النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء ٥

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين0%

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 348

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد فخر الدين
تصنيف: الصفحات: 348
المشاهدات: 45818
تحميل: 5032


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 348 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45818 / تحميل: 5032
الحجم الحجم الحجم
النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين

النّور المبين فيما نزل من القرآن في إمام المتّقين الجزء 5

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وفيه أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال: كنّا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأقبل عليٌّ فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله[والّذي نفسي بيده إنَّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ونزلت ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) ] فكان أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله إذا أقبل عليٌّ قالوا: جاء خير البريّة.

أقول: وروى هذا المعنى أيضا عن ابن عديّ، عن ابن عبّاس، وأيضاً عن ابن مردويه، عن عليّعليه‌السلام ، ورواه أيضاً في البرهان عن الموفّق بن أحمد في كتاب المناقب عن يزيد بن شراحيل الأنصاريّ كاتب عليّ عنه، وكذا في المجمع عن كتاب (شواهد التنزيل) للحاكم عن يزيد بن شراحيل عنه، ولفظه: سمعت عليّاً يقول:[قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلموأنا مسنده إلى صدري فقال: يا عليُّ ألم تسمع قول الله: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ هم شيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا اجتمع الأمم للحساب يدعون غُرّاً محجّلين].

٣٢١

وفي المجمع: عن مقاتل بن سليمان عن الضحّاك، عن ابن عبّاس في قوله:( هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) ، قال: نزلت في عليّ وأهل بيته.

روى القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي. نزيل مصر - القاهره- في كتابه شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ص ٢٠٢ ط ٢، مؤسسه النشر الإسلامي، قال فيما أورد في فضل عليعليه‌السلام :- وبآخر، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن عليّ، أنّه قال: أُنزلت في عليّعليه‌السلام وشيعته آيةً:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) قال: هو عليٌّ وشيعته.

أورد المولى حيدر علي بن محمد الشرواني في كتابه ما روته العامّة من مناقب أهل البيتعليهم‌السلام : ص ٧٧ مطبعة المنشورات الاسلاميّة، في الآيات النازلة في فضل الامام عليّعليه‌السلام ، في الفضيلة العاشرة، قال:

قال ابن حجر في الصواعق الآية الحادية عشر قوله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) أخرج الحافظ جمال الدين الزرندي، عن ابن عباس: أنّ الآية لما نزلت قال صلى الله عليه وآله لعليٍّ:[هو أنت وشيعتك تأتي يوم القيامة أنت وشيعتك راضين مرضيّين، ويأتي عدوّك غضاباً مقمحين].

قال ابن الاثير في النهاية: وفي حديث عليٍّ قال له النبي صلى الله عليه وآله:[ستقدم على الله وأنت وشيعتك راضين مرضيّين، ويرد عليه عدوّك غضاباً مقمحين] ثمَّ جمع يده إلى عنقه يريهم كيف الإقماح. الإقماح رفع الرأس وغضّ البصر، يقال، أقْمَحَهُ الغل إذا ترك رأسه مرفوعاً من ضيقه.

قال السيوطي في تفسيره: أخرج ابن عساكر، عن جابر قال: كنّا عند النبي صلى الله عليه وآله، فأقبل عليٌّ، فقال النبي صلى الله عليه وآله:[والّذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة، ونزلت: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) ] وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، إذا أقبل عليٌّ قالوا: جاء خير البريّة.

وأخرج ابن عديّ، وابن عساكر، عن أبي سعيد مرفوعاً:[عليٌّ خيرُ البريّة].

وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس، قال: لما نزلت:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعليّ:[هو أنت وشيعتك، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيّين].

وأخرج ابن مردويه عن عليّ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله:[ألم تسمع قول الله: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) ، أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الأمم للحساب تدعون غرّاً محجّلين].

٣٢٢

وأورد حيدر علي بن محمد الشرواني في مناقب أهل البيت: ص ١٧٧، قال - ابن حجر - في الصواعق أيضا: وأخرج الطبراني: أنّ عليّاً أتي يوم البصرة بذهب وفضّة فقال:[أبيضي واصفريّ، غرّي غيري، غرّي أهل الشام غداً إذا ظهروا عليك.

فشقّ قوله ذلك على الناس، فذكر له ذلك، فاذن في الناس فدخلوا عليه فقال:إنّ خليلي صلى الله عليه وآلهقال: يا عليُّ إنّك ستقدم على الله أنت وشيعتك راضين مرضيّين ويقدم عليه عدوّك غضاباً مقمحين] ثمّ جمع على يده إلى عنقه يريهم الإقماح.

وقال عند ذكره الآية العاشرة في آخر الفصل: وأخرج الديلمي:[يا عليّ إنّ الله قد غفر لك ولذريّتك ولولدك ولأهلك ولشيعتك ولمحبيّ شيعتك، فابشر فإنّك الأنزع البطين].

ثمّ روى خبر:[أنت وشيعتك تردون عليَّ الحوض رواءً مرويّين مبيضّة وجوهكم، وأنَّ عدوّك يردون عليَّ الحوض ظماء مقمحين].

٣٢٣

سورة العاديات

( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً ) العاديات: ١ -٥

ذكر العلّامة السيد محمد حسين الطباطبائي في تفسيره الميزان ج٢٠ ص ٣٤٧: في المجمع البيان: ج ٥ ص ٦٧٥ ط بيروت مؤسسة التاريخ العربي، قيل: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله سريّة إلى حيّ من كنانة، فاستعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاري أحد النقباء، فتأخّر رجوعم، فقال المنافقون: قتلوا جميعاً، فأخبر الله عنها بقوله:( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً ) عن مقاتل.

وقيل: نزلت السورة لما بعث النبي صلى الله عليه وآله عليّاًعليه‌السلام إلى ذات السلاسل فأوقع بهم، وذلك بعد أن بعث عليهم مراراً غيره من الصحابة فرجع كلّ منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله. وهو المرويّ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في حديث طويل. قال: وسمّيت هذه الغزوة ذات السلاسل لأنّه أُسّر منهم وقتل وسبي وشدَّ أسراهم في الحبال مكتفّين كأنّهم في السلاسل.

ولما نزلت السورة، خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الناس فصلى بهم الغداة وقرأ فيها( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً ) فلمّا فرغ من صلاته قال أصحابه: هذه سورة لم نعرفها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: نعم إنّ عليّاً ظفر بأعداء الله، وبشّرني بذلك جبرئيلعليه‌السلام في هذه الليلة، فقدم عليٌّ بعد أيام بالغنائم والأُسارى.

