الكافي الجزء ١٥

الكافي0%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الكافي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي
تصنيف: الصفحات: 909
المشاهدات: 78472
تحميل: 4293


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 78472 / تحميل: 4293
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء 15

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

دعا عباده في الكتاب إلى ذلك(١) بصوت رفيع لم ينقطع(٢) ولم يمنع دعاء عباده ، فلعن الله الذين يكتمون ما أنزل الله ، وكتب على نفسه الرحمة ، فسبقت قبل الغضب ، فتمت(٣) صدقا وعدلا ، فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه ، وذلك من علم اليقين وعلم التقوى.

وكل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه ، وولاهم عدوهم حين تولوه ، وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه ، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية ، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية ، وكان(٤) من نبذهم الكتاب أن(٥) ولوه(٦) الذين لايعلمون ، فأوردوهم الهوى ، وأصدروهم(٧) إلى الردى(٨) ، وغيروا عرى الدين ، ثم ورثوه في السفه والصبا(٩) ، فالأمة يصدرون عن أمر الناس بعد أمر الله(١٠) تبارك وتعالى ، وعليه(١١) يردون(١٢) ، بئس(١٣) للظالمين بدلا ،

__________________

(١) في «بن» : «إلى ذلك في الكتاب».

(٢) في الوافي : «الصوت الرفيع الغير المنقطع كناية عن شهرة القرآن وتواتره وبلوغه كل أحد إلى يوم القيامة».

(٣) في «بن» : «وتمت».

(٤) في «جت» : «فكان».

(٥) في «ع» : «إذ».

(٦) في الوافي : «أن ولوا».

(٧) الإصدار : الإرجاع ، يقال : أصدرته فصدر ، أي أرجعته فرجع. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧١٠ (صدر).

(٨) «الردى» : الهلاك ، مصدر ردي يردى ، أي هلك. الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٥٥ (ردي).

(٩) في شرح المازندراني : «في ، للتأكيد ، كما في قوله تعالى :( ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها ) [هود (١١) : ٤١] ، أو متعلق بالتوريث بتضمين معنى الجعل أو الوضع. والسفه محركة : الجهل والخشونة والطيش وخفة العمل وضد الحلم. والصبا بالكسر من الصبوة ، وهي الميل إلى الجهل وفتوة الجهلة ، وفعله من باب نصر ، وبالفتح : اللعب مع الصبيان ، وفعله من باب علم». وراجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٧٦ (سفه) ؛ لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٤٥٠ (صبا).

وفي المرآة : «قوله عليه‌السلام : ثم ورثوه ، أي جعلوه ميراثا يرثه كل سفيه جاهل ، أو صبي غير عاقل».

(١٠) في مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ١١٦ : «قولهعليه‌السلام : بعد أمر الله ، أي صدوره ، أو الاطلاع عليه ، أو تركه. والورود والصدور كنايتان عن الإتيان للسؤال والأخذ والرجوع بالقبول».

(١١) في «بف» : «عليه» بدون الواو.

(١٢) في شرح المازندراني : + «أمره».

(١٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني. وفي المطبوع والوافي : «فبئس».

١٤١

ولاية(١) الناس بعد ولاية الله ، وثواب الناس بعد ثواب الله ، ورضا الناس بعد رضا الله ، فأصبحت الأمة كذلك(٢) ، وفيهم المجتهدون في العبادة ، على تلك الضلالة معجبون مفتونون(٣) ، فعبادتهم فتنة(٤) لهم ولمن اقتدى بهم.

وقد كان في الرسل ذكرى(٥) للعابدين ، إن نبيا(٦) من الأنبياء كان يستكمل(٧) الطاعة ، ثم يعصي(٨) الله(٩) ـ تبارك وتعالى ـ في الباب الواحد ، فيخرج(١٠) به من الجنة ، وينبذ به(١١) في بطن الحوت ، ثم لاينجيه(١٢) إلا الاعتراف والتوبة ، فاعرف أشباه الأحبار والرهبان الذين ساروا بكتمان الكتاب وتحريفه ، فما ربحت تجارتهم ، وما كانوا مهتدين.

ثم اعرف أشباههم من هذه الأمة الذين أقاموا حروف الكتاب وحرفوا حدوده ، فهم مع السادة والكبرة(١٣) ، فإذا تفرقت قادة الأهواء كانوا مع أكثرهم دنيا ، وذلك

__________________

(١) في «م ، بف ، جد» والوافي : «وولاية».

(٢) في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بف ، بن» وشرح المازندراني : «لذلك».

(٣) في «ن ، بح ، جد» وحاشية «د» : «مفتنون».

(٤) الفتنة : المحنة والبلية والضلال والإثم. راجع : لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٣١٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٠٤ (فتن).

(٥) في «د ، ع ، ل ، م ، بن ، جد» : «ذكر».

(٦) في «ل ، ن ، بح ، بف ، بن ، جت ، جد» وحاشية «د» والوافي : «النبي».

(٧) في «بف» والوافي : «مستكمل».

(٨) في «بف» والوافي : «عصى».

(٩) في الوافي : «أشار بالنبي من الأنبياء إلى يونس على نبينا وآله وعليه‌السلام ، ولعل عصيانه غضبه على قومه وهربه منهم بغير إذن ربه وأما إطلاق الجنة على الدنيا فلعل الوجه فيه أنه بالإضافة إلى بطن الحوت جنة».

وفي المرآة : «قوله عليه‌السلام : ثم يعصي الله ، أي يترك الأولى والأفضل. وإطلاق العصيان عليه مجاز ؛ لكونه في درجة كمالهم بمنزلة العصيان».

(١٠) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والبحار. وفي المطبوع : «فخرج».

(١١) في «بح ، بف» وحاشية «م» : «وينبذه» بدل «وينبذ به». وفي «جد» : ـ «به».

(١٢) في «بح» وحاشية «م» : «ولا ينجيه».

(١٣) في «ع ، ل ، بح ، بف ، جد» وحاشية «د ، جت» والوافي : «والكثرة». ويقال : هو كبرهم ، بالضم ، وكبرتهم ،

١٤٢

مبلغهم من العلم ، لايزالون كذلك في طبع(١) وطمع(٢) ، لايزال(٣) يسمع(٤) صوت إبليس على ألسنتهم بباطل كثير(٥) ، يصبر(٦) منهم العلماء على الأذى والتعنيف(٧) ، ويعيبون على العلماء بالتكليف ، والعلماء في أنفسهم خانة(٨) إن كتموا النصيحة ، إن رأوا تائها(٩) ضالا لايهدونه أو ميتا لايحيونه ، فبئس(١٠) ما يصنعون ؛ لأن الله ـ تبارك وتعالى ـ أخذ عليهم الميثاق في الكتاب أن يأمروا بالمعروف وبما أمروا به ، وأن ينهوا عما نهوا عنه ، وأن يتعاونوا على البر والتقوى ، ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان.

فالعلماء من الجهال في جهد(١١) وجهاد ، إن(١٢) وعظت ، قالوا : طغت(١٣) ، وإن

__________________

بالكسر ، وإكبرتهم ، بكسر الهمزة والباء وفتح الراء مشددة وقد تفتح الهمزة ، وكبرهم وكبرتهم بالضمات مشددتين ، أي أكبرهم في السن والرئاسة ، أو أقعدهم بالنسب ، وهو أن ينتسب إلى جده الأكبر بآباء أقل عددا من باقي عشيرته ، يستوي فيه الواحد والكثير والمؤنث والمذكر. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٥١ ؛ تاج العروس ، ج ٧ ، ص ٤٣٠ (كبر).

