الكافي الجزء ١٥

الكافي0%

الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 909

الكافي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي
تصنيف: الصفحات: 909
المشاهدات: 78490
تحميل: 4293


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 909 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 78490 / تحميل: 4293
الحجم الحجم الحجم
الكافي

الكافي الجزء 15

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

حديث العابد

١٥٤٠٠ / ٥٨٥. محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن محمد بن سنان ، عمن أخبره :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «كان عابد في بني إسرائيل لم يقارف(١) من أمر الدنيا شيئا ، فنخر(٢) إبليس نخرة ، فاجتمع إليه جنوده ، فقال : من لي بفلان؟ فقال(٣) بعضهم : أنا له(٤) ، فقال : من أين تأتيه ، فقال(٥) : من ناحية النساء ، قال : لست له ، لم يجرب(٦) النساء(٧) ، فقال له آخر : فأنا له(٨) ، فقال(٩) : من أين تأتيه؟ قال : من ناحية الشراب واللذات ، قال : لست له ، ليس هذا(١٠) بهذا(١١) ، قال آخر : فأنا له ، قال : من أين تأتيه؟ قال : من ناحية البر ، قال : انطلق(١٢) ، فأنت صاحبه ، فانطلق إلى موضع الرجل ، فأقام(١٣) حذاه(١٤) يصلي».

قال : «وكان الرجل ينام والشيطان(١٥) لاينام ، ويستريح والشيطان لايستريح ، فتحول إليه الرجل وقد تقاصرت إليه نفسه(١٦) ، واستصغر عمله ، فقال(١٧) : يا عبد الله(١٨) ،

__________________

(١) المقارفة : المقاربة. راجع : المصباح المنير ، ص ٤٩٩ (قرف).

(٢) يقال : نخر ينخر وينخر نخيرا ، أي مد الصوت في خياشيمه. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٦٦ (نخر).

(٣) في «ن ، جت» : «قال».

(٤) في «د ، ع ، م ، ن ، بف ، بن ، جد» والبحار : ـ «له».

(٥) في «ع ، بف ، بن ، جد» والوافي : «قال».

(٦) في «جت» : «لم يحب».

(٧) في «ن» : «بالنساء».

(٨) في «ع ، بف» : ـ «له».

(٩) هكذافي جميع النسخ التي قوبلت. وفي البحار : «قال». وفي المطبوع والوافي : + «له».

(١٠) في «بف» والوافي : «له».

(١١) في «بن» : ـ «بهذا». وفي «بف» والوافي : + «علم».

(١٢) في «ن» وحاشية «د» : «فانطلق».

(١٣) في «بف ، بن» والوافي : «فقام».

(١٤) في «د» : «حذاءه». وفي «ن ، بف» والوافي : «بحذائه».

(١٥) في «جد» : + «يصلي».

(١٦) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : وقد تقاصرت إليه نفسه ، أي ظهر له التقصير من نفسه ، يقال : تقاصر ، أي أظهر القصر». راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٤٤ (قصر).

(١٧) في «د» والوافي : + «له».

(١٨) في «م» : ـ «يا عبد الله».

٨٤١

بأي شيء قويت على هذه الصلاة؟ فلم يجبه ، ثم أعاد(١) عليه ، فلم يجبه ، ثم أعاد(٢) عليه(٣) ، فقال : يا عبد الله ، إني أذنبت ذنبا وأنا تائب منه ، فإذا ذكرت الذنب(٤) قويت على(٥) الصلاة ، قال : فأخبرني بذنبك حتى أعمله وأتوب ، فإذا فعلته قويت على الصلاة ، قال : ادخل المدينة ، فسل(٦) عن فلانة البغية(٧) ، فأعطها درهمين ، ونل منها ، قال : ومن أين لي درهمين(٨) ؟ ما أدري ما الدرهمين(٩) ؟ فتناول الشيطان من تحت قدمه(١٠) درهمين ، فناوله إياهما ، فقام فدخل المدينة بجلابيبه ، يسأل عن منزل(١١) فلانة البغية ، فأرشده(١٢) الناس ، وظنوا أنه جاء يعظها ، فأرشدوه(١٣) ، فجاء إليها فرمى إليها بالدرهمين ، وقال : قومي ، فقامت فدخلت(١٤) منزلها ، وقالت : ادخل ، وقالت(١٥) : إنك جئتني في هيئة ليس يؤتى(١٦) مثلي في مثلها ، فأخبرني بخبرك ، فأخبرها.

فقالت له : يا عبد الله ، إن ترك الذنب(١٧) أهون من طلب التوبة ، وليس كل من طلب التوبة وجدها ، وإنما ينبغي أن يكون هذا شيطانا مثل(١٨) لك ، فانصرف ؛ فإنك لا ترى شيئا ، فانصرف ، وماتت من ليلتها ، فأصبحت فإذا(١٩) على بابها مكتوب : احضروا

__________________

(١) في البحار ، ج ٦٣ : «عاد» في الموضعين.

(٢) في «ن» : + «فلم يجبه ، ثم أعاد».

(٣) في «د ، ن» : ـ «عليه».

(٤) في «م» : ـ «الذنب».

(٥) في «د ، م» : + «هذه».

(٦) في «بن» : «فاسأل».

(٧) البغية : الفاجرة والزانية. وهو وصف مختص بالمرأة ولا يقال للرجل : بغي. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٨٢ ؛ المصباح المنير ، ص ٥٧ (بغي).

(٨) في «بف» وحاشية «جت» والوافي : «درهمان».

(٩) في «بف» : «الدرهم». وفي حاشية «جت» : «الدرهمان». وفي الوافي : «الدراهم».

(١٠) في «بن ، جت» : «قدميه».

(١١) في البحار ، ج ٦٣ : ـ «منزل».

(١٢) في «د ، ع ، م ، ن ، بن ، جت ، جد» : «فأرشدوه».

(١٣) في «جد» : + «إليها».

(١٤) في «جد» : «ودخلت».

(١٥) في «ن» : «فقالت».

(١٦) في «بف» : «تؤتى».

(١٧) في «م» : «الذنوب».

(١٨) في «بف» والوافي : «تمثل».

(١٩) في «ن ، بف ، بن» : «وإذا».

٨٤٢

فلانة ؛ فإنها من أهل الجنة ، فارتاب الناس ، فمكثوا ثلاثا لايدفنونها(١) ارتيابا في أمرها ، فأوحى الله ـعزوجل ـ إلى نبي من الأنبياء ـ لا أعلمه(٢) إلا موسى بن عمرانعليه‌السلام ـ : أن ائت فلانة ، فصل عليها ، ومر الناس أن يصلوا عليها ؛ فإني قد(٣) غفرت لها ، وأوجبت لها الجنة بتثبيطها(٤) عبدي فلانا عن معصيتي».(٥)

١٥٤٠١ / ٥٨٦. أحمد بن محمد بن أحمد(٦) ، عن علي بن الحسن ، عن محمد بن عبد الله بن زرارة ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة :

عن أبي جعفر(٧) عليه‌السلام ، قال : «كان في بني إسرائيل رجل عابد ، وكان(٨) محارفا(٩) لايتوجه في(١٠) شيء ، فيصيب فيه شيئا ، فأنفقت عليه امرأته حتى لم يبق(١١) عندها شيء ، فجاعوا يوما من الأيام ، فدفعت إليه نصلا(١٢) من غزل ، وقالت له : ما عندي غيره ، انطلق(١٣) فبعه ، واشتر لنا شيئا نأكله.

