الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٩

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل0%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 576

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

مؤلف: آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
تصنيف:

الصفحات: 576
المشاهدات: 251442
تحميل: 10856


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 576 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 251442 / تحميل: 10856
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء 9

مؤلف:
العربية

١
٢

٣
٤

الآيات

( وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (41) قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (42) سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً (43) تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (44) )

التّفسير

كيف يفرّون من الحق؟

كان الحديث في الآيات السابقة يتعلّق بقضيتي التوحيد والشرك ، لذا فإنّ هذه الآيات تتابع هذا الموضوع بوضوح وقاطعية أكبر. ففي البداية تتحدث عن لجاجة بعض المشركين وعنادهم في قبال أدلة التوحيد فتقول :( وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً ) .

«صرّف» مشتقّة من «تصريف» وهي تعني التغيير والتحويل ، وكونها على وزن «تفعيل» يؤكّد معنى الكثرة. ولأنّ القرآن يستخدم تعابير متنوعة وفنونا كلامية مختلفة من أجل تنبيه المشركين ، إذ يستخدم الاستدلال العقلي المنطقي

٥

والفطري أو التهديد والترغيب ، لذا فإنّ كلمة «صرّفنا» تناسب هذا التنوّع في هذا المقام.

القرآن الكريم يريد أن يقول : إنّنا سلكنا مختلف الطرق ، وفتحنا مختلف الأبواب من أجل أن ننير قلوب هؤلاء العميان بضياء التوحيد ، ولكن مجموعة من هؤلاء وصل بهم التعصب والعناد واللجاجة إلى درجة أنّ كل هذه الوسائل لم تؤثر في جذبهم إلى الحقيقة ، بل إنّها زادت في ابتعادهم ونفورهم.

وهنا قد يطرح هذا السؤال : إذا ما الفائدة من ذكر كلّ ذلك ، إذا كانت النتائج. معكوسة؟

إنّ جواب هذا السؤال واضح ، إذ أنّ القرآن لم ينزل لفرد أو لمجموعة خاصّة ، ولكنّه للمجتمع كافّة ، وطبيعي أن جميع الناس ليسوا على منوال المعاندين ، إذ هناك الكثير ممن يتبع طريق الحق إذا استبانت له أدلته من هذا النوع من الأدلّة القرآنية ، بالرغم من أنّها تؤدي بمجموعة أخرى من فاقدي بصيرة القلب إلى المزيد من العناد.

إضافة إلى أنّ وجود هؤلاء المعاندين مفيد للمجموعة الأخرى التي تقبل الحق وتنصاع إليه ، إذ يستبيّن من ينصاع للحق طريقة من خلال النظر إلى سلوك المعاندين إذ أنّ تقابل الظّلمة والنّور يوضح قيمة النور أكثر (الأشياء تعرف بأضدادها) كما أن تعلم الأخلاق والآداب يمكن أن يتمّ ـ أحيانا ـ بتوسط عديمي الأدب والخلق.

وهذا في الواقع درس مفيد في القضايا التربوية والتبليغية ، إذ يمكن أن نستفيد من هذه الآية ضرورة سلوك طرق مختلفة ووسائل متعدّدة لتحقيق الأهداف التربوية المنشودة ، حيث أنّ الاقتصار على طريق واحد يخالف التنوع الكبير في أذواق الناس ومؤهلاتهم ، وبالتالي يجافي الطريق الصحيح الذي ينبغي أن يتّبع.

٦

دليل التمانع :

الآية التي بعدها تشير إلى واحد من أدلة التوحيد والذي يعرف بين العلماء والفلاسفة بعنوان «دليل التمانع» إذ الآية تقول للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قل لهم :( قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً ) .

