الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٧

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 572

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 572 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 287669 / تحميل: 5228
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

[٢٠٣] وبآخر ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليّ وليّ كل مؤمن من بعدي.

[٢٠٤] وبآخر عن البراء بن عازب ، إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أخذ بعضد عليعليه‌السلام فأقامه ، ثم قال : هذا وليكم من بعدي والى الله من والاه وعادى من يعاديه. قال : فقام عمر بن الخطاب إليه. فقال : يهنيك يا ابن أبي طالب ، أصبحت ، أو قال : أمسيت(١) ولي كل مسلم.

[٢٠٥] وبآخر عن بريدة ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي وليكم من بعدي.

[٢٠٦] وبآخر عن عمار بن ياسر رحمة الله عليه إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب فمن تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله عز وجل.

[٢٠٧] وبآخر ، الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري ، باسناده عن سلمان الفارسي ( رضوان الله عليه ) ، انه قال : كنت عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده جماعة من أصحابه إذ وقف أعرابي [ من بني عامر وسلم ] فقال : والله يا محمد لقد آمنت بك من قبل أن أراك ، وصدقتك من قبل أن ألقاك ، وقد بلغني عنك أمر ، فأردت سماعه منك. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما الذي بلغك عني يا أعرابي؟ قال : دعوتنا الى أن نشهد أن لا إله إلا الله والى. الإقرار بأنك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأجبناك ، وإلى الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد ، فأجبناك ، ثم لم ترض حتى دعوت الناس إلى حبّ ابن عمّك علي وولايته ، فذلك فرض علينا من الأرض أم الله فرضه من السماء؟

__________________

(١) وفي غاية المرام ص ٨٤ : أصبحت وأمسيت.

٢٢١

قال : فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بل الله عز وجل فرضه من السماء(١) .

قال الأعرابي : فان كان الله عز وجل فرضه ، فحدّثني به يا رسول الله.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أعرابي أني اعطيت في علي خمس خصال الواحدة منها خير من الدنيا بحذافيرها ، يا أعرابي ألا انبئك بهن؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم بدر جالسا وقد انقضت الغزاة فهبط عليّ جبرائيلعليه‌السلام ، فقال : يا محمد إن الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : إني آليت على نفسي بنفسي ألا الهم حب علي ، إلا من أحببته ، فمن أحببته ألهمته ذلك ، ومن أبغضته ألهمته بغضه وعداوته.

يا أعرابي ألا انبئك بالثانية؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم أحد جالسا ، وقد فرغت من جهاز عمي حمزة فاذا أنا بجبرائيلعليه‌السلام وقد هبط عليّ ، فقال : يا محمد ، الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : اني فرضت الصلاة ووضعتها عن العليل(٢) ، والزكاة ووضعتها عن المقسر ، والصوم فوضعته عن المسافر ، والحج ووضعته عن المقتر(٣) ، والجهاد فوضعته عمّن له عذر وفرضت ولاية علي ومحبته على جميع الخلق ، فلم أعط أحدا فيها رخصة

__________________

(١) وفي الفضائل لابن شاذان : ص ١٤٧ بل فرضه الله تعالى في السماوات على أهل السماوات والأرض.

(٢) وهو المريض ، ووضعناها بمعنى خففت من أحكامها لعلّة مرضه بأحكام مرنة ملائمة لحاله.

(٣) الفقير.

٢٢٢

طرفة عين.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالثالثة؟

قال : بلى.

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) : ما خلق الله عز وجل شيئا إلا جعل له سيدا ، فالنسر سيد الطيور(٢) والثور سيد البهائم والأسد سيد السباع وإسرافيل سيد الملائكة ويوم الجمعة سيد الأيام وشهر رمضان سيد الشهور(٣) وأنا سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ، إلا انبئك بالرابعة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : يا أعرابي : إن الله عز وجل خلق حبّ علي شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده الجنة ، وبغض علي شجرة أصلها في النار وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده في النار.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالخامسة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : إذا كان يوم القيامة يؤتى بمنبري فينصب عن يمين العرش ويؤتى بمنبر إبراهيمعليه‌السلام فينصب عن يمين العرش. يا أعرابي والعرش له يمينان ، فمنبري عن يمين ، ومنبر إبراهيم عن يمين ثم يؤتى بكرسي عال مشرف فينصب بين المنبرين المعروف بكرسيّ الكرامة

__________________

(١) وفي بحار الأنوار ٢٧ / ١٢٩ : إنه ما أنزل الله كتابا ولا خلق الله ...

(٢) وفي الأصل : الطير.

(٣) وفي الفضائل ص ١٤٧ أضاف : وآدم سيد البشر.

٢٢٣

لعلي ، وأنا عن يمين العرش على منبري وإبراهيم على منبره وعلي على كرسيّ الكرامة وأصحابي حولي ، وشيعة علي حوله فما رأيت أحسن من حبيب بين خليلين.

يا أعرابي : أحبب عليا حق حبّه ، فما هبط عليّ جبرائيل إلا سألني عن علي وشيعته ، ولا عرج من عندي إلا قال أقرئ مني عليا أمير المؤمنينعليه‌السلام السّلام.

[ فعند ذلك قال الأعرابي : سمعا وطاعة لله ولرسوله ولابن عمه علي بن أبي طالب ](١) .

[٢٠٨] وبآخر ، أبو بصير ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، إنه قال : إذا مات العبد المؤمن من أهل ولايتنا وصار الى قبره دخل معه قبره ست حور منهن حورة أحسنهن وجها وأطيبهن ريحا وأنظفهن هيئة ، حورة تكون عند رأسه ، وتكون الاخرى منهن عن يمينه ، والاخرى عن يساره ، والاخرى من خلفه ، والاخرى عن قدامه ، والاخرى عند رجليه ، فيمنعنه من حيث ما أتى من الجهات ويؤنسنه في قبره ، فيقول الميت من أنتنّ ، جزاكنّ الله خيرا. فتقول التي عن يمينه : أنا الصلاة ، وتقول التي عن يساره : أنا الزكاة ، وتقول التي بين يديه : أنا الصيام ، وتقول التي من خلفه : أنا الحج والعمرة ، وتقول التي عند رجليه : أنا الجهاد وأنا من وصلته من إخوانك ، وتقول التي عند رأسه وهي أحسنهن : أنا الولاية لعليعليه‌السلام والائمة من ذرّيته.

[٢٠٩] وبآخر ، معاذ بن مسلم ، قال : دخلت مع أخي عمرو ، على أبي عبد الله ( جعفر بن محمدعليه‌السلام ) ، فقلت له : جعلت فداك هذا

__________________

(١) هذه الزيادة موجودة في الفضائل لابن شاذان ص ١٤٧.

٢٢٤

أخي يريد أن يسمع منك. فقال له : سل عمّا شئت.

فقال : أسألك عن الذي لا يقبل الله عز وجل من العباد غيره ، ولا يعذرهم على جهله؟

قالعليه‌السلام : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله والطهارة والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان وحجّ البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا والجهاد لمن قدر عليه والائتمار(١) مع ذلك بأئمة الحق من آل محمّد عليه وعليهم أفضل الصلاة.

قال له عمرو : سمّهم لي جعلت فداك.

قالعليه‌السلام : علي أمير المؤمنين ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، ويعطي الله الخير من يشاء.

قال له : فأنت جعلت فداك؟ قال : يجري لآخرنا ما جرى لأوّلنا ، ومحمد وعلي أفضلنا.

[٢١٠] أبو صالح ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال في قول الله عز وجل «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » (٢) . قال : أتى عبد الله بن سلام ورهط من أهل الكتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند صلاة الظهر ، فقالوا : يا رسول الله ، إن بيوتنا قاصية ولا نجد محدثا دون أهل المسجد ، وإن قومنا لما رأونا قد آمنا بالله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا يكلّمونا وتبرّءوا منا ومن ولايتنا و[ قاطعونا ] ، فشقّ ذلك علينا.

فبيناهم يشكون ذلك الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ انزل عليه : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية ». فقرأها رسول الله صلّى الله

__________________

(١) الافتداء.

(٢) المائدة : ٥٥

٢٢٥

عليه وآله. فقالوا : رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين ، وأذّن بلال لصلاة الظهر.

فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المسجد والناس يصلّون ، ومسكين يسأل ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل أعطاك أحد شيئا؟

قال : نعم. قال : ما ذا؟ قال : خاتم فضة. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أعطاك؟ قال : ذلك الرجل القائم ـ وأومى الى علي ـ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وعلى أيّ حال أعطاك؟ قال : وهو راكع مررت به ، وأنا أسأل ، فاستلّه(١) من إصبعه وناولني إياه. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الله أكبر(٢) .

[٢١١] وفي إسناد آخر ، إنه لما فرغ من الصلاة دعا علياعليه‌السلام فبشره بما أنزل الله فيه وما أوجب من ولايته.

[٢١٢] وبآخر عن علي بن عامر ، يرفعه الى أبي معشر ، قال : دخلت الرحبة ، فاذا عليعليه‌السلام بين يديه مال مصبوب وهو يقول : والذي فلق الحبة وبرىء النسمة لا يموت عبدا وهو يحبني إلا جئت أنا وهو كهاتين يوم القيامة ـ وجمع المسبحتين من يديه جمعا ـ ولا أقول كهاتين ـ وجمع بين

__________________

(١) استلّه أي : استخرجه من إصبعه.

(٢) روى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنينعليه‌السلام وزن أربعة مثاقيل حلقته من فضة ـ وفضته خمسة مثاقيل ـ وهو من ياقوتة حمراء ، وثمنه خراج الشام ، وخراج الشام ثلاثمائة حمل من فضة وأربعة أحمال من ذهب ، وكان الخاتم لمران بن طوق ، قتله أمير المؤمنين ـ في الجهاد ـ وأخذ الخاتم من إصبعه ، وأتى به الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جملة الغنائم وأمره النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يأخذ الخاتم.

قال الغزالي في كتاب سرّ العالمين : إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين كان خاتم سليمان بن داود.

قال الشيخ الطوسي : إن التصدق بالخاتم كان في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة.

٢٢٦

المسبحة والوسطى من يده اليمنى ـ وقال : أنا يعسوب المؤمنين ووليهم ، وهذا ـ وأشار الى المال ـ يعسوب المنافقين ومقصدهم ، فبي يلوذ المؤمنون ، وبهذا يلوذ المنافقون.

[٢١٣] وعن جعفر بن سليمان الهاشمي ، يرفعه الى عمر بن الخطاب ، إنه قال : أحبّوا الأشراف وتودّدوهم ، واتقوا على أعراضكم السفلة ، ولا يتم إسلام مسلم حتى يتولّى علي بن أبي طالب.

[٢١٤] الحسين بن الحكم الحبري ، يرفعه الى أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه ، إنه قال : بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمشي وعليعليه‌السلام معه في بعض طرق الجبانة ، إذ عرضت لهما جنازة رثة الهيئة قليلة التبع ، فوقف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى انتهوا بها إليه ، فقال : قفوا ، من هذا الميت؟ فقالوا : يا رسول الله هذا عبد لنبي الرياح(١) كان كثير الاسراف على نفسه فجفاه الناس ، فلما مات قلّ تبعه. قال : أصلّيتم عليه؟ قالوا : لا. فقال : امضوا. ومضى معهم حتى انتهوا إلى موضع فيه سعة. فقال : أنزلوه. فأنزلوه ، فصلّى عليه ، ثم مشى معهم الى قبره ، فدفنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسوّى عليه التراب ، فلما تفرقوا ، قال لعليعليه‌السلام : أما سمعت ما قال هؤلاء القوم في هذا الميت؟ قال : بلى يا رسول الله ، ولكني أخبرك عنه إنه والله ما استقبلني قط إلا قال لي : يا مولاي أنا والله أحبك وأتولاّك. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فبها والله أدرك ما أدرك لقد رأيت معه قبيلا من الملائكة(٢) يشيّعون جنازته.

__________________

(١) وفي البحار ٣٩ / ٢٨٩ : هذا رياح غلام آل النجار.

(٢) وفي البحار أيضا : شيّعه سبعون ألف قبيل من الملائكة كل قبيل سبعون الف ملك.

٢٢٧

[٢١٥] وعن [ الحسين ](١) أيضا ، باسناده ، عن أبي هارون العبدي ، قال : كنت أرى رأي الخوارج الى أن جلست يوما الى أبي سعيد الخدري ، قال : ألا إن الاسلام بني على خمس ، فأخذ الناس بأربع وتركوا واحدة ، فقلت : وما هي يا أبا سعيد؟ قال : أما الأربع التي عمل بها الناس فالصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج ، فأما التي تركوها فولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قلت : ما تقول ، هي مفروضة؟ قال : إي والله مفروضة.

[٢١٦] وبآخر عنه ، يرفعه الى زيد بن أرقم والبراء بن عازب ، إنهما قالا : سمعنا أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي ، لعن الله من ادعى الى غير أبيه ، ولعن الله من انتمى الى غير مواليه ، الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ليس لوارث وصيه إلا وقد سمعتم مني ورأيتموني ، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار ، ألا وأني فرطكم على الحوض ومكاثر بكم الامم يوم القيامة ، ولأستنقذن من النار رجل ، وليستنقذن من يدي آخرون ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، ألا إن الله وليي وأنا ولي كل مؤمن ومؤمنة ، ومن كنت مولاه فعلي مولاه.

[٢١٧] وبآخر ، سعد بن ظريف ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : بينا عليعليه‌السلام يصلّي إذ مرّ به سائل ، فرمى إليه بخاتمه وهو راكع ، فلما فرغ من صلاته أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : يا علي ، ما صنعت في صلاتك؟ فأخبره. فقال : إن الله تعالى أنزل فيك آيتين وتلا عليه قوله : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » الى قوله : «هُمُ

__________________

(١) وفي الأصل : الحسن. وفي نسخة ـ ب ـ الحسين بن الحكم.

٢٢٨

الْغالِبُونَ » (١) .

[٢١٨] وبآخر ، محمد بن جرير الطبري ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعود ، إنه قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو آخذ بيد عليعليه‌السلام وهو يقول : هذا ولي من أنا وليه ، عاديت من عاداه وسالمت من سالمه(٢) .

[٢١٩] وبآخر ، أبو نعيم ( الفضل بن دكين ) عن سفيان بن عيينة ، قال : سألت أبا عبد الله ( جعفر بن محمد )عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ » (٣) .

فنظر أبي كالمتعجب ، فقال لي : يا سفيان ، كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني عنها أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي محمد بن عليعليه‌السلام فقال لي : بابني كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي علي بن الحسينعليه‌السلام فقال لي مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه الحسين بن عليعليه‌السلام فقال له مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال له مثل

__________________

(١) الآيتين في سورة المائدة الآية ٥٥ و ٥٦( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) .

(٢) ولقد أجاد المؤلف حيث أشار في ارجوزته الى هذا المعنى :

ثم دعاه بينهم إليه

وقال وهو رافع يديه

يا ربّ وال اليوم من والاه

وعاد يا ذا العرش من عاداه

(٣) الشعراء : ٢٠٤. ( الارجوزة المختارة ص ١٠٧ ).

٢٢٩

ذلك ، وانه قال لأبيه عليعليه‌السلام ، إذ قال ذلك له : أردت أن تخبرني عنها فيمن انزلت؟

قال : نعم ، لما رجعنا من حجة الوداع نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير خم ، فقال : معاشر الناس ، اني مسئول عنكم وانتم مسئولون عني ، فما أنتم قائلون؟

قالوا : نشهد إنك لرسول الله ، بلّغت رسالة ربك ونصحت لامّتك وعبدت ربك حتى أتاك اليقين ، فجزاك الله عنا من نبي خيرا.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأنتم ، فجزاكم الله عني خيرا ، فلقد صدقتموني وأعنتموني على تبليغ وحي الله عز وجل ورسالته ، وجاهدتم معي فجزاكم الله عني خيرا.

ثم أخذ بيدي فرفعها كأنها مروحة ، وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأنا وليّ جميعهم؟

قالوا : نعم.

قال : من كنت مولاه فهذا مولاه. هل سمعتم وأطعتم.

قالوا : نعم.

قال : اللهمّ اشهد.

