الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٨

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل12%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 231442 / تحميل: 7121
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٨

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

السفياني وأصحابه، فيهزمونهم ويأخذون المـُلْك من أيدي الظالمين، ويسلِّموها إلى أهلها من الهاشميِّين، وهو الإمام المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام) الذي يخرج في مكَّة المكرَّمة.

11- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله)، ج1، باب (104)، ص33، أخرج بسنده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تَخرجُ من خُراسان - الكوفة، فإذا ظهر المهدي [ عليه السلام ] بمكَّة بعثت إليه بالبيعة).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي في عقد الدُّرر الحديث في رقم (172) بسنده عن أبي جعفر محمَّد بن علي (عليهما السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تُقبِل من خُراسان - الكوفةَ، فإذا ظهر المهدي بمكَّة، بَعَثتْ بالبيعة إلى المهدي)، وقال: أخرجه أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد.

المؤلِّف:

وأخرج الحديث في العرف الوردي، ج2، ص69، ولفظه ولفظ السيِّد في الملاحم سواءٌ.

12- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (105)، ص 33، أخرج بسنده عن كعب قال:

(إذا دارت رحى بني العبَّاس، وربَط أصحابُ الرايات السود خيولهم بزيتون الشام، ويُهلك الله لهم الأصهب، ويَقتله وعامَّة أهل بيته على أيديهم، حتَّى لا يبقى أُموي منهم إلاَّ هاربٌ ومختفٍ، ويَسقط السعفتان: بنو جعفر وبنو العبَّاس، ويجلس ابن آكلة الأكباد على منبر دمشق، ويَخرج البربر إلى سرة الشام، فهو علامةُ خروج المهدي).

المؤلِّف:

قوله: (علامةُ خروج المهدي) أي: تكون مقدِّمةً لخروج الإمام المهدي (عليه السلام) كما يظهر ذلك من كثير من أحاديث الباب وغيره.

٦١

13- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (128)، ص40، أخرج بسنده عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام) قال:

(إذا هَزمت الرايات السود خيلَ السفياني - التي فيها شُعيب بن صالح - تمنَّى الناس المهدي فيطلبونه، فيخرج من مكَّة ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، فيصلِّي ركعتين - بعد أن ييأس الناس من خروجه لمَّا طال عليهم من البلاء - فإذا فرغ من صلاته انصرف، فقال: أيُّها الناس: ألحَّ البلاء بأُمَّة محمَّد (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، وبأهل بيته خاصَّة، قُهرنا وبُغيَ علينا).

المؤلِّف:

فيخرج الإمام المهدي (عليه السلام) بعد بيعة أصحابه الخاصَّة معه، وبعد خسفِ جيش السفياني في البيداء، ووصول خبرهم إليه، وقوله: (هذا الذي كنَّا ننتظره).

14- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله) ج1 باب (129)، أخرج بسنده عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(ثمَّ يظهر المهدي بمكَّة عند العشاء، ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصه، وسيفه، وعلامات ونور وبيان، فإذا صلَّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول: أُذكِّركم الله أيُّها الناس ومقامكم بين يدي ربِّكم، فقد اتَّخذ الحُجَّة، وبعث الأنبياء، وأنزل الكتاب، يأمرُكم أن لا تشركوا به شيئاً، وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وأن تحيوا ما أحيى القرآن، وتميتوا ما أمات، وتكونوا أعواناً على الهدى، ووزراً على التقوى، فإنَّ الدنيا قد دنى فناؤها وزوالها، وأَذِنت بالوداع، وإنِّي أدعوكم إلى الله وإلى رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سُنَّته، فيظهر في ثلاثمئة وثلاثةَ عشرَ رجلاً عدَّة أهل بدرٍ، على غير ميعادٍ قُزعاً كقُزع الخريف ، رهبانٌ بالليل، أُسدٌ بالنهار

٦٢

فيفتح الله أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن [ في المدينة ] من بني هاشم، وتنزل الرايات السود الكوفة، فيبعث بالبيعة إلى المهدي، ويبعث المهدي جنوده إلى الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله على يديه القسطنطينيَّة).

المؤلِّف:

يأتي هذا الحديث الشريف بلفظ آخر في رقم (23) نقلاً من (القول المختصر) لابن حجر الهيتمي الشافعي المخطوط، ونسخته توجد في مكتبة أمير المؤمنين في النجف الأشرف عندنا، ويُطبع إنشاء الله في ذيل هذا الكتاب.

15- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، باب (132)، ص41، أخرج بسند عن رزين، عن علي (عليه السلام) قال:

(يُرسل الله على أهل الشام مـَن يُفرِّق جماعتهم حتَّى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم، وعند ذلك يخرج رجلٌ من أهل بيتي في ثلاث رايات، المـُكْثِر يقول: خمسةَ عشرَ ألفاً، والمـُقْلِل يقول: اثني عشر ألفاً، أمارتهم: أَمت أَمت، على رايةٍ منها رجلٌ يطلب المـُلْك، أو يُبْتَغى له المـُلْك، فيقتلهم الله جميعاً، ويردّ الله على المسلمين أُلفَتهم وفاصتهم وبزارتهم).

قال ابن ليهعة: وأخبرني إسرائيل بن عبَّاد، عن محمَّد بن علي مثله، قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا رشدين، حدَّثنا ابن لهيعة قال: وأخبرني عبد الرحمان بن سالم، عن أبيه، عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام)، الحديث، إلاَّ أنَّه قال: (تسع راياتٍ سودٍ)، [ أي: مكان ثلاثِ راياتٍ في الحديث ].

المؤلِّف:

الحديث مرَّ ذكره في قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (المهدي رجلٌ من أهل بيتي)، في الباب (2) في رقم (110)، ورقم (111)، نقلاً من كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، ج7، ص317، ومن المستدرك للحاكم، ج4

٦٣

، ص553 ط حيدر آباد الدكن، والحديثين فيهما اختلاف في الألفاظ مع حديث الفتن، وفيهما مقدِّمة لم تُذكر في الفتن والله أعلم بسبب النقص والاختلاف.

وأخرج الحديث علي المتَّقي الحنفي في كنز العمَّال، ج7، ص263، نقلاً من المستدرك والملاحم والفتن، وأخرج الحديث ابن خلدون في كتابه المعروف (بمقدِّمة ابن خلدون، ص267)، ولفظه يَقرُب لفظ مجمع الزوائد ولا يساويه، راجع الباب (2) تجد اللفظين بنصِّهما.

16- وفي ينابيع المودَّة، ص193، أخرج بسنده من مسند أبي حاتم، وصحيح ابن حبَّان، وكتاب ابن السري بأسانيدهم عن ابن مسعود مرفوعاً أنَّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال:

(... إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله - تعالى - لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي إثرةً وشدَّةً وتطريداً في البلاد، حتَّى يأتي قومٌ من ها هنا - وأشار إلى المشرق - أصحابُ راياتٍ سودٍ، فيسألون حقَّهم فلا يُعطَوْنه - مرَّتين أو ثلاثاً - فيقاتلون فَيُنصَرُون، فيعطون ما شاؤوا فلا يقبلونها، حتَّى يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَملَؤها عدلاً بعدما مـُلئت ظلماً، فمن أدرك ذلك [ منكم ] فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

.

المؤلِّف:

في الحديث اختصار، ويأتي في رقم (17) الحديث كاملاً، وقد أخرجه كاملاً ابن خلدون في المقدِّمة، وأخرجه الحاكم كاملاً، وأخرجه الذهبي كاملاً، ويأتي الحديث عن غيرهم.

17- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص518، طبع مصر، سنة 1349، أخرج الحديث المتقدِّم بسندٍ متَّصل عن عبد الله بن مسعود - وله مقدِّمة - وهذا نصُّه:

بحذف السند عن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم النبي (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه، وتغيَّر لونه

٦٤

قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اخْتارَ الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيسألون الخير فلا يُعْطَوْنه، فَيُقاتِلون فيَنُصَرُون فَيُعطَونَ ما سألوا فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَمْلَؤُهَا قسطاً كما مـَلَئُوهَا جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

في الأربعين لأبي نعيم، أخرج نحوه، وقال فيه:

(حتَّى يأتي قومٌ من المشرق ومعهم راياتٌ سود، فيسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه...). الحديث، وقال في آخره: (ومن استطاع منكم فليأتهم ولو حبواً).

18- وفي الصواعق المـُحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، ص100 طبع مصر، سنة 1308 هـ، أخرج حديث عبد الله بن مسعود مع المقدِّمة، نقلاً من سُنن ابن ماجة بسنده عن عبد الله قال:

بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ)، وذكر الحديث.

ولفظه يساوي لفظ ابن ماجة إلى قوله: (فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج)، وزاد فيه: (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

يظهر من لفظِ حديثِ ابن حجر في الصواعق أنَّه الحديث الذي في ينابيع المودَّة، وفي نفس السُنن أسقط منه قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

هذا وقد أخرج الحديث في عقد الدُّرر - تأليف الشافعي - وفيه زيادات كثيرة، وإليك لفظه في الرقم الآتي.

