الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٥

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل0%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 606

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

مؤلف: آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
تصنيف:

الصفحات: 606
المشاهدات: 233321
تحميل: 5422


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 606 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 233321 / تحميل: 5422
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء 5

مؤلف:
العربية

معركة أحد.

إلّا أنّه لما كانت الآية محل البحث واقعة في سياق الآيات النازلة في معركة بدر ، فإنّ الرأي الأوّل في شأن نزولها يبدو أقرب للصحة.

التّفسير

مهما يكن شأن نزول الآية ، فمفهومها مفهوم جامع يحمل في معناه كلّ ما بذله أعداء الحق والعدل من أموال لنيل مقاصدهم المشؤومة ، إذ تقول في مستهلها :( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) .

إلّا أنّ هذا الإنفاق والبذل لن يحقق لهم نصرا( فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ) .

ولا يبتلون بالحسرة والهزيمة في الدنيا فحسب ، بل هم كذلك في الآخرة أيضا( وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ) .

* * *

ملاحظات

1 ـ يستفاد من الآية محل البحث أنّ «هؤلاء» يحسّون بعدم جدوى أعمالهم حتى قبل غلبهم وانهزامهم ، وحيث إنّهم لا يرون نتيجة مثمرة لما أنفقوه من الأموال ، فسيبتلون بالألم والحسرة ، وهذا الأمر هو نوع من جزائهم الدنيوي وأحد عقوباتهم فيها.

أمّا الجزاء الآخر الذي ينالونه ، فهو فشل خططهم ومناهجهم ، لأنّ الذين يقاتلون وهم متعلقون بالأموال والثروة لا يستطيعون مواجهة المقاتلين من أجل المبدأ والأهداف المقدسة.

وقد برهنت الحوادث في عصرنا هذا على أن الدول القوية التي تغري

٤٢١

مقاتليها بالمال والرغبات المادية ، كثيرا ما تصاب بالخزي والافتضاح والهزيمة بوجه الأمم المستضعفة التي تقاتل عن إيمان وعقيدة راسخة! وبالإضافة إلى هذين الجزاءين فهناك جزاء ثالث ينتظرهم يوم القيامة ، وهو «الغضب الإلهي».

2 ـ ما ذكرته الآية محل البحث ، نجد له أمثلة في عصرنا الحاضر ، كقوى الاستكبار ، واتباع الظلم والفساد ، ودعاة المذاهب الخرافية الباطلة ، وباذلي الأموال الطائلة لتحقيق أهدافهم وتضليل الناس وصدهم عن سبيل الحق ، وهم يظهرون بأزياء متعددة ، فتارة في صورة المساعدات المالية ـ ظاهرا ـ كبناء المستشفيات ، وأخرى في صورة التعاون الثقافي ، ومرّة في ثوب المقاتلين المرتزقة.

لكن الهدف النهائي واحد والماهية واحدة ، فكل همّهم التوسعة الاستعمارية والظلم والجور ، ولو وقف المؤمنون حقّا صفا بوجه هذه المحاولات كما وقف أصحاب بدر لأحبطوا جميع هذه المحاولات ولباءت بالفشل ، ولجعلوا هذا الإنفاق وبالا وحسرة على المستكبرين ، ولساقوهم إلى جهنم وساءت مصيرا.

3 ـ قال بعض المفسّرين : إنّ هذه الآية واحدة من دلائل صدق دعوة النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّها تخبر عن حوادث لم تكن وقعت بعد ، وقد غلب بها أعداء الإسلام ، ومع أن أولئك بذلوا أموالا طائلة لانتصارهم!!

وإذا لم نعتبر الآية من الأخبار بالمغيبات التي تتعلق بالحوادث المقبلة ، فإنّها على الأقل تكشف عن محتوى القرآن الدقيق في شأن المواجهة بين الحق والباطل ، كما أنّها تكشف عن عظمة القرآن والتعاليم الإسلامية.

وبعد أن تكلمت الآية السابقة على ثلاث نتائج مشؤومة لإنفاق أعداء الإسلام ، فإنّ الآية التي تليها تقول :( لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) .