فقام نعمان بن الحارث الفهري(١) فقال : يا رسول الله أتيتنا فذكرت لنا إنك رسول الله إلينا ، فقلنا لك : أعن الله ذلك؟ قلت :

نعم ، فصدّقناك.

ثم أتيتنا بالفرائض ـ وذكرت كل فريضة منها ـ فقلنا لك : أعن الله هذا؟ قلت : نعم ، فصدّقناك.

__________________

(١) وفي البحار ذكر أنه الحارث بن النعمان الفهري راجع تخريج الاحاديث.

٢٣٠

ثم أخذت الآن بيد ابن عمك هذا ، فأمرتنا بولايته ، فالله أمرك بهذا؟ قال : نعم والله عز وجل أمرني أن أقول ذلك لكم.

فقال كلمة يعنى بها التكذيب ، ثم ولّى مغضبا ، وهو يقول : اللهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ثم أتى ناقته ، فحلّ عقالها ، وركبها ، فانطلق يريد أهله ، فأصابته حجارة من السماء [ فسقطت في رأسه وخرجت من دبره وسقط ميتا ](١) .

وفي رواية اخرى : نار فقتلته قبل أن يصل الى أهله ، فأنزل الله عز وجل :( أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ ) (٢) .

[٢٢٠] وبآخر عيسى بن عبد الله بن عمر ، قال : كنت جالسا عند أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام فسمع الرعد ، فقال : سبحان من سبّحت له.

ثم قال : يا أبا محمد أخبرني أبي عن أبيه عن جده ، عن الصدّيق الأكبر عليعليه‌السلام إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أوصي من آمن بي وصدقني ، بولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام فإن ولاءه ولائي ، وولائي ولاءه ، أمر أمرني به ربي عز وجل ، وعهد عهده إليّ ، وأمرني أن أبلغكموه وإن منكم من ينقصه حقّه ويركب عقّه.

قالوا : يا رسول الله أولا تعرّفنا بهم؟

قال : أما إني قد عرفتهم ، ولكن امرت بالإعراض عنهم لأمر هو كائن ، وكفى بالمرء منكم ما في قلبه لعليعليه‌السلام .

__________________

(١) هذه الزيادة موجودة في بحار الأنوار ٣٧ / ١٧٦.

(٢) الشعراء : ٢٠٤.

٢٣١

[٢٢١] وبآخر ، مسعر عن طلحة بن عميرة ، قال : شهدت علياعليه‌السلام على المنبر ، وحول المنبر اثنا عشر رجلا من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : اناشدكم الله من كانت لي عنده شهادة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا قام فأداها.

فقام القوم فذكروا قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، وكان فيهم أنس بن مالك ، فلم يقم ، ولم يقل شيئا.

فقال له عليعليه‌السلام : يا أنس بن مالك ، ما منعك أن تقوم فتشهد بما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال : يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت.

فقال عليعليه‌السلام : اللهمّ إن كان كاذبا فابتله ببياض لا تواريه العمامة.

قال طلحة : فو الله ما متّ حتى رأيتها نكتة(١) بين عينيه من برص أصابه.

[٢٢٢] وبآخر في حديث آخر عن زيد بن أرقم(٢) ، قد ذكرناه فيما تقدم إنه قال : أنشد عليعليه‌السلام الناس [ في المسجد ] : من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، إلا قام فشهد.

فقام جماعة ، فشهدوا ، وكنت فيمن كتم ، فعمي بصري ، وكان يحدث بذلك بعد أن عمي.

[٢٢٣] وبآخر ، محمد بن عبد الله بن أبي رافع عن أبي عبيدة عن عمار بن ياسر ، عن أبيه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن

__________________

(١) النكتة ونكت ونكات : النقطة البيضاء في الأسود.

(٢) وفي نسخة ـ ب ـ عن بريدة.

٢٣٢

بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب ، فمن تولاه فقد تولاني ، ومن تولاني فقد تولى الله ، ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ، ومن أبغض الله يوشك أن يأخذه عقاب.

[٢٢٤] وبآخر ، عن عباس ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا سيد الناس(١) ولا فخر ، وعليّ سيد المؤمنين ولا فخر ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

[٢٢٥] وبآخر سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة عن عليعليه‌السلام ، إنه قال : في قوله الله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ » (٢) .

قال : [ ناكبون ] عن ولايتنا أهل البيت.

[٢٢٦] وقالعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً » (٣) .

قال : في ولايتنا أهل البيت.

[٢٢٧] وبآخر ، أبو حمزة ، عن ابن عباس ، إنه قال في قوله الله عز وجل : «رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً » (٤) .

قال : الدخول في الولاية.

«وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً » قال : الجنة.

[٢٢٨] وبآخر ، الشعبي عن ابن عباس ، إنه قال في قوله الله تعالى :

__________________

(١) وفي نسخة ـ أ ـ سيد البشر.

(٢) المؤمنون : ٧٤.

( ٣ ـ ٤ ) البقرة : ٢٠٨ و ٢٠١.

٢٣٣

  «وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ » (١) .

قال : يوقف الناس على الصراط فيسألون عن ولاية عليعليه‌السلام .

[٢٢٩] وبآخر ، يزيد بن عبد الملك ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله تعالى : «بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً » (٢) .

قال : من ولاية علي أمير المؤمنين والأوصياء من ولدهعليهم‌السلام أجمعين.

[٢٣٠] وبآخر ، زيد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليهم أجمعين إنه قال ـ في قوله تعالى ـ : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما ) ( يُحْيِيكُمْ » (٣) .

قال : ولاية عليعليه‌السلام .

[٢٣١] وبآخر ، داود بن سرحان ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى : «فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ » (٤) .

قال : ذلك علي بن أبي طالبعليه‌السلام إذا رأوا ما أزلفه(٥) الله عز وجل به لديه ، ومنزلة ومكانه من الله جلّ ثناؤه أكلوا اكفهم على ما فرطوا فيه من ولايتهعليه‌السلام .

[٢٣٢] وبآخر ، أبو حذيفة عن هلقام ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال

__________________

(١) الصافات : ٢٤.

(٢) البقرة : ٩٠.

(٣) الأنفال : ٢٤.

(٤) الملك : ٢٧.

(٥) أزلفه : قربه ، والزلفى : القربة والمنزلة ( مختار الصحاح ص ٢٧٣ ).

٢٣٤

في قول الله تعالى : «فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ »(١) .

قال : من دفعهم لولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٣٣] وبآخر ، أبان بن عثمان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى :( وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ » (٢) .

قال : هو وعد تواعد الله به من كذب بولاية علي أمير المؤمنين.

[٢٣٤] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : لما أنزل الله تعالى على رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله : «إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ » (٣) .

قال لعليعليه‌السلام : المجرمون ، ـ يا علي ـ المكذبون بولايتك.

[٢٣٥] وبآخر ، عن عمر بن اذينه ، عن جعفر بن محمد عن أبيه صلوات الله عليهم إنه قال في قول الله عز وجل : «أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ » (٤) .

قال : يقول : أفتطمعون أن يقرّوا لكم بالولاية ، وهم يحرّفون الكلم عن مواضعه.

[٢٣٦] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام إنه قال في قول الله [ تعالى ] : «أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ ، فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ » (٥) .

قال : قد كذبوا والله فريقا من آل محمد وفتلوا فريقا.

[٢٣٧] وبآخر ، ثابت الثمالي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قوله الله تعالى : «أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ » (٦) .

__________________

(١) ص : ١٧.

(٢) المزمل : ١١.

(٣) المدثر : ٤٢.

(٤) البقرة : ٧٥.

(٥) البقرة : ٨٧.

(٦) البقرة : ١١٤.

٢٣٥

قال : يعني الولاية لا يقولوا بها إلا وهم يخافون على أنفسهم إظهار القول بها.

[٢٣٨] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله عز وجل «وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ » (١) .

قال : مسلمون بولاية عليعليه‌السلام .

[٢٣٩] وبآخر ، محمد بن سلام ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله عز وجل : «قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » (٢) قال : إن الله عز وجل أوحى الى نبيه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمره بالصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد فلما فعلوا ذلك وأقاموه ، وكان آخر ما فعلوه منه الحج معه حجة الوداع وقام فيهم بولاية عليعليه‌السلام .