19- وفي عقد الدُّرر، الحديث (162)، من الفصل (4)، أخرج بسنده عن علقمة بن قيس وعبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود قال:

٦٥

أتيتا رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، فخرج إلينا مـُستبشراً، يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فئةٌ من بني هاشم، فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم خبر بممرهم، وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً تكرهه، فقال:

(إنَّا أهلُ البيت اخْتار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيَلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تُرفع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطَونه، فيُقاتِلون فَيُنصَرَون، فمـَن أدركه منكم ومِن أعقابكم فليأتِ إِمامـَ أهلَ بيتي، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملأها قسطاً وعدلاً، كما مـُلئت جوراً وظلماً).

أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله في مستدركه هكذا، ورواه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني، والإمام أبو عبد الله محمَّد بن يزيد بن ماجه، والحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد، كلُّهم بمعناه.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (29) الحديث من مستدرك الحاكم مع اختلافٍ، ويأتي بقيَّةُ ألفاظه من كتبٍ عديدة بعد رقم (29).

المؤلِّف:

تقدَّم لفظ ابن ماجه، ولفظ ابن حجر، ولفظ ينابيع المودَّة، وليس فيها ما في هذا الحديث من الألفاظ النافعة المهمَّة، ومنه يُعرف أنَّ ألفاظ الحديث في الكتب المتقدِّمة وقعَ فيها تغييرٌ أو تحريف.

وأخرج الحديث في كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان)، ص315، ولفظه يساوي لفظ ابن ماجه القزويني الشافعي، وأخرج الحديث ابن الصبَّاغ المالكي في كتاب الفصول المهمَّة في الفصل (12)، ص276 – 277، ولفظه يقرب لفظ ابن ماجه في سُننه وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم، ثمَّ ذكر بعده حديثاً آخر مختصر مضمونه فيه ما في الحديث السابق، وأخرجه الحاكم في المستدرك، ج4، ص553، وقد تقدَّمت ألفاظهم، ويأتي في رقم

٦٦

(29) لفظ الحاكم وغيره، ولفظ السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص117، راجع رقم (33).

20- وفي الفصول المهمَّة الفصل (12)، ص277، الطبعة الثانية، النجف، سنة 1369 قال: وروى الحافظ أيضاً بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(إذا رأيتم الرايات السود من خراسان فأتوها ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج أبو نعيم حديث ثوبان في الأربعين حديث الذي جمعه في أحوال الإمام المنتظر (عليه السلام)، وذكر السيِّد في غاية المرام، ص700 جميع الأربعين حديث، ومن جملتها حديث ثوبان، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ.

وأخرجه يوسف بن يحيى في عقد الدُّرر في الحديث (173)، ولفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الرايات السود من قِبَل المشرق، كأنَّ قلوبهم زُبَرَ الحديد، فمن سَمِع بهم فليأتهم فيبايعهم، ولو حَبْواً على الثلج).

أخرجه الإمام أبو نعيم في صفةِ المهدي، وأخرج السيِّد في غاية المرام، ص700 هذا الحديث بلفظه نقلاً من الأربعين حديث لأبي نعيم وقال فيه: (كأنَّ قلوبهم من حديد...). الحديث، وهو الحديث (104) من الأحاديث التي جمعها في الإمام المهدي (عليه السلام).

وأخرج ذلك جلال الدين السيوطي الشافعي في العرف الوردي، ج2، ص63، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

21- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم في الحديث (31) من الأحاديث التي أخرجها السيِّد في غاية المرام، ص700، فقد أخرج بإسناده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(يَقْتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير [ الأمر ] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلونهم

٦٧

قتلاً لا يُقاتله قومٌ... ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي حديث ثوبان في كتابه عقد الدُّرر، الحديث (89)، ولفظه يخالف لفظ أبا نعيم، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثة، كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطْلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقاتلونهم قتالاً لم يُقاتِله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً، فقال -: إذا رأيتموه فبايعوه، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

أخرجه الحافظ عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يُخرجاه.

وأخرج أبو نعيم بمعناه وقال: موضع قوله: (ذَكَر شيئاً): (ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي)، وأخرج الحديث في رقم (92) ولفظه لفظ الأربعين لأبي نعيم وقال في آخره: (ثمَّ يجيء خليفة رسول الله المهدي)، ثمَّ قال: أخرجه أبو نعيم هكذا، وأبو عمرو الدَّاني في سُننه، وسيأتي الحديث في رقم (26)، وفي لفظه زيادةٌ واختلاف نفهم منه معنى الحديث.

22- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم، وهو الحديث (33) من الأربعين حديث، قال: وعن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الراياتُ السودُ مِن قِبَل المشرق، كأنَّ قُلوبَهم مِن حديدٍ، فمـَن سَمِع بهم فليأتِهم ولو حَبْواً على الثلج) .

المؤلِّف:

تقدَّم حديث عن ثوبان في رقم (20) ولفظه يقرُب هذا اللفظ، وفيه زيادةٌ واختلافٌ لا يغيِّر المعنى.

المؤلِّف:

الحديث مـُفصّل اختصره أبو نعيم، وقد أخرجه في

٦٨

كتاب البيان، ص313 مفصَّلاً، ويأتي لفظه في رقم (26)، وأخرجه في مقدِّمة ابن خلدون، ص267، وتكلَّم في رجالِ الحديث؛ لأنَّهم ليسوا على مذهبه وفيهم من يتشيَّع، وأخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269، ويأتي لفظه في رقم (27) إنشاء الله.

23- وفي كتاب (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) تأليف ابن حجر الهيتمي الشافعي قال:

الرابعة والعشرون : - من علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - يظهر من مكَّة عند العشاء، معه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصُه، وسيفُه، وعلامات، ونور، وبيان، فإذا صلَّى العشاء خطبَ خطبةً طويلة، ودعى الناس إلى طاعةِ الله وطاعةِ رسوله، فيفتح له أرض الحجاز، ويُخرِج مـَن في السجن من بني هاشم، ويبعث الرايات السود إليه من الكوفة، ويبعث جنوده في الآفاق.

المؤلِّف:

وذكر ابن حجر قبل هذا الحديث في العدد (18) وقال: ينزل قبل رايات سود من خراسان بالكوفة فإذا ظهر [ وليُّ الله الحُجَّة (عليه السلام) ] بمكَّة بعث إليه بمكَّة.

24- وفي عقد الدُّرر، الحديث (176) قال: وعن الحسين قال:

( يَخرجُ بالريِّ رجلٌ رُبْعةٌ أَشَمُّ، مولى لبني تميم، كوسج، يقال له: شُعيب بن صالح، في أربعةِ آلافٍ، ثيابهم بيض، وراياتهم سود، يكون على مقدِّمة المهدي، لا يلقاه أحدٌ إلاَّ فَلَّه).

أخرجه أبو عبد الله في كتاب الفتن.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (4) نقلاً من كتاب الملاحم والفتن، ص31، ولفظه يُخالف هذا اللفظ، وقال: رواه عبد الله بن إسماعيل البصري، عن أبيه، عن الحسن والظاهر، أنَّ في أحدِ الحديثين تحريف.

٦٩

25- وفي عقد الدُّرر، الحديث (143)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(انظروا الفرج في ثلاث ، قلنا: يا أمير المؤمنين: وما هي؟ قال: اختلاف أهلِ الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان! فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ قال: أوَ ما سمعتم قول الله عزَّ وجلَّ في القرآن: ( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمـَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ) ، وهي آيةٌ تُخرِج الفتاةَ من خِدرها، وتُوقظ النائم، وتُفزع اليقظان!).

أخرجه أبو الحسن أحمد بن جعفر المـُنادي.

26- وفي كتاب البيان للكنجي الشافعي، ص336، طبع إيران، سنة 1322 هـ، أخرج بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود، فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ، ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج العلاَّمة السيِّد هاشم البحراني الحديث في غاية المرام، ص701 نقلاً من كتاب البيان للكنجي الشافعي، وفي لفظه اختلاف وزيادة، ويظهر منه: أنَّ الحديث - في طبع إيران - فيه سَقْط، وهذا نصُّ ما في غاية المرام: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

( يقتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود مِن قِبَل المشرق فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا احتفظه، ثمَّ قال النبي (صلَّى الله عليه وآله): فإذا رأيتم أميرهم فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي). أخرجه الحافظ ابن ماجه.

المؤلِّف:

بالتأمُّل في هذا الحديث الشريف يتَّضح لك الحديث المتقدِّم في رقم (20)، ورقم (21)، ورقم (22)، وأخرج الكنجي الحديث أيضاً في الباب الرابع من كتاب البيان، ص313، طبع إيران، وهذا

٧٠

لفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تَصير [الخلافة] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلوهم قتلاً لم يقتله قوم - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

تأمَّل دقيقاً لعلَّك تعرف الفرق بين اللفظ الذي أخرجه في غاية المرام، واللفظ الذي في كتاب البيان، ثمَّ قال الكنجي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، أخرجه الحافظ ابن ماجه القزويني في سُننه كما سُقناه.

