المزار الكبير

المزار الكبير8%

المزار الكبير مؤلف:
المحقق: جواد القيّومي الإصفهاني
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: 702

المزار الكبير
  • البداية
  • السابق
  • 702 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187384 / تحميل: 6367
الحجم الحجم الحجم
المزار الكبير

المزار الكبير

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٩٢٠٠٢-٠-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

يكون من العسير تشخيصها ، إلّا المؤمنين المتوكّلين على الله والمشمولين برحمته وحمايته :( إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) (1) .

ولا بدّ من الانتباه إلى أنّ كلمة الشيطان تستبطن التمرّد والعناد والبعد عن كلّ خير وبركة. إلّا أنّ ذكر كلمة «مريد» (الفاقد لكلّ خير وسعادة) بعد كلمة الشيطان مباشرة ، هو تأكيد لتوضيح مصير من يتّبعه.

4 ـ تفسير عبارة( كُتِبَ عَلَيْهِ ) (2) .

واضح أنّ هذه العبارة تعني «الإلزام» ، سواء كانت في عالم الخلق أم في عالم التشريع. إلّا أنّه يجب أن لا نتصوّر أنّها تعني «الجبر» وأنّ الشياطين مجبورون على إضلال أتباعهم ليرسلوهم إلى دار البوار. بل إنّها نتيجة مؤكّدة لبرنامج اختاروه بمحض إرادتهم. فإبليس قائد الشياطين وكبيرهم خالف أمر الله وعنده بملء إرادته ، حتّى بلغت به الجرأة أن يعترض على ذات الله. فهو ضالّ ومضلّ وكذلك سائر الشياطين من الجنّ والإنس. وذلك كما نقول للمدمن على المخدرات : كتب على جبينه سوء الطالع والتعاسة ، فهل يعني ذلك جبرا؟!

* * *

__________________

(1) سورة الحجر ، 40.

(2) قال البعض : إنّ ضمير «عليه» يعود إلى الشيطان ، وقال آخرون : إنّه يعود إلى اتّباع الشيطان. كما يستنتج ذلك من عبارة «ومن الناس» أيضا ، إلّا أنّ ظاهره يؤكّد أنّه يعود إلى الشيطان ، لا سيّما وأنّ الضمير المتّصل بـ «من تولّاه» يعود إلى الشيطان أيضا.

٢٨١

الآيات

( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7) )

التّفسير

دليل المعاد في عالم الأجنّة والنّبات :

بما أنّ البحث في الآيات السابقة كان يدور حول تشكيك المخالفين للمبدأ والمعاد ، فالآيات محل البحث طرحت دليلين منطقيين قويّين لإثبات المعاد

٢٨٢

الجسماني : أحدهما التغيّرات التي تحدث في مراحل تكوين الجنين ، والآخر هو التغيّرات التي تحدث في الأرض عند خروج النبات.

والقرآن شرح صورا للمعاد ممّا يلمسه الناس في هذه الدنيا ، ويرونه بامّ أعينهم ، إلّا أنّهم لم ينتبهوا لذلك ، ليعلموا أنّ الحياة بعد الموت ليست ضربا من الخيال ، بل هي حادثة فعلا مشهودة للعيان ، والخطاب القرآني يعمّ جميع الناس بنوره( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) (1) كلّ ذلك من أجل أن نوضّح لكم حقيقة قدرتنا على القيام بأي عمل( لِنُبَيِّنَلَكُمْ ) .

فتبقى الأجنّة في الأرحام إلى مدّة معلومة نحن نحدّدها لتمرّ بمراحل تكاملها. ونسقط ما نريد منها فنخرجها من الأرحام في وسط الطريق قبل أن تكمل( وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ) ثمّ تبدأ الأجنّة مرحلة تطوّر جديدة. لنخرجكم أطفالا من أرحام أمّهاتكم.

( ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ) وبهذا تنتهي مرحلة حياتكم المحدّدة في بطون أمّهاتكم.

فتضعون أقدامكم في محيط أوسع مملوء بالنور والصفاء ، وإمكانات واسعة جدّا ، إلّا أنّ تكاملكم يستمرّ في قطع المسافات بسرعة لتبلغوا الهدف ، ألا وهو الرّشد والكمال الجسمي والعقلي.( ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ) .

وهنا يتبدّل الجهل إلى علم ، والضعف إلى قوّة ، والتبعيّة إلى الاستقلال ، لكن مسيرة حياتكم تطوى وتستمر فبعضكم يودّع الحياة بينما يستمرّ آخرون حتّى المرحلة الأخيرة من الحياة ، أي مرحلة الشيخوخة بعد تكاملهم :( وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ) .

أجل ، فالمرء يصل إلى مرحلة لا يتذكّر فيها شيئا ، حيث يسيطر عليه النسيان ،

__________________

(1) «المضغة» مشتقة من «المضغ» وتعني مقدارا من اللحم يمكن للإنسان مضغه في لقمة واحدة. وهذا تشبيه رائع للجنين في المرحلة التي تعقب مرحلة العلقة.

٢٨٣

ويصبح في وضع وكأنّه طفل( لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً ) وهذا الضعف والخمول دليل على بلوغ المرء مرحلة انتقالية جديدة كما نجد ضعف التحام الثمرة بالشجرة حين تبلغ مرحلة النضج ممّا يدلّ على وصولها إلى مرحلة الانفصال.

وهذه التغيّرات المدهشة المتلاحقة التي تتحدّث عن قدرة الله تعالى غير المحدودة ، توضّح أنّ إحياء الموتى يسير على الله جلّت عظمته. وهناك بحوث تعرض لمراحل الحياة المختلفة هذه ، سنذكرها في الملاحظات القادمة.

ثمّ تتناول الآية بيان الدليل الثّاني أي حياة النباتات ، فتبيّن ما يلي : تنظر إلى الأرض في فصل الشتاء فتجدها جافّة وميتة ، فإذا سقط المطر وحلّ الربيع ، دبّت الحياة والحركة فيها ونبتت أنواع النباتات فيها ونمت( وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) (1) .

الآيتان اللاحقتان تشرحان ما توصّلنا إليه ، وذلك باستعراض خمس

* * *

ملاحظات

1 ـ إنّ ما استعرضته الآيات الخاصّة بالمراحل التي تسبق مراحل الحياة للإنسان وعالم النبات ، من أجل أن تعلموا أنّ الله تعالى حقّ( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ ) وبما أنّه هو الحقّ ، فالنظام الذي خلقه حقّ أيضا ، لهذا لا يمكن أن يكون

__________________

«الهامدة» تعني في الأصل النّار التي أطفئت ، ويطلق على الأرض التي جفّت نباتاتها وأصبحت دون حركة «مفردات الراغب الاصفهاني» والبعض الآخر قال : إنّ كلمة «هامدة» تطلق على الحدّ الفاصل بين الموت والحياة (تفسير في ظلال القرآن).

«اهتزّت» مشقّة من «الهزّ» وتعني تحرّكت بشدّة.

«ربت» مشقّة من «الربو». وتعني الزيادة والنمو ، كما أنّ كلمة «ربا» مشتقّة أيضا من «الربو».

«بهيج» تعني الجميل السّاحر السارّ.

٢٨٤

هذا الخلق دون هدف ، كما يذكر القرآن الكريم هذا المعنى في مورد آخر :( وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ) (1) .

وبما أنّ هذه الحياة ليست عبثا ، وأنّ لها هدفا ، وأنّنا لا نصل إلى تحقيق ذلك الهدف في حياتنا ، إذن نعلم من ذلك وجود المعاد والبعث حتما.

2 ـ إنّ هذا النظام الذي يسيطر على عالم الحياة يقول لنا( وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى ) .

إنّ الذي يلبس الأرض لباس الحياة ، ويغيّر النطفة التافهة إلى إنسان كامل ، ويمنح الحياة للأرض الميتة ، لقادر على أن يمنح الحياة للموتى ، فهل يمكن التردّد في قبول فكرة المعاد مع وجود كلّ هذه التشكيلات الحيّة الدائمة للخالق جلّ وعلا في هذا العالم(2) ؟

3 ـ الهدف الآخر هو أن نعلم( وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ولا يستحيل على قدرته شيء.

