الكافي الجزء ١٥

الكافي0%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الكافي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي
تصنيف: الصفحات: 909
المشاهدات: 78503
تحميل: 4293


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 78503 / تحميل: 4293
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء 15

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وهو قول اللهعزوجل :( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ ) (١) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

وَكَانَ مَنْ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ(٢) مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مُسْتَخْفِينَ(٣) ، وَلِذلِكَ خَفِيَ ذِكْرُهُمْ فِي الْقُرْآنِ ، فَلَمْ يُسَمَّوْا كَمَا سُمِّيَ مَنِ اسْتَعْلَنَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ـ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ(٤) ـ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ) (٥) يعني لم أسم المستخفين كما سميت المستعلنين من الأنبياءعليهم‌السلام .

فمكث نوحعليه‌السلام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما لم يشاركه في نبوته أحد ، ولكنه قدم على قوم مكذبين للأنبياءعليهم‌السلام الذين كانوا بينه وبين آدمعليه‌السلام ، وذلك قول اللهعزوجل :( كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ) (٦) يَعْنِي مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آدَمَعليه‌السلام إِلى أَنِ انْتَهى إِلى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :( وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) .

ثم إن نوحاعليه‌السلام لما انقضت نبوته واستكملت(٧) أيامه ، أوحى الله ـعزوجل ـ إليه أن يا نوح ، قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك ، فاجعل العلم الذي عندك والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم(٨) النبوة في العقب من ذريتك(٩) ، فإني لن أقطعها كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياءعليهم‌السلام التي بينك وبين آدمعليه‌السلام ، ولن أدع الأرض إلا وفيها عالم يعرف به ديني ، وتعرف(١٠) به طاعتي ، ويكون نجاة لمن يولد فيما بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر.

وبشر نوح ساما بهودعليه‌السلام ، فكان(١١) فيما بين نوح وهود من

__________________

(١) هود (١١) : ٢٥ ؛ المؤمنون (٢٣) : ٢٣ ؛ العنكبوت (٢٩) : ١٤.

(٢) في «بن» : «نوح وآدم».

(٣) في كمال الدين : + «ومستعلنين».

(٤) في «ن ، جت» والوافي : «عليهم‌السلام» بدل «صلوات الله عليهم أجمعين». وفي «بن» : ـ «أجميعن».

(٥) النساء (٤) : ١٦٤.

(٦) الشعراء (٢٦) : ١٠٥.

(٧) في «بن» وحاشية «بح» : «واستكمل».

(٨) في «بف» وكمال الدين : ـ «علم».

(٩) في كمال الدين : + «عند سام».

(١٠) في «م ، ن ، بح ، بف» : «ويعرف».

(١١) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : «وكان».

٢٨١

الأنبياءعليهم‌السلام (١) ، وقال نوح : إن الله باعث نبيا يقال له : هود ، وإنه يدعو قومه إلى الله ـعزوجل ـ فيكذبونه ، والله ـعزوجل ـ مهلكهم بالريح ، فمن أدركه منكم فليؤمن به وليتبعه ، فإن الله ـعزوجل ـ ينجيه من عذاب الريح.

وأمر نوحعليه‌السلام ابنه ساما أن يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة ، فيكون يومئذ عيدا(٢) لهم ، فيتعاهدون فيه ما عندهم(٣) من العلم والإيمان والاسم الأكبر ومواريث العلم وآثار علم(٤) النبوة ، فوجدوا هودا نبياعليه‌السلام وقد(٥) بشر به أبوهم نوحعليه‌السلام ، فآمنوا به واتبعوه وصدقوه ، فنجوا من عذاب الريح وهو قول اللهعزوجل :( وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً ) (٦) وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :( كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ ) (٧) وقال تبارك وتعالى :( وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ) (٨) وقوله :( وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا ) لنجعلها(٩) في أهل بيته( وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ ) (١٠) لنجعلها في أهل بيته ، وأمر(١١) العقب(١٢) من ذرية(١٣) الأنبياءعليهم‌السلام من كان قبل إبراهيم لإبراهيمعليه‌السلام ، فكان(١٤) بين إبراهيم وهود من الأنبياء(١٥) ـ صلوات الله عليهم ـ وهو قول

__________________

(١) في كمال الدين : + «مستخفين ومستعلنين».

(٢) في «بف» والوافي : «يوم عيد» بدل «يومئذ عيدا».

(٣) في كمال الدين : «فيتعاهدون فيه بعث هود وزمانه يخرج فيه ، فلما بعث تبارك وتعالى هودا نظروا فيما عندهم».

(٤) في «ن ، بف» : ـ «علم».

(٥) في «بن ، جت» : «قد» بدون الواو.

(٦) الأعراف (٧) : ٦٥ ؛ هود (١١) : ٥٠.

(٧) الشعراء (٢٦) : ١٢٣ و ١٢٤.

(٨) البقرة (٢) : ١٣٢.

(٩) في المرآة : «قوله : لنجعلها ، في بعض النسخ بصيغة الغيبة ، وهو الأظهر ، وفي أكثرها بصيغة المتكلم ، أي هديناه لتعيين الخليفة ؛ لنجعل الخلافة في أهل بيته».

(١٠) الأنعام (٦) : ٨٤.

(١١) في «بف» وحاشية «ن ، بن ، جت» وشرح المازندرانى والوافي : «وآمن». وفي المرآة : «وأمن».

(١٢) في المرآة : «قوله : وأمن العقب ، وفي بعض النسخ : وأمر ، أي أمر هودا العقب بتعاهد الوصية لإبراهيم».

(١٣) في «ع» : «ذريته».

(١٤) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي «بف» والمطبوع والوافي : «وكان».

(١٥) في كمال الدين : «بين هود وإبراهيم من الأنبياء عشرة أنبياء» بدل «بين إبراهيم وهود من الأنبياء».

٢٨٢

الله(١) عزوجل :( وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ ) (٢) وقوله عز ذكره :( فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي ) (٣) وقولهعزوجل :( وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (٤) .

فجرى بين كل نبيين(٥) عشرة أنبياء وتسعة وثمانية أنبياء(٦) كلهم أنبياء ، وجرى لكل نبي ما(٧) جرى لنوح ـ صلى الله عليه ـ وكما(٨) جرى لآدم وهود وصالح وشعيب وإبراهيم ـ صلوات الله عليهم ـ(٩) ، حتى انتهت إلى يوسف بن يعقوبعليهما‌السلام ، ثم صارت من بعد يوسف في أسباط(١٠) إخوته حتى انتهت إلى موسىعليه‌السلام ، فكان بين يوسف وبين موسى(١١) من الأنبياءعليهم‌السلام ، فأرسل الله موسى وهارونعليهما‌السلام إلى فرعون وهامان وقارون ، ثم أرسل(١٢) الرسل تترى(١٣) ( كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها (١٤) كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْناهُمْ

__________________

(١) في «جت ، جد» وحاشية «بح» والمرآة وكمال الدين : «قوله» بدل «قول الله».

