النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء ٥

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين11%

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 348

  • البداية
  • السابق
  • 348 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 50288 / تحميل: 6883
الحجم الحجم الحجم
النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ألنّور المبين

فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين

الجزء الخامس

المؤلّف

محمّد فخر الدّين

١

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

ألحمد لله ربِّ العالمين والصّلاة والسَّلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

ألحمد لله الّذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله. فله الشكر وله الحمد بما أنعم علينا من توفيقه بالانتهاء من الجزء الخامس من (ألنّور المبين في ما نزل من القرآن في إمام المتّقين).

وبهذا السعي والجهد اليسير قد انتهينا من إكماله وما توفيقي إلّا بالله العليّ العظيم.

المؤلّف

محمّد فخر الدّين

الخميس ١٦شوال ١٤٣٢هـ

الموافق ١٥/٩/٢٠١١م

٢

بحث حول الولاية

٣

( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) (١)

ولاية أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام

قال رسول اللهصلى الله عليه وآله : من سرّه أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويسكن جنّة عدن غرسها ربّي فليوال عليّاً من بعدي، وليوال وليّه وليقتد بالأئمّة من بعدي، فإنّهم عترتي خُلقوا من طينتي، رزقوا فهماً وعلماً، وويل للمكذّبين بفضلهم من أمّتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي.

١- الإصابة في تمييز الصحابة: شهاب الدين أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني ١/٥٥٩.

٢- التدوين في معرفة علماء قزوين: عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني ٢/٤٨٥.

٣- ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب من كتاب تاريخ دمشق: للشيخ محمد باقر المحمودي، ٢/٩٤ - ٩٥ و٩٨ - ٩٩.

٤- تاريخ بغداد: للخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي ج ٤ ص ٤١٠.

٥- شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد: ج ٢ ص ٤٥٠، وفي طبعة مؤسسة الأعلمي بيروت ص ٤٢٠ في الجزء الثاني عشر: قول رسول الله صلى الله عليه وآله: من سرّه أن....

٦- فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين: إبراهيم بن سعد الدين محمد الحمويني ص ٤٥٠.

٧- كفاية الطالب: للحافظ محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ص ٢٦ و٩٤.

٨- الكواكب الدُريّة: مصطفى محمد المناوي ص ٤٤.

٩- كنز العمّال: علاء الدين علي المتّقي الهندي ٦/١٥٥ و٢١٧.

١٠- مقتل الحسين: الموفّق بن أحمد المكّي الخوارزمي ج ١ ص ٣

١١- مناقب سيّدنا عليّ: درويش الفقير العيني ص ٥١.

____________________

١- سورة النحل: الآية ١٢٥.

٤

روى ابن أبي الحديد في شرح النهج: المجلد الثاني ص ٣٠٥ ط مؤسسة الأعلمي قال:

وروى أبان بن عيّاش، قال: سألت الحسن البصري عن عليّعليه‌السلام ، فقال: ما أقول فيه! كانت له السابقة، والفضل والعلم والحكمة والفقه والرأي والصحبة والنجدة والبلاء والزهد والقضاء والقرابة، إنّ عليّا كان في أمره عليّاً، رحم الله عليّاً، وصلّى عليه! فقلت: يا أبا سعيد، أتقول: ((صلّى عليه)) لغير النبيّ فقال: ترّحم على المسلمين إذا ذكروا، وصلِّ على النبي وآله وعليٌّ خير آله. فقلت: أهو خيرٌ من حمزة وجعفر؟ قال: نعم، قلت: وخيرٌ من فاطمة وابنيها؟ قال: نعم والله، إنّه خير آل محمّد كلّهم، ومن يشكُّ أنّه خيرٌ منهم؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله:[وأبوهما خيرٌ منهما] ولم يجر عليه إسم شرك، ولا شُرب خمر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام:[زوّجتك خير أمّتي] فلو كان في أمّته خيرٌ منه لاستثناه، ولقد آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين الصحابة، فآخى بين عليّ ونفسه، فرسول الله صلى الله عليه وآله خير الناس نفساً، وخيرهم أخاً، فقلت يا أبا سعيد، فما هذا الّذي يقال عنك إنّك قلته في عليّ؟ فقال: يا بن أخي، أحقن دمي من هؤلاء الجبابرة، ولولا ذلك لشالت بي الخُشُب.

قام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بحجّة الوداع في العام العاشر من الهجرة النبويّة الشريفة، ولم يحج غيرها، وسمّيت بحجة الإسلام وكذلك حجّة البلاغ وحجّة الكمال وحجّة التمام(١) ، فعند عودة النبي صلى الله عليه وآله من أداء مناسك الحج نزل عليه جبرائيل: بالآية الشريفة:( يَا أَيُّهَا الرَّ‌سُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّ‌بِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِ‌سَالَتَهُ ) في موضع يقال له غدير خمّ، وفيما يلي: نورد ما جاء في كتاب الغدير: ج ١ ص ٢٨ طبعة مؤسسة الأعلمي للمطبوعات للعَلَم الحجة الشيخ الأميني النجفي أعلى الله مقامه: قال:

____________________

١- وجاءت تسمية حجّة البلاغ لنزول قوله سبحانه وتعالى( يَا أَيُّهَا الرَّ‌سُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّ‌بِّكَ ) وتسميتها بالتمام والكمال لنزول قوله تعالى( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَ‌ضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) .

٥

فلمّا قضى النبي صلى الله عليه وآله مناسكه وانصرف راجعاً إلى المدينة ومعه من كان من الجموع المذكورات ووصل إلى غدير خمّ من الجُحفة الّتي تتشعّب فيها طرق المدَنيِّين والمصريِّين والعراقيِّين، وذلك يوم الخميس(١) الثامن عشر من ذي الحجة نزل إليه جبرئيل الأمين عن الله بقوله:( يَا أَيُّهَا الرَّ‌سُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّ‌بِّكَ ) الآية. وأمره أن يقيم عليّاً علماً للناس ويبلّغهم ما نزل فيه من الولاية وفرض الطاعة على كل أحد، وكان أوائل القوم قريباً من الجحفة فأمر رسول الله أن يردّ من تقدّم منهم ويحبس من تأخّر عنهم في ذلك المكان ونهى عن سمرات خمس متقاربات دوحات عظام أن لا ينزل تحتهنَّ أحد حتّى إذا أخذ القوم منازلهم فقمّ ما تحتهنّ حتّى إذا نودي بالصّلاة صلاة الظهر عمد إليهنّ فصلّى بالناس تحتهنّ، وكان يوماً هاجراً يضع الرجل بعض ردائه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدّة الرمضاء، وظلّل لرسول الله بثوب على شجرة سمرة من الشمس، فلمّا انصرف صلى الله عليه وآله من صلاته قام خطيباً وسط القوم على أقتاب الابل وأسمع الجميع، رافعاً عقيرته فقال:

[ألحمد لله ونستعينه ونؤمن به، ونتوكّل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيّئات أعمالنا، الّذي لاهادي لمن أضلّ ولا مضلّ لمن هدى وأشهد ألا إله إلّا الله، وأنّ محمّداً عبده ورسوله. أمّا بعد :

أيّها الناس قد نبَّأني اللطيف الخبير أنّه لم يعمّر نبيٌّ إلّا مثل نصف عمر الّذي قبله، وإنّي أوشك أن اُدعا فأجيب، وإنّي مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون ؟ قالوا: نشهد أنّك قد بلّغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيراً، قال:ألستم تشهدون ألا إله إلّا الله، وأنَّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّ جنّته حقٌّ وناره حقٌّ وأنّ الموت حقّ وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها وأنّ الله يبعث من في القبور ؟ قالوا: بلى نشهد بذلك، قال:أللّهم اشهد، ثمّ قال: أيّها الناس ألا تسمعون ؟ قالوا: بلى. قال:فإنّي فرَطٌ على الحوض، وأنتم واردون عليَّ الحوض، وإنَّ عرضه ما بين صنعاء وبصري (٢) فيه أقداح عدد النجوم من فضّة فانظروا كيف تخلّفوني في الثقلين (٣)

____________________

١ - المنصوص عليه في لفظ البراء بن عازب(وأبي سعيد الخدري) وبعض آخر من رواة حديث الغدير.

٢ - صنعاء: عاصمة اليمن اليوم، وبصرى: قصبة كورة حوران من أعمال دمشق.

٣ - الثقل: بفتح المثلثة والمثناة: كل شيء خطير نفيس.

٦

فنادى مناد: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال:الثقل الأكبر كتاب الله طرفٌ بيد الله عزَّ وجل وطرفٌ بأيديكم فتمسّكوا به لاتضلّوا، والآخر الأصغر عترتي، وأنَّ اللّطيف الخبير نبّأني أنهّما لن يتفرَّقا حتّى يردا عَلَيَّ الحوض فسألت ذلك لهما ربّي، فلا تقدّموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ثمّ أخذ بيد عليٍّ فرفعها حتّى رؤي بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون، فقال:أيها الناس مَنْ أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعليٌّ مولاه ، يقولها ثلاث مرات، وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة: أربع مرات ثمّ قال: أللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحبب من أحبّه، وابغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار. ألا فليبلّغ الشاهد الغائب ، ثمَّ لم يتفرّقوا حتّى نزل أمين وحي الله بقوله:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:ألله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة، ورضا الربّ برسالتي والولاية لعليّ من بعدي ، ثمّ طفق القوم يهنّئون أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وممن هنّأه في مقدّم الصحابة: الشيخان أبو بكر وعمر كلٌّ يقول: بخ بخ لك يابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، وقال ابن عباس: وجبت والله في أعناق القوم، فقال حسّان: إئذن لي يارسول الله أن أقول في عليّ أبياتاً تسمعهنّ، فقال:قل على بركة الله ، فقام حسان فقال: يامعشر مشيخة قريش أتبعها قولي بشهادةٍ من رسول الله في الولاية ماضية ثمّ قال:

يُناديهمُ يوم الغدير نبيّهم

بخمٍّ وأسمع بالرّسول مناديا

فقال: فمن مولاكمُ ونبيّكم

فقالوا ولم يبدو هناك التعاميا:

إلهك مولانا وأنت نبيّنا

ولم تلق منّا في الولاية عاصيا

فقال له: قم يا عليُّ فإنّني

رضيتك من بعدي إماماً وهاديا

فمن كنت مولاهُ فهذا وليّه

فكونوا له أتباع صدقٍ مواليا

هناك دعا اللّهم، وال وليَّه

وكن لِلّذي عادى عليّاً معاديا(١)

____________________

١- هذه الأبيات الخمسة التالية نقلتها من الغدير : ج ٢ ص ٥٠.

٧

وقد أقرّه النبيّ صلى الله عليه وآله على ما فهمه من مغزى كلامه، وقرَّظه بقوله:لا تزال يا حسان مؤيّداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك] (١) ((وأورد ما أخرجه الخوارزمي في كتابه - مقتل الحسين - عن أبي هارون العبدي: ج ١ ص ٤٧ عن أبي سعيد الخدري، أنّ حسان بن ثابت أنشد عند ذلك الأبيات التالية:

١- يناديهمُ يوم الغدير نبيّهم

بخمٍّ فأسمع بالرّسول مناديا

٢- يقول: فمن مولاكم ونبيّكم

فقالوا ولم يبدو هناك التعاميا

٣- إلهك مولانا وأنت وليّنا

ولم تر منّا في الولاية عاصيا

٤- فقال له: قم ياعليُّ، فانّني

رضيتك من بعدي إماماً وهاديا))

هذا مجمل القول في واقعة الغدير وسيوافيك تفصيل ألفاظها وقد أصفقت الأمّة على هذا وليست في العالم كلّه وعلى مستوى البسيط واقعةٌ إسلاميّةٌ غديريّةٌ غيره، ولو أُطلق يومُه فلا ينصرف إلّا إليه، وإن قيل محلّه فهو هذا المحلّ المعروف على أمم من الجحفة، ولم يعرف أحدٌ من البحّاثة والمنقّبين سواه.

