النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء ٥

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين0%

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 348

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد فخر الدين
تصنيف: الصفحات: 348
المشاهدات: 45846
تحميل: 5032


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 348 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45846 / تحميل: 5032
الحجم الحجم الحجم
النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء 5

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فأجابته فاطمة عليها السلام:

أطعمه قوتيَ ولا أبالي

وأوثر الله على عيالي

أرجو به الفوز وحسن الحال

أن يرحم الله سينمي مالي

وكان لي عونا على أطفالي

أخصّهم عنديَ في التغالي

بكربلا يقتل في اغتيال

للقاتل الويل مع الوبال

فحمل الطعام ودفع إلى اليتيم وباتو جياعاً وأصبحوا صياماً فقامت الجارية إلى الصاع الثالث فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص، فلمّا صلّى عليٌّعليه‌السلام المغرب مع النبي صلى الله عليه وآله جاء ليفطر، ووضع الطعام بين يديه فإذا أسير مشدود بالقيد وهو يقول: يا أهل بيت محمّد أسير على البال فاطعموني أطعمكم الله على موائد الجنّة، فرفع عليّعليه‌السلام يده، ورفع القوم أيديهم، وأنشأ عليّعليه‌السلام يقول:

فاطم بنت المصطفى محمّد

نبيّ صدق سيّد مسوّد

من يطعم اليوم يجده في غد

فاطعمي لا تجعليه أنكد

فأجابته فاطمة عليها السلام تقول:

والله ما بقيت غير صاع

قد ربوت كفّي مع الذراع

قد يصنع الخير بلا ابتداع

عبل الذراعين شديد الباع

فحمل الطعام ودفع إلى الأسير وباتوا جياعا، وأصبحوا وقد قضوا نذرهم ثمّ أخذ عليّعليه‌السلام بيد الحسن والحسين عليهما السلام فانطلق بهما إلى رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، فلمّا نظر إليهما يقومان ويقعان من شدة الجوع ضمّهما إلى صدره وقال:واغوثاه بالله ما لقى آل محمّد ، فحمل واحداً على عنقه والآخر على صدره ثمّ دخل على فاطمة عليها السلام، ونظر إلى وجهها متغيّرا من الجوع فبكت وبكى لبكائها، ثمّ قالما يبكيكِ يا بُنيَّةُ؟ قالت:يا أبتاه ما طعمت أنا ولا ولداي ولا عليٌّ منذ ثلاثة أيام ، قال: فرفع النبي صلى الله عليه وآله يده، ثمّ قال:اللّهم أنزل على آل محمّد كما أنزلت على مريم بنت عمران ، ثمّ قال:ادخلي مخدعك فانظري ماذا ترين؟ ، قال: فدخلت ومعها عليّ وولداها ثمّ تبعهم رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا جفنة تنور مملوءة ثريدا وعراقا مكلّلة بالجوهر يفوح منها رائحة المسك الأذفر، فقال:كلوا بسم الله ، فأكلوا منها جماعتهم سبعة أيام ما انتقص منها لقمة ولا بضعة، قال: فخرج الحسن وبيده عرق فلقيته امرأة من اليهود تدعا سامار، فقالت: يا أهل البيت الجوع من أين لكم هذا فأطعموني فمدَّ الحسن يده ليناولهَا فاختلست الأكلة وارتفعت القصعة، فقال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم:

٢٦١

لو سكتوا لأكلوا منها إلى أن تقوم الساعة، وهبط الأمين جبرائيل على النبيصلى الله عليه وآله فقال: يا محمّد إنّ ربّك يقرئك السّلام ويقول لك:خذ هنَّأك الله في أهل بيتك ، قال:وما آخذ] ؟ قال: فتلا جبرئيل( إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) إلى قوله:( سَعْيُكُم مَّشْكُوراً ) .

وقال الكنجي في ص ٣٤٨ من الكفاية: وقد سمعت الحافظ العلّامة أبا عمرو عثمان بن عبد الرحمان المعروف بابن الصلاح في درس التفسير في سورة هل أتى، وذكر الحديث وقال فيه: إنّ السُؤَّال كانوا ملائكة من عند ربّ العالمين، وكان ذلك امتحاناً من الله عزّ وجل لأهل بيت الرسول صلى الله عليه (وآله) وسلم.

وسمعت بمكّة حرسها الله تعالى من شيخ الحرم بشير التبريزي في درس التفسير: إنّ السائل الأوّل كان جبرئيل، والثاني كان ميكائيل والثالث كان إسرافيلعليهم‌السلام .

وجاء في (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد: ج ١ ص ٢٤ ط٠ مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، في ذكر فضائله، قال: وأمّا القوّة والأيد، فبه يضرب المثل فيهما، قال ابن قتيبة في (المعارف): ما صارع أحداً قطّ إلّا صرعه. وهو الذي قلع باب خيبر، واجتمع عليه عُصبة من الناس ليقلّبوه فلم يقلّبوه، وهو الذي اقتلع هبل(١) من أعلى الكعبة، وكان عظيما جداً، وألقاه إلى الأرض. وهو الذي اقتلع الصخرة العظيمة في أيام خلافتهعليه‌السلام بيده بعد عجز الجيش كلّه عنها، وأنبط الماء من تحتها.

____________________

١- هُبَل: صنم عظيم كان في الكعبة.

٢٦٢

وأما السخاء والجود: فحاله فيه ظاهرة، وكان يصوم ويطوي ويؤثر بزاده، وفيه أنزل:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً ) .

روى أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي في (تذكرة خواص الأمّة) بروايته، عن البغوي والثعلبي، حيث ردّ على جدّه ابن الجوزي قال: والعجب من قول جدّي وإنكاره وقد قال في كتاب (المنتخب): يا علماء الشرع أعلمتم لِمَ آثر (عليّ وفاطمة) وتركا الطفلين (الحسنين) عليهما أثر الجوع؟ أتراهما خفي عنهما سرّ ذلك؟ ما ذاك إلّا لأنهما عَلِما قوة صبر الطفلين، وأنهما غصنان من شجرة الظل عند ربّي وبعض من جملة: فاطمة بضعة منّي، وفرخ البطّ السابح.

