الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٧

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 572

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 572 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 287909 / تحميل: 5234
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

مكانه من نفوسنا.

فكثير من الناس لا يزال ينظر الى قصّة يوسفعليه‌السلام على انها حادثة عشق طريف ، ومثله كمثل الدابّة التي يلوح لها البستان النضر المليء بالازهار ، الّا انّها تراه حفنة من «العلف» تسدّ جوعها :

وما يزال الكثير من الناس يضفي على القصّة افرازات خيالية كاذبة ليحرّف القصّة عن واقعها وهذا من عدم اللياقة وفقدان الجدارة وعدم قابلية المحل ، والّا فإنّ اصل القصّة جمع كل انواع القيم الانسانية العليا في نفسه.

وسنرى في المستقبل ـ بإذن الله ـ انّه لا يمكن تجاوز فصول هذه القصّة الجامعة والجميلة وكما يقول الشاعر في هذه القصّة :

يسكر من عطر الزهور الفتى

حتى يرى مفتقدا ثوبه!

* * *

اثر القصّة في حياة الناس

مع ملاحظة انّ القسم المهمّ من القرآن قد جاء على صورة تأريخ للأمم السابقة وقصص الماضين ، فقد يتساءل البعض : لم يحمل هذا الكتاب التربوي كل هذا «التأريخ» والقصص؟!

وتتضح العلة الحقيقية للموضوع بملاحظة عدّة نقاط :

١ ـ انّ التاريخ مختبر لنشاطات البشرية المختلفة ، وما رسمه الإنسان في ذهنه من الأفكار والتصورات يجده بصورة عينية على صفحات التأريخ. وبملاحظة انّ اكثر المعلومات البشرية توافقا مع الواقع والحقيقة هي التي تحمل جانبا حسيّا ، فإنّ دور التاريخ في اظهار الواقعيّات الحياتية يمكن دركه جيدا.

فالإنسان يرى بأم عينيه الهزيمة المردية ـ لامّة ما ـ نتيجة اختلافها وتفرقها ، كما يرى النجاح المشرق في قوم آخرين في ظل اتّحادهم وتوافقهم. فالتاريخ

١٢١

يتحدّث بلغة ـ من دون لسان ـ عن النتائج القطعية وغير القابلة للإنكار للتطبيقات العملية للمذاهب والخطط والبرامج عند كل قوم.

وقصص الماضين مجموعة من اكثر التجارب قيمة. ونعرف انّ خلاصة الحياة ومحصولها ليس شيئا سوى التجربة.

والتاريخ مرآة تنعكس عليها جميع ما للمجتمعات الانسانية من محاسن ومساوئ ورقي وانحطاط والعوامل لكلّ منها.

وعلى هذا فإنّ مطالعة تاريخ الماضين تجعل عمر الإنسان طويلا بقدر أعمارهم حقّا ، لانّها تضع مجموعة تجاربهم خلال أعمارهم تحت تصرفه واختياره.

ولهذا يقول الامام عليعليه‌السلام في حديثه التاريخي خلال وصاياه لولده الحسن المجتبى في هذا الصدد : «اي بني اني وان لم أكن عمّرت عمر من كان قبلي ، فقد نظرت في اعمالهم ، وفكّرت في اخبارهم ، وسرت في آثارهم ، حتى عدت كأحدهم ، بل كأنّي بما انتهى الي من أمورهم قد عمرت من اوّلهم الى آخرهم»(١) .

والتاريخ الذي نتحدث عنه طبعا هو التاريخ الخالي من الخرافات والأكاذيب والتملّقات والتحريفات والمسوخات.

ولكن ـ وللأسف ـ مثل هذا النوع من التاريخ قليل جدا.

ولا ينبغي ان نبعد عن النظر ما للقرآن من اثر في بيان «نماذج» من التاريخ الأصيل واراءتها.

التاريخ الذي ينبغي ان يكون كالمرآة الصافية لا المقعّرة.

التاريخ الذي لا يتحدث عن الوقائع فحسب ، بل يصل الى الجذور ويسترشف النتائج.

فمع هذه الحال لم لا يستند القرآن ـ الذي هو كتاب تربوي عال في فصوله ـ

__________________

(١) نهج البلاغة ، من كتاب لهعليه‌السلام لولده الحسن المجتبىعليه‌السلام .

١٢٢

على التاريخ ويأتي بالشواهد والأمثال من قصص الماضين؟! ٢ ـ ثمّ بعد هذا فإنّ للتاريخ والقصّة جاذبية خاصّة ، والإنسان واقع تحت هذا التأثير الخارق للعادة في جميع أدوار حياته من سنّ الطفولة حتى الشيخوخة.

ولذلك فإنّ التاريخ والقصّة يشكلان القسم الأكبر من آداب العالم وآثار الكتّاب. واحسن الآثار التي خلّفها الشعراء والكتاب الكبار سواء كانوا من بلاد العرب او من فارس او من بلاد اخرى هي قصصهم.

فأنت تلاحظ «الكلستان» ـ لسعدي و «الشاهنامة» لفردوسي و «الخمسة» للنظامي وكذلك آثار «فيجتور هيجو» الفرنسي و «شكسبير» الانجليزي و «غوته» الالماني جميعها كتبت على هيئة قصص جذابة».

والقصّة سواء كتبت نثرا او شعرا ، او عرضت على شاشة المسرح او بواسطة الفيلم السينمائي ، فإنّها تترك أثرا في المشاهد والمستمع دونها اثر الاستدلالات العقلية في مثل هذا التأثير.

والعلّة في ذلك قد تكون انّ الإنسان حسي بالطبع قبل ان يكون عقليا ويتخبط في المسائل المادية قبل ان يتعمق في المسائل الفكرية.

وكلما ابتعد الإنسان عن ميدان الحسّ في نفسها جانبا عقليا ، كانت هذه المسائل أثقل على الذهن وابطأ هضما.

ومن هنا نلاحظ انّه لأجل بيان الاستدلال العقلي يستمد المفكرين في المسائل الاجتماعية والحياتية المختلفة وتوغل في البعد العقلي من الامثلة الحسيّة ، وأحيانا يكون للمثال المناسب والمؤثر في الاستدلال قيمة مضاعفة ، ولذلك فإنّ العلماء الناجحين هم أولئك الذين لهم هيمنة على انتخاب احسن الامثلة.

ولم لا يكون الأمر كذلك ، والاستدلالات العقلية هي حصيلة المسائل الحسّية والعينيّة والتجريبيّة؟!

١٢٣

٣ ـ القصّة والتاريخ مفهومان عند كل احد ، على خلاف الاستدلالات العقلية ، فإنّ الناس في فهمها ليسوا سواسية وعلى هذا فإنّ الكتاب الشامل الذي يريد ان يستفيد منه البدوي الامّي والمتوحش الى الفيلسوف والمفكر الكبير ، يجب ان يكون معتمدا على التاريخ والقصص والامثلة.

ومجموعة هذه الجهات تبيّن انّ القرآن خطا احسن الخطوات في بيان التواريخ والقصص في سبيل التعليم والتربية ، ولا سيّما إذ التفتنا الى هذه النقطة ، وهي انّ القرآن لا يذكر الوقائع التاريخية في ايّ مجال بشكل عار من الفائدة ، بل يذكر معطياتها بشكل ينتفع بها تربويا ، كما سنلاحظ «النماذج» والامثلة في هذه السورة.

* * *

١٢٤

الآيات

( إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (٤) قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥) وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦) )

التّفسير

بارقة الأمل وبداية المشاكل :

بدا القرآن بذكر قصّة يوسف من رؤياه العجيبة ذات المعنى الكبير ، لانّ هذه الرؤيا في الواقع تعدّ اوّل فصل من فصول حياة يوسف المتلاطمة.

جاء يوسف في احد الايّام صباحا الى أبيه وهو في غاية الشوق ليحدثه عن رؤياه ، وليكشف ستارا عن حادثة جديدة لم تكن ذات اهمية في الظاهر ، ولكنّها كانت إرهاصا لبداية فصل جديد من حياته( إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي

١٢٥

رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ ) .

يقول ابن عباس : (انّ يوسف راى رؤياه ليلة الجمعة التي صادفت ليلة القدر) (ليلة تعيين الأقدار والآجال).

ولكن كم كان ليوسف من العمر حين راى رؤياه؟!

هناك من يقول : كان ابن تسع سنوات ، ومن يقول : ابن سبع ، ومنهم من يقول : ابن اثنتي عشرة سنة ، والقدر المسلم به انّه كان صبيّا.

وممّا يستلفت الانتباه الى جملة «رأيت» جاءت مكررة في الآية للتأكيد والقاطعية ، وهي اشارة الى ان يوسفعليه‌السلام يريد ان يقول : إذا كان كثير من الناس ينسون رؤياهم ويتحدثون عنها بالشك والتردّد ، فلست كذلك. بل اقطع بأنّي رأيت احد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين لي دون شك.

واللطيفة الاخرى هي انّ ضمير «هم» الذي يأتي لجمع المذكر السالم العاقل ، قد استعمل للكواكب والشّمس والقمر ، ومثل هذا الاستعمال «ساجدين» ايضا اشارة الى انّ سجود الكواكب لم يكن من قبيل الصدفة بل كان امرا مدروسا ومحسوبا كما يسجد الرجال العقلاء!

وواضح ـ طبعا ـ انّ السجود المقصود منه هنا هو الخضوع والتواضع ، والّا فإنّ السجود المعروف عند الناس لا مفهوم له بالنسبة للكواكب والشمس والقمر.

ان هذه الرؤيا المثيرة ذات المغزى تركت يعقوب النّبي غارقا في التفكير فالقمر والشمس والكواكب ، واي الكواكب! انّها احد عشر يسجدون جميعا لولدي يوسف ، كم هي رؤيا ذات مغزى! لا شك انّ الشمس والقمر «انا وامه او خالته» والكواكب الأحد عشر اخوته ، هكذا يرتفع قدر ولدي حتى تسجد له الشمس والقمر وكواكب السّماء.

ان ولدي «يوسف» عزيز عند الله إذا راى هذه الرؤيا المثيرة! لذلك توجه الى يوسف بلهجة يشوبها الاضطراب والخوف المقرون

١٢٦

«بالفرحة» و( قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً ) وانا اعرف( إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) وهو منتظر الفرصة ليوسوس لهم ويثير نار الفتنة والحسد وليجعل الاخوة يقتتلون فيما بينهم.

الطريف هنا انّ يعقوب لم يقل «أخاف من إخوتك ان يقصدوا إليك بسوء» بل اكّد ذلك على انّه امر قطعي ، وخصوصا بتكرار «الكيد» لانّه كان يعرف نوازع ابنائه وحساسيّاتهم بالنسبة لأخيهم يوسف ، وربّما كان اخوته يعرفون تأويل الرؤيا ، ثمّ انّ هذه الرؤيا لم تكن بشكل يعسر تعبيرها.

ومن جهة اخرى لا يتصور ان تكون هذه الرؤيا شبيهة برؤيا الأطفال ، إذ يمكن احتمال رؤية الأطفال للشمس والقمر والكواكب في منامهم ، ولكن ان تكون الشمس والقمر والكواكب موجودات عاقلة وتنحني بالسجود لهم ، فهذه ليست رؤيا أطفال ومن هذا المنطلق خشي يعقوب على ولده يوسف نائرة الحسد من اخوته عليه.

ولكن هذه الرؤيا لم تكن دليلا على عظمة يوسف في المستقبل من الوجهة الظاهرية والمادية فحسب ، بل تدل على مقام النبوّة التي سيصل إليها يوسف في المستقبل.

ولذلك فقد أضاف يعقوب ـ لولده يوسف ـ قائلا :( وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ ) (١) ( الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ ) .

اجل فإنّ الله على كل شيء قدير و( إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .

* * *

__________________

(١) «التأويل» في الأصل إرجاع الشيء ، وكل عمل او كل حديث يصل الى الهدف النهائي يطلق عليه «تأويل» وتحقق الرؤيا في الخارج مصداق للتأويل و «الأحاديث» جمع الحديث ، وهو نقل ما يجري ، والحديث هنا كناية عن الرؤيا لان الإنسان ينقلها للمعبرين.

١٢٧

ملاحظات

١ ـ الرّؤيا والحلم

انّ مسألة الرؤيا في المنام من المسائل التي تستقطب أفكار الافراد العاديين من الناس والعلماء في الوقت نفسه.

فما هذه الأحلام التي يراها الإنسان في منامه من احداث سيئة او حسنة ، وميادين موحشة او مؤنسة ، وما يثير السرور او الغم في نفسه؟!

أهي مرتبطة بالماضي الذي عشعش في اعماق روح الإنسان وبرز الى الساحة بعد بعض التبديلات والتغييرات؟ ام هي مرتبطة بالمستقبل الذي تلتقط صوره عدسة الروح برموز خاصّة من الحوادث المستقبلية؟! او هي انواع مختلفة ، منها ما يتعلق بالماضي ، ومنها ما يتعلق بالمستقبل ، ومنها ناتج عن الميول النفسية والرغبات وما الى ذلك ...؟!

انّ القرآن يصرّح في آيات متعددة انّ بعض هذه الأحلام ـ على الأقل ـ انعكاسات عن المستقبل القريب او البعيد.

وقد قرانا عن رؤيا يوسف في الآيات المتقدمة ، كما سنرى قصّة الرؤيا التي حدثت لبعض السجناء مع يوسف في الآية (٣٦) وقصّة رؤيا عزيز مصر في الآية (٤٣) وجميعها تكشف الحجب عن المستقبل.

