الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل3%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 608

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 608 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 252020 / تحميل: 6006
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

مؤلف:
العربية

١
٢

٣
٤

الآيات

( وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٣٢) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣) )

التّفسير

شرك أهل الكتاب :

كان الكلام في الآيات المتقدمة بعد الحديث عن المشركين وإلغاء عهودهم وضرورة إزالة دينهم ومعتقداتهم الوثنية يشير بعد ذلك إلى أهل الكتاب وقد حدد الإسلام لهم شروطا ليعيشوا بسلام مع المسلمين ، فإنّ لم يفوا بها كان على المسلمين أن يقاتلوهم.

وفي الآيات محل البحث بيان لوجه الشبه بين أهل الكتاب والمشركين ، ولا

٥

سيما اليهود والنصارى منهم ، ليتّضح أنّه لو كان بعض التشدد في معاملتهم ، فإنّما هو لانحرافهم عن التوحيد ، وميلهم إلى نوع من الشرك في العقيدة ، ونوع من الشرك في العبادة.

فتقول الآية الأولى من الآيات محل البحث :( وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) .

* * *

بحوث

١ ـ من هو عزير؟!

«عزير» في لغة العرب هو «عزرا» في لغة اليهود ، ولمّا كانت العرب تغيّر في بعض الكلمات التي تردها من لغات أجنبية وتجري على لسانها ، وذلك كما هي الحال في إظهار المحبّة خاصّة فتصغر الكلمة ، فصغرت عزرا إلى عزير ، كما بدلت كلمة يسوع العبرية إلى عيسى في العربية ، ويوحنا إلى يحيى.(١)

وعلى كان حال ، فإن عزيرا ـ أو عزرا ـ له مكانة خاصّة في تاريخ اليهود ، حتى أن بعضهم زعم أنّه واضع حجر الأساس لأمّة اليهود باني مجدهم وفي الواقع فإنّ له خدمة كبرى لدينهم ، لأنّ بخت نصر ملك بابل دمر اليهود تدميرا في واقعته المشهورة ، وجعل مدنهم ، تحت سيطرة جنوده فأبادوها ، وهدموا معابدهم ، وأحرقوا توراتهم ، وقتلوا رجالهم ، وسبوا نساءهم ، وأسروا أطفالهم ، وجيء بهم إلى بابل فمكثوا هناك حوالي قرن.

ولما فتح كورش ملك فارس بابل جاءه عزرا ، وكان من أكابر اليهود ، فاستشفعه

__________________

(١) المراد من التصغير عادة هو بيان كون الشيء صغيرا في قبال شيء آخر كبير ، مثل رجيل المصغر عن رجل ، لكن للتصغير أغراضا بلاغية منها إظهار المحبّة وغيرها ، كما في اظهار الرجل محبته لولده فيصغّر اسمه.

٦

في اليهود فشفّعه فيهم ، فرجعوا إلى ديارهم وكتب لهم التّوراة ـ ممّا بقي في ذهنه من أسلافه اليهود وما كانوا قد حدّثوا به ـ من جديد.

ولذلك فهم يحترمونه أيما احترام ، ويعدّونه منقذهم ومحيي شريعتهم.(١)

وكان هذا الأمر سببا أن تلقبه جماعة منهم بـ «ابن الله» غير أنّه يستفاد من بعض الرّوايات ـ كما في الإحتجاج للطبرسي ـ أنّهم أطلقوا هذا اللقب احتراما له لا على نحو الحقيقة.

ولكنّنا نقرأ في الرّواية ذاتها أنّ النّبي سألهم بما مؤدّاه (إذا كنتم تجلّون عزيرا وتكرمونه لخدماته العظمى وتطلقون عليه هذا الاسم ، فعلام لا تسمّون موسى وهو أعظم عندكم من عزير بهذا الاسم؟ فلم يجدوا للمسألة جوابا وأطرقوا برؤوسهم)(٢) .

ومهما يكن من أمر فهذه التسمية كانت أكبر من موضوع الإجلال والاحترام في أذهان جماعة منهم ، وما هو مألوف عند العامّة أنّهم يحملون هذا المفهوم على حقيقته ، ويزعمون أنّه ابن الله حقّا ، لأنّه خلصهم من الدمار والضياع ورفع رؤوسهم بكتابة التوراة من جديد.