وأورد أبو سالم محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤل: ص ٣١ عن سورة الانسان وورودها بعليّ وفاطمة والحسنينعليهم‌السلام ، قال: رواه الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي وغيره من أئمة التفسير ثمّ قال: فكفى بهذه عبادةً، وبإطعام هذا الطعام مع شدّة حاجتهم إليه منقبةٌ، ولولا ذلك لما عظمت هذه القصة شأنا، وعلت مكانا ولما أنزل الله تعالى فيها على رسول الله قرآنا، وله قوله في هذه الأبيات كما ذكرها في ص ٨ :

هُمُ العروةُ الوثقى لمعتصمٍ بها

مناقبُهم جاءت بوحيٍ وإنزالِ

مناقب في شورى وسورة هل أتى

وفي سورة الأحزاب يعرفها التالي

وهم أهلُ بيت المصطفى فَوِدادُهم

على الناس مفروضٌ بحكمٍ وإسجالِ

روى الحافظ الحاكم عبيد الله بن عبد الله بن أحمد، الحسكاني في كتاب شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٤٦٠ ط ٣، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، في الحديث ١٠٥٢ قال: أخبرنا أحمد بن الوليد بن أحمد -بقراءتي عليه من أصله-، قال: أخبرني أبي أبو العباس الواعظ، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن الفضل النحوي- ببغداد، في جانب الرصافة (إملاءً سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة) حدّثنا الحسن بن علي بن زكريّا البصري، حدّثنا الهيثم بن عبد الله الرماني، قال: حدّثني علي بن موسى الرضا، حدّثني أبي موسى عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد، عن أبيه عليّ، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ بن أبي طالب قال: لما مرض الحسن والحسين عادهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لي:[يا (أ) بالحسن لو نذرت على ولديك لله نذرا أرجو أن ينفعهما الله به فقلت: علَيَّ لله نذر لئن برئ حبيباي من مرضهما لأصومنَّ ثلاثة أيام ، فقالت فاطمة:وعليَّ لله نذر لئن برئ ولداي من مرضهما لأصومنَّ ثلاثة أيام ، وقالت جاريتهم فضّة: وعليَّ لله نذر لئن برئ سيداي من مرضهما لأصومنّ ثلاثة أيّام،

٢٦٣

فألبس الله الغلامين العافية، فأصبحوا وليس عند آل محمّد قليل ولا كثير، فصاموا يومهم وخرج عليٌّ إلى السوق، فإذا شمعون اليهودي (في السوق) وكان له صديقاً، فقال له:يا شمعون أعطني ثلاثة أصوع شعيرا وجزة صوف تغزله فاطمة ، فأعطاه (شمعون) ما أراد، فأخذ الشعير في ردائه والصوف تحت حضنه ودخل منزله، فأفرغ الشعير وألقى بالصوف، وقامت فاطمة إلى صاع من الشعير فطحنته وعجنته، وخبزت منه خمسة أقراص، وصلّى عليٌّ مع رسول الله المغرب ودخل منزله ليفطر فقدّمت إليه فاطمة خبز شعير وملحاً جريشاً وماء قراحاً، فلمّا دنوا ليأكلوا وقف مسكين بالباب فقال: السَّلام عليكم أهل بيت محمّد، مسكين من أولاد المسلمين أطعمونا أطعمكم الله من موائد الجنّة فقال عليٌّ:

فاطمُ ذاتَ الرشد واليقينْ

يا بنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين

جاء إلينا جائع حزين

قد قام بالباب له حنين

يشكو إلى الله ويستكين

كل إمرئٍ بكسبه رهين

فأجابته فاطمة وهي تقول:

أمرك عندي يا ابن عمّ طاعة

ما بي لؤم، لا ولا ضراعة

فأعطه ولا تدعه ساعة

نرجو له الغياث في المجاعة

ونلحق الأخيار والجماعة

وندخل الجنّة بالشفاعة

فدفعوا إليه أقراصهم، وباتوا ليلتهم لم يذوقوا إلّا الماء القراح.

فلمّا أصبحوا عمدت فاطمة إلى صاع آخر فطحنته وعجنته وخبزته خمسة أقراص وصاموا يومهم، وصلّى عليٌّ مع رسول الله صلى الله عليه وآله المغرب ودخل منزله ليفطر فقدّمت إليه فاطمة خبز شعير وملحا جريشاً وماءً قراحاً، فلمّا دنو ليأكلوا وقف يتيم بالباب فقال: السّلام عليكم (يا) أهل بيت محمّد، يتيم من أولاد المسلمين، استشهد والدي مع رسول الله يوم أحد، أطعمونا، أطعمكم الله على موائد الجنّة، فدفعوا إليه أقراصهم وباتوا يومين وليلتين لم يذوقوا إلّا الماء القراح.

فلمّا أن كان في اليوم الثالث عمدت فاطمة إلى الصاع الثالث وطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص، وصاموا يومهم وصلّى عليٌّ مع النبي المغرب ثمّ دخل منزله ليفطر، فقدّمت فاطمة خبز شعير وملحا جريشاً وماء قراحاً، فلمّا دنوا ليأكلوا وقف أسير بالباب فقال: السّلام عليكم يا أهل بيت النبوّة أطعمونا أطعمكم الله، فأطعموه أقراصهم، فباتوا ثلاثة أيّام ولياليها لم يذوقوا إلّا الماء القراح.

٢٦٤

فلمّا كان اليوم الرابع عمد عليٌّ - والحسن والحسين يرعشان كما يرعش الفرخ - وفاطمة وفضّة معهم فلم يقدروا على المشي من الضعف، فأتوا رسول الله، فقال:إلهي هؤلاء أهل بيتي يموتون جوعاً! فارحمهم يا ربّ واغفر لهم، هؤلاء أهل بيتي فاحفظهم ولا تنسهم ، فهبط جبرئيل وقال: يا محمّد إنّ الله يقرأ عليك السلام ويقول:قد استجيبت دعائك فيهم، وشكرت لهم ورضيت عنهم واقرأ: ( إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً ) إلى قوله:-( إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً ) ] .

وروى الحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٤٦٣ ط٣ في الحديث ١٠٥٦ قال: فرات بن إبراهيم الكوفي، حدّثنا محمد بن إبراهيم بن زكريّا الغطفاني، قال: حدّثني أبو الحسن هاشم بن أحمد بن معاوية -بمصر-، عن محمد بن بحر، عن روح بن عبد الله، قال: حدّثني جعفر، عن أبيه عن جدّه، قال:

مرض الحسن والحسين مرضا شديداً فعادهما محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر وعمر، فقال عمر لعليٍّ: لو نذرت لله نذراَ واجباً.

وساق الحديث بطوله إلى قوله: فقال جبرئيل يا محمّد اقرأ:( إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ... ) الآيات.