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والبحار ، ج ٦٣. وفي المطبوع : «لم يدفنوها».

(٢) في «ن» : «لا أعلم». وفي المرآة : «قوله : لا أعلمه ، الشك من الراوي».

(٣) في «بن» : ـ «قد».

(٤) في «ع» : «بتثبطها». والتثبيط : هو التعويق والشغل عن المراد ، يقا ل : ثبطه تثبيطا ، أي قعد به عن الأمر وشغله عنه ومنعه تخذيلا ونحوه. المصباح المنير ، ص ٨٠ (ثبط).

(٥) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٤٩ ، ح ٢٥٤٥٢ ؛ البحار ، ج ١٤ ، ص ٤٩٥ ، ح ٢٠ ؛ وج ٦٣ ، ص ٢٧٦ ، ح ١٦٥.

(٦) في المطبوع نقلا من بعض النسخ : ـ «بن أحمد».

(٧) في «جت» : «أبي عبد الله».

(٨) في «بن» : «كان» بدون الواو.

(٩) قال الجوهري : «المحارف ، بفتح الراء ، أي محدود محروم ، وهو خلاف قولك : مبارك». وقال ابن الأثير : «المحارف ، بفتح الراء : هو المحروم المجدود الذي إذا طلب لايرزق ، أو يكون لايسعى في الكسب ، وقد حورف كسب فلان : إذا شدد عليه في معاشه وضيق ، كأنه ميل برزقه عنه ، من الانحراف عن الشيء ، وهو الميل عنه». الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٣٤٢ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٣٧٠ (حرف).

(١٠) في «د» وحاشية «جت» : «إلى».

(١١) في «بف» : «لايبقى».

(١٢) النصل : الغزل وقد خرج من المغزل. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٠٣ (نصل).

(١٣) في «م ، بن» : «فانطلق».

٨٤٣

فانطلق بالنصل الغزل(١) ليبيعه ، فوجد السوق قد غلقت ، ووجد المشترين قد قاموا وانصرفوا ، فقال : لو أتيت هذا الماء ، فتوضأت منه ، وصببت علي منه ، وانصرفت ، فجاء إلى البحر وإذا(٢) هو بصياد قد ألقى شبكته(٣) ، فأخرجها وليس(٤) فيها إلا سمكة ردية قد مكثت عنده حتى صارت رخوة منتنة(٥) ، فقال له : بعني هذه السمكة ، وأعطيك هذا الغزل تنتفع به في شبكتك ، قال(٦) : نعم ، فأخذ السمكة ، ودفع إليه(٧) الغزل ، وانصرف(٨) بالسمكة إلى منزله.

فأخبر زوجته الخبر ، فأخذت السمكة لتصلحها ، فلما شقتها(٩) ، بدت من جوفها لؤلؤة ، فدعت زوجها فأرته إياها ، فأخذها فانطلق(١٠) بها إلى السوق ، فباعها بعشرين ألف درهم ، وانصرف إلى منزله بالمال فوضعه ، فإذا سائل يدق الباب ، ويقول(١١) : يا أهل الدار(١٢) ، تصدقوا رحمكم(١٣) الله على المسكين ، فقال له(١٤) الرجل : ادخل ، فدخل ، فقال له : خذ إحدى(١٥) الكيسين(١٦) ، فأخذ إحداهما(١٧) ، وانطلق ، فقالت له امرأته : سبحان الله بينما نحن مياسير(١٨) إذ ذهبت بنصف يسارنا ، فلم يكن ذلك بأسرع من أن دق(١٩) السائل(٢٠) الباب ، فقال له الرجل : ادخل ، فدخل فوضع الكيس

__________________

(١) في «بف ، جد» والوافي : ـ «الغزل». (٢) في «جت» : «فإذا».

(٣) في «ن» : «بشبكته». (٤) في «بن» : «وليست».

(٥) في حاشية «جت» : «ومنتنة». (٦) في حاشية «جت» : «فقال».

(٧) في «جد» : «إليها».

(٨) في «جت» : «فانصرف».

(٩) في «م ، ن» : «شقها».

(١٠) في «بف» : «وانطلق».

(١١) في «جت» : «وهو يقول» بدل «ويقول».

(١٢) في «م» : «الباب».

(١٣) في حاشية «د» : «يرحمكم».

(١٤) في «جد» : ـ «له».

(١٥) في «د ، بف» والوافي : «أحد».

(١٦) في «ن» : + «وانطلق».

(١٧) في «د ، م ، جت» والبحار : «فأخذ احدى الكيسين». وفي «ع ، بف ، بن» وحاشية «د» والوافي : «أحدهما».

(١٨) «المياسير» : جمع الموسر ، وهو الذى صار ذا يسار ، واليسار : الغنى والثروة. راجع : لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٢٩٦ ؛ المصباح المنير ، ص ٦٧٠ (يسر).

(١٩) في «د ، جت» وحاشية «ن» : «وقف».

(٢٠) في «د ، جت» وحاشية «ن» : + «على».

٨٤٤

في(١) مكانه ، ثم قال : كل هنيئا(٢) مريئا(٣) ، إنما(٤) أنا ملك من ملائكة ربك ، إنما أراد ربك أن يبلوك ، فوجدك(٥) شاكرا ، ثم ذهب».(٦)

خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام

١٥٤٠٢ / ٥٨٧. أحمد بن محمد ، عن سعيد بن المنذر بن محمد(٧) ، عن أبيه ، عن جده ، عن محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه ، قال :

خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ـ ورواها(٨) غيره بغير هذا الإسناد ، وذكر أنه خطب بذي قار(٩) ـ فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :

«أما بعد ، فإن الله ـ تبارك وتعالى ـ بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق ليخرج عباده من

__________________

(١) في «بف» : ـ «في».

(٢) كل شيء يأتيك وتيسر من غير تعب ولا مشقة ولا عناء ، فهو هنيء. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٧٧ ؛ المصباح المنير ، ص ٦٤٢ (هنأ).

(٣) في «بف» والوافي : ـ «مرئيا». ويقال : طعام مريء ، أي هنيء حميد المغبة ، أي العاقبة ، من قولهم : مرأني الطعام ، وأمرأني ، إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عنها طيبا. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٣١٣ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ١٥٥ (مرأ).

(٤) في «بن» : ـ «إنما».

(٥) في «بف» والوافي : + «صابرا».

(٦) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٥٤ ، ح ٢٥٤٥٤ ؛ الوسائل ، ج ٢٥ ، ص ٤٥٣ ، ح ٣٢٣٣٩ ، إلى قوله : «فباعها بعشرين ألف درهم» ملخصا ؛ البحار ، ج ١٤ ، ص ٤٩٧ ، ح ٢١.

(٧) هكذا في «م ، بح» وحاشية «جت» والوافي والبحار. وفي «بن» : «أحمد بن محمد بن سعيد بن المنذر بن محمد». وفي «د ، ع ، بف ، جت ، جد» والوسائل والمطبوع : «أحمد بن محمد ، عن سعد بن المنذر بن محمد».

