الكافي الجزء ١٥

الكافي0%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الكافي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي
تصنيف: الصفحات: 909
المشاهدات: 78486
تحميل: 4293


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 78486 / تحميل: 4293
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء 15

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قال : «أجل ، ليس يعرى منه أحد» قال : «فإذا كان ذلك(١) ، فاذكروا(٢) اللهعزوجل ، واحذروا النكت ؛ فإنه إذا أراد بعبد خيرا نكت(٣) إيمانا ، وإذا أراد به غير ذلك نكت(٤) غير ذلك».

قال(٥) : قلت(٦) : ما(٧) غير ذلك جعلت فداك؟ ما هو؟

قال : «إذا أراد كفرا نكت كفرا(٨) ».(٩)

١٥٠٠٤ / ١٨٩. عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي المغراء ، عن زيد الشحام ، عن عمرو بن سعيد بن هلال ، قال :

قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إني لا أكاد ألقاك إلا في السنين(١٠) ، فأوصني بشيء آخذ به(١١) .

قال : «أوصيك بتقوى الله وصدق الحديث والورع والاجتهاد ، واعلم أنه لا ينفع اجتهاد لاورع(١٢) معه ، وإياك أن تطمح(١٣) نفسك(١٤) إلى من فوقك ، وكفى

__________________

(١) في «د» : «كذلك».

(٢) في «ع ، ن» : «فاذكر».

(٣) في «بح» : + «به».

(٤) في الوافي : «فنكت».

(٥) في «بن» : ـ «قال».

(٦) في «د ، م» : + «له».

(٧) في «بح ، جت» وشرح المازندراني والوافي : «وما».

(٨) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : نكت كفرا ، أي إذا استحق بسوء أعماله منع لطفه تعالى ، استولى عليه الشيطان ، فينكت في قلبه ما يشاء. وإسناد النكت إليه تعالى إسناد إلى السبب مجازا ؛ لأن منع لطفه تعالى صار سببا لذلك».

(٩) الوافي ، ج ٤ ، ص ٢٤٦ ، ح ١٨٨٩ ؛ الوسائل ، ج ٧ ، ص ١٦٦ ، ح ٩٠٢٣ ، إلى قوله : «إذا أراد به غير ذلك نكت ذلك» ؛ البحار ، ج ٧٠ ، ص ٥٩ ، ح ٣٨.

(١٠) في «د ، بح» وحاشية «ن» : «السنتين».

(١١) في «ع ، ل ، بح ، بن ، جد» وحاشية «د ، م» : «احدثه» بدل «آخذ به». وفي «بف» : «آخذه» بدلها.

(١٢) في «ع» : «ولا ورع».

(١٣) في «د ، بف» وشرح المازندراني : «وأن تطمح». ويقال : طمح بصره إلى الشيء ، أي امتد ، وعلاء وارتفع إليه. وأطمح فلان بصره ، أي رفعه. وقال العلامة المازندراني : «هذا حال الناظر إلى متاع الدنيا ، وأما الناظر إلى الطاعة والعلم والزهد ينبغي أن يكون الأمر بالعكس». راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٨٨ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ١٣٨ (طمح).

(١٤) في الكافي ، ح ١٦٢٨ : «بصرك».

٤٠١

بما(١) قال الله ـعزوجل ـ لرسوله(٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله :( فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ ) (٣) وقال الله ـعزوجل ـ لرسوله(٤) صلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) (٥) فإن خفت شيئا من ذلك(٦) فاذكر عيش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنما كان قوته الشعير ، وحلواه التمر ، وو قوده(٧) السعف(٨) إذا وجده ، وإذا أصبت بمصيبة(٩) فاذكر مصابك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإن الخلق لم يصابوا بمثله قط».(١٠)

١٥٠٠٥ / ١٩٠. عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن الحسن بن السري ، عن أبي مريم :

__________________

(١) في «بف» : «ما».

(٢) في «ن ، بح ، بف» والزهد : «لرسول الله» بدل «لرسوله».

(٣) التوبة (٩) : ٥٥.

(٤) في «ن» : «لرسول الله».

(٥) طه (٢٠) : ١٣١.

(٦) في الكافي ، ح ١٦٢٨ : «دخلك من ذلك شيء» بدل «خفت شيئا من ذلك».

(٧) الوقود : الحطب ، وما توقد به النار ، وكل ما اوقدت به فهو وقود. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٥٣ ؛ لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٤٦٦ (وقد).

(٨) السعف ، محركة : جريد النخل أو ورقه ، وأكثر ما يقال إذا يبست ، وإذا كانت رطبة فشطبة. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٩٢ (سعف).

(٩) في الزهد : + «في نفسك أو مالك أو ولدك».

(١٠) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الورع ، ح ١٦٢٨ ، إلى قوله : «لا ينفع اجتهاد لا ورع معه» ؛ الزهد ، ص ١٢ ، ح ٢٤ ، وفهيما بسند آخر عن أبي المغراء. الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب القناعة ، ح ١٩٢٠ ، بسنده عن زيد الشحام ، عن عمرو بن هلال ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، من قوله : «إياك أن تطمح نفسك» إلى قوله : «وقوده السعف إذا وجده». وفيه ، باب الورع ، ح ١٦٣٨ ، بسنده عن عمرو بن سعيد بن هلال ، إلى قوله : «اجتهاد لا ورع فيه» مع اختلاف يسير. وفي الأمالي للطوسي ، ص ٦٨١ ، المجلس ٣٨ ، ح ١ ؛ والأمالي للمفيد ، ص ١٩٤ ، المجلس ٢٣ ، ح ٢٥ ، بسندهما عن عمرو بن سعيد بن هلال ، مع اختلاف يسير. الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الورع ، ح ١٦٣١ ، بسند آخر ، وتمام الرواية فيه : «لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه». الكافي ، كتاب الجنائز ، باب التعزي ، ح ٤٦٤٩ ، بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام ، من قوله : «وإذا أصبت بمصيبة» مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٢٦٧ ، ح ٢٥٤١٠.

٤٠٢

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : «سمعت جابر بن عبد الله يقول : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) مر بنا ذات يوم ونحن في نادينا(٢) وهو على ناقته ، وذلك حين رجع من حجة الوداع ، فوقف(٣) علينا ، فسلم ، فرددنا(٤) عليه‌السلام ، ثم قال : ما لي أرى حب الدنيا قد غلب على كثير من الناس حتى كأن الموت في هذه الدنيا على غيرهم كتب ، وكأن الحق في هذه الدنيا على غيرهم وجب ، وحتى كأن لم يسمعوا ويروا(٥) من خبر الأموات قبلهم ، سبيلهم سبيل قوم سفر(٦) عما قليل إليهم راجعون ، بيوتهم(٧) أجداثهم(٨) ، ويأكلون تراثهم ، فيظنون(٩) أنهم مخلدون بعدهم ؛ هيهات هيهات(١٠) ،

__________________

(١) في المرآة : «قد ذكر السيد في نهج البلاغة بعض فقرات هذا الخبر ونسبها إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قالها حين تبع جنازة فسمع رجلا يضحك ، ثم قال : ومن الناس من ينسب هذا الكلام إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . ورواها علي بن إبراهيم عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ». وراجع : نهج البلاغة ، ص ٤٩٠ ، ذيل الحكمة ١٢٣ ؛ تفسير القمي ، ج ٢ ، ص ٧٠ ذيل الآية ٣٥ من سورة الأنبياء (٢١).

(٢) «النادي» : مجتمع القوم ومجلسهم ومتحدثهم ماداموا مجتمعين ، فإذا تفرقوا فليس بناد ، وأهل المجلس ، فيقع على المجلس وأهله. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٠٥ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٣٦ (ندا).

(٣) في «جت» : «وقف».

