المزار الكبير

المزار الكبير8%

المزار الكبير مؤلف:
المحقق: جواد القيّومي الإصفهاني
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: 702

المزار الكبير
  • البداية
  • السابق
  • 702 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187462 / تحميل: 6371
الحجم الحجم الحجم
المزار الكبير

المزار الكبير

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٩٢٠٠٢-٠-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

الفقيه في باب ما أحلّ الله من النكاح وما حرّم.

وحبابة بنت جعفر الأسديّة التي روت عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وقالت: رأيت أمير المؤمنين في شرطة الخميس ومعه درّة يضرب بها بيّاع الجريّ والمارماهيّ، والمزماريّ ويقول لهم: « يا بُيّاع مُسوُخ بني إسرائيل » إلى آخر الحديث.

وحكيمة بنت الإمام أبي جعفر محمّد بن عليّ الجوادعليه‌السلام .

وحميدة البربريّة اُمّ الإمام أبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام وهي من الثقات التقيّات، وكان مولانا الإمام الصادقعليه‌السلام يرسلها مع اُمّ فروة تقضيان حقوق أهل المدينة.

وزينب بنت أبي سلمة التي كانت من أفقه نساء زمانها، وكانت كثيرة الخير والصدقة وكانت صنّاع تعمل بيدها وتتصدّق بيدها.

وسعيدة التي وقع اسمها في إسناد الكافي فقد روى في باب النوادر من آخر كتاب النكاح عن سعيدة .

وغيرهنّ كثيرات لم نذكر أسماءهنّ اختصاراً وإيجازاً(١) .

وقد برزت هذه النسوة وصعدن إلى تلك المرتبة من العلم والفضيلة، وضاهين الرجال في المقام والمنزلة بفضل الإسلام.

فقد ربّى في حجره مثل هذه النساء العالمات التقيّات ذوات الشخصيّة الرشيدة والمواقف البارزة، والصفحات البيض، والتواريخ المشرقة في شتّى مناحي الحياة الإسلاميّة ولولا الإسلام، وما أولاهن من المنزلة والحظوة لبقيت المرأة تعاني من ما كانت تعانيه من ظلم الجاهليّة وعسفها، وكبتها وتحقيرها.

فقد كانت المرأة في زمن الجاهليّة محرومة من كلّ مزايا الرجال، تحتقر كما يحتقر

__________________

(١) من أراد الوقوف على تفصيل ذكرهنّ وأسمائهنّ فعليه أن يراجع كتاب: أعلام النساء، بلاغات النساء، الخيرات الحسان، والاستيعاب، والإصابة.

٤٤١

الحيوان، وتباع وتشترى كما يشترى ويباع المتاع، حتّى جاء الإسلام وأولاهنّ ما أولاه من الرفعة بعد الضعة، والشرف بعد المقت والعزّة بعد الإهانة والذّل، فتخرّج منهنّ الكاتبات والأديبات والعالمات، والراويات، وربّات الفكر والرأي، وذوات الشخصيّة والشأن الكبير.

على أنّ النساء لم يحصلن على حقوقهنّ في التعليم في ظلّ الحكومة والشريعة الإسلاميّة فقط، بل حصلن على حقوق عادلة في التسوية مع الرجال في اعتناق الدين، واستحقاق الثواب الاُخرويّ، والاحترام الدنيويّ، والميراث، والزواج وحقوق الزوجيّة، والطلاق، والنفقة، والوصيّة.

وجملة القول ؛ أنّه ما وجد دين ولا شرع ولا قانون في أمّة من الأمم أعطى النساء ما أعطاهنّ الإسلام من الحقوق والعناية والكرامة، في جميع المجالات الإنسانيّة.

هذا ولقد كان الإسلام أوّل من عمل على محو الاُميّة ونشر الثقافة والعلم وتعميمها في أوساط الناس فيما كانت الحكومات المعاصرة لعصر النبوّة المحمديّة ـ كالأجهزة الحاكمة في إيران ـ تحظر العلم والثقافة على طبقات الشعب وتحرم اكتسابهما إلّا على الأُمراء وأبناء الاُمراء، وطبقة المؤبذين ( وهم رجال الدين الزرادشتي )(١) .

وإنّ أدلّ دليل على سعي الإسلام لمحو الاُميّة قبل أي أحد هو ما فعله النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله مع أسرى بدر حيث جعل فداء بعض الأسرى الذين كانوا يعرفون القراءة والكتابة، تعليم أولاد المسلمين: القراءة والكتابة.

فقد روى الحلبي في سيرته ذلك قائلاً: ( بعثت قريش في فداء الأسارى وكان الفداء فيهم على قدر أموالهم، وكان من أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف درهم إلى ألفين إلى ألف. ومن لم يكن معه فداء وهو يحسن الكتابة دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة ليعلّمهم الكتابة فإذا تعلّموا كان ذلك فداء )(٢) .

__________________

(١) الشاهنامة للفردوسيّ ٦: ٢٥٧ ـ ٢٦٠.

(٢) السيرة الحلبيّة ٢: ٢٠٤.

٤٤٢

على أنّ المنهج الذي اختاره الإسلام هو جعل الإيمان مقروناً بالعلم، والعلم مقروناً بالإيمان فالمكتفي بأحدهما كطائر يحلّق بجناح واحد ولذلك نرى أنّ الله سبحانه يقرن أحدهما بالآخر في كتابه إذ يقول:( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) ( المجادلة: ١١ ).

وكقوله:( وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ ) ( الروم: ٥٦ ).

وممّا يدلّ على ذلك ما نراه ـ إذا سرنا في البلاد الإسلاميّة ـ من بناء الجامعات إلى جنب المساجد الذي يشير بوضوح إلى عدم التفكيك بين العلم والإيمان، وبين الدين والمعرفة في الحوزات الإسلاميّة العلميّة المبثوثة في كلّ أرجاء العالم الإسلاميّ أو انعقاد الحلقات الدراسيّة في المساجد. ولقد بلغ حثّ الإسلام على اكتساب العلم والمعرفة حدّاً بليغاً حتّى أنّه حرّض على الهجرة في سبيل اكتساب العلم، عندما حثّ على أن يخرج من كلّ فريق طائفة تسافر إلى المدينة، ليدركوا حضرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وليتعلّموا منه ما يحتاجون إليه من العلوم والمعارف الإلهيّة المفيدة ثم يرجعوا إلى قومهم وهو أمر يدلّ ضمناً على أنّ الإسلام كان ممن أسّس بنيان الحوزات العلميّة والجامعات وهي حقيقة يدلّ عليها قوله سبحانه:( فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) ( التوبة: ١٢٢ ).

فإنّ هذه الآية وإن فسّرت بوجوه غير أنّ الأظهر في تفسير الآية ما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

قال عبد الله بن المؤمن الأنصاريّ قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّ قوماً يروون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « اختلافُ اُمّتي رحمة » فقال: « صدقُوا » فقال: إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب ؟ قال: « ليس حيثُ تذهب وذهبُوا، إنّما أراد قول الله عزّ وجلّ:( فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) فأمرهم أن ينفروا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويختلفوا إليه فيتعلّموا ثمّ يرجعوا إلى قومهم فيعلّموهم، إنّما أراد اختلافهم من البلدان لا اختلافاً في دين الله إنّما الديّن

٤٤٣

واحد »(١) .

وهذه الآية مضافاً إلى كونها دالّة على وجود مركز أو مراكز علميّة في زمن النبيّ يسافر إليها الأفراد ليتلقّوا فيها العلوم والمعارف اللازمة ؛ تدلّ على وجوب هذا الأمر وجوباً كفائيّاً، ولقد استمرّ وجود هذه المراكز والحوزات العلميّة في زمن الأئمّة: وفي زمن الإمام الصادق خاصّة.

فقد روى أحمد بن محمّد بن عيسى وقال: خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث فلقيت بها الحسن بن عليّ الوشا، فسألته أن يخرج لي كتاب العلا بن رزين وأبان بن عثمان، فأخرجهما إليّ فقلت له: أحبّ أن يجيزهما لي فقال: يرحمك الله وما عجلتك، اذهب فاكتبهما واسمع من بعد ذلك، فقال: لا آمن الحدثان، فقال: لو علمت هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه فإنّي أدركت في هذا المسجد ( بالكوفة ) تسعمائة شيخ كلّ يقول حدّثني جعفر ( أي الإمام الصادقعليه‌السلام )(٢) .

وبالتالي فإنّ ما يدلّ على اهتمام الدين الإسلاميّ بانتشار العلوم والأخذ بالمعارف المتنوّعة هو ازدهار العلوم المختلفة بين المسلمين ونبوغهم المطّرد والبارز في شتّى مجالات المعرفة، وتنوّع الكتب والمصنفات التي خلّفها المسلمون وصنّفها علماؤهم وكتّابهم، وكانت أساساً لكثير من العلوم الحديثة.