وبالرغم من أنّ جملة( إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً ) تفيد أنّهم لا بدّ أن يجدوا طريقا يؤدي بهم إلى صاحب العرش ، ولكن طبيعة الكلام توضح بأنّ الهدف هو العثور على سبيل للانتصار عليه (على ذي العرش) خاصّة وأنّ كلمة( ذِي الْعَرْشِ ) التي استخدمت بدلا من «الله» تشير إلى هذا الموضوع وتؤكّده. إذ تعني أنّهم أرادوا أن يكونوا مالكي العرش وحكومة عالم الوجود ، لذلك فإنّهم سيحاولون منازلة ذي العرش.

ومن الطبيعي هنا أنّ كل صاحب قدرة يسعى لمدّ قدرته وتكميلها ، لذا فإنّ وجود عدّة آلهة يؤدي إلى التنازع والتمانع فيما بينهم حول الحكم والسلطة في عالم الوجود.(1)

هنا قد يقال : إن من الممكن تصوّر وجود عدّة آلهة يحكمون العالم من خلال التعاون والتنسيق فيما بينهم ، لذلك فليس ثمّة من سبب للتنازع بينهم؟!

في الإجابة على هذا السؤال نقول : بصرف النظر عن أنّ كل موجود يسعى نحو توسيع قدرته بشكل طبيعي ، وبصرف النظر أيضا عن الآلهة التي يعتقد بها المشركون تحمل العديد من الصفات البشرية ، والتي تعتبر أوضحها جميعا هي الرغبة في السيطرة والحكم وتوسيع نطاق القدرة بغض النظر عن كلّ ذلك نقول : إنّ اللازمة الضرورية لتعدّد الوجود هي الاختلاف ، وحيث لا يوجد

__________________

(1) بعض المفسّرين قال : إنّ هذا الجزء من الآية يعني أنّ هناك آلهة أخرى تحاول أن تقرب نفسها إلى الله. وهذا يعني أنّ هذه الآلهة (الأصنام وغيرها) الوهمية عند ما لا تستطيع أن تقرّب نفسها لله فكيف تستطيع أن تقربكم أنتم؟ ولكن سياق هذه الآية التي بعدها لا يتواءمان مع هذا التّفسير.

٧

اختلاف بين وجودين إطلاقا ، فلا معنى لوجود التعدّد!! (دقق جيدا).

ونظير هذا البحث ورد في الآية (22) من سورة الأنبياء حيث قوله تعالى( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا ) . ومنعا للالتباس ينبغي أن نقول : هناك اختلاف بين الدليلين بالرغم من التشابه بينهما :

الأوّل يدلّ على فساد العالم ونظام الوجود بسبب تعدّد الآلهة.

أمّا الثّاني فيتحدّث ـ بغض النظر عن النظم في عالم الوجود ـ عن حالة التنازع والتمانع التي سوف تقوم بين الآلهة المتعدّدة. (سوف نبحث هذه الأمور مفصلا أثناء تفسير الآية (22) من سورة الأنبياء).

وبما أنّ كلام المشركين وعباراتهم توحي بأنّهم نزلوا في إدراكهم للهعزوجل إلى مستوى أن يكون طرفا للنزاع ، لذا فإنّ الآية تقول بعد ذلك مباشرة :( سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً ) .

في الواقع إنّ هذا التعبير القرآني القصير ، يوضح ـ من خلال أربعة تعابير ـ علو الكبرياء الإلهية ونزاهتها عن مثل هذه التخيلات ، إذ تقول :

1 ـ استخدام كلمة( سُبْحانَهُ ) بمعنى التنزيه للذات الإلهية.

2 ـ ثمّ تعبير( وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ ) .

3 ـ ثمّ استخدام( عُلُوًّا ) وهي مفعول مطلق يفيد التأكيد.

4 ـ أخيرا ، جاءت كلمة( كَبِيراً ) للتأكيد مجددا على معاني التنزيه والعلو.

وبعد ذلك فإنّ جملة( عَمَّا يَقُولُونَ ) لها معنى واسع حيث أنّها تنفي كل أشكال التهم الباطلة ولوازمها.

