الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٣

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل8%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 710

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 710 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 172345 / تحميل: 6027
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الطّرفة السادسة عشر

في وصف ما كان بعد إفاقتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتأكيد تعريفه بما يحدث من الإنكار لوصيّته(١)

وروى(٢) صاحب كتاب الخصائص أيضا الرضي الموسويّ، قال: حدّثني هارون بن موسى، قال: حدّثني أحمد بن محمّد بن عمّار(٣) ، قال: حدّثنا أبو موسى عيسى(٤) الضّرير البجلي، عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: سألت أبي، فقلت: فما(٥) كان بعد إفاقته؟

قال: دخل عليه النساء يبكين، وارتفعت الأصوات، وضجّ الناس بالباب، من المهاجرين والأنصار، فبيناهم كذلك إذ نودي(٦) : أين عليّ؟ فأقبل حتّى دخل عليه.

قال عليّ: فانكببت عليه(٧) ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أخي، افهم فهّمك الله، وسدّدك وأرشدك،

__________________

(١) في « هـ » « و »: لوصيّه

(٢) في « أ » « ب »: روى

(٣) في « أ » « ب » « ج »: أحمد بن محمّد بن عليّ

في « د » « هـ » « و »: حدثني محمّد بن عليّ. والمثبت عن الخصائص (٧٢). ولعل ما هنا تصحيف ( احمد بن محمّد ابو عليّ ) انظر معجم رجال الحديث ( ج ٣؛ ٨٢ )

(٤) ساقطة من « أ »

(٥) في « ب »: ما

(٦) لفظة ( إذ ) ساقطة من « هـ » « و »

في « هامش أ » « د »: فبيناهم كذلك نادى

(٧) في « هامش أ » « د »: فأقبل حتّى دخل عليه عليّ فانكبّ عليه

لفظة ( عليه ) ساقطة من « أ » « ب »

١٦١

ووفّقك وأعانك، وغفر ذنبك ورفع ذكرك، اعلم يا أخي أنّ القوم سيشغلهم عنّي ( ما يريدون من عرض الدّنيا وهم عليه قادرون، فلا يشغلك عنّي(١) )(٢) ما يشغلهم، فإنّما مثلك في الأمّة مثل الكعبة؛ نصبها الله للناس علما، وإنّما تؤتى - من(٣) كلّ فجّ عميق ( ونأي سحيق - ولا تأتي )(٤) ، وإنّما أنت علم الهدى، ونور الدّين، وهو نور الله.

يا أخي، والّذي بعثني بالحقّ لقد قدّمت إليهم بالوعيد، وبعد أن أخبرتهم(٥) رجلا رجلا بما(٦) افترض الله عليهم(٧) من حقّك وألزمهم من طاعتك، وكلّ أجاب وسلّم إليك الأمر، وإنّي لأعلم خلاف قولهم(٨) ، فإذا قبضت(٩) ، وفرغت من جميع ما أوصيتك(١٠) به، وغيّبتني في قبري، فالزم بيتك واجمع القرآن على تأليفه، والفرائض والأحكام على تنزيله، ثمّ أمض ذلك على عزائمه(١١) على ما أمرتك به، وعليك بالصبر على ما ينزل بك وبها حتّى تقدموا عليّ(١٢) .

__________________

(١) ساقطة من « ب »

(٢) ساقطة من « و »

(٣) في « هـ » « و »: وإنّما تولى في كلّ

(٤) ساقطة من « د »

في « ج » « و »: ونأي سحق

في « هـ »: ونأي إسحاق

(٥) في « ج » « هـ » « و »: أخبرهم

(٦) في « ب » « ج » « هـ » « و »: ما

(٧) ساقطة من « أ » « ب »

(٨) في « ب » « ج » « هـ » « و »: قوله

(٩) في « هامش أ »: قضيت

(١٠) في « ب »: ما وصّيتك

في « ج » « هـ » « و »: ما أوصيك

(١١) كلمة ( ذلك ) ساقطة من « هـ » « و »

جملة ( ذلك على عزائمه ) ساقطة من « د »

(١٢) ساقطة من « هـ »

١٦٢

الطّرفة السابعة عشر

في تعريف النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام (١) ، لمهمّات(٢) يحتاج إليها في الوصيّة، لإمام(٣) بعد إمام

وعنه، عن أبيه، عن جدّه محمّد بن عليّ، قال: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : كنت مسند(٤) النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى صدري ليلة من الليالي في مرضه، وقد فرغ من وصيّته، وعنده فاطمة ابنتهعليها‌السلام ، وقد أمر ازواجه و(٥) النساء(٦) أن يخرجن من عنده، ففعلن(٧) .

فقال: يا أبا الحسن، تحوّل من موضعك، وكان أمامي، قال: ففعلت، وأسنده

__________________

(١) في « ج » « هـ » « و »: عليهما أفضل السلام

(٢) في « د »: لعليّ ما يحتاج إليه

في « هـ » « و »: مهمّات

(٣) في « أ »: الإمام

(٤) في « أ »: سند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

في « هامش أ » « هـ » « و »: مسندا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

في « ب »: أسند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

(٥) الواو عن « أ » فقط

(٦) كلمة ( والنساء ) ساقطة من « د ». وأدخلها في « أ » عن نسخة

(٧) ساقطة من « د »

١٦٣

جبرئيلعليه‌السلام إلى(١) صدره، وجلس ميكائيل عن(٢) يمينه.

فقال: يا عليّ، ضمّ كفّيك بعضها الى بعض، ففعلت.

فقال لي: قد عهدت إليك، أخذت العهد لك(٣) ، بمحضر أميني(٤) ربّ العالمين؛ جبرئيل وميكائيل، يا عليّ بحقّها عليك إلاّ أنفذت وصيّتي على ما فيها، وعلى قبولك إيّاها، وعليك(٥) بالصبر والورع، ومنهاجي(٦) وطريقي، لا(٧) طريق فلان وفلان، وخذ ما آتاك الله بقوّة.

وأدخل كفّيه(٨) فيما بين كفّي، وكفّاي مضمومتان، فكأنه أفرغ بينهما(٩) شيئا، فقال: يا عليّ قد أفرغت(١٠) بين يديك الحكمة، وقضاء ما يرد عليك، وما هو وارد، حتّى(١١) لا يعزب عنك(١٢) من أمرك شيء، وإذا حضرتك الوفاة فأوص وصيّك(١٣) من بعدك على ما أوصيتك(١٤) ، واصنع هكذا، لا كتاب ولا صحيفة.

__________________

(١) في « و »: على

(٢) في « ج » « هـ » « و »: على

(٣) في « أ » « ب »: فقال لي قد اخذت العهد لك بمحضر

في « هامش أ »: فقال لي قد عهدت إليك بمحضر

في « هـ » « و »: فقال لي قد عهد إليك أحدث الحدث لك

(٤) في « ب »: أمين

(٥) قوله ( وعليك ) ساقط من « د ». وقد أدخله في متن « أ » عن نسخة قوله ( عليك ) فقط ساقط من « هـ » « و »:

(٦) في « هامش أ » « د »: وعلى منهاجي

(٧) في « ب »: ولا

(٨) في « أ » « ب » « ج » « هـ » « و »: وادخل يده. والمثبت عن « هامش أ » « د »

(٩) في « هـ » « و »: بهما

(١٠) في « و »: فرّغت

(١١) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(١٢) ساقطة من « أ » « ب »

(١٣) في « أ » « ب » « هـ »: وصيّتك. والمثبت عن « هامش أ » « ج » « د » « و »

(١٤) في « ج » « هـ »: على ما أوصيك

في « و »: كما أوصيك

١٦٤

الطّرفة الثامنة عشر

في جواب من سأل عن(١) أسرار الوصيّة، وهل كان فيها ذكر من يخالف على عليّعليه‌السلام ويطلب الأمور الدّنيويّة.

قال: وحدّثني عيسى بن المستفاد، قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : بأبي أنت وأمّي ألا تذكر ما في الوصيّة؟

( قال: ذلك سرّ الله وسرّ رسوله.

