مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح0%

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح مؤلف:
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 354

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الدكتور علاء الدين السيد امير محمد القزويني
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 354
المشاهدات: 57971
تحميل: 4262

توضيحات:

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 354 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 57971 / تحميل: 4262
الحجم الحجم الحجم
مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

مع الدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح

مؤلف:
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

يقول بالرجعة، فقال السيد: أقول بذلك على ما قال الله تعالى: ويوم نحشر من كل أمّة فوجاً ممّن كذّب بآياتنا فهم يوزعون، وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً. فعلمنا أنّ هنا حشرين عامّاً وخاصّاً، وقال سبحانه: «ربنّا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل، فأماته الله مائة عام ثم بعثه، ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم...»(1) .

يقول الشيخ محمد رضا المظفر: «و على كل حال فالرجعة ليست من الأصول التي يجب الاعتقاد بها والنظر فيها، وإنّما اعتقادنا بها كان تبعاً للآثار الصحيحة الواردة عن آل البيتعليهم‌السلام »(2) .

هذه هي عقيدة الرجعة عند الشيعة، ولنرى ما يقوله الدكتور الموسوي في صفحة «143،142»:

«و الفكرة شبيهة مع فارق كبير إلى الفكرة التناسخية التي جاء بها فيثاغورس... إلى قوله: ولست أدري أيضاً متى دخلت فكرة الرجعة على وجه التحديد إلى الأوهام وألّفت حولها الكتب... والبدعة هذه تختلف عن البدع الأخرى التي أضيفت إلى الأفكار الشيعية حيث لم يترتب عليها تنظيم سياسي عملي أو اجتماعي أو اقتصادي، اللهم إلّا شيء واحد قد يكون هو السبب في اختلاق فكرة الرجعة وهو كما قلنا استكمال العداء وتمزيق الصف الإسلامي

_____________________

(1) السيد محسن الأمين: نقض الوشيعة-ص376.

(2) محمد رضا المظفر: عقائد الإمامية-ص84.

٣٤١

بمثل هذه الخزعبلات...». إلى آخر تشنيعاته ومفترياته.

أقول : يظهر من رجل الفلسفة، أنّه لم يفرّق بين معنى التناسخ الذي قال به فيثاغورس، وبين المعاد الجسماني، فالرجعة-يا دكتور-من نوع المعاد الجسماني، والتناسخ معناه، انتقال النفس من بدن إلى بدن آخر منفصل عن الأول، والمعاد الجسماني ليس كذلك، فإنّ معناه، رجوع نفس البدن الأول بكل مشخّصاته النفسية، فكذلك الرجعة، فإذا كانت الرجعة تناسخاً - كما يدّعي - فإن إحياء الموتى على يد عيسىعليه‌السلام كان تناسخاً، وكذا من أماته الله سبحانه مائة عام ثم بعثه وأعاده إلى الحياة الدنيا تناسخاً، وهكذا فيكون البعث والمعاد الجسماني أيضاً تناسخاً(1) . فأي جهل هذا بحقيقة التناسخ يا دكتور.

وأمّا قوله: «و لست أدري أيضاً متى دخلت فكرة الرجعة - إلخ» فالدكتور لا يدري متى دخلت هذه الفكرة إلى الأوهام الشيعية، كما يقول، لأنّه لم يقرأ تلك الآيات الصريحة على ثبوت الرجعة، وإن قرأها لم يدرك معناها، وهذا شيء بديهي، لأنّ من لم يفرّق بين التناسخ والمعاد الجسماني، ولم يعرف الفاعل من المفعول، فأنّى له أن يفهم كتاب الله، وفيه العام والخاص والمجمل والمبين والحقيقة والمجاز، والكنايات والاستعارات، إلى غير ذلك ممّا يحويه كتاب الله من البلاغة والفصاحة، وكما قلنا سابقاً، من كانت في لسانه عجمة الكلام فكيف يفهم ما في القرآن من معانٍ وأحكام،

_____________________

(1) انظر نفس المصدر:ص82.

٣٤٢

ولهذا ترى الدكتور قد حكم على الرجعة بأنّها من البدع التي أضيفت إلى الأفكار الشيعية، وهذه مخالفة أخرى للنصوص الشرعية أضافها الدكتور الموسوي لنفسه، فإذا كانت الرجعة بدعة، فالقرآن أول من ابتدعها وبيّنها. وهذه من أعظم المخالفات التي جاء بها الدكتور في تخريبه لا تصحيحه.

