المزار الكبير

المزار الكبير8%

المزار الكبير مؤلف:
المحقق: جواد القيّومي الإصفهاني
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: 702

المزار الكبير
  • البداية
  • السابق
  • 702 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187440 / تحميل: 6368
الحجم الحجم الحجم
المزار الكبير

المزار الكبير

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٩٢٠٠٢-٠-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

٦١

بعد معرفة أنّ الأصل الأوّلي ومقتضى القاعدة الأوّليّة، هو أنّ الشارع إذا أوردً عنواناً معيّناً في دليلٍ من الأدلّة فإنّه يجب أن يبقى على معناه اللغوي.

أي أنّ كلّ دليل وردَ من الشارع يبقى على معناه اللغوي ما لم ينقله الشارع إلى الحقيقة الشرعيّة، هذا من جهة.

ومن جهةٍ أخرى، هناك أمر آخر يضيفه الأصوليّون، وهو تحقّق هذا العنوان وحصوله في الخارج.

فنحن تارة نتكلّم في مرحلة التأطير والتنظير، وفي أفق الذهن، أو في أفق اللوح باعتباره القانون، فحينئذٍ يبقى المعنى على حاله.

وتارةً نتكلّم عن مرحلة أخرى هي غير التنظير القانوني، بل هي مرحلة التطبيق في الخارج والوجود في الخارج، في هذه المرحلة أيضاً، فما لم يعبّدنا الشارع ويتصرّف في الوجود الخارجيّ لأيّ عنوان، فالأصل الأوّلي هو أن يكون وجوده ومجاله أيضاً عرفيّاً، سواء كان له وجودٌ تكويني، أو كان له وجود اعتباري لدى العرف، إلاّ أن يجعل الشارع له وجوداً خاصّاً بأن ينصب دليلاً على ذلك.

٦٢

أمثلةٌ على تحديد الوجود الخارجي للموضوع من الشارع المقدّس

مثال 1: في تحقّق الطلاق، لو قال الزوج: طلّقتُ امرأتي، أو أطلّقُكِ، أو سأُطلّقك، فكلّ هذه الصيغ لا يمضيها الشارع ولا يقرّها، وهي غير محقّقة، ولا موجّدة للطلاق، وإن كانت في العرف موجدةً له، لكن عند الشارع لا أثر لها، إلاّ أن يقول: أنتِ طالق، بلفظ اسم الفاعل المراد منه اسم المفعول.

هنا الشارع وإن لم يتصرّف في ماهيّة الطلاق ولم يتصرّف في عنوانه، بل أبقاه على معناه اللغوي، لكنّه تصرّف في كيفيّة وجوده وحصوله في الخارج.

مثال 2: الحلف لا يكون حلفاً شرعيّاً بالله، والنذر لا يكون نذراً لله إلاّ أن تأتي به بالصيغة الخاصّة، فهذا تصرّف في كيفيّة الوجود، فإن دلّ الدليل على كيفيّة تصرّف خاصّة من الشارع وفي كيفيّة الوجود، فلا يتحقّق ذلك الأمر إلاّ بها.

أمّا إذا لم يقم الدليل من الشارع على ذلك، فمقتضى القاعدة الأوّليّة أنّ وجوده يكون وجوداً عرفيّاً - تكوينيّاً كان أو اعتباريّاً - ما لم يرد دليل من الشارع لتحديد وجوده وحصوله في الخارج.

نرجع إلى محلّ البحث، لو لم يكن دليل إلاّ عموم آية( لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ ) .

وعموم آية:( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) ، وقلنا: إنّ المعنى يبقى على حاله، حيث إنّ الشارع لم يتصرّف في معناه

٦٣

اللغوي الذي هو ما يقال عنه مرحلة تقنين القانون، ولم يتصرّف أيضاً في مرحلة التطبيق الخارجي من جهة خارجيّة، فما يتّفق عليه العرف بحيث يصبح تبياناً وإضاءةً لمعنى من المعاني الدينيّة، يصبح شعيرةً وشعاراً.

ويجدر التنبيه هنا على أنّ وجودات الأشياء على قسمين:

الوجودُ التكويني والوجود الاعتباري للأشياء

القسم الأوّل: هو الوجود التكويني مثل: وجود الماء، الحجر، الشجر، الإنسان، الحيوان.

القسم الثاني: وجود غير تكويني، بل هو اعتباري - أي فرضي، ولو من العرف - مثل: البيع، فالبائع والمشتري يتّفقان على البيع بخصوصيّاته، فيتقيّدان بألفاظ الإيجاب والقبول فيها، فحينئذٍ: هذا البيع، أو الإجارة، أو الوصيّة، أو المعاملة ليس لها وجود حسّي خارجيّ؛ وإنّما وجودها بكيفيّات اعتباريّة فرضيّة في عالَم فرضي يُمثّل القانون، سواء قانون الوضع البشري، أو حتّى قانون الوضع الشرعي عند الفقهاء، إذ يحملون هذا على الاعتبار الفرضي، فهو عالَم اعتبار لمَا يتّخذه العقلاء من فرضيّات.

العقلاء يفترضون عالَماً فرضيّاً معيّناً، لوحة خاصّة بالعقلاء، لوحة القانون العقلائي.

فوجودات الأشياء على أنحاء: تارةً نَسق الوجود التكويني، وتارة نَسق الوجود الاعتباري، وإن كانت اعتبارات الشارع، وتقنينات الشارع، وفرضيّات الشارع وقوانينه، يُطلق عليها أيضاً اعتبار شرعي، ولكن من الشارع.

٦٤

خلاصةُ القول

إنّ كلّ عنوان أُخذ في دليلٍ - كالبيع، أو الهبة، أو الوصيّة، أو الشعائر، أو الطلاق، أو الزوجيّة - إذا أُبقيَ على معناه اللغوي، وأيضاً أُبقي على ما هو عليه من الوجود عند العرف فبها، غاية الأمر أنّ الوجود عند العرف ليس وجوداً تكوينيّاً، بل وجودٌ طارئ اعتباري في لوحة تقنيناتهم وفي لوحة اعتبارهم، مثلاً: حينما يقول الشارع في الآية الكريمة:( أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ ) (1) ليس معناه: أنّ البيع الذي هو بيع عند الشارع قد أحلّه الله ؛ لأنّ ذلك يكون تحصيل الحاصل، لأنّ البيع الذي عند الشارع هو حلال من أساسه، بل المقصود من:( أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ ) ، وكذلك:( أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ) (2) المراد أنّ البيع والعقود التي تكون متداولة في أُفق اعتباركم أنتم أيها العقلاء قد أوجبتُ - أنا الشارع - الوفاء بها، وقد أحللتُها لكم، فإذاً قد أبقاها الشارع على ما هي عليه من وجود ومعنىً لغوي عند العقلاء والعرف.

وقد يتصرّف الشارع في بعض الموارد - كما بينّا في الطلاق - حيث يقيّدها بوجود خاص.

فحينئذٍ، يتبيّن أنّ الأشياء قد يبقيها الشارع على معناها اللغوي، ويبقي وجودها في المقام الآخر على ما هي عليه من وجود إمّا تكويني أو

____________________

(1) البقرة: 275.

(2) المائدة: 1.

٦٥

اعتباري.

ومن جهةٍ أخرى، فإنّ العلامة أو (الدال) إمّا عقليّة أو طبعيّة، أو وضعية..

فهل الشعائر أو الشعيرة هي علامة تكوينيّة، أم عقليّة، أم طبعيّة، أم هي وضعيّة؟

الشعيرةُ علامة وضعيّة

نرى أنّ الشعيرة والشعار هي علامة وضعيّة وليست عقليّة ولا طبعيّة، وهنا مفترق خطير في تحليل الماهيّة؛ للتصدّي للكثير من الإشكالات أو النظريّات التي تُقال في قاعدة الشعائر.

نقول: إنّ الشعيرة هي علامة وضعيّة، بمعنى أنّ لها نوعاً من الاقتران والربط والعلقة الاعتباريّة، فالوضع هو اعتباري وفرضي بين الشيئين.

والأمر كذلك في الأمور الدينيّة أيضاً، مثلاً كان شعار المسلمين في بدر: (يا منصور أمِت)(1) ، حيث يستحب في باب الجهاد أن يضع قائد جيش المسلمين علامة وشعاراً معيّناً للجيش.