يبقى أن نعرف أنّ الإسلام لا يطرح صيغة خاصّة لمنهج التعليم، وقد سبق أن قلنا: إنّ خاتمية الدين الإسلاميّ تقتضي أن يبيّن الإسلام الجوهر واللب، وأمّا الصور والأشكال فمتروكة للأجيال والعصور، ومقتضياتها فلا مانع من أن يستفيد المسلمون من أي منهج تعليميّ، وأن يستخدموا أي جهاز يضمن تعميم العلم كالتلفزيون والمذياع شريطة الحفاظ على خلق المجتمع، وقيمه الإسلاميّة العليا. فإنّ الإسلام يخالف كلّ علم يتنافى مع سعادة البشر ويهدّد استقراره.

__________________

(١) نور الثقلين ٢: ٢٣٨.

(٢) رجال النجاشيّ: ٢٨ وتنقيح المقال للمامقانيّ ١: ٢٩٤.

٤٤٤

هذا ولعلّك تعجب إذا علمت أنّ تحصيل العلم في الفنون المختلفة من الطبّ والاقتصاد والحقوق السياسيّة والصنائع المتنوّعة فريضة إسلاميّة يجب على الجميع تعلّمه على نحو الواجب الكفائيّ لكي ترتفع حاجة المسلمين إلى غيرهم، ويأمنوا بذلك من تدخّل الأجانب في شؤونهم، بل الأعجب من ذلك أنّ التحصيل في بعض الشؤون واجب عينيّ وذلك فيما يتعلّق بمعرفة الأحكام الدينيّة من أحكام العبادات والمعاملات كما حقّق في موضعه(١) ، ولأجل ذلك وجب على الحكومة الإسلاميّة أن تخصّص قسماً كبيراً من ميزانيّتها لتأسيس الجامعات الدينيّة، والعلميّة وتهيئة ظروف التعليم والتعلّم حتّى يتسنّى لأبناء الاُمّة تحصيل المعرفة في أي مجال مفيد، وضروريّ لحياة الاُمّة. فإنّ جميع ما سقناه إليك من أدلّة حاثّة على طلب العلم، وإنّ ما وصل إليه المسلمون القدامى من أزدهار، وتقدّم عظيم، في العلوم يستدعيان أن تكون الحكومة الإسلاميّة هي التي تتولّى تهيئة أجواء العلم والتعلّم والتعليم، وإلاّ فكيف يمكن أن يتحقّق ذلك الازدهار ويتحقّق هذا الهدف العظيم، والأمر خارج عن نطاق الأفراد بل هو ميسّر للحكومة وإمكانيّاتها، ولوجوب أن تقتدي هذه الحكومة بسيرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث تولّى بنفسه تهيئة أجواء التعليم والتعلّم لأبناء المدينة كما مرّ عليك في قصّة أسرى بدر.

الإسلام والعلوم الطبيعيّة

ثمّ انّه لم يكن تأكيد الإسلام على تحصيل العلم ليختصّ بعلم دون علم وبباب دون آخر، وإن كان التأكيد على اكتساب الفقه والعلم بأحكام الدين أشدّ، وأكثر.

فالعلم بأحكام الدين واُصوله وفروعه، أو العلم بما يجري في الطبيعة من السنن والقوانين وكشف غوامض الحياة ومعضلاتها واختراع ما يكون مفيداً للحياة البشريّة ممّا دعا إليه الإسلام من غير فرق بين علم وعلم. ولذلك أمر سبحانه في الكثير من الآيات القرآنيّة بالتدبّر في الكون والسنن الحاكمة فيه، كما هو غير خفيّ على من له إلمام بالكتاب

__________________

(١) راجع فرائد الشيخ الأنصاريّ: ٣٠٠ ـ ٣٠١.

٤٤٥

الكريم.

وتقسيم العلوم إلى دينيّة وغير دينيّة ( أو قديمة وحديثة ) مجرّد اصطلاح وإلاّ فكلّ علم نافع ناجع قد دعا إليه الدين وأمر به الكتاب، وأخذ به المسلمون، وما يعدّ علوماً حديثة فلها جذور في القديم وإنّما حدث التطوّر والتكامل حسب مرور الزمان شأن كلّ ظاهرة وعلم.

ولأجل ذلك نرى أنّ المسلمين اهتمّوا ـ منذ بزوغ الإسلام ـ بمختلف العلوم والمعارف، وبرعوا فيها، وكانوا لكثير منها مكتشفين، وكان منهم المخترعون، والمبدعون.

وقد اعترف بذلك كثير من علماء الغرب والشرق، وأقرّوا للمسلمين به، وبيّنوا جهود المسلمين في هذا المضمار، وعدّوهم آباء العلم الحديث في كثير من المجالات والأصعدة.

ونحن هنا نشير إلى طائفة ممّن كان لهم من المسلمين اكتشافات علميّة :

١. جابر بن حيّان، تلميذ الإمام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام كان من أشهر علماء الكيمياء. هذا وللرازي وأبو ريحان البيرونيّ بحوث شيّقة وهامّة في الكيمياء أيضاً.

٢. يعقوب ابن إسحاق الكندي ؛ له ١٥ كتاباً في معرفة أحوال الجوّ.

٣. الحسن بن الهيثم ؛ المتولّد عام ٣٠٤ ألّف كتباً عديدة في الضوء وخواصّ المرايا المقعّرة والمحدّبة والمنكسرة.

٤. محمد بن إبراهيم الفزاري، والحجاج بن يوسف بن مطر ؛ لهما ولغيرهما من المسلمين جهود علميّة كبرى في الرياضيّات.

٥. الخواجا نصير الدين الطوسيّ، وأبو معشر البلخيّ، يعود إليهما الكثير من الاختراعات والاكتشافات في علم الهيئة والفلك.

٦. محمّد بن زكريّا الرازي، وأبو عليّ بن سينا، وابن رشد الأندلسيّ يعود إليهما

٤٤٦

الكثير من الأبحاث الطبيّة، ومسائل العلاجات والأدوية.

٧. الكندي والدميريّ والقزوينيّ وابن بطوطة وابن خلدون ؛ ممّن لهم كتب ومؤلّفات واسعة في علم الأحياء، والجغرافيه، وغيرهما من العلوم والمعارف، وغيرهم ممّن لا يمكن إحصاء أسمائهم لكثرتهم وكثرة مؤلّفاتهم.

ويكفي دلالة على تشجيع الإسلام للصناعة ما قاله الإمام الصادقعليه‌السلام في حديث مفصّل: « كلّ ما يتعلّم العبادُ أو يُعلّمون غيرهُم من صُنوف الصناعات مثل الكتابة والحساب والنّجارة والصّياغة والسّراجة والبناء والحياكة والقُصارة والخياطة وصُنعة صنوف التصاوير ما لم يكُن مثل الرّوحانيّ وأنواع صنوف الآلات التي يحتاجُ إليها العبادُ التي منها منافعهُم وبها قوامُهم وفيها بُلغةُ جميع حوائجهم فحلال فعلهُ، وتعليمهُ والعملُ به وفيه لنفسه أو لغيره »(١) .

ثمّ انّ عناية الإسلام بالكتابة وتقييد العلم بواسطتها يعتبر من أبرز الأدلّة على تبنيّ الإسلام للعلم وحرصه عليه فقد كان الإسلام أوّل من روّج الكتابة وحثّ على تعلّمها، وكان ذلك الموقف من الكتابة والتدوين هو السبب الرئيسيّ في كتابة المؤلّفات وتأليف الكتب العديدة الذي كان ـ بدوره ـ خير وسيلة لأحياء العلم، والابقاء عليه فقد روي أنّه كتب الشيعة وحدهم ما يقارب (١٠) آلاف كتاب خلال عهد الإمامين الباقرين خاصّة(٢) .

ولقد وردت أحاديث كثير في هذا الصدد يضيق المجال بذكرها في هذه العجالة ولكنّنا ندرج هنا بعضها على سبيل المثال :

عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « قيّدُوا العلم بالكتابة »(٣) .

__________________

(١) تحف العقول: ٢٤٦.

(٢) المراجعات: ٣٣٧ المراجعة (١١٠).

(٣) تحف العقول كما في الذريعة ١: ٦، المستدرك للحاكم ١: ١٠٦، كنز العمال ٥: ٢٧٧، البيان والتبيين ١: ١٦١.

٤٤٧

وعن عبد الله بن عمر قال قلت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أقيّد العلم ؟ قال: « نعم »، قيل وما تقييده ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كتابتُهُ »(١) .

وعن أبي بصير قال دخلت على أبي عبد الله ( الصادق ) فقال: « ما يمنعُكُم من الكتابة، إنّكُم لن تحفظُوا حتّى تكتبُوا »(٢) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا مات ابنُ آدم انقطع عملهُ إلّا من ثلاث :

صدقة جارية، أو علم ينتفعُ به أو ولد صالح يستغفُر لهُ »(٣) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « المُؤمنُ إذا مات وترك ورقةً واحدةً عليها علم تكُونُ تلك الورقةُ سُتراً فيما بينهُ وبين النّار وأعطاهُ الله بكُلّ حرف مكتُوب عليها مدينةً في الجنّة »(٤) .

