الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٣

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل8%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 710

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 710 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 173317 / تحميل: 6081
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

باب فضل السخاء والجود

١٧٠٧ - قال الصادق عليه السلام: " خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الايمان البر بالاخوان، والسعي في حوائجهم، وإن البار بالاخوان ليحبه الرحمن، وفي ذلك مرغمة الشيطان، وتزحزح عن النيران(١) ، ودخول الجنان، ثم قال لجميل: يا جميل أخبر بهذا غرر أصحابك(٢) ، قلت: جعلت فداك من غرر أصحابي؟ قال: هم البارون بالاخوان في العسر واليسر، ثم قال: يا جميل أما إن صاحب الكثير يهون عليه ذلك، وقد مدح الله عزوجل في ذلك صاحب القليل، فقال في كتابه " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ".

١٧٠٨ - وقال عليه السلام: " شاب سخي مرهق في الذنوب(٣) أحب إلى الله عزو جل من شيخ عابد بخيل ".

١٧٠٩ - وروي " أن الله عزوجل أوحى إلى موسى أن لا تقتل السامري فإنه سخي ".(٤)

___________________________________

(١) " مرغمة " بفتح الميم مصدر، وبكسرها اسم آلة من الرغام بفتح الراء بمعنى التراب.

والتزحزح: التباعد (الوافى) والخبر رواه الكلينى باسناده عن سهل بن زياد عمن حدثه عن جميل بن دراج قال: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول الخبر ".

(٢) " غرر " بالغين المعجمة والمهملتين النجباء جمع الاغر.

وفى بعض النسخ هنا وما يأتى بالعين المهملة والزاء‌ين المعجمتين جمع العزيز.

(٣) المرهق: المفرط في الشر ومرتكب المحارم.

وفى القاموس الرهق محركة: السفه وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم.

(٤) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤١ عن على بن ابراهيم رفعه قال: " أوحى الله عزوجل إلى موسى عليه السلام الخ ".

٦١

١٧١٠ - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " من أدى ما افترض الله عليه فهو أسخى الناس ".(١)

١٧١١ - وقال الصادق عليه السلام: " من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة؟ أنفق ولا تخف فقرأ، وأنصف الناس من نفسك(٢) ، وافش السلام في العالم(٣) واترك المراء وإن كنت محقا "(٤) .

١٧١٢ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة ".

 (٥) وقال الله عزوجل: " وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين "(٦) .

١٧١٣ - وقال الصادق عليه السلام: " في قول الله عزوجل: " كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم "(٧) قال: هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة الله عزوجل بخلا ثم يموت فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة الله عزوجل أو بمعصية الله، فإن عمل فيه بطاعة الله(٨) رآه في ميزان غيره فرآه حسرة وقد كان المال له، وإن كان عمل فيه بمعصية الله عزوجل(٩) قواه بذلك المال حتى عمل به في معصية الله عزوجل ".

١٧١٤ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ليس البخيل من أدى الزكاة المفروضة من

___________________________________

(١) أى بالنسبة إلى من لم يؤد وان أعطى المال الكثير في غير موقعه لما مر وسيجئ.

(٢) أى كن حكما على نفسك فيما كان بينك وبين الناس وارض لهم ما ترضى لنفسك، واكره لهم ما تكره لها.

(٣) أى سلم على من لقيت من اخوانك جهارا.

(٤) المراء: الجدال، أى اترك الجدال في الكلام وان كان الحق لك.

والخبر مروى في الكافى بسند فيه ضعف ج ٤ ص ٤٤ عن معاوية بن وهب عن الصادق عليه السلام.

(٥) الخلف بفتح المعجمة واللام: العوض.

وقوله " سخت " أى جادت وفى بعض نسخ الكافى " سمحت ".

(٦) من كلام المؤلف رحمه الله كما يظهر من الكافى.

(٧) الحسرات جمع الحسرة وهى أشد الندامة.

(٨) في الكافى " أو في معصية الله فان عمل به في طاعة الله الخ ".

(٩) في بعض النسخ والكافى " وان كان عمل به في معصية الله ".

٦٢

ماله وأعطى البائنة في قومه(١) إنما البخيل حق البخيل من لم يؤد الزكاة المفروضة من ماله ولم يعط البائنة في قومه، وهو يبذر فيما سوى ذلك ".

١٧١٥ - وروي عن الفضل بن أبي قرة السمندي أنه قال: " قال لي أبو عبدالله عليه السلام: أتدري من الشحيح؟ قلت: هو البخيل، فقال: الشح أشد من البخل إن البخيل يبخل بما في يده، والشحيح يشح بما في أيدي الناس وعلى ما في يده حتى لا يرى في أيدي الناس شيئا إلا تمنى أن يكون له بالحل والحرام، ولا يقنع بما رزقه الله عزوجل ".

١٧١٦ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ما محق الاسلام محق الشح شئ، ثم قال: إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل، وشعبا كشعب الشرك ".(٢)

١٧١٧ - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " إذا لم يكن لله عزوجل في العبد حاجة ابتلاه بالبخل ".(٣)

١٧١٨ - " وسمع أمير المؤمنين عليه السلام رجلا يقول: الشحيح أعذر من الظالم(٤) فقال له: كذبت إن الظالم قد يتوب ويستغفر ويرد الضلامة على أهلها، والشحيح إذا شح منع الزكاة، والصدقة، وصلة الرحم، وإقراء الضيف(٥) والنفقة في سبيل الله

___________________________________

(١) البائنة العطية، سميت بها لانها ابينت من المال (الوافى) وفى القاموس البائنة فاعلة من البين بمعنى البينونة جعلت اسما للعطية لانها ابينت من المال.

(٢) الدبيب: المشى اللين أى حركة خفيفة لا تحس، والشرك محركة: حبائل الصيد.

وقرأه الفاضل التفرشى بكسر الشين المعجمة وكسر الراء وتكلف في توجيهه بما لا يحتاج اليه.

(٣) أى إذا كان غير منظور اليه ولم يكن أهلا للهدايات والتوفيقات منع عنه اللطف فاستولى عليه الشيطان وزين له البخل.

(٤) أى عذره أشد وأكثر من عذر الظالم.

(٥) اقراء الضيف: ضيافته وخدمته والاحسان اليه.

هذه الاخبار كلها مروية في الكافي مسندة ج ٤ ص ٤٤ و ٤٥.

٦٣

عزوجل وأبواب البر، وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح ".

١٧١٩ - وقال الصادق عليه السلام: " المنجيات إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام ".

 [فضل القصد]

١٧٢٠ - وقال أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " ما عال امرء في اقتصاد "(١)

١٧٢١ - وقال الصادق عليه السلام: " ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر ".(٢)

وقال الله عزوجل: " يسألونك ماذا ينفقون قل العفو " والعفو الوسط(٣) .

وقال الله عزوجل: " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " والقوام الوسط.

باب فضل سقى الماء

١٧٢٢ - قال أمير المؤمنين عليه السلام: " أول ما يبدأ به في الآخرة صدقة الماء يعني في الاجر ".

١٧٢٣ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " إن الله تبارك وتعالى يحب إبراد الكبد الحرى(٤) ، ومن سقى كبدا حرى من بهيمة أو غيرها أظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ".

١٧٢٤ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء كان كمن أعتق رقبة، ومن سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء كان

___________________________________

(١) العيلة والعالة: الفاقة، أى ما افتقر أحد إذا اقتصد في أمر معاشه.

والخبر رواه الكلينى ج ٤ ص ٥٣ مسندا وكذا الذى قبله.

(٢) مروى في الكافى مسندا عن مدرك بن أبى الهزهاز عنه (ع).

(٣) كما في مرسلة ابن أبى عمير عن أبى عبدالله عليه السلام " في قول الله تعالى " و يسئلونك ماذا ينفقون قل العفو " قال: العفو الوسط " (الكافى ج ٤ ص ٥٢)

(٤) في القاموس: الحران العطشان، والانثى حرى مثل عطشى.

٦٤

كمن أحيا نفسا، ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا ".(١)

باب ثواب اصطناع المعروف إلى العلوية

١٧٢٥ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من صنع إلى أحد من أهل بيتي يدا كافيته يوم القيامة".

١٧٢٦ - وقال عليه السلام: " إني شافع يوم القيامة لاربعة أصناف ولو جاؤوا بذنوب أهل الدنيا: رجل نصر ذريتي، ورجل بذل ماله لذريتي عند الضيق ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب، ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا ".(٢)

١٧٢٧ - وقال الصادق عليه السلام: " إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أيها الخلائق أنصتوا فإن محمدا يكلمكم فتنصت الخلائق فيقوم النبي صلى الله عليه وآله فيقول: يا معشر الخلائق من كانت له عندي يد أو منة أو معروف فليقم حتى أكافيه، فيقولون: بابائنا وأمهاتنا وأي يد وأي منة وأي معروف لنا، بل اليد والمنة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلائق، فيقول لهم: بلى من آوى أحدا من أهل بيتي أو برهم أو كساهم من عرى أو أشبع جائعهم فليقم حتى أكافيه، فيقوم أناس قد فعلوا ذلك، فيأتي النداء من عند الله عزوجل: يا محمد يا حبيبي قد جعلت مكافأتهم إليك فأسكنهم من الجنة حيث شئت، قال: فيسكنهم في الوسيلة(٣) حيث لا يحجبون عن محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين ".

___________________________________

(١) هذه الاخبار الثلاثة في الباب مروية في الكافى ج ٣ ص ٥٧ مسندة.

(٢) التشريد: الطرد والتفريق، والخبر مروى في الكافى وفيه " ورجل يسعى في حوائج ذريتى الخ ".