المؤلِّف:

ثمَّ أخرج الكنجي الحديث بسند آخر، ولفظه فيه اختصار واختلاف، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ، ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه وبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

ثمَّ قال الكنجي: قلت: رواه عبد العزيز بن المختار، عن خالد الحذّاء نحوه، إلاَّ أنَّه قال في حديثه:

(تجيء راياتٌ سودٌ مِن قِبَل المشرق كأنَّ قلوبهم زُبَر الحديد - فمن سَمِع بهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج - حتَّى يأتوا مدينة دمشق، فيهدمونها حَجَراً حَجَراً ويقتلون بها أبناء الملوك).

رواه أبو نعيم في مناقب المهدي (عليه السلام) عن الطبراني، رُزِقْناه عالياً بحمد الله.

27- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص269، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يَصير إلى واحدٍ منهم، ثم تَطلُع الرايات السود مِنْ قِبَل المشرق، فَيقْتلُونكم قتلاً لم يُقْتَلْهُ قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

٧١

المؤلِّف:

ذكر أبو الحسن محمَّد بن عبد الهادي الحنفي نزيل المدينة، سنة 1138 عند شرحه للحديث في الهامش ص269، ج2، من سُنن ابن ماجه قوله: (عند كَنْزِكُم): أي: مـُلْكِكِم.

وقال ابن كثير: الظاهر أنَّ المراد بالكنز المذكور [ في الحديث ] كنز الكعبة، [ قال ]: وقوله: (ثمَّ تطلع الرايات السود).

قال ابن كثير: هذه الرايات السود ليست هي التي أقبلَ بها أبو مـُسلم الخُراساني فاستلب بها دولة بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

قال: وقوله: (خليفة الله المهدي)، كذا ذكره السيوطي، قال: وفي الزوائد، أي زوائد المسند، هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، ورواه الحاكم في المستدرك، ج4، ص463، ويأتي لفظه في رقم (28) إنشاء الله.

المؤلِّف:

قال جلال الدين السيوطي في كتابه العرف الوردي، ص60، أخرج أحمد، والترمذي، ونعيم بن حمَّاد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تَخرجُ مِن خُراسان راياتٌ سودٌ، فلا يَرُدَّها شئٌ حتَّى تُنْصب بإيلياء).

قال ابن كثير: هذه الرايات ليست هي التي أقْبل بها أبو مسلم الخُراساني، فاستلب بها دولةَ بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

المؤلِّف:

أخرج جلال الدين في كتاب العرف الوردي - قَبل نقلِه هذا الحديث - حديثاً عن أحمد بن حنبل، والترمذي، والطبراني بأسانيدهم عن عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرج ناسٌ مِن المشرق [ خراسان ] فَيُوطِّئون للمهدي سُلطانه).

وهم أهل الرايات السود المذكورين في الحديث، وهم الذين أمر النبي (صلَّى عليه وآله وسلَّم) بمبايعة الناس مع أميرهم، وهو المهدي (عليه السلام).

المؤلِّف:

وقع اختلاف في المصادر في كلمة: (كَنْزِكُم)، ففي

٧٢

مقدِّمة ابن خلدون قال: عند (كِبَرِكُم)، وفي نسخةٍ للبيان قال: عند (كَرْبِكُم)، وفي الأكثر عند (كَنْزِكُم)، والظاهر أنَّ الصحيح هو هذا، وعليه وافقت الشرَّاح للحديث، والله أعلم.

28- وفي المستدرك للصحيحين - البخاري ومسلم - للحاكم النيسابوري الشافعي، ج4، ص463، أخرج بسنده عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطلُع الرايات السود مِن قِبَل المشرق، فيقاتلونكم قتالاً لم يُقاتِلْه قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً - فقال: إذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبواً على الثلج، فإنَّه خليفة الله المهدي ).

ثمَّ قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين.

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف، أخرجه جماعةٌ من الحُفَّاظ وعلماء الحديث في كتبهم المعتبرة، وقد تقدَّم ذِكْرُ بعضهم في رقم (26)، وقد أخرجوه بألفاظٍ مختلفةٍ مفصَّلةٍ ومختصرةٍ وهم جماعة.

منهم: ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة في الفصل الثاني عشر في ص277، وقد تقدَّم لفظه في رقم (20).

منهم: الحافظ أبو نعيم في أربعينه، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21).

منهم: يوسف بن يحيى الشافعي، وقد أخرجه في عقد الدُّرر، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21) (23) أيضاً.

ومنهم: ابن حجر الهيتمي، فإنَّه أخرجه في الصواعق المحرقة، ص 100، ولفظه يَقرُب لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

ومنهم: علي المتَّقي الهندي الحنفي، أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص186، الحديث (1932)، نقلاً من سُنن ابن ماجه ومستدرك

٧٣

الحاكم عن ثوبان وقد تقدَّم لفظ ابن ماجه في رقم (27)، ولفظ الحاكم في رقم (28)، وفي لفظيهما اختلاف يسير.

ومنهم: السيوطي في العرف الوردي، ج2، ص63.

ومنهم: القندوزي في ينابيع المودَّة، ص431، وقال: أخرجه أحمد، والبيهقي في دلائل النبوَّة.

ومنهم: علي المتَّقي في كنز العمَّال، ج7، ص187، أخرج بسنده من مسند الفردوس للديلمي أنَّه قال:

عن ثوبان: (سَتطْلُع عليكم راياتٌ سودٌ من قِبَل خُراسان، فأتوها ولو حَبواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله تعالى المهدي). الديلمي عن ثوبان.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (3)، ورقم (20) من كُتبٍ عديدة لعلماء أهل السنَّة، وليس في ألفاظهم هذا اللفظ.

ومنهم: الشبلنجي في نور الأبصار، ص154 من أربعين أبي نعيم، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ، وقد تقدَّم في رقم (20).

ومنهم: السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص31، باب (94)، وقد تقدَّم في رقم (3).

29- وفي المستدرك للحاكم، ج4، ص464، أخرج بسنده عن عبد الله بن مسعود قال:

أتينا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، فخرج إلينا مـُستبْشِراً يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فِتيةٌ من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟!

٧٤

فقال: (إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تَرتَفِع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألُون الحقَّ فلا يُعْطُونه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطُونه، ثمَّ يسألونه فلا يُعْطُونه، فيقاتلون فَيُنصَرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمامـَ أهلِ بيتي ولو حَبْواً على الثلج، فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي).

30- وفي ينابيع المودَّة، ص433، أخرج الحديث المتقدِّم من جواهر العقدين وقال: ولابن ماجه عن طريق إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، قال:

بينا نحن عند رسول الله (ص) إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي (ص) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، فقلت: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟! فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سَيَلْقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيَسألون الخير فلا يُعْطُونه، فيُقاتلِون فَيُنْصَرون، فيُعْطَون ما سألوه فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي فيملأها قسطاً كما ملؤوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

أخرج الحديث في العرف الوردي عن ابن أبي شَيْبة في سُننه، [ وعن ] نعيم بن حمَّاد في الفتن، وعن ابن ماجه في سُننه، وأبي نعيم، عن ابن مسعود، وزاد في آخره بعد قوله: (ولو حبواً على الثلج)، (فإنَّه المهدي).

وقال السيوطي: فيه دلالةٌ على أنَّ المهدي يكون بعد دولة بني العبَّاس.

المؤلِّف:

من الغريب أن يخفى على جلال الدين السيوطي المتوفَّى سنة 911 أنَّ ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) بعد انقضاء دولة العباسيين وغير العباسيين، وأمَّا الحديث الذي أخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269

٧٥

فحديثين، تقدَّم أحدُهما في رقم (27)، والحديث الآخر هذا بحذف السند عن علقمة، عن عبد الله قال:

(بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، إذ أقبل فِتيةٌ من بني هاشم...). الحديث، ولفظه يساوي لفظ الحديث المنقول من جواهر العقدين فيما تقدَّم بلا اختلافٍ وبلا زيادةٍ.

المؤلِّف:

قال شارح السُنن: (اغرورقت) أي: غَرِقتا بالدموع .

وهذا الحديث الشريف أخرجه الحاكم في المستدرك، وأخرجه غيره، فهو حديثٌ ثابتٌ رواته من رواة الصحاح، كالجامع للترمذي، والسُنن لأبي داود، والنسائي، وابن ماجه، ومن رواةِ صحيح مـُسلم، وفيهم من يتشيَّع، أي: يُقدِّم أمير المؤمنين في الفضل على غيره؛ ولأجل ذلك توقَّف بعض المـُتعصِّبين عن روايته.

وقد تقدَّم نقلُ الحديث من كتاب البيان للكنجي الشافعي، ومن سُنن ابن ماجه، ومن الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، وأخرج السيِّد في الملاحم والفتن الحديث بلفظ آخر كما في ج1، ص32 راجع الحديث الآتي.

31- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، ص32، قال:

الباب (100) فيما ذكره نعيم - مِن نصرِ الذي اسمه اسم النبي (عليه السلام) برايةٍ من المشرق - قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا عبد الله بن مروان، عن العلاء بن عقبة، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) ذَكَرَ بلاءً يلقاه أهل بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نَصَرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتوا رجلاً اسمه كاسمي، فيولُّوه أمرهم، فيؤيِّده الله ويَنصُره).

المؤلِّف:

قد تقدَّم الحديث في رقم (8)، وعلَّقنا عليه وقلنا: إنَّ الحديث في روايته تصحيف، والرواية عن الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)، عن النبي، كما في عقد الدُّرر، الحديث رقم (174) من الباب (5)، ولفظُه يساوي لفظَه.

٧٦

المؤلِّف:

إنَّ هذا الحديث هو الحديث السابق المروي في كُتبٍ عديدة، ولكنَّ الراوي اختصره كما هو عادةُ الرواة، وهو أمرٌ غير صحيح؛ لأنَّه يوجب الإجمال وعدم الوصول إلى معنى الحديث.

المؤلِّف:

ويأتي في باب أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) أحاديث عديدة ذُكر فيها الرايات السود، وأنَّهم من أصحابه وأنصاره، غير أنَّهم يتقدَّمون عليه، وعند انتصارهم يُسلِّمون الأمر إليه.

وقد ذُكر من أوصافهم أنَّ راياتِهم سودٌ صغارٌ، وقلانِسُهم سود، وثيابهم بيض، وهم على خلاف الجيش الذي حارب بني أُميَّة وأخذ السلطة منهم وسلَّمها إلى بني العبَّاس، وهم أصحاب أبي مسلم الخراساني.

وفي العرف الوردي، ج2، ص68 قال: أخرج نعيم بن حمَّاد، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ذكر بلاءً يلقاه أهلُ بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نصرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتي رجلٌ اسمه كاسمي، فيولُّونه أمرهم، فيؤيِّده الله وينصره).

المؤلِّف:

الظاهر أنَّ المراد من الحسن في هذه الرواية - وغيرها - هو: الحسن البصري على اصطلاح علماء أهل السنَّة.

32- وفي كنز العمَّال، ج6، ص68، نقلاً مِن مسند علي (عليه السلام)، قال: وعن أبي الطفيل، أنَّ علياً (عليه السلام) قال له:

(يا عامر: إذا سمِعتَ الرايات السود مـُقبلة مِن خُراسان، فكنت في صندوقٍ مـُقْفلٍ عليك، فاكْسر ذلك القفل، وذلك الصندوق، حتَّى تُقتل تحتها! [ أي: تحت الرايات السود ] فإن لم تستطع [ أي: أن تمشي ] فتدحرج حتَّى تُقْتلَ تحتها [ أي: تحت الرايات السود ]) .

قال السيوطي: - بعد نقل الحديث - قال: أخرجه أبو الحسن علي بن عبد الرحمان بن أبي السري البكالي في جزء من حديثه.

٧٧

33- وفي الملاحم والفتن للسيِّد ابن طاووس، ج1، ص117 قال: أخرج زكريا في الفتن، بسنده عن عبد الله، قال:

بينما نحن جلوس عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، إذ مرَّ فِتيةٌ من قريش، فتغيَّر لونه، فقلنا: يا رسول: الله إنَّا لا نزال نرى في وجهك شيئاً نَكرَهُهُ؟! قال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي هؤلاء سيُصيبُهم بعدي بلاءٌ، وتطريدٌ، وتشريدٌ، حتَّى يَخرُج قومٌ مِن ها هنا - وأومأ بيده نحو المشرق - معهم راياتٌ سودٌ، يَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ويَسألون فلا يُعْطَوْن، فيُقاتِلون ويصبِرون، فيُعْطونَ ما سألوا، فلا يقبلُونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهل بيتي، يملأها قسطاً وعدلاً كما مـُلِئت ظلماً وجوراً، فمن أدركهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث من كُتبٍ عديدةٍ وألفاظ الجميع تُخالف لفظ السيِّد في الملاحم والفتن؛ ولذلك أخرجناه.

٧٨

البَابُ الخامِس وَالعِشرُون

1- في عقد الدُّرر، الحديث (122) من الباب (4)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(السفياني: من وُلْدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، رجلٌ ضخمـُ الهَامةِ، بوجهه آثار جُدري، بعينه نُكتةُ بياضٍ، يَخرُج من ناحيةِ مدينة دمشق، في وادٍ يقال له: الوادي اليابس، يَخرُج في سبعةِ نفرٍ، مع رجلٍ منهم لواءٌ معقود، يُعرَفون به في النصر، يَسيرُ بين يديه على ثلاثين ميلاً، لا يَرى ذلك العلم أحدٌ يريده إلاَّ انهزم).

أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد في الفتن.

المؤلِّف:

أخرج ابن الصبَّان في إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار في ص127 حديثاً مفصَّلاً في علامات الإمام المهدي (عليه السلام)، والنداء السماوي، أخرجنا أوَّله في أحاديث النداء في رقم (6).

وذَكرَ في آخره من كتاب (المسائل الظريفيِّة) للشيخ مجدولي: أنَّ السفياني رجلٌ من وُلدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، ضخم الهامة، بوجهه أثرُ الجُدري، وبعينه نكتهٌ بيضاء، يخرج من ناحية دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ اسم عشيرة ]، يفعل الأفاعيل، ويقتل قبيلةَ قيسٍ.

[ ثمَّ قال ]: وإنَّ المهدي يستخرج تابوتَ السكينة من غار أنطاكية، وأسفار التوراة من جبلٍ بالشام، يُحاجُّ به اليهود فيُسْلِم كثيرٌ منهم [ قال ]: وإنَّه يكون بعد موت المهدي

٧٩

القحطاني: رجلٌ من أهل اليمن، يَعدِل في الناس، ويسير فيهم بسيرة المهدي، يمكث مدَّة ثمَّ يُقتل.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (45)، حديث نور الأبصار - الذي فيه علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - بتفصيله، راجع واغتنم أيُّها الطالب.

2- وفي عقد الدُّرر، الحديث (123)، من الباب (4)، أخرج بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرجُ رجلٌ يُقال له: السفياني، في عمق دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ أي: من عشيرة كلب ] ، فيَقتلُ حتَّى يَبْقر بطون النساء، ويَقْتل الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويَخرجُ رجلٌ من أهل بيتي في الحرم [ أي: مكَّة ] فيبلغ [ إلى ] السفياني [ خروجه ] فيبعث إليه من جُنْدِه فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمن معه، حتَّى إذا جاز بِبَيْدَاءَ مِن الأرض خُسِف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

أخرجه أبو عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم، ولم يُخرجاه.

المؤلِّف:

أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص188، نقلاً من المستدرك للحاكم، عن أبي هريرة، وهذا نصُّه:

(يَخرج رجلٌ يُقال له: السفياني، في عُمقِ دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب، فيَقتُل حتَّى يبقر بطون النساء، ويقتلُ الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجلٌ من أهل بيتي في الحرَّة، فيبلغ السفياني، فيبعث إليه جُنْداً من جُنْدهِ فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمِن معه، حتَّى إذا صار بِبَيْدَاءَ من الأرض خُسف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

(ك، عن أبي هريرة).

3- وفي عقد الدُّرر، الحديث (124) من الباب (4)، عن المهاجر

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وجعلنا أرضهم وأرض قوم لوط ـ المتقدمة قصّتهم ـ على طريقكم( وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ ) فانظروا إليها وإلى عاقبة أمرهم ، واعتبروا يا أولي الألباب.

من هم أصحاب الأيكة؟

قال جمع من المفسّرين ، بالإضافة إلى أرباب اللغة : «الأيكة» : هي الأشجار المتشابكة مع بعضها ، و «أصحاب الأيكة» : هم قوم «شعيب» الذين عاشوا في بلدة مليئة بالماء والأشجار بين الحجاز والشام وكانت حياتهم مرفهة ثرية فأصيبوا بالغرور والغفلة ، فأدى ذلك إلى الاحتكار والفساد في الأرض.

وقد دعاهم شعيبعليه‌السلام إلى التوحيد ونهج طريق الحق ، مع تحذيره المكرر لهم من عاقبة أعمالهم السيئة فيما لو استمروا على الحال التي هي عليها.

ومن خلال ما بيّنته الآيات في سورة هود ، فإنّهم لم ينصاعوا للحق ولم ينصتوا لداعيه حتى جاءهم عذاب الله المهلك.

فبعد أن يئس من إصلاحهم أصابهم حرّ شديد استمر لعدّة أيّام متصلة ، وفي اليوم الأخير ظهرت سحابة في السماء اجتمعوا في ظلها ، ليتفيئوا من حر ذلك اليوم ، فنزلت عليهم صاعقة مهلكة فقطعت دابرهم عن آخرهم.