وعنهعليه‌السلام أيضاً أنّه قال: « احتفظُوا بكُتبكُم فسوف تحتاجُون إليها »(٥) .

وقالعليه‌السلام : « القلبُ يتّكلُ على الكتابة »(٦) .

وقالعليه‌السلام : « اُكتُب وبُث علمك في إخوانك فإن متّ فأورث كُتُبك بنيك فإنّهُ يأتي على النّاس زمان هرج ما يأنسُون إلّا بكُتُبهم »(٧) .

وعن الإمام الحسنعليه‌السلام أنّه دعا بنيه وبني أخيه فقال: « إنّكُم صغار قوم ويُوشكُ أن تكُونُوا كبار قوم آخرين فتعلّمُوا العلم فمن لم يستطع منكُم أن يحفظهُ فليكتُبهُ وليضعهُ في بيته »(٨) .

هذا وللإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام تعاليم لطيفة في مجال الكتابة وتحسين الخطّ فقد قال لكاتبه عبيد الله بن أبي رافع: « ألق دواتك، وأطل جلفة(٩) قلمك ،

__________________

(١) راجع الذريعة ١: ٦، التاج ١: ٦١.

(٢) مشكاة الأنوار للطبرسيّ: ١٤٢، وروي في الكافي ١: ٥٢ بهذه الصورة: « اكتُبُوا فإنّكُم لا تحفظُون حتّى تكتبُوا ».

(٣) رواه الخمسة إلّا البخاريّ، راجع التاج ١: ٦٦.

(٤) أوثق الوسائل: المقدّمة.

(٥ و ٦ و ٧) الكافي ١: ٥٢.

(٨) بحار الأنوار ٢: ١٥٢.

(٩) الجلفة ما بين مبراه وسنته.

٤٤٨

وفرّج بين السّطُور وقرمط(١) بين الحُرُوف، فإنّ ذلك أجدرُ بصباحة الخطّ »(٢) .

كما روي عنهعليه‌السلام قوله: « الخطّ الحسن يزيد الحقّ وضوحاً »(٣) .

هكذا حثّ الإسلام على الكتابة حثّا بليغاً، وأكيداً، وكفى في ذلك أنّ الله تعالى أقسم بالقلم باعتباره وسيلة فعّالة لنقل المعرفة وتدوينها، وإبقائها.

بحث وتنقيب

ولعلّك تقول: لو حثّ الإسلام مثل هذا الحثّ على الكتابة والتدوين فلماذا نهى الخليفة الثاني عن كتابة الحديث في حين كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يحثّ أصحابه على كتابة ما يسمعونه منه. فقد أخرج صاحب غوالي اللئالي عن عمر بن شعيب عن أبيه وجدّه قال قلت: يا رسول الله أكتب كلّ ما أسمع منك ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « نعم »، قال: قلت في الرضا والغضب ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « نعم فإنّي لا أقول في ذلك كلّه إلّا الحقّ »(٤) .

وقد أملىصلى‌الله‌عليه‌وآله كتباً في الشرائع والأحكام كان قد جهّز بها رسله وعمّاله في الأقطار المفتوحة وقد احتفظ بها المسلمون وأوردها أصحاب السير والمعاجم وأهل الحديث والتفسير في كتبهم وهذه الصحف تعرب قبل كلّ شيء عن عناية الرسول بحفظ علوم الرسالة وذخائر النبوّة وأحكام الدين ودساتيره ليستفيد منها القريب ويرجع إليها النائي.

وقد تواتر عن الفريقين أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قبض وفي قراب سيفه أو ذؤابة سيفه كتاب أو كتابان(٥) .

__________________

(١) القرمطة بين الحروف، المقاربة بينها وتضييق فواصلها.

(٢) نهج البلاغة: قصار الكلم ( الرقم ٣١٥ ).

(٣) حديث مشهور.

(٤) راجع الذريعة ١: ٦، التاج ١: ٦١.

(٥) صرّح بذلك إمام الحنابلة في مواضع من مسنده راجع المسند ١: ٨١، ١٠٠، ١١٩، ١٢٦، ١٣٢، صحيح مسلم ٤: ٢١٧، السنن الكبرى ٨: ٣٠.

٤٤٩

وقد اعتمد على هذا الكتاب أئمّة أهل الحديث في مختلف الأبواب والأحكام واكثر النقل عنه المحدّث الحرّ العامليّ في جامعه الكبير وينهي إسناده إلى أئمّة أهل البيت(١) .

قال ابن عمر: إنّ قريشاً قالت: إنّك تكتب عن رسول الله وهو بشر يغضب يعنون به أنّه يقول عند الغضب باطلاً، فعرضت كلامهم على رسول الله قال: « اكتب فإنّي لا أقُولُ إلّا حقّاً » أو أشار إلى شفتيه وقال: « لا يخرُجُ منهُما إلّا الحقّ اكتُب »(٢) .

وقد أملى رسول الله كثيراً من الأحكام على ( علي ) فدوّن أمالي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حياته، واشتهر بكتاب عليّ، وقد روى عنه البخاريّ في صحيحه في باب كتابة الحديث وباب « إثم من تبرّأ من مواليه ».

وقد أكثر عنه النقل الإمامان الباقر والصادقعليهما‌السلام ورآه كثير من أصحابهما كزرارة بن اُعين ومحمد بن مسلم وأبي بصير ونظرائهم.

وأخرج الشيخ أو العباس النجاشي ( المتوفّى عام ٤٥٠ ) في ترجمة « محمّد بن عذافر » عن عذار الصيرفيّ قال: كنت مع الحكم بن عيينة، عند أبي جعفر محمّد بن علي الباقرعليه‌السلام فجعل يسأله وكان أبو جعفر له مكرهاً فاختلفا في شيء، فقال أبو جعفر: « يا بنيّ قم فأخرج كتاب عليّ » فاخرج كتاباً مدرجاً عظيماً، ففتح وجعل ينظر حتى أخرج المسألة، فقال أبو جعفر: « هذا خطّ عليّ وإملاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأقبل على الحكم وقال: « يا أبا محمّد: إذهب وسلمة والمقداد حيث شئتم يميناً وشمالاً، فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرائيل »(٣) .

والحديث عمّا كتبه عليّعليه‌السلام كثير، وأخرج المشايخ والمحمّدون الثلاثة روايات جمّة عنه ينتهون بإسنادها إلى أئمة الحديث مبثوثة في كتب الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحجّ والجهاد والأمر بالمعروف والتجارة والوصايا والطلاق والنكاح

__________________

(١) راجع وسائل الشيعة كتاب القصاص.

(٢) مستدرك الحاكم ١: ٤.

(٣) فهرست النجاشيّ: ٢٥٥ ( طبعة الهند ).

٤٥٠

والأطعمة والأشربة والحدود والقصاص والديات والقضاء والأيمان والصيد والميراث وإحياء الموات(١) .

ثمّ إنّ الشيعة في الصدر الأوّل اقتفوا أثر إمامهم في الكتابة والتأليف فاهتمّوا بجمع أحاديث الأحكام والفرائض والقضايا وأخبار المغازي، وتراجم الرجال وقد جمع أسماءهم الشيخ أبو العباس النجاشيّ في أوّل رجاله.

ثمّ الذين نشأوا بعد الطبقة الاُولى نهجوا منهاج سلفهم، حذو القذّة بالقذّة في كلّ قرن وجيل ؛ رغم ما كانت تواجههم من الظروف القاسية والكوارث الداهمة ورغم ما كانوا يعانون من السلطات الغاشمة

فإنّ الشيعة رغم كلّ تلك المصاعب ألّفوا كتباً ثمينة جمعوا فيها شذرات الحديث وشوارد السير واُصول الأخلاق، ونهضوا بهذه المهمّة بعزم راسخ لا يعرف الكلل والملل مثابرين على العمل، ومعانين في طريق هدفهم كثيراً من الأذى حفاظاً على حياض الشريعة الإسلاميّة وصوناً لكنوزها، وبثّاً لتعاليم الحنيفيّة البيضاء.

وقد ترجم الشيخ أبو العباس النجاشيّ صاحب الفهرست المعروف في صدر كتابه بعض رجال الشيعة ممّن يعدّون من المؤلّفين في الطبقة الاُولى.

ودونك أسماء عدّة منهم من الذين ذكرهم الشيخ أبو العباس النجاشيّ بهذا العنوان في أوّل فهرسته :

١. أبو رافع ؛ مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصاحب بيت مال أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام صنف كتاب السنن والأحكام والقضايا.

٢. عبيد الله بن أبي رافع ؛ كاتب أمير المؤمنين وأوّل من ألّف في الرجال، ترجم من أصحاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله من شهد منهم حروب أمير المؤمنينعليه‌السلام الجمل وصفين.

__________________

(١) راجع وسائل الشيعة في هذه الكتب وقد جمع العلاّمة الشيخ الأحمديّ في كتابه القيّم « مكاتيب الرسول » ١: ٨٢ ـ ٨٨ ما بثّه صاحب الوسائل في جامعه على نسق الكتب الفقهيّة.

