الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٣

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل8%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 710

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 710 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 173413 / تحميل: 6084
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

وجعلها في متناول الجميع بوضوح ودون غبش ليقف عليها الناس أجمعون من دون إبهام،ويتذوقونها بأرواحهم وأفئدتهم دون أيّة حجب وسدود.

فالذين يتقاعسون أو يقصرون في عرض الحقائق الإلهية وبيانها وتوضيحها للمسلمين لا شك تشملهم هذه الآية ، وينالهم نفس المصير الذي ذكره الله فيها لعلماء اليهود وأحبارهم.

فقد روى عن النّبي الأكرم ـصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أنّه قال : «من كتم علما عن أهله ألجم يوم القيامة بلجام من نار».

وعن الحسن بن عمار قال : أتيت الزهري بعد أن ترك الحديث فألفيته على بابه فقلت : إن رأيت أن تحدّثني فقال : أو ما علمت أنّي تركت الحديث ، فقلت : إمّا أن تحدّثني وإمّا أن أحدثك؟ فقال : حدّثني فقلت : حدّثني الحكم بن عيينة عن نجم الجزار قال: سمعت علي بن أبي طالبعليه‌السلام يقول : «ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا».

قال : فأطرق برأسه مليا بعد أن سمع قولي ثمّ قال : اسمع لأحدثك ، فحدثني أربعين حديثا.(١)

هذا وللتعرف ـ بصورة أكبر ـ على خيانات أحبار اليهود وعلماء النصارى ، راجع الآيات (٧٩ و ١٧٤) من سورة البقرة ، والآيات (٧١ إلى ٧٧) من سورة آل عمران.

* * *

__________________

(١) تفسير أبو الفتوح الرازي ، وتفسير مجمع البيان عند تفسير هذه الآية ، ومتن الحديث العلوي منقول عن نهج البلاغة.

٤١

الآيتان

( لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨٨) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٨٩) )

سبب النّزول

ذكر المحدّثون والمفسرون أسبابا عديدة لنزول هذه الآية ، منها أن اليهود كانوا يفرحون لما يقومون به من تحريف لآيات الكتب السماوية وكتمان حقائقها ظنا منهم بأنّهم يحصلون من وراء ذلك على نتيجة ، وفي الوقت نفسه كانوا يحبّون أن ينسبهم الناس إلى العلم،ويعتبرونهم من حماة الدين فنزلت هذه الآية ترد على تصورهم الخاطئ هذا.

وقال آخرون أنّها نزلت في شأن المنافقين ، لأنهم كانوا يجمعون ويتفقون على التخلف عن الجهاد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا نشبت حرب من الحروب الإسلامية ، متذرّعين لذلك بمختلف المعاذير والحجج ، فإذا عاد المجاهدون من القتال اعتذروا وحلفوا لهم بأنّهم كانوا يودّوا المشاركة لو لا بعض الأعذار ، وأحبوا بالتالي أن يقبل منهم العذر ويحمدوا بما ليسوا عليه من الإيمان وبما لم يفعلوه من أفعال المجاهدين الصادقين. فنزلت هذه الآية ترد على هذا التوقع غير

٤٢

المبرر وغير الوجيه(١) .

التّفسير

المعجبون بأنفسهم :

المرتكبون لقبائح الفعال على نوعين : طائفة تستحي من أفعالها فور انتباهها إلى قبح ما فعلت ، وهي لم تفعل ما فعلت من القبيح إلّا لطغيان غرائزها ، وهيجان شهواتها ، وهذه الطّائفة سهلة النّجاة جدا ، لأنها تندم بعد كل قبيح ترتكبه ، وتتعرض لوخز ضميرها وعتب وجدانها باستمرار.

بيد أنّ هناك طائفة اخرى ليست فقط لا تشعر بالندم والحياء ممّا ارتكبت من الإثم،بل هي على درجة من الغرور والإعجاب بالنفس بحيث تفرح بما فعلت ، بل تتبجح به وتتفاخر ، بل وفوق ذلك تريد أن يمدحها الناس على ما لم تفعله أبدا من صالح الأعمال وحسن الفعال.

إنّ الآية الحاضرة تقول عن هؤلاء :( لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ ) أي لا تحسبن أن هؤلاء يعذرون على موقفهم هذا وينجون من العذاب ، إنّما النجاة لمن يستحون ـ على الأقل ـ من أعمالهم القبيحة ، ويندمون على أنّهم لم يفعلوا شيئا من الأعمال الصالحة.

إنّ هؤلاء المعجبين بأنفسهم ليسوا فقط ضلّوا طريق النجاة وحرّموا من الخلاص ، بل( وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) ينتظرهم.

ويمكن أن نستفيد من هذه الآية أن ابتهاج الإنسان بما وفق لفعله وإتيانه من صالح الإعمال ليس مذموما (إذا كان ذلك لا يتجاوز حد الاعتدال ، ولم يكن سببا للغرور والعجب) ، وهكذا الحال في رغبة الإنسان في التشجيع والإجلال على

__________________

(١) أسباب النزول للواقدي في تفسير هذه الآية وتفسير المنار وتفسير مجمع البيان.

٤٣

الأفعال الحسنة إذا كان ـ كذلك ـ في حدود الاعتدال ، ولم يكن الإتيان بتلك الأعمال الصالحة بدافع الحصول على ذلك ، لأن كل ذلك من غريزة الإنسان ومقتضى فطرته. ولكن أولياء الله ومن هم في المستويات العليا من الإيمان بعيدون حتى من مثل هذا الابتهاج المباح وحبّ التقدير الغير المذموم.

إنّهم يرون أعمالهم دائما دون المستوى المطلوب ، ويشعرون أبدا بالتقصير تجاه ربّهم العظيم ، وبالتفريط في جنبه سبحانه وتعالى.

على أنّه ينبغي أن لا نتصور أنّ الآية الحاضرة ـ مورد البحث ـ تختص بأهل النفاق في صدر الإسلام أو من شاكلهم ـ في كل عصر وزمان ـ وفي جميع الظروف والمجتمعات المختلفة ، ممن يفرحون ويبتهجون بأعمالهم القبيحة أو يحركون الآخرين ليحمدوهم على ما لم يفعلوه بالقلم أو اللسان.

إنّ مثل هؤلاء مضافا إلى العذاب الأليم في الآخرة ، سيصيبهم ـ في هذه الحياة ـ غضب الناس وسخطهم ، وسيؤول أمرهم إلى الانفصال عن الآخرين وإلى غير ذلك من العواقب السيئة.

ثمّ إنّ الله سبحانه يقول في آية لاحقة :( وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) وهذا الكلام يتضمن بشرى للمؤمنين ، وتهديدا للكافرين ، فهي تقول:إنّه لا داعي لأن يسلك المؤمنون لإحراز التقدم طرقا وسبلا منحرفة ، وأن يحمدوا على ما لم يفعلوه ، ذلك لأنّهم يقدرون أن يواصلوا تقدمهم ، ويحرزوا النجاحات بالاستفادة من السبل المشروعة والصحيحة وفي ظل قدرة الله خالق السماوات والأرضين ، كما أنّه على المنافقين والعصاة أن لا يتصوروا أنّهم قادرون على إحراز شيء أو على الخلاص والنجاة من عقاب خالق الكون وربّ السماوات والأرضين بسلوك هذه السبل المنحرفة واستخدام هذه الأساليب غير المشروعة!.

* * *

٤٤

الآيات

( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ (١٩١) رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (١٩٢) رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ (١٩٣) رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (١٩٤) )

التّفسير

أهمية هذه الآيات :

لا شك أنّ جميع الآيات القرآنية تتمتّع بأهمية كبرى لأنّها جميعا كلام الله ، وآياته التي نزلت لتربية الإنسان ونجاته وخلاصه ، وإلّا أنّ هناك من الآيات ما تحظى وتتميز على سواها ببريق خاص ، ومن هذا الصنف ما نقرؤه الآن من الآيات الخمسة التي تعد من القمم القرآنية العظيمة التأثير ، والتي امتزجت فيها

٤٥

مجموعة من معارف الدين بلحن لطيف وساحر من المناجاة والدعاء ، فإذا هي نعمة سماوية تدغدغ المشاعر ، وتثير الشعور ، وتحرك ما غفا من العقل والضمير.

ولهذا أولتها الأحاديث والأخبار المروية أهمية خاصّة ومكانة سامية بين غيرها من الآيات.

عن «عطاء بن رباح» قال : قلت لعائشة : أخبريني بأعجب ما رأيت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قالت : وأي شأن لم يكن عجبا ، أنّه أتاني ليلة فدخل معي في لحافي ثمّ قال:ذريني أتعبد لربّي ، فقام فتوضأ ثمّ قام يصلي ، فبكى حتى سالت دموعه على صدره فركع فبكى ، ثمّ سجد فبكى ، ثمّ رفع رأسه فبكى فلم يزل كذلك حتى جاء بلال فأذنه بالصلاة ، فقلت : يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟قال : أفلا أكون عبدا شكورا ، ولم لا أفعل وقد أنزل عليّ هذه الليلة :( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ ) ـ إلى قوله ـ( سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ ) ثمّ قال : «ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها»(١) والعبارة الأخيرة التي تأمر الجميع ـ بتأكيد كبير ـ بأن يفكروا في هذه الآيات ، وقد رويت في روايت عديدة بعبارات مختلفة.