ولعل استعمال القرآن لعبارة «أصحاب الأيكة» في تسميتهم ، إشارة إلى النعم التي أعطاها الله لهم ، ولكنّهم استبدلوا الشكر بالكفر ، فأقاموا صرح الظلم والاستبداد ، فحقّت عليهم كلمة الله فأهلكوا بالصاعقة هم وأشجارهم.

وورد ذكرهم مفصلا ـ مع التصريح باسم شعيب ـ في الآيات (١٧٦) حتى (١٩٠) من سورة الشعراء.

وينبغي الالتفات إلى أنّ عبارة( فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ ) يمكن أن تشمل قوم لوط وأصحاب الأيكة معا ، بدليل ما يأتي بعدها مباشرة( وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ ) .

والمشهور عند المفسّرين أنّ الآية تشير إلى مدينة قوم لوط ومدينة أصحاب

١٠١

الأيكة.

وكلمة «إمام» بمعنى طريق وجادة ، لأنّها من مادة. «أمّ» ، بمعنى القصد ، حيث أنّ الإنسان حينما يسير في طريق ما إنّما يسير لأجل الوصول إلى غاية معينة أو قصد معين.

واحتمل البعض أنّ الإمام المبين هو اللوح المحفوظ ، بدلالة الآية (١٢) من سورة يس.

ولكن هذا الاحتمال مستبعد ، لأنّ القرآن هنا في صدد إعطاء درس العبرة للاعتبار ، ووجود اسم هذين البلدين في اللوح المحفوظ سيكون بعيدا عن التأثير في اعتبار الناس وتذكيرهم ، في حين أن وجود هذين البلدين على طريق القوافل والمارة يمكن أن يكون له الأثر البالغ فيهم.

فعند وقوف الناس قرب تلك الآثار وتذكر خبر أهلها وما جرى لهم من سوء العاقبة ، ربّما سيهمل دموع العابرين عند أرض قوم لوط مرّة ، وعند أرض أصحاب الأيكة مرّة أخرى فتكون تلك اللحظات لحظات اعتبار ، بعد ما عرفوا أو استذكروا ما حل بالقومين من دمار وهلاك نتيجة ظلمهم وظلالهم.

* * *

أمّا «أصحاب الحجر» فهم قوم عصاة عاشوا مرفهين في بلدة تدعى «الحجر» وقد بعث الله إليهم نبيّه صالحعليه‌السلام لهدايتهم.

ويقول القرآن عنهم :( وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ ) !

ولكن أين تقع هذه البلدة؟

يذكر بعض المفسّرين والمؤرخين : أنّها كانت على طريق القوافل بين المدينة والشام في منزل يسمى (وادي القرى) في جنوب (تيماء) ولا أثر لها اليوم ـ تقريبا.

١٠٢

ويذكرون أنّها كانت إحدى المدن التجارية في الجزيرة العربية ، ولها من الأهمية بحيث ذكرها (بطليموس) في مذكراتها لكنها إحدى المدن التجارية.

وكذلك ذكرها العالم الجغرافي (بلين) باسم (حجري).

ونستشف من بعض الرّوايات أنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند ما قاد جيشا لدفع جيش الروم في السنة التاسعة للهجرة ، أراد الجنود أن يتوقفوا في هذا المكان ، فمنعهم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : هنا نزل عذاب الله على قوم ثمود(١) .

ومن الجدير ذكره أنّ القرآن الكريم ذكر مسألة تكذيب الأنبياء في خبر أصحاب الحجر (وكذلك قوم نوح وقوم شعيب وقوم لوط في الآيات (١٠٥ و ١٢٣ و ١٦٠) من سورة الشعراء) بالإضافة إلى أقوام أخر كذبت الأنبياءعليهم‌السلام ، والواضح من خلال ظاهر القصص أن لكل قوم كان نبيّ واحد لا أكثر.

ولعل مجيء هذا التعبير في هذه الآية (المرسلين) ، باعتبار أنّ الأنبياء لهم برنامج واحد وهدف واحد ، وبينهم من درجة من الصلة بحيث أن تكذيب أيّ منهم هو تكذيب للجميع.

واحتمل آخرون وجود أكثر من نبي وسط الأمّة الواحدة ، وذكر اسم أحدهم لأنّه أكثر شهرة.

وكما يبدو فإنّ التّفسير الأوّل أقرب إلى الصواب منه إلى الثّاني.

ويستمر القرآن بالحديث عن «أصحاب الحجر» :( وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ ) وموقف الأعراض المشار إليه ـ كما يبدو ـ هو عدم استعدادهم لسماع الآيات والتفكر بها.

وتشير الآية إلى أنّهم كانوا من الجد والدقّة في أمور معاشهم وحياتهم الدنيوية حتى أنّهم( وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ ) .

__________________

(١) أعلام القرآن ، الخزائلي ، الصفحة ٢٩٢.

١٠٣

وهو ما يبيّن لنا أنّ منطقتهم كانت جبلية ، بالإضافة إلى ما توصلوا إليه من مدنية متقدمة ، حيث أصبحوا يبنون بيوتهم داخل الجبال ليأمنوا من السيول والعواصف والزلازل.

والعجيب من أمر الإنسان ، أنّه يحزم أمره لتجهيز وتحصين مستلزمات حياته الفانية ، ولا يعير أيّ اهتمام لحياته الباقية ، حتى يصل به المال لأن لا يكلف نفسه بسماع آيات الله والتفكر بها!!.

وأيّ عاقبة ينتظرون بعد عنادهم وكفرهم غير أن يطبق عليهم القانون الإلهي الموعدين به (البقاء للإصلاح) وعدم إعطاء حق إدامة الحياة لأقوام فاسدين ومفسدين فليس لهؤلاء سوى البلاء المهلك ، ولهذا يقول القرآن :( فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ ) .

وكانت «الصيحة» عبارة عن صوت صاعق مدمر نزل على دورهم وكان من القّوة والرهبة بحيث جعل أجسادهم تتناثر على الأرض.

والشاهد على ما قلناه ما تحدثنا به الآية الثّالثة عشر من سورة فصلت :( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ ) .

فالعذاب الإلهي لا تقف أمامه الجبال الشاهقة ، ولا البيوت المحصنة ، ولا الأبدان القوية أو الأموال الوافرة ، ولهذا يأتي في نهاية قصتهم( فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ) .

وجاءت الآيات (١٤١ إلى ١٥٨) من سورة الشعراء بتفصيل أكثر ، وهو ما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى.

* * *

١٠٤

الآيات

( وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨٦) وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧) لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١) )

التّفسير

يعود القرآن بعد طرح قصص الأقوام السالفة ـ كقوم لوط وقوم شعيب وصالح ـ إلى مسألة التوحيد والمعاد ، لأنّ سبب ضلال الإنسان يعود إلى عدم اعتناقه عقيدة صحيحة ، ولعدم ارتباطه بمسألة المبدأ والمعاد ، فيشير إليهما معا في آية واحدة( وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ ) .

فنظامها محسوب ومحكم وهو حق ، وكذا هدف خلقها حقّ.

فيكون هذا النظام البديع والخلق الدقيق المنظم دليلا واضحا على الخالق

١٠٥

العالم القادر جلّ وعلا ، وهو حق أيضا ، بل هو حقيقة الحق ، وكل حق بما هو متصل بوجوده المطلق فهو حق ، وكل شيء لا يرتبط به سبحانه فهو باطل وهذا ما يخصّ التوحيد أمّا في المعاد فيقول :( وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ) وإن تأخرت فإنّها آتية بالنتيجة.

ولا يبعد أن تكون الفقرة الأولى بمنزلة الدال على الفقرة الثّانية ، لأنّ هذا العالم إنّما يكون حقا عند ما يكون لهذه الأيّام الدنيوية المليئة بالآلام والمتاعب هدف عال يبرر خلق هذا الوجود الكبير ـ فليست الدنيا لنحياها وتنتهي ـ ولهذا فمسألة خلق السماوات والأرض وما بينهما حقّ يدل على وجود يوم القيامة والحساب ، وإلّا لكان الخلق عبثا وليس حقّا ـ فتأمل.

وبعد ذلك يأمر الله تعالى نبيّه الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقابل عناد قومه وجهلهم وتعصبهم وعداءهم بالمحبّة والعفو وغض النظر عن الذنوب ، والصفح عنهم بالصفح الجميل، أي غير مصحوب بملامة( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) .

لأنّك تملك الدليل الواضح على ما أمرت بالدعوة إليه ، فلا تحتاج وإيّاهم إلى الخشونة لتثبيت عقيدة المبدأ والمعاد في قلوب الناس ، فالعقل والمنطق السليم معك.

بالإضافة إلى أنّ الخشونة مع الجهلة غالبا ما تؤدي بهم إلى الرد بالمثل ، بل وبأشد من ذلك.

الصفح : هو وجه كل شيء ، كوجه الصورة(١) ، ولهذا فقد جاءت كلمة «فاصف» بمعنى أدر وجهك وغض النظر عنهم.

