الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل9%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 608

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 608 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 252264 / تحميل: 6013
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

مِنْكُمْ ) (١) .

ثمّ تشير الآية إلى سبب ذلك فتقول :( إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ ) .

فنيّاتكم غير خالصة ، وأعمالكم غير طاهرة ، وقلوبكم مظلمة ، وإنّما يتقبل الله العمل الطاهر من الورع التقي.

وواضح أنّ المراد من الفسق هنا ليس هو الذنب البسيط والمألوف ، لأنّه قد يرتكب الإنسان ذنبا وهو في الوقت ذاته قد يكون مخلصا في أعماله ، بل المراد منه الكفر والنفاق ، أو تلوّث الإنفاق بالرياء والتظاهر.

كما لا يمنع أن يكون الفسق ـ في التعبير آنفا ـ في مفهومه الواسع شاملا للمعنيين، كما ستوضح الآية التالية ذلك.

وفي الآية التالية يوضح القرآن مرّة أخرى السبب في عدم قبول نفقاتهم فيقول :( وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ ) .

والقرآن يعوّل كثيرا على أنّ قبول الأعمال الصالحة مشروط بالإيمان ، حتى أنّه لو قام الإنسان بعمل صالح وهو مؤمن ، ثمّ كفر بعد ذلك فإنّ الكفر يحبط عمله ولا يكون له أي أثر «بحثنا في هذا المجال في المجلد الثّاني من التّفسير الأمثل».

وبعد أن أشار القرآن إلى عدم قبول نفقاتهم ، يشير إلى حالهم في العبادات فيقول:وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى ) كما أنّهم( وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ ) .

وفي الحقيقة أنّ نفقاتهم لا تقبل لسببين :

الأوّل : هو أنّهم( كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ ) .

والثّاني : أنّهم إنما ينفقون عن كره وإجبار.

كما أن صلواتهم لا تقبل لسببين أيضا :

الأوّل : لأنّهم( كَفَرُوا بِاللهِ ) .

__________________

(١) جملة «أنفقوا» وإن كانت في صورة الأمر ، إلّا أن فيها مفهوم الشرط ، أي لو أنفقتم طوعا أو كرها لن يتقبل منكم.

٨١

والثّاني : أنّهم( لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى ) ! العبارات المتقدمة في الوقت الذي تبيّن حال المنافقين في عدم النفع من أعمالهم ، فهي في الحقيقة تبيّن علامة أخرى من علائمهم في الوقت ذاته ، وهي أن المؤمنين الواقعيين يمكن معرفتهم من نشاطهم عند أداء العبادة ، ورغبتهم في الأعمال الصالحة التي تتجلى فيهم بإخلاصهم.

كما يمكن معرفة حال المنافقين عن طريق كيفية أعمالهم ، لأنّهم يؤدّون أعمالهم عادة دون رغبة ومكرهين ، فكأنّما يساقون إلى عمل الخير سوقا.

وبديهي أنّ أعمال الطائفة الأولى (المؤمنين) لما كانت تصدر عن قلوب تعشق الله مقرونة بالتحرق واللهفة ، فإنّ جميع الآداب ومقرراتها مرعية فيها. إلّا أنّ الطائفة الثّانية لما كانت أعمالها تصدر عن إكراه وعدم رغبة ، فهي ناقصّة لا روح فيها ، وهكذا تكون البواعث المختلفة في أعمال الطائفتين تظفي على الأعمال شكلين مختلفين.

وفي آخر الآية ـ من الآيات محل البحث ـ يتوجه الخطاب نحو النّبي قائلا :( فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ ) .

فهي وإن كانت نعمة بحسب الظاهر ، إلّا أنّه( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ ) .

وفي الواقع فإنّهم يعذبون عن طريقين بسبب هذه الأموال والأولاد ، أي القوة الاقتصادية والإنسانية :

فالأوّل : إنّ مثل هؤلاء الأبناء لا يكونون صالحين عادة ، ومثل هذه الأموال لا بركة فيها ، فيكونان مدعاة قلقهم وألمهم في الحياة الدنيا ، إذ عليهم أن يسعوا ليل نهار من أجل أبنائهم الذين هم مدعاة أذاهم وقلقهم ، وأن يجهدوا أنفسهم لحفظ أموالهم التي اكتسبوها عن طريق الإثمّ والحرام.

٨٢

والثّاني : لما كانوا بهذه الأموال والأولاد متعلقين ، ولا يؤمنون بالحياة بعد الموت ولا بالدار الآخرة الواسعة ولا بنعيمها الخالد فليس من الهيّن أن يغمضوا عن هذه الأموال والذّرية، ويخرجون من هذه الدنيا ـ بحال مزرية وفي حال الكفر.

فالمال والبنون قد يكونان موهبة وسعادة ومدعاة للرفاه والهدوء والاطمئنان والدعة إذا كانا طاهرين طيبين وإلّا فهما مدعاة العذاب والشقاء والألم.

* * *

ملاحظتان

١ ـ يسأل بعضهم : إنّ الآية الأولى ـ من الآيات محل البحث ـ تقول :( أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ ) مع أن الآية الأخرى تقول بصراحة :( وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ ) .

ترى ألا توجد منافاة بين هذين التعبيرين؟!

لكن مع قليل من الدقة يتّضح الجواب على هذا السؤال ، وهو أن بداية الآية الأولى في صورة القضية الشرطية ، أي لو أنفقتم طوعا أو كرها فعلى آية حال لن تتقبل منكم. ونعرف أن القضية الشرطية لا تدل على وجود الشرط ، أي على فرض أن ينفقوا طوعا واختيارا فإنفاقهم لا فائدة فيه ، لأنّهم غير مؤمنين.

إلّا أنّ ذيل الآية الأخرى بيان قضية خارجيّة ، وهي أنّهم ينفقون عن إكراه دائما.

٢ ـ والدرس الذي نستفيده من الآيات الآنفة ، هو أنّه لا ينبغي الانخداع بصلاة الناس وصيامهم ، لأنّ المنافقين يؤدون ذلك أيضا ، كما أنّهم ينفقون بحسب الظاهر في سبيل الله. بل ينبغي تمييز الصلاة والإنفاق بدافع النفاق من غيرهما عن أعمال

٨٣

المؤمنين البنّاءة والهادفة ، ويمكن معرفة ذلك بالتدقيق والإمعان في النظر ، ونقرأ في الحديث : «لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده ، فإنّ ذلك شيء اعتاده ، ولو تركه استوحش ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته».

* * *

٨٤

الآيتان

( وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧) )

التّفسير

علامة أخرى للمنافقين :

ترسم الآيتان أعلاه حالة أخرى من أعمال المنافقين بجلاء ، إذ تقول الآية الأولى :( وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ ) ومن شدّة خوفهم وفرقهم يخفون كفرهم ويظهرون الإيمان.

و «يفرقون» من مادة «الفرق» على زنة «الشفق» ومعناه شدّة الخوف.

يقول «الراغب» في «المفردات» إن الفرق في الأصل معناه التفرّق والتشتت ، فكأنّهم لشدّة خوفهم تكاد قلوبهم أن تتفرق وتتلاشى.

وفي الواقع أنّ مثل هؤلاء لما فقدوا ما يركنون إليه في أعماقهم ، فهم في هلع واضطراب عظيم دائم ، ولا يمكنهم أن يكشفوا عمّا في باطنهم لما هم عليه من الهلع والفزع ، وحيث أنّهم لا يخافون الله «لعدم إيمانهم به» ، فهم يخافون من كل شيء غيره ، ويعيشون في استيحاش دائم ، غير أنّ المؤمنين الصادقين ينعمون في

٨٥

ظل الإيمان بالهدوء والاطمئنان.

والآية التالية تصوّر شدّة عداوة المنافقين للمؤمنين ونفورهم منهم ، في عبارة موجزة إلّا أنّها في غاية المتانة والبلاغة ، إذ تقول :( لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ ) .

«الملجأ» معناه معروف ، وهو ما يأوي إليه الخائف عادة ، كالقلاع والكهوف وأضرابهما.

و «المغارات» جمع مغارة.

و «المدّخل» هو الطريق الخفي تحت الأرض ، كالنقب مثلا.

و «يجمحون» مأخوذ من الجماح ، ومعناه الحركة السريعة والشديدة التي لا يتأتى لأيّ شيء أن يصدها ، كحركة الخيول المسرعة الجامحة التي لا تطاوع أصحابها ، ولذلك سمّي الجواد الذي لا يطاوع صاحبه جموحا أو جامحا.