(١) قال ابن الأثير : «الطبع ـ بالسكون ـ : الختم ، وبالتحريك : الدنس ، وأصله من الوسخ والدنس يغشيان السيف ثم استعمل في ما يشبه ذلك من الأوزار والآثام وغيرهما من المقابح. ومنه الحديث : أعوذ بالله من طمع يهدي إلى طبع ، أي يؤدي إلى شين وعيب ، وكانوا يرون أن الطبع هو الرين». النهاية ، ج ٣ ، ص ١١٢ (طبع).

(٢) في «ع ، ن ، ل ، بح ، بف ، بن ، جد» : «في طمع طبع». وفي شرح المازندراني والوافي والبحار : «في طمع وطبع».

(٣) في «ن ، بف» وشرح المازندراني : «فلا يزال». وفي الوافي : «فلا تزال».

(٤) في «بح ، بف ، جد» والوافي : «تسمع».

(٥) في «ع ، ل» : «كبير».

(٦) في «بح ، جد» : «تصبر». وفي «د» : «يصير».

(٧) في شرح المازندراني عن بعض النسخ : «والتعسف». وفي الوافي : «والتصنيف». والتعنيف : التوبيخ والتقريع واللوم ، ويقال : عنفه ، أي لامه بعنف وشدة ؛ من العنف ، وهو الشدة والمشقة. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٠٩ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١١٨ (عنف).

(٨) في حاشية «د ، ع ، م ، بح ، جد» : «خونه».

(٩) التائه : المتحير الضال ، والمتكبر. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٢٩ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٢٠٣ (تيه).

(١٠) في «م ، بح ، جد» : «فلبئس».

(١١) الجهد بالفتح : المشقة. النهاية ، ج ١ ، ص ٣٢٠ (جهد).

(١٢) في «د ، بح» : «وإن».

(١٣) في «بف» وحاشية «بح» وشرح المازندراني : «طبعت». وفي حاشية اخرى ل «بح» : «طغيت».

١٤٣

علموا(١) الحق الذي تركوا ، قالوا : خالفت ، وإن اعتزلوهم ، قالوا : فارقت ، وإن قالوا : هاتوا برهانكم على ما تحدثون ، قالوا : نافقت(٢) ، وإن(٣) أطاعوهم ، قالوا(٤) : عصت(٥) اللهعزوجل ؛ فهلك جهال فيما لايعلمون ، أميون فيما يتلون ، يصدقون بالكتاب عند التعريف ، ويكذبون به عند التحريف فلا ينكرون(٦) ، أولئك أشباه الأحبار والرهبان ، قادة في الهوى ، سادة في الردى ، وآخرون منهم جلوس بين الضلالة والهدى ، لايعرفون إحدى الطائفتين من الأخرى ، يقولون : ما كان الناس يعرفون هذا ولا يدرون ما هو ، وصدقوا(٧) تركهم(٨) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على البيضاء ليلها من نهارها(٩) ، لم يظهر(١٠) فيهم(١١)

__________________

(١) في «ل ، بح ، جد» وحاشية «د ، م» : «عملوا».

(٢) «نافقت» أي فعل فعل المنافق ، وهو الذي يستركفره ويظهر إيمانه. واحتمل العلامة المازندراني كونه من النفوق بمعنى الموت والهلاك. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٦٠ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٩٨ (نفق).

(٣) في «ن» : «فإن».

(٤) في «ع ، ل ، ن ، بف ، بن ، جد» : ـ «قالوا».

(٥) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي حاشية «ن ، بح» والمطبوع وشرح المازندراني والوافي والمرآة : «عصيت». وفي «بف» : «غضب».

(٦) في شرح المازندراني : «فلا ينكرون ، الظاهر أنه معلوم من الإنكار أو النكر والنكور والنكير ، فعله من باب علم وإنما قلنا : الظاهر ذلك لاحتمال أن يكون مجهولا من الإنكار».

وفي المرآة : «فقوله : يصدقون ويكذبون ، من باب التفعيل على البناء للفاعل ، وقوله : ينكرون ، على البناء للمفعول ، أي لا ينكر تكذيبهم عليهم أحد. ويحتمل العكس بأن يكون الأولان على البناء للمفعول ، والثالث على البناء للفاعل ، أي لا يمكنهم إنكار ذلك ؛ لظهور تحريفهم. وعلى الاحتمال الأول يمكن أن يقرأ الفعلان بالتخفيف أيضا. «والأول أظهر».

(٧) في الوافي : «فصدقوا».

(٨) في «بف» : «مقام». وقرأ العلامة المازندراني كلمة «صدقوا» بالتخفيف متصلا بما قبلها ، وكلمة «تركهم» على سبيل الاستيناف بصيغة الفعل. وذكر العلامة المجلسي وجوها في معنى العبارة على بعضها يقرأ «صدقوا» بالتخفيف ، و «تركهم» بصيغة الفعل.

(٩) «ليلها من نهارها» أي ليلها متميزة من نهارها ، أي ظاهرها من باطنها ، أو جاهلها من عالمها ، أو مجهولها من معلومها ، أو باطلها من حقها.

(١٠) في «د ، ل ، بن» وشرح المازندراني : «لم تظهر». وفي «ن» بالتاء والياء معا.

(١١) في «ل» : «منهم».

١٤٤

بدعة ، ولم يبدل(١) فيهم سنة ، لاخلاف عندهم ولا اختلاف ، فلما غشي الناس ظلمة خطاياهم صاروا إمامين : داع إلى الله تبارك وتعالى ، وداع إلى النار ، فعند ذلك نطق الشيطان ، فعلا صوته على لسان أوليائه ، وكثر خيله ورجله(٢) ، وشارك في المال والولد من أشركه ، فعمل بالبدعة ، وترك الكتاب والسنة ، ونطق أولياء الله بالحجة ، وأخذوا بالكتاب والحكمة ، فتفرق من ذلك اليوم أهل الحق وأهل الباطل ، وتخاذل(٣) وتهادن(٤) أهل الهوى(٥) ، وتعاون(٦) أهل الضلالة حتى كانت(٧) الجماعة مع فلان وأشباهه ، فاعرف هذا الصنف وصنف آخر ، فأبصرهم رأي العين نجباء(٨) ، والزمهم حتى ترد(٩) أهلك ، فإن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ، ألا ذلك هو الخسران المبين».

إلى هاهنا(١٠) رواية الحسين.

__________________

(١) في «د ، ع ، ل ، بن» وشرح المازندراني : «ولم تبدل».

(٢) الرجل : جمع راجل ، وهو من يمشي على رجله ، والرجل : الراجل. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٧٠٥ (رجل). وقرأ المازندراني بكسر الجيم ، حيث قال في شرحه : «والرجل ككتف : من لا ظهر له يركبه».

(٣) في «بف» : «تجادل». وفي «ع» : «تخادل». والخذل : ترك الإغاثة والعون والنصرة. وقال العلامة المجلسي : «قولهعليه‌السلام : وتخاذل ، أي تركوا نصرة الحق ، وفي بعض النسخ : تخادن ، من الخدن ، وهو الصديق ، وتهادن ، من المهادنة بمعنى المصالحة ، وفي بعض النسخ : وتهاون ، أي عن نصرة الحق ، وهذا أنسب بالتخاذل ، كما أن التهادن أنسب بالتخادن». راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٨٣ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ١٦ (خذل) ؛ المصباح المنير ، ص ٦٣٦ (هدن).

(٤) في «م ، ن ، بح ، بف ، بن ، جت ، جد» وحاشية «د» وشرح المازندراني والوافي : «وتهاون».

(٥) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي «بف» والمطبوع وشرح المازندراني والوافي : «الهدى».

(٦) في «بف» : «وتهاون».

(٧) في «ن ، بف ، جت» والوافي : + «وهي».