٤٥١

٣. عليّ بن أبي رافع ؛ كاتب أمير المؤمنينعليه‌السلام صنف كتاباً في فنون من الفقه: الوضوء والصلاة وسائر الأبواب.

٤. ربيعة بن سميع ؛ صنّف كتاب زكاة النعم على ما سمعه عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في صدقات النعم وما يؤخذ من ذلك.

٥. أبو صادق سليم بن قيس الهلالي ؛ صاحب أمير المؤمنين ألّف أصله المعروف المطبوع.

٦. الأصبغ بن نباتة المجاشعيّ، من خيار أصحاب أمير المؤمنين ومن شرطة الخميس له كتاب عهد أمير المؤمنين إلى مالك الأشتر النخعيّ ووصيّته إلى ابنه محمّد بن الحنفيّة.

٧. أبو عبد الله سلمان الفارسي ؛ له كتاب ( خبر جاثليق ) وقد أملى الخطبة الطويلة والاحتجاجات.

٨. أبو ذرّ الغفاري ؛ له كتاب وصايا النبيّ وشرحه العلاّمة المجلسي وأسماه عين الحياة.

هذا حال الطبقة الاُولى منهم وأمّا الذين أتوا بعدهم فالرواة منهم المعاصرون للأئمّة الهداة في مجموع القرنين منذ قبض الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى عصر العسكريعليه‌السلام لم يؤثر عنهم فتور في تدوين العلوم وضبط الحديث، وجمع قواعد الفقه وتنسيق طبقات الرجال وضمّ حلقات التفسير وإتقان مباني واُسس الكلام إلى غير ذلك.

كلّ ذلك يشهد على مبلغ اهتمامهم بتلقّي أنواع المعارف والعلوم من معادنها في السرّ والعلانية، وتغنينا عن إفاضة القول وسرد الشواهد، الفهارس المؤلّفة لكتب الشيعة في القرون الإسلاميّة الغابرة ولا سيّما ما ألّفه العلاّمة المتتبّع المغفور له الشيخ أغا بزرگ الطهرانيّ في أثره الخالد ( الذريعة إلى تصانيف الشيعة ) المطبوع في خمسة وعشرين جزء.

٤٥٢

وأظنّ أنّ الموضوع لا يحتاج إلى أن نتوسّع فيه أكثر من ذلك وهذا كتاب الله سبحانه يحثّ في أطول آيات كتابه(١) على كتابة ما يتوصّل بها إلى حفظ عرض دنيويّ زائل ومتاع مندثر، أفلا يجوز لنا من هذا الحثّ الأكيد استنباط لزوم الاهتمام بما ننال به المقاصد العالية ويفوز الإنسان به بالسعادة الخالدة ؟

حول الحديث الموضوع

وبعد ذلك كله لا اعتبار بما نسبوه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أنّه قال: « لا تكتبوا عنّي شيئاً سوى القرآن فمن كتب عنّي غير القرآن فليمحه »(٢) أو أنّه لم يأذن بكتابة الحديث على ما رواه الترمذيّ عن أبي سعد قال: استأذنا النبيّ في الكتابة فلم يأذن لنا(٣) .

وأغرب منه ما رواه الحاكم بسنده عن عائشة قالت: جمع أبي الحديث عن رسول الله فكانت خمسمائة حديث فبات يتقلّب، قالت فغمّني كثيراً، فقلت يتقلّب لشكوى أو لشيء بلغه، فلّما أصبح قال: أي بنيّة هلمّي الأحاديث التي عندك ! فجئته بها فأحرقها، وقال خشيت أن أمُوت وهي عندك فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدّثني فأكون قد تقلّدت ذلك(٤) .

وأظنّ أنّ ما اُلصق برسول الله من مختلقات الحديث وضعها القائل أو القائلون لأغراض وغايات سياسيّة وأظنّ أنّ الذي دفع الوضّاعين إلى إعزاء ما اختلقوه إلى رسول الله أحد أمرين أو كليهما :

إمّا لأنّ المعتمد في كتابة أحاديث الرسول آنذاك كان هو الإمام عليّعليه‌السلام دون سائر الصحابة، وكان ذلك يعدّ فضيلة رابية للإمام، فحاول أعداؤه ومناوؤه طمسها فاختلقوا ما اختلقوا لكي يصبح عمل الإمام في استقلاله بالتدوين، أو تبرّزه في هذا الباب عملاً غير مشروع.

__________________

(١) سورة البقرة ٢: الآية (٢٨٢) آية الدين.

(٢) رواه الدارميّ في مقدّمة سننه.

(٣) صحيح الترمذيّ ٢: ٩١ ( طبعة الهند ).

(٤) جمع الجوامع للسيوطيّ ٢: ١٤٧.

٤٥٣

وإمّا لأنّ تلك الأحاديث فيها الكثير ممّا قاله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في فضل عليّعليه‌السلام وعظم شأنه، فلو سوّغت كتابة الأحاديث وأحاط بها الناس علماً وتناقلها المسلمون في شتّى الأقطار، لأدّت إلى ظهور الإمامعليه‌السلام على سائر الصحابة، وكونه الأحقّ في تسنّم منصب الخلافة بعد الرسول وفي ذلك ما فيه من الخطر على من تسنّموا عرشها بغير حقّ وبغير دليل.

فلو كان كتابة الحديث وضبطه في الصحائف والجلود أمراً مرغوباً عنه فلماذا أملى النبيّ بنفسه كتباً في الشرائع والأحكام وجهّز بها رسله وعماله في الأقطار المفتوحة.

ولو كان نهي النبيّ بمرأى ومسمع من أصحابه وأنصاره، فلماذا استفتى عمر أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك فأشاروا عليه أن يكتب فطفق عمر يستخير الله شهراً ثمّ أصبح يوماً وقد عزم الله له فقال: إنّي كنت اُريد أن أكتب السنن وإنّي ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً فأكبّوا عليها وتركوا كتاب الله وإنّي والله لا أشوب كتاب الله بشيء أبداً ولا اُلبس كتاب الله بشيء أبداً(١) .

والعذر الذي جاء به الخليفة في كلامه يشبه ما في كلام بعضهم في تفسير نهي النبيّ عن الكتابة من أنّ نهيهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن كتابة الحديث كان لخوفهصلى‌الله‌عليه‌وآله من اختلاط الحديث بالقرآن.

ولا يخفى ما فيه من الخبط والخطأ فإنّ ما يفسده أكثر ممّا يصلحه إذ معنى ما ذكره هو إبطال معجزة القرآن وهدم اُصولها من القواعد، وإنّ معنى ذلك كون بلاغة القرآن والحديث والخطب المرويّة من باب واحد هو باطل، والله سبحانه يقول:( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) ( الإسراء: ٨٨ ).

وقد حقّق في محلّه أنّ القرآن وحي بلفظه ومعناه، لا يشبه كلام الإنسان من حيث

__________________

(١) رواه الكاتب المتتبع المعاصر أبو ريّه عن الحافظ بن عبد ربه والبيهقي في أضواء على السنّة المحمديّة ص ٤٣.

٤٥٤

الصياغة والانسجام، والحديث وحي بمعناه دون لفظه، فهو من جهة اللفظ والصياغة كلام بشريّ يمكن مباراته.

وهناك عذر آخر لا يقلّ في الوهن والضعف عن الأوّل جاء به بعض المعاصرين قال: يمكن أن تكون حكمة النهي عن كتابة الحديث هو أن لا تكثر أوامر التشريع، ولا تتّسع أدلّة الأحكام وهو ما كان يتحاشاهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى كان يكره كثرة السؤال، أو يكون من أحاديث في اُمور خاصّة بوقتها بحيث لا يصح الاستمرار في العمل بها. ونحن لا نعلّق عليها إلّا شيئاً طفيفاً إذ القارئ الكريم أعرف بحالها، إذ أي صلة بين كتابة حديث نافع وسنّة متّبعة تتّصل بحياة المسلمين الفرديّة والاجتماعيّة وتحتلّ مكاناً سامياً في استنباط كثير من الأحكام التي كانوا يواجهونها بعد عصر الرسالة عندما توسّعت الحكومة الإسلاميّة وتلوّنت حياتهم بألوان حضارة جديدة، ولم يكن لهم بها عهد في عصر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين كثرة السؤال عن أشياء لا تهمّ السائل معرفتها.

على أنّ ما اعتذر به الكاتب في تصحيح النهي عن تدوين السنّة يستدعي النهي عن كتابة القرآن وهما في المقام سواسية، لأنّ عمق معاني القرآن وغزارة مقاصده تؤدّي بالباحث إلى كثرة التساؤل واتّساع أدلّة الأحكام وتكثر أوامر التشريع، وبالتالي يستلزم تسلسل الأسئلة.