(٤) في البحار : «ورددنا».

(٥) في «جت» : «ولم يروا» بدل «ويروا».

(٦) في المرآة : «السفر : جمع السافر ، فيحتمل إرجاع الضمير في قوله : «سبيلهم» إلى الأحياء ، وفي قوله : «اليهم» إلى الأموات ، أي هؤلاء الأحياء مسافرون يقطعون منازل أعمارهم من السنين والشهور حتى يلحقوا بهؤلاء الأموات. ويحتمل العكس في إرجاع الضميرين ، فالمراد أن سبيل هؤلاء الأموات عند هؤلاء الأحياء لعدم اتعاظهم بموتهم وعدم مبالاتهم كانوا ذهبوا إلى سفر وعن قريب يرجعون إليهم. ويؤيده ما في النهج والتفسير : وكان الذي نرى من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون». راجع : المصباح المنير ، ص ٢٧٨ (سفر).

(٧) في الوافي : «يبوؤنهم».

(٨) في «ع» : «أحداثهم». والأجداث : جمع الجدث ، وهو القبر. النهاية ، ج ١ ، ص ٢٤٣ (جدث).

وفي المرآة : «أي يرون أن بيوت هؤلاء الأموات أجداثهم ومع ذلك يأكلون تراثهم ، أو يرون أن تراث هؤلاء قد زالت عنهم وبقي في أيديهم ومع ذلك لايتعظون ويظنون أنهم مخلدون بعدهم. والظاهر أنه وقع في نسخ الكتاب تصحيف ، والأظهر ما في النهج : نبوئهم أجداثهم ونأكل تراثهم ، وفي التفسير : تنزلهم أجداثهم».

(٩) في «د ، بح» والبحار : «يظنون». وفي الوافي : «أفيظنون».

(١٠) في «ن» : ـ «هيهات».

٤٠٣

أما(١) يتعظ آخرهم بأولهم ، لقد جهلوا ونسوا كل واعظ(٢) في كتاب الله ، وأمنوا شر(٣) كل عاقبة سوء ، ولم يخافوا نزول فادحة(٤) ، وبوائق(٥) حادثة.

طوبى لمن شغله خوف الله ـعزوجل ـ عن خوف الناس.

طوبى لمن منعه عيبه(٦) عن عيوب المؤمنين من إخوانه.

طوبى لمن تواضع لله عز ذكره ، وزهد فيما أحل الله له من غير رغبة عن سيرتي(٧) ، ورفض زهرة الدنيا(٨) من غير تحول عن سنتي(٩) ، واتبع الأخيار من عترتي من بعدي ، وجانب أهل الخيلاء(١٠) والتفاخر والرغبة في الدنيا ، المبتدعين خلاف سنتي(١١) ، العاملين بغير(١٢) سيرتي(١٣) .

طوبى لمن اكتسب من المؤمنين مالا من غير معصية ، فأنفقه في غير معصية ، وعاد(١٤) به على أهل المسكنة(١٥) .

__________________

(١) في «ع ، ل ، م ، بح ، بف ، جت ، جد» : «ما» بدون همزة الاستفهام.

(٢) في البحار : «وعظ».

(٣) في «ع» : ـ «شر».

(٤) الفادحة : النازلة ، يقال : وجده فادحا ، أي مثقلا صعبا. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٥١ (فدح).

(٥) في «م» : «ولا بوائق». والبوائق : جمع البائقة ، وهي الداهية ، والشر الشديد. والداهية : الأمر المنكر العظيم. راجع : المصباح المنير ، ص ٦٦ (بوق) ؛ لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٢٧٥ (دها).

(٦) في «د ، بح ، جت» وحاشية «ن» : «عيب نفسه».

(٧) في «د ، ل ، ن ، بح ، بن» وحاشية «جت» : «سيري».

(٨) زهرة الدنيا : بهجتها ونضارتها وحسنها. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٦٨ (زهر).

(٩) في «د ، ع ، ل ، بح ، بن» : «نفسي».

(١٠) الخيلاء ، والخيلاء ، بالضم والكسر : الكبر والعجب. النهاية ، ج ١ ، ص ٩٣.

(١١) في حاشية «د» : «سيرتي».

(١٢) في «ن» : «لغير».

(١٣) في «د ، ع ، م ، بح ، بن ، جت» وحاشية «جت» وشرح المازندراني : «سنتي».

(١٤) «عادبه» ، أي أفضل به ، أي أحسن وأعطى ؛ من العائدة ، وهي المنفعة ، والصلة ، والمعروف ، والعطف. راجع : المصباح المنير ، ص ٤٣٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٤٠ (عود).

(١٥) قال ابن الأثير : «قد تكرر في الحديث ذكر المسكين والمساكين والمسكنة والتمسكن ، وكلها يدور معناها

٤٠٤

طوبى لمن حسن مع الناس خلقه ، وبذل لهم معونته ، وعدل عنهم شره.

طوبى لمن أنفق القصد(١) ، وبذل الفضل ، وأمسك قوله(٢) عن الفضول وقبيح الفعل».(٣)

١٥٠٠٦ / ١٩١. الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد رفعه ، عن بعض الحكماء(٤) ، قال(٥) :

«إن أحق الناس أن يتمنى الغنى للناس أهل البخل ؛ لأن الناس إذا استغنوا كفوا عن أموالهم ، وإن أحق الناس أن يتمنى صلاح الناس أهل العيوب ؛ لأن الناس إذا صلحوا كفوا عن تتبع عيوبهم(٦) ، وإن أحق الناس أن يتمنى حلم(٧) الناس أهل السفه(٨) الذين يحتاجون أن يعفى(٩) عن سفههم ، فأصبح أهل البخل يتمنون فقر الناس ، وأصبح أهل العيوب يتمنون فسقهم(١٠) ، وأصبح أهل

__________________

على الخضوع والذلة ، وقلة المال ، والحال السيئة. واستكان : إذا خضع. والمسكنة : فقر النفس». النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٨٥ (سكن).

(١) في «ع» : «من الفضل» بدل «القصد». وفي «ل ، م ، ن ، بن ، جت» وحاشية «بح ، جد» : «الفضل». والقصد : الاعتدال وعدم الميل إلى أحد طرفي الإفراط والتفريط ، والمراد هو التوسط بين الإسراف والتبذير ، والوسط من غير إسراف وتقتير. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٦٧ (قصد).

(٢) في «بن» : «مقوله».

(٣) تحف العقول ، ص ٢٩ ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من قوله : «مالي أرى حب الدنيا» مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢٦ ، ص ١٥٣ ، ح ٢٥٣٨٣ ؛ وفيه ، ج ١٥ ، ص ٢٨٩ ، ح ٢٠٥٣٩ ، ملخصا ؛ البحار ، ج ٧٧ ، ص ١٣٣ ، ح ٤٢.

(٤) في المرآة : «قوله : عن بعض الحكماء ، أي الأئمةعليهم‌السلام ؛ إذ قد روى الصدوق [الخبر] في الأمالي بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مع أنه ليس من دأبهم الرواية عن غير المعصوم».

(٥) في «ن» : + «قال».

(٦) في الخصال : «عيوب الناس» بدل «عيوبهم».

(٧) الحلم : العقل ، والأناة والتثبت في الامور. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٠٣ (حلم).

(٨) السفه : ضد الحلم ، والأصل فيه : الخفة والطيش ـ أي خفة العقل ـ والاضطراب في الرأي ، يقال سفه فلان رأيه ، إذا كان مضطربا لا استقامة له. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٣٤ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٧٦ (سفه).

(٩) في «ن» : «أن يعفوا».

(١٠) في الفقيه والأمالي للصدوق والخصال والأمالي للطوسي : «معايب الناس» بدل «فسقهم».

