أحكام القرآن الجزء ٣

أحكام القرآن15%

أحكام القرآن مؤلف:
تصنيف: مفاهيم القرآن
الصفحات: 388

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 388 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77339 / تحميل: 5400
الحجم الحجم الحجم
أحكام القرآن

أحكام القرآن الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

١٩ -( باب أن من فاته الوقوف بعرفات وجب عليه إتيانهاوالوقوف بها ليلا، فإن خاف أن يفوته اختياري المشعر اجتزأ به ولم يرجع)

[١١٤٥٥] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من أدرك الناس بالموقف يوم(١) عرفة، فوقف معهم قبل الإفاضة شيئا ما فقد أدرك الحج، فإن أدرك الناس قد أفاضوا من عرفات، وأتى عرفات ليلا فوقف فذكر الله، ثم أتى جمعا(٢) قبل أن تفيض الناس من المزدلفة فقد أدرك الحج ».

[١١٤٥٦] ٢ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « قال أبي: رجل أدرك الامام وهو بجمع، فإن ظن أنه يأتي عرفات ثم يقف قليلا، ثم يأتي جمعا قبل أن تطلع الشمس فليأته، قال: وإن ظن أنه يأتيها حتى يفيضوا، فلا يأتيها، وقد تم حجه ».

٢٠ -( باب حكم من فاته الوقوف بعرفة، وبالمشعر قبل طلوع الشمس)

[١١٤٥٧] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه،

__________________

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٧.

(١) في المصدر: من.

(٢) ليس في المصدر.

٢ - بعض نسخ الرضوي.

الباب ٢٠

١ - الجعفريات ص ٧٠.

٦١

عن جده جعفر بن محمد عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، في رجل أحرم بحجة ففاته الحج، والوقوف بعرفة، وفاته أن يصلي الغداة بمزدلفة، فقال: « ليجعلها عمرة، وعليه الحج من قابل ».

[١١٤٥٨] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا أتى عرفات قبل طلوع الفجر، ثم أتى جمعا فأصاب الناس قد أفاضوا وقد طلعت الشمس، فقد فاته الحج فليجعلها عمرة، وإن أدرك الناس(١) لم يفيضوا فقد أدرك الحج، ولا يفوت الحج حتى تفيض الناس من المشعر الحرام ».

[١١٤٥٩] ٣ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: « ( من أحرم بالحج )(١) فلم يدرك الوقوف بعرفة، وفاته أن يصلي الغداة بالمزدلفة، فقد فاته الحج. فليجعلها عمرة، وعليه الحج من قابل ».

وعنهعليه‌السلام قال: « يوم الحج الأكبر يوم النحر ».

[١١٤٦٠] ٤ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن عبد الرحمان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « يوم الحج الأكبر يوم النحر، والحج الأصغر العمرة ».

(١١٤٦) ٥ - وفي رواية ابن سرحان عنهعليه‌السلام قال: الحج

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٧.

(١) الواو: ليست في المصدر.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٨.

(١) في المصدر: في رجل أحرم بالحج.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٧٦ ح ١٦.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٧٦.

٦٢

الأكبر ( هو )(١) يوم عرفة ( وجمع ورمي الجمار )(٢) والحج الأصغر العمرة ».

[١١٤٦٢] ٦ - وفي رواية ابن أذينة، عن زرارة، عنهعليه‌السلام ، قال: « الحج الأكبر الوقوف بعرفة وبجمع وبرمي الجمار بمنى، والحج الأصغر العمرة ».

[١١٤٦٣] ٧ - وفي رواية عبد الرحمان، عنهعليه‌السلام قال: « يوم الحج الأكبر يوم النحر، ويوم الحج الأصغر(١) العمرة ».

[١١٤٦٤] ٨ - وفي رواية فضيل بن عياض، عنهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الحج الأكبر(١) قال: ابن عباس كان يقول ( عرفة )(١) ، ( و )(٣) قل أمير المؤمنينعليه‌السلام : « الحج الأكبر يوم النحر، ويحتج بقول الله:( فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) (٤) عشرون من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وشهر ربيع الأول، وعشر ( من شهر )(٥) ربيع الاخر، ولو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان أربعة أشهر ويوما ».

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٧٧.

٧ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٧٧.

(١) في المصدر زيادة: يوم.

٨ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٧٧ وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٢٣ ح ١٤.

(١) في المخطوط: فإن، وما أثبتناه من المصدر والبحار.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من البحار.

(٤) التوبة ٩: ٢.

(٥) أثبتناه من المصدر.

٦٣

قلت: كذا في نسخ العياشي، والمظاهر سقوط بعض الكلمات في الخبر، والظاهر أنه ما في خبر معاني الأخبار(٦) الموجود في الأصل.

[١١٤٦٥] ٩ - بعض نسخ الرضوي: عن أبيهعليه‌السلام قال: « يوم الحج الأكبر هو يوم النحر، والأصغر العمرة، والذي أذن بالحج الأكبر عليعليه‌السلام حين برئ من المشركين فيه، ونبذ إليهم عهدهم، فقرأ عليهم براءة، فقال المشركون نبرأ منك ومن ابن عمك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلا الطعان والجلاد، وهو قبل حجة الوداع بسنة ».

[١١٤٦٦] ١٠ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن يحيى بن الجزار، قال: رأيت أمير المؤمنين علياعليه‌السلام في يوم العيد، وهو راكب على جمل أبيض يذهب إلى المصلى، فأتاه رجل وأخذ بزمام جمله وقال: أي يوم يوم الحج الأكبر؟ فقال: « هذا اليوم الذي أنت فيه، خل عن الزمام ».

٢١ -( باب حكم من فاته الوقوف بالمشعر)

[١١٤٦٧] ١ - بعض نسخ الرضوي: « قال أبي: فمن أدرك جمعا فقد أدرك الحج ».

__________________

(٦) معاني الأخبار ص ٢٩٦.

٩ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤.

١٠ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ٧٤.

الباب ٢١

١ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٣.

٦٤

٢٢ -( باب أن من ترك الوقوف بالمشعر عمدا، بطل حجه ولزمه بدنة)

[١١٤٦٨] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من لم يبت ليلة المزدلفة، وهي ليلة النحر بالمزدلفة، ممن حج(١) متعمدا لغير علة فعليه بدنة ».

٢٣ -( باب أحكام من فاته الحج)

[١١٤٦٩] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « من أحرم بحجة و(١) عمرة تمتع بها إلى الحج، فلم يأت مكة إلا يوم النحر فليطف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ويحل ويجعلها عمرة، فإن كان اشترط أن يحله(٢) حيث حبس فهو عمرة، وليس عليه شئ، وإن لم يشترط فعليه الحج من قابل ».

[١١٤٧٠] ٢ وعنهعليه‌السلام : أنه سئل عن المتمتع يقدم يوم التروية، قال: إذا قدم مكة قبل الزوال طاف بالبيت وحل، فإذا صلى الظهر أحرم، و. إذا قدم آخر النهار فلا بأس أن يتمتع ويلحق بالناس بمنى، وإن قدم يوم عرفة فقد فاتته المتعة ويجعلها حجة مفردة ».

__________________

الباب ٢٢

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٢.

(١) في نسخة: خرج، ( منه قده ).

الباب ٢٣

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٢.

(١) في المصدر: أو.

(٢) في المصدر: محلة.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٧.

٦٥

[١١٤٧١] ٣ - بعض نسخ الرضوي: « والقارن والمفرد والمتمتع، متى فاته الحج أهل بعمرة، وذهب حيث شاء، وقضى الحج من قابل ».

وقالعليه‌السلام أيضا(١) : « ومن فاته الحج وقد دخل فيه ولم يكن طاف، فليقم مع الناس بمنى حراما أيام التشريق ( فإنه لا عمرة فيها، فإذا انقضت أيام التشريق )(٢) طاف وسعى بين الصفا والمروة، وعليه الحج من قابل ».

[١١٤٧٢] ٤ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : في رجل أحرم بحجة ففاته الحج والوقوف بعرفة، وفاته أن يصلي الغداة بمزدلفة، فقال: « ليجعلها عمرة وعليه الحج من قابل ».

٢٤ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الوقوف بالمشعر)

[١١٤٧٣] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ولا بأس بالغسل بين العشاء والعتمة ليلة المزدلفة ».

__________________

٣ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٣، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٣.

(١) نفس المصدر ص ٧٥ وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٤.

(٢) ليس في المصدر.

الباب ٢٤

١ - بعض نسخ الفقه الرضويعليه‌السلام ص ٧٥.

٦٦

( أبواب رمي جمرة العقبة)

١ -( باب وجوبها يوم النحر مقدما على الذبح والحلق)

[١١٤٧٤] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لما أفاض من المزدلفة جعل يسير العنق و ( هو )(١) يقول: أيها الناس السكينة السكينة، حتى وقف على بطن محسر، قال، فقرع ناقته فخبب حتى خرج، ثم عاد إلى سيره الأول.

قال: ثم سار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى أتى جمرة العقبة فرماها بسبع حصيات ».

[١١٤٧٥] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « لما أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من المزدلفة، مر على جمرة العقبة يوم النحر فرماها بسبع حصيات، ثم أتى منى وكذلك(١) السنة ».

__________________

أبواب

رمى جمرة العقبة

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٣.

(١) في المصدر: وذلك من.

٦٧

[١١٤٧٦] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « يرمي يوم النحر الجمرة الكبرى، وهي جمرة العقبة وقت الانصراف من المزدلفة ».

[١١٤٧٧] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وارم إلى الجمرة العقبة، في يوم النحر بسبع حصيات ».

وفي بعض نسخه(١) : « فإذا طلعت الشمس فأت الجمرة العظمى، وهي جمرة العقبة فارم بسبع حصيات(٢) ».