(٣) الوسيلة والواسلة: المنزلة عند الملك والدرجة والقربة (القاموس) وفى معانى الاخبار ص ١١٦ في حديث طويل عن النبى صلى الله عليه وآله قال: " الوسيلة هى درجتى في الجنة وهى ألف مرقاة الخ "

٦٥

باب فضل الصدقة

١٧٢٨ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله".

١٧٢٩ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " البر والصدقة ينفيان الفقر، ويزيدان في العمر ويدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة سوء ".

١٧٣٠ - وقال الصادق عليه السلام: " داووا مرضاكم بالصدقة، وادفعوا البلاء بالدعاء واستنزلوا الرزق بالصدقة، فإنها تفك من بين لحيي سبعمائة شيطان(١) .

وليس شئ أثقل على الشيطان من الصدقة على المؤمن، وهي تقع في يد الرب تبارك وتعالى قبل أن تقع في يد العبد"(٢) .

١٧٣١ - وقال عليه السلام: " الصدقة باليد تقي ميتة السوء وتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء وتفك عن لحيي سبعين شيطانا كلهم يأمره أن لا يفعل ".

١٧٣٢ - وقال عليه السلام: " يستحب للمريض أن يعطي السائل بيده، ويأمر السائل أن يدعو له ".

___________________________________

(١) قال بعض الشراح: كأن الصدقة دخلت في أفواهم باعتبار منعهم عنها بالوجوه الباطلة فبعضهم يقول لا تتصدق فانك تصير فقيرا، وبعضهم يقول: لا تتصدق فانك أحوج منه، أو أن السائل غير مستحق، أو تصدق على آخر أحوج منه انتهى.

أقول يمكن أن يقرأ " تفك " بصيغة المعلوم فالمعنى أن الصدقة تفك الرزق من بين لحيى سبعمائة شيطان كلهم يمنعون وصوله اليك، أو بصيغة المجهول أى الصدقة تخرج من بين لحيى سبعمائة شيطان فيكون كناية عن كونها شاقة على النفس وحينئذ يكون تعليلا للجملة السابقة.

وأصل الفك الفصل بين الشيئين وتخليص بعضهما من بعض كما في النهاية.

(٢) كناية عن قبوله تعالى، ولعله اشارة إلى قوله تعالى: " أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات ".

٦٦

١٧٣٣ - وقال عليه السلام: " باكروا بالصدقة(١) فإن البلايا لا تتخطاها(٢) ومن تصدق بصدقة أول النهار دفع الله عنه شر ما ينزل من السماء في ذلك اليوم، فإن تصدق أول الليل دفع الله عنه شر ما ينزل من السماء في تلك الليلة ".

١٧٣٤ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله لا إله إلا هو ليدفع بالصدقة الداء والدبيلة(٣) والحرق والغرق والهدم والجنون، وعد عليه السلام سبعين بابا من الشر "(٤) .

١٧٣٥ - وقال صلى الله عليه وأله: " صدقة السر تطفئ غضب الرب جل جلاله "(٥) .

١٧٣٦ - وروى عمار عن الصادق عليه السلام قال: " قال لي يا عمار الصدقة والله في السر أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك والله العبادة في السر أفضل من العبادة في العلانية ".(٦)

١٧٣٧ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا طرقكم سائل ذكر بليل فلا تردوه ".(٧)

١٧٣٨ - وقال صلى الله عليه وآله: " الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر(٨) وصلة الاخوان بعشرين وصلة الرحم بأربعة وعشرين ".

___________________________________

(١) أى ابتدؤوا النهار بالصدقة أو تصدقوا في أوله وفى الكافى " بكروا " بتشديد الكاف.

(٢) أى ان البلايا لا تتجاوز الصدقة بل هى تسدها وتمنعها وحالت بين صاحبها وبين البلايا.

(٣) الدبيلة كجهينة مصغرة: الطاعون والخراج ودمل يظهر في البطن فيقتل.

(٤) في الكافى ج ٤ ص ٥ " سبعين بابا من السوء " وهو أصوب.

(٥) غضبة تعالى كناية عن العذاب والا فهو سبحانه منزه عن أن يكون محلا للحوادث.

(٦) في المحكى عن دروس الشهيد رحمه الله الصدقة سرا أفضل الا أن يتهم بترك المواساة، أو يقصد اقتداء غيره به، اما الواجبة فاظهارها أفضل مطلقا.

(٧) " طرقكم " أى نزل عليكم، وطرق فلان طروقا إذا جاء بليل.

(٨) وجه تفضيل القرض هو أن الصدقة تقع أحيانا في يد غير المحتاج والقرض غالبا لا يقع الا في يد المحتاج.

وقيل: انما جعل الله جزاء الحسنة عشر أمثالها والقرض حسنة فاذا أخذ المقرض ما أعطاه قرضا فكأنه أخذ من العشر واحدة وبقيت له عند الله تسعة ووعد الله سبحانه أن يضاعفها له في قوله " فيضاعفه له " فتصير ثمانية عشر.

٦٧

١٧٣٩ - وسئل عليه السلام " أي الصدقة أفضل؟ قال: على ذي الرحم الكاشح "(١) .

١٧٤٠ - وقال عليه السلام: " لا صدقة وذو رحم محتاج "(٢) .

١٧٤١ - قال عليه السلام " ملعون ملعون من ألقى كله على الناس(٣) ملعون ملعون من ضيع من يعول "(٤) .

١٧٤٢ - وقال أبو الحسن الرضا عليه السلام: " ينبغي للرجل أن يوسع على عياله لئلا يتمنوا موته".(٥)

١٧٤٣ - وسئل الصادق عليه السلام " عن السائل يسأل ولا يدري ما هو؟ فقال: أعط من وقعت في قلبك الرحمة له، وقال: اعطه دون الدرهم، قلت: أكثر ما يعطى؟ قال أربعة دوانيق "(٦) .

١٧٤٤ - وروى الوصافي عن أبي جعفر عليه السلام قال: " كان فيما ناجى الله عزو جل به موسى عليه السلام أن قال: يا موسى أكرم السائل ببذل يسير، أو برد جميل إنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ملائكة من ملائكة الرحمن يبلونك فيما خولتك و يسألونك مما نولتك(٧) فانظر كيف أنت صانع يا ابن عمران ".

___________________________________

(١) في النهاية " الكاشح ": العدو الذى يضمر لك عداوته ويطوى عليها كشحه أى باطنه وذلك لان الاخلاص فيها أتم بخلاف ذى المحبة.

(٢) حمل على الصدقة الكاملة أى لا صدقة كاملة.

(٣) الكل بالفتح: الثقل والعيال والمراد قوته وقوت عياله.

(٤) أى تركهم مهملين بلا قوت ولا نفقة.

(٥) مروى في الكافى باسناده عن معمر بن خلاد عنه عليه السلام وفيه " كيلا يتمنوا موته وتلا هذه الاية " ويطعمون الطعام على حبه الآية " وقال: الاسير عيال الرجل ينبغى للرجل إذا زيد في النعمة أن يزيد اسراء‌ه في السعة عليهم ; ثم قال: ان فلانا أنعم الله عليه بنعمة فمنعها اسراء‌ه وجعلها عند فلان فذهب الله بها، وقال معمر: وكان فلان حاضرا".

(٦) الدوانيق جمع دانق كصاحب: سدس الدرهم.

(٧) خوله الله عزوجل أى أعطاه متفضلا.

والنوال: العطاء، ونولته أى أعطيته نوالا.

٦٨

١٧٤٥ - وقال عليه السلام: " اعط السائل ولو على ظهر فرس "(١) .

١٧٤٦ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تقطعوا على السائل مسألته(٢) فلو لا أن المساكين يكذبون ما أفلح من [ي‍] ردهم ".

١٧٤٧ - وروي عن الوليد بن صبيح قال: " كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فجاء‌ه سائل فأعطاء، ثم جاء‌ه آخر فأعطاء، ثم جاء‌ه آخر فأعطاه، ثم جاء‌ه آخر فقال: وسع الله، عليك ثم قال: إن رجلا لو كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألف درهم ثم شاء أن لا يبقي منها شيئا إلا وضعه في حق لفعل فيبقى لا مال له، فيكون من الثلاثة الذين يرد دعاؤهم قال: قلت: من هم؟ قال: أحدهم رجل كان له مال فأنفقه في [غير](٣) وجهه، ثم قال: يا رب ارزقني، فيقول الرب عزوجل: ألم أرزقك؟ ورجل جلس في بيته ولا يسعى في طلب الرزق ويقول: يا رب ارزقني، فيقول الرب عزوجل ألم أجعل لك سبيلا إلى طلب الرزق، ورجل له أمرأة تؤذيه فيقول: يا رب خلصني منها فيقول الله عزوجل: ألم أجعل أمرها بيدك ".

١٧٤٨ - وقال الصادق عليه السلام في السؤال(٤) : " أطعموا ثلاثة وإن شئتم أن تزدادوا فازدادوا وإلا فقد أديتم حق يومكم ".

١٧٤٩ - وقال عليه السلام: " إذا اعطيتموهم فلقنوهم الدعاء فإنه يستجاب لهم فيكم ولا يستجاب لهم في أنفسهم ".

١٧٥٠ - وقال الصادق عليه السلام: " في الرجل يعطي غيره الدراهم يقسمها، قال: يجري له من الاجر مثل ما يجري للمعطي ولا ينقص من أجره شئ، ولو أن المعروف جرى على سبعين يدا لاوجروا كلهم من غير أن ينقص من أجر صاحبه شئ "(٥) .

___________________________________

(١) أى ولو كان السائل على ظهر فرس أى غنيا غير فقير، أو كنت على ظهر فرس غير متمكن حين السؤال من اعطاء شئ غير الفرس الذى أنت على ظهره. (م ح ق)

(٢) المراد بالقطع على السائل رده.

