليله ، عشت سعيداومت فقيدا وقتلت مظلوما ، يا شهيد ابن الشهيد عليك من الله السلام.

ثم تصلي ركعتين وتكبر بعدهما من الصلاة على النبي وآله وتسألحاجتك.

ثم تأتي إلى قبر العباس بن عليعليه‌السلام وتقول :

السلام عليك أيها الولي الصالح الناصح الصديق ، اشهد انك امنتبالله ونصرت ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ودعوت إلى سبيلالله ، وواسيت بنفسك ، وبذلت مهجتك ، فعليك من الله السلام التام.

ثم تنكب على القبر وتقبله وتقول :

بابي أنت وأمي يا ناصر دين الله ، السلام عليك يا بن أمير المؤمنين ،السلام عليك يا ناصر الحسين الصديق ، السلام عليك يا شهيد ابنالشهيد ، السلام عليك مني ابدا ما بقيت وصلى الله على محمد والهوسلم.

وتخرج من عنده فترجع إلى قبر سيدنا الحسينعليه‌السلام فتقيم عنده ماأحببت ، ولا أحب لك ان تجعله مبيتك.

فإذا أردت الوداع فقم عند الرأس وأنت تبكي وتقول :

يا مولاي السلام عليك سلام مودع ، لا قال ولا سئم ، فان انصرف يامولاي فلا عن ملالة ، وان أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين.

يا مولاي لا جعله الله اخر العهد مني من زيارتك ، وتقبل مني ،

٤٣٣

ورزقني العود إليك ، والمقام في حرمك ، والكون في مشهدك ، امينرب العالمين.

ثم تقبله وتمر سائر بدنك ووجهك على القبر ، فإنه أمان وحرز منكل ما تخاف وتحذر بإذن الله ، وتمشي القهقرى وتقول :السلام عليك يا حجة الله ، السلام عليك يا باب المقام ، السلامعليك يا سفينة النجاة ، السلام عليكم يا ملائكة ربي المقيمين في هذاالحرم ، السلام عليك يا مولاي وعلى الملائكة المحدقين بك ، السلامعليك وعلى الأرواح التي حلت بفنائك ، السلام عليك ابدا مني مابقيت وبقي الليل والنهار.

وتقول :

انا لله وانا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ،وصلى الله على محمد واله وسلم كثيرا(١) .

٤ ـ زيارة أخرى لهعليه‌السلام زار بها جابررحمه‌الله .

اخبرني بها الشيخ الفقيه العالم أبو البقاء هبة الله بن نمارضي‌الله‌عنه في شهر رمضان بداره في الحلة بلد الجامعين سنة تسع وستين

__________________

(١) عنه البحار ١٠١ : ٢٥٧.

رواه الشيخ في مصباحه : ٦٦٠ ، باسناده عن جماعة ، عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بنقضاعة بن صفوان بن مهران ، عن أبيه ، عن جده ، عن الصادق عليه‌السلام ، عنه البحار ١٠١ : ١٩٧.

أخرجه الشهيد في مزاره : ١١٧ ، عن صفوان بن مهران الجمال ، عن الصادق عليه‌السلام .

٤٣٤

وخمسمائة ، قال : أخبرنا الشيخ الأمين العالم أبو عبد الله الحسين بنأحمد بن طحال المقدادي المجاور بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بنأبي طالب صلوات الله عليه في شهور سنة عشرين وخمسمائة ، قال :حدثنا الرئيس الاجل السيد أبو البقاء هبة الله بن ناصر بن الحسين بن نصربمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام في شهر ربيع الأولسنة ثمان وثمانين وأربعمائة ، قال : حدثنا الشيخ أبو القاسم سعد بن وهبابن أحمد بن علي بن الحسين بن سلمان الدهقان ، قال : حدثنا أبو جعفرمحمد بن علي بن خلف بن الجعد بن سنان البزاز ، قال : حدثنا علي بنالحسين بن كعب ، قال : حدثنا إسماعيل بن صبيح ، عن الحسن بن سعيدالأعمش ، عن جابر الجعفي ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنه قاللجابر :

كم بينكم وبين قبر الحسينعليه‌السلام ، قال : قلت : يوم وبعض اخر ،قال : فقال : أفلا أفرحك الا أسرك بثوابه ، قال : قلت : بلى جعلت فداءك ،قال : ان الرجل منكم ليتهيأ فيتباشر به أهل السماء ، فإذا خرج من بابمنزله راكبا أو ماشيا وكل الله به الف ملك من الملائكة يصلون عليه حتىيوافي قبر الحسينعليه‌السلام .