هذه سنة إلّهية دائمة أن يعرف المخلص من غير المخلص ، والطاهر من غير

٤٢٢

الطاهر ، والمجاهد الصادق من الكاذب ، والأعمال الطيبة من الأعمال الخبيثة ، فلا يبقى أي من ذلك مجهولا أبدا ، بل لا بدّ في النهاية من أن تمتاز الصفوف بعضها عن بعض ويسفر الحق عن وجهه. وهذا الأمر يتحقق ـ طبعا ـ عند ما يكون أتباع الحق ـ كأولئك المسلمين الأوائل يوم بدر ـ في مستوى كاف من التضحية والوعي.

ثمّ تضيف الآية( وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ) .

فالخبيث من أية طائفة وفي أي شكل كان سيؤول في النهاية إلى الخسران ، كما تقول الآية في نهاية المطاف( أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ) .

* * *

٤٢٣

الآيات

( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (38) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) )

التّفسير

من المعلوم في أسلوب القرآن هو الجمع بين البشارة والنذارة ، أي أنّه كما ينذر أعداء الحق بالعقاب والعذاب ، فإنّه يفتح لهم في الوقت نفسه طريق العودة أمامهم.

والآية الأولى : من الآيات محل البحث تتبع هذا الأسلوب ذاته ، فتأمر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائلة :( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ ) .

ويستفاد من الآية المباركة أنّ قبول الإسلام يوجب محو كل سابقة وهو ما ورد في الرّوايات على أنّه أصل عام ، كما في عبارة «الإسلام يجبّ ما قبله» أو ما جاء عن أهل السنة في تعبير آخر عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن «الإسلام يهدم ما كان قبله ،

٤٢٤

وإن الهجرة تهدم ما كان قبلها ، وإن الحج يهدم ما كان قبله»(1)

والمقصود من الحديث آنفا هو أنّ كل ما عمله الإنسان من سيئات وحتى تركه للفرائض والواجبات قبل إسلامه فسوف يمحى عنه بقبوله الإسلام ، ولا يكون قبوله للإسلام أثر رجعي لما سبق ، لهذا ورد في كتب الفقه عدم وجوب قضاء ما فات من العبادات على من أسلّم.

وتضيف الآية قائلة : إنّهم إن لم يصححوا أسلوبهم( وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ ) .

والمقصود من هذه السنة هو ما آل إليه أعداء الحق بعد ما واجهوا الأنبياء ، وما أصاب المشركين عند ما واجهوا النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في معركة بدر.

فنحن نقرأ في سورة غافر ، الآية : (51) :( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ ) .

ونقرأ في سورة الاسراء ، الآية (77) : بعد بيان سحق أعداء الإسلام قوله تعالى :( سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً ) .

ولمّا كانت الآية السابقة قد دعت الأعداء للعودة إلى الحق ، وإن هذه الدعوة قد تولد هذه الفكرة لدى المسلمين وهي أنّه قد انتهت فترة الجهاد ولا بدّ بعد الآن من اللين والتساهل ، ترفع هذه الشبهة الآية التالية وتقول :( وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ) .

وكلمة «الفتنة» ـ كما بيناها في تفسير الآية (193) من سورة البقرة ـ ذات معنى واسع تشمل كل أنواع الضغوط ، فتارة يستعملها القرآن بمعنى عبادة الأصنام والشرك الذي يشمل كل أنواع التحجر والجمود واضطهاد أفراد المجتمع.

__________________

(1) صحيح مسلم وفقا لما نقله صاحب المنار في تفسيره ، ج 9 ، ص 665.

٤٢٥

وتطلق الفتنة أيضا على الضغوط التي يفرضها الأعداء ، للوقوف بوجه اتساع دعوة الإسلام ، ولإسكات صوت أهل الحق ، بل حتى إرجاع المؤمنين نحو الكفر.