٤٠٥

الذنوب(١) يتمنون سفههم(٢) ، وفي الفقر الحاجة إلى البخيل(٣) ، وفي الفساد طلب عورة أهل العيوب ، وفي السفه المكافأة بالذنوب».(٤)

١٥٠٠٧ / ١٩٢. عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، قال :

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا حسن ، إذا نزلت بك نازلة ، فلا تشكها إلى أحد من أهل الخلاف ، ولكن اذكرها لبعض إخوانك ؛ فإنك لن تعدم(٥) خصلة من أربع خصال(٦) : إما كفاية بمال(٧) ، وإما(٨) معونة بجاه(٩) ، أو دعوة فتستجاب(١٠) ، أو(١١) مشورة برأي».(١٢)

خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام

١٥٠٠٨ / ١٩٣. علي بن الحسين المؤدب وغيره ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن

__________________

(١) في الفقيه والأمالي للصدوق والخصال والأمالي للطوسي : «السفه».

(٢) في الفقيه والأمالي للصدوق والخصال والأمالي للطوسي : «سفه الناس» بدل «سفههم».

(٣) في «ع ، جت ، جد» والأمالي للطوسي : «البخل».

(٤) الفقيه ، ج ٤ ، ص ٤٠١ ، ح ٥٨٦٢ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ٣٨٧ ، المجلس ٦١ ، ح ٨ ؛ الخصال ، ص ١٥٢ ، باب الثلاثة ، ح ١٨٨ ؛ الأمالي للطوسي ، ص ٤٣٠ ، المجلس ١٥ ، ح ١٨ ، وفي كل المصادر بسند آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٥ ، ص ٩٩٦ ، ح ٣٤٥٩.

(٥) في «ع ، بح» : «لن تقدم».

(٦) في «د ، بح ، جت» والوسائل : «خصال أربع».

(٧) في «بن» وتحف العقول وشرح المازندراني : ـ «بمال».

(٨) في «د ، م ، بح ، بن ، جت ، جد» : «أو» بدل «وإما».

(٩) في «بف» : «نجاة».

(١٠) في «د ، ع ، ن ، بح ، بف ، جت» والوسائل وشرح المازندراني : «تستجاب». وفي تحف العقول : «مستجابة».

(١١) في حاشية «جت» : «وإما» بدل «أو».

(١٢) تحف العقول ، ص ٣٧٩ ، عن الحسن بن راشد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام الوافي ، ج ٥ ، ص ٧٠٧ ، ح ٢٩١٨ ؛ الوسائل ، ج ٢ ، ص ٤١١ ، ح ٢٥٠٢.

٤٠٦

إسماعيل بن مهران ، عن عبد الله بن أبي الحارث الهمداني(١) ، عن جابر :

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : «خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال : الحمد لله الخافض(٢) الرافع ، الضار النافع ، الجواد الواسع ، الجليل ثناؤه ، الصادقة أسماؤه ، المحيط بالغيوب وما يخطر على القلوب(٣) ، الذي جعل الموت(٤) بين خلقه عدلا ، وأنعم بالحياة عليهم فضلا ، فأحيا وأمات ، وقدر الأقوات ، أحكمها بعلمه تقديرا ، فأتقنها(٥) بحكمته(٦) تدبيرا(٧) ، إنه كان خبيرا بصيرا ، هو الدائم بلا فناء ، والباقي إلى غير منتهى ، يعلم ما في الأرض وما في السماء وما بينهما وما تحت الثرى.

أحمده بخالص حمده المخزون بما حمده به(٨) الملائكة والنبيون ، حمدا لا يحصى له عدد ، ولا يتقدمه أمد(٩) ، ولا يأتي بمثله أحد ، أومن(١٠) به ، وأتوكل عليه ، وأستهديه وأستكفيه ، وأستقضيه(١١) بخير وأسترضيه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ،صلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

(١) في «بف» وحاشية «جت» : «عبد الله بن الحارث الهمداني». والرجل مجهول لم نعرفه.

(٢) قال ابن الأثير : «في أسماء الله تعالى : الخافض ، وهو الذي يخفض الجبارين والفراعنة ، أي يضعهم ويهينهم ، ويخفض كل شيء يريد خفضه ، والخفض : ضد الرفع». النهاية ، ج ٢ ، ص ٥٣ (خفض).

(٣) في حاشية «جت» والوافي : «بالقلوب» بدل «على القلوب».

(٤) في حاشية «م» : + «بينه و».

(٥) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع والوافي : «وأتقنها».

(٦) في «ع ، ل ، بح ، بف ، بن ، جت ، جد» وحاشية «د» : «بحكمه».

(٧) في «د ، ع ، ل ، م ، بح ، جت» : «تقديرا».

(٨) في شرح المازندراني : ـ «به».

(٩) في «د ، ع ، ل ، م ، بح ، بن ، جت ، جد» وحاشية «بف» وشرح المازندراني والمرآة : «أحد». وفي «بف» وحاشية «جت» : «أبد».

وفي المرآة : «ولا يتقدمه أحد ، أي بالتقدم المعنوي بأن يحمد أفضل منه ، أو بالتقدم الزماني بأن يكون حمده أحد قبل ذلك».

(١٠) في «د ، ع ، ن ، بف ، جت» : «واومن».

(١١) في «بف» وحاشية «ن» والمرآة : «أستقصيه».

٤٠٧

أيها الناس ، إن الدنيا ليست لكم بدار ولا قرار ، إنما أنتم فيها كركب عرسوا(١) فأناخوا(٢) ، ثم استقلوا(٣) فغدوا(٤) وراحوا(٥) ، دخلوا(٦) خفافا(٧) ، وراحوا خفافا(٨) ، لم يجدوا عن مضي(٩) نزوعا(١٠) ، ولا إلى ما تركوا رجوعا ، جد بهم فجدوا(١١) ، وركنوا إلى الدنيا فما

__________________

(١) التعريس : نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة. النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٠٦ (عرس).

(٢) «فأناخوا» أي لزموا وأقاموا ؛ من النوخة ، وهي الإقامة. ويقال : أناخ الإبل فاستناخت ، أي أبركها فبركت ، وهو أن تلصق صدرها بالأرض ، يقال : برك البعير ، أي ألقى بركه بالأرض ، وهو صدره. راجع : لسان العرب ، ج ١ ، ص ٣٩٦ (برك) ، وج ٣ ، ص ٦٥ ؛ تاج العروس ، ج ٤ ، ص ٣٢٢ (نوخ).

(٣) يقال : استقل القوم ، أي مضوا وذهبوا وارتحلوا ، واستقل الشيء ، أي حمله ورفعه. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٠٤ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٨٦ (قلل).

(٤) في «ع» : «وغدوا».

(٥) «فغدوا» من الغدو ، وهو سير أول النهار ، نقيض الرواح ؛ قاله ابن الأثير. وقال الفيومي : «راح يروح رواحا ، وتروح مثله يكون بمعنى الغدو وبمعنى الرجوع ، وقد طابق بينهما في قوله تعالى :( غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ ) [سبأ (٣٤) : ١٢] ، أي ذهابها ورجوعها. وقد يتوهم بعض الناس أن الرواح لا يكون إلافي آخر النهار ، وليس كذلك ، بل الرواح والغدو عند العرب يستعملان في المسير أي وقت كان من ليل أو نهار ، قاله الأزهري وغيره». راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٤٦ (غدا) ؛ المصباح المنير ، ص ٢٤٢ (روح).

(٦) في «ن ، جت ، جد» : «ودخلوا». وفي حاشية «جت» : «وخلوا».

