مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح0%

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح مؤلف:
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 354

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الدكتور علاء الدين السيد امير محمد القزويني
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 354
المشاهدات: 57970
تحميل: 4262

توضيحات:

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 354 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 57970 / تحميل: 4262
الحجم الحجم الحجم
مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

مؤلف:
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الإمام الثاني عشر عند الشيعة: «و أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنّهم حجتي عليكم وأنا حجة الله». يدلّ على أنّهم المرجع في كل الحوادث الواقعية بالقدر الذي يتصل بضمان تطبيق الإسلام على الحياة، لأنّ الرجوع إليهم بما هم رواة أحاديثهم وحملة الشريعة، يعطيهم الولاية، بمعنى القيمومة على تطبيق الشريعة وحقّ الإشراف الكامل عليها(1) . كما وعليهم القيام ببيان المسائل والأحكام والأنظمة الإسلامية وتقريبها إلى الناس من أجل إيجاد تربة صالحة تعيش على سطحها النظم والقوانين الإسلامية(2) .

إنّ نظام نيابة الفقيه عن الإمام المعصوم، يعني أن الولي الحقيقي هو الإمام، وهو الذي عيّن الفقيه نائباً عنه، وهذا هو الشكل المنسجم مع المنهج الشيعي. ولهذا يختلف نظام نيابة الفقيه وولايته عن الدكتاتورية في ثلاث نقاط:

الأولى : إن واضع القوانين الأساسية في دولة قائمة على أساس ولاية الفقيه هو الله تعالى لا الفقيه.

الثانية : إنّ الولاية ليست محصورة بفقيه معين، وإنّما هي لكل فقيه جامع للشروط، ويكون الكل أولياء يراقبون الولي المخول للحكم أو هيئة الفقهاء العاملة فعلاً في مجال القيادة، ويحدّون من أخطاء القيادة الحاكمة.

الثالثة : إنّ الولاية هنا لا تقوم على أساس القهر والغلبة،

_____________________

(1) محمد باقر الصدر: لمحة تمهيدية-ص24.

(2) الخميني: الحكومة الإسلامية-ص61.

٢٢١

وإنّما تتحقق بتحقق شروطها، وعمدتها: الاجتهاد، والعدالة، والكفاءة... وهي شروط تقود تصرفات ولي الأمر نحو الخط الصحيح، وتدع الأمّة مراقبة له، ولتوفر الشروط فيه، يكون مؤهّلاً للولاية. ومن هنا فإنّ دائرة الولاية محصورة ومحدودة بحدود مصلحة الأمّة. وهذا أيضاً يقود تصرفات الولي نحو الخط الصحيح، ويدع الأمّة المتربية على الالتفات إلى ذلك مراقبة له(1) . «و من هنا كان طرح المرجعية الرشيدة للحكومة الإسلامية شعاراً وهدفاً وحقيقة، تعبيراً عن ضمير الأمّة وتتويجاً لنضالها بالنتيجة الطبيعية وضماناً لاستمرار هذا الشعب في طريق النصر الذي شقّه له الإسلام»(2) .

وأمّا إذا خالف الفقيه ما جاء في الشريعة الإسلامية من أحكام، فإنّه ينعزل تلقائياً عن الولاية، لانعدام عنصر الأمانة والعدالة، فالحاكم الأعلى في الحقيقة هو القانون الإلهي، والجميع يستظلون بظلّه، والناس أحرار من يوم يولدون فيه في تصرفاتهم المشروعة، فليس لأحد على غيره أي حقّ، وليس لأحد بعد تنفيذ القانون الإلهي أن يجبر أحداً على اتّباع طريقة معينة في شؤون حياته، فحكومة الإسلام تطمئن الناس وتؤمنهم، ولا تسلبهم أمنهم واطمئنانهم، فالكل آمن على نفسه وماله وأهله وما يملك، لأنّه لا يحقّ للحاكم أن يخطو في الناس بما يتنافى والقانون الإلهي، ولهذا قد

_____________________

(1) السيد كاظم الحائري: أساس الحكومة-ص76-77.