هل يمكن لأحد تحويل الأرض الميتة إلى نطفة؟ ويطوّر هذه النطفة التافهة في مراحل الحياة؟ ويلبسها كلّ يوم لباسا جديدا من الحياة! ويجعل الأرض الجافّة العديمة الروح خضراء زاهية تعلوها بهجة الحياة؟! أليس القادر على القيام بهذه الأعمال بقادر على أن يحيي الإنسان بعد موته؟!

4 ـ إنّ كلّ هذا لتعلموا أنّ ساعة نهاية هذا العالم وبداية عالم آخر ، ستحلّ بلا شكّ فيها( وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها ) .

5 ـ ثمّ إنّ كلّ هذا مقدّمة لنتيجة أخيرة هي( وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) .

__________________

(1) سورة ص ، 27.

(2) يرى بعض المفسّرين في عبارة( أَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى ) إشارة إلى حياة الناس في القيامة. مع أنّ هذا المعنى تضمّنته عبارة( وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) أيضا ، مع فارق هو أنّ العبارة الأولى إشارة إلى أصل الحياة ، والثّانية إشارة إلى كيفية إحياء الموتى.

إلّا أنّ التّفسير الآخر الذي استندنا إليه بصورة أكثر ، هو أنّ عبارة ( أَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى ) إشارة إلى منح الله الحياة بشكل مستمر في هذه الدنيا ، ليكون دليلا على إمكان تحقّق ذلك يوم البعث.

٢٨٥

وهذه النتائج الخمس بعضها مقدّمة ، وبعضها ذو المقدّمة ، البعض منها إشارة إلى الإمكان ، والآخر إشارة إلى الوقوع ، ومترتّبة بعضها على بعض وكلّ يكمل صاحبه ، وجميعها ينتهي إلى نقطة واحدة ، هي أنّ البعث ليس ممكن فحسب ، بل إنّه سيقع حتما.

فالذين يشكّون في إمكان الحياة بعد الموت يشاهدون الصور المشابهة لها في حياة البشر والنباتات بامّ أعينهم. وهي تتكرّر كلّ يوم وكلّ عام.

وإذا شكّوا في قدرة الله فإنّ قدرة الله جعلتهم يشاهدون أمثلة بارزة لها بأعينهم. ألم يخلق الإنسان من تراب؟ ألا نشاهد كلّ عام احياء الأرض الميتة؟

فهل عجيب أمر حياة الأموات ثانية ونهوضهم من تراب؟

وإن شكّوا في وقوع مثل هذه الأمور ، فعليهم أن يعلموا أنّ النظام المسيطر على الخلق في العالم يدلّ على وجود هدف له ، وإلّا فإنّه باطل تافه ، والحياة القصيرة المملوءة بالآلام وخيبة الآمال غير جديرة بأن تكون هي الهدف الأخير لعالم الخلق.

وعلى هذا يجب أن يكون هناك عالم آخر ، وسيع ، خالد ، جدير بأن يعدّ هدفها للخلق.

* * *

بحوث

1 ـ مراحل حياة الإنسان السبع

الآيات السابقة شرحت حركة الإنسان في مسيرة ذات مراحل سبع ، لتبيّن البعث وتثبت إمكانه :

المرحلة الأولى : عند ما كان الإنسان ترابا ، وقد يراد به التراب الذي خلق منه آدمعليه‌السلام . كما قد يكون إشارة إلى أنّ جميع البشر ـ من تراب ، لأنّ جميع المواد

٢٨٦

الغذائية التي تكوّن النطفة وغذاءها ـ من بعد ـ من تراب. ولا شكّ في أنّ الماء يشكّل جزءا ملحوظا من جسم الإنسان ، والجزء الآخر من الأوكسجين والكاربون ، وليس من التراب ، إلّا أنّ العنصر الأساس الذي تتشكّل منه أعضاء الجسم مصدره التراب. إذن عبارة خلق الإنسان من تراب صحيحة حتما.

المرحلة الثّانية : (النطفة) : يتحوّل التراب ، هذا الموجود البسيط المهمل العديم الحسّ والحركة ، يتحوّل إلى نطفة تتألّف من أحياء مجهولة مثيرة تسمّى عند الرجل «أسپر» أو الحيمن وعند المرأة «أوول» أو البويضة وهي غاية في الصغر حتّى أنّها تبلغ الملايين في نطفة الرجل!

والمثير أنّ الإنسان يواصل عقب ولادته حركة تدريجيّة هادئة ، تأخذ في الغالب شكل «التكامل الكمّي» في الوقت الذي كانت حركته في الرحم «كيفيّة» ترافقها طفرات سريعة مغيّرة. والتغيّرات المتعاقبة للجنين في الرحم مدهشة إلى درجة يمكن تشبيهها بحشرة صغيرة بسيطة تتطوّر بعد أشهر قليلة إلى طائرة نفّاثة!

وقد تطوّرت وتوسّعت الدراسات عن «علم الأجنة» اليوم بحيث تمكّن علماؤه من دراسة الجنين في مراحله المختلفة ، وكشفوا عن أسرار هذه الظاهرة العجيبة في عالم الوجود. وعرضوا النتائج الباهرة التي توصّلوا إليها في دراساتهم عن الجنين.

وفي المرحلة الثّالثة يصبح الجنين علقة ، وتكون خلاياه كحبّات التوت ، بشكل قطعة دم خاثر متلاصقة ، يطلق عليها علميّا «مورولا». وبعد مضي مدّة قصيرة تظهر أخاديد التقسيم الصغيرة كبداية لتقسيم أجزاء الجنين ، ويطلق على الجنين في هذه المرحلة اسم «لاستولا».

وفي المرحلة الرّابعة يتّخذ الجنين شكل قطعة لحم ممضوغ ، دون أن تتّضح معالم الأعضاء فيه ، وفجأة تحدث تغييرات في قشرة «الجنين» وتتّخذ شكلا يلائم العمل المطلوب منه القيام به ، فتظهر أعضاء الجسم تدريجيّا ، ويسقط كلّ جنين

٢٨٧

لا يمكنه المرور بهذه المرحلة ، ويمكن أن تكون عبارة( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) إشارة إلى هذه المرحلة ، أي أنّ الجنين يكون «كامل الخلقة» أو «ناقص الخلقة».

ومن المثير أنّ القرآن المجيد ذكر عبارة( لِنُبَيِّنَ لَكُمْ ) بعد ذكر هذه المراحل الأربع ، مؤكّدا أنّ هذه التغييرات السريعة المدهشة التي تغيّر قطرة ماء صغيرة إلى إنسان كامل ، لدليل واضح على أنّ الله قادر على كلّ شيء.

ثمّ أشار القرآن الكريم إلى مرحلة الجنين الخامسة والسّادسة والسّابعة ، التي تلي الولادة أي «الطفولة» و «البلوغ» و «الشّيخوخة»(1) .

والجدير بالذكر أنّ ولادة الإنسان ـ من التراب ـ كائنا حيّا ، قفزة كبيرة ، ومراحل الجنين المختلفة قفزات متعاقبة ، وولادة الإنسان من بطن أمّه قفزة مهمّة جدّا ، وهكذا البلوغ والشيخوخة.

وتعبير القرآن عن يوم القيامة بالبعث ، قد يكون إشارة إلى مفهوم القفزة ذاتها التي تحدث يوم البعث أيضا. وما أجدرنا بالانتباه إلى أنّ القرآن تحدّث عن مراحل تكوّن الجنين قبل أن يظهر علم الأجنّة ، وحديثه عنها في ذلك الزمن دليل حيّ على أنّ هذا الكتاب العظيم إنّما هو وحي يوحى من قدرة قادرة هي التي أبدعت الطبيعة وما وراءها.

2 ـ المعاد الجسماني

ممّا لا شكّ فيه أنّ القرآن الكريم أينما تحدث عن البعث قصد بعث الإنسان جسما وروحا في العالم الأخروي ، والذين حصروا البعث في الروح وقالوا ببقائها هي وحدها لم يفقهوا آيات القرآن قطّ.