الشعائر أو الشعارة: هي ربط اعتباري ووضع جعلي فطبيعتها عند العرف هو الاعتبار، حتّى شعار الدولة، وشعار المؤسّسات، وشعار الأندية، والوزارات..

والشركات التجارية، والفِرق الرياضيّة، لكنّ كلّ ذلك أمر اعتباري..

____________________

(1) المنصور من أسماء الله سبحانه، أمِت: يعني أمِت الكافرين.

٦٦

فهو علامة حسّيّة دالّة على معنى معيّن، لكنّ الوضع والعلقة فيه اعتباريّة.

فلابدّ من الالتفات إلى تحليلٍ أعمق لماهيّة الشعائر والشعيرة، فماهيّة الشعار والشعيرة علامة حسّيّة لمعنى من المعاني الدينيّة، ولكنّ هذه العلامة ليست تكوينيّة، ولا عقليّة، ولا طبعيّة، وإنّما هي علامة وضعيّة.

فالشعائر هي التي تفيد الإعلام، وكلّ ما يُعلِم على معنى من المعاني الدينيّة، أو يدلّ على شيء له نسبة إلى الله عزّ وجل، فإنّ هذا الإعلام والربط بين الـمَعلم والـمُعلم به، وهذا الربط هو في الماهيّة وضعي اعتباري.

فالموضوع يتحقّق بالعُلقة، والوضع الاعتباري.

وإذا كان تحقّق ماهيّة الشعائر والشعيرة بالعُلقة الوضعيّة الاعتباريّة، وافتراضنا أنّ الشارع لم يتصرّف في كيفيّة الوجود، بمعنى أنّ المتشرّعة إذا اختاروا واتّخذوا سلوكاً ما علامة لمعنى ديني معيّن، فبالتالي يكون ذلك السلوك من مصاديق الشعائر.

وكما قلنا: إنّ ماهيّة الشعائر تتجسّد في كلّ ما يوجب الإعلام والدلالة فيها وضعيّة، والواضع ليس هو الشارع ؛ لأنّه لم يتصرّف بالموضوع، فبذلك يكون الوضع قد أُجيز للعرف والعقلاء.

كما ذكرنا في البيع أنّ له ماهيّة معيّنة، وكيفيّة خاصّة حسب ما يقرِّره العقلاء، وكيفيّة وجوده اعتباريّة، وذَكرنا أنّ الشارع إن لم يتصرّف في الماهيّة والمعنى في الدليل الشرعي، ولم يتصرّف في كيفيّة الوجود، فالماهيّة تبقى على حالها عند العقلاء، بخلاف الطلاق الذي تصرّف الشارع في كيفيّة وجوده في الخارج.

٦٧

الشعائرُ ومناسك الحج

وممّا تقدّم: تبيّن خطأ عدّ مناسك الحجّ - بما هي مناسك - شعائر.

حيث إنّ الشعائر صفة عارضة لها، وليست الشعائر هي عين مناسك الحجّ كما فسّرها بعض اللغويّين.

بيان ذلك: حينما نقول مثلاً: (الإنسانُ أبيض)، هل يعني أنّ الماهيّة النوعيّة للإنسان هي البياض، كلاّ، أو حين نقول: (الإنسان قائم)، فهل يعني أنّ الماهيّة النوعيّة للإنسان هي القيام، كلاّ، إذ القيام والبياض أو السمرة أو السواد ليست ماهيّةً للإنسان، وإنّما هذه عوارض قد تعرض على الماهيّة وقد تزول عنها.

إنّ كُنه الإنسان وماهيّته بشيء آخر، لا بهذه العوارض، وكذلك مناسك الحجّ، إذ ليست ماهيّة المنسك هي الشعار، بل الشِعار هو ما يكمُن وينطوي فيه جنبة الإعلام والعلانيّة لشيء من الأشياء.

مثال آخر: لفظة (زيد) كنهها ليس أنّها سِمة لهذا الإنسان، كُنهها: هو صوت متموّج يتركّب من حروف معيّنة، نعم، من عوارضها الطارئة عليها أنّها سِمة واسم وعلامة لهذا الإنسان، وهذا من عوارضها الاعتباريّة لا الحقيقيّة، حيث إنّها علامة على ذلك الجسم.

إذاً جنبة العلاميّة لون عارض على أعمال الحج، أو على العبادات، أو على الموارد الأخرى، لا أنّها عين كنه أعمال الحج، وليس كون الشعائر هي نفس العباديّة، ولا كون العباديّة هي الشعائر.

أمّا كيف يسمح الشارع في أن يتصرّف العرف بوضع الشعائر أو غير ذلك، فهذا ما سنقف عليه لاحقاً إن شاء الله تعالى.

٦٨

الترخيصُ في جَعل الشعائر بيد العُرف

إنّ الشارع حينما لا يتصرّف في معنى معيّن، ولا في وجوده في الخارج، فهل يعني هذا تسويغاً من الشارع في أن يتّخذ العرف والعقلاء ما شاءوا من علامة لمعاني الدين وبشكلٍ مطلق؟ أم هناك حدود وقيود، وما الدليل على ذلك؟

هل اتّخاذ المسلمين لهذه المعالِم الحسّيّة مَعلماً وشعاراً، سواء كانت مَعالم جغرافيّة: كموقع بدر، وغدير خمّ، أو مَعلماً زمنيّاً: كمولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهجرته، وتواريخ الوقائع المهمّة، أو مَعلماً آخر غير زماني ولا مكاني، كأن يكون ممارسةً فعليّة، هل هذا فيه ترخيص من الشارع أم لا؟

للإجابة على هذا السؤال المهمّ لابدّ من تحرير النقاط التالية:

النقطة الأولى: وهذه هي جهة الموضوع في قاعدة الشعائر الدينيّة، وهي: أنّ العناوين التي ترد في لسان الشارع إذا لم يرد دليل آخر يدلّ على نقلها من الوضع اللغوي إلى الوضع الجديد والمعنى الجديد، فهي تبقى على حالها، وعلى معانيها الأوّليّة اللغويّة.

النقطة الثانية: أنّ تحقّق تلك الموضوعات وكيفيّة وجودها في الخارج، إن كان الشارع صرّح وتصرّف بها فنأخذ بذلك، وإلاّ فإنّها ينبغي أن تبقى على كيفيّة وجودها العرفي أو التكويني.

النقطة الثالثة: أنّ وجودات الأشياء على نسقَين:

( أ ) بعض الوجودات وجودات تكوينيّة.

٦٩

(ب) وبعض الوجودات وجودات اعتباريّة.

وقد أشرنا سابقاً لذلك، ولكن لزيادة التوضيح نقول: إنّ عناوين أغلب المعاملات وجودها اعتباري: كالبيع، والإجارة، والهبة، والوصيّة، والطلاق، والنكاح وما شابه ذلك، كلّ هذه العناوين كانت وجودات لدى العرف والعقلاء( أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ... ) ،( أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ... ) وغيرها من العناوين.

فآية:( أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ... ) لسانٌ شرعي وقضيّة شرعيّة تتضمّن حكماً شرعيّاً وهو الحلّيّة، بمعنى حلّيّة البيع وصحّته وجوازه، ولم يتصرّف الشارع بماهيّة البيع، ولا بكيفيّة وجوده، إلاّ ما استُثني(1) ، فكيفيّة وجوده عند العرف والعقلاء تكون معتبرة، فما يصدق عليه وما يسمّى وما يطلق عليه (بيع) في عرف العقلاء جُعل موضوعاً لقضيّة شرعيّة، وهي حلّيّة ذلك البيع، وإلاّ فإنّ هذا الدليل( أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ... ) ليس المقصود منه البيع الشرعي، إذ البيع الشرعيّ أحلّه الله، ولو كان البيع المراد في هذا اللسان هو البيع الشرعي، لمَا كان هناك معنىً لحلّيّته؛ لأنّه سوف يكون تحصيلاً للحاصل، البيع الشرعي إذا كان شرعيّاً فهو حلال بذاته، فكيف يُرتّب عليه الشارع حكماً زائداً وهو الحلّيّة.

فلسان الأدلّة الشرعيّة - والتي وردت فيها عناوين معيّنة - إذا لم يتصرّف الشارع بها ولم يتعبّد بدلالة زائدة، تبقى على ما هي عليه من المعاني

____________________

(1) مثل: حُرمة وفساد بيع المكيل والموزون بجنسه مع التفاضل؛ لأنّه ربا، ومثل: بطلان بيع الكالئ بالكالئ وغيرها.

