الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٧

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 572

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 572 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 287883 / تحميل: 5233
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

السفياني وأصحابه، فيهزمونهم ويأخذون المـُلْك من أيدي الظالمين، ويسلِّموها إلى أهلها من الهاشميِّين، وهو الإمام المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام) الذي يخرج في مكَّة المكرَّمة.

11- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله)، ج1، باب (104)، ص33، أخرج بسنده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تَخرجُ من خُراسان - الكوفة، فإذا ظهر المهدي [ عليه السلام ] بمكَّة بعثت إليه بالبيعة).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي في عقد الدُّرر الحديث في رقم (172) بسنده عن أبي جعفر محمَّد بن علي (عليهما السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تُقبِل من خُراسان - الكوفةَ، فإذا ظهر المهدي بمكَّة، بَعَثتْ بالبيعة إلى المهدي)، وقال: أخرجه أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد.

المؤلِّف:

وأخرج الحديث في العرف الوردي، ج2، ص69، ولفظه ولفظ السيِّد في الملاحم سواءٌ.

12- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (105)، ص 33، أخرج بسنده عن كعب قال:

(إذا دارت رحى بني العبَّاس، وربَط أصحابُ الرايات السود خيولهم بزيتون الشام، ويُهلك الله لهم الأصهب، ويَقتله وعامَّة أهل بيته على أيديهم، حتَّى لا يبقى أُموي منهم إلاَّ هاربٌ ومختفٍ، ويَسقط السعفتان: بنو جعفر وبنو العبَّاس، ويجلس ابن آكلة الأكباد على منبر دمشق، ويَخرج البربر إلى سرة الشام، فهو علامةُ خروج المهدي).

المؤلِّف:

قوله: (علامةُ خروج المهدي) أي: تكون مقدِّمةً لخروج الإمام المهدي (عليه السلام) كما يظهر ذلك من كثير من أحاديث الباب وغيره.

٦١

13- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (128)، ص40، أخرج بسنده عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام) قال:

(إذا هَزمت الرايات السود خيلَ السفياني - التي فيها شُعيب بن صالح - تمنَّى الناس المهدي فيطلبونه، فيخرج من مكَّة ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، فيصلِّي ركعتين - بعد أن ييأس الناس من خروجه لمَّا طال عليهم من البلاء - فإذا فرغ من صلاته انصرف، فقال: أيُّها الناس: ألحَّ البلاء بأُمَّة محمَّد (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، وبأهل بيته خاصَّة، قُهرنا وبُغيَ علينا).

المؤلِّف:

فيخرج الإمام المهدي (عليه السلام) بعد بيعة أصحابه الخاصَّة معه، وبعد خسفِ جيش السفياني في البيداء، ووصول خبرهم إليه، وقوله: (هذا الذي كنَّا ننتظره).

14- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله) ج1 باب (129)، أخرج بسنده عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(ثمَّ يظهر المهدي بمكَّة عند العشاء، ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصه، وسيفه، وعلامات ونور وبيان، فإذا صلَّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول: أُذكِّركم الله أيُّها الناس ومقامكم بين يدي ربِّكم، فقد اتَّخذ الحُجَّة، وبعث الأنبياء، وأنزل الكتاب، يأمرُكم أن لا تشركوا به شيئاً، وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وأن تحيوا ما أحيى القرآن، وتميتوا ما أمات، وتكونوا أعواناً على الهدى، ووزراً على التقوى، فإنَّ الدنيا قد دنى فناؤها وزوالها، وأَذِنت بالوداع، وإنِّي أدعوكم إلى الله وإلى رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سُنَّته، فيظهر في ثلاثمئة وثلاثةَ عشرَ رجلاً عدَّة أهل بدرٍ، على غير ميعادٍ قُزعاً كقُزع الخريف ، رهبانٌ بالليل، أُسدٌ بالنهار

٦٢

فيفتح الله أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن [ في المدينة ] من بني هاشم، وتنزل الرايات السود الكوفة، فيبعث بالبيعة إلى المهدي، ويبعث المهدي جنوده إلى الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله على يديه القسطنطينيَّة).

المؤلِّف:

يأتي هذا الحديث الشريف بلفظ آخر في رقم (23) نقلاً من (القول المختصر) لابن حجر الهيتمي الشافعي المخطوط، ونسخته توجد في مكتبة أمير المؤمنين في النجف الأشرف عندنا، ويُطبع إنشاء الله في ذيل هذا الكتاب.

15- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، باب (132)، ص41، أخرج بسند عن رزين، عن علي (عليه السلام) قال:

(يُرسل الله على أهل الشام مـَن يُفرِّق جماعتهم حتَّى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم، وعند ذلك يخرج رجلٌ من أهل بيتي في ثلاث رايات، المـُكْثِر يقول: خمسةَ عشرَ ألفاً، والمـُقْلِل يقول: اثني عشر ألفاً، أمارتهم: أَمت أَمت، على رايةٍ منها رجلٌ يطلب المـُلْك، أو يُبْتَغى له المـُلْك، فيقتلهم الله جميعاً، ويردّ الله على المسلمين أُلفَتهم وفاصتهم وبزارتهم).

قال ابن ليهعة: وأخبرني إسرائيل بن عبَّاد، عن محمَّد بن علي مثله، قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا رشدين، حدَّثنا ابن لهيعة قال: وأخبرني عبد الرحمان بن سالم، عن أبيه، عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام)، الحديث، إلاَّ أنَّه قال: (تسع راياتٍ سودٍ)، [ أي: مكان ثلاثِ راياتٍ في الحديث ].

المؤلِّف:

الحديث مرَّ ذكره في قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (المهدي رجلٌ من أهل بيتي)، في الباب (2) في رقم (110)، ورقم (111)، نقلاً من كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، ج7، ص317، ومن المستدرك للحاكم، ج4

٦٣

، ص553 ط حيدر آباد الدكن، والحديثين فيهما اختلاف في الألفاظ مع حديث الفتن، وفيهما مقدِّمة لم تُذكر في الفتن والله أعلم بسبب النقص والاختلاف.

وأخرج الحديث علي المتَّقي الحنفي في كنز العمَّال، ج7، ص263، نقلاً من المستدرك والملاحم والفتن، وأخرج الحديث ابن خلدون في كتابه المعروف (بمقدِّمة ابن خلدون، ص267)، ولفظه يَقرُب لفظ مجمع الزوائد ولا يساويه، راجع الباب (2) تجد اللفظين بنصِّهما.

16- وفي ينابيع المودَّة، ص193، أخرج بسنده من مسند أبي حاتم، وصحيح ابن حبَّان، وكتاب ابن السري بأسانيدهم عن ابن مسعود مرفوعاً أنَّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال:

(... إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله - تعالى - لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي إثرةً وشدَّةً وتطريداً في البلاد، حتَّى يأتي قومٌ من ها هنا - وأشار إلى المشرق - أصحابُ راياتٍ سودٍ، فيسألون حقَّهم فلا يُعطَوْنه - مرَّتين أو ثلاثاً - فيقاتلون فَيُنصَرُون، فيعطون ما شاؤوا فلا يقبلونها، حتَّى يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَملَؤها عدلاً بعدما مـُلئت ظلماً، فمن أدرك ذلك [ منكم ] فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

.

المؤلِّف:

في الحديث اختصار، ويأتي في رقم (17) الحديث كاملاً، وقد أخرجه كاملاً ابن خلدون في المقدِّمة، وأخرجه الحاكم كاملاً، وأخرجه الذهبي كاملاً، ويأتي الحديث عن غيرهم.

17- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص518، طبع مصر، سنة 1349، أخرج الحديث المتقدِّم بسندٍ متَّصل عن عبد الله بن مسعود - وله مقدِّمة - وهذا نصُّه:

بحذف السند عن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم النبي (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه، وتغيَّر لونه

٦٤

قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اخْتارَ الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيسألون الخير فلا يُعْطَوْنه، فَيُقاتِلون فيَنُصَرُون فَيُعطَونَ ما سألوا فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَمْلَؤُهَا قسطاً كما مـَلَئُوهَا جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

في الأربعين لأبي نعيم، أخرج نحوه، وقال فيه:

(حتَّى يأتي قومٌ من المشرق ومعهم راياتٌ سود، فيسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه...). الحديث، وقال في آخره: (ومن استطاع منكم فليأتهم ولو حبواً).

18- وفي الصواعق المـُحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، ص100 طبع مصر، سنة 1308 هـ، أخرج حديث عبد الله بن مسعود مع المقدِّمة، نقلاً من سُنن ابن ماجة بسنده عن عبد الله قال:

بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ)، وذكر الحديث.

ولفظه يساوي لفظ ابن ماجة إلى قوله: (فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج)، وزاد فيه: (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

يظهر من لفظِ حديثِ ابن حجر في الصواعق أنَّه الحديث الذي في ينابيع المودَّة، وفي نفس السُنن أسقط منه قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

هذا وقد أخرج الحديث في عقد الدُّرر - تأليف الشافعي - وفيه زيادات كثيرة، وإليك لفظه في الرقم الآتي.