٣٢٤

وجاء في كتاب شواهد التنزيل: لابن رويش الأندونيسي ص ٢٢٤ وذكر ابن شهر آشوب في مناقبه: ج ٣ ص ١٤٠: في فصل (فيما ظهر منه - الإمام عليٌّعليه‌السلام - في غزوة السلاسل)، قال: قال أبو القاسم بن شبل الوكيل، وأبو الفتح الحفّار بإسنادها عن الصادقعليه‌السلام ومقاتل والزجّاج، ووكيع، والثوري، والسدّي، وأبو صالح، وابن عباس: أنّه أنفذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر في سبعمئة رجل، فلمّا صار إلى الوادي وأراد الإنحدار خرجوا إليه، فهزموه وقتلوا من المسلمين جمعاً كثيراً، فلمّا قدموا على النبي صلى الله عليه وآله بعث عمر فرجع منهزماً، فقال عمرو بن العاص: ابعثني يا رسول الله فإنّ الحرب خدعة، ولعلّي أخدعهم، فبعثه فرجع منهزماً، (وفي رواية) أنّه أنفذ خالداً فعاد كذلك، فساء النبي صلى الله عليه وآله ذلك فدعا عليّاً وقال: [أرسلته كرّاراً غير فرّار، فشّيعه إلى مسجد الأحزاب، فسار بالقوم متنكّباً عن الطريق، يسير بالليل ويكمن بالنّهار، ثمّ أخذ محجّة غامضة، فسار بهم حتّى استقبل الوادي من فمه، ثمّ أمرهم أن يعكموا الخيل وأوقفهم بمكان. وقال: لا تبرحوا ]، وانتبذ أمامهم وأقام ناحيةً منهم، فقال خالد، وفي رواية قال عمر: أنزلنا هذا الغلام في واد كثير الحيّات والهوام والسباع، إمّا سبع يأكلنا أو يأكل دوابنا وإمّا حيّات تعقرنا وتعقر دوابنا،وإمّا يعلم بنا عدوّنا فيأتينا ويقتلنا، فكلّموه: نعلو الوادي.

فكلّمه أبو بكر فلم يجبه، فكلّمه عمر فلم يجبه، فقال عمرو بن العاص إنّه لا ينبغي أن نضيع أنفسنا؟ انطلقوا بنا نعلو الوادي، فأبى ذلك المسلمون.

ومن كتاب شواهد التنزيل: لابن رويش الأندونيسي ص ٢٢٤ ومن روايات أهل البيتعليهم‌السلام : أنّه أبت الأرض أن تحملهم، قالوا فلمّا أحسَّ – (عليّعليه‌السلام ) - الفجر قال:[إركبوا بارك الله فيكم وطلع الجبل حتّى إذا انحدر على القوم وأشرف عليهم قال لهم:اتركوا عكمة دوابكم قال: فشمَّت الخيل ريح الإناث فصهلت فسمع القوم صهيل خيلهم فولّوا هاربين. وفي رواية مقاتل والزجاج: أنّه كبس القوم وهم غادون، فقال:يا هؤلاء، أنا رسول رسول الله إليكم، أن تقولوا لا إله إلّا الله محمّد رسول الله، وإلّا ضربتكم بالسيف، فقالوا: انصرف عنّا كما انصرف ثلاثة، فإنّك لا تقاومنا، فقالعليه‌السلام :إنّني لا أنصرف، أنا عليّ بن أبي طالب فاضطربوا، وخرج إليه الأشداء السبعة، وناصحوه وطلبوا الصلح فقالعليه‌السلام :إمّا الاسلام وإمّا المقاومة ، فبرز إليه واحد بعد واحد، وكان أشدّهم آخرهم، وهو سعد بن مالك العجليّ، وهو صاحب الحصن، فقتلهم فانهزموا، ودخل بعضهم في الحصن وبعضهم استأمَنُوا وبعضهم أسلموا وأتوه بمفاتيح الخزائن. قالت أم سلمة: انتبه النبي صلى الله عليه وآله من القيلولة، فقلت: الله جارك، مالك؟ فقال: أخبرني جبرئيل بالفتح، ونزلت:( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً ) ، فبشّر النبي صلى الله عليه وآله أصحابه بذلك، وأمرهم باستقباله والنبي صلى الله عليه وآله تقدَّمهم، فلمّا رأى عليّ النبي صلى الله عليه وآله ترجّل عن فرسه، فقال النبي صلى الله عليه وآله:اركب فإنَّ الله ورسوله عنك راضيان ، فبكى عليٌّ فرحاً، فقال النبي صلى الله عليه وآله:يا عليّ لولا أنّي أشفق أن تقول فيك طوائف من أُمّتي ما قالت النصارى في المسيح... ].

٣٢٥

وقد أخرج ابن المغازلي الخبر أيضاً، غير أنّه قال: بأنّ قول النبي صلى الله عليه وآله لعليّ: لما قدم بفتح خيبر.

روى ذلك في المناقب: ص ٣٧ برقم الحديث ٢٨٥ مسنداً، قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عبيد الله بن القصاب البيعرضي‌الله‌عنه ، حدّثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب المفيد الجرجرائي حدّثنا أبو الحسن عليّ بن سليمان بن يحيى، حدّثنا عبد الكريم بن علي، حدّثنا جعفر بن محمد بن ربيعة البجليّ، حدّثنا الحسن بن الحسين العرنيّ، حدّثنا كادح بن جعفر، عن عبد الله قال: لما قدم عليّ بن أبي طالب بفتح خيبر قال له النبي صلى الله عليه وآله:[يا عليُّ لولا أن تقول طائفة من أُمّتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالاً، لا تمرّ بملأ من المسلمين إلّا أخذوا التراب من تحت رجليك، وفضل طهورك، يستشفعون بهما، ولكن حسبك أن تكون منّي وأنا منك، ترثني وأرثك وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي، وأنت تبرىء ذمّتي، وتستر عورتي، وتقاتل على سنتي، وأنت غداً في الآخرة أقرب الخلق منّي، وأنت على الحوض خليفتي، وإنّ شيعتك على منابر من نور مُبيّضة وجوههم حولي، أشفع لهم ويكونون في الجنّة جيراني، وإنّ حربك حربي، وسلمك سلمي، وسريرتك سريرتي، وعلانيّتك علانيتي وإنّ ولدك ولدي، وأنت تقضي دَيني وأنت تنجز وعدي، وإنّ الحق على لسانك وفي قلبك ومعك وبين يديك ونصْب عينيك، الإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، لا يَرِدُ عليَّ الحوض مبغض لك، ولا يغيب عنه محبٌّ لك. فخرَّ عليٌّ ساجداً وقال: الحمد لله الذي مَنّ عليَّ بالإسلام، وعلّمني القرآن، وحببّني إلى خير البريّة، وأعزّ الخليقة، وأكرم أهل السماوات والأرض على ربّه، وخاتم النبيين وسيّد المرسلين وصفوة الله في جميع العالمين، إحساناً من الله العليّ إليّ، وتفضّلاً منه عليَّ. فقال له النبي صلى الله عليه وآله: لولا أنت يا عليُّ ما عُرِف المؤمنون بعدي لقد جعل الله عزّ وجلّ نسل كل نبي من صلبه، وجعل نسلي من صلبك. يا عليّ أنت أعزَّ الخلق وأكرمهم عليّ وأعزّهم عندي، ومحبّك أكرم من يرد عليّ من أمّتي ].