نعم شذّ عنهم (الدكتور ملحم إبراهيم الأسود) في تعليقه على ديوان أبي تمّام، فإنّه قال: هي واقعةُ حربٍ معروفة.

أخرج محمد كرد علي في كتاب خطط الشام: ج ٥ ص ٢٥١ حديث أبي هارون العبدي قال:

كنت أرى رأي الخوارج لا أتولّى غيرهم حتّى جلست إلى أبي سعيد الخدري، فسمعته يقول: أمر الناس بخمس فعملوا بأربع وتركوا واحدة.

فقال رجل: يا أبا سعيد ما هذه الأربعة ال ّ تي عملوا بها؟

قال: الصّلاة، والزكاة، والحج، والصوم، صوم شهر رمضان.

____________________

١ - هذا من أعلام النبوّة ومن مغيّبات رسول الله، فقد علم أنّه سوف ينحرف عن إمام الهدى صلوات الله عليه في أُخريات أيّامه، فعلّق دعائه على ظرف استمراره نصرتهم.

٨

قال فما الواحدة التي تركوها؟

قال: ولاية عليّ بن أبي طالب.

قال: وإنّها مفترضةٌ معهنَّ؟

قال:نعم.

قال: فقد كفر الناس..؟

قال: فما ذنبي.

وروى الكليني في الكافي: ج ١ ص ٢٨٩ عن الامام محمّد الباقرعليه‌السلام وفيه، وقال أبو جعفرعليه‌السلام :

[وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى، وكانت الولايةُ آخر الفرائض، فأنزل الله عزّ وجل: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي )

قال أبو جعفرعليه‌السلام :يقول الله عزّ وجل: لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة، قد أكملت لكم الفرائض].

وروى الشيخ الكليني في الكافي: ج ٢ ص ١٨ الحديث ٣ باب دعائم الاسلام فقد روى عن الامام أبي جعفر محمد الباقرعليه‌السلام قال:[بُني الاسلام على خمس: على الصّلاة والزكاة والصوم والحج والولاية].

وعن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن هارون بن خارجه، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كنت عنده جالساً فقال له رجل: حدثني عن ولاية عليٍّ، أمن الله أو من رسوله؟

فغضب ثمّ قال:[ويحك كان رسول الله صلى الله عليه وآلهأخوف(لله) من أن يقول ما لم يأمره به الله، بل افترضه الله، كما افترض الصلاة والزكاة والصوم والحج].

وروى في الكافي: ج ١ ص ١٩٨

٩

أبو محمد القاسم بن العلاء رحمه الله، رفعه عن عبد العزيز بن مسلم، قال: كنّا مع الرضاعليه‌السلام بمَرو، فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأداروا أمر الإمامة، وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيدي (الرضا)عليه‌السلام فاعلمته خوض الناس فيه، فتبسَّمعليه‌السلام ثمّ قال:

[يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن آرائهم، إنّ الله عزّ وجلّ لم يقبض نبيّه صلى الله عليه وآله حتّى أكمل له الدين، وأنزل عليه القرآن تبيان كل شي، بيّن فيه الحلال والحرام والحدود والاحكام، وجميع ما يحتاج إليه الناس كملاً، فقال عزّ وجلّ :( مَّا فَرَّ‌طْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ) (١) وأنزل في حجّة الوداع وهي في آخر عمره صلى الله عليه وآله :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَ‌ضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) (٢)

وأمرُ الامامة من تمام الدين، ولم يمض صلى الله عليه وآله، حتّى بيّن لامّته معالم دينهم، وأوضح لهم سبيلهم، وتركهم على قصد سبيل الحق، وأقام لهم عليّاً عليه‌السلام علماً وإماما، وما ترك شيئا تحتاج إليه الأمّة إلّا بيّنه، فمن زعم أنّ الله عزّ وجل لم يكمل دينه فقد ردّ كتاب الله، ومن ردّ كتاب الله فهو كافر به .

هل يعرفون قدر الإمامة ومحلّها من الأمّة، فيجوز فيها اختيارهم؟ إنّ الإمامة أجلّ قدرا وأعظم شأنا، وأعلى مكاناً، وأمنع جانباً، وأبعد غوراً من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماما باختيارهم.

إنّ الامامة خصّ الله عزّ وجلّ بها إبراهيم الخليل عليه‌السلام بعد النبوّة والخلّة، مرتبة ثالثة، وفضيلة شرّفه بها، وأشاد بها ذكره فقال :( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا )

فقال الخليل عليه‌السلام سروراً بها :( وَمِن ذُرِّ‌يَّتِي ؟ )

قال الله تبارك وتعالى :( لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (٣) .

____________________

١ - سورة الأنعام: الآية ٣٨.

٢ - سورة المائدة: الآية ٣.

٣ - سورة البقرة: الآية ١٢٤.

١٠

فابطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة، وصارت في الصفوة ثمّ اكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريّته أهل الصفوة والطهارة، فقال :( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ﴿٧٢﴾ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِ‌نَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَ‌اتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ) (١)

فلم تزل في ذريّته، يرثها بعض عن بعض، قرناً فقرناً، حتّى ورثها الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله، فقال جلَّ وتعالى: ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَ‌اهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّـهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) (٢) فكانت له خاصّة فقلّدها صلى الله عليه وآله علياً عليه‌السلام بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله فصارت في ذريّته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان بقوله تعالى: ( وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّـهِ إِلَىٰ يَوْمِ الْبَعْثِ ) (٣) فهي في وُلد عليّ عليه‌السلام خاصّة إلى يوم القيامة، اذ لانبي بعد محمّد صلى الله عليه وآله فمن أين يختار هؤلاء الجهّال .]

ولحديث الغدير، الذي دعا به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة السنة العاشرة من الهجرة النبويّة في موضع غدير خم، رواة كثيرون ممن حضروا الموقف من صحابة النبي صلى الله عليه وآله ، كما أوردتها كثير من المصادر، يروونها عن صحابة النبي صلى الله عليه وآله، نورد فيما يلي بعضا منها:

أورد العلّامة السيد مرتضى العسكري في كتابه ولاية الامام عليٍّعليه‌السلام في الكتاب والسنّة: ص ٤٩ الطبعة الأولى، قال:

____________________

١ - سورة الأنبياء: الآيتين ٧٢ و٧٣.

٢ - سورة آل عمران: الآية ٦٨.

٣ - سورة الروم: الآية ٥٦.

١١

لما صدر رسول الله من حجة الوداع(١) نزلت عليه في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة(٢) آية:

( يَا أَيُّهَا الرَّ‌سُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّ‌بِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِ‌سَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) المائدة: ٦٧

فنزل غدير خمّ من الجُحفة(٣)

وكان يتشعّب منها طريق المدينة ومصر والشام ووقف هناك حتّى لحقه من بعده وردَّ مَن كان تقدّم ونهى أصحابه عن سَمرات متفرّقات بالبطحاء أن ينزلوا تحتهنّ ثمّ بعث إليهنّ فقمّ ما تحتهنّ من الشوك(٤) ونادى بالصّلاة جامعة(٥) وعمد إليهنّ(٦) وظُلّل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم _بثوب على شجرة سَمَرة_ من الشمس فصلّى الظهر بهجير(٧) . ثمّ قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ وقال ما شاء الله أن يقول، ثمّ قال:[إنّي أوشك أن أُدعا فأجيب، وإنّي مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟.

قالوا: نشهد أنّك بلّغتَ ونصحت فجزاك الله خيرا.

قال:أليس تشهدون ألا إله إلّا الله وأنّ محمّداً عبدُه ورسولُه وأنّ الجنّةَ حقٌّ وأنّ النار حقٌّ؟.

قالوا: بلى نشهد ذلك.

قال:أللّهم اشهد .

ثمّ قال:ألا تسمعون؟.

قالوا: نعم.

____________________

١ - رواه الحاكم الحسكاني في شواهده: ج ١/١٩٢ -١٩٣.

٢ - شواهد التنزيل للحسكاني: ١/١٨٩ و ١٩١ - ١٩٣، وأسباب النزول للواحدي: ص ١٣٠، والدرّ المنثور: ٢/٢٩٨، وفتح القدير: ٢/٥٧ وتفسير النيسابوري: ٦/١٤٩.

٣ - مجمع الزوائد: ٩/ ١٦٣- ١٦٥، وابن كثير: ٥/٢٠٩، ٢١٣.

٤ - محمع الزوائد: ٩/١٠٥، والسمر:نوع من الشجر، وقمّ: كنس، وقريب من لفظه لابن كثير: ٥/٢٠٩.

٥ - مسند أحمد: ٤/٢٨١، وسنن ابن ماجة: باب فضل عليّ وتاريخ ابن كثير: ٥/٢٠٥ و ٢١٠.

٦ - مجمع الزوائد: ٩/ ١٦٣ - ١٦٥.

٧ - مسند أحمد بن حنبل: ٤/ ٢٨١، وسنن ابن ماجة: باب فضل عليّ، وتاريخ ابن كثير: ٥/ ٢١٢.

١٢

قال:يا أيّها الناس إنّي فَرَط وأنتم واردون عَلَيّ الحوض وأنّ عرضه ما بين بصري إلى صنعاء (١) فيه عدد النجوم قدحان من فضّة، وإنّي سائلكم عن الثقلين، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما؟.

فنادى مناد: وما الثقلان يارسول الله؟

قال:كتاب الله طرفٌ بيد الله وطرفٌ بأيديكم، فاستمسكوا به لاتضلّوا ولا تبدِّلوا، وعترتي أهل بيتي، وقد نبَّأني اللطيف الخبير أنّهما لن يتفرّقا حتّى يردا عَلَيَّ الحوض، سألت ذلك لهما ربِّي، فلا تقدّموهما فتهلكوا، ولا تقصّروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلّموهما فهما أعلم منكم.

قالوا: بلى يارسول الله.

ثمّ قال:ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا: بلى يا رسول الله.

ثمّ قال:ألستم - أو تشهدون - أني أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟.

قالوا: بلى يا رسول الله.

ثمّ أخذ بيد عليّ بن أبي طالب بضبعيه فرفعها حتّى نظر الناس إلى بياض إبطيهما ثمّ قال:

أيّها الناس الله مولاي وأنا مولاكم، فمن كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه. أللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأحب من أحبّه وأبغض من أبغضه

ثمّ قال:أللّهم اشهد .

ثمّ لم يتفرّقا - رسول الله وعليٌّ - حتّى نزلت هذه الآية:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَ‌ضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) المائدة: ٣.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة، ورضا الربّ برسالتي والولاية لعليّ].

____________________

١ - كانت بصرى اسما لقرية بالقرب من دمشق، وأخرى بالقرب من بغداد.

- مجمع الزوائد: ٩/١٦٢و١٦٣و١٦٥ وبعض ألفاظه في روايات الحاكم: ٣/١٠٩و١١٠ وابن كثير: ٥/٢٠٩

- مسند أحمد بن حنبل: ١/١١٨و١١٩و٢٨٧. وسنن ابن ماجة: ١/٤٣، الحديث ١١٦،وجاء (نعم) في مسند أحمد: ٤/٢٨١و٣٦٨و٣٧٠و٣٧٢ وابن كثير: ٢١٠ (ألست أولى بكلّ امريءٍ من نفسه؟)

- مسند أحمد: ٤/٢٨١و٣٦٨و٣٧٠و٣٧٢ وابن كثير: ٥/٢٠٩و٢١٢

١٣

وفي باب ما نزل من القرآن بالمدينة من تاريخ اليعقوبي:

إنّ آخر ما نزل عليه:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ ) وهي الرواية الصحيحة الثابتة وكان نزولها يوم النص على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب - صلوات الله عليه - بغدير خمّ، فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال له: هنيئا لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة.

وفي رواية قال: بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب.