(٨) في «ع ، م ، ن ، بح ، جت» والبحار : «تحيا».

(٩) في شرح المازندراني : «ويمكن أن يكون «ترد» بتشديد الدال ، أي حتى ترد أهلك عن صنف أهل الضلالة إلى أهل الحق ، وهذا أنسب بقوله : فإن الخاسرين ...».

(١٠) في «جت» : «هنا».

١٤٥

وفي رواية محمد بن يحيى زيادة : «لهم علم بالطريق ، فإن كان دونهم بلاء فلا تنظر(١) إليه(٢) ، فإن كان(٣) دونهم عسف(٤) من أهل العسف وخسف(٥) ودونهم بلايا تنقضي(٦) ، ثم تصير إلى رخاء.

ثم اعلم أن إخوان الثقة ذخائر بعضهم لبعض ، ولو لا أن تذهب(٧) بك الظنون عني ، لجليت لك عن أشياء من الحق غطيتها ، ولنشرت لك أشياء من الحق كتمتها ، ولكني أتقيك وأستبقيك ، وليس الحليم(٨) الذي لايتقي أحدا في مكان التقوى(٩) ، والحلم لباس العالم ، فلا تعرين(١٠) منه ؛ والسلام».(١١)

رسالة أيضا منه إليه(١٢)

١٤٨٣٢ / ١٧. محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن

__________________

(١) في «بف» والوافي : «فلا ينظر».

(٢) هكذا في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بن» وحاشية «جت» وشرح المازندراني. وفي سائر النسخ والمطبوع : «إليهم». وفي الوافي : «فلا ينظر إليهم ، في بعض النسخ : إليه ، وهو الصواب ، أي فلا ينظر إلى البلاء ؛ لأنه ينقضي ولا يبقى».

(٣) في «د ، ع ، م ، ن ، بح ، بف ، بن ، جد» : ـ «كان». وفي الوافي : «وإن كان».

(٤) قال ابن الأثير : «العسف في الأصل : أن يأخذ المسافر على غير طريق ولا جادة ولا علم ، وقيل : هو ركوب الأمر من غير روية ، فنقل إلى الظلم والجور». النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٣٧ (عسف).

(٥) الخسف : النقصان والهوان. النهاية ، ج ٢ ، ص ٣١ (خسف).

(٦) في الوافي : «ينقضي ، جزاء الشرط».

(٧) في «ع ، بف» : «أن يذهب».

(٨) في الوافي : «الحليم خبر «ليس» تقدم على اسمه». وفي شرح المازندراني : «الموصول خبر «ليس» فدل على أن من لم يتق في مكان التقية ليس بحليم متأن في الامور متثبت فيها».

(٩) في المرآة : «قوله : في مكان التقوى ، أي في محل التقية».

(١٠) في الوافي : «فلا يعرين».

(١١) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٨٩ ، ح ٢٥٣٧٦ ؛ البحار ، ج ٧٨ ، ص ٣٥٨ ، ح ٢.

(١٢) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والمرآة. وفي «بح» والمطبوع : «رسالة منهعليه‌السلام إليه أيضا». وفي شرح

١٤٦

بزيع ، عن عمه حمزة بن بزيع ، قال :

كتب أبو جعفرعليه‌السلام إلى سعيد(١) الخير : «بسم الله الرحمن الرحيم : أما بعد ، فقد جاءني كتابك تذكر فيه(٢) معرفة ما لاينبغي تركه ، وطاعة من رضا الله رضاه ، فقبلت(٣) من ذلك لنفسك ما كانت نفسك مرتهنة ، لو تركته تعجب(٤) أن رضا الله وطاعته ونصيحته لاتقبل ولا توجد ولا تعرف إلا في عباد غرباء أخلاء(٥) من الناس قد اتخذهم(٦) الناس سخريا لما يرمونهم به من المنكرات ، وكان يقال : لايكون المؤمن مؤمنا حتى يكون أبغض إلى الناس من جيفة الحمار.

ولو لا أن يصيبك من البلاء مثل الذي أصابنا ، فتجعل فتنة الناس كعذاب الله ـ وأعيذك بالله وإيانا من ذلك ـ لقربت(٧) على بعد منزلتك.

__________________

المازندراني : «رسالة منه إليه أيضا».

(١) هكذا في «بح». وفي سائر النسخ والمطبوع والوافي والبحار : «سعد». وما أثبتناه هو الصواب ، كما تقدم ذيل ح ١٤٨٣١ ، فلاحظ.

(٢) في الوافي : «المستفاد من قولهعليه‌السلام : تذكر فيه إلى آخره ، أن سعدا ذكر في كتابه أنه عرف كذا ، وأنه قبل منه لنفسه كذا ، وأنه تعجب من كذا بأن يكون إلى قوله : من جيفة الحمار ، من كلام سعد. ويحتمل أن يكون : فعجب ، أو تعجب ، على اختلاف النسختين من كلام الإمامعليه‌السلام ».

(٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والبحار. وفي المطبوع وشرح المازندراني : «فقلت».

(٤) في «بف» وحاشية «ن ، بح» والوافي والمرآة : «فعجب». وفي حاشية اخرى ل «ن ، بح» والمرآة عن بعض النسخ : «بعجب».

(٥) في المرآة : «الأخلاء : جمع خلو بالكسر ، وهو الخالي عن الشيء ويكون بمعنى المنفرد ، ويقال : أخلى ، إذا انفرد ، أي هم أخلاء من أخلاق الناس وأطوارهم الباطلة ، أو منفردون عن الناس معتزلون عن شرارهم». وراجع : لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٢٣٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٨١ (خلا).

(٦) في الوافي : «اتخذتهم».

(٧) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : لقربت ، جزاء الشرط ، وهو إما بتشديد الراء على صيغة المتكلم المعلوم ، أي لجعلتك قريبا من الحق مع غاية بعدك عنه ، أو على صيغة المخاطب المجهول ، أو بتخفيف الراء إما بصيغة المتكلم ، أي لقربت إليك ببيان الحق والتصريح به ، أو بصيغة الخطاب ، أي لصرب قريبا بما القي إليك من الحق».

١٤٧

واعلم رحمك الله أنه(١) لاتنال(٢) محبة الله إلا ببغض كثير من الناس ، ولا ولايته إلا بمعاداتهم ، وفوت ذلك قليل يسير لدرك ذلك من الله لقوم يعلمون.

يا أخي(٣) ، إن الله ـعزوجل ـ جعل في كل من الرسل(٤) بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ، ويصبرون معهم على الأذى ، يجيبون داعي الله ، ويدعون إلى الله(٥) ، فأبصرهم رحمك الله ، فإنهم في منزلة رفيعة ، وإن أصابتهم في الدنيا وضيعة(٦) إنهم يحيون بكتاب الله الموتى ، ويبصرون(٧) بنور الله من العمى ، كم من قتيل لإبليس قد أحيوه ، وكم من تائه ضال قد هدوه ، يبذلون دماءهم دون هلكة العباد(٨) ، ما(٩) أحسن أثرهم على العباد ، وأقبح آثار العباد عليهم».(١٠)

١٤٨٣٣ / ١٨. عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، قال(١١) :

بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالسا(١٢) إذ أقبل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال له(١٣)

__________________

(١) في «د ، ع ، ل ، م ، بح ، بن ، جت ، جد» والبحار : «أنا». وفي حاشية «م ، بح» : «أنك». وفي «بف» وحاشية اخرى ل «بح» : «أن».

(٢) في «د ، ع ، ل ، م ، بح ، بن ، جت ، جد» وحاشية «بح» والبحار : «لا ننال».

(٣) في «د ، ع ، ل ، بف ، بن ، جت ، جد» والوافي : «أيا أخي».