قال المحقق الفاضل محمد باقر المحمودي في تعليقه على الكتاب: أخرج ابن حاتم في علل الحديث:ج١ ص ٣١٣، والكراجكي في كنز الفوائد: ص ٢٨١، والخوارزمي في مقتل الحسينعليه‌السلام وفي المناقب: من ٢٤٥ وص٧٧ والكنجي الشافعي في كفاية الطالب: ص ٢٦٣، والهيثمي في شرح الزوائد: ج ٩ ص ٤٣١ وابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج: ج ٢ ص ٣٣٩ وقال: ذكره أحمد بن حنبل في مسنده. وذكر الإمام المظفر في دلائل الصدق: ج ٢ ص ١٥٦ عن الحلّي من قوله تعالى:( وَالْعَادِيَاتِ ) قال: أقسم الله تعالى بخيل جهاده في غزوة السلسلة لما جاء جماعة من العرب واجتمعوا على وادي الرملة ليبّيتوا النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة، فقال النبي صلى الله عليه وآله لأصحابه:[من لهؤلاء ؟ فقام جماعة من أهل الصُفّة فقالوا نحن، فولِّ علينا من شئت فأقرع بينهم فخرجت القرعة على ثمانين رجلاً منهم ومن غيرهم.

٣٢٦

فأمر أبا بكر بأخذ اللواء والمضي إلى بني سليم وهم ببطن الوادي، فهزموهم وقتلوا جمعاً كثيراً من المسلمين وانهزم أبو بكر. وعقد لعمر وبعثه فهزموه، فساء النبي صلى الله عليه وآله فقال عمرو بن العاص: ابعثني يا رسول الله، فأنفذه، فهزموهم وقتلوا جماعةً من أصحابه، وبقي النبي صلى الله عليه وآله أيّاماً يدعو عليهم. ثمّ طلب أمير المؤمنينعليه‌السلام وبعثه إليهم، ودعا له وشيّعه إلى مسجد الأحزاب، وأنفذ معه جماعة منهم أبو بكر وعمر وعمرو بن العاص، فسار الليل وكمن النهار حتّى استقبل الوادي من فمه، فلم يشك عمرو بن العاص أنّه يأخذهم، فقال لأبي بكر: هذه أرض سباع وذئاب وهي أشدّ علينا من بني سليم والمصلحة أن نعلوَ الوادي وأراد إفساد الحال، وقال: قل لأمير المؤمنينعليه‌السلام فقال له أبو بكر، فلم يلتفتعليه‌السلام إليه، ثمّ قال لعمر فلم يجبه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكبس على القوم الفجر فأخذهم، فأنزل الله تعالى( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً ) السورة. واستقبله النبي صلى الله عليه وآله فنزل أمير المؤمنين وقال له النبي صلى الله عليه وآله:لولا أن أَشفق أن يقول فيك طوائف من أُمتي ما قالت النصارى في المسيح، لقلت فيك اليوم مقالاً لا تمرّ بملأ منهم إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك، اركب فإنَّ الله ورسوله عنك راضيان] قال الإمام المظفر: وقد ورد مضمون هذا الخبر في جملة من أخبار القوم فضلاً عن أخبارنا فقد حكاه في: ينابيع المودَّة عن أحمد من مسنده من طريقين، وكذا عن موفّق ابن أحمد (الخوارزمي) وقال الشافعي فيما نسب إليه:

لو أنّ المرتضى أبْدى مَحلّه

لصار الخلق طُرّاً سُجّداً له

كفى في فضل مولانا عليٌّ

وقوعُ الشكّ فيه أنّه الله

أورد السيد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي في حواشي كتاب إحقاق الحق: ج ٣ ص ٣٤٤، عن العلّامة الشيخ الحلي في قوله تعالى:( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً ) ، قال: إنّ جماعة من العرب اجتمعوا على واد الرملة ليبيتوا النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة، فقال النبي صلى الله عليه وآله لأصحابه،[مَنْ لهؤلاء ؟ فقام جماعة من أهل الصفّة وقالوا: نحن فولِّ علينا من شئت فأقرع بينهم فخرجت القرعة على ثمانين رجلاً منهم ومن غيرهم، فأمر أبا بكر بأخذ اللواء والمضي إلى بني سليم، وهم ببطن الوادي، فهزموهم وقتلوا جمعاً من المسلمين، فانهزم أبو بكر. فعقد لعمر بن الخطاب وبعثه فهزموه، فساء النبي صلى الله عليه وآله فقال عمرو بن العاص: إبعثني يا رسول الله، فأنفذه، فهزموهم وقتلوا جماعة من أصحابه، وبقي النبي صلى الله عليه وآله أيّاماً يدعو عليهم -يدعو لمنازلتهم-.

٣٢٧

ثمّ طلب عليّاً وبعثه إليهم، ودعا له، وشّيعه إلى مسجد الأحزاب، وأنفذ معه جماعة منهم أبو بكر وعمر وعمرو بن العاص، فسار اللّيل وكمن النهار حتّى استقبل الوادي من فمه، فلم يشك عمرو بن العاص أنّه يأخذهم، فقال لأبي بكر: هذه أرض سباع وذئاب وهي أشدّ علينا من بني سليم، والمصلحة أن نعلوَ الوادي، -وأراد إفساد الحالة -، وقال: قل ذلك لأمير المؤمنينعليه‌السلام فقال له أبو بكر، فلم يلتفتعليه‌السلام إليه، ثمّ قال لعمر فقال له، فلم يجبه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكبس على القوم الفجر فأخذهم، فأنزل الله تعالى( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً ) واستقبله النبي صلى الله عليه وآله فنزل أمير المؤمنين عليٌّ وقال له النبي صلى الله عليه وآله:لولا أن أشفق أن يقول فيك طوائف من أُمتي ما قالت النصارى في المسيح، لقلت فيك اليوم مقالاً لا تمرّ بملأ منهم إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك، إركب فإن الله ورسوله عنك راضيان].