وكانت لرسول الله عمّامة، تسمّى السحاب كساها عليّا عند ذاك وكانت سوداءَ اللون وكان الرسول يلبسها في أيّام خاصّة مثل يوم فتح مكّة ورووا في كيفيّة تتويج الامام بها يوم الغدير كالآتي:

عن عبد الأعلى بن عدي البهراني قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليّا يوم غدير خم فعمّمه وأرخى عذبة العمامة من خلفه.

وعن عليّعليه‌السلام قال: عمّمني رسول الله صلى الله عليه وآله يوم غدير خمّ بعمامة سوداء طرفها على منكبي.

أورد ابن طاووس السيد أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس في الاقبال: ج ٢ ص ٤٥٤ قال: إعلم أنّ ما نذكره في هذا الفصل ما رواه أيضا مخالفوا الشيعة المعتمد عليهم في النقل، فمن ذلك ما رواه عنهم مصنف كتاب الخالص المسمّى بالنشر والطي، وجعله حجّة ظاهرة باتفاق العدو والولي، وحمل به نسخة إلى الملك شاه مازندراني رستم بن علي بالريّ فقال فيما رواه عن رجالهم، فقال: وعن أحمد بن محمد بن علي المهلب، أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن القاسم الشعراني عن أبيه،حدّثنا سلمة بن الفضل الأنصاري، عن أبي مرين، عن قيس بن حنان عن عطيّة السعدي، قال: سألت حذيفة بن اليمان عن إقامة النبي صلى الله عليه وآله عليّا يوم غدير خم كيف كان فقال حذيفة: فهبط جبرئيل فقال إقرأ:( يَا أَيُّهَا الرَّ‌سُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّ‌بِّكَ ) الآية وقد بلغنا غدير خم في وقت لو طرح اللحم فيه على الأرض لانشوى. وانتهى إلينا رسول الله فنادى الصلاة جامعة ولقد كان أمرُ عليّعليه‌السلام أعظم عند الله مما يقدر، فدعا المقداد، وسلمان وأبا ذر وعمّار وأمرهم أن يعمدوا إلى أصل شجرتين فيقيموا ما تحتهما فكسحوه وأمرهم أن يضعوا الحجارة بعضها على بعض كقامة رسول الله صلى الله عليه وآله وأمروا بثوب فطرح عليه ثمّ صعد النبي صلى الله عليه وآله المنبر ينظر يمنة ويسرة ينتظر اجتماع الناس إليه فلمّا اجتمعوا قال: [الحمد لله الذي علا فقهر في توحّده، ودنى في تفرّده ( إلى أن قال) أقرُّ له على نفسي بالعبوديّة وأشهد له بالربوبيّة، وأُؤدّي ما أوحى إليّ حذار إن لم أفعل أن تحلَّ بي قارعةٌ، أوحى إليّ:

( يَا أَيُّهَا الرَّ‌سُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّ‌بِّكَ ) الآية. معاشر الناس: ما قصّرتُ في تبليغ ما أنزله الله تبارك وتعالى وأنا أُبَيِّنُ لكم سبب هذه الآية:

١٤

إنّ جبرئيل هبط إليّ مرارا وأقرأني عن الله السّلام أن أقول في المشهد وأُعْلِمَ الأبيض والأسود: أنَّ عليّ بن أبي طالب أخي وخليفتي والإمام بعدي. أيّها الناس: لعلمي بقلّة المتّقين وكثرة المنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويحسبونه هيّناً وهو عند الله عظيم وكثرة أذاهم لي، مرّة سمّوني أُذناً لكثرة ملازمته إيّاي وإقبالي عليه حتّى أنزل الله: ( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ) ولو شئت أن أسمي القائلين بأسمائهم لسمّيت. واعلموا أنّ الله قد نصبه لكم وليّا وإماما. مفترض الطاعة على المهاجرين والأنصار، والتابعين، وعلى البادي، والحاضر، وعلى العجميّ، والعربيّ، وعلى الحرّ و المملوك، وعلى الكبير والصغير، وعلى الأبيض والأسود، وعلى كل موحِّد فهو ماض حكمه جائز قوله نافذ أمره،ملعونٌ من خالفه مرحومٌ من صدّقه. معاشر الناس: تدبّروا القرآن وافهموا آياته ومحكماته ولا تتبّعوا متشابهة فوالله لا يوضح تفسيره إلّا الذي آخذ بيده ورافعها بيديّ، ومعلمكم: أنّ من كنت مولاه فهو مولاه وهو عليٌّ. معاشر الناس: إنّ عليّاً والطيّبين من ولدي من صلبه هم الثقل الأصغر، والقرآن الثقل الأكبر، لن يفترقا حتّى يردا عَلَيَّ الحوض، ولا تحل إمرة المؤمنين لأحد بعدي غيره. ثمّ ضرب على عضده فرفعه على درجة دون مقامه، متيامناً عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآلهفرفعه بيده وقال: أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله، فقال:ألا من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، أللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله،إنّما اكمل الله لكم دينكم بولايته وإمامته، وما نزلت آية خاطب الله بها المؤمنين إلّا بدأ به - (الى أن نقل منه)معاشر الناس: إنّي رسول الله قد خلت من قبلي الرسل إنَّ عليا الموصوف بالصبر والشكر ثمّ من بعده من ولده من صلبه. معاشر الناس:قد ضلَّ من قبلكم أكثر الأوّلين، أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم أن تسلكوا الهدى إليه ثمّ عليٌّ ثمّ ولدي من صلبه أئمّة يهدون بالحقّ. إنّي قد بيّنت لكم وفهمتكم، هذا عليٌّ يفهمكم بعدي. ألا وأنّي عند انقطاع خطبتي أدعوكم إلى مصافحتي على بيعته والإقرار له. ألا إني بايعت الله، وعليٌّ بايع لي وآخذكم بالبيعة له عن الله: ( فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّـهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرً‌ا عَظِيمًا ) .

١٥

معاشر الناس: أنتم أكثر من أن تصافحوني بكفّ واحد، قد أمرني الله أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقدتم الإمرة لعليّ بن أبي طالب ومن جاء من بعده من الأئمّة مني ومنه على ما أعلمتكم: أنّ ذرّيتي من صلبه فليبلغ الشاهد الغائب فقولواسامعين مطيعين راضين لما بلّغت عن ربك: نبايعك على ذلك بقلوبنا وألسنتنا وأيدينا على ذلك نحيا ونموت ونبعث، لا نغير ولا نبدل ولا نشك ولا نرتاب. أعطينا بذلك الله وإيّاك وعلياً والحسن والائمّة من الذين ذكرت كل عهد وميثاق من قلوبنا وألسنتنا. ونحن لا نبتغي بذلك بدلا ونحن نؤدّي ذلك إلى كلّ من رأينا].

فبادر الناس: بنعم، نعم، سمعنا وأطعنا أمر الله وأمر رسوله آمنا به بقلوبنا، وتداكوا على رسول الله وعليّ، بأيديهم إلى أن صل ّ يت الظهر والعصر في وقت واحد وباقي ذلك اليوم إلى أن صليت العشاءان في وقت واحد ورسول الله يقول كلّما أتى فوج: الحمد لله الّذي فضلنا على العالمين... انتهى.

١٦

روى الامام أبو منصور أحمد الطبرسي في كتابه الاحتجاج: ج ١ ص ٧١ خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الغدير، قال : [ألحمد لله الّذي علا في توحّده ودنى في تفرِّده وجلّ في سلطانه وعظم في أركانه وأحاط بكل شيء علما وهو في مكانه، وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه. مجيدا لم يزل محمودا لايزال، بارئ المسموكات (١) وداحي المدحّوات (٢) وجبّار الأرضين والسماوات، قدّوس سُبّوح ربّ الملائكة والروح، متفضّل على جميع من برأه، متطوّل على جميع من أنشأه. يلحظ كل عين والعيون لا تراه، كريم حليم ذو أناة، قد وسع كل شي رحمته، ومنَّ عليهم بنعمته، لا يعْجل بانتقامه ولا يبادر إليهم بما استحقّوه من عذابه، قد فهم السرائر وعلم الضمائر، ولم تخف عليه المكنونات، ولا اشتبهت عليه الخفيّات، له الإحاطة بكل شي والغلبة على كل شي، والقوّة في كل شي، والقدرة على كلّ شي وليس مثله شي وهو منشئ الشيء حين لا شيء، دائم، قائم بالقسط لا إله إلّا هو العزيز الحكيم، جلّ عن أن تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار هو اللطيف الخبير، لا يلحق أحد وصفه من معانيه، ولا يجد أحد كيف هو من سرّ وعلانيّة إلّا بما دلَّ عزّ وجلّ على نفسه .

وأشهد أنه الله الذي ملأ الدهر قدسه، والذي يغشى الأبد نوره، والذي ينفذ أمره بلا مشاورة مشير ولا معه شريك في تقدير ولا تفاوت في تدبير، صوّر ما أبدع على غير مثال، وخلق ما خلق بلا معونة من أحد، ولا تكلّف ولا احتيال، أنشأها فكانت وبرأها فبانت، فهو الله الذي لا إله إلّا هو المتقن الصنعة الحسن الصنيعة العدل الذي لا يجور، والأكرم الذي ترجع إليه الأمور.

وأشهد أنّه الذي تواضع كل شي لقدرته وخضع كل شي لهيبته. ملك الأملاك ومفلّك الأفلاك ومسخّر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى، يكوّر الليل على النّهار ويكوّر النّهار على الليل(٣) يطلبه حثيثا، قاصم كل جبّار عنيد، ومهلك كل شيطان مريد، لم يكن معه ضد ولا ند، أحدٌ صمدٌ لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.

إله واحد وربٌّ ماجد، يشاء فيمضي ويريد فيقضي، ويعلم فيحصي ويميت ويحيي، ويفقر ويغني، ويضحك ويبكي، ويمنع ويعطي.

____________________

١- المرتفعات أعني الكواكب والسماوات.

٢- وهي الأرضين الواسعة التي وسعت بإرادته تعالى.

٣- إشارة إلى جريان الشمس في مطالعها وانتقاص الليل والنهار وازديادهما.

١٧

له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شي قدير، يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل لا إله إلّا هو العزيز الغفار. مجيب الدعاء، ومجزل العطاء، ومحصي الأنفاس، وربِّ الجنّة والناس. لا يشكل عليه شي، ولا يضجره صراخ المستصرخين، ولا يبرمه الحاح الملحّين، العاصم للصالحين، والموفق للمفلحين ومولى العالمين، الذي استحق من كل خلق أن يشكره ويحمده. أحمده على السرّاء والضرّاء والشدة والرخاء

وأؤمن به وبملائكته وكتبه ورسله. أسمع أمره وأطيع وأبادر إلى كل ما يرضاه وأستسلم لقضائه رغبة في طاعته وخوفا من عقوبته لأنّه الله الذي لايؤمن مكره ولا يخاف جوره. وأقرّ له على نفسي بالعبوديّة وأشهد له بالربوبيّة وأؤدّي ما أوحي إليَّ حذرا من أن لا أفعل فتحلَّ بي منه قارعة (١) لايدفعها عني أحد وإن عظمت حيلته، لا إله إلّا هو. لأنّه قد أعلمني أنّي إن لم أبلّغ ما أنزل إليَّ فما بلّغت رسالته وقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة وهو الله الكافي الكريم فأوحى إليّ: ((بسم الله الرحمن الرحيم ،( يَا أَيُّهَا الرَّ‌سُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّ‌بِّكَ (في عليٍّ، يعني في الخلافة لعليّ بن أبي طالب)وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِ‌سَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (٢) .معاشر الناس: ما قصّرت في تبليغ ما أنزل الله تعالى إليَّ، وأنا مبيّن لكم سبب نزول هذه الآية: إنّ جبرئيل هبط إليَّ مراراً ثلاثاً يأمرني عن السلام ربي وهو السلام أن أقوم في هذا المشهد فأعلم كل أبيض وأسود: أنَّ عليّ بن أبي طالب أخي، ووصيي وخليفتي، والامام من بعدي الّذي محلّه منّي محلّ هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي، وهو وليّكم من بعد الله ورسوله وقد أنزل الله تبارك وتعالى عليَّ بذلك آية من كتابه :

( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَ‌سُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَ‌اكِعُونَ )

وعليّ بن أبي طالب أقام الصلوة وأتى الزكوة وهو راكعٌ يريد الله عزّ وجل في كل حال .