ثمّ لأجل إثبات عظمة الخالق وأنّه منزّه عن خيالات واعتقادات وأوهام المشركين ، تتحدث الآية التالية عن تسبيح كائنات الوجود لذاته المقدسة إذ تقول :( تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ ) . ثمّ تتطرق الآية إلى أنّ التسبيح لا يقتصر على ما هو موجود في السماوات والأرض ، وإنّما ليس هناك

٨

موجود إلّا ويسبّح ويحمد الله ، ولكن لا تدركون تسبيحهم :( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) . ومع ذلك :( إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً ) . أي لا يؤاخذكم ولا يعاقبكم بسبب كفركم وشرككم مباشرة ، ولكن يمهلكم بالقدر الكافي ، ويفتح لكم أبواب التوبة ويتركها مفتوحة لإتمام الحجة.

بتعبير آخر : إنّكم تملكون القدرة على إدراك تسبيح ذرات الوجود والكائنات جميعا لله القادر المتعال ، وتدركون وجودهعزوجل ، ولكنّكم مع ذلك تقصّرون ، والله سبحانه وتعالى لا يؤاخذكم مباشرة على هذا التقصير ، ولا يجازيكم به فورا ولكن يعطيكم الفرصة الكافية لمعرفة التوحيد وترك الشرك.

تسبيح الكائنات :

تذكر الآيات القرآنية المختلفة تسبيح وحمد جميع موجودات عالم الوجود لله تعالى ، وإنّ أكثر الآيات صراحة بهذا الخصوص هي الآية التي نبحثها والتي تذكر لنا ـ بدون استثناء ـ أنّ جميع الموجودات في العالم ، الأرض والسماء ، النجوم والفضاء ، الأناس والحيوانات وأوراق الشجر ، وحتى الذرات الصغيرة ، تشترك جميعا في هذا التسبيح والحمد العام.

يبيّن القرآن الكريم أنّ عالم الوجود قطعة واحدة من التسبيح والحمد ، وأنّ كل موجود يؤدي هذا التسبيح ويقوم به بشكل معين ويثني على الباريعزوجل ، وأنّ أزير هذا التسبيح والحمد يملأ عالم الوجود المترامي الأطراف ، ولكن الجهلاء لا يستطيعون سماع هذا الأزيز ، بعكس المستبصرين المتأملين والعلماء الذين أضاء الله قلوبهم وأرواحهم بنور الإيمان ، فإنّ هؤلاء يسمعون هذا الصوت من جميع الجهات بشكل جيّد.

هناك كلام كثير بين العلماء والمفسّرين والفلاسفة حول تفسير حقيقة هذا الحمد والتسبيح ، فبعضهم اعتبر الحمد والتسبيح (حالا) والبعض الآخر (قولا) ،

٩

أمّا خلاصة أقوالهم فهي :

1 ـ البعض يعتقد أنّ جميع ذرات الوجود في هذا العالم لها نوع من الإدراك والشعور ، سواء كانت هذه الموجودات عاقلة أو غير عاقلة. وهي تقوم بالتسبيح والحمد في نطاق عالمها الخاص ، بالرغم من أنّنا لا نستطيع إدراك ذلك أو الإحساس بهذا الحمد والتسبيح وسماعه. آيات كثيرة تؤكّد هذا المعنى منها الآية رقم (74) من سورة البقرة واصفة الحجارة أو نوع منها :( وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ) . ثمّ قوله تعالى في الآية (11) من سورة فصّلت :( فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ) .

2 ـ الكثير يعتقد أنّ هذا التسبيح والحمد هو على شاكلة ما نسميه بـ «لسان الحال» وهو حقيقي غير مجازي إلّا أنّه بلسان الحال وليس بالقول. (تأمّل ذلك).

ولتوضيح ذلك تقول : قد يحدث أن نشاهد آثار عدم الارتياح والألم ، وعدم النوم في وجه أو عيني شخص ما ونقول له : بالرغم من أنّك لم تتحدث عن شيء من هذا القبيل، إلّا أن عينيك تقولان بأنّك لم تنم الليلة الماضية ، ووجهك يؤكّد بأنّك غير مرتاح ومتألم! وقد يكون لسان الحال من الوضوح بدرجة بحيث أنّه يغطي على لسان القول لو حاول التستر عليها قولا.