فإذا اتيت قبر الحسينعليه‌السلام قمت على الباب وقلت هذه الكلمات ،فان لك بكل كلمة منهن كفلا من رحمة الله ، قال : قلت : وما هن جعلتفداك ، قال : تقول :

٤٣٥

السلام عليك يا وارث ادم صفوة الله ، السلام عليك يا وارث نوحنبي الله ، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله ، السلام عليك ياوارث موسى كليم الله ، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله ، السلامعليك يا وارث محمد سيد رسل الله.

السلام عليك يا وارث علي أمير المؤمنين وخير الوصيين ، السلامعليك يا وارث الحسن الزكي الطاهر الرضي المرتضي ، السلام عليكأيها الصديق ، السلام عليك أيها الوصي البر التقي ، السلام عليك وعلىالأرواح التي حلت بفنائك ، وأناخت برحلك ، السلام على الملائكةالحافين بك.

اشهد أنك قد أقمت الصلاة ، واتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ،ونهيت عن المنكر ، وجاهدت الملحدين ، وعبدت الله حتى أتاكاليقين ، السلام عليك ورحمة الله وبركاته.

ثم تمشي إليه ، فلك بكل قدم ترفعها وتضعها كثواب المشحطبدمه في سبيل الله.

فإذا مشيت ووقفت على القبر فاستلمه بيدك وقل :

السلام عليك يا حجة الله في ارضه.

ثم انهض إلى صلواتك ، فلك بكل ركعة ركعتها عنده كثواب منحج الف حجة ، واعتمر الف عمرة ، واعتق الف رقبة ، وكمن وقف الفمرة مع نبي مرسل.

٤٣٦

قال : فإذا أنت قمت من عند قبر الحسين صلوات الله عليه ناداكمناد لو سمعت مقالته لأفنيت عمرك عند الحسينعليه‌السلام ، وهو يقول :طوبى لك أيها العبد لقد غنمت وسلمت ، وقد غفر لك ما سلففاستأنف العمل.

قال : فان مات في عامه أو من ليلته أو من يومه لم يتول قبض روحهالا اللهعزوجل ، وتقيم معه الملائكة يسبحون ويصلون عليه حتىيوافي منزله ، وتقول الملائكة : يا ربنا عبدك قد وافى قبر وليك وقدوافى منزله فأين نذهب ، فيأتيهم النداء : يا ملائكتي قوموا بباب عبدي ،فسبحوني وقدسوني وهللوني ، واكتبوا ذلك في حسناته إلى يوميتوفى ، فإذا توفى ذلك العبد شهدوا غسله وكفنه والصلاة عليه ، ثميقولون : ربنا وكلتنا بباب عبدك وقد توفي فأين نذهب ، فيأتيهم النداء : ياملائكتي قفوا بقبر عبدي فسبحوا وقدسوا إلى يوم القيامة واكتبوا ذلكفي حسناته(١) .

__________________

(١) عنه البحار ١٠١ : ١٦٥.

رواه ابن قولويه في الكامل : ٣٧٤ ، باسناده عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أبي عبد اللهالرازي ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن الحسن بن محمد ، عن المفضل بن عمر ، عنجابر الجعفي ، عن الصادق عليه‌السلام ، وأيضا عن حكيم بن داود ، عن سلمة بن الخطاب ، عنأبي عبد الله الجاموراني ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن الحسن بن محمد ، عن المفضل بنعمر ، عن جابر الجعفي ، عن الصادق عليه‌السلام ، عنه البحار ١٠١ : ١٦٣ ، المستدرك ١٠ : ٢٩٩.

ذكره السيد في مصباح الزائر : ١٣٤ عنه عليه‌السلام ، عنه البحار ١٠١ : ٢٢٩.

٤٣٧

٥ ـ وبالاسناد عن حنان بن سدير قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ياسدير تزور قبر الحسينعليه‌السلام في كل يوم ، قلت : لا ، قال : ما أجفاكم ،فتزوره في كل سنة ، قلت : قد يكون ذلك ، قال : يا سدير ما أجفاكمللحسين اما علمت أن لله الف ملك شعث غبر يبكون ويزورونولا يفترون ، وما عليك يا سدير ان تزور قبر الحسين في الجمعة خمسمرات وفي كل يوم مرة.