وروى الحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٤٦٥ ط ٣ في الحديث ١٠٥٧ عن عبد الله بن عباس، قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن محمد الواعظ، أخبرنا عبد الله بن عمر بن أحمد الجوهري -بمرو سنة ستّ وستّين- أخبرنا محمود بن والان، حدّثنا جميل بن يزيد الجنوجردي، حدّثنا القاسم بن بهرام، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد: عن ابن عباس في قول الله تعالى:( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ‌ ) قال: مرض الحسن والحسين فعادهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعادهما عمومة العرب فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذرا، فقال عليٌّ: إن برئا صمت ثلاثة أيام شكرا، فقالت فاطمة كذلك، وقالت جارية لهم نوبية يقال لها فضّة كذلك، فألبس الله الغلامين العافية وليس عند آل محمّد قليل ولا كثير، فانطلق عليٌّ إلى شمعون الخيبري -وكان يهوديّا- فاستقرض منه ثلاثة أصوع من شعير فجاء به فقامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزته، وصلّى عليٌّ مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثمّ أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم مسكين فأعطوه الطعام. فلمّا كان اليوم الثاني قامت إلى صاع فطحنته واختبزته، وصلّى عليٌّ مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم يتيم....إلخ.

٢٦٥

وروى الحسكاني في شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٤٧٢ ط ٣، في الحديث ١٠٦٧، وبإسناده، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله تعالى:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً ) الآيات: نزلت في عليّ بن أبي طالب، أطعم عشاءه وأفطر على القراح.

روى الحسين بن الحكم الحبري في كتاب (ما نزل من القرآن في أهل البيت ع) ص ٨٨ قال: حدّثنا علي بن محمد، قال: حدّثني الحبري، قال: حدّثنا حسن بن حسين حدّثنا حبان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً ) الآيات: نزلت في عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، أَطْعَمَ عشاءه وأفطر على القراح.

وروى أحمد بن محمد العاصمي في سمط النجوم: ج ٢ ص ٤٧٤ في عنوان: (الآيات في شأن عليّ)، قال: ومنها قوله( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) قال ابن عباس: آجر عليٌّ نفسه فسقى نخيلا بشيء من شعير ليلة حتّى أصبح،فلمّا أصبح قبض الشعير فطحن منه فجعل منه شيئا ليأكلوا يقال له الحريرة: دقيق بلا دهن فلمّا تمّ نضاجه أتى مسكين يسأل، فقال: أطعموه إيّاه، وطوو يومهم، ثمّ صنعوا الثلث الثاني، فلمّا تمّ نضاجه أتى يتيم فسأل فقال: أطعموه إيّاه، ثمّ صنعوا الثلث الباقي (فلما تمّ نضاجه) أتى أسير من المشركين فسأل فقال: أطعموه إيّاه فأطعموه إيّاه وطووا يومهم فنزلت.

وهذا قول الحسن وقتاده، (و) أنّ الأسير كان من المشركين.

روى الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في تفسيره مجمع البيان: ج ٢٩ ص ٤٠٤ ط دار إحياء التراث العربي بيروت، قال: قد روى الخاص والعام أنَّ الآيات من هذه السورة وهي قوله:( إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ ) إلى قوله:( وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً ) نزلت في عليٍّ وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، وجارية لهم تسمّى فضّة، وهو المروي عن ابن عباس ومجاهد وأبي صالح. (والقصّة طويلة)؛ جملتها أنّهم قالوا: مرض الحسن والحسينعليه‌السلام فعادهما جدّهما صلى الله عليه وآله وسلم ووجوه العرب وقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذرا، فنذر صوم ثلاثة أيام إن شفاهم الله سبحانه ونذرت فاطمةعليه‌السلام كذلك وكذلك فضّة فبرءا وليس عندهم شيء، فاستقرض عليٌّعليه‌السلام ثلاثة أصوع من شعير من يهودي، وروى أنّه أخذها ليغزل له صوفا وجاء به إلى فاطمةعليه‌السلام فطحنت صاعا منها فاختبزته وصلّى عليٌّ المغرب وقربته إليهم، فأتاهم مسكين يدعولهم وسألهم فأعطوه ولم يذوقوا إلّا الماء، فلمّا كان اليوم الثاني أخذت صاعا فطحنته وخبزته وقدّمته إلى عليٍّعليه‌السلام ،

٢٦٦

فاذا يتيم في الباب يستطعم فأعطوه ولم يذوقوا إلّا الماء فلمّا كان اليوم الثالث عمدت إلى الباقي فطحنته واختبزته وقدّمته إلى عليٍّعليه‌السلام ، فاذا أسير بالباب يستطعم فأعطوه ولم يذوقوا إلّا الماء، فلمّا كان اليوم الرابع وقد قضوا نذورهم أتى عليّعليه‌السلام ومعه الحسن والحسين إلى النبيصلى الله عليه وآله وسلم وبهما ضعف، فبكى رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم ، ونزل جبرئيل بسورة هل أتى، وفي رواية عطاء عن ابن عباس: أنَّ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام آجر نفسه ليستقي نخلا بشيء من شعير ليلة، حتّى أصبح فلمّا أصبح وقبض الشعير طحن ثلثه فجعلوا منه شيئا ليأكلوه يقال له الحريرة، فلمّا تمّ إنضاجه أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام، ثمّ عمل الثلث الثاني، فلمّا تمّ إنضاجه أتى يتيم فسأله فأطعموه، ثمّ عمل الثلث الثالث، فلمّا تمّ إنضاجه أتى أسير من المشركين فسأل فأطعموه وطووا يومهم ذلك.

ذكره الواحدي في تفسيره، وذكر علي بن إبراهيم أنّ أباه حدّثه عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال:[كان عند فاطمة شعير فجعلوه عصيدة فلمّا أنضجوها ووضعوها بين أيديهم جاء مسكين، فقال المسكين: رحمكم الله فقام عليٌّ فأعطاه ثلثها، فلم يلبث أن جاء يتيم فقال اليتيم: رحمكم الله فقام عليّ عليه‌السلام فأعطاه الثلث، ثمّ جاء أسير فقال الأسير: رحمكم الله فأعطاه عليّ عليه‌السلام الثلث الباقي وما ذاقوا، فأنزل الله سبحانه الآيات فيهم، وهي جارية في كل مؤمن فعل ذلك لله عزّ وجل]، وفي هذا دلالة على أنّ السورة مدنية وقال أبو حمزة الثمالي في تفسيره، حدّثني الحسن بن الحسن أبو عبد الله بن الحسن أنها مدنية، نزلت السورة كلّها في عليّ وفاطمة.

