الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٤

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 611

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 611 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 135078 / تحميل: 6384
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

فيما يتعلق بالسير والسياحة في الأرض وتأثيره في إيقاظ الأفكار انظر تفسير الآية (١٣٧) من سورة آل عمران في هذا التّفسير.

* * *

٢٢١

الآيتان

( قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٢) وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣) )

التّفسير

يواصل القرآن مخاطبة المشركين ، ففي الآيات السابقة دار الكلام حول التوحيد وعبادة الله الأحد وهنا يدور الحديث عن المعاد ، وبالإشارة إلى مبدأ التوحيد يواصل القول عن المعاد بطريقة رائعة ، هي طريقة السؤال والجواب ، والسائل والمجيب كلاهما واحد ، وهو من الأساليب الأدبية الجميلة.

يتكون الاستدلال هنا على المعاد من مقدمتين :

أوّلا : يقول :( قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) . ثمّ يقول مباشرة : أجب أنت بلسان فطرتهم وروحهم :( قُلْ لِلَّهِ ) ، فبموجب هذه المقدمة يكون كل عالم الوجود ملكا لله وبيده وتدبيره.

٢٢٢

ثانيا : إنّ الله هو وحده مصدر كل رحمة ، وهو الذي أوجب على نفسه الرحمة ، ويفيض بنعمه على الجميع :( كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) .

أيمكن لربّ هذا شأنه أن يقطع سلسلة حياة البشر نهائيا بالموت فيوقف التكامل واستمرار الحياة؟ أيتفق هذا مع مبدأ كون الله «فياضا» و «ذا رحمة واسعة»؟ أيمكن أن يكون قاسيا على عباده بهذا الشكل ، وهو مالكهم ومدبر شؤونهم ، بحيث أنّهم بعد مدّة يفنون ويتبدلون إلى لا شيء؟

طبعا لا ، إذ أنّ رحمته الواسعة توجب عليه أن يسير بالكائنات ـ وخاصة البشر ـ في طريق التكامل ، بمثل ما يجعل برحمته من البذرة الصغيرة الزهيدة شجرة ضخمة قوية ، أو يحيلها إلى شجيرة ورد جميلة ، كما أنّه بفيض رحمته يبدل النطفة التافهة إلى انسان كامل ، هذه الرحمة نفسها توجب أن يرتدي الإنسان ـ الذي عند امكانية الخلود ـ لباس حياة جديدة بعد موته في عالم أوسع ، تدفعه يد الرحمة في سيره التكاملي الأبدي ، لذلك يقول بعد هاتين المقدمتين :( لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ ) .

إنّ الآية تبدأ بالاستفهام التقريري الذي يراد به انتزاع الإقرار من السامع ، ولمّا كان هذا الأمر مسلما به بالفطرة ، كما كان المشركون يعترفون بأنّ مالك عالم الوجود ليس الأصنام ، بل الله ، فإنّ الجواب يرد مباشرة ، وهذا أسلوب جميل في عرض مختلف المسائل.

في مواضع أخرى من القرآن يستدل على المعاد بطرق أخرى ، بطريق قانون العدالة ، وقانون التكامل ، والحكمة الإلهية ، ولكن الاستدلال بالرحمة استدلال جديد جاءت به هذه الآية.

في نهاية الآية إشارة إلى مصير المشركين المعاندين وعاقبتهم ، فهؤلاء الذين أضاعوا رأس مال وجودهم في سوق تجارة الحياة ، لا يؤمنون بهذه الحقائق :( الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) .

٢٢٣

ما أعجب هذا التعبير! فقد يخسر المرء أحيانا ثروته أو مركزه أو أي نوع آخر من أنواع رأس المال ، ففي هذه الحالات يكون قد خسر شيئا ، ولكن هذا الشيء الذي خسره لا يكون جزءا من وجوده ، أي أنّه خارج وجوده ، أمّا أعظم الخسائر التي هي في الواقع الخسارة الحقيقية ، فهي عند ما يخسر الإنسان أصل وجوده.

إنّ أعداء الحقيقة والمعاندين يخسرون تماما رأس مال العمر ورأس مال الفكر والعقل والفطرة وجميع المواهب الروحية والجسمية التي كان ينبغي لهم أن يستخدموها في طريق الحقّ للوصول إلى مرحلة التكامل ، وعندئذ لا يبقي رأس المال ولا صاحبه.

لقد ورد هذا التعبير في عدد من آيات القرآن الكريم ، وهي تعبيرات مرعبة عن المصير المؤلم الذي ينتظر منكري الحقيقة والمذنبين الملوثين.

سؤال :

قد يقال : إنّ الحياة الأبدية تكون مصداقا للرّحمة بالنسبة للمؤمنين فقط ، أمّا لغيرهم فهي لا تعدو أن تكون شقاء وتعاسة.

الجواب :

لا شك أنّ الله هو الذي يوفر فرص الرحمة ، فهو الذي خلق الإنسان ، ووهب له العقل ، وأرسل له الأنبياء لقيادته وهدايته ، ومنحه مختلف أنواع النعم ، وفتح أمامه طريقا للحياة الخالدة ، فهذه كلّها ألوان من الرحمة.

والإنسان في غضون مسيرته للوصول إلى ثمرات هذه الرحمة إذا انحرف عن طريق وحول هذه الرحمة إلى عذاب وشقاء ، فإنّ ذلك لا يخرجها عن كونها رحمة ، بل الإنسان هو الملوم على الانحراف عنها وتبديلها إلى عذاب وألم.

الآية الثّانية تكمل في الواقع الآية السابقة ، فالآية السابقة تشير إلى أنّ الله مالك كلّ شيء يستوعبه ظرف «المكان» :( قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) ...؟

٢٢٤

أمّا هذه الآية فتشير إلى ملكية الله لما يستوعيه ظرف «الزمان» الوسيع ، وتقول :( وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ) .

في الواقع ، عالم المادة هذا يتحدد بالزمان والمكان ، فكل الكائنات التي تقع ضمن ظرف المكان والزمان ـ أي عالم المادة كله ـ ملك لله.

وليس الليل والنهار مختصين ـ طبعا ـ بالمنظومة الشمسية ، فإنّ لجميع كائنات السماوات والأرض ليلا ونهارا ، بعضها له نهار دائم بلا ليل ، ولبعضها ليل بلا نهار ، ففي الشمس ـ مثلا ـ نهار دائم ، فهناك ضوء دائم بلا ظلام ، وفي بعض الكواكب الخامدة ، التي لا نور فيها ولا تجاوز النجوم ، ليل دائم سرمدي ، وهذه كلّها مشمولة بالآية المذكورة.

لا بدّ هنا أن نلاحظ أنّ «سكن» والسكونة تعني التوقف والاستقرار في مكان ما ، سواء أكان ذلك الموجود الساكن في حالة حركة أو سكون ، نقول مثلا : فلان «ساكن» في المدينة الفلانية ، أي أنّه مستقر هناك ، مع أنّه يمكن أن يكون متحركا في شوارعها.

كما يحتمل أن تقابل «السكون» في هذه الآية «الحركة» ، ولمّا كان السكون والحركة من الحالات النسبية ، فإنّ ذكر أحدهما يغنينا عن ذكر الآخر ، وعليه يصبح معنى الآية هكذا : كل ما هو كائن في الليل والنهار وظرف الزمان ساكنا كان أم متحركا ، ملك لله.

وبهذا يمكن أن تكون الآية إشارة إلى أحد أدلة التوحيد ، لأنّ «الحركة» و «السكون» حالتان عارضتان وحادثتان طبعا ، فلا يمكن أن تكونا قديمتين أزليتين ، لأنّ الحركة تعني وجود الشيء في مكانين مختلفين خلال زمانين ، والسكون يعني وجود الشيء في مكان واحد خلال زمانين ، وعليه فإنّ الالتفات إلى الحالة السابقة كامن في ذات الحركة والسكون. ونحن نعلم أنّ الشيء إذا كانت له حالة سابقة لا يمكن أن يكون أزليا.

٢٢٥

نستنتج من هذا الكلام أنّ الأجسام لا تخلو من الحركة والسكون ، وأنّ ما لا يخلو من الحركة والسكون لا يمكن أن يكون أزليا ، وعليه فكل جسم حادث ، وكل حادث لا بدّ من محدث (خالق).

ولكن الله ليس جسما ، فلا حركة له ولا سكون ، ولا زمان ولا مكان ، ولذلك فهو أبدي أزلي.

وفي نهاية الآية ، وبعد ذكر التوحيد ، تشير الآية إلى صفتين بارزتين في الله فتقول :( وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ، أي أنّ اتساع عالم الوجود ، والكائنات في آفاق الزمان والمكان لا تحول أبدا دون أن يكون الله عليما بأسرارها ، بل إنّه يسمع نجواها ، ويعلم حركة النملة الضعيفة على الصخرة الصمّاء في الليلة الظّلماء في أعماق واد سحيق صامت ، وإنّه ليدرك حاجاتها وحاجات غيرها ، ويعلم ما تفعل.

* * *

٢٢٦

الآيات

( قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤) قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (١٦) )

التّفسير

لا ملجأ غير الله!

من المفسّرين من يذكر أنّ سبب نزول الآية هو أنّه جاء جمع من أهل مكّة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالوا : يا محمّد ، إنّك تركت دين قومك ، ولم يكن ذلك إلّا بسبب فقرك ، فاقبل منّا نصف أموالنا تكن غنيا على أن نترك آلهتنا وشأنها وتعود إلى ديننا ، فنزلت هذه الآية ترد عليهم(١) .

سبق أن قلنا : إنّ آيات هذه السورة نزلت مرّة واحدة في مكّة ، كما جاء في

__________________

(١) تفسير أبي الفتوح الرازي وتفسير «مجمع البيان» في ذيل تفسير الآية.

٢٢٧

الأخبار المروية ، لذلك لا يمكن أن يكون لكل منها سبب نزول خاص ، غير أنّ أحاديث كانت قد جرت قبل نزول هذه السورة بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمشركين وبعض هذه الآيات تشير إلى تلك الأحاديث ، لذلك ليس ثمّة ما يمنع أن تكون أحاديث من هذا القبيل أيضا قد جرت بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمشركين ، فيشير القرآن في هذه الآيات إلى أحاديثهم ويرد عليهم.

