ابطال ما استدلّ به لإمامة أبي بكر

ابطال ما استدلّ به لإمامة أبي بكر0%

ابطال ما استدلّ به لإمامة أبي بكر مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: الإمامة
ISBN: 964-319-258-X
الصفحات: 55

  • البداية
  • السابق
  • 55 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 7454 / تحميل: 3861
الحجم الحجم الحجم
ابطال ما استدلّ به لإمامة أبي بكر

ابطال ما استدلّ به لإمامة أبي بكر

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 964-319-258-X
العربية

١

٢

٣

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة المركز :

لا يخفى أنّنا لا زلنا بحاجة إلى تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والإفهام المناسب لعقائدنا الحقّة ومفاهيمنا الرفيعة ، ممّا يستدعي الالتزام الجادّ بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الاُمّة وقيمها الحقّة ، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطوّر التقني الحديث.

وانطلاقاً من ذلك ، فقد بادر مركز الأبحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني ـ مدّ ظلّه ـ إلى اتّخاذ منهج ينتظم على عدّة محاور بهدف طرح الفكر الإسلامي الشيعي على أوسع نطاق ممكن.

ومن هذه المحاور : عقد الندوات العقائديّة المختصّة ، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكّريها المرموقين ، التي تقوم نوعاً على الموضوعات الهامّة ، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد

٥

والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها ، ثم يخضع ذلك الموضوع ـ بطبيعة الحال ـ للحوار المفتوح والمناقشات الحرّة لغرض الحصول على أفضل النتائج.

ولأجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلى شبكة الإنترنت العالمية صوتاً وكتابةً.

كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها على المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتى أرجاء العالم.

وأخيراً ، فإنّ الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها على شكل كراريس تحت عنوان « سلسلة الندوات العقائدية » بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنيّة اللازمة عليها.

وهذا الكرّاس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحدٌ من السلسلة المشار إليها.

سائلينه سبحانه وتعالى أن يناله بأحسن قبوله.

مركز الأبحاث العقائدية

فارس الحسّون

٦

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد :

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وآله الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.

بعد أنْ انتهينا من الأدلّة المنتخبة على إمامة أمير المؤمنين من نصوص الكتاب والسنّة ، وانتهينا أيضاً من الدليل العقلي على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، على ضوء ما أسّسه وقرّره علماء الكلام من أهل السنّة ، في الشروط المعتبرة في الإمام ، وأنّه لولا تلك الشروط لما جاز انتخاب ذلك الشخص واختياره إماماً بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حيث أنّهم يقولون بأنّ الإمامة تكون بالاختيار والانتخاب ، وعلى هذا الاساس يعيّنون له الاوصاف والشروط التي لابدّ من توفّرها فيه حتى يُنتخب ، ونحن تكلّمنا معهم على أساس تلك الشروط

٧

المعتبرة فيما بينهم بالإجماع وعلى ضوء كلمات كبار علمائهم.

البحث الآن في الأدلّة التي يقيمونها على إمامة أبي بكر ، ولولا التعرّض لهذه الأدلّة لبقي البحث ناقصاً ، لأنّا قد أقمنا الأدلّة على إمامة أمير المؤمنين ، لكنّهم أيضاً يقيمون الأدلّة على إمامة أبي بكر ، فلابدّ من النظر في تلك الأدلّة أيضاً ، لنرى مدى تمامية تلك الأدلّة بحسب الموازين العلميّة.

وفي هذا الفصل من بحثنا أيضاً ، سنكون ملتزمين بآداب البحث وبقواعد المناظرة ، وسنرى أنّهم يستدلّون بأحاديث أو بأدلّة تختص بهم أو يختصّون هم وينفردون هم بالاستدلال بتلك الأدلّة ، وبرواية تلك الأحاديث ، وقد قلنا وقرّرنا وأسّسنا منذ الليلة الأولى أنّ الأدلّة يجب أن تكون مورد قبول عند الطرفين ، أو تكون الأدلّة التي يستدل بها كلّ طرف مقبولة عند الطرف المقابل ، ليتمّ لهذا الطرف الإلزام والاحتجاج بالأدلة التي يرتضيها الطرف المقابل ويقول باعتبارها.