(٢) هود (١١) : ٨٩. وفي المرآة : «ظاهره أنه لبيان أنه قد كان بين هود وإبراهيم أنبياء ، ومنهم لوطعليه‌السلام ، وهو مخالف لغيره من الأخبار الدالة على أن لوطاعليه‌السلام كان بعثته بعد بعثة إبراهيمعليه‌السلام وكان معاصرا له. ويحتمل أن الغرض الإشارة إلى الآيات الدالة على بعثة إبراهيمعليه‌السلام ومن آمن به من الأنبياء وغيرهم».

(٣) العنكبوت (٢٩) : ٢٦. وفي كمال الدين : + «وقول إبراهيم :( إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) ».

(٤) العنكبوت (٢٩) : ١٦. وفي «د ، ع ، م ، ن ، بف ، بن ، جت ، جد» : ـ( إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) .

(٥) في كمال الدين : «بين كل نبي ونبي».

(٦) في «بف» : ـ «أنبياء». وفي كمال الدين : «عشر آباء وتسعة آباء وثمانية آباء» بدل «عشرة أنبياء وتسعة وثمانية أنبياء».

(٧) في «ع ، ل ، جت» والوافي : «كما». وفي «د» : «لما».

(٨) في «بف» : «كما» بدون الواو.

(٩) في «م» : «عليه». وفي «بح» : + «أجميعن». وفي «ن» : ـ «صلوات الله عليهم». وفي «جت» والوافي : «عليهم‌السلام» بدلها.

(١٠) الأسباط : جمع السبط ، وهو الولد ، أو ولد الولد ، أو ولد البنت. والسبط أيضا : الامة ، وسميت أولاد إسحاق أسباطا ، وأولاد إسماعيل قبائل. النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٣٤ (سبط).

(١١) في كمال الدين : + «عشرة».

(١٢) في كمال الدين : + «اللهعزوجل ».

(١٣) قال الجوهري : «تترى أصلها : وترى ، من الوتر ، وهو الفرد ، قال الله تعالى :( ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا ) [المؤمنون (٢٣) : ٤٤] أي واحدا بعد واحد». الصحاح ، ج ٢ ، ص ٨٤٣ (وتر).

٢٨٣

أَحادِيثَ ) (١) .

وَكَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَقْتُلُ نَبِيّاً وَاثْنَانِ قَائِمَانِ ، وَيَقْتُلُونَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعَةٌ قِيَامٌ(٢) حَتّى أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا قَتَلُوا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ سَبْعِينَ نَبِيّاً ، وَيَقُومُ(٣) سُوقُ قَتْلِهِمْ(٤) آخِرَ النَّهَارِ(٥) .

فَلَمَّا نَزَلَتِ(٦) التَّوْرَاةُ عَلى مُوسىعليه‌السلام بَشَّرَ بِمُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وَكَانَ بَيْنَ يُوسُفَ وَمُوسى مِنَ الْأَنْبِيَاءِ(٧) ، وَكَانَ وَصِيُّ مُوسى يُوشَعَ بْنَ نُونٍعليه‌السلام ، وَهُوَ فَتَاهُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي كِتَابِهِ.

فَلَمْ تَزَلِ(٨) الْأَنْبِيَاءُ تُبَشِّرُ بِمُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله حَتّى بَعَثَ اللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ الْمَسِيحَ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ ، فَبَشَّرَ بِمُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وَذلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى :( يَجِدُونَهُ ) يعني اليهود والنصارى( مَكْتُوباً ) يعني صفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله (٩) ( عِنْدَهُمْ ) يعني(١٠) ( فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ) (١١) وهو(١٢) قول اللهعزوجل يخبر عن عيسى :( وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) (١٣) وبشر موسى وعيسى بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله كما بشر الأنبياء

__________________

(١٤) هكذا في المصحف الشريف وأكثر النسخ والوافي. وفي بعض النسخ والمطبوع : «رسولها».

(١) المؤمنون (٢٣) : ٤٤.

(٢) في كمال الدين : «وفي اليوم نبيين وثلاثة وأربعة» بدل «نبيا واثنان قائمان ، ويقتلون اثنين وأربعة قيام».

(٣) في الوافي : «وكان يقوم».

(٤) في «بن» وكمال الدين : + «في».

(٥) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : ويقوم سوق قتلهم آخر النهار ، الظاهر : سوق بقلهم ، كما روي في غيره ، أي كانوا لا يبالون بذلك بحيث كان يقوم بعد قتل سبعين نبيا جميع أسواقهم حتى سوق بقلهم إلى آخر النهار. وفيما في أكثر النسخ لعل المراد أن السوق الذي قتلوا فيه كان قائما إلى آخر النهار لعدم اعتنائهم بذلك ، أو المراد أنه ربما كان يمتد زمان قتلهم إلى آخر النهار ، أو ربما يأخذون في قتلهم آخر النهار ، فيقتلون في هذا الزمان القليل مثل هذا العدد الكثير. وعلى الأخيرين يكون القتل كناية عن المعركة التي أقاموا لقتلهم ، ولا يخفى بعدهما».

(٦) في «بح» وكمال الدين : «انزلت».

(٧) في كمال الدين : + «عشرة».

(٨) في «م ، بف ، جد» : «فلم يزل».

(٩) في حاشية «جت» : + «واسمه مكتوبا». وفي الوافي : + «واسمه».

(١٠) في «بف» : ـ «يعني». وفي المرآة : «الظاهر أن قوله «يعني» زيد من النساخ».

(١١) الأعراف (٧) : ١٥٧.

(١٢) في «بف» : ـ «هو».

(١٣) الصف (٦١) : ٦.

٢٨٤

ـ صلوات الله عليهم ـ بعضهم ببعض حتى بلغت(١) محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فلما قضى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله نبوته واستكملت(٢) أيامه ، أوحى الله ـ تبارك وتعالى ـ إليه(٣) : يا محمد ، قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك ، فاجعل العلم الذي عندك والإيمان(٤) والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم(٥) النبوة في أهل بيتك عند علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإني لن أقطع(٦) العلم والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة من العقب من ذريتك ، كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء الذين كانوا بينك وبين أبيك آدم ، وذلك قول الله تبارك وتعالى :( إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٧) وإن الله ـ تبارك وتعالى ـ لم يجعل العلم جهلا(٨) ، ولم يكل أمره إلى أحد من خلقه لا إلى ملك مقرب ، ولا إلى(٩) نبي مرسل ، ولكنه أرسل رسولا من ملائكته(١٠) ، فقال له : قل(١١) كذا وكذا ، فأمرهم بما

__________________

(١) «حتى بلغت» أي سلسلة الأنبياء ، أو النبوة ، أو البشارة ، أو الوصية.

(٢) في «ل ، ن ، بف ، بن» وحاشية «جت» والوافي : «واستكمل».

(٣) في «د ، ع ، ل ، م ، ن» : ـ «إليه».

(٤) في بصائر الدرجات ، ح ٢ : «والآثار».

(٥) في «ل ، ن ، بف ، جد» وبصائر الدرجات ، ح ٢ : ـ «علم».

(٦) هكذا في حاشية «بح» والوافي. وفي النسخ والمطبوع : «لم أقطع». وما أثبتناه هو الظاهر الموافق لسياق الخبر.

(٧) آل عمران (٣) : ٣٣ و ٣٤.