(٤) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : في كل من الرسل ، أي في امة كل من الرسل ، أو لكل منهم بأن يكون «في» بمعنى اللام».

(٥) في حاشية «د ، بح» : + «على بصيرة».

(٦) الوضيعة : الخسارة ، والحطيطة ، أي النازلة والهابطة والساقطة. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١٩٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٣٣ (وضع).

(٧) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي. وفي المطبوع : «ويبصرن».

(٨) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : دون هلكة العباد ، أي عند إشرافهم على الهلاك ؛ لئلا يهلكوا».

(٩) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني. وفي «ن» والمطبوع والوافي : «وما».

(١٠) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٩٥ ، ح ٢٥٣٧٧ ؛ البحار ، ج ٧٨ ، ص ٣٦٢ ، ح ٣.

(١١) في شرح المازندراني : «الظاهر أنه نقله عن المعصوم وأنه الصادقعليه‌السلام ».

(١٢) في حاشية «بح» والوافي : «جالس».

(١٣) في «د ، ع ، جت» : ـ «له».

١٤٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إن فيك شبها من عيسى ابن مريم(١) ، ولو لا(٢) أن تقول(٣) فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم ، لقلت فيك قولا لاتمر بملإ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة».

قال : فغضب الأعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدة من قريش معهم ، فقالوا : ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا إلا عيسى ابن مريم ، فأنزل الله على نبيه(٤) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال :(٥) ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ ) يعني من بني هاشم( مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ ) (٦) .

قَالَ : فَغَضِبَ الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو الْفِهْرِيُّ ، فَقَالَ : اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ(٧) أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ يَتَوَارَثُونَ هِرَقْلاً(٨) بَعْدَ هِرَقْلٍ(٩) ، فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ مَقَالَةَ الْحَارِثِ ، وَنَزَلَتْ هذِهِ الْآيَةُ( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) (١٠) .

__________________

(١) في المرآة : «قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن فيك شبها من عيسى بن مريمعليه‌السلام ، لزهده وعبادته وافتراق الناس فيه ثلاث فرق».

(٢) في «جت» والبحار : «لولا» بدون الواو.

(٣) في «م» والوافي : «أن يقول». وفي «جت» بالتاء والياء معا.

(٤) في «ن» : «رسوله».

(٥) في «ن» : ـ «فقال».

(٦) الزخرف (٤٣) : ٥٧ ـ ٦٠.

(٧) في شرح المازندراني : «نسبعليه‌السلام هذا القول إلى الحارث وحده ؛ لأنه القائل به حقيقة ، ونسب جل شأنه إليه وإلى شركائه في التهكم والتكذيب والإصرار على الإنكار ، حيث قال : «وإذ قالوا اللهم» باعتبار رضائهم بصدور الفعل عنه ، والراضي بالفعل فاعل مجازا».

(٨) «هرقل» ، كسبحل وزبرج : ملك الروم ، أول من ضرب الدنانير ، وأول من أحدث البيعة. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤١٣ (هرقل).

(٩) قال العلامة المازندراني : «أي توارث هرقل بعد هرقل ، حذف المفعول المطلق واقيم المضاف إليه مقامه واعرب بإعرابه». وقال العلامة المجلسي : «أي ملكا بعد ملك».

(١٠) الأنفال (٨) : ٣٣.

١٤٩

ثم قال له(١) : «يا ابن(٢) عمرو إما تبت ، وإما رحلت».

فقال : يا محمد ، بل(٣) تجعل لسائر قريش شيئا مما في يديك ، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم.

فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ليس ذلك(٤) إلي ، ذلك إلى الله تبارك وتعالى».

فقال : يا محمد ، قلبي ما يتابعني على التوبة ، ولكن أرحل عنك ، فدعا براحلته فركبها ، فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة(٥) ، فرضخت(٦) هامته(٧) ، ثم أتى الوحي إلى(٨) النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال :( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ (٩) لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ ) (١٠) .

__________________

(١) في البحار : ـ «له».

(٢) في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بن ، جد» وشرح المازندراني : ـ «ابن». وفي حاشية «ن» : «با».

(٣) في «ع» : ـ «بل».

(٤) في «بف» : «ذاك».

(٥) الجندلة : واحدة الجندل ، وهو الحجارة قدر ما يرمى بالمقذاف ، أو ما يقل الرجل من الحجارة ، أو هو الحجركله. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ص ٣٢٢ ؛ لسان العرب ، ج ١١ ، ص ١٢٨ (جندل).

(٦) في «د ، م ، بح ، جت» والمرآة والبحار : «فرضت». وفي «بف» : «فوضحت». وفي شرح المازندراني : «فرضحت». والرضخ : الشدخ والكسر والدق والرمي. الصحاح ، ج ١ ، ص ٤٢٢ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٢٩ (رضخ).

(٧) الهامة : الرأس من كل شيء. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٤٢ (هوم).

(٨) في «ع ، بف» والوافي : ـ «إلى».

(٩) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والمرآة. وفي «جت» وحاشية «م ، بح ، بن» والمطبوع والوافي : + «بولاية علي». وفي الشروح أنه سقط بعد قوله تعالى :( لِلْكافِرينَ ) شيء رواه المصنف في «باب نكت من التنزيل» ، وهو قوله : «بولاية عليعليه‌السلام ».

وقال المحقق الشعراني في هامش شرح المازندراني : «احتمال السقط في القرآن رغم باطل عند أكابر العلماء والمحدثين ، ورد رواية أبي بصير التي في طريقها سليمان الديلمي ـ الذي قيل فيه : إنه كان غاليا كذابا ، وكذلك ابنه الراوي عنه ، كما في الخلاصة والنجاشي ـ أولى من احتمال التحريف في القرآن العظيم ، على أن السورة مكية بالاتفاق ، فالقول بأنها نزلت بعد نصب أمير المؤمنين عليه‌السلام للخلافة قول باطل ، كما لا يخفى ، ونسبته إلى الصادق عليه‌السلام فرية محضة نستجير بالله منها». راجع : رجال النجاشي ، ص ١٨٢ ، الرقم ٤٨٢ ؛ خلاصة الأقوال ، ص ٣٥٠.

(١٠) المعارج (٧٠) : ١ ـ ٣.

١٥٠

قال : قلت : جعلت فداك ، إنا لانقرؤها هكذا ، فقال : «هكذا والله نزل(١) بها جبرئيل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمةعليها‌السلام ».

فقال رسول الله(٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله لمن حوله من المنافقين : «انطلقوا إلى صاحبكم ، فقد أتاه ما استفتح به ، قال اللهعزوجل :( وَاسْتَفْتَحُوا (٣) وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) (٤) ».(٥)

١٤٨٣٤ / ١٩. محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن محمد بن مسلم :

عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله(٦) عزوجل :( ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ) (٧) قال : «ذاك(٨) والله حين قالت الأنصار : منا أمير ، ومنكم أمير».(٩)

١٤٨٣٥ / ٢٠. وعنه ، عن محمد بن علي(١٠) ، عن ابن مسكان ، عن ميسر :

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : قلت : قول اللهعزوجل :( وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ) ؟

قال : فقال : «يا ميسر ، إن الأرض كانت فاسدة ، فأصلحها الله ـعزوجل ـ

__________________

(١) في «جت» : «أنزل الله».

(٢) في «م» : «النبي».

(٣) في المرآة : «ظاهر الخبر أن المراد بالاستفتاح استفتاح العذاب».

(٤) إبراهيم (١٤) : ١٥.