أورد الشيخ محمد حسن المظفر في كتاب دلائل الصدق: ج ٢ ص ١٥٦، عن الشيخ الحلي (قدس سره)، هذه.

وأخرج ابن المغازلي الحديث النبوي الشريف بحق الإمام عليٍّعليه‌السلام في المناقب: ص ٢٣٧ بالرقم ٢٨٥ وبإسناده عن جابر بن عبد الله، قال: لما قدم عليّ بن أبي طالب بفتح خيبر قال له النبي صلى الله عليه وآله:[يا عليُّ لولا أن تقول طائفة من أُمّتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالاً، لا تمرّ بملأ من المسلمين إلّا أخذوا التراب من تحت رجليك، وفضل طهورك، يستشفعون بهما، ولكن حسبك أن تكون مني وأنا منك، ترثني وأرثك وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي، وأنت تبرىء ذمتي، وتستر عورتي، وتقاتل على سنتي، وأنت غداً في الآخرة أقرب الخلق مني، وأنت على الحوض خليفتي، وإنَّ شيعتك على منابر من نور مُبيضّة وجوههم حولي، أشفع لهم ويكونون في الجنّة جيراني، وإنّ حربك حربي، وسلمك سلمي، وسريرتك سريرتي، وعلانيّتك علانيتي وإنّ ولدك ولدي، وأنت تقضي دَيْني وأنت تنجز وعدي، وإنَّ الحق على لسانك وفي قلبك ومعك وبين يديك ونصْب عينيك، الإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، لا يرد عليّ الحوض مبغض لك، ولا يغيب عنه محبٌّ لك . فخرَّ عليٌّ ساجداً وقال:الحمد لله الذي مَنّ عليّ بالإسلام، وعلّمني القرآن، وحببّني إلى خير البريّة، وأعزّ الخليقة، وأكرم أهل السماوات والأرض على ربّه، وخاتم النبيين وسّيد المرسلين وصفوة الله في جميع العالمين إحساناً من الله العليّ إليّ، وتفضلاً منه عليَّ .

٣٢٨

فقال له النبي صلى الله عليه وآله:لولا أنت يا عليُّ ما عُرف المؤمنون بعدي لقد جعل الله جلّ وعلا نسل كل نبي من صلبه، وجعل نسلي من صلبك يا عليُّ فأنت أعزُّ الخلق وأكرمهم علّي وأعزهم عندي،ومحبّك أكرم من يرد عليّ من أمّتي ].

وأورد الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في المنتخب من الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل: ص ٢٦٤ ط١ مؤسسة البعثة، قال: ونزلت سورة( وَالْعَادِيَاتِ ) ، وجيوش الإسلام لم تصل إلى المدينة بعد، وفي ذات اليوم صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالناس الغداة وقرأ( وَالْعَادِيَاتِ ) ، فلمّا فرغ من صلاته قال أصحابه: هذه سورة لم نعرفها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم[نعم إنَّ عليّاً ظفر بأعداء الله وبشّرني بذلك جبرائيل عليه‌السلام في هذه الليلة] ، فقدم عليٌّ بعد أيام بالغنائم والأسرى.

٣٢٩

سورة التكاثر

( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) التكاثر: ٨

روى الحافظ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق، المعروف بأبي نعيم الإصبهاني، في كتاب ما نزل من القرآن في عليّعليه‌السلام : ص ٢٨٥ ط١، الحديث ٧٩ قال: حدّثنا محمد بن عمر بن سالم (الحافظ الجعابي)، قال حدّثنا عبد الله بن محمد بن زياد، قال:حدّثنا جعفر بن علي بن نجيح، قال: حدّثنا حسن بن حسين، عن أبي حفص الصائغ، (عمرو بن راشد): عن جعفر بن محمّد عليهما السلام في قوله عزّ وجلّ:( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) قال:[عن ولاية عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ].

روى الشيخ سليمان ابن الشيخ إبراهيم القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودَّة: ص ١١١ - ١١٢. عن الحاكم البيهقي - الشافعي بسنده عن إبراهيم بن العباس الصولي الكاتب، قال: كنّا يوماً بين يدي عليّ بن موسى الرضارضي‌الله‌عنهما قال له بعض الفقهاء: إنَّ النعيم في هذه الآية هو الماء البارد.

فقال له - بارتفاع صوته – [وكذا فسّرتموه أنتم وجعلتموه على ضروب فقالت طائفة هو الماء البارد، وقال آخرون: هو النوم، وقال غيرهم: هو الطعام الطيّب، ولقد حدّثني أبي عن أبيه جعفر بن محمّد أنّ أقوالكم هذه ذكرت عنده فغضب وقال: إنّ الله لا يسأل عباده عمّا تفضَّل عليهم به ولا يمنُّ بذلك عليهم، وهو مستقبح من المخلوقين، كيف يضاف إلى الخالق جلَّت عظمته ما لا يُرضى للمخلوقين، ولكن النعيم حبُّنا أهل البيت ومولاتنا، يسأل الله عنه بعد التوحيد لله ونبوّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم لأنَّ العبد إذا وافى بذلك، أدّاه إلى نعيم الجنّة الذي لا يزول .

وقال أبي موسى: لقد حدّثني أبي جعفر. عن أبيه محمّد بن عليّ عن أبيه عليّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنهم قال:قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا عليُّ إنّ أوّل ما يسأل عنه العبد بعد موته: شهادة ألا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله وأنّك ولي المؤمنين بما جعله الله وجعلته لك، فمن أقرَّ بذلك وكان معتقده صار إلى النعيم الذي لا زوال له ].

وأخرج القندوزي أيضاً، عن الحافظ أبي نعيم، وبإسناده المذكور عن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الآية قال: صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الآية، قال صلى الله عليه (وآله) وسلم:[عن ولاية عليّ بن أبي طالب].

روى الشيخ الطبرسي في تفسيره مجمع البيان: ج ١٠ ص ٥٣٥ قال: وروي أنَّ أبا حنيفة سأل الإمام جعفر بن محمّد الصادق عن تفسير هذه الآية قال الإمام:

٣٣٠

[ما النعيم عندك يا نُعمان ؟ قال: القوت من الطعام والماء البارد، فقال:لئن أوقفك الله يوم القيامة بين يديه حتّى يسألك عن كل أكلة أكلتها وشربة شربتها ليطولنَّ وقوفك بين يديه، قال: فما النعيم جعلت فداك؟ قال:نحن أهل البيت النعيم الّذي أنعم الله بنا على العباد، وبنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين، وبنا ألَّف الله بين قلوبهم وجعلهم إخواناً بعد أن كانوا أعداء، وبنا هداهم الله للإسلام وهي النعمة الّتي لا تنقطع، والله سائلهم عن حقّ النعيم الّذي أنعم الله به عليهم وهو النبي صلى الله عليه وآله وسلموعترته].