٧٠

الأوّليّة، وتبقى على ما هي عليه عند عُرف العقلاء.

حينئذٍ يأتي البيان المزبور في لفظة (الشعائر) الواردة في عموم الآيات:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ ) (1) أو:( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ.. ) (2) وقد مرّ بنا أنّ ماهيّة الشعيرة، أو الشعائر التي هي بمعنى العلامة إذا أُضيفت إلى الله عزّ وجل، أو أُضيفت إلى الدين الإسلامي، أو أُضيفت إلى باب من أبواب الشريعة، فإنّها تعني علامة ذلك الباب، أو علامة أمر الله، أو علامة أحكام الله وما شابه ذلك.

والعلامة - كما ذكرنا - ليست عين المنسك، وليست عين العبادة، وليست عين الأحكام الأخرى في الأبواب المختلفة؛ وإنّما العلامة أو الإعلام شيء طارئ زائد على هذه الأمور، كاللون الذي يكون عارضاً وطارئاً على الأشياء، فيكون طارئاً على العبادة، أو المنسك، أو الحُكم المعيّن.

فجنبة الإعلام والنشر في ذلك الحُكم، أو في تلك العبادة، أو ذلك المنسك، تتمثّل بالشعيرة والشعائر، وبهذا النحو أيضاً تُستعمل في شعائر الدولة أو شعائر المؤسّسة والوزارة - مثلاً - فهي ليست جزءاً من أجزاء الوزارة أو المؤسّسة مثلاً، وإنّما هي علامةٌ عليها.

فالنتيجة: أنّ الشعيرة والشعائر والشِعار تبقى على حالها دون تغيير في كلا الصعيدين: صعيد المعنى اللغوي، وصعيد كيفيّة الوجود في الخارج.

____________________

(1) المائدة: 2.

(2) الحجّ: 32.

(1) الحجّ: 36.

٧١

فإطلاق الشعائر على مناسك الحجّ ليس من جهة وجودها التكويني أو الطبعي، بل من جهة الجعل والاتّخاذ من الله عزّ وجل:( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ) (1) يعني: باتّخاذ وضعي واعتباري أصبحت علامة ونبراساً للدين.

هذه الشعائر في مناسك الحج، جُعلت - بالوضع والاعتبار - علامةً للدين، ولعلوّ الدين، ولرقيّه وانتشاره وعزّته ونشر أحكامه.

بعد هذا البسط يتّضح من ماهيّة الشعيرة ومن وجود الشعيرة، أنّ وجودها ليس تكوينيّاً، والمقصود ليس نفي تكوينيّة وجود ذات الشعيرة، بل إنّ تَعَنون الشيء بأنّه شعيرة وجعله علامة على شيء آخر تَعنونه هذا، وجعله كذلك ليس تكوينيّاً بل اعتباريّاً، وإلاّ فالبُدن هي من الإبل، ووجودها تكويني.

ولكن كونها شعيرة وعلامة على حُكم من أحكام الدين، أو على عزّة الإسلام شيء اعتباري، نظير بقيّة الدلالات التي تدلّ على مدلولات أخرى بالاعتبار والجعل.

فالشعائر وإن كانت وجودات في أنفسها تكوينيّة، ولكن عُلقتها ودلالتها على المعاني اتّخاذيّة واعتباريّة، بواسطة عُلقة وضعيّة ربطيّة اعتباريّة، هذا من جهة وجودها.

ومن جهةٍ أخرى، فقد دلّلنا على أنّ الشعائر والشعيرة تكون بحسب ما تُضاف إليه، كما قد يتّخذ المسلمون الشعائر في الحرب مثلاً، كما وردَ

____________________

(1) الحجّ: 36.

٧٢

دليل خاص في باب الجهاد على استحباب اتّخاذ المسلمين شعاراً لهم، مثل ما اتّخذه المسلمون في غزوة بدر، وهو شعار: (يا منصور أمِت).

فالمقصود إذا لم يرد لدينا دليل خاصّ على التصرّف في معنى الشعائر أو الشعيرة - التي هي بمعنى العلامة كما ذكرنا - فإنّه يبقى على معناه اللغوي الأوّلي.

الوجودُ الاعتباري للشعيرة

وكذلك في الوجود الخارجي، إذ المفروض أنّ المتشرّعة إذا اتّخذوا شيئاً ما كشعيرة، يعني علامة على معنى ديني سامي، معنىً من المعاني الدينيّة السامية، أو حكماً من الأحكام العالية، وجعلوا له علامة، شعيرة وشِعار وشعائر. فالمفروض جَعل ذلك بما هي شعيرة لا بما هي هي، أي: بوجودها النفسي، لكن بما هي شعيرة، (كاللفظ بما هو دال على المعنى، لا يكون دالاً على المعنى إلاّ بالوضع..) فالشعيرة بما هي شعيرة، أي بما هي علامة دالّة على معنى سامي من المعاني الدينيّة، وتشير بما هي علامة على حُكم من الأحكام الدينيّة الركنيّة مثلاً، أو الأصليّة وهي دلالة اعتباريّة اتّخاذيّة وضعيّة.

وهذا يعني أنّها مجعولة في ذهن الجاعل، وبالتبادل وبالاتفاق تصبح شيئاً فشيئاً شعيرة وشِعار، مثل ما يجري في العرف بأن يضعوا للمنطقة الفلانيّة اسماً معيّناً مثلاً، وبكثرة الاستعمال شيئاً فشيئاً ينتشر بينهم ذلك الاسم فيتواضعون عليه، ويتعارف بينهم أنّ هذه المنطقة تُعرف باسم كذا، ويحصل الاستئناس في استعمال اللفظ في ذلك المعنى، فينتشر ويتداول، فحينئذٍ يكون اللفظ المخصوص له دلالة على المعنى المعيّن دلالةً وضعيّةً.

٧٣

خلاصةُ القول

إلى هنا عرفنا أنّ في آية:( لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ ) (1) ، وآية:( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (2) ثلاثة مَحاور:

محور الحُكم، ومحور المتعلّق، ومحور الموضوع.

فنقول: لو كنّا نحن ومقتضى القاعدة، لو كنّا نحن وهاتين الآيتين الشريفتين فقط وفقط فحينئذٍ، نقول: إنّ المعنى لشعائر الله - كالزوال، وكدِلوك الشمس - بقيَ على ما هو عليه في المعنى، ووجوده أيضاً على ما هو عليه من وجود، وقد بيّنّا في كيفيّة وجوده أنّها ليست تكوينيّة، بل هي وضعيّة واعتباريّة واتخاذيّة، كما في آية( أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ... ) نبقيه على ما هو عليه من معنى، ونُبقيه على ما هو عليه من وجود، ووجوده هو وجود اعتباري لدى العقلاء.

وكذلك الأمر في شعائر الله، حيث هناك موارد قد تصرَّف فيها الشارع بنفسه وجعلَ شيئاً ما علامة، وغاية هذا التصرّف هو جعل أحد مصاديق الشعائر، كالمناسك في الحجّ.

وهناك موارد لم يتصرّف الشارع بها ولم يتّخذ بخصوصها علامات معيّنة.

وإنّما اتّخذ المتشرِّعة والمكلّفون شيئاً فشيئاً فعلاً من الأفعال - مثلاً -

____________________

(1) المائدة: 2.

(2) سورة الحج: 32.

٧٤

علامة وشعاراً على معنى من المعاني الإسلاميّة، فتلك الموارد يشملها عموم الآية:( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (1) ، وكذلك يشملها عموم:( لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ ) (2) .

فلو كنّا نحن وهاتين الآيتين فقط، يتقرّر أنّ معنى الشعائر ووجودها هو اتّخاذي بحسب اتّخاذ العرف.

لكن قبل أن يتّخذها العرف شعيرة ومشاعر، وقبل أن يتواضع عليها العرف، والمتشرِّعة والعقلاء والمكلّفون لا تكون شعيرة، وإنّما تتحقّق شعيريّتها بعد أن تتفشّى وتنتشر ويتداول استعمالها، فتصبح رسماً شعيرة وشعائر، ويشملها عموم( لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ ) ، و( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ... ) .