وبالطبع فهذا الإعتقاد لم يكن سائدا عند جميع اليهود ، إلّا أنّه يستفاد أنّ هذا التصّور أو الإعتقاد كان سائدا عند جماعة منهم ، ولا سيما في عصر النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والدليل على ذلك أنّ أحدا من كتب التاريخ ، لم يذكر بأنّهم عند ما سمعوا الآية آنفة الذكر احتجوا على النّبي أو أنكروا هذا القول «ولو كان لبان».

وممّا قلناه يمكن الإجابة على السؤال التّالي : أنّه ليس بين اليهود في عصرنا الحاضر من يدعي أنّ عزيرا ابن الله ولا من يعتقد بهذا الإعتقاد ، فعلام نسب القرآن هذا القول إليهم؟!

__________________

(١) يراجع في هذا الشأن الميزان ، ج ٩ ، ص ٢٥٣ ، والمنار ، ج ١٠ ، ص ٣٢٢.

(٢) نور الثقلين ، ج ٦ ، ص ٢٠٥ ، حديث طويل نقلنا خلاصته معنا لا نصا ، وإذا أردتم المزيد راجعوا المصدر المذكور.

٧

وتوضيح ذلك ، أنّه لا يلزم أن يكون لجميع اليهود مثل هذا الإعتقاد ، إذ يكفي هذا القدر المسلم به ، وهو أنّه في عصر نزول الآيات على النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في اليهود من يعتقد بهذا الإعتقاد ، والدليل على ذلك كما نوّهنا ، هو أنّه لم ينكر أيّ منهم ذلك على النّبي والشيء الوحيد الذي صدر منهم ـ وفقا لبعض الرّوايات ـ أنّهم قالوا : إنّ هذا اللقب «ابن الله» إنّما هو لاحترام عزير ، وقد عجزوا عن جواب لمّا سألهم وأشكل عليهم : لم لا تجعلون هذا اللقب إذا لنبيّكم موسىعليه‌السلام ؟!

وعلى كل حال فمتى ما نسب قول أو اعتقاد إلى قوم ما ، فلا يلزم أن يكون الجميع قد اتفّقوا على ذلك ، بل يكفي أن يكون فيهم جماعة ملحوظة تذهب إلى ذلك.

٢ ـ لم يكن المسيح ابن الله

لا ريب أن المسيحيين يعتقدون أن عيسى هو الابن الحقيقي لله ، ولا يطلقون هذا الاسم إكراما وتشريفا له ، بل على نحو المعنى الواقعي له ، وهم يصرّحون في كتبهم أن إطلاق هذا الاسم على غير المسيح بالمعنى الواقعي غير جائز ، ولا شك أنّ هذا من بدع النصارى ، والمسيح لم يدّع مثل هذا الادعاء أبدا ، وإنّما كان يقول : بأنّه عبدّ لله ، ولا معنى أساسا لأن ننسب علاقة الأبوة والبنوة الخاصّة بعالم المادة وعالم الممكنات بين الله وعباده أبدا.

٣ ـ اقتباس هذه الخرافات

يقول القرآن المجيد في الآية محل البحث : أنّهم ـ أي اليهود والنصارى ـ يضاهئون ـ أي يشبهون بانحرافاتهم ـ الذين كفروا والمشركين.

وهذا التعبير يشير إلى أنّهم مقلّدون إذ كانوا يعتقدون بأنّ بعض الآلهة هو إله الأب ، وبعضها إله الابن ، وحتى أنّ بعضهم كان يعتقد بأنّ هناك إله الأم ، وإله الزوج ،

٨

وقد لوحظت مثل هذه الأفكار في جذور عقائد المشركين في الهند أو الصين أو مصر القديمة ثمّ تسرّبت إلى اليهود والنصارى.

وفي العصر الحاضر خطر عند بعض المحقّقين أن يوازن ويقارن بين ما في العهدين «التوراة والإنجيل وما يرتبط بهما» وبين عقائد البوذيين والبرهمائيين ، فاستنتجوا أن كثيرا من معارف الإنجيل والتوراة تتطابق مع خرافات البوذيين والبرهمائيين تطابقا ملحوظا ، حتى أنّ بعض الحكايات والقصص الموجودة في الإنجيل هي الحكايات والقصص ذاتها الموجودة في الديانة البوذائية والبرهمائية.