هذا ، والتقريرات الثلاثة كلها سهو. والظاهر أن الصواب في السند يكون هكذا : «أحمد بن محمد بن سعيد ، عن المنذر بن محمد» ؛ فقد روى أحمد بن محمد بن سعيد شيخ الكليني قدس‌سره كتب المنذر بن محمد بن المنذر بن سعيد بن أبي الجهم القابوسي ، وتكررت روايته عنه في الأسناد والطرق. راجع : رجال النجاشي ، ص ١١ ، الرقم ٧ ؛ ص ١٥ ، الرقم ١٢ ؛ ص ٤٧ ، الرقم ٩٥ ؛ ص ١٧٩ ، الرقم ٤٧٢ ؛ ص ٢٠٧ ، الرقم ٥٤٩ ؛ وص ٤١٨ ، الرقم ١١١٨.

(٨) في «م ، ن» : «ورواه».

(٩) ذوقار : موضع بين الكوفة وواسط. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٥٠ (قور).

٨٤٥

عبادة عباده إلى عبادته ، ومن عهود عباده إلى عهوده ، ومن طاعة عباده إلى طاعته ، ومن ولاية عباده إلى ولايته ، بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه ، وسراجا منيرا ، عودا(١) وبدءا(٢) ، وعذرا(٣) ونذرا ،(٤) بحكم قد فصله(٥) ، وتفصيل(٦) قد أحكمه ، وفرقان قد فرقه(٧) ، وقرآن قد بينه ؛ ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه ، وليقروا(٨) به إذ جحدوه ، وليثبتوه بعد(٩) إذ(١٠) أنكروه ، فتجلى(١١) لهم(١٢) سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه(١٣) ، فأراهم حلمه كيف حلم ، وأراهم عفوه كيف عفا ، وأراهم قدرته كيف قدر ، وخوفهم من سطوته ، وكيف خلق ما خلق من الآيات ، وكيف محق من محق من العصاة بالمثلات(١٤) ، واحتصد(١٥) من احتصد بالنقمات(١٦) ، وكيف رزق وهدى وأعطى

__________________

(١) في «بح» : «وعودا».

(٢) في «بح ، بن» : «وبدوا». وفي حاشية «د» : «ومبدأ». وفي الوافي : «عودا وبدءا ، يعني عودا إلى الدعوة بعد ما بدأ فيها ، والمراد تكرير الدعوة».

(٣) في «بح ، بن ، جت ، جد» : «عذرا» بدون الواو.

(٤) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : عذرا أو نذرا ، كل منهما لقوله «بعث» ، أي عذرا للمحقين ونذرا للمبطلين ؛ أو حال ، أي عاذرا ومنذرا».

(٥) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : بحكم. المراد بالجنس ، أي بعثه مع أحكام مفصلة مبينة».

(٦) في «بف» : «وتفصيله».

(٧) في شرح المازندراني : «فرقه ، بالتخفيف : أحكمه ، وبالتشديد : أنزله في أيام متفرقة ؛ ليسهل على القلب واللسان تحملها».

(٨) في «م» : «فليقروا».

(٩) في «م» : ـ «بعد».

(١٠) في «م ، ن» : «إذا». وفي حاشية «د» والوافي : «إن».

(١١) في «جت» : «وتجلى».

(١٢) في المرآة : ـ «لهم».

(١٣) في الوافي : «أي ظهر من غير أن يرى بالبصر ، بل نبههم عليه في القرآن من قصص الأولين ، وما حل بهم من النقمة عند مخالفة الرسل».

(١٤) المثلات : جمع المثلة ، وهي العقوبة. الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨١٦ (مثل).

(١٥) الاحتصاد : قطع الزرع والنبات بالمنجل ، والمراد هنا المبالغة في القتل والإهلاك. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٠٧ (حصد).

(١٦) النقمات : جمع النقمة ، وهي المكافأة بالعقوبة. راجع : لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٥٩٠ (نقم).

٨٤٦

وأراهم حكمه ، كيف حكم وصبر حتى(١) يسمع ما يسمع(٢) ويرى.

فبعث الله ـعزوجل ـ محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك.

ثم(٣) إنه سيأتي عليكم من بعدي زمان(٤) ليس في ذلك الزمان شيء أخفى من الحق ، ولا أظهر من الباطل ، ولا أكثر من الكذب على الله تعالى ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة(٥) أبور(٦) من الكتاب إذا تلي حق تلاوته ، ولا سلعة أنفق بيعا ولا أغلى ثمنا من الكتاب إذا(٧) حرف عن مواضعه ، وليس في العباد ولا في البلاد شيء هو أنكر من المعروف ، ولا(٨) أعرف من المنكر ، وليس فيها فاحشة أنكر ولا عقوبة أنكى(٩) من الهدى عند الضلال(١٠) في ذلك الزمان(١١) ، فقد(١٢) نبذ الكتاب حملته ، وتناساه(١٣) حفظته ، حتى تمالت(١٤) بهم الأهواء(١٥) ، وتوارثوا ذلك من الآباء ، وعملوا

__________________

(١) في «د ، ع ، م ، بن» وحاشية «ن» : «حين».

(٢) في «بن» : «ما لايسمع» بدل «ما يسمع».

(٣) في «بف» : + «قال».

(٤) في «بن» : «زمان من بعدي».

(٥) السلعة : المتاع ، وما تجر به. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٩٧٩ (سلع).

(٦) «أبور» أي كاسد ؛ من البوار بمعنى الكساد ، وهو نقيض النفاق. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٨٦ (بور).

(٧) في «م» : ـ «إذا».

(٨) في «ع» : «فلا».

(٩) في «ن ، بف ، بن» وحاشية «م» والوافي : «أنكأ». وفي شرح المازندراني : «وأنكى ، مثل أحرى من النكاية بفتح النون ، وهو القبح والجراح والعقوبة ؛ أو مثل أملأ ، من النكاء بهمز اللام ، وهو قشر القرحة قبل أن تبرأ. والمراد على التقديرين أن الهدى أشد مولم في ذلك الزمان». وراجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١١٧ (نكا).

(١٠) في «بن» : «الضلالة». وفي شرح المازندراني : «الضلال بتخفيف اللام ، أو بتشديده على احتمال جمع ضال».

(١١) في «بح» : ـ «الزمان».

(١٢) في «بن» : «قد».

(١٣) يقال : تناساه ، أي أرى من نفسه أنه نسيه. الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٠٨ (نسا).

(١٤) في «جت» : «غالت». وفي حاشية «ن» : «تمايلت».

(١٥) في شرح المازندراني : «كأن تمالت أصله «تمايلت» بالنقل ، كما في شاكي السلاح ، ثم بالقلب والحذف ، أو «تمالوت» بالقلب والحذف من الملو ، وهو السير الشديد ، والباء للتعدية ، أي سيرتهم الأهواء وبالعكس في طريق الباطل ، أو «تمالات» بتخفيف الهمزة بمعنى تعاونت وتساعدت ، أو «ثماثلت» بالثاء المثلثة لو ثبتت روايته بمعنى تداهن وتلاعب. وفي بعض النسخ : عال ، بالعين المهملة بمعنى مال». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام :

٨٤٧

بتحريف الكتاب كذبا وتكذيبا ، فباعوه(١) بالبخس(٢) ، وكانوا فيه من الزاهدين.

فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان طريدان منفيان ، وصاحبان مصطحبان في طريق واحد ، لايأويهما(٣) مؤو(٤) ، فحبذا ذانك الصاحبان ، واها(٥) لهما ولما يعملان(٦) له(٧) .

فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان في الناس وليسوا فيهم ، ومعهم وليسوا معهم ، وذلك لأن الضلالة(٨) لاتوافق الهدى وإن اجتمعا(٩) ، وقد اجتمع القوم على الفرقة ، وافترقوا عن(١٠) الجماعة ، قد(١١) ولوا أمرهم وأمر دينهم من يعمل فيهم بالمكر والمنكر والرشا والقتل(١٢) ، كأنهم أئمة الكتاب ، وليس الكتاب إمامهم ، لم يبق

__________________

حتى تمالت بهم الأهواء ، كذا في أكثر النسخ ، فيحتمل أن يكون بتشديد اللام تفاعلا من الملال ، أي بالغوا في متابعة الأهواء حتى كأنها ملت بهم ، أو بتخفيف اللام من قولهم : تمالوا عليه ، أي تعاونوا أو اجتمعوا فخفف الهمزة ويكون الباء بمعنى على. والأظهر ما في النسخ المصححة القديمة ، وهو تمايلت ، أي أمالتهم الأهواء والشهوات عن الحق إلى الباطل. وفي بعض النسخ : غالت ، بالغين المعجمة ، من قولهم : غاله ، أي أهلكه».

(١) في الوافي : + «فيها».

(٢) البخس : النقص ، والناقص ، والظلم ، وثمن بخس ، أي دون ما يحب. لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٢٤ (بخس).

(٣) في «م» وحاشية «د» : «لايؤديهما». وفي الوافي : «لايؤوبهما».

(٤) في شرح المازندراني : «لا يؤويهما مؤو ، أي لاينزلهما أحد في منزله. وفي المهذب : الإيواء : «جادادن» ، أو لايرق لهما ذورقة».

(٥) قال ابن الأثير : «قيل : معنى هذه الكلمة التلهف ، وقد توضع موضع الإعجاب بالشيء ، يقال : واها له. وقد ترد بمعنى التوجع ، وقيل : التوجع يقال فيه : آها». النهاية ، ج ٥ ، ص ١٤٤ (واه).

(٦) في «ع ، م ، ن ، بن ، جت ، جد» وحاشية «د ، بح» ومرآة العقول : «يعمدان».

(٧) في حاشية «د» : + «ثم».

(٨) في «جت» : «الضلال».

(٩) في «بف» : «اجتمعوا».

(١٠) في «ن ، بف ، جت» والبحار : «على».

(١١) في «د ، م ، جد» والبحار : «وقد».

(١٢) في الوافي : + «لم يعظمهم على تحريف الكتاب تصديقا لما يفعل وتزكية لفضله ، ولم يولوا أمرهم من يعلم الكتاب ويعمل بالكتاب ، ولكن ولاهم من يعمل بعمل أهل النار».

٨٤٨

عندهم من الحق إلا اسمه ، ولم يعرفوا من الكتاب إلا خطه وزبره(١) ، يدخل(٢) الداخل لما يسمع(٣) من حكم القرآن ، فلا يطمئن(٤) جالسا حتى يخرج من الدين ، ينتقل من دين ملك إلى دين ملك ، ومن ولاية ملك إلى ولاية ملك ، ومن طاعة ملك إلى طاعة ملك ، ومن عهود ملك إلى عهود ملك ، فاستدرجهم الله تعالى من حيث لايعلمون ، وإن كيده(٥) متين بالأمل والرجاء حتى توالدوا في المعصية ، ودانوا بالجور ، والكتاب لم يضرب عن شيء منه صفحا(٦) ضلالا تائهين(٧) ، قد دانوا بغير دين الله عز ذكره ، وأدانوا(٨) لغير الله(٩) .

مساجدهم في ذلك الزمان عامرة من الضلالة ، خربة من الهدى(١٠) ، فقراؤها وعمارها أخائب خلق الله وخليقته ، من عندهم جرت الضلالة ، وإليهم تعود ، فحضور(١١) مساجدهم والمشي إليها كفر بالله العظيم إلا من(١٢) مشى إليها وهو عارف

__________________

(١) الزبر : الكتابة ، ويقال : زبرت الكتاب زبرا ، أي أتقنت كتابته. لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٣١٥ (زبر).

(٢) في الوافي : «ويدخل».

(٣) في حاشية «جت» : «سمع».

(٤) في «بح» : «ولا يطمئن».

(٥) في «بح» : «كيدهم».

(٦) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : والكتاب لم يضرب عن شيء منه ، أي من الجور ، والواو للحال ، أي لم يعرض الكتاب عن بيان شيء من الجور. وقوله : صفحا ، مفعول مطلق من غير اللفظ ، أو مفعول له ، أو حال ، يقال : صفحت عن الأمر ، أي أعرضت منه وتركته. ويمكن أن يقرأ يضرب على بناء المجرد ، أي لم يدفع البيان عن شيء منه ، كما قال تعالى :( أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً ) [الزخرف (٤٣) : ٥]».

(٧) التائه : المتحير ، أي المتحيرين في طريق الضلالة. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٢٠٣.

(٨) في المرآة : «ودانوا». وفيه عن النسخة القديمة : «وكانوا».

(٩) في شرح المازندراني : «وأدانوا لغير الله ، أي عبدوا لغير الله ، وأصل الإدانة إعطاء الدين ، فمن عمل لله فهو دين عليه يؤديه وقت الحاجة ، ومن عمل لغيره وكله على ذلك الغير».

(١٠) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والبحار. وفي المطبوع : + [قد بدل فيها من الهدى]. وفي الوافي : «قد بدل ما فيها من الهدى».

(١١) في البحار : «وحضور».

(١٢) في «جد» : «ومن».

٨٤٩

بضلالهم(١) ، فصارت مساجدهم من(٢) فعالهم على ذلك النحو خربة من الهدى ، عامرة(٣) من الضلالة.

قد بدلت سنة الله ، وتعديت حدوده ، ولا يدعون(٤) إلى الهدى ، ولا يقسمون الفيء ، ولا يوفون بذمة ، يدعون القتيل منهم على ذلك شهيدا ، قد أتوا(٥) الله بالافتراء والجحود ، واستغنوا بالجهل عن العلم ، ومن قبل ما مثلوا بالصالحين كل مثلة(٦) ، وسموا صدقهم على الله فرية ، وجعلوا في الحسنة العقوبة السيئة.

وقد بعث الله ـعزوجل ـ إليكم رسولا من أنفسكم(٧) عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم(٨) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنزل عليه كتابا عزيزا( لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (٩) ، قرآنا عربيا(١٠) غير ذي عوج(١١) ؛ لينذر من كان حيا ، ويحق القول على الكافرين.(١٢)

__________________

(١) في «د ، م ، ن ، بح ، جت» : «بضلالتهم».

(٢) في «بف» وشرح المازندراني : «في».

(٣) في «م» : «وعامرة».

(٤) في «ع ، م ، بف ، بن» والوافي : «لا يدعون» بدون الواو.

(٥) في «م» والوافي : «فدانوا» بدل «قد أتوا».

(٦) في شرح المازندراني : «ما ، زائدة ، كما قيل في قوله تعالى حكاية :( وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ ) [يوسف (١٢) : ٨٠] والمثلة بالضم : التنكيل ، وهو قطع الأنف ، والمراد هنا التعذيب والإيذاء والاستخفاف والاستحقار ، يقال : مثل به يمثل مثلا ومثلة ، إذا نكل به ، ومثله تمثيلا للمبالغة ، وكأنه إشارة إلى ما فعلوا بهعليه‌السلام وبأبى ذر وسلمان والمقداد وعمار وأضرابهم من الصالحين بعد قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ». وللمزيد راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٩٤ (مثل) ؛ مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٥٩٤.