(2) محمد باقر الصدر: لمحة تمهيدية-ص17-18.

٢٢٢

ائتمن الرسل الفقهاء على أن يقولوا ويعملوا ويقيموا حدود الله وأحكامه، ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، ويسيروا إلى تهذيب الإنسان خلقياً وعقائدياً وعملياً. إنّ الفقهاء هم الذين ينبغي أن يقودوا مسيرة الناس - حسب اعتقاد الشيعة - لئلا يندرس الإسلام وتذهب معالمه، وتعطل حدوده(1) .

هذه صورة موجزة عن ولاية الفقيه أردنا بيانها للدكتور الموسوي، وأنّ الحكومة الإسلامية من اختصاصها، ولهذا ورد عن النبي (ص): «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية». وقوله (ص): «من مات ولم تكن في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية». أي ميتة كفر.

_____________________

(1) الخميني: الحكومة الإسلامية-ص71-72.

٢٢٣

٢٢٤

«الزواج المؤقت»

يقول الدكتور الموسوي في صفحة «107»:

«كيف تستطيع أمّة تحترم شرف الأمّهات اللواتي جعل الله الجنة تحت أقدامهن وهي تبيح المتعة أو تعمل بها».

أقول:

«كيف تستطيع أمّة تحترم شرف الأمهات اللواتي جعل الله الجنّة تحت أقدامهنّ وهي تبيح نكاح الإماء وتعمل به بلا عقد ولا رضاء من الأمّة».

لا شك أنّ الدكتور الموسوي لا يقول بتحريم نكاح الإماء، مع أنّ هذا النوع من النكاح ليس فيه رضاء ولا قبول من المرأة، فهي مسلوبة الإرادة في هذا النكاح، وهو ثابت بإجماع المسلمين في قوله تعالى:( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴿5﴾ إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ... ) (1) ، وهذا بخلاف الزواج المؤقت الذى لا يكون إلّا بمحضّ إرادة المرأة وموافقتها.

_____________________

(1) سورة المؤمنون: الآيتان6،5.

٢٢٥

فأيّهما أقرب إلى شرف الأمهات اللواتي جعل الله الجنّة تحت أقدامهن، وأيّهما أقرب إلى العقل والمنطق؟ نكاح الإماء مع سلب الإرادة من قبل المرأة، أم نكاح المتعة مع كامل إرادتها ورضاها، فبماذا يجيب الدكتور الموسوي في تصحيحه؟ فإن قال في نكاح الإماء ما يقوله في الزواج المؤقّت، فقد خرج عن الإسلام، لنفيه ما ثبت بالضرورة من دين المسلمين، وإن قال بأنّ الزواج المؤقّت هو أقرب إلى شرف الأمهات من نكاح الأماء، فقد بطل قوله، وظهر فساد رأيه في تحريفه لدين الله وتحريمه لما أحلّه الله سبحانه سعياً وراء التخريب وتغيير أحكام الإسلام الثابتة بنصّ القرآن والسنّة الصحيحة.

ولهذا نقول للدكتور:

«فأي عاقل يرضى بأن تكون المرأة سلعة تباع وتشترى لأجل النكاح». فبماذا يجيب؟ وقد شرّعه الله سبحانه في قوله: «... أو ما ملكت أيمانهم...».

الزواج المؤقت:

قبل أن نشير إلى مشروعية الزواج المؤقت، أو نكاح المتعة الثابت بنصّ القرآن الكريم، والسنّة النبوية المتفق عليها، نشير إلى ما يقوله الدكتور في شروط الزواج الدائم والمؤقت، وشروط الطلاق لنرى جهالة هذا الرجل، فالذي لا يعرف شروط الزواج، ولا عدّة الطلاق، وهي من أبسط المسائل الفقهية، فكيف أجاز لنفسه