قلت : جعلت فداك بيننا وبينه فراسخ كثيرة ، فقال لي : تصعد فوقسطحك ثم تلتفت يمنة ويسرة ، ثم ترفع رأسك إلى السماء ، ثم تنحونحو القبر وتقول :

السلام عليك يا أبا عبد الله ، السلام عليك يا بن رسول الله ، السلامعليك ورحمة الله وبركاته.

يكتب لك زورة ، والزورة حجة وعمرة ، قال سدير : ربما فعلتفي الشهر أكثر من عشرين مرة(١) .

__________________

أخرجه الكفعمي في مصباحه : ٤٩٩ ، البلد الأمين : ٢٨٠ ، عنهم البحار ١٠١ : ١٦٤ ، المستدرك١٠ : ٣٠٢.

(١) رواه ابن قولويه في الكامل : ٤٨١ ، باسناده عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ،عن أبيه ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، رفعه عن حنان بن سدير الصيرفي ، عنالصادقعليه‌السلام ، عنه البحار ١٠١ : ٣٦٧ ، وفي البحار : عن حنان عن سدير ، وهو تصحيفلا محالة.

٤٣٨

الباب (١٧)

ذكر ما يقول الزائر النائب عن غيره

اللهم ان فلان بن فلان قد أوفدني إلى مولاه ومولاي لأزور عنه ،رجاء لجزيل الثواب ، وفرارا من سوء الحساب ، اللهم انه يتوجه إليكبأوليائك الدالين عليك في غفرانك ذنوبه وحط سيئاته ، ويتوسل إليكبهم ، عند مشهد امامه صلوات الله عليه.

اللهم فتقبل منه واقبل شفاعة أوليائه صلوات الله عليهم فيه ،اللهم جازه على حسن نيته وصحيح عقيدته وصحة موالاته ، أحسن ماجازيت أحدا من عبيدك المؤمنين ، وادم له ما خولته ، واستعمله صالحافيما اتيته ، ولا تجعلني اخر وافد له يوفده ، اللهم أعتق رقبته من النار ،وأوسع عليه من رزقك الحلال الطيب ، واجعله من رفقاء محمد والمحمد ، وبارك له في ولده وماله وأهله وما ملكت يمينه.

اللهم صل على محمد وال محمد وحل بينه وبين معاصيك حتىلا يعصيك ، واعنه على طاعتك وطاعة أوليائك ، حتى لا تفقده حيث امرته ،ولا تراه حيث نهيته ، اللهم صل على محمد وال محمد واغفر له وارحمه ،واعف عنه وعن جميع المؤمنين والمؤمنات ، اللهم صل على محمد وال محمد وأعذه من هول المطلع ، ومن فزع يوم القيامة وسوء المنقلب ،ومن ظلمة القبر ووحشته ، ومن مواقف الخزي في الدنيا والآخرة.

٤٣٩

اللهم صل على محمد وال محمد واجعل جائزته في موقفي هذاغفرانك ، وتحفته في مقامي هذا عند امامي صلى الله عليه ان تقيلعثرته ، وتقبل معذرته ، وتتجاوز عن خطيئته ، وتجعل التقوى زاده ، وماعندك خيرا له في معاده ، وتحشره في زمرة محمد وال محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتغفر له ولوالديه ، فإنك خير مرغوب رغب إليه ، وأكرممسؤول اعتمد العباد عليه.

اللهم ولكل موفد جائزة ، ولكل زائر كرامة ، فاجعل جائزته فيموقفي هذا غفرانك والجنة ، لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات ، اللهموانا عبدك الخاطئ المذنب المقر بذنوبه ، فأسألك يا الله بحق محمدوال محمد ان لا تحرمني بعد ذلك الاجر والثواب من فضل عطائكوكرم تفضلك.

ثم ترفع يديك إلى السماء مستقبل القبلة عند المشهد وتقول :

يا مولاي يا امامي عبدك ـ فلان بن فلان ـ أوفدني زائرا لمشهدكمتقربا إلى اللهعزوجل بذلك والى رسوله واليك ، يرجو بذلك فكاكرقبته من النار ، فاغفر له ولجميع المؤمنين والمؤمنات ، يا الله يا الله ، ياالله يا الله ، يا الله يا الله ، لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العليالعظيم ، أسألك ان تصلي على محمد وال محمد وتستجيب لي فيه وفي جميع إخواني وولدي وأهلي ، بجودك وكرمك يا ارحم الراحمين(١) .

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ٦ : ١١٦ مقطوعا ، عنه البحار ١٠٢ : ٢٥٦.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702