__________________

(1) الذي يثير الانتباه أنّ تعبير القرآن( ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ) عن ولادة الإنسان لم يرد بصيغة الجمع (أطفال) وفقا للقاعدة ، إلّا أنّ هذا التعبير (طفلا) يمكن أن يكون مصدرا يتساوى فيه المفرد والجمع ، أو أن يكون الهدف بيان النوع. وليس خصائص الأطفال ، فالفروق بين البشر في هذه المرحلة مخفية تبرز في المراحل اللاحقة.

٢٨٨

فهذه الآيات المباركة كالآية السابقة تصرّح بالمعاد الجسماني. وإلّا فما هو وجه التشابه بين المعاد الروحي ، ومراحل الجنين وإحياء الأرض الموات بنمو النباتات؟ ويؤكّد ذلك ختام الآيات التي نحن بصددها إذ تقول :( وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) والقبر موضع جسم الإنسان وليس روحه.

وأساسا فانّ تعجّب المشركين إنّما هو من البعث الجسماني ، فهم يقولون : كيف يمكن للإنسان أن يعود للحياة ثانية بعد ما صار ترابا؟ وبقاء الروح لم يكن شيئا عجبا ، لأنّه كان موضع قبول ورضى الأقوام الجاهلية.

3 ـ ما هو «أرذل العمر»؟

«الأرذل» مشتقّة من «رذل» أي المنحطّ وغير المرغوب فيه. ويقصد بـ «أرذل العمر» تلك المرحلة من عمر الإنسان التي هي أكثر انحطاطا وغير مرغوب فيها لما يفقده فيها الإنسان من القوّة والذاكرة ، ولما يغلبه فيها من الضعف والانفعال ، حتّى تراه يغتاظ من أدنى شيء ، ويرضى ويفرح لا يسر شيء ، ويفقد سعة صدره وصبره ، وربّما قام بحركات طفولية. مع فارق بينه وبين الطفل وهو أنّ الناس لا يتوقّعون منه ذلك ، لأنّه ليس طفلا ، مضافا إلى أنّ الطفل يؤمل في أن يكبر وينضج جسديّا ونفسيّا وتزول عنه هذه الحركات الصبيانية ، لهذا يتركوا أحرارا في ممارستها ، وليس كذلك في الفرد المسنّ ، أي أنّ الطفل ليس لديه شيء ليفقده ، ولكن المسنّ يفقد رأس مال حياته بذلك. وعلى هذا فإنّ وضع الشيوخ المعمّرين يثير الشفقة والأسى عند مقارنته بوضع الأطفال.

وجاء في بعض الأحاديث أنّ أرذل العمر هو الذي يبلغ مائة عام وأكثر(1) وقد تعني هذه العبارة نوع الأشخاص ، وإلّا فهناك من يبلغ هذه الحالة وسنّهم أقل من

__________________

(1) تفسير نور الثقلين ، المجلّد الثّالث ، الصفحة 472.

٢٨٩

مائة عام. كما أنّ هناك أشخاصا تجاوزت أعمارهم مائة عام وهم بكامل وعيهم وذكائهم. وتندر مشاهدة من يصابون بهذه الحالة بين العلماء الذين شغلتهم المعارف والبحوث.

وما أولانا بدعاء الله تعالى أن يحفظنا من هذه الحالة! وما أجدرنا أن ننهي غرورنا وغفلتنا بمجرد الفكر بهذه العاقبة! علينا أن نفكّر ماذا كنّا وعلى ماذا أصبحنا وماذا سنكون؟

* * *

٢٩٠

الآيات

( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (8) ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ (9) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (10) )

التّفسير

الجدال بالباطل مرّة أخرى :

تتحدّث هذه الآيات أيضا عمّن يجادلون في المبدأ والمعاد جدالا خاويا لا أساس له ، في البداية يقول القرآن المجيد :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ ) .

وعبارة( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) هي ذاتها التي ذكرت في آية سابقة ، وإعادتها تبيّن لنا أنّ العبارة الأولى إشارة إلى مجموعة من الناس ، والثّانية إلى مجموعة أخرى. وبعض المفسّرين يرى أنّ الفرق بين هاتين المجموعتين من الناس هو أنّ الآية السابقة الذكر دالّة على وضع الأتباع الضالّين الغافلين ، في

٢٩١

وقت تكون فيه هذه الآية دالّة على قادة هذه المجموعة الضالّة(1) .

وعبارة( لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ) تبيّن هدف هذه المجموعة ، ألّا وهو تضليل الآخرين ، وهذا دليل واضح على الفرق بينهما ، مثلما توضّح هذا المعنى عبارة( يَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ ) في الآيات السابقة التي تتحدّث عن اتّباع الشياطين.

ولكن ما الفرق بين «العلم» و «الهدى» و «الكتاب المنير»؟

للمفسّرين آراء في هذا المجال أقربها إلى العقل هو أنّ «العلم» إشارة إلى الاستدلال العقلي. و «الهدى» إشارة إلى إرشاد القادة الرّبانيين. و «الكتاب المنير» إشارة إلى الكتب السماويّة ، أي أنّها تعني الأدلّة الثلاثة المعروفة «الكتاب» و «السنّة» و «الدليل العقلي». وأمّا الإجماع فإنّه يعود إلى السنّة طبقا لدراسات العلماء ، وقد جمعت هذه الأدلّة الأربعة في هذه العبارة أيضا.

ويحتمل بعض المفسّرين أنّ «الهدى» إشارة إلى الإرشادات المعنوية التي يكتسبها الإنسان في ظلّ بناء الذات وتهذيب النفس وتقواه. «وبالطبع يمكن ضمّ هذا المعنى إلى ما تقدّم آنفا».

ويمكن أن يكون الجدال العلمي مثمرا إذا استند إلى أحد الأدلّة : العقل ، أو الكتاب ، أو السنّة.

ثمّ يتطرّق القرآن المجيد في جملة قصيرة عميقة المعنى إلى أحد أسباب ضلال هؤلاء القادة ، فيقول :( ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) إنّهم يريدون أن يضلّوا الناس عن سبيل الله بغرورهم وعدم اهتمامهم بكلام الله وبالأدلّة العقليّة الواضحة.

«ثاني» مشتقّة من «ثني» بمعنى التواء و «عطف» تعني «جانب» فالجملة تعني ثني الجانب ، أي الإعراض عن الشيء وعدم الاهتمام به.

__________________

(1) تفسير الميزان ، والتّفسير الكبير للفخر الرازي ، في تفسير الآيات موضع البحث.

٢٩٢

ويمكن أن تكون عبارة «ليضلّ» هدف هذا الإعراض ، أي إنّهم (قادة الضلال) يستخفّون بآيات الله والهداية الإلهيّة لتضليل الناس. ويمكن أن تكون نتيجة لذلك. أي أنّ محصّلة الإعراض وعدم الاهتمام هو صدّ الناس عن سبيل الحقّ. ويعقب القرآن ذلك ببيان عقابهم الشديد في الدنيا والآخرة بهذه الصورة :( لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ ) .

ونقول له :( ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ ) و( أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ) لا يعاقب الله أحدا بلا ذنب ، ولا يضاعف عقاب أحد دون سبب ، فهو العدل المطلق سبحانه(1) .

وهذه الآية من الآيات التي تنفي مذهب الجبريّة ، وتثبت مبدأ العدالة في أفعال الله تعالى. (للمزيد من التفصيل راجع تفسير الآية (182) من سورة آل عمران).

* * *

__________________

(1) «ظلّام» صيغة مبالغة تعني كثير الظلم. وطبيعي أنّ الله لا يظلم أبدا لا كثيرا ولا قليلا ، ويمكن أن يكون استخدام هذا التعبير هنا إشارة إلى أنّ العقاب دون مبرّر من قبل الله تعالى ـ جلّ عن ذلك وعلا علوّا كبيرا ـ مصداق ظلم كبير.

٢٩٣

الآيات

( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (11) يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (12) يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13) إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (14) )

التّفسير

الواقف على حافّة وادي الكفر

تحدّثت الآيات السابقة عن مجموعتين : الأتباع الضالّين ، والقادة المضلّين.

أمّا هذه الآيات ، فتتحدّث عن مجموعة ثالثة هم ضعاف الإيمان. قال القرآن المجيد عن هذه المجموعة :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ ) أي إنّ بعض الناس يعبد الله بلقلقة لسان ، وإنّ إيمانه ضعيف جدّا. ولم يدخل الإيمان إلى قلبه.