٢٢٦

التصحيح؟ فهو يعتبر أنّ عدّة المطلقة ثلاثة أشهر وعشرة أيام(1) ، ولا أدري من أين جاء بهذا الحكم المخالف لصريح القرآن، في قوله تعالى:( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ) (2) . أليس هذا تغييراً لما هو ثابت بنصّ القرآن الكريم. والدكتور الموسوي يقول كما في صفحة «73»:

«إذن فكرة ولاية الفقيه تتعارض مع نصّ الكتاب، ومن يعارض النصّ الإلهي يعتبر خارجاً عن الإسلام». وبهذا حكم الدكتور على نفسه بالخروج عن الإسلام، وذلك لمخالفته لنصوص القرآن الكريم. ولنعد إلى ما يقوله في شروط الزواج والطلاق:

يقول «حفيد الإمام الأكبر السيد أبو الحسن الموسوي الأصبهاني»(3) . الدكتور موسى الموسوي في صفحة «110 - 111»:

«و هنا أضع أمام القارئ صورتين للزواج أحدهما متفق عليه عند المسلمين جميعاً بما فيهم الشيعة، وهو الزواج الدائم، والثاني هو الزواج المؤقت أو المتعة والذي يفتي بجوازه فقهاء الشيعة الإمامية فقط، وأطلب من الشيعة أن يقولوا كلمتهم فيه:

_____________________

(1) انظر ص111 من كتاب الشيعة والتصحيح.

(2) سورة البقرة: الآية 228.

(3) انظر ترجمة المؤلف على ظهر الجلاد من نفس الكتاب.

٢٢٧

شروط الزواج المتفق عليه لدى المسلمين كافة

1-يتم الزواج بين الزوجين بتلفظ صيغة العقد أمام شاهدين

الزواج المؤقت المتفق عليه عند الشيعة الإمامية فقط

1- يتم الزواج بتلفظ صيغة العقد بدون شاهد

2- الرجل في حل من نفقة الزوجة

3- يجوز للرجل الجمع بين أعداد لا تحصى و بلا شرط

4- الزوجة لا ترث الزوج

5- موافقة الأب ليس شرطاً في كل الأحوال

6- مدة الزواج المؤقت قد تكون لربع ساعة...

شروط الطلاق

1- يقع الطلاق بحضور شاهدين عدلين وبتلفظ صيغة الطلاق

2-عدة الطلاق بالنسبة للمرأة ثلاثة شهور وعشرة أيام

شروط الطلاق

1- يقع الطلاق واسمه فسخ العقد بدون حضور الشاهدين وبكلمة فسخت أو وهبت المدة

٢٢٨

أقول : وبالنظر إلى هذه الشروط التي ذكرها الدكتور الموسوي نرى:

أولاً : إنّ الزواج لا يتم إلّا أمام شاهدين، وهذا جهل من الدكتور بشروط الزواج عند الشيعة، حيث أجمع الشيعة على عدم اشتراط الشهود في الزواج مطلقاً، سواء أكان دائماً أو منقطعاً، وهذا بخلاف علماء أهل السنّة، حيث اعتبروا الشهادة شرطاً في صحّة العقد.

ثانياً : عدّة الطلاق للمرأة المدخول بها ثلاثة قروء لمن تحيض، وليس ثلاثة شهور وعشرة أيام كما يدّعي الدكتور، بإجماع المسلمين نصّاً وفتوى، وأمّا من كانت في سن من تحيض ولا تحيض، فثلاثة شهور. يقول السيد أبو الحسن الموسوي:

«إذا طلّقت الحائل أو انفسخ نكاحها، فإن كانت مستقيمة الحيض بأن كانت تحيض في كل شهر مرة كما هو المتعارف في الأغلب، كانت عدّتها ثلاثة قروء... وإن كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض... كانت عدّتها ثلاثة أشهر...»(1) فالدكتور لم يطّلع في هذه المسألة حتى على رأي جدّه الإمام الأكبر، ولم يقرأ قوله تعالى: «و المطلقات يتربصن بأنفسهم ثلاثة قروء».

ثالثاً : وأمّا قوله في الزواج المؤقت، يجوز للرجل الجمع بين

_____________________

(1) السيد أبو الحسن الموسوي: وسيلة النجاة-ح2-ص375.