____________________

١- الداهية والمهلكة.

٢- قال جلال السيوطي في تفسيره الدرّ المنثور: ج ٢/ص٢٩٨. أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود أنّه قال: كنّا نقرأ في عهد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم( يَا أَيُّهَا الرَّ‌سُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّ‌بِّكَ - أنَّ علياً مولى المؤمنين -وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِ‌سَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) سورة المائدة الآية ٦٧.

١٨

وسألت جبرئيل أن يستعفي لي عن تبليغ ذلك إليكم أيها الناس لعلمي بقلّة المتّقين وكثرة المنافقين وإدغال(١) الآثمين وختل(٢) المستهزئين بالاسلام الّذين وصفهم الله في كتابه: بأنّهم ( يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) ويحسبونه هيّناً وهو عند الله عظيم. وكثرة أذاهم لي في غير مرّة حتّى سمّوني أُذنا وزعموا أنّي كذلك لكثرة ملازمته إيّاي وإقبالي عليه، حتّى أنزل الله عزّ وجل في ذلك قرآنا: ( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ‌ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ... ) التوبة٦١ ،ولو شئت أن أُسمي بأسمائهم لسمّيت وأنْ أُومي إليهم بأعيانهم لأومأت وأنْ أدلّ عليهم لدللت ولكنّي والله في أمورهم قد تكرّمت، وكل ذلك لايرضي الله منّي إلّا أن أُبلّغ ما أُنزل إليّ ثمّ تلى صلى الله عليه وآله وسلم: ( يَا أَيُّهَا الرَّ‌سُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّ‌بِّكَ (في عليّ) وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِ‌سَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) . فاعلموا يا معاشر الناس: أنَّ الله قد نصبه لكم وليّا وإماما مفترضا طاعته على المهاجرين والأنصار وعلى التابعين لهم باحسان وعلى البادي والحاضر وعلى الأعجميّ والعربيّ والحرّ والمملوك والصغير والكبير وعلى الأبيض والأسود وعلى كل موحّد، ماض حكمه، جائز قوله، نافذ أمره، ملعون من خالفه، مرحوم من تبعه، مؤمن مَنْ صدّقه، فقد غفر الله له ولمن سمع منه وأطاع له. معاشر الناس: إنّه آخر مقام أقومه في هذا المشهد فأسمعوا وأطيعوا وانقادوا لأمر ربّكم، فإنّ الله عزّ وجل هو موليكم وإلهكم ثمَّ من دونه محمّد وليّكم القائم المخاطب لكم، ثمّ من بعدي عليٌّ وليّكم وإمامكم بأمر ربّكم ثمّ الإمامة في ذريّتي من ولده إلى يوم تلقون الله ورسوله، لا حلال إلّا ما أحلّه الله ولا حرام إلّا ما حرّمه الله، عرّفني الحلال والحرام وأنا أفضيت بما علّمني ربّي من كتابه وحلاله وحرامه إليه. معاشر الناس: ما من علمٍ إلّا وقد أحصاه الله فيَّ وكلّ علم علمت فقد أحصيته في إمام المتّقين وما من علم إلّا علّمته وهو الإمام المبين.

____________________

١- الإدغال: الخيانة والمخالفة.

٢- الختل: الخديعة.

١٩

معاشر الناس: لاتضلّوا عنه ولا تنفروا منه ولا تستكبروا من ولايته فهو الّذي يهدي إلى الحقّ ويعمل به ويزهق الباطل وينهي عنه ولا تأخذه في الله لومة لائم. ثمّ إنّه أوّل من آمن بالله ورسوله، وهو الّذي فدى رسوله بنفسه وهو الّذي كان مع رسول الله ولا أحد يعبد الله مع رسوله من الرجال غيره. معاشر الناس: فضِّلوه فقد فضّله الله واقبلوه فقد نصبه الله. معاشر الناس: إنّه إمام من الله ولن يتوب الله على أحد أنكر ولايته ولن يغفر الله له، حتما على الله أن يفعل ذلك بمن خالف أمره فيه وأن يعذّبه عذاباً شديداً نكراً أبد الآباد ودهر الدهور فاحذروا أن تخالفوه فتصْلوا ناراً ( وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَ‌ةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِ‌ينَ ) (١) . أيّها الناس: بي والله بشَّرَ الأوّلون من النبيّين والمرسلين وأنا خاتم الأنبياء والمرسلين والحجّة على جميع المخلوقين من أهل السماوات والأرضين فمن شكّ في ذلك فهو كافر كفر الجاهليّة الأولى ومن شكَّ في شيء من قولي هذا فقد شكّ في الكل منه، والشّاك في ذلك فله النار. معاشر الناس: حبَاني الله بهذه الفضيلة منّاً منه عَلَيَّ وإحسانا منه إليَّ ولا إله إلّا هو له الحمد منّي أبد الآبدين ودهر الداهرين على كل حال.معاشر الناس: فضِّلوا عليّاً فإنّه أفضل الناس بعدي من ذكر وأنثى، وبنا أنزل الله الرزق وبقي الخلق. ملعون ملعون مغضوب مغضوب من ردَّ عَلَيَّ قولي هذا ولم يوافقه. ألا إنّ جبرئيل خبّرني عن الله تعالى بذلك ويقول: من عادى عليّاً ولم يتولّه فعليه لعنتي وغضبي. فلتنظر نفس ما قدّمت لغد واتّقوا الله أن تخالفوه فتزلّ قدمٌ بعد ثبوتها إنّ الله خبير بما تعملون. معاشر الناس: إنّه جنب الله الذي ذكر في كتابه فقال تعالى: ( أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَ‌تَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّ‌طتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ ) الزمر: ٥٦.

____________________

١ - سورة البقرة: الآية ٢٤.

٢٠

معاشر الناس: تدبرّوا القرآن وافهموا آياته، وانظروا إلى محكماته ولا تتبّعوا متشابهه. فو الله لن يبيّن لكم زواجره ولا يوضح لكم تفسيره إلّا الذي أنا آخذ بيده ومصعده إليَّ - وشائلِ بعضده - ومعلمكم: أنّ من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه وهو عليّ بن أبي طالب أخي ووصيّ وموالاته من الله عزّ وجل أنزلها عليّ. معاشر الناس: إنَّ عليّاً والطيبّين من ولدي هم الثقل الأصغر، والقرآن الثقل الأكبر فكلّ واحد منبئٌ عن صاحبه، وموافق له لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، هم أمناء الله في خلقه وحكماؤه في أرضه، ألا وقد أدّيت ألا وقد بلّغت، ألا وقد أسمعت، ألا وقد أوضحت ألا وإنّ الله عزّ وجل قال، وأنا قلت عن الله عزّ وجل، ألا إنّه ليس أمير المؤمنين غير أخي هذا ولا تحلّ إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره. ثمّ ضربه بيده إلى عضده فرفعه.

وكان منذ أوّل ما صعد رسول الله صلى الله عليه وآله شال عليّاً حتّى صارت رجله مع ركبة رسول الله صلى الله عليه وآله، ثمّ قال:معاشر الناس: هذا عليٌّ أخي ووصيي وواعي علمي وخليفتي على أمّتي وعلى تفسير كتاب الله عزّ وجل والداعي إليه بما يرضاه والمحارب لأعدائه والموالي على طاعته والناهي عن معصيته، خليفة رسول الله وأمير المؤمنين والإمام الهادي وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بأمر الله. أقول ما يبدَّل القول لديّ بأمر ربّي. أقول: أللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، والعن من أنكره واغضب على من جحد حقّه. أللّهم إنّك أنزلت عَلَيّ أنّ الإمامة بعدي لعليّ وليّك عند تبياني ذلك ونصبي إيّاه بما اكملت لعبادك من دينهم وأتممت عليهم بنعمتك ورضيت لهم الاسلام ديناً فقلت: ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ‌ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَ‌ةِ مِنَ الْخَاسِرِ‌ينَ ) آل عمران. الآية ٨٥. أللّهم إنّي أُشهدك وكفى بك شهيداً أنّي قد بلغت. معاشر الناس: إنّما أكمل الله عزّ وجل دينكم بإمامته فمن لم يأتم به وبمن يقوم مقامه من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة والعرض على الله عزّ وجل فأولئك الّذين حبطت أعمالهم وفي النّار هم فيها خالدون، لا يخفّف عنهم العذاب ولا هم ينظرون. معاشر الناس: هو ناصر دين الله والمجادل عن رسول الله وهو التقيّ النقيّ الهاديّ المهديّ، نبيّكم خير نبيّ ووصيّكم خير وصيّ وبنوه خير الأوصياء. معاشر الناس: ذرّية كل نبيّ من صلبه وذريتيّ من صلب عليّ. معاشر الناس: إنّ إبليس أخرج آدم من الجنّة بالحسد فلا تحسدوه فتحبط أعمالكم وتزلّ أقدامكم فإنّ آدم أُهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة -وهو صفوة الله عزّ وجل - وكيف بكم وأنتم أنتم ومنكم أعداء الله. ألا إنّه لا يبغض علياًّ إلّا شقيٌّ، ولا يتولى عليّا إلّا تقيّ، ولا يؤمن به إلّا مؤمن مخلص وفي عليّ والله نزلت سورة والعصر: بسم الله الرحمن الرحيم ( وَالْعَصْرِ‌ ﴿١﴾ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ‌ ) العصر: الآية ٢. معاشر الناس: آمَنُوا بالله ورسوله والنّور الذي أُنزل معه من قبل أن نطمس وجوها فنردّها على أدبارها. معاشر الناس: النّور من الله عزّ وجل مسلوكٌ فيَّ، ثمّ في عليّ، ثمّ في النسل منه إلى القائم المهديّ الذي يأخذ بحقّ الله وبكلّ حقّ هو لنا لأنّ الله عزّ وجل قد جعلنا حجّة على المقصِّرين والمعاندين، والمخالفين والخائنين، والآثمين والظالمين من جميع العالمين. معاشر الناس أنذركم أنّي رسول الله قد خلت من قبلي الرّسل أفإن متّ أو قتلت انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلت على عقبيه فلن يضّر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين. ألا وإنّ عليّاً هو الموصوف بالصبر والشكر ثمّ من بعده ولدي من صلبه. معاشر الناس:

٢١

لا تمنّوا على الله إسلامكم فيسخط عليكم ويصيبكم بعذاب من عنده إنّه لبالمرصاد. معاشر الناس: إنّه سيكون بعدي أئمّة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون. معاشر الناس: إنّ الله وأنا بريئان منهم. معاشر الناس: إنّهم وأنصارهم وأتباعهم وأشياعهم في الدرك الأسفل من النار ولبئس مثوى المتكبرين، ألا إنّهم أصحاب الصحيفة فلينظر أحدكم في صحيفته . قال: فذهب على الناس - إلّا شِرذمةٌ منهم - أمر الصحيفة.معاشر الناس: إنّي أدعها إمامة ووراثة في عقبي إلى يوم القيامة. وقد بلغت ما أُمرت بتبليغه حُجَّة على كل حاضر وغائب وعلى كل أحد ممن شهد أو لم يشهد، ولد أو لم يولد فليبلغ الحاضر الغائب والوالد الولد إلى يوم القيامة وسيجعلونها ملكاً واغتصاباً، ألا لعن الله الغاصبين والمغتصبين وعندها سنفرغ لكم أيّها الثقلان فيرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران. معاشر الناس: إنّ الله عزّ وجل لم يكن يذركم على ما أنتم عليه حتّى يميز الخبيث من الطيب، وما كان الله ليطلعكم على الغيب. معاشر الناس: إنّه ما من قرية إلّا والله مهلكها بتكذيبها، وكذلك يهلك القرى وهي ظالمة كما ذكر الله تعالى وهذا عليٌّ إمامكم ووليّكم وهو مواعيد الله والله يصدّق ما وعده. معاشر الناس: قد ضلّ قبلكم اكثر الأوّلين والله لقد أهلك الأوّلين وهو مهلك الآخرين، قال الله قال تعالى: ( أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ﴿١٦﴾ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِ‌ينَ ﴿١٧﴾ كَذَٰلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِ‌مِينَ ﴿١٨﴾ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ) .. المرسلات: ١٦ – ١٩. معاشر الناس إنّ الله قد أمرني ونهاني وقد أمرت عليّاً ونهيته فعلم الأمر والنهي من ربّه عزّ وجل فأسمعوا لأمره تسلموا، وأطيعوه تهتدوا وأنتهوا لنهيه ترشدوا، وصيروا إلى مراده ولا تتفرّق بكم السبل عن سبيله. معاشر الناس: أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم باتباعة ثمّ عليّ من بعدي ثمّ ولدي من صلبه أئمّة يهدون إلى الحقّ وبه يعدلون ثمّ قرأ: ألحمد لله رب العالمين إلى آخرها. وقال: فيَّ نزلت وفيهم نزلت ولهم عمّت وإياّهم خصّت، أولئك أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ألا إنّ حزب الله هم الغالبون، ألا إنّ أعداء عليّ هم أهل الشقاق والنفاق والحادّون وهم العادّون وإخوان الشياطين ألذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا، ألا إنَّ أولياءهم الذين ذكرهم الله في كتابه فقال عزّ وجل: ( لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ‌ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ ) المجادلة الآية ٢٢.