وفي رواية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا قام الصلاة الليل يسوك ، ثمّ ينظر إلى السماء ثمّ يقول :( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) إلى قوله تعالى :( فَقِنا عَذابَ النَّارِ ) (٢) .

وورد عن الأئمّة من أهل البيتعليه‌السلام الأمر بقراءة هذه الآيات الخمس وقت القيام بالليل للصلاة(٣) .

وعن نوف البكالي قال : بت ليلة عند أمير المؤمنينعليه‌السلام فكان يصلي الليل

__________________

(١) تفسير الدر المنثور ، ج ٢ ، ص ١١١ ، وتفسير أبي الفتوح الرازي في ذيل هذه الآيات.

(٢) تفسير نور الثقلين ومجمع البيان.

(٣) المصدر السابق.

٤٦

كلّه ، ويخرج ساعة بعد ساعة فينظر إلى السماء ويتلو القرآن ـ ويردد هذه الآيات ـ فمرّ بي بعد هدوء الليل ، فقال : يا نوف أراقد أنت أم رامق؟.

قلت : بل رامق ببصري يا أمير المؤمنين.

قال : «يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة ، أولئك الذين اتخذوا الأرض بساطا ، وترابها فراشا ، وماءها طيبا ، والقرآن دثارا ، والدعاء شعارا ...»(١) .

التّفسير

أوضح السّبل لمعرفة الله :

آيات القرآن الكريم ليست للقراءة والتلاوة فقط ، بل نزلت لكي يفهم الناس مقاصدها ويدركوا معانيها ، وما التّلاوة والقراءة إلّا مقدمة لتحقيق هذا الهدف ، أي التفكر والتدبر والفهم ، ولهذا جاء القرآن في الآية الأولى من الآيات الحاضرة يشير إلى عظمة خلق السماوات والأرض ، ويقول :( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ ) (٢) .

وبهذا يحثّ الناس على التفكر في هذا الخلق البديع والعظيم ، ليصيب كلّ واحد منهم ـ بقدر استعداده ، وقدرته على الإستيعاب ـ من هذا البحر العظيم الذي لا يدرك له ساحل ولا قعر ، ويرتوي من منهل أسرار الخلق العذب.

حقّا أنّ هذا الكون العظيم بما فيه من نظام متقن وبديع ، ونقوش رائعة ، ولوحات خلابة كتاب بالغ العظمة ، كتاب في كلّ حرف من حروفه ، وكل سطر من أسطره دليل ساطع على وجود الله الخالق المبدع ووحدانيته ، وتفرّده(٣) .

__________________

(١) سفينة البحار ، مادة نوف ، ج ٢ ، ص ٦٢٢.

(٢) التعبير بأولي الألباب ـ في هذه الآية وآيات عديدة اخرى في الكتاب العزيز ـ إشارة لطيفة إلى أرباب العقول ، لأن اللب من كلّ شيء خيره خالصه ، ولا شك أنّ العقل هو خير ما في الإنسان ، وهو عصارة وجوده الإنساني.

(٣) لقد بحثنا في المجلد الأوّل من هذا التّفسير في معنى اختلاف الليل والنهار وأسرارهما عند تفسير الآية ١٦٤ من سورة البقرة فراجع.

٤٧

إنّ هذا النقش الساحر الآسر للقلوب ، المبثوث في كل ناحية من نواحي هذا الكون العريض يشدّ إلى نفسه فؤاد كلّ لبيب وعقله شدّا ـ يجعله يتذكر خالقه ، في جميع الحالات،قائما أو قاعدا ، وحين يكون في فراشه نائما على جنبه ، ولهذا يقول سبحانه :( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ ) أي أنّهم مستغرقون كامل الاستغراق في التفكير الحيوى حول هذا الكون الرائع ونظامه البديع ومبدعه ، ومبديه.

ولقد أشير ـ في هذه الآية ـ إلى الذكر أوّلا ، ثمّ إلى الفكر ثانيا ، ويعني ذلك أن ذكر الله وحده لا يكفي ، إنّ الذكر إنّما يعطي ثماره القيّمة إذا كان مقترنا بالفكر ، كما أنّ التفكر في خلق السماء والأرض هو الآخر لا يجدي ولا يوصل إلى النتيجة المتوخاة ما لم تقترن عملية التفكر بعملية التذكر ، وبالتالي لا يقرن الفكر بالذكر.

فما أكثر العلماء الذين يقفون ـ في تحقيقاتهم الفلكية والفضائية ـ على مظاهر رائعة من النظام الكوني البديع ، ولكنّهم حيث لا يتذكرون الله ولا ينظرون إلى كل هذه المظاهر بمنظار الموحد الفاحص ، بل ينظرون إليها من الزاوية العلمية المجردة البحتة ، فإنّهم لا يقطفون من هذه التحقيقات ما يترتب عليها من النتائج التربوية والآثار الإنسانية ، ومثلهم في ذلك مثل من يأكل طعاما ليقوى به جسمه فلا يكون لما يأكله أي أثر في تقوية فكره وروحه.

إنّ التفكير في أسرار الخليقة ، وفي نظام السماء والأرض يعطي للإنسان وعيا خاصّا ويترك في عقله آثارا عظيمة ، وأوّل تلك الآثار هو الانتباه إلى هدفية الخلق وعدم العبثية فيه،فالإنسان الذي يلمس الهدفية في أصغر أشياء هذا الكون كيف يمكنه أن يصدق بأنّ الكون العظيم بأسره مخلوق من دون هدف ، ومصنوع من دون غاية؟

لو أنّنا نظرنا في تركيبة نبتة معينة للاحظنا أهدافا واضحة فيها ، وهكذا نلاحظ مثل تلك الأهداف في قلب الإنسان وما فيه من حفر ، وصمامات ، وأبواب

٤٨

وبطون ، فكلّ شيء فيه مخلوق لغاية ، ومجعول لهدف ، وكذا الحال في طبقات العين ، بل وحتى الأجفان ، والأظافر ، كل واحد منها يؤدي دورا ، ويحقق غاية ، فهل يمكن أن يكون لهذه الأجزاء الصغيرة جدا بالنسبة للكون العظيم أهداف واضحة وغايات ملحوظة ، ولا يكون لمجموعه المتمثل في الظاهرة الكونية الهائلة العظيمة أي هدف مطلقا؟( رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً ) .

إنّ العقلاء لا يمكنهم وهم يواجهون هذه الحقيقة الساطعة إلّا أن يقولوا بخشوع هذه الجملة :( رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ ) أي ربّنا إنّك لم تخلق هذا العالم العظيم،وهذا الكون الذي لا يعرف له حدّ ، وهذا النظام المتقن البديع الّا على أساس الحكمة والمصلحة ، ولهدف صحيح ، فكل هذا آية وحدانيتك ، وكل هذا ينزّهك عن اللغو والعبث.

إن أصحاب العقول السليمة الواعية بعد أن يعترفوا بالهدفية في الخليقة يتذكرون أنفسهم فورا ، وكيف يعقل أن يكونوا ـ وهم ثمرة هذا الموجود نفسه وهذا الكون بالذات ـ قد خلقوا سدى ، أو جاؤوا إلى هذه الحياة عبثا ، وأنّه ليس هناك من هدف سوى تربيتهم وتكاملهم!!

إنّهم لم يأتوا إلى هذه الحياة لأجل أن يعيشوا فيها أيّاما سرعان ما تفنى وتنقضي،فذلك أمر لا يستحق كلّ هذا العناء والتعب كما لا يليق بمكانة الإنسان ولا يتناسب مع حكمة الله العليا ، بل هناك دار اخرى تنتظرهم حيث يجدون فيها جزاء أعمالهم، أن خيرا فخير ، وإن شرّا فشر ، وفي هذه اللحظة ينتبهون إلى مسئولياتهم، ويسألون الله التوفيق للقيام بها حتى يتجنبوا عقابه ، ولهذا يقول :( فَقِنا عَذابَ النَّارِ ) ثمّ يقول :( رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ) . ويستفاد من هذه العبارات أنّ العقلاء يخافون من الخزي قبل أن يخافوا من نار جهنم،وهذا هو حال كل من يمتلك شخصية ، فإنّه مستعد لأن يتحمل كلّ شيء من الأذى والمحن شريطة أن يحافظ على شخصيته ، ولهذا فإن أشدّ

٤٩

عقوبات الآخرة على هؤلاء هو الخزي في محضر الله وعند عباده.