روى الحافظ عبيد الله بن عبد الله بن أحمد المعروف بالحاكم الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٥٥٣ ط٣ مجمع إحياء الثقافة الإسلامية في الحديث-١١٦٠- قال: حدّثونا عن أبي بكر (محمد بن الحسين بن صالح) السبيعي، (قال) حدّثنا علي بن العبّاس المقانعي، حدّثنا جعفر بن محمد بن الحسين، حدّثنا حسن بن حسين، حدّثنا أبو حفص الصائغ (عمر بن راشد): عن جعفر بن محمّد في قوله تعالى:( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) قال:[نحن النعيم]، وقرأ:( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ) (١) .

وروى الحسكاني في شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٥٥٣، قال في الحديث ١١٦٢: (قال فرات) حدّثني علي بن محمد بن مخلد الجعفي، حدّثنا إبراهيم بن سليمان، حدّثنا عبيد بن عبد الرحمان التيمي، حدّثنا أبو حفص الصائغ، قال: قال عبد الله بن الحسن (في قوله تعالى):( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) (قال: يعني) عن ولايتنا والله يا أبا حفص.

روى الحافظ أبو نعيم الإصبهاني في كتاب خصائص الوحي المبين: ص ٩٥ ط١، وص ١٤٧ ط ٢ قال: حدّثنا محمد بن عمر بن سالم قال:حدّثنا عبد الله بن محمد بن زياد، قال: حدّثنا جعفر بن علي بن نجيح، قال: حدّثنا حسن بن حسين، عن أبي حفص الصائغ: عن جعفر بن محمّد عليهما السلام، في قوله عزّ وجلّ:( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) قال:[عن ولاية عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ] .

روى السيد هاشم البحراني في تفسيره، تفسير البرهان: ج ٤ ص ٥٠٢ ط٢ عند تفسيره لسورة التكاثر، بأسانيد عن محمد بن العباس بن الماهيار، قال:(قال) محمد بن العباس: حدّثني علي بن أحمد بن حاتم، عن حسن بن عبد الواحد، عن القاسم بن الضحاك، عن أبي حفص الصائغ: عن الإمام جعفر بن محمّد أنّه قال (في قوله تعالى):( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) [والله ما هو الطعام والشراب ولكن ولايتنا أهل البيت.] وأيضاً قال محمد بن العباس بن الماهيار: حدّثنا أحمد بن محمد الوّراق عن جعفر بن علي بن نجيح، عن حسن بن حسين، عن أبي حفص الصائغ: عن جعفر بن محمّد في قوله عزّ وجلّ:( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) قال:[نحن النعيم].

____________________

١- سورة الأحزاب: الآية ٣٧.

٣٣١

وأيضاً قال محمد بن العباس: حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن نجيح اليماني قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ما معنى قوله عزّ وجلّ:( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) ، قال:[النعيم الذي أنعم الله به عليكم من ولايتنا وحبّ محمّد وآله] وعنه، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن سعيد عن الحسن بن القاسم عن محمد بن عبد الله بن صالح، عن مفضل بن صالح، عن سعد بن عبد الله، عن أصبغ بن نُباتة: عن عليّعليه‌السلام قال (في قوله تعالى:)( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) قال:[نحن النعيم]. وعنه، عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد خالد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي الحسن موسى (بن جعفرعليه‌السلام ) في قوله عزّ وجلّ:( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) قال:[نحن نعيم المؤمن وعلقم الكافر].

وعنه قال: حدّثنا علي بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن إسماعيل بن بشّار عن علي بن عبد الله بن غالب: عن أبي خالد الكابلي، قال: دخلت على محمّد بن عليّعليه‌السلام فقدَّم طعاماً لم آكل أطيب منه فقال لي:[يا أبا خالد كيف رأيت طعامنا؟ قلت: جعلت فداك ما أطيبه، غير أنّي ذكرت أية في كتاب الله. فغضب، فقال:وما هي ؟ قلت:( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) فقال:والله لا تسأل عن هذا الطعام أبداً ثمّ ضحك حتّى افتر ضاحكاً وبدت أضراسه وقال:أتدري ما النعيم ؟ قلت: لا قال:نحن النعيم].

روى الشيخ الطوسي في أماليه: ج ١ ص ٢٧٨ ط الغري قال أخبرنا أبو عمر قال: حدّثنا أحمد (بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة): هو عمر بن راشد أبو سليمان:عن جعفر بن محمّد عليهما السلام في قوله (تعالى):( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) قال:[نحن النعيم].

وفي قوله تعالى:( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً ) قال:[نحن الحبل].

روى فرات الكوفي في تفسيره: ص ٢٢٩ بإسناده لأبي حفص الصائغ، قال سمعت جعفر بن محمّدعليه‌السلام في قوله تعالى:( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) قال:[نحن النعيم]، وقرأ:( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ) .

وروى فرات الكوفي في تفسيره: ص ٢٣٠ في تفسيره الآية الشريفة، قال: حدّثني علي بن محمد بن مخلد الجعفي، حدّثنا إبراهيم بن سليمان، حدّثنا عبيد بن عبد الرحمان التيمي، حدّثنا أبو حفص الصائغ، قال: قال عبد الله بن الحسن (في قوله تعالى):( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) قال:[يعني عن ولايتنا والله يا أبا حفص].

٣٣٢

روى العلّامة السيد محمد حسين الطباطبائي عليه الرحمة في تفسيره، الميزان: ج ٣، ص ٣٥٣ ط٥، مطبعة إسماعيليان، قال: وفي تفسير القميّ بإسناده عن جميل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قلت له:( لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) قال:[تسأل هذه الأمّة عمّا أنعم الله عليها برسوله ثمّ بأهل بيته].

وفي الكافي بإسناده عن أبي خالد الكابليّ قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام فدعا بالغذاء فأكلت معه طعاماً ما أكلت طعاماً أطيب منه قطّ ولا ألطف. فلمّا فرغنا من الطعام قال:[يا أبا خالد كيف رأيت طعامك؟ أو قال: طعامنا؟ ، قلت: جعلت فداك ما أكلت طعاماً أطيب منه قطّ ولا أنظف ولكن ذكرت الآية الّتي في كتاب الله عزّ وجلّ:( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم ) فقال أبو جعفرعليه‌السلام :إنّما يسألكم عمّا أنتم عليه من الحقّ].