ألا إنّ أوليائهم الذين وصفهم الله عزّ وجل، فقال :( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَـٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ) .ألا إنَّ أولياءهم الّذين قال لهم الله عزّ وجلّ: يدخلون الجنّة آمنين تتلقاهم الملائكة بالتسليم أن طبتم فادخلوها خالدين. ألا إنّ أولياؤهم الذين قال لهم الله عزّ وجل: يدخلون الجنّة بغير حساب. ألا إنّ أعدائهم يصلون سعيرا .

٢٢

ألا إنّ أعدائهم الّذي يسمعون لجهنّم شهيقاً وهي تفور ولها زفير. ألا إنّ أعدائهم الذي قال الله فيهم:( كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا ) (١) . ألا إنّ أعدائهم الذين قال الله عزّ وجل: ( كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ‌ ﴿٨﴾ قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ‌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّـهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ‌ ) (٢) ألا إنّ أولياؤهم( إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) (٣) . معاشر الناس: شتّان ما بين السعير و الجنّة عدوّنا من ذمة الله ولعنه. وولينا من مدحه الله وأحبّه. معاشر الناس: ألا وانّي منذر وعليّ الهاد. معاشر الناس: إنّي نبيٌّ وعليٌّ وصيّ. ألا إنَّ خاتم الأئمّة منّا القائم المهديّ. ألا إنّه الظاهر على الدين. ألا إنّه المنتقم من الظالمين.

____________________

١- سورة الأعراف: الآية ٣٨.

٢- سورة الملك: الآيتان ٨ و ٩.

٣- سورة الملك: الآية ١٢.

٢٣

ألا إنّه فاتح الحصون وهادمها.

ألا إنّه قاتل كلّ قبيلة من أهل الشرك.

ألا إنّه مدرك لكلّ ثار لأولياء الله.

ألا إنّه الغّراف في بحر عميق.

ألا إنّه يسم كل ذي فضل بفضله وكلّ ذي جهل بجهله.

ألا إنّه خيرة الله ومختاره.

ألا إنّه وارث علم كلّ ذي فضل بفضله وكلّ ذي جهل بجهله.

ألا إنّه وارث كل علم والمحيط به.

ألا إنّه المخبر عن ربّه عزّ وجل والمنبّه بأمر إيمانه.

ألا إنَّه الرشيد السديد.

ألا إنَّه المفوض إليه.

ألا إنَّه قد بشر من سلف بين يديه.

ألا إنّه الباقي حجّة ولا حجّة بعده ولا حقّ إلّا معه ولا نور إلّا عنده.

ألا إنّه لا غالب له ولا منصور عليه.

ألا إنّه ولي الله في أرضه وحكمه في خلقه وأمينه في سرّه وعلانيَّته.

معاشر الناس: قد بيّنت لكم وأفهمتكم وهذا عليّ يفهمكم بعدي.

ألا وإنّي عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي(١) على بيعته والإقرار به ثمّ مصافقته بعدي.

ألا وإنّي قد بايعت الله وعليّ قد بايعني وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله عزّ وجلّ: فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه.

معاشر الناس: إنّ الحجّ والصفا والمروة والعمرة من شعائر الله( فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ‌ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) .(٢)

معاشر الناس: حجّوا البيت فما ورده أهل بيت إلاّ استغنوا ولا تخلّفوا إلّا افترقوا.

____________________

١- المصافقة: المبايعة.

٢- سورة البقرة: الآية ١٥٨.

٢٤

معاشر الناس: ما وقف بالموقف مؤمن إلاّ غفر الله له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك فاذا انقضت حجّته استؤنف عمله.

معاشر الناس: الحجّاج معانون(١) ونفقاتهم مخلّفة والله لا يضيع أجر المحسنين.

معاشر الناس: حجّوا البيت بكمال الدين والتفقّه ولا تنصرفوا عن المشاهد إلّا بتوبة وإقلاع.(٢)

معاشر الناس: أقيموا الصّلاة وآتوا الزكوة كما أمركم الله عزّ وجل، لئن طال عليكم الأمد فقصّرتم أو نسيتم فعليٌّ وليّكم ومبيّنٌ لكم، الّذي نصبه الله عزّ وجل بعدي ومن خلّفه الله، إنّه منّي وأنا منه يخبركم بما تسألون عنه ويبيّن لكم ما لا تعلمون. ألا إنَّ الحلال والحرام أكثر من أن أحصيهما وأعرفّهما، فآمر بالحلال وأنهى عن الحرام في مقام واحد، فأمرت أن آخذ البيعة منكم والصفقة لكم بقبول ما جئت به عن الله عزّ وجل في عليّ أمير المؤمنين والأئمّة من بعده الّذين هم منّي ومنه، أئمّة قائمة منهم المهديّ إلى يوم القيامة الذي يقضي بالحقّ. معاشر الناس: وكلّ حلال دللتكم عليه أو حرام نهيتكم عنه فإنّي لم أرجع عن ذلك ولم أبدّل. ألا فاذكروا ذلك واحفظوه وتواصوا به ولا تبدّلوه ولا تغيّروه ألا وإنّي أجدد القول: ألا وأقيموا الصّلاة وآتوا الزكاة وامروا بالمعروف وانهوا عن المنكر. ألا وإنّ رأس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن تنتهوا إلى قولي وتبلّغوه من لم يحضر، وتأمروه بقبوله وتنهوه عن مخالفته فإنّه أمر من الله عزّ وجل ومنّي ولا أمرَ بمعروف ولا نهي عن منكرٍ إلّا مع إمام معصوم. معاشر الناس: القرآن يعرّفكم أنّ الأئمّة من بعده ولده وعرّفتكم أنّه منّي وأنا منه حيث يقول الله في كتابه:( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) ). وقلت: لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما. معاشر الناس: التقوى التقوى، إحذروا الساعة كما قال الله عزّ وجل:( إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) (٤) .

____________________

١- معانون: مساعدون.

٢- الاقلاع: الخلو من الاثم.

٣- سورة الزخرف: الآية ٢٨.

٤- سورة الحج: الآية ١.

٢٥

أذكروا الممات والحساب والموازين والمحاسبة بين يدي ربّ العالمين، والثواب والعقاب فمن جاء بالحسنة أثيب عليها، ومن جاء بالسيئة فليس له في الجنان نصيب. معاشر الناس: إنّكم أكثر من أن تصافقوني بكف واحدة وقد أمرني الله عزّ وجل أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقدت لعليّ من إمرة المؤمنين ومن جاء بعده من الأئمّة على ما أعلمتكم أنّ ذريّتي من صلبه فقولوا بأجمعكم: إنّا سامعون مطيعون، راضون منقادون لما بلّغت عن ربّنا وربّك في أمر ولده من صلبه من الأئمّة نبايعك على ذلك بقلوبنا، وأنفسنا وألسنتنا وأيدينا، على ذلك نحيا ونموت ونبعث ولا نغيّر، ولا نبدّل، ولا نشك ولا نرتاب ولا نرجع عن عهد ولا ننقض الميثاق ونطيع الله ونطيعك وعلياّ أمير المؤمنين وولده الأئمّة الذين ذكرتهم من ذريّتك من صلبه بعد الحسن والحسين الّذين قد عرّفتكم مكانهما منّي ومحلهما عندي ومنزلتهما من ربّي عزّ وجل. فقد أدّيت ذلك إليكم وإنّهما سيّدا شباب أهل الجنّة وإنهما الإمامان بعد أبيهما عليّ وأنا أبوهما قبله، وقولوا وأطعنا الله بذلك وإيّاك وعليّاً والحسن والحسين والأئمّة الذين ذكرت عهداً وميثاقاً مأخوذاً لأمير المؤمنين من قلوبنا وأنفسنا وألسنتنا ومصافقة أيدينا من أدركهما بيده وأقرّ بهما بلسانه ولا نبتغي بذلك بدلا ولا نرى من أنفسنا عنه حولا أبدا أشهدنا الله وكفى بالله شهيدا وأنت علينا به شهيد وكل من أطاع ممن ظهر واستتر وملائكته وجنوده وعبيده والله اكبر من كل شهيد. معاشر المسلمين: ما تقولون فإنّ الله يعلم كل صوت وخافية كل نفس فمن اهتدى فلنفسه ومن ضلّ فإنّما ضلّ عليها ومن بايع فإنّما يبايع الله: ( يَدُ اللَّـهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) ). معاشر الناس: فاتقوا الله وبايعوا علياً أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمّة كلمة طيّبة باقية يهلك الله من غدر ويرحم الله من وفى. ( فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ) (٢) .معاشر الناس: قولوا الّذي قلت لكم وسلّموا على عليّ بإمرة المرمؤمنين وقولوا: ( سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَ‌انَكَ رَ‌بَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ‌ ) (٣) . وقولوا: ( الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّـهُ ) (٤)

____________________

١- سورة الفتح: الآية ١٠.

٢- سورة الفتح: الآية ١٠.

٣- سورة البقرة: الآية ٢٨٥.

٤- سورة إبراهيم: الآية ١٢.

٢٦

معاشر الناس: إنّ فضائل عليّ بن أبي طالب عند الله عزّ وجل وقد أنزلها الله في القرآن أكثر من أن أحصيها في مقام واحد فمن أنبأكم بها وعرّفها فصدِّقوه. معاشر الناس: من يطع الله ورسوله وعلياً والأئمّة الذين ذكرتهم فقد فاز فوزا عظيما. معاشر الناس: السابقون السابقون إلى مبايعته وموالاته والتسليم عليه بإمرة المؤمنين أولئك هم الفائزون في جنّات النعيم. معاشر الناس: قولوا ما يرضي الله به عنكم من القول فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فلن يضر الله شيئا. أللّهم اغفر للمؤمنين، واغضب على الكافرين والحمد لله ربّ العالمين فناداه القوم:

سمعنا وأطعنا على أمر الله وأمر رسوله بقلوبنا وألسنتنا وأيدينا. وتداكوا على رسول الله وعلى عليّ فصافقوا بأيديهم... وباقي المهاجرون والأنصار وباقي الناس على طبقاتهم وقدر منازلهم إلى أن صلّيت المغرب والعشاء في وقت واحد وواصلوا البيعة والمصافقة ثلاثا ورسول الله يقول كلّما بايع قوم: الحمد لله الذي فضّلنا على جميع العالمين].

وصارت المصافقة سنّة ورسماً، وربّما يستعملها من ليس له حقّ فيهما.