على أن النقطة الجديرة بالاهتمام التي تنطوي عليها جملة( وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ ) هي أن العقلاء بعد التعرف على الأهداف التربوية المطلوبة للإنسان يقفون على هذه الحقيقة وهي أن الوسيلة الوحيدة لنجاح الإنسان ونجاته هي أعماله وممارساته ، ولهذا لا يمكن أن يكون للظالمين أي أنصار ، لأنّهم فقدوا النصير الأصلي وهو العمل الصالح، والتزكير على لفظة «الظلم» إمّا لأجل خطورة هذه المعصية من بين المعاصي الاخرى ، وإمّا لأن جميع الذنوب ترجع إلى ظلم الإنسان لنفسه.

على أنّه ليست ثمّة أيّة منافاة بين هذه الآية ومسألة الشفاعة (بمعناها الصحيح) لأنّ الشفاعة (كما قلنا سابقا في بحث الشفاعة) تحتاج إلى قابلية وأهلية خاصّة في المشفوع له ، وهذه الأهلية والصلاحية لشمول الشفاعة تحصل في ضوء بعض الأعمال الصالحة الخيرة.

ثمّ إنّ أصحاب العقول وذوي الألباب بعد التعرف على هدف الكون والغاية من الخلق ينتبهون إلى هذه النقطة ، وهي أنّ هذا الطريق الوعر يجب أن لا يسلكه أحد بدون قيادة الهداة الإلهيين ، ولهذا فهم يترصّدون نداء من يدعوهم إلى الإيمان بصدق وإخلاص ويستجيبون لأوّل دعوة يسمعونها منه ويسرعون إليه ، ويعتنقونها بعد أن يحققوا فيها،ويتأكدوا من صدقها وصحّتها ويؤمنون بها بكلّ وجودهم ، ولهذا يقولون في محضر ربّهم :( رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ ) .

أي ربّنا الآن وقد أمنا بكل وجودنا وإرادتنا ، ولكننا يحيط بنا طوفان الغرائز المختلفة من كلّ جانب ، فربّما ننزلق وربّما نزلّ ونرتكب معصية ، ربّنا فاغفر لنا زلتنا ، واستر عثرتنا،وتوفّنا مع الأبرار الصالحين.

٥٠

لقد اتصل هؤلاء بالمجتمع الإنساني اتصالا عجيبا ، وتركوا التفرد والأنانية إلى درجة أنّهم يطلبون من الله في دعواتهم أن لا يجعلهم مع الأبرار والصالحين في حياتهم فحسب ، بل يجعل مماتهم ـ سواء أكان مماتا طبيعيا أو بالشهادة في سبيل الله ـ كممات الأبرار الصالحين أيضا ، أو يحشرهم معهم ، لأن الموت مع الأشرار موتة مضاعفة ، وعناء مضاعف.

وهنا يطرح سؤال وهو : ما ذا يعني الستر على السيئات بعد طلب غفرانها؟

والجواب هو : مع ملاحظة بقية الآيات القرآنية تتضح حقيقة الإجابة على هذا السؤال ، فإن الآية ٣١ من سورة النساء تقول :( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ) فيستفاد من ذلك أنّ السيئات تطلق على المعاصي الصغيرة ، ولهذا فإنّ العقلاء ذوي الألباب يطلبون من الله في أدعيتهم وضراعاتهم أن يغفر لهم ذنوبهم الكبيرة،ويستر ـ عقب ذلك ـ على ذنوبهم الصغيرة ، ويمحو آثارها من الوجود.

ثمّ أن هؤلاء العقلاء يطلبون من ربّهم في نهاية المطاف ، وبعد أن يسلكوا طريق الإيمان والتوحيد وإجابة دعوة الأنبياء والقيام بالواجبات الموجهة إليهم ، أن يؤتيهم وعدهم على لسان الرسل فيقولون :( رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ ) أي ربّنا لقد وفينا بالتزاماتنا،فأتنا ما وعدتنا عن طريق أنبيائك ورسلك ولا تفضحنا ولا تلحق بنا الخزي يوم القيامة :( وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ ) .

إنّ التركيز على «الخزي» يؤكّد مرّة أخرى هذه الحقيقة الهامّة ، وهي أن هؤلاء بسبب ما يرون لشخصيتهم من أهمية واحترام يعتبرون «الخزي» من أشد ما يلحق بالإنسان من الأذى ، ولهذا يركزون عليه دون سواه من ألوان العقوبات.

وفي مستدرك الوسائل نقلا عن أبي الفتوح الرّازي في تفسيره ، أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من كان له إلى الله حاجة فليقل خمس مرات ربّنا يعطى حاجته ، ومصداق

٥١

ذلك في كلام الله في قوله تعالى :( رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً ) إلى آخر الآيات فيها ربّنا خمس مرّات ثمّ قال تعالى :( فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ ) (١) .

ومن الواضح الذي لا يخفى أن التأثير الواقعي والعميق لهذه الآيات ، إنما يتحقق إذا وافق اللسان في ما يقوله القلب والعمل ، وأن يحل مضمون هذه الآيات الذي يكشف عن طريقة تفكير اولي الألباب وشدّة حبّهم لله ، وإحساسهم بالمسؤوليات الملقاة على عواتقهم،والقيام بواجباتهم ، في فؤاد قارئها وقلبه ، فيحصل له نفس ذلك الخضوع والخشوع الحاصل لأولي الألباب عند مناجاتهم لله ، وتضرعهم إليه.

* * *

__________________

(١) مستدرك الوسائل ، ج ١ ، ص ٣٦٩.

٥٢

الآية

( فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ (١٩٥) )

سبب النّزول

هذه الآية تعقيب على الآيات السابقة حول أولي الألباب والعقول النّيرة ونتيجة أعمالهم ، والشروع بفاء التفريع ـ في هذه الآية ـ أوضح دليل على هذا الارتباط ، ومع ذلك ذكرت أسباب نزول متعددة لها في الأحاديث وأقوال المفسرين ، لكنها لا تنافي ـ في حقيقتها ـ الارتباط الذي ذكرناه لهذه الآية مع الآيات السابقة.

ومن جملة ذلك ما نقل عن أمّ سلمة (وهي إحدى زوجات النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أنّها قالت للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا رسول الله ما بال الرجال يذكرون في الهجرة دون النساء؟فأنزل الله هذه الآية.

كما نقل أيضا أنّ عليّاعليه‌السلام لما هاجر بالفواطم (وهن فاطمة بنت أسد ، وفاطمة

٥٣

بنت النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفاطمة بنت الزبير) من مكّة إلى المدينة ، ولحقت به أم أيمن ـ وهي إحدى زوجات النّبي المؤمنات ـ في أثناء الطريق نزلت الآية الحاضرة(١) .

والمسألة كما قلناه ، فإن الأسباب المذكورة لنزول الآية لا تنافي الارتباط الذي أشرنا إليه بين هذه الآية. والآيات السابقة ، كما أنه لا تنافي أيضا بين هذين السببين المذكورين للآية أيضا.

التّفسير

النّتيجة الطّيبة لموقف أولي الألباب :

في الآيات الخمس الآنفة استعرض القرآن الكريم موجزا من إيمان أولي الألباب والعقول النّيرة ، وبرامجهم العملية ، وطلباتهم وأدعيتهم ، وفي هذه الآية يقول سبحانه :( فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ ) ، والتعبير بلفظة «ربّهم» حكاية عن غاية اللّطف ، ومنتهى الرحمة الإلهية بالنسبة إليهم : ثمّ يضيف قائلا :( أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ ) دفعا للاشتباه والتوهم الذي قد يسبق إلى الذهن بأنه لا ارتباط بين الفوز والنجاة ، وبين أعمال الإنسان ومواقفه،ففي هذه العبارة إشارة واضحة إلى أصل «العمل» وإشارة أيضا إلى عامله ، حتى يتبيّن أن الملاك والمحور الأصلي لقبول الدعاء واستجابته هو الأعمال الصالحة الناشئة من الإيمان ، وأنّ الأدعية التي تستجاب فورا هي تلك التي يدعمها العمل الصالح.

ثمّ أنّه سبحانه يقول :( مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى ، بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) ، وهذا لأجل أن لا يتصور أحد أنّ هذا الوعد الإلهي يختص بطائفة معينة كالذكور دون الإناث مثلا ، فلا فرق في هذا الأمر بين أن يكون العامل ذكرا أو يكون أنثى ، لأنّ الجميع يعودون في أصل الخلقة إلى مصدر واحد( بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) أي تولد بعضكم من بعض ، النساء من الرجال ، والرجال من النساء ، فلا تفاوت في هذه المسألة

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ٢ ، ص ٥٥٩ ، والميزان ، ج ٤ ، ص ٩٥ ـ ٩٦.

٥٤

إذن بين الذكر أو الأنثى ، فلما ذا يكون تفاوت في الجزاء والثواب؟

ويمكن أن تكون عبارة( بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) إشارة إلى أنّكم جميعا أتباع دين واحد ، ورواد منهج واحد وأنصار حقيقة واحدة ، فلا معنى لأن يفرق الله سبحانه بين جماعة واخرى ويميز بين طائفة وطائفة ، وجنس وآخر.