قال قوم : الى متى يلزمنا محمد هذه الفرائض شيئا بعد شيء؟

فأنزل الله تعالى قل : «إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » يعني الولاية لأمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٤٠] وبآخر ، عبد الصمد بن بشير ، عن عطيّة عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : لما كان يوم غدير خم ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في عليعليه‌السلام ـ ما قال ، اجتمع جنود إبليس إليه ، فقالوا : ما هذا الأمر الذي حدث كنّا نظن أن محمّدا إذا مضى تفرق هؤلاء ، فنراه قد عقد هذا الأمر لآخر من بعده. فقال لهم : إن أصحابه لا يفوا له بما عقد عليهم.

قال عطية : ثم قال لي أبو جعفرعليه‌السلام : أتدري أين هو من كتاب الله تعالى؟

__________________

(١) البقرة : ١٣٢

(٢) السبأ : ٤٦.

٢٣٦

قلت : لا.

قال : هو قوله تعالى : «وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » (١) .

[٢٤١] وبآخر ، يعقوب بن المطلب ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله عز وجل : «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ » (٢) .

قال : لا تعدلوا عن ولايتنا فتهلكوا في الدنيا والآخرة

[٢٤٢] وبآخر ، إبراهيم بن عمر الصنعاني ، عن أبي جعفر ( محمد بن علي بن الحسينعليه‌السلام ) ، إنه قال : في قول الله عز وجل : «سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى » (٣) .

قال : لا يقول بولايتنا إلا من يخشى الله تعالى.

[٢٤٣] فضيل بن الرسان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى » (٤) .

قال : نعينك على تبليغ الرسالة بمعرفة حق الأوصياءعليهم‌السلام .

[٢٤٤] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام إنه قال في قول الله [ عز وجل ] : «يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ ».

قال : يعني بولاية عليعليه‌السلام .

«وَإِنْ تَكْفُرُوا ) ـ يعني بولايته ـ( فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً » (٥)

__________________

(١) السبأ : ٢٠.

(٢) البقرة : ١٩٥.

(٣) الأعلى : ١٠.

(٤) الأعلى : ٨.

(٥) النساء : ١٧٠.

٢٣٧

[٢٤٥] وبآخر ، الفضل بن بشار ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » (١) .

يعني الائمةعليهم‌السلام .

[٢٤٦] وعنهعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ » (٢) .

قال : يعني الولاية.

[٢٤٧] وبآخر ، حميد بن جابر بن العبدي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها » (٣) قال : يعني الولاية «لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ ».

قال : لأرواحهم «وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ » يوم القيامة.

[٢٤٨] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ » (٤) .

يقول : الى ولاية عليعليه‌السلام ، فإنّ استجابتكم له في ولاية عليعليه‌السلام أجمع لأمركم.

[٢٤٩] وبآخر ، عن ابن عمر عن أبي جعفر عن أبيه ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها » (٥) .

قال : بالإقرار بالولاية ، فلتعبدوا ، أتعستم فيها بالجحود.

__________________

(١) المائدة : ٥٥.

(٢) المائدة : ٦٨.

(٣) الأعراف : ٤٠.

(٤) الأنفال : ٢٤.

(٥) آل عمران : ١٠٣.

٢٣٨

[٢٥٠] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام [ إنه ] قال : نزل جبرائيلعليه‌السلام علي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه الآية : «فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً »(١) .

قال : بولاية عليعليه‌السلام .

[٢٥١] وبآخر ، عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى » (٢) ، قال : هو التارك لحقنا ، المضيع لما افترضه الله تعالى عليه من ولايتنا.

«وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى » ، قال : يقول ليس عليك يا محمد ألا يصلي ويزكي ويصوم ، فانه إن عمل أعمال الخير كلها وأتى بالفرائض بأسرها ثم لم يقبل بولاية الأوصياء لم يزن ما عمل عند الله سبحانه جناح بعوضة.

[٢٥٢] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا » (٣) .

قال : علم الله عز وجل إنهم سيفترقون بعد نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويختلفون ، فنهاهم الله عن التفرق كما نهى من كان قبله وأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمدعليهم‌السلام ولا يتفرقوا.

[٢٥٣] وبآخر ، محمد بن زيد ، عن أبيه ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى : «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها » (٤) ، أهي للمسلمين عامة؟.

قال : الحسنة : ولاية علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٥٤] وبآخر ، خيثمة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله

__________________

(١) الإسراء : ٨٩.

(٢) عبس : ٥.

(٣) آل عمران : ١٠٣.

(٤) الأنعام : ١٦٠.

٢٣٩

تعالى : «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى » (١) .

قال : العروة الوثقى هي : ولاية عليعليه‌السلام والقول بإمامته والبراءة من أعدائه ، والطاغوت أعداء آل محمّدعليهم‌السلام .

[٢٥٥] وبآخر ، جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عليعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله عز وجل : «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ » (٢) ، قال : الذين كفروا بولاية عليعليه‌السلام وأوصياء رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين.

[٢٥٦] وبآخر ، أبو حمزة ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ » (٣) ، قال : ولاية عليعليه‌السلام وولايتنا من بعده.

[٢٥٧] وبآخر ، خالد بن يزيد ، عنهعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله تعالى : «فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ » (٤) ، قال : في القول بالولاية.

[٢٥٨] وبآخر ، حسّان الجمّال ، قال : حملت أبا عبد الله ( جعفر بن محمدعليه‌السلام ) من المدينة الى مكة ، فلما انتهى إلى غدير خم ، نظر الى المسجد ، فقال : ترى عن يسار المسجد ذاك؟

قلت : نعم.

قال : كان موضع قدمي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أخذ بيد عليعليه‌السلام ، وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه.

ونظر الى الجانب الأيمن ، فقال : هاهنا كان فسطاط أربعة من

__________________

(١) البقرة : ٢٥٦.

(٢) البقرة : ٦.

(٣) الكهف : ٤٤.

(٤) التغابن : ١٦.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

التّفسير

دعاء ابراهيمعليه‌السلام :

لمّا كان الحديث في الآيات السابقة عن المؤمنين الصادقين والشاكرين لأنعم الله ، عقّبت هذه الآيات في بحث بعض ادعية وطلبات العبد المجاهد والشاكر لله ابراهيمعليه‌السلام ليكون هذا البحث تكملة للبحث السابق ونموذجا حيّا للذين يريدون ان يستفيدوا من النعم الالهيّة أفضل استفادة.

يقول تعالى :( وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ ) لانّهعليه‌السلام كان يعلم حجم البلاء الكبير الكامن في عبادة الأصنام ، ويعلم كثرة الذين ذهبوا ضحيّة في هذا الطريق( رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ ) فأيّ ضلال اكبر من هذا الضلال الذي يفقد الإنسان فيه حتّى عقله وحكمته.

الهي انّني ادعو الى توحيدك ، وادعو الجميع الى عبادتك( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

في الحقيقة انّ ابراهيمعليه‌السلام أراد بهذه العبارة ان يقول لله تعالى : انّه حتّى لو انحرف ابنائي عن مسيرة التوحيد واتّجهوا الى عبادة الأصنام فإنّهم ليسوا منّي ، ولو كان غيرهم في مسيرة التوحيد فهم ابنائي وإخواني.

انّ تعبير ابراهيم المؤدّب والعطوف جدير بالملاحظة ، فهو لم يقل : ومن عصاني فإنّه ليس منّي وسأعاقبه عقابا شديدا ، بل يقول :( وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

ثمّ يستمر بدعائه ومناجاته( رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ ) .

وكان ذلك عند ما رزقه الله إسماعيل من جاريته «هاجر» فأثار ذلك حسد زوجته الاولى «سارة» ولم تستطع تحمّل وجود هاجر وابنها ، فطلبت من

٥٢١

ابراهيم ان يذهب بهما الى مكان آخر ، فاستجاب لها ابراهيم طبقا للأوامر الالهيّة ، وجاء بإسماعيل وامّه الى صحراء مكّة القاحلة ، ثمّ ودّعهم وذهب.