لكن الأدلّة التي يستدلون بها على إمامة أبي بكر أدلّة ينفردون هم بها ، وإذا كانت روايات ، فإنّها ليست إلاّ في كتبهم وعن طرقهم ، ومع ذلك ننظر في تلك الروايات ونباحثهم عليها ، على أساس كتبهم ورواياتهم وأقوال علمائهم.

٨

وكما أشرتُ من قبل ، نكون في هذا الفصل أيضاً ملتزمين بآداب البحث ، ملتزمين بالمتانة في الكلام ، ملتزمين بعدم التعصب ، وكلّ استدلالاتنا ستكون على ضوء رواياتهم وكتبهم ، ليتّضح لهم عدم تماميّة أدلّتهم بحسب كلمات علمائهم ، فكيف لو أرادوا أن يلزمونا بمثل هذه الأدلّة التي هم لا يقبلون بها ، وعلماؤهم لا يرتضون بصحّتها وجواز الإستدلال بها ؟

وعندما نريد أنْ ننقل تلك الأدلّة ، نعتمد على أهم كتبهم ، نعتمد على أشهر كتبهم في علم العقائد.

وأهم كتبهم : كتاب المواقف في علم الكلام وشرح المواقف وأيضاً شرح المقاصد ، هذه أهم كتبهم الكلامية التي ألّفت في القرن الثامن والتاسع من الهجرة ، وكانت هذه الكتب تدرس في حوزاتهم العلمية ، ولأساتذتهم شروح وحواشي كثيرة على هذه الكتب ، فلو رجعتم إلى كشف الظنون وقرأتم ما يقوله صاحب كشف الظنون عن شرح المواقف وعن شرح المقاصد وعن المواقف(1) نفسها ، لرأيتم كثرة الكتب والشروح والحواشي المؤلفة عليها ، وإنّ هذه الكتب أصبحت محوراً لتلك الكثرة من الكتب الكلامية عندهم.

__________________

(1) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون 2 / 1780 ، 1891.

٩

ولا خلاف بينهم في اعتبار هذه الكتب وأهميتها ، وكونها المعتمد والمستند عندهم في مباحث العقائد.

١٠

أهمّ أدلّة القوم على إمامة أبي بكر

إذن ، لننظر في أهمّ أدلّتهم على إمامة أبي بكر ، ولننظر ماذا يقولون هم في هذه الأدلة.

نصّ عبارة شرح المواقف(1) :

المقصد الرابع : في الإمام الحق بعد رسول الله ، هو عندنا أبو بكر ، وعند الشيعة علي لنا وجهان ـ أي دليلان ـ الأول : إنّ طريقه ـ طريق الإمام ـ وتعيين الإمام إمّا النص أو الإجماع أمّا النص فلم يوجد(2) ، وأمّا الإجماع فلم يوجد على غير أبي بكر إتفاقاً من الاُمّة الإجماع منعقد على حقيّة إمامة أحد الثلاثة : أبي بكر وعلي والعباس [ أي الشبهة منحصرة ومحصورة بين هؤلاء

__________________

(1) شرح المواقف 8 / 354.

(2) فيعترف على عدم وجود نص على أبي بكر ، وإنْ كان يدّعي عدم وجود نص على علي ، لكن كلامنا الآن في أبي بكر.

١١

الثلاثة ] ثمّ إنّهما [ أي علي والعباس ] لم ينازعا أبا بكر ، ولو لم يكن على الحق [ أبو بكر ] لنازعاه.

إذن يتم الدليل على إمامة أبي بكر عن طريق الإجماع ، ويعترف بعدم وجود النص.

فالدليل الأول على إمامة أبي بكر هو الإجماع والنص مفقود.