(٧) في «ع ، بف» : «جفافا». وفي شرح المازندراني : «الخفاف : ضد الثقال ، وضمير الجمع للركب ، أي دخلوا في الدنيا خفافا من متاعها ، وراحوا منها إلى الآخرة خفافا منه». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : دخلوا خفافا ، هو جمع خفيف ، أي دخلوا في الدنيا عند ولادتهم خفافا بلا زاد ولا مال ، وراحوا عند الموت كذلك. ويحتمل أن يكون كناية عن الإسراع».

(٨) في «ع ، بف» : «جفافا».

(٩) في «جد» : «ما مضى» بدل «عن مضي».

(١٠) «لم يجدوا عن مضي نزوعا» أي لم يقدروا على الكف والإباء عن المضي ، يقال : نزع عن الشيء نزوعا ، أي كف ، وأقلع عنه ، وانتهى عنه ، وأباه. راجع : المصباح المنير ، ص ٦٠٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٢٥ (نزع).

(١١) الجد ، بالكسر : الاجتهاد في الأمر ، وضد الهزل ، والعجلة. قال العلامة المازندراني : «الجد : بالكسر : الاجتهاد في الأمر ، والهزل ، وفعله من بابي ضرب وقتل ، أي جد المضي والذهاب من الدنيا بهم فجدوا فيهما اضطرارا». وقال العلامة المجلسي : «قولهعليه‌السلام : جدبهم فجدوا ، أي حثوهم على الإسراع في السير ، فأسرعوا. وفيه استعارة تمثيلية ، شبه سرعة زوال القوى وتسبب أسباب الموت وكثرة ما يوجب الزوال من الأسباب

٤٠٨

استعدوا ، حتى إذا أخذ بكظمهم(١) وخلصوا(٢) إلى دار قوم جفت(٣) أقلامهم(٤) لم يبق(٥) من أكثرهم(٦) خبر ولا أثر ، قل في الدنيا لبثهم ، وعجل إلى الآخرة بعثهم ، فأصبحتم حلولا(٧) في ديارهم ، ظاعنين(٨) على آثارهم ، والمطايا(٩) بكم تسير سيرا ، ما فيه أين(١٠) ولا تفتير(١١) ، نهاركم بأنفسكم دؤوب(١٢) ، وليلكم بأرواحكم ذهوب ، فأصبحتم تحكون من حالهم حالا ، وتحتذون(١٣) من مسلكهم(١٤) مثالا ، فلا تغرنكم الحياة الدنيا ، فإنما

__________________

الخارجة والداخلة برجال يحثون المراكب والأجساد بتلك المراكب ، والعمر بالمسافة التي يقطعها المسافر ، والأجل بالمنزل الذي يحل فيه». راجع : المصباح المنير ، ص ٩٢ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٩٩ (جدد).

(١) الكظم ، بالتحريك : مخرج النفس من الحلق ، أو الحلق ، أو الضم. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ١٧٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٢٠ (كظم).

(٢) «خلصوا» أي وصلوا ، يقال : خلص فلان إلى فلان ، أي وصل إليه. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٦١ (خلص).

(٣) في «ع» : «خفت».

(٤) في شرح المازندراني : «يحتمل أن يكون جفاف أقلامهم كناية عن جريان ما كتب في اللوح المحفوظ من مقادير أحوالهم الخيرية والشرية عليهم تمثيلا للفراغ منها بفراغ الكاتب من كتابته ويبس قلمه». وقيل غير ذلك. راجع : الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٨١ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٤٩.

(٥) في «بف» : «ولم يبق».

(٦) في «بح» : «لأكثرهم».

(٧) الحلول : جمع الحال ، من حل المكان وبه ، أي نزل به. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٠٤ (حلل).

(٨) «ظاعنين» أي سائرين ومرتحلين. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ١٥٧ ؛ المصباح المنير ، ص ٣٨٥ (ظعن).

(٩) المطايا : جمع المطية ، وهي الناقة التي يركب مطاها ، أي ظهرها ، أو هي دابة تمطو في سيرها ، أي تجد وتسرع. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٤٠ (مطا) ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٤٩ (مطو).

(١٠) في الوافي عن بعض النسخ : «أني». والأين : الإعياء والتعب. الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٧٦ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٨٧ (أين).

(١١) في «بف» والوافي : «ولا تقصير». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : ولا تفتير ، أي ليست تلك الحركة موجبة لفتور تلك المطايا فتسكن عن السير زمانا. قال الفيروزآبادي : فتر يفتر ويفتر فتورا وفتارا : سكن بعد حدة ، ولان بعد شدة ، وفتره تفتيرا». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٣٣ (فتر).

(١٢) في المرآة : «قال الفيروزآبادي : يقال : فلان دؤب في العمل ، إذا جد وتعب ، أي نهاركم يسرع ويجد ويتعب بسبب أنفسكم ليذهبها. ويحتمل أن يكون الباء للتعدية ، أي نهاركم يتعبكم في أعمالكم وحركاتكم ، وذلك سبب لفناء أجسادكم». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٥٩ (دأب).

(١٣) في «جد» وحاشية «د» : «وتحتدون». والاحتذاء : الاقتداء. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٧١ (حذو).

(١٤) في «ع ، ن ، بف» وحاشية «د ، م ، جت» وشرح المازندراني والوافي : «سلكهم».

٤٠٩

أنتم فيها سفر حلول(١) ، الموت بكم نزول(٢) ، تنتضل(٣) فيكم مناياه(٤) ، وتمضي بأخباركم مطاياه إلى دار الثواب والعقاب ، والجزاء والحساب.

فرحم الله امرأ راقب ربه(٥) ، وتنكب(٦) ذنبه ، وكابر(٧) هواه ، وكذب مناه ، امرأ زم(٨) نفسه من التقوى(٩) بزمام ، وألجمها من خشية ربها بلجام ، فقادها إلى الطاعة بزمامها ، وقدعها(١٠) عن المعصية بلجامها ، رافعا إلى المعاد طرفه ، متوقعا في كل أوان

__________________

(١) السفر : جمع سافر ، والحلول : جمع حال ، قال العلامة المجلسي : «قولهعليه‌السلام : سفر حلول ، هما جمعان ، أي مسافرون حللتم بالدنيا». راجع : المصباح المنير ، ص ٢٧٨ (سفر) ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٠٤ (حلل).

(٢) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : نزول ، بفتح النون ، أي نازل».

(٣) في «د ، ع» : «ينتصل». وفي «ل ، م ، جد» : «ينتضل». والانتضال : رمي السهام للسبق ، يقال : انتضل القوم وتناضلوا ، أي رموا للسبق. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٧٢ (نضل).

(٤) المنايا : جمع المنية ، وهي الموت ، من المني بمعنى التقدير ؛ لأنها مقدرة بوقت مخصوص. وقال العلامة المازندراني : «ضمير مناياه راجع إلى الموت ، والمراد بالمنايا أسبابه ، وإرجاعه إلى الدنيا باعتبار الدهر بعيد». وقال العلامة المجلسي : «الانتضال : رمي السهام للسبق. والمنايا : جمع المنية ، وهو الموت. ولعل الضمير راجع إلى الدنيا بتأويل الدهر ، أو بتشبيهها بالرجل الرامي ، أي ترمي إليكم المنايا في الدنيا سهامها فتهلككم ، والسهام : الأمراض والبلايا الموجبة للموت. ويحتمل أن يكون فاعل «تتنصل» الضمير الراجع إلى الدنيا ، ويكون المرمي المنايا ، والأول أظهر. ويمكن إرجاع ضمير «مناياه» إلى الموت بأن يكون المراد بالمنايا البلايا التي هي أسباب الموت ، اطلق عليه مجازا تسمية للسبب باسم المسبب». وقيل غير ذلك. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٦٨ ؛ لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٢٩٢ (مني) ؛ شرح المازندراني ، ج ١٢ ، ص ٢٠٠ ؛ الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٨١ ـ ٨٢ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٥٠.