وعلى كل حال ، فهذه الآية واحدة من أبلغ الآيات والتعابير التي يسوقها القرآن في وصف المنافقين ، وبيان هلعهم وخوفهم وبغضهم إخوانهم المؤمنين ، بحيث لو كان لهم سبيل للفرار من المؤمنين ، ولو على قمم الجبال أو تحت الأرض ، لولّوا إليه وهم يجمحون ، ولكن ما عسى أن يفعلوا مع الروابط التي تربطهم معكم من القبيلة والأموال والثروة ، كل ذلك يضطرهم إلى البقاء على رغم أنوفهم.

* * *

٨٦

الآيتان

( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ (٥٩) )

سبب النّزول

جاء في تفسير «الدر المنثور» عن «صحيح البخاري» و «النسائي» وجماعة آخرين ، أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان مشغولا بتقسيم الأموال (من الغنائم أو ما شاكلها) ، وإذا برجل من بني تميم يدعى ذو الخويصرة ـ وهو حرقوص بن زهير ـ يأتي فيقول له : يا رسول الله ، اعدل. فقال رسول الله : «ويلك من يعدل إذا لم أعدل!» فصاح عمر : يا رسول الله ائذن لي أضرب عنقه. فقال رسول الله : «دعه فإنّ له أصحابا يحتقر أحدكم صلاته مع صلواتهم وصومهم مع صومه ، يمرقون من دين كما يمرق السهم من الرميّة ...».(١)

فنزلت الآيتان عندئذ ونصحت مثل هؤلاء الناس ووعظتهم.

__________________

(١) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٢٢٧.

٨٧

التّفسير

الأنانيون السفهاء :

في الآية الأولى أعلاه إشارة إلى حالة أخرى من حالات المنافقين ، وهي أنّهم لا يرضون أبدا بنصيبهم ، ويرجون أن ينالوا من بيت المال أو المنافع العامّة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، سواء كانوا مستحقين أم غير مستحقين ، فصداقتهم وعداوتهم تدوران حول محور المنافع سلبا وإيجابا.

فمتى ملئت جيوبهم رضوا (عن صاحبهم) ومتى ما أعطوا حقّهم وروعي العدل في إيتاء الآخرين حقوقهم سخطوا عليه ، فهم لا يعرفون للحق والعدالة مفهوما «في قاموسهم» وإذا كان في قاموسهم مفهوم للحق أو العدل ، فهو على أساس أن من يعطيهم أكثر فهو عادل ، ومن يأخذ حق الآخرين منهم فهو ظالم!!

وبتعبير آخر : إنّهم يفقدون الشخصية الاجتماعية ، ويتمسكون بالشخصية الفردية والمنافع الخاصّة ، وينظرون للأشياء جميعا من هذه الزّاوية (المشار إليها آنفا).

لذا فإنّ الآية تقول :( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ ) لكنّهم في الحقيقة ينظرون إلى منافعهم الخاصّة( فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ ) .

فهؤلاء يرون أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير منصف ولا عادل!! ويتهمونه في تقسيمه المال!.

( وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ ) .

ترى ألا يوجد أمثال هؤلاء في مجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة؟! وهل الناس جميعا قانعون بحقّهم المشروع! فمن أعطاهم حقهم حسبوه عادلا؟!

ممّا لا ريب فيه أنّ الجواب على السؤال الآنف بالنفي ، ومع كل الأسف فما

٨٨

يزال الكثيرون يقيسون العدل ويزنون الحق بمعيار المنافع الشخصيّة ولا يقنعون بحقوقهم!! ولو قدّر لأحد أن يوصل إلى جميع الناس حقوقهم المشروعة ولا سيما المحرومين منهم ـ لتعالى صراخهم وعويلهم!!

فبناء على ذلك ، لا داعي لأن نقلب ونتصفح سجل التاريخ لمعرفة المنافقين.

فبنظرة واحدة إلى من حولنا ، بل بنظرة إلى أنفسنا ، نستطيع أن نميز حالنا من حال الآخرين!

اللهم ، أحي فينا روح الإيمان ، وأمت في أنفسنا النفاق وأفكار الشيطان.

* * *

٨٩

الآية

( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠) )

التّفسير

موارد صرف الزكاة ودقائقها :

في تاريخ صدر الإسلام مرحلتان يمكن ملاحظتهما بوضوح ، إحداهما في مكّة ، حيث كان هدف النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمين فيها تعليم الأفراد وتربيتهم ونشر التعاليم الإسلامية. والثّانية في المدينة ، حيث أقدم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على تشكيل حكومة إسلاميّة أجرى من خلالها الأحكام والتعاليم الإسلامية.

وممّا لا شك فيه أنّ أوّل وأهم مسألة واجهت تشكيل الحكومة هي إيجاد بيت المال ، إذ عن طريقه تؤمّن حاجات الدولة الاقتصادية ، وهي حاجات طبيعية توجد في كل دولة بدون استثناء ، ومن هنا كان إيجاد بيت المال من أوائل أعمال النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المدينة ، وتشكل الزكاة أحد موارده ، وعلى المشهور فإنّ هذا الحكم شرّع في السنة الثّانية للهجرة النبوية.

٩٠

وكما سنشير ـ بعد حين ـ إلى إرادة الله وحكمه ، فإنّ حكم الزكاة قد نزل من قبل في مكّة ، لكن لا على نحو وجوب جمعها في بيت المال ، بل كان الناس يؤدونها ذاتيا ، أمّا في المدينة فإنّ قانون جباية الزكاة وجمعها في بيت المال قد صدر من الله تعالى في الآية (١٠٣) من سورة التوبة.

إنّ الآية التي نبحثها ، والتي نزلت يقينا بعد آية وجوب الزكاة ـ وإن لم يسبق لها ذكر في القرآن الكريم ـ تبيّن الموارد المختلفة التي تصرف فيها الزكاة. وممّا يلفت النظر أن الآية بدأت بكلمة (إنّما) الدالّة على الحصر ، وهي توحي بأنّ بعض الأفراد الأنانيين أو المغفلين كانوا يطمعون في أن يحصلوا على نصيب من الزكاة بدون أي وجه لاستحقاقهم لها ، لكن كلمة (إنّما) ردّت أيديهم في أفواهم. وهذا المعنى تبيّنه الآيتان اللتان سبقت هذه الآية ، حيث ذكرت أنّ هؤلاء كانوا يعترضون على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عدم إعطائهم شيئا من الزكاة ، ويرضون عنه إذا أعطاهم شيئا منها.

وعلى أي حال ، فإنّ الآية قد بيّنت ـ بوضوح ـ الموارد الحقيقة التي تصرف فيها الزّكاة ، وأنهت التوقعات غير المنطقية وحددت موارد صرف الزّكاة في ثمانية أصناف :

١ ـ الفقراء.

٢ ـ المساكين : وسيأتي البحث في نهاية تفسير الآية عن الفرق بين الفقير والمسكين.

٣ ـ العاملين عليها : وهم الذين يسعون في جباية الزكاة ، وإدارة بيت المال ، وما يعطى لهم هو في الواقع بمنزلة أجرة عملهم ، ولهذا لا يشترط فيهم الفقر على أي حال.

٤ ـ المؤلفة قلوبهم : وهم الذين لا يوجد لديهم الحافز والدافع المعنوي القوي من أجل النهوض بالأهداف الإسلامية وتحقيقها ، ولكن ويمكن استمالتهم بواسطة بذل المال لهم ، والاستفادة منهم في الدفاع عن الإسلام وتحكيم دولته ، وإعلاء

٩١

كلمته. وسيأتي توضيح أوسع حول هذا القسم.

٥ ـ في الرقاب : وهذا يعني أن قسما من الزكاة يخصّص لمحاربة العبودية والرق وإنهاء هذه الحالة غير الإنسانية ، وكما قلنا في محله فإنّ برنامج الإسلام في معالجة مسألة الرقيق هو اتباع نظام (التحرير التدريجي) الذي ينتهي إلى تحرير جميع العبيد بدون مواجهة ردود فعل اجتماعية غير متوقعة ، ويشكّل تخصيص قسم من الزكاة لهذا الموضوع جانبا من هذا البرنامج المتكامل.

٦ ـ الغارمون : وهم الذين عجزوا عن أداء ديونهم ، ولم يكن هذا العجز نتيجة لتقصيرهم.

٧ ـ في سبيل الله : والمراد منه ـ كما سنشير إليه في آخر تفسير الآية ـ جميع السبل التي تؤدي إلى تقوية ونشر الدين الإلهي ، وهي أعم من مسألة الجهاد والتبليغ وأمثالها.

٨ ـ ابن السبيل : وهم الذين تخلفوا في الطريق لعلة ما ، وليس معهم من الزاد والراحلة ما يوصلهم إلى بلدانهم أو إلى الجهة التي يقصدونها ، حتى ولو لم يكونوا فقراء في واقعهم ، لكنّهم افتقروا الآن نتيجة سرقة أموالهم أو مرضهم أو قلّة أموالهم أو لأسباب أخر ، ومثل هؤلاء يجب أن يعطوا من الزكاة ما يوصلهم إلى مقصدهم أو بلدهم.