وبعض هذه الحوادث ـ كما في رؤيا يوسف ـ تحقق في وقت متأخر نسبيا «يقال انّ رؤيا يوسف تحققت بعد أربعين سنة» وبعضها تحقق في المستقبل القريب كما في رؤيا عزيز مصر ولمن في السجن مع يوسف.

وفي غير سورة يوسف إشارات الى الرؤيا التي كان لها تعبير ايضا ، كما ورد في سورة الفتح عن رؤيا النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما ورد في سورة الصافات عن رؤيا إبراهيم الخليل «وهذه الرؤيا كانت وحيا الهيا بالاضافة لما حملت من تعبير».

ونقرا في الحديث عن النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الرؤيا قوله : «الرؤيا ثلاث :

١٢٨

بشرى من الله ، وتحزين من الشيطان ، والذي يحدث به الإنسان نفسه فيراه في منامه»(١) .

وواضح انّ أحلام الشيطان ليست شيئا حتى يكون لها تعبير ، ولكن ما يكون من الله في الرؤيا فهي تحمل بشارة حتما ويجب ان تكون رؤيا تكشف الستار عن المستقبل المشرق.

وعلى كل حال يلزمنا هنا ان نبيّن النظرات المختلفة في حقيقة الرؤيا ، ونشير إليها بأسلوب مكثف مضغوط.

والتفاسير في حقيقة الرؤيا كثيرة ويمكن تصنيفها الى قسمين هما :

١ ـ التّفسير المادي

٢ ـ التّفسير المعنوي

١ ـ التّفسير المادي :

يقول الماديون : يمكن ان تكون للرؤيا عدّة علل :

الف : قد تكون الرؤيا نتيجة مباشرة للأعمال اليومية ، اي انّ ما يحدث للإنسان في يومه قد يراه في منامه.

ب ـ وقد تكون الرؤيا عبارة عن سلسلة من الاماني ، فيراها الإنسان في النوم كما يرى الظمآن في منامه الماء ، او ان إنسانا ينتظر مسافرا فيراه في منامه قادما من سفره.

ج ـ وقد يكون الباعث للرؤيا الخوف من شيء ما ، وقد كشفت التجارب ان الذين يخافون من لص يرونه في النوم.

امّا فرويد واتباعه فلديهم مذهب خاص في تفسير الأحلام ، إذ انهم بعد

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ١٤ ، ص ٤٤ ويضيف بعض العلماء قسما رابعا على هذه الأقسام ، هو الرؤيا التي تكون نتيجة مباشرة عن الوضع المزاجي والجسماني للإنسان ، وسيشار إليها في البحوث المقبلة ان شاء الله.

١٢٩

شرح بعض المقدمات يقولون : انّ الرؤيا عبارة عن إرضاء الميول المكبوتة التي تحاول الظهور على مسرح الوعي بعد تحويرها وتبدّلها في عملية خداع الانا.

ولزيادة الإيضاح يقولون : ـ بعد قبول ان النفس البشرية مشتملة على قسمين «الوعي» وهو ما له ارتباط بالأفكار اليومية والمعلومات الارادية والاختيارية للإنسان ، و «اللّاوعي» وهو ما خفي في باطن الإنسان بصورة رغبة لم تتحقق ـ فكثيرا ما يحدث ان تكون لنا ميول لكننا لم نستطع ارضاءها ـ لظروف ما ـ فتأخذ مكانها في ضمير الباطن : وعند النوم حين يتعطل جهاز الوعي تمضي في نوع من إشباع التخيل الى الوعي نفسه ، فتنعكس أحيانا دون تغيير [كمثل العاشق الذي يرى في النوم معشوقته] وأحيانا تتغير اشكالها وتنعكس بصور مناسبة ، وفي هذه الحالة تحتاج الرؤيا الى تعبير.

فعلى هذا تكون الأحلام مرتبطة بالماضي دائما ولا تخبر عن المستقبل ابدا ، نعم يمكن ان تكون وسيلة جيدة لقراءة «ضمير اللاوعي!».

ومن هنا فهم يستعينون لمعالجة الأمراض النفسيّة المرتبطة بضمير «اللاوعي» باستدراج أحلام المريض نفسه.

ويعتقد بعض علماء التغذية انّ هناك علاقة بين الرؤيا وحاجة البدن للغذاء ، فمثلا لو راى الإنسان في نومه دما يقطر من أسنانه ، فتعبير ذلك انّ بدنه يحتاج الى فيتامين (ث) وإذا رأى في نومه أن شعر رأسه صار أبيضا ، فمعناه انّه مبتلى بنقص فيتامين (ب).

٢ ـ التّفسير المعنوي

وامّا الفلاسفة الميتافيزيقيون فلهم تفسير آخر للرؤيا ، حيث يقولون : انّ الرؤيا والأحلام على اقسام :

١ ـ الرّؤيا المرتبطة بماضي الحياة حيث تشكل الرغبات والامنيات قسما

١٣٠

مهما من هذه الأحلام.

٢ ـ الرؤيا غير المفهومة والمضطربة وأضغاث الأحلام التي تنشأ من التوهم والخيال (وان كان من المحتمل ان يكون لها دافع نفسي.

٣ ـ الرّؤيا المرتبطة بالمستقبل والتي تخبر عنه.

وممّا لا شك فيه انّ الأحلام المتعلقة بالحياة الماضية وتجسّد الأمور التي راها الإنسان في طول حياته ليس لها تعبير خاص ومثلها الاطياف المضطربة او ما تسمى بأضغاث أحلام التي هي افرازات الأفكار المضطربة ، كالاطياف التي تمرّ بالإنسان وهو في حال الهذيان او الحمّى ، فهي ـ ايضا ـ لا يمكن ان تكون تعبيرا عن مستقبل الحياة ولهذا فإنّ علماء النفس يستفيدون من هذه الأحلام ويتخذونها نوافذ للدخول الى ضمير اللّاوعي في البشر ، ويعدّونها مفاتيح لعلاج الأمراض النفسيّة ، ويكون تعبير الرؤيا عند هؤلاء لكشف الأسرار النفسية وأساس الأمراض ، لا لكشف حوادث المستقبل في الحياة!

امّا الأحلام المتعلقة بالمستقبل فهي على نحوين :

قسم منها أحلام واضحة وصريحة لا تحتاج الى تعبير وأحيانا تتحقق بشكل عجيب في المستقبل القريب او البعيد دون اي تفاوت.

وهناك قسم آخر من هذه الأحلام التي تتحدث عن المستقبل ، ولكنّها في الوقت ذاته غير واضحة ، وقد تغيّرت نتيجة العوامل الذهنية والروحيّة الخاصّة فتحتاج الى تعبير.

ولكل من هذه الأحلام نماذج ومصاديق كثيرة ، ولا يمكن إنكارها جميعا ، لانّها لا في المصادر المذهبية او الكتب التأريخية ـ فحسب ـ بل تتكرر في حياتنا او حياة من نعرفهم بشكل لا يمكن عدّه من باب المصادفات والاتفاقات!.

* * *

١٣١

ونذكر هنا عدّة نماذج من الأحلام الصادقة التي كشفت بشكل عجيب عن حوادث مستقبلية سمعناها من افراد موثوقين :

١ ـ المرحوم الآخوند ملا علي من علماء همدان الموثوقين والمعروفين ينقل عن المرحوم الميرزا عبد النّبي النوري وهو من علماء طهران الكبار هذه القضية :

عند ما كنت في سامراء كان يصلني سنويا من مدينة مازندران مبلغ بمقدار مائة تومان تقريبا ، وعلى أساس هذا الأمر كنت استقرض دائما مقدار حاجتي من المؤونة وعند ما يصلني هذا المبلغ كنت أقوم بتسديد هذه القروض.

وفي احد الأعوام جاءني خبر مؤسف ، وهو انّ المحصول الزراعي في مازندران سيء للغاية بسبب القحط ، ولهذا فإنّهم يعتذرون عن عدم إرسال المبلغ المقرر في هذه السنة ، ولما سمعت بذلك تألمت بشدّة ونمت وانا في هذه الحال من الهم والغم ، فرأيت في عالم الرؤيا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يدعوني ويقول : يا فلان ، قم وافتح تلك الخزانة (وأشار الى خزانة في الحائط) وخذ منها مائة تومان موجودة هناك. فانتبهت من النوم ، ولم تمض فترة حتى طرقت الباب بعد الظهر ، فرأيت رسول الميرزا الشيرازيقدس‌سره المرجع الكبير للشيعة وقال لي : انّ الميرزا يدعوك : فتعجبت من هذه الدعوة في هذا الوقت بالذات. فذهبت اليه فرأيته جالسا في حجرته (وقد نسيت الرؤيا تماما) وفجأة قال لي المرحوم الميرزا الشيرازي : يا ميرزا عبد النّبي افتح باب تلك الخزانة وخذ منها مائة تومان موجودة هناك. فتذكرت الرؤيا فورا وتعجبت كثيرا وأردت ان أقول شيئا ، ولكني شعرت بأنّه لا يرغب في ذلك ، فقمت الى الخزانة فأخذت المبلغ المذكور وخرجت.

٢ ـ وينقل صديق ـ وهو محل اعتماد ـ ان المرحوم التبريزي صاحب كتاب «ريحانة الأدب» كان له ولد يشكو من يده اليمنى (ربّما كان مبتلى بالروماتيزم)

١٣٢

بشكل يصعب عليه ان يمسك القلم بيده ، فتقرر ان يسافر الى المانيا للمعالجة ويقول : حين كنت في السفينة رأيت في المنام ان امي توفيت ففتحت التقويم السنوي وسجلت الحادثة ـ مقيدة بالساعة واليوم ـ ولم تمض فترة حتى رجعت الى بلدي فاستقبلني جماعة من الأقاربوالأصدقاء فوجدتهم لبسوا ثياب الحداد فتعجبت ، وكنت قد نسيت الرؤيا ، وأخيرا أخبرت ـ بالتدريج ـ ان امي توفيت ، فتذكرت مباشرة رؤياي في السفينة فأخرجت التقويم وسألت عن اليوم الذي توفيت فيه فكان مطابقا لذلك اليوم تماما.

٣ ـ يقول سيد قطب في تفسيره «في ظلال القرآن» في هامشه على الآيات المتعلقة بسورة يوسف : «إذا كنت أنكر جميع ما قلتم في الرؤيا فلن أستطيع ان أنكر ما حدث لي يوم كنت في امريكا ابدا رأيت هناك في المنام انّ ابن أختي قد نزفت عيناه دما ولا يستطيع ان يرى (كان ابن أختي وسائر أعضاء اسرتي بمصر) فاستوحشت ممّا رأيت وكتبت رسالة الى اسرتي بمصر فورا ، وسألتهم عن حال ابن أختي بوجه خاص ، فلم تمض فترة حتى جاءتني الجواب الذي يخبرني بأنّ ابن أختي مبتلى بنزيف داخلي في عينيه ولا يستطيع ان يرى ، وهو مشغول بالمعالجة.

وممّا يستلفت النظر انّ النزف الداخلي كان بشكل لا يمكن رؤيته الّا بالاجهزة الطبيّة ، وقد حرم ابن أختي من النظر والرؤية على كل حال. غير انني رأيت في منامي حتى هذه المسألة الدقيقة.

ان الأحلام التي تكشف الحجب عن الأسرار والحقائق المرتبطة بالمستقبل ، او الحقائق الخفيّة المتعلقة بالحاضر ، هي اكثر من ان تحصر ، وليس بمقدور بعض الافراد الذي لا يعتقدون بهذه الحقائق إنكارها ، او حملها على المصادفة والاتفاق!

من خلال التحقيق مع الأصدقاء القريبين يمكن الحصول على شواهد

١٣٣

كثيرة من هذه الأحلام ، وهذه الأحلام لا يمكن تعبيرها عن طريق التّفسير المادي ابدا ، وانما الطريق الوحيد هو تعبير فلاسفة الروح والاعتقاد باستقلال الروح ، ومن مجموع هذه الأحلام يمكن ان نستفيد منها كشاهد على استقلال الروح.

٢ ـ في الآيات ـ محل البحث ـ نلاحظ ان يعقوب ـ بالاضافة الى تحذيره لولده يوسف من ان يقصّ رؤياه على اخوته ـ فإنّه عبر عن رؤياه بصورة اجماليّة وقال له( وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ ) .

ودلالة رؤيا يوسف على انّه سيبلغ في المستقبل مقامات كبيرة معنوية ومادية يمكن دركها تماما ولكن يبرز هذا السؤال ، وهو : كيف عرف يعقوب انّ ابنه يوسف سيعلمتأويل الأحاديث في المستقبل؟ اهو خبر أخبره يعقوب ليوسف مصادفة ولا علاقة له بالرؤيا ، ام انّه اكتشف ذلك من رؤيا يوسف؟

الظاهر ان يعقوب فهم ذلك من رؤيا يوسف ، ويمكن ان يكون ذلك عن احد طريقين :

الاوّل : انّ يوسف في حداثة سنّه وقد نقل لأبيه ـ خاصّة ـ بعيدا عن أعين اخوته (لانّ أباه أوصاه ان لا يقصّها على اخوته) وهذا الأمر يدلّ على ان يوسف نفسه كان له احساس خاص برؤياه بحيث لم يقصصها بمحضر الجميع

ولانّ مثل هذا الاحساس في صبيّ ـ كيوسفعليه‌السلام ـ يدلّ على انّ له استعدادا روحيّا لتعبير الرؤيا ، وانّ أباه قد احسّ بهذا الاستعداد وبالتربية الصحيحة سيكون له في المستقبل حظّ زاهر في هذا المجال.