وإذا كان المفكرون توصّلوا اليوم إلى مثل هذه الحقيقة ، فإنّ القرآن أشار إليها قبل أربعة عشر قرنا في الآية محل البحث.

٤ ـ ما هو معنى( قاتَلَهُمُ اللهُ )

جملة وإن كان معناها في الأصل أنّ الله مقاتل إيّاهم وما إلى ذلك ، لكن كما يقول الطبرسي في مجمع البيان نقلا عن ابن عباس ، إن هذه الجملة كناية عن اللعنة أي أنّ الله أبعدهم عن رحمته ، فهو دعاء عليهم.

وفي الآية التالية إشارة إلى شركهم العملي في قبال الشرك الاعتقادي ، أو بعبارة أخرى إشارة إلى شركهم في العبادة ، إذ تقول الآية :( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ) .

«الأحبار» جمع حبر ، ومعناه العالم ، و «الرهبان» جمع راهب وتطلق على من ترك دنياه وسكن الدير وأكبّ على العبادة.

وممّا لا شك فيه أنّ اليهود والنصارى لم يسجدوا لأحبارهم ورهبانهم ، ولم يصلوا ولم يصوموا لهم ، ولم يعبدوهم أبدا ، لكن لما كانوا منقادين لهم بالطاعة دون قيد أو شرط ، بحيث كانوا يعتقدون بوجوب تنفيذ حتى الأحكام المخالفة لحكم

٩

الله من قبلهم ، فالقرآن عبّر عن هذا التقليد الأعمى بالعبادة.

وهذا المعنى وارد في رواية عن الإمامين الباقر والصادقعليهما‌السلام إذا قالا : «أمّا والله ما صاموا لهم ولا صلّوا ، ولكنّهم أحلّوا لهم حراما وحرّموا عليهم حلالا ، فاتبعوهم وعبدوهم من حيث لا يشعرون».(١)

وفي حديث آخر ، أنّ عديّ بن حاتم قال : وفدت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان في رقبتي صليب من الذّهب ، فقال ليصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عدي ألق هذا الصنم عن رقبتك ، ففعلت ذلك ، ثمّ دنوت منه فسمعته يتلو الآية( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً ) فلمّا أتم الآية قلت له : نحن لا نتّخذ أئمتنا أربابا أبدا ، فقال : «ألم يحرموا حلال الله ويحلّوا حرامه فتتبعوهم؟ فقلت : بلى ، فقال : فهذه عبادتهم».(٢)

والدليل على هذا الموضوع واضح ، لأنّ التقنين خاص بالله ، وليس لأحد سواه أن يحل أو يحرم للناس ، أو يجعل قانونا ، والشيء الوحيد الذي يستطيع الإنسان أن يفعله هو اكتشاف قوانين الله وتطبيقها على مصاديقها.

فبناء على ذلك لو أقدم أحد على وضع قانون يخالف قانون الله ، وقبله إنسان آخر دون قيد أو اعتراض او استفسار فقد عبد غير الله ، وهذا بنفسه نوع من أنواع الشرك العملي ، وبتعبير آخر : هو عبادة غير الله.

ويظهر من القرائن أنّ اليهود والنصارى يرون مثل هذا الإختيار لزعمائهم ، بحيث لهم أن يغيّروا ما يرونه صالحا بحسب نظرهم ، وما يزال بعض المسيحيين يطلب العفو من القسيس فيقول له القسّ ، عفوت عنك! وكان ـ منذ زمن ـ موضوع صكوك الغفران رائجا.

وهناك لطيفة أخرى ينبغي الالتفات إليها ، وهي أنّه لما كانت عبادة المسيحيين لرهبانهم تختلف عن عبادة اليهود لأحبارهم ، فالمسيحيون يرون المسيح ابن الله

__________________

(١) مجمع البيان ، ذيل الآية ونور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢٠٩.

(٢) مجمع البيان ، ذيل الآية.

١٠

واقعا واليهود يطيعون أحبارهم دون قيد أو شرط ، لذا فإنّ الآية أشارت إلى عبادة كل منهما، فقالت :( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ) .