وفي خاتمة الآية نلاحظ التأكيد على صرفها في الجهات السابقة ، ولذلك قال سبحانه :( فَرِيضَةً مِنَ اللهِ ) ولا شك أنّ هذه الفريضة قد حسبت بصورة دقيقة جدّا ، وبصورة تحفظ مصالح الفرد والمجتمع ، لأنّ( اللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .

* * *

٩٢

بحوث

وهنا أمور ينبغي ملاحظتها :

١ ـ الفرق بين الفقير والمسكين

هناك بحث بين المفسّرين في مفهومي الفقير والمسكين ، هل أنّ مفهومهما واحد ، وتكرار اللفظين معا في الآية من باب التأكيد فتصبح موارد صرف الزكاة سبعة لا ثمانية ، أم أنّهما لهما معنيان مختلفان؟

أغلب المفسّرين والفقهاء قالوا بالثّاني ، لكن وقع البحث حتى بين أنصار هذا القول في تفسير وتحديد مفهوم كل من الكلمتين ، والذي يبدو أقرب للنظر ، أنّ( الْفَقِيرَ ) هو الشخص الذي يعاني من حاجة مالية في حياته ومعاشه مع أنّه يعمل ويكتسب ، لكنّه لا يسأل أحدا مطلقا رغم حاجته لعفته وعزّة نفسه ، أمّا المسكين فهو أشد حاجة من الفقير ، وهو العاجز عن العمل ، فهو مضطر لأنّ يستعطي الناس ويسألهم. والدليل على ذلك أنّ الأصل اللغوي لكلمة مسكين مأخوذ من مادة السكون ، لأنّ المسكين لشدة فقره كأنّه سكن وأخلد إلى الأرض.

ثمّ إنّ ملاحظة استعمال الكلمتين في مواضع متعددة من القرآن يؤيد هذا الرأي ، فمثلا : نقرأ في الآية (١٦) من سورة البلد :( أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ) وفي الآية (٨) من سورة النساء :( وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ ) ويفهم من هذا التعبير أنّ المراد بالمساكين هم الذين يسألون ويستعطون إذا حضروا مثل هذه المواضع.

وفي الآية (٢٤) من سورة القلم نقرأ :( أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ) وهي إشارة إلى السائلين.

وكذلك التعبير ب (إطعام مسكين) أو (طعام مسكين) ، فإنّه يوحي بأنّ المساكين هم الجياع الذين يحتاجون إلى الطعام ، في حين أنّنا نستطيع أن نفهم بوضوح ـ من خلال بعض الآيات القرآنية التي وردت فيها كلمة الفقير ـ أنّ المراد من الفقراء هم

٩٣

أفراد محتاجون للمال لكنّهم لحفظ ماء الوجه ولعزة أنفسهم لا يسألون الناس مطلقا ، كما تبين ذلك الآية (٢٧٣) من سورة البقرة :( لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ) .

وبعد كل هذا ففي رواية رواها محمّد بن مسلم عن الإمام الصادق أو الإمام الباقرعليهما‌السلام ، أنّه سأله عن الفقير والمسكين فقال : «الفقير الذي لا يسأل ، والمسكين الذي هو أجهد منه الذي يسأل»(١) . وبهذا المضمون وردت رواية عن أبي بصير عن الصادقعليه‌السلام ، وكلتاهما صريحتان في المعنى السابق.

ونذكّر هنا بأنّ قسما من القرائن قد يظهر منه أحيانا خلاف ما قلناه ، إلّا أنّنا إذا نظرنا إلى مجموع القرائن اتّضح أن الحق ما قلناه.

٢ ـ هل يجب تقسيم الزّكاة إلى ثمانية أجزاء متساوية؟

يعتقد بعض المفسّرين والفقهاء أنّ ظاهر الآية يدلّ على وجوب تقسيم الزكاة إلى ثمانية أجزاء متساوية ، وصرف كل جزء في مورده الخاص إلّا أن يكون مقدار الزكاة من القلّة بحيث لا يمكن تقسيمه إلى ثمانية أقسام.

أمّا الأكثرية الساحقة من الفقهاء فقد ذهبوا إلى أن ذكر الأصناف الثمانية في الآية يبيّن جواز صرف الزكاة في هذه الموارد ، لا أنّه يجب تقسيم الزكاة إلى ثمانية أجزاء. والسيرة الثابتة للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأئمّة أهل البيتعليهم‌السلام تؤيّد هذا المعنى ، إضافة إلى أنّ الزكاة إحدى الضرائب الإسلامية ، والحكومة الإسلامية هي المسؤولة عن جبايتها من الناس ، والهدف من تشريعها هو تأمين الحاجات المختلفة للمجتمع الإسلامي.

أمّا كيفية صرف الزكاة في هذه الموارد الثمانية ، فإنّه يرتبط بالضرورات الاجتماعية من وجه ، وبرأي ووجهة نظر الحكومة الإسلامية من جهة أخرى.

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ١٤٤ ، باب ١ من أبواب مستحقي الزكاة ، حديث ٢.

٩٤

٣ ـ متى شرعت الزّكاة؟

يستفاد من الآيات القرآنية المختلفة ـ ومن جملتها الآية (١٥٦) من سورة الأعراف ، والآية (٣) من سورة النمل ، والآية (٤) من سورة لقمان ، والآية (٧) من سورة فصلت ، وكلها سور مكّية ـ أن حكم وجوب الزكاة نزل في مكّة ، وكان المسلمون ملزمين بأدائها كواجب شرعي ، لكن لما قدم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المدينة وأسس الدولة الإسلامية ، وكان لا بدّ من إيجاد بيت المال ، أمره الله سبحانه بأن يأخذ الزكاة من الناس بنفسه ـ لا أنهم يصرفون الزكاة بأنفسهم حسب ما يرونه ـ فنزلت الآية (١٠٣) من سورة التوبة :( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) .

والمشهور أنّ ذلك انّ في السنة الثّانية للهجرة ، ثمّ بيّنت الآية التي نبحثها ـ الآية (٦٠) من سورة التوبة ـ موارد صرف الزكاة بصورة دقيقة. ولا ينبغي التعجب من أن تشريع أخذ الزكاة في الآية (١٠٣) ، وبيان موارد صرفها ـ والذي يقال أنّه نزل في السنة التاسعة للهجرة ـ في الآية (٦٠) ، لأنا نعلم أن آيات القرآن لم تجمع وترتب حسب تأريخ نزولها ، بل بأمر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حيث أمر بوضع كل آية في مكانها المناسب.

٤ ـ من هم المقصودون ب( الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) ؟

الذي يفهم من تعبير( الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) أن أحد موارد صرف الزكاة هم الأفراد الذين يراد استمالتهم وجلب محبّتهم بالزكاة ، لكن هل المراد منهم الكفار الذين يمكن الاستعانة بهم في أمر الجهاد ببذل الزكاة لهم ، أم يدخل معهم المسلمون ضعيفو الإيمان؟

وكما قلنا في المباحث الفقهية ، فإنّ لهذه الآية ، وكذلك للروايات الواردة في هذا الموضوع مفهوما واسعا ، ولهذا فإنّها تشمل كل من يمكن استمالته من أجل نفع وتحكيم الإسلام ، ولا دليل على تخصيصها بالكفار.

٩٥

٥ ـ دور الزّكاة في الإسلام

إذا علمنا أنّ الإسلام يظهر على أنّه مذهب أخلاقي أو فلسفي أو عقائدي بحت ، بل ظهر إلى الوجود كدين وقانون كامل وشامل عولجت فيه كل الحاجات المادية والمعنوية في الحياة ، وكذلك إذا علمنا أن تشكيل وتأسيس الدولة الإسلامية قد لازم ظهور الإسلام منذ عصر النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإذا علمنا أن الإسلام يهتم اهتماما خاصّا بنصرة المحرومين ومكافحة الطبقية في المجتمع اتضح لنا أنّ دور بيت المال والزكاة التي تشكل أحد موارده ، من أهم الأدوار.

لا شك أن في كل مجتمع أفرادا عاجزين عن العمل ، مرضى ، يتامى ، معوقين ، وأمثالهم ، وهؤلاء يحتاجون حتما إلى من يحميهم ويرعاهم ويقوم بشؤونهم.

وكذلك يحتاج هذا المجتمع إلى جنود مضحين من أجل حفظ وجوده وكيانه ، أمّا مصاريف هؤلاء الجنود ونفقاتهم فإنّ الدولة هي التي تلتزم بتأمينها ودفعها إليهم. وكذلك العاملون في الدولة الإسلامية ، الحكام والقضاة ، وسائل الإعلام والمراكز الدينية وغيرها ، فكل قسم من هذه الأقسام يحتاج إلى ميزانية خاصّة ومبالغ طائلة لا يمكن تهيئتها دون أن يكون هناك نظام مالي محكم منظم.