الثّاني : انّ ارتباط الأنبياء ، بعالم الغيب له عدّة طرق ، فمرّة عن طريق «الإلهامات القلبية» وتارة عن طريق «ملك الوحي» واخرى عن طريق «الرؤيا».

وبالرغم من انّ يوسف لم يكن نبيّا في ذلك الوقت ، لكن رؤيته لهذه الرؤيا ذات المعنى الكبير يدلّ على ان سيكون له ارتباط بعالم الغيب في المستقبل ،

١٣٤

ولا بدّ أن يعرف تعبير الرؤيا ـ طبعا ـ حتى يكون له مثل هذا الارتباط.

٣ ـ من الدروس التي نستلهمها من هذا القسم من الآيات ان نحفظ الأسرار ، وينبغي ان يطبق هذا الدرس أحيانا حتى امام الاخوة ، فدائما تقع في حياة الإنسان اسرار لو اذيعت وفشت بات مستقبله او مستقبل مجتمعه معرضا للخطر ، والمواظبة على حفظ هذه الأسرار دليل على سعة الروح وتملك الارادة ، فكثير من ضعاف الشخصيّة أوقعوا أنفسهم او مجتمعهم في الخطر بسبب افشاء الأسرار ، وكم يرى الإنسان ـ من مساءة وضرر لانّه ترك حفظ الأسرار وفي هذا المجال ورد حديث عن الامام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام إذ قال : «لا يكون المؤمن مؤمنا حتى تكون فيه ثلاث خصال : سنّة من ربّه ، وسنّة من نبيّه ، وسنّة من وليّه. فأمّا السّنة من ربّه فكتمان السرّ ، وامّا السّنة من نبيّه فمداراة الناس ، وامّا السّنة من وليّه فالصبر على البأساء والضراء»(١) .

وورد حديث عن الامام الصادقعليه‌السلام يقول : «سرّك من دمك فلا يجرينّ من غير أوداجك»(٢) .

* * *

__________________

(١) بحار الأنوار ، ط جديدة ، ج ٧٨ ، ص ٣٣٤.

(٢) سفينة البحار ، مادة : كتم.

١٣٥

الآيات

( لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧) إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ (٩) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (١٠) )

التّفسير

المؤامرة :

من هنا تبدا قصّة مواجهة اخوة يوسف واشتباكهم معه : ففي الآية الاولى ـ من الآيات محل البحث ـ اشارة الى الدروس التربوية الكثيرة التي توحيها القصّة ، إذ تقول الآية :( لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ ) .

وفي انّ المراد بالسائلين ، من هم؟ يقول بعض المفسّرين كالقرطبي في التّفسير الجامع وغيره : انّ هؤلاء السائلين هم جماعة من يهود المدينة ، جاؤوا

١٣٦

يسألون النّبي اسئلة في هذا المجال ، ولكن ظاهر الآية مطلق ، فلا مرجّح لانّ يكون المراد بالسائلين هم اليهود دون غيرهم.

وايّ درس أعظم من ان يجتمع عدّة افراد لإهلاك فرد ضعيف ووحيد ـ في الظاهر ـ وبخطط اعدّها الحسد ، ويبذلون أقصى جهودهم لهذا الأمر ، ولكن نفس هذا العمل ـ ودون شعور وارادة منهم ـ بات سببا في تربّعه على سرير الملك وصيرورته آمرا على البلد الكبير «مصر» ثمّ يأتي اخوته في النهاية ليطأطئوا برؤوسهم إعظاما له ، وهذا يدلّ على ان الله إذا أراد امرا فهو قادر على ان يجريه حتى على ايدي من يخالفون ذلك الأمر ، ليتجلّى ان الإنسان المؤمن الطاهر ليس وحيدا في هذا العالم ، فلو سعى جميع افراد هذا العالم الى إزهاق روحه والله لا يريد ذلك ، فإنهم لا يستطيعون ان يسلبوا منه شعرة واحدة.

كان ليعقوب اثنا عشر ولدا ، واثنان منهم : يوسف وبنيامين وهما من ام واحدة اسمها راحيل ، وكان يعقوب يولي هذين الولدين محبّة خاصّة ، لا سيما يوسف.

لانّهما اوّلا : أصغر أولاده ، وبالطبع فهما يحتاجان الى العناية والرعاية والمحبة.

وثانيا : لانّ امّهما ارتحلت من الدنيا ـ طبقا لبعض الرّوايات ـ وبعد هذا كلّه كانت بوادر النبوغ والذكاء والحادّ ترتسم على يوسف ، وهذه الأمور ادّت الى ان أن يولي يعقوب ابنه هذا عناية اكثر.

الّا ان الاخوة الحساد ـ دون ان يلتفتوا الى هذه الجهات ـ تألّموا من حبّ أبيهم ليوسف وأخيه ، وخاصّة بعد اختلافهم في الام والمنافسة الطبيعية المترتبة على هذا الأمر. لهذا اجتمعوا فيما بينهم وتدارسوا الأمر وصمموا على المؤامرة( إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ) (١) .

__________________

(١) «العصبة» معناها الجماعة المتفقون على الأمر ، وهذه الكلمة معناها الجمع الّا لا مفرد لها من جنسها.

١٣٧

وحكموا على أبيهم من جانب واحد بقولهم :( إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) .

ان نار الحسد والحقد لم تدعهم ليفكروا في جميع جوانب الأمر ليكتشفوا دلائل علاقة الحبّ التي تربط يعقوب بولديه يوسف وبنيامين ، لانّ المنافع الخاصّة لكل فرد تجعل بينه وبين عقله حجابا فيقضي من جانب واحد لتكون النتيجة «الضلال عن جادة الحق والعدل» وبالطبع فإنّ اتهامهم لأبيهم بالضلالة ، لم يكن المقصود منها الضلالة الدينية ، لانّ الآيات الآتية تكشف عن اعتقادهم بنبوّة أبيهم ، وانما استنكروا طريقة معاشرته فحسب.

ثمّ ادّى بهم الحسد الى ان يخططوا لهذا الأمر ، فاجتمعوا وقدموا مقترحين وقالوا :( اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً ) ـ أرسلوه الى منطقة بعيدة ـ( يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ) .

ومن الحق ان تشعروا بالذنب والخجل في وجدانكم لانّكم تقدمون على هذه الجناية في حق أخيكم الصغير ، ولكن يمكن أن تتوبوا وتغسلوا الذنب( تَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ ) .

وهناك احتمال آخر لتفسير هذه الآية هو انّكم إذا أبعدتم أخاكم عن عيني أبيكم يصلح ما بينكم وبين أبيكم وتذهب اتعابكم ويزول اذاكم من هذا الموضوع ، ولكن التّفسير الاوّل اقرب للنظر!

وعلى كل حال فإنّ هذه الجملة تدلّ على احساسهم بالذنب من هذا العمل ، وكانوا يخافون الله في اعماق قلوبهم ، ولذلك قالوا : نتوب ونكون من بعده قوما صالحين.

ولكن المسألة المهمة هنا هي انّ الحديث عن التوبة قبل الجريمة ـ في الواقع ـ هو لأجل خداع «الوجدان» واغرائه وفتح الباب للدخول الى الذنب ، فلا يعدّ دليلا على الندم ابدا.

وبتعبير آخر : انّ التوبة الواقعية هي التي توجد بعد الذنب حالة من الندم

١٣٨

والخجل للإنسان ، وامّا الكلام في التوبة قبل الذنب فليس توبة.

وتوضيح ذلك انّه كثيرا ما يقع أن الإنسان حين يواجه الضمير و «الوجدان» عند الاقدام على الذنب ، او حين يكون الاعتقاد الديني سدّا وحاجزا امامه يمنعه عن الذنب وهو مصمم عليه ، فمن اجل ان يجتاز حاجز الوجدان او الشرع بيسر ، يقوم الشخص بخداع نفسه وضميره يأتي سوف اقف مكتوف اليدين بعد الذنب ، بل سأتوب وامضي الى بيت الله وأؤدي الأعمال الصالحة ، وسأغسل جميع آثار الذنوب.

اي انّه في الوقت الذي يرسم الخطة الشيطانية للاقدام على الذنب ، يرسم خطة شيطانية اخرى لمخادعة الضمير والوجدان وللاعتداء على عقيدته! فإلى ايّ درجة تبلغ هذه الخطة من السوء بحيث تمكّن الإنسان من تحقيق الجناية والذنب وكسر الحاجز الديني الذي يقف امامه!! انّ اخوة يوسف دخلوا من هذا الطريق ايضا.

المسألة الدقيقة الاخرى في هذه الآية : انّهم قالوا :( يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ) ولم يقولون : يخل لكم قلب أبيكم ، وذلك لانّهم لم يطمئنّوا الى انّ أباهم ينسى يوسف بهذه السرعة فيكفي ان يتوجه إليهم أبوهم ، ولو ظاهرا!

وهناك احتمال آخر لهذا التعبير ، وهو أنّ الوجه والعينين نافذتان الى القلب ، فمتى ما خلا الوجه لهم فإنّ القلب سيخلو ويتوجه إليهم بالتدريج.

ولكن كان من بين الاخوة من هو اكثر ذكاء وارق عاطفة ووجدانا ، لانّه لم يرض بقتل يوسف او إرساله الى البقاع البعيدة التي يخشي عليه من الهلاك فيها فاقترح عليهم اقتراحا ثالثا ، وهو ان يلقى في البئر (بشكل لا يصيبه مكروه) لتمرّ قافلة فتأخذه معها ، ويغيب عن وجه أبيه ووجوههم ، حيث تقول الآية في هذا الصدد( قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ ) .

* * *

١٣٩

ملاحظات

١ ـ «الجبّ» معناه «البئر» التي لم تنضّد بالطابوق والصخور ، ولعلّ اغلب آبار الصحراء على هذه الشاكلة.

و «الغيابة» المخبأ من البئر الغائب عن النظر ولعلّ هذا التعبير يشير الى ان الآبار الصحراوية يصنع في قعرها مكان قريب من الماء ، بحيث لو أراد احد النزول الى البئر ليستفيد من الماء ، فإنّه يستطيع ان يجلس هناك ويملا دلوه من ذلك الماء دون ان ينزل هو في الماء ، وبالطبع فإنّ من ينظر البئر من فوقها لا يرى ذلك المكان ولذلك سمي «غيابة»(١) .

٢ ـ لا شك انّ اقتراح هذا القائل( أَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ ) لم يكن الهدف منه موت يوسف في البئر ، بل بقاءه سالما لتنقذه القافلة عند مرورها على البئر للاستسقاء.

٣ ـ يستفاد من جملة( إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ ) انّ القائل لم يكن يرغب ـ أساسا ـ حتى بهذا الاقتراح ولعله كان لا يوافقهم على إيذاء يوسف أصلا.

٤ ـ هناك اختلاف بين المفسّرين في اسم هذا الأخ القائل( لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ ) فقال بعضهم : اسمه «روبين» وكان اذكاهم ، وقال بعضهم : اسمه «يهودا» وقال آخرون : اسمه «لاوى».

٥ ـ اثر الحسد المدمّر في حياة الناس

الدرس الآخر الذي نتعلّمه من هذه القصّة ، وهو انّ الحسد يمكن ان يدفع الإنسان حتى الى قتل أخيه ، او إيجاد المشاكل له ، فنار الحسد إذا لم يمكن إخمادها فإنّها ستحرق صاحبها بالاضافة الى إحراق الآخرين بها.

وأساسا إذا حرم الإنسان من نعمة أنعمها الله على عبد سواه ، فإنّه سيكون

__________________

(١) مقتبس من تفسير المنار في تفسير الآية.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

سَمِعْتُ الرِّضَاعليه‌السلام يَقُولُ : « كَانَ الرَّجُلُ مِنْ(١) بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا أَرَادَ الْعِبَادَةَ ، صَمَتَ قَبْلَ ذلِكَ عَشْرَ سِنِينَ ».(٢)

١٨٣٨/ ١٩. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ الْغِفَارِيِّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ(٣) : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَنْ رَأى مَوْضِعَ كَلَامِهِ(٤) مِنْ عَمَلِهِ(٥) ، قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ(٦) ».(٧)

١٨٣٩/ ٢٠. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ :

__________________

(١). في حاشية « بر » : « في ».

(٢).الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الحلم ، ح ١٨١١ ، مع زيادة في أوّله ؛عيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ١٢ ، ح ٢٨ ، وفيهما بسند آخر ، مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٥٣ ، ح ٢٣٢٨ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ١٨٣ ، ح ١٦٠٢٨ ؛البحار ، ج ٧١ ، ص ٣٠٦ ، ح ٨٢. (٣). في « ج » : « قال ».

(٤). في نهج البلاغة وتحف العقول : « من علم أنّ كلامه » بدل « من رأى موضع كلامه ».

(٥). في الزهد : « عقله ». وفيشرح المازندراني : « وفيه تنبيه على أنّ المتكلّم ينبغي أن يعدّ كلامه من عمله ويتدبّر في صحّته وفساده وضرّه ونفعه ، فإن رآه صحيحاً لايترتّب عليه شي‌ء من المفاسد آجلاً وعاجلاً ، تكلّم به ، وإن رأى خلاف ذلك ، أمسك عنه ».

(٦). في تحف العقول : « فيما ينفعه ». وفيشرح المازندراني : « فيما يعنيه ، أي يهمّه ، أو يقصده ؛ من عنيتُ به ، أي اهتممت واشتغلت به ؛ أو من عنيتُ فلاناً ، أي قصدته ». وراجع أيضاً :لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ١٠٥ ؛المصباح المنير ، ص ٤٣٤.