٢٢٩

أعداد لا تحصى، فهو منقوض بملك اليمين، كما أنّ ملك اليمين لا يشترط فيه العدد، فكذلك الزواج المؤقت.

رابعاً : وأمّا قوله: فالزوجة لا ترث الزوج، فهو ممنوع أشدّ المنع، ففي الشرع مواضع كثيرة لا ترث فيها الزوجة، كالزوجة الكافرة، والقاتلة، والمعقود عليها في المرض إذا مات زوجها قبل الدخول، كما أنّها قد ترث حقّ الزوجة مع خروجها عن الزوجية، كما لو طلّق زوجته في المرض ومات فيه بعد خروجها عن العدّة قبل انقضاء الحول. إذن فالإرث ليس من لوازم الزوجية. أمّا عدم إرث المتمتّع بها فممنوع، فقيل بأنّها ترث مطلقاً، وقيل ترث مع الشرط وقيل ترث إلّا مع شرط عدم الإرث، والتحقيق في المسألة يرجع إلى قواعد صناعة الاستنباط، ومقتضى الجمع بين الآيات، فإنّ المتمتّع بها زوجة يترتّب عليها جميع آثار الزوجة إلّا ما خرج بالدليل القاطع(1) .

وأمّا قوله في شروط الطلاق، وأنّه لا يقع إلّا بحضور شاهدين، فهو مخالف لمذهب أهل السنّة، فإنّهم لا يشترطون الشهادة على الطلاق، وهذا بخلاف علماء الشيعة، حيث اعتبروا الشهادة على الطلاق أمام شاهدين عادلين شرطاً في وقوع الطلاق. وهذا جهل من الدكتور أيضاً بشروط الطلاق.

وأمّا قوله في الزواج المؤقت: شروط الطلاق، يقع الطلاق

_____________________

(1) محمد الحسين آل كاشف الغطاء: أصل الشيعة وأصولها-ص104.

٢٣٠

واسمه فسخ العقد، فهو جهل من الدكتور بمسائل الفقه،لأنّ الزواج المؤقت لا طلاق فيه، حتى يجعل له شروطاً، وإنّما يقع الفراق بين الزوجين، إمّا بانتهاء المدة، أو أن يهب الزوج المدّة الباقية لزوجته وعليها العدّة مع الدخول.

«مشروعية الزواج المؤقت من الكتاب والسنّة»

يقول الدكتور الموسوي في صفحة «108»:

«يقول فقهاء الشيعة - سامحهم الله - إنّ المتعة كانت مباحة في عهد الرسول الكريم (ص) وفي عهد الخليفة أبي بكر وفي شطر من عهد الخليفة عمر بي الخطاب حتى حرّمها وأمر المسلمين بالكف عنها، وهم يستدلون على ذلك بروايات عديدة رويت في كتب الشيعة وبعض كتب السنّة.

أمّا الفرق الإسلامية الأخرى فتقول إنّها كانت عادة جاهلية عمل الناس بها في السنوات الأولى من عصر الرسالة حتى أن أمر النبي (ص) بتحريمها في يوم خيبر أو في حجة الوداع».

ويقول أيضاً: «و من المؤسف حقّاً أنّ بعض أعلام الشيعة - و منهم جدّه الإمام الأكبر(*) -انبرى للدفاع عن الزواج المؤقت

____________________

(*) يقول السيد أبو الحسن رحمة الله عليه في الجزء الثاني من وسيلة النجاة ص305: فصل في عقد النكاح وأحكامه، النكاح على قسمين: دائم ومنقطع، وكل منهما يحتاج إلى عقد مشتمل على إيجاب وقبول.. و يقول في ص337: القول في النكاح المنقطع، ويقال له المتعة والنكاح المؤجل - مسألة: النكاح المنقطع كالدائم في أنّه يحتاج إلى عقد =