وإن أرتك الدنيا عجباً، فاعجب لما يقوله الدكتور في تصحيحه كما في صفحة «145» معترضاً على فقهاء الشيعة ومفكّريهم، أمثال الشيخ المفيد الذي كان يناظر كل فرقة من الفرق الإسلامية مع الجلالة والعظمة باعتراف علماء أهل السنّة، وشيخ الطائفة الطوسي الذي له على كل إمام منّة، والكراجكي، والخواجا نصير الدين الطوسي أستاذ البشر وأعلم أهل البدو والحضر، باعتراف علماء أهل السنّة أيضاً، والعلّامة على الإطلاق، وغير هؤلاء من فحول علماء الشيعة ومتكلميهم يحكم عليهم الدكتور الموسوي بالجهالة وعدم الفهم وذلك في قوله:

«و هكذا فإن بعض فقهائنا عندما يصعب عليهم فهم جملة أو دركها بسبب تناقض مع أصول الإسلام والعقل فبدلاً من أن يطرحوها أرضاً ويجيئون-هكذا مكتوبة، والصحيح، ويجيئوا-العوام من الناس من أمرها يضاعفون في شرحها وتفسيرها وبذلك يضيفون بدعة إلى بدعة وضلالاً فتزيد الطين بلّة ويعمّ الشرّ الجميع».

أقول : فأي خطب أعظم من اتّهام - هذا الرجل - لأولئك

٣٤٣

العظام من علماء الشيعة، وهو لا يفرّق بين المرفوع بثبوت النون، والمنصوب بحذف النون، وأنه يتحامل عليهم ويصمهم بتلك الوصمات، ويحكم عليهم بنشر البدع والضلال، وأنّهم هم السبب في نشر الفساد، كل هذا إن دلّ على شيء، فإنّما يدل على مدى حقده على الشيعة والتشيع، وأنّه لم يقصد من كتابه-الشيعة والتصحيح-إلّا بذر الفرقة بين المسلمين، وتغيير كتاب الله المبين، إرضاء لأسياده المستعمرين.

ومجمل القول: إنّ كل مؤمن بالبعث يوم القيامة يلزمه الإيمان بالرجعة، فالإيمان بها إيمان بقدرة الله سبحانه، وهذا ما دلّت عليه النصوص الصريحة من القرآن. مع أنّ الإيمان بالرجعة وعدم الإيمان بها لا يوجب فرقة بين المسلمين كما يتوهمه الدكتور الموسوي، لأنّها ليست من الأصول حتى تكون سبباً لهذا التحامل والافتراء على الشيعة.

٣٤٤

البداء

يقول الدكتور الموسوي في صفحة «148»:

«إنّ الإمامة حسب التسلسل الموجود في عقيدة الشيعة الإمامية تنتقل من إلى الابن الأكبر مستثنياً من هذه القاعدة الحسن والحسين، فالإمامة بعد الإمام الحسن انتقلت إلى الإمام الحسين ولم تنتقل إلى الابن الأكبر للحسن وذلك لنصّ ورد عن رسول الله (ص) حيث قال:

«الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا»

فقد حدث أنّ إسماعيل وهو الابن الأكبر للإمام جعفر صادق الإمام السادس عند الشيعة قد توفي في عهد أبيه فانتقلت الإمامة إلى أخيه موسى بن جعفر الابن الأصغر للصادق وهذا التغيير في مسار الإمامة التي هي منصب إلهي يسمّي بداءاً، «هكذا مكتوبة، والصحيح، بداء». حصل لله تعالى فانتقلت الإمامة الإلهية بموجبه من إسماعيل إلى موسى بن جعفر.

ولكن السؤال المحّير هنا لماذا سمّي تغيير مسار الإمامة بداءاً

٣٤٥

«هكذا مكتوبة» ونسبوا شيئاً كهذا إلى الله تعالى لإثبات أمر لم يكن إثباته بحاجة إلى إنقاص من سلطان الله...».

ويقول في صفحة: «149»: «لقد إلتجأ بعض أعلام الشيعة إلى البداء حتى يثبتوا تغيير مسار الإمامة من إسماعيل إلى موسى بن جعفر...».