(٧) قرئ قولهعليه‌السلام : «من أنفسكم» بفتح الفاء ، أي من أشرفكم وأفضلكم. راجع : الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٨٨ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٥٩٥.

(٨) إشارة إلى الأية ١٢٨ من سورة التوبة (٩).

(٩) فصلت (٤١) : ٤٢.

(١٠) في «د ، ع ، ن ، بف ، بن ، جت ، جد» وشرح المازندراني : ـ «عربيا».

(١١) اقتباس من الآية ٢٨ من سورة الزمر (٣٩).

(١٢) اقتباس من الآية ٧٠ من سورة يس (٣٦). وفي الوافي : «حيا ، أي عاقلا فهما ، فإن الغافل كالميت».

٨٥٠

فلا يلهينكم الأمل ، ولا يطولن عليكم الأجل ، فإنما أهلك من كان قبلكم أمد(١) أملهم ، وتغطية الآجال عنهم ، حتى نزل بهم الموعود الذي ترد(٢) عنه المعذرة(٣) ، وترفع(٤) عنه التوبة ، وتحل(٥) معه القارعة(٦) والنقمة(٧) .

وقد أبلغ الله ـعزوجل ـ إليكم بالوعد(٨) ، وفصل لكم القول ، وعلمكم السنة ، وشرح(٩) لكم المناهج(١٠) ليزيح(١١) العلة ، وحث على الذكر ، ودل على النجاة ، وإنه من انتصح(١٢) لله(١٣) واتخذ قوله دليلا ، هداه للتي هي أقوم ، ووفقه(١٤) للرشاد ، وسدده ويسره للحسنى ، فإن جار الله(١٥) آمن محفوظ ، وعدوه خائف مغرور.

__________________

(١) في الوافي : «امتداد».

(٢) في حاشية «د» : «تردع».

(٣) في «د» : «المقدرة» والمراد من الموعود : الموت.

(٤) في «م» بالتاء والياء معا.

(٥) في «م» بالتاء والياء معا.

(٦) القارعة : الداهية والمصيبة والنكبة المهلكة. المغرب ، ص ٣٧٩ (قرع).

(٧) النقمة : المكافأة بالعقوبة. لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٥٩٠ (نقم).

(٨) في «بف» وحاشية «د ، ن» والوافي : «بالوعيد».

(٩) في «م ، بف ، جت ، جد» : «وشرع».

(١٠) في «م ، ن ، جت» : «المنهاج».

(١١) الإزاحة : الإزالة. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٢٤ (زيح).

(١٢) في الوافي : «الانتصاح : قبول النصيحة ، يعني من أطاع أوامر الله وعلم أنه إنما يهديه إلى مصالحه ويرده عن مفاسده يهديه للحالة التي اتباعها أقوم. وهي من الألفاظ القرآنية :( إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) [الإسراء (١٧) : ٩] وتلك الحالة هي المعرفة بالله وتوحيده».

(١٣) في «م ، ن ، بح ، بف ، جت ، جد» وشرح المازندراني ومرآة العقول : «الله». وفي شرح المازندراني : «وأنه من انتصح الله ، أنه بفتح الهمزة عطف على النجاة ، وبكسرها ابتداء كلام ، والضمير للشأن ، والانتصاح : قبول النصيحة ، والله منصوب بنزع الخافض ؛ يعني من قبل النصيحة من الله ، ونصيحة الله عبارة عن إرادة الخير للعباد وطلبه منهم ، وقبوله هو القيام بوظائف الخيرات».

(١٤) في «بن» : «وفقهه».

(١٥) في شرح المازندراني : «جار الله : من لجأ إليه ، وتضرع بين يديه ، واعتمد في كل الامور عليه». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : فإن جار الله ، أي القريب إلى الله بالطاعة ، أو من آجره الله من عذابه ، أو من الشدائد مطلقا ، قال الفيروزآبادي : الجار والمجاور : الذي أجرته من أن يظلم». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٢٤ (جور).

٨٥١

فاحترسوا من الله ـعزوجل ـ بكثرة الذكر ، واخشوا منه بالتقى(١) ، وتقربوا إليه بالطاعة ، فإنه قريب مجيب ، قال اللهعزوجل :( وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) (٢) .

فاستجيبوا(٣) لله(٤) وآمنوا به(٥) ، وعظموا الله الذي لاينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعظم(٦) ، فإن رفعة الذين يعلمون ما عظمة الله أن يتواضعوا له ، وعز الذين(٧) يعلمون ما جلال(٨) الله أن يذلوا له ، وسلامة الذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له(٩) ، فلا ينكرون أنفسهم بعد حد(١٠) المعرفة ، ولا يضلون بعد الهدى ، فلا تنفروا(١١) من الحق نفار الصحيح من الأجرب(١٢) ، والبارى من ذي السقم.

واعلموا(١٣) أنكم(١٤) لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه ، ولن(١٥) تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه ، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه ، ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا الذي حرفه ، ولن تعرفوا الضلالة(١٦) حتى تعرفوا الهدى ، ولن تعرفوا التقوى حتى تعرفوا الذي تعدى ؛ فإذا عرفتم ذلك ، عرفتم البدع والتكلف ، ورأيتم الفرية على الله وعلى(١٧) رسوله ، والتحريف لكتابه ، ورأيتم كيف هدى الله

__________________

(١) في الوافي : «بالتقوى».

(٢) البقرة (٢) : ١٨٦.

(٣) في المرآة : «فليستجيبوا».

(٤) في «ن» والمرآة : «الله».

(٥) في «بح» : ـ «به».

(٦) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : أن يتعظم ، أي يدعي العظمة».

(٧) في «جت» : + «هم».

(٨) في «بح» : «بإجلال» بدل «ما جلال».

(٩) في «م» : ـ «له».

(١٠) في «ع» : ـ «حد».

(١١) في «بف» : «فلا ينفروا».

(١٢) الأجرب : المعيوب ؛ من الجرب ، وهو العيب. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٣٩ (جرب).

(١٣) في الوافي : + «عملا يقينا».

(١٤) في «بح» : ـ «أنكم». وفي «ن» : + «إن».

(١٥) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي. وفي المطبوع : «ولم».

(١٦) في «بف» : «الضلال».

(١٧) في «بن» : ـ «على».

٨٥٢

من هدى ، فلايجهلنكم(١) الذين لايعلمون(٢) ، إن(٣) علم القرآن ليس يعلم ما هو إلا من ذاق طعمه ، فعلم بالعلم جهله ، وبصر(٤) به عماه ، وسمع به(٥) صممه ، وأدرك به علم(٦) ما فات ، وحيي(٧) به بعد إذ مات.

وأثبت عند الله ـ عز ذكره ـ الحسنات ، ومحا به السيئات ، وأدرك به رضوانا من الله تبارك وتعالى.

فاطلبوا ذلك من عند أهله خاصة ، فإنهم خاصة نور يستضاء به(٨) ، وأئمة يقتدى(٩) بهم ، وهم عيش العلم وموت الجهل ، هم(١٠) الذين يخبركم حكمهم عن علمهم ، وصمتهم عن منطقهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، لايخالفون الدين ، ولا يختلفون فيه ، فهو بينهم شاهد صادق ، وصامت ناطق ،(١١) فهم(١٢) من شأنهم شهداء بالحق ،

__________________

(١) في حاشية «بن» : «فلايغلبنكم». وفي «بن» : «فلايجهلن». وقرأه العلامة المازندراني على بناء التفعيل ، حيث قال : «التجهيل : هو النسبة إلى الجهل» ، والعلامة الفيض ، حيث قال في الوافي : «فلا يجهلنكم ، من التجهيل ، أي لاينسبوكم إلى الجهل». وأما العلامة المجلسي فإنه قرأه من باب الإفعال. راجع : شرح المازندراني ، ج ١٢ ، ص ٥٤٢ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٥٩٩.