روى الخازن الشيخ علاء الدين علي بن محمد البغدادي الشهير بالخازن المتوفّى (٧٢٥) عند تفسير هذه الآيات في سورة الانسان، موضوع البحث عن (هل أتى) وبروايته عن ابن عباس: أنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - وذلك أنّه عمل ليهودي بشيء من شعير، فقبض ذلك الشعير فطحن منه ثلثه وأصلحوا منه شيئا يأكلونه، فلمّا فرغ أتى مسكين فسأل فأعطوه ذلك، ثمّ عمل الثلث الثاني، فلمّا فرغ أتى يتيم فسأل فأعطوه ذلك، ثمّ عمل الثلث الباقي، فلمّا تمّ نضجه أتى أسير من المشركين فسأل فأعطوه ذلك، وطووا يومهم وليلتهم فنزلت هذه الآيات.

روى الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، الخطيب البغدادي في المناقب ص ١٨٠، قال: إنَّ هذه السورة -سورة هل أتى- نزلت في عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين.

روى المولى حيدر علي بن محمد الشرواني في كتابه (ما روته العامّة من مناقب أهل البيت) ص ٧٩ مطبعة المنشورات الإسلامية، قال - في مناقب عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام - الخامسة عشرة: سورة (هل أتى)،

٢٦٧

قال الزمخشري في الكشّاف: وعن ابن عبّاس: أنّ الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله في ناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك فنذر عليٌّ وفاطمة وفضّة -جارية لهما- إن برئا ممّا بهما أن يصوموا ثلاثة أيّام، فشفيا، وما معهم شيء، فاستقرض عليّ من شمعون الخيبريّ اليهوديّ ثلاث أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل، فقال: السَّلام عليكم أهل بيت محمّد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلّا الماء وأصبحوا صياماً.

فلمّا أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم، وقف عليهم يتيم، فآثروه، ووقف عليهم في الثالثة أسير، ففعلوا مثل ذلك.

فلمّا أصبحوا أخذ عليٌّ بيد الحسن والحسين، وأقبلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلمّا أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع، قال:[ما أشدَّ ما يسوءني ما أرى بكم]، فانطلق معهم، فرآى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها(١) وغارت عيناها، فساءه ذلك، فنزل جبرئيلعليه‌السلام وقال: خذها يا محمّد، هنّاك الله في أهل بيتك، فأقرأه السورة(٢) .

قال البغوي في تفسيره: وروي عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس: أنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب، ثمّ قال بعد ذكر القصّة: وهذا قول الحسن وقتادة انتهى.

وروى نزولها فيهم صلوات الله عليهم البيضاوي في تفسيره(٣) ، والثعلبي على وجه مبسوط(٤)

وذكر محي الدين بن العربي الصوفي في تفسيره ج ٢ ص ٧٤١ قال:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ ) - في حالة احتياجهم إليه لسدّ خلّة الجوع من يستحقّه، ويؤثرون به غيرهم على أنفسهم، كما هو المشهور عن قصّة عليّ وأهل بيته عليهم الصّلاة والسّلام في شأن نزول الآية من الإيثار بالفطور على المستحقّين الثلاثة، والصبر على الجوع والصوم ثلاثة أيام.

روى العلّامة السيد محمد حسين الطباطبائي، عن تفسير (تلخيص الدرر) في تفسير سورة( هَلْ أَتَى ) في الورق ٣٩١ قال: قال سهل بن عبد الله التستري: نزلت، الآية في عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وكان الحسن والحسين قد مرضا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه عيادة لهم وقال لعليّ:[لو نذرت بشيء ؟]

____________________

١- بطنها بظهرها ظ.

٢- تفسير الكشاف: ج ٤ ص ١٩٧.

٣- أنوار التنزيل: ج ٢ ص ٢٥٦.

٤- الكشف والبيان: ٢٧٨.

٢٦٨

فنذر (عليٌّ) إن شفاهما الله تعالى أن يصوم ثلاثة أيام، وليس لهم شيء من الطعام في ذلك اليوم، فلمّا ظهر عليهما علامة الصحّة أصبح صائما، وفاطمة وجارية لهما في البيت كلّهم صائمون، فاستقرض عليٌّ من شمعون اليهودي الخيبري ثلاثة أصوع شعير، فطحنت فاطمة منها شيئا واختبزت خمسة أقراص، فلمّا كان عند الإفطار جاء سائل وقال... فأطعموه الكل وناموا جائعين، ثمّ صاموا غدا... فنزل جبرئيل بهذه السورة وقيل قوله:( إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ ) إلى قوله:( شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً ) نزلت بالمدينة.

وروى السيد الطباطبائي في تفسيره الميزان: ج ٢٩ ص ١٣٢ طبعة مؤسسة إسماعيليان، قال: وفيه- أي في الدلائل، للبيهقي- أخرج ابن مردويه، عن ابن عباس في قوله تعالى:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ ) ، الآية نزلت هذه الآية في عليّ بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أقول: الآية تشارك سائر آيات صدر السورة ممّا تقدّم عليها أو تأخّر عنها في سياق واحد متّصل، فنزولها فيهما عليهما السلام لا ينفكّ نزولها جميعا بالمدينة.

وفي الكشّاف: وعن ابن عبّاس أنّ الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في ناس معه فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك (ولديك. ط)، فنذر عليّ وفاطمة وفضّة - جارية لهما- إن برءا ممّا بهما أن يصوموا ثلاثة أيّام فشفيا وما معهم شيء. فاستقرض عليّ من شمعون الخيبريّ اليهوديّ ثلاثة أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل فقال: السَّلام عليكم أهل بيت محمّد مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلّا الماء وأصبحوا صياماً. فلمّا أمسوا و وضعوا الطعام بين أيديهم، وقف عليهم يتيم فآثروه، ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك. فلمّا أصبحوا أخذ عليٌّ بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلمّا أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع، قال:[ما أشدّ ما يسوءني ما أرى بكم]، فانطلق معهم فرآى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها(١) ببطنها وغارت عيناها، فساءه ذلك فنزل جبرئيل وقال: خذها يا محمّد هَنَّاك الله في أهل بيتك، فأقرأه السورة.

أقول: (قول السيد الطباطبائي): الرواية مرويّة بغير واحد من الطرق عن عطاء عن ابن عبّاس، ونقلها البحراني في غاية المرام عن أَبي المؤيّد الموفّق بن أحمد، في كتاب فضائل أمير المؤمنين بإسناده عن مجاهد، عن ابن عبّاس، وعنه بإسناد آخر عن الضحّاك، عن ابن عبّاس، وعن الحموينيّ في كتاب فرائد السمطين بإسناده، عن مجاهد عن ابن عباس، وعن الثعلبيّ بإسناده عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، ورواه في المجمع أي الطبرسي عن الواحدي في تفسيره.

____________________

١- بطنها بظهرها ظ.