وفي الآية محل البحث فسر الفتنة بعضهم بمعنى الشرك ، وفسّرها آخرون بأنّها تعني سعي الأعداء لسلب الحريات الفكرية والاجتماعية من المسلمين.

ولكن الحقّ أنّ مفهومها واسع يشمل الشرك ، بقرينة قوله :( وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ) وسائر ضغوط الأعداء على المسلمين.

الهدف من الجهاد وبشرى كريمة :

تشير الآية آنفة الذكر إلى قسمين من أهداف الجهاد المقدسة وهما :

1 ـ القضاء على عبادة الأصنام وتطهير الأرض من معابدها ونحو ذلك وكما ذكرنا في بحثنا عن أهداف الجهاد فإنّ الحريّة الدينية تتعلق بمن يتّبع أحد الأديان السماوية فلا يجوز إكراه هؤلاء من أجل تغيير عقيدتهم ، ولكن عبادة الأصنام ليست دينا ولا فكرا ، بل هي خرافة وجهل وانحراف ، وعلى الحكومة الإسلامية إزالتها وتطهير البلاد منها عن طريق الإعلام والتبليغ الإسلامي ـ أوّلا ـ وإذا لم يؤدّ ذلك إلى نتيجة فيجب اللجوء إلى القوة لتدمير معابد الأوثان.

2 ـ نيل الحرية في نشر الإسلام والتبليغ له ، وفي هذا القسم أجاز الإسلام استخدام القوّة في مواجهة من يمنع المسلمين من نشر عقيدتهم لفتح الطريق بوجه الحوار المنطقي السليم.

وقد ورد في تفاسير أهل السنة كتفسير «روح البيان» للآلوسي ، وتفاسير شيعية أخرى ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام «لم يجيء تأويل هذه الآية ، ولو قام قائمنا بعد ، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ، وليبلغن دين محمّد ما بلغ

٤٢٦

الليل حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض كما قال تعالى»(1) .

ولقد أنكر صاحب تفسير المنار ـ لتعصبه ـ هذا الحديث الوارد في شأن مسألة قيام المهديعليه‌السلام ، وذلك لحكمه المسبق المخطئ في هذه القضية ، والعجيب أن له ميلا خاصا في تفسيره إلى الفكر الوهابي ، مع أنّ الوهابيين بالرغم من تعصّهم يصرحون بأنّ ظهور الإمام المهديعليه‌السلام من الأمور المسلّم بها ، ويعتبرون الرّوايات فيه من المتواترات.

وسنورد الأدلة والمصادر في هذا الصدد في ذيل الآية (33) من سورة التوبة ، كما سنشير إلى النقطة الأساسية في خطأ هذا المفسّر والرد عليها ، ولقد فصلنا الأمر في كتابنا «المصلح العالمي الكبير».

وإذا كانت بعض الرّوايات المتعلقة بظهور المهدي غير صحيحة وفيها بعض الخرافات ، فلا ينبغي أن يؤدّي ذلك إلى الإعراض عن بقية الرّوايات الصحيحة والمتواترة!

وأخيرا فإنّ الآية في نهايتها ، وتزامنا مع الشدة في العمل ، تمدّ يد المحبّة والرأفه إلى الأعداء مرّة أخرى فتقول : فإن انتهوا فإن الله بما يعملون خبير ولكن إذا تمادوا في عنادهم وطغيانهم ولم يستسلموا للحقّ ، فاعملوا أنّ النصر حليفكم والهزيمة من نصيب أعدائكم ، لانّ الله مولاكم وهو خير ناصر ومعين :( وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) .

* * *

__________________

(1) راجع مجمع البيان ، ذيل الآية ، وتفسير نور الثقلين ، ج 2 ، ص 155 ، تفاسير أخرى.

٤٢٧
٤٢٨

بداية الجزء العاشر

القرآن الكريم

٤٢٩
٤٣٠

الآية

( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41) )

التّفسير

الخمس فرض إسلامي مهم :

وجدنا في بداية هذه السورة كيف أنّ بعض المسلمين تشاجروا في شأن تقسيم الغنائم بعد غزوة بدر ، وقد أمر الله سبحانه ـ درءا لأصول الخلاف ـ أن توضع الغنائم تحت تصرف النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لينفقها بما يراه صالحا ، فقام بتقسمها بالتساوي بين المقاتلين المسلمين.