٢٣١

وألفوا في ذلك الكتب وهم بذلك فخورون ورافعون الرؤوس. ولا أعتقد أنني أحتاج إلى عناء كثير لتوضيح الصورة الحقيقية لهذه البدعة المخلّة بالذوق والكرامة.. لكنني قبل ذلك أودّ أن أفند النظرية الفقهية التي تقول بالجواز، ثم أعرج على أكثر من ذلك لترى الشيعة فداحة الخطب وعظمة المصيبة. إنّ الزواج المؤقت أو المتعة حسب العرف الشيعي وحسبما يجوزه فقهائنا، «هكذا مكتوبة، والصحيح: فقهاؤنا»، هو ليس أكثر من إباحة الجنس بشرط واحد فقط، وهو أن لا تكون المرأة في عصمة رجل...».

أقول : أمّا قوله: «و لكنني قبل ذلك أودّ أن أفند النظرية التي تقول بالجواز...». فإنّه يقال للدكتور: إنّ من لم يعرف شروط الزواج الدائم، وعدّة المطلّقة، ورفع الفاعل، فهو أقل من أن يعرف كيف يفند الآراء الفقهية، فالدكتور يعتقد أنّ عدة المطلّقة ثلاثة أشهر وعشرة أيام، مخالفاً في ذلك النصّ القرآني القائل إنّ عدّة المطلّقة ثلاثة قروء. ومن لا يفرّق بين المسائل الفقهية وبين النظريات في قوله: «.... إنّ النظرية الفقهية...»، هل يستطيع معرفة القواعد والأصول التي تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي، مع أنّه لا توجد في الشريعة الإسلامية نظريات فقهية، ولهذا عرفوا علم الأصول، بأنّه العلم بالقواعد التي يمكن أن تقع في طريق الاستنباط، أو التي ينتهى إليها في مقام العمل. كما توجد بعض القواعد الفقهية، كقاعدة لا ضرر ولا ضرار، وقاعدة على

____________________

= مشتمل على إيجاب وقبول...». فالدكتور الموسوي قد حكم على جدّه ببدعة الزواج المؤقت المخلة بالذوق والكرامة

٢٣٢

اليد ما أخذت حتى تؤدّي وغير ذلك من القواعد والأصول التي يرجع إليها في مقام التحليل والتحريم. أمّا وجود نظريات تقول بالتحليل والتحريم، فهو سوء فهم، وعدم معرفة بقضايا الفقه وأصوله. ولهذا كان من المفروض أن لا يحشر الدكتور نفسه في زمرة العلماء والفقهاء. لئلا يقع في مثل هذه المخالفات التي لا تخفى على طلبة العلم، فكيف بمن يدّعي الاجتهاد والتصحيح.

وأمّا قوله في صفحة «109»: «إنّ النظرية الفقهية القائلة بأنّ المتعة حرّمت بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب، يفندها عمل الإمام علي الذي أقرّ التحريم في مدّة خلافته ولم يأمر بالجواز...». فهو افتراء على الإمام علي (ع)، بل افتراء على جميع المسلمين، كما سنشير إلى ذلك، فالمسلمون جميعاً قالوا بإباحتها ومشروعيتها، وإنّما الخلاف في تحريمها، فأقرّه قوم ونفاه آخرون.

ثم من أين علم الدكتور الموسوي، أنّ إقرار الإمام علي دليل على التحريم، والدكتور لا يعرف أبسط قواعد النحو؟ ولهذا ترك الجدل الفقهي في قوله صفحة «109»:

«و كما قلنا قبل قليل سأترك الجدل الفقهي جانباً لنلقي نظرة فاحصة على المتعة من زوايا أخرى...» إلى آخر مفترياته التي لا تنهض دليلاً حتى على العامة من الناس. كقوله في صفحة «110»:

«لقد أراد بعض فقهائنا - سامحهم الله - أن يصوروا المتعة وكأنّها فضل من الله حيث شرّع قانوناً شرعياً يمنع الرجل من الوقوع

٢٣٣

في البغاء، ولكن غرب عن بالهم أنّ الإسلام ليس دين الرجال فحسب، بل أنزل للناس كافة بما فيها النساء، وإنّ القوانين الإلهية والشرائع السماوية لم تنزل لإرضاء شهوات الناس وإشباع غرائزهم تحت غطاء الشرعية والقانون».