٢٦٩

وفي المجمع بإسناده عن الحاكم، بإسناده عن سعيد بن المسيب، عن عليّ بن أبي طالب أنه قال: سألت النبيّ عن ثواب القرآن: فأخبرني بثواب سورة سورة على نحو ما نزلت من السماء.

فأوّل ما نزل عليه بمكّة: فاتحة الكتاب، ثمّ إقرأ باسم ربّك، ثمّ - ن -، إلى أن قال: - وأوّل ما نزل بالمدينة سورة البقرة، ثمّ الأنفال، ثمّ آل عمران، ثمّ الأحزاب، ثمّ الممتحنة، ثمّ النساء، ثمّ إذا زلزلت، ثمّ الحديد، ثمَّ سورة محمّد، ثمّ الرعد، ثمّ سورة الرحمان، ثمّ هل أتى،... الحديث.

وقال الطباطبائي في الميزان ج ٢٩، ص ١٣٣: وفيه -في المجمع للطبرسي- عن أبي حمزة الثمالي في تفسيره، قال: حدّثني الحسن بن الحسن أبو عبد الله بن الحسن أنّها مدنيّة نزلت في عليٍّ وفاطمة السورة كلّها.

وفي تفسير القميّ: عن أبيه، عن عبد الله بن ميمون، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان عند فاطمة عليها السلام شعير فجعلوه عصيدة(١) - فلمّا أنضجوها ووضعوها بين أيديهم جاء مسكين، فقال: مسكين رحمكم الله، فقام عليٌّعليه‌السلام فأعطاه الثلث، فلم يلبث أن جاء يتيم، فقال: اليتيم رحمكم الله فقام عليٌّعليه‌السلام فأعطاه الثلث، ثمّ جاء أسير فقال الأسير: رحمكم الله فأعطاه عليٌّعليه‌السلام الثلث، وما ذاقوها فأنزل الله سبحانه الآيات فيهم وهي جارية في كل مؤمن فعل ذلك لله عزَّ وجلَّ.

أقول – القول للطباطبائي-: القصّة كما ترى ملخّصة في الرواية، وروى ذلك البحراني في غاية المرام عن المفيد في الاختصاص مسنداً وعن ابن بابويه في الأمالي بإسناده عن مجاهد، عن ابن عبّاس، وبإسناده عن سلمة بن خالد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام، وعن محمد بن العباس بن ماهيار في تفسيره، بإسناده عن أبي كثير الزبيريّ، عن عبد الله بن عبّاس، وفي المناقب أنّه مروي عن الأصبغ بن نباتة.

وفي الاحتجاج عن عليّعلي ه‌السلام في حديث يقول فيه للقوم بعد موت عمر بن الخطّاب:[نشدتكم بالله هل فيكم أحدٌ نزل فيه وفي وُلده ( إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً ) إلى آخر السورة، غيري]؟ قالوا: لا.

وفي كتاب الخصال، في احتجاج عليٍّ على أبي بكر قال: أُنشدك بالله أنا صاحب الآية( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) أم أنت؟ قال: بل أنت.

____________________

١- العصيدة: شعير يلت بالسمن ويطبخ.

٢٧٠

روى أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابوية القميّ في كتابه الخصال: ص ٥٤٨ في محاورة الإمام عليّعليه‌السلام مع أبي بكر حين تقمّص الخلافة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، وممّا قاله في مناشدته لأبي بكر: قالعليه‌السلام :[أنشدك بالله أَ لِيَ الولاية من الله مع ولاية رسول الله في آية زكاة الخاتم أم لك؟ قال (أبو بكر): بل لك، قالعليه‌السلام :أنشدك بالله، أنا المولى لك ولكل مسلم بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلميوم الغدير أم أنت؟ ، قال: بل أنت، قالعليه‌السلام :أنشدك بالله، ألي الوزارة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلموالمثل من هارون من موسى أم لك؟ قال: بل لك. قالعليه‌الس لام : أنشدك بالله، أ بِيَ برز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلموبأهل بيتي وولدي في مباهلة المشركين من النصارى أم بك وبأهلك وولدك؟ قال: بكم، قالعليه‌السلام :فأنشدك بالله أَ لِيَ ولأهلي وولدي آية التطهير من الرجس أم لك ولأهل بيتك؟ قال: بل لك ولأهل بيتك. قالعليه‌السلام :فأنشدك بالله، أنا صاحب دعوة رسول الله وأهلي وولدي يوم الكساء: أللّهم هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار، أم أنت؟ قال: بل أنت وأهلك وولدك. قالعليه‌السلام :فأنشدك بالله أنا صاحب الآية ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) أم أنت؟ قال: بل أنت قال:عليه‌السلام فأنشدك بالله، أنت الفتى الذي نودي في السماء ((لا سيف إلّا ذو الفقار ولا فتى إلّا عليّ)) ؟ قال: بل أنت قالعليه‌السلام فأنشدك بالله، أنت الذي ردّت له الشمس لوقت صلاته فصلّاها ثمّ توارت أم أنا] ؟ قال: بل أنت.... إلى آخر المناشدات.

روى السيد مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي من كتابه (نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار) ص ١٢٤-١٢٦ قال: عن الشيخ الأكبر، أنّ عبد الله بن عباس قال: في قوله تعالى:( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) : مرض الحسن والحسينرضي‌الله‌عنهما وهما صبيّان فعادهما رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه أبو بكر وعمر، فقال عمر لعليّرضي‌الله‌عنه : يا أبا الحسن لو نذرت عن ابنيك نذرا أنّ الله عافاهما، قال: أصوم ثلاثة أيام شكرا لله، قالت فاطمة: وأنا أصوم ثلاثة شكرا لله، وقال الصبيان: ونحن نصوم ثلاثة أيام، وقالت جاريتهما فضّة: وأنا أصوم ثلاثة أيام.