٢ -( باب استحباب الطهارة لرمي الجمار، وعدم وجوبها له، واستحباب الغسل له)

[١١٤٧٨] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « ولا ترم الجمار إلا على طهر، ومن رمى على غير طهر فلا شئ عليه ».

وعنهعليه‌السلام : « أنه استحب الغسل لرمي الجمار ».

[١١٤٧٩] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « فإذا أتيت منى اغتسل أو توضأ فإذا طلعت » إلى آخر ما تقدم.

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٤.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٧٥ ح ١٦.

(١) عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٧.

(٢) في المخطوط والطبعة الحجرية ورد حديث آخر بعد هذا الحديث، ولكن المصنف. قده. قد أورده أيضا في المخطوط في باب نوادر ما يتعلق برمي جمرة العقبة ولعدم مناسبته هنا وتكراره في باب النوادر حذفناه من هذا الموضع.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٢٣.

٢ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٧.

٦٨

وفي موضع آخر(١) : « ويستحب أنه يرمي الجمار على وضوء».

٣ -( باب استحباب استقبال جمرة العقبة، واستدبار القبلةداعيا بالمأثور، متباعدا عنها بنحو خمسة عشر ذراعا)

[١١٤٨٠] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وتقف في وسط الوادي مستقبل القبلة، ويكون بينك وبين الجمرة عشر خطوات، أو خمس عشرة خطوة، وتقول وأنت مستقبل القبلة، الحصى في كفك اليسرى: اللهم هذه حصياتي فاحصهن لي عندك، وارفعهن في عملي، ثم تتناول منها واحدة وترمي من قبل وجهها، ولا ترمها من أعلاها، وتكبر مع كلّ حصاة ».

[١١٤٨١] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « وترمي(١) من أعلى الوادي و ( تجعل )(٢) الجمرة عن يمينك، ولا ترم(٣) من أعلى الجمرة » الخبر.

[١١٤٨٢] ٣ - الصدوق في المقنع: واقصد إلى الجمرة القصوى وهي جمرة العقبة، فارمها بسبع حصيات من قبل وجهها، ولا ترمها من أعلاها، ويكون بينك وبين الجمرة عشرة أذرع، أو خمسة عشر ذراعا، وتقول

__________________

(١) بعض نسخ الفقه الرضوي عليه‌السلام ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦١.

الباب ١٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٣.

(١) في المخطوط: يرمي، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المخطوط: يرمي، وما أثبتناه من المصدر.

٣ - المقنع ص ٨٧.

٦٩

والحصى في يدك: اللهم(١) هذه حصياتي فاحصهن لي، وارفعهن في عملي.

٤ -( باب أنه لا يجوز رمي الجمرات بغير الحصى، ووجوب كونها من الحرم)

[١١٤٨٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن سقطت منك حصاة فخذ من حيث شئت من الحرم ».

[١١٤٨٤] ٢ - الصدوق في المقنع: فإن أحببت أن تأخذ حصاك الذي ترمي به من مزدلفة فعلت، وإن أحببت أن تكون من رحلك بمنى فأنت في سعة.

٥ -( باب وجوب كون حصى الجمار ابكارا)

[١١٤٨٥] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « ولا ترم من الحصى بشئ قد رمى به ».

[١١٤٨٦] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا تأخذ من الذي قد رمي ».

__________________

(١) في المصدر زيادة: إن.

الباب ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

٢ - المقنع ص ٨٧.

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٣.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

٧٠

٦ -( باب أن من رمى فأصاب غير الجمرة لم يجزئه، فإن أصاب غيرها ثم أصاب أجزأه)

[١١٤٨٧] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن رميت ودفعت في محمل وانحدرت منه إلى الأرض أجزأت عنك، وإن بقيت في المحمل لم يجزئ عنك، وارم مكانها أخرى ».

وفي بعض نسخه(١) في موضع آخر: « وإن رميت بها فوقعت في محمل أعدل مكانها، وإن أصاب إنسانا ثم وجملا، ثم وقعت على الأرض أجزأه ».

٧ -( باب استحباب الرمي خذفا وكيفيته)

[١١٤٨٨] ١ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « يا أيها الناس عليكم بحصى الخذف(١) ».

٨ -( باب جواز الرمي راكبا)

[١١٤٨٩] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يرمي الجمار ماشيا ومن ركب

__________________

الباب ٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٧٤ ح ١٧.

(١) بعض نسخة ص ٧٣.

الباب ٧

١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٥ ٢١.

(١) الخذف: رميك بحصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك. حصى الخذف وهي صغار ( لسان العرب ص ٩ ح ٦١ ).

الباب ٨

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٤.

٧١

إليها فلا شئ عليه ».

[١١٤٩٠] ٢ - القطب الراوندي في في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه كان يرمي جمرة العقبة على ناقة له، وليس بين يديه ضرب ولا طرد، ولا إليك إليك ».

٩ -( باب استحباب رمي الجمار ماشيا)

[١١٤٩١] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يرمي الجمار ماشيا، وذاهبا وراجعا - وفي نسخة - وجائيا ».

١٠ -( باب استحباب الوقوف عند الجمرتين داعيا، وتركالوقوف عند جمرة العقبة، واستحباب جعل الجمرات عن يمينه ورميهن من الوادي)

[١١٤٩٢] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وترمي يوم الثاني والثالث والرابع، في كلّ يوم بإحدى وعشرين حصاة، إلى الجمرة الأولى بسبعة، وتقف عليها، وتدع إلى الجمرة الوسطى بسبعة وتقف عندها، وتدع إلى الجمرة العقبة بسبعة ولا تقف عندها ».

[١١٤٩٣] ٢ - وفي بعض نسخه في موضع آخر: « وابدأ بالجمرة الأولى وهي

__________________

٢ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٩

١ - الجعفريات ص ٢٤٢.

الباب ١٠

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٧٤ ح ١٥. ٢ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٨.

٧٢

التي من أقربهن إلى مسجد منى فارمها - إلى أن قال -: فإذا رميت فقف واجعل الجمرة عن يسار الطريق وأنت مستقبل القبلة، فاحمد الله واثن عليه، وصل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكبر سبع تكبيرات، وقف عندها مقدار ما يقرأ الانسان مائة آية، أو مائة وخمسين آية من القرآن ثم ائت الجمرة الوسطى فارمها بسبع حصيات وافعل كما فعلت ( فيها )(١) ، ثم تقدم أمامها وقف على يسارها مستقبل القبلة مثل وقوفك في الأخرى، ثم ائت جمرة العقبة فارمها بسبع حصيات ولا تقف عندها، ثم انصرف ».

[١١٤٩٤] ٣ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنه قال في حديث: « وترمي من أعلى الوادي و ( تجعل )(١) الجمرة عن يمينك، ولا ترم من أعلى الجمرة ».

١١ -( باب استحباب التكبير مع كلّ حصاة)

[١١٤٩٥] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « وكبر مع كلّ حصاة ( ترميها )(١) ، وقف بعد الفراغ من الرمي وادع بما قسم لك، ثم ارجع إلى رحلك من منى ».

فقه الرضاعليه‌السلام : « وتكبر مع كلّ حصاة(٢) ».

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٣.

(١) في المصدر: تكبيرة إذا رميتها ولا تقدم جمرة على جمرة ..

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٧٤

٧٣

[١١٤٩٦] ٢ - الصدوق في المقنع ثم تقول مع كلّ حصاة إذا رميتها: الله أكبر.

١٢ -( باب استحباب كون الرمي عند الزوال الشمس)

[١١٤٩٧] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « لما أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من المزدلفة، مر على جمرة العقبة يوم النحر فرماها بسبع حصيات، ثم أتى منى وكذلك(١) السنة، ثم رمى أيام التشريق الثلاث جمرات كلّ يوم عند زوال الشمس وهو أفضل » الخبر.

[١١٤٩٨] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأفضل ذلك ما قرب من الزوال ».

وفي بعض نسخه: « ولا ترم إلا وقت الزوال قبل الظهر في كلّ يوم ».(١)

[١١٤٩٩] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان يرمي الجمار إذا زالت الشمس.

__________________

ضمن الحديث ١٦.

٢ - المقنع ٨٧.

الباب ١٢

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٣.

(١) في المصدر: وذلك من.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

(١) عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٨.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٩١ ح ٢٧٧.

٧٤

١٣ -( باب أن وقت الرمي ما بين طلوع الشمس وغروبها)

[١١٥٠٠] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « ولك أن ترمي من النهار إلى آخره ».

[١١٥٠١] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ومطلق لك رمي الجمار من أول النهار إلى زوال الشمس، وقد روي من أول النهار إلى آخره ».

وفي بعض نسخه(١) : « ويرمي الجمار من طلوع الشمس إلى غروبها ».

١٤ -( باب جواز الرمي بالليل، وقبل طلوع الشمس، مع الخوف والعذر)

[١١٥٠٢] ١ - دعائم الاسلام عن جعفر بن محمدعليه‌السلام أنه رخص للرعاة(١) أن يرموا الجمار ليلا.

[١١٥٠٣] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ،. وجائز للخائف والنساء الرمي بالليل ».

__________________

الباب ١٣

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٤.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٧٦.

(١) بغض نسخه ص ٧٤.

الباب ١٤

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٤.

(١) في المصدر: للرعاء.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

٧٥

١٥ -( باب أن من فاته الرمي نهارا وجب عليه قضاؤه من الغد، ويستحب له الفصل بأن يكون ما لامسه بكرة وما ليومه عند الزوال)

[١١٥٠٤] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « ومن فات رميه بالنهار رماها ليلا ( إن شاء )(١) ».

وعنهعليه‌السلام أنه قال: « من ترك رمي الجمار أعاده ».