ثمّ أنّه سبحانه يستنتج من ذلك إذ يقول :( فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي ، وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ) ، أي أنّ الله سبحانه كتب على نفسه أن يغفر لهؤلاء ذنوبهم ، جاعلا من هذه المشاق والمتاعب التي نالتهم كفارة لذنوبهم ، ليطهروا من أدرانها تطهيرا.

ثمّ يقول تعالى :( وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ) مضافا إلى غفران ذنوبهم والتكفير عنهم.

وهذا هو الثواب الإلهي لهم على ما قاموا به من تضحية وفداء( ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ ) إنّ لهم أفضل الأجر عند الله وأحسنه ، وقوله :( وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ ) إشارة إلى أنّ الأجر الإلهي والمثوبات الإلهية ليست قابلة للوصف للناس بشكل كامل في هذه الحياة ، بل يكفي أن يعلموا بأنّه أفضل وأعلى من أي ثواب.

هذا ويستفاد ـ جيدا ـ من هذه الآية أن الإنسان لا بدّ أن يتطهّر من أدران الذنوب في ظل العمل الصالح أوّلا ، ثمّ يدخل في رحاب القرب الرّباني والنعيم الإلهي ، لأنّه سبحانه قال أوّلا :( لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ) ثمّ قال :( لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ ) .

وبعبارة اخرى : أنّ الجنّة مقام المتطهرين ، ولا طريق لمن لم يتطهر إليها.

القيّمة المعنويّة للرّجل والمرأة :

إن الآية الحاضرة ـ كبقية الآيات القرآنية الاخرى ـ تساوي بين الرجل

٥٥

والمرأة عند الله ، وفي مسألة الوصول إلى الدرجات المعنوية ، ولا تفرق بينهما بسبب اختلافهما في الجنس ، ولا تعتبر الفروق العضوية وما يلحقها من الفروق في المسؤوليات الاجتماعية دليلا على اختلافهما في إمكانية الحصول على درجات التكامل الإنساني وبلوغهما للمقامات المعنوية الرفيعة ، بل تعتبرهما في مستوى واحد ـ من هذه الجهة ـ ولذلك ذكرتهما معا.

إن اختلافهما في التكاليف وتوزيع المسؤوليات يشبه إلى حد كبير الاختلاف الذي تقتضيه مسألة النظام والانضباط حيث يختار شخص كرئيس ، وآخر كمعاون ومساعد، فإنّه ينبغي أن يكون الرئيس أكثر حنكة وأوسع علما ، وأكثر تجربة في مجال عمله ، ولكن هذا التفاوت والاختلاف في مراتب المسؤولية وسلم الوظائف لا يكون دليلا مطلقا على أن شخصية الرئيس وقيمته الوجودية أكثر من شخصية معاونيه ومساعديه ، وقيمتهم الوجودية.

إنّ القرآن الكريم يقول بصراحة :( وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ، يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ ) (١) .

ويقول في آية اخرى :( مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) (٢) .

هذه الآيات وغيرها من الآيات القرآنية الاخرى نزلت في عصر كان المجتمع البشري فيه يشك في إنسانية جنس المرأة أساسا ، بل ويعتقد أنها كائن ملعون ، وأنها منبع كل إثم وانحراف وموت وفساد.

لقد كان الكثير من الشعوب الماضية تذهب في نظرتها السلبية تجاه المرأة إلى درجة أنها تعتقد أحيانا إنّ عبادة المرأة وما تقدمه في سبيل الله لا تقبل ، وكان الكثير من اليونانيين يعتقدون أنّ المرأة كائن نجس وشرير وأنّها من عمل

__________________

(١) غافر ، ٤٠.

(٢) النحل ، ٩٧.

٥٦

الشّيطان ، وكان الرّوم وبعض اليونانيين يعتقدون أنّ المرأة ليست ذات روح إنسانية أساسا،وأن الرجل وحده هو الذي يحمل بين جنبيه مثل هذه الروح دون غيره.

والملفت للنظر أن العلماء المسيحيين في أسبانيا كانوا يبحثون ـ حتى إلى الآونة الأخيرة ـ في أن المرأة هل تملك ـ مثل الرجل ـ روحا إنسانية أم لا؟ وأن روحها هل تخلد بعد الموت أم لا؟

وقد توصلوا ـ بعد مداولات طويلة ـ إلى أن للمرأة روحا برزخية ، وهي نوع متوسط بين الروح الإنسانية والروح الحيوانية ، وأنه ليس هناك روح خالدة ـ بين أرواح النساء ـ إلّا روح مريم(١) .

من هنا يتضح مدى ابتعاد بعض المغفلين عن الحقيقة حيث يتهمون الإسلام أنّه دين الرجال دون النساء.

إنّ بعض الاختلاف في نوع المسؤوليات الاجتماعية الذي يقتضيه اختلافات في التركيب العضوي والعاطفي لدى الرجل والمرأة لا يضرّ بالمرأة وقيمتها المعنوية أساسا ، ولهذا لا يختلف الرجل والمرأة من هذه الجهة ، فأبواب السعادة والتكامل الإنساني مفتوحة في وجهيهما كليهما على السواء كما ذكرنا ذلك عند البحث في قوله تعالى :( بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) .

* * *

__________________

(١) راجع كتاب وستر مارك ، وكتاب «حقوق المرأة في الإسلام» والكتب الباحثة في مذاهب البشر وعقائدهم.

٥٧

الآيات

( لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٩٧) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (١٩٨) )

سبب النّزول

كان أكثر مشركي مكّة أهل تجارة ، وقد كانوا يحصلون من هذا الطريق على ثروة ضخمة ، يتنعمون بها ، وهكذا كان يهود المدينة أهل تجارة ، وكانوا يعودون من رحلاتهم التّجارية على الأغلب موفورين ، في حين كان المسلمون بسبب أوضاعهم الخاصّة ، لا سيما بسبب الهجرة ، والحصار الذي كان مشركو مكّة قد فرضوه عليهم ، يعانون من وضع اقتصادي صعب جدا ، وبكلمة واحدة كانوا يعيشون في عسرة شديدة.

فكانت مقارنة هاتين الحالتين تطرح على البعض السّؤال التالي : كيف يتنعّم أعداء الله في العيش الرخي ، بينما يقاسي المؤمنون ألم الجوع والفقر المدقع؟

٥٨

فنزلت الآيات الحاضرة تجيب على هذا التساؤل(١) .

التّفسير

سؤال مزعج :

السّؤال الذي مرّ ذكره في سبب نزول هذه الآيات والذي كان يطرحه بعض المسلمين في عصر النّبي يعتبر سؤالا عاما يطرح نفسه على الناس في كل زمان ومكان.

فإنّهم يرون كيف يتنعم العصاة والطّغاة ، والفراعنة والفسّاق ، ويرفلون في النعيم،ويعيشون الحياة الرفاهية ، والرخاء العريض ، ويقيسونه ـ غالبا ـ بحياة الشدّة والعسرة التي يعيشها جماعة من المؤمنين ، ويقولون متسائلين : كيف ينعم أولئك العصاة ـ مع ما هم عليه من الإثم والفساد والجريمة ـ بمثل تلك الحياة الرخية ، بينما يعيش هؤلاء ـ مع ما هم عليه من الإيمان والتقوى والصلاح ـ في مثل هذه الشدّة والعسرة ، وربّما أدى هذا الأمر ببعض ضعفاء الإيمان إلى الشك والتّردد.

ولو أنّنا درسنا هذا السؤال بصورة دقيقة وجيدة ، وحللنا عوامل الأمر وأسبابه في كلا الجانبين ، لظهرت أجوبة كثيرة على هذا التساؤل ، وقد أشارت هذه الآيات إلى بعضها ، ويمكننا الوقوف على بعضها الآخر بشيء من التأمل والفحص.

تقول الآية الأولى من هذه الآيات :( لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ ) والمخاطب في هذه الآية وإن كان شخص النّبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إلا أنه من الواضح البيّن أن المراد هو عموم المسلمين.

ثمّ تقول :( مَتاعٌ قَلِيلٌ ) أي أنّ هذه النّجاحات المادية التي يحرزها

__________________

(١) تفسير مجمع البيان والمنار والميزان.

٥٩

المشركون ، وهذه الثروات الهائلة التي يحصلون عليها من كل سبيل ليست سوى متاع قليل ، ولذّة عابرة.

( ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ ) فالملذات المادية تستعقب عواقب سيئة ، فإنّ مسئولية هذه الأموال والثروات ستجرّهم إلى مصير مشؤوم ، ذلك هو الجحيم الذي ستكون محطتهم الأخيرة ومآلهم وبئس المآل.

إنّ هذه الآية تشير ـ في الحقيقة ـ إلى نقطتين :

الأولى : إنّ أكثر مظاهر تفوّق هؤلاء العصاة الطّغاة الظالمين محدودة الأبعاد ، كما أنّ متاعب أكثر المؤمنين ومشاكلهم ومحنهم كذلك مؤقتة ، ومحدودة أيضا.