(٣) لفظة " غير " ليست في كثير من النسخ.

(٤) السؤال كتجار: جمع سائل وهو الفقير.

(٥) رواه الكلينى باختلاف في خبرين مسندين عن أبى نهشل وابن أبى عمير عن جميل.

٦٩

١٧٥١ - وسئل الصادق عليه السلام " أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل(١) أما سمعت قول الله عزوجل: " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " هل ترى ههنا فضلا "(٢) .

١٧٥٢ - وقال علي بن الحسين عليهما السلام: " ضمنت(٣) على ربي عزوجل أن لا يسأل أحد من غير حاجة إلا اضطرته المسألة يوما إلى أن يسأل من حاجة ".

١٧٥٣ - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " اتبعوا قول رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال: من فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر ".

١٧٥٤ - وقال الصادق عليه السلام: " ما من عبد يسأل من غير حاجة فيموت حتى يحوجه الله عزوجل إليها ويكتب له بها النار ".(٤)

١٧٥٥ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك وتعالى أحب شيئا لنفسه وأبغضه لخلقه، أبغض عزوجل لخلقه المسألة(٥) وأحب لنفسه أن يسأل، وليس شئ أحب إليه من أن يسأل، فلا يستحي أحدكم أن يسأل الله عزوجل من فضله ولو شسع نعل ".(٦)

١٧٥٦ - وقال الصادق عليه السلام: " إياكم وسؤال الناس فإنه ذل الدنيا وفقر تتعجلونه، وحساب طويل يوم القيامة ".

___________________________________

(١) في النهاية " أفضل الصدقة جهد المقل " أى قدر ما يحتمله حال قليل المال.

(٢) أى هل ترى في الاية تقييدا بالفضل عما يحتاجون اليه.

(٣) ذلك على سبيل التهكم وفيه مبالغة في أن السائل بلا حاجة يصير مآله إلى الفقر.

(٤) قوله " ما من عبد " النفى راجع إلى القيد الاخير وهو الموت، أى لا يموت عبد يسائل من غير حاجة حتى يحوجه الله تعالى (مراد) أقول: رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ١٩ وفيه " يثبت الله له بها النار ".

(٥) يعنى أبغض لهم أن يسألوا وذلك لان مسؤوليتهم تمنع مسؤوليته سبحانه، وهو أحب لنفسه فأبغضها لهم.(الوافى)

(٦) الشسع بكسر المعجمة وسكون المهملة وبكسرهما: قبال النعل وهو زمان بين الاصبع الوسطى والتى تليها.

٧٠

١٧٥٧ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا ولو يعلم المعطي ما في العطية ما رد أحد أحدا ".

١٧٥٨ - و " جاء‌ت فخذ من الانصار(١) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسلموا عليه فرد عليهم السلام فقالوا: يا رسول الله لنا إليك حاجة، قال: هاتوا حاجتكم، قالوا: إنها حاجة عظيمة قال: هاتوا ما هي؟ قالوا: تضمن لنا على ربك الجنة، فنكس صلى الله عليه وآله رأسه ونكت في الارض(٢) ثم رفع رأسه فقال: أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحدا شيئا قال: فكان الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول لانسان ناولنيه فرارا من المسألة فينزل فيأخذه، ويكون على المائدة ويكون بعض الجلساء أقرب منه إلى الماء فلا يقول: ناولني حتى يقوم فيشرب ".

١٧٥٩ - وقال عليه السلام: " استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك "(٣) .

١٧٦٠ - وقال الصادق عليه السلام: " المن يهدم الصنيعة ".

١٧٦١ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك وتعالى كره لي ست خصال و كرهتهن للاوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي العبث في الصلاة والرفث في الصوم، والمن بعد الصدقة، وإتيان المساجد جنبا، والتطلع في الدور، والضحك بين القبور ".

١٧٦٢ - وروي عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام " أن أميرالمؤمنين عليه السلام بعث إلى رجل بخمسة أوساق من تمر البغيبغة(٤) وكان الرجل

___________________________________

(١) رواه الكلينى باسناده عن هشام بن سالم عن أبى بصير ن الصادق عليه السلام (ج ٤ ص ٢١ والفخذ: القبيلة.

(٢) نكت في الارض بقضيبه أى ضرب بها فأثر فيها.

(٣) الشوص بالفتح ثم السكون: الغسل والتنظيف أى استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك إى بغسله وتنظيفه. ولا يقل أحد لاحد: اغسل سواكى أو نظفه.

(٤) البغيبغة بباء‌ين موحدتين وغينين معجمتين وفى الوسط ياء مثناة وفى الاخر هاء: ضيعة أو عين بالمدينة كثيرة النخل لال الرسول صلى الله عليه وآله، قال المسهودى في وفاء الوفاء: البغيبغة تصغير البغبغ وهى البئر القريبة الرشا، والبغبغات عيون عملها على بن أبى طالب عليه السلام بينبغ أول ما صارت اليه وتصدق بها وبلغ جذاذها في زمنه ألف وسق ومنها خيف الاراك وخيف ليلى وخيف الطاس.

٧١

ممن يرجو نوافله ويرضى نائله ورفده(١) وكان لا يسأل عليا عليه السلام ولا غيره شيئا، فقال رجل لامير المؤمنين عليه السلام: والله ما سألك فلان شيئا ولقد كان يجزيه من الخمسة الاوساق وسق واحد، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: لاكثر الله في المؤمنين ضربك، أعطي أنا وتبخل أنت به(٢) إذا أنا أعط الذي يرجوني إلا من بعد مسألتي ثم أعطيته بعد المسألة فلم أعطه إلا ثمن ما أخذت منه، وذلك لاني عرضته لان يبذل لي وجهه الذي يعفره في التراب لربي وربه عزوجل عند تعبده له وطلب حوائجه إليه، فمن فعل هذا بأخيه المسلم وقد عرف أنه موضع لصلته ومعروفه فلم يصدق الله عزوجل في دعائه له(٣) حيث يتمنى له الجنة بلسانه ويبخل عليه بالحطام من ماله وذلك أن العبد قد يقول في دعائه: " الله اغفر للمؤمنين والمؤمنات " فإذا دعا له بالمغفرة فقد طلب له الجنة، فما أنصف من فعل هذا بالقول ولم يحققه بالفعل "(٤) .

باب ثواب صلة الامام عليه السلام

١٧٦٣ - سئل الصادق عليه السلام " عن قول الله عزوجل: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا " قال: نزلت في صلة الامام عليه السلام "(٥) .

___________________________________

(١) النوافل: العطايا، والنائل: العطاء، والرفد بالكسر: الصلة والعطاء.

(٢) " ضربك " أى مثلك، وفى الكافى " أعطى أنا وتبخل أنت، لله أنت ".

(٣) " فلم يصدق الله " من الصدق المتعدى إلى مفعولين.

قال الله تعالى: " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق " أى أخبره بالحق. (سلطان)

(٤) أى لم يأت بالانصاف والعدل من قال بلسانه انى أطلب له الجنة واحب ذلك ولم يفعل باليد ما يدل على أن ما قال بلسانه كان موافقا لما في قلبه.(مراد)

(٥) رواه الكلينى ج ١ ص ٥٣٨ باسناد عن اسحاق بن عمار عن أبى ابراهيم عليه السلام.

٧٢

١٧٦٤ - وقال عليه السلام: " درهم يوصل به الامام أفضل من ألف ألف درهم ينفق في غيره في سبيل الله عزوجل".(١)

١٧٦٥ - وقال الصادق عليه السلام: " من لم يقدر على صلتنا فليصل صالحي شعيتنا(٢) يكتب له ثواب صلتنا، ومن لم يقدر على زيارتنا فليزر صالحي موالينا يكتب له ثواب زيارتنا ".

كتاب الصوم

باب علة فرض الصيام

٦ ١٧٦ سأل هشام بن الحكم أبا عبدالله عليه السلام " عن علة الصيام فقال: " إنما فرض الله عزوجل الصيام ليستوي به الغني والفقير، وذلك أن الغني لم يكن ليجد مس الجوع فيرحم الفقير لان الغني كلما أراد شيئا قدر عليه فأراد الله عزوجل أن يسوي بين خلقه وأن يذيق الغني مس الجوع والالم ليرق على الضعيف فيرحم الجائع ".

١٧٦٧ - وكتب أبوالحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله: " علة الصوم لعرفان مس الجوع والعطش ليكون ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا صابرا، ويكون ذلك دليلا له على شدائد الآخرة، مع ما فيه من الانكسار له عن الشهوات، واعظا له في العاجل، دليلا على الآجل ليعلم شدة مبلغ ذلك من أهل الفقر والمسكنة في الدنيا والآخرة ".

١٧٦٨ - وكتب حمزة بن محمد إلى أبي محمد عليه السلام " لم فرض الله الصوم؟ فورد في الجواب ليجد الغني مس الجوع فيمن على الفقير ".(٣)

١٧٦٩ - وروي عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام أنه قال: " جاء نفر من

___________________________________

(١) في الكافى ج ١ ص ٥٣٨ وفيه " أفضل من ألفى ألف درهم فيما سواه من وجوه البر ".

(٢) في بعض النسخ وثواب الاعمال ص ١٢٤ " صالحى موالينا ".

(٣) أى يعطى، من عليه أى أنعم واصطنع عنده صنيعة.