١٦ -( باب عدم وجوب رمي ما عدا جمرة العقبة يوم النحر)

[١١٥٠٥] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنه قال: « يرمي يوم النحر الجمرة الكبرى، وهي جمرة العقبة(١) ( قال: ويرمي )(٢) أيام التشريق الثلاث الجمرات(٣) كلّ يوم » الخبر.

__________________

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ص ٣٢٤.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

الباب ١٦

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٤.

(١) في المصدر زيادة: وقت الانصراف من مزدلفة.

(٢) في المصدر: وفي.

(٣) في المصدر زيادة: يبدأ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى.

٧٦

١٧ -( باب جواز الرمي عن المريض، والمغمى عليه.والصبي واستحباب حملهم إلى الجمرة إن أمكن، وبقية أحكام الرمي)

[١١٥٠٦] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : المريض يرمى عنه الجمار ».

دعائم الاسلام: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(١) .

[١١٥٠٧] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن كان معك مريض لا يستطيع أن يرمي الجمار، فاحمله إلى الجمرة ومره أن يرمي من كفيه إلى الجمرة، وإن كان كسيرا أو مبطونا أو ضعيفا لا يعقل و، لا يستطيع الخروج ولا الحملان(١) ، فارم أنت عنه ».

وفي بعض نسخه(٢) : « ومن كان معكم من الصبيان فقدموه إلى الجحفة - إلى أن قال - ويطاف بهم ويرمى عنهم ».

__________________

الباب ١٧

١ - الجعفريات ص ٧١.

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٥.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

(١) حمل الشئ يحمله حملا وحملانا ( لسان العرب - حمل - ص ١١ ح ١٧٤.

(٢) بعض نسخه ص ٧٣ وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٢.

٧٧

١٨ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب رمي جمرة العقبة)

[١١٥٠٨] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشا، عن أبي الصخر أحمد بن عبد الرحيم، عن الحسن بن علي - رجل يكون في جباية مأمون قال: دخلت ورجل من أصحابنا على أبي طاهر عيسى بن عبد الله العلوي، قال أبو الصخر: وأظن أنه من ولد عمر بن عليعليه‌السلام ، وكان أبو طاهر نازلا في دار الصيديين، فدخلنا عليه عند العصر وبين يديه ركوة من ماء وهو يتمسح، فسلمنا عليه فرد علينا السلام، ثم ابتدأنا فقال: معكما أحد؟ فقلنا: لا، ثم التفت يمينا وشمالا هل يرى أحدا، ثم قال: أخبرني أبي عن جدي أنه كان مع أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام بمنى، وهو يرمي الجمرات، وأن أبا جعفرعليه‌السلام يرمي الجمار(١) فاستتمها وبقي في يديه بقية، فعد خمس حصيات فرمى ثنتين في ناحية وثلاثا في ناحية، فقلت له: أخبرني جعلت فداك ما هذا فقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعه أحد قط؟ ( أنا رأيتك رميت بحصاك، ثم )(٢) رميت بخمس بعد ذلك ثلاثا في ناحية وثنتين في ناحية.

قال: « نعم، إنه إذا كان كلّ موسم أخرج الفاسقان غضين طريين فصلبا هاهنا لا يراهما إلا إمام عدل، فرميت الأول بثنتين، والاخر بثلاث، لان الاخر أخبث من الأول ».

__________________

الباب ١٨

١ - الاختصاص ص ٢٧٧.

(١) في المصدر: رمى الجمرات.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٧٨

ورواه الصفار في البصائر: عنه، مثله اختلاف يسير(٣) .

[١١٥٠٩] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « أبي عن أبيهعليه‌السلام ، قال: وسأل ابن عباس الحسينعليه‌السلام فقال: يا أبا عبد الله أخبرني عن الحصى الذي يرمى(١) منه الجمار، فإنا لم نزل نرميها مذ كذا وكذا، فقال(٢) الحسينعليه‌السلام : « إنه ليس من جمرة إلا وتحته ملك وشيطان، فإذا رمى المؤمن التقمه الملك فرفعه إلى السماء، وإذا رمى الكافر قال له الشيطان: بأستك(٣) رميت ».

__________________

(٣) بصائر الدرجات ص ٣٠٦.

٢ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٣ وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٤ ح ١٠.

(١) في البحار: به.

(٢) في المصدر زيادة: له.

(٣) في المصدر زيادة: ما.

٧٩

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

وترك نقل السبب نحو أن يختصم إليه رجلان أحدهما جار والآخر شريك فيحكم بالشفعة للشريك دون الجار وقال فإذا وقعت الحدود فلا شفعة لصاحب النصيب المقسوم مع الجار كما روى أسامة بن زيد أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لا ربا إلا في النسيئة وهو عند سائر الفقهاء كلام خارج على سبب اقتصر فيه راويه على نقل قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم دون ذكر السبب وهو أن يكون سئل عن النوعين المختلفين من الذهب والفضة إذا بيع أحدهما بالآخر فقالصلى‌الله‌عليه‌وسلم لا ربا إلا في النسيئة يعنى فيما سئل عنه وكذلك ما ذكرنا وأيضا لو تساوت أخبار إيجاب الشفعة بالجوار وأخبار نفيها لكانت أخبار الإيجاب أولى من أخبار النفي لأن الأصل أنها غير واجبة حتى يرد الشرع بإيجابها فخبر نفى الشفعة وارد على الأصل وخبر إثباتها ناقل عنه وارد بعده فهو أولى* فإن قيل يحتمل أن يريد بالجار الشريك* قيل له هذه الأخبار التي رويناها وأكثرها ينفى هذا التأويل لأن فيها أن جار الدار أحق بشفعة داره والشريك لا يسمى جار الدار وحديث جابر قال فيه ينتظر به وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا وغير جائز أن يكون هذا في الشريك في المبيع وأيضا فإن الشريك لا يسمى جارا لأنه لو استحق اسم الجوار بالشركة لوجب أن يكون كل شريكين في شيء جارين كالشريكين في عبد واحد ودابة واحدة فلما لم يستحق اسم الجار بالشركة في هذه الأشياء دل ذلك على أن الشريك لا يسمى جارا وإنما الجار هو الذي ينفرد حقه ونصيبه من حق الشريك ويتميز ملك كل واحد عن ملك صاحبه وأيضا فإن الشركة إنما تستحق بها الشفعة لأنها تقتضي حصول الجوار بالقسمة والدليل عليه أن الشركة في سائر الأشياء لا توجب الشفعة لعدم حصول الجوار بها عند القسمة فدل ذلك على أن الشركة في العقار إنما تستحق بها الشفعة لما يتعلق بها من الجوار عند القسمة وإن كان الشريك أحق من الجار لمزية حصلت له مع تعلق حق الجوار بالقسمة والدليل عليه أن الشركة في سائر الأشياء لا توجب الشفعة لعدم حصول الجوار بها كما أن الأخ من الأب والأم أولى بالميراث من الأخ من الأب وإن كانت الأخوة من جهة الأب يستحق بها التعصيب والميراث إذا لم يكن أخ لأب وأم ومعلوم أن القرابة من جهة الأم لا يستحق بها التعصيب إذ لم تكن هناك قرابة من جهة الأب إلا أنها أكدت تعصيب القرابة من الأب وكذلك الشريك إنما يستحق الشفعة بالشركة لما تعلق بها من حصول الجوار عند

«١١ ـ أحكام لث»

١٦١

القسمة والشريك أولى من الجار لمزية حصلت له كما وصفنا بالتعصيب ويكون المعنى الذي يتعلق به وجوب الشفعة هو الجوار وأيضا لما كان المعنى الذي به وجبت الشفعة بالشركة هو دوام التأذى بالشريك وكان ذلك موجودا في الجوار لأنه يتأذى به في الإشراف عليه ومطالعة أموره والوقوف على أحواله وجب أن تكون له الشفعة لوجود المعنى الذي من أجله وجبت الشفعة للشريك وهذا المعنى غير موجود في الجار غير الملاصق لأن بينه وبينه طريقا يمنعه التشرف عليه والاطلاع على أموره* وأما قوله تعالى( وَابْنَ السَّبِيلِ ) فإنه روى عن مجاهد والربيع بن أنس أنه المسافر وقال قتادة والضحاك هو الضيف قال أبو بكر ومعناه صاحب الطريق وهذا كما يقال لطير الماء ابن ماء قال الشاعر :

وردت اعتسافا والثريا كأنها

على قمة الرأس ابن ماء محلق

ومن تأوله على الضيف فقوله سائغ أيضا لأن الضيف كالمجتاز غير المقيم فسمى ابن السبيل تشبيها بالمسافر المجتاز وهو كما يقال عابر سبيل وقال الشافعى ابن السبيل هو الذي يريد السفر وليس معه نفقته وهذا غلط لأنه ما لم يصر في الطريق لا يسمى ابن السبيل كما لا يسمى مسافرا ولا عابر سبيل وقوله عز وجل( أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) يعنى الإحسان المأمور به في أول الآية وروى سليمان التيمي عن قتادة عن أنس قال كانت عامة وصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل يغرغر بها في صدره وما يقبض بها لسانه وروته أيضا أم سلمة وروى الأعمش عن طلحة بن مصرف عن أبى عمارة عن عمرو بن شرحبيل قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم الغنم بركة والإبل عز لأهلها والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة والمملوك أخوك فأحسن إليه فإن وجدته مغلوبا فأعنه وروى مرة الطيب(١) عن أبى بكر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يدخل الجنة سيئ الملكة قيل يا رسول الله أليس قد حدثتنا أن هذه الأمة أكثر الأمم مملوكين وأتباعا قال بلى فأكرموهم ككرامة أولادكم وأطعموهم مما تأكلون وروى الأعمش عن المعرور بن سويد قال مررت على أبى ذر وهو بالربذة فسمعته يقول قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم المماليك

__________________

(١) قوله مرة الطيب : هو مرة بن شراحيل الهمدانى روى عن أبى بكر وعمر وجماعة يضال له مرة الطيب ومرة الخير ، قال الحارث الغنوي : سجد حتى أكل التراب جبهته ، هكذا في خلاصة تهذيب الكمال.