19- وفي عقد الدُّرر، الحديث (162)، من الفصل (4)، أخرج بسنده عن علقمة بن قيس وعبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود قال:

٦٥

أتيتا رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، فخرج إلينا مـُستبشراً، يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فئةٌ من بني هاشم، فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم خبر بممرهم، وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً تكرهه، فقال:

(إنَّا أهلُ البيت اخْتار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيَلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تُرفع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطَونه، فيُقاتِلون فَيُنصَرَون، فمـَن أدركه منكم ومِن أعقابكم فليأتِ إِمامـَ أهلَ بيتي، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملأها قسطاً وعدلاً، كما مـُلئت جوراً وظلماً).

أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله في مستدركه هكذا، ورواه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني، والإمام أبو عبد الله محمَّد بن يزيد بن ماجه، والحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد، كلُّهم بمعناه.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (29) الحديث من مستدرك الحاكم مع اختلافٍ، ويأتي بقيَّةُ ألفاظه من كتبٍ عديدة بعد رقم (29).

المؤلِّف:

تقدَّم لفظ ابن ماجه، ولفظ ابن حجر، ولفظ ينابيع المودَّة، وليس فيها ما في هذا الحديث من الألفاظ النافعة المهمَّة، ومنه يُعرف أنَّ ألفاظ الحديث في الكتب المتقدِّمة وقعَ فيها تغييرٌ أو تحريف.

وأخرج الحديث في كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان)، ص315، ولفظه يساوي لفظ ابن ماجه القزويني الشافعي، وأخرج الحديث ابن الصبَّاغ المالكي في كتاب الفصول المهمَّة في الفصل (12)، ص276 – 277، ولفظه يقرب لفظ ابن ماجه في سُننه وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم، ثمَّ ذكر بعده حديثاً آخر مختصر مضمونه فيه ما في الحديث السابق، وأخرجه الحاكم في المستدرك، ج4، ص553، وقد تقدَّمت ألفاظهم، ويأتي في رقم

٦٦

(29) لفظ الحاكم وغيره، ولفظ السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص117، راجع رقم (33).

20- وفي الفصول المهمَّة الفصل (12)، ص277، الطبعة الثانية، النجف، سنة 1369 قال: وروى الحافظ أيضاً بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(إذا رأيتم الرايات السود من خراسان فأتوها ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج أبو نعيم حديث ثوبان في الأربعين حديث الذي جمعه في أحوال الإمام المنتظر (عليه السلام)، وذكر السيِّد في غاية المرام، ص700 جميع الأربعين حديث، ومن جملتها حديث ثوبان، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ.

وأخرجه يوسف بن يحيى في عقد الدُّرر في الحديث (173)، ولفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الرايات السود من قِبَل المشرق، كأنَّ قلوبهم زُبَرَ الحديد، فمن سَمِع بهم فليأتهم فيبايعهم، ولو حَبْواً على الثلج).

أخرجه الإمام أبو نعيم في صفةِ المهدي، وأخرج السيِّد في غاية المرام، ص700 هذا الحديث بلفظه نقلاً من الأربعين حديث لأبي نعيم وقال فيه: (كأنَّ قلوبهم من حديد...). الحديث، وهو الحديث (104) من الأحاديث التي جمعها في الإمام المهدي (عليه السلام).

وأخرج ذلك جلال الدين السيوطي الشافعي في العرف الوردي، ج2، ص63، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

21- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم في الحديث (31) من الأحاديث التي أخرجها السيِّد في غاية المرام، ص700، فقد أخرج بإسناده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(يَقْتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير [ الأمر ] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلونهم

٦٧

قتلاً لا يُقاتله قومٌ... ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي حديث ثوبان في كتابه عقد الدُّرر، الحديث (89)، ولفظه يخالف لفظ أبا نعيم، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثة، كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطْلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقاتلونهم قتالاً لم يُقاتِله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً، فقال -: إذا رأيتموه فبايعوه، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

أخرجه الحافظ عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يُخرجاه.

وأخرج أبو نعيم بمعناه وقال: موضع قوله: (ذَكَر شيئاً): (ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي)، وأخرج الحديث في رقم (92) ولفظه لفظ الأربعين لأبي نعيم وقال في آخره: (ثمَّ يجيء خليفة رسول الله المهدي)، ثمَّ قال: أخرجه أبو نعيم هكذا، وأبو عمرو الدَّاني في سُننه، وسيأتي الحديث في رقم (26)، وفي لفظه زيادةٌ واختلاف نفهم منه معنى الحديث.

22- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم، وهو الحديث (33) من الأربعين حديث، قال: وعن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الراياتُ السودُ مِن قِبَل المشرق، كأنَّ قُلوبَهم مِن حديدٍ، فمـَن سَمِع بهم فليأتِهم ولو حَبْواً على الثلج) .

المؤلِّف:

تقدَّم حديث عن ثوبان في رقم (20) ولفظه يقرُب هذا اللفظ، وفيه زيادةٌ واختلافٌ لا يغيِّر المعنى.

المؤلِّف:

الحديث مـُفصّل اختصره أبو نعيم، وقد أخرجه في

٦٨

كتاب البيان، ص313 مفصَّلاً، ويأتي لفظه في رقم (26)، وأخرجه في مقدِّمة ابن خلدون، ص267، وتكلَّم في رجالِ الحديث؛ لأنَّهم ليسوا على مذهبه وفيهم من يتشيَّع، وأخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269، ويأتي لفظه في رقم (27) إنشاء الله.

23- وفي كتاب (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) تأليف ابن حجر الهيتمي الشافعي قال:

الرابعة والعشرون : - من علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - يظهر من مكَّة عند العشاء، معه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصُه، وسيفُه، وعلامات، ونور، وبيان، فإذا صلَّى العشاء خطبَ خطبةً طويلة، ودعى الناس إلى طاعةِ الله وطاعةِ رسوله، فيفتح له أرض الحجاز، ويُخرِج مـَن في السجن من بني هاشم، ويبعث الرايات السود إليه من الكوفة، ويبعث جنوده في الآفاق.

المؤلِّف:

وذكر ابن حجر قبل هذا الحديث في العدد (18) وقال: ينزل قبل رايات سود من خراسان بالكوفة فإذا ظهر [ وليُّ الله الحُجَّة (عليه السلام) ] بمكَّة بعث إليه بمكَّة.

24- وفي عقد الدُّرر، الحديث (176) قال: وعن الحسين قال:

( يَخرجُ بالريِّ رجلٌ رُبْعةٌ أَشَمُّ، مولى لبني تميم، كوسج، يقال له: شُعيب بن صالح، في أربعةِ آلافٍ، ثيابهم بيض، وراياتهم سود، يكون على مقدِّمة المهدي، لا يلقاه أحدٌ إلاَّ فَلَّه).

أخرجه أبو عبد الله في كتاب الفتن.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (4) نقلاً من كتاب الملاحم والفتن، ص31، ولفظه يُخالف هذا اللفظ، وقال: رواه عبد الله بن إسماعيل البصري، عن أبيه، عن الحسن والظاهر، أنَّ في أحدِ الحديثين تحريف.

٦٩

25- وفي عقد الدُّرر، الحديث (143)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(انظروا الفرج في ثلاث ، قلنا: يا أمير المؤمنين: وما هي؟ قال: اختلاف أهلِ الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان! فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ قال: أوَ ما سمعتم قول الله عزَّ وجلَّ في القرآن: ( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمـَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ) ، وهي آيةٌ تُخرِج الفتاةَ من خِدرها، وتُوقظ النائم، وتُفزع اليقظان!).

أخرجه أبو الحسن أحمد بن جعفر المـُنادي.

26- وفي كتاب البيان للكنجي الشافعي، ص336، طبع إيران، سنة 1322 هـ، أخرج بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود، فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ، ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج العلاَّمة السيِّد هاشم البحراني الحديث في غاية المرام، ص701 نقلاً من كتاب البيان للكنجي الشافعي، وفي لفظه اختلاف وزيادة، ويظهر منه: أنَّ الحديث - في طبع إيران - فيه سَقْط، وهذا نصُّ ما في غاية المرام: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

( يقتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود مِن قِبَل المشرق فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا احتفظه، ثمَّ قال النبي (صلَّى الله عليه وآله): فإذا رأيتم أميرهم فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي). أخرجه الحافظ ابن ماجه.

المؤلِّف:

بالتأمُّل في هذا الحديث الشريف يتَّضح لك الحديث المتقدِّم في رقم (20)، ورقم (21)، ورقم (22)، وأخرج الكنجي الحديث أيضاً في الباب الرابع من كتاب البيان، ص313، طبع إيران، وهذا

٧٠

لفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تَصير [الخلافة] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلوهم قتلاً لم يقتله قوم - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

تأمَّل دقيقاً لعلَّك تعرف الفرق بين اللفظ الذي أخرجه في غاية المرام، واللفظ الذي في كتاب البيان، ثمَّ قال الكنجي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، أخرجه الحافظ ابن ماجه القزويني في سُننه كما سُقناه.

المؤلِّف:

ثمَّ أخرج الكنجي الحديث بسند آخر، ولفظه فيه اختصار واختلاف، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ، ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه وبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

ثمَّ قال الكنجي: قلت: رواه عبد العزيز بن المختار، عن خالد الحذّاء نحوه، إلاَّ أنَّه قال في حديثه:

(تجيء راياتٌ سودٌ مِن قِبَل المشرق كأنَّ قلوبهم زُبَر الحديد - فمن سَمِع بهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج - حتَّى يأتوا مدينة دمشق، فيهدمونها حَجَراً حَجَراً ويقتلون بها أبناء الملوك).