وفيه بإسناده عن أبي حمزة قال: كنّا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام جماعة فدعا بطعام مالنا عهد بمثله لذاذة وطيباً وأُتينا بتمر تنظر فيه أوجهنا من صفائه وحسنه فقال رجل: لتسألن عن هذا النعيم الّذي تنعّمتم به عند ابن رسول الله، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام :[إنَّ الله عزّ وجلّ أكرم وأجلّ أن يطعم طعاماً فيسوّغكموه ثمّ يسألكم عنه إنّما يسألكم عمّا أنعم عليكم بمحمّد وآل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم].

أقول: وهذا المعنى مرويّ عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام بطرق أُخرى وعبارات مختلفة وفي بعضها أنّ النعيم ولايتنا أهل البيت، ويؤل المعنى إلى ما قدّمناه من عموم النعيم لكلّ نعمة أنعم الله بها بما أنّها نعمة.

بيان ذلك أنَّ هذه النعم لو سئل عن شيء منها فليست يسأل عنها بما أنّها لحم أو خبز أو تمر أو ماء بارد أو أنّها سمع أو بصر أو يد أو رجل مثلاً وإنّما يسأل عنها بما أنّها نعمة خلقها الله للإنسان وأوقعها في طريق كماله والحصول على التقرّب العبوديّ كما تقدّمت الإشارة إليه وندبه إلى أن يستعملها شكراً لا كفراً.

فالمسؤل عنها هي النعمة بما أنّها نعمة، ومن المعلوم أنّ الدالّ على نعيميّة النعيم وكيفيّة استعماله شكراً والمبيّن لذلك كلّه هو الدين الّذي جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونصب لبيانه الأئمّة من أهل بيته فالسؤال عن النعيم مرجعه السؤال عن العمل بالدين في كلّ حركة وسكون، ومن المعلوم أيضا أنّ السؤال عن النعيم الّذي هو الدين سؤال عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة من بعده الّذين افترض الله طاعتهم وأوجب اتّباعهم في السلوك إلى الله الذي طريقه استعمال النعم كما بيّنه الرسول والأئمّة.

وإلى كون السؤال عن النعيم سؤالاً عن الدين، يشير ما في رواية أبي خالد من قوله:[إنّما يسألكم عمّا أنتم عليه من الحق].

٣٣٣

وإلى كونه سؤالاً عن النعيم الّذي هو النبيّ وأهل بيته يشير ما في روايتي جميل وأبي حمزة السابقتين من قوله:[يسأل هذه الأمّة عمّا أنعم الله عليها برسوله ثمّ بأهل بيته] . أو ما في معناه، وفي بعض الروايات:[النعيم هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمأنعم الله به على أهل العالم فاستنقذهم من الضلالة.]، وفي بعضها أنَّ النعيم ولايتنا أهل البيت، والمآل واحد ومن ولاية أهل البيت افتراض طاعتهم واتّباعهم فيما يسلكونه من طريق العبوديّة.

أورد الحافظ رجب البرسي في الدرّ الثمين: ص ٢٠٨ ط ١، دار المجتبى، قال في بيان منزلة الإمام عليّعليه‌السلام :

ثمّ جعله النبأ العظيم، فقال:( عَمَّ يَتَسَاءلُونَ عنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ) (١) يعني ابن أبي طالبعليه‌السلام ،( الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ) (٢) من بعدك، فقوم يعبدونه، وقوم يجحدونه، وقوم يتّبعونه( كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ) (٣) ردعاً وتهديداً،( كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ ) (٤) عند الموت مكانه وفي القبر برهانه ويوم القيامة شأنه ومكانه.

____________________

١- سورة النبأ: الآيتان ١و٢.

٢- سورة النبأ: الآيتان ١و٢.

٣- سورة النبأ: الآية ٣.

٤- سورة التكاثر: الآية ٥.

٣٣٤

سورة العصر

( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ )

العصر : ١ - ٣

روى الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ المتوفّي: عام -٣١٠ هـ - في كتابة الولاية بإسناده عن زيد بن أرقم في سبب نزول الآية:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) المائدة: ٣ قال: لما نزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بغدير خم في رجوعه من حجّة الوداع، وكان وقت الضحى وحرّ شديد، أمر بالدوحات فقّمت ونادى: [الصّلاة جامعة فاجتمعنا فخطب خطبة ًبالغة، ثمّ قال: إنّ الله تعالى أنزل إليّ :( بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) .وقد أمرني جبرئيل عن ربّي أن أقوم في هذا المشهد، وأعلم كل أبيض وأسود: أنّ عليّ بن أبي طالب أخي ووصيي وخليفتي والإمام بعدي فسألت جبرئيل أن يستعفي لي ربّي لعلمي بقلّة المتّقين وكثرة المؤذين لي واللائمين، لكثرة ملازمتي لعليّ وشدّة إقبالي عليه. حتّى سمّوني أُذناً. فقال تعالى: ( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ ) (١) ولو شئت أن أسمّيهم وأدلّ عليهم لفعلت ولكنّي بسترهم قد تكرمت، فلم يرض الله إلّا بتبليغي فيه .

فاعلموا معاشر الناس ذلك، فانّ الله قد نصبه لكم وليّاً وإماماً، وفرض طاعته على كلّ أحد، ماض حكمه، جائر قوله، ملعون من خالفه، مرحوم من صدّقه، أسمعوا وأطيعوا، فإنّ الله مولاكم وعليٌّ (عليه‌السلام )إمامكم، ثمّ الإمامة في ولدي من صلبه إلى يوم القيامة، لاحلال إلّا ما أحلّه الله ورسوله، ولا حرام إلّا ما حرّم الله ورسوله وهم. فما من علم إلّا وقد أحصاه الله فيَّ ونقلته إليه؟ فلا تضلّوا عنه ولاتستنكفوا منه، فهو الذي يهدي إلى الحقّ ويعمل به، لن يتوب الله على أحد أنكره ولن يغفر له، حتماً على الله من يفعل ذلك أن يعذّبه عذاباً نكراً أبد آلابدين فهو أفضل الناس بعدي مانزل الرزق وبقى الخلق، ملعونٌ من خالفه. قولي عن جبريل عن الله، فلتنظر نفسٌ ما قدّمت لغد .

إفهموا محكم القرآن ولاتتبعوا متشابهه، ولن يفسّر ذلك إلّا من أنا آخذ بيده، وشايل بعضده، ومعلمكم :

____________________

١- سورة التوبة: الآية ٦١.