(٥) في شرح المازندراني : «راقب ربه ، أي حافظ ربه ، كأنه يراه فيخلي الظاهر والباطن عن الرذائل ، ويحليهما بالفضائل ، وينظر إلى جميع حركاته وسكناته ولحظاته ، فإن كانت إلهية بادر إليها ، وإن كانت شيطانية تعجل إلى دفعها». وقيل غير ذلك. راجع : مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٥٠.

(٦) في تحف العقول : «وتوكف». والتنكب عن الشيء : هو الميل والعدول عنه ، وتنكبه : تجنبه. الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٢٨ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ١١٢ (نكب).

(٧) في حاشية «بح ، جت» : «وكابد». وفي حاشية «ن» : «وكابل». والمكابرة : المغالبة والمعاندة. المصباح المنير ، ص ٥٢٤ (كبر).

(٨) في «ع ، م ، ن ، بح ، بن ، جت ، جد» والبحار : «أزم».

(٩) في «ل» : ـ «من التقوى».

(١٠) في «د» : «وقرعها». والقدع : الكف والمنع ، يقال : قدعه عن الشيء ، أي كفه عنه ، وقدع الفرس ، أي كبحه ،

٤١٠

حتفه(١) ، دائم الفكر ، طويل السهر(٢) ، عزوفا(٣) عن الدنيا سأما(٤) ، كدوحا(٥) لآخرته متحافظا ، امرأ جعل الصبر مطية نجاته ، والتقوى عدة وفاته ، ودواء أجوائه(٦) ، فاعتبر وقاس وترك(٧) الدنيا والناس ، يتعلم للتفقه والسداد(٨) ، وقد وقر(٩) قلبه(١٠) ذكر المعاد(١١) ، وطوى مهاده(١٢) ، وهجر وساده(١٣) ،

__________________

أي جذبه إليه باللجام وضرب فاه به كي يقف ولا يجري. راجع : لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٦٦ (كبح) ، وج ٨ ، ص ٢٦٠ (قدع).

(١) الحتف : الموت والهلاك. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٣٣٧ (حتف).

(٢) السهر ، عدم النوم في الليل كله ، أو في بعضه ، يقال : سهر الليل كله ، أو بعضه ، إذا لم ينم. المصباح المنير ، ص ٢٩٣ (سهر).

(٣) «عزوفا» أي منصرفا وزاهدا وملوما ؛ من العزوف ، وهو الزهد في الشيء والانصراف عنه والملال منه. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١١٥ (عزف).

(٤) السأم : الملل والضجر. النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٢٨ (سأم).

(٥) الكدح : السعي والحرص ، والعمل. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ١٥٥ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٥٧ (كدح).

(٦) في التحف : «داء جواه». والأجواء : جمع الجوى ، وهو الحرقة وشدة الوجد من عشق أو حزن. وهو أيضا المرض وداء الجوف إذا تطاول. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٠٦ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٣١٨ (جوا).

(٧) في تحف العقول : «فوتر».

(٨) قال الجوهري : «السداد هو الصواب والقصد من القول والفعل». وقال ابن الأثير : «هو القصد في الأمر والعدل فيه». الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٨٥ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٥٢ (سدد).

(٩) في «د ، ع» : «وفر».

(١٠) في «بن» : «سمعه».

(١١) التوقير : التعظيم والتبجيل ، والترزين ، والتسكين. قال العلامة المازندراني : «التوقيرهنا بمعنى التعظيم والتبجيل ، أو بمعنى الترزين والتسكين ، و «قلبه» على الأول فاعل ، و «ذكر المعاد» مفعول ، وعلى الثاني بالعكس». وقال العلامة المجلسي : «قولهعليه‌السلام : وقد وقر قلبه ذكر المعاد ، أي حمل على قلبه ذكر المعاد فأكثر ، من قولهم : أوقر على الدابة ، أي حمل عليه حملا ثقيلا. ويحتمل بعيدا أن يكون من الوقار ويكون «ذكر المعاد» فاعلا للتوقير ، أي جعل ذكر المعاد قلبه ذا وقار لايتبع الشهوات والأهواء». راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٨٤٨ ؛ المصباح المنير ، ص ٦٦٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٨٣ (وقر).

(١٢) المهاد : الفراش. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٤١ (مهد).

(١٣) الوساد : المخدة ، وهو ما يوضع الخد عليه ، والمتكأ ، وهو الذي يوضع تحت الرأس. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١٨٢ ؛ لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٤٥٩ (وسد).

٤١١

منتصب(١) على أطرافه(٢) ، داخل(٣) في أعطافه(٤) ، خاشعا للهعزوجل ، يراوح(٥) بين الوجه والكفين ، خشوع في السر لربه ، لدمعه صبيب(٦) ، ولقلبه وجيب(٧) ، شديدة أسباله(٨) ، ترتعد(٩) من خوف الله ـعزوجل ـ أوصاله(١٠) ، قد(١١) عظمت فيما عند الله رغبته ، واشتدت منه رهبته(١٢) ، راضيا بالكفاف من

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني. وفي المطبوع والوافي : «منتصبا».

(٢) أطراف البدن : اليدان والرجلان والرأس. قال العلامة المازندراني : «منتصب على أطرافه ، أي على قدميه ، أو على جميع جوارحه باستعمال كل منها في ما طلب منه». راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٠٨ (طرف).

(٣) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي «جد» : «دخل». وفي المطبوع والوافي : «داخلا».

(٤) عطفا الرجل : جانباه عن يمين وشمال ، وشقاه من لدن رأسه إلى وركيه ، وكذلك عطفا كل شيء : جانباه ، والجمع : أعطاف وعطاف وعطوف. والعطاف : الرداء ، والإزار ، سمي عطافا لوقوعه على عطفي الرجل ، وهما ناحيتا عنقه ، والجمع : عطف وأعطفة. قال العلامة المازندراني : «وهو إشارة إلى أن غلبة النوم المحرك له إلى جوانبه لا تمنعه من القيام بوظائف الطاعات. ويمكن أن يراد بها الازر والأردية». راجع : لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٣٥١ (عطف).

(٥) المراوحة بين الوجه والكفين : أن يضع وجهه تارة على التراب وجبهته عليه للسجود ، ويرفع كفيه تارة في الدعاء إلى السماء ، أو يرفع وجهه إلى السماء تارة وكفيه إليها اخرى ، ففي إعمال كل منهما راحة للاخرى. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٣٥ (روح) ؛ شرح المازندراني ، ج ١٢ ، ص ٢٠٢ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٥٢.

(٦) الصبيب : مصدر صب الماء يصب ، من باب ضرب ، أي انسكب ، والصبيب أيضا : الماء المصبوب. راجع : المصباح المنير ، ص ٣٣١ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٨٧ (صبب).

(٧) الوجيب : مصدر ، يقال : وجب القلب وجيبا ، أي رجف واضطرب. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٣٢ ؛ المصباح المنير ، ص ٦٤٨ (وجب).

(٨) الأسبال ، بفتح الهمزة : جمع السبل بالتحريك ، مثل بطل وأبطال ، وبكسرها : مصدر ، يقال : أسبل المطروالدمع ، إذا هطلا ، أي تتابعا وسالا. والاسم : السبل بالتحريك. قرأه العلامة الفيض في الوافي على صيغة المصدر ، واحتمل العلامة المجلسي الفتح والكسر ـ كما هو الظاهر من كلام العلامة المازندراني ـ ثم قال : «وتأنيث الخبر يؤيد الأول». راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٤٠ (سبل).

(٩) في شرح المازندراني : «يرتعد».

(١٠) الأوصال : المفاصل ، أو مجتمع العظام. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤١٠ (وصل).

(١١) في شرح المازندراني : «وقد».

(١٢) الرهبة : الخوف والفزع. النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٨٠ (رهب).