وبما أنّ إدارة الوجه وصرفه عن الشيء قد تعطي معنى عدم الاهتمام والنفرة وما شابه ذلك بالإضافة لمعنى العفو والصفح ، فقد ذكرت الآية المتقدمة كلمة

__________________

(١) يقول الفيروزآبادي ، في القاموس ، ج ١ ، ص ٢٤٢ : الصفح : الجانب ، ومن الجبل مضطجعه ، ومنك جنبك ، ومن الوجه والسيف عرضه.

١٠٦

«الجميل» بعد «الصفح» لكي تحدد المعنى الثّاني.

وفي رواية عن الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام في تفسير هذه الآية أنّه قال : العفو من غير عتاب(١) .

وروي مثل ذلك عن الإمام زين العابدينعليه‌السلام (٢) .

الآية التالية ـ كما يقول جمع من المفسّرين ـ بمنزلة الدليل على وجوب العفو والصفح الجميل ، حيث يقول :( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ) .

فالله يعلم بأنّ الناس ليسوا سواسية من جهة الطبائع والمستويات الفكرية والعاطفية وهو سبحانه مطلع على ما تخفيه صدورهم ، وينبغي معاملتهم بروحية العفو والمسامحة ليهتدوا إلى طريق الحق بأسلوب الإصلاح المرحلي أو التدريجي.

ولا يرمز ذلك إلى الجبر في أعمال الناس وسلوكهم ، بقدر ما هو إشارة إلى أمر تربوي يأخذ بنظر الاعتبار اختلاف الناس في القابليات.

وممّا يجدر ذكره تصور البعض أنّ الأمر الإلهي مختص بفترة حياة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مكّة قبل الهجرة ، وعند ما هاجرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المدينة أصبح للمسلمين القدرة والقوّة فنسخ هذا الأمر وجاء الجهاد بدله.

ولكننا نجد ورود هذا الأمر في السور المدنية أيضا (كسورة البقرة وسورة النّور والتغابن والمائدة) ، فبعض منها يأمر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالعفو والصفح ، والبعض الآخر يأمر المؤمنين بذلك.

فيتّضح لنا أنّ أمر الصفح عام ودائم ، وهو لا يعارض أمر الجهاد أبدا ، فلكلّ محله الخاص به.

فإذا كان الموقف يستدعي العفو والتسامح ، فلم لا يؤخذ به! وإذا كان مدعاة

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ٢٧.

(٢) المصدر السّابق.

١٠٧

للتجرؤ والجسارة من قبل الأعداء ولا ينفع معهم إلّا الشدة ، فلا مناص حينئذ من الأخذ بأمر الجهاد.

ثمّ يواسي الله تعالى نبيّه الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن لا تقلق من وحشية الأعداء وكثرتهم وما يملكون من إمكانات مادية واسعة ، لأنّ الله أعطاك ما لا يقف أمامه شيء( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) .

وكما هو معلوم ، فإنّ «السبع» هم العدد سبعة ، و «المثاني» هو العدد اثنان ، ولهذا اعتبر أكثر المفسّرون أنّ «سبعا من المثاني» كناية عن سورة الحمد ، والرّوايات كذلك تشير لهذا المعنى.

والداعي لذلك كونها تتألف من سبع آيات ، لأهميتها وعظمة محتواها فقد نزلت مرتين على النّبي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو لأنّها تتكون من قسمين (فنصفها حمد وثناء للهعزوجل والنصف الآخر دعاء عبادة) ، أو لأنّها تقرأ مرّتين في كل صلاة(١) .

واحتمل بعض المفسّرين أن «السبع» إشارة إلى السور السبع الطول التي ابتدأ بها القرآن ، و «المثاني» كناية عن نفس القرآن ، لأنّه نزل مرتين على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّة بصورة كاملة ، وأخرى نزل نزولا تدريجيا حسب الاحتياج إليه في أزمنة مختلفة.

وعلى هذا يكون معنى( سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) سبع سور مهمات من القرآن.

ودليلهم في ذلك الآية الثّالثة والعشرون من سورة الزمر ، حيث يقول تعالى :( اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ ) ، أي مرتين على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولكنّ التّفسير الأوّل يبدو أكثر صوابا ، خصوصا وأنّ روايات أهل البيتعليهم‌السلام تشير إلى أنّ «السبع المثاني» هي سورة الحمد.

واعتبر الراغب في مفرداته أنّ كلمة «المثاني» أطلقت على القرآن لما يتكرر

__________________

(١) وفي حديث عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الله عزوجل قال : قسّمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، نصفها لي ونصفها لعبدي» مجمع البيان ، ج ١ ، ص ١٧ ، وراجع كذلك تفسير نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ٢٨ و ٢٩.

١٠٨

من قراءة آياته ، وهذا التكرار هو الذي يحفظه من التلاعب والتحريف (إضافة إلى أنّ حقائق القرآن تتجلى في كل زمان بشكل جديد ينبغي له أن يوصف بالمثاني).

وعلى أية حال ، فذكر عبارة «القرآن العظيم» بعد ذكر سورة الحمد ، بالرغم من أنّها جزء منه ، دليل آخر على شرف وأهمية هذه السورة المباركة ، وكثيرا ما يذكر الجزء مقابل الكل لأهميته ، وهو كثير الاستعمال في الأدب العربي وغيره.

وخلاصة المطاف أنّ الله تعالى قد صرّح لنبيّه الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّك قد ملكت سندا عظيما (القرآن) ، ولا تستطيع أي قوة في عالم الوجود أن تصرعه.

سندا كلّه نور ، بركة ، دروس تربوية ، برامج عملية ، هداية وتسديد ، وبالذات سورة الفاتحة منه التي لها من المحتوى والأثر بحيث لو ارتبط العبد بربّه ولو للحظة واحدة لحلّقت روحه لساحة قدس الربّ ، وهي تعيش حال التعظيم والتسليم والمناجاة والدّعاء.

وبعد هذه الهبة العظيمة بأمر الله تعالى نبيّه الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأربعة أوامر فيقول له أوّلا :( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ ) (١) .

فمتع الحياة الدنيا ليست دائمة ولا خالية من التبعات ، والحفاظ عليها أمر صعب في أحسن الحالات.

ولهذا ، لا تستحق الاهتمام بها مقابل ما أعطاك اللهعزوجل من العطاء المعنوي الجزيل (أي القرآن).

ثمّ يقول في الأمر الثّاني :( وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ) لما عندهم من أموال ونعم مادية.

فالأمر الأوّل في الحقيقة يتعلق بعدم الاهتمام والتوجه نحو النعم المادية ، والأمر الثّاني يتعلق بعدم التأثر لفقدانها.

__________________

(١) أزواجا : مفعول (متعنا). ومنهم : جار ومجرور متعلق بفعل مقدر. فيكون المعنى إجمالا : مجموعات مختلفة من الكفار.

١٠٩

وقد جاء ما يشبه هذا المضمون في الآية (١٣١) من سورة طه حيث يقول جل وعلا بتفصيل أكثر :( وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى ) .

والأمر الثّالث : جاء بخصوص ضرورة اللين والتواضع مع المؤمنين حيث يقول :( وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) .

إنّ هذا التعبير ، كناية جميلة عن التواضع والمحبّة والملاطفة ، فالطيور حينما تريد إظهار حنانها لفراخها تجعلها تحت أجنحتها بعد خفظها ، فتجسّم بذلك أعلى صور العاطفة والحنان وتحفظهم من الحوادث والأعداء ، وتحميهم من التشتت.

والتعبير المذكور عبارة عن كناية مختصرة بليغة ذات مغزى ومعان كثيرة جدّا.

ويمكن أن يحمل ذكر هذه الجملة بعد الأوامر الثلاثة المتقدمة إشارة تحذير بعدم إظهار التواضع والانكسار أمام الكفار المتنعمين بزهو الحياة الدنيا ، بل لا بدّ للتواضع والحب والعاطفة الفياضة لمن آمن وإن كان محروما من مال الدنيا.

ونصل إلى الأمر الرّابع : وقل لهؤلاء الكفرة المنعمين بكل حزم( إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ ) .

قل : أنذركم من أمر الله بنزول عذابه عليكم( كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) (١) ، أي الذين قسّموا الآيات القرآنية أصنافا ، فما كان ينفعهم أخذوه ، وما لا ينسجم ومشتهياتهم تركوه.

فبدل أن يتخذوا كتاب الله هاديا وقائدا لهم ، جعلوه كآلة بأيديهم ووسيلة للوصول لأهدافهم الشريرة ، فلو وجدوا فيه كلمة واحدة تنفعهم لتمسكوا بها ، ولو وجدوا ألف كلمة لا تنسجم مع منافعهم الدنيوية لتركوها بأجمعها!!

* * *

__________________

(١) عضين : (جمع عضة) أي التفريق ، ويقال لكل جزء ممّا قسم عضين أيضا.

١١٠

بحوث

١ ـ القرآن عطاء إلهي عظيم

يخبر الله تعالى في الآيات المذكورة نبيّه الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعنوان تنبيه لجميع مسلمي العالم ، أن هذا القرآن جعل في اختياركم ، وفيه من العطاء ما لا يعد ، وليكن رأس مالكم الذي تتعاملون فيه في حياتكم ، ولو عملتم به لجعلتم دنياكم كلها سعادة ورفاه وأمن وصلاح.