وأفضل شاهد على هذا الموضوع هو ما نلاحظه في حياة المسلمين وحياة أعدائهم ومناوئيهم في صدر الإسلام.

فحيث أنّ الحكومة الإسلامية كانت آنذاك في بداية أمرها كنبتة شابّة لا تمتلك كل عناصر القوّة والمنعة لم تكن تملك القدرة الكاملة على الدفاع عن حوزتها وكيانها أمام هجوم أعدائها الألداء الذين كانوا يهاجمونها بشراسة ودونما رحمة ، وخاصّة أنّ هجرة المسلمين الذين كانوا جماعة قليلة في مكّة جعلتهم في وضع حرج جدّا إلى درجة أنّهم فقدوا كل شيء في الهجرة ، ولا يختص مثل هذا الوضع بهم ، بل يتعرض لمثل هذه المعاناة ومثل هذا الوضع كل من يناصر ثورة تغييرية ، ونهضة معنوية وروحية جذرية في مجتمع فاسد يراد تغييره بها.

ولكننا نعلم أنّ هذا الوضع لم يدم طويلا ، فما لثبت الحكومة الإسلامية إلّا أن ترسخت جذورها وقويت دعائمها ، واشتدّ أمرها ، وقويت شوكتها ، وانحدرت الأموال إلى مركز الإسلام من كل صوب وحدب ، فانعكس الوضع تماما ، إذ عاد المترفون الكافرون والأعداء المتنعمون الذين كانوا يرفلون في النعيم والخير مساكين وفقدوا كل ذلك النعيم، وهذا هو ما يعنيه قوله سبحانه :( مَتاعٌ قَلِيلٌ ) .

٦٠

السفياني وأصحابه، فيهزمونهم ويأخذون المـُلْك من أيدي الظالمين، ويسلِّموها إلى أهلها من الهاشميِّين، وهو الإمام المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام) الذي يخرج في مكَّة المكرَّمة.

11- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله)، ج1، باب (104)، ص33، أخرج بسنده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تَخرجُ من خُراسان - الكوفة، فإذا ظهر المهدي [ عليه السلام ] بمكَّة بعثت إليه بالبيعة).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي في عقد الدُّرر الحديث في رقم (172) بسنده عن أبي جعفر محمَّد بن علي (عليهما السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تُقبِل من خُراسان - الكوفةَ، فإذا ظهر المهدي بمكَّة، بَعَثتْ بالبيعة إلى المهدي)، وقال: أخرجه أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد.

المؤلِّف:

وأخرج الحديث في العرف الوردي، ج2، ص69، ولفظه ولفظ السيِّد في الملاحم سواءٌ.

12- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (105)، ص 33، أخرج بسنده عن كعب قال:

(إذا دارت رحى بني العبَّاس، وربَط أصحابُ الرايات السود خيولهم بزيتون الشام، ويُهلك الله لهم الأصهب، ويَقتله وعامَّة أهل بيته على أيديهم، حتَّى لا يبقى أُموي منهم إلاَّ هاربٌ ومختفٍ، ويَسقط السعفتان: بنو جعفر وبنو العبَّاس، ويجلس ابن آكلة الأكباد على منبر دمشق، ويَخرج البربر إلى سرة الشام، فهو علامةُ خروج المهدي).

المؤلِّف:

قوله: (علامةُ خروج المهدي) أي: تكون مقدِّمةً لخروج الإمام المهدي (عليه السلام) كما يظهر ذلك من كثير من أحاديث الباب وغيره.

٦١

13- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (128)، ص40، أخرج بسنده عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام) قال:

(إذا هَزمت الرايات السود خيلَ السفياني - التي فيها شُعيب بن صالح - تمنَّى الناس المهدي فيطلبونه، فيخرج من مكَّة ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، فيصلِّي ركعتين - بعد أن ييأس الناس من خروجه لمَّا طال عليهم من البلاء - فإذا فرغ من صلاته انصرف، فقال: أيُّها الناس: ألحَّ البلاء بأُمَّة محمَّد (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، وبأهل بيته خاصَّة، قُهرنا وبُغيَ علينا).

المؤلِّف:

فيخرج الإمام المهدي (عليه السلام) بعد بيعة أصحابه الخاصَّة معه، وبعد خسفِ جيش السفياني في البيداء، ووصول خبرهم إليه، وقوله: (هذا الذي كنَّا ننتظره).

14- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله) ج1 باب (129)، أخرج بسنده عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(ثمَّ يظهر المهدي بمكَّة عند العشاء، ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصه، وسيفه، وعلامات ونور وبيان، فإذا صلَّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول: أُذكِّركم الله أيُّها الناس ومقامكم بين يدي ربِّكم، فقد اتَّخذ الحُجَّة، وبعث الأنبياء، وأنزل الكتاب، يأمرُكم أن لا تشركوا به شيئاً، وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وأن تحيوا ما أحيى القرآن، وتميتوا ما أمات، وتكونوا أعواناً على الهدى، ووزراً على التقوى، فإنَّ الدنيا قد دنى فناؤها وزوالها، وأَذِنت بالوداع، وإنِّي أدعوكم إلى الله وإلى رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سُنَّته، فيظهر في ثلاثمئة وثلاثةَ عشرَ رجلاً عدَّة أهل بدرٍ، على غير ميعادٍ قُزعاً كقُزع الخريف ، رهبانٌ بالليل، أُسدٌ بالنهار

٦٢

فيفتح الله أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن [ في المدينة ] من بني هاشم، وتنزل الرايات السود الكوفة، فيبعث بالبيعة إلى المهدي، ويبعث المهدي جنوده إلى الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله على يديه القسطنطينيَّة).

المؤلِّف:

يأتي هذا الحديث الشريف بلفظ آخر في رقم (23) نقلاً من (القول المختصر) لابن حجر الهيتمي الشافعي المخطوط، ونسخته توجد في مكتبة أمير المؤمنين في النجف الأشرف عندنا، ويُطبع إنشاء الله في ذيل هذا الكتاب.

15- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، باب (132)، ص41، أخرج بسند عن رزين، عن علي (عليه السلام) قال:

(يُرسل الله على أهل الشام مـَن يُفرِّق جماعتهم حتَّى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم، وعند ذلك يخرج رجلٌ من أهل بيتي في ثلاث رايات، المـُكْثِر يقول: خمسةَ عشرَ ألفاً، والمـُقْلِل يقول: اثني عشر ألفاً، أمارتهم: أَمت أَمت، على رايةٍ منها رجلٌ يطلب المـُلْك، أو يُبْتَغى له المـُلْك، فيقتلهم الله جميعاً، ويردّ الله على المسلمين أُلفَتهم وفاصتهم وبزارتهم).

قال ابن ليهعة: وأخبرني إسرائيل بن عبَّاد، عن محمَّد بن علي مثله، قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا رشدين، حدَّثنا ابن لهيعة قال: وأخبرني عبد الرحمان بن سالم، عن أبيه، عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام)، الحديث، إلاَّ أنَّه قال: (تسع راياتٍ سودٍ)، [ أي: مكان ثلاثِ راياتٍ في الحديث ].

المؤلِّف:

الحديث مرَّ ذكره في قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (المهدي رجلٌ من أهل بيتي)، في الباب (2) في رقم (110)، ورقم (111)، نقلاً من كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، ج7، ص317، ومن المستدرك للحاكم، ج4

٦٣

، ص553 ط حيدر آباد الدكن، والحديثين فيهما اختلاف في الألفاظ مع حديث الفتن، وفيهما مقدِّمة لم تُذكر في الفتن والله أعلم بسبب النقص والاختلاف.

وأخرج الحديث علي المتَّقي الحنفي في كنز العمَّال، ج7، ص263، نقلاً من المستدرك والملاحم والفتن، وأخرج الحديث ابن خلدون في كتابه المعروف (بمقدِّمة ابن خلدون، ص267)، ولفظه يَقرُب لفظ مجمع الزوائد ولا يساويه، راجع الباب (2) تجد اللفظين بنصِّهما.

16- وفي ينابيع المودَّة، ص193، أخرج بسنده من مسند أبي حاتم، وصحيح ابن حبَّان، وكتاب ابن السري بأسانيدهم عن ابن مسعود مرفوعاً أنَّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال:

(... إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله - تعالى - لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي إثرةً وشدَّةً وتطريداً في البلاد، حتَّى يأتي قومٌ من ها هنا - وأشار إلى المشرق - أصحابُ راياتٍ سودٍ، فيسألون حقَّهم فلا يُعطَوْنه - مرَّتين أو ثلاثاً - فيقاتلون فَيُنصَرُون، فيعطون ما شاؤوا فلا يقبلونها، حتَّى يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَملَؤها عدلاً بعدما مـُلئت ظلماً، فمن أدرك ذلك [ منكم ] فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

.

المؤلِّف:

في الحديث اختصار، ويأتي في رقم (17) الحديث كاملاً، وقد أخرجه كاملاً ابن خلدون في المقدِّمة، وأخرجه الحاكم كاملاً، وأخرجه الذهبي كاملاً، ويأتي الحديث عن غيرهم.

17- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص518، طبع مصر، سنة 1349، أخرج الحديث المتقدِّم بسندٍ متَّصل عن عبد الله بن مسعود - وله مقدِّمة - وهذا نصُّه:

بحذف السند عن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم النبي (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه، وتغيَّر لونه

٦٤

قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اخْتارَ الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيسألون الخير فلا يُعْطَوْنه، فَيُقاتِلون فيَنُصَرُون فَيُعطَونَ ما سألوا فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَمْلَؤُهَا قسطاً كما مـَلَئُوهَا جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

في الأربعين لأبي نعيم، أخرج نحوه، وقال فيه:

(حتَّى يأتي قومٌ من المشرق ومعهم راياتٌ سود، فيسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه...). الحديث، وقال في آخره: (ومن استطاع منكم فليأتهم ولو حبواً).

18- وفي الصواعق المـُحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، ص100 طبع مصر، سنة 1308 هـ، أخرج حديث عبد الله بن مسعود مع المقدِّمة، نقلاً من سُنن ابن ماجة بسنده عن عبد الله قال:

بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ)، وذكر الحديث.

ولفظه يساوي لفظ ابن ماجة إلى قوله: (فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج)، وزاد فيه: (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

يظهر من لفظِ حديثِ ابن حجر في الصواعق أنَّه الحديث الذي في ينابيع المودَّة، وفي نفس السُنن أسقط منه قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

هذا وقد أخرج الحديث في عقد الدُّرر - تأليف الشافعي - وفيه زيادات كثيرة، وإليك لفظه في الرقم الآتي.

19- وفي عقد الدُّرر، الحديث (162)، من الفصل (4)، أخرج بسنده عن علقمة بن قيس وعبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود قال:

٦٥

أتيتا رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، فخرج إلينا مـُستبشراً، يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فئةٌ من بني هاشم، فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم خبر بممرهم، وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً تكرهه، فقال:

(إنَّا أهلُ البيت اخْتار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيَلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تُرفع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطَونه، فيُقاتِلون فَيُنصَرَون، فمـَن أدركه منكم ومِن أعقابكم فليأتِ إِمامـَ أهلَ بيتي، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملأها قسطاً وعدلاً، كما مـُلئت جوراً وظلماً).

أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله في مستدركه هكذا، ورواه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني، والإمام أبو عبد الله محمَّد بن يزيد بن ماجه، والحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد، كلُّهم بمعناه.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (29) الحديث من مستدرك الحاكم مع اختلافٍ، ويأتي بقيَّةُ ألفاظه من كتبٍ عديدة بعد رقم (29).

المؤلِّف:

تقدَّم لفظ ابن ماجه، ولفظ ابن حجر، ولفظ ينابيع المودَّة، وليس فيها ما في هذا الحديث من الألفاظ النافعة المهمَّة، ومنه يُعرف أنَّ ألفاظ الحديث في الكتب المتقدِّمة وقعَ فيها تغييرٌ أو تحريف.

وأخرج الحديث في كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان)، ص315، ولفظه يساوي لفظ ابن ماجه القزويني الشافعي، وأخرج الحديث ابن الصبَّاغ المالكي في كتاب الفصول المهمَّة في الفصل (12)، ص276 – 277، ولفظه يقرب لفظ ابن ماجه في سُننه وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم، ثمَّ ذكر بعده حديثاً آخر مختصر مضمونه فيه ما في الحديث السابق، وأخرجه الحاكم في المستدرك، ج4، ص553، وقد تقدَّمت ألفاظهم، ويأتي في رقم

٦٦

(29) لفظ الحاكم وغيره، ولفظ السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص117، راجع رقم (33).

20- وفي الفصول المهمَّة الفصل (12)، ص277، الطبعة الثانية، النجف، سنة 1369 قال: وروى الحافظ أيضاً بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(إذا رأيتم الرايات السود من خراسان فأتوها ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج أبو نعيم حديث ثوبان في الأربعين حديث الذي جمعه في أحوال الإمام المنتظر (عليه السلام)، وذكر السيِّد في غاية المرام، ص700 جميع الأربعين حديث، ومن جملتها حديث ثوبان، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ.

وأخرجه يوسف بن يحيى في عقد الدُّرر في الحديث (173)، ولفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الرايات السود من قِبَل المشرق، كأنَّ قلوبهم زُبَرَ الحديد، فمن سَمِع بهم فليأتهم فيبايعهم، ولو حَبْواً على الثلج).

أخرجه الإمام أبو نعيم في صفةِ المهدي، وأخرج السيِّد في غاية المرام، ص700 هذا الحديث بلفظه نقلاً من الأربعين حديث لأبي نعيم وقال فيه: (كأنَّ قلوبهم من حديد...). الحديث، وهو الحديث (104) من الأحاديث التي جمعها في الإمام المهدي (عليه السلام).

وأخرج ذلك جلال الدين السيوطي الشافعي في العرف الوردي، ج2، ص63، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

21- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم في الحديث (31) من الأحاديث التي أخرجها السيِّد في غاية المرام، ص700، فقد أخرج بإسناده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(يَقْتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير [ الأمر ] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلونهم

٦٧

قتلاً لا يُقاتله قومٌ... ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي حديث ثوبان في كتابه عقد الدُّرر، الحديث (89)، ولفظه يخالف لفظ أبا نعيم، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثة، كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطْلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقاتلونهم قتالاً لم يُقاتِله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً، فقال -: إذا رأيتموه فبايعوه، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

أخرجه الحافظ عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يُخرجاه.

وأخرج أبو نعيم بمعناه وقال: موضع قوله: (ذَكَر شيئاً): (ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي)، وأخرج الحديث في رقم (92) ولفظه لفظ الأربعين لأبي نعيم وقال في آخره: (ثمَّ يجيء خليفة رسول الله المهدي)، ثمَّ قال: أخرجه أبو نعيم هكذا، وأبو عمرو الدَّاني في سُننه، وسيأتي الحديث في رقم (26)، وفي لفظه زيادةٌ واختلاف نفهم منه معنى الحديث.

22- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم، وهو الحديث (33) من الأربعين حديث، قال: وعن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الراياتُ السودُ مِن قِبَل المشرق، كأنَّ قُلوبَهم مِن حديدٍ، فمـَن سَمِع بهم فليأتِهم ولو حَبْواً على الثلج) .

المؤلِّف:

تقدَّم حديث عن ثوبان في رقم (20) ولفظه يقرُب هذا اللفظ، وفيه زيادةٌ واختلافٌ لا يغيِّر المعنى.

المؤلِّف:

الحديث مـُفصّل اختصره أبو نعيم، وقد أخرجه في

٦٨

كتاب البيان، ص313 مفصَّلاً، ويأتي لفظه في رقم (26)، وأخرجه في مقدِّمة ابن خلدون، ص267، وتكلَّم في رجالِ الحديث؛ لأنَّهم ليسوا على مذهبه وفيهم من يتشيَّع، وأخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269، ويأتي لفظه في رقم (27) إنشاء الله.

23- وفي كتاب (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) تأليف ابن حجر الهيتمي الشافعي قال:

الرابعة والعشرون : - من علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - يظهر من مكَّة عند العشاء، معه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصُه، وسيفُه، وعلامات، ونور، وبيان، فإذا صلَّى العشاء خطبَ خطبةً طويلة، ودعى الناس إلى طاعةِ الله وطاعةِ رسوله، فيفتح له أرض الحجاز، ويُخرِج مـَن في السجن من بني هاشم، ويبعث الرايات السود إليه من الكوفة، ويبعث جنوده في الآفاق.

المؤلِّف:

وذكر ابن حجر قبل هذا الحديث في العدد (18) وقال: ينزل قبل رايات سود من خراسان بالكوفة فإذا ظهر [ وليُّ الله الحُجَّة (عليه السلام) ] بمكَّة بعث إليه بمكَّة.

24- وفي عقد الدُّرر، الحديث (176) قال: وعن الحسين قال:

( يَخرجُ بالريِّ رجلٌ رُبْعةٌ أَشَمُّ، مولى لبني تميم، كوسج، يقال له: شُعيب بن صالح، في أربعةِ آلافٍ، ثيابهم بيض، وراياتهم سود، يكون على مقدِّمة المهدي، لا يلقاه أحدٌ إلاَّ فَلَّه).

أخرجه أبو عبد الله في كتاب الفتن.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (4) نقلاً من كتاب الملاحم والفتن، ص31، ولفظه يُخالف هذا اللفظ، وقال: رواه عبد الله بن إسماعيل البصري، عن أبيه، عن الحسن والظاهر، أنَّ في أحدِ الحديثين تحريف.

٦٩

25- وفي عقد الدُّرر، الحديث (143)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(انظروا الفرج في ثلاث ، قلنا: يا أمير المؤمنين: وما هي؟ قال: اختلاف أهلِ الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان! فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ قال: أوَ ما سمعتم قول الله عزَّ وجلَّ في القرآن: ( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمـَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ) ، وهي آيةٌ تُخرِج الفتاةَ من خِدرها، وتُوقظ النائم، وتُفزع اليقظان!).