ثمّ فصلت المسيح على حدة فقالت :( وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ) .

وهذا التعبير يدلّ على منتهى الدقة في القرآن.

وفي ختام الآية تأكيد على هذه المسألة ، وهي أن جميع هذه العبادات للبشر بدعة ، وهي من العبادات الموضوعة( وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) .

درس تعليمي :

إنّ القرآن المجيد يعلّم أتباعه في الآية ـ محل البحث ـ درسا قيّما جدّا ، ويبيّن واحدا من أبرز مفاهيم التوحيد فيها ، إذ يقول : لا يحقّ لأيّ مسلم طاعة إنسان آخر دون قيد أو شرط ، لأنّ هذا الأمر مساو لعبادته ، وجميع الطاعات يحب أن تكون في إطار طاعة الله ، وإنّما يصح اتباع الإنسان نظيره متى كانت قوانينه غير مخالفة لقوانين الله ، أيّا كان ذلك الإنسان وفي أية مكانة أو منزلة. لأنّ الطاعة بلا قيد أو شرط مساوية للعبادة ، أو هي شكل من أشكال الشرك والعبودية ، إلّا أنّه يا للأسف ـ بلي المسلمون ـ لبعد المسافة الزمنية ـ بالابتعاد عن تعاليم هذا الدستور الإسلامي المهم ، وإقامه الأصنام البشرية ، فتفرقوا وتغلب عليهم المستعمرون والمستثمرون ، وإذا لم تتكسر هذه الأصنام البشرية فلا ينبغي أن ننتظر زوال هذه البلايا وسدّ الثغرات.

وأساسا فإنّ هذا النوع من الشرك أو العبادة الوثنية أخطر بكثير من عبادة الأصنام والأحجار في زمان الجاهلية ، والسجود لها ، لأنّ تلك الأصنام والأحجار ليس فيها روح حتى تستعمر عبدتها ، إلّا أنّ الأصنام البشرية وبسبب غرورهم وعدوانهم يجرّون أتباعهم إلى الوبال والذلة والشقاء والانحطاط.

١١

وفي الآية الثّالثة من الآيات محل البحث تشبيه طريف لسعي اليهود والنصارى ، أو سعي جميع مخالفي الإسلام حتى المشركين ، وجدّهم واجتهادهم المستمر «العقيم» الذي لا يعود عليهم بالنفع أبدا ، إذ تقول الآية :( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ) .

* * *

ملاحظات

١ ـ شبّه الدين ـ دين الله ـ في هذه الآية وفي القرآن وتعاليم الإسلام بالنور ، ونحن نعرف أن النّور أساس الحياة والحركة والنمو والعمران على الأرض ومنشأ كل جمال.

والإسلام دين يحرّك كل مجتمع إنساني نحو التكامل ، وهو أساس كل خير وبركة.

كما شبّه اجتهاد الكافر بالنفخ بالأفواه وكم هو مثير للضحك أن يحاول الإنسان إطفاء نور عظيم كنور الشمس

بنفخة؟ ولا تعبير أبلغ من تعبير القرآن لتجسيد هذه المحاولات اليائسة ، وفي الواقع فإنّ محاولات مخلوق ضعيف إزاء قدرة الله التي لا نهاية لها ، لا تكون أحسن حالا ممّا ذكرته الآية.

٢ ـ ورد موضوع محاولة إطفاء نور الله في القرآن في موردين : أحدهما في الآية محل البحث ، والآخر في الآية (٨) من سورة الصف ، وفي الآيتين انتقاد للكفار ومحاولات أعداء الله اليائسة ، إلّا أن بين تعبيري الآيتين تفاوتا يسيرا ، إذ جاء التعبير في الآية محل البحث( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا ) إلّا أن الآية (٨) من سورة الصف جاء فيها التعبير( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا ) .

وممّا لا شك فيه أن هذا التفاوت أو الاختلاف اليسير في التعبير القرآني لغاية بلاغية.

١٢

يقول الراغب في مفرداته موضحا الفرق بين( أَنْ يُطْفِؤُا ) و( لِيُطْفِؤُا ) : إنّ الآية الأولى تشير إلى محاولة إطفاء نور الله بدون مقدمات ، أمّا الآية الأخرى فتشير إلى محاولة إطفائه بالتوسل بالأسباب والمقدمات ، فالقرآن يريد أن يقول : سواء توسّلوا بالأسباب أم لم يتوسلوا فلن يفلحوا أبدا ، وعاقبتهم الهزيمة والخسران.