(٨) قال العلامة المازندراني : «أي لم يجعل العلم قط بمنزلة الجهل ، ولا العالم بمنزلة الجاهل في وجوب الاتباع ، بل أمر باتباع العلم والعالم في جميع الأزمنة والأعصار دون الجهل والجاهل ، فكيف يجوز لهذه الامة تقديم الجاهل على العالم؟! وفيه رد على الثلاثة وأتباعهم إلى يوم القيامة».

وفي المرآة : «أي لم يجعل العلم مبنيا على الجهل بأن يكون أمر الحجة مجهولا لايعلمه الناس ولابينه لهم ، أو لم يجعل العلم مخلوطا بالجهل ، بل لابد أن يكون العالم عالما بجميع ما يحتاج إليه الخلق ، ولا يكون اختيار مثله إلامنه تعالى. وقيل : المراد أن الله تعالى لم يبين أحكامه على ظنون الخلق وإلالكان العلم جهلا ؛ إذ الظن قد يكون باطلا فيكون جهلا لعدم مطابقته للواقع ، وأمر عباده باتباع العلم واليقين المطابق للواقع».

(٩) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : ـ «إلى».

(١٠) في كمال الدين : + «إلى نبيه».

(١١) في تفسير العياشي ، ح ٣١ وكمال الدين : ـ «قل».

٢٨٥

يحب ، ونهاهم عما يكره ، فقص عليهم(١) أمر خلقه بعلم ، فعلم ذلك العلم ، وعلم أنبياءه وأصفياءه من الآباء(٢) والإخوان(٣) والذرية التي بعضها من بعض ، فذلك قوله جل وعز :( فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ) (٤) .

فأما الكتاب فهو النبوة ، وأما الحكمة فهم الحكماء من الأنبياء(٥) من الصفوة(٦) ، وأما الملك العظيم فهم الأئمة(٧) من الصفوة ، وكل هؤلاء من الذرية التي بعضها من بعض ، والعلماء(٨) الذين جعل الله(٩) فيهم البقية(١٠) ، وفيهم العاقبة وحفظ الميثاق حتى تنقضي الدنيا والعلماء(١١) ، ولولاة الأمر استنباط العلم ، وللهداة ، فهذا شأن(١٢) الفضل من الصفوة والرسل والأنبياء(١٣) والحكماء وأئمة الهدى والخلفاء الذين هم ولاة أمر الله ـعزوجل ـ واستنباط(١٤) علم الله ، وأهل آثار علم الله من الذرية التي بعضها من بعض من الصفوة بعد الأنبياءعليهم‌السلام من الآباء(١٥) والإخوان والذرية من الأنبياء ، فمن اعتصم بالفضل انتهى بعلمهم ، ونجا بنصرتهم ، ومن وضع ولاة أمر الله ـعزوجل ـ(١٦) وأهل استنباط

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي. وفي المطبوع : «إليهم».

(٢) هكذا في شرح المازندراني والوافي وكمال الدين. وفي النسخ والمطبوع : «الأنبياء».

(٣) في تفسير العياشي ، ح ٣١ : «والأعوان».

(٤) النساء (٤) : ٥٤.

(٥) في كمال الدين : + «والأصفياء».

(٦) في «بف» والوافي : «والصفوة» بدل «من الصفوة».

(٧) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي «بح» والمطبوع وحاشية «جت» وشرح المازندراني والوافي : + «الهداة».

(٨) في تفسير العياشي وكمال الدين : ـ «والعلماء».

(٩) في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بف ، بن ، جت ، جد» : ـ «الله».

(١٠) في كمال الدين : «النبوة».

(١١) في «بح ، بف ، جت» وشرح المازندراني وتفسير العياشي ، ح ٣١ : «وللعلماء». وفي كمال الدين : «فهم العلماء».

(١٢) في كمال الدين : «بيان».

(١٣) في «بن» : + «والأوصياء».

(١٤) في كمال الدين : + «وأهل استنباط».

(١٥) في حاشية «بح» وكمال الدين : «من الآل».

(١٦) في كمال الدين : «ولاية الله» بدل «ولاة أمر اللهعزوجل ».

٢٨٦

علمه في غير الصفوة من(١) بيوتات الأنبياءعليهم‌السلام فقد خالف أمر الله ـعزوجل ـ وجعل الجهال ولاة أمر الله ، والمتكلفين(٢) بغير هدى من الله ـعزوجل ـ وزعموا أنهم أهل استنباط علم الله ، فقد كذبوا على الله ورسوله ، ورغبوا عن وصيه(٣) عليه‌السلام وطاعته ، ولم يضعوا فضل الله حيث وضعه الله ـ تبارك وتعالى ـ فضلوا وأضلوا أتباعهم ، ولم يكن(٤) لهم حجة يوم القيامة ، إنما(٥) الحجة في آل إبراهيمعليه‌السلام ؛ لقول اللهعزوجل :( فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ) (٦) فَالْحُجَّةُ الْأَنْبِيَاءُ(٧) عليهم‌السلام وَأَهْلُ بُيُوتَاتِ الْأَنْبِيَاءِعليهم‌السلام حَتّى تَقُومَ السَّاعَةُ ؛ لِأَنَّ كِتَابَ اللهِ يَنْطِقُ بِذلِكَ ، وَصِيَّةُ(٨) اللهِ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ الَّتِي وَضَعَهَا(٩) عَلَى النَّاسِ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَ(١٠) :( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ ) (١١) وهي بيوتات(١٢) الأنبياء والرسل والحكماء وأئمة الهدى ، فهذا بيان عروة الإيمان التي نجا بها من نجا قبلكم ، وبها ينجو من يتبع الأئمة(١٣) .

وقال(١٤) الله ـعزوجل ـ في كتابه :( وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ

__________________

(١) في «بح» : «في».

(٢) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : والمتكلفين ، عطف على الجهال ، أي جعل المتكلفين ولاة أمر الله».

(٣) في «م ، ن ، بح ، بف ، جت ، جد» وحاشية «د» والوافي : «وصيته». وفي كمال الدين : «وزاغوا عن وصية الله» بدل «ورسوله ورغبوا عن وصيهعليه‌السلام ».

(٤) في الوافي : «ولم تكن».

(٥) في «بح» : «وإنما».

(٦) النساء (٤) : ٥٤.

(٧) في «ن ، بح ، بف ، جت ، جد» والوافي : «للأنبياء».

(٨) في كمال الدين : «ووصية».

(٩) في حاشية «بن» : «رفعها». وفي «جت» : + «الله».

(١٠) في المرآة : «قوله : فقالعزوجل ، بيان لما ينطق به الكتاب ، فقوله : وصية الله ، مرفوع خبر مبتدأ مخذوف ، ويحتمل أن يكون منصوبا حالا عن اسم الإشارة».

(١١) النور (٢٤) : ٣٦.

(١٢) في «د ، ع ، ن ، بح ، بن ، جت» : «بيوت».

(١٣) في شرح المازندراني : «الأنسب أن يقول : وبها ينجو من ينجو منكم ، وإنما عدل عنه للتصريح بالمقصود ، وهو أن نجاة هذه الامة باتباع الأئمة من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(١٤) في «بح» : «فقال». وفي شرح المازندراني : «وقد قال».