وهذا هو المعنى الذي صرّح به أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام بقوله : «ما أضمر أحد شيئا إلّا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه»(1) .

من جانب آخر هل يمكن التصديق بأنّ لوحة فنية جميلة للغاية تدل على ذوق ومهارة رسامها ، لا تمدحه أو تثني عليه؟ وهل يمكن انكار ثناء دواوين أشعار أساطين الشعر والأدب وتمجيدها لقرائحهم واذواقهم الرفيعة؟ أو يمكن انكار أن بناء عظيما أو مصنعا كبيرا أو عقولا الكترونية معقدة أو أمثالها ، أنّها تمدح صانعها ومبتكرها بلسان حالها غير الناطق؟

__________________

(1) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، رقم 26.

١٠

لذا يجب التصديق والتسليم بأنّ عالم الوجود العجيب ذا الأسرار المتعدّدة والعظمة الكبيرة ، والجزئيات العديدة المحيّرة ، يقوم بتسبيح وحمد الخالقعزوجل ، وإلّا فهل «التسبيح» سوى التنزيه عن جميع العيوب؟ فنظام عالم الوجود ناطق بأنّ خالقه ليس فيه أي نقص أو عيب :

ثمّ هل «الحمد» سوى بيان الصفات الكمالية؟ فنظام الخلق والوجود كلّه يتحدث عن الصفات الكمالية للخالق وعلمه وقدرته اللامتناهية وحكمته الوسيعة.

خاصّة وأنّ تقدم العلوم البشرية وكشف بعض أسرار وخفايا هذا العالم الواسع ، توضح هذا الحمد والتسبيح العام بصورة أجلى. فاليوم مثلا ألّف علماء النبات المؤلفات العديدة عن أوراق الأشجار ، وخلايا هذه الأوراق ، والطبقات السبع الداخلة في تكوينها ، والجهاز التنفسي لها ، وطريقة التغذية وسائر الأمور الأخرى التي تتصل بهذا العالم.

لذلك ، فإنّ كل ورقة توحد الله ليلا ونهارا ، وينتشر صوت تسبيحها في البساتين والغابات ، وفوق الجبال وفي الوديان ، إلّا أنّ الجهلاء لا يفقهون ذلك ، ويعتبرونها جامدة لا تنطق.

إنّ هذا المعنى للتسبيح والحمد الساري في جميع الكائنات يمكن دركه تماما ، وليست هناك حاجة لأن نعتقد بوجود إدراك وشعور لكل ذرات الوجود ، لأنّه لا يوجد دليل قاطع على ذلك ، والآيات السابقة يحتمل أن يكون مقصودها التسبيح والحمد بلسان الحال.

الجواب على سؤال :

يبقى سؤال واحد ، وهو إذا كان الغرض من الحمد والتسبيح هو تعبير نظام الكون عن نزاهة وعظمة وقدرة الخالقعزوجل ، وتبيان الصفات السلبية

١١

والثبوتية ، فلما ذا يقول القرآن :( لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) لأنّه إذا كان البعض لا يفقه ، فإنّ العلماء يفقهون ويعلمون؟.

هناك جوابان على هذا السؤال هما :

الأوّل : إنّ الآية توجّه خطابها إلى الأكثرية الجاهلة من عموم الناس ، خصوصا إلى المشركين ، حيث أنّ العلماء المؤمنين قلّة وهم مستثنون من هذا التعميم ، وفقا لقاعدة ما من عام إلّا وفيه استثناء.

الثّاني : هو أنّ ما نعلمه من أسرار وخفايا العالم في مقابل ما لا نعلمه كالقطرة في قبال البحر ، وكالذرة في قبال الجبل العظيم. وإذا فكرنا بشكل صحيح فلا نستطيع أن نسمّي الذي نعرفه بأنّه (علم). إنّنا في الواقع لا نستطيع أن نسمع تسبيح وحمد هذه الموجودات الكونية مهما أوتينا من العلم ، لأنّ ما نسمعه هو كلمة واحدة فقط من هذا الكتاب العظيم!!