* * *

على كلّ حال ، الهدف من نزول هذه الآيات هو إثبات التوحيد ومحاربة الشرك وعبادة الأصنام فالمشركون ، وإن اعتقدوا أنّ الله هو خالق العالم ، كانوا يتخذون من الأصنام ملجأ لأنفسهم ، ولربّما اتخذوا صنما لكل حاجة معينة ، فلهم إله للمطر ، وإله للظلام ، وإله للحرب والسلم ، وإله للرزق ، وهذا هو تعدد الأرباب الذي ساد اليونان القديم.

ولكي يزيل القرآن هذا التفكير الخاطئ ، يأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن( قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ ) .

فإذا كان هو خالق عالم الوجود كله دون الاستناد إلى قدرة أخرى ، وهو الذي يرزق مخلوقاته ، فما الذي يدعو الإنسان إلى أن يتخذ من دونه وليا وربّا؟وإنّ كل الأشياء غيره مخلوقات وهي بحاجة إليه في كل لحظات وجودها ، فكيف يمكن لها أن تقضي حاجة الآخرين؟

هذه الآية تستعمل كلمة «فاطر» في حديثها عن خالق السموات والأرض ، وأصل «الفطر» و «الفطور» هو الشق ، يروى عن ابن عباس أنّه قال : ما عرفت معنى فاطر السموات والأرض إلّا عند ما رأيت اعرابيين يتنازعان على بئر قال أحدهما : «أنا فطرتها» أي أنا أحدثتها وأوجدتها.

٢٢٨

ولكننا اليوم أقدر من ابن عباس على معرفة معنى «فاطر» بالاستعانة بالعلوم الحديثة ، أنّه تعبير ينسجم مع أدق النظريات العلمية الحديثة عن تكون العالم ، لقد أظهرت دراسات العلماء أنّ العالم الكبير (الكون) والعالم الصغير (المنظومة الشمسية) كانت كلها كتلة واحدة تشققت على أثر الإنفجارات المتتالية ، وتكونت المجرات والمنظومات والكرات ، وفي الآية (٣٠) من سورة الأنبياء بيان أوضح لهذا الأمر :( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ) .

والنقطة الأخرى التي ينبغي ألا نغفل عنها في هذه الآية هو أنّها تقتصر على توكيد اتصاف الله باطعام مخلوقاته ورزقهم ، ولعل ذلك إشارة إلى أنّ أقوى حاجات الإنسان في حياته المادية هي حاجته إلى «لقمة العيش» كما يقال ، وهذه اللقمة هي التي تحمل الناس على الخضوع لأصحاب المال والقوّة ، وقد يصل خضوعهم لأولئك حدّ العبودية ، ففي هذا يقرر القرآن رزق الناس بيد الله لا بيد هؤلاء ولا بيد الأصنام ، فأصحاب المال والقوّة هم أنفسهم محتاجون إلى الطعام ، وأنّ الله هو وحده الذي يطعم الناس ولا يحتاج إلى طعام.

وفي آيات أخرى نرى القرآن يؤكّد مالكية الله ورزاقيته بإنزال الأمطار وإنبات النباتات ، وذلك لكي يزيل من أذهان البشر كليا فكرة اعتمادهم على مخلوقات مثلهم.

ثمّ للردّ على أولئك المشركين الذين كانوا يدعون رسول الله إلى الانضمام إليهم ، يؤكّد القرآن على ضرورة رفض دعوة هؤلاء انطلاقا من مبدأ نهي الوحي الإلهي عن ذلك ، إضافة إلى نهي العقل :( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (١) .

__________________

(١) جملة( إِنِّي أُمِرْتُ ) من قبيل الخطاب غير المباشر ، وجملة «ولا تكونن» خطاب مباشر ، ولعل هذا الانتقال يقصد به القول بأنّ الابتعاد عن الشرك واستنكاره أهم بكثير من أن يكون المرء أول المسلمين ، ولذا جاء موضوع تجنب الشرك في خطاب مباشر ومؤكد بنون التوكيد الثقيلة.

٢٢٩

لا شك أنّ أنبياء الله والصالحين من أقوامهم سبقوا النّبي الخاتم في استسلامهم لأمر الله وعليه فإن قوله تعالى :( إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ) يعني أوّل مسلم من أمّة الرسالة الخاتمة.

كما أنّ هذا إشارة إلى أمر تربوي مهم أيضا ، وهو أنّ كل قائد ينبغي أن يكون في تطليق تعاليم دينه قدوة وطليعة ، عليه أن يكون أوّل المؤمنين برسالته ، وأوّل العاملين بها ، وأكثر الناس اجتهادا فيها ، وأسرعهم إلى التضحية في سبيلها.

الآية التّالية فيها توكيد أشدّ لهذا النهي الإلهي عن إتّباع المشركين :( قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) (١) أي يأمر الله رسوله أن يقول بأنّه ليس مستثنى من القوانين الإلهية ، وأنّه يخاف ـ إن ركن إلى المشركين ـ عذاب يوم القيامة.

ومن هذه الآية نفهم أيضا أنّ شعور الأنبياء بالمسؤولية يفوق شعور الآخرين بها.

ولكي يتّضح أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يستطيع شيئا بغير الاستناد إلى لطف الله ورحمته ، فكل شيء بيد الله وبأمره ، وحتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه يترقب بعين الرجاء رحمة الله الواسعة ، ومنه يطلب النجاة والفوز :( مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ) .

هذه الآيات تبيّن منتهي درجات التوحيد ، وترد على الذين كانوا يرون للأنبياء سلطانا مستقلا عن ارادة الله ، كما فعل المسيحيون عند ما جعلوا من المسيحعليه‌السلام المخلّص والمنقذ ، فتقول لهم : إنّ الأنبياء أنفسهم يحتاجون إلى رحمة الله مثلكم.

* * *

__________________

(١) يلاحظ أنّ تركيب عبارة الآية يقتضي أن تأتي جملة «أخاف» بعد جملة «إن عصيت ربى» لأنّها جواب الشرط ، غير أنّ تقديمها يفيد التأكيد على عظم إحساس رسول الله بالمسؤولية أمام أوامر الله تعالى.

٢٣٠

الآيتان

( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨) )

التّفسير

قدرة الله القاهرة :

قلنا إنّ هدف هذه السّورة هو استئصال جذور الشرك وعبادة الأصنام ، وهاتان الآيتان تواصلان تحقيق ذلك.

فالقرآن يتساءل أوّلا : لماذا تتوجهون إلى غير الله ، وتلجأون إلى معبودات تصطنعونها لحل مشاكلكم ودفع الضر عن أنفسكم واستجلاب الخير لها؟ بينما لو أصابك أدنى ضرر فلا يرفعه عنك غير الله ، وإذا أصابك الخير والبركة والفوز والسعادة فما ذلك إلّا بقدرة الله ، لأنّه هو القادر القوي :( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (١) .

__________________

(١) «الضر» هو كل نقيصة يتعرض لها الإنسان إمّا في الجسم مثل نقص عضو والمرض ، وإمّا في النفس مثل الجهل والسفاهة والجنون ، وإمّا في أمور أخرى مثل ذهاب المال أو المقام أو الأبناء.

٢٣١

في الواقع إنّ سبب الاتجاه إلى غير الله إمّا لتصورهم أنّ ما يتجهون إليه مصدر الخيرات ، وإمّا لاعتقادهم بقدرته وأنّه يدرأ عنهم المصائب ويحل لهم مشاكلهم ، والخضوع إلى حد العبادة لذوي السلطان والمال والقوة ينشأ من أحد هذين الدافعين ، هذه الآية تبيّن أنّ إرادة الله حاكمة على كل شيء ، فإذا منع عن أحد نعمة ، أو منح أحدا نعمة ، فما من قدرة في العالم تستطيع أن تغير ذلك ، فلما ذا إذن يطأطئون رؤوسهم خضوعا لغيره؟

إنّ استعمال «يمسسك» في الخير والشر ، وهي من «مسّ» ، تشير إلى أنّ الخير والشر ـ مهما قلّ ـ لا يكون إلّا بإرادته وقدرته.

ثمّ إنّ الآية المذكورة تدحض فكرة «الثنويين» القائلين بمبدأي «الخير» و «الشر» وعبادتهما ، وتقول إنّ الإثنين كليهما من جانب الله ، ولكننا سبق أن قلنا أن ليس ثمّة شيء اسمه «الشر المطلق».

وعليه فعند ما ينسب الشر إلى الله فإنّما يقصد به على الظاهر «سلب النعمة» وهو بحدّ ذاته «خير» ، فهو إمّا أن يكون للإيقاظ والتربية والتعليم وكبح حالات الغرور والطغيان والذاتية ، أو لمصالح أخرى.

وفي الآية التي تليها إكمال للبحث ، فيقول :( وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ ) .

«القاهر» و «الغالب» وإن كانا بمعنى واحد ، إلّا أنّهما من جذرين مختلفين ، «القهر» يطلق على ذلك النصر الذي يتحقق دون أن يتمكن الطرف المقهور من إبداء أية مقاومة ، وفي كلمة «الغلبة» لا يوجد هذا المعنى ، وقد تحصل بعد المقاومة ، وبعبارة أخرى : القاهر يقال لمن يكون تسلطه على الطرف الآخر من الشمول بحيث إنّه لا يستطيع المقاومة مطلقا كصبّ سطل من الماء على جذوة صغيرة من النّار فيطفؤها فورا.

يرى بعض المفسّرين أنّ «القهر» تستعمل حيث يكون المقهور كائنا عاقلا ،

٢٣٢

ولكن «الغلبة» أوسع منها وتشمل النصر على الكائنات غير العاقلة أيضا(١) .

وعليه إذا كانت الآية السابقة تشير إلى شمول قدرة الله إزاء المعبودات الزائفة الأخرى وأصحاب القوّة ، فذلك لا يعني أنّه مضطر إلى الدخول مدّة في صراع مع تلك القوى كي يتغلب عليها ، بل يعني أنّ قدرته قاهرة ، وقد جاء تعبير( فَوْقَ عِبادِهِ ) لتأكيد هذا المعنى.