٢٩٤

وعبارة «على حرف» ربّما تكون إشارة إلى أنّ إيمانهم باللسان فقط ، وأنّ قلوبهم لم تر بصيصا من نوره إلّا قليلا ، وقد تكون إشارة إلى أنّ هذه المجموعة تحيا على هامش الإيمان والإسلام وليس في عمقه ، فأحد معاني «الحرف» هو حافّة الجبل والأشياء الاخرى. والذي يقف على الحافّة لا يمكنه أن يستقرّ. فهو قلق في موقفه هذا ، يمكن أن يقع بهزّة خفيفة ، وهكذا ضعاف الإيمان الذين يفقدون إيمانهم بأدنى سبب.

ثمّ تناول القرآن الكريم عدم ثبات الإيمان لدى هؤلاء الأشخاص( فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ ) (1) إنّهم يطمئنون إذا ضحكت لهم الدنيا وغمرتهم بخيراتها! ويعتبرون ذلك دليلا على أحقّية الإسلام.

إلّا أنّهم يتغيّرون ويتّجهون إلى الكفر إن امتحنوا بالمشاكل والقلق والفقر ، فالدين والإيمان لديهم وسيلة للحصول على ما يبتغون في هذه الدنيا ، فإن تمّ ما يبغونه كان الدين حقّا ، وإلّا فلا.

وذكر «ابن عبّاس» ومفسّرون قدماء سبب نزول هذه الآية : «أنّها نزلت في أعراب كانوا يقدمون على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمدينة مهاجرين من باديتهم ، فكان أحدهم إذا صحّ بها جسمه ونتجت فرسه مهرا حسنا. وولدت امرأته غلاما وكثر ماله وماشيته ، رضي به واطمأنّ إليه ، وإن أصابه وجع وولدت امرأته أنثى أو أجهضت فرسه أو ذهب ماله أو تأخّرت عنه الصدقة ، أتاه الشيطان وقال له : ما جاءتك هذه الشور إلّا بسبب هذا الدين. فينقلب عن دينه»(2) .

وممّا يلفت النظر أنّ القرآن الكريم يعبّر عن إقبال الدنيا على هؤلاء الأشخاص بالخير. وعن إدبارها بالفتنة (وسيلة الامتحان) ولم يطلق عليها كلمة

__________________

(1) كلمة «انقلب» في جملة «انقلب على وجهه» تعني التراجع. ويمكن أن تكون إشارة إلى ترك الإيمان تماما ، حتّى إنّه لا يعود إليه. فهو غريب عن الإيمان دوما.

(2) تفسير الفخر الرازي ، المجلّد الثّالث والعشرون ، ص 13 ، وتفسير القرطبي ، المجلّد السادس ، ص 4409.

٢٩٥

الشّر ، إشارة إلى أنّ هذه الأحداث غير المرتقبة ليست شرّا ولا سوءا وإنّما هي وسيلة للامتحان.

ويضيف القرآن المجيد في الختام ـ( خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ) و( ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ ) مؤكّدا أنّ أفدح الضرر وأفظع الخسران ، هو أن يفقد الإنسان دينه ودنياه. وهؤلاء الأشخاص الذين يقيسون الحقّ بإقبال الدنيا عليهم ينظرون إلى الدين وفق مصالحهم الخاصّة ، وهذه الفئة موجودة بكثرة في كلّ مجتمع ، وإيمانها مزيج بالشرك وعبادة الأصنام ، إلّا أنّ أصنامهم هي وأزواجهم وأبناؤهم وأموالهم ومواشيهم ، ومثل هذا الإيمان أضعف من بيت العنكبوت!

وهناك مفسّرون يرون أنّ هذه الآية تشير إلى المنافقين ، لكن إذا اعتبرنا أنّ المنافق هو من لا يملك ذرّة من الإيمان ، فإنّ ذلك يخالف ظاهر هذه الآية ، فعبارة «يعبد الله» و «اطمأنّ به» و «انقلب على وجهه» تبيّن أنّه ذو إيمان ضعيف قبل هذا.

أمّا إذا قصد بالمنافق من يملك قليلا من الإيمان ، فلا يعارض ما قلناه ، ويمكن قبوله.

وتشير الآية التالية إلى إعتقاد هذه الفئة الخليط بالشرك ، خاصة بعد الانحراف عن صراط التوحيد والإيمان بالله ، فتقول :( يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ) أي إذا كان هذا الإنسان يسعى إلى تحقيق مصالحه الماديّة والابتعاد عن الخسائر ويرى صحّة الدين في إقبال الدنيا عليه ، وبطلانه في إدبارها عنه. فلما ذا يتوجّه إلى أصنام لا يؤمّل منها خير ، ولا يخاف منها ضرر.

فهي أشياء لا فائدة فيها ، ولا أثر لها في مصير البشر؟! أجل( ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ ) . إنّ هؤلاء ليبتعدون عن الصراط المستقيم بعدا حتّى لا ترجى عودتهم إلى الحقّ إلّا رجاء ضعيفا جدّا.

ويوسّع القرآن الكريم هذا المعنى فيقول :( يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ ) .

لأنّ هذا المعبود المختلق ينزل بفكرهم إلى الحضيض في هذه الدنيا ، ويدفعهم

٢٩٦

نحو الخرافات والجهل ، ويدعهم في الآخرة في نار جهنّم ، بل هم كما تقول الآية 98 من سورة الأنبياء :( إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ) .

وتضيف الآية في الختام( لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) فما أسوأه ناصرا ومعينا ، وما أسوأه مؤنسا ومعاشرا.

وهنا يثار سؤال ، فالآية السابقة تنفي كلّ فائدة ونفع من هذه الأصنام وكلّ ضرر ، وهذه الآية تقول إنّ ضررها أقرب من نفعها! فكيف ينسجم الحكمان؟

في الجواب عن ذلك نقول : إنّ ذلك أمر اعتيادي في المخاطبة ، ففي مرحلة لا يعتبرون لشيء فائدة وتأثير يذكر ثمّ يترقّى إلى الحال في مرحلة أخرى فيعدّونه مصدر الضرر. كأن نقول : لا تصادق فلانا ، فلا نفع فيه لدينك ولا لدنياك.

وبعدها نتقدّم فنقول إنّما هو : (أي هذا الصديق) سبب لتعاستك وافتضاحك. وهنا تجد إضافة إلى كون الأصنام لا ضرر فيها لأعداء المشركين ، لأنّها غير قادرة على الإضرار بأعدائهم كما يتوقّعون منها ، ولكنّها تتضمّن ضررا حتميّا لأتباعها.

كما أنّ صيغة «أفعل التفضيل» في كلمة «أقرب» كما قلنا سابقا : تعني عدم اتّصاف طرفي المقارنة بصفة معينّة. وقد يكون الطرف الأضعف فاقدا لأيّة صفة ، كأن نقول : ساعة صبر عن الذنب خير من نار جهنّم (وليس معنى ذلك أنّ نار جهنّم فيها خير ، إلّا أنّ الصبر أفضل منها ،).

وقد اختار هذا الرأي عدد من كبار المفسّرين كالشيخ الطوسي في «التبيان» والطبرسي في «مجمع البيان».

واحتمل البعض كالفخر الرازي في تفسير الآية بأنّ كلّ واحدة من هاتين الآيتين إشارة إلى مجموعة من الأصنام ، فالآية الأولى تخصّ الأصنام الحجرية والخشبية ، وأمّا الآية الثّانية فتخصّ الطواغيت والبشر المتعالين أشباه الأصنام.

فالمجموعة الأولى لا تضرّ ولا تنفع ، بل هي بالتأكيد خالية من أيّة صفة. أمّا المجموعة الثّانية «أئمّة الضلال» فإنّهم يضرّون ولا ينفعون. وإذا كان فيهم خير

٢٩٧

قليل فضرّهم كبير جدّا ، وعبارة( لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) تؤكّد ذلك ، وعليه فلا تناقض بين الآيتين(1) .