فالمفروض أنّ المعنى اللغوي لشعائر الله، هو معنىً عام طُبّق في آية سورة المائدة، أو في آية سورة الحجّ على مناسك الحجّ.

ولكن لم تُحصر الشعائر بمناسك الحجّ، بل الآية الكريمة دالّة على عدمه:( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ) (3) ، و (من) دالّة على التبعيض والتعميم.

فإذن، اللفظ حسب معناه اللغوي عام، ونفس السياق - الذي هو سياق تطبيقي - ليس من أدوات الحصر، كما ذكرَ علماء البلاغة ؛ فإنّهم لم يجعلوا

____________________

(1) الحجّ: 32.

(2) المائدة: 2.

(3) الحج: 36.

٧٥

تطبيق العام على المصداق من أدوات الحصر.

بل عُلّل تعظيم مناسك الحج لكونها من الشعائر، فيكون من باب تطبيق العام على أفراده، وذَكرنا أنّ أغلب علماء الإماميّة - من مفسّريهم، وفقهائهم، ومحدّثيهم - ذَهبوا في فتاواهم وتفاسيرهم إلى عموم الآية لا إلى خصوصها، ومنهم: الشيخ الطوسي في التبيان، حيث ذَكر أقوالاً كثيرة نقلاً عن علماء العامّة، ثُمّ بعد ذلك ذهب إلى أقوائيّة عموم الآية، وإنّه لا دليل على تخصيصها.

كما أنّ هناك دليلاً على ذلك من الآية الشريفة( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) (1) ، حيث إنّ من الواضح أنّ حُرمات الله أعمّ من حُرمات الحجّ، هنا الموضوع للحُكم هو مُطلق حُرمات الله، وكذلك الأمر بالنسبة لشعائر الله في الآية الأخرى.

فإذن لو كنّا نحن ومقتضى هاتين الآيتين، فهاتان الآيتان - بحسب معناهما اللغوي، وبحسب وجودهما بين العقلاء وعُرف المكلّفين - وجودهما اعتباري اتّخاذي، ولو من قِبَل المتشرِّعة.

هذا الكلام بحسب اللسان الأوّلي في أدلّة الشعائر وقاعدة الشعائر، أمّا بحسب اللسان الإلزامي، فالأمر أوضح بكثير كما سنتعرّض إليه.

الاعتراضُ بتوقيفيّة الشعائر

في مقابل ذلك، أدُّعي وجود أدلّة تُثبت اختصاص جعل الشعائر بيد

____________________

(1) الحج: 30.

٧٦

الشارع المقدّس من حيث تطبيق وجودها، كما أنّ الشارع حينما جعل البيع، صار له وجود وكيفيّة خاصّة، وهو ذلك الوجود الذي رتّب عليه الحلّيّة، وأخذَ فيه قيوداً معيّنة.

ويقرِّر ذلك بعينه في بحث الشعائر، كما هو الحال في الطلاق، حيث إنّ الشارع جعلَ له كيفيّة وجود خاصّة.

فالشعائر لابد أن تُتّخذ وتُجعل من قِبَل الشارع، ومن ثُمّ يَحرم انتهاكها، أمّا مجرّد اتّخاذها - والتعارف عليها والتراضي بها من قِبَل العرف والعقلاء - لا يجعلها شعيرة ولا يترتّب عليها الحُكم، أي: وجوب التعظيم وحرمة الهتك.

أدلّةُ المُعترض:

الأوّل: باعتبار أنّ الشعائر تعني أوامر الله، ونواهي الله، وأحكام الله، فلابدّ أن تكون الشعائر من الله، فكيف يوكَّل تشريعها غير الله سبحانه( إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ ) (1) .

الثاني: ما في الآية من سورة الحجّ( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ) (2) من كونها شعائر الله، إنّما هو بجعل الشارع لا بجعل المتشرِّعة.

وآية( لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ ) (3) ، وآية:( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ

____________________

(1) الأنعام: 57.

(2) الحج: 36.

(3) المائدة: 2.

٧٧

فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) (1) ترتبط كلّ منها بموارد مناسك الحجّ، ومناسك الحجّ مجعولة بجعل الشارع.

فالحاصل أنّ ألفاظ الآيات ظاهرة في أنّ جعل الشعائر إنّما هو جعل من الله، وليس هو جعل وإنشاءٌ واتخاذٌ حسب قريحة واختيار المتشرِّعة.

الثالث: لو كانت الشعائر بيد العرف لاتّسع هذا الباب وترامى، ولمَا حُدّ بحدّ، بحيث يُعطى الزمام للعرف وللمتشرِّعة بأن يجعلوا لأنفسهم شعائر كيف ما اختاروا واقترحوا، وبالتالي سوف تطرأ على الدين تشريعات جديدة وأحكام مستحدَثة ورسوم وطقوس متعدّدة، حسب ما يراه العرف والمتشرِّعة، فتُجعل شعائر دينيّة.

فإيكال الشعائر إلى العرف والمتشرّعة وإلى عامّة الناس المتديّنين، سوف يستلزم إنشاء تشريع دين جديد وفقَ ما تُمليه عليهم رغباتهم وخلفيّاتهم الذهنيّة والاجتماعيّة.

الرابع: يلزم من ذلك تحليل الحرام، وتحريم الحلال، حيث سيتّخذون بعض ما هو محرّم شعائر فيجعلونها عَلَماً وعلامة على أمر ديني، وهذا تحليل للحرام، أو قد يجعلون لأشياء محلّلة حرمة معيّنة مثلاً ؛ لأنّها إذا اتُّخذت شعيرة وعُظِّمت فسوف يُجعل لها حرمة، مع أنّ حكمها في الأصل كان جواز الإحلال والابتذال.

أمّا بعد اتّخاذها شعيرة فقد أصبح ابتذالها حراماً وتعظيمها واجباً، فيلزم من ذلك تحريم الحلال.

____________________

(1) الحج: 30.

٧٨

جوابُ الاعتراض:

والجواب تارةً إجمالاً وأخرى تفصيلاً.. أمّا الجواب الإجمالي: فهو وجود طائفة الأدلّة من النوع الثاني والثالث، حيث مرّ أنّ لقاعدة الشعائر الدينيّة ثلاثة أنواع من الأدلّة:(1)

النوع الأول: لسان الآيات التي وردت فيها نفس لفظة الشعيرة والشعائر.

النوع الثاني: لسان آخر، وهو ظاهر الآيات التي وردت في وجوب نشر الدين، وإعلاء كلمة الله سبحانه، وبثّ الشريعة السمحاء.

وقد قلنا: إنّ قاعدة الشعائر الدينيّة تتقوّم برُكنين:

ركن الإعلام والنشر والبثّ، والانتشار لتلك العلامة الدينيّة ولِذيها.

وركن علوّ الدين واعتزازه، وهذا اللسان نلاحظه في جميع الألسن لبيان القاعدة، سواء كان في اللسان الأوّل الذي وردت فيه بلفظ الشعائر، أو في اللسان الثاني الذي لم يرد فيه لفظ الشعائر.

النوع الثالث : أو اللسان الثالث من الأدلّة: الذي ذكرنا بأنّه العناوين الخاصّة في الألفاظ الخاصّة.

فلو بنينا على نظريّة هذا المعترض؛ فإننّا لن ننتهي إلى النتيجة التي يتوخّاها بأنّ الشعائر حقيقة شرعيّة، أو وجودها حقيقة شرعيّة، لأنّ النتيجة

____________________

(1) راجع ص: 31 - 38 من هذا الكتاب.

٧٩

التي يريد أن يتوصّل إليها هي الحكم ببدعيّة كثير من الرسوم والطقوس التي تمارَس باسم الشعائر الدينيّة المستجدّة والمستحدَثة، وهذه النتيجة سوف لا يصل إليها حتّى لو سلّمنا بأنّ الشعائر الدينيّة هي بوضع الشارع وبتدخّله؛ لعدم انسجام ذلك مع النَمَطين الأخيرين من لسان أدلّ الشعائر، والوجه في ذلك يتّضح بتقرير الجواب التفصيلي على إشكالات المعترِض.