(٥) راجع : تفسير فرات الكوفي ، ص ٤٠٥ و ٤٠٦ ، ح ٥٤٣ و ٥٤٤ الوافي ، ج ٣ ، ص ٩٣٢ ، ح ١٦٢١ ؛ وفيه ، ص ٧٣١ ، ح ١٣٤٢ ، إلى قوله : «يلتمسون بذلك البركة» ؛ البحار ، ج ٣٥ ، ص ٣٢٣ ، ح ٢٢.

(٦) في «بح ، جت» وحاشية «د» : «في قول الله».

(٧) الروم (٣٠) : ٤١.

(٨) في «بف» وتفسير القمي : «ذلك».

(٩) تفسير القمي ، ج ٢ ، ص ١٦٠ ، بسنده عن علي بن النعمان الوافي ، ج ٣ ، ص ٩٣٣ ، ح ١٦٢٢ ؛ البحار ، ج ٢٨ ، ص ٢٥٠ ، ح ٣١.

(١٠) لم نجد رواية محمد بن علي عن ابن مسكان ـ وهو عبد الله ـ مع الفحص الأكيد في موضع. فلا يبعد وقوع التحريف في السند ، بأن يكون الأصل فيه هكذا : «وعنه ، عن محمد ، عن علي ، عن ابن مسكان» ، فيتضح أمر السند.

١٥١

بنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال :( وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ) (١) ».(٢)

خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام

١٤٨٣٦ / ٢١. علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي(٣) ، قال :

خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم صلى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال :

«ألا(٤) إن أخوف ما أخاف عليكم خلتان(٥) : اتباع الهوى ، وطول الأمل ؛ أما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة.

ألا إن(٦) الدنيا قد ترحلت(٧) مدبرة ، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة(٨) ، ولكل

__________________

(١) الأعراف (٧) : ٥٦ و ٨٥.

وفي الوافي : «يعني أن الآية كناية عما أحدثوا بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من صرف الأمر عن أهله وتوليته غير أهله».

(٢) تفسير العياشي ، ج ٢ ، ص ١٩ ، ح ٥١ ، عن ميسر الوافي ، ج ٣ ، ص ٩١٠ ، ح ١٥٨٦ ؛ البحار ، ج ٢٨ ، ص ٢٥٠ ، ح ٣٢.

(٣) هكذا في حاشية «بم» والبحار. وفي «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بف ، بم ، بن ، جت ، جد» والمطبوع والوسائل : «إبراهيم بن عثمان عن سليم بن قيس الهلالي».

وقد وردت قطعة من هذه الخطبة الطويلة في الكافي ، ح ١٤٢١ ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس. وورد هذا الطريق المنتهي إلى سليم في الكافي ، ح ٧٧٥ و ١٣٩١ أيضا. وهذا الطريق طريق سليم لا خدشة فيه ولا اختلال ، كما ظهر ذلك مما قد مناه في الكافي ، ذيل ح ٥٠٤ ، فلا حظ.

(٤) في «ع» : ـ «ألا».

(٥) في حاشية «د ، بح ، جت» : «خصلتان». وفي الكافي ، ح ١٩٠٧ والأمالي للمفيد : «اثنتين». وفي الإرشاد ونهج البلاغة : «اثنان». والخلة : الخصلة. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣١٥ (خلل).

(٦) في «م ، بح ، بن» وحاشية «ن» : «وإن».

(٧) الترحل : الانتقال. لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٢٧٩ (رحل).

(٨) في نهج البلاغة : «قد ولت حذاء ، فلم يبق منها إلاصبابة كصبابة الإناء اصطبها صابها ، ألا وإن الآخرة قد

١٥٢

واحدة(١) بنون ، فكونوا(٢) من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا(٣) ، فإن اليوم عمل ولا حساب ، وإن غدا حساب ولا عمل ، وإنما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع ، وأحكام تبتدع ، يخالف فيها حكم الله ، يتولى(٤) فيها رجال رجالا.

ألا(٥) إن الحق لو خلص لم يكن اختلاف ، ولو أن الباطل(٦) خلص لم يخف على ذي حجى(٧) ، لكنه يؤخذ من هذا ضغث(٨) ، ومن هذا ضغث ، فيمزجان ، فيجتمعان(٩) ، فيجللان(١٠) معا ، فهنالك(١١) يستولي(١٢) الشيطان على أوليائه ، ونجا الذين سبقت لهم من الله(١٣) الحسنى.

إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : كيف أنتم إذا لبستكم(١٤) فتنة يربو(١٥) فيها

__________________

أقبلت» بدل «قد ترحلت مدبرة ، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة».

(١) في شرح المازندراني ونهج البلاغة : «ولكل منهما». والبحار والإرشاد : + «منهما».

(٢) في الارشاد : + «إن استطعتم».

(٣) في نهج البلاغة : + «فإن كل ولد سيلحق بأبيه يوم القيامة».

(٤) في حاشية «ن» : «يستولي».

(٥) في «د ، ع ، ل ، ن ، بن» وشرح المازندراني : ـ «ألا».

(٦) في «بن» : «وأن الباطل لو» بدل «ولو أن الباطل».

(٧) الحجى : العقل والفطنة ، والجمع : أحجاء. لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ١٦٥ (حجو).

(٨) «الضغث» : قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس. الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٨٥ (ضغث).

(٩) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي والبحار. وفي المطبوع : ـ «فيجتمعان».

(١٠) في «بن» وحاشية «د» والكافي ، ح ١٦١ : «فيجيئان». وفي حاشية «جت» والمرآة والبحار : «فيجليان». وفي شرح المازندراني : «فيخللان». والتجليل : التغطية ، يقال : جللت الشيء ، إذا غطيته. المصباح المنير ، ص ١٠٦ (جلل).

(١١) في البحار : «فهناك».

(١٢) في الكافي ، ح ١٦١ : «استحوذ».

(١٣) في حاشية «ن ، بح» : «منا» بدل «من الله».

(١٤) في حاشية «ن» : «لبستم». وفي حاشية «بح» وشرح المازندراني : «ألبستم».

وفي المرآة : «قوله عليه‌السلام : ولبستم ، كذا في بعض النسخ ، وهو ظاهر ، وفي بعضها : البستم ، على بناء المجهول من الإفعال ، وهو أظهر ، وفي أكثرها : ألبستكم ، فيحتمل المعلوم والمجهول بتكلف إما لفظا وإما معنى».

(١٥) في شرح المازندراني : «يربو فيها الصغير ، أي ينمو ويرتفع ، وهو كناية عن امتداد زمانها ، أو يموت من فزع ؛ من ربا فلان : إذا انتفخ من فزع». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٨٧ (ربو).

١٥٣

الصغير ، ويهرم فيها الكبير ، يجري الناس عليها ويتخذونها سنة ، فإذا(١) غير منها شيء قيل : قد غيرت السنة ، وقد أتى الناس منكرا ، ثم تشتد البلية ، وتسبى الذرية ، وتدقهم(٢) الفتنة كما تدق النار الحطب ، وكما تدق الرحى بثفالها(٣) ، ويتفقهون لغير الله ، ويتعلمون لغير العمل ، ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة».

ثم أقبل بوجهه ـ وحوله ناس من أهل بيته وخاصته وشيعته ـ فقال : «قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، متعمدين لخلافه(٤) ، ناقضين لعهده ، مغيرين لسنته ، ولو حملت الناس على تركها ، وحولتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لتفرق عني جندي حتى أبقى وحدي ، أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله وسنة رسول الله(٥) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيمعليه‌السلام فرددته إلى الموضع الذي وضعه(٦) فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٧) ، ورددت فدك(٨) إلى ورثة فاطمةعليه‌السلام (٩) ، ورددت

__________________

(١) في حاشية «بح» : «وإذا».