قال: فقلت(٢) : جعلت فداك، أكان(٣) في الوصيّة )(٤) ذكر القوم وخلافهم على عليّ(٥) أمير المؤمنين؟

قال: نعم، حرفا حرفا، و(٦) شيئا شيئا، أما سمعت قول الله تعالى( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ ) (٧) ، والله والله لقد قال

__________________

(١) في « ب »: من

(٢) في « ج » « هـ » « و »: قال عمي فقلت

(٣) في « أ » « د » « هـ »: كان

(٤) ساقطة من « ب »

(٥) عن « ب »

(٦) الواو ساقطة من « د »

(٧) يس: ١٢. وفي « أ » « ب » كتب آخر الآية المباركة فقط، أعني قوله( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ )

١٦٥

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ وفاطمةعليهم‌السلام : قد فهمتما ما كتب ربّكما وما شرط(١) ؟ قالا: بلى، وقبلناه بقبوله(٢) ، وصبرنا على ما ساءنا(٣) وأغاظنا حتّى نقدم عليك.

__________________

(١) في « هامش أ » « د »: قد فهمتما ما نبأتكما وما شرطتما؟

(٢) ساقطة من « هامش أ » « د »

في « ج »: بقوله

(٣) في « ب »: ما أساءنا

١٦٦

الطّرفة التاسعة عشر

في تسليم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة(١) إلى عليّعليهم‌السلام عند وفاته، وتعظيم المخالفة لوصيّته بها(٢) في حياته(٣)

قال: حدّثني عيسى، قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام (٤) : فما كان بعد خروج الملائكة من عند(٥) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

قال(٦) : فقال: لما كان اليوم الّذي ثقل فيه وجع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (٧) وخيف عليه فيه(٨) الموت،

__________________

(١) عن « ب ». وفي باقي النسخ: لفاطمة

(٢) ساقطة من « ب »

(٣) في « د »: وتعليمه للمحافظة لوصيته بها قال ...

في « هـ »: وتعظيمه لوصيّه بها قال ...

في « و »: وتعظيم للمخالفة لوصيّته بها قال ...

(٤) في « هامش أ » « د »: قال حدثنا عيسى ...

في « ب » « ج »: قال حدثني عليّ قال قلت لأبي فما كان

في « هـ » « و »: قال حدثنا عيسى قال قلت لأبي فما كان

(٥) ساقطة من « هـ » « و »

(٦) ساقطة من « د »

(٧) في « د »: لما كان الذي ثقل فيه دعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليا وفاطمة ...

في « هـ » « و »: لمّا كان الذي ثقل فيه وجمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

(٨) ساقطة من « أ » « ب »

١٦٧

دعا عليّا وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، وقال لمن في بيته: اخرجوا عنّي، وقال(١) لأمّ سلمة: تكوني ممّن(٢) على الباب فلا يقربه أحد، ففعلت أمّ سلمة، فقال: يا عليّ، ادن منّي(٣) ، فدنا منه، فأخذ بيد فاطمةعليها‌السلام فوضعها(٤) على صدره طويلا، وأخذ بيد(٥) عليّ بيده الأخرى.

فلما أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الكلام غلبته عبرته فلم يقدر على الكلام، فبكت فاطمة - بكاء شديدا - وعليّ والحسن والحسينعليهم‌السلام لبكاء رسول(٦) اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت فاطمةعليها‌السلام (٧) : يا رسول الله قد قطّعت قلبي، وأحرقت كبدي، لبكائك يا سيّد النّبيّين(٨) من الأوّلين والآخرين(٩) ، ويا أمين ربّه ورسوله، ويا(١٠) حبيبه ونبيّه، من لولدي بعدك؟ ولذلّ ينزل بي بعدك(١١) ؟ من لعلي أخيك وناصر الدّين(١٢) ؟ من لوحي الله وأمره(١٣) ؟ ثمّ بكت وأكبّت على وجهه فقبّلته، وأكبّ عليه عليّ والحسن والحسينعليهم‌السلام

فرفع رأسه إليهم، ويدها في يده، فوضعها في يد عليّعليه‌السلام ، وقال له: يا أبا الحسن هذه وديعة الله ووديعة رسوله محمّد عندك، فاحفظ الله واحفظني فيها، وإنّك لفاعل يا عليّ(١٤) ،

__________________

(١) عن « د ». وفي باقي النسخ: فقال

(٢) ساقطة من « د » « هـ » « و ». وأدخلت في متن « أ » عن نسخة

(٣) جملة ( ادن مني ) ساقطة من « ب »

(٤) في « أ » « ب »: فوضع. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ

(٥) ساقطة من « ب »

(٦) في « هـ »: لبكاء على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . ولعلّها لبكاء عليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

(٧) عن « أ » « د »

(٨) في « د »: المرسلين

(٩) قوله ( من الاولين والآخرين ) ساقطة من « د »

(١٠) حرف النداء ( يا ) ساقط من « د ». وأدخل في متن « أ » عن نسخة

(١١) في « أ » « ب »: ولذلّ أهل بيتك بعدك. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ

(١٢) في « هامش أ » « د »: من لعلي أخيك من ناصر ومعين ثمّ بكت

(١٣) عن « ج » « هـ » « و »

(١٤) قوله ( يا عليّ ) ساقط من « ب »

١٦٨

هذه والله سيدة نساء أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين، هذه والله مريم الكبرى، أم والله، ما بلغت نفسي هذا الموضع حتّى سألت الله لها ولكم، فأعطاني ما سألته.

يا عليّ، انفذ لما أمرتك به فاطمة، فقد أمرتها بأشياء أمرني(١) بها جبرئيلعليه‌السلام ، واعلم يا عليّ أنّي راض عمّن رضيت عنه ابنتي فاطمة، وكذلك ربّي وملائكته(٢) .

يا عليّ، ويل ( لمن ظلمها، وويل )(٣) لمن ابتزّها حقّها، وويل لمن انتهك(٤) حرمتها، وويل لمن أحرق بابها، ( وويل لمن آذى جنينها، وشجّ جنبيها )(٥) ، وويل لمن شاقّها وبارزها.

اللهمّ إنّي منهم بريء وهم منّي براء(٦) ثمّ سمّاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وضمّ فاطمة إليه وعليّا والحسن والحسينعليهم‌السلام ، وقال: اللهمّ إنّي لهم ولمن شايعهم سلم(٧) ، وزعيم يدخلون الجنّة، ( وحرب وعدوّ لمن عاداهم وظلمهم وتقدّمهم(٨) أو تأخّر عنهم وعن شيعتهم )(٩) ، زعيم لهم يدخلون النّار، ثمّ والله يا فاطمة لا أرضى حتّى ترضي(١٠) ، ثمّ لا والله لا أرضى حتّى ترضي(١١) ، ثمّ والله لا أرضى حتّى ترضي(١٢) .

__________________

(١) في « د » « هـ » « و »: أمر

(٢) في « أ » « ب »: والملائكة. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ

(٣) ساقطة من « هـ »

(٤) في « د » « هـ » « و »: هتك

(٥) بدلها في « ب » « ج » « هـ » « و »: وويل لمن آذى حليلها

(٦) في « و »: برءاء

(٧) ساقطة من « هـ »

(٨) ساقطة من « هـ »

(٩) بدلها في « هامش أ » « د »: ولعدي وتيم ولحرب ولمن عاداكم وظلمكم وتقدمكم وتأخّر عنكم وعن شيعتكم

(١٠) إلى هنا ينتهي ما في « أ » « هـ »

(١١) في « هامش أ » « د »: ثمّ لا والله لا أرضى على أحد حتّى ترضي عنه

في « ب »: ثمّ لا أرضى حتّى ترضى. وإلى هنا ينتهي ما في « ب »

(١٢) هذه الفقرة الاخيرة والنسق المثبت في المتن عن « ج » « و ». وهي في « هامش أ » « د » باختلاف يسير وهو: ثم والله لا ارضى حتّى ترضي

١٦٩

١٧٠

الطّرفة العشرون

في تحقيق ما يروون(١) من صلاة أبي بكر بالناس عند المرض، وكشف ما في ذلك من الوهم المعترض

وعنهعليه‌السلام ؛ قال عيسى: وسألته(٢) ؛ قلت: ما تقول؛ فإنّ الناس قد أكثروا(٣) في(٤) أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أبا بكر أن يصلّي بالناس ثمّ عمر؟

فأطرقعليه‌السلام عنّي(٥) طويلا، ثم قال: ليس كما ذكروا، و(٦) لكنّك يا عيسى كثير البحث في الأمور، وليس(٧) ترضى عنها إلاّ بكشفها.