وعلى هذا ، كيف يمكن لإنسان واع أن يعرض عن ربّ العالمين ويتجه إلى كائنات وأشخاص لا يملكون بذواتهم أية قدرة ، وما يملكونه من قوّة زهيدة إنّما مصدرها الله أيضا.

ولإزالة كل وهم قد يخطر لأحدهم بأنّ الله قد يسيء استعمال قدرته غير المتناهية كما هو الحال في ذوي القدرة من البشر ، يقول القرآن :( وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ) أي أنّه صاحب حكمة وكل أعماله محسوبة ، لأنه خبير وعالم ولا يخطئ في استعمال قدرته أبدا.

ونقرأ في حالات «فرعون» أنّه عند ما هدد بقتل بني إسرائيل ، قال :( وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ ) (٢) أي أنّه اتّخذ من قدرته القاهرة ـ وإن تكن ضعيفة ـ وسيلة للظلم وغمط حقوق الآخرين ، إلّا أنّ الله الحكيم الخبير بتلك القدرة القاهرة منزّه عن أن يظلم حتى أصغر مخلوقاته.

ومن نافلة القول أنّ تعبير( فَوْقَ عِبادِهِ ) هو التفوق في المقام لا في المكان ، إذ ليس لله مكان محدد.

ومن العجيب جدا أنّ بعض ذوي العقول المتحجرة اتّخذ من هذه الآية دليلا على تجسيم الله سبحانه ، على الرغم من عدم وجود أي شك في أنّ هذا التعبير معنوي يدل على تفوق الله من حيث القدرة على عبيده وحتى فرعون ـ مع كونه

__________________

(١) تفسير «الميزان» ج ٧ ، ص ٣٤.

(٢) الأعراف ، ١٢٧.

٢٣٣

بشرا ذا جسم ـ يستعمل الكلمة نفسها لإظهار تفوقه السلطوي ، لا تفوقه المكاني (تأمل بدقّة).

* * *

٢٣٤

الآيتان

( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (١٩) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) )

التّفسير

أعظم الشّاهدين :

يذكر جمع من المفسّرين أنّ عددا من مشركي مكّة جاؤوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالوا : كيف تكون نبيّا ولا نرى أحدا يؤيدك؟ وحتى اليهود والنصارى الذين سألناهم ، لم يشهدوا بصحة أقوالك بحسب ما عندهم في التّوراة والإنجيل ، فهات من يشهد لك على رسالتك ، والآيتان المذكورتان تشيران إلى هذه الواقعة.

في مواجهة هؤلاء المخالفين المعاندين الذين يغمضون أعينهم عن رؤية كل تلك الدلائل على صدق الرسالة ، ويطلبون مزيدا من الشواهد ، يؤمر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن :( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً ) .

٢٣٥

أهناك شهادة أعظم من شهادة ربّ العالمين؟( قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ) وهل هناك دليل أكبر من هذا القرآن؟ :( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ ) ، هذا القرآن الذي لا يمكن أن يكون وليد فكر بشري ، خاصّة في تلك الظروف الزّمانية والمكانية ، هذا القرآن الذي يضمّ مختلف الشواهد على إعجازه ، فألفاظه معجزة ، ومعانيه معجزة ، أليس هذا الشاهد الكبير وحده كاف لأن يكون تصديقا إلهيا للدعوة!!.

يستفاد من هذه العبارة أيضا أنّ القرآن أعظم معجزة وأكبر شاهد على صدق دعوة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثمّ يشير إلى هدف نزول القرآن ويقول :( لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ) أي أنّ القرآن قد نزل عليّ لكي أنذركم ، وأنذر جميع الذين يصل إليهم ـ عبر تاريخ البشر ، وعلى امتداد الزمان وفي أرجاء العالم كافة ـ كلامي ، وأحذرهم من عواقب عصيانهم.

يلاحظ هنا أنّ الكلام مقتصر على الإنذار مع أنّ خطابات القرآن تجمع غالبا بين الإنذار والبشرى ، والسبب في ذلك يعود إلى أنّ الكلام موجه هنا إلى أفراد معاندين مصرين على المكابرة ، ولا يمكن أن نتصور في الواقع عبارة أوجز وأشمل لبيان المقصود من هذه العبارة ، وما فيها من دقّة وسعة يزيل كل إيهام في عدم اختصاص دعوة القرآن بالعرب أو بزمان أو مكان معينين.

بعض العلماء استدلوا بهذا التعبير وأمثاله على ختم النّبوة برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهذه الجملة تعني أنّ الرّسول قد بعث إلى جميع الذين تصلهم دعوته ، وهذا يشمل جميع الذين يردون الحياة حتى نهاية العالم.

وتفيد الأحاديث الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام أنّ مفهوم إبلاغ القرآن لا يعني مجرّد وصول نصوصه إلى الأقوام الأخرى فحسب ، بل أنّ المفهوم يشمل وصول ترجماته بمختلف اللغات إلى تلك الأقوام.

جاء عن الإمام الصّادقعليه‌السلام أنّه عند ما سئل عن هذه الآية قال : «بكل

٢٣٦

لسان»(١) .

كما أنّ من أصول الفقه المسلم بها هو مبدأ «قبح العقاب بلا بيان» وهذا ما تفيده الآية المذكورة.

فقد ثبت في أصول الفقه أنّه ما دام الحكم لم يبلغ شخصا ، فإنّه لا يتحمل مسئولية تنفيذه (إلّا إذا كان مقصرا في استيعاب الحكم) ، فهذه الآية تقول بأنّ الذين تصلهم الدعوة يتحملون مسئوليتها ، أمّا الذين لم تصلهم الدعوة ، بدون تقصير ، فلا مسئولية عليهم.

في تفسير (المنار) رواية عن أبيّ بن كعب قال : أتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأسارى فقال لهم : هل دعيتم إلى الإسلام؟ قالوا : لا ، فخلى سبيلهم ، ثمّ قرأ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ) ، ثمّ قال : خلوا سبيلهم حتى يأتوا مأمنهم من أجل أنّهم لم يدعوا(٢) .

ومن هذه الآية نفهم ـ أيضا أنّ إطلاق كلمة «شيء» على الله جائز ، إلّا أنّه شيء لا كالأشياء المخلوقة المحدودة ، بل هو خالق ولا تحده حدود.

ثمّ أمر الله رسوله أن يسألهم :( أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى ) . ويأمره أن :( قُلْ لا أَشْهَدُ ، قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ) .

ذكر العبارات الأخيرة في الآية له هدف نفسي هام ، وهو أنّ المشركين قد يتصورون حدوث تزلزل في نفس النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أثر كلامهم ، فيتركون المجلس آملين ، ويبشرون أصحابهم بإمكان أن يعيد محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النظر في دعوته.

فهذه الجمل الصريحة الحاسمة تقضي على أمل المشركين وتحيله إلى يأس ، وتبيّن لهم أنّ الأمر أعظم ممّا يظنون ، وأنّه لم يداخله أدنى شك في دعوته ، ولقد دلت التجارب على أنّ ذكر أمثال هذه العبارات الجازمة والحاسمة في ختام كل

__________________

(١) تفسير «البرهان» ، وتفسير «نور الثقلين» ، ج ١ ، ص ٧٠٧ ذيل الآية.

(٢) تفسير «المنار» ، ج ٧ ، ص ٣٤١.

٢٣٧

بحث له أثر عميق في تحقيق الهدف النهائي.

أمّا الذين قالوا : إنّ أهل الكتاب لم يشهدوا لنبي الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّ الآية التي بعدها ترد عليهم وتقول :( الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ ) أي أن معرفتهم به لا تقتصر على مبدأ ظهوره ودعوته فحسب ، بل إنّهم يعرفون حتى التفاصيل والخصائص وعلاماته الدقيقة أيضا ، وعليه ، إذ قال جمع من أهل مكّة : إنّهم رجعوا إلى أهل الكتاب فلم يجدوا عندهم علما بالنّبي ، فإنّهم إمّا أن يكونوا قد كذبوا ولم يتحققوا من الأمر ، أو أنّ أهل الكتاب قد أخفوا عنهم الحقائق ولم يطلعوهم عليها ، وهذا الكتمان تشير إليه آيات أخرى من القرآن (لمزيد من التوضيح انظر المجلد الأوّل من هذا التّفسير في ذيل الآية (١٤٦) من سورة البقرة).

والآية تعلن في آخر مقاطعها النتيجة النهائية :( الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) أي أنّ الذين لا يؤمنون بالنّبي ـ مع كل ما تحيطه من دلائل وعلامات واضحة ـ هم فقط أولئك الذين خسروا كل شيء في تجارة الحياة.

* * *

٢٣٨

الآيات

( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢١) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) )

التّفسير

أشدّ الظّلم :

تواصل هذه الآيات المنهج القرآني في مقارعة الشرك وعبادة الأصنام بشكل شامل ، تقول الآية الاولى بصراحة وبصورة استفهام استنكاري :( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ ) ؟

الجملة الأولى ـ في الواقع ـ إشارة إلى إنكار التوحيد ، والثّانية إشارة إلى إنكار النّبوة حقّا لا ظلم أكبر من أن يتخذ المرء قطعة جماد لا قيمة لها ، أو إنسانا ضعيفا مثله شريكا لربّ لا تحدّه ، حدود ، وله الحكم على كل عالم الوجود ، فهذا ظلم من جهات ثلاث : ظلم لذات الله بالقول بوجود شريك له ، وظلم للشخص

٢٣٩

نفسه بالحط من قدره إلى حد السجود والخضوع لقطعة حجر أو خشب ، وظلم بحق المجتمع الذي يسبب له الشرك والتشتت والتفرق والابتعاد عن روح الوحدة والتوحد.

فلا شك إذن في أنّ أي ظالم ـ وعلى الأخص أولئك الذين لظلمهم جوانب متعددة ـ لا يمكن أن يرى السعادة والفلاح :( إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) .

إنّ لفظة «الشّرك» لم ترد صراحة في الآية ، ولكن بأخذ الآيات السابقة واللّاحقة لها بنظر الاعتبار التي تدور حول الشرك ، يتّضح أنّ القصد من كلمة «افتراء» هو القول بوجود شريك لله سبحانه.