وعلى هذا الأساس أولى الإسلام الزكاة ـ التي تعتبر في الحقيقة نوعا من الضرائب على الإنتاج والأرباح ، وعلى الأموال الراكدة ـ اهتماما خاصا ، حتى أنّه اعتبرها من أهم العبادات ، وقد ذكرت ـ جنبا إلى جنب ـ مع الصلاة في كثير من الموارد ، بل إنّه اعتبرها شرطا لقبول الصلاة.

وأكثر من هذا أننا نقرأ في الرّوايات الإسلامية أنّ الدولة الإسلامية إذا طلبت الزكاة من شخص أو أشخاص وامتنع هؤلاء من ذلك فسوف يحكم بارتدادهم ، وإذا لم تنفع النصيحة معهم ولم يؤثر الموعظة فيهم ، فإنّ الاستعانة بالقوّة العسكرية لمقابلتهم أمر جائز.

٩٦

وفي رواية عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «من منع قيراطا من الزكاة فليس هو بمؤمن ، ولا مسلم ، ولا كرامة».(١)

وممّا يلفت النظر أنّ الرّوايات قد أظهرت أن تعين الزكاة بهذا المقدار يبيّن دقة حسابات الإسلام ، فإنّ المسلمين جميعا لو أدّوا زكاة أموالهم بصورة دقيقة وكاملة فسوف لن يبقى فقير أو محروم في كافة أنحاء البلاد الإسلامية. ففي رواية عن الصادقعليه‌السلام : «ولو أنّ الناس أدّوا زكاة أموالهم ما بقي مسلم فقيرا محتاجا وإن الناس ما افتقروا ، ولا احتاجوا ، ولا جاعوا ، ولا عروا إلّا بذنوب الأغنياء»(٢) .

وكذلك يفهم من الرّوايات أنّ أداء الزكاة سبب لحفظ أصل الملك والأموال وتحكيم أسسها ، بحيث أنّ الناس إذا أهملوا تطبيق هذا الأصل الإسلامي المهم فإنّ الفاصلة والتفاوت بين الطبقات سيصل إلى حد يعرض أموال الأغنياء إلى الخطر.

في حديث عن الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام : «حصّنوا أموالكم بالزكاة»(٣) . وبهذا المضمون نقلت روايات أخرى عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنينعليه‌السلام .

ولمزيد الاطلاع على هذه الأحاديث راجع الأبواب : الأوّل والثّالث والرّابع والخامس من أبواب الزكاة من المجلد السّادس من وسائل الشيعة.

٦ ـ ما الفرق بين العطف بـ «اللام أو في»؟

النقطة الأخيرة التي ينبغي الالتفات إليها ، هي أنّ في الآية التي نبحثها أربعة أقسام ذكرت معطوفة على حرف اللام :( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ

__________________

(١) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٢٠ ، باب ٤ ، حديث ٩.

(٢) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٤ ، باب ١ من أبواب الزكاة حديث ٦.

(٣) وسائل الشيعة ، ج ٦ ، ص ٦ ، باب ١ ، من أبواب الزكاة ، حديث ١١.

٩٧

وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) ، وهذا التعبير عادة يفيد الملكية. أمّا الأقسام الأربعة الأخرى فقد سبقها حرف (في) :( وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) ، وهذا التعبير عادة يستعمل لبيان مورد الصرف(١) .

هناك بحث ونقاش بين المفسّرين في سبب اختلاف التعبير ، فالبعض يعتقد أن الأصناف الأربعة الأولى يملكون الزكاة ، أمّا الأصناف الأربعة الأخرى فإنّهم لا يملكونها ، بل إن الزكاة يجوز أن تصرف فيهم.

والبعض الآخر يعتقد أن الاختلاف في التعبير يشير إلى مسألة أخرى ، وهي أنّ الطائفة الثّانية أكثر استحقاقا للزكاة ، لأن كلمة (في) لبيان الظرفية ، لهذا فإن هذه المجموعة الرباعية تمثل محتوى ومصرف الزكاة ، والزكاة ووعاء لها ، في حين أن المجموعة الأولى ليست كذلك.

لكننا نحتمل ونرجح احتمالا آخر ، وهو أن الستة أقسام ـ وهم : الفقراء والمساكين والعاملون عليها والمؤلفة قلوبهم والغارمون وابن السبيل ـ التي لم تذكر قبلها (في) متساوون وقد عطفت على بعضها البعض ، أمّا القسمان الآخران ـ وهما في الرقاب وفي سبيل الله ـ اللذان بيّنتهما (في) فإنّ لهما وضعا خاصا ، وربّما كان السبب في اختلاف التعبير من جهة إمكان تملك الزكاة من قبل الأصناف الستة ، ويمكن أداء الزكاة إليهم (حتى المدينين والعاجزين عن أداء ديونهم ، لكن بشرط الاطمئنان إلى أنّ هؤلاء يصرفونها في سداد ديونهم).

أمّا الصنفان الآخران فلا يملكون الزكاة ، ولا يمكن دفع الزكاة إليهم ، بل تصرف في جهتهم ، فمثلا يجب الشراء العبيد وتحريرهم عن طريق الزكاة ، ومن الواضح أنّهم لا يملكون الزكاة في هذه الحالة ، بل صرفت الزكاة في جهة

__________________

(١) ينبغي الانتباه إلى أن (في) قد ذكرت صريحا في موردين ، وعطف على مجرور (في) في موردين ، كما أن اللام قد ذكرت في مورد واحد ، وعطف الباقي عليها.

٩٨

تحريرهم. وكذلك الحال بالنسبة إلى الموارد التي تندرج تحت عنوان (في سبيل الله) كنفقات الجهاد ، وإعداد الأسلحة ، أو بناء المساجد والمراكز الدينية ، وأمثال هذه المفردات لا تملك الزكاة بل أنّها مورد لصرف الزكاة.

وعلى أي حال ، فإنّ التفاوت الاختلاف في التعبير يوضح الدقة المتناهية في التعبيرات القرآنية.

* * *

٩٩

الآية

( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦١) )

سبب النّزول

هذا حسن لا قبيح!

ذكرت عدّة أسباب متباينة لنزول الآية المذكورة ومنها أنّ الآية نزلت في جماعة من المنافقين كانوا يذكرون النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسوء ، فنهاهم أحدهم وقال : لا تتحدثوا بهذا الحديث لئلا يصل إلى سمع محمّد فيذكرنا بسوء ويؤلب الناس علينا.

فقال له أحدهم ـ واسمه جلاس ـ : لا يهمنا ذلك ، فنحن نقول ما نريد ، وإذا بلغه ما نقول سنحضر عنده وننكر ما قلناه ، وسيقبل ذلك منا فإنّه سريع التصديق لما يقال له ، ويقبل كل ما يقال من كل أحد ، فهو أذن ، فنزلت الآية وأجابتهم.

التّفسير

تتحدّث الآية ـ كما يفهم من مضمونها ـ عن فرد أو أفراد كانوا يؤذون النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكلامهم ويقولون أنّه أذن ويصدّق كل ما يقال له سريعا( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

٥٠ ـ في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن يزيد شعر عن هارون بن حمزة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: هم الائمة خاصة( وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ ) فزعم ان من عرف الامام والآيات، ممن يعقل ذلك.

٥١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم خاطب اللهعزوجل نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال جل ذكره:( اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) قال: من لم تنه الصلوة عن الفحشاء والمنكر لم تزده من اللهعزوجل إلّا بعدا.

٥٢ ـ في كتاب التوحيد وقد روى عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال: الصلوة حجزة الله وذلك انها تحجز المصلى عن المعاصي ما دام في صلوته، قال اللهعزوجل :( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) .

٥٣ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسين بن عبد الرحمن عن سفيان الحريري عن أبيه عن سعد الخفاف عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت جعلت فداك يا أبا جعفر وهل يتكلم القرآن؟ فتبسم ثم قال: رحم الله الضعفاء من شيعتنا انهم أهل تسليم. ثم قال: نعم يا سعد والصلوة تتكلم ولها صورة وخلق تأمر وتنهى قال: فتغير لذلك لوني وقلت: هذا شيء لا أستطيع ان أتكلم به في الناس، فقال أبو جعفر: وهل الناس إلّا شيعتنا فمن لم يعرف الصلوة فقد أنكر حقها، ثم قال: يا سعد أسمعك كلام القرآن؟ قال سعد: فقلت: بلى صلى الله عليك فقال:( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ) فالنهى كلام والفحشاء والمنكر رجال، ونحن ذكر الله ونحن أكبر، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٤ ـ في مجمع البيان وروى انس بن مالك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: من لم تنهه صلوته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلّا بعدا.