ليوم الغدير، الرواة كثير من الصحابة والتابعين ومن تبعهم يفوق حدّ التواتر حداً. أصفقت الأمّة عليه، من يوم الغدير الأغرّ وحتى يومنا هذا، إلّا من شذّ وعاند وناصب العداء لآل محمّد عليهم الصّلاة والسّلام. وأوردت كثير من المصادر المعتبرة روايات للصحابة الذين حضروا يوم الغدير، وحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم:[ألست أولى بكم من أنفسكم أو قوله صلى الله عليه وآلهمن أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فقال صلى الله عليه وآله: إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعليّ مولاه يقولها ثلاث مرات، وفي لفظ أحمد بن حنبل أربع مرّات ثمّ قال:أللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه...].

٢٧

روى النسائي في إحدى طرق حديث الغدير عن زيد بن أرقم في الخصائص: ص ٢١، قال أبو الطفيل: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: وإنّه ما كان في الدوحات أحدٌ إلّا رآه بعينه وسمعه بأذنيه(١) .

ورواه أحمد بن حنبل من أربعين طريقا، وابن جرير الطبري من نيّف وسبعين طريقا، والجزري المقري من ثمانين طريقا، وابن عقدة من مائة وخمس طرق، وأبو سعيد السجستاني من مائة وعشرين طريقا، وأبو بكر الجعابي من مائة وخمس وعشرين طريقا وفي تعليق هداية العقول - ص ٣٠- عن الأمير محمد اليمني (أحد شعراء الغدير في القرن الثاني عشر): أنَّ له مائة وخمسين طريقا.(٢)

١- أبو هريرة الدوسي:

يروي حديث الغدير. أخرج ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج٢ ص٢٨٦ ط مؤسسة الأعلمي. قال بإسناده: أنَّ أبا هريرة لما قدم الكوفة مع معاوية، كان يجلس بالعشيّات بباب كندة، ويجلس الناس إليه، فجاء شاب من الكوفة، فجلس إليه، فقال: يا أبا هريرة، أُنشِدُك الله، أسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعليّ بن أبي طالب: [أللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه ] فقال: أللّهم نعم، قال: فأشهد بالله لقد واليت عدوّه، وعاديت وليّه، ثمّ قام عنه.

وأوردت المصادر رواية أبو هريرة لحديث الولاية، منها تاريخ - بغداد - للخطيب البغدادي، ومناقب الخوارزمي ومقتل الخوارزمي، وابن عقدة والمتّقي الهندي في كنز العمّال، وفرائد السمطين للحموي والدّر المنثور للسيوطي وغيرها.

٢- أبو قُدامة الأنصاري:

أحد المستنشدين يوم الرحبة، قال: كنّا عند عليّعليه‌السلام ، فقال: أُنشد الله من شهد يوم غدير خم وهو ممن شهد لعليّعليه‌السلام .

٣- أبو أيّوب الأنصاري:

روى ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج ٢ ص ١٤٤ ط مؤسسة الأعلمي، قال بروايته، عن رياح بن الحارث النخعي، قال: كنت جالسا عند عليّعليه‌السلام ، إذ قدم عليه قومٌ متلثِّمون، فقالوا: ألسّلام عليك يا مولانا، فقال لهم: أوَلستم قوماً عُرْباً! قالوا: بلى، ولكنّا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يوم غدير خُمّ:[مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهم والِ من والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.

____________________

١- الغدير للأميني: ج ١ ص ٣١.

٢- نفس المصدر: ج ١ ص ٣٤.

٢٨

قال: فلقد رأيت عليّاًعليه‌السلام ضحك حتّى بدت نواجذُه، ثمّ قال:إشهدوا .

ثمّ إنّ القوم مضوا إلى رحالهم فتبعتهم، فقلت لرجل منهم: مَن القوم؟ قالوا: نحن رَهطٌ من الأنصار، وذاك - يعنون رجلاً - أبو أيّوب، صاحب منزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال: فأتيته فصافحته] .

وقد أورده إبراهيم بن الحسين بن علي الكسائي المعروف بابن ديزيل في كتاب صفّين.

٤- أبو بكر بن قُحافة التميمي:

فهو ممن روى حديث الغدير، كما أورد ذلك ابن عقدة في كتابه الولاية، وأبو بكر الجعابي في نخب المناقب، وشمس الدين الجزري في أسنى المطالب، أخرج ابن عقدة في كتاب الولاية، بإسناده عن سعيد بن المسيب قال: قلت لسعد بن أبي وقاص: إني أريد أن أسألك عن شيء وإني أتقيك. قال: سل عمّا بدا لك فإنّما أنا عمّك، قال: قلت: أقام رسول الله صلى الله عليه وآله فيكم يوم غدير خم قال: نعم قام فينا بالظهيرة فأخذ بيد عليّ بن أبي طالب فقال:[من كنت مولاه فعليٌّ مولاه أللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه] قال: فقال: أبو بكر وعمر أمسيت يابن أبي طالب مولى كلِّ مؤمن ومؤمنة.

٥- أم سلمة:

زوجة النبي صلى الله عليه وآله. رواه ابن عقدة بإسناده عن عمرو بن سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة عن أبيه، عن جده، عن أم سلمة قالت: أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيد عليّ بغدير خم فرفعها حتّى رأينا بياض أبطيه فقال:[من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، ثمّ قال: أيّها الناس إنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ولن يتفرقا حتّى يردا عليَّ الحوض].

٦- أمّ هاني:

بنت أبي طالب سلام الله عليهما، قالت: رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حجّته حتّى نزل بغدير خم ثمّ قام خطيبا بالهاجرة فقال: أيها الناس...

٧- براء بن عازب الأنصاري الأوسي:

نزيل الكوفة قال:

أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجّته التي حج، فنزل في بعض الطريق فأمر بالصلاة جامعة فأخذ بيد عليٍّ فقال:[ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا: بلى، قال:ألست أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا: بلى. قال:فهذا وليّ من أنا مولاه، أللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه].

برواية كثير من المصادر التي أوردته منها مسند أحمد بن حنبل: ج ٤ ص ٢٨١ وسنن ابن ماجة: ج ١ ص ٢٨و ٢٩.

٢٩

وكذلك روى عنه، النسائي في خصائصه: ص ١٦، والخطيب البغدادي، في تاريخ بغداد: ج ١٤ ص ٢٣٦، وتفسير الطبري: ج ٣ ص ٤٢٨ وغيرهم كثيرون: قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حتّى نزلنا غدير خم بعث منادياً ينادي فلمّا اجتمعنا قال:[ألست أولى من أنفسكم ؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال:ألست أولى بكم من أمّهاتكم ؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال:ألست أولى بكم من آبائكم ؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ألست؟ ألست؟ ألست؟ قلنا بلى يا رسول الله. قال:من كنت مولاه فعليٌّ مولاه أللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه] ، فقال عمر بن الخطاب: هنيئاً لك يابن أبي طالب أصبحت اليوم وليّ كل مؤمن).

٨- جابر بن عبد الله الأنصاري:

المتوفّي ٧٣/ ٧٤/ ٧٨هـ وهو ابن ٩٤ عاما، روى عنه الحافظ ابن عقدة في الولاية، قال: كنّا مع النبي صلى الله عليه وآله في حجّة الوداع فلمّا رجع إلى الجحفة نزل ثمّ خطب الناس فقال:[أيّها الناس إنّي مسؤول وأنتم مسؤولون فما أنتم قائلون؟ قالوا نشهد أنّك بلّغت ونصحت وأديت، قال:إنّي لكم فرط وأنتم واردون عليَّ الحوض وإني مخلف فيكم الثقلين إن تمسكتم بهما لن تضلّوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض، ثمّ قال: ألستم تعلمون أني أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا: بلى، فقال آخذاً بيد عليّ:من كنت مولاه فعليّ مولاه، ثمّ قال: أللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه].

وأخرج الحافظ ابن المغازلي كما في العمدة - لابن البطريق - ص ٥٣ بإسناده إلى جابر بن عبد الله، قال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نزل بخمّ فتنحى الناس عنه وأمر علياً فجمعهم فلمّا اجتمعوا قام فيهم وهو متوّسد يد عليِّ بن أبي طالب فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال:[أيّها الناس إنّي قد كرهت تخلّفكم عنّي حتّى خُيّل لي أنّه ليس شجرة أبغض إليكم من شجرة تليني؟ ثمّ قال:لكن عليّ بن أبي طالب أنزله الله منّي بمنزلتي منه رضي‌الله‌عنه فكما أنا راض عنه، فأنّة لا يختار على قربتي ومحبتي شيئاً ثمّ رفع يديه فقال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه] قال: فابتدر الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبكون ويتضرّعون ويقولون: يا رسول الله ما تنحّينا عنك إلّا كراهية أن نثقل عليك فنعوذ بالله من سخط رسول الله، فرضي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنهم عند ذلك.

٣٠

٩- جرير بن عبد الله بن جابر البجلي:

وهو من صحابة النبي صلى الله عليه وآله، أيضا ، حيث روى عنه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: ج ٩ ص ١٠٦ قال: شهدنا الموسم في حجة الوداع فبلغنا مكاناً يقال له: غدير خم فنادى الصلاة جامعة فاجتمع المهاجرون والأنصار فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسطنا، قال:[يا أيّها الناس بِمَ تشهدون ؟ قالوا: نشهد ألا إله إلّا الله، قال: (ثم مَه؟) قالوا: وأنّ محمّداً عبده وسوله، قال:فمن وليّكم ؟ قالوا: ألله ورسوله مولانا. ثمّ ضرب بيده إلى عضد عليّ فأقامه فنزع عضده فأخذ بذراعيه، فقال:من يكن الله ورسوله مولاه فإنّ هذا مولاه أللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه، أللّهم من أحبّه فكن له حبيباً، ومن أبغضه فكن له مبغضاً، أللّهم إنّي لا أجد أحداً استودعه في الأرض بعد العبدين الصالحين فاقضي له بالحسنى].

للملاحظة: قد يراد بالعبدين الصالحين: حمزة وجعفررضي‌الله‌عنهما حيث أنَّ النبي صلى الله عليه وآله في إحدى حروبه مع المشركين، دعا الله أن يحفظ ويسلم عليّاً بعد أن أخذ الله حمزة وجعفر رضوان الله عليهما.

١٠- حبَّة بن جوين أبو قُدامة العرني:

ممن روى حديث الغدير، وهو ممن شهد للامام عليٍّعليه‌السلام في مناشدته في الرحبة، وروى ابن الاثير في أُسْدُ الغابة: ج ١ ص ٣٦٧، عن ابن عقدة، في الولاية - قال: لما كان يوم غدير خم دعا النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم: الصلاة جامعة نصف النهار قال: فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال:[أيّها الناس أتعلمون أنّي أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا: نعم، قال:فمن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه.] وأخذ بيد عليّ حتّى رفعها حتّى نظرت إلى آباطهما وأنا يومئذ مشرك.

١١- حذيفة بن أُسيد أبو سريحة الغفاري:

روى القندوزي في ينابيع المودة: ص ٣٨ بروايته عن السمهودي، الذي يروي عن ابن عقدة، قال: عن عامر بن ضمرة وحذيفة بن أُسيد قالا: قال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم:[أيّها الناس إنَّ الله مولاي وأنا أولى بكم من أنفسكم ألا ومن كنت مولاه فهذا (عليّ) مولاه) وأخذ بيد عليّ فرفعها حتّى عرفه القوم أجمعون ثمّ قال: أللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه ، ثمّ قال: وإني سائلكم حين تردون عليّ الحوض عن الثقلين فانظروا كيف تخلّفوني فيهما ؟ قالوا: وما الثقلان؟ قال:الثقل الأكبر كتاب الله سببٌ طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، والأصغر عترتي].