فألبسهما الله العافية فأصبحوا صياما وليس عندهم طعام، فانطلق عليّ إلى جار له من اليهود يقال له شمعون، يعالج الصوف، فقال له: هل لك أن تعطيني جزّة من صوف تغزلها لك بنت محمّد بثلاثة أصوع من شعير؟ قال: نعم فأعطاه فجاء بالصوف والشعير فأخبر فاطمة فقبلت وأطاعت، ثمّ غزلت ثلث الصوف فأخذت صاعاً من الشعير فطحنته وعجنتهرضي‌الله‌عنها وخبزته خمسة أقراص، لكل واحد قرصا، وصلّى عليّ مع رسول الله صلى الله عليه وآله المغرب، ثمّ أتى منزله فوضع الخِوانَ فجلسوا فأوّل لقمة كسرها عليّعليه‌السلام ، إذا مسكين واقف على الباب، فقال: السّلام عليكم يا أهل بيت محمّد، أنا مسكين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله من طعام الجنّة، فوضع عليٌّ اللقمة من يده ثمّ قال:

٢٧١

فاطم ذات الرشد واليقين

يا بنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين

جاء إلينا جائع حزين

قد قام بالباب له حنين

يشكو إلى الله ويستكين

كل إمرئٍ بكسبه رهين

فأجابته فاطمة وهي تقول:

أمرك عندي يا بن عمّ طاعة

ما بي لؤم لا ولا ضراعة

فأعطه ولا تدعه ساعة

نرجو له الغياث في المجاعة

ونلحق الأخيار والجماعة

وندخل الجنّة بالشفاعة

قال: فعمد إلى ما في الخوان فدفعه إلى المسكين وباتوا جياعا. وأصبحوا صياما، لم يذوقوا إلّا الماء القراح. ثمّ عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته، ثمّ أخذت صاعا فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد منهم قرص، وصلّى عليّ المغرب مع النبي صلى الله عليه وآله ثمّ أتى منزله، فلمّا وضعت الخِوان وجلس فأوّل لقمة كسرها عليّرضي‌الله‌عنه ، إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف على الباب وقال: السّلام عليكم أهل بيت محمّد، أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني ممّا تأكلون أطعمكم من موائد الجنة فوضع عليّرضي‌الله‌عنه اللقمة من يده وقال:

فاطم بنت السيّد الكريم

قد جاءنا الله بذا اليتيم

من يطلب اليوم رضا الرحيم

موعده في جنّة النعيم

فأقبلت السيدة فاطمةرضي‌الله‌عنها وقالت:

فسوف أعطيه ولا أبالي

وأُوثر الله على عيالي

أمسو جياعا وهمو أمثالي

أصغرهم يقتل في القتال

ثمّ عمدت إلى جميع ما كان في الخِوان فأعطته اليتيم، وباتوا جياعا لم يذوقوا إلّا الماء القراح وأصبحوا صياما. وعمدت فاطمة إلى باقي الصوف فغزلته، وطحنت الصاع الباقي وعجنته وخبزته خمسة أقراص، لكل واحد قرص، وصلّى عليّرضي‌الله‌عنه المغرب مع النبي صلى الله عليه وآله ثمّ أتى منزله، فقرّبت إليه الخِوان ثمّ جلس فأوّل لقمة كسرها، إذا أسير من أسارى المسلمين بالباب، فقال السّلام عليكم أهل بيت محمّد، إنّ الكفار أسّرونا وقيدونا وشدّونا فلم يطعمونا، فوضع عليٌّرضي‌الله‌عنه اللقمة من يده وقال:

٢٧٢

فاطمة بنت النبي أحمد

بنت نبيّ سيّد مسوّد

هذا أسير جاء ليس يهتدي

مكبّل في قيد المقيّد

يشكو إلينا الجوع والتشدد

من يطعم اليوم يجده في غد

عند العليّ الواحد الموحّد

ما يزرع الزارع يوما يحصد

فأقبلت فاطمةرضي‌الله‌عنها تقول:

لم يبق ممّا جاء غير صاع

قد دبرت كفّي مع الذراع

وابناي والله ثلاثاً جاعا

يا ربّ لا تهلكهما ضياعا

ثمّ عمدت إلى ما كان في الخوان فأعطته إيّاه، فأصبحوا مفرطين وليس عندهم شيء، وأقبل عليٌّ والحسن والحسين نحو رسول الله صلى الله عليه وآله وهما يرتعشان كالفرخين من شدة الجوع، فلمّا أبصرهما رسول الله صلى الله عليه وآله، قال:[يا أبا الحسن أشدّ ما يسوء لي ما أدرككم، إنطلقوا بنا إلى ابنتي فاطمة ، فانطلقوا إليها وهي في محرابها وقد لصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع وغارت عيناها، فلمّا رآها رسول الله صلى الله عليه وآله ضمّها إليه وقال:واغوثاه فهبط جبرئيلعليه‌السلام وقال: (يا محمّد، خذ ضيافة أهل بيتك) قال:وما آخذ يا جبرئيل؟ ] قال:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) إلى قوله:( وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً ) . (غرائب القرآن ورغائب الفرقان).

روى نظام الدين القميّ النيسابوري في تفسيره، الذي بهامش تفسير الطبري: ج ٢٩ ص ١١٢ قال:

ذكر الواحدي في البسيط والزمخشري في تفسير الكشّاف وكذا الاماميّة أطبقوا على أنّ السورة نزلت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله، ولا سيّما هذه الآية، ثمّ ذكر حديث الإطعام فقال: ويروى أنَّ السائل في الليالي جبرئيل، أراد بذلك إبتلاءهم بإذن الله سبحانه.

روى السيد محمود بن عبد الله الحسيني البغدادي الشافعي في تفسيره روح المعاني، عند تفسيره لسورة هل أتى، فأورد رواية كاملة عن عطاء، عن ابن عباس، وقال في آخرها فهبط جبرئيلعليه‌السلام فقال: خذها يا محمّد هنَّأك الله تعالى في أهل بيتك.

قال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم:[وما آخذ يا جبرئيل؟] فأقرأه:( هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ ) إلى آخر السورة.

وأورد الشيخ محمد بن علي النسوي في تفسير البيان في نزول القرآن -مخطوط- الصفحة الأولى من الورق ١٢٧ قال:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً )

٢٧٣

هذه الآية نزلت في شأن أهل البيتعليهم‌السلام ، وذلك أنّ الحسن والحسن مرضا مرضاً شديداً، فعادهما النبي صلى الله عليه وأصحابه... وأورد الحديث كاملا...

روى الموفّق بن أحمد الخوارزمي في كتاب مناقب عليّ بن أبي طالب: ص ١٩٨ - ٢٠٠ نصّ كتاب عمرو بن العاص، الذي يرد فيه على كتاب معاوية بن أبي سفيان له: وجاء فيه:

ويحك يا معاوية أما علمت أنّ أبا حسن بذل نفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبات على فراشه، وهو صاحب السبق إلى الإسلام والهجرة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:[هو منّي وأنا منه ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي وقد قال فيه يوم غدير خم:ألامن كنت مولاه فعليّ مولاه، أللّهم وآل من وآلاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله].

٢٧٤

وهو الّذي قال صلى الله عليه وآله فيه يوم الطير:[أللّهم إيتني بأحبّ خلقك إليك فلمّا دخل إليه قال:إليّ إليّ ، وقد قال فيه يوم بني النضير:عليٌّ إمام البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله ، وقد قال فيه:عليٌّ وليّكم بعدي ، وأكّد القول عليَّ وعليك وعلى جميع المسلمين وقال:إنّي مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، وقد قال: أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها].