أقول : أمّا قوله: «انّ الإمامة حسب التسلسل الموجود... تنتقل من الأب إلى الابن الأكبر...»، فهو افتراء على علماء الشيعة، وتكذيب لما جاء عن الصادق الأمين (ص) حيث ذكر أسماء الأئمة من آل البيت صلوات الله عليهم واحداً بعد الآخر، كما ذكر ذلك أعلام أهل السنّة وحفّاظهم ومنهم القندوزي في ينابيع المودة، والشبلنجي في أنوار الأبصار، وغيرهما من رواة أهل السنّة وعلمائهم، مع أنّ الإمامة انتقلت من الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، إلى الإمام علي بن الحسين زين العابدين، الابن الأصغر للإمام الحسين، مع وجود الابن الأكبر للإمام الحسين، وهو علي الأكبر الذي قتل مع أبيه في واقعة كربلاء، يقول الشبلنجي في أنوار الأبصار:

«أولاد الحسين بن علي ستة، علي بن الحسين الأصغر كنيته أبو محمد زين العابدين وأمّه شاه زنان... وعلي بن الحسين الأكبر قتل مع أبيه بالطف وأمّه ليلي...»(1) .

_____________________

(1) الشبلنجي: أنوار الأبصار-ص152-الطبعة الأخيرة-بيروت-1978.

٣٤٦

فلو أن انتقال الإمامة من الابن الأكبر إلى الابن الأصغر يكون بداء بالمعنى الذي يقصده الدكتور، ولا أظن يفهمه، لقالوا به قبل زمان الإمام الصادقعليه‌السلام . وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على مفتريات الدكتور الموسوي في تصحيحه.

وأمّا قوله: «و هذا التغيير في مسار الإمامة.... يسمّى بداء...»، فكان اللازم من الدكتور أن يذكر لنا ولو عالماً من علماء الشيعة قال بذلك، وهذه كتبهم قد ملأت الخافقين ليس فيها شيء ممّا يدّعيه الدكتور في قوله «لقد إلتجأ بعض أعلام الشيعة إلى البداء حتى يثبتوا تغيير مسار الإمامة».

وإليك أيّها القارئ الكريم ما يقوله أعلام الشيعة في البداء، لتكون على بيّنة من أمر هذا الرجل:

يقول الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء: «ممّا يشنع به الناس على الشيعة ويزدري عليهم أيضاً «أمران» «الأول» قولهم (بالبداء) تخيلاً من المشنعين أنّ البداء الذي تقول به الشيعة هو عبارة عن أن يظهر ويبدو لله عز شأنه أمراً لم يكن عالماً به، وهل هذا إلّا الجهل الشنيع والكفر الفظيع، لاستلزامه الجهل على الله تعالى وأنّه محل للحوادث والتغيّرات فيخرج من حظيرة الوجوب إلى مكانة الإمكان وحاشا «الإمامية» بل وسائر فرق الإسلام من هذه المقالة التي هي عين الجهالة بل الضلالة... أمّا البداء الذي تقول به الشيعة والذي هو من أسرار آل محمد (ص)... فهو عبارة عن إظهار الله جل شأنه أمراً يرسم في ألواح المحو الاثبات... وإلى

٣٤٧

المقام الأول بقوله تعالى: «يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب...»(1) .

يقول القزويني: «معنى البداء بفتح الباء الموحدة والدال المهملة هو إظهار الله تعالى للناس ما خفي عليهم ظاهراً وليس معناه ظهور ما خفي عليه تعالى وأنّه بدا له من الأمر ما لم يكن بادياً، فإن هذا ممّا لا تقول به الشيعة لاستلزامه نسبة الجهل لله تعالى وهو كفر صراح...

وبعبارة أوضح، أنّ معنى البداء هو أنّه سبق في علم الله تعالى الأزلي ولم يكن ظاهراً للناس فأراد الله تعالى إظهاره لهم»(2) .

ويقول البخاري في ص170 من جزئه الثاني من صحيحه في باب ما ذكر عن بني إسرائيل مرفوعاً في حديث طويل عن أبي هريرة جاء فيه: «ثلاثة من بني إسرائيل، أبرص وأقرع وأعمى بدا لله عزّ وجل أن يبتليهم». وحسبك حديث أبي هريرة دليلاً على صحّة ما تقول به الشيعة من البدا.... وفي القرآن يقول الله تعالى في سورة الرعد آية 39: «يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب» وليس معنى المحو والاثبات في الآية إلّا معنى البداء»(3) .