وعلى هذا الأساس تستطيع الآية أن تخاطب العالم بأجمعه وتقول لهم : إنّكم لا تفقهون تسبيح وحمد الموجودات بلسان حالها ، أمّا الشيء الذي تفقهوه فهو لا يساوي شيئا بالنسبة إلى ما تجهلون.

3 ـ بعض المفسّرين يحتمل أنّ الحمد والتسبيح هو تركيب من لسان : «الحال» و «القول». وبعبارة أخرى : يعتقدون بأنّه تسبيح تكويني وتشريعي ، لأنّ أكثر البشر وكل الملائكة يحمدون الله عن إدراك وشعور ؛ وكل ذرات الوجود نتحدّث عن عظمة الخالق بلسان حالها. وبالرغم من أنّ هذين النوعين من الحمد والتسبيح مختلفين ، إلّا أنّهما يشتركان في المفهوم الواسع لكلمتي الحمد والتسبيح.

ولكن التّفسير الثّاني ـ حسب الظاهر ـ أكثر قبولا للنفس من التّفسيرين الآخرين.

١٢

جانب من روايات العترة الطاهرة :

هناك تعابير لطيفة في هذا المجال وردت في أحاديث الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهل البيتعليهم‌السلام ، منها :

* أحد أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام يقول : سألت الإمام عن تفسير قوله تعالى :( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) فقالعليه‌السلام : «كل شيء يسبّح بحمده وإنّا لنرى أن ينقض الجدار وهو تسبيحها»(1) .

* وعن الإمام محمّد الباقرعليه‌السلام قال : «نهى رسول الله أن توسم البهائم في وجوهها، وأن تضرب وجوهها لأنّها تسبّح بحمد ربّها»(2) .

* وعن الإمام الصادقعليه‌السلام قوله : «ما من طير يصاد في بر ولا بحر ، ولا شيء يصاد من الوحش إلّا بتضييعه التسبيح»(3) .

* أمّا الإمام الباقرعليه‌السلام ، فعند ما سمع يوما صوت عصفور ، فقال لأبي حمزة الثمالي ـ وكان من خاصّة أصحابه ـ : «يسبحن ربّهنّعزوجل ويسألن قوت يومهن»(4) .

* وفي حديث آخر نقرأ أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتى إلى عائشة ، وقال لها : «اغسلي هذين الثوبين» فقالت : يا رسول الله ، لقد غسلتهما أمس ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أمّا علمت أنّ الثوب يسبّح فإذا اتسخ انقطع عن تسبيحه»(5) .

* في حديث آخر عن الإمام الصادق نقرأ قولهعليه‌السلام : «للدابة على صاحبها ستة حقوق : لا يحملها فوق طاقتها ، ولا يتخذ ظهرها مجلسا يتحدث عليها ، ويبدأ بعلفها إذا نزل ، ولا يسمها في وجهها ، ولا يضربها فإنّها تسبح ، ويعرض عليها الماء

__________________

(1) نور الثقلين ، المجلد الثّالث ، صفحة (168).

(2) نور الثقلين ، المجلد الثّالث ، صفحة (168).

(3) المصدر السابق.

(4) عن أبو نعيم الإصفهاني في حلية الأولياء (نقلا عن تفسير الميزان).

(5) المصدر السابق.

١٣

إذا مرّ بها»(1) .

إنّ هذه المجموعة من الأحاديث والرّوايات والتي لبعضها معاني دقيقة ، تظهر أنّ التسبيح العام للموجودات يشمل كل شيء بدون استثناء ، وكل هذا يتطابق مع ما ذكرناه في التّفسير الثّاني (أي إن التسبيح هو تسبيح تكويني أو تسبيح بلسان الحال).