٥٥ ـ وأيضا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: لا صلوة لمن لم يطع الصلوة وطاعة الصلوة ان ينتهى عن الفحشاء والمنكر.

١٦١

٥٦ ـ وروى أنس ان فتى من الأنصار كان يصلّي الصلوات مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويرتكب الفواحش، فوصف ذلك لرسول الله فقال: إنّ صلوته تنهاه يوما ما.

٥٧ ـ وعن جابر قال: قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ فلانا يصلّي بالنهار ويسرق بالليل؟ فقال: إنّ صلوته لتردعه.

٥٨ ـ وروى أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أحب أن يعلم قبلت صلوته أم لم تقبل فلينظر هل منعته صلوته عن الفحشاء والمنكر فبقدر ما منعته قبلت صلوته.

٥٩ ـ * في كتاب سعد السعود لابن طاوسرحمه‌الله وقد روينا في الجزء الاول من كتاب المهمات والتتمات صفة الصلوة الناهية عن الفحشاء والمنكر.

٦٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ) يقول: ذكر الله لأهل الصلوة أكبر من ذكرهم إياه ألآ ترى أنّه يقول: أذكروني أذكركم.

٦١ ـ في مجمع البيان وروى أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال:( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ) قال: ذكر الله عند ما أحل وحرم.

٦٢ ـ وعن معاذ بن جبل قال: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أي الأعمال أحب إلى الله؟قال: ان تموت ولسانك رطب من ذكر اللهعزوجل .

٦٣ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معاذ إنّ السابقين الذين يسهرون بذكر اللهعزوجل ، ومن أحب ان يرتفع في رياض الجنة فليكثر من ذكر اللهعزوجل .

٦٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: نحن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا.

٦٥ ـ وقال أبو محمد الحسن العسكريعليه‌السلام : ذكر عند الصادقعليه‌السلام الجدال في الدين، وأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والائمةعليهم‌السلام قد نهوا عنه، فقال الصادقعليه‌السلام : لم ينه عنه مطلقا ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن، أما تسمعون الله يقول:( وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) قيل: يا ابن رسول الله ما الجدال بالتي

١٦٢

هي أحسن وبالتي ليست بأحسن؟ قال: اما الجدال الذي بغير التي هي أحسن ان تجادل مبطلا فيورد عليك مبطلا فلا ترده بحجة قد نصبها الله، ولكن تجحد قوله أو تجحد حقا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله فتجحد ذلك الحق مخالفة ان يكون له عليك فيه حجة لأنك لا تدري كيف المخلص منه، فذلك حرام على شيعتنا، أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين، اما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلة وضعف في يده، حجة له على باطله، واما الضعفاء منكم فتعمى قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل، واما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيه ان يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحياءه له، فقال الله حاكيا عنه:( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) فقال الله في الرد عليه: «قل» يا محمد( يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ* الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ) فأراد الله من نبيه ان يجادل المبطل الذي قال: كيف يجوز ان يبعث هذه العظام وهي رميم، قال: فقل( يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ) أفيعجز من ابتدأه لا من شيء ان يعيده بعد ان يبلى، بل ابتداءه أصعب عندكم من إعادته، ثم قال:( الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً ) أي إذا كمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب ثم يستخرجها فعرفكم انه على اعادة من بلى، اقدر، ثم قال:( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ) أي إذا كان خلق السموات والأرض أعظم وابعد في أوهامكم وقدركم أن تقدروا عليه من اعادة البالي فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم، ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من اعادة البالي؟ قال الصادقعليه‌السلام : فهذا الجدال بالتي هي أحسن، لان فيها قطع عذر الكافرين وازالة شبههم، واما الجدال بغير التي هي أحسن فان تجحد حقا لا يمكنك أن تفرق بينه وبين باطل من تجادله، وانما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحق فهذا هو المحرم لأنك مثله جحد هو حقا، وجحدت أنت حقا آخر. قال أبو محمد الحسن العسكريعليه‌السلام : فقام إليه رجل آخر فقال: يا ابن رسول الله أيجادل رسول الله

١٦٣

صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال الصادقعليه‌السلام : مهما ظننت برسول الله من شيء فلا تظنن به مخالفة الله تعالى أليس الله قال:( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) و( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ) لمن ضرب الله مثلا فتظن ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خالف ما أمره الله به فلم يجادل ما أمره به، ولم يخبر عن أمر الله بما أمره أن يخبره به.

٦٦ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال: حدّثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا قال فيهعليه‌السلام بعد ان قال: إنّ الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها: وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه وأقر به قال الله تبارك وتعالى:( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ) وقال:( قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ ) إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) فهذا ما فرض الله على اللسان وهو عمله.

٦٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله:عزوجل :( فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ) فهم آل محمد صلوات الله عليهم ومن هؤلاء من يؤمن به يعنى أهل الايمان من أهل القبلة وقولهعزوجل : وما يجحد بآياتنا يعنى ما يجحد بأمير المؤمنين صلوات الله عليه والائمة صلوات الله عليهم إلّا الكافرون.

٦٨ ـ وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ ) وهو معطوف على قوله تعالى في سورة الفرقان:( اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) فرد الله عليهم فقال: كيف تدعون ان الذي تقرأه أو تخبر به تكتبه عن غيرك وأنت( ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ ) أي شكوا.

٦٩ ـ في عيون الأخبار في باب مجلس للرضاعليه‌السلام مع أهل الأديان والمقالات في التوحيد قال الرضاعليه‌السلام في أثناء المحاورات: وكذلك أمر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وما جاء به وأمر كل نبي بعثه الله، ومن آياته انه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا لم يتعلم كتابا و

١٦٤

لم يختلف إلى معلم، ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياءعليهم‌السلام وأخبارهم حرفا حرفا، وأخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيامة.

٧٠ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران عن محمد بن علي عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول في هذه الآية( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) فأومى بيده إلى صدره.

٧١ ـ عنه عن محمد بن علي عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: هم الائمةعليهم‌السلام .

٧٢ ـ ـ وعنه عن محمد بن علي عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : هذه الآية( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) ثم قال: اما والله يا أبا محمد ما قال بين دفتي المصحف، قلت: من هم جعلت فداك؟ قال: من عسى أن يكون غيرنا؟.

٧٣ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن بريد عن هارون بن حمزة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: هم الائمة خاصة.

٧٤ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: هم الائمةعليهم‌السلام خاصة.

٧٥ ـ في بصائر الدرجات يعقوب بن يزيد ومحمد بن الحسين عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن بريد بن معاوية عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت له:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) فقال: أنتم هم من عسى ان يكونوا؟.

٧٦ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن مسكان عن حجر عن حمران عن أبي جعفرعليه‌السلام وأبى عبد الله البرقي عن أبي الجهم عن أسباط عن

١٦٥

أبى عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: نحن.

٧٧ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام انه قرأ هذه الآية:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: يا أبا محمد والله ما قال بين دفتي المصحف، قلت: من هم جعلت فداك؟ قال: من عسى أن يكونوا غيرنا؟.

٧٨ ـ محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير والحسن بن علي بن فضال عن مثنى الحناط عن الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: نحن، وإيانا عنى.

٧٩ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن أيوب بن حسن عن حمران قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) أنتم هم؟ قال: من عسى أن يكونوا؟.

٨٠ ـ محمد بن الحسين عن يزيد شعر عن هارون بن حمزة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: هم الائمة خاصة،( وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ ) ، فزعم ان من عرف الامام والآيات ممن يعقل.

٨١ ـ محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قلت: أنتم هم؟ قال: من عسى ان يكونوا؟.

٨٢ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد الجوهري عن محمد بن يحيى عن عبد الرحيم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ هذا العلم انتهى إلى في القرآن ثم جمع أصابعه ثم قال:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) .

٨٣ ـ في مجمع البيان( إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) وقيل :

١٦٦

إن قوما من المسلمين كتبوا شيئا من كتب أهل الكتاب فهددهم سبحانه في هذه الآية ونهاهم عنه وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : جئتكم ببيضاء نقية.

٨٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ ) يقول: لا تطيعوا أهل الفسق من الملوك فان خفتموهم أن يفتنوكم عن دينكم فان أرضى واسعة، وهو يقول:( فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ) فقال:( أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها ) .

٨٥ ـ في مجمع البيان وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : معناه إذا عصى الله في ارض أنت بها فاخرج منها إلى غيرها.

٨٦ ـ في جوامع الجامع وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من فر بدينه من أرض إلى أرض وان كان شبرا من الأرض استوجب الجنة، وكان رفيق إبراهيم ومحمدعليهما‌السلام .