ولم يمض قليل من الوقت حتّى عطشت الامّ وابنها في تلك الشمس المحرقة ، وسعت هاجر كثيرا في انقاذ ابنها ، ولكنّ الله تعالى أراد ان تكون تلك الأرض قاعدة عظيمة للعبادة فأظهر عين زمزم ، ولم يمض وقت حتّى علمت قبيلة «جرهم» البدوية التي كانت قريبة منهم بالأمر ، فرحلوا وأقاموا عندهم ، فأخذت مكّة بالتحضّر شيئا فشيئا.

ثمّ يتابع ابراهيمعليه‌السلام دعاءه : الهي ، انّ اهلي قد سكنوا في هذه الصحراء المحرقة احتراما لبيتك المحرّم :( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ) .

ومن هنا لمّا كان الإنسان الموحّد والعارف يعلم بمحدودية علمه في مقابل علم الله ، وانّه يعلم مصلحته الّا الله تعالى ، فما اكثر ما يطلب شيئا من الله وليس فيه صلاحه ، او لا يطلبه وفيه صلاحه ، وأحيانا لا يستطيع ان يقوله بلسانه فيضمره في اعماق قلبه ، ولذلك يعقّب على ما مضى من دعائه ويقول :( رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ) .

فان كنت مغتمّا لفراق ابني وزوجتي فأنت تعلم بذلك وترى دموع عيني المنهملة. وان كان قلبي قد ملأه همّ الفراق ، وامتزج بفرح العمل بالتكليف والطاعة لاوامرك فأنت اعلم بذلك وعند ما فارقت زوجتي وقالت لي : «الى من تكلني» فأنت أدرى بها وبمستقبلها ومستقبل هذه الأرض.

ثمّ يشير القرآن الى شكر ابراهيمعليه‌السلام لنعمه تعالى والتي هي من اهمّ ما امتاز بهعليه‌السلام شكره على منحه ولدين بارّين إسماعيل وإسحاق وذلك في سنّ

٥٢٢

الشيخوخة( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ ) (١) نعم( إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ ) .

ثمّ يستمرّ بدعائه ومناجاته ايضا فيقول :( رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ ) .

ثمّ يختم دعاءه هنا فيقول :( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ ) .

* * *

بحوث

١ ـ هل كانت مكّة في ذلك الوقت مدينة؟

رأينا في الآيات السابقة انّ ابراهيم قال :( رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ) وهذه اشارة الى اوّل دخوله ارض مكّة والتي كانت غير مزروعة ولا معمورة ولا ساكن فيها سوى اسّس بيت الله الحرام ، ومجموعة من الجبال الجرداء.

ولكنّنا نعلم انّها لم تكن رحلته الوحيدة الى مكّة ، بل وطأت قدمه عدّة مرّات تلك الأرض ، وفي الوقت نفسه كانت مكّة تأخذ طابع المدينة ، وسكنتها قبيلة «جرهم» وبظهور عين زمزم أصبحت صالحة للسكن.

والمعتقد انّ ادعية ابراهيم هذه كانت في احدى رحلاته ، ولذلك عبّر عنها بالبلد ، اي المدينة فقال :( رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً ) .

وامّا قوله :( بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ) فقد تكون اشارة الى رحلته الاولى او اشارة

__________________

(١) هناك اختلاف بين المفسّرين في سنّ ابراهيم عند ولادة إسماعيل وإسحاق ، فمنهم من قال : كان عمره عند ولادة إسماعيل ٩٩ عاما وعند ولادة إسحاق ١١٢ عام ، ومنهم من يقول اكثر من ذلك واقل ، ولكن القدر المسلّم به انّ عمره كان في سن يصعب ان يولد منه الأبناء.

٥٢٣

الى ارض مكّة بعد ان أخذت طابع المدينة ، فإنّها لا زالت غير صالحة للزراعة ، لانّها من الناحية الجغرافية تقع بين جبال يابسة وقليلة المياه.

٢ ـ أمان ارض مكّة

من الطريف انّ اوّل ما سأل ابراهيم من ربّه في هذه الأرض هو الامان ، وهذا يوضّح انّ نعمة الأمن هي من الشروط الاولى لحياة الإنسان وسكنه في منطقة ما ، فالمكان غير الآمن لا يمكن السكن فيه ، حتّى لو اجتمعت كلّ النعم الدنيويّة فيه ، وفي الحقيقة اي مدينة او بلد فاقد لنعمة الأمن سوف يفقد جميع النعم!

ولا بدّ هنا من الالتفات الى هذه النقطة ، وهي انّ استجابة الله لدعاء ابراهيم بخصوص امن مكّة له جهتان : فمن جهة منحها امنا تكوينيّا ، ولذلك لم تشهد في تاريخها الّا النزر القليل من إخلال الأمن ، ومن جهة ثانية منحها الأمن التشريعي ، اي انّ الله اقرّ ان يأمن جميع الناس ـ وحتّى الحيوانات ـ في هذه الأرض. ومنع صيد الحيوانات ، وعدم متابعة المجرمين الذين يلجأون الى حرم الكعبة ، ونستطيع ـ فقط ـ ان نمنع عليهم الغذاء لكي يخرجوا ، ومن ثمّ تطبيق العدالة في حقّهم.

٣ ـ دعاء ابراهيم لاجتناب عبادة الأصنام؟

ممّا لا شكّ فيه انّ ابراهيمعليه‌السلام كان نبيّا معصوما ، وكذلك ابناه إسماعيل وإسحاق كانا نبيّين معصومين ، لانّهما داخلان في كلمة «بنيّ» في الآية قطعا ، ومع ذلك يدعو الله ان يجنّبهم عبادة الأصنام!

وهذا دليل في التأكيد على محاربة عبادة الأصنام بحيث كان يطلب هذا الأمر من الله حتّى للأنبياء المعصومون ومحطّمو الأصنام ، وهذا نظير اهتمام النّبي في وصاياه لعلي ـ او الائمّة الآخرين بالنسبة لاوصيائهم ـ في امر الصلاة ، والتي

٥٢٤

لا يمكن احتمال تركها من قبلهم ابدا ، بل انّ الصلاة أساسا قامت ببركة سعيهم وجهودهم.

وهنا يطرح هذا السؤال : كيف قال ابراهيم( رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ ) في حين انّ الأصنام ليست سوى أحجارا وخشبا ولا استطاعة لهنّ في إضلال الناس.

ويمكن الجواب على هذا السؤال من جهتين :

اوّلا : لم تكن الأصنام من الأحجار والخشب دائما ، بل هناك الفراعنة وأمثال نمرود الذين كانوا يدعون الناس لعبادتهم ويسمّون أنفسهم بالربّ الأعلى والمحي والمميت.

ثانيا : وأحيانا يكون القائمون بأمر الأصنام مظهرين تعظيمها وتزيينها بالشكل الذي تكون حقّا مضلّة لعوام الناس.

٤ ـ من هم اتباع ابراهيم؟

قرانا في الآيات انّ ابراهيم قال :( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) فهل انّ اتباع ابراهيم من كان في عصره فقط ، ام الذين كانوا على دينه في العصور اللاحقة ، او يشمل كلّ الموحدين والمؤمنين في العالم ـ باعتبار ابراهيمعليه‌السلام مثالا في التوحيد ومحطّما للأصنام ـ؟

نستفيد من الآيات القرآنية ـ ومن ضمنها الآية ٧٨ من سورة الحج ـ انّ دعاء ابراهيم يشمل جميع الموحدين والمجاهدين في طريق التوحيد. ويؤيّد هذا التّفسير ما ورد عن اهل البيتعليهم‌السلام ايضا : فعن الباقرعليه‌السلام قال «من احبّنا فهو منّا اهل البيت. قلت ، جعلت فداك : منكم؟ قال منّا والله ، اما سمعت قول ابراهيم( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (١) .

__________________

(١) نور الثقلين ج ٤ ص ٥٤٨.

٥٢٥

ويوضّح هذا الحديث صيرورة الفرد من اهل البيت معنويا ان سار على خطّهم وتابع منهجهم.

وعن الامام عليعليه‌السلام قال : «نحن آل ابراهيم ، أفترغبون عن ملّة ابراهيم! وقد قال الله تعالى :( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) .