أمّا ما قرأناه في هذه الأحاديث من أنّ اللباس إذا توسخ ينقطع تسبيحه ، فهو كناية عن أنّ المخلوقات إذا كانت محافظة على نظافتها الطبيعية فسوف تذكّر الإنسان بخالقه ، أمّا إذا فقدت نظافتها الطبيعية فسوف لا تقوم بالتذكير.

* * *

__________________

(1) عن «الكافي» طبقا لما ذكره صاحب الميزان.

١٤

الآيات

( وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً (45) وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً (46) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (47) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (48) )

سبب النّزول

تحدّث مجموعة من المفسّرين مثل الطبرسي في «مجمع البيان» والفخر الرازي في «التّفسير الكبير» وآخرون ، في شأن نزول هذه الآيات ، فقالوا : إنّها نزلت في مجموعة من المشركين كانوا يؤذون النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالليل إذا تلا القرآن وصلّى عند الكعبة ، وكانوا يرمونه بالحجارة ويمنعونه عن دعوة الناس إلى الدين ، فحال الله سبحانه بينه وبينهم حتى لا يؤذوه.

١٥

وقد احتمل الطبرسي أن يكون الله منع المشركين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن طريق إلقاء الخوف والرعب في قلوبهم(1) .

أمّا الرازي فيقول في ذلك : «إنّ هذه الآية نزلت في قوم كانوا يؤذون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا قرأ القرآن على الناس. روي أنّه عليه الصلاة والسّلام كان كلّما قرأ القرآن قام عن يمينه رجلان وعن يساره آخران من ولد قصي يصفقون ويصفرون ويخلطون عليه بالأشعار».

ثمّ أضاف : «وروي عن ابن عباس ، أنّ أبا سفيان والنضر بن الحرث وأبا جهل وغيرهم كانوا يجالسون النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويستمعون إلى حديثه ، فقال النضر يوما : ما أدري ما يقول محمّد غير أنّي أرى شفتيه تتحركان بشيء. وقال أبو سفيان : إنّي لأرى بعض ما يقوله حقّا ، وقال أبو جهل : هو مجنون. وقال أبو لهب : هو كاهن. (!!!) وقال حويطب بن عبد العزى : هو شاعر ، فنزلت الآية أعلاه :( وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ ) (2) .

التّفسير

المغرورون وموانع المعرفة :

بعد الآيات السابقة قد يطرح الكثيرون هذا السؤال : رغم وضوح قضية التوحيد بحيث أنّ جميع مخلوقات العالم تشهد بذلك ؛ فلما ذا ـ اذن ـ لا يقبل المشركون هذه الحقيقة ولا ينصاعون للآيات القرآنية بالرغم من سماعهم لها؟

الآيات التي نبحثها يمكن أن تكون جوابا على هذا السؤال ، إذ تقول الآية الأولى فيها :( وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً ) . وهذا الحجاب والساتر هو نفسه التعصّب واللجاجة والغرور

__________________

(1) مجمع البيان ، المجلد الثّالث ، صفحة 418.

(2) التّفسير الكبير ، المجلد 20 ، صفحة 220 ـ 221.

١٦

والجهل ، حيث تقوم هذه الصفات بصد حقائق القرآن عن أفكارهم وعقولهم ولا تسمح لهم بدرك الحقائق الواضحة مثل التوحيد والمعاد وصدق الرّسول في دعوته وغير ذلك.

وفيما يخص كلمة «مستور» هل أنّها صفة للحجاب ، أو لشخص الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو للحقائق القرآنية؟ فإنّ البحث عن ذلك سنشير إليه في البحوث.

وسنتناول في البحوث ـ أيضا ـ كيفية نسبة الحجاب للخالق جلّ وعلا.

أمّا الآية التي بعدها فتقول :( وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً ) أي أنّنا غطّينا قلوبهم بأستار لكي لا يفهموا معناه ، وجعلنا في آذانهم ثقلا ، لذلك فإنّهم( إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً ) .