(٢) في البحار : + «علم القرآن».

(٣) في الوافي وشرح المازندراني : «فإن».

(٤) في الوافي : «وأبصر». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : فعلم بالعلم جهله ، أي ما جهله مما يحتاج إليه في جميع الامور ، أو كونه جاهلا قبل ذلك ، أو كمل علمه حتى أقر بأنه جاهل ؛ فإن غاية كل كمال في المخلوق الإقرار بالعجز عن استكماله ، والاعتراف بثبوته كما ينبغي للرب تعالى. أو يقال : إن الجاهل لتساوي نسبة الأشياء إليه لجهله بجميعها يدعي علم كل شيء ، وأما العالم فهو يميز بين ما يعلمه وما لا يعلمه ، فبالعلم عرف جهله. ولا يخفى جريان الاحتمالات في الفقرتين التاليتين ، وأن الأول أظهر في الجميع بأن يكون المراد بقوله : وبصر به عماه : أبصر به ما عمي عنه ، أو تبدلت عماه بصيرة».

(٥) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : وسمع به ، يمكن أن يقرأ بالتخفيف ، أي سمع ما كان صم عنه ، أو بالتشديد ، أي بدل بالعلم صممه بكونه سميعا».

(٦) في «بن» : ـ «علم».

(٧) في شرح المازندراني : «وحي».

(٨) في حاشية «د» : «بهم».

(٩) في حاشية «د» وشرح المازندراني والوافي : «يهتدى».

(١٠) في «بن» : «وهم».

(١١) في الوافي : ذلك لأن صحت العارف أبلغ من نطق غيره».

(١٢) في الوافي : «فهو».

٨٥٣

ومخبر(١) صادق(٢) لايخالفون الحق ولا يختلفون فيه ، قد خلت لهم من الله سابقة ،(٣) ومضى فيهم من الله ـعزوجل ـ حكم صادق ، وفي ذلك ذكرى للذاكرين ، فاعقلوا الحق إذا سمعتموه عقل رعاية(٤) ، ولا تعقلوه عقل رواية(٥) ؛ فإن رواة الكتاب كثير ، ورعاته قليل ، والله المستعان».(٦)

١٥٤٠٣ / ٥٨٨. عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عمر بن علي ، عن عمه محمد بن عمر ، عن ابن أذينة ، قال : سمعت عمر بن يزيد يقول : حدثني معروف بن خربوذ :

عن علي بن الحسينعليهما‌السلام أنه كان يقول : «ويل أمه(٧) فاسقا من لايزال ممارئا(٨) ،

__________________

(١) في حاشية «د» : «ومحب». وفي حاشية «ن» ومرآة العقول : «ويخبر».

(٢) في الوافي : «مخبر صادق في حقهم حال كونهم شهداء بالحق غير مخالفين له ولا مختلفين فيه».

(٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي والمرآة. وفي المطبوع : «السابقة».

(٤) في حاشية «ن» : «رعاته».

(٥) في حاشية «ن» : «رواته».

(٦) نهج البلاغة ، ص ٢٠٤ ، الخطبة ١٤٧ ، مع اختلاف. وفيه ، ص ٣٥٧ ، الخطبة ٢٣٩ ، من قوله : «وهم عيش العلم وموت الجهل هم الذين يخبركم حكمهم» مع اختلاف يسير. تحف العقول ، ص ٢٢٧ ، عن الحسن بن علي المجتبيعليه‌السلام ، من قوله : «وإنه من انتصح لله واتخذ قوله دليلا هداه» مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٨٣ ، ح ٢٥٣٧٥.

(٧) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوسائل. وفي «بف» والوافي : «ويل أمة». وفي المطبوع وشرح المازندراني : «ويلمه». وفي شرح المازندراني : «الويل : الحزن والهلاك والمشقة من العذاب ، والنداء طلب لإحضاره لينظروا إلى شدته ويعجبوا من فظاعته ، فكأنه قال : يا ويل امه احضر ، فهذا وقت حضورك ، وإنما أضافه إلى الام للمتعارف وللإشعار بأنها سبب له ومصدر للخطا ، وضمير امه مبهم يفسره «من» ، وفاسقا نصبه للتميز أو الذم أو الحال عن فاعل لايزال». وفي الوافي : «ويل امة بالإضافة ، ونصب فاسقا على التمييز لرفع إبهام النسبة ، وكذا في اختيها». وراجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٣٦ (ويل).

وقال الفيروزآبادي : «ويلمه ، أي ويل لامه ، كقولهم : لا أب لك ، فركبوه وجعلوه كالشيء الواحد ، ثم لحقته الهاء مبالغة ، كداهية». القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٤١١ (ويل).

(٨) المماراة : المجادلة على مذهب الشك والريبة ، ويقال للمناظرة : مماراة ؛ لأن كل واحد منهما يستخرج ما عند صاحبه ويمتريه ، كما يمتري الحالب اللبن من الضرع. النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٢٢ (مرا).

٨٥٤

ويل أمه(١) فاجرا من لايزال مخاصما ، ويل امه(٢) آثما من كثر كلامه في غير(٣) ذات الله(٤) عزوجل ».(٥)

١٥٤٠٤ / ٥٨٩. محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ؛ وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن الحسن بن عمارة ، عن نعيم القضاعي :

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : «أصبح إبراهيمعليه‌السلام ، فرأى في لحيته(٦) شعرة بيضاء ، فقال : الحمد لله رب العالمين الذي بلغني هذا المبلغ ، لم أعص الله طرفة عين».(٧)

١٥٤٠٥ / ٥٩٠. أبان بن عثمان(٨) ، عن محمد بن مروان ، عمن رواه :

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : «لما اتخذ الله ـعزوجل ـ إبراهيم خليلا ، أتاه بشراه بالخلة ، فجاءه ملك الموت في صورة شاب أبيض ، عليه ثوبان أبيضان ، يقطر رأسه ماء ودهنا(٩) ، فدخل إبراهيمعليه‌السلام الدار ، فاستقبله خارجا من الدار ، وكان إبراهيمعليه‌السلام رجلا

__________________

(١) هكذا في أكثر النسخ التي قوبلت والوسائل. وفي «بح ، بف» والوافي : «ويل امة». وفي المطبوع وشرح المازندراني : «ويلمه». وفي «بن» : «وويل امه».

(٢) هكذا في أكثر النسخ التي قوبلت والوسائل. وفي «بح ، بف» والوافي : «ويل امة». وفي المطبوع وشرح المازندراني : «ويلمه». وفي «بن» : «وويل امه».

(٣) في حاشية «ن ، بح» : «عين».

(٤) في الوافي : «في غير ذات الله ، أي في غير الله ؛ فإن لفظة الذات في مثله مقحمة ولا بد من تقدير مضاف ، سواء قيل : في الله ، أو في ذات الله ؛ فإن المعنى : في حق الله ، أو طاعة الله ، أو عبادة الله ، وهذا كقوله سبحانه على الحكاية :( يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ ) [الزمر (٣٩) : ٥٦]».