٣٣٥

أنّ من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، وموالاته من الله عزّ وجل أنزلها عَلَيَّ، ألا وقد أدّيت ألا وقد بلغت، ألا وقد أسمعت، ألا وقد أوضحت، لا تحلّ إمرة المؤمنين بعدي لاحد غيره. ثمّ رفعه إلى السماء حتّى صارت رجله مع ركبة النبي صلى الله وآله وسلم وقال: معاشر الناس، هذا أخي ووصيّي وواعي علمي وخليفتي على من آمن بي وعلى تفسير كتاب ربّي .

وفي وراية: أللّهم وال من ولاه وعاد من عاده، والعن من أنكره وأغضب على من جحد حقّه. اللّهم، إنّك أنزلت عند تبيين ذلك في عليّ :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) بإمامته، فمن لم يأتم به وبمن كان من ولدي من صلبه إلى يوم القيامه، فأولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون، إنّ إبليس أخرج آدم عليه‌السلام من الجنّة مع كونه صفوة الله، بالحسد فلا تحسدوا فتحبط أعمالكم وتزلّ أقدامكم، في عليّ نزلت سورة ( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ) معاشر الناس آمَنُوا بالله ورسوله والنّور الذي أنزل معه من قبل أن نطمس وجوها فنردّها على أدبارها ونلعنهم كما لعنّا أصحاب السبت. النّور من الله فيَّ،ثم في عليّ، ثمّ في النسل منه إلى القائم المهدي .

معاشر الناس، سيكون من بعدي أئمّةٌ يدعون إلى النار ويوم القيامه لا ينصرون، وإنّ الله وأنا برئيان منهم، إنّهم وأنصارهم وأتباعهم في الدرك الأسفل من النار، وسيجعلونها ملكاً إغتصاباً، فعندها يفرغ لكم أيّها الثقلان ويرسل عليكم شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ] وللحديث راجع كتاب إحقاق الحقّ: ج ٢ ص ٤١٩ إلى ٤٢٠ عن ضياء العالمين، نقلاً من كتاب شواهد التنزيل: لابن رويش الأندونيسي ص ٨ – ١٠.

روى الحافظ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق المعروف بأبي نعيم الاصبهاني في كتابه، ما نزل من القرآن في عليّعليه‌السلام ، في الحديث: ٧٨ ص ٢٨١ ط١، قال: حدّثنا أحمد بن محمد الصبيح، قال: حدّثنا حجاج بن يوسف (بن قتيبة) قال: حدّثنا بشر بن الحسين، عن الزبير بن عدي عن الضحّاك: (عن ابن عباس) في قوله تعالى:( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْر ) يعني أبا جهل لعنه الله( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) قال: (هو) عليّعليه‌السلام .

روى الشيخ عبد الحسين الأميني في كتابه الغدير: ج ٢ ص ٧٨ الطبعة الأولى المميّزة - مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، قال جلال الدين السيوطي في الدرّ المنثور: ج ٦ ص ٣٩٢

٣٣٦

أخرج ابن مردويه، عن ابن عباس في قوله تعالى:( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْر ) يعني أبا جهل بن هشام،( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) ، ذكر عليّاً وسلمان.

روى السيد محمد حسين الطباطبائي في تفسيره الميزان: ج ٣٠ من المجلد ٢٠ ص ٣٥٨ الطبعة الخامسة، مطبعة إسماعيليان، قال: في تفيسر القميّ بإسناده عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله تعالى:( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) ، فقال: استثنى أهل صفوته من خلقه.

أقول: وطبّق في ذيل الرواية الإيمان على الإيمان بولاية عليٍّعليه‌السلام ، والتواصي بالحقّ على توصيتهم ذرّياتهم وأخلافهم بها.

وفي الدرّ المنثور: أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله:( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْر ) يعني أبا جهل بن هشام( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) ذكر عليّاً وسلمان.

روى الحافظ عبيد الله بن عبد الله بن أحمد المعروف بالحاكم الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٥٥٧ ط ٣، في الحديث ١١٦٤ قال بإسناده، عن عمرو بن عبد الله،عن أبي أُمامة، قال: حدَّثني أُبي بن كعب، قال: قرأت على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلّم:( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْر ) أبو جهل بن هشام( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) ( وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) عليُّ بن أبي طالب.

وروى الحسكاني في شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٥٥٧، في الحديث ١١٦٥ بإسناده عن أبي أُمامة (صُدي بن عجلان)، عن أبي بن كعب قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْر ) فقلت: بأبي أنت وأُمّي يا رسول الله ما تفسيرها فقال:[ ( وَالْعَصْرِ ) قسمٌ من الله، أقسم ربّكم بآخر النّهار، ( إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْر ) (هو) أبو جهل بن هشام ،( وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) هو عليٌّ].

وكذلك روى الحسكاني في شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٥٥٨ في الحديث ١١٦٦ بإسناده عن الزبير بن عدي، عن الضحاك: عن ابن عباس، في قوله تعالى:( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْر ) قال: يعني أبا جهل،( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) عليٌّ وسلمان وعبد الله بن مسعودرضي‌الله‌عنهم .

وروى الحسكاني في شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٥٥٩ ط ٣ في الحديث ١١٦٧ بإسناده عن أبي سلمة بن عبد الرحمان، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله الله عزّ وجلّ:[ ( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْر ) أبو جهل بن هشام ،( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) عليٌّ وشيعته].

٣٣٧

وروى الحسكاني في شواهد التنزيل: ج ٢ ص ٥٦٠ ط ٣ في الحديث ١١٦٨ قال: (حدّثنا عقيل بن الحسين و حدّثنا علي بن الحسين بن قيدة الغسائي - أو النسائي -حدّثنا محمد بن عبيد الله أبو بكر ابن مؤمن)، حدّثنا الحسين الحمصيّ -بمكّة -، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدّثنا أبو نعيم، حدّثنا سفيان عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: جمع الله هذه الخصال كلّها في عليٍّ( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ) كان والله أوّل المؤمنين إيماناً،( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) وكان أوّل من صلّى وعبد الله من أهل الأرض مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،( وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ) يعني بالقرآن وتعلّم القرآن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان من ابناء سبع وعشرين سنة،( وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) يعني وأوصى محمّد عليّاً بالصبر عن الدنيا، وأوصاه بحفظ فاطمة، وبجمع القرآن بعد موته، وبقضاء دينه، وبغسله بعد موته، وأن يبني حول قبره حائطاً، لئلا تؤذيه النساء بجلوسهنَّ على قبره، وأوصاه بحفظ الحسن والحسين، فذلك قوله:( وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) .