وممّا يلفت النظر أنّ القرآن يصف في خمسة عشر موضعا بعض الناس بأنّهم من أظلم الناس في سياق الاستفهام : «ومن أظلم ...» أو «فمن أظلم ...» وعلى الرغم من أنّ معظم تلك الآيات تتناول الشرك وعبادة الأصنام وإنكار آيات الله ، أي أنّها تدور حول التوحيد ، فإنّ بعضا آخر منها يدول حول أمور أخرى ، مثل( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) (١) .

وقول سبحانه( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ ) (٢) .

هنا يثار هذا السّؤال : كيف يمكن أن تكون كل طائفة من هؤلاء أظلم الناس ، في حين أنّ صفة (الأظلم) لا يمكن أن تنطبق إلّا على طائفة واحدة منها؟

نقول في الجواب : كل هذه الحالات تستقي ـ في الحقيقة ـ من منبع واحد ، وهو الشرك والكفر والعناد. فمنع الناس من ذكر الله في المساجد والسعي في خرابها دليل على الكفر والشرك ، وكتمان الشهادة أي كتمان الحقائق المؤدي إلى حيرة الناس وضلالهم ، هو معلم من معالم الشرك وإنكار وحدانية الله.

الآية التّالية تشير إلى مصير المشركين يوم القيامة مبيّنة أنّهم باعتمادهم على

__________________

(١) البقرة ، ١١٤.

(٢) البقرة ، ١٤٠.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

طهرت تغسل رأسها بالخطمي؟ فقال: يجزيها الماء "(١) .

٢٧٥٩ - وروى جميل عنه عليه السلام أنه قال " في الحائض إذا قدمت مكة يوم التروية إنها تمضي كما هي إلى عرفات فتجعلها حجة ثم تقيم حتى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة "(٢) .

٢٧٦٠ - وروى صفوان، عن إسحاق بن عمار قال: " سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن المرأة تجئ متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت حتى تخرج إلى عرفات، فقال: تصير حجة مفردة وعليها دم اضحيتها "(٣) .

٢٧٦١ - وروى صفوان، عن عبدالرحمن بن الحجاج قال: " سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل كانت معه امرأة فقدمت مكة وهي لا تصلي فلم تطهر إلا يوم التروية وطهرت وطافت بالبيت ولم تسع بن الصفا والمروة(٤) حتى شخصت إلى عرفات هل تعتد بذلك الطواف أو تعيد قبل الصفا والمروة؟ قال: تعتد بذلك الطواف الاول وتبني عليه"(٥) .

٢٧٦٢ - وروى أبان، عن زرارة قال: " سألته عن امرأة طافت بالبيت فحاضت

___________________________________

(١) يدل على استحباب اجتناب المحرمة من الخطمى. (م ت)

(٢) يدل على أنها إذا قدمت مكة وهى حائض تجعل عمرتها حجة وتحج وتعتمر بعده.

(٣) رواه الشيخ ره في الاستبصار ج ٢ ص ٣١٠: وفيه " عليها دم تهريقه وهى اضحيتها " وقال الشيخ محمولة على الاستحباب دون الوجوب لانه إذا فاتتها المتعة صارت حجتها مفردة وليس على المفرد هدى انتهى، وقيل: لعل في العدول عن الهدى إلى الاضحية اشعارا بان ذلك على الاستحباب.

(٤) اما لضيق الوقت أو لنسيان، وقيل: ظاهر العبارة مشعر بأنه لم يفت منها من أفعال العمرة الا السعى فتكون قد قصرت وأحرمت بالحج.

(٥) الظاهر أنها قصرت وأحلت وأهلت بالحج ولم تسع فحينئذ تقضى السعى ولو طافت وذهبت إلى عرفات فيمكن أن تصير حجها مفردا ويكون عدم الاحتياج إلى الطواف لذلك، أو يكون مغتفرا بالنظر إلى المعذور الجاهل أو أحدهما وهو الاظهر من الخبر. (م ت)

٣٨١

قبل أن تصلي الركعتين فقال: ليس عليها إذا طهرت إلا الركعتين وقد قضت الطواف "(١) .

٢٧٦٣ - وروى أبان، عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إذا طافت المرأة طواف النساء فطافت أكثر من النصف فحاضت نفرت إن شاء‌ت "(٣) .

٢٧٦٤ - وروى صفوان، عن إسحاق بن عمار قال: " سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن جارية لم تحض خرجت مع زوجها وأهلها فحاضت فاستحيت أن تعلم أهلها وزوجها حتى قضت المناسك وهي على تلك الحالة وواقعها زوجها ورجعت إلى الكوفة، فقالت لاهلها: قد كان من الامر كذا وكذا، فقال: عليها سوق بدنة والحج من قابل(٣) وليس على زوجها شئ ".

٢٧٦٥ - وروى فضالة بن أيوب، عن الكاهلي قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن النساء في إحرامهن، فقال: يصلحن ما أردن أن يصلحن(٤) فإذا وردن الشجرة أهللن بالحج ولبين عند الميل أول البيداء، ثم يؤتى بهن مكة يبادر بهن الطواف السعي(٥) فإذا قضين طوافهن وسعيهن قصرن وجازت(٦) متعة، ثم أهللن يوم التروية بالحج

___________________________________

(١) يدل على أنها إذا حاضت بعد الطواف وقبل الصلاة صحت متعتها.

(٢) قال العلامة المجلسى رحمه الله: لعل الاوفق باصول الاصحاب حمله على الاستنابة في بقية الطواف وان كان ظاهر الخبر الاجتزاء بذلك كظاهر كلام الشيخ في التهذيب (ج ١ ص ٥٦٠ والعلامة في التحرير والاحوط الاستنابة.

(٣) سوق بدنة حمل على ما إذا كانت عالمة بالحكم واستحيت عن اظهار ذلك (المرآة) والحج بسبب أنها كانت محرمة لم تحل لان الطوافين اللذين وقع منها كانا باطلين لعدم الطهارة لكن الجماع وقع بعد الموقفين الا أن يقال عمرة التمتع بمنزلة جزء الحج فكانها كانت في العمرة لعدم التحلل فيكون قبل المشعر كما في الرواية وقبل الموقفين كما قاله الاصحاب أو لان حجها كانت باطلة فليزم عليها حجة الاسلام لا حج العقوبة وهو الاظهر. (م ت)

(٤) يعنى من حلق العانة أو نتفها والنورة وغير ذلك ولما قبح ذكر بعض هذه الاشياء عبر عنه بهذه العبارة. (م ت)

(٥) لئلا يحصل الحيض بالتأخير. (م ت)

(٦) في بعض النسخ " صارت ".

٣٨٢

وكانت عمرة وحجة، وإن اعتللن كن على حجهن(١) ولم يفردن حجهن ".

٢٧٦٦ - وروى حريز، عن محمد بن مسلم قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن امرأة طافت ثلاثة أطوف أو أقل من ذلك ثم رأت دما، فقال: تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت منه واعتدت بما مضى "(٢) .

وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام مثله.

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: وبهذا الحديث افتي دون الحديث الذي رواه:

٢٧٦٧ - ابن مسكان، عن إبراهيم بن إسحاق، عمن سأل أبا عبدالله عليه السلام " عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت، قال: تتم طوافها وليس عليها غيره، ومتعتها تامة، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة لانها زادت على النصف وقد قضت متعتها فلتستأنف بعد الحج، وإن هي لم تطف إلا ثلاثة أشواط فلتستأنف بعد الحج فان أقام بها جمالها بعد الحج فلتخرج إلى الجعر انه أو إلى التنعيم فلتعتمر "(٣) .

لان هذا الحديث إسناده منقطع والحديث الاول رخصة ورحمة، وإسناده متصل وإنما لا تسعى الحائض التي حاضت قبل الاحرام بين الصفا والمروة وتقضي المناسك

___________________________________

(١) أى حج التمتع بقرينة " ولم يفردن حجهن " ويحتمل أن يكون المراد حج الافراد وقوله " ولم يفردن " أى في أول الامر بل ان حصل العذر أفردن.(م ت)

(٢) قال المولى المجلسى رحمه الله: يدل على الاكتفاء بالثلاث وان لم يتجاوز النصف.

وحمله الشيخ على طواف النافلة وقال: ان طواف الفريضة متى نقص عن النصف يجب على صاحبه استينافه من أوله ولا يجوز البناء عليه ان كان أقل من النصف ويجوز في النافلة البناء.

(٣) ذكر المصنف للمعارضة خبرا واحدا مع أنه وردت أخبار كمرسل الكلينى عن أحمد بن عمر الحلال عن أبى الحسن عليه السلام وما رواه في الضعيف عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام في الكافى ج ٤ ص ٤٤٨ و ٤٤٩، وما رواه الشيخ في الضعيف عن سعيد الاعرج عن الصادق عليه السلام في التهذيب ج ١ ص ٥٥٩.

٣٨٣

كلها لانها لا تقدر أن تقف بعرفة إلا عشية عرفة ولا بالمشعر(١) إلا يوم النحر ولا ترمي الجمار إلا بمنى(٢) وهذا إذا طهرت قضته.

باب الوقت الذى إذا أدركه الانسان يكون مدركا للتمتع  (٣)

٢٧٦٨ - روى ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، ومرازم، وشعيب عن أبي عبدالله عليه السلام " في الرجل المتمتع يدخل ليلة عرفة فيطوف ويسعى ثم يحرم(٤) فيأتي منى فقال: لا بأس ".

٢٧٦٩ - وروى الحسين بن سعيد(٥) عن حماد، عن محمد بن ميمون قال: " قدم أبوالحسن عليه السلام متمتعا ليلة عرفة فطاف وأحل وأتى بعض جواريه، ثم أهل

___________________________________

(١) لعل مراده أنه إذا حاضت قبل السعى أو قبل احرام الحج انما تؤخر السعى وتقضيه بعد، بخلاف مناسك الحج فانها تفعلها حائضا لان لافعال الحج أوقاته معينة لا يمكن تجاوزها فليس لها أن تؤخرها إلى أن تطهر فهى مقدورة فيها بخلاف السعى (سلطان) أقول: روى الشيخ في الاستبصار ج ٢ ص ٣١٤ مسندا عن عمر بن يزيد قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الطامث، قال تقضى المناسك كلها غير أنها لا تطوف بين الصفا والمروة، قال: قلت: فان بعض ما تقضى من المناسك أعظم من الصفا والمروة والموقف فما بالها تقضى المناسك ولا تطوف بين الصفا والمروة؟ قال: لان الصفا والمروة تطوف بهما إذا شاء‌ت، وان هذه المواقف لا تقدر أن تقضيها إذا فاتها ".