٣ ـ كلمة «يأبى» مأخوذة من الإباء ، ومعناه شدة الامتناع وعدم المطاوعة ، وهذا التعبير يثبت إرادة الله ومشيئته الحتمية لإكمال دينه وازدهاره كما أنّ التعبير مدعاة لاطمئنان جميع المسلمين ، إن كانوا مسلمين حقّا! أنّ مستقبل دينهم لا بأس عليه ، بل هو مؤيد بأمر الله.

المستقبل للإسلام :

الآية الأخيرة من الآيات ـ محل البحث ـ في نهاية المطاف تزف البشرى للمسلمين باستيعاب الإسلام العالم بأسره ، وتكمل ما أشارت إليه ـ آنفا ـ أن أعداء الإسلام لن يفلحوا في محاولاتهم ومناوآتهم بوجه الإسلام أبدا ، وتقول بصراحة :( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) والمقصود من الهدى هو الدلائل الواضحة ، والبراهين اللائحة الجليّة التي وجدت في الدين الإسلامي.

وأمّا المراد من دين الحق ، فهو هذا الدين الذي أصوله حقّة وفروعه حقّة أيضا ، وكل ما فيه من تاريخ وبراهين ونتائج حق ، ولا شك أن الدين الذي محتواه حق ، ودلائله وبراهينه حقّة ، وتأريخه حق جلي ، لا بدّ أن يظهر على جميع الأديان.

وبمرور الزمان وتقدم العلم وسهولة الارتباطات ، فإن الواقع سيكشف وجهه ويطلعه من وراء سدل الإعلام المضللة ، وستزول كل العقبات والموانع والسدود

١٣

التي وضعت في طريق انتشار الإسلام.

وهكذا فإنّ دين الحق سيستوعب كل مكان ، ولا يحول بينه وبين تقدمه شيء أبدا ، لأنّ الحركات المضادة للإسلام حركات مخالفة لسير التأريخ وسنن الخلق.

* * *

بحوث

١ ـ المراد «الهدى ودين الحقّ»

هذا التعبير الوارد في الآية محل البحث :( أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ ) بمثابة الدليل على انتصار الإسلام وظهوره على جميع الأديان ، لأنّه لمّا كان محتوى دعوة النّبي الهداية ، والعقل يدل على ذلك في كل موطن ، ولما كانت أصوله وفروعه موافقة للحق ، ومع الحق ، وتسير في مسير الحق ، ولأجل الحق. فهذا الدين سينتصر على جميع الأديان طبعا.

وقد جاء عن أحد علماء الهند أنّه سبر فكره في مطالعة مختلف الأديان فترة من الزمن، وانتهى أمره إلى اختيار الدين الإسلامي من بين جميع أديان العالم ، ثمّ نشر كتابا بالإنجليزية اسمه «لم أسلمت؟» وبيّن فيه مزايا الدين الإسلامي على غيره من الأديان.

ومن أهم المسائل التي أثارت انتباهه ـ كما يقول ـ أنّ الإسلام هو الدين الوحيد الذي له تأريخ ثابت محفوظ ويتعجّب كيف اختارت أوربا لها دينا ترى إنّ من جاء به أجلّ من الإنسان وتعدّه ربّها ، مع أن هذا الدين ليس له تاريخ دقيق.(١)

إنّ مطالعة آراء الذين اعتنقوا الإسلام دينا جديدا وعزفوا عن دينهم السابق ، تكشف أنّهم كانوا في منتهى البساطة والغفلة والتضليل ، بينما دلتّهم أصول الإسلام

__________________

(١) المنار ، ج ١٠ ، ص ٣٨٩.

١٤

وفروعه ذات الأدلّة المحكمة إلى الدين الإلهي البعيد عن الخرافات كلّها ، والذي يتجلى فيه نور الحق والهداية.