الجوابُ التفصيلي الأوّل

يتمّ بيانه عبر ثلاث نقاط:

النقطة الأولى: تعلّق الأوامر بطبيعة الكلّي

ما ذكرهُ علماء الأصول: من أنّ الشارع إذا أمرَ بفعل كلّي، مثل: الأمر بالصلاة( أَقِيمُواْ الصَّلاَةَ ) (1) ، أو الأمر بعتق رقبة، أو الاعتكاف، ولم يُخصِّص ذلك الفعل بزمن معيّن، أو بمكان معيّن، أو بعوامل معيّنة؛ وإنّما أمرَ بهذه الطبيعة على حدودها الكلّيّة، كأن يأمر الشارع مثلاً بصلاة الظهرين بين الحدّين، أي: بين الزوال والغروب، فالمكلّف يختار الصلاة في أيّ فردٍ زمني من هذه الأفراد، وإن كان بعض الأفراد له فضيلة، إلاّ أنّ المكلّف مُفوّض في إيجاد طبيعة الصلاة، وماهيّة الصلاة، وفعل الصلاة في أيّ فرد شاء، وفي أيّ آنٍ من الآنات بين الزوال والغروب، سواء في أوّل الوقت، أو وسط الوقت، أو آخر الوقت، كما أنّه مفوّض ومخيّر في إيقاع الصلاة في هذا المسجد، أو في ذلك المسجد، أو في منزل، جماعة أو فرادى، وبعبارة

____________________

(1) البقرة: 43، 83، 110.

٨٠

صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك ، اشهد انك مضيت علىبينة من ربك ، وان من سرك فقد سر رسول الله ، ومن جفاك فقد جفارسول الله ، ومن قطعك فقد قطع رسول الله ، لأنك بضعة(١) منه وروحهالتي بين جنبيه ، كما قال عليه أفضل سلام الله وأفضل صلواته.

اشهد الله ورسوله وملائكته اني راض عمن رضيت عنه ، ساخطعمن سخطت عليه ، متبرئ ممن تبرأت منه ، موال لمن واليت ، معادلمن عاديت ، مبغض لمن أبغضت ، محب لمن أحببت ، وكفى باللهشهيدا حسيبا وجازيا ومثيبا.

ثم قل :

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد بن عبد الله خاتمالنبيين وخير الخلق أجمعين ، وصل على وصيه علي بن أبي طالبأمير المؤمنين وامام المسلمين وخير الوصيين ، وصل على فاطمة بنتمحمد سيدة نساء العالمين ، وصل على سيدي شباب أهل الجنة الحسنوالحسين ، وصل على زين العابدين علي بن الحسين ، وصل علىمحمد بن علي باقر علم النبيين ، وصل على الصادق عن الله جعفر بنمحمد ، وصل على كاظم الغيظ في الله موسى بن جعفر ، وصل علىالرضا علي بن موسى ، وصل على التقي محمد بن علي ، وصل علىالنقي علي بن محمد ، وصل على الزكي الحسن بن علي ، وصل على

__________________

(١) البضعة ـ بفتح الباء وقد يكسر ـ القطعة من اللحم.

٨١

الحجة القائم بن الحسن بن علي.

اللهم أحيي به العدل ، وأمت به الجور ، وزين ببقائه الأرض ، وأظهر به دينك وسنة نبيك ، حتى لا يستخفى بشئ من الحق مخافة أحدمن الخلق ، واجعلنا من أشياعه واتباعه والمقبولين في زمرة أوليائه يارب العالمين ، اللهم صل على محمد وأهل بيته الذين أذهبت عنهمالرجس وطهرتهم تطهيرا.

ثم صل ما بدا لك وادع بما شئت(١) .

٣ ـ زيارة أخرى لهاعليها‌السلام عند بيتها وبالبقيع ، تقول :

السلام على البتولة الشهيدة ابنة النبي الرحمة ، وزوج الوصيالحجة وأم السادة الأئمة ، السلام عليك يا فاطمة الزهراء ابنة النبيالمصطفى ، السلام عليك وعلى أبيك ، السلام عليك وعلى بعلك وبنيك.

السلام عليك أيتها الممتحنة ، السلام عليك أيتها المظلومةالصابرة ، لعن الله من منعك حقك ودفعك عن ارثك ، ولعن الله منكذبك وأعنتك(٢) وغصصك بريقك وادخل الذل بيتك ، لعن الله منرضي بذلك وشايع فيه واختاره وأعان عليه ، والحقهم بدرك الجحيم.

اني أتقرب إلى الله سبحانه بولايتكم أهل البيت والبراءة من

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ٦ : ٩ ، عنه البحار ١٠٠ : ١٩٤.

(٢) أعنته : ادخل المشقة عليه.

٨٢

أعدائكم من الجن والإنس ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين(١) .

الباب (٤)

ذكر ما يفعله الزائر عند مقام جبرئيلعليه‌السلام بالمسجد

سئل الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام عن مقام جبرئيلعليه‌السلام فقال :تحت الميزاب الذي إذا خرجت من الباب الذي يقال له باب فاطمةعليها‌السلام بحيال الباب ، والميزاب فوقك والباب من وراء ظهرك(٢) .

فان قدرت ان تصلي فيه ركعتين مندوبا فافعل ، فإنه لا يدعو أحدهناك الا استجيب له ، وتقول هناك :

يا من خلق السماوات وملاها جنودا من المسبحين له من ملائكتهوالممجدين لقدرته وعظمته ، وافرغ على أبدانهم حلل الكرامات ،وأنطق ألسنتهم بضروب اللغات ، وألبسهم شعار التقوى ، وقلدهمقلائد النهي ، وجعلهم أوفر أجناس خلقه معرفة بوحدانيته وقدرتهوجلالته وعظمته ، وأكملهم علما به ، وأشدهم فرقا ، وأدومهم له طاعةوخضوعا واستكانة وخشوعا.

يا من فضل الأمين جبرئيلعليه‌السلام بخصائصه ودرجاتهومنازله ، واختاره لوحيه وسفارته وعهده وأمانته ، وانزال كتبه وأوامره

__________________

(١) رواه السيد في مصباح الزائر : ٢٦ ، عنه البحار ١٠٠ : ١٩٨.

(٢) عنه البحار ١٠٠ : ١٨٠.

٨٣

على أنبيائه ورسله ، وجعله واسطة بين نفسه وبينهم.

أسألك ان تصلي على محمد وعلى جميع ملائكتك وسكانسماواتك ، اعلم خلقك بك ، وأخوف خلقك لك ، وأقرب خلقك منكواعمل خلقك بطاعتك ، الذين لا يغشاهم نوم العيون ، ولا سهوالعقول ، ولا فترة الأبدان ، المكرمين بجوارك ، والمؤتمنين على وحيك ،المجتنبين الآفات ، الموقين السيئات.

اللهم واخصص الروح الأمين صلواتك عليه باضعافها منك ،وعلى ملائكتك المقربين وطبقات الكروبيين والروحانيين ، وزد فيمراتبه عندك ، وحقوقه التي له على أهل الأرض بما كان ينزل به منشرايع دينك وما بينته لهم على السنة أنبيائك من محللاتك ومحرماتك.

اللهم أكثر صلواتك على جبرئيل ، فإنه قدوة الأنبياء ، وهاديالأصفياء ، وسادس أصحاب الكساء ، اللهم اجعل وقوفي في مقامه هذاسببا لنزول رحمتك به علي وتجاوزك عني.

وتقول :

اي جواد اي كريم ، اي قريب اي بعيد ، أسألك ان تصلي علىمحمد وال محمد وان توفقني لطاعتك ، ولا تزل عني نعمتك ، وانترزقني الجنة برحمتك ، وتوسع علي من فضلك ، وتغنيني عن شرارخلقك ، وتلهمني شكرك وذكرك ، ولا تخيب يا رب دعائي ، ولا تقطع

٨٤

رجائي بمحمد واله(١) .

الباب (٥)

ما يفعله عند أسطوانة أبي لبابةرضي‌الله‌عنه

تصلي ركعتين مندوبا عند أسطوانة أبي لبابة ، وهي أسطوانة التوبة ، وقل بعدهما :

بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم لا تهني بالفقر ، ولا تذلني بالدين ،ولا تردني إلى الهلكة ، واعصمني كي اعتصم ، وأصلحني كي انصلح ،واهدني كي اهتدي.