(٧).الزهد ، ص ٦٤ ، ح ٤ ، عن محمّد بن سنان ، عن جعفر بن إبراهيم ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، من دون الإسناد إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله . وفيالخصال ، ص ٥٢٥ ، أبواب العشرين وما فوقه ، ضمن الحديث الطويل ١٣ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٣٣٢ ، ضمن الحديث الطويل ١ ؛والأمالي للطوسي ، ص ٥٤٠ ، المجلس ١٩ ، ضمن الحديث الطويل ٢ ، بسند آخر عن أبي ذرّ ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .نهج البلاغة ، ص ٥٣٦ ، الحكمة ٣٤٩ ، مع زيادة في أوّله ؛تحف العقول ، ص ٨٩ ، ضمن الحديث الطويل ؛وفيه ، ص ١٠٠ ، ضمن الحديث الطويل ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وفي كلّ المصادر مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٥٤ ، ح ٢٣٢٩ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ١٩٦ ، ح ١٦٠٧٢ ؛البحار ، ج ٧١ ، ص ٣٠٦ ، ح ٨٣.

٣٠١

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « فِي حِكْمَةِ(١) آلِ دَاوُدَ : عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ عَارِفاً بِزَمَانِهِ(٢) ، مُقْبِلاً عَلى شَأْنِهِ ، حَافِظاً لِلِسَانِهِ ».(٣)

١٨٤٠/ ٢١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ رِبَاطٍ ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « لَا يَزَالُ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ(٤) يُكْتَبُ مُحْسِناً مَا دَامَ سَاكِتاً ، فَإِذَا تَكَلَّمَ كُتِبَ(٥) مُحْسِناً أَوْ مُسِيئاً ».(٦)

٥٧ - بَابُ الْمُدَارَاةِ (٧)

١٨٤١/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

__________________

(١). في مرآة العقول والبحار : « حكم ».

(٢). في الوسائل والفقيه : « بأهل زمانه ».

(٣).الفقيه ، ج ٤ ، ص ٤١٦ ، ح ٥٩٠٣ ، بسند آخر ، مع اختلاف يسير ؛الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الكتمان ، ح ٢٢٧٣ ، بسند آخر عن الرضا ، عن أبي جعفرعليهما‌السلام ، وفيه : « في حكمة آل داود : ينبغي للمسلم أن يكون مالكاً لنفسه ، مقبلاً على شأنه ، عارفاً بأهل زمانه » ، مع زيادة في أوّله وآخره. وفيالخصال ، ص ٥٢٥ ، أبواب العشرين وما فوقه ، ضمن الحديث الطويل ١٣ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٣٣٢ ، ضمن الحديث الطويل ١ ؛والأمالي للطوسي ، ص ٥٤٠ ، المجلس ١٩ ، ضمن الحديث الطويل ٢ ، بسند آخر عن أبي ذرّ ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حكاية عن صحف إبراهيمعليه‌السلام ، مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٥٤ ، ح ٢٣٣٠ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ١٩١ ، ح ١٦٠٥٤ ؛البحار ، ج ٧١ ، ص ٣٠٧ ، ح ٨٤.

(٤). في الفقيه وثواب الأعمال ، ص ١٧٨ : « الرجل المسلم » بدل « العبد المؤمن ».

(٥). في « ف » : « يكتب ». وفي ثواب الأعمال ، ص ١٧٨ : + « إمّا ».

(٦).ثواب الأعمال ، ص ١٩٦ ، ح ١ ؛وفيه ، ص ١٧٨ ، ح ٣ ؛ والخصال ، ص ١٥ ، باب الواحد ، ح ٥٣ ، بسند آخر عن عليّ بن الحسين بن رباط ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام . وفيالفقيه ، ج ٤ ، ص ٣٩٦ ، ح ٥٨٤٢ ؛ والاختصاص ، ص ٢٣٢ ، مرسلاً.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٥٤ ، ح ٢٣٣٤ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ١٨٤ ، ح ١٦٠٣١ ؛البحار ، ج ٧١ ، ص ٣٠٧ ، ح ٨٥.

(٧). فيالوافي : « المداراة - غير مهموزة - : ملاينة الناس وحسن صحبتهم واحتمال أذاهم لئلاّ ينفروا عنك. وقد تهمز ».

٣٠٢

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثَلَاثٌ مَنْ لَمْ يَكُنَّ فِيهِ لَمْ يَتِمَّ(١) لَهُ عَمَلٌ : وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِي اللهِ ، وَخُلُقٌ يُدَارِي بِهِ النَّاسَ ، وَحِلْمٌ يَرُدُّ بِهِ جَهْلَ الْجَاهِلِ(٢) ».(٣)

١٨٤٢/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ :

سَمِعْتُ جَعْفَراًعليه‌السلام يَقُولُ : « جَاءَ جَبْرَئِيلُعليه‌السلام إِلَى النَّبِيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، رَبُّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ ، وَيَقُولُ لَكَ : دَارِ خَلْقِي ».(٤)

١٨٤٣/ ٣. عَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ حَبِيبٍ السِّجِسْتَانِيِّ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « فِي التَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ - فِيمَا نَاجَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ(٥) عليه‌السلام - : يَا مُوسَى ، اكْتُمْ مَكْتُومَ(٦) سِرِّي فِي سَرِيرَتِكَ ، وَأَظْهِرْ فِي عَلَانِيَتِكَ الْمُدَارَاةَ عَنِّي(٧) لِعَدُوِّي وَعَدُوِّكَ مِنْ خَلْقِي ،..............................................

__________________

(١). في المحاسن والخصال ، ص ١٢٤ : « لم يقم ».

(٢). في « ب » : « الجهل » بدل « جهل الجاهل ».

(٣).المحاسن ، ص ٦ ، كتاب القرائن ، ح ١٣ ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .الخصال ، ص ١٢٤ ، باب الثلاثة ، ح ١٢١ ، بسند آخر ، مع زيادة في أوّله وآخره. وورد مع اختلاف في هذه المصادر :الخصال ، ص ١٤٥ ، باب الثلاثة ، ح ١٧٢ ؛التهذيب ، ج ٥ ، ص ٤٤٥ ، ح ١٥٤٩ ، وفيهما بسند آخر ؛الكافي ، كتاب الحجّ ، باب الوصيّة ، ح ٦٩٩٦ ؛الخصال ، ص ١٤٨ ، باب الثلاثة ، ح ١٨٠ ، وفيهما بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام ، وفي الثلاثة الأخيرة من دون الإسناد إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٥٧ ، ح ٢٣٤٠ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٠٠ ، ح ١٦٠٨٤ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٤٣٧ ، ح ١٠٤.

(٤).الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٥٧ ، ح ٢٣٤١ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٠٠ ، ح ١٦٠٨٣ ؛البحار ، ج ١٨ ، ص ٢١٣ ، ح ٤٢ ؛ وج ٧٥ ، ص ٤٣٨ ، ح ١٠٥. (٥). في«ص ، ف ، بف» والوافي : - « بن عمران ».

(٦). فيالأمالي للصدوق والمفيد : « مكنون ».

(٧). فيالوافي : « لـمّا كان أصل الدرء الدفع وهو مأخوذ في المداراة عُدّيت بعن ».

٣٠٣

وَلَا تَسْتَسِبَّ(١) لِي عِنْدَهُمْ بِإِظْهَارِ مَكْتُومِ(٢) سِرِّي : فَتَشْرَكَ(٣) عَدُوَّكَ وَعَدُوِّي(٤) فِي سَبِّي(٥) ».(٦)

١٨٤٤/ ٤. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ بَزِيعٍ(٧) ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : أَمَرَنِي رَبِّي بِمُدَارَاةِ النَّاسِ ، كَمَا أَمَرَنِي بِأَدَاءِ(٨) الْفَرَائِضِ ».(٩)

١٨٤٥/ ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ(١٠) مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام (١١) ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : مُدَارَاةُ النَّاسِ نِصْفُ الْإِيمَانِ ،

__________________

(١). فيالأمالي للصدوق : « ولا تستبّ » ، وفي هامش المطبوع عن بعض النسخ : « ولا تسبب ». ولا تستسبّ له ، أي لا تُعرِّضْه للسَّبّ وتجرُّه إليه. والمراد : لاتطلب سبّي ، فإنّ من لم يفهم السرّ يسبّ من تكلّم به. فتشرك ، أي تكون شريكاً له ؛ لأنّك أنت الباعث له عليه. راجع :الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٥٨ ؛النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٣٠ ( سبب ).

(٢). فيالأمالي للصدوق والمفيد : « بإظهارك مكنون ».

(٣). يجوز في الكلمة هيئة الإفعال على بُعدٍ.

(٤). في « بر ، بف » : « عدوّي وعدوّك ».

(٥). في « ص » : « سرّي ».

(٦).الأمالي للصدوق ، ص ٢٥٤ ، المجلس ٤٤ ، ح ٦ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ؛الأمالي للمفيد ، ص ٢١٠ ، المجلس ٢٣ ، ح ٤٦ ، بسنده عن الحسن بن محبوب ، وفيهما مع زيادة.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٥٧ ، ح ٢٣٤٢ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٠٠ ، ح ١٦٠٨٢ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٤٣٨ ، ح ١٠٦.

(٧). في « بر » والوسائل : - « عن حمزة بن بزيع ». ولعلّه ناشٍ من جواز النظر من « بزيع » الأوّل إلى « بزيع » الثاني المستتبع للسقط. (٨). في الأمالي : « بإقامة ».

(٩).معاني الأخبار ، ص ٣٨٥ ، ضمن الحديث الطويل ٢٠ ، بسند آخر.الأمالي للطوسي ، ص ٤٨١ ، المجلس ١٧ ، ذيل ح ١٩ ؛وفيه ، ص ٥٢١ ، المجلس ١٨ ، ح ٥٧ ، وتمام الرواية فيه : « إنّا اُمرنا معاشر الأنبياء بمداراة الناس كما اُمرنا بإقامة الفرائض » ، وفيهما بسند آخر عن الرضا ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .تحف العقول ، ص ٤٨ ؛فقه الرضا عليه‌السلام ، ص ٣٦٨ ، وفيهما مع اختلاف.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٥٨ ، ح ٢٣٤٣ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٠٠ ، ح ١٦٠٨١ ؛البحار ، ج ١٨ ، ص ٢١٣ ، ح ٤٣ ؛ وج ٧٥ ، ص ٤٤٠ ، ح ١٠٧.

(١٠). في « ز » : « بن ». وهو سهو ؛ فقد روى هارون بن مسلم كتب مسعدة بن صدقة وروايته عنه في الأسناد كثيرة جدّاً. راجع :رجال النجاشي ، ص ٤١٥ ، الرقم ١١٠٨ ؛معجم رجال الحديث ، ج ١٩ ، ص ٤٠٥ - ٤٠٧.

(١١). من قوله : « قال رسول الله » في الحديث السابق إلى هنا لم يرد في « ب ». ولعلّه سقط من الناسخ.

٣٠٤

وَالرِّفْقُ بِهِمْ نِصْفُ الْعَيْشِ ».

ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « خَالِطُوا الْأَبْرَارَ سِرّاً ، وَخَالِطُوا الْفُجَّارَ جِهَاراً(١) ، وَلَا تَمِيلُوا عَلَيْهِمْ(٢) فَيَظْلِمُوكُمْ ؛ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ لَايَنْجُو فِيهِ(٣) مِنْ ذَوِي الدِّينِ إِلَّا مَنْ ظَنُّوا أَنَّهُ أَبْلَهُ(٤) ، وَصَبَّرَ(٥) نَفْسَهُ عَلى أَنْ يُقَالَ(٦) : إِنَّهُ أَبْلَهُ لَاعَقْلَ لَهُ ».(٧)

١٨٤٦/ ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ(٨) ذَكَرَهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ مَنْصُورٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « إِنَّ قَوْماً مِنَ النَّاسِ(٩) قَلَّتْ مُدَارَاتُهُمْ لِلنَّاسِ ، فَأُنِفُوا(١٠)

__________________

(١). في « ز ، ص ، ف » والوافي : « جهراً ».

(٢). قال فيمرآة العقول : « لا تميلوا عليهم ، على بناء المجرّد ، والتعدية بعلى للضرر ، أي لاتعارضوهم إرادةللغلبة وقيل : هو على بناء الإفعال والتفعيل ، أي لا تعارضوهم لتميلوهم من مذهب إلى مذهب آخر ، وهو تكلّف وإن كان أنسب بما بعده ». (٣). في شرح المازندراني : - « فيه ».

(٤). بَلِهَ بَلَهاً : ضَعُف عقله فهو أبله.المصباح المنير ، ص ٦١ ( بله ).

(٥). يجوز في « صبر » التجريد والتثقيل ؛ فإنّ المجرّد منه يستعمل لازماً ومتعدّياً. يقال : صَبَرْتُ ، أي حبستُ النفس عن الجزع ، وصَبَرْتُ زيداً وصبّرته ، أي حملته على الصبر بوعد الأجر ، أو قلت له : اصبر. راجع :شرح المازندراني ، ج ٨ ، ص ٣٢٣مرآة العقول ، ج ؛ ٨ ، ص ٢٣٠.

(٦). هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والبحار. وفي المطبوع : + « [ له ] ».

(٧).تحف العقول ، ص ٤٢ ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلى قوله : « الرفق بهم نصف العيش ». وراجع :الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الرفق ، ح ١٨٥٧ ، ومصادره.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٥٨ ، ح ٢٣٤٤ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٠١ ، ح ١٦٠٨٥ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٤٤٠ ، ح ١٠٨. (٨). في الوسائل : « أصحابنا ».