أقول : أمّا قوله: لقد أراد بعض فقهائنا، فهو قول باطل، وكلام زور، لأنّ القول بإباحة المتعة وشرعيّتها ممّا أجمع عليه المسلمون، سواء أكانوا من فقهاء الشيعة، أم من فقهاء أهل السنّة.

وإليك ما ورد في مشروعيتها من مصادر أهل السنّة دون الشيعة، لتعلم أيّها القارئ مفتريات الدكتور الموسوي:

إباحة الزواج المؤقت في القرآن الكريم والسنّة النبوية

هذا وقد دلّت الأدلة القطعية التي لا يمكن لأحد ردّها ولا إنكارها ولا التشكيك فيها، من الكتاب والسنّة وإجماع المسلمين وأقول أئمتهم على أنّ المتعة كانت مشروعة في صدر الإسلام ومباحة بنصّ القرآن، وإنّ كثيراً من الصحابة الكرام فعلوها في حياة النبي (ص) بأمره وإذنه وترخيصه، كما فعلوها بعد وفاته، ولم ينزل قرآن يحرّمها، ولم ينه عنها (ص) حتى مات، وإن نسخها عند من يقول بنسخها، نسخ لحكم شرعي ثابت بنصّ القرآن، لاختلاف من يقول بالنسخ، فمنهم من يقول: إنّها نسخت بالسنّة، مع أنّ السنّة من أخبار الآحاد، لا ينسخ الحكم الثابت بنصّ من القرآن، فكيف ينسخ ما هو ظنّي الصدور، وهو الخبر الواحد، لما هو قطعي الصدور، وهو الكتاب الكريم. وتارة يقولون بأنّ آية المتعة نسخت

٢٣٤

بآية أخرى. وهذا الاختلاف دليل على عدم نسخها، وأنّها ثابتة ومباحة إلى يوم القيامة، كإباحة الزواج الدائم وملك اليمين.

وحسبك في إباحتها القرآن الكريم حيث يقول:( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) (1) . والسنّة النبويّة والروايات التي رواها علماء أهل السنّة في صحاحهم وتفاسيرهم، كالبخاري ومسلم وأحمد بن حنبل، والنسائي، والدارمي، والفخر رازي، والسيوطي، والطبري، والقرطبي، والترمذي، وغير هؤلاء من أعلام أهل السنّة الدالة على إباحتها من النبي (ص) واستمرار هذه الإباحة إلى يوم الدين، وإليك ما جاء في إباحة زواج المتعة من مصادر أهل السنّة:

1- التفسير الكبير للفخر الرازي وإباحة المتعة:

روى الفخر الرازي في تفسير آية المتعة عن عمران بن الحصين أنّه قال: «نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى ولم ينزل بعدها آية تنسخها، وأمرنا بها رسول الله (ص) وتمتّعنا بها، ومات ولم ينهنا عنه، ثم قال رجل برأيه ما شاء»(2) . «و روى محمد بن جرير الطبري في تفسيره عن علي بن أبي طالب (رض) أنّه قال: لولا أنّ

_____________________

(1) سورة النساء: الآية24.

(2) الفخر الرازي: التفسير الكبير-ح10-ص49-50. ط1-المطبعة البهية المصرية-1938.

٢٣٥

عمر نهى الناس عن المتعة ما زنى إلّا شقي»(1) .

يقول الفخر الرازي: «و القول الثاني: أنّ المراد بهذه الآية، حكم المتعة، وهي عبارة عن أن يستأجر الرجل المرأة بمال معلوم إلى أجل معيّن فيجامعها، واتّفقوا على أنّها كانت مباحة في ابتداء الإسلام، روى أنّ النبي (ص) لما قدم مكّة في عمرته تزين نساء مكة، فشكا أصحاب الرسول (ص) طول العزوبة، فقال: استمتعوا من هذه النساء، واختلفوا في أنّها هل نسخت أم لا؟...»(2) . وهذا الاختلاف دليل على عدم نسخها، خصوصاً-كما سوف يأتي- من رواية البخاري في صحيحه، أنّ آية المتعة نزلت في كتاب الله، ولم ينزل قرآن يحرّمها ولم ينه عنها رسول الله (ص) حتى مات.