١٦٢

هم إخوانكم ولكن الله تعالى خولكم إياهم فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون وقوله تعالى( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) قيل في معنى البخل في اللغة أنه مشقة الإعطاء وقيل البخل منع ما لا ينفع منعه ولا يضر بذله وقيل البخل منع الواجب ونظيره الشح ونقيضه الجود وقد عقل من معناه في أسماء الدين أنه منع الواجب ويقال إنه لا يصح إطلاقه في الدين إلا على جهة أن فاعله قد أتى كبيرة بالمنع قال الله تعالى( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ ) فأطلق الوعيد على من بخل بحق الله الذي أوجبه في ماله وأما قوله تعالى( وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) فإنه روى عن ابن عباس ومجاهد والسدى أنها نزلت في اليهود إذ بخلوا بما أعطوا من الرزق وكتموا ما أوتوا من العلم بصفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم وقيل هو فيمن كان بهذه الصفة وفيمن كتم نعم الله وأنكرها وذلك كفر بالله تعالى قال أبو بكر الاعتراف بنعم الله تعالى واجب وجاحدها كافر وأصل الكفر إنما هو من تغطية نعم الله تعالى وكتمانها وجحودها وهذا يدل على أنه جائز للإنسان أن يتحدث بنعم الله عنده لا على جهة الفخر بل على جهة الاعتراف بالنعمة والشكر للمنعم وهو كقوله( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأنا أفصح العرب ولا فخر فأخبر بنعم الله عنده وأبان أنه ليس أخباره بها على وجه الافتخار وقالصلى‌الله‌عليه‌وسلم لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى وقد كانصلى‌الله‌عليه‌وسلم خيرا منه ولكنه نهى أن يقال ذلك على وجه الافتخار وقال تعالى( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى ) وقد روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه سمع رجلا يمدح رجلا فقال لو سمعك لقطعت ظهره ورأى المقداد رجلا يمدح عثمان في وجهه فحثا في وجهه التراب وقال سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب وقد روى إياكم والتمادح فإنه الذبح فهذا إذا كان على وجه الفخر فقد كره وإما أن يتحدث بنعم الله عنده أو يذكرها غيره بحضرته فهذا نرجو أن لا يضر إلا أن أصلح الأشياء لقلب الإنسان أن لا يغتر بمدح الناس له ولا يعتد به* وقوله تعالى( وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) معناه والله أعلم أنه أعد للذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس عذابا مهينا وفي ذلك دليل

١٦٣

على أن كل ما يفعله العبد لغير وجه الله فإنه لا قربة فيه ولا يستحق عليه الثواب لأن ما يفعل على وجه الرياء فإنما يريد به عوضا من الدنيا كالذكر الجميل والثناء الحسن فصار ذلك أصلا في أن كل ما أريد عوض من أعواض الدنيا أنه ليس بقربة كالاستيجار على الحج وعلى الصلاة وسائر القرب أنه متى استحق عليه عوضا يخرج بذلك عن باب القربة وقد علمنا أن هذه الأشياء سبيلها أن لا تفعل إلا على وجه القربة فثبت بذلك أنه لا يجوز أن يستحق عليها الأجرة وأن الإجارة عليها باطلة قوله تعالى( وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ ) يدل على بطلان مذهب أهل الجبر لأنهم لو لم يكونوا مستطيعين للإيمان بالله والإنفاق لما جاز أن يقال ذلك فيهم لأن عذرهم واضح وهو أنهم غير ممكنين مما دعوا إليه ولا قادرين عليه كما لا يقال للأعمى ماذا عليه لو أبصر ولا يقال للمريض ماذا عليه لو كان صحيحا وفي ذلك أوضح دليل على أن الله قطع عذرهم من فعل ما كلفهم من الإيمان وسائر الطاعات وأنهم ممكنون من فعلها* وقوله تعالى( يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً ) فأخبر الله عنهم أنهم لا يكتمون الله هناك شيئا من أحوالهم وما عملوه لعلمهم بأن الله مطلع عليهم عالم بأسرارهم فيقرون بها ولا يكتمونها وقيل يجوز أن يكون المراد أنهم لا يكتمون أسرارهم هناك كما كانوا يكتمونها في الدنيا فإن قيل قد أخبر الله عنهم أنهم يقولون والله ربنا ما كنا مشركين قيل له فيه وجوه أحدها أن الآخرة مواطن فموطن لا تسمع فيه إلا همسا أى صوتا خفيا وموطن يكذبون فيه فيقولون ما كنا نعمل من سوء والله ربنا ما كنا مشركين وموطن يعترفون فيه بالخطإ ويسئلون الله أن يردهم إلى دار الدنيا وروى ذلك عن الحسن وقال ابن عباس أن قوله تعالى( وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً ) داخل في التمني بعد ما نطقت جوارحهم بفضيحتهم وقيل إن معناه أنه لا يعتد بكتمانهم لأنه ظاهر عند الله لا يخفى عليه شيء فكان تقديره أنهم غير قادرين هناك على الكتمان لأن الله يظهره وقيل أنهم لم يقصدوا الكتمان لأنهم إنما أخبروا على ما توهموا ولا يخرجهم ذلك من أن يكونوا قد كتموا والله تعالى أعلم.

باب الجنب يمر في المسجد

قال الله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا

١٦٤

ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) قال أبو بكر قد اختلف في المراد من السكر بهذه الآية فقال ابن عباس ومجاهد وإبراهيم وقتادة السكر من الشراب وقال مجاهد والحسن نسخها تحريم الخمر وقال الضحاك المراد به سكر النوم خاصة* فإن قيل* كيف يجوز أن ينهى السكران في حال سكره وهو في معنى الصبى في نقص عقله* قيل له يحتمل أن يريد السكران الذي لم يبلغ نقصان عقله إلى حد يزول التكليف معه ويحتمل أن يكونوا نهوا عن التعرض للسكر إذا كان عليهم فرض الصلاة ويجوز أن يكون النهى إنما دل على أن عليهم أن يعيدوها في حال الصحو إذا فعلوها في حال السكر وجائز أن تكون هذه المعاني كلها مرادة بالآية في حال نزولها* فإن قال قائل إذا ساغ تأويل من تأولها على السكران الذي لم يزل عنه التكليف فكيف يجوز أن يكون منهيا عن فعل الصلاة في هذه الحال مع اتفاق المسلمين على أنه مأمور بفعل الصلاة في هذه الحال* قيل له قد روى عن الحسن وقتادة أنه منسوخ ويحتمل إن لم يكن منسوخا أن يكون النهى متوجها إلى فعل الصلاة مع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وسلم أو في جماعة* قال أبو بكر والصحيح من التأويل في معنى السكر أنه السكر من الشراب من وجهين أحدهما أن النائم ومن خالط عينه النوم لا يسمى سكران ومن سكر من الشراب يسمى سكران حقيقة فوجب حمل اللفظ على الحقيقة ولا يجوز صرفه عنها إلى المجاز إلا بدلالة والثاني ما روى سفيان عن عطاء بن السائب عن أبى عبد الرحمن عن على قال دعا رجل من الأنصار قوما فشربوا من الخمر فتقدم عبد الرحمن ابن عوف لصلاة المغرب فقرأ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) فالتبس عليه فأنزل الله تعالى( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) وحدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان المؤدب قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا حجاج عن ابن جريج وعثمان بن عطاء عن عطاء الخراساني عن ابن عباس في قوله تعالى( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ ) وقال في سورة النساء( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) ثم نسختها هذه الآية( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ ) الآية* قال أبو عبيد وحدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن على ابن أبى طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ ) قال وقوله تعالى( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) قال كانوا

١٦٥

لا يشربونها عند الصلاة فإذا صلوا العشاء شربوها* قال أبو عبيد حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبى إسحاق عن أبى ميسرة قال قال عمر اللهم بين لنا في الخمر فنزلت( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) وذكر الحديث* قال أبو عبيد وحدثنا هشيم قال أخبرنا مغيرة عن أبى رزين قال شربت الخمر بعد الآية التي في سورة البقرة والتي في سورة النساء وكانوا يشربونها حتى تحضر الصلاة فإذا حضرت الصلاة تركوها ثم حرمت في المائدة* قال أبو بكر فأخبر هؤلاء أن المراد السكر من الشراب وأخبر ابن عباس وأبو رزين إنهم تركوا شربها بعد نزول الآية عند الصلاة وشربوها في غير أوقات الصلوات ففي هذا دلالة على أنهم عقلوا من قوله تعالى( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) النهى عن شربها في الحال التي يكونون فيها سكارى عند لزوم فرض الصلاة وهذا يدل على أن قوله تعالى( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) إنما أفاد النهى عن شربها في أوقات الصلوات وكان معناه لا يكن منكم شرب تصيرون به إلى حال السكر عند أوقات الصلوات فتصلوا وأنتم سكارى وذلك أنهم لما كانوا متعبدين بفعل الصلوات في أوقاتها منهيين عن تركها قال تعالى( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) وقد علمنا أنه لم ينسخ بذلك فرض الصلاة كان في مضمون هذا اللفظ النهى عما يوجب السكر عند أوقات الصلوات كما أنه لما نهينا عن فعل الصلاة مع الحدث لقوله تعالى( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يقبل الله صلاة بغير طهور وكما قال تعالى( وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) كان ذلك نهيا عن ترك الطهارة ولم يكن نهيا عن فعل الصلاة ولم يوجب كون الإنسان جنبا أو محدثا سقوط فرض الصلاة وإنما نهى عن فعلها في هذه الحال وهو مأمور مع ذلك بتقديم الطهارة لها كذلك النهى عن الصلاة في حال السكر إنما دل على حظر شرب يوجب السكر قبل الصلاة وفرض الصلاة قائم عليه فهذا التأويل يدل على ما روى عن ابن عباس وأبى رزين وظاهر الآية وفحواه يقتضى ذلك على الوجه الذي بينا وهذا التأويل لا ينافي ما قدمنا ذكره عن السلف في حظر الصلاة عند السكر لأنه جائز أن يكونوا نهوا عن شرب يقتضى كونه سكران عند حضور الصلاة فيكون ذلك حظرا قائما فإن اتفق أن يشرب حتى أنه كان سكران عند حضور الصلاة كان منهيا عن فعلها مأمورا بإعادتها في حال الصحو أو يكون النهى مقصورا على فعلها مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم

١٦٦

أو في جماعة وهذه المعاني كلها صحيحة جائزة يحتملها لفظ الآية* وقوله تعالى( حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) يدل على أن السكران الذي منع من الصلاة هو الذي قد بلغ به السكر إلى حال لا يدرى ما يقول وأن السكران الذي يدرى ما يقول لم يتناوله النهى عن فعل الصلاة وهذا يشهد للتأويل الذي ذكرنا من النهى إنما انصرف إلى الشرب لا إلى فعل الصلاة لأن السكران الذي لا يدرى ما يقول لا يجوز تكليفه في هذه الحال كالمجنون والنائم والصبى الذي لا يعقل والذي يعقل ما يقول لم يتوجه إليه النهى لأن في الآية إباحة فعل الصلاة إذا علم ما يقول وهذا يدل على أن الآية إنما حظرت عليه الشرب لا فعل الصلاة في حال السكر الذي لا يعلم ما يقول فيه إذ غير جائز تكليف السكران الذي لا يعقل وهي تدل على أن السكر الذي يتعلق به الحكم هو الذي لا يعقل صاحبه ما يقول وهذا يدل على صحة قول أبى حنيفة في السكر الموجب للحد أنه هو الذي لا يعرف فيه الرجل من المرأة ومن لا يعقل ما يقول لا يعرف الرجل من المرأة* وقوله تعالى( حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) يدل على فرض القراءة في الصلاة لأنه منعه من الصلاة لأجل عدم إقامة القراءة فيها فلو لا أنها من أركانها وفروضها لما منع من الصلاة لأجلها* فإن قيل لا دلالة في ذلك على وجوب القراءة فيها وذلك لأن قوله تعالى( حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) قد دل على أنه ممنوع منها في الحال التي لا يعلم ما يقول ولم يذكر القراءة وإنما ذكر نفى العلم بما يقول وهذا على سائر الأقوال والكلام ومن صار بهذه الحال من السكر لم يصح له إحضار نية الصلاة ولا فعل سائر أركانها فإنما منع من الصلاة من كانت هذه حاله لأنه لا تصح منه نية الصلاة ولا سائر أفعالها ومع ذلك فلا يعلم أنه طاهر غير محدث* قيل له هذا على ما ذكرت في أن من كانت هذه حاله فلا يصح منه فعل الصلاة على سائر شرائطها إلا أن اختصاصه القول بالذكر دون غيره من أمور الصلاة وأحوالها يدل على أن المراد به قول مفعول في الصلاة وأنه متى كان من السكر على حال لم يمكنه إقامة القراءة فيها لم يصح له فعلها لأجل عدم القراءة وأن وجود القراءة فيها من فروضها وشرائطها وهذا مثل قوله( أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) في إفادته أن في الصلاة قياما مفروضا ومثل قوله( وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ) في دلالته على فرض الركوع في الصلاة* وأما قوله تعالى( وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) فإن أهل العلم قد تنازعوا تأويله فروى المنهال بن عمرو عن زر عن على

١٦٧

رضى الله عنه في قوله( وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ ) إلا أن تكونوا مسافرين ولا تجدون ما تيممون به وتصلون وروى قتادة عن أبى مجلز عن ابن عباس مثله وعن مجاهد مثله وروى عن عبد الله بن مسعود أنه قال هو الممر في المسجد وروى عطاء بن يسار عن ابن عباس مثله في تأويل الآية وكذلك روى عن سعيد بن المسيب وعطاء وعمرو بن دينار في آخرين من التابعين* واختلف السلف في مرور الجنب في المسجد فروى عن جابر قال كان أحدنا يمر في المسجد مجتازا وهو جنب وقال عطاء بن يسار كان رجال من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم تصيبهم الجنابة فيتوضئون ثم يأتون المسجد فيتحدثون فيه وقال سعيد بن المسيب الجنب لا يجلس في المسجد ويجتاز وكذلك روى عن الحسن وما روى في ذلك عن عبد الله فإن الصحيح فيه ما تأوله شريك عن عبد الكريم الجزري عن أبى عبيدة( وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ ) قال الجنب يمر في المسجد ولا يجلس ورواه معمر عن عبد الكريم عن أبى عبيدة عن عبد الله ويقال إن أحدا لم يرفعه إلى عبد الله غير معمر وسائر الناس وقفوه واختلف فقهاء الأمصار في ذلك فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر والحسن بن زياد لا يدخله إلا طاهرا سواء أراد القعود فيه والاجتياز وهو قول مالك ابن أنس والثوري وقال الليث الجنب لا يجوز له أن يجتاز في المسجد وقال الشافعى يمر ولا يقعد والدليل على أن الجنب لا يجوز له أن يجتاز في المسجد ما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا أقلت بن خليفة قال حدثتني جسرة بنت دجاجة قالت سمعت عائشة رضى الله عنها تقول جاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد فقال وجهوا هذه البيوت عن المسجد ثم دخل ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن تنزل لهم رخصة فخرج إليهم بعد فقال وجهوا هذه البيوت فإنى لا أحل المسجد لحائض ولا جنب وهذا الخبر يدل من وجهين على ما ذكرنا أحدهما قوله لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ولم يفرق فيه بين الاجتياز وبين القعود فهو عليهما سواء والثاني أنه أمرهم بتوجيه البيوت الشارعة لئلا يجتازوا في المسجد إذا أصابتهم جنابة لأنه لو أراد القعود لم يكن لقوله وجهوا هذه البيوت فإنى لا أحل المسجد لحائض ولا جنب معنى لأن القعود منهم بعد دخول المسجد لا تعلق له بكون البيوت شارعة إليه فدل على أنه إنما أمر بتوجيه البيوت لئلا يضطروا عند الجنابة

١٦٨

إلى الاجتياز في المسجد إذ لم يكن لبيوتهم أبواب غير ما هي شارعة إلى المسجد* وقد روى سفيان بن حمزة عن كثيرة بن زيد عن المطلب أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يكن أذن لأحد أن يمر في المسجد ولا يجلس فيه وهو جنب إلا على بن أبى طالب فإنه كان يدخله جنبا ويمر فيه لأن بيته كان في المسجد فأخبر في هذا الحديث بحظر النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم الاجتياز كما حظر عليهم العقود* وما ذكر من خصوصية على رضى الله عنه فهو صحيح وقول الراوي لأنه كان بيته في المسجد ظن منه لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قد أمر في الحديث الأول بتوجيه البيوت الشارعة إلى غيره ولم يبح لهم المرور لأجل كون بيوتهم في المسجد وإنما كانت الخصوصية فيه لعلى رضى الله عنه دون غيره كما خص جعفر بأن له جناحين في الجنة دون سائر الشهداء وكما خص حنظلة بغسل الملائكة له حين قتل جنبا وخص دحية الكلبي بأن جبريل كان ينزل على صورته وخص الزبير بإباحة لبس الحرير لما شكا من أذى القمل فثبت بذلك أن سائر الناس ممنوعون من دخول المسجد مجتازين وغير مجتازين* وأما ما روى جابر كان أحدنا يمر في المسجد مجتازا وهو جنب فلا حجة فيه لأنه لم يخبر أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم علم بذلك فأقره عليه وكذلك ما روى عن عطاء بن يسار كان رجال من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم تصيبهم الجنابة فيتوضئون ثم يأتون المسجد فيتحدثون فيه لا دلالة فيه للمخالف لأنه ليس فيه أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أقرهم عليه بعد علمه بذلك منهم ولأنه جائز أن يكون ذلك في زمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل أن يحظر عليهم ذلك ولو ثبت جميع ذلك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم روى ما وصفنا لكان خبر الحظر أولى لأنه طارئ على الإباحة لا محالة فهو متأخر عنها ولما ثبت باتفاق الفقهاء حظر القعود فيه لأجل الجنابة تعظيما لحرمة المسجد وجب أن يكون كذلك حكم الاجتياز تعظيما للمسجد ولأن العلة في حظر القعود فيه هو الكون فيه جنبا وذلك موجود في الاجتياز وكما أنه لما كان محظورا عليه القعود في ملك غيره بغير إذنه كان حكم الاجتياز فيه حكم القعود فكان الاجتياز بمنزلة القعود كذلك القعود في المسجد لما كان محظورا وجب أن يكون كذلك الاجتياز اعتبارا بما ذكرنا والعلة في الجميع حظر الكون فيه وأما قوله تعالى( وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) وتأويل من تأوله على إباحة الاجتياز في المسجد فإن ما روى عن على وابن عباس في تأويله أن المراد المسافر الذي لا يجد الماء فيتيمم أولى من تأويل من تأوله على الاجتياز في المسجد وذلك