أخرجه أبو الحسن أحمد بن جعفر المـُنادي.

26- وفي كتاب البيان للكنجي الشافعي، ص336، طبع إيران، سنة 1322 هـ، أخرج بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود، فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ، ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج العلاَّمة السيِّد هاشم البحراني الحديث في غاية المرام، ص701 نقلاً من كتاب البيان للكنجي الشافعي، وفي لفظه اختلاف وزيادة، ويظهر منه: أنَّ الحديث - في طبع إيران - فيه سَقْط، وهذا نصُّ ما في غاية المرام: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

( يقتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود مِن قِبَل المشرق فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا احتفظه، ثمَّ قال النبي (صلَّى الله عليه وآله): فإذا رأيتم أميرهم فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي). أخرجه الحافظ ابن ماجه.

المؤلِّف:

بالتأمُّل في هذا الحديث الشريف يتَّضح لك الحديث المتقدِّم في رقم (20)، ورقم (21)، ورقم (22)، وأخرج الكنجي الحديث أيضاً في الباب الرابع من كتاب البيان، ص313، طبع إيران، وهذا

٧٠

لفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تَصير [الخلافة] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلوهم قتلاً لم يقتله قوم - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

تأمَّل دقيقاً لعلَّك تعرف الفرق بين اللفظ الذي أخرجه في غاية المرام، واللفظ الذي في كتاب البيان، ثمَّ قال الكنجي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، أخرجه الحافظ ابن ماجه القزويني في سُننه كما سُقناه.

المؤلِّف:

ثمَّ أخرج الكنجي الحديث بسند آخر، ولفظه فيه اختصار واختلاف، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ، ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه وبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

ثمَّ قال الكنجي: قلت: رواه عبد العزيز بن المختار، عن خالد الحذّاء نحوه، إلاَّ أنَّه قال في حديثه:

(تجيء راياتٌ سودٌ مِن قِبَل المشرق كأنَّ قلوبهم زُبَر الحديد - فمن سَمِع بهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج - حتَّى يأتوا مدينة دمشق، فيهدمونها حَجَراً حَجَراً ويقتلون بها أبناء الملوك).

رواه أبو نعيم في مناقب المهدي (عليه السلام) عن الطبراني، رُزِقْناه عالياً بحمد الله.

27- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص269، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يَصير إلى واحدٍ منهم، ثم تَطلُع الرايات السود مِنْ قِبَل المشرق، فَيقْتلُونكم قتلاً لم يُقْتَلْهُ قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

٧١

المؤلِّف:

ذكر أبو الحسن محمَّد بن عبد الهادي الحنفي نزيل المدينة، سنة 1138 عند شرحه للحديث في الهامش ص269، ج2، من سُنن ابن ماجه قوله: (عند كَنْزِكُم): أي: مـُلْكِكِم.

وقال ابن كثير: الظاهر أنَّ المراد بالكنز المذكور [ في الحديث ] كنز الكعبة، [ قال ]: وقوله: (ثمَّ تطلع الرايات السود).

قال ابن كثير: هذه الرايات السود ليست هي التي أقبلَ بها أبو مـُسلم الخُراساني فاستلب بها دولة بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

قال: وقوله: (خليفة الله المهدي)، كذا ذكره السيوطي، قال: وفي الزوائد، أي زوائد المسند، هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، ورواه الحاكم في المستدرك، ج4، ص463، ويأتي لفظه في رقم (28) إنشاء الله.

المؤلِّف:

قال جلال الدين السيوطي في كتابه العرف الوردي، ص60، أخرج أحمد، والترمذي، ونعيم بن حمَّاد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تَخرجُ مِن خُراسان راياتٌ سودٌ، فلا يَرُدَّها شئٌ حتَّى تُنْصب بإيلياء).

قال ابن كثير: هذه الرايات ليست هي التي أقْبل بها أبو مسلم الخُراساني، فاستلب بها دولةَ بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

المؤلِّف:

أخرج جلال الدين في كتاب العرف الوردي - قَبل نقلِه هذا الحديث - حديثاً عن أحمد بن حنبل، والترمذي، والطبراني بأسانيدهم عن عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرج ناسٌ مِن المشرق [ خراسان ] فَيُوطِّئون للمهدي سُلطانه).

وهم أهل الرايات السود المذكورين في الحديث، وهم الذين أمر النبي (صلَّى عليه وآله وسلَّم) بمبايعة الناس مع أميرهم، وهو المهدي (عليه السلام).

المؤلِّف:

وقع اختلاف في المصادر في كلمة: (كَنْزِكُم)، ففي

٧٢

مقدِّمة ابن خلدون قال: عند (كِبَرِكُم)، وفي نسخةٍ للبيان قال: عند (كَرْبِكُم)، وفي الأكثر عند (كَنْزِكُم)، والظاهر أنَّ الصحيح هو هذا، وعليه وافقت الشرَّاح للحديث، والله أعلم.

28- وفي المستدرك للصحيحين - البخاري ومسلم - للحاكم النيسابوري الشافعي، ج4، ص463، أخرج بسنده عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطلُع الرايات السود مِن قِبَل المشرق، فيقاتلونكم قتالاً لم يُقاتِلْه قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً - فقال: إذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبواً على الثلج، فإنَّه خليفة الله المهدي ).

ثمَّ قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين.

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف، أخرجه جماعةٌ من الحُفَّاظ وعلماء الحديث في كتبهم المعتبرة، وقد تقدَّم ذِكْرُ بعضهم في رقم (26)، وقد أخرجوه بألفاظٍ مختلفةٍ مفصَّلةٍ ومختصرةٍ وهم جماعة.

منهم: ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة في الفصل الثاني عشر في ص277، وقد تقدَّم لفظه في رقم (20).

منهم: الحافظ أبو نعيم في أربعينه، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21).

منهم: يوسف بن يحيى الشافعي، وقد أخرجه في عقد الدُّرر، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21) (23) أيضاً.

ومنهم: ابن حجر الهيتمي، فإنَّه أخرجه في الصواعق المحرقة، ص 100، ولفظه يَقرُب لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

ومنهم: علي المتَّقي الهندي الحنفي، أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص186، الحديث (1932)، نقلاً من سُنن ابن ماجه ومستدرك

٧٣

الحاكم عن ثوبان وقد تقدَّم لفظ ابن ماجه في رقم (27)، ولفظ الحاكم في رقم (28)، وفي لفظيهما اختلاف يسير.

ومنهم: السيوطي في العرف الوردي، ج2، ص63.

ومنهم: القندوزي في ينابيع المودَّة، ص431، وقال: أخرجه أحمد، والبيهقي في دلائل النبوَّة.

ومنهم: علي المتَّقي في كنز العمَّال، ج7، ص187، أخرج بسنده من مسند الفردوس للديلمي أنَّه قال:

عن ثوبان: (سَتطْلُع عليكم راياتٌ سودٌ من قِبَل خُراسان، فأتوها ولو حَبواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله تعالى المهدي). الديلمي عن ثوبان.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (3)، ورقم (20) من كُتبٍ عديدة لعلماء أهل السنَّة، وليس في ألفاظهم هذا اللفظ.

ومنهم: الشبلنجي في نور الأبصار، ص154 من أربعين أبي نعيم، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ، وقد تقدَّم في رقم (20).

ومنهم: السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص31، باب (94)، وقد تقدَّم في رقم (3).

29- وفي المستدرك للحاكم، ج4، ص464، أخرج بسنده عن عبد الله بن مسعود قال:

أتينا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، فخرج إلينا مـُستبْشِراً يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فِتيةٌ من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟!

٧٤

فقال: (إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تَرتَفِع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألُون الحقَّ فلا يُعْطُونه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطُونه، ثمَّ يسألونه فلا يُعْطُونه، فيقاتلون فَيُنصَرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمامـَ أهلِ بيتي ولو حَبْواً على الثلج، فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي).

30- وفي ينابيع المودَّة، ص433، أخرج الحديث المتقدِّم من جواهر العقدين وقال: ولابن ماجه عن طريق إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، قال:

بينا نحن عند رسول الله (ص) إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي (ص) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، فقلت: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟! فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سَيَلْقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيَسألون الخير فلا يُعْطُونه، فيُقاتلِون فَيُنْصَرون، فيُعْطَون ما سألوه فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي فيملأها قسطاً كما ملؤوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

أخرج الحديث في العرف الوردي عن ابن أبي شَيْبة في سُننه، [ وعن ] نعيم بن حمَّاد في الفتن، وعن ابن ماجه في سُننه، وأبي نعيم، عن ابن مسعود، وزاد في آخره بعد قوله: (ولو حبواً على الثلج)، (فإنَّه المهدي).

وقال السيوطي: فيه دلالةٌ على أنَّ المهدي يكون بعد دولة بني العبَّاس.