(٢) كل ذلك في الايام المخصوصة.

(٣) وسيأتى الكلام فيه ان شاء الله تعالى.

(٤) في الكافى ج ٤ ص ٤٤٣ ثم يحل ثم يحرم ".

(٥) في أكثر النسخ " روى الحلبى عن أحدهما عن حماد، عن محمد بن ميمون " وهو تصحيف والصواب ما في بعض النسخ كما في الكافى والتهذيب ولذا اخترناه في المتن.

٣٨٤

بالحج وخرج "(١) .

٢٧٧٠ - وروي عن أبي بصير قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " المرأة تجئ متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت فيكون طهرها ليلة عرفة، فقال عليه السلام: إن كانت تعلم أنها تطهر وتطوف وتحل من إحرامها وتلحق الناس بمنى فلتفعل ".

٢٧٧١ - وروى النضر، عن شعيب العقرقوفي قال: " خرجت أنا وحديد فانتهينا إلى البستان(٢) يوم التروية فتقدمت على حمار فقدمت مكة وطفت وسعيت وأحللت من تمتعي، ثم أحرمت بالحج، وقدم حديد من الليل فكتبت إلى أبي الحسن عليه السلام استفتيته في أمره، فكتب إلي: مره يطوف ويسعى ويحل من متعته ويحرم بالحج ويلحق الناس بمنى ولا يبيتن بمكة "(٣) .

٢٧٧٢ - وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: " سألته عن رجل خرج متمتعا بعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلا يوم النحر، فقال: يقيم بمكة على إحرامه ويقطع التلبية حين يدخل الحرم فيطوف بالبيت ويسعى ويلحق رأسه ويذبح شاته، ثم ينصرف إلى أهله، ثم قال: هذا لمن اشترط على ربه عند إحرامه أن يحله حيث حبسه، فإن لم يشترط فإن عليه الحج والعمرة من قابل "(٤) .

___________________________________

(١) أى خرج إلى منى والخبر يدل على ادراك التمتع بادراك ليلة عرفة.

(٢) هو وادى فاطمة أو قرية النارنج أو غيرهما، ويوم التروية هو الثامن من ذى الحجة. (م ت)

(٣) النهى للكراهة لاستحباب البيتوتة بمنى مهما أمكن ولو ببعض الليل.

(٤) ذكر هذا الخبر في باب الاشتراط في الاحرام أو في الباب الذى بعده أنسب، و قال في المدارك: استشكل العلامة في المنتهى بان الحج الفائت ان كان واجبا لم يسقط فرضه في العام المقبل بمجرد الاشتراط، وان لم يكن واجبا لم يجب بترك الاشتراط، قال: والوجه في هذه الرواية حمل الزام الحج في القابل مع ترك الاشتراط على شدة الاستحباب وهو حسن وقوله: " ويحلق رأسه " أى يأتى بعمرة مفردة، وقوله " ويذبح شاته " الظاهر أن المراد بهادم الاضحية.

٣٨٥

باب الوقت الذى متى أدركه الانسان كان مدركا للحج

٢٧٧٣ - روى ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من أدرك المشعر الحرام على خمسة من الناس فقد أدرك الحج "(١) .

٢٧٧٤ - وروى ابن أبي عمير، عن جميل بن دارج عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من أدرك الموقف بجمع يوم النحر من قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج "(٢) .

٢٧٧٥ - وروى عبدالله بن المغيرة، عن إسحق بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من أدرك المشعر الحرام(٣) قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج ".

ورواه إسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام(٤) .

٢٧٧٦ - وروى معاوية بن عمار قال: قال لي أبو عبدالله عليه السلام: " إذا ادرك الزوال(٥) فقد أدرك الموقف ".

___________________________________

(١) الظاهر أنه كناية عن ادراك آخر وقت الوقوف بالمشعر حيث هب الناس، ويدل على ادراك الحج باضطرارى المشعر.

وفى بعض النسخ " وعليه خمسة من الناس ".

(٢) يعنى أنه لا يفوت حجة من حيث فوت الوقوف بالمشعر حيث أدرك وقوفه الاضطرارى وهو بعد طلوع الشمس إلى الزوال، لا أنه يكفى عن جميع المناسك.

قال العلامة رحمه الله في القواعد: لو أدرك عرفة اختيارا والمزدلفة اضطرارا أو بالعكس أو أحدهما اختيارا صح حجه، ولو أدرك الاضطراريين فالاقرب الصحة، ولو أدرك أحد الاضطراريين خاصة بطل ويتخلل من فاته الحج بعمرة مفردة ثم يقضيه واجبا مع وجوبه كما فاته والاندبا ويسقط باقى الافعال عنه لكن يستحب له الاقامة بمنى أيام التشريق ثم يعتمر للتخلل.

(٣) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤٧٦ بزيادة ههنا وهى " وعليه خمسة من الناس ".

(٤) لعله رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٣٠ في الصحيح عن محمد بن أبى عمير عن عبدالله بن المغيرة قال: " جاء‌نا رجل بمنى فقال: انى لم أدرك الناس بالموقفين جميعا فقال عبدالله بن المغيرة: فلا حج لك وسأل اسحاق بن عمار فلم يجبه، فدخل اسحاق على أبى الحسن عليه السلام فسأله عن ذلك فقال: إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج ".

(٥) أى كان قبل الزوال في المشعر.

٣٨٦

باب تقديم طواف الحج وطواف النساء قبل السعى وقبل الخروج إلى منى (١)

٢٧٧٧ - روى إسحاق بن عمار، عن سماعة بن مهران عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: " سألته عن رجل طاف طواف الحج وطواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا والمروة، قال: لا يضره يطوف بين الصفا والمروة وقد فرغ من حجة "(٢) .

٢٧٧٨ - وروى بان أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي الحسن عليه السلام " في تعجيل الطواف قبل الخروج إلى منى فقال: هما سواء أخر ذلك أو قدمه(٣) " يعنى المتمتع(٤) .

٢٧٧٩ - وروى ابن بكير، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، وروى جميل عن أبي عبدالله عليه السلام أنهما سألاهما " عن المتمتع يقدم طوافه وسعيه في الحج، فقالا: هما سيان قدمت أو أخرت".

٢٧٨٠ - وروى صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار قال: " سألت أبا إبراهيم

___________________________________

(١) دأب المصنف غير دأب الاصحاب في ذكر المناسك أولا ثم بيان أحكامها بل ذكر أولا أحكامها ثم ساق المناسك لاشتمالها على الادعية والاداب الكثيرة. (م ت)

(٢) حمل على الناسى وفى الجاهل خلاف ويمكن الاستدلال بهذا الخبر على عدم وجوب الاعادة عليه أيضا (المرآة) وقال المولى المجلسى رحمه الله: يدل على عدم الاعتداد بطواف النساء إذا وقع قبل السعى، ويؤيده ما رواه الكلينى ج ٤ ص ٥١٢ عن أحمد بن محمد عمن ذكره قال: قلت لابى الحسن عليه السلام: " جعلت فداك متمتع زار البيت فطاف طواف النساء ثم سعى؟ فقال: لا يكون السعى الا قبل طواف النساء، فقلت: عليه شئ؟ فقال: لا يكون السعى الا قبل طواف النساء ".

(٣) قد حمل على ذوى الاعذار

(٤) الظاهر أنه من كلام حفص ويحتمل كونه من المصنف، والاول أظهر.

٣٨٧

عليه السلام عن المتمتع إذا كان شيخا كبيرا أو امرأة تخاف الحيض يعجل الطواف للحج قبل أن يأتي منى؟ قال: نعم من هو هكذا يعجل.

قال: وسألته عن رجل يحرم بالحج من مكة ثم يرى البيت خاليا فيطوف به قبل أن يخرج، عليه شئ؟ فقال: لا "(١) .

باب تأخير الزيارة  (٢)

٢٧٨١ - روي عن إسحاق بن عمار قال: " سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن زيارة البيت تؤخر إلى يوم الثالث(٣) ؟ فقال: تعجيلها أحب إلي وليس به بأس إن أخرته(٤) ".

٢٧٨٢ - وفي رواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " لا بأس بأن تؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر "(٥) .

٢٧٨٣ - وروى عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته

___________________________________

(١) المشهور أنه يجوز للمفرد والقارن تقديم الطواف على الوقوف بعرفة اختيارا ويجوز للمتمتع اضطرارا كخوف الحيض والنفاس للاخبار: اذ الروايات المذكورة مطلقة الا رواية اسحاق بن عمار فانها تشعر بجواز ذلك للمضطر، ويمكن حمل ما في الروايات عليها أيضا (سلطان) أقول: روى الكلينى ج ٤ ص ٤٥٧ خبر اسحاق وفيه زيادة " قلت: المفرد بالحج إذا طاف بالبيت وبالصفا والمروة يعجل طواف النساء؟ فقال: لا انما طواف النساء بعد ما يأتى منى " والخبر يدل على جواز التقديم بل على وجوبه مع العذر وظاهر التتمة الاطلاق.

(٢) يسمى طواف الزيادة زيادة لان الحاج يأتى من منى فييزور البيت ولا يقيم بمكة بل يرجع إلى منى.

والاولى أن يطوف بالبيت يوم النحر بعد الاتيان بمناسك منى ولو لم يتيسر فالحادى عشر، ولا ينبغى تأخيره عنه وقيل بالحرمة كما في روضة المتيقن.

(٣) أى ثالث النحر وهو الثانى عشر.

(٤) يدل على جواز التأخير واستحباب التعجيل. (م ت)

(٥) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥١٨ بزيادة وهى " انما يستحب تعجيل ذلك مخافة

٣٨٨

عن رجل نسي أن يزور البيت حتى أصبح، فقال: لا بأس أنا ربما أخرته حتى تذهب أيام التشريق ولكن لا يقرب النساء والطيب "(١) .