١٦٩

لأن قوله تعالى( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) نهى عن فعل الصلاة في هذه الحال لا عن المسجد لأن ذلك حقيقة اللفظ ومفهوم الخطاب وحمله على المسجد عدول بالكلام عن حقيقته إلى المجاز بأن تجعل الصلاة عبارة عن موضعها كما يسمى الشيء باسم غيره للمجاورة أو لأنه تسبب منه كقوله تعالى( لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ ) يعنى به مواضع الصلوات ومتى أمكننا استعمال اللفظ على حقيقته لم يجز صرفه عنها إلى المجاز إلا بدلالة ولا دلالة توجب صرف ذلك عن الحقيقة وفي نسق التلاوة ما يدل على أن المراد حقيقة الصلاة وهو قوله تعالى( حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) وليس للمسجد قول مشروط يمنع من دخوله لتعذره عليه عند السكر وفي الصلاة قراءة مشروطة فمنع من أجل العذر عن إقامتها عن فعل الصلاة فدل ذلك على أن المراد حقيقة الصلاة فيكون تأويل من تأوله عليها موافقا لظاهرها وحقيقتها* وقوله تعالى( إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) فإن معناه المسافر لأن المسافر يسمى عابر سبيل ولو لا أنه يطلق عليه هذا الاسم لما تأوله عليه على وابن عباس إذ غير جائز لأحد تأويل الآية على ما لا يقع عليه الاسم وإنما سمى المسافر عابر سبيل لأنه على الطريق كما يسمى ابن السبيل فأباح الله تعالى له في حال السفر أن يتيمم ويصلى وإن كان جنبا فدلت الآية على معنيين أحدهما جواز التيمم للجنب إذا لم يجد الماء والصلاة به والثاني أن التيمم لا يرفع الجنابة لأنه سماه جنبا مع كونه متيمما فهذا التأويل أولى من تأويل من حمله على الاجتياز في المسجد* وقوله تعالى( حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) غاية لإباحة الصلاة ولا خلاف أن الغاية في هذا الموضع داخلة في الحظر إلى أن يستوعبها بوجوب الاغتسال وأنه لا تجوز له الصلاة وقد بقي من غسله شيء في حال وجود الماء وإمكان استعماله من غير ضرر يخافه فهذا يدل على أن الغاية قد تدخل في الجملة التي قبلها وقال الله تعالى( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ ) والغاية خارجة من الجملة لأنه بدخول أول الليل يخرج من الصوم لأن إلى غاية كما أن حتى غاية* وهذا أصل في أن الغاية قد يجوز دخولها في الكلام تارة وخروجها أخرى وحكمها موقوف على الدلالة في دخولها أو خروجها وسنذكر أحكام الجنابة ومعناها وحكم المريض والمسافر في سورة المائدة إذا انتهينا إليها إن شاء الله تعالى قوله تعالى( آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً ) يدل على قول أصحابنا في قول الرجل لامرأته أنت طالق قبل قدوم فلان أنها

١٧٠

تطلق في الحال قدم فلان أو لم يقدم وحكى عن بعضهم أنها لا تطلق حتى يقدم لأنه لا يقال أنه قبل قدوم فلان وما قدم والصحيح ما قال أصحابنا وهذه الآية تدل عليه لأنه قال الله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً ) فكان الأمر بالإيمان صحيحا قبل طمس الوجوه ولم يوجد الطمس أصلا وكان ذلك إيمانا قبل طمس الوجوه وما وجد وهو نظير قوله تعالى( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ) فكان الأمر بالعتق للرقبة أمرا صحيحا وإن لم يوجد المسيس فإن قيل إن هذا وعيد من الله لليهود ولم يسلموا ولم يقع ما توعدوا به قيل له إن قوما من هؤلاء اليهود أسلموا منهم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وزيد بن سعنة وأسد بن سعية وأسد بن عبيد ومخيريق في آخرين منهم وإنما كان الوعيد العاجل معلقا بترك جميعهم الإسلام ويحتمل أن يريد به الوعيد في الآخرة إذ لم يذكر في الآية تعجيل العقوبة في الدنيا إن لم يسلموا قوله تعالى( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ ) قال الحسن وقتادة والضحاك هو قول اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى وروى عن عبد الله أنه قال هو تزكية الناس بعضهم بعضا لينال به شيئا من الدنيا* قال أبو بكر وهذا يدل على أن النهى عن التزكية من هذا الوجه وقال الله( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ) وقد روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب * قوله تعالى( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) روى عن ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدى وعكرمة إن المراد بالناس هاهنا هو النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم خاصة وقال قتادة العرب وقال آخرون النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه وهذا أولى لأن أول الخطاب في ذكر اليهود وقد كانوا قبل ذلك يقرؤن في كتبهم مبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وصفته وحال نبوته وكانوا يوعدون العرب بالقتل عند مبعثه لأنهم زعموا أنهم لا يتبعونه وكانوا يظنون أنه يكون من بنى إسرائيل فلما بعثه الله تعالى من ولد إسماعيل حسدوا العرب وأظهروا الكفر به وجحدوا ما عرفوه قال الله تعالى( وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ) وقال الله تعالى( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ) فكانت عداوة للعرب ظاهرة بعد مبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم حسدا منهم لهم أن يكون النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم مبعوثا منهم فالأظهر من معنى الآية حسدهم للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وللعرب

١٧١

والحسد هو تمنى زوال النعمة عن صاحبها ولذلك قيل إن كل أحد تقدر أن ترضيه إلا حاسد نعمة فإنه لا يرضيه إلا زوالها والغبطة غير مذمومة لأنها تمنى مثل النعمة من غير زوالها عن صاحبها بل مع سرور منه ببقائها عليه* قوله تعالى( كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها ) قيل فيه إن الله تعالى يجدد لهم جلودا غير الجلود التي احترقت والقائلون بهذا هم الذين يقولون إن الجلد ليس بعض الإنسان وكذلك اللحم والعظم وأن الإنسان هو الروح اللابس لهذا البدن ومن قال إن الجلد هو بعض الإنسان وأن الإنسان هو هذا الشخص بكماله فإنه يقول إن الجلود تجدد بأن ترد إلى الحال التي كانت عليها غير محترقة كما يقال لخاتم كثر ثم صيغ خاتم آخر هذا الخاتم غير ذاك الخاتم وكما يقال لمن قطع قميصه قباء هذا اللباس غير ذاك اللباس وقال بعضهم التبديل إنما هو للسرابيل التي قد ألبسوها وهو تأويل بعيد لأن السرابيل لا تسمى جلودا والله تعالى أعلم.

باب ما أوجب الله تعالى من أداء الأمانات

قال الله تعالى( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) اختلف أهل التفسير في المأمورين بأداء الأمانة في هذه الآية من هم فروى عن زيد بن أسلم ومكحول وشهر ابن حوشب أنهم ولاة الأمر وقال ابن جريج أنها نزلت في عثمان بن طلحة أمر بأن ترد عليه مفاتيح الكعبة وقال ابن عباس وأبى بن كعب والحسن وقتادة هو في كل مؤتمن على شيء وهذا أولى لأن قوله تعالى( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ ) خطاب يقتضى عمومه سائر المكلفين فغير جائز الاقتصار به على بعض الناس دون بعض إلا بدلالة وأظن من تأوله على ولاة الأمر ذهبت إلى قوله تعالى( وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) لما كان خطابا لولاة الأمر كان ابتداء الخطاب منصرفا إليهم وليس ذلك كذلك إذ لا يمتنع أن يكون أول الخطاب عموما في سائر الناس وما عطف عليه خاصا في ولاة الأمر على ما ذكرنا في نظائره في القرآن وغيره* قال أبو بكر ما اؤتمن عليه الإنسان فهو أمانة فعلى المؤتمن عليها ردها إلى صاحبها فمن الأمانات الودائع على مودعيها ردها إلى من أودعه إياها ولا خلاف بين فقهاء الأمصار أنه لا ضمان على المودع فيها إن هلكت* وقد روى عن بعض السلف فيه الضمان ذكر الشعبي عن أنس قال استحملنى رجل بضاعة فضاعت من بين ثيابي فضمننى عمر بن الخطاب* وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا حامد بن

١٧٢

محمد قال حدثنا شريح قال حدثنا ابن إدريس عن هشام بن حسان عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك قال استودعت ستة آلاف درهم فذهبت فقال لي عمر ذهب لك معها شيء قلت لا فضمننى* وروى حجاج عن أبى الزبير عن جابر أن رجلا استودع متاعا* فذهب من بين متاعه فلم يضمنه أبو بكر رضى الله عنه وقال هي أمانة* وحدثنا عبد الباقي ابن قانع قال حدثنا إسماعيل بن الفضل قال حدثنا قتيبة قال حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال من استودع وديعة فلا ضمان عليه * وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا إبراهيم بن هاشم قال حدثنا محمد بن عون قال حدثنا عبد الله ابن نافع عن محمد بن نبيه الحجبي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لا ضمان على راع ولا على مؤتمن * قال أبو بكر قولهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لا ضمان على مؤتمن يدل على نفى ضمان العارية لأن العارية أمانة في يد المستعير إذ كان المعير قد ائتمنه عليها ولا خلاف بين الفقهاء في نفى ضمان الوديعة إذا لم يتعد فيها المودع ما روى عن عمر في تضمين الوديعة فجائز أن يكون المودع اعترف بفعل يوجب الضمان عنده فلذلك ضمنه* واختلف الفقهاء في ضمان العارية بعد اختلاف من السلف فروى عن عمر وعلى وجابر وشريح وإبراهيم أن العارية غير مضمونة وروى عن ابن عباس وأبى هريرة أنها مضمونة وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر والحسن بن زياد هي غير مضمونة إذا هلكت وهو قول ابن شبرمة والثوري والأوزاعى وقال عثمان البتى المستعير ضامن لما استعاره إلا الحيوان والعقل فإن اشترط عليه في الحيوان والعقل الضمان فهو ضامن وقال مالك لا يضمن الحيوان في العارية ويضمن الحلي والثياب ونحوها وقال الليث لا ضمان في العارية ولكن أبا العباس أمير المؤمنين قد كتب إلى بأن أضمنها فالقضاء اليوم على الضمان وقال الشافعى كل عارية مضمونة* قال أبو بكر والدليل على نفى ضمانها عند الهلاك إذا لم يتعد فيها أن المعير قد ائتمن المستعير عليها حين دفعها إليه وإذا كان أمينا لم يلزمه ضمانها لأنا روينا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال لا ضمان على مؤتمن وذلك عموم في نفى الضمان عن كل مؤتمن وأيضا لما كانت مقبوضة بإذن مالكها لا على شرط الضمان لم يضمنها كالوديعة وأيضا قد اتفق الجميع على نفى ضمان الثوب المستأجر مع شرط بذل المنافع إذا لم يشترط عليه ضمان بدل المقبوض فالعارية أولى أن لا تكون مضمونة إذ ليس فيها ضمان مشروط