وختام الآية المباركة نلحظ مقارنة بين الخير والشرّ كما هو دأب القرآن الكريم لتتّضح النتائج بشكل أكبر ، فتقول الآية :( إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ) . فعاقبتهم معلومة ومنهج تفكير هم وسلوكهم واضح فمولاهم هو الله تعالى ، ورفاقهم وجلساؤهم في الآخرة هم الأنبياء والصالحون والملائكة ، وأنّ الله سبحانه يثيب المؤمنين العاملين للصالحات ، جنّات تجري من تحتها الأنهار ، لينعموا بالسعادة والسرور جزاء استقامتهم على الحقّ واستجابتهم له في الحياة الدنيا( إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ ) .

وثوابهم يسير عليه ـ جلّ وعلا ـ يسر عقاب الذين ظلموا أنفسهم بإيثار الباطل على الحقّ ، وبعبادتهم الأصنام من دون الله سبحانه.

وفي هذه المقارنة نلاحظ طائفة من الناس لم يؤمنوا إلّا بلسانهم ، فهم على جانب من الدين وينحرفون بأدنى وسوسة ، وليس لهم عمل صالح ، أمّا المؤمنون الحقيقيّون فإيمانهم راسخ ولا تزعزعه العواطف ومثمر هذا من جهة ومن جهة أخرى فلئن كان مولى الخاسرين لا ينفع ولا يضرّ ، فإنّ مولى الصالحين على كلّ شيء قدير. ولئن خسر الظالمون كلّ شيء ، فقد ربح المهتدون خير الدنيا وسعادة الآخرة.

* * *

__________________

(1) بعض المفسّرين الأفاضل كمفسّر الميزان فسّر عبارة «يدعو» بمعنى «يقول» إلّا أنّ ذلك لا يطابق ظاهر الآية.

٢٩٨

الآيات

( مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ (15) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (16) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17) )

سبب النّزول

روى بعض المفسّرين حول سبب نزول الآية الأولى من هذه الآيات ، أنّها نزلت في نفر من أسد وغطفان قالوا : نخاف أنّ الله لا ينصر محمّدا ، فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من اليهود فلا يميروننا. فحذّرتهم هذه الآية ووبّختهم بشدّة.

وقال آخرون : إنّها نزلت في قوم من المسلمين لشدّة غيظهم وحنقهم على المشركين ، يستبطئون ما وعد الله رسوله من النصر ، فنزلت هذه الآية(1) تلومهم

__________________

(1) أبو الفتوح الرازي ، وكذلك الفخر الرازي في تفسير هما الآيات موضع البحث.

٢٩٩

على عدم صبرهم.

التّفسير

البعث نهاية جميع الخلافات :

بما أنّ الآيات السابقة كانت تتحدّث عن ضعفاء الإيمان ، فإنّ الآيات مورد البحث ترسم لنا صورة أخرى عن هؤلاء فتقول :( مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ ) .

أي من يظنّ أنّ الله لا ينصر نبيّه في الدنيا والآخرة ، وهو غارق في غضبه ، فليعمل ما يشاء ، وليشدّ هذا الشخص حبلا من سقف منزله ويعلّق نفسه حتّى ينقطع نفسه ويبلغ حافّة الموت ، فهل ينتهي غضبه؟!

لقد اختار هذا التّفسير عدد كبير من المفسّرين ، أو ذكروه كاحتمال يستحقّ الاهتمام به(1) .

الضمير في قوله سبحانه :( لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ ) بحسب هذا التّفسير يعود إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و «السّماء» تعني سقف المنزل (لأنّ كلّ شيء فوقنا يطلق عليه سماء). أمّا عبارة «ليقطع» فتعني قطع النفس والوصول إلى حافّة الموت.

واحتمل البعض احتمالات أخرى في تفسير هذه الآية لا حاجة لذكرها ، ما عدا تفسيرين منها يستحقّان الاهتمام ، وهما :

1 ـ إنّ السّماء يقصد بها السّماء الحقيقيّة ، وبناء على هذا الرأي : فإنّ الأشخاص الذين يظنّون أنّ الله لا ينصر نبيّه ، ليذهبوا إلى السّماء وليشدّوا بها حبلا ويعلّقوا أنفسهم بينها وبين الأرض حتّى تنقطع أنفسهم. (أو يقطعوا الحبل الذي تعلّقوا به كي يسقطوا) ولينظروا إلى أنفسهم هل انتهى غضبهم؟!

__________________

(1) تراجع تفاسير «مجمع البيان» و «التبيان» و «الميزان» و «الفخر الرازي» و «أبو الفتوح الرازي» و «تفسير الصافي» و «القرطبي» في تفسير الآية التي يدور حولها البحث.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

أبرضوى أو غيرها من ذي طوى(١) عزيز علي(٢) ان أرى الخلق وأنتلا ترى ، ولا اسمع لك حسيسا(٣) ولا نجوى ، عزيز علي ان تحيط بكدوني البلوى ، ولا ينالك مني ضجيج ولا شكوى.

بنفسي أنت من مغيب لم يخل منا ، بنفسي أنت من نازح ما نزح(٤) عنا ، بنفسي أنت أمنية شائق يتمنى ، من مؤمن ومؤمنة ذكرا فحنا(٥) ،بنفسي أنت من عقيد عز لا يسامى(٦) ، بنفسي أنت من أثيل(٧) مجدلا يجازى(٨) ، بنفسي أنت من تلاد(٩) نعم لا تضاهي(١٠) ، بنفسي أنت مننصيف(١١) شرف لا يساوى.

إلى متى أحار فيك يا مولاي ، والى متى ، وأي خطاب أصف فيك

__________________

(١) رضوي ـ كسكرى ـ جبل بالمدينة ، يروى انهعليه‌السلام قد يكون هناك ، وطوى ـ بالضموالكسر وقد ينون ـ واد بالشام ، وذو طوى مثلثة الطاء وقد ينون أيضا موضع قرب مكة.

(٢) عز علي ان تفعل كذا : اشتد وصعب.

(٣) الحسيس : الصوت الخفي.

(٤) نزح : بعد.

(٥) تحنى عليه : تحنن وتعطف.

(٦) سامى : فاخر.

(٧) أثل : تأصل في الشرف.

(٨) يحازى ، يحاذي ( خ ل ).

(٩) تلد بالمكان : أقام.

(١٠) ضاهى : شاكل وشابه.

(١١) نصفه : عمه.

٥٨١

وأي نجوى ، عزيز علي ان أجاب دونك وأناغى(١) عزيز علي ان أبكيك ويخذلك الورى(٢) ، عزيز علي ان يجري عليك دونهم ما جرى.

هل من معين فأطيل معه العويل والبكاء ، هل من جزوع فأساعدجزعه إذا خلا ، هل قذيت(٣) عين فساعدتها عيني على القذى ، هل إليكيا بن احمد سبيل فتلقى ، هل يتصل يومنا منك بغده فنحظى.

متى نرد مناهلك الروية فنروي(٤) ، متى ننتقع(٥) من عذب مائك فقدطال الصدى ،(٦) متى نغاديك ونراوحك(٧) فتقر عيوننا(٨) ، متى ترانا ونراك وقد نشرت لواء النصر ترى.

أترانا نحف بك وأنت تؤم الملأ ، وقد ملأت الأرض عدلا ، وأذقتأعدائك هوانا وعقابا ، وأبرت العتاة وجحدة الحق ، وقطعت دابرالمتكبرين ، واجتثثت(٩) أصول الظالمين ، ونحن نقول الحمد لله ربالعالمين.

__________________

(١) نغى إليه : تكلم بكلام يفهم.

(٢) الورى : الخلق.

(٣) قذى عينه : قذفت بالغمص والرمص.

(٤) روي من الماء : شرب وشبع.

(٥) ننتفع ( خ ل ) ، نقع بالشراب : اشتفى منه.

(٦) الصدى : العطش الشديد.

(٧) الغداة : البكرة أو ما بين الفجر وطلوع الشمس ، الرواح : العشي أو من الزوال إلى الليل.

(٨) فنقر منها عينا ( خ ل ).

(٩) الابارة : الاهلاك ، جث : قلعه من أصله.

٥٨٢

اللهم أنت كشاف الكرب والبلوى ، واليك استعدي فعندكالعدوي ، وأنت رب الآخرة والأولى.