ويقول صاحب شرح المقاصد(1) في المبحث الثالث في طريق ثبوت الإمامة :

إنّ الطريق إمّا النص وإمّا الاختيار(2) ، والنص منتف في حقّ أبي بكر ، مع كونه إماماً بالإجماع.

فظهر إلى الآن أنْ لا نصّ على أبي بكر ، وأنّ الدليل هو الإجماع.

يبقى طريق ثالث ، هم أيضاً يتعرضون لذلك الطريق ، وهو طريق الأفضلية ، فكما بحثنا نحن يبحثون هم أيضاً عن الأفضلية ، كما أشرنا بالأمس ، عندما يبحثون عن الأفضلية يختلفون في اشتراطها في الإمام ، كما أشرنا من قبل ، فمن أنكر اعتبار الأفضلية

__________________

(1) شرح المقاصد 5 / 255.

(2) لاحظوا : شارح المواقف يقول : الإجماع ، شارح المقاصد يقول : الإختيار ، وفرق بين الإجماع والإختيار ، وكلّ هذا سيتّضح في محلّه بالتفصيل.

١٢

فلا داعي له للإصرار على أفضلية أبي بكر ، كالفضل ابن روزبهان ، وقد أشرنا أمس ، وأمّا الذي يعتبر الأفضلية في الإمام ، فلابدّ وأن يصرّ على أفضليّة أبي بكر ، لأنّه قائل بإمامة أبي بكر ، ومن هؤلاء القائلين بالأفضليّة ابن تيميّة ، ولذا يصرّ على أفضليّة أبي بكر ، ويكذّب كلّما يستدلّ به الإماميّة على أفضليّة عليعليه‌السلام .

١٣
١٤

أدلّة القوم على أفضلية أبي بكر

حينئذ نرجع إلى بحث الأفضلية في كتاب المواقف وشرح المواقف(1) يقول :

المقصد الخامس : في أفضل الناس بعد رسول الله ، هو عندنا وأكثر قدماء المعتزلة أبو بكر ، وعند الشيعة وعند أكثر متأخّري المعتزلة علي.

فيظهر إلى هنا : إنّ الدليل عندهم على إمامة أبي بكر : الإجماع والأفضليّة ، بناء على اعتبار الأفضلية في الإمام ، والنصّ عندهم مفقود.

أمّا نحن ، فقد أقمنا الأدلّة الثلاثة كلّها على إمامة أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.

__________________

(1) شرح المواقف 8 / 365.

١٥

هم يقولون بعدم النصّ على أبي بكر ويعترفون بهذا ، فتبقى دعوى الأفضلية ، ثمّ دعوى الإجماع على إمامة أبي بكر.

فلننظر إلى أدلّتهم في الأفضلية :

الدليل الأول :

قوله تعالى( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى *الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ *وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ ) (1) .

يقول في شرح المواقف : قال أكثر المفسرين وقد اعتمد عليه العلماء : إنّها نزلت في أبي بكر ، فهو أتقى ، ومن هو أتقى فهو أكرم عند الله تعالى ، لقوله عزّوجلّ :( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) (2) ، فيكون أبو بكر هو الأفضل عند الله سبحانه وتعالى.

ولا ريب أنّ من كان الأفضل والأكرم عند الله ، فهو المتعيّن للإمامة والخلافة بعد رسول الله ، وهذا لا إشكال فيه ، من كان الأكرم والأفضل عند الله فهو المتعيّن للإمامة والخلافة بعد رسول الله ، فيكون أبو بكر هو الأفضل ، الأفضل من الاُمّة كلّها بعد رسول الله ، فهو المتعيّن للخلافة بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

(1) سورة الليل : 17.

(2) سورة الحجرات : 13.

١٦

الدليل الثاني :

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إقتدوا باللَّذين من بعدي أبي بكر وعمر ».

فإنّ « اقتدوا » أمر ، والخطاب لعموم المسلمين ، وهذا الخطاب العام يشمل عليّاً ، فعلي أيضاً مأمور بالإقتداء بالشيخين ، فيجب على علي أنْ يكون مقتدياً بالشيخين ، والمقتدى هو الإمام.