٢ ـ انتصار المنطق أم انتصر القوّة؟

هناك كلام بين المفسّرين في كيفية ظهور الدين الإسلامي على سائر الأديان ، وهذا الظهور أو الإنتصار في أيّ شكل هو؟

قال بعض المفسّرين : هذا الإنتصار انتصار منطقي استدلالي فحسب ، ويقولون بأن هذا الموضوع حاصل فعلا ، لأنّ الإسلام من حيث منطقه ودلائله لا يقاس به دين آخر.

غير أنّ التحقيق في موارد استعمال مادة «الإظهار» في قوله تعالى :( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) يكشف أنّ هذه المادة غالبا ما تستعمل في القدرة الظاهرية والغلبة المادية ، كما جاء في قصّة أصحاب الكهف :( إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ ) (١) وكما نقرأ في شأن المشركين( كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً ) (٢) .

فمن البديهي أنّ الغلبة في مثل هذه الموارد ليست غلبة منطقية ، بل هي غلبة عينية وفعلية ، وعلى كل حال فمن الأفضل والأكثر صحة أن نعتقد بأنّ هذا الظهور والغلب ظهور مطلق ـ من جميع الجوانب ـ لأنّه ينسجم ومفهوم الآية التي هي مطلقة من جميع الجهات أيضا ، فيكون المعنى أنّه سيأتي يوم ينتصر فيه الإسلام انتصارا منطقيا وانتصارا ظاهريا ، في امتداد سيطرته ونفوذه المطلق ، وحكومته العامّة على جميع الأديان ، وسيجعل جميع الأديان تحت شعاعه.

__________________

(١) الكهف ، ٢٠.

(٢) التوبة ، ٨.

١٥

٣ ـ القرآن وظهور المهدي

إنّ الآية ـ محل البحث ـ عينها وبالألفاظ ذاتها ، وردت في سورة الصف ، كما وردت في أخريات سورة الفتح باختلاف يسير.

والآية تخبر عن حدث مهمّ كبير استدعت أهميته هذه أن تتكرر الآية في القرآن ، وهذا الحدث الذي أخبرت عنه الآية هو استيعاب الإسلام للعالم بأسره.

وبالرغم من أن بعض المفسّرين فسر الإنتصار ـ في الآية محل البحث ـ انتصارا في منطقة معينة ومحدودة ، وقد حدث ذلك فعلا في عصر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو ما بعده من العصور للإسلام والمسلمين ، إلّا أنّه مع ملاحظة أن الآية مطلقة لا قيد فيها لا شرط ، فلا دليل على تحديد المعنى ، فمفهوم الآية انتصار الإسلام كليّا ـ ومن جميع الجهات ـ على جميع الأديان ، ومعنى هذا الكلام أنّ الإسلام سيهيمن على الكرة الأرضية عامّة ، وسينتصر على جميع العالم.

ولا شك أن هذا الأمر لم يتحقّق في الوقت الحاضر ، لكنّنا ندري أن هذا وعد من قبل الله حتمي وأنّه سيتحقق تدريجا ، فسرعة انتشار الإسلام وتقدمه في العالم ، والاعتراف الرسمي به من قبل الدول الأوروبية المختلفة ونفوذه السريع في أفريقيا وأمريكا ، وإعلان كثير من العلماء والمفكرين اعتناقهم الإسلام ، كل ذلك يشير إلى أنّ الإسلام أخذ باستيعاب العالم.

إلّا أنّه طبقا للرّوايات المختلفة الواردة في المصادر الإسلامية ، فإنّ هذا الموضوع إنّما يتحقق عند ظهور المهديعليه‌السلام فيجعل الإسلام عالميا.

ينقل العلامة الشيخ الطبرسي في تفسيره (مجمع البيان) الآية محل البحث عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال : «إنّ ذلك يكون عند خروج المهدي ، فلا يبقى أحد إلّا أقرّ بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

كما ورد في التّفسير ذاته عن النّبىّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا بر إلّا أدخله الله كلمة الإسلام».

١٦

كما أن الشيخ الصدوق رضوان الله عليه روى عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير هذه الآية ـ في كتابه إكمال الدين ـ أنّه قال : «والله ما نزل تأويلها بعد ، ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم ، فإذا خرج القائم لم يبق كافر بالله العظيم».(١)

وهناك أحاديث أخرى بهذا المضمون وردت عن أئمة المسلمينعليهم‌السلام .

كما أنّ جماعة من المفسّرين ذكروا هذا التّفسير في ذيل الآية أيضا.