وقد علمت يا معاوية ما أنزل الله تعالى في كتابه من الآيات المتلوّات في فضائله لا يشركه فيها أحد، كقوله تعالى:( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ... ) وقوله تعالى:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (١) وقوله( أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ) (٢) وقوله تعالى:( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ) (٣) وقد قال الله تعالى لرسوله:( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (٤)

أورد الشيخ الأميني عليه الرحمة الواسعة في كتابه الغدير: ج ٥ ص ٤٩٨ ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت أبياتا من شعر كمال الدين الشافعي في آل البيتعليهم‌السلام .

هم العروة الوثقى لمعتصم بها

مناقبهم جائت بوحي وإنزالِ

مناقب في الشورى وسورة هل أتى

وفي سورة الأحزاب يعرفها التالي

وهم أهل بيت المصطفى فودادهم

على الناس مفروضٌ بحكم وإسجالِ

فضائلهم تعلو طريقة متنها

رواة علوا فيها بشدّ وترحال

أشار بهذه الأبيات إلى عدّة من فضائل العترة الطاهرة ممّا نزل به القرآن الكريم في سورة الشورى وهل أتى والأحزاب أمّا الشورى ففيها قوله تعالى:( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً ) ، وأمّا هل أتى ففيها قول النازل فيهم( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) .

____________________

١- سورة المائدة: الآية ٥٥

٢- سورة هود: الآية ١٧.

٣- سورة الأحزاب: الآية ٢٣.

٤- سورة الشورى: الآية ٢٣.

٢٧٥

سورة النبأ

( عَمَّ يَتَسَاءلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ) النبأ: ١ - ٢

روى الحافظ عبيد الله بن أحمد المعروف بالحاكم الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٤٨٥ ط ٣، ط مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّه، قال في الحديث ١٠٨٢: فرات بن إبراهيم الكوفي، قال: حدّثني جعفر بن محمد الفزاري، حدّثنا محمد بن الحسين، عن محمد بن حاتم، عن أبي حمزة الثمالي،قال: سألت أبا جعفر عن قول الله تعالى:( عَمَّ يَتَسَاءلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ) فقال:[كان عليٌّ يقول لأصحابه: أنا والله النبأ العظيم الذي اختلف فيَّ جميع الأمم بألسنتها والله ما لله نبؤٌ أعظم منّي، ولا لله آيةٌ أعظم منّي].

وروى الحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٤٨٦ ط ٣، في الحديث ١٠٨٤ قال: أبو النضر (العياشي) في تفسيره، قال: حدّثني إسحاق بن محمد البصري، قال: حدّثني محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن حمّاد الأنصاري، عن أبان بن تغلب، قال: سألت أبا جعفر عن قول الله:( عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ) قال:[النبأ العظيم عليٌّ، وفيه اختلفوا لأنّ رسول الله ليس فيه اختلاف].

وأيضا ً روى الحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل: ج ٢ ص ١٠٨٦ ط ٣ وفي الحديث ١٠٨٥ قال:

وأخبرنا عقيل بن الحسين، حدّثنا علي بن الحسين، حدّثنا محمد بن عبيد الله، حدّثنا أبو بكر الآجري بمكّة، حدّثنا موسى بن إبراهيم الخوري، حدّثنا يوسف بن موسى القطّان، عن وكيع، عن سفيان، عن السديّ، عن عبد خير، عن عليّ بن أبي طالب قال: أقبل صخر بن حرب حتّى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: الأمر بعدك لمن؟ قال:[لمن هو منّي بمنزلة هارون من موسى فأنزل الله( عَمَّ يَتَسَاءلُونَ ) . يعني يسألك أهل مكّة عن خلافة عليّ( عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ) فمنهم المصدّق ومنهم المكذّب بولايته،( كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ) وهو ردّ عليهم، سيعرفون خلافته أنّها حقّ، إذ يسألون عنها في قبورهم فلا يبق منهم ميّت في شرق ولا غرب ولا برّ ولا بحر إلّا ومنكر ونكير يسألانه يقولان للميّتمن ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟ ومن إمامك؟].

جاء في (مناقب الكاشي) ص ٢١٣ المخطوط، بروايته عن الحافظ أبي بكر بن مؤمن الشيرازي في (رسالة الإعتقاد)، في قوله تعالى:( عَمَّ يَتَسَاءلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ) بإسناده إلى السديّ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنّه قال:[ولاية عليّ عليه‌السلام يتساءلون عنها في قبورهم، فلا يبقى ميّت في شرق، ولا في غرب، ولا في برّ، ولا في بحر، إلّا ومنكر ونكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام بعد الموت يقولان للميّت: مَن ربّك؟ وما دينك؟، ومَن نبيّك؟ ومن إمامك؟] .

٢٧٦

روى فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره ص ٢٠٢ المطبعة الحيدريّه في النجف الأشرف بإسناده إلى أبي حمزة الثمالي، قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، عن قول الله تعالى:( عَمَّ يَتَسَاءلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ) فقال: كان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يقول لأصحابه:[أنا، والله النبأ العظيم الذي اختلف فيه جميع الأُمم بألسنتها، والله ما لله نبأ أعظم منّي، ولا لله أيةٌ أعظم منّي].

وروى ابن روييش الأندونيسي في كتابه المقتطفات: ج ٢، ص ٣٢٤.. مطبعة أمير قال: روى القطّان في تفسيره، عن وكيع، عن سفيان، عن السدّي، عن عبد خير، عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال:[أقبل صخر بن حرب حتّى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: يا محمّد هذا الأمر بعدك لنا أم لمن؟ قال صلى الله عليه وآله: يا صخر الأمر بعدي لمن هو بمنزلة هارون من موسى، وقال: فأنزل الله تعالى: ( عَمَّ يَتَسَاءلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ) منهم المصدّق بولايته وخلافته، ومنهم المكذّب بهما، ثمّ قال: [كلّا] ردّ هو عليهم ( سَيَعْلَمُونَ ) خلافته بعدك أنّها حقّ، ( ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ) ، ويقول: يعرفون ولايته وخلافته إذ يُسأَلون عنها في قبورهم، فلا يبقى ميّت في شرق ولا في غرب، ولا في برّ ولا في بحر، إلّا ومنكر ونكير يَسألانِه عن الولاية لأمير المؤمنين بعد الموت، يقولان للميّت: مَنْ ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟ ومَنْ إمامك؟].