رواه أبو نعيم في مناقب المهدي (عليه السلام) عن الطبراني، رُزِقْناه عالياً بحمد الله.

27- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص269، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يَصير إلى واحدٍ منهم، ثم تَطلُع الرايات السود مِنْ قِبَل المشرق، فَيقْتلُونكم قتلاً لم يُقْتَلْهُ قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

٧١

المؤلِّف:

ذكر أبو الحسن محمَّد بن عبد الهادي الحنفي نزيل المدينة، سنة 1138 عند شرحه للحديث في الهامش ص269، ج2، من سُنن ابن ماجه قوله: (عند كَنْزِكُم): أي: مـُلْكِكِم.

وقال ابن كثير: الظاهر أنَّ المراد بالكنز المذكور [ في الحديث ] كنز الكعبة، [ قال ]: وقوله: (ثمَّ تطلع الرايات السود).

قال ابن كثير: هذه الرايات السود ليست هي التي أقبلَ بها أبو مـُسلم الخُراساني فاستلب بها دولة بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

قال: وقوله: (خليفة الله المهدي)، كذا ذكره السيوطي، قال: وفي الزوائد، أي زوائد المسند، هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، ورواه الحاكم في المستدرك، ج4، ص463، ويأتي لفظه في رقم (28) إنشاء الله.

المؤلِّف:

قال جلال الدين السيوطي في كتابه العرف الوردي، ص60، أخرج أحمد، والترمذي، ونعيم بن حمَّاد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تَخرجُ مِن خُراسان راياتٌ سودٌ، فلا يَرُدَّها شئٌ حتَّى تُنْصب بإيلياء).

قال ابن كثير: هذه الرايات ليست هي التي أقْبل بها أبو مسلم الخُراساني، فاستلب بها دولةَ بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

المؤلِّف:

أخرج جلال الدين في كتاب العرف الوردي - قَبل نقلِه هذا الحديث - حديثاً عن أحمد بن حنبل، والترمذي، والطبراني بأسانيدهم عن عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرج ناسٌ مِن المشرق [ خراسان ] فَيُوطِّئون للمهدي سُلطانه).

وهم أهل الرايات السود المذكورين في الحديث، وهم الذين أمر النبي (صلَّى عليه وآله وسلَّم) بمبايعة الناس مع أميرهم، وهو المهدي (عليه السلام).

المؤلِّف:

وقع اختلاف في المصادر في كلمة: (كَنْزِكُم)، ففي

٧٢

مقدِّمة ابن خلدون قال: عند (كِبَرِكُم)، وفي نسخةٍ للبيان قال: عند (كَرْبِكُم)، وفي الأكثر عند (كَنْزِكُم)، والظاهر أنَّ الصحيح هو هذا، وعليه وافقت الشرَّاح للحديث، والله أعلم.

28- وفي المستدرك للصحيحين - البخاري ومسلم - للحاكم النيسابوري الشافعي، ج4، ص463، أخرج بسنده عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطلُع الرايات السود مِن قِبَل المشرق، فيقاتلونكم قتالاً لم يُقاتِلْه قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً - فقال: إذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبواً على الثلج، فإنَّه خليفة الله المهدي ).

ثمَّ قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين.

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف، أخرجه جماعةٌ من الحُفَّاظ وعلماء الحديث في كتبهم المعتبرة، وقد تقدَّم ذِكْرُ بعضهم في رقم (26)، وقد أخرجوه بألفاظٍ مختلفةٍ مفصَّلةٍ ومختصرةٍ وهم جماعة.

منهم: ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة في الفصل الثاني عشر في ص277، وقد تقدَّم لفظه في رقم (20).

منهم: الحافظ أبو نعيم في أربعينه، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21).

منهم: يوسف بن يحيى الشافعي، وقد أخرجه في عقد الدُّرر، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21) (23) أيضاً.

ومنهم: ابن حجر الهيتمي، فإنَّه أخرجه في الصواعق المحرقة، ص 100، ولفظه يَقرُب لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

ومنهم: علي المتَّقي الهندي الحنفي، أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص186، الحديث (1932)، نقلاً من سُنن ابن ماجه ومستدرك

٧٣

الحاكم عن ثوبان وقد تقدَّم لفظ ابن ماجه في رقم (27)، ولفظ الحاكم في رقم (28)، وفي لفظيهما اختلاف يسير.

ومنهم: السيوطي في العرف الوردي، ج2، ص63.

ومنهم: القندوزي في ينابيع المودَّة، ص431، وقال: أخرجه أحمد، والبيهقي في دلائل النبوَّة.

ومنهم: علي المتَّقي في كنز العمَّال، ج7، ص187، أخرج بسنده من مسند الفردوس للديلمي أنَّه قال:

عن ثوبان: (سَتطْلُع عليكم راياتٌ سودٌ من قِبَل خُراسان، فأتوها ولو حَبواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله تعالى المهدي). الديلمي عن ثوبان.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (3)، ورقم (20) من كُتبٍ عديدة لعلماء أهل السنَّة، وليس في ألفاظهم هذا اللفظ.

ومنهم: الشبلنجي في نور الأبصار، ص154 من أربعين أبي نعيم، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ، وقد تقدَّم في رقم (20).

ومنهم: السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص31، باب (94)، وقد تقدَّم في رقم (3).

29- وفي المستدرك للحاكم، ج4، ص464، أخرج بسنده عن عبد الله بن مسعود قال:

أتينا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، فخرج إلينا مـُستبْشِراً يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فِتيةٌ من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟!

٧٤

فقال: (إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تَرتَفِع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألُون الحقَّ فلا يُعْطُونه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطُونه، ثمَّ يسألونه فلا يُعْطُونه، فيقاتلون فَيُنصَرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمامـَ أهلِ بيتي ولو حَبْواً على الثلج، فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي).

30- وفي ينابيع المودَّة، ص433، أخرج الحديث المتقدِّم من جواهر العقدين وقال: ولابن ماجه عن طريق إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، قال:

بينا نحن عند رسول الله (ص) إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي (ص) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، فقلت: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟! فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سَيَلْقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيَسألون الخير فلا يُعْطُونه، فيُقاتلِون فَيُنْصَرون، فيُعْطَون ما سألوه فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي فيملأها قسطاً كما ملؤوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

أخرج الحديث في العرف الوردي عن ابن أبي شَيْبة في سُننه، [ وعن ] نعيم بن حمَّاد في الفتن، وعن ابن ماجه في سُننه، وأبي نعيم، عن ابن مسعود، وزاد في آخره بعد قوله: (ولو حبواً على الثلج)، (فإنَّه المهدي).

وقال السيوطي: فيه دلالةٌ على أنَّ المهدي يكون بعد دولة بني العبَّاس.

المؤلِّف:

من الغريب أن يخفى على جلال الدين السيوطي المتوفَّى سنة 911 أنَّ ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) بعد انقضاء دولة العباسيين وغير العباسيين، وأمَّا الحديث الذي أخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269

٧٥

فحديثين، تقدَّم أحدُهما في رقم (27)، والحديث الآخر هذا بحذف السند عن علقمة، عن عبد الله قال:

(بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، إذ أقبل فِتيةٌ من بني هاشم...). الحديث، ولفظه يساوي لفظ الحديث المنقول من جواهر العقدين فيما تقدَّم بلا اختلافٍ وبلا زيادةٍ.

المؤلِّف:

قال شارح السُنن: (اغرورقت) أي: غَرِقتا بالدموع .

وهذا الحديث الشريف أخرجه الحاكم في المستدرك، وأخرجه غيره، فهو حديثٌ ثابتٌ رواته من رواة الصحاح، كالجامع للترمذي، والسُنن لأبي داود، والنسائي، وابن ماجه، ومن رواةِ صحيح مـُسلم، وفيهم من يتشيَّع، أي: يُقدِّم أمير المؤمنين في الفضل على غيره؛ ولأجل ذلك توقَّف بعض المـُتعصِّبين عن روايته.

وقد تقدَّم نقلُ الحديث من كتاب البيان للكنجي الشافعي، ومن سُنن ابن ماجه، ومن الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، وأخرج السيِّد في الملاحم والفتن الحديث بلفظ آخر كما في ج1، ص32 راجع الحديث الآتي.

31- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، ص32، قال:

الباب (100) فيما ذكره نعيم - مِن نصرِ الذي اسمه اسم النبي (عليه السلام) برايةٍ من المشرق - قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا عبد الله بن مروان، عن العلاء بن عقبة، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) ذَكَرَ بلاءً يلقاه أهل بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نَصَرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتوا رجلاً اسمه كاسمي، فيولُّوه أمرهم، فيؤيِّده الله ويَنصُره).

المؤلِّف:

قد تقدَّم الحديث في رقم (8)، وعلَّقنا عليه وقلنا: إنَّ الحديث في روايته تصحيف، والرواية عن الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)، عن النبي، كما في عقد الدُّرر، الحديث رقم (174) من الباب (5)، ولفظُه يساوي لفظَه.

٧٦

المؤلِّف:

إنَّ هذا الحديث هو الحديث السابق المروي في كُتبٍ عديدة، ولكنَّ الراوي اختصره كما هو عادةُ الرواة، وهو أمرٌ غير صحيح؛ لأنَّه يوجب الإجمال وعدم الوصول إلى معنى الحديث.