٣١

وروى الترمذي في صحيحه: ج ٢ ص ٢٩٨ قال: هذا حديث حسن صحيح وفي الفصول المهمّة لابن الصباغ المالكي: ص ٢٥ وآخرين في رواية أخرى لحذيفة، وليلى بن ضمرة، قالا: لما صدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حجّة الوداع ولم يحج غيرها أقبل حتّى إذا كان بالجحفة نهى عن سمرات متغاديات بالبطحاء أن لا ينزل تحتهنّ أحد، حتّى إذا أخذ القوم منازلهم أرسل فقمّ ما تحتهنّ حتّى إذا نودي بالصّلاة، صلاة الظهر عمد إليهنَّ فصلى بالناس تحتهنّ وذلك يوم غدير خم وبعد فراغه من الصّلاة قال:[أيّها الناس إنّه قد نبأنّي اللطيف الخبير أنّه لم يعمر نبيّ إلّا نصف عمر النبيّ الذي كان قبله وإنّي لأظن بأنّي أُدعا وأُجيب وإنّي مسؤول وأنتم مسؤولون، هل بلّغت؟ فما أنتم قائلون ؟ قالوا: نقول: قد بلغت، وجهدت ونصحت وجزاك الله خيرا، قال:ألستم تشهدون ألا إله إلّا الله، وأنّ محمداً عبده ورسوله، وأنّ جنتّه حقّ، وأنّ ناره حقّ، والبعث بعد الموت حقّ؟] قالوا: بلى نشهد بذلك، ثمّ قال:أيّها الناس أ لا تسمعون؟ ألا فإنّ الله مولاي وأنا أولى بكم من أنفسكم، ألا ومن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. وأخذ بيد عليٍّ فرفعها حتّى نظر القوم، ثمّ قال:أللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه].

وروى عنه أصحاب المصادر الأخرى روايات عمّا قال النبي في يوم الغدير.

١٢- الإمام الحسن السبطعليه‌السلام :

روى حديثه ابن عقدة في كتابه الولاية وأبو بكر الجعابي في (نخب المناقب) وكذلك فقد عدّه الخوارزمي من رواة حديث الغدير ومن خطبة للامام الحسنعليه‌السلام فيما اختص الله في أهل البيت وبما حباهم سبحانه وتعالى بما ورد في كتاب الروائع المختارة من خطب الإمام الحسن السبط: ص ٥٨ ط القاهرة قال:

[وأقسم بالله لو تمسكت الأمّة بالثقلين لأعطتهم السّماء والارض بركتها، ولأكلوا نعمتها خضراء من فوقهم ومن تحت أرجلهم من غير اختلاف بينهم إلى يوم القيامة].

٣٢

قال الله عزّ وجل:( وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَ‌اةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّ‌بِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْ‌جُلِهِم ) (١) .

وقال عزّ وجل:( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَ‌ىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَ‌كَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْ‌ضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (٢)

١٣- حسّان بن ثابت شاعر النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

أورد الخوارزمي في كتابه، مقتل الحسين: ج ١ ص ٤٧ بروايته عن أبي سعيد الخدري، أنّ حسّان بن ثابت أنشد عند ذلك أبياتا فقال حسّان إيذن لي يا رسول الله أن أقول في عليّ أبياتا تسمعهنّ فقال: قل على بركة الله، فقام حسّان فقال: يا معشر مشيخة قريش أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية، فقال:

يُناديهم يوم الغدير نبيّهم

بخمّ وأسمع بالرسول مناديا

فقال: فمن مولاكم ونبيّكم

فقالوا ولم يُبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت نبيّنا

ولم تلق منّا في الولاية عاصيا

فقال له: قم يا عليُّ فإنّني

رضيتك من بعدي إماماً وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليّه

فكونوا له أتباع صدقٍ مَواليا

هناك دعا أللّهم والِ وليّه

وكن لِلّذي عادا عليّا معاديا

وقد أقرّه النبي صلى الله عليه وآله على ما فهمه من مغزى كلامه، وقرَّظه بقوله:[لا تزال يا حسّان مؤيَّدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك].

وللملاحظة الهامّة: قول النبي صلى الله عليه وآله لحسّان، هذا من أعلام النبوّة ومن مُغيبّات رسول الله فقد علم أنّه سوف ينحرف عن إمام الهدى صلوات الله عليه في أُخريات أيّامه فعلّق دعائه على ظرف استمراره في نصرتهم.

____________________

١- سورة المائدة: الآية ٦٦.

٢- سورة الأعراف: الآية ٦٩.

٣٣

١٤- الإمام السبط الحسين الشهيدعليه‌السلام :

روى عنه ابن عقدة في الولاية والجعابي في نخب المناقب، والخوارزمي، وكذلك روى عنه الحافظ العاصمي في زين الفتى عن شيخه أبي بكر الجلابي، عن أبي سعيد الرازي عن أبي الحسن علي ابن مهروبة القزويني، عن دواود ابن سليمان عن علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد الباقر عن أبيه علي بن الحسين، عن الحسين، عن أمير المؤمنين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:[من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، واخذل من خذله، وانصر من نصره].

وروى هذا الحديث عن الحسين آخرون، منهم الحافظ ابن المغازلي في المناقب، ومنهم أبو نعيم في حلية الأولياء.

١٥- زيد بن أرقم الأنصاري الخزرجي:

أورد الحجة و العلم النحرير والباحث القدير الشيخ الأميني قدس سرّه في كتابه الغدير: ج ١ طبعة مؤسسة الأعلمي، عدّة روايات ومن عدّة مصادر نورد بعضاً منها:

أ- عن ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمّة: ص ٢٤ بروايته عن الترمذي والزهري، عن زيد، قال: روى الترمذي عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم:[من كنت مولاه فعليُّ مولاه] ، هذا اللفظ (فقط) بمجرده رواه الترمذي ولم يزد عليه، وزاد غيره وهو الزهري، ذكر اليوم و الزمان والمكان قال: لما حجَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجّة الوداع وعاد قاصداً المدينة قام بغدير خمّ وهو ماء بين مكّة و المدينة، وذلك في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة الحرام وقت الهاجرة، فقال:[أيّها الناس..! إنّي مسؤول وأنتم مسؤولون، هل بلّغت؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت ونصحت، قال:وأنا أشهد أنّي قد بلّغت ونصحت ، ثمّ قال:أيّها الناس أليس تشهدون ألا إله إلّا الله وأنّي رسول الله ؟ قالوا: نشهد ألا إله إلّا الله وأنّك رسول الله. قال:وأنا أشهد مثل ماشهدتم .

ثمّ قال:أيّها الناس قد خلّفت فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلّوا بعدي كتاب الله وأهل بيتي: ألا وإنّ اللطيف أخبرني: أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض: حوضي ما بين بصرى وصنعاء عدد آنيته عدد النجوم إنّ الله مسائلكم كيف خلّفتموني في كتابه وأهل بيتي، ثمّ قال: أيّها الناس من أولى الناس بالمؤمنين؟.

٣٤

قالوا: الله ورسوله أعلم: قال:أولى الناس بالمؤمنين أهل بيتي يقول ذلك ثلاث مرّات، ثمّ قال في الرابعة وأخذ بيد عليٍّ:أللهمّ من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه. يقولها ثلاث مرات،ألا فليبلّغ الشاهد الغائب].

وممن روى عن زيد بن أرقم، الحافظ أبو بكر الهيثمي في مجمع الزوائد: ج ٩ ص ١٦٣ من طريق أحمد، والطبراني، والبزّار، قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الجحفة ثمّ أقبل على الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال:[إنّي لا أجد لنبيّ إلاّ نصف عمر الّذي قبله وإنّي أوشك أن أُدعى فأجيب فما أنتم قائلون ؟ قالوا: نصحت قال:أليس تشهدون ألا إله إلّا الله، وأنّ محمّداً عبده و رسوله وأنَّ الجنّة حقّ وأنَّ النار حقٌّ ؟ قالوا نشهد، قال: فرفع يده فوضعها على صدره ثمّ قال:وأنا أشهد معكم ثمّ قال:ألا تسمعون ؟ قالوا نعم، قال:فإنّي فرَطٌ على الحوض، وأنتم واردون علَيّ الحوض، وإنّ عرضه ما بين صنعاء و بُصرى فيه أقداح عدد النجوم من فضّة أنظروا كيف تخلّفوني في الثقلين فنادى منادٍ: وما الثقلان يا رسول الله؟، قال:كتاب الله طرف بيد الله عزّ وجل وطرفٌ بأيديكم فتمسّكوا به لا تضلّوا، الآخر عشيرتي (١) وإنّ اللطيف الخبير نبّأني: أنّهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض فسألت ذلك لهما ربّي، فلا تقدِّموهما فتهلكوا، ولا تقصّروا عنهما فتهلكوا ولا تعلّموهما فهم أعلم منكم، ثمّ أخذ بيد عليٍّرضي‌الله‌عنه فقال: من كنت أولى به من نفسه فعليٌّ وليّه، أللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه].

وقيل لزيد: أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: ما كان في الدوحات أحد إلاّ رآه بعينيه وسمعه بأذنيه.

وروى عن زيد بن أرقم، الحافظ الزرقاني المالكي في شرح المواهب: ج ٧ ص ١٣، ثمّ قال: وصحّحه الضياء المقدسي، وذكر من طريق الطبراني من الحديث قوله صلى الله عليه وآله:[يا أيّها الناس! إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأَحبب من أحبّه، وابغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار].

____________________

١- هكذا ورد عند النسخ، و الصحيح هو: عترتي.

٣٥

وروى محمد بن إسماعيل اليمني في الروضة النَديّة شرح التحفة العلويّة: ج ٢ ص ٢٣٦ في ذكر حديث الغدير بشتّى الطرق، قال: وذكر الخطبة بطولها الفقيه العلاّمة الحميد المحلّي في (محاسن الأزهار) بسنده إلى زيد بن أرقم، قال: أقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجّة الوداع حتّى نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة، فأمر بالدوحات فقُمّ ما تحتهنَّ من شوك، ثمّ نادى الصّلاة جامعة، فخرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم شديد الحرّ وأنّ منّا من يضع ردائه على رأسه وبعضه على قدمه من شدّة الرمضاء، حتّى أتينا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلّى بنا الظهر ثمّ انصرف إلينا، فقال: [ألحمد لله نحمده ونستعينه و نؤمن به ونتوكل عليه نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أنفسنا ومن سيئات أعمالنا الذي لا هادي لمن ضلَّ (١) ولا مضلّ لمن هدى وأشهد ألا إله إلّا الله وأنّ محمداً عبده ورسوله أمّا بعد :

أيّها الناس فإنّه لم يكن لنبي من العمر إلّا نصف من عمر الّذي قبله وإنّ عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة وإنّي شرعت في العشرين ألا وإنّي يوشك أن أفارقكم، ألا وإنّي مسؤول وأنتم مسؤولون، فهل بلغتكم؟ فماذا أنتم قائلون؟ فقام من كل ناحية من القوم مجيبٌ يقولون: نشهد أنّك عبد الله ورسوله قد بلغت رسالته، وجاهدت في سبيله، وصدعت بأمره، وعبدته حتّى أتاك اليقين، جزاك الله خير ما جزى نبياًّ عن أمّته، فقال: ألستم تشهدون ألا إله إلّا الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله، وأنّ الجنّة حق، وأنّ النار حق، وتؤمنون بالكتاب كلّه ؟ قالوا: بلى،قال: فإنّي أشهد أن قد صدقتكم وصدقتموني، ألا وإنّي فرطكم وأنتم تبعي توشكون أن تردوا عليَّ الحوض فأسألكم حين تلقوني عن الثقلين كيف خلّفتموني فيهما، قال: فأعتلّ علينا ما ندري ما الثقلان حتّى قام رجل من المهاجرين، فقال: بأبي وأمّي أنت يا رسول الله ما الثقلان؟ قال: الأكبر منهما كتاب الله سبب طرفٌ بيد الله وطرف بأيديكم تمسّكوا به ولا تولّوا ولا تضلّوا، والأصغر منهما عترتي، من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي فلا تقتلوهم ولا تنهروهم ولا تقصروا عنهم، فإنّي قد سألت لهم اللطيف الخبير فأعطاني، وناصرهما لي ناصر، وخاذلهما لي خاذل، ووليّهما لي وليّ، وعدوّهما لي عدوّ، ألا فإنّها لن تهلك أمّة قبلكم حتّى تدين بأهوائها، وتظاهر نبوتها، وتقتل من قام بالقسط ، ثمّ أخذ بيد عليّ بن أبي طالب ورفعها،فقال: من كنت وليّه فهذا وليّه، أللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه ، قالها ثلاثاً].