٤١٢

أمره(١) ، يظهر دون ما يكتم ، ويكتفي بأقل مما يعلم ، أولئك ودائع الله في بلاده ، المدفوع(٢) بهم عن عباده ، لو أقسم أحدهم على الله(٣) ـ جل ذكره ـ لأبره(٤) ، أو دعا على أحد نصره الله ، يسمع إذا ناجاه ، ويستجيب له(٥) إذا دعاه ، جعل الله العاقبة للتقوى ، والجنة لأهلها مأوى ، دعاؤهم فيها أحسن الدعاء ، سبحانك اللهم ، دعاهم المولى(٦) على(٧) ما آتاهم ، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين».(٨)

خطبة(٩) لأمير المؤمنينعليه‌السلام

١٥٠٠٩ / ١٩٤. علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب(١٠) ، عن محمد بن النعمان أو غيره :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه ذكر هذه الخطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام يوم الجمعة :

«الحمد لله أهل الحمد ووليه ، ومنتهى الحمد ومحله ، البديء(١١)

__________________

(١) في «ن ، جت» وشرح المازندراني : + «وأحسن طول عمره». وفي الوافي : + «إن أحسن طول عمره».

(٢) في «بن ، جت» : «والمدفوع».

(٣) القسم على الله تعالى : أن يقول : بحقك يا رب أفعل كذا ، وإنما عدي ب «على» لأنه ضمن معنى التحكم أو الايجاب. راجع : المغرب ، ص ٢٩٤ (قسم).

(٤) «لأبره» أي أمضا قسمه على الصدق تعظيما له واستجابة لسؤاله وقضاء لحاجته. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٩٨ (برر).

(٥) في «ع ، بح» : ـ «له».

(٦) في المرآة : «مولاهم».

(٧) في «بن ، جد» وحاشية «د ، م ، جت» : «إلى».

(٨) تحف العقول ، ص ٢٠٨ ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، من قوله : «فرحم الله امرأ راقب ربه وتنكب ذنبه» مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٧٩ ، ح ٢٥٣٧٤ ؛ البحار ، ج ٧٧ ، ص ٣٤٩ ، ح ٣٠.

(٩) في «بف» : + «اخرى».

(١٠) هكذا في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بن ، جت ، جد». وفي «بف» والمطبوع : «الحسن بن محبوب».

(١١) في شرح المازندراني : «البديء : فعيل بمعنى فاعل ، من بدأ الخلق ، أي فطرهم وأنشأهم». وفي مرآة العقول : «قولهعليه‌السلام : البديء ، أي الأول ، كما ذكره الجوهري. ويحتمل أن يكون فعيلا بمعنى مفعل ، كالبديع ، أي مبدع الأشياء ومنشئها». وراجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٥ (بدأ).

٤١٣

البديع(١) ، الأجل الأعظم ، الأعز الأكرم ، المتوحد بالكبرياء ، والمتفرد(٢) بالآلاء ، القاهر بعزه ، والمتسلط(٣) بقهره ، الممتنع بقوته ، المهيمن(٤) بقدرته ، والمتعالي فوق كل شيء بجبروته ، المحمود بامتنانه(٥) وبإحسانه(٦) ، المتفضل بعطائه وجزيل فوائده ، الموسع برزقه(٧) ، المسبغ بنعمته(٨) .

نحمده على آلائه وتظاهر نعمائه(٩) ، حمدا يزن عظمة جلاله ، ويملأ قدر آلائه وكبريائه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، الذي كان في أوليته متقادما ، وفي ديموميته(١٠) متسيطرا(١١) ، خضع الخلائق لوحدانيته(١٢) وربوبيته وقديم(١٣) أزليته ،

__________________

(١) «البديع» : هو الخالق المخترع لا عن مثال سابق ، فعيل بمعنى مفعل ، يقال : أبدع فهو مبدع.

(٢) في شرح المازندراني : «المتفرد إما بالتاء المثناة الفوقانية ، أو بالنون. والأول أولى ؛ لأنه الأنسب بالمتوحد مع ما فيه من المبالغة في الانفراد».

(٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي. وفي المطبوع : «والمسلط».

(٤) قال ابن الأثير : «في أسماء الله تعالى : المهيمن : هو الرقيب. وقيل : الشاهد. وقيل : المؤتمن. وقيل : القائم بامور الخلق». النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٧٥ (هيمن).

(٥) الامتنان : الإنعام ، والاسم : المنة بالكسر. المصباح المنير ، ص ٥٨١ (منن).

(٦) في حاشية «جت» : «وإحسانه».

(٧) في شرح المازندراني : «وسع الله على عباده رزقه ، يوسع وسعا من باب نفع ، وأوسعه إيساعا ، ووسعه توسيعا ، إذا بسطه وكثره ، والباء للمبالغة في التعدية». وراجع : المصباح المنير ، ص ٦٦٠ (وسع).

(٨) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : «بنعمه». والإسباغ : الإتمام والإكمال ، وقال العلامة المجلسي : «لعل الباء زائدة ، أو المراد : المسبغ حجته بنعمته». راجع : المصباح المنير ، ص ٢٦٤ (سبغ).

(٩) في شرح المازندراني : «وتظاهر نعمائه ، أي مجيء بعضها ظهر بعض وعقبه على وجه التعاون وتقوية كل واحدة للاخرى». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : وتظاهر نعمائه ، أي تتابعها».

(١٠) في «ع» : «ديمومته».

(١١) في الوافي : «متسطرا». والمتسيطر : المسلط ، والرقيب الحافظ. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٦٥ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٧٣ (سطر).

(١٢) في «بف» وشرح المازندراني والوافي : «بوحدانيته».

(١٣) في حاشية «بف» : «في قديم» بدل «وقديم».

٤١٤

ودانوا(١) لدوام أبديته.

وأشهد أن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله عبده ورسوله وخيرته من خلقه ، اختاره بعلمه ، واصطفاه لوحيه ، وائتمنه على سره ، وارتضاه(٢) لخلقه ، وانتدبه(٣) لعظيم أمره ، ولضياء معالم دينه ، ومناهج سبيله(٤) ، ومفتاح وحيه(٥) ، وسببا لباب رحمته ، ابتعثه على حين فترة(٦) من الرسل ، وهدأة(٧) من العلم ، واختلاف من الملل ، وضلال عن الحق ، وجهالة بالرب ، وكفر بالبعث والوعد ، أرسله إلى الناس أجمعين ، رحمة للعالمين ، بكتاب كريم قد فضله وفصله(٨) وبينه وأوضحه وأعزه ، وحفظه من أن يأتيه الباطل من بين يديه ومن(٩) خلفه ، تنزيل من حكيم حميد.

ضرب للناس فيه الأمثال ، وصرف فيه الآيات لعلهم يعقلون ، أحل فيه

__________________

(١) في مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٥٦ : «قولهعليه‌السلام : دانوا ، أي أقروا وأذعنوا بدوام أبديته ، أو أطاعوا وخضعوا وذلوا له ؛ لكونه دائم الأبدية ولا مناص لهم عن حكمه. يقال : دان ، أي ذل وخضع ، وعبد وأطاع ، وأقر واعتقد. والكل مناسب ، كما عرفت». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٧٥ (دين).

(٢) الارتضاء : الاختيار ، يقال : رضيت الشيء وبه ، وارتضيته ، أي اخترته. المصباح المنير ، ص ٢٢٩ (رضي).

(٣) في شرح المازندراني : «الظاهر أن اللام بمعنى «إلى» ، تقول : ندبته إلى الأمر ندبا ، من باب قتل ، وانتدبته إليه ، إذا دعوته فانتدب ، يستعمل لازما ومتعديا». وراجع : المصباح المنير ، ص ٥٩٧ (ندب).