المؤلِّف:

من الغريب أن يخفى على جلال الدين السيوطي المتوفَّى سنة 911 أنَّ ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) بعد انقضاء دولة العباسيين وغير العباسيين، وأمَّا الحديث الذي أخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269

٧٥

فحديثين، تقدَّم أحدُهما في رقم (27)، والحديث الآخر هذا بحذف السند عن علقمة، عن عبد الله قال:

(بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، إذ أقبل فِتيةٌ من بني هاشم...). الحديث، ولفظه يساوي لفظ الحديث المنقول من جواهر العقدين فيما تقدَّم بلا اختلافٍ وبلا زيادةٍ.

المؤلِّف:

قال شارح السُنن: (اغرورقت) أي: غَرِقتا بالدموع .

وهذا الحديث الشريف أخرجه الحاكم في المستدرك، وأخرجه غيره، فهو حديثٌ ثابتٌ رواته من رواة الصحاح، كالجامع للترمذي، والسُنن لأبي داود، والنسائي، وابن ماجه، ومن رواةِ صحيح مـُسلم، وفيهم من يتشيَّع، أي: يُقدِّم أمير المؤمنين في الفضل على غيره؛ ولأجل ذلك توقَّف بعض المـُتعصِّبين عن روايته.

وقد تقدَّم نقلُ الحديث من كتاب البيان للكنجي الشافعي، ومن سُنن ابن ماجه، ومن الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، وأخرج السيِّد في الملاحم والفتن الحديث بلفظ آخر كما في ج1، ص32 راجع الحديث الآتي.

31- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، ص32، قال:

الباب (100) فيما ذكره نعيم - مِن نصرِ الذي اسمه اسم النبي (عليه السلام) برايةٍ من المشرق - قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا عبد الله بن مروان، عن العلاء بن عقبة، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) ذَكَرَ بلاءً يلقاه أهل بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نَصَرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتوا رجلاً اسمه كاسمي، فيولُّوه أمرهم، فيؤيِّده الله ويَنصُره).

المؤلِّف:

قد تقدَّم الحديث في رقم (8)، وعلَّقنا عليه وقلنا: إنَّ الحديث في روايته تصحيف، والرواية عن الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)، عن النبي، كما في عقد الدُّرر، الحديث رقم (174) من الباب (5)، ولفظُه يساوي لفظَه.

٧٦

المؤلِّف:

إنَّ هذا الحديث هو الحديث السابق المروي في كُتبٍ عديدة، ولكنَّ الراوي اختصره كما هو عادةُ الرواة، وهو أمرٌ غير صحيح؛ لأنَّه يوجب الإجمال وعدم الوصول إلى معنى الحديث.

المؤلِّف:

ويأتي في باب أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) أحاديث عديدة ذُكر فيها الرايات السود، وأنَّهم من أصحابه وأنصاره، غير أنَّهم يتقدَّمون عليه، وعند انتصارهم يُسلِّمون الأمر إليه.

وقد ذُكر من أوصافهم أنَّ راياتِهم سودٌ صغارٌ، وقلانِسُهم سود، وثيابهم بيض، وهم على خلاف الجيش الذي حارب بني أُميَّة وأخذ السلطة منهم وسلَّمها إلى بني العبَّاس، وهم أصحاب أبي مسلم الخراساني.

وفي العرف الوردي، ج2، ص68 قال: أخرج نعيم بن حمَّاد، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ذكر بلاءً يلقاه أهلُ بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نصرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتي رجلٌ اسمه كاسمي، فيولُّونه أمرهم، فيؤيِّده الله وينصره).

المؤلِّف:

الظاهر أنَّ المراد من الحسن في هذه الرواية - وغيرها - هو: الحسن البصري على اصطلاح علماء أهل السنَّة.

32- وفي كنز العمَّال، ج6، ص68، نقلاً مِن مسند علي (عليه السلام)، قال: وعن أبي الطفيل، أنَّ علياً (عليه السلام) قال له:

(يا عامر: إذا سمِعتَ الرايات السود مـُقبلة مِن خُراسان، فكنت في صندوقٍ مـُقْفلٍ عليك، فاكْسر ذلك القفل، وذلك الصندوق، حتَّى تُقتل تحتها! [ أي: تحت الرايات السود ] فإن لم تستطع [ أي: أن تمشي ] فتدحرج حتَّى تُقْتلَ تحتها [ أي: تحت الرايات السود ]) .

قال السيوطي: - بعد نقل الحديث - قال: أخرجه أبو الحسن علي بن عبد الرحمان بن أبي السري البكالي في جزء من حديثه.

٧٧

33- وفي الملاحم والفتن للسيِّد ابن طاووس، ج1، ص117 قال: أخرج زكريا في الفتن، بسنده عن عبد الله، قال:

بينما نحن جلوس عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، إذ مرَّ فِتيةٌ من قريش، فتغيَّر لونه، فقلنا: يا رسول: الله إنَّا لا نزال نرى في وجهك شيئاً نَكرَهُهُ؟! قال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي هؤلاء سيُصيبُهم بعدي بلاءٌ، وتطريدٌ، وتشريدٌ، حتَّى يَخرُج قومٌ مِن ها هنا - وأومأ بيده نحو المشرق - معهم راياتٌ سودٌ، يَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ويَسألون فلا يُعْطَوْن، فيُقاتِلون ويصبِرون، فيُعْطونَ ما سألوا، فلا يقبلُونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهل بيتي، يملأها قسطاً وعدلاً كما مـُلِئت ظلماً وجوراً، فمن أدركهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث من كُتبٍ عديدةٍ وألفاظ الجميع تُخالف لفظ السيِّد في الملاحم والفتن؛ ولذلك أخرجناه.

٧٨

البَابُ الخامِس وَالعِشرُون

1- في عقد الدُّرر، الحديث (122) من الباب (4)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(السفياني: من وُلْدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، رجلٌ ضخمـُ الهَامةِ، بوجهه آثار جُدري، بعينه نُكتةُ بياضٍ، يَخرُج من ناحيةِ مدينة دمشق، في وادٍ يقال له: الوادي اليابس، يَخرُج في سبعةِ نفرٍ، مع رجلٍ منهم لواءٌ معقود، يُعرَفون به في النصر، يَسيرُ بين يديه على ثلاثين ميلاً، لا يَرى ذلك العلم أحدٌ يريده إلاَّ انهزم).

أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد في الفتن.

المؤلِّف:

أخرج ابن الصبَّان في إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار في ص127 حديثاً مفصَّلاً في علامات الإمام المهدي (عليه السلام)، والنداء السماوي، أخرجنا أوَّله في أحاديث النداء في رقم (6).

وذَكرَ في آخره من كتاب (المسائل الظريفيِّة) للشيخ مجدولي: أنَّ السفياني رجلٌ من وُلدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، ضخم الهامة، بوجهه أثرُ الجُدري، وبعينه نكتهٌ بيضاء، يخرج من ناحية دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ اسم عشيرة ]، يفعل الأفاعيل، ويقتل قبيلةَ قيسٍ.

[ ثمَّ قال ]: وإنَّ المهدي يستخرج تابوتَ السكينة من غار أنطاكية، وأسفار التوراة من جبلٍ بالشام، يُحاجُّ به اليهود فيُسْلِم كثيرٌ منهم [ قال ]: وإنَّه يكون بعد موت المهدي

٧٩

القحطاني: رجلٌ من أهل اليمن، يَعدِل في الناس، ويسير فيهم بسيرة المهدي، يمكث مدَّة ثمَّ يُقتل.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (45)، حديث نور الأبصار - الذي فيه علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - بتفصيله، راجع واغتنم أيُّها الطالب.

2- وفي عقد الدُّرر، الحديث (123)، من الباب (4)، أخرج بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرجُ رجلٌ يُقال له: السفياني، في عمق دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ أي: من عشيرة كلب ] ، فيَقتلُ حتَّى يَبْقر بطون النساء، ويَقْتل الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويَخرجُ رجلٌ من أهل بيتي في الحرم [ أي: مكَّة ] فيبلغ [ إلى ] السفياني [ خروجه ] فيبعث إليه من جُنْدِه فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمن معه، حتَّى إذا جاز بِبَيْدَاءَ مِن الأرض خُسِف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

أخرجه أبو عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم، ولم يُخرجاه.

المؤلِّف:

أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص188، نقلاً من المستدرك للحاكم، عن أبي هريرة، وهذا نصُّه:

(يَخرج رجلٌ يُقال له: السفياني، في عُمقِ دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب، فيَقتُل حتَّى يبقر بطون النساء، ويقتلُ الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجلٌ من أهل بيتي في الحرَّة، فيبلغ السفياني، فيبعث إليه جُنْداً من جُنْدهِ فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمِن معه، حتَّى إذا صار بِبَيْدَاءَ من الأرض خُسف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

(ك، عن أبي هريرة).

3- وفي عقد الدُّرر، الحديث (124) من الباب (4)، عن المهاجر

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710