وفي هذه الآية عود إلى مسألة الغنائم ، لتناسب الآيات التي سبقتها ، والتي كانت تتكلم على الجهاد ، إذ وجدنا في بعضها إشارات مختلفة لموضوع الجهاد ، ولما كان الجهاد يرتبط بمسألة الغنائم غالبا ، فكان في المقام تناسب بين الجهاد وبين ذكر أحكام الغنائم «بل سنلاحظ أن القرآن تعدى في حكمه إلى أبعد من

٤٣١

مسألة الغنائم ، ونظر إلى جميع الموارد».

يقول الحق سبحانه :( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ) (الأئمة من أهل البيتعليهم‌السلام )( وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) ـ من ذرية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا. ويضيف مؤكّدا( إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ ) ـ أي يوم بدر ـ( يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ ) .

وينبغي الالتفات إلى أنّه على الرغم من أنّ الخطاب في الآية موجه إلى المؤمنين ، لأنّها تبحث في غنائم الجهاد الإسلامي ، وبديهي أنّ المجاهد مؤمن ، لكنّها مع ذلك تقول :( إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ ) وفي ذلك إشارة إلى أنّ ادعاء الإيمان وحده لا يعدّ دليلا على الإيمان ، بل حتى المشاركة في سوح الجهاد قد لا تكون دليلا على الإيمان ، فقد تكون وراء ذلك أمور أخرى. فالمؤمن الكامل هو الذي يذعن لأوامر الله كافة وينقاد لها ، وخاصّة الأوامر والأحكام المالية ، ولا يأخذ ببعض ويترك بعضا ، وتشير الآية في نهايتها إلى قدرة الله غير المحدودة ، فتقول :( وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .

أي بالرغم من قلتكم يوم بدر وكثيرة عدوّكم في الظاهر ، لكن الله القادر خذلهم وأيدكم فانتصرتم عليهم.

* * *

ملاحظات

1 ـ يوم الفرقان بين الحق والباطل

سمّي يوم معركة بدر بيوم الفرقان بين الحق والباطل ، ويوم الالتقاء بين جماعة الكفر وجماعة الإيمان ، وفي ذلك إشارة إلى ما يلي :

أوّلا : إنّ يوم بدر ظهرت فيه الأدلة على صدق النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنّه وعد المسلمين بالنصر قبل ذلك ، مع أنّ القرائن في الظاهر لم تكن دالة على ذلك ، ولقد اتّحدت

٤٣٢

تلك الأسباب بشكل غير متوقع فكان النصر ، وهو ما لا يمكن حمله على المصادفة والاتفاق فبناء على ذلك فإن صدق الآيات التي نزلت على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك اليوم كان كامنا في الآيات نفسها.

ثانيا : إنّ المعركة في بدر : «يوم التقى الجمعان» كانت في الواقع إحدى النعم الإلهية الكبرى على المسلمين ، لإنّ بعضهم كان يخشاها في البداية ، لكن تلك المواجهة والنصر دفعا بهم خطوات كبيرة نحو الأمام ، إذ بلغ صداهم واشتهارهم بذلك أنحاء الجزيرة العربية ، ودعا الجميع للتفكّر في هذا الدين الجديد وقدرته المذهلة وكان ذلك اليوم يوما شديدا على الأمّة الإسلامية القليلة آنئذ ، حيث امتاز به المؤمنون الصادقون عن المدعين الكاذبين ، فكان ذلك اليوم بكل جوانبه يوم الفرقان بين الحق والباطل.

2 ـ ذكرنا في بداية السورة عدم وجود تضادّ بين آية الأنفال وهذه الآية ، ولا موجب الإعتبار إحداهما ناسخة للأخرى ، لأنّه بمقتضى آية الأنفال فإنّ الغنائم الحربية هي للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إلّا أنّه وهب أربعة أخماسها للمقاتلين المسلمين ، وادخر الخمس المتبقي للموارد التي ذكرتها الآية «ولمزيد الإيضاح راجع بحثنا في تفسير الآية الأولى من هذه السورة».