ولا يتردّد المحقّق الباحث في أنّ ما عزوه إلى النبيّ من مخاريق الأوهام الباطلة التي نحتوها لأغراض سياسيّة، لتصحيح فعل الخليفة ونهيه عن كتابة الحديث وسنّة النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وما ارتكبه الخليفة عثرة لا تقال، فالله يعلم كم خسر الإسلام والمسلمون من جرّائها لولا أن تدارك الخسران العظيم عمر بن عبد العزيز فكتب من الشام إلى أبي بكر ابن حزم وهو من كبار المحدّثين بالمدينة: انظر من حديث رسول الله فاكتبه، فإنّي خفت دروس العلم وذهاب العلماء(١) .

__________________

(١) صحيح البخاريّ ١: ٢٧ كتاب العلم.

٤٥٥

برامج الحكومة الإسلاميّة ووظائفها

٢

الحكومة الإسلاميّة

والحقوق الفرديّة والاجتماعيّة

حاجة المجتمعات إلى الحقوق

بما أنّ الإنسان بطبيعته ذو تطلّعات وحاجات تزداد بتوسّع التمدّن وتقدّم الحضارة، وبما أنّ الحياة الاجتماعيّة لا تنفكّ عن إقامة العلاقات والروابط بين أبناء البشريّة، وبما أنّ وصول الأفراد إلى تطلّعاتهم وحاجاتهم لا ينفكّ عن التزاحم والتصادم والاختلاف والتشاجر، كان لا بدّ من حلّ هذا الاختلاف والتنازع، ووضع العلاقات الاجتماعيّة في الإطار الصحيح.

وقد كان هذا الحلّ يتمّ ـ في العصور السابقة ـ بالقوّة، وقدرة السلاح وكان المنطق الحاكم هو ( الحقّ لمن غلب )، غير أنّ تقدّم البشريّة في مدارج التربية أوجد لديها فكرة التنظيم وحلّ الاختلافات بين أفراد البشر بغير وسيلة القوّة، والسلاح، ومن هنا تكوّن ما يسمّى بعلم الحقوق، فعلم الحقوق عبارة عن الاُصول والقواعد التي تنظّم علاقات الأفراد، والتي يجب أن تسود المجتمعات حتماً، ولا يتخلّف عنها أحد أبداً.

٤٥٦

وبعبارة اُخرى ؛ إنّ الحقوق عبارة عن ( مجموع القواعد والقوانين المقرّرة لحفظ الأفراد وترقية المجتمع البشريّ، وعلى ذلك ينطبق علم الحقوق على قسم من الفقه الإسلاميّ، ويكون شعبة من الفقه ).

ولقد كان الفقه الإسلاميّ القانون الوحيد الحافظ لحقوق الأفراد والجماعات في الشرق الإسلاميّ إلى أوائل القرن الرابع عشر حتّى أن قامت الثورات الشعبية (؟) وأسّست مجالس الاُمّة، وسنّت القوانين الجديدة، وتركت القوانين الإسلاميّة جانباً وقد خسر المسلمون، بالعدول عن القوانين الإسلاميّة إلى تلك القوانين البشريّة المقتبسة من الغرب، خسر المسلمون ـ بسبب ذلك ـ العدل والرحمة، والإنسانيّة والاستقرار والدقّة.

تقسيمات الحقوق

لقد قسّم علماء الحقوق القوانين والحقوق(١) إلى :

أ ـ داخليّة ؛ تختصّ بالعلاقات المتقابلة بين أفراد الاُمّة الواحدة.

ب ـ خارجيّة ؛ تختص بالعلاقات المتقابلة بين الأمم والدول المختلفة.

وكلّ من الداخليّة والخارجيّة ينقسمان إلى خاصّة، وعامّة، وإليك فيما يأتي تفصيل هذه التقسيمات إجمالاً :

أ ـ الحقوق الداخليّة

والعامّة منها تنقسم إلى ثلاث شعب هي :

الاُولى / القانون الأساسيّ الذي يقوم في إطاره كلّ الروابط والعلاقات بين الأفراد، وتقوم كلّ التشكيلات الحاكمة على حياة الاُمّة فهو بمثابة ( الاُسس الكليّة لأي

__________________

(١) ليس المراد بالحقوق ـ هنا ـ هو المعنى الخاصّ له، بل هو مطلق القوانين ولذلك يكون الحقوق بمعناه الخاصّ المصطلح فقهياً جزءاً من هذا البحث.

٤٥٧

نظام ).

الثانية / القوانين المختصّة بالدوائر الحكوميّة وحدود وظائفها، وما يحدّد علاقات الأفراد ( موظّفين ومراجعين ) بها.

الثالثة / الحقوق والقوانين الجزائيّة التي يتميّز بها المعتدي عن غير المعتدي والمجرم عن غير المجرم، وتكون مانعة للأفراد عن الأعمال والتصرّفات المخلّة بالنظام.

وأمّا الخاصّة فهي تنقسم أيضاً إلى ثلاث شعب هي :

الاُولى / الحقوق المدنيّة وهي المتعلّقة بالأفراد في إطار العلاقات العائليّة والتي تسمّى الآن بالأحوال الشخصيّة، كالنكاح والطلاق والميراث وما شابه.

الثانية / القوانين والمسائل المرتبطة بالقضاء التي يستطيع الأفراد بالتوسّل بها أن يستوفوا حقوقهم الضائعة.

الثالثة / القوانين المتعلّقة بالعلاقات والمبادلات التجاريّة.

ب ـ الحقوق الخارجيّة ( الدوليّة )

والعامّة منها هي التي تبيّن وترسم كيفية علاقات الدول مع الدول، والحكومات مع الحكومات، ويندرج في ذلك المعاهدات وغيرها ممّا يدور بين الدول.

والخاصّة، هي التي ترتبط بعلاقة الدولة أو أفراد الشعب مع أتباع دولة اُخرى.

هذه هي ثمانية أنواع من القوانين والحقوق حسب التقسيم الحديث.

الإسلام والحقوق

لقد حظيت الحقوق ـ في الفقه الإسلاميّ ـ بأفضل مكانة في تشريعاته وتعاليمه بل إنّ الحقوق التي رسمها الإسلام وبيّنها على لسان القرآن أو السنّة الشريفة تعتبر من أدقّ، وأمتن الحقوق، وأكثرها إنسانيّة ورحمة وعقلانيّة. غير أنّ هناك ـ مضافاً إلى ذلك ـ خصائص تمتاز بها الحقوق الإسلاميّة عن الحقوق التي تطرحها القوانين البشريّة

٤٥٨

الوضعيّة هي :

أوّلاً: انّ الحقوق والقوانين التي جاء بها الإسلام تستمدّ اُصولها، وجزئياتها من ( الوحي الإلهيّ )، ولذلك فهي لا تقبل التغيير والتبديل، ولكنّ الحقوق التي طرحتها الأنظمة البشريّة فحيث أنّها تنبع من العلم البشريّ المحدود فهي تتعرّض دائماً للتغيير والتطوير لضيق آفاق العقل البشريّ.

ثانياً: أنّ الحقوق في الإسلام حيث تكون تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية ونابعة من الملاكات الحقيقيّة فإنّها لا تخضع لأيّ زيادة أو نقصان وأيّ تطوير وتحوير، لانّها تقوم على أساس الواقع الإنسانيّ الثابت، والفطرة الحقيقيّة التي لا تتغيّر، والمصالح والمفاسد الموجودة في أفعال الإنسان وأعماله، ولكنّ الحقوق التي عرضتها الأنظمة والقوانين الوضعيّة حيث تنبع من الأهواء والميول والرغبات الفرديّة أو الجماعيّة فإنّها كثيراً ما تنالها أيدي التطوير والحذف لما يظهر فيها من عجز وضعف.

نعم إنّ القوانين والحقوق الإسلاميّة وإن كان بعضها يتغيّر شكلاً وإطاراً لكنّها لا تتغيّر جوهراً ومضموناً، ولقد أشبعنا القول في هذا الأمر في بحث الخاتميّة(١) .

ثالثاً: إنّ القوانين الإسلاميّة حيث تكون صادرة من مصدر ربّانيّ وتكون موجّهة إلى مؤمنين معتقدين بشرائعه ووعوده ومواعيده تتمتّع طبعاً وبالذات بخاصّية الانقياد النفسيّ والخضوع الكامل والطاعة التامّة لها.

وحيث تكون القوانين الوضعيّة البشريّة صادرة من الأدمغة البشريّة لا يجد الإنسان أي دافع ذاتيّ إلى التقيّد بها وتطبيق العمل عليها إلّا بدافع الإكراه وتحت طائلة القانون، وخوفاً من سلطات الدولة.

ولا يخفى على أي ذي لبّ رجحان الأوّل على الثاني في ميزان الحياة.

ثمّ إنّ اُمّهات هذه التقسيمات الحديثة الثمانية من القوانين والحقوق موجودة

__________________

(١) راجع هذا البحث في الجزء الثالث من المجموعة القرآنيّة التي تفسير الآيات تفسيراً موضوعياً وفي ضوء القرآن.

٤٥٩

بمغزاها في التشريع الإسلاميّ وإن لم تكن تحت العناوين والتسميات الحديثة فالقانون الأساسيّ في الإسلام هو عبارة عن الأحكام والاُصول الكليّة الموجودة في الكتاب والسنّة غير المتغيّرة عبر الزمان والمكان، والتي يجب أن يقوم عليها كلّ تخطيط وتنظيم لحياة المسلمين في جميع المجالات.