٢٧٨٤ - وروى هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عمن نسي زيارة البيت حتى يرجع إلى أهله، فقال: لا يضره إذا كان قد قضى مناسكه "(٢) .

٢٧٨٥ - وروى هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " لا بأس إن أخرت زيارة البيت إلى أن تذهب أيام التشريق إلا أنك لا تقرب النساء ولا الطيب ".

باب حكم من نسى طواف النساء

٦ ٢٧٨ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " رجل نسي طواف النساء حتى رجع إلى أهله، قال: يأمر أن يقضى عنه إن لم يحج فإنه لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت "(٣) .

___________________________________

(١) قال الشيخ بعد نقله في الاستبصار ج ٢ ص ٢٩١: فالوجه في هذه الاخبار أن نحملها على غير المتمتع فانه موسع له تأخير ذلك عن النحر وغده، يدل على ذلك ما رواه الحسين ابن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن فضالة، عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن المتمتع متى يزور البيت؟ قال: يوم النحر أو من الغد ولا يؤخر، والمفرد والقارن ليسا سواء موسع عليهما " على أنه يكره للمتمتع تأخير ذلك أكثر من يومين وان لم يكن ذلك مفسدا للحج يدل على ذلك ما رواه الكلينى في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام " في زيارة البيت يوم النحر قال: زره فان شغلت فلا يضرك أن تزور البيت من الغد ولا توخر أن تزور من يومك فانه يكره للمتمتع أن يؤخره وموسع للمفرد أن يؤخره ".

(٢) يدل على اغتفار النسيان في ترك الطواف.

ولعل المراد أنه لا يفسد حجه فيعود اليه وجوبا مع المكنة ومع التعذر يستنيب كما في شرح اللمعة، وقد حمل على طواف الوداع

(٣) مروى في الكافى ج ٤ ص ٥١٣ بتقديم وتأخير وزيادة فيه هكذا " قال لا تحل له النساء حتى يزور البيت وقال: يأمر أن يقضى عنه ان لم يحج فان توفى قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره ".

٣٨٩

٢٧٨٧ - وروى ابن أبي عمير، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز قال: " كنت عند أبي عبدالله عليه السلام بمكة فدخل عليه رجل فقال: أصلحك الله إن معنا امرأة حائضا ولم تطف طواف النساء ويأبي الجمال أن يقيم عليها، قال: فاطرق وهو يقول: لا تستطيع ان تتخلف عن اصحابها ولا يقيم عليها جمالها، ثم رفع رأسه إليه فقال: تمضى.

فقد تم حجها "(١) .

٢٧٨٨ - وروى ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن حمران بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام " في رجل كان عليه طواف النساء وحده فطاف منه خمسة أشواط بالبيت ثم غمزه بطنه فخاف أن يبدره، فخرج إلى منزله فنفض(٢) ثم غشي جاريته؟ قال: يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت تمام ما بقي عليه من طوافه ويستغفر ربه ولا يعود "(٣) .

__________________________________

(١) لعله محمول على الاستنابة للعذر كما هو المقطوع به في كلام الاصحاب (المرآة) و قال سلطان العلماء: لعله محمول على عدم استطاعتها الاستنابة وعدم قدرتها على العود، ويمكن أن يكون المراد عدم فساد حجها وان لزم عليها قضاء الطواف.

(٢) في بعض النسخ " فشخص " أى خرج من مكة، وفى بعضها " فنقض " أى وضوء‌ه، وفى بعضها " فشقص " وفى الكافى مثل ما في المتن وقال الفيض رحمه الله " فنفض " بالفاء والضاد المعجمة كناية عن قضاء الحاجة انتهى.

ولعل النفض كناية عن التغوط كانه ينفض عن نفسه النجاسة أو عن الاستنجاء.

في النهاية " ابغنى أحجارا أستنفض بها " أى أستنجى بها وهو من نفض الثوب لان المستنجى ينفض عن نفسه الاذى بالحجر أى يزيله ويدفعه.

(٣) زاد في الكافى ج ٤ ص ٣٧٩ " وان كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج فغشى فقد أفسد حجه وعليه بدنة ويغتسل ثم يعود فيطوف أسبوعا " وقال في المدارك بعد ايراد تلك الرواية: هى صريحة في انتفاء الكفارة بالوقاع بعد الخمسة بل مقتضى مفهوم الشرط في قوله " وان كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط " الانتفاء إذا وقع ذلك بعد تجاوز الثلاثة، وما ذكره في المنتهى من أن هذا المفهوم معارض بمفهوم الخمسة غير جيد اذ ليس هناك مفهوم وانما وقع السؤال عن تلك المادة والاقتصار في الجواب على بيان حكم المسئول عنه لا يقتضى نفى الحكم عما عداه، والقول بالاكتفاء في ذلك بمجاوزه النصف للشيخ في النهاية ونقل عن ابن ادريس انه اعتبر مجاوزة النصف في صحة الطواف والبناء عليه لاسقوط الكفارة، وما ذكره ابن ادريس من ثبوت الكفارة قبل اكمال السبع لا يخلو من قوة وان كان اعتبار الخمسة لا يخلو من رجحان.

٣٩٠

٢٧٨٩ - وروى ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل نسي طواف النساء، قال: إذا زاد على النصف وخرج ناسيا أمر من يطوف عنه، وله أن يقرب النساء إذا زاد على النصف"(١) .

وروي فيمن ترك طواف النساء انه إن كان طاف الوداع فهو طواف النساء(٢) .

باب انقضاء مشى الماشي

٢٧٩٠ - روي الحسين بن سعيد، عن إسماعيل بن همام المكي، عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عليهما السلام قال: قال أبوعبدالله عليه السلام " في الذي عليه المشي إذا رمى الجمرة زار البيت راكبا"(٣) .

__________________________________

(١) أى لا يفسد حجه بالمواقعة لما تقدم.

(٢) روى الكلينى ج ٤ ص ٥١٣ في الموثق كالصحيح وكذا الشيخ في التهذيب عن اسحاق ابن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام.

قال: " لو لا ما من الله عزوجل على الناس من طواف النساء لرجع الرجل إلى أهله وليس له أهله " ومعناه ظاهر والاظهر طواف الوداع بدل طواف النساء كما في التهذيب ويظهر من كلام المصنف هنا.

وحمل على من نسى طواف النساء وطاف طواف الوداع، وقال الفيض رحمه الله: يعنى أن العامة وان لم يوجبوا طواف النساء ولا يأتون به الا أن طوافهم للوداع ينوب مناب طواف النساء وبه تحل لهم النساء، وهذا مما من الله تعالى به عليهم، أو المراد من نسى طواف النساء وطاف طواف الوداع فهو قائم له مقامه بفضل الله ومنه في حل النساء وان لزمه التدارك انتهى، وقال الاستاذ: الالتزام به بالنسبة إلى العارفى المعتقد وجوب هذا الطواف مشكل، وقال في كشف اللثام " يمكن اختصاصه بالعامة الذين لا يعرفون وجوب طواف النساء والمنة على المؤمنين بالنسبة إلى نسائهم الغير العارف منهن " أقول: وهكذا بالنسبة إلى طهارة مولد من يستبصر منهم وقد كان متولدا من أب لم يطف طواف النساء.

(٣) زاد في الكافى ج ٤ ص ٤٥٧ " وليس عليه شئ ". وقوله " زار البيت راكبا " هذا يحتمل أمرين أحدهما أراد زيارة البيت لطواف الحج لانه المعروف بطواف الزيارة وهذا يخالف القولين معا (أن آخر منتهى أفعاله الواجبة وهى رمى الجمار، والآخر هو المشهور أن آخره طواف النساء) فليزم اطراحها، والثانى أن يحمل رمى الجمار على الجميع، ويحتمل زيارة البيت على معناه اللغوى أو على طواف الوداع ونحوها وهذا هو الاظهر.

كذا ذكره سلطان العلماء رحمه الله في حواشى شرح اللمعة.

وقال المولى المجلسى رحمه الله ظاهره جمرة العقبة كما رواه على بن أبى حمزة (في الكافى ج ٤ ص ٤٥٦) عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سألته متى ينقطع مشى الماشى؟ قال: إذا رمى جمرة العقبة وحلق رأسه فقد انقطع مشيه فليزر راكبا " ويمكن أن يكون الوجه خروجه من الاحرام وكان الركوب مرجوحا فتحلل منه أيضا.

٣٩١

٢٧٩١ - وروي " أن من نذر أن يمشي إلى بيت الله حافيا مشى، فإذا تعب ركب "(١) .

٢٧٩٢ - وروي " أنه يمشي من خلف المقام "(٢) .

باب حكم من قطع عليه الطواف بصلاة أو غيرها

٢٧٩٣ - روى يونس بن يعقوب قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " رأيت في ثوبي شيئا من دم وأنا أطوف، قال: فاعرف الموضع ثم اخرج فاغسله، ثم عد فابن

___________________________________

(١) رواه الكلينى في الحسن كالصحيح ج ٤ ص ٤٥٨ عن أبى عبدالله عليه السلام، وظاهره عدم انعقاد النذر في الحفاء لعدم رجحانه، بل يجب عليه المشى على أى وجه كان لرجحانه، ويحتمل على بعد أن يكون المراد فليمش حافيا والاول موافق لما فهمه الاصحاب وقال في الدروس: لا ينعقد نذر الحفاء في المشى (المرآة) وقال المولى المجلسى: يدل على مرجوحية الحفاء وعلى تعلق النذر بالمطلق إذا كان القيد مرجوحا.

(٢) قال الفيض رحمه الله لعل المراد بالمشى من خلف المقام مشيه من خلف مقام ابراهيم نحو البيت والاجتزاء به فانه أقل ما يفى به نذره ولهذا اقتصر عليه.