٥ ـ واد غير ذي زرع والحرم الآمن

الذين سافروا الى مكّة يعلمون جيدا انّها تقع بين جبال صخرية يابسة لا ماء فيها ولا كلا ، وكأنّ الصخور وضعت في افران حارّة ثمّ صبّت في أماكنها. وفي نفس الوقت فهي اكبر مركز للعبادة واقدم قاعدة للتوحيد على وجه المعمورة ، وكذلك هي حرم الله الآمن.

وهنا قد يرد هذا السؤال في أذهان الكثيرين وهو : لماذا جعل الله هذا المركز المهمّ في مثل هذه الأرض؟

يجيب الامام عليعليه‌السلام على هذا السؤال من خلال أوضح العبارات وأجمل التعابير الفلسفيّة خطبته القاصعة حيث يقول : «وضعه بأوعر بقاع الأرض صخرا واقلّ نتائق الدنيا مدرا بين جبال خشنة ورمال دمثة ولو أراد سبحانه ان يضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنّات وانهار وسهل وقرار ، جمّ الأشجار ، داني الثمار ، ملتفّ البنا ، متّصل القوى ، بين برّة سمراء وروضة خضراء ، وأرياف محدقة ، وعراص مغدقة ورياض ناظرة وطرق عامرة ، لكان قد صغر قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء ، ولو كان الأساس المحمول عليها والأحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء ، وياقوتة حمراء ، ونور وضياء ، لخفّف ذلك مصارعة الشكّ في الصدور ، ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب ، ولنفى معتلج الريب من الناس ، ولكنّ الله يختبر عباده بأنواع الشدائد ، ويتعبّدهم بأنواع المجاهد ، ويبتليهم بضروب المكاره ، إخراجا للتكبّر من قلوبهم ، وإسكانا للتذلّل في نفوسهم وليجعل

٥٢٦

ذلك أبوابا فتحا الى فضله ، وأسبابا ذللا لعفوه»(١) .

٦ ـ الدعوات السبعة لإبراهيم

دعا ابراهيمعليه‌السلام في هذه الآيات سبع دعوات في مجال التوحيد والمناجاة ومحاربة الأصنام وعبادتها ومحاربة الظالمين :

اوّل هذه الدعوات هو أمان مكّة القاعدة العظيمة لمجتمع التوحيد (وما اعمق مغزى هذا الطلب).

الثّاني : دعاؤه في الاجتناب عن عبادة الأصنام والتي هي الأساس والقاعدة لجميع العقائد والبرامج الدينيّة.

الثّالث : دعاؤه في تمايل قلوب المؤمنين وارتباطهم العاطفي بالنسبة لأبنائه والتابعين لدينه.

دعاؤه الرابع : ان يرزقهم الله من انواع الثمرات ، لتكون عنوانا للشكر والالتفات بشكل اعمق لخالق النعم.

الدعاء الخامس : التوفيق لاقامة الصلاة والتي هي أقوى صلة بين الإنسان وربّه ، ودعاؤهعليه‌السلام ليس له فقط ، بل حتّى لأبنائه.

دعاؤه السادس : قبول دعائه ، ونحن نعلم انّ الله يقبل الدعاء من مواقع الإخلاص والقلوب الطاهرة والأرواح السامية ، وفي الواقع انّ هذا الطلب من ابراهيمعليه‌السلام يحتوي ضمنا الحصول على القلب الطاهر والروح السامية.

وآخر دعائهعليه‌السلام : ان يشمله الله بلطفه ورحمته فيما إذا صدر منه ذنب او خطيئة ، وان يرحم امّه وأباه وجميع المؤمنين في يوم القيامة.

وبهذا الترتيب فإن دعواته تبدا بالأمن وتنتهي بالعفو والغفران ، ومن الطريف انّه لم يطلبها لنفسه فقط ، بل للآخرين كذلك ، لانّ عباد الرحمن ليسوا انانيّين!

__________________

(١) نهج البلاغة ، خطبة ١٩٢ (القاصعة).

٥٢٧

٧ ـ هل يدعو ابراهيم لأبيه؟

ممّا لا شكّ فيه انّ «آزر» كان يعبد الأصنام ، وكما يشير اليه القرآن فإنّ ابراهيم سعى جاهدا لان يهديه لكن خاب سعيه ، وإذا سلّمنا انّ آزر كان أبا لإبراهيم ، فلما ذا يدعو ابراهيم ان يغفر الله له في الوقت الذي نرى انّ القرآن يقول :( ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ ) .(١)

ومن هنا يتّضح انّ آزر لم يكن أبا لإبراهيم ، وانّ كلمة أب تطلق أحيانا على العمّ ، وكثيرا ما يستعملها العرب كذلك ، بينما (الوالد) خاصّة بالأب الحقيقي والتي جاءت في الآيات أعلاه. امّا كلمة أب والتي وردت بخصوص آزر فمن الممكن انّ المراد بها العمّ.

ونستنتج من الآيات أعلاه وممّا ورد في سورة التوبة من النهي عن الاستغفار للمشركين انّ «آزر» لم يكن أبا لإبراهيم حتما. (وللتوضيح اكثر راجع تفسير الآية ٧٤ من سورة الانعام و ٣٦ من سورة الأعراف في تفسيرنا هذا).

* * *

__________________

(١) التوبة ، ١١٣.

٥٢٨

الآيات

( وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (٤٤) وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥) )

التّفسير

اليوم الذي تشخّص فيه الأبصار!

كان الحديث في الآيات السابقة عن يوم الحساب ، وبهذه المناسبة تجسّم هذه الآيات حال الظالمين والمتجبّرين في ذلك اليوم ، ثمّ تبيّن المسائل المتعلّقة بالمعاد وتكمل الحديث السابق حول التوحيد وتبدا في تهديد الظالمين :( وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) .

٥٢٩

وهذا في الواقع جواب لأولئك الذين يقولون : إذا كان لهذا العالم اله عادل فلما ذا يترك الظالمين وحالهم؟ هل هو غافل عنهم ام لا يستطيع ان يمنعهم وهو يعلم بظلمهم؟

فيجيب القرآن الكريم على ذلك بأنّ الله ليس غافلا عنهم ابدا ، لانّ عدم عقابهم مباشرة هو انّ هذا العالم محلّ الامتحان والاختبار وتربية الناس ، وهذا لا يتمّ الّا في ظلّ الحرية ، وسوف يأتي يوم حسابهم( إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ ) .

«تشخص» من مادّة «الشخوص» بمعنى توقّف العين عن الحركة والنظر الى نقطة بدهشة.

«مهطعين» من مادّة «إهطاع» بمعنى رفع الرقبة ، ويعتقد البعض انّها بمعنى «السرعة» وقال آخرون : تعني «النظر بذلّة وخشوع». ولكن بالنظر الى الجمل الاخرى يكون المعنى الاوّل اقرب الى الصحّة.

«مقنعي» من مادّة «الاقناع» بمعنى رفع الراس عاليا.

ومفهوم جملة( لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ) لا يقدرون على ان يطرفوا من شدّة الهول ، وكأنّ أعينهم كأعين الأموات عاطلة عن العمل!

وجملة( أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ ) بمعنى قلوبهم خالية ومضطربة بحيث ينسون كلّ شيء حتّى أنفسهم وفقدت قلوبهم وأنفسهم كلّ ادراك وعلم ، وفقدوا كلّ قواهم.

انّ بيان هذه الصفات الخمس : تشخص الأبصار ، مهطعين ، مقنعي رؤوسهم ، لا يرتدّ إليهم طرفهم ، افئدتهم هواء ، صورة بليغة لهول وشدّة ذلك اليوم على الظالمين الذين كانوا يستهزئون بكلّ شيء ، وأصبحوا في هذا اليوم لا يستطيعون حتّى تحريك أجفان أعينهم.

ولكي لا يشاهدوا هذه المناظر المفجعة ينظرون الى الأعلى فقط ، فهؤلاء كانوا يعتقدون بكمال عقولهم ويعدّون الآخرين من الحمقى ، فأصبحوا اليوم

٥٣٠

مدهوشين لدرجة انّ نظرهم نظر المجانين. بل الأموات نظر جاف عديم الروح ومليء بالرعب والفزع نعم ، عند ما يريد القرآن الكريم ان يصوّر منظرا او يجسّم موقفا يستخدم اقصر العبارات في أكمل بيان كما في الآية أعلاه.