فقلت: بأبي أنت وأمّي، إنّما أسأل منها(٨) عمّا أنتفع به(٩) في ديني وأتفقّه، مخافة أن أضلّ

__________________

(١) في « ب »: ما يرون

في « هامش أ » « د » « هـ » « و »: ما يروونه

(٢) في « ب »: سألته، بسقوط الواو

في « د »: وسألته

(٣) في « ج » « هـ » « و »: قد أكثر

(٤) ساقطة من « د ». وأدخلت في متن « أ » عن نسخة

(٥) في « ب »: فاطرق عليّ

(٦) الواو ساقطة من « ب »

(٧) في « و »: ولست

(٨) في « هـ »: عنها

(٩) ساقطة من « أ » « ب »

في « هامش أ » « د »: إنّما اسأل عنها لانتفع به

١٧١

وأنا لا أدري، ولكن متى أجد مثلك أحدا(١) يكشفها لي(٢) !!

فقالعليه‌السلام : إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا ثقل في مرضه دعا عليّاعليه‌السلام ، فوضع رأسه في حجره وأغمي عليه، وحضرت الصلاة، فأوذن بها(٣) ، فخرجت عائشة، فقالت: يا عمر اخرج فصلّ بالنّاس.

فقال: أبوك أولى بها.

فقالت: صدقت، ولكنّه رجل ليّن وأكره أن يواثبه القوم، فصلّ أنت.

فقال لها عمر: بل يصلّي هو، وأنا أكفيه إن وثب واثب، أو تحرّك متحرّك، مع أنّ محمّدا مغمى عليه لا أراه يفيق منها، والرّجل مشغول به لا يقدر يفارقه - يريد عليّاعليه‌السلام - فبادر(٤) بالصّلاة قبل أن يفيق، فإنّه إن أفاق خفت أن يأمر عليّا بالصلاة(٥) ، فقد سمعت مناجاته منذ(٦) الليلة، وفي آخر كلامه يقول(٧) : الصلاة الصلاة.

قال: فخرج أبو بكر ليصلّي بالناس، فأنكر القوم ذلك، ثمّ ظنّوا أنّه بأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم يكبّر حتّى أفاق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٨) ، فقال(٩) : ادعوا إليّ(١٠) العباس، فدعي، فحملاه؛ هو وعليّعليه‌السلام ، فأخرجاه حتّى صلّى بالناس وإنّه لقاعد، ثمّ حمل فوضع على منبره، فلم يجلس بعد ذلك على المنبر(١١) ، واجتمع له جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار، حتّى

__________________

(١) عن « هامش أ » « د »

(٢) قوله ( لي ) ساقط من « د »، وأدخلت في متن « أ » عن نسخة

(٣) في « هامش أ » « د »: فأذّن فخرجت

في « و »: فأذّن بها فخرجت

(٤) في « د » « هـ » « و »: فبادره. وقد أدخلت الهاء في متن « أ » عن نسخة

(٥) ساقطة من « أ » « ب »

(٦) ساقطة من « و »

(٧) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(٨) قوله ( رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ) عن « أ » فقط

(٩) في « ج » « د » « هـ » « و »: وقال

(١٠) في « هامش أ » « ب » « د »: ادعوا لي

(١١) في « ج » « هـ » « و »: على المنبر محمله، دون نقط. ولعلّها ( محمله )

١٧٢

برزن العواتق من خدورهنّ، فبين باك وصائح وصارخ(١) ومسترجع، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) يخطب ساعة ويسكت ساعة.

وكان ممّا(٣) ذكر في خطبته أن قال: يا معشر المهاجرين والأنصار ومن حضرني في يومي هذا و(٤) في ساعتي هذه من الجنّ والإنس، فليبلّغ شاهدكم غائبكم(٥) ، ألا قد(٦) خلّفت فيكم كتاب الله؛ فيه(٧) النّور والهدى والبيان، ما فرّط الله فيه من شيء، حجّة الله لي عليكم، وخلّفت فيكم العلم الأكبر، علم الدّين ونور الهدى، وصيّي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، ألا و(٨) هو حبل الله فاعتصموا به(٩) جميعا ولا تفرّقوا عنه(١٠) ،( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً ) (١١) .

أيّها(١٢) الناس، هذا عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام كنز(١٣) الله اليوم وما بعد اليوم، من(١٤) أحبّه وتولاّه اليوم وما بعد اليوم(١٥) فقد أوفى بما عاهد عليه الله، وأدّى ما وجب عليه، ومن

__________________

(١) في « ج »: ومادح

(٢) ( والنبي ) ساقطة من « ب »

(٣) في « هامش أ » « د »: فيما

(٤) في « ج »: أو. وأدخلت الالف في متن « أ » عن نسخة

(٥) في « هامش أ » « د »: فيبلّغ شاهدكم الغائب

في « هـ » « و »: فيبلغ شاهدكم الغائب

(٦) في « أ » « ب »: ألا وقد

(٧) في « د » « هـ » « و »: منه

(٨) الواو ساقطة من « ج » « د » « هـ » « و »

(٩) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(١٠) ساقطة من « أ »

(١١) آل عمران: ١٠٣

(١٢) في « د »: يا أيّها الناس

(١٣) في « ج » « هـ »: كثّر الله. ومن هنا إلى نهاية الفقرة اختلافات كثيرة بين النسخ، وما اثبتناه عن « ج » « هـ » « و ».

وسيأتي نصّ « أ » « ب » ونص « هامش أ » « د » في آخر الفقرة

(١٤) في « هـ »: لم أحبه. في « ج »: من أحبّه وتوالاه

(١٥) جملة ( وما بعد اليوم ) ساقطة من « هـ » « و »

١٧٣

عاداه اليوم وما(١) بعد اليوم جاء يوم القيامة أعمى و(٢) أصمّ، لا حجّة له عند الله(٣) .

أيّها الناس، لا تأتوني غدا بالدّنيا(٤) تزفّونها زفّا(٥) ، ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا، مقهورين مظلومين، تسيل دماؤهم، إيّاكم(٦) وبيعات الضلالة، والشّورى للجهالة(٧) .

ألا وإنّ هذا الأمر له أصحاب وآيات، قد سمّاهم الله في كتابه، وعرّفتكم وأبلغت(٨) ما أرسلت به إليكم( وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ ) (٩) .

لا ترجعنّ بعدي كفّارا مرتدّين، متأوّلين للكتاب(١٠) على غير معرفة، وتبتدعون(١١) السّنّة بالهوى؛ لأنّ كلّ سنّة وحدث(١٢) وكلام خالف القرآن فهو ردّ(١٣) وباطل، القرآن إمام هدى، وله(١٤)

__________________

(١) ( ما ) ساقطة من « هـ » « و »

(٢) الواو عن « هـ » « و »

(٣) الفقرة في « هامش أ » « د » هكذا: كنز الله اليوم وما بعد اليوم، من لم أحبّه وتوالاه اليوم جاء يوم القيامة أعمى وأصم [ في « د »: أعمى أصم ] لا حجة له عند الله، أيها الناس ومن أوفى بما عاهد عليه الله، وأدّى ما وجب عليه من حق عليّ، جاء يوم القيامة بصيرا مستوجبا لفضل الله، ومن عادى عليا اليوم وما بعد [ في « د »: وبعد ] اليوم فقد أخزاه الله

الفقرة في « أ » « ب » هكذا: هذا عليّ بن أبي طالب فأحبّه، ومن تولاه اليوم وبعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله، ومن عاداه وأبغضه اليوم وبعد اليوم جاء يوم القيامة أعمى أصم، لا حجّة له عند الله

(٤) ساقطة من « أ » « ب ». وهي في « هامش أ » وباقي النسخ

(٥) في « د »: تزقونها زقا

(٦) في « ج » « د » « هـ » « و »: أمامكم. والمثبت عن « ب »، وقد أدخل في متن « أ » استظهارا من الناسخ، وكتب في الهامش: في النسخة أمامكم

(٧) في « د »: والشور الجهالة

(٨) في « د » « هـ » « و »: وبلغتكم

في « ج »: وأبلغتكم

(٩) الأحقاف؛ ٢٣

(١٠) في « د »: الكتاب

(١١) في « أ »: وتبدعون. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ.