3 ـ ما هو المراد من ذي القربي؟

ليس المراد في هذه الآية الأقرباء كلّهم ولا أقرباء النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جميعا ، بل هم الأئمّة من أهل البيتعليهم‌السلام ، والدليل على هذا الأمر هو الرّوايات المتواترة التي وردت عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن طرق أهل البيت(1) ، وتوجد أدلة أخرى على ذلك في كتب أهل السنة.

__________________

(1) يراجع كتاب وسائل الشيعة ، ج 6 ، باب الخمس.

٤٣٣

فبناء على ذلك فإنّ من يرى أنّ سهما من الخمس يتعلق بكل أقرباء النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يواجه هذا السؤال وهو : ما هذا امتياز الذي أولاه الإسلام لأقرباء النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقومه ، مع أنّ الإسلام بعيد عن القبلية والقومية والعرقية؟!

لكنّنا إذا خصصنا «بذي القربى» الأئمّة من أهل البيتعليهم‌السلام مع ملاحظة أنّهم خلفاء النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقادة الحكومة الإسلامية ، يتّضح السبب في إعطائهم هذا السهم من الخمس.

وبعبارة أخرى : إنّ السهام الثّلاثة «سهم الله وسهم النّبي وسهم ذي القربي» ترجع جميعها إلى قائد الحكومة الإسلامية ، فيصرف منها في شؤون حياته البسيطة ، وينفق الباقي منها في ما يوجبه مقام القيادة ، أي أنّه يصرفها في الحقيقة في حاجات الناس والمجتمع!.

وحيث أن بعض المفسّرين من أهل السنة «كصاحب المنار» يرى أنّ ذا القربى هو جميع الأقارب ، فقد تخبط في الإجابة على السؤال آنف الذكر وظلّ في حيرة من أمره ، حتى جعل النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشبه بالملوك والسلاطين ، فأوجب عليه أن يجذب قومه وقبيلته اليه بالأموال التي عنده!

ومن الواضح بطلان هذا المنطق ، إذ يتنافى ومنطق الحكومة العالمية الإنسانية التي لا تعترف بالامتيازات القبليّة «وسيأتي إيضاح هذا الموضوع بصورة أكثر في البحوث المقبلة ، إن شاء الله».

4 ـ ما هو المراد من اليتامى والمساكين وابن السبيل

إنّ المقصود باليتامى والمساكين وابن السبيل ـ في الآية ـ هم هذه الطوائف الثلاث من بني هاشم بالرغم من أنّ ظاهر الآية مطلق غير مقيد ، ودليلنا على التقييد هو الرّوايات الكثيرة الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام ، ونعلم بأنّ كثيرا من الأحكام المطلقة في النصوص القرآنية قيدتها السنة النبوية وجعلت لها شروطا

٤٣٤

وهذا الأمر غير منحصر بالآية محل البحث حتى تكون مثارا للغرابة والتعجب.

أضف إلى ذلك أنّ الزكاة محرمة على المحتاجين من بني هاشم ، فيلزم توفير مصدر آخر لهم ، وهذه قرينة على أنّ الآية تخصّ المحتاجين من بني هاشم.

لذا نقرأ في حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام قوله : «إنّ الله تعالى لما حرّم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس ، فالصدقة علينا حرام والخمس لنا حلال»(1)

5 ـ هل الغنائم منحصرة في غنائم الحرب

الموضوع المهم الآخر الذي يجب أن يبحث في الآية ، وهو في الحقيقة بمثابة العمدة فيها ، هو : هل لفظ الغنيمة المذكور فيها يطلق على الغنائم الحربية فحسب ، أو الموضوع أوسع من ذلك فيشمل كل زيادة في المال؟!