فأغث يا غياث المستغيثين ، عبيدك المبتلى ، واره سيده يا شديدالقوى ، وأزل عنه به الأسى(١) والجوى(٢) ، وبرد غليله(٣) يا من على العرشاستوى ، ومن إليه الرجعي والمنتهى.

اللهم ونحن عبيدك التائقون(٤) إلى وليك ، المذكر بك وبنبيك ،خلقته لنا عصمة وملاذا ، وأقمته لنا قواما ومعاذا ، وجعلته للمؤمنينمنا إماما ، فبلغه عنا تحية وسلاما ، وزدنا بذلك يا رب اكراما ، واجعلمستقره لنا مستقرا ومقاما ، وأتمم نعمتك بتقديمك إياه امامنا ، حتىتوردنا جنانك ومرافقة الشهداء من خلصائك.

اللهم صل على محمد وال محمد ، وصل على محمد جدهرسولك السيد الأكبر ، وعلى أبيه السيد الأصغر(٥) ، وجدته الصديقةالكبرى فاطمة بنت محمد ، وعلى من اصطفيت من ابائه البررة ، وعليهأفضل وأكمل ، وأتم وأدوم ، وأكبر وأوفر ما صليت على أحد منأصفيائك وخيرتك من خلقك ، وصل عليه صلاة لا غاية لعددها ،

__________________

(١) أسا الرجل : عزاه.

(٢) الجوى : شدة الوجد من حزن أو عشق.

(٣) الغليل : العطشان.

(٤) تاق إليه : اشتاق.

(٥) القسور ( خ ل ) ، أقول : القسور : العزيز ، الغلام القوي الشجاع.

٥٨٣

ولا نهاية لمددها ، ولا نفاد لأمدها

اللهم وأقم به الحق ، وادحض(١) به الباطل ، وادل به أوليائك ،واذلل به أعدائك ، وصل اللهم بيننا وبينه وصلة تؤدي إلى مرافقة سلفه.

واجعلنا ممن يأخذ بحجزتهم(٢) ، ويمكث في ظلهم ، وأعنا علىتأدية حقوقه إليه ، والاجتهاد في طاعته ، واجتناب معصيته ، وامنن علينابرضاه ، وهب لنا رأفته ورحمته ، ودعاءه وخيره ، ما ننال به سعة منرحمتك ، وفوزا عندك ، واجعل صلاتنا به مقبولة ، وذنوبنا به مغفورة ،ودعائنا به مستجابا.

واجعل أرزاقنا به مبسوطة ، وهمومنا به مكفية ، وحوائجنا بهمقضية ، واقبل إلينا بوجهك الكريم ، واقبل تقربنا إليك ، وانظر إلينانظرة رحيمة ، نستكمل بها الكرامة عندك ، ثم لا تصرفها عنا بجودك ،واسقنا من حوض جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بكأسه وبيده ، ريا رويا ،هنيئا سائغا ، لا أظمأ بعدها ، يا ارحم الراحمين.

وتدعو بما أحببت إن شاء الله(٣) .

__________________

(١) ادحض : أبطل.

(٢) الحجزة في المجاز الاعتصام بالشئ والتمسك به.

(٣) عنه البحار ١٠٢ : ١١٠.

رواه السيد في مصباح الزائر : ٢٣٠ عن بعض الأصحاب ، وفي الاقبال ١ : ٥٠٤ مرسلا.

ذكره العلامة المجلسي في البحار ١٠٢ : ١٠٤ ، تحفة الزائر : ٣٤٢.

٥٨٤

٣ ـ باب التوجه إلى الحجة صاحب الزمان صلوات الله عليه بعدصلاة اثنتي عشرة ركعة ، تقرأ فيها( قل هو الله أحد ) ركعتين ركعتين ،وتصلي على محمد وآلهعليهم‌السلام كثيرا.

قال أبو علي الحسن بن اشناس : وأخبرنا أبو محمد عبد الله بنمحمد الدعلجي ، قال : أخبرنا أبو الحسين حمزة بن محمد بن الحسن بنشبيب ، قال : عرفنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم ، قال :

شكوت إلى أبي جعفر محمد بن عثمان شوقي إلى رؤية مولاناعليه‌السلام فقال لي : مع الشوق تشتهي ان تراه ، فقلت له : نعم ، فقال لي : شكر الله لكشوقك واراك وجهك في يسر وعافية ، لا تلتمس يا أبا عبد الله ان تراه ،فان أيام الغيبة تشتاق إليه ، ولا تسأل الاجتماع معه انها عزائم اللهوالتسليم لها أولى ، ولكن توجه إليه بالزيارة.

فاما كيف يعمل وما املاه عند محمد بن علي فانسخوه من عنده ،وهو التوجه إلى الصاحب بالزيارة بعد صلاة اثنتي عشرة ركعة.

تقرأ( قل هو الله أحد ) في جميعها ركعتين ركعتين ، ثم تصلي على

__________________

عنه وعن مصباح الزائر للسيد وعن كتاب المزار القديم المحدث النوري في تحية الزائر.

أورده الفيض في الصحيفة المهدوية : ٧٥.

أقول : مراد السيد من بعض أصحابنا صاحب كتاب المزار اي محمد بن المشهدي ، والذي ظاهر لمنتأمل كلامهما ، وظاهر قول السيد في مصباحه وابن المشهدي في مزاره ان الدعاء صدر من الناحيةالمقدسة عليه‌السلام ، اما أورده العلامة المجلسي في زاد المعاد وأسنده إلى الصادق عليه‌السلام .

٥٨٥

محمد واله وتقول قول الله جل اسمه :( سلام على ال ياسين ) ذلك هوالفضل المبين من عند الله والله ذو الفضل العظيم امامه من يهديه صراطهالمستقيم ، وقد اتاكم الله خلافته يا ال ياسين ، وذكرنا في الزيارة(١) وصلىالله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين(٢) .

٤ ـ زيارة أخرى لهعليه‌السلام .

إذا وصلت إلى حرمهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بسر من رأى فاغتسلوالبس أطهر ثيابك وقف على باب حرمهعليه‌السلام قبل ان تنزل السردابوزر بهذه الزيارة وقل :

السلام عليك يا خليفة الله وخليفة ابائه المهديين ، السلام عليكيا وصي الأوصياء الماضين ، السلام عليك يا حافظ اسرار رب العالمين ،السلام عليك يا بقية الله من الصفوة المنتجبين.

السلام عليك يا بن الأنوار الزاهرة ، السلام عليك يا بن الاعلامالباهرة ، السلام عليك يا بن العترة الطاهرة ، السلام عليك يا معدن العلومالنبوية.

السلام عليك يا باب الله الذي لا يؤتى الا منه ، السلام عليك يا

__________________

(١) لعله أشار بقوله : ( وذكرنا في الزيارة ) إلى أنه يتلو بعد ذلك زيارة الندبة ، فظهر من هذاالخبر ان الصلاة قبل الزيارة وانها اثنتا عشرة ركعة ـ البحار.

(٢) عنه البحار ١٠٢ : ٩٧.

٥٨٦

سبيل الله الذي من سلك غيره هلك ، السلام عليك يا ناظر شجرة طوبىوسدرة المنتهى.

السلام عليك يا نور الله الذي لا يطفى ، السلام عليك يا حجة اللهالتي لا تخفى ، السلام عليك يا حجة الله على من في الأرض والسماء ،السلام عليك سلام من عرفك بما عرفك به الله ، ونعتك ببعض نعوتكالتي أنت أهلها وفوقها.

اشهد انك الحجة على من مضى ومن بقي ، وان حزبك همالغالبون وأوليائك هم الفائزون ، وأعدائك هم الخاسرون ، وانك خازنكل علم ، وفاتق كل رتق ، ومحقق كل حق ، ومبطل كل باطل ، رضيتك يامولاي إماما وهاديا ، ووليا ومرشدا ، لا ابتغي بك بدلا ، ولا اتخذ مندونك وليا.