(٥) الوافي ، ج ٥ ، ص ٩٤٢ ، ح ٣٣٢٨ ؛ الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٣٧ ، ح ١٦١٨٥.

(٦) في العلل : + «شيبا».

(٧) علل الشرائع ، ص ١٠٤ ، ح ٢ ، بسنده عن الحسين بن عمار ، عن نعيم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٣٢ ، ح ٢٥٤٤٠.

(٨) السند معلق على سابقه ، فيجري عليه كلا الطريقين المتقدمين.

(٩) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : ماء ودهنا ، يحتمل أن يكون كناية عن صفائه وطراوته».

٨٥٥

غيورا ، وكان إذا خرج في حاجة أغلق بابه وأخذ مفتاحه معه(١) ، ثم رجع ففتح ، فإذا هو برجل قائم(٢) أحسن ما يكون من الرجال ، فأخذه(٣) بيده(٤) ، وقال : يا عبد الله ، من أدخلك داري؟ فقال : ربها أدخلنيها ، فقال : ربها أحق بها مني ، فمن أنت؟ قال(٥) : أنا ملك الموت ، ففزع إبراهيمعليه‌السلام ، فقال(٦) : جئتني(٧) لتسلبني روحي؟ قال : لا ، ولكن اتخذ الله عبدا خليلا ، فجئت لبشارته(٨) ، قال(٩) : فمن(١٠) هو لعلي(١١) أخدمه حتى أموت ، قال(١٢) : أنت هو ، فدخل(١٣) على سارةعليها‌السلام ، فقال لها : إن الله ـ تبارك وتعالى ـ اتخذني خليلا».(١٤)

١٥٤٠٦ / ٥٩١. علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سليم الفراء ، عمن ذكره :

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله إلا أنه قال في حديثه(١٥) : «إن الملك لما قال : أدخلنيها ربها ، عرف إبراهيمعليه‌السلام أنه ملك الموتعليه‌السلام ، فقال له(١٦) : ما أهبطك؟ قال(١٧) : جئت أبشر

__________________

(١) في تفسير العياشي والعلل : + «فخرج ذات يوم في حاجة وأغلق بابه». وفي العلل : ـ «معه»

(٢) في البحا ر : ـ «قائم».

(٣) في «ع ، م ، ن ، بح ، بف ، بن ، جد» والوافي : «فأخذ».

(٤) في العلل : «فأخذته الغيرة» بدل «فأخذه بيده».

(٥) في «بف» والوافي : «فقال».

(٦) في «جت» والبحار والعلل : «وقال».

(٧) في «بن» : «يا ملك الموت جئت» بدل «جئتني».

(٨) في الوافي : «لعل السر في تخصيص ملك الموت بالبشارة بالخلة كونه سببا للقاء الله سبحانه والوصول إليه ، وبالبشارة بالخلة يشتاق قلب الخليل إلى لقاء خليله ووصوله إليه».

(٩) في «بف ، جد» وتفسير العياشي وعلل الشرائع : + «إبراهيم». وفي البحار وتفسير العياشي والعلل : «فقال».

(١٠) في البحار : «من».

(١١) في «بح» : «لعل».

(١٢) في «بن» وتفسير العياشي : «فقال».

(١٣) في «جد» : + «إبراهيم».

(١٤) علل الشرائع ، ص ٣٥ ، ح ٥ ، بسنده عن أبان بن عثمان. الكافي ، كتاب الزكاة ، باب معرفة الجود والسخاء ، ح ٦١٥١ ، بسند آخر ، مع اختلاف. تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ٢٧٧ ، ح ٢٨٠ ، عن سليمان بن الفراء ، عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وعن محمد بن هارون ، عمن رواه ، عن أبي جعفرعليه‌السلام الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٣٢ ، ح ٢٥٤٤١ ؛ البحار ، ٥٩ ، ص ٢٥٧ ، ح ٢١.

(١٥) في «بن» : ـ «في حديثه».

(١٦) في «م» : ـ «له».

(١٧) في «د ، بح» : «فقال».

٨٥٦

رجلا أن الله ـ تبارك وتعالى ـ اتخذه خليلا ، فقال له إبراهيمعليه‌السلام : فمن(١) هذا الرجل؟ فقال له(٢) الملك(٣) : وما تريد منه؟ فقال له إبراهيمعليه‌السلام : أخدمه أيام حياتي ، فقال له الملك : فأنت هو».(٤)

١٥٤٠٧ / ٥٩٢. علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة الثمالي :

عن أبي جعفرعليه‌السلام : «أن إبراهيمعليه‌السلام خرج ذات يوم يسير ببعير(٥) ، فمر بفلاة(٦) من الأرض ، فإذا هو برجل قائم يصلي قد قطع الأرض(٧) إلى السماء طوله(٨) ولباسه شعر».

قال : «فوقف عليه إبراهيمعليه‌السلام ، وعجب منه ، وجلس ينتظر فراغه ، فلما طال عليه حركه بيده ، فقال له : إن لي حاجة فخفف».

قال : «فخفف الرجل ، وجلس إبراهيمعليه‌السلام ، فقال له إبراهيم : لمن تصلي؟ فقال : لإله إبراهيم ، فقال له(٩) : ومن إله إبراهيم؟ فقال : الذي خلقك وخلقني(١٠) ، فقال له إبراهيمعليه‌السلام : قد(١١) أعجبني نحوك(١٢) ، وأنا أحب أن أواخيك في الله ، أين منزلك إذا أردت زيارتك ولقاءك(١٣) ؟ فقال له الرجل : منزلي خلف هذه النطفة(١٤) ـ وأشار بيده

__________________

(١) في «بن» : «ومن». وفي حاشية «د» : «من».

(٢) في «بف» : ـ «له».

(٣) في «جت» : «ملك الموت».

(٤) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٣٣ ، ح ٢٥٤٤٢.

(٥) في كمال الدين : «يسير في البلاد ليعتبر» بدل «يسير ببعير».

(٦) الفلاة : القفر ، أو المفازة لا ماء فيها ، أو الصحراء الواسعة. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٣٢ (فلو).

(٧) «قطع الأرض» ، أي عبرها. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٠٧ (قطع).

(٨) في كمال الدين : «صوته».

(٩) في «م» : ـ «له».

(١٠) في «م» : «خلقتي وخلقك».

(١١) في «بح» وكمال الدين : «لقد».

(١٢) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : نحوك ، أي طريقتك في العبادة ، أو مثلك».

(١٣) في «م» : ـ «ولقاءك».

(١٤) النطفة : البحر ، والماء الصافي ، قل أو كثر ، أو قليل ماء يبقى في دلو أو قربة. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٤٠ (نطف).

٨٥٧

إلى البحر ـ وأما مصلاي فهذا الموضع ، تصيبني فيه إذا أردتني إن شاء الله».