المؤلِّف:

ويأتي في باب أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) أحاديث عديدة ذُكر فيها الرايات السود، وأنَّهم من أصحابه وأنصاره، غير أنَّهم يتقدَّمون عليه، وعند انتصارهم يُسلِّمون الأمر إليه.

وقد ذُكر من أوصافهم أنَّ راياتِهم سودٌ صغارٌ، وقلانِسُهم سود، وثيابهم بيض، وهم على خلاف الجيش الذي حارب بني أُميَّة وأخذ السلطة منهم وسلَّمها إلى بني العبَّاس، وهم أصحاب أبي مسلم الخراساني.

وفي العرف الوردي، ج2، ص68 قال: أخرج نعيم بن حمَّاد، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ذكر بلاءً يلقاه أهلُ بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نصرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتي رجلٌ اسمه كاسمي، فيولُّونه أمرهم، فيؤيِّده الله وينصره).

المؤلِّف:

الظاهر أنَّ المراد من الحسن في هذه الرواية - وغيرها - هو: الحسن البصري على اصطلاح علماء أهل السنَّة.

32- وفي كنز العمَّال، ج6، ص68، نقلاً مِن مسند علي (عليه السلام)، قال: وعن أبي الطفيل، أنَّ علياً (عليه السلام) قال له:

(يا عامر: إذا سمِعتَ الرايات السود مـُقبلة مِن خُراسان، فكنت في صندوقٍ مـُقْفلٍ عليك، فاكْسر ذلك القفل، وذلك الصندوق، حتَّى تُقتل تحتها! [ أي: تحت الرايات السود ] فإن لم تستطع [ أي: أن تمشي ] فتدحرج حتَّى تُقْتلَ تحتها [ أي: تحت الرايات السود ]) .

قال السيوطي: - بعد نقل الحديث - قال: أخرجه أبو الحسن علي بن عبد الرحمان بن أبي السري البكالي في جزء من حديثه.

٧٧

33- وفي الملاحم والفتن للسيِّد ابن طاووس، ج1، ص117 قال: أخرج زكريا في الفتن، بسنده عن عبد الله، قال:

بينما نحن جلوس عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، إذ مرَّ فِتيةٌ من قريش، فتغيَّر لونه، فقلنا: يا رسول: الله إنَّا لا نزال نرى في وجهك شيئاً نَكرَهُهُ؟! قال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي هؤلاء سيُصيبُهم بعدي بلاءٌ، وتطريدٌ، وتشريدٌ، حتَّى يَخرُج قومٌ مِن ها هنا - وأومأ بيده نحو المشرق - معهم راياتٌ سودٌ، يَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ويَسألون فلا يُعْطَوْن، فيُقاتِلون ويصبِرون، فيُعْطونَ ما سألوا، فلا يقبلُونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهل بيتي، يملأها قسطاً وعدلاً كما مـُلِئت ظلماً وجوراً، فمن أدركهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث من كُتبٍ عديدةٍ وألفاظ الجميع تُخالف لفظ السيِّد في الملاحم والفتن؛ ولذلك أخرجناه.

٧٨

البَابُ الخامِس وَالعِشرُون

1- في عقد الدُّرر، الحديث (122) من الباب (4)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(السفياني: من وُلْدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، رجلٌ ضخمـُ الهَامةِ، بوجهه آثار جُدري، بعينه نُكتةُ بياضٍ، يَخرُج من ناحيةِ مدينة دمشق، في وادٍ يقال له: الوادي اليابس، يَخرُج في سبعةِ نفرٍ، مع رجلٍ منهم لواءٌ معقود، يُعرَفون به في النصر، يَسيرُ بين يديه على ثلاثين ميلاً، لا يَرى ذلك العلم أحدٌ يريده إلاَّ انهزم).

أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد في الفتن.

المؤلِّف:

أخرج ابن الصبَّان في إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار في ص127 حديثاً مفصَّلاً في علامات الإمام المهدي (عليه السلام)، والنداء السماوي، أخرجنا أوَّله في أحاديث النداء في رقم (6).

وذَكرَ في آخره من كتاب (المسائل الظريفيِّة) للشيخ مجدولي: أنَّ السفياني رجلٌ من وُلدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، ضخم الهامة، بوجهه أثرُ الجُدري، وبعينه نكتهٌ بيضاء، يخرج من ناحية دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ اسم عشيرة ]، يفعل الأفاعيل، ويقتل قبيلةَ قيسٍ.

[ ثمَّ قال ]: وإنَّ المهدي يستخرج تابوتَ السكينة من غار أنطاكية، وأسفار التوراة من جبلٍ بالشام، يُحاجُّ به اليهود فيُسْلِم كثيرٌ منهم [ قال ]: وإنَّه يكون بعد موت المهدي

٧٩

القحطاني: رجلٌ من أهل اليمن، يَعدِل في الناس، ويسير فيهم بسيرة المهدي، يمكث مدَّة ثمَّ يُقتل.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (45)، حديث نور الأبصار - الذي فيه علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - بتفصيله، راجع واغتنم أيُّها الطالب.

2- وفي عقد الدُّرر، الحديث (123)، من الباب (4)، أخرج بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرجُ رجلٌ يُقال له: السفياني، في عمق دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ أي: من عشيرة كلب ] ، فيَقتلُ حتَّى يَبْقر بطون النساء، ويَقْتل الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويَخرجُ رجلٌ من أهل بيتي في الحرم [ أي: مكَّة ] فيبلغ [ إلى ] السفياني [ خروجه ] فيبعث إليه من جُنْدِه فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمن معه، حتَّى إذا جاز بِبَيْدَاءَ مِن الأرض خُسِف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

أخرجه أبو عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم، ولم يُخرجاه.

المؤلِّف:

أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص188، نقلاً من المستدرك للحاكم، عن أبي هريرة، وهذا نصُّه:

(يَخرج رجلٌ يُقال له: السفياني، في عُمقِ دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب، فيَقتُل حتَّى يبقر بطون النساء، ويقتلُ الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجلٌ من أهل بيتي في الحرَّة، فيبلغ السفياني، فيبعث إليه جُنْداً من جُنْدهِ فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمِن معه، حتَّى إذا صار بِبَيْدَاءَ من الأرض خُسف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

(ك، عن أبي هريرة).

3- وفي عقد الدُّرر، الحديث (124) من الباب (4)، عن المهاجر

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

امام اربع حالات مختلفة.

الاولى : ان يتمنّى ان ينعم الله عليه مثل ما أنعم على غيره ، وهذه الحالة تدعى «الغبطة» وهي جديرة بالثناء والمدح ، وليس لها اثر سيء ، لانّها تدعو صاحبها للسعي والجدّ والمثابرة حتى ينال مثل ما نال المغبوط.

الثّانية : ان يتمنّى ان تسلب هذه النعمة عن الآخرين ، ويسعى من اجل تحقيق هذا التمني ، وهذه هي الحالة المذمومة الموسومة «بالحسد» التي تدعو صاحبها الى التخريب وسلب النعمة عن الآخرين ، دون ان تدعوه لانّ يطلب من الله مثل ما اعطي غيره من النعم.

الثّالثة : ان يتمنّى ان تكون هذه النعمة له فقط ويحرم الآخرون منها وهذه الحالة تسمّى «البخل» والانانية التي تدعو الإنسان ان يطلب شيئا لنفسه ، ويلتذّ من حرمان الآخرين.

الرّابعة : ان يتمنّى ويحب تنعّم الآخرين بهذه النعمة وان كان محروما منها ، وهو مستعدّ ان يقدّم ما عنده من أجلهم وبغض النظر عن منافعه الشخصية ، وهذه الحالة الرفيعة هي ما يسمّى بـ «الإيثار» التي هي من أهم الصفات الانسانية الحميدة.

وعلى كل حال فإنّ الحسد لا يقتصر على قتل اخوة يوسف لأخيهم فحسب ، بل قد يوصل الإنسان الى قتل نفسه.

ولهذا نجد في الأحاديث الاسلامية تعابير مؤثرة تدعو الى مكافحة هذه الرّذيلة ، وعلى سبيل المثال نورد منها ما يلي :

١ ـ في حديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : «انّ الله نهى موسى عن الحسد وقال له : انّ الحاسد ساخط لنعمي صادّ لقسمي الذي قسمت بين عبادي ، ومن يك كذلك فلست منه وليس منّي»(١) .

__________________

(١) اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٣٠٧.

١٤١

٢ ـ ونقرا حديثا للإمام الصادقعليه‌السلام يقول : «آفة الدين الحسد والعجب والمفاخرة» كما نقرا له حديثا يقول : «انّ المؤمن يغبط ولا يحسد ، والمنافق يحسد ولا يغبط»(١) .

٦ ـ كما نستنتج درسا آخر من هذا المقطع في القصّة ، وهو انّ الوالدين ينبغي ان يلاحظا أبناءها الآخرين عند إبراز عنايتهما ومحبّتهما لواحد منهم ، فبالرغم من ان يعقوب لم يرتكب خطأ ـ دون ايّ شك ـ بالنسبة لإبراز علاقته لولديه يوسف وبنيامين ، وانّما كان كل ذلك وفق حسابات خاصّة. ولكن هذه الحادثة تكشف لنا انّه ينبغي ان يكون الإنسان اكثر إحساسا ، في هذه المسألة ـ من القدر اللازم. لانّ إبراز العلاقة لبعض الأبناء دون بعض توجد عقدة في نفوس الآخرين ، الى درجة انّها تجرّهم الى كل عمل مخرّب ، حيث يجدون شخصياتهم منهزمة ولا بدّ من تحطيم شخصية أخيهم للتعويض عن هذه الهزيمة ، فيكون الاقدام على هذا العمل دون لحاظ الرحمية ووشائج القربى.