اشهد انك الحق الثابت الذي لا عيب فيه ، وان وعد الله فيك حقلا أرتاب لطول الغيبة وبعد الأمد ، ولا أتحير مع من جهلك وجهل بك ،منتظر متوقع لأيامك ، وأنت الشافع الذي لا تنازع ، والولي الذيلا تدافع ، ذخرك الله لنصرة الدين واعزاز المؤمنين ، والانتقام منالجاحدين المارقين.

اشهد ان بولايتك تقبل الأعمال ، وتزكي الافعال ، وتضاعفالحسنات ، فمن جاء بولايتك ، واعترف بإمامتك قبلت أعماله ،وصدقت أقواله ، وتضاعفت حسناته ، ومحيت سيئاته ، ومن عدل عن

٥٨٧

ولايتك وجهل معرفتك واستبدل بك غيرك كبه الله على منخره فيالنار ، ولم يقبل الله له عملا ، ولم يقم له يوم القيامة وزنا.

اشهد الله وأشهدك يا مولاي بهذا ، ظاهره كباطنه ، وسره كعلانيته ،وأنت الشاهد على ذلك ، وهو عهدي إليك وميثاقي لديك ، إذ أنت نظامالدين ، ويعسوب المتقين ، وعز الموحدين ، وبذلك امرني ربالعالمين.

فلو تطاولت الدهور وتمادت الاعمار ، لم ازدد فيك الا يقينا ،ولك الا حبا ، وعليك الا متكلا ومعتمدا ، ولظهورك الا متوقعاومنتظرا ، ولجهادي بين يديك مترقبا ، فابذل نفسي ومالي وولديوأهلي وجميع ما خولني ربي بين يديك والتصرف بين امرك ونهيك ، يامولاي ، فان أدركت أيامك الزاهرة وأعلامك الباهرة ، فها انا ذا عبدك ،متصرف بين امرك ونهيك ، أرجو به الشهادة بين يديك والفوز لديك.

مولاي فان أدركني الموت قبل ظهورك ، فاني أتوسل بك وبآبائكالطاهرين إلى الله تعالى ، واسأله ان يصلي على محمد وال محمد وانيجعل لي كرة في ظهورك ، ورجعة في أيامك ، لابلغ من طاعتك مرادي ،وأشفي من أعدائك فؤادي.

مولاي وقفت في زيارتك موقف الخاطئين النادمين الخائفين منعقاب رب العالمين ، وقد اتكلت على شفاعتك ، ورجوت بموالاتكوشفاعتك محو ذنوبي ، وستر عيوبي ، ومغفرة زللي ، فكن لوليك يا

٥٨٨

مولاي عند تحقيق امله ، واسأل الله غفران زلله ، فقد تعلق بحبلك ،وتمسك بولايتك ، وتبرأ من أعدائك.

اللهم صل على محمد واله وانجز لوليك ما وعدته ، اللهم أظهركلمته ، واعل دعوته ، وانصره على عدوه وعدوك يا رب العالمين.

اللهم صل على محمد وال محمد واظهر كلمتك التامة ، ومغيبكفي ارضك ، الخائف المترقب ، اللهم انصره نصرا عزيزا وافتح له فتحايسيرا.

اللهم واعز به الدين بعد الخمول ، واطلع به الحق بعد الأفول ،وأجل به الظلمة ، واكشف به الغمة ، اللهم وآمن به البلاد ، واهد بهالعباد ، اللهم املأ به الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا انكسميع مجيب.

السلام عليك يا ولي الله ، ائذن لوليك في الدخول إلى حرمك ،صلوات الله عليك وعلى ابائك الطاهرين ورحمة الله وبركاته(١) .

٥ ـ القول عند نزول السرداب :

السلام على مهدي الأمم وجامع الكلم ، السلام على خلف السلفوصاحب الشرف ، السلام على حجة المعبود وكلمة المحمود ، السلام

__________________

(١) عنه وعن الفيد ، البحار ١٠٢ : ١١٦ ، ذكره مع اختلاف السيد في مصباح الزائر : ٢٢٦ ،عنه البحار ١٠٢ : ٩٨.

٥٨٩

على معز الأولياء ومذل الأعداء.

السلام على وارث الأنبياء وخاتم الأوصياء ، السلام على الإمام المنتظروالغائب المشتهر ، السلام على السيف الشاهر والقمر الزاهروالنور الباهر ، السلام على شمس الظلام وبدر التمام(١) ، السلام علىربيع الأيتام وفطرة الأنام ، السلام على صاحب الصمصام(٢) وفلاق الهام(٣) .

السلام على صاحب الدين المأثور والكتاب المسطور ، السلامعلى بقية الله في بلاده وحجته على عباده ، المنتهى إليه مواريثالأنبياء ، ولديه موجودة اثار الأصفياء ، السلام على المؤتمن على السروالولي للامر ، السلام على المهدي الذي وعد اللهعزوجل به الأمم ، انيجمع به الأرض قسطا وعدلا ، ويمكن له وينجز به وعد المؤمنين.

اشهد انك والأئمة من ابائك أئمتي وموالي ، في حياة الدنيا ويوميقوم الاشهاد ، أسألك يا مولاي ان تسأل الله تبارك وتعالى في صلاحشأني ، وقضاء حوائجي ، وغفران ذنوبي ، والاخذ بيدي في دينيودنياي واخرتي ، لي ولكافة إخواني المؤمنين والمؤمنات انه غفوررحيم ، وصلى الله على سيدنا محمد رسول الله وال محمد الطاهرين.

ثم تصلي صلاة الزيارة اثنتي عشرة ركعة(٤) .

__________________

(١) اي بدر النور التمام ، قمر تمام ـ بالكسر والفتح والكسر أفصح ـ إذا لم يكن فيه نقص.

(٢) الصمصام : السيف القاطع الذي لا ينثني.

(٣) الهام جمع الهامة وهي الرأس.

(٤) عنه البحار ١٠٢ : ١٠١

٥٩٠

ويستحب ان يدعو بهذا الدعاء بعد صلاة الزيارة ، فهو مروي عنهعليه‌السلام :

اللهم عظم البلاء ، وبرح(١) الخفاء ، وانكشف الغطاء ، وضاقتالأرض ومنعت السماء ، واليك يا رب المشتكي ، وعليك المعول فيالشدة والرخاء.

اللهم صل على محمد واله الذين فرضت علينا طاعتهم ، وعرفتنابذلك منزلتهم ، ففرج عنا بحقهم فرجا عاجلا كلمح البصر أو هو أقربمن ذلك.

يا محمد يا علي ، يا علي يا محمد ، انصراني فإنكما ناصراي ،واكفياني فإنكما كافياي ، يا مولاي يا صاحب الزمان ، الغوث الغوثالغوث ، أدركني أدركني أدركني(٢) .

__________________

(١) برح الخفاء : وضع الامر كأنه ذهب الستر وزال.

(٢) رواه امين الاسلام الطبرسي في كنوز النجاح ، قائلا : ( دعاء علمه صاحب الزمان عليهسلام الله الملك المنان أبا الحسن محمد بن أحمد بن أبي الليثرحمه‌الله تعالى في بلدة بغدادفي مقابر قريش ، وكان أبو الحسن قد هرب إلى مقادير قريش والتجأ إليه من خوف القتل فنجيمنه ببركة هذ الدعاء ) ، عنه المحدث النوري في جنة المأوى المطبوع ضمن البحار ٥٣ : ٢٧٥.

أورده الشهيد في مزاره : ٦٤ ، والمفيد في مزاره ، عنه البحار ١٠٢ : ١١٩.

أخرجه الكفعمي في مصباحه : ٢٧٦.

٥٩١

٥٩٢

القسم السادس

في ثواب الحج والزيارة عن الغير

وزيارة القبور

٥٩٣

٥٩٤

الباب الأول

ثواب الحج والزيارة عن الاخوان بالاجر

١ ـ روى أصحابنا جميعا ان أبا عبد اللهعليه‌السلام ارسل إلى بعضالشيعة فقال : خذ هذه الدراهم فحج عن ابني إسماعيل ، يكن لك تسعةأسهم من الثواب ولإسماعيل سهم واحد(١) .

٢ ـ وقد انفذ أبو الحسن العسكريعليه‌السلام زائرا عنه إلى مشهدأبي عبد اللهعليه‌السلام فقال : ان لله مواطن يحب ان يدعى فيها فيجيب ، وانحائر الحسينعليه‌السلام من تلك المواطن(٢) .