أمّا النظام الإداريّ ( وهو القسم الثاني من الحقوق الداخليّة العامّة ) فتجدها مذكورة بتوسّع وتفصيل في كتب الفقه وقد أخذها فقهاء الإسلام من سيرة النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وسنّته الشريفة، وسيرة الإمام عليّ وكلماتهعليه‌السلام وغيرهما في المجال الإداريّ والتدبير الحكوميّ، ويمكن للقارئ الكريم أن يقف على الكثير منها في الكتابين التاليين :

١. الراعي والرعيّة للفكيكيّ.

٢. نظام الحكم والإدارة في الإسلام للقرشيّ وغيرهما.

وأمّا الحقوق والقوانين الجزائيّة فقد ألّف فيها علماء الإسلام المطوّلات والمختصرات التي تحتوي على تفصيلاتها وجزئيّاتها فلاحظ كتب الحدود والقصاص والديات هذا كلّه في مجال الحقوق والقوانين الداخليّة العامّة.

وأمّا الداخليّة الخاصّة الراجعة إلى العلاقات العائليّة والشخصيّة فقد بسط فيها الفقهاء القول تحت عنوان « الأحوال الشخصيّة » والمذكورة ـ قديماً ـ تحت عناوين النكاح والطلاق والميراث والوصايا وما شابهها.

وأمّا ما يرجع إلى القضاء فقد بحث عنها الفقهاء تحت عنوان القضاء والشهادات.

وأمّا ما يرجع إلى ( العلاقات التجاريّة ) فقد بيّن الفقهاء أحكامها المفصّلة في كتبهم تحت العناوين التالية: التجارة، الخيار، السلف، المفلس، الحجر، الضمان، الصلح، العارية، الوديعة، الشركة، المضاربة، المزارعة، المساقاة، الإجارة، الوكالة، الوقف، السبق والرماية.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

المجلس من عتقائك من النار ، عتقا لا رق بعده.

اللهم إني أسألك بحرمة وجهك الكريم ان تجعل يومي هذا خيريوم عبدتك فيه منذ أسكنتني الأرض ، أعظمه اجرا ، وأعمه نعمةوعافية ، وأوسعه رزقا ، وابتله عتقا من النار ، وأوجبه مغفرة ، وأكملهرضوانا ، وأقربه إلى ما تحب وترضى ، اللهم لا تجعله اخر شهر رمضانصمته لك ، وارزقني العود فيه ثم العود فيه ، حتى ترضى وترضي كلمن له قبلي تبعة ، ولا تخرجني من الدنيا الا وأنت عني راض.

اللهم اجعلني من حجاج بيتك الحرام في هذا العام ، المبرورحجهم ، المشكور سعيهم ، المغفور ذنبهم ، المستجاب دعاؤهم ،المحفوظين في أنفسهم وأديانهم ، وذراريهم وأموالهم ، وجميع ماأنعمت به عليهم.

اللهم اقلبني من مجلسي هذا وفي يومي هذا وفي ساعتي هذهمفلحا منجحا ، مستجابا دعائي ، مرحوما صوتي ، مغفورا ذنبي ، اللهمواجعل فيما شئت واردت ، وقضيت وحتمت وأنفذت ، ان تطيلعمري ، وان تقوي ضعفي ، وتجبر فاقتي ، وان ترحم مسكنتي ، وان تعزذلي ، وتونس وحشتي.

وان تكثر قلتي ، وان تدر رزقي في عافية ويسر وخفض عيش ،وتكفيني كل ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي ، ولا تكلني إلى نفسيفأعجز عنها ، ولا إلى الناس فيرفضوني ، وعافني في نفسي وبدني

٦٤١

وأهلي وولدي ، وأهل مودتي وجيراني وإخواني وذريتي ، وان تمنعلي بالأمن ابدا ما أبقيتني.

توجهت إليك بمحمد وال محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقدمتهمإليك امامي ، وامام حاجتي وطلبتي وتضرعي ومسألتي ، فاجعلني بهمعندك وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ، فإنك مننت عليبمعرفتهم ، فاختم لي بها السعادة انك على كل شئ قدير.

اللهم ولا تبطل عملي وطمعي ورجائي يا الهي ومسألتي ،واختم لي بالسعادة والسلامة والاسلام ، والامن والايمان ، والمغفرةوالرضوان ، والشهادة والحفظ يا منزلا به كل حاجة ، يا الله ـ ثلاثمرات ، أنت لكل حاجة فتول عاقبتها ، ولا تسلط علينا أحدا من خلقكبشئ لا طاقة لنا به من أمر الدنيا ، وفرغنا لأمر الآخرة.

يا ذا الجلال والاكرام صل على محمد وال محمد ، وبارك علىمحمد وال محمد ، وسلم على محمد وال محمد ، وتحنن على محمدوال محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت وسلمت وتحننتومننت على إبراهيم وال إبراهيم انك حميد مجيد(١) .

ويستحب ان يدعو بدعاء علي بن الحسينعليهما‌السلام وقد تقدم ذكرهوهو :

__________________

(١) رواه الشيخ في مصباحه : ٦٥٥ ، والسيد في الاقبال ١ : ٤٧٢ ، والكفعمي في البلدالأمين : ٢٦٩ ، عنهم البحار ٩١ : ٢ ، ٩٨ : ٢٠٣.

٦٤٢

يا من يرحم من لا يرحمه العباد(١) .

ثم تسجد وتقول :

أعوذ بك من نار حرها لا يطفى ، وحديدها لا يبلي ، وعطشانهالا يروى.

ثم يقلب خده الأيمن ويقول :

الهي لا تقلب وجهي في النار بعد سجودي وتعفيري لك بغير منمني عليك بل لك المن علي.

ويقلب خده الأيسر ويقول :

ارحم من أساء واقترف واستكان واعترف.

ثم يعود إلى السجود ويقول :

ان كنت بئس العبد فأنت نعم الرب ، عظم الذنب من عبدكفليحسن العفو من عندك يا كريم ، العفو العفو ـ مائة مرة.

__________________

(١) مر قبيل هذا ذكره.

٦٤٣

٦٤٤

القسم الثامن

في زيارات الأئمةعليهم‌السلام

٦٤٥

٦٤٦

الباب (١)

مختصر زيارة لعلي بن موسى الرضاعليهما‌السلام

اخبرني بهذه الزيارة الشيخ الفقيه أبو محمد عبد الله الدوريستيرضي‌الله‌عنه ، عن جده ، عن أبيه ، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بنالحسين بن بابويه ، قال : ذكر بهذه الزيارة شيخنا محمد بن الحسن فيجامعه فقال :

إذا أردت زيارة الرضاعليه‌السلام بطوس فاغتسل عند خروجك منمنزلك وقل حين تغتسل :

اللهم طهرني وطهر قلبي ، واشرح لي صدري ، واجر على لسانيمدحتك والثناء عليك ، فإنه لا قوة الا بك ، اللهم اجعله لي طهوراوشفاء ونورا.

وتقول حين تخرج :

بسم الله وبالله والى الله ، والى ابن رسول الله ، حسبي الله ،توكلت على الله ، اللهم إليك توجهت ، واليك قصدت ، وما عندكأردت.

٦٤٧

فإذا خرجت فقف على باب دارك وقل :

اللهم إليك وجهت وجهي ، وعليك خلفت أهلي ومالي ، وماخولتني ، وبك وثقت فلا تخيبني ، يا من لا يخيب من اراده ، ولا يضيعمن حفظه ، صل على محمد وال محمد ، واحفظني بحفظك ، فإنهلا يضيع من حفظت.

فإذا وافيت سالما فاغتسل وقل حين تغتسل :

اللهم طهرني وطهر به قلبي ، واشرح لي صدري ، واجر علىلساني مدحتك ومحبتك والثناء عليك ، فإنه لا قوة الا بك ، وقد علمت أنقوة ديني التسليم لأمرك والاتباع لسنة نبيك والشهادة على جميعخلقك ، اللهم اجعله لي شفاء ونورا ، انك على كل شئ قدير.

والبس أطهر ثيابك وامش حافيا ، وعليك السكينة والوقار ،بالتكبير والتهليل والتمجيد ، وقصر خطاك وقل حين تدخل :

بسم الله وبالله وعلى ملة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، اشهدان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،وان عليا ولي الله.

وسر حتى تقف على قبره وتستقبل وجهه بوجهك واجعل القبلةبين كتفيك وقل :

اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبدهورسوله ، وانه سيد الأولين والآخرين ، وانه سيد الأنبياء والمرسلين.

٦٤٨

اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وسيد خلقكأجمعين ، صلاة لا يقوى على احصائها غيرك.

اللهم صل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، عبدك وأخيرسولك الذي انتجبته بعلمك ، وجعلته هاديا لمن شئت من خلقك ،والدليل على من بعثته برسالاتك ، وديان الدين بعدلك ، وفصل قضائكبين خلقك ، والمهيمن على ذلك كله ، والسلام عليه ورحمة اللهوبركاته.