ولكي لا يعتقد احد انّ هذه المجازات تتعلّق بمجموعة معيّنة ، يقول تعالى لنبيّه الكريم :( وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ ) حتّى نستفيد من هذه الفرصة ثمّ( نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ) ولكن هيهات انّ ذلك محال( أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ ) فكلّ هذه الدروس لم تؤثّر بكم وأدمتم ظلمكم وجوركم ، والآن وبعد ان وقعتم في يد العدالة تطلبون تمديد المدّة ، اي مدّة؟ لقد انتهى كلّ شيء!

* * *

بحوث

١ ـ لماذا وجّه الخطاب هنا الى الرّسول الأكرم؟

ممّا لا شكّ فيه انّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يتصوّر ابدا انّ الله غافلا عن الظالمين ، ومع ذلك نرى الآيات أعلاه توجّه خطابها الى النّبي وتقول له :( وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) .

انّه ـ في الواقع ـ إيصال الخطاب بشكل غير مباشر الى الآخرين ، والذي هو احد فنون الفصاحة ، كما نقول : ايّاك اعني واسمعي يا جارة.

وبالاضافة الى ذلك فإنّ هذا التعبير كناية عن التهديد ، كما نقول في بعض الأحيان للشخص المقصّر «لا تعتقد انّنا غافلون عن افعالك» يعني سوف نحاسبك على ما فعلت!

٥٣١

وعلى اي حال فأساس الحياة يقوم على إعطاء المهلة الكافية للافراد حتّى ينفقوا ممّا عندهم ، ولكي لا يبقى عذر لأحد تعطى المهلة الكافية قبل ساعة الامتحان ، وإعطاء المهلة الكافية للرجوع والإصلاح للجميع.

٢ ـ ما هو المقصود من( يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ ) ؟

لقد امر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان ينذر الناس بهذا اليوم الذي ينزل عليهم فيه العذاب الالهي ، ولكن اي يوم هذا؟ ذكر المفسّرون له ثلاث احتمالات :

الاوّل : يوم القيامة.

الثّاني : يوم وقوع الموت ، حيث تبدا مقدّمة العذاب الالهي للظالمين.

الثّالث : المقصود هو نزول جزء من العذاب والبلاء الدنيوي ، كعذاب قوم لوط وعاد وثمود وقوم نوح وفرعون ، والذي تمّ من خلال الطوفان او الزلازل والعواطف والريح وغيرها.

ومع انّ كثير من المفسّرين رجّحوا التّفسير الاوّل ، الّا انّ الآيات التي تليها تشير الى قوّة الاحتمال الثّالث ، والتي توضّح انّ المقصود هو العقاب الدنيوي لانّنا نقرا بعد هذه الآية( رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ ) .

فالتعبير «اخّرنا» قرينة واضحة في الطلب لاستمرار الحياة في الدنيا ، لانّه لو كان في الآخرة لقالوا : ربّنا ارجعنا الى الدنيا ، كما نقرا في الآية (٢٧) من سورة الانعام( وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) حيث يردّ عليهم القرآن الكريم ويقول :( وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ) .

وقد يسأل سائل : إذا كانت هذه الآية تشير الى عذاب الدنيا ، والآية ما قبلها( وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً ) تشير الى عذاب الآخرة ، فكيف يمكن ان تتوافق هاتان الآيتان ، بالنظر الى انّ كلمة «انّما» دالّة على عقابهم في الآخرة فقط وليس في

٥٣٢

الدنيا.

ويتّضح الجواب بملاحظة انّ العقاب الاخروي الذي يشمل جميع الظالمين ، ليس له اي تبديل وتغيير ، بينما الجزاء الدنيوي ـ بالاضافة الى انّه غير شامل ـ فهو قابل للتبديل.

ولا بدّ من ذكر هذه النقطة ايضا وهو انّ العقاب الدنيوي ـ كعقاب قوم نوح وفرعون وأمثالهم ـ إذا حلّ بهم سوف تغلق أبواب التوبة كليّا وليس لهم طريق للرجوع والتوبة ، لانّ اغلب المذنبين عند ما يرون العذاب يندمون على ما فعلوا ، وهذا الندم اضطراريوليس له اي قيمة ، ولذلك يجب عليهم ان يتوبوا قبل نزول العذاب(١) .

٣ ـ لماذا لا تقبل المهلة؟

نقرا في آيات مختلفة من القرآن الكريم انّ الظالمين والمذنبين في مواقف متعدّدة ، يطلبون الرجوع الى الحياة لتصحيح مسيرتهم ، فبعض هذه المواقف مرتبط بيوم القيامة كما أشرنا في الآية (٢٨) من سورة الانعام ، وبعض آخر مرتبط بساعة الموت كما تشير اليه الآية (٩٩) من سورة المؤمنون( حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ ) والبعض الآخر يطلب الرجوع عند نزول العذاب المهلك ـ كما في هذه الآية ـ حيث يقول الظالمون عند رؤيتهم للعذاب( رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ ) ومن الطريف انّ الجواب في جميع هذه المواقف يكون بالنفي.

ودليله واضح ، لانّ اي واحد من هذه الامنيات لا يمثّل حقيقة واقعيّة ولا جديّة ، ورجاؤهم هذا هو حالة اضطرارية تظهر حتّى عند أسوإ الأشخاص ، وليست حالة دالّة على التغيّر الذاتي والتصميم الواقعي الصادق لتصحيح مسيرة

__________________

(١) للمطالعة اكثر راجع ذيل الآية (١٨) من سورة النساء.

٥٣٣

حياتهم ، كالمشركين عند ما يأخذهم الطوفان يسألون الله النجاة ، وعند ما ينجيهم الى الساحل ينكثون عهودهم كأن لم يكن يحدث شيء إطلاقا.

ولذلك يقول القرآن الكريم في بعض آياته ـ كما أشرنا اليه أعلاه ـ( وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ ) .

* * *

٥٣٤

الآيات

( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦) فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ (٤٧) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٤٩) سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠) لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٥١) هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٥٢) )

التّفسير

لا فائدة من مكرهم!

اشارت الآيات السابقة الى نوع من عقاب الظالمين ، وفي هذه الآيات ايضا اشارت ـ اوّلا ـ الى جزء من أفعالهم ، ومن ثمّ الى قسم آخر من جزائهم الشديد وعقابهم الأليم.

٥٣٥

تقول الآية الاولى :( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ ) .

لقد عملوا كلّ ما بوسعهم من اجل طمس حقائق الإسلام ، بدء من الترغيب والتهديد وحتّى الأذى ومحاولات القتل والاغتيال وبثّ الشائعات ، ومع كلّ ذلك فإنّ الله مطّلع على جميع مؤامراتهم وقد احصى اعمالهم :( وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ ) وعلى اي حال فلا تقلق فانّهم لا يستطيعون بمكرهم هذا ان يصيبوك بسوء حتّى( وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ ) .

«المكر» ـ وكما أشرنا اليه سابقا ـ بمعنى الاحتيال ، فمرّة يلازمه الفساد ومرّة اخرى لا يلازمه ، وفي تفسير جملة( وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ ) رأيان : يقول البعض ومن جملتهم العلّامة الطباطبائي في تفسير الميزان : المراد بكون مكرهم عند الله احاطته تعالى به بعلمه وقدرته.

ويقول البعض الآخر ، كالعلّامة الطبرسي في مجمع البيان : انّ المراد هو ثبوت جزاء مكرهم عند الله تعالى (وعلى هذا التّفسير يكون تقدير الآية : عند الله جزاء مكرهم) فكلمة الجزاء محذوفة.

وممّا لا شكّ فيه انّ التّفسير الاوّل اقرب الى الصحّة ، لانّه يوافق ظاهر الآية ولا يحتاج الى الحذف والتقدير ، وتؤيّده جملة( وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ ) اي انّ مكرهم مهما كان قويّا. ومهما كانت لديهم قدرة على المؤامرة ، فإنّ الله اعلم بهم واقدر عليهم وسيدمر كلّ ما مكروا.

ثمّ يتوعّد الله الظالمين والمسيئين مرّة اخرى من خلال مخاطبة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ) لانّ الأخلاف يصدر من الذي ليست له قدرة واستطاعة ، ولكن :( إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ ) .