الباب (٢)

ما يقول الزائر عن غيره بالاجر ، وما يقول عن أخيه تطوعا

وزيارة قبور الشيعة وما يقال عندها

إذا خرجت زائرا عن أخ لك ، أو حاجا بأجرة ، فصل ركعتينبالموضع الذي يقصده ، فإذا فرغت منهما فسبح ثم قل :

__________________

(١) عنه البحار ١٠٢ : ٢٥٧.

(٢) عنه البحار ١٠٢ : ٢٥٧.

٥٩٥

اللهم ان فلانا أوفدني إليك لعلمه بحسن ثوابك ، معتقدا انكتسمع وتجيب وتعاقب وتثيب.

اللهم فاجعل خطواتي عنه كفارة لما سلف من ذنوبه ، وصلواتيعنه شاهدة له بصدق الايمان ، مثبتة له في ديوان الغفران ، اللهم ماأصابني من تعب أو نصب ، أو سغب أو لغوب ، فاجر فلان بن فلان فيه ،واجرني عليه.

وكذلك تقول عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعند الأئمةعليهم‌السلام .

ثم يقول عقيب الكلام :

السلام عليك يا مولاي من فلان بن فلان ، فاني اتيتك زائرا عنه ،فاشفع لي وله عند ربك ، اللهم أوصل إليه من رحمتك ما يستغني به عنرحمة من سواك.

وإن كان ميتا قال الثابت عنه بعد ذلك :

اللهم جاف الأرض عن جنبيه ، واجعل رحمتك واصلة إليه ،واجعل ما افعله من المناسك شاهدا له برحمتك يا ارحم الراحمين.

وإذا أردت عن أخيك أو أبيك وأمك تطوعا ، فسلم على الإمامعليه‌السلام على نسق التسليم ، ثم قل :

اللهم كن لفلان بن فلان عونا ومعينا ، وناصرا وكالئا وواعيا ،حيث كان بمحمد وآله الطاهرين.

٥٩٦

ثم صل ركعتين ، فإذا سلمت منها فاسجد وقل في سجودك

اللهم لك صليت ، ولك ركعت ، ولك سجدت ، لأنه لا ينبغيالصلاة الا لك ، اللهم قد جعلت ثواب صلاتي وسلامي وزيارتي هديةمني إلى فلان بن فلان ، فتقبل ذلك له مني ، واجرني عليه خير الجزاءبرحمتك(١) .

وأفضل ما يقال :

اللهم ان فلان بن فلان أوفدني إلى مولاه ومولاي لأزور عنه ، رجاءبجزيل الثواب ، وفرارا من سوء الحساب ، اللهم انه يتوجه إليكبأوليائك الدالين عليك في غفرانك ذنوبه وحط سيئاته ، ويتوسل إليكبهم عند مشهد امامه صلوات الله عليه ، فتقبل منه ، واقبل شفاعةأوليائك صلوات الله عليهم فيه.

اللهم جازه على حسن نيته وصحيح عقيدته وصحة موالاته ،أحسن وأفضل ما جازيت أحدا من عبيدك المؤمنين ، وادم له ما خولته ،واستعمله صالحا فيما اتيته ، ولا تجعلني اخر وافد له بوفده.

اللهم أعتق رقبته من النار ، وأوسع عليه من رزقك الحلال الطيب ،واجعله من رفقاء ال محمد ، وبارك له في ولده وأهله وماله وما ملكتله يمينه.

اللهم صل على محمد وال محمد وحل بينه وبين معاصيه حتى

__________________

(١) عنه البحار ١٠٢ : ٢٥٨.

٥٩٧

لا يعصيك ، واعنه على طاعتك وطاعة أوليائك حتى لا نفقده حيثامرته ، ولا نراه حيث نهيته.

اللهم صل على محمد وال محمد واغفر له وارحمه واعف عنهوعن جميع المؤمنين والمؤمنات ، اللهم صل على محمد وال محمدوأعذه من هول المطلع(١) ، ومن فزع يوم القيامة ، وسوء المنقلب ، ومنظلمة القبر ووحشته ، ومن مواقف الخزي في الدنيا والآخرة.

اللهم صل على محمد وال محمد واجعل جائزته في موقفي هذاغفرانك ، وتحفته في مقامي عند امامي صلى الله عليه ان تقيل عثرتهوتقبل معذرته ، وتتجاوز عن خطيئته ، وتجعل التقوى زاده ، ومماعندك خيرا في معاده ، وتحشره في زمرة محمد وال محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وتغفر له ولوالديه ، فإنك خير مرغوب رغب إليه ، وأكرممسؤول اعتمد العباد عليه ، ولكل موفد جائزة ، ولكل زار كرامة ، فاجعلجائزته في موقفي هذا غفرانك والجنة ، ولي ولجميع المؤمنينوالمؤمنات.

اللهم انا عبدك الخاطئ المذنب المقر بذنوبه ، فأسألك يا الله بحقمحمد وال محمد ان لا تحرمني بعد ذلك الأجر والثواب من فضلعطائك وكرم تفضلك.

__________________

(١) قال الجزري : ( هول المطلع ، يريد به الموقف يوم القيامة أو ما يشرف عليه من أمرالآخرة عقيب الموت ، فشبه بالمطلع الذي بشرف عليه من موضع عال ) ـ النهاية ٣ : ٤٩.

٥٩٨

ثم ترفع يدك إلى السماء مستقبل القبلة عند المشهد ، وتشير إلىالامام وتقول :

يا مولاي يا امامي ، عبدك فلان بن فلان أوفدني زائرا لمشهدك ،متقربا إلى اللهعزوجل بذلك والى رسوله هو إليك ، يرجو بذلك فكاكرقبته من النار ومن العقوبة ، فاغفر له ولجميع المؤمنين والمؤمنات.

يا الله يا الله يا الله ، يا الله يا الله يا الله ، لا إله إلا الله الحليمالكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، أسألك ان تصلي على محمد والمحمد وتستجيب لي فيه وفي جميع إخواني وأخواتي وولدي وأهلي ،بجودك وكرمك(١) .

وروي عن بعض العلماء الصادقينعليهم‌السلام انه سئل عن الرجل يصليركعتين ، أو يصوم يوما أو يحج أو يعتمر ، أو يزور رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو أحد الأئمةعليهم‌السلام ، ويجعل ثواب ذلك لوالديه أو لأخ له في الدينأو يكون له على ذلك ثواب ، فقال : ان ثواب ذلك يصل إلى من جعل له منغير أن ينقص من اجره شئ(٢) .

ومن أراد ان يهدي لأهله وإخوانه طوافا أو صلاة أو صدقة ، فليقلإذا طاف أو صلى :

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ٦ : ١١٦ ، عنه البحار ١٠٢ : ٢٥٧.

(٢) عنه البحار ١٠٢ : ٢٥٩.

٥٩٩

اللهم ان هذا الطواف وهاتين الركعتين عن أبي وعن زوجتي وعنولدي وحامتي وعن أهل بلدي من المؤمنين ، وعن إخواني وأخواتيفي مشارق الأرض ومغاربها ، وحرهم وعبدهم ، وابيضهم وأسودهم.

فلا تشاء ان تلقى الرجل فيقول : اني طفت أو صليت عنك الا كنتصادقا.

فإذا اتيت قبر النبي أو أحد الأئمةعليهم‌السلام فصل ركعتين وقف عندرأس الامام وقل :

السلام عليك يا مولاي عن أبي وأمي وزوجتي وعن ولديواخوتي وأهل بلدي وإخواني وأخواتي ، حرهم وعبدهم ، وأبيضهموأسودهم.

فلا تشاء ان تقول للرجل : اني أقرأت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنك السلامالا كنت صادقا(١) .

اما زيارة قبور الشيعة :

فإنه روي عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام أنه قال : من لم يقدر ان يزورنافليزر صالحي [ موالينا ، يكتب له ثواب زيارتنا ، ومن لم يقدر على صلتنا

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٣١٦ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ١٠٩. ، عنهما البحار١٠٢ : ٢٥٥.

٦٠٠

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702