١٧٣

بوجه ومن جهة أخرى أن المقبوض على وجه الإجارة مقبوض لاستيفاء المنافع ولم يكن مضمونا فوجب أن لا تضمن العارية إذ كانت مقبوضة لاستيفاء المنافع وأيضا لما كانت الهبة غير مضمونة على الموهوب له لأنها مقبوضة بإذن مالكها لا على شرط ضمان البدل وهي معروف وتبرع وجب أن تكون العارية كذلك إذ هي معروف وتبرع وأيضا قد اتفق الجميع على أن العارية لو نقصت بالاستعمال لم يضمن النقصان فإذا كان الجزء منها غير مضمون مع حصول القبض عليه وجب أن لا يضمن الكل لأن ما تعلق ضمانه بالقبض لا يختلف فيه حكم الكل والبعض كالغصب والمقبوض ببيع فاسد فلما اتفق الجميع على أن الجزء الفائت بالنقصان غير مضمون وجب أن لا يضمن الجميع كالودائع وسائر الأمانات* وقد اختلف في ألفاظ حديث صفوان بن أمية في العارية فذكر بعضهم فيه الضمان ولم يذكره بعضهم وروى شريك عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبى مليكة عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه قال استعار النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم من صفوان أدراعا من حديد يوم حنين فقال له يا محمد مضمونة فقال مضمونة فضاع بعضها فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم إن شئت غرمناها لك فقال أنا أرغب في الإسلام من ذلك يا رسول الله ورواه إسرائيل عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبى مليكة عن صفوان بن أمية قال استعار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم من صفوان بن أمية أدراعا فضاع بعضها فقال إن شئت غرمناها لك فقال لا يا رسول الله فوصله شريك وذكر فيه الضمان وقطعه إسرائيل ولم يذكر الضمان وروى قتادة عن عطاء أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم استعار من صفوان بن أمية دروعا يوم حنين فقال له أمؤداة يا رسول الله العارية فقال نعم وروى جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن أنا؟؟؟ س من آل عبد الله بن صفوان قال أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يغزو حنينا وذكر الحديث من غير ذكر ضمان ويقال أنه ليس في رواة هذا الحديث أحفظ ولا اتقن ولا أثبت من جرير بن عبد الحميد ولم يذكر الضمان ولو تكافأت الرواة فيه حصل مضطربا وقد روى في أخبار أخر من طريق أبى أمامة وغيره أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال العارية مؤداة وإن صح ذكر الضمان في حديث صفوان فإن معناه ضمان الأداء كما روى في بعض ألفاظ حديث صفوان أنه قال هي مضمونة حتى أؤديها إليك وكما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا الفريابي قال حدثنا قتيبة قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبى حبيب عن سعيد بن أبى هند أن أول ما ضمنت العارية أن رسول

١٧٤

اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لصفوان أعرنا سلاحك وهي علينا ضمان حتى نأتيك بها فثبت بذلك أنه إنما شرط له ضمان الرد وذلك لأن صفوان كان حربيا كافرا في ذلك الوقت فظن أنه يأخذها على جهة استباحة ماله كسائر أموال الحربيين ولذلك قال له أغصبا تأخذها يا محمد فقال لا بل عارية مضمونة حتى أؤديها إليك وعارية مؤداة فأخبره النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه يأخذها على أنها عارية مؤداة وأنه ليس يأخذها على سبيل ما تؤخذ عليه أموال أهل الحرب وهو كقول القائل أنا ضامن لحاجتك يعنى القيام بها والسعى فيها حتى يقضيها قال الشاعر يصف ناقة :

بتلك أسلى حاجة إن ضمنتها

وأبرئ هما كان في الصدر داخلا

قال أهل اللغة في قوله إن ضمنتها يعنى إن هممت وأردتها وأيضا فإنا نسلم للمخالف صحة الخبر بما روى فيه من الضمان ونقول أنه لا دلالة فيه على موضع الخلاف وذلك لأنه قال عارية مضمونة فجعل الأدراع التي قبضها مضمونة وهذا يقتضى ضمان عينها بالرد لا ضمان قيمتها إذ لم يقل أضمن قيمتها وغير جائز صرف اللفظ عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدلالة وأيضا فيما ادعى المخالف إثبات ضمير في اللفظ لا دلالة عليه وهو ضمان القيمة ولا يجوز إثباته إلا بدلالة ويدل على أنها لم تكن مضمونة ضمان القيمة عند الهلاك أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم لما فقد منها أدراعا قال لصفوان إن شئت غرمناها لك فلو كان ضمان القيمة قد حصل عليه لما قال إن شئت غرمناها لك وهو غارم فدل ذلك على أن الغرم لم يجب بالهلاك وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم إنما أراد أن يغرمها إذا شاء ذلك صفوان متبرعا بالغرم ألا ترى أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم لما استقرض عن عبد الله بن ربيعة ثلاثين ألفا في هذه الغزاة أيضا ثم أراد أن يردها إلى عبد الله أبى عبد الله أن يقبلها فقال له خذها فإن جزاء القرض الوفاء والحمد فلو كان الغرم لازما فيما فقد من الأدراع لما قال إن شئت غرمناها لك ويدل على أنه لم يكن ضامنا لقيمة ما فقد أنه قال لا فإن في قلبي اليوم من الإيمان ما لم يكن قبل وفي ذلك دليل على أنها لم تكن مضمونة القيمة لأن ما كان مضمونا لا يختلف حكمه في الإيمان والكفر وقال بعض شيوخنا إن صفوان لما كان حربيا جاز أن يشرط له ذلك إذ قد يجوز فيما بيننا وبين أهل الحرب من الشروط ما لا يجوز فيما بيننا بعضنا لبعض ألا ترى أنه يجوز أن يرتهن منهم الأحرار ولا يجوز مثله فيما بيننا أو كان أبو الحسن الكرخي يأبى هذا التأويل

١٧٥

ويقول لا يصح شرط الضمان لأهل الحرب فيما ليس بمضمون ألا ترى أنا لو شرطنا لهم مان الودائع والمضاربات ونحوها لم يصح* واحتج من قال بضمان العارية بما رواه شعبة وسعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم على اليد ما أخذت حتى تؤديه ولا دلالة في هذا الحديث أيضا على موضع الخلاف لأنه إنما أوجب رد المأخوذ بعينه وليس فيه ذكر ضمان القيمة عند هلاكه ونحن نقول أن عليه رد العارية فهذا لا خلاف فيه ولا تعلق له أيضا بموضع الخلاف والله تعالى أعلم بالصواب.

باب ما أمر الله تعالى به من الحكم بالعدل

قال الله تعالى( وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) وقال تعالى( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ) وقال تعالى( وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى ) وحدثنا عبد الباقي ابن قانع قال حدثنا عبد الله بن موسى بن أبى عثمان قال حدثنا عبيد بن حباب الحلي قال حدثنا عبد الرحمن بن أبى الرجال عن إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله قال قال ثابت الأعرج أخبرنى أنس بن مالك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لا تزال هذه الأمة بخير ما إذا قالت صدقت وإذا حكمت عدلت وإذا استرحمت رحمت وحدثنا عبد الباقي قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا عبد الرحمن المقري عن كهمس بن الحسن عن عبد الله الأسلمى قال شتم رجل ابن عباس فقال له ابن عباس إنك لتشتمنى وفي ثلاث خصال إنى لآتى على الآية من كتاب الله تعالى فلوددت بالله أن الناس كلهم يعلمون منها ما أعلم وإنى لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به ولعلى لا أقاضى إليه أبدا وإنى لأسمع بالغيث قد أصاب البلد من بلاد المسلمين فأفرح به ومالي من سائمة وحدثنا عبد الباقي قال حدثنا الحارث بن أبى أسامة قال حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدى عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن قال إن الله أخذ على الحكام ثلاثا أن لا يتبعوا الهوى وأن يخشوه ولا يخشوا الناس وأن لا يشتروا بآياته ثمنا قليلا ثم قرأ( يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى ) الآية وقال الله تعالى( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا ـ إلى قوله تعالى ـفَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) .