حقّا ما أعجب الهروب من الحق ؛ الهرب من السعادة والنجاة ، من النصر والفهم!إنّ شبيه هذا المعنى نجده ـ أيضا ـ في الآية (50 ـ 51) من سورة المدثر :( كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ) أي كالحمير الهاربة من الأسد.

ثمّ يضيف الله تبارك وتعالى مرّة أخرى :( نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ) أي أنّ الله تعالى يعلم الغرض من استماعهم لكلامك وحضورهم في مجلسك و( إِذْ هُمْ نَجْوى ) يتشاورون ويتناجون( إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً ) . إذ ـ في الحقيقة ـ إنّهم لا يأتون إليك من أجل سماع كلامك بقلوبهم وأرواحهم ، بل هدفهم هو التخريب ، وتصيّد الأخطاء (بزعمهم ودعواهم) حتى يحرفوا المؤمنين عن طريقهم إذا استطاعوا. وعادة يكون مثل هؤلاء الأشخاص وبمثل نواياهم ، قلوبهم موصدة ، وفي آذانهم وقر ، لذلك لا يجالسون رجال الحق إلّا لتحقيق أهداف شيطانية.

الآية الأخيرة خطاب للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبالرغم من أنّ عبارة الآية قصيرة ، إلّا أنّها كانت قاضية بالنسبة لهذه المجموعة حيث قالت :( انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً ) . والآية لا تعني أنّ الطريق غير واضح والحق

١٧

خاف ، بل على أبصارهم غشاوة ، وقلوبهم مغلقة دون الاستجابة للحق ، وعقولهم معطّلة عن الهدى بسبب الجهل والحقد والتعصب والعناد.

بحوث

1 ـ خلاصة عامّة للآيات

الآيات الآنفة ترسم لنا بدقة أحوال الضالين والموانع التي تحول دون معرفتهم للهدى ، وبشكل عام تقول الآيات : إنّ ثمّة ثلاثة موانع لمعرفة هؤلاء للحق ، بالرغم من سهولة رؤية طريق الحق ، هذه الموانع هي :

أ ـ وجود الحجاب بينك وبينهم ، وهذا الحجاب في حقيقته إن هو إلّا أحقادهم وحسدهم وبغضهم والعداوة التي يضمرونها نحوك ، فهذا الحجاب بمكوناته هو الذي يمنعهم من النظر إلى شخصيتك الرسالية ، أو أن يدركوا كلامك ، حتى أنّ الحسنات تتحول في نظرهم إلى سيئات.

ب ـ سيطرة الجهل والتقليد الأعمى على قلوبهم بحيث أنّهم غير مستعدين لسماع كلمة الحق من أي شخص كان.

ج ـ إنّ حواس المعرفة لدى هؤلاء ، كالأذن ـ مثلا ـ تنفر من كلام الحق ، وتكون كأنّها صمّاء ، أمّا الكلام الباطل فإنّهم يتذوقونه ويفرحون به ، وينفذ إلى أعماقهم بسرعة ، خاصّة وأن التجربة أثبتت أنّ الإنسان إذا لم يكن راغبا بشيء فسوف لا يسمعه بسهولة. أمّا إذا كان راغبا فيه ، فإنّه سيدركه بسرعة ، وهذا يدل على أنّ الإحساسات الداخلية لها تأثيرها على الحواس الظاهرة ، بل وتستطيع أن تطبعها بالشكل الذي تريده.

أمّا نتيجة هذه الموانع الثلاثة فهي :

أوّلا : الهروب من سماع الحق ، خاص عند ما يكون الحديث عن وحدانية الخالق ، لأنّ هذه الوحدانية تتناقض مع أصول اعتقادات المشركين.

١٨

ثانيا : اللجوء إلى توجيهات خاطئة لتبرير انحرافهم ، حيث كانوا يصفون الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتهم مختلفة كالساحر والشاعر والمجنون. وبذلك تكون عاقبة كل أعداء الحق أنّ أعمالهم الرذيلة تكون حجابا لهم دون الحق والهدى.