وقال المولى المجلسى رحمه الله: يمكن أن يكون المراد به أنه إذا تعلق النذر بالحج فلا يجب عليه المشى في العمرة بل يمشى بعدما أحرم بالحج من مقام ابراهيم عليه السلام إلى أن يرمى الجمرة وأن يكون المراد به أنه مالم يأت إلى المسجد الحرام للطواف فهو في الاحرام وهو مقدمة الحج فاذا وصل إلى الطواف فيطوف ماشيا ويصلى ثم يشرع في المشى إلى انقضائه، هذا إذا لم يكن مراده في النذر مشى الطريق كما هو المتعارف أن من ينذر الحج ماشيا يقصد به الطريق بل لا يخطر بباله أصل العمرة والحج.

٣٩٢

على طوافك "(١) .

٢٧٩٤ - وروى ابن المغيرة، عن عبدالله بن سنان قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل كان في طواف النساء(٢) فاقيمت الصلاة، قال: يصلي معهم الفريضة(٣) فإذا فرغ بنى من حيث بلغ "(٤) .

٢٧٩٥ - وفي نوادر ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام أنه

___________________________________

(١) يدل على وجوب طهارة الثوب أو استحبابها في الطواف وعدم الاعادة في صورة الجهل أو النسيان وفى هامش الوافى: " يمكن أن يستأنس به لاشتراط الطهارة من الخبث واختلفوا فيه وذهب ابن الجنيد وابن حمزة إلى كراهيه الطواف في الثوب النجس سواء كانت النجاسة معفوا عنها أم لا قاله الفاضل التونى في حاشية الروضة " وفى التهذيب باسناده عن يونس بن يعقوب قال " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف، قال: ينظر الموضع الذى رأى فيه الدم فيعرفه ثم يخرج فيغسله، ثم يعود فيتم طوافه " و عن البزنطى، عن بعض أصحابه عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " رجل في ثوبه دم مما لا تجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه، فقال: أجزأه الطواف فيه ثم ينزعه ويصلى في ثوب طاهر " وقوله " فابن على طوافك " سواء تجاوز عن النصف أو لا، ويمكن تخصيصه بالاول.

(٢) في الكافى ج ٤ ص ٤١٥، في طواف الفريضة " لكن مروى في التهذيب عن محمد بن يعقوب كما في المتن.

(٣) يعنى مع العامة تقية ولا يدل على الجواز أو الرجحان بدونها وظاهره الوجوب (م ت) وصرح المحقق في النافع بجواز القطع لصلاة الفريضة والبناء وان لم يبلغ النصف وربما ظهر من كلام العلامة في المنتهى دعوى الاجماع على ذلك فما ذكره الشهيد من نسبة هذا القول إلى الندرة عجيب.(المدارك).

(٤) كذا في جميع النسخ التى عندنا " والصواب " من حيث قطع " كما في الكافى والتهذيب ج ١ ص ٤٨١ وهامش نسخة مما عندى من نسخ الفقيه.

٣٩٣

قال: " في الرجل يطوف فتعرض له الحاجة، قال: لا بأس بأن يذهب في حاجته أو حاجة غيره ويقطع الطواف، وإذا أراد أن يستريح في طوافه(١) ويقعد فلا بأس به فإذا رجع بنى على طوافه وإن كان أقل من النصف "(٢) .

٢٧٩٦ - وروي عن عبدالرحمن بن الحجاج قال: " سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يكون في الطواف قد طاف بعضه وبقي عليه بعضه(٣) فيخرج من الطواف إلى الحجر أو إلى بعض المسجد إذا كان لم يوتر فيوتر فيرجع فيتم طوافه أفترى ذلك أفضل أم يتم الطواف ثم يوتر وإن أسفر بعض الاسفار؟ فقال: ابدأ بالوتر واقطع الطواف إذا خفت ثم ائت الطواف "(٤) .

٢٧٩٧ - وروى ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري عن أبي عبدالله عليه السلام " فيمن كان يطوف بالبيت فيعرض له دخول الكعبة فدخلها، قال: يستقبل طوافه "(٥) .

___________________________________

(١) قوله " في طوافه " كذا، وليس في التهذيبين ولا في روضة المتقين.

(٢) قوله " فاذا رجع بنى على طوافه " مبنى على كون طوافه طواف نافلة لورود أخبار بأن من قطع طواف الفريضة ان كان تجاوز النصف فليبن وان لم يتجاوز فليستأنف، منها حسنة أبان بن تغلب عن أبى عبدالله عليه السلام " في رجل طاف شوطا أو شوطين ثم خرج مع رجل في حاجة، فقال: ان كان طواف نافلة بنى عليه وان كان طواف فريضة لم يبن عليه " واطلاق بعض الاخبار يقتضى جواز القطع في طواف الفريضة والبناء مطلقا ان كان لحاجة ولعل الاستيناف في طواف الفريضة أحوط وأحوط منه الاتمام ثم الاستيناف ان لم يتجاوز النصف.

(٣) زاد في الكافى ج ٤ ص ٤١٥ ههنا " فيطلع الفجر " ولعل المراد به الفجر الاول.

(٤) في الكافى والتهذيب " ثم أتم الطواف " ولعل السهو من النساخ، فيدل على جواز القطع للوتر إذا خاف فوت الوقت بالاسفار والتنوير، وعلى البناء على الطواف وان لم يتجاوز النصف. (م ت)

(٥) يدل على اعادة الطواف لو قطعه لدخول البيت سواء كان قبل مجاوزة النصف أو بعده ويؤيده ما في الكافى ج ٤ ص ٤١٤ في الموثق كالصحيح عن عمران الحلبى قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط من الفريضة ثم وجد خلوة من البيت فدخله كيف يصنع؟ فقال: يقضى طوافه وقد خالف السنة فليعد طوافه " والسؤال وان كان قبل مجاوزة النصف لكن الاعتبار بعموم الجواب، والتقييد بمخالفة السنة أى لم يقطعه رسول الله صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام لدخول البيت، ويمكن أن يكون المراد بمخالفة السنة القطع قبل مجاوزة النصف وهكذا فهمه أكثر الاصحاب وحملوا الاطلاق عليه، لكن الاول أظهر وان كان الاحوط البناء بعد المجاوزة والاعادة خروجا من الخلاف وعملا بالاخبار مهما أمكن (م ت)

٣٩٤

٢٧٩٨ - وروى حماد بن عثمان، عن حبيب بن مظاهر(١) قال: " ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطا واحدا، فإذا إنسان قد أصاب أنفي فأدماه فخرجت فغسلته، ثم جثت فابتدأت الطواف فذكرت ذلك لابي عبدالله عليه السلام فقال: بئسما صنعت كان ينبغي لك أن تبني على ما طفت، ثم قال: إما أنه ليس عليك شئ "(٢) .

٢٧٩٩ - وروي عن صفوان الجمال قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " الرجل يأتي أخاه وهو في الطواف، فقال: يخرج معه في حاجته ثم يرجع ويبني على على طوافه "(٣) .

باب السهو في الطواف

٢٨٠٠ - روى صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة فبينا هو يطوف إذ ذكر أنه قد ترك بعض طوافه بالبيت، قال: يرجع إلى البيت ويتم طوافه ثم يرجع إلى الصفا والمروة فيتم ما بقي "(٤) .

___________________________________

(١) مجهول لكن لا يضر لاجماع العصابة على صحة ما صح عن حماد.

وتوهم أن المراد بأبى عبدالله، الحسين بن على عليهما السلام وبحبيب حبيب بن مظاهر المشهور في غاية البعد.

(٢) يدل على البناء لازالة النجاسة ولو كان قبل المجاوزة وعلى معذورية الجاهل فانه لو لم يكن معذورا لكان الواجب عليه الاعادة لزيادة الشوط عمدا كما سيجيئ. (م ت)

(٣) حمل على النافلة لما في الكافى ج ٤ ص ٤١٣ في الحسن كالصحيح عن أبان بن تغلب وقد تقدم ص ٣٩٤.

(٤) يدل على البناء في الطواف والسعى وان لم يتجاوز النصف وهو أحد القولين في المسألة ذهب اليه الشيخ في التهذيب والمحقق في النافع والعلامة في جملة من كتبه.

والقول الاخر وهو الاشهر بين المتأخرين أنه ان تجاوز النصف في الطواف والسعى يبنى عليهما والا يستأنفهما، ثم ان ظاهر الخبر أنه لا يعيد ركعتى الطواف مع البناء وكلام الاكثر في ذلك مجمل.(المرآة)

٣٩٥

٢٨٠١ - وروي عن أبي أيوب قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط طواف الفريضة قال: فليضم إليها ستا ثم يصلى أربع ركعات "(١) .

وفي خبر آخر(٢) إن الفريضة هي الطواف الثاني والركعتان الاوليان لطواف الفريضة، والركعتان الاخريان والطواف الاول تطوع(٣) .

٢٨٠٢ - وفي رواية القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سئل وأنا حاضر عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط، فقال: نافلة أو فريضة؟ فقال: فريضة، قال: يضيف إليها ستة فإذا فرغ صلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام ثم يخرج إلى الصفا والمروة ويطوف بهما، فإذا فرغ صلى ركعتين اخراوين فكان طواف نافلة وطواف فريضة ".

٢٨٠٣ - وروي عن الحسن بن عطية(٤) قال: " سأله سليمان بن خالد وأنا

___________________________________

(١) " فليضم اليها ستا " ليصير طوافين ويكون الاول فريضة والثانى نافلة، " ثم يصلى أربع ركعات " أى بعد الطواف أو ركعتين للفريضة بعده وركعتين للنافلة بعد السعى، وحمل على الزيادة ناسيا. (م ت)

(٢) يعنى يستفاد من خبر آخر.

(٣) قال صاحب المدارك: لم نقف على هذه الرواية مسندة ولعله أشار بها إلى رواية زرارة.

وهى ما رواه الشيخ في الاستبصار ج ٢ ص ٢١٩ في الصحيح عن أبى جعفر عليه السلام أو أبى عبدالله عليه السلام (كما في التهذيب) قال: " ان عليا عليه السلام طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد وأضاف اليها ستا، ثم صلى ركعتين خلف المقام ثم خرج إلى الصفا والمروة فلما فرغ من السعى بينهما رجع فصلى ركعتين اللتين تركه في المقام الاول ".

ثم قال السيد (ره): مقتضى هذه الرواية وقوع السهو من الامام عليه السلام وقد قطع ابن بابوية بامكانه.