وهذا حديث نبوي يروونه في كتبهم ، فحينئذ يكون دليلاً على إمامة أبي بكر ، وخلافة عمر فرع خلافة أبي بكر ، فإذا ثبتت خلافة أبي بكر ثبتت خلافة عمر ، وليس البحث الآن في خلافة عمر بن الخطّاب.

الدليل الثالث :

إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأبي الدرداء : « والله ما طلعت شمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على رجل أفضل من أبي بكر ».

وهذا في الحقيقة يصلح أنْ يكون نصّاً على إمامة أبي بكر ، والله ما طلعت شمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على رجل أفضل من أبي بكر ، فيكون أبو بكر أفضل من علي ، وتقديم المفضول على الفاضل أو تقديم الفاضل على الأفضل قبيح ، فيكون

١٧

أبو بكر هو المتعين للخلافة والإمامة بعد رسول الله.

الدليل الرابع :

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأبي بكر وعمر : « هما سيّدا كهول أهل الجنّة ما خلا النبيين والمرسلين ».

ومن كان سيّد القوم ، ومن كان كبير القوم ، فهو الإمام بينهم ، هو المقتدى بينهم ، هو المتّبع لهم ، وعلي أيضاً من الناس ، فيكون علي من جملة من عليه أن يتّبع الشيخين وهما سيّدا كهول أهل الجنّة.

الدليل الخامس :

قولهعليه‌السلام : « ما ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أنْ يتقدم عليه غيره ».

إذن ، غير أبي بكر لا يجوز أنْ يتقدّم على أبي بكر ، وهذا يشمل عليّاً أيضاً ، فعلي لا يجوز له أنْ يتقدم على أبي بكر ، ولا يجوز لأحد أن يدّعي التقدم لعلي على أبي بكر ، لأنّه سيخالف قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

الدليل السادس :

تقديمه ـ أي تقديم النبي أبا بكر ـ في الصلاة مع أنّها أفضل

١٨

العبادات ، فأبو بكر صلّى في مكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرض النبي ، وكانت صلاته تلك على ما يروون بأمر من النبي ، والصلاة أفضل العبادات ، فإذا صلّى أحد في مكان النبي وأمّ المسلمين بأمر من النبي ، فيكون هذا الشخص صالحاً لأنْ يكون إماماً للمسلمين بعد النبي.

الدليل السابع :

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « خير أُمّتي أبو بكر ثمّ عمر ».

وهذا أيضاً حديث يروونه في كتبهم.

الدليل الثامن :

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لو كنت متّخذاً خليلاً دون ربي لاتّخذت أبا بكر خليلاً ».

الدليل التاسع :

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد ذكر عنده أبو بكر فقال رسول الله : « وأين مثل أبي بكر ، كذّبني الناس وصدّقني ، وآمن بي وزوّجني ابنته ، وجهّزني بماله ، وواساني بنفسه ، وجاهد معي ساعة الخوف ».

١٩

الدليل العاشر :

قول عليعليه‌السلام : « خير الناس بعد النبيين أبو بكر ثمّ عمر ثمّ الله أعلم ».

هذه هي عمدة أدلّتهم على أفضليّة أبي بكر ، تجدون هذه الأدلّة في : كتب الفخر الرازي ، وفي الصواعق المحرقة ، وفي شرح المواقف ، وفي شرح المقاصد ، وفي عامة كتبهم من المتقدمين والمتأخرين ، وحتى المعتزلة ، أي المعتزلة أيضاً يشاركون الأشاعرة في الإستدلال بمثل هذه الأدلّة على إمامة أبي بكر ، إلاّ المعتزلة المتأخّرين الذين لا يقولون بأفضليّة أبي بكر ، وإنّما يقولون بأفضليّة علي ، لكن المصلحة اقتضت أن يتقدّم أبو بكر على علي في الإمامة.

٢٠