٢٨٧

وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [...]أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ ) (١) فإنه وكل بالفضل(٢) من أهل بيته(٣) والإخوان والذرية ، وهو قول الله تبارك وتعالى : إن تكفر(٤) به(٥) أمتك فقد وكلت أهل بيتك بالإيمان الذي أرسلتك به ، فلا يكفرون(٦) به أبدا ، ولا أضيع الإيمان الذي أرسلتك به من أهل بيتك(٧) من بعدك علماء أمتك وولاة أمري بعدك وأهل استنباط العلم(٨) الذي ليس فيه كذب ولا إثم ولا زور(٩) ولا بطر(١٠) ولا رياء ، فهذا بيان ما ينتهي إليه أمر هذه الأمة(١١) .

إن(١٢) الله ـعزوجل ـ طهر أهل بيت نبيه(١٣) عليهم‌السلام وسألهم(١٤) أجر المودة ، وأجرى

__________________

(١) الأنعام (٦) : ٨٤ ـ ٨٩.

(٢) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : فإنه وكل بالفضل ، يحتمل أن يقرأ : وكل بالتخفيف ، ويكون الباء بمعنى إلى ، أي وكل الإيمان والعلم إلى الأفاضل من أهل بيته ، وبالتشديد على سبيل القلب ، أو بتخفيف الفضل ، فيكون قوله : «من أهل بيته» مفعولا لقوله : «وكل» أي وكل جماعة من أهل بيته بالفضل ، وهو العلم والإيمان. وإنما احتجنا إلى هذه التكلفات لأن الظاهر من كلامهعليه‌السلام بعد ذلك أنهعليه‌السلام فسر القوم بالأئمة ، ولعل الباء في قوله : «بالفضل» من زيادة النساخ».

(٣) في كمال الدين : + «من الآباء».

(٤) في «د ، ع ، ل ، ن ، بن» والوافي : «إن يكفر».

(٥) في «جت» : «بها».

(٦) في «بن» : «لا يكفرون».

(٧) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : من أهل بيتك ، هو مبتدأ وخبره قولهعليه‌السلام : علماء امتك».

(٨) في كمال الدين : «علمي».

(٩) الزور : الكذب ، والباطل ، والتهمة ، والشرك بالله تعالى ، ومجلس الغناء ، وما يعبد من دون الله تعالى. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٣١٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٦٧ (زور).

(١٠) البطر : الطغيان عند النعمة وطول الغنى. النهاية ، ج ١ ، ص ١٣٥ (بطر).

(١١) في كمال الدين : + «بعد نبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(١٢) في «بح» : «لأن».

(١٣) في «جت» : «محمد».

(١٤) في كمال الدين : «وجعل لهم». وفي الوافي : «وسألهم أجر المودة ، كذا وجد في النسخ التي رأيناها ،

٢٨٨

لهم الولاية ، وجعلهم أوصياءه وأحباءه ثابتة(١) بعده في أمته.

فاعتبروا يا أيها الناس فيما قلت ، حيث وضع الله ـعزوجل ـ ولايته وطاعته ومودته واستنباط علمه وحججه ، فإياه فتقبلوا ، وبه فاستمسكوا تنجوا به ، وتكون(٢) لكم الحجة يوم القيامة(٣) وطريق(٤) ربكم جل وعز ، لا(٥) تصل(٦) ولاية إلى(٧) الله ـعزوجل ـ إلا بهم ، فمن فعل ذلك(٨) ، كان حقا على الله أن يكرمه ولا يعذبه ، ومن يأت الله ـعزوجل ـ بغير ما أمره ، كان حقا على الله ـعزوجل ـ أن يذله وأن(٩) يعذبه».(١٠)

١٤٩٠٨ / ٩٣. عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي وأبي منصور(١١) ، عن أبي الربيع ، قال :

__________________

والصواب : سأل لهم. وروى الشيخ الصدوقرحمه‌الله هذه الرواية في كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة ، وأورد بدل هذه الكلمة : وجعل لهم ، وهو أوضح».

(١) في كمال الدين : «وأئمته» بدل «ثابتة».

(٢) في «ن ، بح ، بف ، جت» والوافي : «ويكون».

(٣) في إكمال الدين : «وتكون لكم به حجة يوم القيامة».

(٤) في «جت» : «فطريق».

(٥) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والمرآة. وفي المطبوع : «ولا».

(٦) في «د ، ع ، ل ، ن ، بن» : «لا يصل».

(٧) في «م» : ـ «إلى».

(٨) في «بح» : + «بهم».

(٩) في «بح» : ـ «أن».

(١٠) الكافي ، كتاب الحجة ، باب الإشارة والنص على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ح ٧٦٧ ؛ وبصائر الدرجات ، ص ٤٦٩ ، ح ٣ ، بسندهما عن الحسن بن محبوب ، من قوله : «فلما قضى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله نبوته» إلى قوله : «لم أقطعها من بيوتات الأنبياء». وفيه ، ص ٤٦٨ ، ح ٢ ، من قوله : «فلما قضى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله نبوته» إلى قوله : «كانوا بينك وبين أبيك آدم» ؛ كمال الدين ، ص ٢١٣ ، ح ٢ ، وفيهما بسند آخر عن محمد بن الفضيل ، مع اختلاف يسير. تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ١٦٨ ، ح ٣١ ، عن أبي حمزة ، من قوله : «فلما قضى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله نبوته» إلى قوله : «لولاة الأمر استنباط العلم وللهداة» ؛ وفيه ، ص ٣٠٩ ، ح ٧٨ ، عن أبي حمزة الثمالي ، من قوله : «فلما أكل آدم من الشجرة» إلى قوله : «يكون نجاة لمن يولد فيما بينك وبين نوح» الوافي ، ج ٢ ، ص ٢٨٢ ، ح ٧٥٣ ؛ الوسائل ، ج ٢٧ ، ص ٣٥ ، ح ٣٣١٥١ ، من قوله : «وإن الله تبارك وتعالى لم يجعل العلم جهلا» إلى قوله : «على الله أن يذله وأن يعذبه» ؛ البحار ، ج ١١ ، ص ٤٣ ، ذيل ح ٤٩.

(١١) هكذا في «ل ، بح ، بن» والبحار. وفي «د ، ع ، م ، ن ، بف ، جت ، جد» والمطبوع : «أبو منصور».

٢٨٩

حججنا مع أبي جعفرعليه‌السلام في السنة التي كان حج فيها هشام بن عبد الملك ، وكان معه نافع(١) مولى عمر بن الخطاب ، فنظر نافع إلى أبي جعفرعليه‌السلام في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس ، فقال نافع : يا أمير المؤمنين ، من هذا الذي قد تداك(٢) عليه الناس؟ فقال : هذا نبي(٣) أهل الكوفة ، هذا محمد بن علي ، فقال : اشهد لآتينه ، فلأسألنه(٤) عن مسائل لايجيبني فيها إلا نبي أو ابن نبي أو وصي نبي ، قال : فاذهب إليه(٥) وسله(٦) لعلك تخجله.

فجاء نافع حتى اتكأ على الناس ، ثم أشرف على أبي جعفرعليه‌السلام ، فقال : يا محمد بن علي ، إني(٧) قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وقد عرفت(٨) حلالها وحرامها ، وقد جئت أسألك عن مسائل لايجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن(٩) نبي.

قال : فرفع أبو جعفرعليه‌السلام رأسه ، فقال : «سل عما بدا لك».