وفيه دلالة على ايقاع صلاة الفريضة قبل السعى وصلاة النافلة بعده.

(٤) الحسن بن عطية الحناط كوفى مولى ثقة روى عن أبى عبدالله عليه السلام.

ولم يذكر المصنف طريقه اليه لكن رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٨٧ في الصحيح والكلينى في الكافى ج ٤ ص ٤١٨ في الحسن كالصحيح.

٣٩٦

معه عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط فقال أبوعبدالله عليه السلام: وكيف يطوف ستة أشواط؟ فقال: استقبل الحجر، فقال: الله أكبر وعقد واحدا(١) فقال: يطوف شوطا، قال سليمان: فإن فاته ذلك حتى أتى أهله؟ قال: يأمر من يطوف عنه "(٢) .

٢٨٠٤ - وروى عنه رفاعة أنه قال " في رجل لا يدري ستة طاف أو سبعة، قال: يبني على يقينه"(٣) .

٢٨٠٥ - وسئل(٤) " عن رجل لا يدري ثلاثة طاف أو أربعة، قال: طواف نافلة أو فريضة؟ قال: أجبني فيهما جميعا قال: إن كان طواف نافلة فابن على ما شئت، وإن كان طواف فريضة فأعد الطواف ".

فان طفت بالبيت طواف الفريضة ولم تدر ستة طفت أو سبعة فأعد طوافك، فإن خرجت وفاتك ذلك فليس عليك شئ(٥)

___________________________________

(١) أى كان منشأ غلطه أنه حين ابتدأ الشوط عقد واحدا، فلما كملت الستة عقد السبعة فظن أنه قد أكمل السبعة.

(٢) يدل على أنه إذا ترك الشوط الواحد ناسيا ورجع إلى أهله لا يلزمه الرجوع ويأمر من يطوف عنه، وعدى المحقق وجماعة هذا الحكم إلى كل من جاز النصف وقال في المدارك: هذا هو المشهور ولم أقف على رواية تدل عليه، والمعتمد البناء ان كان المنقوص شوطا واحدا وكان النقص على وجه الجهل والنسيان والاستيناف مطلقا في غيره انتهى، ويظهر من كلام العلامة في التحرير أنه أيضا اقتصر على مورد الرواية ولم يتعد (المرآة) وقال المولى المجلسى: قوله " حتى أتى أهله " أى رجع إلى بلده ولا يمكنه أو يتعسر عليه الذهاب إلى مكة فيستنيب من يطوف عنه هذا الشوط المنسى، والاحوط أن يبلى النائب به محرما.

(٣) أى على الاقل ويحمل على النافلة أو على البطلان والاعادة حتى يحصل له اليقين. (م ت)

(٤) يمكن أن يكون تتمة خبر رفاعة فيكون صحيحا وأن يكون خبرا آخر. (م ت)

(٥) يؤيده في الكافى ج ٤ ص ٤١٦ في الصحيح عن منصور بن حازم قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر ستة أم سبعة، قال: فليعد طوافه، قلت: ففاته؟ قال: ما أرى عليه شيئا والاعادة أحب إلى وأفضل ".

وقال العلامة المجلسى رحمه الله: لا خلاف بين الاصحاب في أنه لا عبرة بالشك بعد الفراغ من الطواف مطلقا، والمشهور أنه لو شك في النقصان في أثناء الطواف يعيد طوافه ان كان فرضا وذهب المفيد وعلى بن بابويه وأبوالصلاح وابن الجنيد وبعض المتأخرين إلى أنه يبنى على الاقل وهو قوى، ولا يبعد حمل أخبار الاستيناف على الاستحباب بقرينة قوله عليه السلام " ما أرى عليه شيئا " بأن يحمل على أنه قد أتى بما شك فيه أو على أن حكم الشك غير حكم ترك الطواف رأسا، وربما يحمل على أنه لا يجب عليه العود بنفسه بل يبعث نائبا وعوده بنفسه أفضل، ولا يخفى بعده.

وقال المحقق الاردبيلى قدس سره: لو كانت الاعادة واجبة لكان عليه شئ ولم يسقط بمجرد الخروج وفوته فالحمل على الاستحباب حمل جيد.

٣٩٧

باب ما يجب على من اختصر شوطا في الحجر (١)

٢٨٠٦ - روى ابن مسكان، عن الحلبي قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر كيف يصنع؟ قال، يعيد الطواف الواحد "(٢) .

٢٨٠٧ - وفي رواية معاوية بن عمار عنه عليه السلام أنه قال: " من اختصر في الحجر

___________________________________

(١) المراد به أنه يجب أن يكون الطواف حول البيت والحجر، لا بمعنى أن الحجر داخل في البيت لما تقدم في الاخبار الصحيحة أنه ليس من البيت ولا قلامة ظفر منه بل لانه كما يجب على الطائف الطواف بالبيت كذلك يجب أن يطوف على حجر اسماعيل تعبدا أو تأسيا بالنبى صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام، فلو دخل في الحجر وخرج منه وطاف على الكعبة فقط كان ذلك الشوط باطلا ويجب الاتيان بشوط آخر من الركن الذى فيه الحجر الاسود كما ابتدء أولا ويختم به. (م ت)

(٢) مروى في التهذيب ج ١ ص ٤٧٧ وفيه " يعيد ذلك الشوط "، قال في المدارك: هل يجب على من اختصر شوطا في الحجر اعادة ذلك الشوط وحده أو اعادة الطواف من رأس، الاصح الاول لصحيحة الحلبى حيث قال: " يعيد ذلك الشوط " ونحوه روى الحسن بن عطية (في المصدر) ولا يكفى اتمام الشوط من موضع سلوك الحجر بل يجب البداء‌ة من الحجر الاسود لانه الظاهر من الشوط، ولقوله عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمار " فليعد طوافه من الحجر الاسود "، ولا ينافى ما ذكرنا من الاكتفاء باعادة الشوط خاصة رواية ابراهيم بن سفيان الاتية لانه غير صريح في توجه الامر إلى اعادة الطواف من أصله فيحتمل تعلقه باعادة ذلك الشوط.

٣٩٨

الطواف فليعد طوافه من الحجر الاسود "(١) .

٢٨٠٨ - وروى الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن سفيان قال: " كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام امرأة طافت طواف الحج فلما كانت في الشوط السابع اختصرت فطافت في الحجر وصلت ركعتي الفريضة وسعت وطافت طواف النساء ثم أتت منى؟ فكتب عليه السلام: تعيد "(٢) .

باب ما جاء في الطواف خلف المقام  (٣)

٢٨٠٩ - روى أبان، عن محمد بن علي الحلبي قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الطواف خلف المقام، قال: ما أحب ذلك وما أرى به بأسا، فلا تفعله إلا أن لا تجد منه بدا "(٤) .

باب ما يجب على من طاف أو قضى شيئا من المناسك على غير وضوء

٢٨١٠ - روي عن معاوية بن عمار قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: " لا بأس بأن

___________________________________

(١) ظاهره الاكتفاء باعادة الشوط، ويدل على أنه لا يكفى اتمام الشوط من حيث سلوك الحجر بل لا بد من الرجوع إلى الحجر واستيناف الشوط كما ذكره الاصحاب. (المرآة)

(٢) يحتمل تعلقه باعادة الطواف من أصله أو باعادة ذلك الشوط كما مر.

(٣) المشهور بين الاصحاب أنه لا بد أن يكون الطواف بين البيت والمقام ويكون من المسافة من الجوانب الثلاثة الاخر أيضا بمقدار تلك المسافة، والمسافة جانب الحجر من الحجر لا من الكعبة فلو بعد عن تلك المسافة ولو بخطوة كان باطلا. (م ت)

(٤) " ما أرى به بأسا " أى في الضرورة أو مطلقا " الا أن لا تجد منه بدا " ظاهره كراهة الخروج عن الحد وحمل على الحرمة، أو في النافلة والاحتياط ظاهر. (م ت)

٣٩٩

تقضي المناسك كلها على غير وضؤ إلا الطواف بالبيت، والوضوء أفضل "(١) .

٢٨١١ - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن رجل طاف الفريضة وهو على غير طهر، قال: يتوضأ ويعيد طوافه: فان كان تطوعا توضأ(٢) وصلى ركعتين".

٢٨١٢ - وفي رواية عبيد بن زرارة عنه عليه السلام أنه قال: لا بأس بأن يطوف الرجل النافلة على غير وضوء ثم يتوضأ ويصلي، وإن طاف متعمدأ على غير وضوء فليتوضأ وليصل "(٣) ومن طاف تطوعا وصلى ركعتين على غير وضوء فليعد الركعتين ولا يعد الطواف.

٢٨١٣ - وروى صفوان، عن يحيى الازرق قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: " رجل سعى بين الصفا والمروة فسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثم بال ثم أتم سعيه بغير وضوء، فقال: لا بأس ولو أتم مناسكه بوضوء كان أحب إلي"(٤) .

___________________________________

(١) أجمع الاصحاب على اشتراط الطهارة في الطواف الواجب، واختلفوا في المندوب والمشهور عدمه والاستحباب كما في سائر المناسك، وقوله: " والوضوء أفضل " أى في غير الطواف بقرينة استثناء الطواف (م ت) ونقل عن أبى الصلاح الاشتراط لاطلاق بعض الروايات.

(٢) يدل كالسابق على اشتراط الطهارة في الواجب دون المندوب وعلى اشتراطها للصلاة المندوبة. (م ت)

(٣) لعل هذا لرفع توهم أن الكلام السابق مخصوص بالسهو (سلطان) والخبر في التهذيب ج ١ ص ٤٨٠ إلى هنا.

والباقى يمكن أن يكون من تتمة الخبر أو من كلام المصنف أخذه من صحيحة حريز عن أبى عبدالله عليه السلام " في رجل طاف تطوعا وصلى ركعتين وهو على غير وضوء، فقال: يعيد الركعتين ولا يعيد الطواف " راجع التهذيب ج ١ ص ٤٨٠.

(٤) نقل عن ابن أبى عقيل القول بوجوب الطهارة للسعى والمشهور الاستحباب.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611