وإذا لم يستطع الإنسان ان يقوم بعمل معاكس ، فإنّه يظل يلوم نفسه ويحرضها حتى يبتلى بالمرض النفسي.

وما زلت اذكر انّه كان لي صديق قد مرض ولده الصغير ، فأوصى ولده الكبير برعايته ، وأخذ الأب يولي ولده الصغير محبة وشفقة فائضة «لانّه مريض».

فلم تمض فترة حتى مرض هذا الابن الكبير بمرض نفسي مجهول ، قلت لذلك الصديق العزيز : الا تفكّر انّ أساس المرض هو عدم العدالة بين ولديك لكنّه لم يصدّق ، وأخيرا راجع الطبيب النّفساني المختصّ فقال : ان ابنك ليس مريضا بمرض خاصّ ، وانّما أساس مرضه هو اهتمامك بأخيه وعدم اهتمامك به ، وهو يحس بأنّ شخصيته متعطشة للحنان والحبّ ، في حين انّ أخاه لم يحرم منهما.

__________________

(١) المصدر نفسه.

١٤٢

وفي هذا الصدد نقرا في الرّوايات الاسلامية ان الامام الباقرعليه‌السلام قال يوما : «والله انّي لأصانع بعض ولدي ، وأجلسه على فخذي ، وانكز له المخّ ، واكسر له الكسر ، وان الحقّ لغيره من ولدي ، ولكن مخافة عليه منه ومن غيره ، لا يصنعوا به ما فعل بيوسف اخوته ، وما انزل الله سورة الّا أمثالا لكي لا يجد بعضنا بعضا كما حسد يوسف اخوته ، وبغوا عليه ، فجعلها رحمة على من تولّانا ، ودان بحبّنا وحجّة على أعدائنا ومن نصب لنا الحرب والعداوة»(١) .

* * *

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٧٤ ، ص ٧٨.

١٤٣

الآيات

( قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ (١١) أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (١٢) قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ (١٣) قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ (١٤) )

التّفسير

المؤامرة المشؤومة!

بعد ان صوّب اخوة يوسف اقتراح أخيهم في عدم قتل يوسف ، والقائه في الجبّ ، أخذوا يفكرون في كيفية فصل يوسف عن أبيه لذلك اقدموا على تخطيط آخر ، فجاءوا الى أبيهم بلسان ليّن يدعو الى الترحم ، وفي شكل يتظاهرون به انهم مخلصون له وحدثوا أباهم و( قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ ) .

تعال يا أبانا وارفع اليد عن اتهامنا ، فإنّه أخونا وما يزال صبيا وبحاجة الى اللهو واللعب ، وليس من الصحيح حبسه عندك في البيت ، فخلّ سبيله( أَرْسِلْهُ

١٤٤

مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ ) (١) .

وإذا كنت تخشى عليه من سوء فنحن نواظب على حمايته( وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ) .

وبهذا الأسلوب خططوا لفصل أخيهم عن أبيه بمهارة ، ولعلّهم قالوا هذا الكلام امام يوسف ليطلب من أبيه إرساله معهم.

وهذه الخطة تركت الأب ـ من جانب ـ امام طريق مسدود ، فإذا لم يرسل يوسف مع اخوته فهو تأكيد على اتهامه ايّاهم ، وحرضت ـ من جانب آخر ـ يوسف على ان يطلب من أبيه الذهاب معهم ليتنزّه كما يتنزه اخوته ، ويستفيد من هذه الفرصة لاستنشاق الهواء الطلق خارج المدينة.

اجل ، هكذا تكون مؤامرات الذين ينتهزون الفرصة ، وغفلة الطرف الآخر ، فيستفيدوا من جميع الوسائل العاطفية والنفسيّة ، ولكن المؤمنين ينبغي الّا ينخدعوا بحكم الحديث المأثور «المؤمن كيّس» اي فطن ذكي فلا يركنوا للمظهر المنمّق حتى لو كان ذلك من أخيهم.

ولكن يعقوب ـ دون ان يتهم اخوة يوسف بسوء القصد ـ اظهر تردّده في إرسال يوسف لامرين : الاوّل : انه سيبتعد عنه فيحزن عليه ، والثاني : ربّما يوجد خارج المدينة بعض الذئاب المفترسة فتأكله ، فاعتذر إليهم و( قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ ) .

وهذه المسألة طبيعية ، حيث قد يبتعد اخوة يوسف عنه فيغفلون عن امره ، فيأتي إليه الذئب فيأكله.

وبديهي انّ الاخوة لم يكن لهم جواب بالنسبة للأمر الاوّل الذي أشار اليه أبوهم يعقوب ، لانّ الحزن والاغتمام على فراق يوسف لم يكن شيئا عاديّا حتى

__________________

(١) «يرتع» من مادة «رتع» على وزن «قطع» ومعناه في الأصل رعي الأغنام والانعام بصورة عامّة للنباتات وشبعها منها ، ولكن قد يطلق هذا اللفظ (رتع ، يرتع) ويراد به تنزّه الإنسان وكثرة الاكل والشرب ايضا.

١٤٥

يعوّض عنه ، وربّما كان هذا التعبير مثيرا لنار الحسد في اخوة يوسف اكثر.

ومن جهة اخرى فإنّ هذا الموضوع الذي أشار اليه يعقوب ، وهو حزنه على ابتعاد يوسف عنه يمكن ردّه ، وهو لا يحتاج الى بيان ، لانّ الولد لا بدّ له من الابتعاد عن أبيه من اجل ان ينمو ويرشد ، وإذا أريد له ان يكون كنبات «النّورس» بحيث يبقى تحت ظل شجرة «وجود الأب» فإنّه سوف يبقى عالة عليه فلا بدّ من هذا الابتعاد والانفصال حتى يتكامل ولده ، فاليوم تنزّه وغدا اجتهاد ومثابرة لتحصيل العلم ، وبعد غد عمل وسعي للحياة ، وأخيرا فإنّ الانفصال لا بدّ منه.

لذلك فإنّهم لم يجيبوه عن الشقّ الاوّل من كلامه ، بل أجابوه عن الشقّ الثّاني لانّه كان مهما واساسيا بالنسبة لهم إذ( قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ ) .

اي : أترانا موتى فلا ندافع عن أخينا ، بل نتفرج على الذئب كيف يأكله! ثمّ اضافة الى علاقة الاخوة التي تدفعنا للحفاظ على أخينا ، ما عسى ان نقول للناس عنّا؟ هل ننتظر ليقال عنّا : انّ جماعة أقوياء وفتية أشداء جلسوا وتفرجوا على الذئب وهو يفترس أخاهم! فهل نستطيع العيش بعد هذا مع الناس؟!

لقد أجابوا أباهم بما تضمن قوله :( أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ ) ومشغولون بلعبكم ، كيف يكون ذلك؟ والمسألة ليست بهذه البساطة انّها الخسارة وذهاب ماء الوجه والخزي إذ كيف يمكن لواحد منّا ان يشغله اللعب فيغفل عن أخيه يوسف ، لانّه في مثل هذه الحال لا تبقى لنا قيمة ولا نصلح لاي عمل.

ويبرز هنا سؤال مهم وهو : لماذا أشار يعقوب الى خطر الذئب من دون الاخطار الاخرى؟!

قال البعض : ان صحراء كنعان ـ كانت ـ «صحراء مذئبة» ومن هنا كان

١٤٦

الخوف من الذئب اكثر من غيره.

وقال البعض : كان ذلك للرؤيا التي رآها يعقوب من قبل وهي ان ذئابا هجمت على ولده يوسف.

وهناك احتمال آخر هو ان يعقوب أجابهم بلسان الكناية ، والمقصود من الذئاب في كلامه هم الأناس المتصفون بصفة الذئب اخوة يوسف.

وعلى كل حال فقد استطاع اخوة يوسف بما أوتوا من الحيل ، وبتحريك احاسيس يوسف النقيّة وترغيبه الى التنزه خارج المدينة ، وربّما كان الاوّل مرّة يتاح ليوسف ان يحصل على مثل هذه الفرصة استطاعوا ان يأخذوا يوسف معهم وان يستسلم الأب لهذا الأمر فيوافق على طلبهم.

* * *

بحوث

وينبغي هنا الالتفات الى عدة دروس حيّة تستلهم من هذه القصّة :

١ ـ مؤامرات الأعداء في ثياب الأصدقاء

من الطبيعي انّ الأعداء لا يدخلون الميادين ـ عند الهجوم ـ بصراحة ودون استتار ابدا.

بل انّهم من اجل تفويت الفرصة على الطرف الآخر واستغفاله وسلبه كل وسائل الدفاع يسعون الى إخفاء عملهم تحت قناع جذاب انّ اخوة يوسف اخفوا خطة هلاكه او ابعاده تحت غطاء اسمى الاحاسيس والعواطف الاخوية ، هذه الاحاسيس التي كانت تحرك يوسف من جهة لانّ يمضي معهم ، وكانت عند أبيهم موضع قبول من جهة اخرى ايضا.