(١٢) في « و »: وحديث

(١٣) في « هامش أ » « د »: بدعة

(١٤) ساقطة من « ب ». وهي في « هامش أ » وباقي النسخ

١٧٤

قائد يهدي(١) إليه، ويدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، وليّ الأمر بعدي عليّ، وليّه(٢) ووارث علمي وحكمتي(٣) ، وسرّي وعلانيتي، و(٤) ما ورّثه النّبيّون من قبلي، وأنا وارث ومورّث(٥) ، فلا تكذبنّكم أنفسكم.

أيّها الناس، الله الله في أهل بيتي، فإنّهم أركان الدّين، ومصابيح الظّلم، ومعدن العلم، عليّ أخي ووارثي، ووزيري وأميني، والقائم بأمري، والموفي بعهدي(٦) على سنّتي(٧) ، أوّل الناس بي إيمانا، وآخرهم عهدا عند الموت، وأوّلهم(٨) لي لقاء يوم القيامة، وليبلّغ(٩) شاهدكم غائبكم، ألا ومن أمّ(١٠) قوما إمامة عمياء - وفي الأمّة من هو أعلم منه - فقد كفر.

أيّها الناس، ومن كانت له قبلي تباعة(١١) تبعة فها أنا(١٢) ، ومن كانت له عندي(١٣) عدة(١٤) فليأت فيها(١٥) عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإنّه ضامن لذلك كلّه، حتّى لا يبقى لأحد عليّ تباعة(١٦) .

__________________

(١) في « ج » « هـ »: ويهدي

(٢) في « ب » « ج » « هـ » « و »: ولي الأمر بعد وليّه

(٣) في « هامش أ » « د »: وحكمي

(٤) في « أ » « د »: ووارثي ووارث ما ورّثه

(٥) في « هامش أ »: وأنا وارث ومورّثه عليّ. في « د »: وأنا وارث النبيون ومورثه عليّ. وهي غلط

(٦) في « ب »: بعدي

(٧) في « هامش أ » « د »: والموفي بعهدي على سنتي عليّ

في « ج » « هـ » « و »: والموفي بعهدي على سنتي ويقبل على سنّتي

(٨) في « هامش أ » « ج » « د » « هـ » « و »: وأوسطهم

(٩) في « هامش أ » « د » « هـ » « و »: ويبلغ

(١٠) في « د »: ألا ومن قال في الأمّة من هو أعلم منه فقد كفر

(١١) كتب في « هامش أ »: تباعة بدل من تبعة في نسخة صحيحة. وكلمة ( تباعة ) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(١٢) في « ب »: فيها أو من كانت

في « ج » غير واضحة القراءة، ويمكن قراءتها ( فهابنا ) أو ( فهاندا )

(١٣) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(١٤) ساقطة من « ب »

(١٥) في « هامش أ » « د »: بها

(١٦) في « هامش أ » « د »: تبعة

١٧٥

١٧٦

الطّرفة الحادية والعشرون

في تعريف النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام بطرف ما يتجدّد(١) ويكون

وعنه، عن أبيه، قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في وصيّته لعليّعليه‌السلام - والناس حضور(٢) حوله -: أما والله يا عليّ ليرجعنّ أكثر هؤلاء كفّارا يضرب بعضهم رقاب بعض، وما بينك وبين أن ترى ذلك إلاّ أن يغيب عنك شخصي(٣) .

__________________

(١) في « د »: ما يجدّد

في « هـ » « و »: ما يحدّد

(٢) ساقطة من « هـ »

(٣) في « ج »: الشخص

١٧٧

١٧٨

الطّرفة الثانية والعشرون

في زيادة تعريف النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام بما يتجدّد(١) من اختلاف الآراء وتغيّر(٢) الأهواء

وعنه، عن أبيهعليه‌السلام ، قال: في(٣) مفتاح الوصيّة « يا عليّ من شاقّك من نسائي وأصحابي فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى الله، وأنا منهم بريء، فابرأ منهم ».

فقال عليّعليه‌السلام فقلت: نعم قد فعلت(٤) .

فقال(٥) : اللهمّ فاشهد، يا عليّ إنّ(٦) القوم يأتمرون بعدي على قتلك، يظلمون(٧) ، ويبيّتون

__________________

(١) في « هـ » « و »: بما تجدّد

(٢) في « أ » « ب »: وتغيير

(٣) ساقطة من « أ » « ب ». وهي في « هامش أ » وباقي النسخ

(٤) جملة ( قد فعلت ) ساقطة من « ب »

(٥) في « هامش أ » « د »: قال

(٦) في « أ »: فاشهد عليّ أنّ

في « ب »: فاشهد عليّ أنّ

في « ج »: فأشهدنا على أنّ. والمثبت عن « هامش أ » « د » « هـ » « و »

(٧) في « أ » « ب »: ان القوم يأتمرون بعدي عليّ، ويبيّتون

في « هامش أ » « د »: ان القوم يأتمرون بعدي ويظلمون

في « هـ » « و »: ان القوم يأتمرون بعدي يظلمون

١٧٩

على ذلك، فمن يبيّت(١) على ذلك فأنا منهم بريء، وفيهم نزلت( بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ ) (٢) ، ثمّ يميتك(٣) شقيّ هذه الأمّة، هم(٤) شركاؤه فيما يفعل.

__________________

(١) في « ج »: ومن يبيّت

في « د »: ويلبثون على ذلك، ومن يلبث

في « هـ »: ويلبثون على ذلك، ومن ثبت

في « و »: ويثبون على ذلك، ومن ثبت

(٢) النساء: ٨١

(٣) في « ج »: ثم ينسك

في « د »: ثم ذاك هذه الأمة

في « هـ »: ثمّ دك

في « و »: ثم دل

(٤) في « هامش أ » « د »: وهم

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

بحجج مضحكة لتحاكمهم إلى الطاغوت والرجوع إلى الأجانب ، من جملتها أنّهم كانوا يقولون : إنّ التحاكم إلى الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يناسب شأنه ولا يليق بمقامه ، لأنّ الغالب أن يحصل شجار وصياح في محضر القضاة ومن جانب المتداعيين ، وذلك أمر لا يناسب شأن النّبي ولا يليق بمكانته ومحضره.

هذا مضافا إلى أنّ القضاء ينتهي دائما إلى الإضرار بأحد الطرفين ، ولذلك فهو يثير حفيظته وعداوته ضد القاضي والحاكم ، وكأنّهم بأمثال هذه الحجج الواهية والأعذار الموهونة، كانوا يحاولون تبرئة أنفسهم وتبرير مواقفهم الباطلة ، وادعاء أنّ تحاكمهم إلى غير النّبي كان بهدف التخفيف عن النّبي.

وربّما اعتذروا لذلك قائلين : إنّ هدفنا لم يكن ماديا في الأساس ، بل كان التوصل إلى وفاق بين المتداعيين.

ولكن كشف سبحانه في الآية الثّالثة النقاب عن وجههم ، وأبطل هذه التبريرات الكاذبة وقال :( أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ ) .