(٩). في الوسائل : - « من الناس ». وفي الخصال : « قريش ».

(١٠). في « ب ، ج ، د ، ز ، ض » وشرح المازندراني والوسائل : « فاُلِقوا ». وفي الخصال : « فنفوا ». وقال فيمرآة العقول : « قولهعليه‌السلام : فأنفوا من قريش ، كذا في أكثر النسخ ، وكأنّه على بناء الإفعال مشتقّاً من النفي بمعنى الانتفاء ؛ فإنّ النفي يكون لازماً ومتعدّياً ، لكن هذا البناء لم يأت في اللغة. أو هو على بناء المفعول من أنف ، من قولهم : أَنَفَهُ يَأْنِفُهُ ويَأْنُفُهُ : ضرب أنفه ، فيدلّ على النفي مع مبالغة فيه ، وهو أظهر وأبلغ. وقيل : كأنّه صيغة مجهول من الأنفة بمعنى الاستنكاف ؛ إذ لم يأت الإنفاء بمعنى النفي ؛ انتهى. وأقول : هذا أيضاً لا يستقيم ؛ لأنّ الفساد مشترك ؛ إذ لم يأت أنف بهذا المعنى على بناء المجهول فإنّه يقال : أنف منه كفرح أنفاً وأنفةً : استنكف. وفي كثير من النسخ : فألقوا ، أي أخرجوا وأطرحوا منهم. وفيالخصال : فنفوا. وهو أظهر ».

٣٠٥

مِنْ قُرَيْشٍ ، وَايْمُ اللهِ مَا كَانَ بِأَحْسَابِهِمْ بَأْسٌ ، وَإِنَّ قَوْماً مِنْ غَيْرِ(١) قُرَيْشٍ(٢) حَسُنَتْ مُدَارَاتُهُمْ ، فَأُلْحِقُوا بِالْبَيْتِ الرَّفِيعِ ». قَالَ : ثُمَّ قَالَ : « مَنْ كَفَّ يَدَهُ عَنِ النَّاسِ ، فَإِنَّمَا يَكُفُّ عَنْهُمْ يَداً وَاحِدَةً ، وَيَكُفُّونَ عَنْهُ أَيْدِيَ(٣) كَثِيرَةً ».(٤)

٥٨ - بَابُ الرِّفْقِ‌

١٨٤٧/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي لَيْلى ، عَنْ أَبِيهِ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ لِكُلِّ شَيْ‌ءٍ قُفْلاً ، وَقُفْلُ الْإِيمَانِ الرِّفْقُ(٥) ».(٦)

١٨٤٨/ ٢. وَبِإِسْنَادِهِ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : « مَنْ قُسِمَ لَهُ الرِّفْقُ ، قُسِمَ لَهُ الْإِيمَانُ ».(٧)

__________________

(١). في « ف » وشرح المازندراني والوافي : - « غير ».

(٢). في الخصال : « غيرهم » بدل « غير قريش ».

(٣). كذا في النسخ والمطبوع. وفي الكافي ، ح ٣٦٣٠ : « أيدياً » وهو الصحيح. وفي الخصال : « أيادي ».

(٤).الكافي ، كتاب العشرة ، باب التحبّب إلى الناس والتودّد إليهم ، ح ٣٦٣٠ ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، من قوله : « من كفّ يده عن الناس » ؛الخصال ، ص ١٧ ، باب الواحد ، ح ٦٠ ، بسنده عن محمّد بن سنان. وفيالزهد ، ص ١٠٣ ، ضمن ح ١٠١ ؛ والكافي ، كتاب الايمان والكفر ، باب صلة الرحم ، ضمن ح ١٩٩٢ ؛والأمالي للطوسي ، ص ٣٤٧ ، المجلس ١٢ ، ضمن ح ٥٧ ، بسند آخر عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، من قوله : « من كفّ يده عن الناس » ، مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٥٨ ، ح ٢٣٤٥ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٠١ ، ح ١٦٠٨٦ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٤٤١ ، ح ١٠٩.

(٥). فيمرآة العقول ، ج ٨ ، ص ٢٣٣ : « الرفق ، وهو لين الجانب والرأفة وترك العنف والغلظة في الأفعال والأقوال على الخلق في جميع الأحوال ، سواء صدر عنهم بالنسبة إليه خلاف الآداب أو لم يصدر. ففيه تشبيه الإيمان بالجوهر النفيس الذي يعتنى بحفظه ، والقلب بخزانته ، والرفق بالقفل ؛ لأنّه يحفظه عن خروجه وطريان المفاسد عليه ، فإنّ الشيطان سارق الإيمان ، ومع فتح القفل وترك الرفق يبعث الإنسان على اُمور من الخشونة والفحش والقهر والضرب ، وأنواع الفساد وغيرها من الاُمور التي توجب نقص الإيمان أو زواله ».

(٦).الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦١ ، ح ٢٣٤٦ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٦٩ ، ح ٢٠٤٧٩ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٥٥ ، ح ٢٠.

(٧).الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦١ ، ح ٢٣٤٧ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٦٩ ، ح ٢٠٤٨٠ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٥٦ ، ح ٢١.

٣٠٦

١٨٤٩/ ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ يَحْيَى(١) الْأَزْرَقِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ بَشِيرٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، فَمِنْ رِفْقِهِ بِعِبَادِهِ تَسْلِيلُهُ(٢) أَضْغَانَهُمْ وَمُضَادَّتَهُمْ(٣) لِهَوَاهُمْ(٤) وَقُلُوبِهِمْ(٥) ، وَمِنْ رِفْقِهِ بِهِمْ أَنَّهُ يَدَعُهُمْ عَلَى الْأَمْرِ يُرِيدُ إِزَالَتَهُمْ عَنْهُ رِفْقاً بِهِمْ لِكَيْلَا يُلْقِيَ(٦) عَلَيْهِمْ عُرَى الْإِيمَانِ(٧) وَمُثَاقَلَتَهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ، فَيَضْعُفُوا ، فَإِذَا أَرَادَ ذلِكَ(٨) ، نَسَخَ الْأَمْرَ بِالْآخَرِ(٩) ، فَصَارَ مَنْسُوخاً ».(١٠)

١٨٥٠/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ‌

__________________

(١). في « ب » : - « عن يحيى » ، ووجه سقوطه ظاهر بعد ما أشرنا إليه غير مرّة من جواز النظر من لفظ إلى لفظ مشابه آخر.

(٢). « السَّلّ » : انتزاعك الشي‌ء وإخراجه بالرفق.مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ٨٦٨ ( سلل ).

(٣). في « ض ، بف » : « ومضادّاتهم ». وفي « بر » : « ومضادّاته ». وفي حاشية « ز » والوافي : « ومضادّته ».

(٤). في « ب » : « أهواءهم ».

(٥). ذكر فيمرآة العقول في قولهعليه‌السلام : « ومضادّتهم لهواهم وقلوبهم » وجوهاً : منها : كونه عطفاً على « تسليله ». والمعنى : من لطفه بعباده المؤمنين أن جعل أهوية المخالفين والكافرين متضادّة مختلفة ، فلو كانوا مجتمعين متّفقين في الأهواء لأفنوا المؤمنين واستأصلوهم. أو المعنى : أنّه من لطفه جعل المضادّة بين هوى كلّ امرء وقلبه ، أي روحه وعقله ، فلو لم يكن القلب معارضاً للهوى لم يختر أحد الآخرة على الدنيا. ومنها : أن يكون المعنى : من رفقه أنّه أوجب عليهم التكاليف المضادّة لهواهم وقلوبهم ، لكن برفق ولين بحيث لم يشقّ عليهم ، بل إنّما كلّف عباده بالأوامر والنواهي متدرّجاً كيلا ينفروا ، كما أنّهم لمـّا كانوا اعتادوا بشرب الخمر نزلت أوّلاً آية تدلّ على مفاسدها ، ثمّ نهوا عن شربها قريباً من وقت الصلاة ، ثمّ عمّم وشدّد. وفي لفظ « المضادّة » إيماء إلى ذلك.

(٦). في « ب » : « تلقى ».

(٧). في هامش المطبوع عن بعض النسخ : « عرى الإسلام ».

(٨). في « ب ، د ، بف » وحاشية « ج ، ض » والوافي : + « الأمر ».

(٩). في « ب ، بف » وحاشية « ج » : « الآخر ». وفي الوافي : « نسخ الآخر ». وفي هامش المطبوع عن بعض النسخ : « فإذا أراد ذلك الأمر نسخ بالآخر ».

(١٠).الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦١ ، ح ٢٣٤٨ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٥٦ ، ح ٢٢.

٣٠٧

مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ ، عَنْ مُعَاذِ(١) بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : الرِّفْقُ يُمْنٌ(٢) ، وَالْخُرْقُ(٣) شُؤْمٌ ».(٤)

١٨٥١/ ٥. عَنْهُ(٥) ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ ، عَنْ جَابِرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ(٦) : « إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَ(٧) يُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَايُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ ».(٨)

١٨٥٢/ ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي‌عُمَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : إِنَّ الرِّفْقَ لَمْ يُوضَعْ عَلى شَيْ‌ءٍ(٩) إِلَّا‌

__________________

(١). في « ص » : « معاوية » ، وقد تقدّمت فيالكافي ، ح ١٨٠٨ رواية معاوية بن وهب عن مُعاذ بن مسلم. ولانعرف راوياً بعنوان معاوية بن مسلم مذكوراً في مصادرنا.

(٢). « اليُمن » : البَرَكة ، وضدّه الشُّؤم.النهاية ، ج ٥ ، ص ٣٠٢ ( يمن ).

(٣). « الخَرَق » بالتحريك : ضدّ الرفق ، وأن لايحسن الرجل العمل والتصرّف في الاُمور ، والاسم : الخرق ، بضمّ الخاء وسكون الراء. وقال ابن الأثير : « الخُرق - بالضمّ - : الجهل والحُمق ».النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٦ ؛المصباح المنير ، ص ١٦٧ ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٦٨ ( خرق ).

(٤).الزهد ، ص ٩٢ ، ح ٧٢ ، بسنده عن معاذ بن مسلم.الغارات ، ص ١٢١ ، عن سهل بن سعد ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وفيه : « وارفق بالخاصّة والعامّة ، فإنّ الرفق يمن » ، مع زيادة في أوّله وآخره.تحف العقول ، ص ٣٩٥ ، ضمن الحديث الطويل ، عن موسى بن جعفرعليه‌السلام .الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٢ ، ح ٢٣٥٠ ؛الوسائل ، ج ٢ ، ص ٤٩٨ ، ح ٢٧٤٢ ؛ وج ١٥ ، ص ٢٦٩ ، ح ٢٠٤٧٧ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٥٩ ، ح ٢٣.

(٥). الضمير راجع إلى أحمد بن محمّد عيسى المذكور في السند السابق.

(٦). في « ص » : + « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٧). في « ف » : - « و ».

(٨).الزهد ، ص ٩١ ، ح ٦٩ ، عن عليّ بن النعمان ، عن عَمروِ بن شَمِر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتمام الرواية فيه : « إنّ الله رفيق يعطي الثواب ويحبّ كلّ رفيق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ».الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٢ ، ح ٢٣٥١ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٦٩ ، ح ٢٠٤٧٨ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٦٠ ، ح ٢٤.

(٩). في الكافي ، ح ٣٦٥٨ : + « قطّ ».

٣٠٨

زَانَهُ(١) ، وَلَا نُزِعَ(٢) مِنْ شَيْ‌ءٍ(٣) إِلَّا شَانَهُ(٤) ».(٥)

١٨٥٣/ ٧. عَلِيٌّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ :

رَفَعَهُ إِلَى(٦) النَّبِيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قَالَ : « إِنَّ فِي(٧) الرِّفْقِ الزِّيَادَةَ وَالْبَرَكَةَ ، وَمَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرَمِ الْخَيْرَ».(٨)

١٨٥٤/ ٨. عَنْهُ(٩) ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام (١٠) ، قَالَ : « مَا زُوِيَ الرِّفْقُ عَنْ أَهْلِ بَيْتٍ إِلَّا زُوِيَ عَنْهُمُ الْخَيْرُ ».(١١)

١٨٥٥/ ٩. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُعَلّى ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَرْقَمَ الْكُوفِيِّ ، عَنْ رَجُلٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ(١٢) أُعْطُوا حَظَّهُمْ مِنَ الرِّفْقِ ، فَقَدْ وَسَّعَ‌

__________________

(١). زان الشي‌ء صاحبَه زَيناً ، وأزانه إزانةً. والاسم : الزينة. المصباح المنير ، ص ٢٦١ ( زين ).

(٢). في « د » : « ولا ينزع ».

(٣). في الكافي ، ح ٣٦٥٨ : « ولم يرتع عنه قطّ » بدل « ولا نزع من شي‌ء ».

(٤). « الشَّينُ » : العيب ، وقد شانه يشينه.النهاية ، ج ٢ ، ص ٥٢١ ( شين ).

(٥).الكافي ، كتاب العشرة ، باب التسليم على أهل الملل ، ح ٣٦٥٨ ، مع زيادة في أوّله وآخره. وفيالجعفريّات ، ص ١٤٩ ، بسند آخر عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع زيادة في آخره.تحف العقول ، ص ٤٧ ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفيهما مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٣ ، ح ٢٣٥٢ ؛الوسائل ، ج ٢ ، ص ٤٩٨ ، ح ٢٧٤١ ؛ وج ١٥ ، ص ٢٧٠ ، ح ٢٠٤٨٥ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٦٠ ، ح ٢٥.

(٦). في الوسائل : « عن ».