اللهم أعني على اجتهاد نفسي ، ولا تعذبني بسوء ظني ،ولا تهلكني وأنت رجائي ، وأنت أهل ان تغفر لي ، وقد أخطأت وأنتأهل العفو عني ، وقد أقررت وأنت أهل ان تقيل ، وقد عثرت وأنتأهل ان تحسن ، وقد أسأت وأنت أهل التقوى والمغفرة ، فوفقني لماتحب وترضى ، ويسر لي اليسير وجنبني كل عسير.

اللهم أغنني بالحلال عن الحرام ، وبالطاعات عن المعصيات ،وبالغني عن الفقر ، وبالجنة عن النار ، وبالابرار عن الفجار ، يا من ليسكمثله شئ وهو السميع البصير ، وأنت على كل شئ قدير(٢) .

__________________

(١) رواه السيد في مصباح الزائر : ٢٥ ، عنه البحار ١٠٠ : ١٦٦.

(٢) عنه البحار ١٠٠ : ١٦٧.

٨٥

الباب (٦)

باب زيارة الأئمةعليهم‌السلام بالبقيع

أبي محمد الحسن بن علي ، وأبي محمد علي بن الحسينزين العابدين ، وأبي جعفر محمد بن علي الباقر ، وأبي عبد الله جعفر بنمحمد الصادق صلوات الله عليهم أجمعين.

١ ـ فإذا أتيتهم فقف عندهم واجعل القبر بين يديك ، وقل :

السلام عليكم أئمة الهدى ، السلام عليكم أهل التقوي ، السلامعليكم أيها الحجج على أهل الدنيا ، السلام عليكم أيها القوام في البرية ،السلام عليكم أهل الصفوة ، السلام عليكم أهل النجوي(١) .

اشهد انكم قد بلغتم ونصحتم وصبرتم في ذات اللهعزوجل ،وكذبتم وأسئ إليكم فغفرتم ، واشهد انكم الأئمة الراشدون المهديون ،وان طاعتكم مفروضة ، وان قولكم الصدق ، وانكم دعوتم فلم تجابوا ،وأمرتم فلم تطاعوا ، وانكم دعائم الدين ، وأركان الأرض.

لم تزالوا بعين الله(٢) عزوجل ، ينسخكم في أصلاب كل مطهر ،وينقلكم في الأرحام الطاهرات ، لم تدنسكم الجاهلية الجهلاء ،

__________________

(١) أهل النجوي : اي تناجون الله ويناجيكم ، أو عندكم الاسرار التي ناجي الله بها رسوله.

(٢) لم تزالوا بعين الله : اي منظورين بعين عنايته ولطفه.

٨٦

ولم تشرك فيكم فتن الأهواء(١) طبتم وطهرتم

من بكم علينا ديان الدين ، فجعلكم في بيوت اذن الله ان ترفعويذكر فيها اسمه ، وجعل صلاتنا عليكم ، رحمة لنا وكفارة لذنوبنا ،واختاركم لنا ، وطيب خلقنا بما من به علينا من ولايتكم ، وكنا عندهمسمين.

وهذا مقام من أسرف واخطأ ، واستكان(٢) وأقر بما جنى ، يرجوبمقامه الخلاص ، وان يستنقذه بكم مستنقذ الهلكى ، فكونوا لي شفعاء ،فقد وفدت إليكم إذ رغب عنكم مخالفوكم عنكم من أهل الدنيا ،واتخذوا آيات الله هزوا ولعبا واستكبروا عنها(٣) .

ثم ترفع رأسك وتقول :

يا من هو قائم لا يسهو ، ودائم لا يلهو ، ومحيط بكل شئ ، لكالمن بما وفقتني وعرفتني بما أعنتني عليه ، إذ صد عنه عبادك ، وجهلوامعرفتهم ، واستخفوا بحقهم ، ومالوا إلى سواهم ، وكانت المنة لك عليومنك إلي.

فلك الحمد إذ كنت عندك في مقامي هذا مذكورا مكتوبا ،

__________________

(١) لم تشرك فيكم فتن الأهواء : لم يصادفكم في آبائكم أهل الأهواء الباطلة ، اي لم يكونوا كذلك بلكانوا على الحق والدين القويم ، أو المراد خلوص نسبهم عن الشبهة ، أو انه لم تشرك في عقائدكم وأعمالكمفتن الأهواء والبدع ـ البحار

(٢) استكان : تضرع.

(٣) ثم ترفع رأسك وتقول ( خ ل ).

٨٧

فلا تحرمني ما رجوت ، ولا تخيبني فيما دعوت

وادع لنفسك ولوالديك ولمن أحببت بما شئت من الدعاء ، وصللكل امام ركعتين زيارة مندوبا وانصرف(١) .

٢ ـ زيارة أخرى لهمعليهم‌السلام :

يستحب لمن أراد زيارتهم ان يغتسل أولا ثم يأتي بسكينة(٢) ووقار ،فإذا ورد إلى الباب الشريف وقف عليه وقال :

يا موالي يا أبناء رسول الله ، عبدكم وابن أمتكم ، الذليل بينأيديكم ، والمضعف في علو قدركم ، والمعترف بحقكم ، جاءكممستجيرا بكم ، قاصدا إلى حرمكم ، متوسلا إلى مقامكم ، متوسلا إلىالله بكم.

أأدخل يا موالي ، أأدخل يا أمناء الله ، أأدخل يا أولياء الله ،أأدخل يا ملائكة الله المحدقين بهذا الحرم ، المقيمين بهذا المشهد.

واخشع لربك وابك ، فان خشع قلبك ودمعت عيناك فهو علامةالقبول والاذن ، وادخل رجلك اليمنى القبة واخر اليسرى ، وقل :

الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ،

__________________

(١) رواه في الكامل : ١١٧ ، عنه البحار ١٠٠ : ٢٠٣ ، ذكره في مصباح المتهجد : ٦٥٧.

(٢) قال الكفعمي : السكينة فعيلة من السكون ، يعني السكون الذي هو وقار ، لا السكون الذي هوضد الحركة.

٨٨

والحمد لله الفرد الصمد الماجد الاحد ، المتفضل المنان المتطولالحنان ، الذي من بطوله ، وسهل زيارة سادتي باحسانه ، ولم يجعلنيعن زيارتهم ممنوعا بل تطول ومنح.

ثم ادخل واجعل القبور بين يديك وقل :

السلام عليكم أئمة الهدى ، السلام عليكم أهل التقوى ، السلامعليكم أيها الحجج على أهل الدنيا ، السلام عليكم القوام في البريةبالقسط ، السلام عليكم أهل الصفوة ، السلام عليكم أهل النجوى.

اشهد انكم قد بلغتم عن الله ونصحتم أولياء الله وصبرتم فيذات الله ، وانكم المهتدون ، وان طاعتكم مفروضة ، وان قولكمالصدق ، وانكم دعائم الدين ، وأركان الأرض.

لم تزالوا بعين الله ، ينسخكم في أصلاب كل مطهر ، وينقلكم منأصلاب المطهرات ، لم تدنسكم الجاهلية الجهلاء ، ولم تشرك فيكم فتنالأهواء ، طبتم وطاب منبتكم.

من بكم علينا ديان الدين ، فجعلكم في بيوت اذن الله ان ترفعويذكر فيها اسمه ، وجعل صلاتنا عليكم ، وطيب خلقتنا بما من به علينامن ولايتكم ، وكنا عنده مسمين بعلمكم ، معترفين بتصديقنا إياكم.

وهذا مقام من أسرف واخطأ ، واستكان وأقر بما جنى ، ورجابمقامه الخلاص من لظى ، وان يستنقذه بكم مستنقذ الهلكى من الردى ،فكونوا لي شفعاء ، فقد وفدت إليكم إذ رغب عنكم أهل الدنيا ، واتخذوا

٨٩

آيات الله هزوا واستكبروا عنها.

السلام عليكم يا ساداتي ، انا عبدكم ومولاكم وزائركم ، اللائذبكم ، أتوسل إلى الله في نجح طلبتي وكشف كربتي ، وإجابة دعوتي وغفران حوبتي ، واسأله ان يسمع ويجيب برحمته.

وصل صلاة الزيارة ، وصفتها ان تنوي بقلبك صلاة الزيارة مندوباقربة إلى الله تعالى ، وتكون النية مقارنة للفعل ، وتصلي لكل امام ركعتين ، وادع بما تحب ، واسأله الحوائج ، فإنه موضع إجابة(١) .