١٧٦

باب في طاعة أولى الأمر

قال الله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) قال أبو بكر اختلف في تأويل أولى الأمر فروى عن جابر بن عبد الله وابن عباس رواية والحسن وعطاء ومجاهد أنهم أولوا الفقه والعلم وعن ابن عباس رواية وأبى هريرة أنهم أمراء السرايا ويجوز أن يكونوا جميعا مرادين بالآية لأن الاسم يتناولهم جميعا لأن الأمراء يلون أمر تدبير الجيوش والسرايا وقتال العدو والعلماء يلون حفظ الشريعة وما يجوز مما لا يجوز فأمر الناس بطاعتهم والقبول منهم ما عدل الأمراء والحكام وكان العلماء عدولا مرضيين موثوقا بدينهم وأمانتهم فيما يؤدون وهو نظير قوله تعالى( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) ومن الناس من يقول إن الأظهر من أولى الأمر هاهنا أنهم الأمراء لأنه قدم ذكر الأمر بالعدل وهذا خطاب لمن يملك تنفيذ الأحكام وهم الأمراء والقضاة ثم عطف عليه الأمر بطاعة أولى الأمر وهم ولاة الأمر الذين يحكمون عليهم ماداموا عدولا مرضيين وليس يمتنع أن يكون ذلك أمرا بطاعة الفريقين من أولى الأمر وهم أمراء السرايا والعلماء إذ ليس في تقدم الأمر بالحكم بالعدل ما يوجب الاقتصار بالأمر بطاعة أولى الأمر على الأمراء دون غيرهم وقد روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال من أطاع أميرى فقد أطاعنى وروى الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالخيف من منى فقال نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها فرب حامل فقه لا فقه له ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن إخلاص العمل لله تعالى وقال بعضهم وطاعة ذوى الأمر وقال بعضهم والنصيحة لأولى الأمر ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من وراءهم والأظهر من هذا الحديث أنه أراد بأولى الأمر الأمراء وقوله تعالى عقيب ذلك( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) يدل على أن أولى الأمر هم الفقهاء لأنه أمر سائر الناس بطاعتهم ثم قال( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) فأمر أولى الأمر برد المتنازع فيه إلى كتاب الله وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا كانت العامة ومن ليس من أهل العلم ليست هذه منزلتهم لأنهم لا يعرفون كيفية الرد إلى كتاب الله والسنة ووجوه دلائلهما على أحكام الحوادث فثبت أنه خطاب للعلماء* واستدل بعض أهل العلم على إبطال قول

«١٢ ـ أحكام لث»

١٧٧

الرافضة في الإمامة بقوله تعالى( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) قال فليس يخلو أولو الأمر من أن يكونوا الفقهاء أو الأمراء أو الإمام الذي يدعونه فإن كان المراد الفقهاء والأمراء فقد بطل أن يكون الإمام والفقهاء والأمراء يجوز عليهم الغلط والسهو والتبديل والتغيير وقد أمرنا بطاعتهم وهذا يبطل أصل الإمامة فإن شرط الإمامة عندهم أن يكون معصوما لا يجوز عليه الغلط والخطأ والتبديل والتغيير ولا يجوز أن يكون المراد الإمام لأنه قال في نسق الخطاب( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) فلو كان هناك إمام مفروض الطاعة لكان الرد إليه واجبا وكان هو يقطع الخلاف والتنازع فلما أمر برد المتنازع فيه من الحوادث إلى الكتاب والسنة دون الإمام دل ذلك على بطلان قولهم في الإمامة ولو كان هناك إمام تجب طاعته لقال فردوه إلى الإمام لأن الإمام عندهم هو الذي يقضى قوله على تأويل الكتاب والسنة فلما أمر بطاعة أمراء السرايا والفقهاء وأمر برد المتنازع فيه من الحوادث إلى الكتاب والسنة دون الإمام ثبت أن الإمام غير مفروض الطاعة في أحكام الحوادث المتنازع فيها وأن لكل واحد من الفقهاء أن يردها إلى نظائرها من الكتاب والسنة* وزعمت هذه الطائفة أن المراد بقوله تعالى( وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) على بن أبى طالب رضى الله عنه وهذا تأويل فاسد لأن أولى الأمر جماعة وعلى بن أبى طالب رجل واحد وأيضا فقد كان الناس مأمورين بطاعة أولى الأمر في زمان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعلوم أن على بن أبى طالب لم يكن إماما في أيام النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فثبت أن أولى الأمر في زمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم كانوا أمراء وقد كان المولى عليهم طاعتهم ما لم يأمروهم بمعصية. وكذلك حكمهم بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم في لزوم اتباعهم وطاعتهم ما لم تكن معصية قوله تعالى( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) روى مجاهد وقتادة وميمون بن مهران والسدى إلى كتاب الله تعالى وسنة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال أبو بكر وذلك عموم في وجوب الرد إلى كتاب الله وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في حياة النبي وبعد وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وسلم * والرد إلى الكتاب والسنة يكون من وجهين أحدهما إلى المنصوص عليه المذكور باسمه ومعناه والثاني الرد إليهما من الدلالة عليه واعتباره به من طريق القياس والنظائر وعموم اللفظ ينتظم الأمرين جميعا فوجب إذا تنازعنا في شيء رده إلى نص الكتاب والسنة إن وجدنا المتنازع فيه منصوصا على حكمه في الكتاب والسنة وإن لم نجد

١٧٨

فيه نصا منهما وجب رده إلى نظيره منهما لأنا مأمورون بالرد في كل حال إذ لم يخصص الله تعالى الأمر بالرد إليهما في حال دون حال وعلى أن الذي يقتضيه فحوى الكلام وظاهره الرد إليهما فيما لا نص فيه وذلك لأن المنصوص عليه الذي لا احتمال فيه لغيره لا يقع التنازع فيه من الصحابة مع علمهم باللغة ومعرفتهم بما فيه احتمال مما لا احتمال فيه فظاهر ذلك يقتضى رد المتنازع فيه إلى نظائره من الكتاب والسنة فإن قيل إنما المراد بذلك ترك التنازع والتسليم لما في كتاب الله وسنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم * قيل إن ذلك خطاب للمؤمنين لأنه قال تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) فإن كان تأويله ما ذكرت فإن معناه اتبعوا كتاب الله وسنة نبيه وأطيعوا الله ورسوله وقد علمنا أن كل من آمن ففي اعتقاده للإيمان اعتقاد لالتزام حكم الله وسنة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وسلم فيؤدى ذلك إلى إبطال فائدة قوله تعالى( فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) وعلى أن ذلك قد تقدم الأمر به في أول الآية وهو قوله تعالى( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) فغير جائز حمل مغنى قوله تعالى( فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) على ما قد أفاده بديا في أول الخطاب ووجب حمله على فائدة محددة وهو رد غير المنصوص عليه وهو الذي وقع فيه التنازع إلى المنصوص عليه وعلى أنا نرد جميع المتنازع فيه إلى الكتاب والسنة بحق العموم ولا نخرج منه شيئا بغير دليل* فإن قيل لما كانت الصحابة مخاطبين بحكم هذه الآية عند التنازع في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان معلوما أنه لم يكن يجوز لهم استعمال الرأى والقياس في أحكام الحوادث بحضرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بل كان عليهم التسليم له واتباع أمره دون تكلف الرد من طريق القياس ثبت أن المراد استعمال المنصوص وترك تكلف النظر والاجتهاد فيما لا نص فيه* قيل له هذا غلط وذلك لأن استعمال الرأى والاجتهاد ورد الحوادث إلى نظائرها من المنصوص قد كان جائزا في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فإحداهما في حال غيبتهم عن حضرته كما أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم معاذا حين بعثه إلى اليمن فقال له كيف تقضى إن عرض لك قضاء قال أقضى بكتاب الله قال فإن لم يكن في كتاب الله قال أقضى بسنة نبي الله قال فإن لم يكن في كتاب الله ولا في سنة رسول الله قال اجتهد رأيى لا ألو قال فضرب بيده على صدره وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله فهذه إحدى الحالين اللتين كان يجوز الاجتهاد فيهما في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم والحال الأخرى أن يأمره النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالاجتهاد

١٧٩

بحضرته ورد الحادثة إلى نظائرها ليستبرئ حاله في اجتهاده وهل هو موضع لذلك ولكن إن أخطأ وترك طريق النظر أعلمه وسدده وكان يعلمهم وجوب الاجتهاد في أحكام الحوادث بعده فالاجتهاد بحضرته على هذا الوجه سائغ كما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا أسلم بن سهل قال حدثنا محمد بن خالد بن عبد الله قال حدثنا أبى عن حفص بن سليمان عن كثير بن شنظير عن أبى العالية عن عقبة بن عامر قال جاء خصمان إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال اقض بينهما يا عقبة قلت يا رسول الله أقضى بينهما وأنت حاضر قال اقض بينهما فإن أصبت فلك عشر حسنات وأن أخطأت فلك حسنة واحدة فأباح له النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم الاجتهاد بحضرته على الوجه الذي ذكرنا وأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم لمعاذ وعقبة بن عامر بالاجتهاد صدر عندنا عن الآية وهو قوله تعالى( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) لأنا متى وجدنا من النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم حكما مواطئا لمعنى قد ورد به القرآن حملناه على أنه حكم به عن القرآن وأنه لم يكن حكما مبتدأ من النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم كنحو قطعه السارق وجلده الزاني وما جرى مجراهما فقول القائل إن الاجتهاد في أحكام الحوادث لم يكن سائغا في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وأن رد المتنازع فيه إلى الكتاب والسنة كان واجبا حينئذ فدل على أن المراد به ترك الاختلاف والتنازع والتسليم للمنصوص عليه في الكتاب والسنة غير صحيح وأما الحال التي لم يكن يسوغ الاجتهاد فيها في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فهو أن يجتهد بحضرته على جهة إمضاء الحكم والاستبداد بالرأى لا على الوجه الذي قدمناه فهذا لعمري اجتهاد مطرح لا حكم له ولم يسوغ ذلك لأحد والله أعلم.

باب طاعة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وسلم

قال الله تعالى( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) وقال تعالى( وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ ) وقال تعالى( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) وقال تعالى( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) فأكد جل وعلا بهذه الآيات وجوب طاعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبان أن طاعته إطاعة الله وأفاد بذلك أن معصيته معصية الله وقال الله تعالى( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) فأوعد على مخالفة أمر الرسول وجعل مخالف أمر الرسول والممتنع من تسليم ما جاء به والشاك فيه خارجا من الإيمان

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388