٨٧ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الاخبار المجموعة وباسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّا نزلت هذه الآية( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) قلت: يا رب أيموت الخلائق كلهم وتبقى الأنبياء؟ فنزلت:( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ ) .

٨٨ ـ في تفسير العياشي عن زرارة قال: كرهت ان أسأل أبا جعفرعليه‌السلام عن الرجعة واستخفيت ذلك قلت: لأسألن مسئلة لطيفة أبلغ فيها حاجتي، فقلت: أخبرنى عمن قتل أمات؟ قال: لا، الموت موت والقتل قتل: قلت: ما أحد يقتل إلّا وقد مات؟فقال: قول الله أصدق من قولك، فرق بينهما في القرآن فقال:( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ ) وقال( لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ ) وليس كما قلت يا زرارة، الموت موت والقتل قتل قلت: فان الله يقول:( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ) ؟ قال: من قتل لم يذق الموت، ثم قال: لا بد من أنْ يرجع حتى يذوق الموت.

٨٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول :

١٦٧

أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن عليعليهما‌السلام حتى يسيل على خده، بوأه الله بها في الجنة عرفا يسكنه أحقابا.

٩٠ ـ وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ ) قال: كانت العرب يقتلون أولادهم مخافة الجوع فقال اللهعزوجل : الله يرزقهم وإياكم.

٩١ ـ في مجمع البيان وعن عطا عن ابن عمر قال: خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى دخلنا بعض حيطان الأنصار فجعل سقط من التمر ويأكل، فقال: يا ابن عمر ما لك لا تأكل؟ فقلت: لا أشتهيه يا رسول الله، قال: لكني أشتهيه وهذه صبح رابعة منذ لم أذق طعاما ولو شئت لدعوت ربي فأعطانى مثل ملك كسرى وقيصر، فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت مع قوم يخبأون رزق سنتهم لضعف اليقين، فو الله ما برحنا حتى نزلت:( وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) .

٩٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قولهعزوجل :( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا ) أي صبروا وجاهدوا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لنهدينهم سبلنا أي نثبتهم( وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: هذه الآية لال محمد صلوات الله عليهم ولاشياعهم.

٩٣ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عن أمير المؤمنينعليهما‌السلام أنّه قال: الأواني مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، انا المحسن يقول اللهعزوجل :( إِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٦٨

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرأ سورة العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين فهو والله يا أبا محمد من أهل الجنة لا استثنى فيه أبدا ولا أخاف أن يكتب الله على في يميني إثما، وان لهاتين السورتين من الله مكانا.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ومن قرأها كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل ملك سبح الله بين السماء، والأرض، وأدرك ما ضيع في يومه وليلته.

٣ ـ في كتاب الاستغاثة للشيخ ميثم ولقد روينا من طريق علماء أهل البيتعليهم‌السلام في أسرارهم وعلومهم التي خرجت منهم إلى علماء شيعتهم، ان قوما ينسبون من قريش وليسوا من قريش، وحقيقة النسب وهذا مما لا يجوز أن يعرفه إلّا معدن النبوة وورثة علم الرسالة، وذلك مثل بنى امية ذكروا انهم ليسوا من قريش وان أصلهم من الروم، وفيهم تأويل هذه الآية( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ) معناه انهم غلبوا على الملك وسيغلبهم على ذلك بنوا العباس.

٤ ـ في روضة الكافي ابن محبوب عن جميل بن صالح عن أبي عبيدة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله عن ذكره:( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ) قال: فقال: يا أبا عبيدة ان لهذا تأويلا لا يعلمه إلّا الله والراسخون في العلم من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا هاجر إلى المدينة وأظهر الإسلام كتب إلى ملك الروم كتابا وبعث به مع رسوله يدعوه إلى الإسلام، وكتب إلى ملك فارس كتابا يدعوه إلى الإسلام، وبعثه إليه مع رسوله، فاما ملك الروم فعظم كتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأكرم رسوله، واما ملك فارس فانه استخف بكتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومزقه واستخف

١٦٩

برسوله، وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم وكان المسلمون يهوون ان يغلب ملك الروم فارس، وكانوا لناحيته أرجى منهم لملك فارس، فلما غلب ملك فارس ملك الروم كره ذلك المسلمون واغتموا به، فأنزل اللهعزوجل بذلك كتابا قرآنا( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ) يعنى غلبتها فارس في ادنى الأرض وهي الشامات وما حولها «وهم» يعنى فارس( مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ) يعنى يغلبهم المسلمون( فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ ) عزوجل فلما غزا المسلمون فارس وافتتحوها فرح المسلمون بنصر اللهعزوجل ، قال: قلت: أليس اللهعزوجل يقول:( فِي بِضْعِ سِنِينَ ) وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وفي إمارة أبي بكر وانما غلب المؤمنون فارسا في إمارة عمر؟ فقال: ألم أقل لك ان لهذا تأويلا وتفسيرا، والقرآن يا أبا عبيدة ناسخ ومنسوخ أما تسمع لقول اللهعزوجل ( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ) يعنى إليه المشية في القول أن يؤخر ما قدم ويقدم ما أخر في القول إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين، وذلك قولهعزوجل :( وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ ) أي يوم يحتم القضاء بالنصر.

٥ ـ في الخرائج والجرائح في أعلام الحسن العسكريعليه‌السلام ومنها ما قال أبوها سأل محمد بن صالح أبا محمدعليه‌السلام عن قوله تعالى:( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ) فقال: له الأمر من قبل أن يأمر به، وله الأمر من بعد أن يأمر به بما يشاء.

٦ ـ في مجمع البيان وسئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن قولهعزوجل :( يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) فقال: الزجر(١) والنجوم.

٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) يعنى ما يرونه حاضرا( وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ ) قال: يرون حاضر الدنيا ويتغافلون عن الاخرة.

٨ ـ في كتاب الخصال وسئل الصادقعليه‌السلام عن قول الله تعالى:( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ) فقال: معناه أو لم ينظروا في القرآن.

قال عز من قائل:( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ) الآية.

__________________

(١) الزجر: التيمن والنشاؤم بالطير.

١٧٠

٩ ـ في كتاب الخصال عن عليٍّعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تقوم الساعة يوم الجمعة بين صلوة الظهر والعصر.

١٠ ـ وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: السبت لنا والأحد لشيعتنا إلى أنْ قالعليه‌السلام : وتقوم القيامة يوم الجمعة.

١١ ـ وعن أبي لبابة بن عبد المنذر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ يوم الجمعة سيد الأيام إلى قوله: وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بر ولا بحر إلّا وهن يشفقن من يوم الجمعة أن تقوم فيه الساعة.

٢ ١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ) قال: إلى الجنة والنار( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ) أي يكرمون.

١٣ ـ في مجمع البيان( فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ) قيل: يلذذون بالسماع عن يحيى بن أبي كثير الأوزاعي أخبرنا أبو الحسن عبد الله بن محمد بن أحمد البيهقي قال: أخبرنا جدي الامام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال: حدّثنا أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن بندار قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن الحسن القرباني(١) قال: حدّثنا سليمان بن عبد الرحمان الدمشقي قال حدّثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن خالد بن معدان عن أبي أمامة الباهلي ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما من عبد يدخل الجنة إلّا ويجلس عند رأسه وعند رجليه ثنتان من الحور العين تغنيانه بأحسن صوت سمعه الانس والجن، وليس بمزمار الشيطان، ولكن بتمجيد الله وتقديسه.

١٤ ـ وعن أبي الدرداء قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يذكر الناس فذكر الجنة وما فيها من الأزواج والنعيم وفي القوم أعرابى فجثا لركبته وقال: يا رسول الله هل

__________________

(١) وفي بعض النسخ الغربانى بالغين والمختار هو الموافق لنسخة المصدر.

١٧١

في الجنة من سماع؟ قال: نعم يا أعرابى، ان في الجنة نهرا حافتاه الأبكار من كل بيضاء يتغنين بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها قط، فذلك أفضل نعم الجنة، قال الراوي: سألت أبا الدرداء بم يتغنين؟ قال: بالتسبيح.

١٥ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام أنّه قال: جاء نفر من اليهود إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأل قال: أخبرنى عن اللهعزوجل إلى شيء فرض هذه الخمس الصلوات في خمسة مواقيت على أمتك في ساعات الليل والنهار؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الشمس عند الزوال لها حلقة تدخل فيها إلى أنْ قال صلوات الله عليه: واما صلوة المغرب فهي الساعة التي تاب اللهعزوجل فيها على آدمعليه‌السلام وكان ما بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب اللهعزوجل عليه ثلاثمأة سنة من أيام الدنيا، وفي أيام الاخرة يوم كألف سنة ما بين العصر إلى العشاء، وصلى آدم ثلاث ركعات: ركعة لخطيئته وركعة لخطيئة حواء، وركعة لتوبته، ففرض اللهعزوجل هذه الركعات الثلاث على أمتي، وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء فوعدني ربيعزوجل ان يستجيب لمن دعاه فيها وهي الصلوة التي أمرني ربي بها في قوله:( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٦ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: من قال حين يمسى ثلاث مرات:( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ) ، لم يفته خير يكون في تلك الليلة، وصرف عنه جميع شرها ومن قال ذلك حين يصبح لم يفته خير يكون ذلك اليوم وصرف عنه جميع شره.