فقال : أخبرني كم بين عيسى وبين(١٠) محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله من سنة(١١) ؟

__________________

و «أبي منصور» معطوف على «أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي» ، كما يعلم ذلك من تفسير القمي ، ج ٢ ، ص ٢٨٤ ، فلا حظ.

(١) في مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ٢٨٥ : «هو نافع بن سرجس مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب ، كان ديلميا ، وهو من التابعين المدنيين ، والعامة رووا عنه أخبارا كثيرة ، ومعظم رواياته عن ابن عمر ، وهو من الثقات عندهم ، وكان ناصبيا خبيثا معاندا لأهل البيت ، ويظهر من أخبارنا أنه كان يميل إلى رأي الخوارج ، كما يدل عليه هذا الخبر أيضا».

(٢) في شرح المازندراني : «تداك» بدون «قد». وفي الوافي وتفسير القمي ، ج ١ : «تكافأ». وفي تفسير القمي ، ج ٢ : «تتكافأ» كلاهما بدل «قد تداك».

و «تداك» أي ازدحم ، وأصل الدك : الكسر. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ١٢٨ (دكك).

(٣) في تفسير القمي ، ج ١ : «ابن (بني)».

(٤) في الوافي : «ولأسألنه».

(٥) في «بح» : «عليه».

(٦) في «د ، بح ، بف ، جت» والوافي والبحار ، ج ١٨ : «واسأله».

(٧) في «ع» : ـ «إني».

(٨) في الوافي عن بعض النسخ : «علمت».

(٩) في تفسير القمي ، ج ٢ : + «وصي».

(١٠) في «بف» وتفسير القمي : ـ «بين».

(١١) في «ن» : ـ «من سنة».

٢٩٠

قال(١) : «أخبرك بقولي ، أو(٢) بقولك؟».

قال : أخبرني بالقولين جميعا.

قال : «أما في قولي ، فخمسمائة سنة(٣) ، وأما في قولك ، فستمائة سنة»(٤) .

قال : فأخبرني عن قول الله ـعزوجل ـ لنبيه :( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ) (٥) من الذي سأل(٦) محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة؟

قال : فتلا أبو جعفرعليه‌السلام هذه الآية «( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا ) (٧) فكان من الآيات التي أراها الله ـ تبارك وتعالى ـ محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث أسرى به إلى بيت المقدس أن حشر الله ـ عز ذكره ـ الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين ، ثم أمر جبرئيلعليه‌السلام ، فأذن شفعا ، وأقام شفعا ، وقال في أذانه(٨) حي على خير العمل(٩) ، ثم تقدم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصلى(١٠) بالقوم ، فلما(١١) انصرف قال لهم(١٢) : على ما تشهدون وما كنتم تعبدون؟ قالوا : نشهد أن لا إله

__________________

(١) في «ن ، بن ، جت» وتفسير القمي : «فقال».

(٢) في حاشية «بح ، جت» : «أم».

(٣) في المرآة : «هذا هو الذي دلت عليه أكثر أخبارنا في قدر زمان الفترة. وقد روى الصدوق في كتاب إكمال الدين عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : كان بين عيسى ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله خمسمائة عام ، وهذا هو الصحيح وأما العامة فقد اختلفوا فيه على أقوال».

(٤) في «جد» : ـ «سنة».

(٥) الزخرف (٤٣) : ٤٥.

(٦) في «بح» وحاشية «م ، جت» وشرح المازندراني والوافي والبحار ، ج ١٨ : «سأله». وفي «بف» : «يسأل».

(٧) الإسراء (١٧) : ١.

(٨) في تفسير القمي : «إقامته».

(٩) في الوافي : «كنىعليه‌السلام بذلك عن تخطئة عمر في نهيه عن هذه الكلمة في الأذان».

(١٠) في حاشية «بح» وتفسير القمي ، ج ٢ : «وصلى».

(١١) في «بن» : «ثم».

(١٢) في تفسير القمي ، ج ١ : «قال الله له : سل يا محمد من أرسلنا من قبلك من رسلنا ، أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » بدل «قال لهم». وفي تفسير القمي ، ج ٢ : «فأنزل الله عليه :( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا ) إلى قوله( يُعْبَدُونَ ) فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » بدل «فلما انصرف ، قال لهم».

٢٩١

إلا الله وحده لاشريك له ، وأنك رسول(١) الله ، أخذ(٢) على ذلك عهودنا ومواثيقنا».

فقال نافع : صدقت يا با جعفر(٣) ، فأخبرني عن قول اللهعزوجل :( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ) (٤) ؟

قال : «إن الله ـ تبارك وتعالى(٥) ـ أهبط آدم إلى الأرض ، وكانت(٦) السماوات(٧) رتقا لا تمطر شيئا ، وكانت الأرض رتقا لاتنبت شيئا ، فلما أن(٨) تاب الله ـعزوجل ـ على آدمعليه‌السلام ، أمر السماء فتقطرت(٩) بالغمام ، ثم أمرها فأرخت(١٠) عزاليها(١١) ، ثم أمر الأرض فأنبتت الأشجار ، وأثمرت الثمار ، وتفهقت(١٢) بالأنهار ، فكان ذلك رتقها ، وهذا فتقها».

فقال(١٣) نافع : صدقت يا ابن رسول الله ، فأخبرني عن قول اللهعزوجل :( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ ) (١٤) أي أرض تبدل يومئذ؟

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «أرض(١٥) تبقى(١٦) خبزة يأكلون منها حتى يفرغ الله ـعزوجل ـ

__________________

(١) في الوافي : «لرسول».

(٢) في «بح» «وأخذ».

(٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع : «يا أبا جعفر».

(٤) الأنبياء (٢١) : ٣٠.

(٥) هكذا في جميع النسخ. وفي المطبوع والوافي : + «لما».

(٦) في الوافي : «كانت» بدون الواو.

(٧) في «ن ، بف ، جت» : «السماء».

(٨) في «ع ، ل ، م ، ن ، بف ، بن ، جد» : ـ «أن».

(٩) في الوافي والمرآة : «فتفطرت» بالفاء. وقال في الوافي : «فتفطرت بالغمام ، بالفاء ، أي تشققت بخروجه عنها».

(١٠) الإرخاء : الإرسال والإسدال. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٥٤ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٨٩ (رخا).

(١١) العزالي : جمع العزلاء ، وهو فم المزادة الأسفل ، فشبه اتساع المطرو اندفاقه بالذي يخرج من فم المزادة. النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٣١ (عزل).

(١٢) في معظم النسخ : «تفيهت». و «تفهقت» أي امتلأت ؛ من الفهق ، وهو الامتلاء والاتساع ، يقال : فهق الإناء يفهق ، إذا امتلأ حتى يتصبب. وكل شيء توسع فقد تفهق. راجع : لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٣١٥ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٢٠ (فهق).

(١٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والبحار ، ج ٥٧. وفي المطبوع : «قال».

(١٤) إبراهيم (١٤) : ٤٨.

(١٥) في «بف» : «الأرض». وفي المرآة : «أرضا».

(١٦) في حاشية «ن ، جت» والوافي والمرآة : «بيضاء».

٢٩٢

من الحساب»(١) .

فقال نافع : إنهم عن الأكل لمشغولون.

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «أهم يومئذ أشغل ، أم إذ هم في النار؟».