٧٣

اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أنه قال له: " لاي شئ فرض الله عزوجل الصوم على امتك بالنهار ثلاثين يوما، وفرض الله على الامم أكثر من ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش، والذي يأكلونه بالليل تفضل من الله عزوجل عليهم وكذلك كان على آدم عليه السلام، ففرض الله ذلك على امتي، ثم تلا هذه الآية: " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات " قال اليهودي: صدقت يا محمد، فما جزاء من صامها؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله تبارك وتعالى له سبع خصال، أولها يذوب الحرام في جسده، والثانية يقرب من رحمة الله عزوجل والثالثة يكون قد كفر خطيئة آدم أبيه عليه السلام، والرابعة يهون الله عليه سكرات الموت، والخامسة أمان من الجوع والعطش يوم القيامة، والسادسة يعطيه الله براء‌ة من النار، والسابعة يطعمه الله عزوجل من طيبات الجنة، قال: صدقت يا محمد ".

باب فضل الصيام

١٧٧٠ - قال أبوجعفر عليه السلام: " بني الاسلام على خمسة أشياء: على الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والولاية"(١)

١٧٧١ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الصوم جنة من النار "(٢) .

١٧٧٢ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الصائم في عبادة وإن كان نائما على فراشه ما

___________________________________

(١) المراد بالولاية معرفة الامام الحق المنصوب من عند الله المنصوص عليه، والتصديق بكونه ولى أمر الامة، مفترض الطاعة كطاعة الرسول صلى الله عليه وآله.

والولاية بالكسر بمعنى تولى الامر ومالكية التصرف فيه.

(٢) رواه الكلينى عن على عن ابيه عن حماد عن حريز عن زرارة.

٧٤

لم يغتب مسلما ".(١)

١٧٧٣ - وقال صلى الله عليه وآله: " قال الله تبارك وتعالى: الصوم لي وأنا أجزي به(٢) ، وللصائم فرحتان حين يفطر وحين يلقى ربه عزوجل(٣) ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم(٤) عند الله أطيب من ريح المسك ".

١٧٧٤ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لاصحابه: " ألا اخبركم بشئ إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان عنكم كما تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلي يا رسول الله، قال: الصوم يسود وجهه، والصدقة تكسر ظهره، والحب في الله عزوجل والمؤازرة على العمل الصالح يقطع دابره، والاستغفار يقطع وتينه(٥) ولكل شئ زكاة وزكاة الابدان الصيام".

١٧٧٥ - وقال الصادق عليه السلام لعلي بن عبدالعزيز: " ألا أخبرك بأصل الاسلام وفرعه وذروته وسنامه؟ قال: بلى، قال: أصله الصلاة، وفرعه الزكاة، وذروته وسنامه الجهاد في سبيل الله عزوجل، ألا أخبرك بابواب الخير؟ الصوم جنة من النار "(٦) .

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٤ ص ٦٤ باسناده عن عبدالله بن طلحة عن الصادق عليه السلام عن النبى صلى الله عليه وآله، ويدل على جواز النوم للصائم.

(٢) انما خص الصوم بالله من بين سائر العبادات وبأنه جازيه مع اشتراك الكل في ذلك لكونه خالصا له وجزاؤه من عنده خاصة من غير مشاركة أحد فيه لكونه مستورا عن أعين الناس مصونا عن ثنائهم عليه. (الوافى).

(٣) فرحه عند الافطار لاشعاره بان المولى وفقه لغلبة هواه ولعدم تزلزله في اتيان ما كلف به ومجيئه مظفرا من تلك الجهاد، وله فرح آخر وهو عند لقاء جزاء عمله بما فرض الله له.

(٤) الخلوف بضم الخاء المعجمة قبل اللام، والفاء بعد الواو: رائحة الفم، أو الرائحة الكريهة.

(٥) المؤازرة: المعاونة، وقطع الدابر كناية عن الاستيصال، والوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه. (الوافى)

(٦) أى وقاية وحسن من الوقوع في كل معصية توجب دخول النار. وقال في الوافى: لانه يدفع حر الشهوة والغضب اللتين بهما يصلى نار جهنم في باطن الانسان في الدنيا وتبرز له في الاخرة، كما أن الجنة تدفع عن صاحبها حر الحديد.

٧٥

١٧٧٦ - وقال عليه السلام " في قول الله عزوجل: " واستعينوا بالصبر والصلاة " قال: يعني بالصبر الصوم ".

١٧٧٧ - وقال عليه السلام: " إذا نزلت بالرجل النازلة أو الشدة(١) فليصم فإن الله عزوجل يقول: " واستعينوا بالصبر والصلاة "(٢) .

١٧٧٨ - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك وتعالى وكل ملائكة بالدعاء للصائمين وقال: أخبرني جبرئيل عليه السلام عن ربه تعالى ذكره أنه قال: ما أمرت ملائكتي بالدعاء لاحد من خلقي إلا استجبت لهم فيه ".

١٧٧٩ - وقال الصادق عليه السلام: " أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى عليه السلام ما يمنعك من مناجاتي؟ فقال: يا رب اجلك عن المناجاة لخلوف فم الصائم، فأوحى الله عزوجل إليه يا موسى لخلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك ".

١٧٨٠ - وقال الصادق عليه السلام: " للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه عزوجل ".

١٧٨١ - وقال عليه السلام: " من صام لله عزوجل يوما في شدة الحر فأصابه ظمأ وكل الله به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشرونه حتى إذا أفطر، قال الله عزوجل: ما أطيب ريحك وروحك يا ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له ".

١٧٨٢ - وقال أبوالحسن الاول عليه السلام: " قيلوا(٣) فإن الله عزوجل يطعم الصائم ويسقيه في منامه ".

١٧٨٣ - وقال الصادق عليه السلام: " نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله متقبل ودعاؤه مستجاب ".

___________________________________

(١) في الكافى ج ٤ ص ٦٤ " بالرجل النازلة والشديدة الخ ".

(٢) في الكافى " يقول " استعينوا بالصبر " يعنى الصيام ".

(٣) من القيلولة وهى نوم الضحى، أمر من قال يقيل قيلولة بمعنى النوم قبل الظهر.

٧٦

باب وجوه الصوم

١٧٨٤ - روي عن الزهري أنه قال: قال لي علي بن الحسين عليهما السلام يوما: " يا زهري من أين جئت؟ فقلت: من المسجد، قال: ففيم كنتم؟ قلت: تذاكرنا أمر الصوم فأجمع رأيي ورأي أصحابي على أنه ليس من الصوم شئ واجب إلا صوم شهر رمضان، فقال: يا زهري ليس كما قلتم، الصوم على أربعين وجها، فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان، وعشرة أوجه منها صيامهن حرام، وأربعة عشر وجها منها صاحبها فيها بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر، وصوم الاذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأديب، وصوم الاباحة، وصوم السفر والمرض، قلت: جعلت فداك فسرهن لي.

قال: فأما الواجب فصيام شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين لمن أفطر يوما من شهر رمضان عمدا متعمدا، وصيام شهرين متتابعين في كفارة الظهار قال الله عزوجل: " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا(١) ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير * فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا "، وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق واجب لقول الله عزوجل: " ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله(٢) إلى قوله تعالى فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين "، وصيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب لمن لم يجد الاطعام(٣) قال الله عزوجل: " فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم " فكل ذلك متتابع وليس بمتفرق، وصيام أذى حلق

___________________________________

(١) " ثم يعودون " أى يريدون الوطى ونقض قولهم، فعليهم الكفارة " من قبل أن يتماسا " أى يجامعا.

(٢) أى مدفوعة إلى أهل القتيل.

(٣) أى لم يجده مع اختيه من العتق والكسوة، وترك للظهور. (م ت)

٧٧

الرأس واجب قال عزوجل: " فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك "(١) فصاحبها فيها بالخيار فإن صام صام ثلاثا، وصوم دم المتعة(٢) واجب لمن لم يجد الهدي قال الله تعالى: " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة، وصوم جزاء الصيد واجب قال الله عزوجل: " ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما " ثم قال: أو تدرى كيف يكون عدل ذلك صياما يا زهري؟ قال: قلت: لا أدرى قال: يقوم الصيد قيمة ثم تفض تلك القيمة على البر ثم يكال ذلك البر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما، وصوم النذر واجب(٣) ، وصوم الاعتكاف واجب(٤) .

وأما الصوم الحرام: فصوم يوم الفطر، ويوم الاضحى، وثلاثة أيام التشريق(٥) ، وصوم يوم الشك امرنا به ونهينا عنه، امرنا أن نصومه مع شعبان ونهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس(٦) ، فقلت له جعلت فداك فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع؟ قال: ينوي ليلة الشك أنه صائم من

___________________________________

(١) جمع نسيكة وهى الذبيحة.

(٢) أى الهدى الواجب في حج التمتع بعد العجز عنه.

(٣) الظاهر أن المراد أعم منه ومن العهد واليمين وسيجئ اطلاقه في الاخبار عليهما ولو تجوزا. (م ت)

(٤) المراد به الوجوب الشرطى بمعنى عدم تحقق الاعتكاف بدون الصوم ولا يجب أن يكون الصوم للاعتكاف فلو كان عليه قضاء رمضان وصامه في اعتكافه صح والمراد وجوب اليوم الثالث والسادس والتاسع وهكذا كل ثالث بعد اعتكافه يومين. (م ت)

(٥) أى لمن كان بمنى، ولا خلاف في حرمة صوم أيام التشريق لمن كان بمنى ناسكا والمشهور التحريم لمن كان فيها وان لم يكن ناسكا.

(٦) الظاهر أن المراد بصيامه أن ينويه من رمضان من بين سائر الناس من غير أن يصح عند الناس أنه منه. (المرآة)

٧٨

شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه، وإن كان من شعبان لم يضره، فقلت له: وكيف يجزي صوم تطوع عن صوم فريضة؟ فقال: لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يدري ولا يعلم أنه من شهر رمضان ثم علم بعد ذلك أجزأ عنه، لان الفرض إنما وقع على اليوم بعينه(١) ، وصوم الوصال حرام، وصوم الصمت حرام(٢) ، وصوم نذر المعصية حرام(٣) ، وصوم الدهر حرام(٤) .