١٧ ـ في عوالي اللئالى وفي الحديث عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرء حين يصبح:( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) الآيات الثلاث إلى «تخرجون» أدرك ما فاته في يومه، وان قالها حين يمسى أدرك ما فاته ليلته.

١٨ ـ في جوامع الجامع وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من سره ان يكال له بالقفيز الأوفى

١٧٢

فليقل:( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ ) إلى قوله:( كَذلِكَ تُخْرَجُونَ ) .

١٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ ) قال: يخرج المؤمن من الكافر ويخرج الكافر من المؤمن( وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ ) رد على الدهرية.

٢٠ ـ في الكافي أحمد بن مهران عن محمد بن علي عن موسى بن سعدان عن عبد الرحمان بن الحجاج عن أبي إبراهيمعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ) قال: ليس يحييها بالقطر، ولكن يبعث الله رجالا فيحيون العدل فتحيى الأرض لإحياء العدل، ولا قامة العدل فيه أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا.

٢١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى حكيمة بنت محمد بن عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام عمة أبي محمد الحسنعليهما‌السلام انها قالت: كنت عند أبي محمدعليه‌السلام فقال: بيتي الليلة عندنا فانه سيلد المولود الكريم على اللهعزوجل الذي يحيى اللهعزوجل به الأرض بعد موتها، فقلت: ممن يا سيدي؟ ولست أرى بنرجس شيئا من أثر الحبل، فقال: من نرجس لا من غيرها، قالت: فوثبت إليها فقلبتها ظهر البطن فلم أر بها أثر الحبل، فعدت إليهعليه‌السلام فأخبرته بما فعلت، فتبسم ثم قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك الحبل لان مثلها مثل أم موسى لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لان فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى، وهذا نظير موسىعليه‌السلام والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال عز من قائل:( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ) .

٢٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال فأخبرنى عن آدم لم سمى آدم؟ قال: لأنه خلق من طين الأرض وأديمها، قال: فآدم خلق من الطين كله أو من طين واحد؟ قال: بل من الطين كله، ولو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا، وكانوا على صورة واحدة، قال: فلهم في الدنيا مثل؟ قال: التراب فيه ابيض وفيه أحضر وفيه أشقر وفيه اغبر وفيه

١٧٣

أحمر وفيه أزرق وفيه عذب وفيه ملح وفيه خشن وفيه لين وفيه أصهب، فلذلك صار الناس فيهم لين وفيهم خشن وفيهم أبيض وفيهم اصفر وأحمر واصهب واسود على ألوان التراب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال عز من قائل:( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) .

٢٣ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من سرية قد كان أصيب فيها ناس كثير من المسلمين فاستقبلته النساء يسألن عن قتلاهن فدنت منه امرأة فقالت: يا رسول الله ما فعل فلان؟ قال: وما هو منك؟ قال: أبي، قال: احمدي الله واسترجعي فقد استشهد، ففعلت ذلك فقالت: يا رسول الله وما فعل فلان؟ فقال: وما هو منك؟ فقالت: أخي فقال: احمدي الله واسترجعي فقد استشهد، ففعلت ذلك ثم قالت: يا رسول الله ما فعل فلان؟ فقال: وما هو منك؟ قالت: زوجي. قال: احمدي الله واسترجعي فقد استشهد، فقالت: وا ويلى فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما كنت أظن ان المرأة تجد بزوجها هذا كله حتى رأيت هذه المرأة.

٢٤ ـ أحمد بن محمد عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لابنة جحش: قتل خالك حمزة قال: فاسترجعت وقالت: احتسبه عند الله ثم قال لها: قتل أخوك فاسترجعت وقالت: احتسبه عند الله، ثم قال لها: قتل زوجك فوضعت يدها على رأسها وصرخت فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما يعدل الزوج عند المرأة شيء.

٢٥ ـ في أصول الكافي أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى عن الحسن بن علي الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: إنّ الامام إذا ابصر إلى الرجل عرفه وعرف لونه، وان سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو، ان الله يقول:( وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَ

١٧٤

اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ ) لآيات للعالمين وهم العلماء فليس يسمع شيئا من الأمر ينطق به إلّا عرفه: ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٦ ـ وباسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال: كفي لاولى الألباب بخلق الرب المسخر وملك الرب القاهر، إلى قوله: وما انطلق به ألسن العباد وما أرسل به الرسل وما انزل على العباد دليلا على الرب.

٢٧ ـ في توحيد المفضل بن عمر المنقول عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام في الرد على الدهرية: تأمل يا مفضل ما أنعم الله تقدست أسماؤه به على الإنسان من هذا النطق الذي يعبر به عما في ضميره وما يخطر بقلبه ونتيجة فكره، به يفهم غيره ما في نفسه(١) ولولا ذلك كان بمنزلة البهائم المهملة التي لا تخبر عن نفسها بشيء، ولا تفهم عن مخبر شيئا، وكذلك الكتابة التي بها تفيد اخبار الماضين للباقين، واخبار الباقين للآتين، وبها تجلد الكتب في العلوم والآداب وغيرها، وبها يحفظ الإنسان ذكر ما يجرى بينه وبين غيره من المعاملات والحساب، ولولاها لا نقطع اخبار بعض الازمنة عن بعض، واخبار الغائبين عن أوطانهم، ودرست العلوم وضاعت الآداب، وعظم ما يدخل على الناس من الخلل في أمورهم ومعاملاتهم، وما يحتاجون إلى النظر فيه من أمر دينهم وما روى لهم مما لا يسعهم جهله، ولعلك تظن انها مما يخلص إليه بالحيلة والفطنة، وليست مما أعطيه الإنسان من خلقه وطباعه، وكذلك الكلام انما هو شيء يصطلح عليه الناس فيجري بينهم، ولهذا صار يختلف في الأمم المختلفة بألسن مختلفة وكذلك الكتابة ككتابة العربي والسرياني والعبراني والرومي وغيرها من ساير الكتابة التي هي متفرقة في الأمم انما اصطلحوا عليها كما اصطلحوا على الكلام، فيقال لمن ادعى ذلك ان الإنسان وان كان له في الأمرين جميعا فعل أو حيلة

__________________

(١) وفي نسخة البحار: «وبه يفهم عن غيره ما في نفسه».

١٧٥

فان الشيء الذي يبلغ به ذلك الفعل والحيلة عطية وهبة من اللهعزوجل في خلقه، فانه لو لم يكن له لسان مهيأ للكلام وذهن يهتدى به للأمور لم يكن ليتكلم أبدا، ولو لم يكن له كف مهياة وأصابع للكتابة لم يكن ليكتب أبدا واعتبر ذلك من البهائم التي لا كلام لها ولا كتابة فاصل ذلك فطرة الباري جل وعز وما تفضل به على خلقه فمن شكر أثيب( وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ ) .

٢٨ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن حمّاد بن عبد الله الغرا عن معتب انه أخبره ان أبا الحسن الاول لم يكن يرى له ولد فأتاه يوما إسحق ومحمد أخواه وأبو الحسن يتكلم بلسان ليس بعربي، فجاء غلام سقلابي(١) فكلمه بلسانه، فذهب فجاء بعليّ ابنه فقال لإخوته: هذا عليٌّ إبني فضموه إليه واحدا بعد واحد فقبلوه ثم كلم الغلام بلسانه، فذهب به ثم تكلم بلسان غير ذلك اللسان، فجاء غلام اسود فكلمه بلسانه، فذهب فجاء بإبراهيم فقال: هذا إبراهيم إبني فكلمه بكلام، فحمله فذهب به فلم يزل يدعو بغلام بعد غلام ويكلمهم حتى جاء بخمسة أولاد، والغلمان مختلفون في أجناسهم وألسنتهم.

٢٩ ـ محمد بن عيسى عن علي بن مهزيار قال: أرسلت إلى أبي الحسنعليه‌السلام غلامي وكان سقلابيا قال: فرجع الغلام إلى متعجبا فقلت: له ما لك يا بنى؟ قال: كيف لا أتعجب؟! ما زال يكلمني بالسقلابية كأنه واحد منا فظننت انه انما دار بينهم.