فقال(٢) نافع : بل إذ هم(٣) في النار.

قال(٤) : «فو الله(٥) ما شغلهم إذ دعوا بالطعام فأطعموا الزقوم ، ودعوا بالشراب فسقوا الحميم».

قال : صدقت يا ابن رسول الله ، ولقد بقيت مسألة واحدة ، قال : «وما هي؟» قال :

أخبرني عن الله ـ تبارك وتعالى ـ متى كان؟

قال(٦) : «ويلك(٧) ، متى لم يكن حتى أخبرك متى كان؟ سبحان من لم يزل ولا يزال فردا(٨) صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا».

ثم قال : «يا نافع ، أخبرني عما أسألك عنه».

قال : وما هو؟

قال : «ما تقول في أصحاب النهروان؟ فإن قلت : إن أمير المؤمنين قتلهم بحق فقد ارتددت(٩) ، وإن قلت : إنه(١٠) قتلهم باطلا فقد كفرت»(١١) .

__________________

(١) في تفسير القمي ، ج ١ : «فقال أبو جعفرعليه‌السلام : بخبزة بيضاء يأكلون منها حتى يفرغ الله من حساب الخلائق».

(٢) في «ن ، بف ، جد» والوافي : «قال».

(٣) في «بف» : ـ «بل إذا هم».

(٤) في «بح ، بف ، بن» : «فقال». وفي «م ، جد» : + «فقال».

(٥) في «م ، بن ، جد» : «والله». وفي تفسير القمي ، ج ١ ، «فقد قال الله :( وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ ) » بدل «فوالله».

(٦) في شرح المازندراني : «فقال».

(٧) في المرآة : «أخبرني».

(٨) في «بح» : + «أحدا».

(٩) في تفسير القمي ، ج ١ : + «أي رجعت إلى الحق».

(١٠) في «ل ، بن» : ـ «إنه».

(١١) في شرح المازندراني : «كأن نافعا كان يعتقد بأن علياعليه‌السلام كان إماما مفترض الطاعة بعد الثلاثة ، وبأن أهل

٢٩٣

قال : فولى من عنده وهو يقول : أنت ـ والله(١) ـ أعلم الناس حقا حقا ، فأتى هشاما ، فقال له : ما صنعت؟ قال : دعني من كلامك ، هذا والله أعلم الناس حقا حقا ، وهو ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حقا(٢) ، ويحق لأصحابه أن يتخذوه نبيا.(٣)

حديث نصراني الشام مع الباقرعليه‌السلام

١٤٩٠٩ / ٩٤. عنه(٤) ، عن إسماعيل بن أبان ، عن عمر(٥) بن عبد الله الثقفي ، قال :

__________________

النهروان كانوا محقين في مخالفته ، فأوردعليه‌السلام عليه بأن هذين الاعتقادين متنافيان لايجتمعان معا ، وذلك لأنك إن قلت : إن علياعليه‌السلام قاتلهم بحق ارتددت بتصديقك أهل النهروان ، كما ارتدوا. وإن قلت : إنه قاتلهم باطلا فقد كفرت عند الامة بنسبة الباطل إليهعليه‌السلام ، والظاهر أن هذا إلزام لا مفر له عنه ، والله أعلم».

وفي الوافي : «وجه ارتداده حكمه بجواز قتل المسلمين ، ووجه كفره تخطئته خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد سكت عن جوابه عليه‌السلام ؛ لأنه قد أخذه من جوانبه بأبين الحجج وسد عليه سبيل المخرج ، فكأنه قد ألقم حجرا».

(١) في «ن ، بح» : «والله أنت».

(٢) في تفسير القمي ، ج ١ : «حقا حقا».

(٣) الكافي ، كتاب التوحيد ، باب الكون والمكان ، ح ٢٣٨ ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، من قوله : «أخبرني عن الله تبارك وتعالى متى كان» إلى قوله : «لم يتخذ صاحبة ولا ولدا». وفي تفسير القمي ، ج ١ ، ص ٢٣٢ ؛ وج ٢ ، ص ٢٨٤ ، بسندهما عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي الربيع ، وفي الأخير إلى قوله : «فقال نافع صدقت يا أبا جعفر» مع زيادة في آخره الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٨٠ ، ح ١٣٩٧ ؛ البحار ، ج ١٨ ، ص ٣٠٨ ، ح ١٧ ، إلى قوله : «فقال نافع صدقت يا أبا جعفر» ؛ وفيه ، ج ٥٧ ، ص ١٤ ، ح ١٧ ، من قوله : «فأخبرني عن قول اللهعزوجل ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ ) » إلى قوله : «قال نافع صدقت يا بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٤) ورد الخبر في البحار ، ج ٥٦ ، ص ٤ ، ح ٩ ، نقلا من الكافي ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسماعيل بن أبان ، عن عمرو بن عبد الله الثقفي. والظاهر أن العلامة المجلسي أرجع الضمير الواقع في صدر السند ، إلى الحسن بن محبوب المذكور في سند الحديث الثاني والتسعين. وهذا أمر عجيب بعد وقوع الحسن بن محبوب في سند الحديث الثالث والتسعين أيضا. أضف إلى ذلك أنا لم نجد رواية الحسن بن محبوب ، عن إسماعيل بن أبان في موضع. والمظنون رجوع الضمير إلى أحمد بن محمد بن خالد المذكور في سند الحديث الثالث والتسعين ، كما صنعه في معجم رجال الحديث ، ج ٣ ، ص ٩٧ ، الرقم ١٢٧٠ ؛ فقد روى أحمد بن محمد البرقي ـ وهو أحمد بن محمد بن خالد ـ كتاب إسماعيل بن أبان ، كما في رجال النجاشي ، ص ٣٢ ، الرقم ٧٠.

(٥) في «جت» والبحار : «عمرو». والمظنون أن ابن عبد الله هذا ، هو عمر بن عبد الله بن يعلى الثقفي المترجم

٢٩٤

أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفرعليه‌السلام من المدينة إلى الشام ، فأنزله منه(١) ، وكان يقعد مع الناس في مجالسهم ، فبينا هو قاعد وعنده جماعة من الناس يسألونه إذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك ، فقال : «ما لهؤلاء؟ ألهم عيد اليوم؟».

فقالوا : لايا ابن رسول الله ، ولكنهم يأتون عالما لهم في هذا الجبل في كل سنة في هذا اليوم فيخرجونه ، فيسألونه عما يريدون(٢) ، وعما يكون في عامهم.

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «وله علم؟».

فقالوا : هو من أعلم الناس ، قد أدرك أصحاب الحواريين من أصحاب عيسىعليه‌السلام .

قال : «فهل نذهب إليه؟».

قالوا(٣) : ذاك إليك يا ابن رسول الله.

قال : فقنع أبو جعفرعليه‌السلام رأسه بثوبه ، ومضى هو وأصحابه ، فاختلطوا(٤) بالناس حتى أتوا الجبل ، فقعد أبو جعفرعليه‌السلام وسط النصارى هو وأصحابه ، وأخرج(٥) النصارى بساطا ، ثم وضعوا الوسائد(٦) ، ثم دخلوا فأخرجوه ، ثم ربطوا عينيه(٧) ، فقلب عينيه كأنهما عينا(٨) أفعى ، ثم قصد قصد(٩) أبي جعفرعليه‌السلام ، فقال : يا شيخ ، أمنا أنت ، أم من

__________________

في كتب العامة. راجع : تهذيب الكمال ، ج ٢١ ، ص ٤١٧ ، الرقم ٤٢٧٠ وما بهامشه من المصادر.