اللهم صل على فاطمة بنت نبيك ، وزوجة وليك ، وأم السبطينالحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، الطهرة الطاهرة ، المطهرةالرضية الزكية ، سيدة نساء أهل الجنة أجمعين صلاة لا يقوى علىاحصائها غيرك.

اللهم صل على الحسن والحسين ، سبطي نبيك ، وسيدي شبابأهل الجنة ، القائمين في خلقك ، والدليلين على من بعثت برسالاتك ،ودياني الدين بعدلك ، وفصلي قضائك بين خلقك.

اللهم صل على علي بن الحسين ، عبدك القائم في خلقك ،والدليل على من بعثته برسالاتك ، وديان الدين بعدلك ، سيد العابدين.

اللهم صل على محمد بن علي ، عبدك وخليفتك في ارضك ، باقرعلم النبيين ، اللهم صل على جعفر بن محمد الصادق ، عبدك ووليدينك ، وحجتك على خلقك أجمعين.

٦٤٩

اللهم صل على موسى بن جعفر ، عبدك الصالح ، ولسانك فيخلقك ، الناطق بحكمتك ، والحجة على بريتك.

اللهم صل على علي بن موسى الرضا المرتضى ، عبدك ووليدينك ، القائم بعدلك ، والداعي إلى دينك ودين ابائه الصادقين ، صلاةلا يقوى على احصائها غيرك.

اللهم صل على محمد بن علي عبدك ووليك ، القائم بأمرك ،والداعي إلى سبيلك ، اللهم صل على علي بن محمد ، عبدك ووليدينك.

اللهم صل على الحسن بن علي ، العامل بأمرك ، والقائم فيخلقك ، وحجتك على عبادك ، المؤدي عن نبيك ، وشاهدك علىخلقك ، المخصوص بكرامتك ، الداعي إلى طاعتك وطاعة رسولكصلواتك عليهم أجمعين.

اللهم صل على حجتك ووليك ، القائم في خلقك ، صلاة ناميةباقية ، تعجل بها فرجه ، وتنصره بها ، وتجعلنا معه في الدنيا والآخرة.

اللهم إني أتقرب إليك بحبهم ، وأوالي وليهم ، وأعادي عدوهم ،فارزقني بهم خير الدنيا والآخرة ، واصرف عني بهم شر الدنيا والآخرةوأهوال يوم القيامة.

ثم تجلس عند رأسه وتقول :

السلام عليك يا ولي الله ، السلام عليك يا حجة الله ، السلام

٦٥٠

عليك يا نور الله في ظلمات الأرض ، السلام عليك يا عمود الدين

السلام عليك يا وارث ادم صفوة الله ، السلام عليك يا وارث نوحنبي(١) الله ، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله ، السلام عليك ياوارث موسى كليم الله ، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله ، السلامعليك يا وارث محمد حبيب الله.

السلام عليك يا وارث أمير المؤمنين ، السلام عليك يا وارثالحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، السلام عليك يا وارث عليبن الحسين زين العابدين ، السلام عليك يا وارث محمد بن علي باقر علمالأولين والآخرين ، السلام عليك يا وارث جعفر بن محمد الصادق البار ،السلام عليك يا وارث موسى بن جعفر الكاظم.

السلام عليك أيها الصديق الشهيد ، السلام عليك أيها المظلومالمقتول المسموم ، السلام عليك أيها الوصي البار التقي ، اشهد انك قدأقمت الصلاة ، واتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ، ونهيت عن المنكر ،وعبدت الله مخلصا حتى اتاك اليقين ، السلام عليك يا أبا الحسنورحمة الله وبركاته.

ثم تنكب على القبر وتقول :

اللهم إليك صمدت من أرضي ، وقطعت البلاد رجاء رحمتك ،فلا تخيبني ولا تردني بغير قضاء حوائجي ، وارحم تقلبي على قبر ابن

__________________

(١) نجي ( خ ل ).

٦٥١

أخي رسولكصلى‌الله‌عليه‌وآله

بابي أنت وأمي اتيتك زائرا وافدا ، عائذا مما جنيت على نفسي ،واحتطبت على ظهري ، فكن لي شفيعا إلى الله يوم فقري وفاقتيوانفرادي ، فلك عند الله مقام محمود وأنت عنده وجيه.

ثم ترفع يدك اليمنى وتبسط اليسرى على القبر وتقول :

اللهم إني أتقرب إليك بحبهم وأتوسل إليك بولايتهم ، أتولىاخرهم بما توليت به أولهم ، وابرء من كل وليجة(١) دونهم ، اللهم العنالذين بدلوا دينك وغيروا نعمتك ، واتهموا نبيك ، وجحدوا بآياتك ،وسخروا بإمامك ، وحملوا الناس على أكتاف ال محمد ، اللهم إنيأتقرب إليك باللعنة عليهم ، والبراءة منهم في الدنيا والآخرة يا رحمان.

ثم تحول إلى عند رجليه وتقول :

صلى الله عليك يا أبا الحسن ، صلى الله على روحك وبدنك ،صبرت وأنت الصادق المصدق ، قتل الله من قتلك بالأيدي والألسن.

ثم ابتهل(٢) باللعنة على قاتل أمير المؤمنين ، وعلى قتلة الحسنوالحسين وعلى جميع قتلة أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم تحول إلى عندرأسه من خلفه وصل ركعتين ، تقرأ في إحداها يس ، وفي الأخرى

__________________

(١) الوليجة : من تتخذه معتمدا من غير أهلك ، اي ابرء من كل من لم يحذو حذوهم ولميقل بإمامتهم.

(٢) الابتهال هو ان تمد يديك جميعا ، واصله التضرع والمبالغة في السؤال.

٦٥٢

الرحمن ، وتجتهد في الدعاء والتضرع ، وأكثر من الدعاء لنفسكولوالديك ولجميع إخوانك ، وأقم عند رأسه ما شئت ولتكن صلاتكعند القبر(١) .

فإذا أردت ان تودعه فقل :

سلام عليك يا مولاي ورحمة الله وبركاته ، أنت لنا جنة منالعذاب ، وهذا أوان انصرافي عنك ، غير راغب عنك ، ولا مستبدل بك ،ولا مؤثر عليك ، ولا زاهد في قربك ، وقد جدت بنفسي للحدثان ،وتركت الأهل والأولاد والأوطان ، فكن لي شافعا يوم حاجتيوفقري ، يوم لا يغني عني والدي ولا ولدي.

اسأل الله الذي قدر رحيلي إليك ان ينفس بكم كربتي ، واسأل اللهالذي قدر علي فراق مكانك ان لا يجعله اخر العهد من رجوعي إليك ،واسأل الله الذي ابكى عليك عيني ان يجعله لي سندا وذخرا ، واسأل

__________________

(١) رواه ابن قولويه في الكامل : ٥٢٨ عن بعضهمعليهم‌السلام .

ذكره الصدوق في العيون ٢ : ٢٦٧ عن شيخه محمد بن الحسن بن الوليد في جامعه مقطوعا ،عنه البحار ١٠٢ : ٤٨.

ذكره الصدوق في الفقيه ٢ : ٦٠٣ والمفيد في مزاره : ١٦٩ والشهيد في مزاره : ١٩٦ مقطوعا.

أورده الشيخ في التهذيب ٦ : ٨٦ عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد في جامعه مقطوعا.

أقول : ظاهر عبارة ابن قولويه في الكامل ان الزيارة مروية عنهم عليهم‌السلام ، والله سبحانه هوالعالم.

٦٥٣

الله الذي أراني مكانك وهداني للتسليم عليك وزيارتي إياك انيوردني حوضكم ، ويرزقني مرافقتكم في الجنان.

السلام عليك يا صفوة الله ، السلام عليك يا رسول الله ، السلامعليك يا أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين وقائد الغرالمحجلين ، السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ،السلام على الأئمة ـ وتسميهم ـعليهم‌السلام ورحمة الله وبركاته.

السلام على ملائكة الله المقيمين المسبحين ، الذين هم بأمر ربهميعملون ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، اللهم لا تجعله اخرالعهد من زيارتي إياه ، فان جعلته فاحشرني معه ومع ابائه الماضين ، وانأبقيتني يا رب فارزقني زيارته ابدا ما أبقيتني ، انك على كل شئ قدير.

وتقول :

استودعك الله واسترعيك واقرأ عليك السلام ، امنا بالله وبمادعوت إليه ، اللهم اكتبنا مع الشاهدين ، اللهم ارزقني مودتهم ابدا ماأبقيتني ، السلام على ملائكة الله وزوار ابن رسول الله ، السلام عليكمني ابدا ما بقيت دائما وإذا فنيت ، السلام علينا وعلى عباد اللهالصالحين.

فإذا خرجت من القبة فلا تول وجهك حتى تغيب عن بصرك إن شاء اللهتعالى(١) .

__________________

(١) رواه الصدوق في العيون ٢ : ٢٧٠ ، عنه البحار ١٠٢ : ٤٩.