إلّا أنّ المدهش أن كاتب «المنار» هنا لم يكتف برفض هذا التّفسير المذكور آنفا ، بل ناقش الأحاديث في المهديعليه‌السلام ، وحاول أن ينكر بتعصبه الخاص جميع الأحاديث الواردة في شأنه ، ولم يأل جهدا في التذرع بما لديه من الحجج الواهية ليقول : إنّ هذه الأحاديث لا يمكن قبولها بحال ، ويزعم أنّ الإعتقاد بوجود المهدي من أفكار الشيعة ، ومعتقداتهم ، أو معتقدات من يميل إلى التشيّع.

ثمّ بعد هذا كلّه يرى صاحب «المنار» أنّ الإعتقاد بوجود المهدي مدعاة للتخلف والرّكود!

ومن هنا نرى أنّه لا بدّ أن نعالج ـ ولو باقتضاب ـ الرّوايات الواردة في شأن المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» وآثار هذا الإعتقاد في تقدم المجتمع الإسلامي ، ومواجهة الظلم والفساد ، ليعلم أن التعصب إذا دخل من باب خرج العلم والمعرفة من باب آخر.

ومع أنّ صاحب المنار له باع طويلة في العلوم والمعارف الإسلامية ، إلّا أنّه لنقطة الضعف التي ابتلي بها «التعصب الشديد» يقلب بعض الحقائق الجليّة وينكرها تماما.

__________________

(١) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢١١.

١٧

الرّوايات الإسلامية في المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف»

بالرّغم من كثرة الكتب المؤلفة من قبل علماء أهل السنة وعلماء الشيعة ، في شأن الأحاديث الواردة في المهديعليه‌السلام ونهضته الإصلاحية ، إلّا أنّنا نعتقد أنّ كل ذلك ليس بأبلغ ولا أوجز في الوقت ذاته ممّا كتبه علماء الحجاز من رسائل ردّا على السائلين في هذا المجال ، لذلك نرى من المناسب أن ننقل مضامين تلك الإجابات ومؤداها للقراء الكرام.

لكنّنا نذكر قبلا ، أنّ الرّوايات الواردة في المهدي «عجل الله فرجه الشريف» من الكثرة بحيث لا يستطيع أي محقق اسلامي ـ من أي مذهب كان ـ أن ينكر تواترها.

وقد كتبت حتى الآن كتب كثيرة في هذا الصدد ، وقد اتفق مؤلّفوها على صحة الأخبار الواردة في المصلح المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» ، إلّا أنّ أفرادا معدودين ـ كأحمد أمين المصري وابن خلدون ـ ومن تبعهما ، يشككون في صدور هذه الأحاديث عن نبيّ الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والقرائن المتوفرة في أيدينا تدل على أن الباعث على ترددهم لم يكن لضعف في الأخبار ، بل كانوا يرون أن الرّوايات الواردة في المهديعليه‌السلام مشتملة على مسائل لا تكاد تصدّق بسهولة أو أنّهم لم يستطيعوا أن يميّزوا الأحاديث الصحيحة عن غيرها. او لم يجدوا تفسيرا لها.

وعلى كل حال يلزمنا قبل كلّ شيء أن نضع بين يدي القراء الكرام نص السّؤال والجواب الذي نشرته رابطة العالم الإسلامي والتي يقوم عليها أشدّ المتزمتين إفراطا ـ في المذاهب الإسلامية ـ أي الوهابيين ، ليتّضح أنّ مسألة ظهور المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» بين المسلمين تعتقد بها الأغلبية الساحقة منهم ، ونعتقد أن هذه الرسالة على وجازتها جمعت في طيّها الدلائل على ذلك بما ليس لكل أحد أن يتوفر له هذا الجمع ، وإذا كان الوهابيون المتعصبون قد أذعنوا لهذا الأمر ، فللسبب ذاته المشار إليه آنفا في الرسالة.

١٨

فقبل بضعة أعوام وجّه شخص من كينيا ـ يدعى أبا محمّد ـ سؤالا إلى رابطة العالم الإسلامي في شأن المهدي المنتظر «عجّل الله فرجه الشّريف».