وهذه هي الطريقة التي نواجهها في حياتنا اليوميّة على المدى الواسع ، وما

١٤٧

تلقيناه من ضربات قاسية من أعدائنا المخاتلين بثياب الأبرار في هذا المضمار غير قليل ، ولها مظاهر متعددة ، فمرة بمظهر المساعدات الاقتصادية ، واخرى تحت ستار التبادل الثقافي ، وثالثة في ثوب الدفاع عن حقوق البشر ، ورابعة بأسلوب المعاهدات الدفاعية كل تلك الأمور كانت نتيجة اسوا القرارات الاستعمارية المذلّة للأمم المستضعفة والتي من ضمنها أمتنا الاسلاميّة.

ولكن ومع هذه التجارب التاريخيّة ينبغي ان نكون حذرين للغاية وان نعرف أعداءنا جيدا ، فلا نحسن الظن بهذه الذئاب البشرية التي تريد ان تمتص دماءنا بما تظهره من عواطف واحاسيس متلبسة بثياب المخلصين المتفانين فما زلنا نتذكر ما فعلته الدول المتسلطة على العالم حيث أرسلت تحت ستار المساعدات الطبيّة الى بعض الدول الافريقية المتضررة بالحرب اسلحة وعتاد أرسلت الى عملائها ، كما بعثت اخطر جواسيسها تحت ثياب الدبلوماسية والسفارات والممثلين لها الى مختلف مناطق العالم.

وتحت ستار الخبراء العسكريين وتدريب الدّول المستضعفة على الاسلحة الحديثة والمتطورة كانوا يأخذون مع عودتهم جميع الأسرار العسكرية لتلك الدولة.

وبإرسال خبراء فنيين!! الى هذه الدول يربطوا عجلة اقتصادها بالمناهج تكرس التبعية ترى ، أليست كل هذه التجارب التأريخيّة كافية لئلّا ننخدع بهذه الزخارف البرّاقة الكاذبة وان نعرف وجوه هؤلاء الذئاب المتظاهرين بالانسانيّة.

٢ ـ حاجة الإنسان الفطرية والطبيعية الى التنزّه والارتياح

من الطريف ان يعقوبعليه‌السلام لم يردّ على كلام اخوة يوسف واستدلالهم على انّه بحاجة الى التنزه والارتياح ، بل وافق على ذلك عمليّا ، وهذا دليل كاف على ان ايّ عقل سليم لا يستطيع ان ينكر هذه الحاجة الفطرية والطبيعيّة فالإنسان

١٤٨

ليس آلة تستعمل في اي وقت كان وكيف كان ، بل له روح ونفس ينالهما التعب والنصب كما ينالان الجسم. فكما ان الجسم يحتاج الى الراحة والنوم ، كذلك الرّوح والنّفس بحاجة الى التنزّه والارتياح السليم.

التجربة ـ ايضا ـ تدل على ان الإنسان كلّما واصل عمله بشكل رتيب ، فإنّ مردود هذا العمل سيقلّ تدريجيا نتيجة ضعف النشاط ، وعلى العكس من ذلك فإنّ الاستراحة لعدة ساعات تبعث في الجسم نشاطا جديدا بحيث تزداد كمية العمل وكيفيته معا ، ولذلك فإنّ الساعات التي تصرف في الراحة والتنزه تكون عونا على العمل ايضا.

وفي الرّوايات الاسلامية نجد هذه الواقعية بأسلوب طريف جاء بمثابة «القانون» حيث يقول الامام عليعليه‌السلام : «للمؤمن ثلاث ساعات : فساعة يناجي فيها ربّه ، وساعة يرمّ معاشه ، وساعة يخلي بين نفسه وبين لذّتها فيما يحلّ ويجمل»(١) .

وممّا يستجلب النظر انّ في بعض الرّوايات الاسلامية أضيفت هذه الجملة الى النص المتقدم «وذلك عون على سائر الساعات».

وعلى حدّ تعبير البعض فإنّ التنزّه والارتياح بمثابة تدهين وتنظيف اجهزة السيّارة ، فلو توقفت هذه السيارة ساعة عن العمل لمراقبة اجهزتها وتنظيفها ، فإنها ستغدو اكثر قوة نشاطا يعوّض عن زمن توقفها اضعاف المرات ، كما انه سيزيد من عمر السيارة ايضا.

لكن المهم ان يكون هذا التنزّه صحيحا ، والّا فإنه لا يحل المشكلة ، بل سيزيدها ، فإنّ كثيرا من حالات التنزّه هذه تدمر الإنسان وتسلب منه نشاطه وقدرته على العمل لفترة ما ، او على الأقل تخفف من نشاط عمله.

وهناك نقطة تدعو للالتفات ايضا ، وهي ان الإسلام اهتم بمسألة الترويض والاستراحة النفسية بحيث أجاز المسابقات في هذا المضمار ويحدثنا التاريخ

__________________

(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار : رقم الكلمة ٣٩٠.

١٤٩

انّ قسما من هذه المسابقات جرت بمرأى من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأحيانا كانت تناط اليه مهمة التحكيم والقضاء في هذه المسابقة ، وربّما اعطى ناقته الخاصّة ـ لبعض الصحابة للتسابق عليها.

ففي رواية الامام الصادقعليه‌السلام انّه قال : «ان النّبي اجرى الإبل مقبلة من تبوك فسبقت العصباء وعليها اسامة ، فجعل الناس يقولون : سبق رسول الله ورسول الله يقول : سبق اسامة(١) » (اشارة الى ان المهم في السبق هو الراكب لا المركب ، حتى وان كان المركب السابق عند من لا يجيدون السبق).

النقطة الاخرى هي انّه كما ان اخوة يوسف استغلّوا علاقة الإنسان ـ ولا سيما الشاب ـ بالتنزّه واللعب من اجل الوصول الى هدفهم الغادر ففي حياتنا المعاصرة ـ ايضا ـ نجد اعداء الحق والعدالة يستغلّون مسألة الرياضة واللعب في سبيل تلويث أفكار الشباب ، فينبغي ان نحذر المستكبرين «الذئاب» الذين يخططون لإضلال الشباب وحرفهم عن رسالتهم تحت اسم الرياضة والمسابقات المحلّية والعالمية.

ولا ننسى ما كان يجري في عصر الطاغوت (الشاه) ، فإنّهم وبهدف تنفيذ بعض المؤامرات ونهب ثروات البلاد وتحويلها الى الأجانب لقاء ثمن بخس ، كانوا يرتّبون سلسلة من المسابقات الرياضية الطويلة العريضة لالهاء الناس لئلّا يطلعوا على المسائل السياسيّة.

٣ ـ الولد في ظلّ الوالد

إذا كانت محبّة الأب الشديدة او الام بالنسبة للولد تستوجب ان يحفظ الى جانبهما ، الّا ان من الواضح ان فلسفة هذه المحبة من وجهة نظر قانون الخلقة هي المحافظة التامة على الولد عند الحاجة إليها ، وعلى هذا الأساس ينبغي ان تقل

__________________

(١) سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٥٩٦.

١٥٠

هذه المحافظة كلّما تقدّمت به السن ، ويمنح الولد الاجازة ليخطو في حياته نحو الاستقلال ، والّا فسيكون كمثل غرسة النّورس تحت ظل الشجرة القوية دائما لا تنمو كما يلزم.

وربّما وافق يعقوبعليه‌السلام ـ لهذا السبب ـ على اقتراح ابنائه رغم علاقته الشديدة بيوسف ، وأرسله معهم الى خارج المدينة ، ومع انّ هذا الأمر كان صعبا على يعقوب ، ولكن مصلحة يوسف وحاجته الى الرشد والنموّ كانت تستوجب ان يجيزه أبوه ليبتعد عنه ساعات وايّاما!

وهذه مسألة تربوية مهمّة غفل عنها كثير من الآباء والأمهات ، حيث يربّون أولادهم تربية بحيث لا يستطيعون ان يعيشوا خارج «خيمة الأبوين» ومحافظتهما عليهم ، وبالتالي يسقطون امام تيارات الحوادث وضغوطها ، كما ان هناك رجالا عظماء فقدوا والديهم في دور الطفولة ، ولكنّهم صنعوا أنفسهم بأيديهم وواجهوا المشاكل وتجاوزوها.

فالمهم ان يلتفت الوالدان الى هذه المسألة التربوية ، والّا فستكون محبتهما «الكاذبة» مانعا من استقلال أولادهم.

من الطريف ان هذه المسألة موجودة في بعض الحيوانات بشكل غريزي ، فنحن نرى أفراخ الدجاج «الفروج» ـ مثلا ـ يبدأ حياته تحت جناحي امه ، وتحافظ الدجاجة الام عليها كما تحافظ على روحها «العزيزة».

ولكن بعد فترة حيت تكبر هذه الافراخ فإنّ الام لا تترك المحافظة على هذه الافراخ فحسب ، بل تنقر ايّا منها يصل إليها. ومعنى هذا انّها تريد ان تعوّدهم على ان يتعلموا طريق الحياة المستقلة! فإلى متى تعيشون غير مستقلين؟!

ولكن هذا الموضوع لا ينافي تقوية الروابط العائلية والمحافظة على المودة والمحبّة ، بل هي محبّة عميقة وعلاقة محسوبة ونافعة للطرفين.