قال : «ثم قال الرجل لإبراهيمعليه‌السلام : ألك حاجة؟ فقال(١) إبراهيم : نعم ، فقال(٢) : وما هي؟ قال(٣) : تدعو الله وأؤمن على دعائك ، وأدعو(٤) أنا فتؤمن على دعائي ، فقال الرجل : فبم(٥) ندعو(٦) الله؟ فقال إبراهيمعليه‌السلام : للمذنبين(٧) من المؤمنين ، فقال الرجل : لا ، فقال إبراهيمعليه‌السلام : ولم؟ فقال : لأني قد دعوت الله ـعزوجل ـ منذ ثلاث سنين بدعوة لم أر(٨) إجابتها حتى الساعة ، وأنا أستحيي(٩) من الله تعالى أن(١٠) أدعوه حتى أعلم أنه قد أجابني ، فقال(١١) إبراهيمعليه‌السلام : فبم(١٢) دعوته؟ فقال له الرجل : إني في مصلاي هذا ذات يوم إذ(١٣) مر بي(١٤) غلام أروع(١٥) ، النور يطلع من جبهته ، له ذؤابة(١٦) من خلفه ، ومعه بقر يسوقها كأنما(١٧) دهنت دهنا ، وغنم يسوقها كأنما دخست دخسا(١٨) ، فأعجبني ما رأيت

__________________

(١) في «جد» : «قال». وفي «بن ، جت» : + «له».

(٢) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي وكمال الدين. وفي «جد» والمطبوع : + «له». وفي كمال الدين : + «الرجل».

(٣) في «ن ، بف» وكمال الدين : + «له». وفي الوافي : «فقال».

(٤) في كمال الدين : «أو أدعو» بدل «وأدعو».

(٥) في «د ، ع ، م ، ن ، بح ، جت ، جد» والوافي : «فيم». وفي حاشية «د» : «فبما». وفي كمال الدين : «وفيم».

(٦) في «د ، ن ، بح ، بن» : «تدعو».

(٧) في «بح» : «المذنبين».

(٨) في «د» : «ولم أر». وفي حاشية «بح» : «فلم أر».

(٩) في «د ، م ، جت» : «استحي».

(١٠) في «بح» : ـ «أن».

(١١) في «بن» : + «له».

(١٢) في «د ، ع ، م ، ن ، جت ، جد» والوافي : «فيم». وفي كمال الدين : «وفيما».

(١٣) في «د» : «إذا».

(١٤) في «ن» : «مرني».

(١٥) الأروع من الرجال : الذي يعجبك حسنه. الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٢٢٣ (روع).

(١٦) الذؤابة : الضفيرة ـ أي المفتولة ـ من الشعر إذا كانت مرسلة ، وذؤابة كل شيء : أعلاه. المصباح المنير ، ص ٢١١ (ذأب).

(١٧) في شرح المازندراني عن بعض النسخ : «كأنها» في الموضعين.

(١٨) في «د ، م ، ن ، بن ، جت ، جد» : «دحست دحسا». وفي «بف» : «دجست دجسا». وفي شرح المازندراني : «كأنما

٨٥٨

منه ، فقلت(١) له : يا غلام ، لمن هذا(٢) البقر(٣) والغنم؟ فقال لي : لإبراهيمعليه‌السلام (٤) ، فقلت(٥) : ومن أنت؟ فقال(٦) : أنا إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن ، فدعوت اللهعزوجل ، وسألته(٧) أن يريني خليله ، فقال له إبراهيمعليه‌السلام : فأنا إبراهيم خليل الرحمن ، وذلك(٨) الغلام ابني ، فقال له(٩) الرجل عند ذلك : الحمد لله(١٠) الذي أجاب دعوتي.

ثم قبل الرجل صفحتي(١١) إبراهيمعليه‌السلام وعانقه ، ثم قال : أما الآن فقم(١٢) فادع(١٣) حتى أؤمن على دعائك ، فدعا إبراهيمعليه‌السلام للمؤمنين والمؤمنات والمذنبين من يومه ذلك(١٤) بالمغفرة والرضا عنهم». قال : «وأمن الرجل على دعائه».

قال(١٥) أبو جعفرعليه‌السلام : «فدعوة إبراهيمعليه‌السلام بالغة للمؤمنين المذنبين(١٦) من شيعتنا إلى يوم القيامة».(١٧)

١٥٤٠٨ / ٥٩٣. علي بن محمد ، عن بعض أصحابه رفعه ، قال :

كان علي بن الحسينعليهما‌السلام إذا قرأ هذه الآية( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها ) (١٨)

__________________

دخست دخسا ، أي ملئت جلدها باللحم والشحم ، وكل شيء ملأته فقد دخسته ، وكل ذي سمن دخيس». وراجع : الفائق ، ج ١ ، ص ٣٥٩ (دخس).

(١) في «بح ، جت» : «قلت». وفي «د» : «وقلت».

(٢) في «د ، ع ، م ، بح ، جت» والوافي : «هذه». (٣) في «بح» : «البقرة».

(٤) في «د ، ع ، م ، بح ، جت ، جد» : ـ «لإبراهيمعليه‌السلام ».

(٥) في الوافي : + «له». (٦) في «بن» : ـ «لي».

(٧) في حاشية «بح» : «وسألت».

(٨) في «بف» : «وهذا».

(٩) في «جت» : ـ «له».

(١٠) في كمال الدين : + «رب العالمين».

(١١) في كمال الدين : + «وجه».

(١٢) في كمال الدين : «فنعم».

(١٣) في حاشية «جت» وكمال الدين : «وادع».

(١٤) في «بح» : «ذاك». وفي كمال الدين : + «إلى يوم القيامة». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : من يومه ذلك ، أي إلى القيامة ، كما هو الموجود في ما رواه الصدوق في كتاب إكمال الدين».

(١٥) في الوافي : «فقال».

(١٦) في «بح» : «والمذنبين».

(١٧) كمال الدين ، ص ١٤٠ ، ح ٨ ، بسنده عن الحسن بن محبوب ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٣٣٢ ، ح ٢٥٤٤١.

(١٨) إبراهيم (١٤) : ٣٤ ؛ النحل (١٦) : ١٨.

٨٥٩

يقول(١) : «سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها ، كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه أكثر من العلم أنه لايدركه ، فشكر ـ جل وعز ـ معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة شكره ، فجعل معرفتهم بالتقصير شكرا كما علم(٢) علم العالمين أنهم لايدركونه ، فجعله(٣) إيمانا ، علما منه أنه قد(٤) وسع العباد ، فلا يتجاوز(٥) ذلك ، فإن(٦) شيئا من خلقه لايبلغ مدى عبادته ، وكيف يبلغ مدى عبادته(٧) من لامدى له(٨) ولا كيف ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا».(٩)

١٥٤٠٩ / ٥٩٤. محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن عنبسة بن بجاد العابد ، عن جابر :

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : كنا عنده وذكروا(١٠) سلطان بني أمية ، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : «لايخرج على هشام أحد إلا قتله».

__________________

(١) في شرح المازندراني : «قال».

(٢) في تحف العقول : «جعل».

(٣) في تحف العقول : ـ «فجعله». وفي الوافي : «فجعله إيمانا ، إشارة إلى قوله سبحانه :( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا ) . قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : إن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب ، فلزموا الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فمدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما ، وسمى تركهم التعمق في ما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا».

(٤) في «بف» : ـ «قد». وفي تحف العقول : «قدر». والقد : القدر. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٤٧ (قدد).

(٥) في تحف العقول : «فلا يجاوزون».

(٦) في «بن» : «وإن».

(٧) في شرح المازندراني : «عبادة».

(٨) في شرح المازندراني : «من ليس له مدى».

(٩) تحف العقول ، ص ٢٨٣ ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام ، إلى قوله : «أنه قد وسع العباد فلايتجاوز ذلك» الوافي ، ج ٤ ، ص ٣٥٠ ، ح ٢١٠١.

(١٠) في «ن» : «وذكر». وفي الوافي : «فذكروا».

٨٦٠