(٧). في « ز » : - « في ».

(٨).الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٣ ، ح ٢٣٥٣ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٧١ ، ح ٢٠٤٨٦ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٦٠ ، ح ٢٦.

(٩). الظاهر البدوي من السند رجوع الضمير إلى إبراهيم بن هاشم ، والد عليّ المذكور في السند السابق ، لكنّه يأتي فيالكافي ، ح ٣٥٣٠ ، عدم ثبوت هذه الظاهرة في أسنادالكافي . فلا يبعد سقوط « عن أبيه » من سندنا هذا.

(١٠). في الوافي : « عنه ، عن عمرو بن أبي المقدام رفعه إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله » بدل « عنه - إلى - أبي عبداللهعليه‌السلام ».

(١١).الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٣ ، ح ٢٣٥٤ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٧١ ، ح ٢٠٤٨٧ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٦٠ ، ح ٢٧.

(١٢). في « ص » : « البيت ».

٣٠٩

اللهُ عَلَيْهِمْ فِي الرِّزْقِ ، وَالرِّفْقُ فِي تَقْدِيرِ الْمَعِيشَةِ خَيْرٌ مِنَ السَّعَةِ فِي الْمَالِ ، وَالرِّفْقُ لَا يَعْجِزُ عَنْهُ شَيْ‌ءٌ ، وَالتَّبْذِيرُ لَايَبْقى مَعَهُ شَيْ‌ءٌ ؛ إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ(١) ».(٢)

١٨٥٦/ ١٠. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ رَفَعَهُ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَحْمَرَ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام ، قَالَ : قَالَ لِي - وَجَرى بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ كَلَامٌ فَقَالَ لِيَ - : « ارْفُقْ بِهِمْ ؛ فَإِنَّ(٣) كُفْرَ أَحَدِهِمْ(٤) فِي غَضَبِهِ ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ كَانَ كُفْرُهُ فِي غَضَبِهِ ».(٥)

١٨٥٧/ ١١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسى(٦) عليه‌السلام ، قَالَ : « الرِّفْقُ نِصْفُ الْعَيْشِ ».(٧)

١٨٥٨/ ١٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِعليه‌السلام : إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعِينُ عَلَيْهِ ،

__________________

(١). فيالوافي : « لعلّ المراد بهذه الأخبار أنّ الرفق يصير سبباً للتوسّع في الرزق والزيادة فيه ، وفي الرفق الخير والبركة ، وأنّ الرفق مع التقدير في المعيشة خيرٌ من الخرق في سعة من المال ، والرفيق يقدر على كلّ ما يريد ، بخلاف الأخرق. والسرّ فيه أنّ الناس إذا رأوا من أحد الرفق أحبّوه وأعانوه ، وألقى الله له في قلوبهم العطف والودّ ، فلم يدعوه يتعب أو يتعسّر عليه أمره ».

(٢).الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٣ ، ح ٢٣٥٥ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٧٠ ، ح ٢٠٤٨١ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٦٠ ، ح ٢٨.

(٣). في « ج » : « إنّ ».

(٤). في « ب » وحاشية « بف » والوافي : « أحدكم ». وفي « ج » : « أحد ».

(٥).الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٤ ، ح ٢٣٥٦ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٧١ ، ح ٢٠٤٨٨ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٦١ ، ح ٢٩.

(٦). في « ب ، ج ، ز ، ص ، ف ، بف ، جر » : - « موسى ».

(٧).الكافي ، كتاب الزكاة ، باب فضل القصد ، ح ٦٢١٩ ، مع زيادة في آخره.وفيه ، كتاب الإيمان والكفر ، باب المداراة ، ضمن ح ١٨٤٥ ، بسند آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛الجعفريّات ، ص ١٤٩ ، بسند آخر عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع زيادة في أوّله وآخره. وفيتحف العقول ، ص ٤٢ ؛ وص ٥٦ ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع زيادة في أوّله.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٤ ، ح ٢٣٥٧ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٧٠ ، ح ٢٠٤٨٣ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٦٢ ، ح ٣٠.

٣١٠

فَإِذَا رَكِبْتُمُ الدَّوَابَّ(١) الْعُجْفَ(٢) فَأَنْزِلُوهَا مَنَازِلَهَا ، فَإِنْ(٣) كَانَتِ الْأَرْضُ مُجْدِبَةً(٤) فَانْجُوا(٥) عَنْهَا(٦) ، وَإِنْ كَانَتْ مُخْصِبَةً(٧) فَأَنْزِلُوهَا مَنَازِلَهَا ».(٨)

١٨٥٩/ ١٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ ، عَنْ جَابِرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : لَوْ كَانَ الرِّفْقُ خَلْقاً يُرى ، مَا كَانَ مِمَّا(٩) خَلَقَ اللهُ شَيْ‌ءٌ أَحْسَنَ مِنْهُ ».(١٠)

١٨٦٠/ ١٤. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ ثَعْلَبَةَ‌

__________________

(١). في البحار : « الدابّة ». والتفريع بقوله : فإذا ركبتم ، للتنبيه على أنّ الرفق مطلوب حتّى مع الحيوانات.

(٢). في الفقيه : « العجاف ». و « العَجَف » : الهزال. والأعجف : المهزول ، وقد عَجِفَ. والاُنثى : عجفاء. والجمع : عجاف ، على غير قياس ، وعُجْف.الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٣٩٩ ؛المعجم الوسيط ، ج ٢ ، ص ٥٨٥ ( عجف ).

(٣). في « ض » : « وإن ».

(٤). « الأرض الـمُجْدِبة » : هي التي تمسك الماء فلا تشربه سريعاً. وقيل : هي الأرض التي ليس بها قليل ولا كثير ولامرتع ولا كلأ ، وقيل : هي الأرض التي لا نبات بها ، مأخوذ من الجَدْب ، وهو القحط. راجع :النهاية ، ج ١ ، ص ٢٤٢ ؛لسان العرب ، ج ١ ، ص ٢٥٧ ( جدب ).

(٥). النَّجاءُ : السرعة في السير ، والخلاص عن الشي‌ء ، يقال : نجا ينجو نَجاءً ، إذا أسرع ، ونجا من الأمر ، إذا خلص ، وأنجاه غيره. والمعنى : أسرعوا في السير ؛ لتخلصوا منها. راجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٥ ؛لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٣٠٦ ( نجا ) ؛شرح المازندراني ، ج ٨ ، ص ٣٢٩.

(٦). في المحاسن : « فألحوا عليها » بدل « فانجوا عنها ». وفي البحار والفقيه : « عليها » بدل « عنها ».

(٧). « المخصبة » : نقيض المجدبة ، وقد مضى معناها ، من الخِصْب ، وهو نقيض الجَدْب ، وهوكثرة العُشْب ورفاغة العيش. وللمزيد راجع :النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٦ ؛لسان العرب ، ج ١ ، ص ٣٥٥ ( خصب ).

(٨).المحاسن ، ص ٣٦١ ، كتاب السفر ، ح ٨٧ ، عن النوفلي.الفقيه ، ج ٢ ، ص ٢٨٩ ، ح ٢٤٨٠ ، بسنده عن السكوني.الجعفريّات ، ص ١٥٩ ، مع زيادة في آخره ؛وفيه ، ص ١٥٠ ، وتمام الرواية فيه : « إنّ الله يحبّ الرفق ويعين عليه ، وذكر الحديث بطوله » ، وفيهما بسند آخر عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٤ ، ح ٢٣٥٨ ؛الوسائل ، ج ١١ ، ص ٤٥١ ، ذيل ح ١٥٢٣٤ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٦٢ ، ح ٣١.

(٩). في الوافي : « من - خ ل » بدل « ممّا ».

(١٠).الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٥ ، ح ٢٣٥٩ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٧٠ ، ح ٢٠٤٨٢ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٦٣ ، ح ٣٢.

٣١١

بْنِ مَيْمُونٍ(١) ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ :

عَنْ أَحَدِهِمَاعليهما‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَمِنْ رِفْقِهِ بِكُمْ تَسْلِيلُهُ(٢) أَضْغَانَكُمْ ، وَمُضَادَّةَ(٣) قُلُوبِكُمْ ، وَإِنَّهُ(٤) لَيُرِيدُ تَحْوِيلَ الْعَبْدِ عَنِ الْأَمْرِ ، فَيَتْرُكُهُ عَلَيْهِ حَتّى يُحَوِّلَهُ بِالنَّاسِخِ كَرَاهِيَةَ(٥) تَثَاقُلِ الْحَقِّ عَلَيْهِ ».(٦)

١٨٦١/ ١٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَا اصْطَحَبَ اثْنَانِ إِلَّا كَانَ أَعْظَمُهُمَا أَجْراً وَأَحَبُّهُمَا إِلَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَرْفَقَهُمَا بِصَاحِبِهِ(٧) ».(٨)

١٨٦٢/ ١٦. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنِ الْفُضَيْلِ(٩) بْنِ عُثْمَانَ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « مَنْ كَانَ رَفِيقاً فِي أَمْرِهِ ، نَالَ مَا يُرِيدُ مِنَ النَّاسِ ».(١٠)

__________________

(١). في « ج ، ز ، ص ، ف ، بس » : - « بن ميمون ».

(٢). هكذا في « ج ، د ، ز ، ص ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف ». وفي « ب » والمطبوع : « تسليل ». ولم يُر مجي‌ء التفعيل من‌السلّ.

(٣). في « ب ، ض » والوافي : « مضادّته ». وفيمرآة العقول : « كأنّ الأنسب هنا عطف مضادّة على أضغانكم ويحتمل أيضاً العطف على التسليل بالإضافة إلى المفعول ».

(٤). في « ج » : « فإنّه ». وفي « ص » : « فإنّه ليس ».

(٥). في « بر » : « كراهة ».

(٦).الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٢ ، ح ٢٣٤٩ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٦٣ ، ح ٣٣.

(٧). في الفقيه : « لصاحبه ».

(٨).الكافي ، كتاب العشرة ، باب حسن الصحابة وحقّ الصاحب في السفر ، ح ٣٧٧٦. وفيالمحاسن ، ص ٣٥٧ ، كتاب السفر ، ح ٦٨ ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .الفقيه ، ج ٢ ، ص ٢٧٨ ، ح ٢٤٣٧ ، مرسلاً عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٥ ، ح ٢٣٦٠ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ١٣٣ ، ح ١٥٨٦٠ ؛ وج ١٥ ، ص ٢٧١ ، ح ٢٠٤٩٠ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٦٤ ، ح ٣٤.

(٩). هكذا في النسخ والطبعة الحجريّة من الكتاب. وفي المطبوع : « فضيل ».

(١٠).الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٥ ، ح ٢٣٦١ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٧٢ ، ح ٢٠٤٩٢ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ٦٤ ، ح ٣٥.

٣١٢

٥٩ - بَابُ التَّوَاضُعِ‌

١٨٦٣/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ(١) ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « أَرْسَلَ النَّجَاشِيُّ إِلى جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابِهِ ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ ، وَهُوَ فِي بَيْتٍ لَهُ ، جَالِسٌ عَلَى التُّرَابِ ، وَعَلَيْهِ خُلْقَانُ الثِّيَابِ(٢) ». قَالَ : « فَقَالَ جَعْفَرٌ(٣) : فَأَشْفَقْنَا مِنْهُ حِينَ رَأَيْنَاهُ عَلى(٤) تِلْكَ الْحَالِ ، فَلَمَّا(٥) رَأى مَا بِنَا وَتَغَيُّرَ وُجُوهِنَا ، قَالَ : الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي نَصَرَ مُحَمَّداً وَأَقَرَّ عَيْنَهُ(٦) ، أَلَا أُبَشِّرُكُمْ؟ فَقُلْتُ : بَلى أَيُّهَا الْمَلِكُ ، فَقَالَ : إِنَّهُ جَاءَنِي(٧) السَّاعَةَ مِنْ نَحْوِ(٨) أَرْضِكُمْ عَيْنٌ مِنْ عُيُونِي(٩) هُنَاكَ ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ(١٠) نَصَرَ نَبِيَّهُ مُحَمَّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وَأَهْلَكَ عَدُوَّهُ ، وَأُسِرَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ(١١) ، الْتَقَوْا بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ : بَدْرٌ ، كَثِيرِ الْأَرَاكِ(١٢) ، لَكَأَنِّي(١٣) أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَيْثُ كُنْتُ أَرْعى لِسَيِّدِي‌

__________________

(١). الظاهر زيادة « عن أبيه » في السند ، كما تقدّم فيالكافي ، ذيل ح ١٨.

(٢). فيشرح المازندراني : « الخلقان الثوب ». و « الخُلْقان » : جمع الخَلَق ، وهو البالي.الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٧٢ ( خلق ).

(٣). في « ز » : « أبو جعفر ». وفي « ف » : + « بن محمّد ».

(٤). في « ج » وحاشية « ض ، ف ، بر » : « في ».

(٥). فيالأمالي للمفيد : + « أن ».

(٦). في « ص ، ف » : « عينيه ». وفيالأمالي للمفيد والطوسي : « عينيّ به ».

(٧). فيالأمالي للمفيد والطوسي : « جاء في » بدل « جاءني ».

(٨). في « ف » : « من » بدل « الساعة من نحو ».

(٩). في « ز » : « عيون ». والعين : الجاسوس والديدبان. راجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢١٧٠ ؛النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٣١ ( عين ). (١٠). في « ز ، ص ، ف » : - « قد ».

(١١). في « ز ، ف » : - « فلان ». وفي حاشية « د » : + « وفلان ». وفيالأمالي للمفيد والطوسي : + « وقتل فلان وفلان وفلان ».