وهذه حقيقة يعترف بها حتى غير المسلمين ، فهم يعتقدون بأنّ المسلمين إذا أخذوا القرآن وجعلوه أساس حياتهم ، وعملوا بأحكامه وهديه ، فسيكونون من القوّة والتقدم بحيث لا يسبقهم في ذلك أحد.

فنرى مثلا ، سورة الحمد «سبعا من المثاني» والتي تسمّى «خاتمة الكتاب» لوحدها تمثل مدرسة كاملة للحياة :

فأوّلها يشير إلى خالق الوجود الذي يربي جميع أهل العالم في مسيرة تكاملية شاملة، هذا الخالق الذي وسعت رحمته «خاصّة» وعامّة كل شيء ثمّ تشير إلى محكمة العدل الإلهية التي يكفل الإيمان بها خلق رقابة دقيقة على جميع سلوكيات الإنسان ونواياه.

ثمّ الإشارة إلى عدم الاتكال على غير الله ، وعدم الخضوع والتسليم لغيره لتتهيأ الأرضية الصالحة للسير على صراطه المستقيم الذي لا عوج فيه ولا ميل له إلى شرق ولا إلى غرب ، كما أنّه ليس فيه إفراط ولا تفريط ، وكذلك ليس فيه ضلال ولا غضب من اللهعزوجل .

إنّها جملة أمور ، لو تمثلها الإنسان وبنى عليها كيانه ، لكانت كفيلة بأن تجعل له شخصية سامية متكاملة.

وللأسف الشديد فقد وقع هذا العطاء الإلهي بأيدي أناس لم يعرفوا جلالة قدره ، ولم يغور والعمق معناه ، بل إنّهم من الجهل بمكان حتى وصل بهم الأمر أن

١١١

تركوا تلك الآيات الرّبانية المنجية من التيه والضلال والجهل ، وركضوا لاهثين وراء من ملكته شهواته ومن لم يصل إلى أدنى درجات النضج الفكري ، ليستجدوا منهم القوانين والبرامج التربوية التي صنعها جهلهم المتلبس بلباس العلم والتقدم! فهؤلاء المساكين يبيعون أغلى ما عندهم بثمن بخس ، ويشترون به ما يبعدهم عن بناء أخراهم!

ولا يعني هذا بأنّا ضد التقدم التقني ، بل علينا أن لا نحصر كل أنفسنا في هذا الجانب من الحياة الإنسانية ففي الوقت الذي نجد في القرآن تلك العيون الفياضة بالمعنويات ، نراه كذلك صاحب برامج حيوية في مجالات التقدم والرفاه الماديين ، وهذا ما أوضحناه في الآيات المتقدمة وما سنزيد فيه في الآيات القادمة إن شاء الله تعالى.

٢ ـ الطمع بما عند الغير مصدر الانحطاط

هناك الكثير من أصحاب العيون الضيقة الذين يلاحظون هذا وذاك باستمرار بعيون ملؤها الطمع والجشع!

لقد دأب هؤلاء على قياس حالهم وحال الآخرين ويغتمون غما شديدا فيما لو وجدوا أن شيئا من الحاجات المادية الحياتية ناقصا عندهم ، فيبذلون كل شيء في سبيل الحصول عليها حتى وإن كلفهم ذلك خسارة القيم الإنسانية وبيع كرامتهم!

هذا نمط من التفكير ينم عن حالة التخلف ، ويكشف عن الشعور بعقدة الحقارة ونقص الهمة. وهو من العوامل الفاعلة في تخلف الإنسان في حياته ، وعلى كافّة الأصعدة.

والشخص المستقل لا يتعامل مع مجريات الحياة بذلك النمط من التفكير المتخلف ، وإنّما يستعمل قواه الفكرية والجسمانية في طريق رشده وتكامله ، فهو

١١٢

كمن يحدث نفسه قائلا : بما أنّه لا ينقصني عن الآخرين شيء ، ولا يوجد دليل على عدم استطاعتي التقدم أكثر منهم أو الوصول لمصافهم فلما ذا أمد عيني لما متع به الآخرين من مال وجاه وما شاكل

فصاحب الشخصية المستقلة لا يربط هدفه ومقصده من الحياة بالجوانب المادية البحتة فقط ، بل يطلبها لإشباع ما يحتاجه روحيا وتربويا ، ويطلبها لكي يحفظ بها استقلاله وحريته ، ولكي لا يكون عالة على الآخرين ، فهو لا يطلبها بحرص ، ولا يطلبها بكل ما يملك ، لأنّ ذلك ليس بيع الأحرار ، ولا هو بيع عباد الله الصالحين.

ونختم الحديث بالحديث النّبوي الشريف : «من رمى ببصره ما في يد غيره كثر همّه ولم يشف غيظه»(١) .

٣ ـ تواضع القائد

لقد أوصي النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرارا من خلال القرآن أن يكون مع المؤمنين متواضعا ، محبّا، سهلا ورحيما ، والوصايا ليست منحصرة بخصوص نبي الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل هي عامّة لكل قائد وموجّه ، سواء كانت دائرة قيادته واسعة أم محدودة ، فعليه أن يأخذ بهذا الأصل الأساسي في الإدارة والقيادة الصحيحة.

إنّ حبّ وتعلق الأفراد بقائدهم من الأسس الفاعلية لنجاح القائد ، وهذا ما لا يتحقق من دون تواضعه وطلاقه وجهه وحبّه لخير أفراده.

أمّا خشونة وقساوة القائد فلا تؤدي إلّا إلى فصم رابطة الالتحام بينه وبين الأفراد ممّا يؤدي إلى تفرق وتشتت الناس عن قائدهم.

قال أمير المؤمنين عليعليه‌السلام في رسالته إلى محمّد بن أبي بكر : «فاخفض لهم

__________________

(١) تفسير الصافي ، في تفسير الآيات مورد البحث.

١١٣

جناحك وأن لهم جانبك وابسط لهم وجهك وآس بينهم في اللحظة والنظرة»(١) .

٤ ـ من هم المقتسمون؟

إنّ التوجيهات الإلهية بلا شك تراعى فيها المصلحة العامّة ومصلحة الأفراد بصورة عامة ، ولكن البعض منها قد يوافق مصالحنا الشخصية بحسب الظاهر والبعض الآخر على خلافها. ومن خلال قبول أو رفض ما يدعونا إليه الله يمحص المؤمن الخالص من المدعي للإيمان ، فالذي يقبل كل شيء نازل من الله ويسلم له ، حتى وإنّ ظاهرة لا يتوافق مع مصلحته ، ويقول «كل من عند ربّنا» ولا يجرأ على تجزئه أو تقسيم أو تبعيض الأحكام الإلهية فذلك هو المؤمن حقّا.

أمّا الذين استفحل المرض في قلوبهم فيحاولون تسخير دين الله وأحكامه لخدمة مصالحهم الشخصية ، فيقبلون ما يدعم منافعهم ويتركون غيره ، فتراهم يجزؤون الآيات القرآنية ، بل وتراهم في بعض الأحيان يجزؤون الآية الواحدة ، فما يوافق ميولهم احتذوا به ويتركون القسم الباقي من الآية! ولكن من القبح أن نردد ما قاله بعض الأقوام السابقة( نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ ) فهذا شأن عبيد الدنيا.

أمّا معيار تشخيص أتباع الحق من أتباع الباطل فمن خلال التسليم للأوامر والتوجيهات الإلهية التي لا تنسجم مع الميول والأهواء والمنافع الدنيوية ، فمن هنا يعرف الصادق من الكذاب والمؤمن من المنافق.

وتجدر الإشارة هنا إلى وجود تفاسير أخرى لمعنى المقتسمين (غير ما ذكرناه) ، حتى أنّ القرطبي قد ذكر في تفسيره سبعة آراء في معنى هذه الكلمة ، إلّا أنّ أكثرها خال من القرينة ، والبعض الآخر لا يخلو من مناسبة وهو ما سنذكره

__________________

(١) نهج البلاغة ، قسم الرسائل ، الرسالة ٢٧.

١١٤

أدناه :

فمنها أنّ جمعا من رؤوس المشركين كانوا يقفون في أيّام الحج على رؤوس طرق وأزقة مكّة ، ويشرع كل واحد منهم بالسخرية والاستهزاء بالنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والقرآن لينفروا الناس عنه.

فبعض يقول : إنّه «مجنون» فإنّ ما يقوله ليس بموزون

وبعض يقول : إنّه «ساحر» وقرآنه نوع من السحر

وبعض يقول : إنّه «شاعر» والنغمة البلاغية للآيات السماوية هي شعر

وبعض يقول : إنّه «كاهن» وإنّ أخبار القرآن الغيبية هي نوع من الكهانة.

وقد سمي هؤلاء بالمقتسمين لتقسيمهم شوارع وأزقة مكّة ومعابرها بينهم ضمن خطة دقيقة ومحسوبة.