(٢) الدق : الكسر ، أو أن تضرب الشيء بالشيء حتى تهشمه. راجع : لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٠٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٧٣ (دقق).

(٣) في «بح ، جد» وحاشية «م» : «بثقالها». وفي المرآة : «في أكثر النسخ بالقاف ، ولعله تصحيف. والظاهر : الفاء». وقال ابن الأثير : «في حديث عليرضي‌الله‌عنه : وتدقهم الفتن دق الرحى بثفالها ، الثفال بالكسر : جلدة تبسط تحت رحى اليد ليقع عليها الدقيق ، ويسمى الحجر الأسفل ثفالا بها ، والمعنى : أنها تدقهم دق الرحى للحب إذا كانت مثفلة ، ولا تثفل إلاعند الطحن». النهاية ، ج ١ ، ص ٢١٥ (ثفل).

(٤) في «جد» : «بخلافه».

(٥) في «بن» : «رسوله».

(٦) في «ن» : «يوضعه».

(٧) في شرح المازندراني : «مقامهعليه‌السلام كان متصلا بجدار البيت عند الباب ، ثم نقل في الجاهلية إلى الموضع المعروف الآن ، ثم رده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الموضع الأول ، ثم رده الثاني إلى الموضع الثاني». ونحوه في الوافي.

(٨) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي والبحار. وفي المطبوع : «فدكا».

(٩) في شرح المازندراني : «ورددت فدك إلى ورثة فاطمةعليها‌السلام ، دل على أنهعليه‌السلام لم يرد فدكا في خلافته ؛ لإفضائه إلى الفساد والتفرقة ، فلا ترد ما أورده بعض العامة من أن أخذ فدك لو لم يكن حقا لردهعليه‌السلام في خلافته».

١٥٤

صاع(١) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما كان ، وأمضيت قطائع(٢) أقطعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ ، ورددت دار جعفرعليه‌السلام إلى ورثته(٣) ، وهدمتها من المسجد ، ورددت قضايا من الجور قضي بها(٤) ، ونزعت نساء(٥) تحت رجال بغير حق ، فرددتهن إلى أزواجهن ، واستقبلت بهن الحكم(٦) في الفروج والأحكام ، وسبيت ذراري بني تغلب(٧) ، ورددت

__________________

(١) في شرح المازندراني : «الصاع الذي يكال به ويدور عليه أحكام المسلمين أربعة أمداد بالاتفاق ، وإن اختلفوافي تفسير المد ، كما هو مذكور في الفروع ، وأما صاع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد روى الشيخ بطريقين عن سليمان بن حفص المروزي عن أبي الحسنعليه‌السلام والظاهر أنه الهاديعليه‌السلام ، وبطريق آخر عن سماعة أنه خمسة أمداد ، والأول ضعيف ، والثاني موثق ، ولو ثبت ذلك فالأمر مشكل ؛ لأن الظاهر أن الأحكام الصاعية مترتبة على صاعهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا على صاع حدث بعده ، إلا أن يقال : إن الأئمةعليهم‌السلام جوزوا بناءها عليه ؛ والله أعلم». وراجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٦٠ (صوع).

(٢) في شرح المازندراني : «القطائع : جمع القطيعة ، وهي أرض أو دار أقطعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لبعض الصحابة ليعمروها ويزرعوها ، أو يسكنوها ويستبدوا بها ، والإقطاع يكون تمليكا وغير تمليك ، ولعل هنا المراد الأول». وفي اللغة : القطيعة : طائفة من أرض الخراج ، ويقال : أقطعه قطيعة ، أي أذن له في اقتطاعها ، أي أخذها. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٨٢ ؛ لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٢٨٠ (قطع).

(٣) في شرح المازندراني : «كأنها غصبت وادخلت في المسجد» ، ونحوه في الوافي. وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «قوله : ورددت دار جعفر إلى ورثته ، هذا جعفر بن أبي طالب اخذت داره قهرا على ورثته بغير رضاهم وجعلت في المسجد ، ولكن نقلوا أن عمر بن الخطاب اشترى نصف دارهم بمائة ألف وجعله في المسجد ، ثم أدخل نصفه الباقي عثمان ، ويبعد كونهم غير راضين بتسليم دارهم للمسجد».

(٤) في الوافي : «وذلك كقضاء عمر بالعول والتعصيب في الإرث ، وكقضائه بقطع السارق من معصم الكف ومفصل ساق الرجل خلافا لما أمر به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من ترك الكف والعقب ، وإنفاذه في الطلاق الثلاث المرسلة ، ومنعه من بيع امهات الأولاد وإن مات الولد وقال : هذا رأي رأيته فأمضاه على الناس ، إلى غير ذلك من قضاياه وقضايا الآخرين».

(٥) في «جت» : + «قريش».

(٦) في «بف» : «بهذا حكم». وفي الوافي : «بهذا الحكم».

(٧) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : وسبيت ذراري بني تغلب ؛ لأن عمر رفع عنهم الجزية ، فهم ليسوا بأهل ذمة فيحل سبي ذراريهم ، كما روي عن الرضاعليه‌السلام ».

وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «سبق ما يتعلق ببني تغلب في كتاب الزكاة وذكرنا في حواشيه أن الأمر جار على ما صالح معهم عمر ، ثم إن من الواضح والمعلوم أنه لا يجوز سبي ذراري أهل الذمة بسبب بطلان بعض شروط فاسدة ، ولكن رواية سليم غير حجة ، كما ثبت في محله».

١٥٥

ما قسم من أرض خيبر ، ومحوت دواوين العطايا(١) ، وأعطيت كما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعطي بالسوية ، ولم أجعلها دولة بين الأغنياء(٢) ، وألقيت المساحة(٣) ، وسويت بين

__________________

(١) في الوافي : «ومحوت دواوين العطايا ، أشار بذلك إلى ما ابتدعه عمر في عهده من وضعه الخراج على أرباب الزراعات والصناعات والتجارات لأهل العلم وأصحاب الولايات والرئاسات والجند ، وجعل ذلك عليهم بمنزلة الزكاة المفروضة ودون دواوين وأثبت فيها أسماء هؤلاء وأسماء هؤلاء وأثبت لكل رجل من الأصناف الأربعة ما يعطى من الخراج الذي وضعه على الأصناف الثلاثة وفضل في الإعطاء بعضهم على بعض ووضع الدواوين على يد شخص سماه صاحب الديوان وأثبت له اجرة من ذلك الخراج ، وعلى هذه البدعة جرت سلاطين الجور وحكامهم إلى الآن ولم يكن شيء من ذلك على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا على عهد أبي بكر ، وإنما الخراج للإمام فيما يختص به من الأراضي خاصة يصنع به ما يشاء كما مضى بيانه في كتاب الزكاة». وراجع : شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٣٧٣ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ١٣٤.

وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي :

«قوله : الخراج على أرباب الزراعات والصناعات والتجارات ، لا أعرف مقصود المصنف ، ولا من أين أخذه ، ولم يذكر ما ذكره المصنف هنا أحد ممن ألف في أحكام الخراج ووصل إلينا أقوالهم ، ولعله حدس وتخمين دعاه إليه حسن ظنه بكتاب سليم واعتقاده صحة جميع ما فيه ، والحق أن تدوين الدواوين وضبط أهل الخراج والأراضي الخراجية ومقادير الزكوات وسائر الارتفاعات وأهل العطاء وتعيين صاحب الديوان وأخذ الخراج من الأراضي المفتوحة عنوة ومساحة الأراضي لذلك ، لم تكن خلاف المشروع ، ولا يجوز أن تعد في مبدعات عمر وإن كانت له بدع كثيرة ، وليست الأراضي المفتوحة عنوة مختصة بالإمام ، بل هي لعامة المسلمين الحاضرين ومن يأتي إلى يوم القيامة كما سبق ، وكذلك بعض ما ذكره المصنف رحمه‌الله بعد ذلك ليس مأخوذا من أصل صحيح ، ومأخذ ما يعتمد عليه ، بل حدس وتخمين ، ومنها قوله : كأنهم عكسوا الأمر بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك لأنه لم يرد في التواريخ ولم يذكروا أن الخلفاء قبل أمير المؤمنين سدوا باب بيته عليه‌السلام ولا فتحوا أبواب سائر الأصحاب ، والله العالم ، والحق أنه لا يتيسر لنا توجيه كثير من فقر هذه الرواية بوجه صحيح موافق للواقع ، بحيث لا يخالف اصول المذهب ، وواضع الكتاب أعرف بمراده منها وإن كان ظاهرها منا كير».