ففي الصورة الأولى فإنّ الآية تبيّن الخمس في غنائم الحرب فحسب ، وأمّا الخمس في سائر الموارد فينبغي معرفته من السنة والأخبار المتواترة وصحيح الرّوايات ، ولا مانع أن يشير القرآن إلى قسم من أحكام الخمس بما يناسب مسائل الجهاد ، وأن تتناول السنة الشريفة بيان أقسامه الباقية.

فمثلا قد وردت الصلوات الخمس اليومية صريحة في القرآن ، كما أشير إلى صلاة الطواف التي هي من الصلوات الواجبة أيضا ، ولم ترد أيّة إشارة في القرآن إلى صلاة الآيات المتفق على وجوبها من قبل الفرق الإسلامية من أهل السنة والشيعة كافة ، ولا نجد قائلا يقول بأنّه لا يجب الإتيان بصلاة الآيات لأنّها لم تذكر في القرآن أو أن القرآن أشار إلى بعض الأغسال ولم يذكر غيرها ، فيجب ترك ما لم يشر إليه القرآن! فهذا المنطق لا يقره أي مسلم أبدا.

فبناء على ذلك ، لا إشكال في أن يبيّن القرآن قسما واحدا من أقسام

__________________

(1) وسائل الشيعة ، ج 6 ، باب الخمس ، ومجمع البيان ذيل الآية

٤٣٥

الخمس فحسب ، ويكلّ توضيح الباقي إلى السنّة ، وفي الفقه الإسلامي نظائر كثيرة لهذه المسألة.

إلّا أنّه مع هذه الحال ينبغي أن ننظر إلى معنى «الغنيمة» في اللغة والعرف! فهل هي منحصرة في غنائم الحرب؟! أم تشمل كل أنواع الأرباح والزيادة في المال؟!

الذي يستفاد من كتب اللغة هو أنّ جذرها اللغوي لم يرد في ما يؤخذ من العدوّ في الحرب ، بل تشمل كل أنواع الزيادة المالية وغيرها.

ونشير هنا إلى بعض كتب اللغة المشهورة التي يعتمد عليها علماء العربية وأدباؤها على سبيل المثال والشاهد. إذ نقرأ في كتاب «لسان العرب» الجزء الثّاني عشر قوله «الغنم الفوز بالشيء من غير مشقّة ، والغنم والغنيمة ، والمنغم : الفيء ، وفي الحديث : الرهن لمن رهنه له غنمه وعليه غرمه ، غنمه زيادته ونماؤه وفاضل قيمته وغنم الشيء غنما فاز به ...».

ونقرأ في الجزء التاسع من «تاج العروس» : والغنم : الفوز بالشيء بلا مشقّة». وفي كتاب «القاموس» هذا المعنى نفسه للغنيمة أيضا.

وجاء في كتاب «المفردات» للراغب أنّ أصل الغنيمة من الغنم ، ثمّ يقول : ثمّ استعملوه في كل مظفور به من العدى وغيره.

وحتى من ذكر أنّ معناها هو غنائم الحرب ، لم ينكر أنّ معناها في الأصل واسع وشامل لكل خير يقع بيد الإنسان بدون عناء ومشقة.

وترد الغنيمة في العرف في مقابل الغرامة ، فكما أن معنى الغرامة واسع شامل لكل أنواع الغرامات ، فإنّ معنى الغنيمة واسع شامل لكل أنواع الغنائم.

وقد وردت هذه الكلمة في نهج البلاغة كثيرا بالمعنى المذكور نفسه ، إذ نقرأ في الخطبة (76) قولهعليه‌السلام : «اغتنم المهل».

وفي الخطبة (120) يقولعليه‌السلام : «من أخذها لحق وغنم».

٤٣٦

ويقول في كتابه (53) إلى مالك الأشتر : «ولا تكوننّ عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم».

ويقول في كتابه (45) إلى عثمان بن حنيف : «فو الله ما كنزت من دنياكم تبرا ولا ادخرت من غنائمها وفرا».

ويقول في بعض كلماته القصار برقم (331) : «إنّ الله جعل الطاعة غنيمة الأكياس».