ويقول السيد محسن الأمين: «البداء مصدر بدا يبدو وبداء أي ظهر ويستعمل في العرف بمعنى الظهور بعد الخفاء، فيقال فلان

_____________________

(1) محمد الحسين آل كاشف الغطاء: أصل الشيعة-ص145-146.

(2) القزويني: الشيعة في عقائدهم وأحكامهم-ص358.

(3) نفس المصدر: ص1358.

٣٤٨

كان عازماً على كذا ثم بدا له فعدل عنه. وقد أجمع علماء الشيعة في كل عصر وزمان على أنّه بهذا المعنى باطل ومحال على الله لأنّه يوجب نسبة الجهل إليه تعالى وهو منزّه عن ذلك تنزيهه عن جميع القبائح وعلمه محيط بجميع الأشياء إحاطة تامة جزئياتها وكلياتها لا يمكن أن يخفى عليه شيء ثم يظهر له»(1) . «فالبداء نسخ في التكوين كما أنّ النسخ المعروف نسخ في التشريع، فكما أنّه تعالى يحكم حكماًمن الأحكام من وجوب أو تحريم أو غيرهما يكون ظاهره الاستمرار بحيث لو لم ينسخ لكان مستمراً ولا يصرح باستمراره وإلّا لكان نسخه مناقضاً لذلك ولا بتحديده بزمان وإلّا لكان توقيتاً لا نسخاً ثم ينسخه فيكون الناسخ قرينة على أنّ هذا الظهور غير مراد وأنّ الحكم كان في الواقع محدوداً لكنه لم يظهر تحديده لمصلحة اقتضت ذلك»(2) .

وأمّا ما ورد في بعض الأخبار في حقّ الإمام موسى بن جعفر،أنّه بدا لله في شأنه فعلى فرض صحّة مثل هذه الأخبار، فإنّ معناها، أنّ الإمامة في الواقع وعلم الله سبحانه هي للإمام موسى بن جعفر، ولكنّ الله أمر بإخفاء هذا الأمر، إمّا خوفاً عليه من بني أمية وبني العباس، وإمّا لأنّ البعض كان يعتقد بأن الإمامة لا تكون إلّا للابن الأكبر، فلما توفي إسماعيل في حياة أبيه ظهر أنّه ليس بإمام، فالله سبحانه أظهر بموته بطلان ما كان يظنّه أو يعتقده

_____________________

(1) السيد محسن الأمين: نقض الوشيعة-ص409.

(2) نفس المصدر:ص409-410.

٣٤٩

بعض الناس من إمامته، وعبّروا عن ذلك بالبداء مجازاً، وهذا المعنى خفي على الدكتور الموسوي فشنّع عليهم بتلك المفتريات. وأنّى للدكتور أن يفهم ذلك. هذا هو معنى البداء عند الشيعة. فقوله في صفحة «153»: «إنّ الفكرة التصحيحة التي نادينا بها لأوّل مرة في تاريخ الشيعة والتشيع...» ما هو إلّا من الهراء وحبّ الظهور، وإن كان على حساب تغيير كل المعايير الإسلامية، وإلّا فمن هو حتى يكون الرائد الأول لفكرة التصحيح التي نادى بها لأول مرة في تاريخ الشيعة والتشيع، وأين ذهبت رجالات الفكر الشيعي ومنهم جدّه الإمام الأكبر قدّس سرّه.

٣٥٠

الخاتمة

وفى الختام نشير إلى بعض الأمور التي تناولها الدكتور في تصحيحه، مدّعياً أنّها من منكرات الشيعة وبدعهم، مع العلم أنّ هذه الأمور التي شنّع بها على علماء الشيعة خارجة بإجماعهم عن أصول الاعتقاد، فالإيمان بها وعدم الإيمان سيّان، ولكن الدكتور يحاول بأي صورة أن يشوّه عقيدة الشيعة النقية، بالمفتريات والأكاذيب من دون سند يرجع إليه أو دليل يركن عليه، سوى ما يراه موافقاً لهواه، من هذه الأمور، الغلو، وزيارة مراقد الأئمة من آل البيت صلوات الله عليهم، وضرب القامات في يوم عاشوراء، وغير ذلك من الأمور التي شنّع بها على الشيعة في كتابه الشيعة والتصحيح.