(٢) الدولة : هو ما يتداول من المال فيكون لقوم دون قوم. وفي الوافي : «يعني أن يتداولوه بينهم ويحرموا الفقراء». وراجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ١٤٠ (دول).

(٣) قال الجوهري : «مسح الأرض مساحة ، أي ذرعها». وقال الفيومي : «مسحت الأرض مسحا : ذرعتها ، والاسم : المساحة بالكسر».

وقال العلامة المازندراني : «قوله : وألقيت المساحة ، المقدرة بينهم ، وهي بالكسر : الذرع الذي يقدر به

١٥٦

المناكح(١) ، وأنفذت خمس الرسول(٢) كما أنزل(٣) الله ـعزوجل ـ وفرضه ، ورددت مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ما كان عليه(٤) ، وسددت ما فتح فيه من الأبواب(٥) ، وفتحت ما سد منه ، وحرمت المسح على الخفين ، وحددت على النبيذ(٦) ، وأمرت بإحلال

__________________

الجريب ، وهو أربعة أقفزة ، والقفيز مائة وأربعة وأربعون ذرعا ، فالجريب عندهم خمسمائة وستة وسبعون ذرعا».

وقال العلامة الفيض : «لعل المراد بالمساحة مساحة الأرض للخراج». وقال العلامة المجلسي : «قوله عليه‌السلام : وألقيت المساحة ، إشارة إلى ما عده الخاصة والعامة من بدع عمر أنه قال : ينبغي مكان هذا العشر ونصف العشر دراهم نأخذها من أرباب الأملاك ، فبعث إلى البلدان من مسح على أهلها فألزمهم الخراج ، فأخذ من العراق يوما يليها ما كان أخذه منهم ملوك الفرس على كل جريب درهما واحدا وقفيزا من أصناف الحبوب ، وأخذ من مصرو نواحيها دينارا وإردبا عن مساحة جريب ، كما كان يأخذ منهم ملوك الإسكندرية. وقد روى محيي السنة وغيره من علمائهم عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : منعت العراق درهمها وقفيزها ، ومنعت الشام مدها ودينارها ، ومنعت المصر إردبها ودينارها. والإردب لأهل مصر أربعة وستون منا ، وفسره أكثرهم بأنه قد محا ذلك شريعة الإسلام ، وكان أول بلد مسحه عمر بلد الكوفة ، وتفصيل الكلام في ذكر هذه البدع موكول إلى الكتب المبسوطة التي دونها أصحابنا لذلك ، كالشافي للسيد المرتضى ، وعسى الله أن يوفقنا لبسط الكلام في بدع أهل الكفر والجور في شرح كتاب الحجة».

وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «قوله : «وألقبت المساحة ، كأنه إشارة إلى ما فعل عمر من مساحة أرض العراق وأخذ الخراج منها على المساحة ، وليس ذلك ممنوعا في فقهنا ، ولكن الراوي ؛ أعني واضع الكتاب ، وهو أبان بن أبي عياش ظنها عملا غير مشروح فأدرجه في البدع». راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٤٠٤ ؛ المصباح المنير ، ص ٥٧٢ (مسح).

(١) في الوافي : «وسويت بين المناكح ، أشار بذلك إلى ما ابتدعه عمر من منعه غير قريش أن يتزوج في قريش ، ومنعه العجم من التزويج في العرب».

(٢) في شرح المازندراني : «وأنفذت خمس الرسول ، كان الأول يملكه ويصرفه في أقاربه ، والثاني يصرفه في المسلمين ويمنع منه آل الرسول».

(٣) في «ل ، م ، بح ، بن ، جد» وحاشية «جت» : «أنزله».

(٤) في الوافي : «يعني أخرجت منه مازادوه فيه».

(٥) في الوافي : «وسددت ما فتح إشارة إلى ما نزل جبرئيلعليه‌السلام من الله سبحانه من أمره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بسد الأبواب من مسجده إلاباب علي ، وكأنهم قد عكسوا الأمر بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٦) في الوافي : «وحرمت المسح على الخفين ، إشارة إلى ما ابتدعه عمر من إجازته المسح على الخفين في الوضوء ثلاثا للمسافر ويوما وليلة للمقيم ، وقد روت عائشة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى وضوءه على جلد غيره. وحددت على النبيذ ، وذلك أنه استحلوه».

١٥٧

المتعتين(١) ، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات(٢) ، وألزمت(٣) الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم(٤) ، وأخرجت من أدخل مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجده ممن كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخرجه ، وأدخلت(٥) من أخرج بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ممن كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أدخله(٦) ، وحملت الناس على حكم القرآن وعلى الطلاق على السنة ، وأخذت الصدقات على أصنافها وحدودها(٧) ، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها(٨) ، ورددت أهل نجران إلى مواضعهم(٩) ، ورددت سبايا

__________________

(١) في الوافي : «وأمرت بإحلال المتعتين ؛ يعني متعة النساء ومتعة الحج ، قال عمر : متعتان كانتا على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنا احر مهما واعاقب عليهما : متعة النساء ومتعة الحج».

(٢) في الوافي : «وذلك أنهم جعلوها أربعة».

(٣) في «جت» : «وأمرت».

(٤) في الوافي : «وذلك أنهم يتخافتون بها ، أو يسقطونها في الصلاة». وفي المرآة : «يدل ظاهرا على وجوب الجهر بالبسملة مطلقا ، وإن أمكن حمله على تأكد الاستحباب».

(٥) في «جت» : «فأدخلت».

(٦) في شرح المازندراني : «أدخلوا كثيرا من المنافقين الذين أخرجهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأدخل فيه الثالث الحكم بن عاص وأولاده وكانوا طريد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأعداءه ، فزوج إحدى بنتيه مروان بن الحكم ، واخراهما حارث بن الحكم وأعطاهم خمس غنائم إفريقية ومن بيت مال المسلمين أموالا جزيلة ورجحهم على أعاظم الصحابة ، وأخرج أباذر إلى الشام ، ثم إلى الربذة ؛ لأنه كان يخطئه ويعد قبائحه على رؤوس الأشهاد». وقيل في معنى العبارة احتمالات اخر ، وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «قوله : وأدخلت من اخرج بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيه إبهام لا يعلم ما أراد وأبان به». راجع : مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ١٣٥ و ١٣٦.

(٧) في الوافي : «وأخذت الصدقات على أصنافها ، وهي الأجناس التسعة ؛ فإنهم أوجبوها في غيرذلك. وحدودها ، أي نصبها ؛ فإنهم خالفوا فيها وفي سائر أحكامها».