وروى علقمة أنّه خرج يوم صفّين رجل من عسكر الشّام وعليه سلاح ومصحف فوقه، وهو يقول: عمّ يتساءلون، فأراد البراز، فقالعليه‌السلام : مكانك، وخرج بنفسه وقال: أتعرف النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون؟ قال: لا، قال: والله إنّي أنا النبأ العظيم، الذي فيه اختلفتم، وعلى ولايتي تنازعتم، وعن ولايتي رجعتم بعدما قبلتم، وببغيكم هلكتم بعد ما بسيفي نجوتم، ويوم غدير قد علمتم، ويوم القيامة تعلمون ما علمتم، ثمّ علاه بسيفه فرمى رأسه ويده، ثمّ قال:

أبى الله إلّا أنّ صِفِّينَ دارُنا

وَدَاركُمُ ما لاحَ في الأُفْقِ كَوْكَبُ

وحتّى تموتوا أو نموتَ وما لَنا

وما لكم عن حومةِ الحرب مَهْربُ

وفي رواية الأصبغ، قالعليه‌السلام :[والله إنّي أنا ( النَّبَأ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ) حين أقف بين الجنّة والنّار، فأقول هذا لي، وهذا لكِ].

روى الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه الفقيه الصدوق في، عيون أخبار الرضاعليه‌السلام : ج ٢ ص ٦ الحديث ١٣ ط قم، بإسناده إلى الإمام الرضاعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن الحسينعليه‌السلام قال: قال رسول الله لعليّ:[يا عليُّ، أنت حجة الله، وأنت باب الله وأنت الطريق إلى الله، وأنت النبأ العظيم، وأنت الصراط المستقيم، وأنت المثل الأعلى].

٢٧٧

وجاء في تفسير الميزان: ج ٣٠ ص ١٦٣ ط إسماعيليان للسيد محمد حسين الطباطبائي، قال: في بعض الأخبار، أنَّ النبأ العظيم عليٌّعليه‌السلام .

( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً وَكَأْساً دِهَاقاً لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا كِذَّاباً جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَاباً ) النبأ: ٣١ - ٣٦

روى الحافظ الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٤٨٨ ط٣ طبعة مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّه، في الحديث ١٠٨٥ قال: أخبرنا عقيل، أخبرنا علي، حدّثنا محمد (بن عبيد الله بن مؤمن)، حدّثنا محمد بن حمّاد - بالبصرة - حدّثنا علي بن داود القنطري، حدّثنا مسدّد حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن الحسن: عن ابن عبّاس، (في قوله تعالى):( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً ) قال: هو عليّ بن أبي طالب، هو والله سيّد من اتّقى الله وخافه، اتّقاه عن ارتكاب الفواحش، وخافه عن اقتراب الكبائر،( مَفَازاً ) نجاة من النّار والعذاب، وقربا ً من الله في منازل الجنّة.

( لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً ) ألنبأ: ٣٨.

روى الحافظ عبيد الله بن أحمد المعروف بالحاكم الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٤٨٩ ط ٣، طبعة مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة في الحديث ١٠٨٧ قال: فرات (بن إبراهيم) قال: حدّثني القاسم بن الحسن بن حازم القرشي، حدّثنا الحسين بن علي النقّاد، عن محمد بن سنان، عن أبي حمزة الثمالي قال: دخلت على محمّد بن عليّ (فـ) قلت: يا ابن رسول الله حدّثني بحديث ينفعني، قال:[يا أبا حمزة كلّ يدخل الجنّة إلّا من أبى؟ قلت: (هل يوجد) أحد يأبى (أن) يدخل الجنّة؟ قال:نعم من لم يقل لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ، قلت إنّي تركت المرجئة والحروريّة وبني أُميّة يقولون: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله، فقال:أيهات أيهات إذا كان يوم القيامة سلبهم الله إيّاها، فلم يقلها إلّا نحن وشيعتنا والباقون منها براء، أما سمعت الله بقول: ( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً ) من قال: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] .

وروى الحافظ الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٤٨٩ ط ٣ في الحديث ١٠٨٨ قال:

(وفرات الكوفي أيضا): حدّثني علي بن محمد عمر الزهري، قال: حدّثني محمد بن العبّاس بن عيسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن صالح بن سهل، عن أبي الجارود، قال: قال أبو جعفر (في قوله تعالى):( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً ) قال:[إذا كان يوم القيامة خطف قول: لا إله إلّا الله من قلوب العباد في الموقف إلّا من أقرَّ بولاية عليّ وهو قوله: ( إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ ) من أهل ولاية عليّ، فهم الذين يؤذن لهم بقول لا إله إلّا الله].

٢٧٨

روى الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في تفسيره، مجمع البيان: ج ٣٠ ص ٤٢٧ ط دار إحياء التراث العربي - بيروت، قال: وروى معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئل عن هذه الأمّة فقال:[نحن والله المأذون لهم يوم القيامة والقائلون قال: جعلت فداك ما تقولون، قال:نمجد ربّنا ونصلّي على نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم، ونشفع لشيعتنا فلا يردّنا ربّنا].

روى السيد محمد حسين الطباطبائي في تفسيره، الميزان: ج ٣٠ ص ١٧٧ طبعة إسماعيليان، قال: وفي أصول الكافي بإسناده عن محمد بن الفضل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام ، قال:( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ ) الآية قال:[نحن والله المأذون لهم يوم القيامة، والقائلون صواباً . قلت ما تقولون إذا تكلمتم؟ قال:نمجد ربّنا ونصلّي على نبيّنا ونشفع لشيعتنا ولا يردّنا ربّنا] الحديث.

٢٧٩

سورة النازعات

( فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) النازعات: ٣٧ - ٤١

روى الحافظ الحاكم عبيد الله بن عبد الله بن أحمد المعروف بالحاكم الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٤٩١ ط ٣، طبعة مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة - في الحديث ١٠٨٩ قال: أخبرنا عقيل، أخبرنا علي بن الحسين حدّثنا محمد بن عبيد حدّثنا محمد بن عبيد بن إسماعيل الصفّار - بالبصره- حدّثنا علي بن حرب الطائي، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن مجاهد، عن ابن عبّاس، (في قوله تعالى):( فَأَمَّا مَن طَغَى ) يقول: علا وتكبّر وهو علقمة بن الحارث بن عبد الله بن قصي( وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) وباع الآخرة بالدنيا، فإنّ الجحيم هي مأوى من كان هَكذا،( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ ) يقول عليّ بن أبي طالب: خاف مقامه بين يدي ربّه وحسابه وقضاءه بين العباد فانتهى عن المعصية، ونهى نفسه عن الهوى، يعني عن المحارم التي تشتهيها النفس، فإنّ الجنّة هي مأواه خاصّة، ومن كان هكذا عاماً.

٢٨٠