١٥١

٤ ـ لا قصاص ولا اتهام قبل الجناية

نشاهد في هذا الفصل من القصّة انّ يعقوب بالرغم من علمه بما سيقدم عليه اخوة يوسف وتحذيره ولده يوسف ألّا يقصص رؤياه على اخوته ، وان يكتم الأمر ، الّا انّه لم يكن مستعدا لانّ يتّهمهم بقصد الاساءة الى يوسف ، بل كان عذره إليهم انّه يحزنه فراقه ، ويخاف ان يأكله الذئب في الصحراء.

والأخلاق والمعايير الانسانية والاسس القضائية العادلة توجب ذلك ايضا ، فحيث لم تتوفر لدينا علامة ظاهرة على مخالفة شخص ما فلا ينبغي اتّهامه ، فالأصل البراءة والصحّة والطهارة الّا ان يثبت خلافه.

٥ ـ تلقين العدوّ

المسألة الاخرى اننا نقرا ـ في ذيل الآيات المتقدمة ـ رواية عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : «لا تلقّنوا الكذّاب فيكذب فإنّ بني يعقوبعليه‌السلام لم يعلموا ان الذئب يأكل الإنسان حتى لقّنهم أبوهم»(١) . اشارة الى انه قد يحدث أحيانا ان لا يلتفت الطرف الآخر الى الحيلة والى طريق الاعتذار وانتخاب طريق الانحراف ، فعليكم ان تحذروا من ذكر الاحتمالات المختلفة التي تبيّن له طرق الانحراف.

ومثل هذا يشبه تماما ما لو قال الإنسان لطفله : لا ترم الكرة باتّجاه المصباح ، ولم يكن الطفل يعلم ان الكرة يمكن ان ترمى نحو المصباح ، فيلتفت الى ان مثل هذا العمل ممكن ، وتتحرك فيه نوازع الفحص ماذا سيكون لو رميت الكرة باتجاه المصباح؟ ثمّ يبدأ «لعبته» لتنتهي بتكسّر المصباح!

وليس هذا موضوعا هينا ولا خاصا بالأطفال ، فقد يتفق أحيانا ان الأوامر والنواهي الخاطئة ، تسبب ان يتعلم الناس أشياء لم يعرفوها من قبل ، فتوسوس لهم أنفسهم ان يقدموا عليها ، فينبغي في مثل هذه الموارد ـ قدر المستطاع ـ ان

__________________

(١) نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٤١٥.

١٥٢

تثار المسائل بشكل لا يبعث على اي تعلّم سيئ! وبالطبع فإنّ يعقوب النّبيعليه‌السلام قال كلامه عن صفاء وطهارة قلب ، الّا انّ أبناءه الضالين استغلوا كلامه لقصدهم السيئ.

وشبيه هذا الموضوع الأسلوب الذي نجده في كثير من المقالات ، فمثلا قد يكتب أحدهم مقالة ـ او يقوم بإخراج فيلما او غيرها ـ عن ضرر الموادّ المخدرة او الاستمناء ، فيتناول هذه المسائل بصورة يتعلمها غير المطلعين وينسون المسائل التي تذكر في هذه المواضيع لذم هذه الأعمال وبيان طرق النجاة منها ، ولذلك فغالبا ما يكون ضرر هذه المقالات والافلام وخسارتها اكثر من فائدتها بمراتب.

٦ ـ وآخر نقطة نشير إليها هنا انّ اخوة يوسف( قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ ) وهي اشارة الى انّ الإنسان إذا تحمّل مسئولية ما ـ ووافق عليها ـ فإنّ من الواجب عليه ان يوقف نفسه من أجلها والّا فإنّه سيفقد كل قيمه ـ قيمة شخصيته ، وماء وجهه ، والموقع الاجتماعي ، ووجدانه.

فكيف يعقل ان يكون الشخص ضمير حيّ ووجدان يقظ وشخصية كريمة يعتز بحيثيته وماء وجهه ، ومع كل ذلك يتنصل عن مسئولياته ويقف موقفا سلبيا ازاءها؟!

* * *

١٥٣

الآيات

( فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥) وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ (١٦) قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ (١٧) وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (١٨) )

التّفسير

الكذب المفضوح :

وأخيرا انتصر اخوة يوسف واقنعوا أباهم ان يرسل معهم أخاهم يوسف ، فباتوا ليلتهم مطمئني البال بانتظار الصبح لتنفيذ خطتهم وازاحة أخاهم الذي يقف عائقا في طريقهم وكان قلقهم الوحيد ان يندم أبوهم ويسحب كلامه ووعده بإرسال يوسف معهم.

فجاءوا صباحا الى أبيهم فأمرهم بالمحافظة على يوسف ، وكرر توصياته

١٥٤

في شأنه ، فأظهر الأبناء طاعتهم لأبيهم وابدوا احترامهم الفائق ومحبتهم العميقة ، وتحركوا الى خارج المدينة.

يقال : انّ أباهم ودعهم الى بوابة المدينة ثمّ أخذ منهم يوسف وضمّه الى صدره ودمعت عيناه ، ثمّ أودع يوسف عندهم وفارقهم ، ولكن يعقوب كان يودعهم بنظراته ، وكان اخوة يوسف لا يقصرون عن مدارة أخيهم يوسف واظهار عنايتهم به ومحبتهم له طالما كانت تلاحظهم عينا أبيهم ، ولكن ما ان غاب عنهم أبوهم واطمأنوا الى انّه لا يراهم ، حتى انفجرت عقدتهم وصبوا «جام غضبهم» وحقدهم وحسدهم المتراكم لعدّة سنوات على راس يوسف ، فالتفّوا حوله يضربونه بأيديهم ويلتجئ من واحد لآخر ويستجير بهم فلا يجيره احد منهم.

نقرا في رواية انّ يوسف كان يبكي تحت وابل اللكمات والضربات القاسيّة ، ولكن حين أرادوا ان يلقوه في الجبّ شرع بالضحك فجأة فتعجب اخوته كثيرا وحسبوا ان أخاهم يظنّ الأمر لا يعدو كونه مزاحا ولكنّه رفع الستار عن ضحكه وعلّمهم درسا كبيرا إذ قال : ـ لا انسى انني نظرت ـ ايها الاخوة ـ الى عضلات أيديكم القويّة وقواكم الجسدية الخارقة ، فسررت وقلت في نفسي : ما عسى ان يخشى ويخاف من الحوادث والملمّات من كان عنده مثل هؤلاء الاخوة ، فاعتمدت عليكم وربطت قلبي بقواكم ، والآن وقد أصبحت أسيرا بين أيديكم واستجير بكم من واحد للآخر فلا أجار ، وقد سلطكم الله عليّ لا تعلم هذا الدرس ، وهو الّا اعتمد واتوكّل على احد سواه حتى ولو كانوا اخوتي.

وعلى كل حال فالقرآن الكريم يقول في هذا الصدد :( فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ ) (١) .

__________________

(١) في العبارة المتقدمة حذف جواب «لما» والتقدير كما يلي : فلما ذهبوا به واجمعوا ان يجعلوه في غيابة الجبّ عظمت فتنتهم (تفسير القرطبي) ولعل هذا الحذف اقتضى لعظم هذه الحادثة المؤلمة ان يسكت عنه المتكلم ، وهو بنفسه من فنون البلاغة العربية (تفسير الميزان).

١٥٥

جملة «اجمعوا» تدلّ على انّ جميع الاخوة كانوا متفقين على هذه الخطّة ، وان لم يتفقوا جميعا على قتله.

وأساسا فإنّ كلمة «اجمعوا» مأخوذة من مادة «جمع» وهي في هذه الموارد اشارة الى جمع الآراء والأفكار.

ثمّ تبيّن الآية انّ الله اوحى الى يوسف وهدا روعه وألهمه الّا يحزن فالعاقبة له ، إذ تقول :( وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) .

ذلك اليوم الذي تجلس فيه على العرش وأنت القوي الأمين ، فيأتي إخوتك ليمدّوا ايدي الحاجة إليك ، ويكونوا كالظامئين الى النبع العذب في الصحراء اللاهبة ويسرعون إليك في منتهى التواضع ، ولكنّك في حال من العظمة بحيث لا يصدّقون انك أخوهم ، وستقول لهم في ذلك اليوم : ألستم الذين فعلتم مع أخيكم الصغير يوسف كذا وكذا وكم سيكونون خجلين من فعلهم هذه في ذلك اليوم! وهذا الوحي الالهي لم يكن وحي النبوة ، بقرينة الآية (٢٢) من السورة ذاتها ، بل كان إلهاما لقلب يوسف ليعلم انه ليس وحيدا ، بل له حافظ ورقيب ، وهذا الوحي بثّ في قلب يوسف نور الأمل وأزال عن روحه ظلمات اليأس والحيرة.

لقد نفّذ اخوة يوسف خطتهم كما أرادوا ، ولكن ينبغي ان يفكروا عند العودة ماذا كيف كي يصدّق أبوهم ان يوسف انتهى بصورة طبيعية لا عن مكيدة ليضمنوا عواطف أبيهم نحوهم.

وكانت الفكرة التي أوصلتهم الى هذا الهدف هي ما تخوّف أبوهم منه ، فأقنعوه ـ ظاهرا ـ عن هذا الطريق مدّعين بأنّ الذئب قد أكل يوسف وجاؤوا اليه بدلائل مزيّفة!!