ويقول في كتابه (41) : «واغتنم من استقرضك في حال غناك».

ونظير هذه التعابير والكلمات التي تدل على عدم انحصار معنى الغنيمة في غنائم الحرب كثير.

وأمّا ما قاله المفسّرون :

إنّ أكثر المفسّرين الذين تناولوا هذه الآية بالبحث صرّحوا بأنّ للغنيمة معنى واسعا في اللغة يشمل غنائم الحرب وغيرها ممّا يحصل عليه الإنسان من دون مشقّة ، وحتى الذين قالوا بأنّها تختص بغنائم الحرب «لفتوى فقهاء السنة» يعترفون بأنّ معناها في اللغة غير مقيد ، بل قيّدوه بدليل آخر.

«القرطبي» مفسّر أهل السنة المعروف ، كتب في ذيل الآية : «إنّ الغنيمة في اللغة هو الخير الذي يناله الفرد أو الجماعة بالسعي والجد»(1) .

وينبغي أن يعلم أن علماء أهل السنة متفقون على أنّ المراد من الغنيمة المذكورة في آية( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ) هي الأموال التي يحصل عليها الناس بالقوّة في الحرب ، وينبغي ملاحظة أنّ هذا القيد غير وارد في اللغة ، لكنّه ورد في العرف الشرعي.

__________________

(1) راجع تفسير القرطبي ، ج 4 ، ص 280.

٤٣٧

ويقول «الفخر الرازي» في تفسيره : الغنم الفوز بالشيء يقول بعد هذا : إنّ المعنى الشرعي للغنيمة في اعتقاد فقهاء أهل السنة هو غنائم الحرب(1) .

كما أنّ «صاحب المنار» قد ذكرها بمعناها الواسع ولم يخصصها بغنائم الحرب ، بالرغم من اعتقاده بلزوم تقييد المعنى الواسع بالقيد الشرعي ، وتخصيص الآية بغنائم الحرب(2) .

وقال «الآلوسي» في تفسيره روح المعاني : «إن الغنم في الأصل معناه كل ربح ومنفعة»(3) .

وقال صاحب «مجمع البيان» في بداية كلامه : إنّ الغنيمة بمعنى غنائم الحرب ، إلّا أنّه لما بين معنى الآية قال : «قال أصحابنا : إنّ الخمس واجب في كل فائدة تحصل للإنسان من المكاسب وأرباح التجارات ، وفي الكنوز والمعادن والفوضى ، وغير ذلك ما هو مذكور في الكتب ، ويمكن أن يستدل على ذلك بهذه الآية ، فإنّ في عرف اللغة يطلق على جميع ذلك اسم الغنم والغنيمة»(4) .

والعجيب أنّ بعض المغرضين ـ وكأنّهم مأمورون ببث السّموم في الأفكار ـ حرّفوا ما ذكره صاحب مجمع البيان في كتاب ألفوه في شأن الخمس ، حيث ذكروا عبارته الأولى في تفسير الغنيمة بأنّ المراد منه غنائم الحرب ، ولكنّهم لم يشيروا إلى إيضاحاته حول عموميّة المعنى اللغوي ومعنى الآية الذي أورده أخيرا ، وقد كذبوا بما لفقوا على هذا المفسّر الإسلامي الكبير ، وكأنّهم يتصورون أن كتاب مجمع البيان في أيديهم ولن يقرأه غيرهم. والأعجب من ذلك أنّهم لم يرتكبوا هذه الخيانة الفكرية فحسب ، بل تصرفوا في كتب أخرى فأخذوا

__________________

(1) الفخر الرازي ، ج 15 ، ص 164.

(2) تفسير المنار ، ج 10 ، ص 703.

(3) تفسير روح المعاني : ج 10 ، ص 2.

(4) تفسير مجمع البيان ، ج 4 ، ص 543.

٤٣٨

بما ينفعهم وتركوا ما يضرّهم.