___________________________________

(١) أى أن الفرض أنما وقع على اليوم بعينه سواء نواه بقصد الواجب أو المندوب أو لم يقصدهما كما أنه لو صام يوما من شهر رمضان ندبا لاجزأ عنه إذا كان جاهلا ولو كان نية التعيين شرطا لما أجزأ عنه، أو لان الفرض على اليوم بعينه ونية التعيين واجب مع العلم واما مع الجهل فلا لانه لا ريب أنه لو غفل عن نية التعيين في يوم بعينه ونواه ندبا أجزأ عن رمضان فكذا يوم الشك لانه لا يعلم أنه من رمضان فاذا نواه من شعبان فانكشف أنه كان من رمضان أجزأ عنه والمعتمد قوله عليه السلام لا استدلاله وهذه الاستدلالات كانت لاشكالات العامة. (م ت)

(٢) ذهب الشيخ رحمه الله في النهاية وأكثر الاصحاب إلى أن صوم الوصال هو أن ينوى صوم يوم وليلة إلى السحر، وذهب هو في الاقتصاد وابن ادريس إلى أن معناه أن يصوم يومين مع ليلة بينهما، وانما يحرم تأخير العشاء إلى السحر إذا نوى كونه جزء‌ا من الصوم أما لو أخره الصائم بغير نية فانه لا يحرم فيها، قطع به الاصحاب والاحتياط يقتضى اجتناب ذلك، واما صوم الصمت فهو أن ينوى الصوم ساكتا وقد أجمع الاصحاب على تحريمه. (المرآة)

(٣) هو أن يصوم بنذره على ترك الطاعة أو فعل المعصية شكرا أو عكسهما جزاء. (م ت)

(٤) حرمة صوم الدهر اما لاشتماله على الايام المحرمة ان كان المراد كل السنة، وان كان المراد ما سوى الايام المحرمة فلعله انما يحرم إذا صام على الاعتقاد أنه سنة مؤكدة فانه يقتضى الافتراء على الله تعالى: ويمكن حمله على الكراهة أو التقية لاشتهار الخبر بهذا المضنون بين العامة قال المطرزى في المغرب: وفى الحديث انه عليه السلام " سئل عن صوم الدهر فقال: لا صام ولا أفطر " قيل انما دعا عليه لئلا يعتقد فريضته ولئلا يعجز فيترك الاخلاص أو لئلا يرد صيام السنة كلها فلا يفطر في الايام المنهى عنها انتهى، وقال الجزرى في النهاية في الحديث انه " سئل عمن يصوم الدهر فقال لا صام ولا أفطر " أى لم يصم ولم يفطر كقوله تعالى: " فلا صدق ولا صلى " وهو احباط لاجره على صومه حيث خالف السنة، وقيل: دعاء عليه كراهة لصنيعه. (المرآة)

٧٩

وأما الصوم الذي يكون صاحبه فيه بالخيار(١) فصوم يوم الجمعة، والخميس، والاثنين وصوم البيض(٢) ، وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان(٣) ، وصوم يوم عرفة، ويوم عاشورا كل ذلك صاحبه فيه بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر.

وأما صوم الاذن فإن المرأة لا تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها(٤) ، والعبد لا يصوم تطوعا إلا بإذن سيده، والضيف لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من نزل على قوم فلا يصومن تطوعا إلا باذنهم ".

وأما صوم التأديب فإنه يؤمر الصبي إذا راهق(٥) بالصوم تأديبا وليس بفرض، وكذلك من أفطر لعلة من أول النهار ثم قوي بعد ذلك امر بالامساك بقية يومه تأديبا وليس بفرض، وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار ثم قدم أهله

___________________________________

(١) معنى كون صاحب الصوم بالخيار أن ليس شئ من الصوم تركه ممنوعا لكنه لابد من كون الفعل راجحا على الترك (مراد) وقال المولى المجلسى رحمه الله: أى يجوز له الافطار بعد الشروع فيه أو لا يجب صومه.

(٢) هو اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر لبياض الليالى فيها مع الايام، أو لابيضاض جسد آدم عليه السلام لصيامها.(م ت)

(٣) استحباب صيامها مشهور بين العامة وروى من طرقهم أن من صامها بعد شهر رمضان فكانما صام الدهر لقوله تعالى " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " ولو صامها بعد يومين أو ثلاثة بعد العيد فهو أفضل لما سيجئ.(م ت)

(٤) المشهور بين الاصحاب بل المتفق عليه بينهم أنه لا يجوز صوم المرأة ندبا مع نهى زوجها عنه والمشهور أيضا عدم الجواز مع عدم الاذن.(المرآة)

(٥) راهق الغلام مراهقة: قارب الاحتلام ولم يحتلم بعد (المصباح المنير) وفى المحكى عن الفاضل الاسترابادى أنه قال: اشتهر بين المتأخرين خلاف من غير فيصل وهو أن عبادات الصبى المميز تمرينية يعنى صورتها صورة الصلاة والصوم مثلا وليست بعبادة، أو عبادة فلو نوى النيابة عن الميت لبرئت ذمة الميت، وجعله عليه السلام صوم الصبى قسيما للصوم الذى صاحبه بالخيار فيه صريح في أن صوم الصبى ليس بعبادة ويؤيد ذلك أن نظائره مطلوبة وليست بصوم بل صورتها صورة الصوم.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

بحجج مضحكة لتحاكمهم إلى الطاغوت والرجوع إلى الأجانب ، من جملتها أنّهم كانوا يقولون : إنّ التحاكم إلى الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يناسب شأنه ولا يليق بمقامه ، لأنّ الغالب أن يحصل شجار وصياح في محضر القضاة ومن جانب المتداعيين ، وذلك أمر لا يناسب شأن النّبي ولا يليق بمكانته ومحضره.

هذا مضافا إلى أنّ القضاء ينتهي دائما إلى الإضرار بأحد الطرفين ، ولذلك فهو يثير حفيظته وعداوته ضد القاضي والحاكم ، وكأنّهم بأمثال هذه الحجج الواهية والأعذار الموهونة، كانوا يحاولون تبرئة أنفسهم وتبرير مواقفهم الباطلة ، وادعاء أنّ تحاكمهم إلى غير النّبي كان بهدف التخفيف عن النّبي.

وربّما اعتذروا لذلك قائلين : إنّ هدفنا لم يكن ماديا في الأساس ، بل كان التوصل إلى وفاق بين المتداعيين.

ولكن كشف سبحانه في الآية الثّالثة النقاب عن وجههم ، وأبطل هذه التبريرات الكاذبة وقال :( أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ ) .

ولكنّه سبحانه يأمر نبيّه مع ذلك أن ينصرف عن مجازاتهم وعقوبتهم فيقول :( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ) .

ولقد كان رسول الله يداري المنافقين ما أمكنه لأجل تظاهرهم بالإسلام ، لأنّه كان مأمورا بالتعامل معهم على حسب ظواهرهم ، فلم يكن يجازيهم إلّا في بعض الموارد الاستثنائية ، لأنّهم كانوا بين صفوف المسلمين ـ في الظاهر ـ فكانت مجازاتهم يمكن أن تحمل على أنها نشأت من أغراض شخصية.

ثمّ إنّه سبحانه يأمر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يعظهم ، وأن ينفذ إلى قلوبهم بالقول البالغ،والعظة المؤثرة ، يذكرهم بنتائج أعمالهم :( وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً ) .

* * *

٣٠١

الآية

( وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً (٦٤) )

التّفسير

في الآيات السابقة شجب القرآن الكريم التحاكم إلى حكّام الجور ، وفي هذه الآية يقول سبحانه مؤكدا :( وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ ) أي أنّنا بعثنا الأنبياء ليطاعوا بإذن الله وأمره ولا يخالفهم أحد ، لأنّهم كانوا رسل الله وسفراءه كما كانوا رؤساء الحكومة الإلهية أيضا ، وعلى هذا يجب على الناس أن يطيعوهم من جهة بيان أحكام الله ومن جهة طريقة تطبيقها ، ولا يكتفوا بمجرّد ادعاء الإيمان.

ومن هذه العبارة يستفاد أنّ الهدف من إرسال الرسل وبعث الأنبياء هو إطاعة جميع الناس لهم ، فإذا أساء بعض الناس استخدام حريتهم ولم يطيعوا الأنبياء كان اللوم متوجها إلى أنفسهم لا إلى أحد. وبهذا تنفي الآية الحاضرة عقيدة الجبريين الذين يقولون : الناس صنفان:صنف كلّف بالطاعة من البدء ، وصنف كلّف بالمعصية من البدء.

٣٠٢

كما أنّه يستفاد من عبارة( بِإِذْنِ اللهِ ) أن كل ما عند الأنبياء من الله ، أو بعبارة أخرى : إن وجوب طاعتهم ليس بالذات ، بل هي ـ أيضا ـ بأمر الله ومن ناحيته.

ثمّ إنّه سبحانه يترك باب التوبة والإنابة ـ عقيب تلك الآية ـ مفتوحا على العصاة والمذنبين ، وعلى الذين يراجعون الطواغيت ويتحاكمون إليهم أو يرتكبون معصية بنحو من الأنحاء ، ويقول :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً ) .