يقول القرآن الكريم :( وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ ) بكاء كاذبا ، وهذا يدلّ على انّ البكاء الكاذب ممكن ولا يمكن ان يخدع ببكاء العين وحدها.

امّا الأب الذي كان ينتظر مجيء ولده (يوسف) بفارغ الصبر ، فقد اهتز

١٥٦

وارتجف حين راى الجمع وليس بينهم يوسف ، وسأل عنه مستفسرا فأجابوه و( قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا ) لصغر سنه ولانّه لا يعرف التسابق ، وانشغلنا عنه( فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ ) .

لأنك أخبرتنا من قبل بهذا الاحتمال ، وستظن ان ادّعاءنا مجرّد احتيال.

لقد كان كلام اخوة يوسف مدروسا بشكل دقيق ، وذلك ـ اوّلا ـ لانّهم خاطبوا يعقوب بقولهم بكلمة «يا أَبانا » وفيها ما فيها من الاستعطاف.

وثانيا : لانّ من الطبيعي ان ينشغل هؤلاء الاخوة الأقوياء بالتسابق ، ويتركوا أخاهم الصغير رقيبا على متاعهم ، وبعد ذلك كله فقد جاؤوا أباهم يبكون لتمرير خطتهم ، وقالوا له :( وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ ) .

ومن اجل ان يبرهنوا على صحة كلامهم فقد( جاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ) إذ لطخوا الثوب بدم الغزال او الخروف او التيس ولكن حيث انّ الكاذب لا يمتلك حافظة قويّة ، وحيث ان اية حقيقة فيها علائق مختلفة وكيفيات ومسائل يقل ان تجتمع منظّمة في الكذب ، فقد غفل اخوة يوسف عن هذه المسألة الدقيقة وهي ـ على الأقل ـ ان يخرقوا قميص يوسف الملطخ بالدم ليدل على هجوم الذئب فقد قدّموا القميص سالما غير مخرق فأحس الأب بمؤامرتهم ، فما ان وقعت عيناه على القميص حتى فهم كل شيء و( قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً ) .

جاء في بعض الرّوايات انّ يعقوب أخذ قميص يوسف وهو يقلّبه ويقول : «ما أرى اثر ناب ولا ظفر انّ هذا السبع رحيم» ، وفي رواية انّه أخذ القميص وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص ، وقال : تالله ما رأيت كاليوم ذئبا احلم من هذا أكل ابني ولم يمزق على قميصه ، وجاء انّه بكى وصاح وحرّ مغشيّا عليه فأفاضوا على الماء فلم يتحرك ونادوه فلم يجب ووضع يهوذا يده على مخارج نفسه فلم يحس بنفس ولا تحرك له عرق ، فقال : ويل لنا من

١٥٧

ديان يوم الدين ضيعنا أخانا وقتلنا أبانا فلم يفق الّا ببرد السحر(١) .

وبالرغم من احتراق قلبه ولهيب روحه لم يجر على لسانه ما يدل على عدم الشكر او اليأس او الفزع او الجزع ، بل قال :( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ) (٢) ثمّ قال :( وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ ) واسأله ان يبدل مرارة الصبر في فمي الى «حلاوة» ويرزقني القوة والقدرة على التحمّل اكثر امام هذا الطوفان العظيم ، لئلا افقد زمامي ويجري على لساني كلام غير لائق.

ولم يقل : اسأله ان يعطيني الصبر على موت يوسف ، لانّه كان يعلم ان يوسف لم يقتل بل قال : اطلب الصبر على مفارقتي ولدي يوسف وعلى ما تصفون.

ملاحظات

* * *

١ ـ حول الترك «الاولى»

ينقل ابو حمزة الثمالي عن الامام السجاد فيقول : كنت يوم الجمعة في المدينة وصليت الغداة مع الامام السجادعليه‌السلام فلمّا فرغ من صلاته وتسبيحه نهض الى منزله وانا معه ، فدعا مولاة له تسمى سكينة فقال لها : «لا يعبر على بابي سائل الّا أطعمتموه فإنّ اليوم يوم الجمعة».

يقول ابو حمزة : فقلت له : ليس كل من يطلب العون مستحقا له ، فقال : يا أبا ثابت ، أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقّا فلا نطعمه ونردّه فينزل بنا ـ اهل البيت ـ ما نزل بيعقوب وآله. أطعموهم ان يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا فيتصدق منه ويأكل هو وعياله منه ، وان سائلا مؤمنا صوّاما محقّا له عند الله منزلة ، وكان مجتازا غريبا اعترّ على باب يعقوب عشية جمعة عند أوان إفطاره

__________________

(١) تفسير الآلوسي : ذيل الآية.

(٢) صبر جميل (صفة وموصوف) خبر لمبتدإ محذوف ، وتقدير الكلام : صبري صبر جميل.

١٥٨

يهتف على بابه : أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم ، يهتف بذلك على بابه مرارا وهم يسمعونه ، قد جهلوا حقّه ولم يصدقوا قوله : فلما ايس ان يطعموه وغشيه الليل استرجع واستعبر وشكا جوعه الى الله باب وطاويا ، وأصبح صائما جائعا صابرا حامدا لله ، وبات يعقوب وآل يعقوب شباعا بطانا وأصبحوا وعندهم من فضل طعامهم.

قال : فأوحى اللهعزوجل الى يعقوب في صبيحة تلك الليلة : لقد أذللت ـ يا يعقوب ـ عبدي ذلة استجررت بها غضبي ، واستوجبت بها أدبي ، ونزول عقوبتي وبلواي عليك وعلى ولدك يا يعقوب ، ان احبّ انبيائي اليّ وأكرمهم علي من رحم مساكين عبادي وقرّبهم اليه وأطعمهم وكان لهم مأوى وملجأ يا يعقوب ، ما رحمت «ذميال» عبدي المجتهد في عبادته ، القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء أمس لمّا عبر ببابك عند أوان إفطاره ويهتف بكم : أطعموا السائل الغريب المجتاز القانع ، فلم تطعموه شيئا. فاسترجع واستعبر وشكا ما به اليّ وبات جائعا وطاويا حامدا ، أصبح لي صائما ، وأنت ـ يا يعقوب ـ وولدك شباع ، وأصبحت وعندكم فضل من طعامكم.

او علمت ـ يا يعقوب ـ انّ العقوبة والبلوى أوليائي أسرع منها الى اعدائي ...إلخ(١) .

ومن الطريف انّ أبا حمزة يقول : سألت الامام زين العابدينعليه‌السلام متى راى يوسف رؤياه؟ فقال الامام : في تلك الليلة»(٢) .

يستفاد من هذا الحديث ان زلّة بسيطة او بعبارة أدق : «ترك الاولى» وهو لا يعدّ خطيئة او إثما ، لانّ يعقوب له يتّضح له حال السائل هذا الترك من قبل الأنبياء والأولياء يكون سببا لانّ يبتليهم الله بلاء شديدا وما ذلك الّا لمقامهم

__________________

(١) تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٢٤٣ ونور الثقلين ، ج ٢ ، ص ٤١١.

(٢) المصدر السّابق.

١٥٩

الكبير الذي يوجب عليهم ان يراقبوا كل حركاتهم وسكناتهم ، لانّ «حسنات الأبرار سيئات المقربين».

فإذا كان يعقوبعليه‌السلام قد ابتلي بهذا البلاء والهمّ لانّه لم يطلع على حال قلب السائل وآلامه ، فكيف الحال في المجتمعات التي تغرق فيها طائفة بالنعيم والرفاه وطائفة من الناس جياع ، كيف لا يشملهم غضب الله! وكيف يسلمون من عذاب الله!

٢ ـ دعاء يوسف البليغ الجذّاب

ترد في روايات اهل البيتعليهم‌السلام وروايات اهل السنة ، ان يوسف حين استقرّ في قعر الجبّ انقطع أمله من كل شيء ، وصرف كلّ توجهه الى ذات الله المقدسة يناجي ربّه ، وكانت لديه حوائج ذكرها بتلقين جبرئيل إياه ففي رواية انّه دعا ربّه بهذه المناجاة «اللهم يا مؤنس كل غريب ، ويا صاحب كل وحيد ، يا ملجأ كل خائف ، ويا كاشف كل كربة ، ويا عالم كل نجوى ، ويا منتهى كل شكوى ، ويا حاضر كل ملا ، يا حيّ يا قيّوم ، اسألك ان تقذف رجاءك في قلبي ، حتى لا يكون لي همّ ولا شغل غيرك ، وان تجعل لي من امري فرجا ومخرجا ، انّك على كل شيء قدير».

ومن الطريف انّنا نقرا في ذيل هذه الرواية ، انّ الملائكة سمعت صوت يوسف فنادت : «الهنا نسمع صوتا ودعاء ، الصوت صوت صبي والدعاء دعاء نبيّ»(١) .

وهناك نقطة تدعو للالتفات وهي : حين رمى يوسف اخوته في الجبّ خلعوا عنه قميصه وتركوه عاريا ، فنادى : اتركوا لي قميصي ـ على الأقل ـ لاغطي به بدني إذا بقيت حيا ، ويكون كفني إذا متّ. فقال له اخوته : اطلبه من الشمس

__________________

(١) تفسير القرطبي ، ج ٥ ، ص ٣٣٧.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572