(١) في «بف» وحاشية «د ، م ، بح ، جت ، جد» والوافي والمرآة : «معه».

(٢) في «بح» : «يريدونه».

(٣) في «ن» وتفسير القمي : «فقالوا».

(٤) في الوافي : «واختلطوا».

(٥) في «م» وتفسير القمي : «فأخرج».

(٦) «الوسائد» : جمع الوساد والوسادة بمعنى المخده ـ وهو ما يوضع الخد عليه ـ والمتكأ ، وهو الذي يوضع تحت الرأس. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١٨٢ ؛ لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٤٥٩ (وسد).

(٧) في «بف» : «عينه». ولعل المراد بربط عينيه ربط أجفانه إلى فوق ، أو حاجبيه ؛ لتبقى عيناه مفتوحين وكأنه لم يقو على فتح عينيه لشدة كبره ، أو لئلا تضر من شعاع الشمس بعد خروجه من ظلمة الغار ، وذلك كما توضع اليد فوق الحاجبين عند مواجهة الشمس لأجل رؤية ما يقابله. وتعلق الربط بالعين لأدنى ملا بسة ومقاربة. راجع : شرح المازندراني ، ج ١٢ ، ص ٧٠ ؛ الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٨٥ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ٢٩٣.

(٨) في «جت» وحاشية «بح» : «عيني».

(٩) هكذا في معظم النسخ وحاشية «جد» والوافي. وفي «جد» والمطبوع : «ثم قصد إلى». وفي «د» : ـ «قصد».

٢٩٥

الأمة المرحومة؟

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «بل من الأمة المرحومة».

فقال : أفمن(١) علمائهم أنت ، أم من جهالهم؟

فقال : «لست من جهالهم».

فقال النصراني : أسألك ، أم(٢) تسألني؟

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «سلني».

فقال النصراني : يا معشر النصارى ، رجل من أمة محمد يقول : سلني ، إن هذا لمليء(٣) بالمسائل(٤) ، ثم قال(٥) : يا عبد الله ، أخبرني عن ساعة ما هي من الليل ولا من النهار : أي ساعة هي؟

فقال(٦) أبو جعفرعليه‌السلام : «ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس(٧) ».

فقال النصراني : فإذا(٨) لم تكن(٩) من ساعات الليل ولا من ساعات النهار ، فمن أي الساعات(١٠) هي؟

__________________

(١) في «م» : «أمن».

(٢) في «بن» : «أو».

(٣) في تفسير القمي : «لعالم».

(٤) في الوافي : «تعجب النصراني من أمرهعليه‌السلام إياه بأن يسأله مع وفور علمه بزعمه ، فقال اعترافا أو استهزاء : إن هذا لمليء بالمسائل ؛ حيث اجترأ علي بمثل هذا الأمر».

وفي المرآة : «قوله : لمليء ، أي جدير بأن يسأل عنه».

(٥) في «د ، بح ، جت» : «فقال». وفي «د» وحاشية «جت» : + «أخبرني».

(٦) في «بف» والوافي وتفسير القمي : «قال».

(٧) في المرآة : «هذا لا ينافي ما نقله العلامة وغيره من إجماع الشيعة على كونها من ساعات النهار ؛ لأن الظاهر أن المراد بهذا الخبر أنها ساعة لا تشبه شيئا من ساعات الليل والنهار ، بل هي شبيهة بساعات الجنة ، وإنما جعلها الله في الدنيا ليعرفوا بها طيب هواء الجنة ولطافتها واعتدالها ؛ على أنه يحتمل أن يكونعليه‌السلام أجاب السائل على ما يوافق غرضه واعتقاده ومصطلحه».

(٨) في «بن» : «إذا».

(٩) في «ن ، بف» وتفسير القمي : «لم يكن». وفي «جت» بالتاء والياء معا.

(١٠) في حاشية «بح» : «ساعة». وفي الوافي : «ساعات».

٢٩٦

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «من ساعات الجنة ، وفيها تفيق(١) مرضانا».

فقال النصراني(٢) : فأسألك(٣) ، أم(٤) تسألني؟

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «سلني».

فقال النصراني : يا معشر(٥) النصارى ، إن هذا لمليء بالمسائل ، أخبرني(٦) عن أهل الجنة كيف صاروا يأكلون ولا يتغوطون؟ أعطني مثلهم في الدنيا.

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «هذا(٧) الجنين في بطن أمه يأكل مما تأكل أمه ولا يتغوط».

فقال النصراني(٨) : ألم تقل ما أنا من علمائهم؟

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «إنما قلت لك(٩) : ما أنا من جهالهم».

فقال النصراني : فأسألك(١٠) ، أو(١١) تسألني؟

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «سلني».

فقال(١٢) : يا معشر النصارى ، والله لأسألنه عن مسألة يرتطم(١٣) فيها كما يرتطم

__________________

(١) في «د ، ل» : «يفيق». وفي «بف ، بن» بالتاء والياء معا. وأفاق من مرضه : رجعت الصحة إليه ، أو رجع إلى الصحة. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢١٩ (فوق).

(٢) في تفسير القمي : + «أصبت».

(٣) في «بن» : «أسألك».

(٤) في «بف» وتفسير القمي : «أو».

(٥) في «ع ، ل» : «يا معاشر».

(٦) في «ع» : «خبرني».

(٧) في «بف» : «مثل». وفي «بح» وحاشية «جت» : «هو».

(٨) في تفسير القمي : + «أصبت».

(٩) في «بن» : ـ «لك».

(١٠) في «ع ، م ، بن» : «أسألك».

(١١) في «بح ، جت» : «أم».

(١٢) في «جد» وتفسير القمي : «قال».

(١٣) «يرتطم فيها» أي يقع فيها ويرتبك وينشب ، يقال : ارتطم في الطين ، أي وقع فيه فتخبط. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٣٣ ؛ لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٢٤٤ (رطم).

٢٩٧

الحمار(١) في الوحل(٢) .

فقال له : «سل».

فقال(٣) : أخبرني عن رجل دنا من امرأته ، فحملت باثنين حملتهما جميعا(٤) في ساعة واحدة ، وولدتهما في ساعة واحدة ، وماتا في ساعة واحدة ، ودفنا في قبر واحد ، عاش أحدهما خمسين ومائة سنة ، وعاش الآخر خمسين سنة ، من هما؟

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «هما(٥) عزير وعزرة(٦) ، كانا(٧) حملت أمهما بهما على ما وصفت ، ووضعتهما على ما وصفت ، وعاش عزير وعزرة(٨) كذا وكذا(٩) سنة ، ثم أمات الله ـ تبارك وتعالى ـ عزيرا مائة سنة ، ثم بعث وعاش(١٠) مع عزرة(١١) هذه الخمسين سنة ، وماتا كلاهما في ساعة واحدة».

فقال النصراني : يا معشر(١٢) النصارى ، ما رأيت بعيني قط(١٣) أعلم من هذا الرجل ، لاتسألوني عن حرف وهذا بالشام ، ردوني.