أما ضرب القامات في يوم عاشوراء، فهو أمر لم يفعله عالم من علماء الشيعة، ولا خواصهم، بل ذهب البعض منهم إلى تحريمه، ولهذا أزيلت هذه الظاهرة من بعض المناطق الإسلامية، بل وفي أكثر مناطق الشيعة. وأمّا ما يقوم به بعض عوام الشيعة فهو ليس دليلاً على أنّه من معتقداتهم. ألا ترى ما يقوم به بعض

٣٥١

المسلمين في بعض بلاد العالم الإسلامي من أذكار هي إلى الرقص أقرب منها إلى العبادة، ومع ذلك فهي ليست من معتقدات بعض المسلمين. ولهذا تركنا الكلام فيه، لانّ قوله هذا ما هو إلّا محض افتراء على علماء الشيعة، فالقضية لا تحتاج إلى فتوى من أحد في تحريمها ما دامت المسألة خاضعة للقواعد الشرعية، كقاعدة الضرر، فإن كان ضرب القامات يضرّ بالنفس، حرّم فعله بلا خلاف، وإلّا فالمسألة لا تحتاج إلى كل هذا التهويل والتشنيع.

وأمّا زيارة المرقد التي تحوي أجساد الأئمة من آل البيت (ع) فليس الإيمان بها خاصّاً بالشيعة، بل المسلمون جميعاً في شتّى بقاع العالم يزورون مراقد الصلحاء والعارفين، ومن ينتسب إلى سلالة النبي (ص)، كما يزورون موتاهم، وهذا شيء قد درج عليه المسلمون منذ القديم حتى يومنا هذا، فتشنيع الدكتور على الشيعة في هذا الأمر تشنيع على جميع المسلمين، مخالفاً بذلك النصوص الصريحة الواردة عن النبي (ص) بجواز زيارة القبور، فقد ثبت أنّ رسول الله (ص) زارها، وقد أخرج عنه ذلك كل من مسلم في ص318و325 بهامش الجزء الرابع من إرشاد الساري، والسمهودي في ص413 من وفاء الوفاء من جزئه الثاني، وابن ماجة في سننه ص 245 من جزئه الأول، والنسائي في ص286 من جزئه الأول من صحيحه، وذكر هؤلاء انّه (ص) قال: زوروا القبور فإنّها تذكركم الآخرة، وأنّه (ص) زار قبر أمّه فبكى وأبكى من حوله. وقال (ص): كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها

٣٥٢

فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة»(1) .

وأمّا زيارة قبر الرسول (ص)، وشد الرحال إليه للتبرّك بأعتابه، فلا ينكره إلّا مجافٍ له (ص)، ولما كان الشيعة أكثر حبّاً لرسول الله (ص) وأهل بيته، لذا نراهم يشدّون الرحال لزيارتهم، فالمسألة إذن مسألة حبّ ومجافاة، ولهذا ورد عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قوله للصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء بعد وفاتها ومواراتها الثرى:

لولا الحياء لهاجني استعبار

و لزرت قبرك والحبيب يزار

إلى غير ذلك، ولهذا تركنا الكلام عن بعض الأمور التي تناولها الدكتور في تصحيحه المزعوم، وهي لا تحمل سوى المفتريات والأباطيل التي ما أنزل الله بها من سلطان، بقصد تشويه علماء الشيعة والطعن في كراماتهم.

هذا ما أردنا بيانه لشبابنا المثقف الواعي ما كتاب الشيعة والتصحيح، ليكونوا على بينّة من أمرهم، وأن لا يغتروا بالألقاب والأسماء، بل يمحصوا الأمور بعين البصيرة ليعرفوا الذين يريدون هدم الإسلام وتفريق كلمتهم، وتغيير أحكام الله سبحانه بحجة التصحيح، ومن ورائهم أعداء الإسلام، أسأله سبحانه أن يتقبّل منّا العمل الصالح خدمة للإسلام والمسلمين، إنه سميع الدعاء، والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين محمد

_____________________

(1) القزويني: الشيعة في عقائدهم وأحكامهم-ص348-349.

٣٥٣

وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه المخلصين.

الكويت، 25، ذو القعدة.

سنة 1408 ه، الموافق يوم الأحد 10/7/88

٣٥٤