____________________

١- هكذا ورد في النسخ، و الصحيح، كما في مصادر أخرى: أضل.

٣٦

وقد أوردت كثير من المصادر، رواية زيد بن أرقم هذه، منهم ابن المغازلي في المناقب والألوسي في تفسيره روح المعاني، والبدخشاني في نزل الأبرار، والطبراني وأبي نعيم، وأخرج ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج ٢ ص ٧٠ ط مؤسسة الأعلمى، قال:وروى ابن ديزيل، قال: حدّثنا يحيى بن زكريا، قال: حدّثنا علي بن القاسم عن سعيد بن طارق، عن عثمان بن القاسم، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:[ألا أدلكم على ما إن تساءلتم عليه لم تهلكوا؟ إنّ وليّكم الله، وإنّ إمامكم عليّ بن أبي طالب فناصحوه وصدّقوه، فإنّ جبريل أخبرني بذلك].

١٦- سعد بن أبي وقّاص:

وهو من مشاهير صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأوردت المصادر الكثيرة روايات عدة، عنه في حديث الولاية، ننقل ما روى الشيخ الأميني في الغدير: ج ١ ص ٦٤ ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت بالإسناد إلى الحرث بن مالك، قال: أتيت مكة فلقيت سعد بن أبي وقاص، فقلت: هل سمعت لعليّ منقبه؟ قال: قد شهدت له أربعاً لئن تكون لي واحدة منهنَّ أحب إليَّ من الدنيا أعمر فيها مثل عمر نوح، إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث أبا بكر ببراءه إلى مشركي قريش فسار بها يوما وليلة ثمّ قال لعليٍّ:[أتبع أبا بكر فخذها وبلّغها فردَّ عليعليه‌السلام أبا بكر فرجع يبكي فقال: يا رسول الله أنزل فيَّ شيء؟ قال:لا إلّا خيرا إنّه ليس يبلغ عنّي إلّا أنا أو رجل منّي. أو قال: من أهل بيتي].

وكنّا مع النبي في المسجد فنودي فينا ليلاً: ليخرج من المسجد إلّا آل الرسول وآل عليٍّ. قال: فخرجنا نجرّ نعالنا فلمّا أصبحنا أتى العباس النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أخرجت أعمامك وأسكنت هذا الغلام. فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم:[ما أنا أمرت بإخراجكم ولا بإسكان هذا الغلام إنَّ الله أمر به قال: والثالثة: إنّ ربي الله بعث عمر وسعداً إلى خيبر فجرح سعد ورجع عمر فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم:لأعطينَّ الراية رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله في ثناء كثير أخشى أن أحصي - فدعا عليّاً فقالوا: إنّه أرمد فجيء به يُقاد فقال له:إفتح عينيك . فقال:لا أستطيع قال: فتفَل في عينينه من ريقه ودلكها بإبهامه وأعطاه الراية، قال: والرابعة: يوم غدير خم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبلغ ثمّ قال:أيّها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ ثلاث مرات، قالوا: بلى، قال أُدنُ يا عليُّ فرفع يده ورفع رسول الله يده حتّى نظرت بياض إبطيه فقال:من كنت مولاه فعليٌّ مولاه] حتّى قالها ثلاثاً.

٣٧

ثمّ قال الحافظ الكنجي: هذا حديث حسن وأطرافه صحيحة (إلى أن قال): والرابع (حديث الغدير). رواه ابن ماجة والترمذي عن محمد بن بشّار عن محمد بن جعفر.

١٧- أبو سعيد الخدري:

(سعد بن مالك الأنصاري الخدري) ممن روى عنه حديث الغدير الحافظ ابن عقدة، في حديث الولاية بإسناده، عن سهم بن حصين الأسدي، قال: قدمت مكّة أنا وعبد الله بن علقمة، وكان عبد الله سبّابة لعليّعليه‌السلام دهراً فقلت له: هل لك في هذا - يعني أبا سعيد الخدري - تحدث به عهداً؟ قال (عبد الله بن علقمة): نعم، فأتيناه فقال: هل سمعت لعليٍّ منقبه؟ قال: نعم إذا حدّثتك بها تسأل عنها المهاجرين والأنصار وقريشا أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال يوم غدير خم، فأبلغ ثمّ قال:[أيّها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى قالها ثلاث مرات، ثمّ قال: ادنُ يا عليُّ فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يديه حتّى نظرت إلى بياض آباطهما، قال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه]. قال: فقال عبد الله بن علقمة: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم؟ قال أبو سعيد: نعم وأشار إلى أذنيه وصدره، فقال: قد سمعته أذناي ووعاه قلبي. قال عبد الله بن شريك: فقدم علينا ابن علقمة وابن حصين فلمّا صلّينا الهجير قام عبد الله بن علقمة، فقال: إني أتوب إلى الله واستغفره من سبّ عليّ ثلاث مرات.

وأخرج كثير من الحفّاظ في كتبهم عن أبي سعيد الخدري حديث الغدير، منهم أبو نعيم في كتابه: ما نزل من القرآن في عليّ والحافظ أبو الفتح محمد بن علي النطنزي في (الخصائص العلويّة)، بإسناده، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا الناس إلى عليٍّرضي‌الله‌عنه ، في غدير خم وأمر بما تحت الشجرات من الشوك فقُمّ وذلك يوم الخميس فدعا عليّاً وأخذ بضبيعيه فرفعهما حتّى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ لم يتفرقوا حتّى نزلت هذه الآية: (اليوم أكملت لكم دينكم). الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم:[الله اكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الرب برسالتي والولاية لعليّ من بعدي ، قال:من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، وأخذل من خذله] . فقال حسّان بن ثابت: إئذن لي يا رسول الله فأقول في عليّ أبياتا لتسمعها، فقال:قل على بركة الله ، فقام حسان فقال: يا معشر قريش أسمعوا قولي بشهادة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الولاية الثابتة.

٣٨

يناديهم يوم الغدير نبيّهم

بخمّ وأسمع بالرسول مناديا

إلى آخر الأبيات، والّتي ذكرت في بداية بحث الولاية.

وكثير من الصحابة رووا حديث الغدير، فأخرج ابن كثير في البداية والنهاية: ج ٧ ص ٣٤٩ حديث الغدير، بلفظ البراء بن عازب، ثمّ قال: وقد روي هذا الحديث عن (سعد بن أبي وقّاص)، وطلحة بن عبيد الله (المقتول في حرب الجمل)، وجابر بن عبد الله (الأنصاري) وله طرق، وأبي سعيد الخدري، وحُبشي بن جنادة، وجرير بن عبد الله وعمر بن الخطّاب، وأبي هريرة.

١٨- عامر بن أبي ليلى بن ضمرة:

الصحابيّ ممن روى حديث غدير خم - حديث الولاية - فأخرج حديثه الحافظ ابن عقدة في حديث الولاية، وكذلك ابن الاثير في أُسد الغابة: ج ٣ ص ٩٢، بطريق أبي موسى، عن أبي الطفيل، عن عامر بن أبي ليلى، قال: لما صدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حجة الوداع ولم يحجَّ غيرها، أقبل حتّى إذا كان بالجحفة وذلك يوم غدير خم من الجحفة وله بها مسجد معروف فقال:أيّها الناس ... الحديث.

وأورد حفّاظ آخرون رواية عامر، منهم ابن الصبّاغ المالكي الّذي نقله عن كتاب الموجز للحافظ أسعد بن أبي الفضائل وكذلك ابن حجر في الاصابة برواية عن كتاب الولاية لابن عقدة، وروى السمهودي نقلا عن الحافظ ابن عقدة، وأبي موسى، وأبي الفتوح العجلي بطرقهم عن عامر بن أبي ليلى، وحذيفة بن أُسيد، قالا: لما صدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حجة الوداع ولم يحج غيرها، أقبل حتّى إذا كان بالجحفة نهى عن شجرات بالبطحاء متقاربات لا ينزلوا تحتهنَّ، حتّى إذا نزل القوم وأخذوا منازلهم سواهنَّ أرسل إليهنَّ فقُمَّ ما تحتهن وشُذِبن(١) عن رؤوس القوم حتّى إذا نودي للصّلاة غدا إليهنَّ فصلّى تحتهنَّ ثمّ انصرف إلى الناس وذلك يوم غدير خمّ، وخم من الجحفة وله بها مسجد معروف فقال:[أيّها الناس إنَّه نبّأني اللطيف الخبير أنّه لم يعمر نبي إلّا نصف عمر الذي يليه من قبله وإنّي لأظن أن أُدعا فأجيب وإنّي مسؤول وأنتم مسؤولون، هل بلغت؟ فما أنتم قائلون؟ قالوا: نقول قد بلغت، وجهدت، ونصحت، فجزاك الله خيراً. وقال: ألستم تشهدون ألا إله إلّا الله، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنَّ جنّته حقّ، وأنّ النار حقّ، والبعث بعد الموت حق؟ قالوا: بلى، قال: أللّهم اشهد، ثمّ قال: أيّها الناس ألا تسمعون؟

____________________

١- هكذا في النسخ بالياء المثناة، والصحيح: بالباء الموحدة من شذب أي قطع وفرق.

٣٩

ألا فإن الله مولاي وأنا أولى بكم من أنفسكم، ألا ومن كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، وأخذ بيد عليٍّ فرفعها حتّى عرفه القوم أجمعون، ثمّ قال: أللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه. ثمّ قال: أيّها الناس إنّي فرطكم وأنتم واردون عليَّ الحوض أعرض مما بين بُصرى وصنعاء فيه عدد نجوم السماء قدحانٌ من فضّة ألا وإني سائلكم حين تردون عليَّ عن الثقلين، فانظروا كيف تخلِّفوني فيهما حين تلقوني، قالوا: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الثقل الأكبر كتاب الله سببٌ طرفه بيد الله وطرفٌ بأيديكم فأستمسكوا به لا تضلّوا بعدي ولا تبدّلوا وعترتي، فإنّي قد نبأني الخبير ألا يتفرّقا حتّى يلقياني].

١٩- العباس بن عبد المطلب:

وهو ممن روى حديث الولاية من الصحابة ، كما أخرجه ابن عقدة والجزري في أسنى المطالب.

وعائشة بنت أبي بكر، زوجة النبي، كما أخرجه ابن عقدة، لروايتها وعبد الله بن عباس فقد أخرج كثير من الحفاظ روايته لحديث الغدير منهم الحافظ النسائي في الخصائص، وأحمد بن حنبل في مسنده، والحاكم النيسابوري في مستدركه والخطيب الخوارزمي وابن كثير، والهيثمي في مجمع الزوائد، والحافظ الكنجي في كفاية المطالب وغيرهم ومنهم أيضا الحافظ السجستاني في كتاب الولاية في حديث الغدير وقال بإسناده عن عبد الله بن عباس: لماخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى حجّة الوداع نزل بالجحفة فأتاه جبرئيلعليه‌السلام فأمره أن يقوم بعليّ فقال صلى الله عليه (وآله) وسلم:[أيّها الناس ألستم تزعمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأَحِب من أحبَّه، وابغض من أبغضه، وانصر من نصره] ، قال ابن عباس: وجبت والله في أعناق القوم.

وممن روى حديث الغدير من الصحابة، عثمان بن عفّان،فقد أخرج ابن عقدة في كتابه حديث الولاية، وكذلك المنصور الرازي في كتاب الغدير.

وعلي بن أبي طالبعليه‌الس لام فقد روى حديث الغدير، في احتجاجاته في زمن الخلفاء أبي بكر وعثمان والرحبة والجمل ويوم الشورى.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348