(١٢). « الأراك » : شجر من الحَمْض يستاك بقُضبانه. والواحدة : أراكة ، له حَمل كعناقيد العنب ، واسمه : الكَباث ، وإذانضج يُسمن الـمَرْد.المصباح المنير ، ص ١٢ ؛النهاية ، ج ١ ، ص ٤٠ ( أرك ).

(١٣) في « ب ، ف » : « فكأنّي ». وفيالوافي : « وقوله : لكأنّي أنظر إليه ، إمّا من كلام النجاشي ، أو حكاية كلام العين ».

٣١٣

هُنَاكَ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي(١) ضَمْرَةَ.

فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ : أَيُّهَا الْمَلِكُ(٢) ، فَمَا لِي أَرَاكَ جَالِساً عَلَى التُّرَابِ ، وَعَلَيْكَ هذِهِ الْخُلْقَانُ؟ فَقَالَ لَهُ(٣) : يَا جَعْفَرُ ، إِنَّا نَجِدُ فِيمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلى عِيسىعليه‌السلام أَنَّ مِنْ حَقِّ اللهِ عَلى عِبَادِهِ أَنْ يُحْدِثُوا لَهُ(٤) تَوَاضُعاً(٥) عِنْدَ مَا يُحْدِثُ لَهُمْ مِنْ(٦) نِعْمَةٍ(٧) ، فَلَمَّا أَحْدَثَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لِي نِعْمَةً بِمُحَمَّدٍ(٨) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أَحْدَثْتُ لِلّهِ هذَا التَّوَاضُعَ(٩)

فَلَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ : إِنَّ الصَّدَقَةَ تَزِيدُ صَاحِبَهَا كَثْرَةً ، فَتَصَدَّقُوا ؛ يَرْحَمْكُمُ اللهُ ، وَإِنَّ التَّوَاضُعَ يَزِيدُ صَاحِبَهُ رِفْعَةً ، فَتَوَاضَعُوا ؛ يَرْفَعْكُمُ اللهُ(١٠) ، وَإِنَّ الْعَفْوَ يَزِيدُ صَاحِبَهُ عِزّاً ، فَاعْفُوا ؛ يُعِزَّكُمُ اللهُ ».(١١)

١٨٦٤/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « إِنَّ فِي السَّمَاءِ مَلَكَيْنِ مُوَكَّلَيْنِ بِالْعِبَادِ ، فَمَنْ تَوَاضَعَ لِلّهِ رَفَعَاهُ ، وَمَنْ تَكَبَّرَ وَضَعَاهُ ».(١٢)

__________________

(١). في « ز » : - « بني ».

(٢). فيالأمالي للمفيد والطوسي : + « الصالح ».

(٣). في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، ض ، ف ، بف » والوافي : - « له ».

(٤). في البحار والأمالي للمفيد والطوسي : - « له ».

(٥). في « ز » : « به تواضعاً له » بدل « له تواضعاً ».

(٦). في « ز ، ف » : - « من ».

(٧). فيالأمالي للمفيد : « النعمة ».

(٨). في « ز ، بر » والوافي : « محمّد ».

(٩). في « ض » : + « قال ».

(١٠). في البحار : « يرحمكم الله ».

(١١).الأمالي للمفيد ، ص ٢٣٨ ، المجلس ٢٨ ، ح ٢ ؛والأمالي للطوسي ، ص ١٤ ، المجلس ١ ، ح ١٨ ، بسند آخر عن هارون بن مسلم بن سعدان ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيهعليهما‌السلام .الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب العفو ، ح ١٧٩٢ ، بسند آخر عن أبي عبداللهعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من قوله : « وإنّ العفو يزيد صاحبه عزّاً » مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٧ ، ح ٢٣٦٢ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ١٢٤ ، ح ٢٣.

(١٢).الزهد ، ص ١٣٠ ، ح ١٦٦ ، عن ابن أبي عمير.المحاسن ، ص ١٢٣ ، كتاب عقاب الأعمال ، ح ١٣٧ ، مرسلاً عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛فقه الرضا عليه‌السلام ، ص ٣٧٢ ، وفيهما مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٨ ، ح ٢٣٦٣ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٧٢ ، ح ٢٠٤٩٣ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ١٢٦ ، ح ٢٤.

٣١٤

١٨٦٥/ ٣. ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ(١) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِاللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « أَفْطَرَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله عَشِيَّةَ خَمِيسٍ فِي مَسْجِدِ قُبَا ، فَقَالَ : هَلْ مِنْ شَرَابٍ؟ فَأَتَاهُ أَوْسُ بْنُ خَوَلِيٍّ(٢) الْأَنْصَارِيُّ بِعُسِّ(٣) مَخِيضٍ(٤) بِعَسَلٍ ، فَلَمَّا وَضَعَهُ عَلى فِيهِ نَحَّاهُ ، ثُمَّ(٥) قَالَ : شَرَابَانِ يُكْتَفى بِأَحَدِهِمَا مِنْ صَاحِبِهِ ، لَا أَشْرَبُهُ ، وَلَا أُحَرِّمُهُ ، وَلكِنْ أَتَوَاضَعُ لِلّهِ ؛ فَإِنَّ(٦) مَنْ تَوَاضَعَ لِلّهِ رَفَعَهُ اللهُ(٧) ، وَمَنْ تَكَبَّرَ خَفَضَهُ اللهُ ، وَمَنِ اقْتَصَدَ فِي مَعِيشَتِهِ(٨) رَزَقَهُ اللهُ ، وَمَنْ بَذَّرَ حَرَمَهُ اللهُ ، وَمَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ الْمَوْتِ(٩) أَحَبَّهُ اللهُ ».(١٠)

١٨٦٦/ ٤. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ ، عَنْ دَاوُدَ الْحَمَّارِ(١١) :

__________________

(١). السند معلّق على سابقه. ويروي عن ابن أبي عمير ، عليّ بن إبراهيم عن أبيه.

(٢). في الزهد : « خولة ».

(٣). « العُسّ » : القدح الكبير. والجمع : عِساس ، وربّما قيل : أعساس.المصباح المنير ، ص ٤٠٩ ( عسس ).

(٤). في الزهد : « بعُسّ من لبن مخيض ». وخاض الشراب : خَلَطَه.القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٨٦٩ ( خاض ).

(٥). في « ص » : - « ثمّ ».

(٦). في « ب ، د ، ز ، ص ، ف ، بر » والزهد : « فإنّه ». وفي « ج » : « إنّه ».

(٧). في « ف » : - « الله ».

(٨). في « ج ، ز » : « معيشة ».

(٩). في الزهد : « ذكر الله ».

(١٠).الزهد ، ص ١٢٤ ، ح ١٥١ ، عن محمّد بن أبي عمير.الكافي ، كتاب الزكاة ، باب فضل القصد ، ح ٦٢١٨ ، بسند آخر ، وتمام الرواية فيه : « من اقتصد في معيشته رزقه الله ، ومن بذّر حرمه الله » ؛المحاسن ، ص ٤٠٩ ، كتاب المآكل ، ح ١٣٣ ، بسند آخر عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلى قوله : « ولكن أتواضع لله » ، مع اختلاف ؛كامل الزيارات ، ص ٢٧٠ ، الباب ٨٨ ، ذيل الحديث الطويل ١٥ ، بسند آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، من دون الإسناد إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتمام الرواية فيه : « من تواضع لله‌رفعه الله ، ومن تكبّر وضعه الله » ؛الأمالي للطوسي ، ص ٥٦ ، المجلس ٢ ، ح ٤٩ ، وتمام الرواية فيه : « ما تواضع أحد إلّارفعه الله » ؛وفيه ، ص ١٨٢ ، المجلس ٧ ، ضمن الحديث الطويل ٨ ، وتمامه فيه : « ومن تواضع لله‌رفعه الله » ، وفيهما بسند آخر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .تحف العقول ، ص ٤٦ ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٨ ، ج ٢٣٦٤ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٧٧ ، ح ٢٠٥٠٥ ؛البحار ، ج ١٦ ، ص ٢٦٥ ، ح ٦٤ ؛ وج ٧٥ ، ص ١٢٦ ، ح ٢٥.

(١١). في « بر » : « الحمّاز ». وفي حاشية « ج ، بف » : « الجمّاز ». وداود هذا ، هو داود بن سليمان الحَمّار. راجع : =

٣١٥

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، مِثْلَهُ(١) وَقَالَ : « مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ اللهِ ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي جَنَّتِهِ(٢) ».(٣)

١٨٦٧/ ٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام يَذْكُرُ أَنَّهُ : « أَتى رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله مَلَكٌ(٤) ، فَقَالَ : إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يُخَيِّرُكَ أَنْ تَكُونَ(٥) عَبْداً رَسُولاً مُتَوَاضِعاً(٦) ، أَوْ مَلِكاً رَسُولاً ».

قَالَ(٧) : « فَنَظَرَ إِلى جَبْرَئِيلَ(٨) ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ : أَنْ تَوَاضَعْ ، فَقَالَ : عَبْداً مُتَوَاضِعاً رَسُولاً(٩) ، فَقَالَ الرَّسُولُ(١٠) : مَعَ أَنَّهُ لَايَنْقُصُكَ مِمَّا عِنْدَ رَبِّكَ شَيْئاً » قَالَ(١١) : « وَمَعَهُ مَفَاتِيحُ خَزَائِنِ الْأَرْضِ(١٢) ».(١٣)

__________________

=رجال النجاشى ، ص ١٦٠ ، الرقم ٤٢٣ ؛رجال الطوسي ، ص ٢٠٢ ، الرقم ٢٥٧٣.

(١). في « ج ، بر » : + « قال ». وفي « بس » : - « مثله ». وفي الوسائل والكافي ، ح ٣٢٠٢ : - « مثله و ».

(٢). فيمرآة العقول : « أي آواه تحت قصورها وأشجارها ، أو وقع عليه ظلّ رحمته ، أو أدخله في كنفه وحمايته ، كما يقال : فلان في ظلّ فلان ».

(٣).الكافي ، كتاب الدعاء ، باب ذكر الله عزّ وجلّ كثيراً ، ح ٣٢٠٢.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٨ ، ح ٢٣٦٥ ؛الوسائل ، ج ٧ ، ص ١٥٦ ، ح ٨٩٩٠ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ١٢٧ ، ح ٢٦.

(٤). في « ص » : - « ملك ». وفي حاشية « ز » : « جبرئيلعليه‌السلام ».

(٥). في « ز » : - « أن تكون ». (٦).في«ص»:«يخيّرك عبداًرسولاً»بدل«فقال:إنّ الله-إلى-متواضعاً».

(٧). فيمرآة العقول ، ج ٨ ، ص ٢٤٨ : « أي قال أبو جعفرعليه‌السلام : فنظر الرسول إلى جبرئيل ويحتمل أن يكون‌المستتر في « قال » راجعاً إلى الرسول ، و « إليّ » بالتشديد. وكأنّ الأوّل أظهر ».

(٨). فيالوافي : « فنظر إلى جبرئيل كأنّه يستشيره. وهذه الجملة وما بعدها معترضة ».

(٩). في « ص » والوافي : - « متواضعاً ». وفي « ف » : « عبداً رسولاً متواضعاً ».

(١٠). فيالوافي : « فقال الرسول ، يعني الملك ».

(١١). في « ب » : « وقال ».

(١٢). فيالمرآة : « قال ومعه ، أي قال أبوجعفرعليه‌السلام وكان مع الملك عند تبليغ هذه الرسالة المفاتيح أتى بها ليعطيه إيّاها إن اختار الملك. ويحتمل أن يكون ضمير « قال » راجعاً إلى الملك ، ومفعول القول محذوفاً ، والواو في قوله : « ومعه » للحال ، أي قال ذلك ومعه المفاتيح. وقيل : ضمير « قال » راجع إلى الرسول ، أي قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا أقبل وإن كان معه المفاتيح. ولا يخفى ما فيه ».

(١٣)تفسير القمّي ، ج ٢ ، ص ٢٧ ، ضمن الحديث الطويل ، بسند آخر ، مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٤ ، =

٣١٦

١٨٦٨/ ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « مِنَ التَّوَاضُعِ أَنْ تَرْضى بِالْمَجْلِسِ دُونَ الْمَجْلِسِ(١) ، وَأَنْ تُسَلِّمَ عَلى مَنْ تَلْقى ، وَأَنْ تَتْرُكَ الْمِرَاءَ(٢) وَإِنْ كُنْتَ مُحِقّاً ، وَ(٣) لَاتُحِبَّ أَنْ تُحْمَدَ عَلَى التَّقْوى».(٤)

١٨٦٩/ ٧. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ ، عَمَّنْ رَوَاهُ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « أَوْحَى اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - إِلى مُوسىعليه‌السلام : أَنْ يَا مُوسى ، أَتَدْرِي لِمَ(٥) اصْطَفَيْتُكَ بِكَلَامِي(٦) دُونَ خَلْقِي؟ قَالَ(٧) : يَا رَبِّ ، وَلِمَ ذَاكَ؟ » قَالَ : « فَأَوْحَى اللهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - إِلَيْهِ : يَا مُوسى(٨) ، إِنِّي قَلَّبْتُ عِبَادِي ظَهْراً لِبَطْنٍ ، فَلَمْ أَجِدْ فِيهِمْ أَحَداً أَذَلَّ لِي نَفْساً(٩) مِنْكَ ؛ يَا مُوسى ، إِنَّكَ إِذَا صَلَّيْتَ وَضَعْتَ خَدَّكَ(١٠) عَلَى التُّرَابِ - أَوْ‌

__________________

= ص ٤٦٨ ، ح ٢٣٦٦ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٧٣ ، ح ٢٠٤٩٦ ؛البحار ، ج ١٦ ، ص ٢٦٥ ، ح ٦٥ ؛ وج ٧٥ ، ص ١٢٨ ، ح ٢٧.