ولا مانع من دخول هذا التّفسير وما ذكرناه معا ضمن مفهوم الآية المبحوثة.

* * *

١١٥

الآيات

( فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣) فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤) إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٩٦) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩) )

التّفسير

إصدع بما تؤمر!

يبيّن القرآن في أواخر سورة الحجر مصير المقتسمين الذين ذكروا في الآيات السابقة فيقول :( فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ ) .

إنّ عالم السر والعلن ومن لا يخفى عليه ذرة ما في السماوات والأرضين لا يسأل لكشف أمر خفي عليه (سبحانه وتعالى عن ذلك) ، وإنّما السؤال لتفهيم المسؤول قبح فعله ، أو كون السؤال نوعا من العقاب الروحي ، لأنّ الجواب سيكون عن أمور قبيحة ومصحوبا باللوم والتوبيخ ، وذلك ما يكون له بالغ الأثر في ذلك المقام ، حيث أنّ الإنسان عندها أقرب ما يكون إلى الحقائق وإدراكها.

١١٦

وعلى هذا الأساس فالسؤال قسم من العقاب الروحي.

وعموم قوله تعالى :( عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ ) يرشدنا إلى أنّ السؤال سيكون عن جميع أفعال الإنسان بلا استثناء ، وهو درس بليغ كي لا نغفل عن أفعالنا.

أمّا ما اعتبره بعض المفسّرين من اختصاص السؤال عن التوحيد والإيمان بالأنبياء ، أو هو مرتبط بما يعبد المشركون فهو كلام بلا دليل ، ومفهوم الآية عام.

وقد يشكل البعض من كون الآية المتقدمة تؤكّد على أنّ الله تعالى سيسأل عباده ، في حين نقرأ في الآية التاسعة والثلاثين من سورة الرحمن( فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ ) .

وقد أجبنا عن ذلك سابقا ، وخلاصته : في القيامة مراحل ، يسأل في بعضها ولا يسأل في البعض الآخر حيث تكون الأمور من الوضوح بحيث لا تستوجب السؤال ، أو أن لا يكون السؤال باللسان ، وهذا ما نستنتجه من الآية الخامسة والستين من سورة يس حيث تشير إلى غلق الأفواه وبدأ أعضاء البدن ـ حتى الجلد ـ بالسؤال.(١)

ثمّ يأمر الله تعالى نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ) ، أي لا تخف من ضوضاء المشركين والمجرمين ، ولا تضعف أو تتردد أو تسكت ، بل أدعهم إلى رسالتك جهارا.

( وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) ، ولا تعتن بهم.

«فاصدع» ، من مادة (صدع) وهي لغة بمعنى «الشق» بشكل مطلق ، أو شق الأجسام المحكمة بما يكشف عمّا في داخلها ، ويقال أيضا لألم الرأس الشديد (صداع) وكأنّه من شدته يريد أن يشق الرأس!

وهي هنا بمعنى : الإظهار والإعلان والإفشاء.

__________________

(١) لمزيد من الإيضاح ، راجع ذيل تفسير الآية (٧) من سورة الأعراف.

١١٧

وعلى أية حال فالإعراض عن المشركين هنا بمعنى الإهمال ، أو ترك مجاهدتهم وحربهم ، لأنّ المسلمين في ذلك الوقت لم تصل قدرتهم ـ بعد ـ لمستوى المواجهة مع الأعداء وحربهم.

ثمّ يطمئن الله تعالى نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تقوية لقلبه :( إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) .

أنّ مجيء الفعل بصيغة الماضي في هذه الآية مع أنّ المراد المستقبل يشير إلى حتمية الحماية الرّبانية ، أيّ : سندفع عنك شهر المستهزئين ، حتما مقضيا.

وقد ذكر المفسّرون رواية تتحدث عن ست جماعات (أو أقل) كان منهم يمارس نوعا من الاستهزاء تجاه النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فكلما صدع النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالدعوة قاموا بالاستهزاء تفريقا للناس من حولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إلا أنّ الله تعالى ابتلى كلا منهم بنوع من البلاء ، حتى شغلهم عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، (وقد ورد تفصيل تلك الابتلاءات في بعض التفاسير).

ثمّ يصف المستهزئين :( الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) .

كأن القرآن يريد أن يقول : إنّ أفكار وأعمال هؤلاء بنفسها عبث سخف حيث يعبدون ما ينحتونه بأيديهم من حجر وخشب ، ودفعهم جهلهم لأن يجعلوا مع الله ما صنعوا بأيديهم آلهة! ومع ذلك يستهزءون بك!

ولمزيد من التأكيد على اطمئنان قلب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يضيف تعالى قائلا :( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ ) . فروحك اللطيفة وقلبك الطيب الرقيق لا يتحملان تلك الأقوال السيئة وأحاديث الكفر والشرك ، ولذلك يضيق صدرك.

ولكن لا تحزن من قبح أقوالهم( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ) .

لأنّ تسبيح الله يذهب أثر أقوالهم القبيحة من قلوب أحباء الله ، هذا أوّلا

وثانيا ، يعطيك قدرة وقوّة ونورا وصفاء ، ويخلق فيك تجليا وانفتاحا ، ويقوي ارتباطك مع الله ، ويقوي إرادتك ويثبت فيك قدرة أكبر للتحمل والثبات والمجاهدة في قبال أعداء الله.

١١٨

ولهذا نقرأ في رواية نقلا عن ابن عبّاس أنّه قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أحزنه أمر فزع إلى الصلاة.

ثمّ يعطي الله نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخر أمر في هذا الشأن :( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) .

المعروف والمشهور بين المفسّرين أنّ المقصود من «اليقين» هنا الموت ، وسمّي باليقين لحتميته ، فربما يشك الإنسان في كل شيء ، إلّا الموت فلا يشك فيه أحد قط.

أو لأنّ الحجب تزال عن عين الإنسان عند الموت فتتّضح الحقائق أمامه ويحصل له اليقين.

وفي الآيتين السادسة والأربعين والسابعة والأربعين من سورة المدّثر نقرأ عن لسان أهل جهنم :( وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ ) أي الموت.

ومن هنا يتّضح خطأ ما نقل عن بعض الصوفية من أنّ الآية أعلاه دليل على ترك العبادة. فقالوا : أعبد الله حتى تحصل على درجة اليقين ، فإذا حصلت عليها فلا حاجة للعبادة بعدها!

ونقول :

أوّلا : اليقين هنا بمعنى الموت بشهادة الآيات القرآنية المشار إليها ، وهو ما يحصل للمؤمن والكافر سواء.

ثانيا : المخاطب بهذه الاية هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومقام اليقين للنّبي من المسلمات ، وهل يجرأ أحد أن يدّعي أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يصل لدرجة اليقين ، حتى يخاطب بالآية المذكورة؟!!

ثانيا : المقطوع به أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يترك العبادة حتى آخر لحظات عمره الشريف ، وكذا الحال بالنسبة لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام وهو المستشهد في المحراب ، وهو ما سار عليه بقية الأئمّةعليهم‌السلام .

* * *

١١٩

بحوث

١ ـ بداية الدعوة العلنية للإسلام

المستفاد من بعض الرّوايات أنّ الآيتين :( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) نزلتا في مكّة بعد أن قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاث سنوات في الدعوة السرية لرسالته ، ولم يؤمن به إلّا القليل من المقربين إليه ، وأول من آمن من النساء خديجةعليها‌السلام ومن الرجال عليعليه‌السلام .

من البديهي ، أنّ الدعوة إلى التوحيد الخالص المصاحبة لتحطيم نظام الشرك وعبادة الأصنام في تلك البيئة وفترتها كانت في الواقع عملا عجيبا ومخيفا ، واستهزاء المشركين وسخريتهم كان معلوما عند الله من قبل أن يمارس ، ولهذا أراد الله تعالى تقوية قلب نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كي لا يخشى المستهزئين ، ويعلن رسالته بكل قوّة على الملأ ويشرع بجهاد منطقي معهم(١) .

٢ ـ الأثر الرّوحي لذكر الله

إنّ حياة الإنسان (كانت وما زالت) زاخرة بالمشاكل بحسب ما تقتضيه طبيعة الحياة الدنيا ، وكلما علا الإنسان درجة كثرت مشاكله وتعددت ، ومن هنا نفهم شدة ما واجهه النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مشاكل وصعاب في طريق دعوته الكبيرة.

ويكون العلاج الرّباني لتجاوز العقبات عبارة عن محاولة تحصيل القوة من مصدرها الحق مع التحلي بسعة الصدر ، فيأمر نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالتسبيح والذكر والدعاء والسجود ، لما للعبادة من أثر عميق في تقوية روح الإنسان وإيمانه وإرادته.

ونستفيد من روايات مختلفة أنّ الأئمّةعليهم‌السلام إذا واجهتهم المصاعب الشداد والبلاء ، لجؤوا إلى الله وشرعوا بالعبادة والدعاء ، كي يستمدوا القوة من معينها الأصيل.

__________________

(١) راجع تفسير نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ٣٢.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496