يقول الفخر الرازي: « روي عن عمر أنّه قال في خطبته: متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما، ذكر هذا الكلام في مجمع الصحابة، وما أنكر عليه أحد»(3) .

وقد «روي أنّ أبيّ بن كعب كان يقرأ: «فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن». وهذا أيضاً هو قراءة ابن عباس. والأمّة ما أنكرت عليهما في هذه القراءة، فكان ذلك إجماعاً

_____________________

(1) نفس المصدر: ص50.

(2) نفس المصدر: ص49.

(3) نفس المصدر: ص50.

٢٣٦

من الأمّة على صحة هذه القراءة....»(1) .

ويقول الفخر الرازي أيضاً: «الحجة الثانية على جواز نكاح المتعة»، أنّ الأمّة مجمعة على أنّ نكاح المتعة كان جائزاً في الإسلام، ولا خلاف بين أحد من الأمّة فيه، إنّما الخلاف في طريان الناسخ، فنقول: لو كان الناسخ موجوداً لكان ذلك الناسخ إمّا أن يكون معلوماً بالتواتر، أو بالآحاد، فإن كان معلوماً بالتواتر، كان علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وعمران بن الحصين، منكرين لما عرف ثبوته بالتواتر من دين محمد (ص)، وذلك يوجب تكفيرهم، وهو باطل قطعاً، وإن كان ثابتاً بالآحاد فهذا أيضاً باطل، لأنّه لما كان ثبوت إباحة المتعة معلوماً بالإجماع والتواتر، كان ثبوته معلوماً قطعاً، فلو نسخناه بخبر الواحد لزم جعل المظنون رافعاً للمقطوع، وإنّه باطل. قالوا: وممّا يدل أيضاً على بطلان القول بهذا النسخ أنّ بعض الروايات تقول: إنّ النبي (ص) نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، وأكثر الروايات أنّه عليه الصلاة والسلام أباح المتعة في حجة الوداع وفي يوم الفتح، وهذان اليومان متأخران عن يوم خيبر، وذلك يدلّ على فساد ما روي أنّهعليه‌السلام فسخ المتعة يوم خيبر، لأنّ الناسخ يمتنع تقدمه على المنسوخ، وقول من يقول: إنّه حصل التحليل مراراً والنسخ مراراً ضعيف، لم يقل به أحد من المعتبرين، إلّا الذين أرادوا إزالة التناقض عن هذه الروايات»(2) .

_____________________

(1) نفس المصدر: ص51.

(2) نفس المصدر: ص52-53.

٢٣٧

«الحجة الثالثة: ما روي أنّ عمر قال على المنبر: متعتان كانتا مشروعتين في عهد رسول الله (ص)، وأنا أنهى عنهما: متعة الحج، ومتعة النكاح، وهذا منه تنصيص على أنّ متعة النكاح موجودة في عهد الرسول (ص) وقوله: وأنا أنهى عنهما، يدل على أنّ الرسول (ص) ما نسخه، وإنّما عمر هو الذي نسخه، وإذا ثبت هذا فنقول: هذا الكلام يدل على أنّ حلّ المتعة كان ثابتاً في عهد الرسول (ص)، وأنّهعليه‌السلام ما نسخه، وأنّه ليس ناسخ إلّا نسخ عمر، وإذا ثبت هذا وجب أن لا يصير منسوخاً، لأنّ ما كان ثابتاً في زمن الرسول (ص) وما نسخه الرسول، يمتنع أن يصير منسوخاً بنسخ عمر، وهذا هو الحجة التي احتج بها عمران بن الحصين حيث قال: إنّ الله أنزل في المتعة آية، وما نسخها بآية أخرى، وأمرنا رسول الله (ص) بالمتعة، وما نهانا عنها، ثم قال رجل برأيه ما شاء، يريد أنّ عمر نهى عنها»(1) .