فأجابه مدير الرّابطة ، محمّد صالح القزاز ، بردّ يتضمّن تصريحا بأنّ ابن تيميّة يؤمن بالأحاديث الواردة في شأن المهديّ أيضا ، وقد كتب هذه الرسالة خمسة علماء معروفين من أهل الحجاز جوابا على سؤال أبي محمّد الكيني.

وقد ورد في هذه الرسالة بعد ذكر اسم المهديعليه‌السلام ومحل ظهوره «مكّة» ما يلي :

«عند ظهوره يكون العالم مليئا بالفساد والكفر والجور ، فيملأ الله به «المهدي» العالم عدلا كما مليء ظلما وجورا ، وهو آخر الخلفاء الراشدين الاثني عشر الذين أخبر عندهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كتب الصحاح.

والأحاديث المتعلقة بالمهديّ نقلها عدّة من أصحاب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهم : عثمان بن عفان ، علي بن أبي طالب ، طلحة بن عبيد الله ، عبد الرحمن بن عوف ، قرة بن أساس المزني ، عبد الله بن الحارث ، أبو هريرة ، حذيفة بن اليمان ، جابر بن عبد الله ، أبو أمامة ، جابر بن ماجد ، عبد الله بن عمر ، أنس بن مالك ، عمران بن الحصين ، وأم سلمة.

فهؤلاء عشرون راويا صحابيا رووا عن النّبي في المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» وغيرهم كثير أيضا ، وهناك أحاديث كثيرة عن الصحابة أنفسهم ورد فيها الكلام عن ظهور المهدي «عجّل الله فرجه الشّريف» ويمكن أن تضاف هذه الرّوايات إلى الرّوايات الواردة عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّ ذلك «أي الكلام في المهدي» لم يكن مسألة اجتهادية ليمكن الاجتهاد فيها ، فبناء على ذلك فإنّ الصحابة قد سمعوا هذا الموضوع من النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثمّ تضيف الرسالة :

إن الأحاديث آنفة الذكر المرويّة عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مذكورة في كتب الحديث

١٩

والكتب الإسلامية الأخرى سواء منها السنن أو المعاجم أو المسانيد ، وكذلك شهادات الصحابة وأقوالهم التي هي بمثابة الحديث أيضا ، ومن الكتب التي وردت فيها الأحاديث في المهدي أو أقوال الصحابة هي : سنن أبي داود ، وسنن الترمذي ، وابن ماجه ، وابن عمرو الداني ، ومسند أحمد ، وابو يعلى ، والبزاز ، وصحيح الحاكم ، ومعجما الطبراني «الكبير والمتوسط» والروياني ، والدار قطني ، وأبو نعيم في أخبار المهدي ، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ، وابن عساكر في تأريخ دمشق ، وغيرها.

وتضيف الرسالة : إنّ بعض العلماء المسلمين كتبوا في هذا الشأن كتبا خاصّة ، منهم: أبو نعيم في أخبار المهدي ، وابن حجر الهيثمي في «القول المختصر في علامات المهدي المنتظر» ، والشوكاني ، في «التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح» وإدريس العراقي المغربي في كتاب المهدي ، وأبو العباس بن عبد المؤمن المغربي في كتاب «الوهم المكنون في الردّ على ابن خلدون».

وآخر من كتب في هذا الشأن بحثا مطوّلا ، وهو مدير الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة «في حلقات متعدّدة في مجلة الجامعة المذكورة».

ثمّ تضيف الرسالة أيضا ، إن جماعة من علماء الإسلام قديما وحديثا صرّحوا في كتبهم أن الأحاديث الواردة في المهدي تقرب من التواتر ولا يمكن إنكارها بأيّ وجه ، ومنهم.

السخاوي في «فتح المغيث» ومحمّد بن الحسن السفاويني في «شرح العقيدة» وأبو الحسن الأبري في «مناقب الشافعي» وابن تيمية في «فتاواه» والسيوطي في «الحاوي» وإدريس العراقي في كتابه «المهدي» والشوكاني في كتاب «التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر» ومحمّد جعفر الكناني في «نظم التناثر» وأبو العباس بن عبد المؤمن في «الوهم المكنون ...».

وتختم الرسالة بالقول بأن ابن خلدون وحده أنكر الأحاديث في المهدي ،

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608