الباب (٧)

زيارة إبراهيم ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

فإذا خرجت من قبة الأئمةعليهم‌السلام وامض إلى قبر إبراهيمعليه‌السلام ، فإذاوقفت عليه فقل :

السلام على رسول الله ، السلام على نبي الله ، السلام على حبيبالله ، السلام على صفي الله ، السلام على نجي الله ، السلام على محمدابن عبد الله سيد الأنبياء وخاتم المرسلين وخيرة الله من خلقه وسمائه ،السلام على جميع أنبياء الله ورسله ، السلام على الشهداء والسعداءوالصالحين ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

السلام عليك أيتها الروح الزاكية ، السلام عليك أيتها النفس

__________________

(١) عنه البحار ١٠٠ : ٢١١.

٩٠

الشريفة ، السلام عليك أيتها السلالة الطاهرة ، السلام عليك أيتها النسمةالزاكية ، السلام عليك يا بن خير الورى ، السلام عليك يا بن النبيالمجتبى ، السلام عليك يا بن المبعوث إلى كافة الورى.

السلام عليك يا بن البشير النذير ، السلام عليك يا بن السراجالمنير ، السلام عليك يا بن المؤيد بالقرآن ، السلام عليك يا بن المرسلإلى الإنس والجان ، السلام عليك يا بن صاحب الراية والعلامة ، السلامعليك يا بن الشفيع يوم القيامة ، السلام عليك يا بن من حباه الله بالكرامة ،السلام عليك ورحمة الله وبركاته.

اشهد انك قد اختار الله لك دار انعامه قبل ان يكتب عليك احكامهأو يكلفك حلاله وحرامه ، فنقلك إليه طيبا زاكيا مرضيا طاهرا من كلنجس ، مقدسا من كل دنس ، وبوأك جنة المأوى ، ورفعك إلى درجاتالعلى ، وصلى الله عليك صلاة يقر بها عين رسوله ، ويبلغه بها أكبرمأمولة.

اللهم اجعل أفضل صلواتك وأزكاها ، وأنمى بركاتك وأوفاها ،على رسولك ونبيك وخيرتك من خلقك ، محمد خاتم النبيين ، وعلىما نسل من أولاده الطيبين ، وعلى ما خلف من عترته الطاهرين ،برحمتك يا ارحم الراحمين.

اللهم إني أسألك بحق محمد صفيك ، وإبراهيم نجل نبيك ، انتجعل سعيي بهم مشكورا ، وذنبي بهم مغفورا ، وحياتي بهم سعيدة ،

٩١

وعافيتي بهم حميدة ، وحوائجي بهم مقضية ، وافعالي بهم مرضيةوأموري بهم مسعودة ، وشؤوني بهم محمودة.

اللهم وأحسن لي التوفيق ، ونفس عني كل هم وضيق ، اللهمجنبني عقابك ، وامنحني ثوابك ، واسكني جنانك ، وارزقني رضوانكوأمانك ، واشرك في صالح دعائي والدي وولدي وجميع المؤمنينوالمؤمنات ، الاحياء منهم والأموات ، انك ولي الباقيات الصالحات ،امين رب العالمين.

ثم يسأل حوائجه ، ويصلي ركعتي الزيارة مندوبا قربة إلى الله(١) .

الباب (٨)

زيارة فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام

فإذا وقف على قبرها قال :

السلام على نبي الله ، السلام على رسول الله ، السلام على محمدسيد المرسلين ، السلام على سيد الأولين ، السلام على سيد الآخرين ،السلام على من بعثه الله رحمة للعالمين ، السلام عليك أيها النبيورحمة الله وبركاته.

السلام على فاطمة بنت أسد الهاشمية ، السلام عليك أيتهاالصديقة المرضية ، السلام عليك أيتها التقية النقية ، السلام عليك أيتها

__________________

(١) عنه وعن المفيد والشهيد والسيد ، البحار ١٠٠ : ٢١٧.

٩٢

الكريمة الرضية ، السلام عليك يا كافلة محمد خاتم النبيين.

السلام عليك يا من ظهرت شفقتها على رسول الله خاتم النبيين ،السلام عليك يا من تربيتها لولي الله الأمين ، السلام عليك وعلىروحك وبدنك الطاهر ، السلام عليك وعلى ولدك ورحمة اللهوبركاته.

اشهد انك أحسنت الكفالة وأديت الأمانة ، واجتهدت في مرضاةالله ، وبالغت في حفظ رسول الله ، عارفة بنبوته ، مستبصرة بنعمته ،كافلة بتربيته ، مشفقة على نفسه ، واقفة على خدمته ، مختارة رضاه ،مؤثرة رضاه.

واشهد انك مضيت على الايمان والتمسك بأشرف الأديان ،راضية مرضية ، طاهرة زكية ، تقية نقية ، فرضي الله عنك وأرضاك ،وجعل الجنة منزلك ومأواك.

اللهم صل على محمد وال محمد وانفعني بزيارتها ، وثبتني علىمحبتها ، ولا تحرمني شفاعتها وشفاعة الأئمة من ذريتها ، وارزقنيمرافقتها ، واحشرني معها ومع أولادها الطاهرين.

اللهم لا تجعله اخر العهد من زيارتي إياها ، وارزقني العود إليهاابدا ما أبقيتني ، وإذا توفيتني فاحشرني في زمرتها ، وادخلني فيشفاعتها ، برحمتك يا ارحم الراحمين.

اللهم بحقها عندك ومنزلتها لديك اغفر لي ولوالدي ولجميع

٩٣

المؤمنين والمؤمنات ، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنابرحمتك عذاب النار.

وتصلي ركعتين للزيارة مندوبا قربة إلى الله تعالى(١) .

الباب (٩)

زيارة حمزة بن عبد المطلب بأحدرضي‌الله‌عنه

إذا اتيت قبرهعليه‌السلام بأحد فقل :

السلام عليك يا عم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، السلام عليكيا خير الشهداء ، السلام عليك يا أسد الله واسد رسوله ، اشهد انك قدجاهدت في اللهعزوجل ، وجدت بنفسك ، ونصحت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكنت فيما عند الله سبحانه راغبا.

بابي أنت وأمي اتيتك متقربا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك ، راغبا إليك في الشفاعة ، ابتغي بزيارتك خلاص نفسي ، متعوذابك من نار استحقها مثلي بما جنيت على نفسي ، هاربا من ذنوبي التياحتطبتها على ظهري ، فزعا إليك رجاء رحمة ربي.

اتيتك استشفع بك إلى موالي ، وأتقرب بنبيه إليه ليقضي لي بكحوائجي ، اتيتك من شقة بعيدة طالبا فكاك رقبتي من النار ، وقد أوقرتظهري ذنوبي ، واتيت ما اسخط ربي ، ولم أجد أحدا افزع إليه خيرا لي

__________________

(١) عنه البحار ١٠٠ : ٢١٧.

٩٤

منكم أهل بيت الرحمة ، وكن لي شفيعا يوم فقري وحاجتي

فقد سرت إليك محزونا ، واتيتك مكروبا ، وسكبت عبرتي عندكباكيا ، وصرخت إليك منفردا ، أنت ممن امرني الله بصلته ، وحثني علىبره ، ودلني على فضله ، وهداني لحبه ، ورغبني في الوفادة إليه ،والهمني طلب الحوائج عنده ، أنتم أهل بيت لا يشقى من تولاكم ،ولا يخيب من اتاكم ، ولا يخسر من يهواكم ، ولا يسعد من عاداكم.

ثم تستقبل القبلة وتجعل القبر بين يديك وتصلي ركعتين مندوباللزيارة ، فإذا فرغت من صلاتك فانكب على القبر وقل :

اللهم صل على محمد وال محمد ، اللهم إني تعرضت لرحمتكبلزومي لقبر عم نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله لتجيرني من نقمتك وسخطكومقتك ، في يوم تكثر فيه الأصوات ، وتشغل كل نفس بما قدمت ، وتجادل كل نفس عن نفسها ، فان ترحمني اليوم فلا خوف علي ولا حزن ،وان تعاقب فمولى له القدرة على عبده ، ولا تخيبني بعد اليوم ، ولاتصرفني بغير حاجتي.