وروى علي بن عيسى الأربلي في كشف الغمّة: ج ١ ص ٣٢٠ في العنوان: ما نزل من القرآن في شأن عليٍّ. بنقله عن ابن مردويه في كتاب (مناقب عليٍّعليه‌السلام ) و عن ابن عباس، قال:( إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْر ) يعني أبا جهل( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) عليٌّ وسلمان.

وعن ابن عباس في قوله تعالى:( وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) قال: إنّها نزلت في عليّعليه‌السلام .

٣٣٨

سورة الكوثر

( بِّسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ )

( انَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ )

ذكر العلّامة الطباطبائي في تفسيره، الميزان: ج ٢٠ ص ٣٧٠ ط إسماعيليان، قم قال: وقد استفاضت الروايات أنّ السورة إنّما نزلت فيمن عابه صلى الله عليه وآله وسلم بالبتر بعدما مات ابناه القاسم وعبد الله، وبذلك يندفع ما قيل: إنّ مراد الشانئ بقوله: (أبتر) المنقطع عن قومه أو المنقطع عن الخير فردّ الله عليه بأنّه هو المنقطع من كلّ خير.

ولما في قوله:( انَّا أَعْطَيْنَاكَ ) من الإمتنان عليه صلى الله عليه وآله جيء بلفظ المتكلّم مع الغير الدالّ على العظمة، ولما فيه من تطييب نفسه الشريفة أُكّدت الجملة بإنَّ وعبّر بلفظ الإعطاء الظاهر في التمليك.

والجملة لا تخلوا من دلالة على أنّ ولد فاطمة عليها السلام ذرّيّته صلى الله عليه وآله وهذا في نفسه من ملاحم القرآن الكريم فقد كثّر الله تعالى نسله بعده كثرة لا يعادلهم فيها أيّ نسل آخر مع ما نزل عليهم من النوائب وأفني جموعهم من المقاتل الذريعة.

وما يلي، نقلاً عن كتاب شواهد التنزيل: لابن رويش ٢٦٧ والشيخ الطبرسي في تفسيره، مجمع البيان: ج ٩ - ١٠: ص ٥٣٩ - ٥٥٠ ط دار إحياء التراث العربي -بيروت-: في ذكره الكوثر أقوالاً:

قيل: هو كثرة النسل والذريّة وقد ظهرت الكثرة في نسله من ولد فاطمة عليها السلام، حتّى لا يحصى عددهم واتصل إلى يوم القيامة مددهم.

ثمّ قال في تفسير معنى( شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) : معناه أنّ مبغضك هو المنقطع عن الخير، وهو العاص بن وائل، وقيل معناه: أنّه لا ولد له على الحقيقة. وأنّ من ينسب إليه ليس بولد له، قال مجاهد: الأبتر الّذي لا عقب له. وهو جوابٌ لقول قريش: إنّ محمّداً صلى الله عليه وآله لا عقب له، يموت فنستريح منه ويُدرَس دينه. إذ لا يقوم مقامه من يدعو إليه. فينقطع أمره.

ثمّ قال: وفي هذه السورة دلالات على صدق نبيّنا صلى الله عليه وآله وصحة نبوّته أحدها: أنّه أخبر عمّا في نفوس أعداءه وما جرى على ألسنتهم ولم يكن بلغه ذلك فكان على ما أخبر، وثانيها: أنّه قال:( أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) فانظر كيف انتشر دينه، وعلا أمره، وكثرت ذريّته حتّى صار نسبه أكثر من كل نسب ولم يكن شيء من ذلك في تلك الحال.

٣٣٩

الشوكاني في تفسيره، فتح القدير: ج ٥ ص ٥٠٤ ط عالم الكتب - بيروت - قال أحاديث دلّت على معنى الكوثر بأنّه الحوض. ثمّ قال في الأخير: وأخرج الطّبراني وابن مردويه عن أبي أيّوب قال: لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله مشى المشركون بعضهم إلى بعض فقالوا: إنّ هذا الصابئ قد بتر اللّيلة. فأنزل الله:( انَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) إلى آخر السورة.

وأخرج ابن سعد وابن عساكر من طريق الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عباس قال: كان أكبر ولد رسول الله صلى الله عليه وآله القاسم، ثمّ زينب، ثمّ عبد الله ثمّ أمّ كلثوم، ثمّ فاطمه، ثمّ رقية، فمات القاسم وهو أوّل ميّت من أهله وولده بمكّة، ثمّ مات عبد الله، فقال العاص بن وائل السهمي قد انقطع نسله فهو أبتر، فأنزل الله:( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) .

النيسابوري في تفسيره، غرائب القرآن: ج ٣ ص ١٧٥ بهامش جامع البيان: أورد عدّة أقوال في تسمية الكوثر:

القول الثالث: أنّ الكوثر أولاده لأنّ هذه السورة نزلت على من زعم أنّه صلى الله عليه وآله الأبتر، والمعنى: أنّه يعطيه بفاطمة نسلاً يبقون على مرّ الزمان، فانظر كم قتل من أهل البيت ثمّ العالم مملوءٌ منهم، ولم يبق من بني أميّة أحد يعبأ به، والعلماء الأكابر لاحدّ ولا حصر لهم. منهم الباقر، والصادق، والكاظم، والرضا، والتقي، والنقي، والزكي.

وقال في ص ١٨٠ في تفسير معنى الأبتر: قال عامّة أهل التفسير كابن عباس، ومقاتل والكلبي: إنّ العاص بن وائل وجمعاً من صناديد قريش يقولون أنَّ محمّداً أبتر، لا ابن له يقوم مقامه بعده، فإذا مات انقطع ذكره، واسترحنا منه، وكان قد مات ابنه عبد الله من خديجة، فأنزل الله تعالى هذه السورة كما مرّ.

والشنء: البغض، والشانىء: المبغض، والبتر في اللغة: إستئصال القطع. الأبتر: المقطوع الذنب. فأستعير للذي لا عقب له ولمن انقطع خبره وذكره.

فبيّن الله تعالى بهذه الصيغة المفيدة للحصر أنّ أُولئك الكفرة هم الذي ينقطع نسلهم وذكرهم، وأنّ نسل محمّد صلى الله عليه وآله ثابت باق إلى يوم القيامه، كما أخبر بقوله صلى الله عليه وآله كل حسب ونسب لينقطع، إلّا حسبي ونسبي وأنّ دين الله لا يزال يعلو ويزيد، والكفر يقهر، إلى أن يبلغ الدين مشارق الأرض ومغاربها.

قال بعض أهل العلم: إنّ الكفّار لما شتموه بأنّه أبتر، أجاب الله عنه بغير واسطة فقال:( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) وهذا سنّة الأحباب إذا سمعوا من يشتم حبيبهم تولّوا بأنفسهم جوابه.

٣٤٠