والجدير بالتأمل والانتباه إنّ القرآن يقول بدل : عصوا أمر الله وتحاكموا إلى الطاغوت :( إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ) وهو إشارة إلى أنّ فائدة الطاعة لأمر الله وأمر الرّسول تعود إليكم أنفسكم ، وإن مخالفة ذلك نوع من الظلم توقعونه على أنفسكم ، لأنّها تحطم حياتكم المادية ، وتوجب تخلفكم وانحطاطكم من الناحية المعنوية.

إنّ هذه الآية تجيب ضمنا على كل الذين يعتبرون التوسل برسول الله أو بالإمام نوعا من الشرك ، لأنّ الآية تصرح بأن التوسل بالنّبي والاستشفاع به إلى الله ، وطلب الاستغفار منه لمغفرة المعاصي ، مؤثر وموجب لقبول التوبة وشمول الرحمة الإلهية.

فلو كانت وساطة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعاؤه للعصاة المتوسلين به ، والاستشفاع به وطلب الاستغفار منه شركا ، فكيف يمكن أن يأمر القرآن العصاة والمذنبين بمثل هذا الأمر؟

نعم ، غاية ما في الباب أنّ على العصاة والمذنبين أنفسهم أن يتوبوا هم ويرجعوا عن طريق الخطأ ، ثمّ يستفيدوا ـ لقبول توبتهم ـ من استغفار النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ومن البديهي أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس من شأنه أن يغفر الذنوب ، بل شأنه في المقام أن يطلب من الله المغفرة خاصّة ، وهذه الآية إجابة مفحمة للذين ينكرون مشروعية أو فائدة هذه الوساطات.

٣٠٣

هذا والمفلت للنظر أنّ القرآن الكريم لم يقل : استغفر لهم يا رسول الله ، بل قال :( وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ) وهذا التعبير ـ لعلّه ـ إشارة إلى أن يستفيد النّبي من مقامه ومكانته ويستغفر للعصاة التائبين.

إنّ هذا الموضوع (أي تأثير استغفار النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للمؤمنين) ورد في آيات أخرى من القرآن الكريم أيضا مثل الآية (١٩) من سورة محمّد والآية (٥) من سورة المنافقون والآية (١١٤) من سورة التوبة التي تشير إلى استغفار إبراهيم لأبيه (عمّه) ، والآيات الاخرى التي تنهي عن الاستغفار للمشركين ، ومفهومها جواز الاستغفار للمؤمنين ، كما يستفاد من بعض الروايات إن الملائكة تستغفر لجماعة من المؤمنين المذنبين عند الله (سورة غافر الآية ٧٧ ، وسورة الشورى الآية ٥).

وخلاصة القول ، إنّ هناك آيات كثيرة تكشف عن هذه الحقيقة وهي إنّ الأنبياء ، أو الملائكة ، أو المؤمنين الصادقين الطيبين بامكانهم أن يستغفروا لبعض العصاة ، وإن استغفارهم مؤثر عند الله ، وهذا هو أحد معاني شفاعة النّبي أو الملائكة أو المؤمنين الطيبين للعصاة والخاطئين ، ولكن الشّفاعة كما قلنا تحتاج إلى أرضية وصلاحية وأهلية في العصاة أنفسهم.

والعجيب أنّه يستفاد من بعض ما قاله جماعة من المفسّرين أنّهم أرادوا اعتبار استغفار النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في الآية الحاضرة ـ مرتبطا بالتجاوزات الواقعة في شؤون النّبي خاصّة لا مطلق المعاصي والذنوب ، وكأنّهم أرادوا أن يقولوا : لو أنّ أحدا ظلم النّبي أو أساء إليه وجب استحلاله واسترضاؤه ليغفر الله تلك الإساءة ويتوب على ذلك التجاوز.

ولكن من الواضح البيّن أن إرجاع التحاكم إلى غير النّبي ليس ظلما شخصيا يهدف به شخص النّبي ، بل هي مخالفة لمنصبه الإلهي الخاص (أو بعبارة أخرى) إنّها مخالفة للأمر الإلهي ، وحتى إذا كان ذلك ظلما شخصيا موجها إلى شخص

٣٠٤

النّبي ـ افتراضا ـ فإن القرآن لم يقصده ولم يركز عليه ، بل ركز القرآن على هذا الموضوع وهو أن ذلك التحاكم مخالفة لأمر الله وتجاهل لإرادته.

هذا مضافا إلى أنّنا لو ظلمنا أحدا كفانا رضاه ، فما الحاجة إلى طلب استغفاره ، ودعائه للمسيء؟ بل وفوق ذلك كلّه ، لو أننا فسّرنا الآية بمثل هذا التّفسير ـ فرضا ـ فما الذي نقوله في تلك المجموعة الكبيرة من الآيات التي تشير إلى استغفار الأنبياء ، والملائكة والمؤمنين للعصاة والخاطئين؟

فهل المقام فيها مقام الحقوق الشخصية أيضا؟

* * *

٣٠٥

الآية

( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٦٥) )

سبب النّزول

وقع خصام بين الزّبير بن العوام ـ وهو من المهاجرين ـ وبين رجل من الأنصار على سقي نخيلهما التي كانت متقاربة في المكان ، فترافعا إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وحيث أن نخيل الزبير كانت أعلى مكانا من نخيل الأنصاري ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للزبير : «اسق ثمّ أرسل إلى جارك»(وقد كانت هذه هي العادة في البساتين المتجاورة آنذاك) فغضب الأنصاري من حكم النّبي العادل هذا ، وقال : يا رسول الله لئن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انزعاجا من موقف الأنصاري وكلامه ، فنزلت الآية الحاضرة تحذر المسلمين من مثل هذه المواقف.

وقد ذكرت في بعض التفاسير أسباب أخرى لنزول الآية تشابه ـ إلى درجة كبيرة ـ ما ذكر في سبب النزول المتقدم (راجع تفسير التّبيان والطّبرسي ، والمنار).

٣٠٦

التّفسير

التّسليم أمام الحق :

الآية ، وإن ذكر لها سبب نزولها خاص ـ ولكننا أسلفنا غير مرّة أن أسباب النزول الخاصّة لا تنافي عمومية مفهوم الآيات ، ولهذا يمكن اعتبار هذه الآية تكميلا لما جاء من البحث في الآيات السابقة.

ولقد أقسم الله ـ في هذه الآية ـ بأنّ الأفراد لا يمكن أن يمتلكوا إيمانا واقعيا إلّا إذا تحاكموا إلى النّبي وقضائه ، ولم يتحاكموا إلى غيره( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) .

ثمّ يقول سبحانه : يجب عليهم ، أن يتحاكموا إليك فقط ، ومضافا إلى ذلك ليرضوا بما تحكمه ، سواء كان في صالحهم أو في ضررهم ولا يشعروا بأي حرج في نفوسهم فضلا عن أن لا يعترضوا ، وبالتالي ليسلموا تسليما.

( ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) : والانزعاج النفسي الباطني من الأحكام التي ربّما تكون في ضرر الإنسان ، وإن كان في الأغلب أمرا غير اختياري ، إلّا أنّه على أثر التربية الخلقية المستمرة يمكن أن تحصل لدى الإنسان روح التسليم أمام الحق ، والخضوع للعدالة ، خاصّة بملاحظة المكانة لواقعية النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا ينزعج من أحكام النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل ولا من أحكام العلماء الذين يخلفونه ، وعلى كل فإن المسلمين الواقعيين مكلفون دائما بتنمية روح الخضوع للحق ، والتسليم أمام العدل في نفوسهم.

إن الآية الحاضرة تبيّن علائم الإيمان الواقعي الراسخ في ثلاث مراحل :

١ ـ أن يتحاكموا إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وحكمه النابع من الحكم الإلهي ـ في ما اختلفوا فيه ، كبيرا كان أم صغيرا ، لا إلى الطواغيت وحكام الجور والباطل.

٢ ـ أن لا يشعروا بأي انزعاج أو حرج في نفوسهم تجاه أحكام الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقضيته العادلة التي هي ـ في الحقيقة ـ نفس الأوامر الإلهية ، ولا

٣٠٧

يسيئوا الظن بهذه الأحكام.

٣ ـ أن يطبقوا تلك الأحكام ـ في مرحلة تنفيذها ـ تطبيقا كاملا ويسلموا أمام الحق تسليما مطلقا.

ومن الواضح أنّ القبول بأي دين وأحكامه في ما إذا كانت في مصلحة الإنسان وكانت مناسبة لمنافعه وتطلعاته ، لا يمكن أن يكون دليلا على إيمانه بذلك الدين ، بل يثبت ذلك إذا كانت تلك الأحكام في الاتجاه المتعاكس لمنافعه وتطلعاته ظاهرا ، وإن كانت مطابقة للحق والعدل في الواقع ، فإذا قبل بمثل هذه الأحكام وسلم لها تسليما كاملا كان ذلك دليلا على إيمانه ورسوخ اعتقاده.

فقد روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير هذه الآية : «لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا البيت وصاموا شهر رمضان ثمّ قالوا لشيء صنعه الله وصنع رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم صنع هكذا وكذا ، ولو صنع خلاف الذي صنع،أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين ، ثمّ تلا هذه الآية (الحاضرة) ثمّ قالعليه‌السلام :عليكم بالتسليم»(١) .

ثمّ أنّه يستفاد من الآية الحاضرة مطلبان مهمّان ـ ضمنا :

١ ـ إنّ الآية إحدى الأدلة على عصمة النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّ الأمر بالتسليم المطلق أمام جميع أحكامه وأوامره قولا وعملا ، بل والتسليم القلبي والخضوع الباطني له أيضا دليل واضح على أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يخطئ في أحكامه وأقضيته وتعليماته ، ولا يتعمد قول ما يخالف الحق فهو معصوم عن الخطأ ، كما هو معصوم عن الذنب أيضا.