(٤) في شرح المازندراني : «ومناهج سبيله ، الإضافة بيانية ، والمناهج : جمع منهج ، وهو طريقته الواضحة المؤدية للسالكين بأيسر سعي إلى رضوانه». وراجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٤٦ (نهج).

(٥) في شرح المازندراني : «ومفتاح وحيه ، لعل التركيب من قبيل لجين الماء ، أي دعاه إلى وحيه الذي كالمفتاح في فتح أبواب العلوم الربانية والأسرار الإلهية».

وفي المرآة : «قوله عليه‌السلام : ومفتاح وحيه ، يمكن تقدير فعل ، أي جعله مثلا ، ويحتمل عطفه على قوله : لخلقه ، ولعله سقط منه شيء».

(٦) الفترة : ما بين الرسولين من رسل الله تعالى من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة ؛ من الفتور ، وهو الضعف والانكسار. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٧٧ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٠٨ (فتر).

(٧) الهدأة والهدوء : السكون عن الحركات. النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٤٩ (هدأ).

(٨) في البحار : «فصله وفضله».

(٩) في «ع ، ل ، بف» والوافي : «ولا من».

٤١٥

الحلال ، وحرم فيه الحرام ، وشرع فيه الدين لعباده عذرا ونذرا(١) لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ، ويكون بلاغا(٢) لقوم عابدين ، فبلغ رسالته ، وجاهد في سبيله ، وعبده حتى أتاه اليقين(٣) ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسليما كثيرا.

أوصيكم عباد الله وأوصي نفسي بتقوى الله الذي ابتدأ بدأ(٤) الأمور بعلمه ، وإليه يصير غدا ميعادها(٥) ، وبيده فناؤها وفناؤكم ، وتصرم(٦) أيامكم ، وفناء آجالكم ، وانقطاع مدتكم ، فكأن قد زالت عن قليل(٧) عنا وعنكم ، كما زالت عمن كان قبلكم ، فاجعلوا(٨) عباد الله اجتهادكم في هذه الدنيا التزود من يومها القصير ليوم الآخرة الطويل ، فإنها دار عمل ، والآخرة دار القرار والجزاء ، فتجافوا عنها(٩) ، فإن المغتر من اغتر بها(١٠) ،

__________________

(١) في «د ، ل ، م ، ن ، بح ، بن ، جت ، جد» : «أو نذرا».

وفي مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٥٧ : «قوله عليه‌السلام : عذرا ونذرا ، هما مصدران ل «عذر» : إذا محى الإساءة. و «أنذر» : إذا خوف ، أو جمعان لعذير بمعنى المعذرة ، ونذير بمعنى الإنذار ، أو بمعنى العاذر والمنذر. ونصبهما على الأولين بالعلية ، أي عذرا للمحقين ، ونذرا للمبطلين ، وعلى الثالث بالحالية. ويمكن قراءتهما بضم الذالين وسكونهما ، كما قرئ بهما في الآية». وراجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ١٩٧ ؛ لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٥٤٨ (عذر) ؛ وج ٥ ، ص ٢٠١ (نذر).

(٢) «بلاغا» أي كفاية ، أو هو مصدر بمعنى الوصول إلى المقصود ، والحمل للمبالغة في السببية ، أي ليكون سبب بلوغ ووصول إلى البغية. راجع : شرح المازندراني ، ج ١٢ ، ص ٢٠٩ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٥٨.

(٣) المراد من اليقين هو الموت ؛ فإنه متيقن لحوقه لكل حي مخلوق.

(٤) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والمرآة. وفي المطبوع والوافي : ـ «بدأ».

(٥) في «ع ، ن ، بف ، بن ، جت ، جد» وشرح المازندراني والوافي : «معادها». وفي «بح» : «معادلها».

(٦) الصرم : القطع ، والتصرم : التقطع. الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٦٥ (صرم).

(٧) في المرآة : «كلمة «عن» بمعنى بعد ، أي بعد زمان قليل».

(٨) في «د» : «واجعلوا».

(٩) «فتجافوا عنها» أي اتركوها وابعدوا عنها ؛ من الجفاء ، وهو البعد عن الشيء ، وترك الصلة والبر. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٢٨٠ (جفا).

(١٠) في شرح المازندراني : «فإن المغتر من اغتربها. الظاهر أن الأول من الغرة بالكسر ، وهي الغفلة ، والثاني من الغرور ، وهو الخدعة ، أي الغافل عن الله وعن أمر الآخرة من انخدع بالدنيا وزهراتها».

٤١٦

لن تعدو(١) الدنيا إذا تناهت إليها أمنية أهل الرغبة فيها ، المحبين لها ، المطمئنين إليها ، المفتونين بها أن تكون كما قال اللهعزوجل :( كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ ) (٢) الآية ، مع أنه لم يصب امرؤ منكم في هذه الدنيا حبرة(٣) إلا أورثته عبرة(٤) ، ولا يصبح فيها في جناح آمن إلا وهو يخاف فيها نزول جائحة(٥) ، أو تغير نعمة ، أو زوال عافية(٦) ، مع أن الموت من وراء ذلك ، وهول(٧) المطلع(٨) والوقوف بين يدي الحكم العدل ، تجزى(٩) كل نفس بما عملت( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ) (١٠) .

فاتقوا الله عز ذكره ، وسارعوا إلى رضوان الله والعمل بطاعته والتقرب إليه بكل ما

__________________

(١) «لن تعدو» أي لن تتجاوز ، أو لن تجاوز ، يقال : عدا عليه يعدو ، أي تجاوز الحد ، وعداه يعدوه ، أي جاوزه. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٢١ ؛ المصباح المنير ، ص ٣٩٧ (عدا).

(٢) يونس (١٠) : ٢٤.

(٣) في «د ، بف» : «حيرة». وفي «م ، جت ، جد» : «خبرة». والحبرة ، بالفتح : النعمة وسعة العيش ، وكذلك الحبور. النهاية ، ج ١ ، ص ٣٢٧ (حبر).

(٤) في «بف» : «غيره». وفي حاشية «جت» : «غيرة». والعبرة ، بالفتح : الدمعة قبل أن تفيض ، أو تردد البكاء في الصدر ، أو الحزن بلا بكاء ، والجمع : عبرات وعبر. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٠٩ (عبر).

(٥) قال الجوهري : «الجوح : الاستئصال ، حجت الشيء أجوحه ، ومنه الجائحة ، وهي الشدة التي تجتاح المال من سنة أو فتنة». وقال ابن الأثير : «الاجتياح من الجائحة ، وهي الآفة التي تهلك الثمار والأموال وتستأصلها ، وكل مصيبة عظيمة وفتنة مبيرة جائحة ، والجمع : جوائح». الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٦٠ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٣١٢ (جوح).

(٦) في البحار : + «مافيه».

(٧) الهول : الخوف والأمر الشديد. الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٥٥ (هول).

(٨) قال الجوهري : «المطلع : المأتى ، يقال : أين مطلع هذا الأمر ، أي مأتاه ، وهو موضع الاطلاع من إشراف إلى انحدار ، وفي الحديث : من هول المطلع ، شبه ما أشرف عليه من أمر الآخرة بذلك». وقال ابن الأثير : «يريد به الموقف يوم القيامة ، أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت ، فشبهه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال». الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٢٥٤ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ١٣٢ (طلع).

(٩) في «جد» : «يجزى». وفي «م» بالتاء والياء معا.

(١٠) النجم (٥٣) : ٣١.

٤١٧

فيه الرضا ، فإنه قريب مجيب ، جعلنا الله وإياكم ممن يعمل بمحابه(١) ، ويجتنب سخطه.

ثم إن(٢) أحسن القصص وأبلغ الموعظة وأنفع التذكر كتاب الله جل وعز ، قال اللهعزوجل (٣) :( وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) (٤) .

أَسْتَعِيذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ ) (٥) ،( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (٦) .

اللهم صل على محمد وآل محمد ، وبارك(٧) على محمد وآل محمد(٨) ، وتحنن(٩) على محمد وآل محمد ، وسلم على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت وتحننت وسلمت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد.

اللهم أعط محمدا الوسيلة والشرف والفضيلة والمنزلة الكريمة.

اللهم اجعل محمدا وآل محمد أعظم الخلائق كلهم شرفا يوم القيامة ، وأقربهم منك مقعدا ، وأوجههم عندك يوم القيامة جاها(١٠) ، وأفضلهم عندك منزلة ونصيبا.

__________________

(١) في «بن» : «بمحابته».

(٢) في «ع» : ـ «إن».

(٣) في البحار : ـ «قال اللهعزوجل ».

(٤) الأعراف (٧) : ٢٠٤.

(٥) العصر (١٠٣) : ١ ـ ٣.

(٦) الأحزاب (٣٣) : ٥٦.

(٧) في شرح المازندراني : «بارك ، إما من بروك البعير ، إذا استناخ ولزم مكانا واحدا لايخرج منه ، أو من البركة بمعنى النماء والزيادة. والمعنى على الأول : أدم عليهم الكرامة والتشريف ، وعلى الثاني : زدهم تشريفا بعد تشريف ، وكرامة بعد كرامة». وراجع : النهاية ، ج ١ ، ص ١٢٠ (برك).

(٨) في «بف» : + «وترحم على محمد وآل محمد».

(٩) التحنن : الترحم والتعطف. الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢١٠٤ (حنن).

(١٠) قال الفيومي : «الجاه : مقلوب من الوجه». وقال الفيروزآبادي : «الجاه والجاهة : القدر والمنزلة». المصباح المنير ، ص ٦٤٩ (وجه) ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٣٥ (جوه).

٤١٨

اللهم أعط محمدا أشرف المقام ، وحباء(١) السلام ، وشفاعة الإسلام.

اللهم وألحقنا به غير خزايا(٢) ولا ناكبين(٣) ولا نادمين ولا مبدلين(٤) إله الحق آمين.

ثم جلس قليلا ، ثم قام ، فقال :

الحمد لله أحق من خشي وحمد ، وأفضل من اتقي وعبد ، وأولى من عظم ومجد(٥) ، نحمده لعظيم غنائه(٦) ، وجزيل عطائه ، وتظاهر نعمائه ، وحسن بلائه(٧) ، ونؤمن بهداه الذي لايخبو(٨) ضياؤه ، ولا يتمهد(٩) سناؤه(١٠) ، ولا يوهن(١١) عراه(١٢) ، ونعوذ بالله

__________________

(١) الحباء : العطاء ، والعطية. الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٠٨ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٣٣٦ (حبا).

(٢) «خزايا» : جمع خزيان ، وهو المستحيي. والمعنى : غير مستحيين منه بالمخزية ـ وهي الخصلة الذميمة ـ من الأفعال والأخلاق. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٠ (خزا).

(٣) في «ع ، بح ، بف» وحاشية «د» وشرح المازندراني والوافي والمرآة : «ناكثين». و «ولا ناكبين» أي لا عادلين عن طريق الحق ، يقال : نكب عن الطريق ينكب نكوبا ، أي عدل ومال. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٢٨ ؛ المصباح المنير ، ص ٦٢٤ (نكب).

(٤) في «د ، ن ، بن ، جت» : «متبدلين».

(٥) في «بن» : ـ «عبد ، وأولى من عظم ومجد».

(٦) الغناء ، بالفتح والمد : النفع. الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٤٩ (غنا).

(٧) في شرح المازندراني : «البلاء : المحنة ، والعطية ، والنعمة. والبلاء الحسن : العطاء الجميل. ولو اريد به المحنة فالمراد به البلاء الموجب لتذكر أمر الآخرة والرجوع إليه سبحانه ، وأما الموجب لفساد الدين فقد وقعت الاستعاذة منه». وراجع : النهاية ، ج ١ ، ص ١٥٥ (بلا) ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٦٠ (بلي).

(٨) يقال : خبت النارو الحرب والحدة خبوا وخبوا : سكنت وطفئت. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٧٨ (خبو).

(٩) في الوافي والمرآة : «ولا يهمد». وفي شرح المازندراني : «ولا يتهمد».

(١٠) في مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٦١ : «قولهعليه‌السلام : ولا يهمد سناؤه ، وفي بعض النسخ : لا يتمهد ، والتمهد : الانبساط ، والهمود : طفؤ النار. والسنا مقصورا : ضوء البرق ، وممدودا : الرفعة. فعلى نسخة «يهمد» ينبغي أن يكون مقصورا ، وعلى الاخرى أن يكون ممدودا ، والاولى أوفق بلاحقتها ، كما أن الثانية أوفق بسابقتها لفظا». وفي اللغة : التمهد : التمكن ، وامتهاد السنام : انبساطه وارتفاعه. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٤١ (مهد) ؛ وج ٦ ، ص ٢٣٨٣ (سنا).

(١١) في «ل ، بح ، بن» : «ولا توهن». وفي «د» بالتاء والياء معا.

(١٢) في «بف» : «عراوه». وفي الوافي : «عراؤه».

٤١٩

من سوء كل الريب(١) ، وظلم الفتن ، ونستغفره(٢) من مكاسب الذنوب ، ونستعصمه من(٣) مساوي الأعمال ، ومكاره الآمال ، والهجوم(٤) في الأهوال(٥) ، ومشاركة أهل الريب ، والرضا بما يعمل الفجار في الأرض بغير الحق.

اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات الذين توفيتهم على دينك وملة نبيك(٦) صلى‌الله‌عليه‌وآله .

اللهم تقبل حسناتهم ، وتجاوز عن سيئاتهم ، وأدخل عليهم الرحمة والمغفرة(٧) والرضوان ، واغفر للأحياء من المؤمنين والمؤمنات الذين وحدوك وصدقوا رسولك(٨) ، وتمسكوا بدينك ، وعملوا بفرائضك ، واقتدوا بنبيك ، وسنوا سنتك(٩) ، وأحلوا حلالك ، وحرموا حرامك ، وخافوا عقابك ، ورجوا ثوابك ، ووالوا أولياءك ، وعادوا أعداءك.

اللهم اقبل حسناتهم ، وتجاوز عن سيئاتهم ، وأدخلهم برحمتك في عبادك الصالحين ، إله الحق آمين».(١٠)

١٥٠١٠ / ١٩٥. الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي

__________________

(١) في «بح» : «الذنب». وفي الوافي : «في بعض النسخ : شواكل الريب ، بدل : سوء كل الريب ، ولعل المرادبشواكله متشابهاته».

(٢) في «ع ، بف» وحاشية «د» : «واستغفره».

(٣) في شرح المازندراني : «عن».

(٤) «الهجوم» : الإتيان بغتة ، والدخول من غير استيذان. المغرب ، ص ٥٠٠ (هجم).

(٥) «الأهوال» : جمع الهول ، وهو الخوف والأمر الشديد. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٥٥ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٨٣ (هول).

(٦) في «م» : + «محمد».

(٧) في «د ، ل ، بح ، بن ، جت» والبحار : «المغفرة والرحمة».

(٨) في «د ، بح ، جت» : «رسلك».

(٩) في شرح المازندراني : «وسنوا سنتك ، أي ساروها ، أو أحسنوا القيام عليها ، والسنة : الطريقة والسيرة». وراجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٠٩ (سنن).

(١٠) الوافي ، ج ٨ ، ص ١١٥١ ، ح ٧٩٣٣ ؛ البحار ، ج ٧٧ ، ص ٣٥٢ ، ح ٣١.

٤٢٠