٣٠ ـ أحمد بن محمد عن أبي القاسم وعبد الله بن عمران عن محمد بن بشير عن رجل عن عمار الساباطي قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا عمار «أبو مسلم وظلله وكسا فكسحه مسطورا» قلت: جعلت فداك ما رأيت نبطيا أفصح منك، فقال: يا عمار وبكل لسان.

٣١ ـ وروى عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير وعن بعض رجاله عن أبي عبد اللهعليه‌السلام يرفع الحديث إلى الحسن بن علي صلوات الله عليهما وعلى آبائهما أنّه قال: ان

__________________

(١) السلقب: جيل من الناس.

١٧٦

لله مدينتين إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب، عليهما سور من حديد وعلى كل مدينة ألف ألف مصراعين ذهب، وفيها سبعون ألف ألف لغة يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبه، وأنا أعرف جميع اللغات، وما فيهما وما بينهما وما عليهما حجة غيري والحسين أخي.

٣٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: فأخبرنى عن آدم لم سمى آدم؟ قال: لأنه من طين الأرض وأديمها، قال: فآدم خلق من الطين كله أو من طين واحد؟ قال: بل من الطين كله ولو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا، وكانوا على صورة واحدة قال: فلهم في الدنيا مثل؟ قال: التراب فيه أبيض وفيه أخضر وفيه أشقر وفيه أغبر وفيه أحمر وفيه أزرق وفيه عذب وفيه ملح وفيه خشن وفيه لين وفيه أصهب فلذلك صار الناس فيهم لين وفيهم خشن وفيهم أبيض وفيهم أصفر وأحمر واصهب واسود على ألوان التراب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٣ ـ وباسناده إلى سهل بن زياد الأدمي قال: حدّثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال: سمعت عليّ بن محمّد العسكريعليه‌السلام يقول: عاش نوح ألفين وخمسمائة سنة وكان يوما في السفينة نائما فهبت الريح فكشفت عورته فضحك حام ويافث فزجرهما سامعليه‌السلام ونهاهما عن الضحك، وكان كلما غطى سام شيئا تكشفه الريح كشفه حام ويافث فانتبه نوحعليه‌السلام فرآهم وهم يضحكون، فقال: ما هذا؟ فأخبره سام بما كان، فرفع نوحعليه‌السلام يده إلى السماء يدعو ويقول: أللّهمّ غير ماء صلب حام حتى لا يولد له ولد إلّا السودان، أللّهمّ غير ماء صلب يافث فغير الله ماء صلبيهما فجميع السودان حيث كانوا من حام، وجميع الترك والسقالب ويأجوج ومأجوج والصين من يافث حيث كانوا، وجميع البيض سواهم من سام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال عز من قائل:( وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ ) .

٣٤ ـ في توحيد المفضل بن عمر المنقول عن الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام في الرد على الدهرية: والكرى يقتضي النوم الذي فيه راحة البدن وإجمام

١٧٧

قواه(١) إلى أنْ قالعليه‌السلام : وكذلك لو كان انما يصير إلى النوم، بالتفكر في حاجته إلى راحة البدن وإجمام قواه كان عسى أن يتثاقل عن ذلك فيدفعه حتى ينهك بدنه(٢) .

٣٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى يعقوب بن شعيب قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : في بنى آدم ثلاثمأة وستين عرقا ثمانون ومأة متحركة وثمانون ومأة ساكنة، فلو سكن المتحرك لم ينم، أو تحرك الساكن لم ينم، فكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أصبح قال: الحمد لله رب العالمين كثيرا على كل حال ثلاثمأة وستين مرة. وإذا أمسى قال مثل ذلك.

٣٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حديث طويل يقول فيه الحسن بن علىعليهما‌السلام مجيبا للخضرعليه‌السلام بأمر أبيه أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقد سأله عن مسائل: أما ما سألت عنه من أمر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه فان روحه متعلقة بالريح، والريح متعلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة، فان اذن اللهعزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الروح الريح وجذبت تلك الريح الهواء، فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها، وان لم يأذن اللهعزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح فجذبت الريح الروح فلم ترد على صاحبها إلى وقت ما يبعث.

٣٧ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنينعليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل: وفيه: وسأله عن النوم على كم وجه هو؟ فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام صلوات الله عليه: النوم على أربعة أصناف: الأنبياء تنام على أقفيتها مستقبلة وأعينها لا تنام متوقعة لوحى ربهاعزوجل ، والمؤمنون ينامون على

__________________

(١) الكرى: السهر. والجمام. الراحة.

(٢) نهكته الحمى: هزلته وجهدته ونهكه: غلبه. وفي البحار «فيدمغه» بدل «فيدفعه» ويحتمل التصحيف.

١٧٨

يمينهم مستقبلين القبلة، والملوك وأبناءها على شمائلها ليستمر أو ما يأكلون(١) وإبليس وإخوانه وكل مجنون وذو عاهة ينامون على وجوههم منبطحين(٢) .

٣٨ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالت أم سليمان بن داودعليه‌السلام لسليمان: إياك وكثرة النوم بالليل فان كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا يوم القيامة.

٣٩ ـ عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثا: الاكل زاده وحده والراكب الفلاة وحده والنائم في بيت وحده.

٤٠ ـ فيما أوصى به النبي علياعليهما‌السلام : يا عليُّ ثلاث يتخوف منهن الجنون إلى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : والرجل ينام وحده.

٤١ ـ فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب إذا نام أحدكم فليضع يده اليمنى تحت خده الأيمن، فانه لا يدرى أينتبه من رقدته أم لا. لا ينام الرجل على المحجنة(٣) لا ينام الرجل على وجهه، ومن رأيتموه نائما على وجهه فانتبهوه ولا تدعوه إذا أراد أحدكم النوم فليضع يده اليمنى تحت خده الأيمن وليقل: بسم الله وضعت جنبي لله على ملة إبراهيم ودين محمد وولاية من افترض طاعته، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فمن قال ذلك حفظ من اللص المغير والهدم، واستغفرت له الملائكة، من قرأ قل هو الله أحد حين يأخذ مضجعه وكل اللهعزوجل به خمسين ألف ملك يحرسونه ليلته. فاذا أراد أحدكم النوم فلا يضعن جنبه على الأرض حتى يقول: أعيذ نفسي وديني وأهلى ومالي وخواتيم عملي وما رزقني ربي وخولني(٤) بعزة الله وعظمة الله وجبروت الله وسلطان الله ورحمة الله ورأفة الله وغفران الله وقوة الله وقدرة الله وجلال الله وبصنع الله وأركان الله وبجمع الله وبرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبقدرة الله على ما يشاء من شر السامة والهامة ومن

__________________

(١) استمرأ الطعام: استطابه وعده ووجده مريئا.

(٢) بطحه على وجهه أي ألقاه على وجهه فانبطح.

(٣) المحجنة: العصا المنعطفة الرأس.

(٤) خوله الله مالا: أعطاه إياه متفضلا وملكه إياه.

١٧٩

شر الجن والانس ومن شر ما يدب في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ومن كل دابة ربي آخذ بناصيتها، إنّ ربي على صراط مستقيم وهو على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم، فانّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعوّذ بها الحسن والحسينعليهما‌السلام وبذلك أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا انتبه أحدكم من نومه فليقل: لا إله إلّا الله الحليم الكريم الحي القيوم وهو على كل شيء قدير سبحان رب النبيين واله المرسلين وسبحان رب السموات السبع وما فيهن ورب الأرضين السبع وما فيهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، وإذا جلس من نومه فليقل قبل أن يقوم: حسبي الله حسبي الرب من العباد، حسبي الذي هو حسبي مذ كنت، حسبي الله ونعم الوكيل.

٤٢ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ثلاث خصال فيهن المقت من الله تعالى: نوم من غير سهر، وضحك من غير عجب، وأكل على الشبع.

٤٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ) قال: يعنى السماء والأرض هاهنا.

٤٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى حنان بن سدير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: وقوم وصفوة بيدين فقالوا( يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ ) وقوم وصفوه بالرجلين فقالوا: وضع رجله على صخرة بيت المقدس فمنها ارتقى إلى السماء، ووصفوه بالأنامل فقالوا: إنّ محمدا قال: إنّي وجدت برد أنامله على قلبي، فلمثل هذه الصفات قال:( رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) يقول: رب المثل الأعلى عما به مثلوه ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء، ولا يوصف ولا يتوهم فذلك المثل الأعلى.

٤٥ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى ياسر الخادم عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضاعليهما‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : يا عليُّ أنت حجّة الله وأنت باب الله وأنت الطريق إلى الله، وأنت النبأ العظيم وأنت الصراط المستقيم، وأنت المثل الأعلى، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٦ ـ وفي عيون الأخبار أيضا في الزيارة الجامعة لجميع الائمةعليهم‌السلام

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608