٢ ـ إنّ الآية الحاضرة تبطل كلّ اجتهاد في مقابل النص الوارد عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،وتنفي شرعية كل رأي شخصي في الموارد التي وصلت إلينا فيها أحكام صريحة من جانب الله تعالى ونبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

__________________

(١) تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٣٨٩.

٣٠٨

وعلى هذا الإساس فإن ما نراه في التاريخ الإسلامي من اجتهاد بعض الأشخاص في مقابل الأحكام الإلهية والنصوص النبوية ، وقولهم : قال النّبي كذا ونقول كذا ، فليس أمامنا حياله إلّا أن نذعن بأنّهم عملوا على خلاف صريح هذه الآية ، وخالفوا نصها.

* * *

٣٠٩

الآيات

( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً (٦٦) وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً (٦٧) وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٦٨) )

التّفسير

تكميلا للبحث السابق حول أولئك الذين يشعرون بضيق وحرج تجاه أحكام النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقضيته العادلة بعض الأحيان ـ يشير القرآن هنا إلى بعض التكاليف والفرائض الثقيلة في الأمم السالفة فيقول :( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ، أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ) .

أي أنّنا لم نكلّفهم بأية فريضة شاقة لا تتحمل ، ولو أنّنا كنّا نكلّفهم بمثل ما كلّفنا به الأمم السابقة (مثل اليهود الذين أمروا بأن يقتل بعضهم البعض الآخر كفارة لما ارتكبوه من عبادة العجل ، أو يخرجوا من وطنهم المحبب إليهم لذلك) كيف كانوا يتحملونه؟ إنّهم لم يتحملوا حكما بسيطا أصدره النّبي في أمر سقي نخلات ، ولم يسلموا لهذا القضاء العادل،فكيف ترى يمكنهم أن يقوموا بالمهمات العظيمة والمسؤوليات الجسيمة ويمروا بالاختبارات الصعبة بنجاح ، فلو أنّنا

٣١٠

أمرناهم بأن يقتلوا أنفسهم (أي يقتل بعضهم بعضا) أو يخرجوا من وطنهم المحبب عندهم لما فعله إلّا قليل منهم.

إنّ مسألة «الاستعداد للقتل» تشبه ـ حسب قول بعض المفسّرين ـ مسألة «الخروج عن الوطن» من جهات عديدة ، لأنّ البدن وطن الروح الإنسانية تماما كما أنّ الوطن مثل الجسم الإنساني ، فكما أنّ التغاضي عن ترك وطن الجسم أمر صعب ، كذلك التغاضي عن الوطن الذي هو مسقط رأس الإنسان ومحل ولادته ونشأته.

ثمّ إنّ الله سبحانه يقول :( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ) أي لو أنّهم قبلوا نصائح النّبي ومواعظه لكان ذلك من مصلحتهم ، ولكان سببا لتقوية أسس الإيمان عندهم.

والملفت للنظر أنّ القرآن يعبّر ـ في هذه الآية ـ عن الأحكام والأوامر الإلهية بالموعظة ، وهو إشارة إلى أنّ الأحكام المذكورة ليست أمورا تصب في مصلحة المشرّع (أي الله) أو تجر له نفعا ، بل هي ـ في الحقيقة ـ نصائح ومواعظ نافعة لكم ، ولهذا يقول ودون تأخير :( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ) أي تقوية لإيمانهم وترسيخا لجذورها في نفوسهم.

ولا بدّ أيضا أن ننتبه إلى هذه النقطة ، وهي أنّ الله سبحانه يقول في ختام هذه الآية( وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ) أي كلّما اجتهد الإنسان في السير في سبيل طاعة الله وتنفيذ أوامره ازدادت استقامته وازداد ثباته ، وهذا يعني أن إطاعة الأوامر الإلهية نوع من الرياضة الروحية التي تحصل للإنسان من تكرارها قوة وثبات أكبر واستحكام أكثر ، على غرار ما يحصل للجسم نتيجة تكرار الرياضات الجسمية والتمارين الرياضية البدنية ، فيصل الإنسان ـ نتيجة ذلك ـ إلى مرحلة لا يمكن لأية قدرة أن تغلب قدرته أو تخدعه أو تزعزعه.

ثمّ إنّه سبحانه يبيّن ـ في الآية الثّانية ـ الفائدة الثّالثة من فوائد التسليم لأوامر

٣١١

الله وطاعته إذ يقول :( وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً ) أي إذا لأعطيناهم ـ مضافا إلى ما ذكرناه ـ أجرا من عندنا عظيما ، لا يعرف منتهاه ولا يدرك مداه.

ثمّ في آخر آية من هذه الآيات يشير سبحانه إلى رابع نتيجة إذ يقول :( وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً ) .

ومن الواضح البيّن أنّ المراد من هذه «الهداية» ليس هو الإرشاد إلى أصل الدين،بل المراد الطاف جديدة يمن بها الله سبحانه على مثل هؤلاء العباد الصالحين بعنوان الثواب والهداية الثانوية ، فهو يشبه ما أشير إليه في الآية (١٧) من سورة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ قال :( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً ) .

وقد روي أنّه عند ما نزل قوله :( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) قال رجل من المسلمين : والله لو أمرنا لفعلنا فالحمد لله الذي عافانا.

فلما بلغ هذا الكلام إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إنّ من أمتي لرجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي»(١) .

__________________

(١) تفسير في ظلال القرآن ، ج ٢ ، ص ٤٢٨.

٣١٢

الآيتان

( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (٦٩) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً (٧٠) )

سبب النّزول

كان أحد الصّحابة يدعى «ثوبان» شديد الحبّ لرسول الله قليل الصبر عنه ، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه فقال له النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا ثوبان ما غير لونك؟

فقال : يا رسول الله ما من مرض ولا وجع غير أني إذا لم أراك اشتقت إليك حتى ألقاك ، ثمّ ذكرت الآخرة فأخاف أنّي لا أراك ، وإنّي إن أدخلت الجنّة كنت في منزلة أدنى من منزلتك ، وإن لم أدخل الجنّة فذاك حتى لا أراك أبدا.

فنزلت الآيتان الحاضرتان تبشران أمثال هذا بأنّ المطيعين سيكونون مع النّبيين ومن اختارهم الله وأنعم عليهم في الجنّة.

ثمّ أن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «والذي نفسي بيده لا يؤمنن عبد حتى أكون أحبّ إليه من نفسه وأبويه وأهله وولده والناس أجمعين» أي يكون مسلما لتعاليمي وأوامري ، تسليما كاملا.

٣١٣

التّفسير

رفقاء الجنّة :

في هذه الآية يبيّن القرآن ميزة أخرى من ميزات من يطيع أوامر الله تعالى والنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي الحقيقة مكملة للميزات التي جاء ذكرها في الآيات السابقة ، وهي صحبة الذين أتمّ الله نعمه عليهم ومرافقتهم :( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ ) .

وكما أسلفنا في سورة الحمد فإنّ الذين أنعم الله عليهم هم الذين ساروا في الطريق المستقيم ولم يرتكبوا أي خطأ ، ولم يكن فيهم أي انحراف.

ثمّ يشير ـ لدى توضيح هذه الجملة ، وتحديد من أنعم الله عليهم ـ إلى أربع طوائف يشكلون في الحقيقة الأركان الأربعة لهذا الموضوع وهم :

١ ـ الأنبياء : أي رسل الله تعالى الذين كانوا طليعة السائرين في سبيل هداية الناس ودعوتهم إلى الصراط المستقيم( مِنَ النَّبِيِّينَ ) .

٢ ـ الصّادقون : وهم الذين يصدقون في القول ويصدقون إيمانهم بالعمل الصالح،ويثبتون أنّهم ليسوا مجرّد أدعياء الإيمان ، بل مؤمنون بصدق بأوامر الله وتعاليمه( وَالصِّدِّيقِينَ ) .

ومن هذا التعبير يتّضح أنّه ليس بعد مقام النبوة أعلى من مقام الصدق ، والصدق هذا لا ينحصر في الصدق في القول فقط ، بل هو الصدق في الفعل والعمل الصدق في الممارسات والمواقف ، وهو لذلك يشمل الأمانة والإخلاص أيضا ، لأن الأمانة هي الصدق في العمل كما أن الصدق أمانة في القول ، وفي المقام ليس هناك صفة بعد الكفر أقبح من الكذب والنفاق والخيانة في القول والعمل (ويجب الانتباه ـ هنا ـ إلى أن الصدّيق صيغة مبالغة وهي بمعنى الصادق كله ، ظاهرا وباطنا).

وقد فسّر «الصدّيق» في بعض الروايات والأخبار بعليعليه‌السلام والأئمّة من أهل

٣١٤

البيت النّبويعليهم‌السلام ، وهذا التّفسير كما قلنا في ما سبق من باب بيان المصداق الأكمل والأوضح لهذه الآيات ، فلا تفيد الحصر والقصر.

٣ ـ الشّهداء : الذين قتلوا في سبيل الله وفي سبيل العقيدة الإلهية الطاهرة ، أو الذين يشهدون على الناس وأعمالهم في الآخرة( وَالشُّهَداءِ ) (١) .

٤ ـ الصّالحون : وهم الذين بلغوا بأعمالهم الصالحة والمفيدة وباتّباع الأنبياء وأوامرهم إلى مراتب عالية ومقامات رفيعة( وَالصَّالِحِينَ ) .

ولهذا فسّر «الصّالحون» في رواياتنا وأحاديثنا ، بالصفوة المختارة من أصحاب الأئمّةعليهم‌السلام وهذا هو أيضا من باب بيان أظهر المصاديق وأوضحها كما أسلفنا في تفسير الصديقين.