ولكنّه سبحانه يأمر نبيّه مع ذلك أن ينصرف عن مجازاتهم وعقوبتهم فيقول :( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ) .

ولقد كان رسول الله يداري المنافقين ما أمكنه لأجل تظاهرهم بالإسلام ، لأنّه كان مأمورا بالتعامل معهم على حسب ظواهرهم ، فلم يكن يجازيهم إلّا في بعض الموارد الاستثنائية ، لأنّهم كانوا بين صفوف المسلمين ـ في الظاهر ـ فكانت مجازاتهم يمكن أن تحمل على أنها نشأت من أغراض شخصية.

ثمّ إنّه سبحانه يأمر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يعظهم ، وأن ينفذ إلى قلوبهم بالقول البالغ،والعظة المؤثرة ، يذكرهم بنتائج أعمالهم :( وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً ) .

* * *

٣٠١

الآية

( وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً (٦٤) )

التّفسير

في الآيات السابقة شجب القرآن الكريم التحاكم إلى حكّام الجور ، وفي هذه الآية يقول سبحانه مؤكدا :( وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ ) أي أنّنا بعثنا الأنبياء ليطاعوا بإذن الله وأمره ولا يخالفهم أحد ، لأنّهم كانوا رسل الله وسفراءه كما كانوا رؤساء الحكومة الإلهية أيضا ، وعلى هذا يجب على الناس أن يطيعوهم من جهة بيان أحكام الله ومن جهة طريقة تطبيقها ، ولا يكتفوا بمجرّد ادعاء الإيمان.

ومن هذه العبارة يستفاد أنّ الهدف من إرسال الرسل وبعث الأنبياء هو إطاعة جميع الناس لهم ، فإذا أساء بعض الناس استخدام حريتهم ولم يطيعوا الأنبياء كان اللوم متوجها إلى أنفسهم لا إلى أحد. وبهذا تنفي الآية الحاضرة عقيدة الجبريين الذين يقولون : الناس صنفان:صنف كلّف بالطاعة من البدء ، وصنف كلّف بالمعصية من البدء.

٣٠٢

كما أنّه يستفاد من عبارة( بِإِذْنِ اللهِ ) أن كل ما عند الأنبياء من الله ، أو بعبارة أخرى : إن وجوب طاعتهم ليس بالذات ، بل هي ـ أيضا ـ بأمر الله ومن ناحيته.

ثمّ إنّه سبحانه يترك باب التوبة والإنابة ـ عقيب تلك الآية ـ مفتوحا على العصاة والمذنبين ، وعلى الذين يراجعون الطواغيت ويتحاكمون إليهم أو يرتكبون معصية بنحو من الأنحاء ، ويقول :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً ) .

والجدير بالتأمل والانتباه إنّ القرآن يقول بدل : عصوا أمر الله وتحاكموا إلى الطاغوت :( إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ) وهو إشارة إلى أنّ فائدة الطاعة لأمر الله وأمر الرّسول تعود إليكم أنفسكم ، وإن مخالفة ذلك نوع من الظلم توقعونه على أنفسكم ، لأنّها تحطم حياتكم المادية ، وتوجب تخلفكم وانحطاطكم من الناحية المعنوية.

إنّ هذه الآية تجيب ضمنا على كل الذين يعتبرون التوسل برسول الله أو بالإمام نوعا من الشرك ، لأنّ الآية تصرح بأن التوسل بالنّبي والاستشفاع به إلى الله ، وطلب الاستغفار منه لمغفرة المعاصي ، مؤثر وموجب لقبول التوبة وشمول الرحمة الإلهية.

فلو كانت وساطة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعاؤه للعصاة المتوسلين به ، والاستشفاع به وطلب الاستغفار منه شركا ، فكيف يمكن أن يأمر القرآن العصاة والمذنبين بمثل هذا الأمر؟

نعم ، غاية ما في الباب أنّ على العصاة والمذنبين أنفسهم أن يتوبوا هم ويرجعوا عن طريق الخطأ ، ثمّ يستفيدوا ـ لقبول توبتهم ـ من استغفار النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ومن البديهي أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس من شأنه أن يغفر الذنوب ، بل شأنه في المقام أن يطلب من الله المغفرة خاصّة ، وهذه الآية إجابة مفحمة للذين ينكرون مشروعية أو فائدة هذه الوساطات.

٣٠٣

هذا والمفلت للنظر أنّ القرآن الكريم لم يقل : استغفر لهم يا رسول الله ، بل قال :( وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ) وهذا التعبير ـ لعلّه ـ إشارة إلى أن يستفيد النّبي من مقامه ومكانته ويستغفر للعصاة التائبين.

إنّ هذا الموضوع (أي تأثير استغفار النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للمؤمنين) ورد في آيات أخرى من القرآن الكريم أيضا مثل الآية (١٩) من سورة محمّد والآية (٥) من سورة المنافقون والآية (١١٤) من سورة التوبة التي تشير إلى استغفار إبراهيم لأبيه (عمّه) ، والآيات الاخرى التي تنهي عن الاستغفار للمشركين ، ومفهومها جواز الاستغفار للمؤمنين ، كما يستفاد من بعض الروايات إن الملائكة تستغفر لجماعة من المؤمنين المذنبين عند الله (سورة غافر الآية ٧٧ ، وسورة الشورى الآية ٥).

وخلاصة القول ، إنّ هناك آيات كثيرة تكشف عن هذه الحقيقة وهي إنّ الأنبياء ، أو الملائكة ، أو المؤمنين الصادقين الطيبين بامكانهم أن يستغفروا لبعض العصاة ، وإن استغفارهم مؤثر عند الله ، وهذا هو أحد معاني شفاعة النّبي أو الملائكة أو المؤمنين الطيبين للعصاة والخاطئين ، ولكن الشّفاعة كما قلنا تحتاج إلى أرضية وصلاحية وأهلية في العصاة أنفسهم.

والعجيب أنّه يستفاد من بعض ما قاله جماعة من المفسّرين أنّهم أرادوا اعتبار استغفار النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في الآية الحاضرة ـ مرتبطا بالتجاوزات الواقعة في شؤون النّبي خاصّة لا مطلق المعاصي والذنوب ، وكأنّهم أرادوا أن يقولوا : لو أنّ أحدا ظلم النّبي أو أساء إليه وجب استحلاله واسترضاؤه ليغفر الله تلك الإساءة ويتوب على ذلك التجاوز.

ولكن من الواضح البيّن أن إرجاع التحاكم إلى غير النّبي ليس ظلما شخصيا يهدف به شخص النّبي ، بل هي مخالفة لمنصبه الإلهي الخاص (أو بعبارة أخرى) إنّها مخالفة للأمر الإلهي ، وحتى إذا كان ذلك ظلما شخصيا موجها إلى شخص

٣٠٤

النّبي ـ افتراضا ـ فإن القرآن لم يقصده ولم يركز عليه ، بل ركز القرآن على هذا الموضوع وهو أن ذلك التحاكم مخالفة لأمر الله وتجاهل لإرادته.

هذا مضافا إلى أنّنا لو ظلمنا أحدا كفانا رضاه ، فما الحاجة إلى طلب استغفاره ، ودعائه للمسيء؟ بل وفوق ذلك كلّه ، لو أننا فسّرنا الآية بمثل هذا التّفسير ـ فرضا ـ فما الذي نقوله في تلك المجموعة الكبيرة من الآيات التي تشير إلى استغفار الأنبياء ، والملائكة والمؤمنين للعصاة والخاطئين؟

فهل المقام فيها مقام الحقوق الشخصية أيضا؟

* * *

٣٠٥

الآية

( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٦٥) )

سبب النّزول

وقع خصام بين الزّبير بن العوام ـ وهو من المهاجرين ـ وبين رجل من الأنصار على سقي نخيلهما التي كانت متقاربة في المكان ، فترافعا إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وحيث أن نخيل الزبير كانت أعلى مكانا من نخيل الأنصاري ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للزبير : «اسق ثمّ أرسل إلى جارك»(وقد كانت هذه هي العادة في البساتين المتجاورة آنذاك) فغضب الأنصاري من حكم النّبي العادل هذا ، وقال : يا رسول الله لئن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انزعاجا من موقف الأنصاري وكلامه ، فنزلت الآية الحاضرة تحذر المسلمين من مثل هذه المواقف.