٦٥٤

الباب (٢)

زيارة العسكريينعليهما‌السلام

إذا وردت سر من رأي فاغتسل ان قدرت من دجلة ، ثم ادخلواستأذن القوم ، فان الموضع ملك لهم ودارهم ، تقف على الباب وتقول :السلام على رسول الله ، السلام على محمد بن عبد الله ، السلامعلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، السلام على الأئمة من ولدهالمهديين ، الذين أمروا بطاعة الله ، وقربوا أولياءه ، واجتنبوا معصيةالله ، وجاهدوا أعداءه ، ودحضوا حزب الشيطان الرجيم ، وهدوا إلىصراط الله المستقيم.

السلام عليكما أيها الإمامان ، الطاهران الصديقان ، اللذان استنقذاالمؤمنين من مخالطة الفاسقين ، وحقنا دماء المحبين بمداراةالمبغضين.

اشهد انكما حجتا الله على عباده ، وسراجا ارضه وبلاده ،وتجرعتما في ربكما غيظ الظالمين ، وصبرتما في مرضاته على عنادالمعاندين ، حتى أقمتما منار الدين ، وأبنتما الشك من اليقين ، فلعن اللهمانعكما الحق ، والباغي عليكما من الخلق.

ثم ضع خدك الأيمن على القبر وقل :

اللهم بذلي فيهما أعزني بهما.

٦٥٥

ثم انتصب وقل :

اللهم ان هذين إماماي وقائداي ، وبهما وبآبائهما أرجو الزلفةلديك يوم قدومي عليك.

اللهم إني أشهدك ومن حضر من ملائكتك انهما عبدان لك ،اصطفيتهما وفضلتهما وتعبدت خلقك بموالاتهما ، وأذقتهما المنيةالتي كتبت عليهما ، وما ذاقا فيك أعظم مما ذاقا منك ، وجمعتنيوإياهما في الدنيا على صحة الاعتقاد في طاعتك ، فاجعلني وإياهما فيالآخرة في جنتك ، يا من حفظ الكنز بإقامة الجدار ، وحرس محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالغار.

اللهم إني ابرء إليك ممن اعتقد فيهما اللاهوت ، وقدم عليهماالطاغوت ، اللهم العن الناصبة الجاحدين ، والمسرفين الغالين ،والشاكين المقصرين والجهلة المفوضين.

اللهم انك تسمع كلامي وترى مقامي ، وعلمك محيط بما خلفيوامامي ، فاحرسني من كل سوء يخرج ديني ، واكفني كل شبهة تشككيقيني ، واشرك في دعائي إخواني ومن امره يعنيني ، اللهم ان هذا موقفخضت إليه المتالف ، وقطعت دونه المخاوف ، طلبا ان تستجيب فيهدعائي ، وان تضاعف فيه حسناتي ، وان تمحو فيه سيئاتي.

اللهم فاعطني وإخواني من ال محمد وشيعتهم وأهل حزانتيوأولادي وقراباتي من كل خير يزلف في الدنيا ويحظى في الآخرة ،

٦٥٦

واصرف عن جمعنا كل شر يورث في الدنيا عدما ، ويحجب غيثالسماء ، ويعقب في الآخرة ندما ، اللهم صل على محمد واله واستجبوصل على محمد واله أجمعين(١) .

ثم تخرج ووجهك إلى القبرين على أعقابهم ، وتأتي سرداب الغيبةفتقف بين البابين ماسكا جانب الباب بيدك ثم تنحنح كالمستأذن ، وسموانزل وعليك السكينة والوقار ، وصل ركعتين في عرصة السردابوقل :

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد ، الحمد للهالذي هدانا لهذا وعرفنا أولياءه وأعداءه ، ووفقنا لزيارة أئمتنا ،ولم تجعلنا من المعاندين الناصبين ، ولا من الغلاة المفوضين ، ولا منالمرتابين المقصرين.

السلام على ولي الله وابن أوليائه ، السلام على المدخر لكرامة( أولياء )(٢) الله وبوار أعدائه ، السلام على النور الذي أراد أهل الكفراطفاءه ، فأبى الله الا ان يتم نوره بكرههم ، وامده بالحياة حتى يظهر علىيده الحق برغمهم.

اشهد ان الله اصطفاك صغيرا وأكمل لك علومه كبيرا ، وانك حيلا تموت حتى تبطل الجبت والطاغوت.

__________________

(١) رواه السيد في مصباح الزائر ، عنه البحار ١٠٢ : ٧٧.

(٢) هو الظاهر.

٦٥٧

اللهم صل عليه وعلى خدامه وأعوانه على غيبته ونأيه ، واسترهسترا عزيزا ، واجعل له معقلا حريزا ، واشدد اللهم وطأتك(١) علىمعانديه ، واحرس مواليه وزائريه.

اللهم كما جعلت قلبي بذكره معمورا ، فاجعل سلاحي دون نصرتهمشهودا ، وان حال بيني وبين لقائه الموت الذي جعلته على عبادكحتما وأقدرت به على خليقتك رغما ، فاحيني عند ظهوره خارجا منحفرتي ، مؤتزرا بكفني ، حتى أجاهد بين يديه في الصف الذي أثنيتعليهم في كتابك ، فقلت :( كأنهم بنيان مرصوص ) (٢) .

اللهم طال الانتظار ، وشمت بنا الفجار ، وصعب علينا الانتصار ،اللهم أرنا وجه وليك الميمون في حياتنا وبعد المنون(٣) .

اللهم إني أدين لك بالرجعة بين يدي صاحب هذه البقعة ، الغوثالغوث الغوث يا صاحب الزمان ، قطعت في وصلتك الخلان ، وهجرتلزيارتك الأوطان ، وأخفيت أمري عن أهل البلدان ، لتكون شفيعا لي عندربك وربي ، والى ابائك وموالي في حسن التوفيق لي ، واسباغ النعمةعلي وسوق الاحسان إلي.

__________________

(١) قال الجزري : الوطء في الأصل الدوس بالقدم ، فسمى به الغزو والقتل لان من يطأعلى الشئ برجله فقد استقصى في هلاكه واهانته ، ومنه الحديث : اللهم اشدد وطأتك علىمضر ، أي خذهم اخذا شديدا ـ النهاية ٤ : ٢٣١.

(٢) الصف : ٤.

(٣) المنون : الموت.

٦٥٨

اللهم صل على محمد وال محمد ، أصحاب الحق وقادةالخلق ، واستجب مني ما دعوتك ، وأعطني ما لم أنطق به في دعائي منصلاح ديني ودنياي ، انك حميد مجيد ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

ثم ادخل الصفة فصل ركعتين وقل :

اللهم عبدك الزائر في فناء وليك المزور ، الذي فرضت طاعته علىالعبيد والأحرار ، وانقذت به أوليائك من النار ، اللهم اجعلها زيارةمقبولة ذات دعاء مستجاب من مصدق بوليك غير مرتاب ، اللهملا تجعله اخر العهد به ولا بزيارته ، ولا تقطع أثري من مشهده وزيارة أبيهوجده.

اللهم اخلف علي نفقتي ، وانفعني بما رزقتني في دنياي واخرتي ،لي ولإخواني وأبوي وجميع عترتي ، استودعك الله أيها الامام الذييفوز به المؤمنون ، ويهلك على يديه الكافرون المكذبون ، يا مولاي يامحمد بن الحسن بن علي جئتك زائرا لك ولابيك وجدك ، متيقنا الفوزبكم ، معتقدا إمامتكم.

اللهم اكتب هذه الشهادة والزيارة لي عندك في عليين ، وبلغنيبلاغ الصالحين ، وانفعني بحبهم يا رب العالمين(١) .

__________________

(١) رواه السيد في مصباح الزائر : ٢٢٩ ، عنه البحار ١٠٢ : ١٠٣.

٦٥٩

الباب (٣)

زيارة أم القائمعليهما‌السلام

املاها علي رجل من البحرين سمعته يزور بها

ثم عد إلى العسكريين صلوات الله عليهما ، وقف على قبرأم الحجةعليه‌السلام وقل :

السلام على رسول الله الصادق الأمين ، السلام على مولاناأمير المؤمنين ، السلام على الأئمة الطاهرين الحجج الميامين ، السلامعلى والدة الامام والمودعة اسرار الملك العلام ، والحاملة لاشرفالأنام ، السلام عليك أيتها الصديقة المرضية ، السلام عليك يا شبيهة أمموسى وابنة حواري عيسى ، السلام عليك أيتها التقية النقية ، السلامعليك أيتها الرضية المرضية.

السلام عليك أيتها المنعوتة في الإنجيل ، المخطوبة من روح اللهالأمين ، ومن رغب في وصلتها محمد سيد المرسلين ، والمستودعةاسرار رب العالمين ، السلام عليك وعلى ابائك الحواريين ، السلامعليك وعلى بعلك وولدك ، السلام عليك وعلى روحك وبدنكالطاهر.

اشهد انك أحسنت الكفالة وأديت الأمانة ، واجتهدت في مرضاةالله ، وصبرت في ذات الله ، وحفظت سر الله ، وحملت ولي الله ،

٦٦٠

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702