وفي تفسير «الميزان» ورد بصراحة ـ استنادا إلى علماء اللغة ـ أنّ الغنيمة هي كل فائدة تستحصل عن طريق التجارة والكسب أو الحرب ، ومع أن سبب نزول الآية هو غنائم الحرب ، إلّا أنّ ذلك لا يخصص مفهوم الآية وعموميتها(1) .

ونستنتج ممّا ذكرناه آنفا ما يلي :

إنّ آية الغنائم ذات معنى واسع يشمل كل فائدة وربح ، لإنّ معنى الغنيمة اللغوي عام ولا دليل على تخصيص الآية.

والشيء الوحيد الذي استند إليه جماعة من مفسّري أهل السنة ، هو أنّ الآيات السابقة والآيات اللاحقة لهذه الآية تتعلق بالجهاد ، وهذا الأمر يكون قرينة على أنّ آية( أَنَّما غَنِمْتُمْ ) تتعلق بغنائم الحرب.

في حين أنّ أسباب النّزول وسياق الآيات لا يخصص عمومية الآية كما هو معلوم ، وبعبارة أجلى : لا مانع من كون مفهوم الآية ذا معنى عام ، وأن يكون سبب نزولها هو غنائم الحرب في الوقت ذاته ، فهي من مصاديق هذا المفهوم أو الحكم.

ونظير هذه الأحكام كثير في القرآن الكريم والسنة المطهرة ، بأن يكون حكمها عاما ومصداقها جزئيا «خاصّا».

فمثلا في الآية (7) من سورة الحشر نقرأ قوله تعالى :( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) فهذه الآية ذات حكم كلي في وجوب الالتزام بأوامر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أن سبب نزولها هو الأموال التي تقع بأيدي المسلمين من دون حرب ، ويطلق على ذلك اصطلاحا «الفيء».

وكذلك نجد في الآية (233) من سورة البقرة حكما كليا في قوله :( لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها ) مع أنّه يتعلق بالنساء المرضعات والأمر موجه لآباء

__________________

(1) الميزان ، ج 9 ، ص 89.

٤٣٩

الأطفال الرضّع أن يعطوا المرضعات أجورهن حسب وسعهم. وكون الآية واردة في هذا الأمر الخاص لا يمنع من عمومية القانون الذي جاءت به وهو عدم التكليف.

الخلاصة ، أنّ الآية محل البحث جاءت في سياق آيات الجهاد ، إلّا أنّها تقول : «إنّ أية فائدة أو ربح تحصلون عليه ـ ومنه غنائم الحرب ـ فعليكم أن تعطوا خمسه».

وخاصّة أنّ «ما» الموصولة «ومن شيء» لفظان عامان ليس فيهما قيد ولا شرط وهما يؤكّدان هذا الموضوع.

6 ـ ألا يعد تخصيص نصف الخمس لبني هاشم تبعيضا بين المسلمين؟!

يتصوّر بعض أن هذه الضربية الإسلامية الشاملة لخمس الكثير من الأموال ، أي نسبة (عشرين المائة) حيث يعطى نصفها للسادة من أبناء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، نوع من التمييز العنصري أو ملاحظة العلاقات العائلية ، وأنّ هذا الأمر لا ينسجم وروح العدالة الاجتماعية للإسلام وكونها شاملة لجميع العالم.

الجواب :

إنّ هؤلاء لم يدر سوا ظروف هذا الحكم وخصوصياته بدقة كافية ، فالإجابة على هذا السؤال كامنة في تلك الخصوصيات.

وتوضيح ذلك : أوّلا : إن نصف الخمس المتعلق ببني هاشم إنّما يعطى للمحتاجين والفقراء منهم فحسب ، ولما يكفيهم لسنة واحدة لا أكثر ، فبناء على ذلك تصرف هذه الأموال على المقعدين عن العمل والمرضى واليتامى من الصغار ، أو من يكون في ضيق وحرج. لسبب من الأسباب ولهذا فإنّ القادرين على العمل «بالفعل أو بالقوّة» والذين بإمكانهم أن يديروا حياتهم المعاشية ، ليس

٤٤٠