وقد ذكرت في بعض التفاسير أسباب أخرى لنزول الآية تشابه ـ إلى درجة كبيرة ـ ما ذكر في سبب النزول المتقدم (راجع تفسير التّبيان والطّبرسي ، والمنار).

٣٠٦

التّفسير

التّسليم أمام الحق :

الآية ، وإن ذكر لها سبب نزولها خاص ـ ولكننا أسلفنا غير مرّة أن أسباب النزول الخاصّة لا تنافي عمومية مفهوم الآيات ، ولهذا يمكن اعتبار هذه الآية تكميلا لما جاء من البحث في الآيات السابقة.

ولقد أقسم الله ـ في هذه الآية ـ بأنّ الأفراد لا يمكن أن يمتلكوا إيمانا واقعيا إلّا إذا تحاكموا إلى النّبي وقضائه ، ولم يتحاكموا إلى غيره( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) .

ثمّ يقول سبحانه : يجب عليهم ، أن يتحاكموا إليك فقط ، ومضافا إلى ذلك ليرضوا بما تحكمه ، سواء كان في صالحهم أو في ضررهم ولا يشعروا بأي حرج في نفوسهم فضلا عن أن لا يعترضوا ، وبالتالي ليسلموا تسليما.

( ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) : والانزعاج النفسي الباطني من الأحكام التي ربّما تكون في ضرر الإنسان ، وإن كان في الأغلب أمرا غير اختياري ، إلّا أنّه على أثر التربية الخلقية المستمرة يمكن أن تحصل لدى الإنسان روح التسليم أمام الحق ، والخضوع للعدالة ، خاصّة بملاحظة المكانة لواقعية النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا ينزعج من أحكام النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل ولا من أحكام العلماء الذين يخلفونه ، وعلى كل فإن المسلمين الواقعيين مكلفون دائما بتنمية روح الخضوع للحق ، والتسليم أمام العدل في نفوسهم.

إن الآية الحاضرة تبيّن علائم الإيمان الواقعي الراسخ في ثلاث مراحل :

١ ـ أن يتحاكموا إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وحكمه النابع من الحكم الإلهي ـ في ما اختلفوا فيه ، كبيرا كان أم صغيرا ، لا إلى الطواغيت وحكام الجور والباطل.

٢ ـ أن لا يشعروا بأي انزعاج أو حرج في نفوسهم تجاه أحكام الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقضيته العادلة التي هي ـ في الحقيقة ـ نفس الأوامر الإلهية ، ولا

٣٠٧

يسيئوا الظن بهذه الأحكام.

٣ ـ أن يطبقوا تلك الأحكام ـ في مرحلة تنفيذها ـ تطبيقا كاملا ويسلموا أمام الحق تسليما مطلقا.

ومن الواضح أنّ القبول بأي دين وأحكامه في ما إذا كانت في مصلحة الإنسان وكانت مناسبة لمنافعه وتطلعاته ، لا يمكن أن يكون دليلا على إيمانه بذلك الدين ، بل يثبت ذلك إذا كانت تلك الأحكام في الاتجاه المتعاكس لمنافعه وتطلعاته ظاهرا ، وإن كانت مطابقة للحق والعدل في الواقع ، فإذا قبل بمثل هذه الأحكام وسلم لها تسليما كاملا كان ذلك دليلا على إيمانه ورسوخ اعتقاده.

فقد روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير هذه الآية : «لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا البيت وصاموا شهر رمضان ثمّ قالوا لشيء صنعه الله وصنع رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم صنع هكذا وكذا ، ولو صنع خلاف الذي صنع،أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين ، ثمّ تلا هذه الآية (الحاضرة) ثمّ قالعليه‌السلام :عليكم بالتسليم»(١) .

ثمّ أنّه يستفاد من الآية الحاضرة مطلبان مهمّان ـ ضمنا :

١ ـ إنّ الآية إحدى الأدلة على عصمة النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّ الأمر بالتسليم المطلق أمام جميع أحكامه وأوامره قولا وعملا ، بل والتسليم القلبي والخضوع الباطني له أيضا دليل واضح على أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يخطئ في أحكامه وأقضيته وتعليماته ، ولا يتعمد قول ما يخالف الحق فهو معصوم عن الخطأ ، كما هو معصوم عن الذنب أيضا.

٢ ـ إنّ الآية الحاضرة تبطل كلّ اجتهاد في مقابل النص الوارد عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،وتنفي شرعية كل رأي شخصي في الموارد التي وصلت إلينا فيها أحكام صريحة من جانب الله تعالى ونبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

__________________

(١) تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٣٨٩.

٣٠٨

وعلى هذا الإساس فإن ما نراه في التاريخ الإسلامي من اجتهاد بعض الأشخاص في مقابل الأحكام الإلهية والنصوص النبوية ، وقولهم : قال النّبي كذا ونقول كذا ، فليس أمامنا حياله إلّا أن نذعن بأنّهم عملوا على خلاف صريح هذه الآية ، وخالفوا نصها.

* * *

٣٠٩

الآيات

( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً (٦٦) وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً (٦٧) وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٦٨) )

التّفسير

تكميلا للبحث السابق حول أولئك الذين يشعرون بضيق وحرج تجاه أحكام النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقضيته العادلة بعض الأحيان ـ يشير القرآن هنا إلى بعض التكاليف والفرائض الثقيلة في الأمم السالفة فيقول :( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ، أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ) .

أي أنّنا لم نكلّفهم بأية فريضة شاقة لا تتحمل ، ولو أنّنا كنّا نكلّفهم بمثل ما كلّفنا به الأمم السابقة (مثل اليهود الذين أمروا بأن يقتل بعضهم البعض الآخر كفارة لما ارتكبوه من عبادة العجل ، أو يخرجوا من وطنهم المحبب إليهم لذلك) كيف كانوا يتحملونه؟ إنّهم لم يتحملوا حكما بسيطا أصدره النّبي في أمر سقي نخلات ، ولم يسلموا لهذا القضاء العادل،فكيف ترى يمكنهم أن يقوموا بالمهمات العظيمة والمسؤوليات الجسيمة ويمروا بالاختبارات الصعبة بنجاح ، فلو أنّنا

٣١٠

أمرناهم بأن يقتلوا أنفسهم (أي يقتل بعضهم بعضا) أو يخرجوا من وطنهم المحبب عندهم لما فعله إلّا قليل منهم.

إنّ مسألة «الاستعداد للقتل» تشبه ـ حسب قول بعض المفسّرين ـ مسألة «الخروج عن الوطن» من جهات عديدة ، لأنّ البدن وطن الروح الإنسانية تماما كما أنّ الوطن مثل الجسم الإنساني ، فكما أنّ التغاضي عن ترك وطن الجسم أمر صعب ، كذلك التغاضي عن الوطن الذي هو مسقط رأس الإنسان ومحل ولادته ونشأته.

ثمّ إنّ الله سبحانه يقول :( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ) أي لو أنّهم قبلوا نصائح النّبي ومواعظه لكان ذلك من مصلحتهم ، ولكان سببا لتقوية أسس الإيمان عندهم.

والملفت للنظر أنّ القرآن يعبّر ـ في هذه الآية ـ عن الأحكام والأوامر الإلهية بالموعظة ، وهو إشارة إلى أنّ الأحكام المذكورة ليست أمورا تصب في مصلحة المشرّع (أي الله) أو تجر له نفعا ، بل هي ـ في الحقيقة ـ نصائح ومواعظ نافعة لكم ، ولهذا يقول ودون تأخير :( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ) أي تقوية لإيمانهم وترسيخا لجذورها في نفوسهم.