قال(١٤) : فردوه إلى كهفه ، ورجع النصارى مع أبي جعفرعليه‌السلام .(١٥)

__________________

(١) في «ن» : «الحمير».

(٢) الوحل ، بالتحريك : الطين الرقيق الذي ترتطم فيه الدواب. والوحل بالتسكين لغة رديئة. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٤٠ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ١٦٢.

(٣) في «د ، ل ، جت ، جد» : + «له».

(٤) في «بح» : ـ «جميعا».

(٥) هكذا في «د ، ع ، م ، ن ، بح ، بف ، جت ، جد» والوافي وتفسير القمي. وفي سائر النسخ والمطبوع : ـ «هما».

(٦) في حاشية «د ، ن» : «وعزيرة».

(٧) في «بن ، جت» وتفسير القمي : «كانت».

(٨) في حاشية «د ، ن» : «وعزيرة».

(٩) في تفسير القمي : «ثلاثين» بدل «كذا وكذا».

(١٠) في «د ، بح ، بف ، بن ، جت ، جد» والوافي : «فعاش».

(١١) في «بح ، جت» وحاشية «د ، ن» : «عزيرة».

(١٢) في «ل ، بن» : «يا معاشر».

(١٣) في «بح» وحاشية «جت» والوافي : «أحدا قط». وفي «د» : «قط أحدا».

(١٤) في «د ، بح» : «فقال».

(١٥) تفسير القمي ، ج ١ ، ص ٩٨ ، بسنده عن إسماعيل بن أبان ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٨٣ ،

٢٩٨

حديث أبي الحسن موسىعليه‌السلام

١٤٩١٠ / ٩٥. عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن محمد بن منصور الخزاعي ، عن علي بن سويد ؛ ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن عمه حمزة بن بزيع ، عن علي بن سويد ؛ والحسين بن محمد(١) ، عن محمد بن أحمد النهدي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن محمد بن منصور ، عن علي بن سويد(٢) ، قال :

كتبت إلى أبي الحسن موسى(٣) عليه‌السلام وهو في الحبس كتابا أسأله عن حاله وعن مسائل كثيرة ، فاحتبس(٤) الجواب على أشهر(٥) ، ثم أجابني بجواب هذه نسخته :

«بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله العلي العظيم الذي بعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين ، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون ، وبعظمته ونوره(٦) ابتغى من في السماوات ومن في الأرض إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المتضادة(٧) ، فمصيب ومخطئ ، وضال ومهتد(٨) ، وسميع وأصم ، وبصير وأعمى

__________________

ح ١٣٩٨ ؛ البحار ، ج ٥٩ ، ص ٤ ، ح ٩ ، إلى قوله : «وفيها تفيق مرضانا» ملخصا.

(١) هكذا في «بن». وفي «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بف ، جت ، جد» والمطبوع والبحار : «الحسن بن محمد». والمتكرر في أسناد الكافي رواية الحسين بن محمد شيخ الكلينيقدس‌سره عن محمد بن أحمد النهدى بعناوينه المختلفة ؛ من حمدان القلانسي ومحمد بن أحمد النهدي والنهدي. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ٦ ، ص ٣٤٠ ، ص ٣٤٢ ، ص ٣٤٩ ؛ رجال النجاشي ، ص ٣٤١ ، الرقم ٩١٤.

(٢) في البحار ، ج ٤٨ : ـ «ومحمد بن يحيى ـ إلى قوله ـ عن علي بن سويد».

(٣) في «جت» : ـ «موسى».

(٤) في «ن» : «واحتبس».

(٥) في «ع ، ل ، ن ، بن ، جت» والبحار ، ج ٤٨ : «علي» بدل «على أشهر». وفي الوافي : «علي أشهرا».

(٦) في «بف» : ـ «عاداه الجاهلون وبعظمته ونوره».

(٧) في رجال الكشي : «الشتى».

(٨) في «ن» : «ومهتدي».

٢٩٩

حيران(١) ، فالحمد(٢) لله الذي عرف ووصف دينه محمد(٣) صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

أما بعد ، فإنك امرؤ أنزلك الله من آل محمد بمنزلة خاصة ، وحفظ مودة(٥) ما(٦) استرعاك من دينه ، وما ألهمك من رشدك(٧) ، وبصرك من أمر دينك بتفضيلك إياهم وبردك(٨) الأمور إليهم ، كتبت تسألني عن أمور كنت منها في تقية ، ومن كتمانها في سعة(٩) ، فلما(١٠) انقضى سلطان الجبابرة ، وجاء سلطان ذي السلطان(١١) العظيم بفراق الدنيا المذمومة إلى أهلها(١٢) العتاة(١٣) على خالقهم ، رأيت أن أفسر لك ما سألتني

__________________

(١) في «بح» : ـ «حيران».

(٢) في «بح ، جت ، جد» : «والحمد».

(٣) في «جت» وشرح المازندراني والبحار ، ج ٤٨ : «محمدا».

(٤) في مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ٢٩٦ : «قولهعليه‌السلام : عرف ووصف دينه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كذا في بعض النسخ ، فقوله : عرف ، بتخفيف الراء ، أي عرف محمد دينه ووصفه. وفي بعض النسخ : عزو وصف ، أي عز هو تعالى ووصف للخلق دينه محمد. وفي بعض النسخ : محمدا ، بالنصب ، ف «عرف» بتشديد الراء ، والأول أظهر وأصوب».

(٥) قرأ العلامة المجلسي كلمة «حفظ» على صيغة المصدر ؛ حيث قال في المرآة : «قولهعليه‌السلام : وحفظ مودة ، كأنه معطوف على قوله : منزلة ، أي جعلك تحفظ مودة أمر استرعاك ، وهو دينه. ويمكن أن يقرأ «حفظ» على صيغة الماضي ليكون معطوفا على قوله : أنزلك».

(٦) في «جت» وحاشية «ن ، بح» والوافي : «لما».

(٧) في حاشية «بح» : «رشده».

(٨) في «ع ، ن ، بف ، بن ، جت» والوافي : «وردك».

(٩) في الوافي : «ومن كتمانها في سعة ؛ يعني كنت يسعني إلى الآن كتمانها».

(١٠) في حاشية «بح» : «ولما».

(١١) في المرآة : «قوله : وجاء سلطان ذي السلطان ، أي كنت أتقي هذه الظلمة في أن أكتب جوابك ، لكن في تلك الأيام دنا أجلي وانقضت أيامي ولا يلزمني الآن التقية ، وجاء سلطان الله فلا أخاف من سلطانهم». ونحوه في الوافي.

(١٢) في الوافي : «إلى أهلها ، أي تاركا لها إلى أهلها بتضمين الفراق معنى الترك وتعديته ب «إلى». ويحتمل أن يكون قد سقط من قلم النساخ كلمة تفيد مفاد الترك ، مثل أن كان بفراق الدنيا تاركا للدنيا المذمومة ، أو ورفضني الدنيا ، أو نحو ذلك». وقيل غير ذلك ، فراجع : مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ٢٩٧.

(١٣) «العتاة» : جمع العاتي ، وهو المستكبر المجاوز للحد ؛ من العتو ، وهو التجبر والتكبر. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ١٨١ ؛ لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٢٧ و ٢٨ (عتا).

٣٠٠