وهذه الآية ـ في الواقع ـ مكمّلة للآية التي قبلها( وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) .

وتعني انّ المهلة التي أعطيت للظالمين ليست بسبب انّ الله غافل عنهم وعن

٥٣٦

اعمالهم ولا مخلف لوعده ، بل سينتقم منهم في اليوم المعلوم. والانتقام لا يراد به ما كان مصحوبا بالحقد والثأر كما يستخدم عادة في اعمال البشر ، بل هو الجزاء والعقاب واقامة العدالة بحقّ الظالمين ، بل انّها نتيجة عمل الإنسان نفسه ، ولا حاجة الى القول بأنّ الله تعالى لو لم ينتقم من الظالمين لكان ذلك خلافا لعدله وحكمته.

ثمّ يضيف تعالى( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ ) وسوف يتجدّد كلّ شيء بعد الدمار ، ويبعث الإنسان في خلق جديد وعالم جديد يختلف في كلّ شيء عن هذا العالم ، في سعته ، في نعيمه وعقابه وسيظهر الإنسان بكلّ وجوده لله تعالى :( وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ) .

و «البروز» من مادّة «البراز» على وزن «فراز» بمعنى الفضاء والمحلّ الواسع ، وغالبا ما تأتي بمعنى الظهور ، لانّ وجود الشيء في الفضاء الواسع بمعنى ظهوره ، وهناك آراء مختلفة للمفسّرين في معنى بروز الناس لله تعالى ، الكثير يرى انّها تعني الخروج من القبر.

ويحتمل ان يكون المعنى انكشاف بواطن وظواهر جميع الناس في يوم المحشر ، كما نقرا في الآية (١٦) من سورة غافر( يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ) وكذلك الآية (٩) من سورة الطارق( يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ ) وعلى اي حال فوصفه بالقهّار دليل على تسلطه على كلّ الأشياء وسيطرته على ظاهرها وباطنها.

وهنا يأتي هذا السؤال ، وهو : هل انّ شيئا خفي على الله في هذه الدنيا لكي يظهر في الآخرة؟ ام انّ الله لا يعلم بما في القبور ولا يعلم بأسرار الناس؟

ويتّضح الجواب من الالتفات الى هذه النقطة ، وهي انّ لنا ظاهرا وباطنا في هذه الدنيا ، وقد يشتبه على البعض ـ بسبب علمنا المحدود ـ انّ الله لا يرى باطننا ، ولكن سوف يظهر كلّ شيء في الآخرة ولا وجود للظاهر والباطن هناك ، وبعبارة

٥٣٧

اخرى فالظهور بالقياس الى علمنا وليس الى علم الله المطلق.

وتصوّر الآية التالية كيفيّة بروزهم الى الله فنقول :( وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ ) .

«الأصفاد» جمع «صفد» بمعنى الغلّ ، وقال البعض هو الغلّ والسلاسل التي تجمع اليد الى العنق.

«مقرنين» من مادّة «القرن والاقتران» وهي بنفس المعنى ، لكن لو استخدمت من باب التفعيل يستفاد منها التكثير ، وعلى ذلك فكلمة مقرّنين بمعنى الأشخاص المتقاربين مع بعضهم البعض.

وللمفسّرين ثلاث آراء حول المقصود من هذه الكلمة :

الاوّل : هو تقييد المجرمين بالسلاسل والأغلال بعضهم مع البعض الآخر وظهورهم بهذه الصورة في يوم القيامة ، انّ هذا الغل هو عبارة عن تجسيد للروابط العملية والفكرية بين المجرمين في هذه الدنيا ، حيث كان يساعد بعضهم البعض على الظلم والفساد ، وتتجسّد هذه العلاقة في الآخرة بصورة سلاسل تربطهم فيما بينهم.

الثّاني : انّ المجرمين يقرّنون مع الشياطين بالسلاسل في يوم القيامة بسبب علاقتهم الباطنية معهم في هذه الدنيا.

الثّالث : ان تقيّد أيديهم برقابهم في الآخرة.

ولا مانع هناك من ان تجمع هذه الصفات للمجرمين ، لكن المعنى الاوّل الذي ذكرناه يوافق ظاهر الآية.

ثمّ يتطرّق القرآن الكريم الى لباسهم والذي هو احد افراد المجازاة الشديدة( سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ) .

«سرابيل» جمع (سربال) على وزن (مثقال) بمعنى القميص من اي قماش كان ، ويقول البعض بأنّه كلّ انواع اللباس ، لكن الاوّل اقرب الى المعنى.

٥٣٨

«قطران» بفتح القاف وسكون الطاء او بكسر القاف وسكون الطاء ، وهي مادّة تؤخذ من شجرة الأبهل ثمّ تغلى فتثخن وتطلى بها الإبل عند اصابتها بمرض الجرب ، وكانوا يعتقدون انّ المرض يزول بسبب وجود الحرقة في هذه المادّة ، وعلى اي حال فهي مادّة سوداء نتنة وقابلة للاشتغال(١) .

فيكون معنى الجملة( سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ ) انّهم يلبسون ثيابا من مادّة سوداء ونتنة وقابلة للاشتعال ، حيث تمثّل اسوا الالبسة لما كانوا يعملونه في هذه الدنيا من ارتكاب الذنوب والفواحش. وسوادها يشير إلى أنّ الذنوب تؤدّي إلى ان يكون الإنسان مسودّ الوجه امام ربّه ، وتعفّنها يشير الى تلوّث المجتمع بهم ومساعدتهم على إشعال نار الفساد ، وكأنّ القطران تجسيد لاعمالهم في الدنيا.

( وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ) بسبب لباسهم الذي هو من قطران ، لانّه عند اشتعاله لا يحرق جسمهم فقط ، بل يصل لهيبه الى وجوههم. كلّ ذلك لأجل( لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ ) .

ومن الطريف انّه لم يقل انّ الجزاء بما كسبت أنفسهم ، بل يقول : «ما كسبت» ليكون تجسيدا حيّا لاعمالهم ، وهذه الآية بهذا التعبير الخاص دليل آخر على تجسّم الأشياء.

وفي الختام يقول تعالى :( إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ ) وهذا واضح تماما لانّ كلّ انسان حسابه معه!

ونقرا في بعض الرّوايات : انّ الله تعالى يحاسب الخلائق كلّهم في مقدار لمح البصر. ولا ريب انّ الله تعالى لا يحتاج الى وقت لمحاسبة الافراد ، وما جاء في الرّواية أعلاه اشارة الى اقصر الفترات. (للتوضيح اكثر راجع تفسير الآية ٢٠٢ من سورة البقرة من تفسيرنا هذا).

__________________

(١) يقول فريد وجدي في دائرة المعارف في مادّة (القطران) مائع ناتج من تقطير الفحم الحجري ، والقطران النباتي يتمّ الحصول عليه من بعض الأشجار.

٥٣٩

وبما انّ آيات هذه السورة ـ وكذلك جميع الآيات ـ لها جانب الدعوة الى التوحيد وإبلاغ الأحكام الالهيّة الى الناس وإنذارهم ، يقول تعالى في آخر آية من هذه السورة :( هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ ) .

* * *

بحوث

١ ـ تبديل الأرض غير الأرض والسماوات

قرانا في الآيات أعلاه انّ في يوم القيامة تبدّل الأرض غير هذه الأرض وكذلك السّماوات ، فهل التبديل تبديل ذاتي ، اي ان تفنى هذه الأرض وتخلق مكانها ارض اخرى للقيامة؟ ام المقصود هو تبديل الصفات ، يعني دمار ما في الأرض والسّماوات وخلق ارض وسماوات جديدة على انقاضها؟ حيث تكون النسبة بينهما انّ الثانية أكمل من الاولى.

الظاهر في كثير من الآيات القرآنية أنّها تشير الى المعنى الثاني ، ففي الآية (٢١) من سورة الفجر يقول تعالى :( كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ) وفي الآية الاولى من سورة الزلزال يقول تعالى :( إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها ) وفي الآية (١٥) من سورة الحاقة( وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ ) وقوله تعالى :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً ـ لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ـ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ) ،(١) وقوله تعالى :( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ ) وقوله تعالى في سورة الانفطار( إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَواكِبُ

__________________

(١) سورة طه ، ١٠٨١٠٥ ـ.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572