ولا بدّ أيضا أن ننتبه إلى هذه النقطة ، وهي أنّ الله سبحانه يقول في ختام هذه الآية( وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ) أي كلّما اجتهد الإنسان في السير في سبيل طاعة الله وتنفيذ أوامره ازدادت استقامته وازداد ثباته ، وهذا يعني أن إطاعة الأوامر الإلهية نوع من الرياضة الروحية التي تحصل للإنسان من تكرارها قوة وثبات أكبر واستحكام أكثر ، على غرار ما يحصل للجسم نتيجة تكرار الرياضات الجسمية والتمارين الرياضية البدنية ، فيصل الإنسان ـ نتيجة ذلك ـ إلى مرحلة لا يمكن لأية قدرة أن تغلب قدرته أو تخدعه أو تزعزعه.

ثمّ إنّه سبحانه يبيّن ـ في الآية الثّانية ـ الفائدة الثّالثة من فوائد التسليم لأوامر

٣١١

الله وطاعته إذ يقول :( وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً ) أي إذا لأعطيناهم ـ مضافا إلى ما ذكرناه ـ أجرا من عندنا عظيما ، لا يعرف منتهاه ولا يدرك مداه.

ثمّ في آخر آية من هذه الآيات يشير سبحانه إلى رابع نتيجة إذ يقول :( وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً ) .

ومن الواضح البيّن أنّ المراد من هذه «الهداية» ليس هو الإرشاد إلى أصل الدين،بل المراد الطاف جديدة يمن بها الله سبحانه على مثل هؤلاء العباد الصالحين بعنوان الثواب والهداية الثانوية ، فهو يشبه ما أشير إليه في الآية (١٧) من سورة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ قال :( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً ) .

وقد روي أنّه عند ما نزل قوله :( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) قال رجل من المسلمين : والله لو أمرنا لفعلنا فالحمد لله الذي عافانا.

فلما بلغ هذا الكلام إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إنّ من أمتي لرجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي»(١) .

__________________

(١) تفسير في ظلال القرآن ، ج ٢ ، ص ٤٢٨.

٣١٢

الآيتان

( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (٦٩) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً (٧٠) )

سبب النّزول

كان أحد الصّحابة يدعى «ثوبان» شديد الحبّ لرسول الله قليل الصبر عنه ، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه فقال له النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا ثوبان ما غير لونك؟

فقال : يا رسول الله ما من مرض ولا وجع غير أني إذا لم أراك اشتقت إليك حتى ألقاك ، ثمّ ذكرت الآخرة فأخاف أنّي لا أراك ، وإنّي إن أدخلت الجنّة كنت في منزلة أدنى من منزلتك ، وإن لم أدخل الجنّة فذاك حتى لا أراك أبدا.

فنزلت الآيتان الحاضرتان تبشران أمثال هذا بأنّ المطيعين سيكونون مع النّبيين ومن اختارهم الله وأنعم عليهم في الجنّة.

ثمّ أن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «والذي نفسي بيده لا يؤمنن عبد حتى أكون أحبّ إليه من نفسه وأبويه وأهله وولده والناس أجمعين» أي يكون مسلما لتعاليمي وأوامري ، تسليما كاملا.

٣١٣

التّفسير

رفقاء الجنّة :

في هذه الآية يبيّن القرآن ميزة أخرى من ميزات من يطيع أوامر الله تعالى والنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي الحقيقة مكملة للميزات التي جاء ذكرها في الآيات السابقة ، وهي صحبة الذين أتمّ الله نعمه عليهم ومرافقتهم :( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ ) .

وكما أسلفنا في سورة الحمد فإنّ الذين أنعم الله عليهم هم الذين ساروا في الطريق المستقيم ولم يرتكبوا أي خطأ ، ولم يكن فيهم أي انحراف.

ثمّ يشير ـ لدى توضيح هذه الجملة ، وتحديد من أنعم الله عليهم ـ إلى أربع طوائف يشكلون في الحقيقة الأركان الأربعة لهذا الموضوع وهم :

١ ـ الأنبياء : أي رسل الله تعالى الذين كانوا طليعة السائرين في سبيل هداية الناس ودعوتهم إلى الصراط المستقيم( مِنَ النَّبِيِّينَ ) .

٢ ـ الصّادقون : وهم الذين يصدقون في القول ويصدقون إيمانهم بالعمل الصالح،ويثبتون أنّهم ليسوا مجرّد أدعياء الإيمان ، بل مؤمنون بصدق بأوامر الله وتعاليمه( وَالصِّدِّيقِينَ ) .

ومن هذا التعبير يتّضح أنّه ليس بعد مقام النبوة أعلى من مقام الصدق ، والصدق هذا لا ينحصر في الصدق في القول فقط ، بل هو الصدق في الفعل والعمل الصدق في الممارسات والمواقف ، وهو لذلك يشمل الأمانة والإخلاص أيضا ، لأن الأمانة هي الصدق في العمل كما أن الصدق أمانة في القول ، وفي المقام ليس هناك صفة بعد الكفر أقبح من الكذب والنفاق والخيانة في القول والعمل (ويجب الانتباه ـ هنا ـ إلى أن الصدّيق صيغة مبالغة وهي بمعنى الصادق كله ، ظاهرا وباطنا).

وقد فسّر «الصدّيق» في بعض الروايات والأخبار بعليعليه‌السلام والأئمّة من أهل

٣١٤

البيت النّبويعليهم‌السلام ، وهذا التّفسير كما قلنا في ما سبق من باب بيان المصداق الأكمل والأوضح لهذه الآيات ، فلا تفيد الحصر والقصر.

٣ ـ الشّهداء : الذين قتلوا في سبيل الله وفي سبيل العقيدة الإلهية الطاهرة ، أو الذين يشهدون على الناس وأعمالهم في الآخرة( وَالشُّهَداءِ ) (١) .

٤ ـ الصّالحون : وهم الذين بلغوا بأعمالهم الصالحة والمفيدة وباتّباع الأنبياء وأوامرهم إلى مراتب عالية ومقامات رفيعة( وَالصَّالِحِينَ ) .

ولهذا فسّر «الصّالحون» في رواياتنا وأحاديثنا ، بالصفوة المختارة من أصحاب الأئمّةعليهم‌السلام وهذا هو أيضا من باب بيان أظهر المصاديق وأوضحها كما أسلفنا في تفسير الصديقين.

والنقطة الجديرة بالتذكير هنا هي أن ذكر هذه المراحل الأربع يمكن أن يكون إشارة إلى أنّه لا بدّ لبناء المجتمع الإنساني الصالح والسليم من : أن يبدأ الأنبياء ـ وهم القادة والهداة بحق الهداية ، ثمّ يتبعهم المبلغون الصادقون بالقول والعمل ، وهم الصادقون الذين يصدق عملهم قولهم وفعلهم دعواهم فينشروا الحقائق في كل مكان ، ثمّ بعد مرحلة البناء الفكري والاعتقادي هذه ، يقوم جماعة في وجه العناصر الفاسدة ومن يريدون الوقوف في طريق الحقّ ، فيضحون بأنفسهم ويقدمون أجسادهم وحياتهم قرابين للحقّ والعدل ، فيكون حاصل هذه الجهود والمساعي ظهور الصّالحين واستقرار المجتمع الطاهر السليم.

ومن الواضح البيّن أنّ على الصالحين أيضا أن يقوموا بهذه الواجبات الثلاث أي عليهم أن يقودوا ، ويبلغوا ، ويضحوا لكي يبقوا على جذوة الحق متقدة ، وعلى مشعل العدل مضيئا للأجيال اللاحقة.

__________________

(١) الشهيد في أصل اللغة هو من يشهد ، غاية ما هناك أن الإنسان قد يشهد على حق بكلامه ، وقد يشهد بعمله وقتله في سبيل أهدافه الطاهرة.

٣١٥

كما أنّه يستفاد من الآيات الحاضرة ضمنا هذه الحقيقة ، وهي أنّ مسألة مرافقة الصالحين وصحبة الرفقاء الطيبين لها من الأهمية بحيث تعتبر في الآخرة الجزء المكمل للنعم الإلهية الكبرى التي يمنّ الله بها على المطيعين في الجنّة ، فهم علاوة على كل ما يحصلون عليه من نعم وميزات سيحظون بمرافقة رفقاء كالأنبياء والصّديقين والشّهداء والصّالحين.