(٨) في الوافي : «وذلك أنهم خالفوا في كثير منها ، كإبداعهم في الوضوء ومسح الاذنين وغسل الرجلين والمسح على العمامة والخفين ، وانتقاضه بملامسة النساء ومس الذكر وأكل ما مسته النار ، وغير ذلك مما لا ينقضه ، وكإبداعهم الوضوء مع غسل الجنابة ، وإسقاط الغسل في التقاء الختانين من غير إنزال ، وإسقاطهم من الأذان «حي على خير العمل» وزيادتهم فيه : «الصلاة خير من النوم» ، وتقديمهم التسليم على التشهد الأول في الصلاة مع أن الفرض من وضعه التحليل منها ، وإبداعهم وضع اليمين على الشمال فيها ، وحملهم الناس على الجماعة في النافلة وعلى صلاة الضحى ، وغير ذلك وأكثرها من مبتدعات عمر».

(٩) في شرح المازندراني : «ورددت أهل نجران إلى مواضعهم ، كأنهم كانوا من أهل الذمة وهم أخرجوها عن

١٥٨

فارس(١) وسائر الأمم إلى كتاب الله وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا لتفرقوا عني(٢) .

والله لقد أمرت الناس أن لايجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة ، وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي : يا أهل الإسلام ، غيرت سنة عمر ، ينهانا(٣) عن الصلاة في شهر رمضان تطوعا ، ولقد خفت أن يثوروا(٤) في ناحية جانب عسكري ما لقيت من هذه الأمة(٥) من الفرقة وطاعة أئمة

__________________

مواضعهم». وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «قوله : ورددت أهل نجران إلى مواضعهم ، قال المجلسيرحمه‌الله في مرآة العقول : لم أظفر إلى الآن بكيفية إخراجهم وسببه وبمن أخرجهم ، انتهى. أقول : أشرنا إلى ذلك في كتاب الزكاة وذكرنا أن عمر أجلاهم من اليمن إلى أرض العراق ، وفي كتاب الخراج لأبي يوسف القاضي أن عمر خافهم على المسلمين ، وفيه أنهم جاؤوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام طلبوا أن يردهم إلى بلادهم فأبى عليعليه‌السلام أن يرد هم». وراجع : فتوح البلدان ، ج ١ ، ص ٧٨.

(١) في شرح المازندراني : «في القاموس : فارس : الفرس ، أو بلادهم ، وفيه ـ أي في قولهعليه‌السلام : ورددت سبايا فارس ـ دلالة على أن تلك السبايا لم تقسم على وجه مشروع ، بل على أنها من حقهعليه‌السلام ؛ لدلالة الأخبار على أن ما أخذه السلطان الجائر من الكفار بالحرب بغير إذن الإمام فهولهعليه‌السلام ».

وفي المرآة : «قوله عليه‌السلام : ورددت سبايا فارس ، لعل المراد الاسترداد ممن اصطفاهم وأخذ زائدا من حظه».

وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «مراد الراوي غير واضح ، وظني أن أول الخطبة كان من أمير المؤمنين عليه‌السلام ونقلها في نهج البلاغة أيضا ، وأواخر الخطبة مما يزيد فيها في كتاب سليم ، والراجح أن هذا الكتاب موضوع وينسب إلى أبان بن أبي عياش ، والظاهر أنه وضعه لغرض صحيح على لسان سليم بن قيس ؛ لتعليم الحجة ، فهو نظير كتاب الطرائف الذي وضعه السيد ابن طاووس على لسان عبد المحمود النصراني الذي أسلم وتحير في اختيار المذهب ، ولا يبعد أن يتضمن كتاب سليم امورا غير صحيحة اشتبه الأمر فيه على واضع الكتاب ؛ لأنه غير معصوم : وقال العلامة رحمه‌الله : إن الوجه توثيق سليم والتوقف في الفاسد من كتابه». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧٧١ (فرس).

(٢) في شرح المازندراني : «إذا لتفرقوا عني ، جواب للشرط ، وهو قوله سابقا : أرأيت لو أمرت ، إلى آخره. وفيه دلالة على أن أكثر أصحابه وعساكره كانوا من أهل الخلاف القائلين بخلافة الثلاثة ، ثم أكدعليه‌السلام مضمون الشرط والجزاء فقال : والله لقد أمرت الناس ...».

(٣) في «ع ، ل ، بف ، جد» وحاشية «جت» والوافي : «نهانا».

(٤) في شرح المازندراني : «الثور : الهيجان ، والوثب ، وأثاره وثوره غيره. والناحية : الجانب. وهي على الأول بالإضافة ، وعلى الثاني بالتنوين. و «جانب» مفعول». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥١٣ (ثور).

(٥) في شرح المازندراني : «مالقيت من هذه الامة ، قال الفاضل الأمين الإسترآبادي : هذا تعليل لـ «خفت»

١٥٩

الضلالة(١) والدعاة إلى النار ؛ وأعطيت من ذلك سهم ذي القربى(٢) الذي قال اللهعزوجل :( إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ ) (٣) فنحن والله عنى بذي القربى الذي(٤) قرننا الله بنفسه وبرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال :( فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) فينا(٥) خاصة( كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ ) في ظلم آل محمد( إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ) (٦) لمن ظلمهم ، رحمة منه لنا ، وغنى أغنانا الله به ، ووصى به(٧) نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا ، أكرم الله رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأكرمنا أهل البيت أن يطعمنا من أوساخ الناس ، فكذبوا الله وكذبوا رسوله ، وجحدوا كتاب الله الناطق بحقنا ، ومنعونا فرضا فرضه الله لنا ، ما لقي أهل بيت نبي من أمته ما لقينا بعد نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والله المستعان على من ظلمنا ، ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم».(٨)

__________________

ولامه محذوفة والتقدير : لما لقيت». وفي الوافي : «ما لقيت من هذه الامة ، تعجب مما لقي من الأذى». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : ما لقيت من ، كلام مستأنف للتعجب».

(١) في الوافي : «الضلال».

(٢) في شرح المازندراني : «وأعطيت من ذلك سهم ذي القربى ، الظاهر أنه عطف على «لقيت». وفي الوافي : «وأعطيت من ذلك سهم ذي القربى ، استئناف وعطفه على «أمرت الناس» لا يخلو من حزازة». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : وأعطيت ، رجوع إلى الكلام السابق ، ولعل التأخير من الرواة».

(٣) الأنفال (٨) : ٤١.

(٤) في «بن» : «الذين».

(٥) في «بف» والوافي : «منا».

(٦) الحشر (٥٩) : ٧.

(٧) في «د ، ع ، ل ، بف» وحاشية «جت» : «بها».

(٨) كتاب سليم بن قيس ، ص ٧١٨ ، ح ١٨ ، إلى قوله : «وأكرمنا أهل البيت أن يطعمنا من أوساخ الناس» مع زيادة في أوله. وفي الإرشاد ، ج ١ ، ص ٢٣٥ ؛ والأمالي للمفيد ، ص ٢٠٧ ، المجلس ٢٣ ، ح ٤١ ؛ والأمالي للطوسي ، ص ١١٧ ، المجلس ٤ ، ح ٣٧ ؛ وص ٢٣١ ، المجلس ٩ ، ح ١ ، بسند آخر ، إلى قوله : «وإن غدا حساب ولا عمل» مع اختلاف يسير. وفي الكافي ، كتاب فضل العلم ، باب البدع والرأي والمقاييس ، ح ١٦١ ؛ والمحاسن ، ص ٢٠٨ و ٢١٨ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٧٤ و ١١٤ ، بسند آخر عن أبي جعفر ، عن أمير المؤمنينعليهما‌السلام ، من قوله : «إنما بدء وقوع الفتن» إلى قوله : «ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى» مع اختلاف يسير. وفي نهج البلاغة ، ص ٨٣ ، الخطبة ٤٢ ؛ وخصائص الأئمةعليهم‌السلام ، ص ٩٦ ، مرسلا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إلى قوله : «وإن غدا

١٦٠