والنقطة الجديرة بالتذكير هنا هي أن ذكر هذه المراحل الأربع يمكن أن يكون إشارة إلى أنّه لا بدّ لبناء المجتمع الإنساني الصالح والسليم من : أن يبدأ الأنبياء ـ وهم القادة والهداة بحق الهداية ، ثمّ يتبعهم المبلغون الصادقون بالقول والعمل ، وهم الصادقون الذين يصدق عملهم قولهم وفعلهم دعواهم فينشروا الحقائق في كل مكان ، ثمّ بعد مرحلة البناء الفكري والاعتقادي هذه ، يقوم جماعة في وجه العناصر الفاسدة ومن يريدون الوقوف في طريق الحقّ ، فيضحون بأنفسهم ويقدمون أجسادهم وحياتهم قرابين للحقّ والعدل ، فيكون حاصل هذه الجهود والمساعي ظهور الصّالحين واستقرار المجتمع الطاهر السليم.

ومن الواضح البيّن أنّ على الصالحين أيضا أن يقوموا بهذه الواجبات الثلاث أي عليهم أن يقودوا ، ويبلغوا ، ويضحوا لكي يبقوا على جذوة الحق متقدة ، وعلى مشعل العدل مضيئا للأجيال اللاحقة.

__________________

(١) الشهيد في أصل اللغة هو من يشهد ، غاية ما هناك أن الإنسان قد يشهد على حق بكلامه ، وقد يشهد بعمله وقتله في سبيل أهدافه الطاهرة.

٣١٥

كما أنّه يستفاد من الآيات الحاضرة ضمنا هذه الحقيقة ، وهي أنّ مسألة مرافقة الصالحين وصحبة الرفقاء الطيبين لها من الأهمية بحيث تعتبر في الآخرة الجزء المكمل للنعم الإلهية الكبرى التي يمنّ الله بها على المطيعين في الجنّة ، فهم علاوة على كل ما يحصلون عليه من نعم وميزات سيحظون بمرافقة رفقاء كالأنبياء والصّديقين والشّهداء والصّالحين.

ولعلنا في غنى عن التذكير بأن معاشرة المطيعين لهذه الطوائف الأربع ليس معناه أنّهم في منزلتهم ورتبتهم ، وإنّهم في درجتهم من جميع الجهات ، بل يعني أن لكل واحد منهم ـ مع معاشرة بعضهم لبعض ـ سهما خاصا (يتناسب ومقامه) من المواهب والألطاف الإلهية، فهم كأشجار بستان واحد ووروده وأعشابه ، فهي مع كونها مجتمعة متجاوزة ومع أنّها تستفيد برمتها من ضوء الشمس والمطر ، ولكنها ليست متساوية في حجم الاستفادة من تلك العناصر ، كما أنّها ليست متساوية في القيمة.

ثمّ يبيّن سبحانه في الآية اللاحقة أهمية هذا الامتياز الكبير (أي مرافقة تلك الصفوة المختارة) إنّ هذه الهبة من جانب الله ، وهو عليم بأحوال عباده ونواياهم ومؤهلاتهم :( ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ ، وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً ) ، فلا يخطئ في الإثابة والجزاء حيث أن «ذلك»إشارة إلى البعيد لهذا يوحي في هذه الموارد إلى أهمية المقام وعلوه.

* * *

٣١٦

الآية

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (٧١) )

التّفسير

الحذر الدّائم :

«الحذر» يعني اليقظة والتأهب والترقب لخطر محتمل ، كما يعني أحيانا الوسيلة التي يستعان بها لدفع الخطر.

أمّا كلمة «ثبات» فتفيد معنى المجموعات المتفرقة ، ومفردها «ثبة» من مادة «ثبي» أي جمع.

والقرآن يخاطب عامّة المسلمين في الآية المذكورة أعلاه ، ويقدم لهم اثنتين من التعاليم اللازمة لصيانة وجود المسلمين والمجتمع الإسلامي تجاه كل خطر يهدد هذا الوجود.

ففي البداية تأمر الآية المؤمنين بالتمسك باليقظة والبقاء في حالة التأهب من أجل مواجهة العدو ، وتحذرهم من الغفلة عن هذا الأمر :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ) .

ثمّ تأمر الآية بالاستفادة من الأساليب والتكتيكات المختلفة في مواجهة

٣١٧

العدو ، من ذلك الزحف على شكل مجموعات إن تطلب الأمر مثل هذا الأسلوب ، أو على شكل جيش موحّد مترابط إن استدعت المواجهة هجوما شاملا منسجما ، وفي كلتا الحالتين لا بدّ من المواجهة الجماعية( فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً ) .

ذهب بعض المفسّرين إلى أن معنى «الحذر» في الآية هو «السلاح» لا غير، بينما للحذر معنى واسع لا يقتصر على السلاح ، ثمّ أن الآية (١٠٢) من هذه السورة تدل بوضوح على أنّ الحذر غير السلاح حيث يقول تعالى :( ... أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ) وجواز وضع السلاح (في الصلاة) مع أخذ الحذر يدل على أنّ الحذر لا يعنى السلاح بالذات.

الآية الكريمة هذه تشتمل على أمر عام مطلق لجميع المسلمين في كلّ العصور والأزمنة، ويدعو هذا الأمر المسلمين إلى الالتزام باليقظة والاستعداد الدائم لمواجهة أي طارىء من جانب الأعداء ولحماية أمن الأمّة ، وذلك عن طريق التحلّي بالاستعداد المادي والمعنوي الدائمين.

وكلمة «الحذر» أيضا تستوعب بمعانيها الواسعة ـ كل أنواع الوسائل المادية والمعنوية الدفاعية التي يتحتم على المسلمين اتباعها ، من ذلك التعرف على قدرة العدو من حيث العدّة والعدد ، وأساليبه الحربية ، والإستراتيجية ، ومدى فاعلية أسلحته ، وكيفية مواجهتها والاحتماء من خطرها وخطر العدوّ نفسه ، وبذلك يكون المسلمون قد أوفوا من حيث العمل بما يتطلبه منهم أمر «الحذر» من الاستعداد والتأهب واليقظة لمواجهة أي خطر طارىء.

ويشتمل أمر «الحذر» أيضا على الاستعداد النفسي والثقافي والاقتصادي ، لتعبئة كافة الإمكانيات البشرية ، والاستفادة من أقوى أنواع الأسلحة وأكثرها تطورا في الوقت المطلوب ، وكذلك الإلمام بصور استخدام هذا السلاح وأساليبه ، فإذا كان المسلمون يلتزمون بهذا الأمر ويطبقونه على حياتهم لاستطاعوا أن

٣١٨

يجنّبوا أنفسهم وأمّتهم الفشل والتقهقر والهزيمة على مدى تاريخهم المليء بالأحداث.

والشيء الآخر الذي يفهم من هذه الآية الكريمة ، هو اختلاف أساليب مواجهة العدو بحسب ما تقتضيه الضرورة ، ويعينه الظرف ، ويحدد موقع العدو ـ فلو كان هذا الموقع يتطلب مقابلة العدو بجماعات منفصلة ، لوجب استخدام هذا الأسلوب مع كل ما يحتاج إليه من عدد وعدّة وغير ذلك ، وقد يكون موقع العدو بصورة تقتضي مواجهة العدو في هجوم عام ضمن مجموعة واحدة متماسكة ، وعند هذا يجب أن يعدّ المسلمون العدّة اللازمة والعدد الكافي لمثل هذا الهجوم الشامل.

ومن هنا يتّضح أنّ إصرار البعض على أن يكون للمسلمين أسلوب كفاحي واحد دون اختلاف في التكتيك لا يقوم على منطق ولا تدعمه التجارب ، إضافة إلى أنّه يتنافى مع روح التعاليم الإسلامية.

لعل الآية ـ أعلاه ـ تشير أيضا إلى أنّ المسألة الهامّة هي تحقيق الأهداف الواقعية سواء تطلب الأمر أن يسلك الجميع أسلوبا واحدا ، أو أن ينهجوا أساليب متنوعة.

ويفهم من كلمة «جميعا» أنّها تعني أنّ المسلمين كافّة مكلّفون بالمشاركة في أمر مواجهة العدو ، ولا يختص هذا الحكم بطائفة معينة.

* * *

٣١٩

الآيتان

( وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (٧٢) وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (٧٣) )

التّفسير

بعد صدور الأمر العام إلى المسلمين بالجهاد والاستعداد لمقابلة العدوّ في الآية السابقة تبيّن هاتان الآيتان موقف المنافقين من الجهاد ، وتفضح تذبذبهم ، فهم يصرّون على الامتناع عن المشاركة في صفوف المجاهدين في سبيل الله( وَإِنَّ مِنْكُمْ (١) لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ ) (٢) وحين يعود المجاهدون من ميدان القتال أو حين تصل أنباء معاركهم ، فإن

__________________

(١) ينبغي الالتفات إلى أنّ الآية أعلاه تخاطب المؤمنين ، لكنّها تتطرق إلى المنافقين أيضا ، كما أنّ عبارة «منكم» جعلت المنافقين جزءا من المؤمنين ، وما ذلك إلّا لأنّ المنافقين كانوا دائما متغلغلين بين المؤمنين ، ومن هنا فهم يحسبون على الظاهر جزءا منهم.

(٢) «ليبطئن» من «البطء» في الحركة ، وهو فعل لازم ومتعد كما ذكر علماء اللغة ، أي أنّهم يبطؤون في حركتهم ويدعون الآخرين إلى البطء ، ولعل استعمال الفعل في باب التفعيل هنا يعني أنّه متعد فقط ، أي أنّهم يدفعون أنفسهم إلى البطء تارة ، ويدفعون الآخرين إلى ذلك تارة أخرى.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710