ولعلنا في غنى عن التذكير بأن معاشرة المطيعين لهذه الطوائف الأربع ليس معناه أنّهم في منزلتهم ورتبتهم ، وإنّهم في درجتهم من جميع الجهات ، بل يعني أن لكل واحد منهم ـ مع معاشرة بعضهم لبعض ـ سهما خاصا (يتناسب ومقامه) من المواهب والألطاف الإلهية، فهم كأشجار بستان واحد ووروده وأعشابه ، فهي مع كونها مجتمعة متجاوزة ومع أنّها تستفيد برمتها من ضوء الشمس والمطر ، ولكنها ليست متساوية في حجم الاستفادة من تلك العناصر ، كما أنّها ليست متساوية في القيمة.

ثمّ يبيّن سبحانه في الآية اللاحقة أهمية هذا الامتياز الكبير (أي مرافقة تلك الصفوة المختارة) إنّ هذه الهبة من جانب الله ، وهو عليم بأحوال عباده ونواياهم ومؤهلاتهم :( ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ ، وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً ) ، فلا يخطئ في الإثابة والجزاء حيث أن «ذلك»إشارة إلى البعيد لهذا يوحي في هذه الموارد إلى أهمية المقام وعلوه.

* * *

٣١٦

الآية

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (٧١) )

التّفسير

الحذر الدّائم :

«الحذر» يعني اليقظة والتأهب والترقب لخطر محتمل ، كما يعني أحيانا الوسيلة التي يستعان بها لدفع الخطر.

أمّا كلمة «ثبات» فتفيد معنى المجموعات المتفرقة ، ومفردها «ثبة» من مادة «ثبي» أي جمع.

والقرآن يخاطب عامّة المسلمين في الآية المذكورة أعلاه ، ويقدم لهم اثنتين من التعاليم اللازمة لصيانة وجود المسلمين والمجتمع الإسلامي تجاه كل خطر يهدد هذا الوجود.

ففي البداية تأمر الآية المؤمنين بالتمسك باليقظة والبقاء في حالة التأهب من أجل مواجهة العدو ، وتحذرهم من الغفلة عن هذا الأمر :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ) .

ثمّ تأمر الآية بالاستفادة من الأساليب والتكتيكات المختلفة في مواجهة

٣١٧

العدو ، من ذلك الزحف على شكل مجموعات إن تطلب الأمر مثل هذا الأسلوب ، أو على شكل جيش موحّد مترابط إن استدعت المواجهة هجوما شاملا منسجما ، وفي كلتا الحالتين لا بدّ من المواجهة الجماعية( فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً ) .

ذهب بعض المفسّرين إلى أن معنى «الحذر» في الآية هو «السلاح» لا غير، بينما للحذر معنى واسع لا يقتصر على السلاح ، ثمّ أن الآية (١٠٢) من هذه السورة تدل بوضوح على أنّ الحذر غير السلاح حيث يقول تعالى :( ... أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ) وجواز وضع السلاح (في الصلاة) مع أخذ الحذر يدل على أنّ الحذر لا يعنى السلاح بالذات.

الآية الكريمة هذه تشتمل على أمر عام مطلق لجميع المسلمين في كلّ العصور والأزمنة، ويدعو هذا الأمر المسلمين إلى الالتزام باليقظة والاستعداد الدائم لمواجهة أي طارىء من جانب الأعداء ولحماية أمن الأمّة ، وذلك عن طريق التحلّي بالاستعداد المادي والمعنوي الدائمين.

وكلمة «الحذر» أيضا تستوعب بمعانيها الواسعة ـ كل أنواع الوسائل المادية والمعنوية الدفاعية التي يتحتم على المسلمين اتباعها ، من ذلك التعرف على قدرة العدو من حيث العدّة والعدد ، وأساليبه الحربية ، والإستراتيجية ، ومدى فاعلية أسلحته ، وكيفية مواجهتها والاحتماء من خطرها وخطر العدوّ نفسه ، وبذلك يكون المسلمون قد أوفوا من حيث العمل بما يتطلبه منهم أمر «الحذر» من الاستعداد والتأهب واليقظة لمواجهة أي خطر طارىء.

ويشتمل أمر «الحذر» أيضا على الاستعداد النفسي والثقافي والاقتصادي ، لتعبئة كافة الإمكانيات البشرية ، والاستفادة من أقوى أنواع الأسلحة وأكثرها تطورا في الوقت المطلوب ، وكذلك الإلمام بصور استخدام هذا السلاح وأساليبه ، فإذا كان المسلمون يلتزمون بهذا الأمر ويطبقونه على حياتهم لاستطاعوا أن

٣١٨

يجنّبوا أنفسهم وأمّتهم الفشل والتقهقر والهزيمة على مدى تاريخهم المليء بالأحداث.

والشيء الآخر الذي يفهم من هذه الآية الكريمة ، هو اختلاف أساليب مواجهة العدو بحسب ما تقتضيه الضرورة ، ويعينه الظرف ، ويحدد موقع العدو ـ فلو كان هذا الموقع يتطلب مقابلة العدو بجماعات منفصلة ، لوجب استخدام هذا الأسلوب مع كل ما يحتاج إليه من عدد وعدّة وغير ذلك ، وقد يكون موقع العدو بصورة تقتضي مواجهة العدو في هجوم عام ضمن مجموعة واحدة متماسكة ، وعند هذا يجب أن يعدّ المسلمون العدّة اللازمة والعدد الكافي لمثل هذا الهجوم الشامل.

ومن هنا يتّضح أنّ إصرار البعض على أن يكون للمسلمين أسلوب كفاحي واحد دون اختلاف في التكتيك لا يقوم على منطق ولا تدعمه التجارب ، إضافة إلى أنّه يتنافى مع روح التعاليم الإسلامية.

لعل الآية ـ أعلاه ـ تشير أيضا إلى أنّ المسألة الهامّة هي تحقيق الأهداف الواقعية سواء تطلب الأمر أن يسلك الجميع أسلوبا واحدا ، أو أن ينهجوا أساليب متنوعة.

ويفهم من كلمة «جميعا» أنّها تعني أنّ المسلمين كافّة مكلّفون بالمشاركة في أمر مواجهة العدو ، ولا يختص هذا الحكم بطائفة معينة.

* * *

٣١٩

الآيتان

( وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (٧٢) وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (٧٣) )

التّفسير

بعد صدور الأمر العام إلى المسلمين بالجهاد والاستعداد لمقابلة العدوّ في الآية السابقة تبيّن هاتان الآيتان موقف المنافقين من الجهاد ، وتفضح تذبذبهم ، فهم يصرّون على الامتناع عن المشاركة في صفوف المجاهدين في سبيل الله( وَإِنَّ مِنْكُمْ (١) لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ ) (٢) وحين يعود المجاهدون من ميدان القتال أو حين تصل أنباء معاركهم ، فإن

__________________

(١) ينبغي الالتفات إلى أنّ الآية أعلاه تخاطب المؤمنين ، لكنّها تتطرق إلى المنافقين أيضا ، كما أنّ عبارة «منكم» جعلت المنافقين جزءا من المؤمنين ، وما ذلك إلّا لأنّ المنافقين كانوا دائما متغلغلين بين المؤمنين ، ومن هنا فهم يحسبون على الظاهر جزءا منهم.

(٢) «ليبطئن» من «البطء» في الحركة ، وهو فعل لازم ومتعد كما ذكر علماء اللغة ، أي أنّهم يبطؤون في حركتهم ويدعون الآخرين إلى البطء ، ولعل استعمال الفعل في باب التفعيل هنا يعني أنّه متعد فقط ، أي أنّهم يدفعون أنفسهم إلى البطء تارة ، ويدفعون الآخرين إلى ذلك تارة أخرى.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710