أقول : وبعد كل هذا، يحاول الفخر الرازي، أن يثبت بأنّ المتعة، وإن كانت مباحة في عهد رسول الله (ص)، إلّا أنها نسخت بعد ذلك، وهذه المحاولة لا تنهض دليلاً أمام النصوص الصريحة التي رواها أصحاب الصحاح من أعلام أهل السنّة، كالبخاري ومسلم والإمام أحمد، وغير هؤلاء، كما سنشير إليهم، على أنّ الذي نهى عنها، هو الخليفة عمر بن الخطاب. والأدلة التي استدل بها الفخر الرازي أوهى من بيت العنكبوت. فراجع لتعلم

_____________________

(1) نفس المصدر: ص52-53.

٢٣٨

صحة ذلك(1) .

2- روايات الطبري في تفسيره وإباحة المتعة:

روى الطبري في تفسيره عن «محمد بن الحسين قال: ثنا أحمد بن مفضل قال: ثنا أسباط عن السدي، فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة... فهذه المتعة». «و عن مجاهد، فما استمتعتم به منهن، قال: يعني نكاح المتعة». يقول الطبري: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يحيى بن عيسى، قال: ثنا نصير بن أبي الأشعث قال: ثنا حبيب بن ثابت عن أبيه قال: أعطاني ابن عباس مصحفاً، فقال هذا على قراءة أبيّ، قال أبو بكر، قال يحيى: قرأت المصحف عند نصير فيه: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى»(2) . وعن أبي نضرة قال: سألت ابن عباس عن متعة النساء، قال: أما تقرأ سورة النساء، قال: قلت بلى، قال: فما تقرأ فيها، فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى، قلت لا لو قرأتها هكذا ما سألتك، قال: فإنّها كذا»(3) .

وعن محمد بن المثنى قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة عن الحكم، قال:سألته عن هذه الآية، والمحصنات من النساء إلّا ما ملكت أيمانهم، إلى هذا الموضع، فما استمتعتم به

_____________________

(1) نفس المصدر: ص53.

(2) ابن جرير الطبري: جامع البيان-ح5-ص9-ط2-1972-بولاق-مصر.

(3) نفس المصدر:ص9.

٢٣٩

منهن، أمنسوخة هي، قال: لا، قال الحكم، وقال علي رضي الله عنه: لولا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلّا شقي»(1) . وعن عمرو بن مرّة أنّه سمع سعيد بن جبير يقرأ: «فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن»(2) .

وأمّا قول الطبري: «و أمّا ما روي عن أبيّ بن كعب وابن عباس من قراءتهما، فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى،فقراءة بخلاف ما جاءت به مصاحف المسلمين، وغير جائز لأحد أن يلحق في كتاب الله تعالى شيئاً لم يأت به الخبر القاطع...»(3) . فهو قول باطل لأمرين:

الأول : إنّ وجود الزيادة في آية المتعة ليس من أجزاء الآية، بل هي من قبيل الشرح والبيان والتفسير لمعنى الآية، وهذا يدلّ على إباحة زواج المتعة، وإنّها غير منسوخة ولا محرّمة.

الثاني : أمّا قراءة أبيّ بن كعب وابن عباس، فهي المنظور لها دون غيرها من القراءات، وذلك بمقتضى ما ورد عن النبي (ص) من الأخذ عنهما، وأنّ النبي (ص) كان يخصّ أبيّ بن كعب بالقراءة، كما جاء في الصحاح، وسوف يأتي الكلام عنه في تحريف القرآن، وعلى هذا يقال: إمّا أن تكون هذه الزيادة من جملة الآية، أو أنها من قبيل الشرح والبيان، فإن قيل بالأول، يلزمه أن

_____________________

(1) نفس المصدر:ص9.

(2) نفس المصدر: ص10.

(3) نفس المصدر: ص10.

٢٤٠