وهنا ينبغي القول بأنّ من يريد أن يسلك الصراط المستقيم وأن يأمن من الانحراف يجب عليه أوّلا وقبل كل شيء إصلاح نفسه. يجب تطهير القلب من البغض والحسد والعناد ، وتطهير الروح من التكبر والغرور ، وبشكل عام تطهير النفس من جميع الصفات الرذيلة ، لأنّ القلب إذا تطهّر من هذه الرذائل وأصبح نظيفا نقيّا ، فسوف يدرك جميع الحقائق. لهذا السبب نرى أنّ الأميين وأصحاب القلوب النقية يدركون الحقائق أسرع من العالم الذي لم يقم بتهذيب نفسه.

2 ـ لماذا تنسب الحجب للخالق؟

الآيات تنسب الحجب إلى الخالق ، حيث قوله تعالى :( وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً ) . كذلك هناك آيات قرآنية أخرى بنفس المضمون. وهذه التعابير قد يستشم منها رائحة «الجبر» في حين أنّها لم تكن سوى صدى لأعمالهم. ولكن هذه الحجب ـ في الواقع ـ هي بسبب الذنوب والصفات الرّذيلة لنفس الإنسان ، وإن هي إلّا آثار الأعمال. ونسبة هذه الأمور إلى الخالق يعود إلى أنّه سبحانه وتعالى هو الذي خلق خواص الأمور ، فإنّ تلك الأعمال الرّذيلة والصفات القبيحة لها هذه الخواص. وقد تحدّثنا عن هذه الفكرة في البحوث السابقة مستفيدين من الشواهد القرآنية الكثيرة.

3 ـ ما معنى الحجاب المستور؟!

هناك آراء كثيرة للمفسّرين حول الحجاب المستور ، منها :

أ ـ (مستور) صفة للحجاب ، ونستفيد من ظاهر التعبير القرآني أنّ هذا

١٩

الحجاب مخفي عن الأنظار. وفي الواقع إنّ حجاب الحقد والعداوة والحسد لا يمكن رؤيته بالعين ، لأنّها في نفس الوقت تضع حجابا سميكا بين الإنسان والشخص الذي يقوم بحسده والحقد عليه.

ب ـ البعض الآخر فسّر (مستور) بمعنى «الساتر» (لأنّ اسم المفعول قد يأتي بمعنى الفاعل كما فسّر بعض المفسّرين كلمة «مسحور» في هذه الآيات بمعنى الساحر)(1) .

ج ـ القسم الثّالث من المفسّرين اعتبر (مستور) وصفا مجازيا ، أي أنّه لا يعني أنّ الحجاب مستور ، بل إنّ الحقائق الموجودة خلف هذا الحجاب هي المستورة (مثل شخصية الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) وصدق دعوته وعظمة أحاديثه).

وعند التدقيق في هذه التفاسير الثّلاثة يظهر أنّ التّفسير الأوّل يتلائم أكثر مع ظاهر الآية.

وفي بعض الرّوايات نقرأ أنّ أعداء الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانوا يأتونه وهو مع أصحابه يتلو القرآن ، إلّا أنّهم لم يكونوا يرونه ، وكأن عظمة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تمنعهم من رؤيته ومعرفته ، وبذلك يكون بعيدا عن أذاهم.

4 ـ «أكنّة» و «وقر» ماذا يعنيان؟

(أكنّة) جمع «كنان» وهي على وزن «لسان» وفي الأصل تعني أي غطاء يمكن أن يستر شيئا ما ، أمّا «كن» على وزن «جن» فتعني الوعاء الذي يمكن أن نحفظ في داخله شيئا ما. أمّا جمع «كن» فهو «أكنان» وقد توسع هذا المعنى ليشمل أي شيء يؤدي إلى التستّر ، كالأستار والبيت والأجسام التي يتستر الإنسان خلفها.

__________________

(1) نقل عن الأخفش ، أنّ اسم المفعول قد يأتي في بعض الأحيان بمعنى اسم الفاعل مثل ميمون بمعنى يامن ، ومشئوم بمعنى شائم.

٢٠