فقد لصقت بقبر عم نبيك ، وتقربت به إليك ابتغاء مرضاتك ورجاء رحمتك ، فتقبل مني ، وعد بحلمك على جهلي ، وبرأفتك علىجناية نفسي ، فقد عظم جرمي ، وما أخاف ان تظلمني ولكن أخاف سوءالحساب ، فانظر اليوم تقلبي على قبر عم نبيكعليهما‌السلام ، فبهمافكني من النار ، ولا تخيب سعيي ، ولا يهونن عليك ابتهالي ، ولا تحجبنعنك صوتي ، ولا تقلبني بغير حوائجي.

٩٥

يا غياث كل مكروب ومحزون ، يا مفرجا عن الملهوف الحيرانالغريق المشرف على الهلكة ، فصل على محمد وال محمد وانظر إلينظرة لا أشقى بعدها ابدا ، وارحم تضرعي وعبرتي وانفرادي ، فقدرجوت رضاك وتحريت(١) الخير الذي لا يعطيه أحد سواك ، فلا ترد املي.

اللهم ان تعاقب فمولى له القدرة على عبده وجزاؤه فعله ،فلا أخيبن اليوم ، ولا تصرفني بغير حاجتي ، ولا يخيبن شخوصيووفادتي ، فقد أنفدت نفقتي ، وأتعبت بدني ، وقطعت المفازات ،وخلفت الأهل والمال وما خولتني ، واثرت ما عندك على نفسي ،ولذت بقبر عم نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتقربت به ابتغاء مرضاتك ،فعد بحلمك على جهلي ، وبرأفتك على ذنبي فقد عظم جرمي برحمتكيا كريم(٢) .

الباب (١٠)

زيارة قبور الشهداء بأحد رضوان الله عليهم

إذا اتيت قبورهم فقل :

السلام على رسول الله ، السلام على نبي الله ، السلام على محمدابن عبد الله ، السلام على أهل بيته الطاهرين.

__________________

(١) تحري الامر : قصده وفضله.

(٢) عنه البحار ١٠٠ : ٢٢٠.

٩٦

السلام عليكم أيها الشهداء المؤمنون ، السلام عليكم يا أهلالايمان والتوحيد ، السلام عليكم يا أنصار دين الله وأنصار رسوله عليهواله السلام ، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار.

اشهد ان الله اختاركم لدينه واصطفاكم لرسوله ، واشهد انكمجاهدتم في الله حق جهاده ، وذبيتم عن دين الله وعن نبيه ، وجدتمبأنفسكم دونه ، واشهد انكم قتلتم على منهاج رسول الله ، فجزاكم اللهعن نبيه وعن الاسلام وأهله أفضل الجزاء ، وعرفنا وجوههم في محلرضوانه وموضع اكرامه ، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحينوحسن أولئك رفيقا.

اشهد انكم حزب الله ، وان من حاربكم فقد حارب الله ، وانكممن المقربين الفائزين ، الذين هم احياء عند ربهم يرزقون ، فعلى من قتلكملعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

اتيتكم يا أهل التوحيد زائرا ، ولحقكم عارفا ، وبزيارتكم إلى اللهمتقربا ، وبما سبق من شريف الأعمال ومرضي الافعال عالما ، فعليكمسلام الله ورحمة الله وبركاته ، وعلى من قتلكم لعنة الله وغضبهوسخطه.

اللهم انفعني بزيارتهم ، وثبتني على قصدهم ، وتوفني على ماتوفيتهم عليه ، واجمع بيني وبينهم في مستقر دار رحمتك ، اشهد انكملنا فرط ونحن لكم لاحقون.

٩٧

ويقرأ سورة( انا أنزلناه في ليلة القدر ) ما قدر عليه ، وينصرفراشدا ، وتصلي عند كل من زرته ركعتي الزيارة مندوبا إلى الله تعالى(١) .

الباب (١١)

ذكر المساجد المعظمة

ينبغي ان يصلي في المساجد المعظمة ان تمكن من ذلك ، ويبتدئمنها بمسجد قبا ، وهو الذي أسس على التقوى(٢) .

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( من اتي قبا فصلي فيه ركعتين رجع بعمرة )(٣) .

فإذا دخله صلى فيه ركعتين تحية المسجد ، فإذا فرغ من الصلاة وسبحوقال :

السلام على أولياء الله وأصفيائه ، السلام على أنصار الله وخلفائه ،السلام على محال معرفة الله ، السلام على معادن حكمة الله ، السلامعلى عباد الله المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملونالسلام على مظاهر امره ونهيه ، السلام على الادلاء على الله ، السلامعلى المستقرين في مرضاة الله ، السلام على الممحصين في طاعة الله.

السلام على الذين من والاهم فقد والى الله ، ومن عاداهم فقد

__________________

(١) عنه البحار ١٠٠ : ٢٢١.

(٢) التوبة : ١٠٨ : ( لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق ان تقوم فيه ).

(٣) روى مضمونه العياشي في تفسيره ٢ : ١١١ ، عنه البحار ١٠٠ : ٢١٥ ، الوسائل ١٤ : ٣٥٦.

٩٨

عادى الله ، ومن عرفهم فقد عرف الله ، ومن جهلهم فقد جهل الله ،ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله ، ومن تخلى منهم فقد تخلى من الله.

اشهد الله اني حرب لمن حاربكم ، سلم لمن سالمكم ، مؤمن بماامنتم به ، كافر بما كفرتم به ، محقق لما حققتم ، مبطل لما أبطلتم ، مؤمنبسركم وعلانيتكم ، مفوض في ذلك كله إليكم ، لعن الله عدوكم منالجن والإنس ، ضاعف عليهم العذاب الأليم.

وتدعو فتقول :

يا كائنا قبل كل شئ ، ويا كائنا بعد هلاك كل شئ ، لا يستتر عنهشئ ، ولا يشغله شئ عن شئ ، كيف تهتدي به القلوب لصفتك ، أوتبلغ العقول نعتك ، وقد كنت قبل الواصفين من خلقك ، ولم تركالعيون بمشاهدة الابصار فتكون بالعيان موصوفا ، ولم تحط بك الأوهامفتوجد متكيفا محدودا.

حارت الابصار دونك ، وكلت الألسن عنك ، وعجزت الأوهامعن الإحاطة بك ، وغرقت الأذهان في نعت قدرتك ، وامتنعت عنالابصار رؤيتك ، وتعالت عن التوحيد أزليتك ، وصار كل شئ خلقتهحجة لك ومنتسبا إلى فعلك ، وصادرا عن صنعك ، فمن بين مبتدعيدل على ابداعك ، ومصور يشهد بتصويرك ، ومقدر ينبئ عن تقديرك ،ومدبر ينطق عن تدبيرك ، ومصنوع يومي إلى تأثيرك.

وأنت لكل جنس من مصنوعاتك ومبروراتك ومفطوراتك ،

٩٩

صانع وبارئ وفاطر ، لم تمارس في خلقك السماوات والأرض نصبا ،ولا في ابتداعك أجناس المخلوقين تعبا ، ولا لك حال سبق حالا فتكونأولا قبل أن تكون اخرا ، وتكون ظاهرا قبل أن تكون باطنا ، أحاط بكلشئ علمك ، واحصى كل شئ غيبك.

لست بمحدود فتدركك الابصار ، ولا بمتناه فتحويك الأقطار ،ولا بجسم فتكفيك الاقدار ، ولا بمرئي فتحجبك الأستار ، ولم تشبهشيئا فيكون لك مثلا ، ولا كان معك شئ فتكون لك ضدا.

ابتدأت الخلق لا من شئ كان من أصل يضاف إليه فعلك حتىتكون لمثاله محتديا ، وعلى قدر هيبته مهيئا ، ولم يحدث(١) لك إذاخلقته علما ، ولم تستفد به عظمة ولا ملكا ، ولم تكون سماواتكوارضك وأجناس خلقك لتشديد سلطانك(٢) ، ولا لخوف من زوالونقصان ، ولا استعانة على ضد مكاثر(٣) أو ند مشاور ، ولا يؤودك حفظما خلقت ولا تدبير ما ذرأت ، ولا من عجز اكتفيت بما برأت ، ولا مسكلغوب فيما فطرت وبنيت ، وعليه قدرت ، ولا دخلت عليك شبهة فيماأردت.

يا من تعالى عن الحدود وعن أقاويل المشبهة والغلاة واجبار

__________________

(١) لم يخلق ( خ ل ).

(٢) لم تكن ، سلطان ( خ ل ).

(٣) مكابر ( خ ل ).

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702