(١). في المعاني : « المجالس ».

(٢). ماريتُه اماريه مماراة ومِراءً : جادَلتُه.المصباح المنير ، ص ٥٧٠ ( مرى ).

(٣). هكذا في جميع النسخ والوافي ومرآة العقول والوسائل والبحار والمعاني. وفي المطبوع : + « أن ».

(٤).معاني الأخبار ، ص ٣٨١ ، ح ٩ ، عن أبيه ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام . وفيالكافي ، كتاب العشرة ، باب التسليم ، ح ٣٦٤٥ ؛ والخصال ، ص ١١ ، باب الواحد ، ح ٣٩ ، بسند آخر ، وتمام الرواية فيهما : « من التواضع أن تسلّم على من لقيت ».الجعفريّات ، ص ١٤٩ ، بسند آخر عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع اختلاف يسير.تحف العقول ، ص ٤٨٧ ، عن العسكريعليه‌السلام ، وتمام الرواية فيه : « من التواضع السلام على كلّ من تمرّ به ، والجلوس دون شرف المجلس ».الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٧٠ ، ح ٢٣٧١ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ١٠٨ ، ح ١٥٧٧٩ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ١٢٩ ، ح ٢٨.

(٥). في البحار والعلل : « لما ».

(٦). في العلل : « لكلامي ».

(٧). في « ض » : + « موسى ».

(٨). هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : « أن يا موسى ». وفي الوسائل والعلل : - « يا موسى ».

(٩). في « ب ، ج د ، ض » والوافي : « أذلّ نفساً لي ». وفي « ز » : « أذلّ نفساً » بدون « لي ». وفي « ف » : « أذلّ بي نفساً ».

(١٠). في الوسائل والعلل : « خدّيك ».

٣١٧

قَالَ : عَلَى الْأَرْضِ - ».(١)

١٨٧٠/ ٨. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « مَرَّ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا - عَلَى الْمُجَذَّمِينَ(٢) وَهُوَ رَاكِبٌ(٣) حِمَارَهُ وَهُمْ يَتَغَدَّوْنَ(٤) ، فَدَعَوْهُ إِلَى الْغَدَاءِ(٥) ، فَقَالَ : أَمَا إِنِّي(٦) لَوْ لَا أَنِّي(٧) صَائِمٌ لَفَعَلْتُ ، فَلَمَّا صَارَ إِلى مَنْزِلِهِ أَمَرَ بِطَعَامٍ ، فَصُنِعَ(٨) ، وَأَمَرَ أَنْ يَتَنَوَّقُوا(٩) فِيهِ ، ثُمَّ دَعَاهُمْ فَتَغَدَّوْا(١٠) عِنْدَهُ ، وَتَغَدّى(١١) مَعَهُمْ ».(١٢)

١٨٧١/ ٩. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ :

__________________

(١).علل الشرائع ، ص ٥٦ ، ح ١ ، بسنده عن محمّد بن أبي عمير ، عن عليّ بن يقطين ، عن رجل ، عن أبي جعفرعليه‌السلام .الفقيه ، ج ١ ، ص ٣٣٢ ، ح ٩٧٥ ، مرسلاً عن أبي جعفرعليه‌السلام ، مع اختلاف يسير ؛فقه الرضا عليه‌السلام ، ص ٣٧١ ، مع اختلاف وزيادة في أوّله.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٩ ، ح ٢٣٦٧ ؛الوسائل ، ج ٧ ، ص ١٠ ، ح ٨٥٧٥ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ١٢٩ ، ح ٢٩.

(٢). في « ب » وحاشية « ف » : « مجذّمين ». وفي حاشية « ج ، د ، ف ، ض ، بس » والبحار : « المجذومين ». والمجذَم‌والمجذوم : المبتلى بالجذام ، وهو داء يحدث من غلبة السوداء فيفسد مزاج الأعضاء. راجع :القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤٣٣ ( جذم ). (٣). يجوز فيه الإضافة كما في « ص ».

(٤). في هامش المطبوع عن بعض النسخ : « يتغذّون » بالذال المعجمة ، وكذا بعده.

(٥). في « ب » : « الغذاء » بالمعجمتين.

(٦). في الوسائل : - « إنّي ».

(٧). في « ب » : - « أنّي ».

(٨). في « ض » : + « له ».

(٩). في « ض » : « أن يتفوّقوا ». وفيمرآة العقول : « يتألّقوا ». وفي هامش المطبوع عن بعض النسخ : «يتأنّفوا». وتنوّق فلان في مطعمه ومَلبسه واموره : إذا تجوّد وبالغ.ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٨٥٤ ( نوق ).

(١٠). في هامش المطبوع عن بعض النسخ : « فتغذّوا » بالمعجمتين.

(١١). في « ب » : « تغذّى » بالمعجمتين. وفيالمرآة : « هذا ليس بصريح في الأكل معهم في إناء واحد ، فلا ينافي الأمر بالفرار من المجذوم ؛ مع أنّه يمكن أن يكونوا مستثنين من هذا الحكم لقوّة توكّلهم وعدم تأثّر نفوسهم بأمثال ذلك ، أو لعلمهم بأنّ الله لايبتليهم بأمثال البلايا التي توجب نفرة الخلق ».

(١٢).الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٦٩ ، ح ٢٣٦٨ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٧٧ ، ح ٢٠٥٠٧ ؛البحار ، ج ٤٦ ، ص ٥٥ ، ح ٢ ؛ وص ٩٤ ، ذيل ح ٨٤ ؛ وج ٧٥ ، ص ١٣٠ ، ح ٣٠.

٣١٨

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ مِنَ التَّوَاضُعِ أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ دُونَ شَرَفِهِ ».(١)

١٨٧٢/ ١٠. عَنْهُ(٢) ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ وَمُحَسِّنِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ ، قَالَ :

نَظَرَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام إِلى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَدِ اشْتَرى لِعِيَالِهِ شَيْئاً وَهُوَ يَحْمِلُهُ ، فَلَمَّا رَآهُ(٣) الرَّجُلُ اسْتَحْيَا(٤) مِنْهُ ، فَقَالَ لَهُ(٥) أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « اشْتَرَيْتَهُ لِعِيَالِكَ ، وَحَمَلْتَهُ إِلَيْهِمْ ؛ أَمَا وَاللهِ ، لَوْ لَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَشْتَرِيَ لِعِيَالِيَ الشَّيْ‌ءَ ، ثُمَّ أَحْمِلَهُ إِلَيْهِمْ ».(٦)

١٨٧٣/ ١١. عَنْهُ(٧) ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « فِيمَا أَوْحَى اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - إِلى دَاوُدَعليه‌السلام : يَا دَاوُدُ ، كَمَا أَنَّ أَقْرَبَ النَّاسِ مِنَ(٨) اللهِ الْمُتَوَاضِعُونَ ، كَذلِكَ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنَ اللهِ الْمُتَكَبِّرُونَ ».(٩)

١٨٧٤/ ١٢. عَنْهُ(١٠) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ رَفَعَهُ‌..............................

__________________

(١).الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٧٠ ، ح ٢٣٧٠ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ١٠٨ ، ح ١٥٧٧٨ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ١٣١ ، ح ٣١.

(٢). الضمير راجع إلى أحمد بن أبي عبد الله المذكور في السند السابق ؛ فقد روى هو كتاب محسِّن بن أحمد القَيسي. راجع :رجال النجاشي ، ص ٤٢٣ ، الرقم ١١٣٣ ؛الفهرست للطوسي ، ص ٤٧١ ، الرقم ٧٥٤.

(٣). في « ز » : « رأى ».

(٤). في حاشية « د » : « استحى ».

(٥). هكذا في « ب ، ص ض ، ف ، بس ، بف » والوافي والبحار. وفي سائر النسخ والمطبوع : - « له ».

(٦).الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٧٠ ، ح ٢٣٧٢ ؛الوسائل ، ج ٥ ، ص ١٢ ، ح ٥٧٥٩ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ١٣٢ ، ح ٣٢.

(٧). في « ف » : « وعنه ». والضمير راجع إلى أحمد بن أبي عبد الله.

(٨). في « ب » وحاشية « ص ، ف ، بف » : « إلى ».

(٩).الأمالي للصدوق ، ص ٣٠٥ ، المجلس ٥٠ ، ح ١٢ ، بسند آخر عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع اختلاف يسير وزيادة في أوّله.الوافي ، ج ٤ ، ص ٤٧١ ، ح ٢٣٧٣ ؛الوسائل ، ج ١٥ ، ص ٢٧٢ ، ح ٢٠٤٩٤ ؛البحار ، ج ١٤ ، ص ٣٩ ، ح ٢١ ؛ وج ٧٥ ، ص ١٣٢ ، ح ٣٤.

(١٠). الضمير راجع إلى أحمد بن أبي عبد الله ؛ فقد روى هو كتاب عليّ بن الحكم ، كما فيرجال النجاشي ، ص ٢٧٤ ، الرقم ٧١٨ ، وأكثر من الرواية عنه مباشرة في كتابه المحاسن ، فالظاهر أنّ ما ورد في « ب ، ف ، بر » والمطبوع من زيادة « عن أبيه » سهو لا يعتمد عليه.=

٣١٩

إِلى(١) أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

دَخَلْتُ عَلى أَبِي الْحَسَنِ مُوسىعليه‌السلام فِي السَّنَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، مَا لَكَ ذَبَحْتَ كَبْشاً ، وَنَحَرَ فُلَانٌ بَدَنَةً(٢) ؟

فَقَالَ : « يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، إِنَّ نُوحاًعليه‌السلام كَانَ فِي السَّفِينَةِ ، وَكَانَ فِيهَا مَا شَاءَ اللهُ ، وَكَانَتِ السَّفِينَةُ مَأْمُورَةً ، فَطَافَتْ بِالْبَيْتِ وَهُوَ طَوَافُ النِّسَاءِ ، وَخَلّى سَبِيلَهَا نُوحٌعليه‌السلام ، فَأَوْحَى اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - إِلَى الْجِبَالِ : أَنِّي وَاضِعٌ سَفِينَةَ نُوحٍ عَبْدِي عَلى جَبَلٍ مِنْكُنَّ ، فَتَطَاوَلَتْ ، وَشَمَخَتْ(٣) ، وَتَوَاضَعَ الْجُودِيُّ(٤) - وَهُوَ جَبَلٌ عِنْدَكُمْ - فَضَرَبَتِ السَّفِينَةُ بِجُؤْجُؤِهَا(٥) الْجَبَلَ ». قَالَ : « فَقَالَ نُوحٌعليه‌السلام عِنْدَ ذلِكَ : يَا مَارِي ، أَتْقِنْ ، وَهُوَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ : يَا(٦) رَبِّ ، أَصْلِحْ ».

قَالَ : فَظَنَنْتُ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِعليه‌السلام عَرَّضَ بِنَفْسِهِ(٧) (٨)

__________________

= يؤيّد ذلك خلوّ « ج ، د ، ز ، ص ، ض ، بس ، بف ، جر » والطبعة الحجريّة من هذه الزيادة.

ثمّ إنّ ما ورد في بعض الأسناد القليلة من توسّط والد أحمد بن أبي عبد الله بينه وبين عليّ بن الحكم كما فيالمحاسن ، ص ٣٠٠ ، ح ٥ ؛ وص ٣١٦ ، ح ٣٤ و ٣٦ ؛ وص ٣١٧ ، ح ٣٩ ؛ وص ٤٢٩ ، ح ٢٤٧ ، لا يأمن من وقوع الخلل.

(١). في « ب ، د ، ز ، ف ، بس ، بف ، جر » وحاشية « ض » والوافي : « عن ».

(٢). قال الجوهري : « البدنة : ناقة أو بقرة تنحر بمكّة ؛ سمّيت بذلك لأنّهم كانوا يسمّنونها ». وقال ابن الأثير : « البدنة تقع على الجمل والناقة والبقر ، وهي بالإبل أشبه ، وسمّيت بدنة لعظمها وسمنها ». راجع :الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٧٧ ؛النهاية ، ج ١ ، ص ١٠٨ ( بدن ).

(٣). « شمخت » أي ترفّعت وعلت. راجع :النهاية ، ج ٢ ، ص ٥٠٠ ؛لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٣٠ ( شمخ ).

(٤). « الجوديّ » : جبل بأرض الجزيرة ما بين دجلة والفرات ، استوت عليه سفينة نوحعليه‌السلام .الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٦١ ؛مجمع البحرين ، ج ٣ ، ص ٢٩ ( جود ).

(٥). « الجُؤجُؤ » : صدر السفينة. والجمع : الجآجئ.ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ٢٥٥ ( جأجأ ).

(٦). في « ب ، ز ، ص ، ض ، ف ، بس ، بف » والوافي والبحار : - « يا ».

(٧). في البحار ، ج ١١ : - « قال : فظننت - إلى - بنفسه ». وفيالوافي : « عرّض بنفسه ، يعني أراد بهذه الحكاية أن يتبيّن أنّه إنّما تواضع بذبح الشاة دون أن ينحر البدنة ليجبر الله تواضعه ذاك بالرفعة في قدره في الدنيا والآخرة».

(٨).تفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ١٥٠ ، ح ٣٨ ، عن أبي بصير ، من قوله : « إنّ نوحاً كان في السفينة » ، مع اختلاف =

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572