الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٩

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 576

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 576 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 264310 / تحميل: 11787
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ٩

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

السفياني وأصحابه، فيهزمونهم ويأخذون المـُلْك من أيدي الظالمين، ويسلِّموها إلى أهلها من الهاشميِّين، وهو الإمام المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام) الذي يخرج في مكَّة المكرَّمة.

11- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله)، ج1، باب (104)، ص33، أخرج بسنده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تَخرجُ من خُراسان - الكوفة، فإذا ظهر المهدي [ عليه السلام ] بمكَّة بعثت إليه بالبيعة).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي في عقد الدُّرر الحديث في رقم (172) بسنده عن أبي جعفر محمَّد بن علي (عليهما السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تُقبِل من خُراسان - الكوفةَ، فإذا ظهر المهدي بمكَّة، بَعَثتْ بالبيعة إلى المهدي)، وقال: أخرجه أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد.

المؤلِّف:

وأخرج الحديث في العرف الوردي، ج2، ص69، ولفظه ولفظ السيِّد في الملاحم سواءٌ.

12- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (105)، ص 33، أخرج بسنده عن كعب قال:

(إذا دارت رحى بني العبَّاس، وربَط أصحابُ الرايات السود خيولهم بزيتون الشام، ويُهلك الله لهم الأصهب، ويَقتله وعامَّة أهل بيته على أيديهم، حتَّى لا يبقى أُموي منهم إلاَّ هاربٌ ومختفٍ، ويَسقط السعفتان: بنو جعفر وبنو العبَّاس، ويجلس ابن آكلة الأكباد على منبر دمشق، ويَخرج البربر إلى سرة الشام، فهو علامةُ خروج المهدي).

المؤلِّف:

قوله: (علامةُ خروج المهدي) أي: تكون مقدِّمةً لخروج الإمام المهدي (عليه السلام) كما يظهر ذلك من كثير من أحاديث الباب وغيره.

٦١

13- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (128)، ص40، أخرج بسنده عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام) قال:

(إذا هَزمت الرايات السود خيلَ السفياني - التي فيها شُعيب بن صالح - تمنَّى الناس المهدي فيطلبونه، فيخرج من مكَّة ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، فيصلِّي ركعتين - بعد أن ييأس الناس من خروجه لمَّا طال عليهم من البلاء - فإذا فرغ من صلاته انصرف، فقال: أيُّها الناس: ألحَّ البلاء بأُمَّة محمَّد (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، وبأهل بيته خاصَّة، قُهرنا وبُغيَ علينا).

المؤلِّف:

فيخرج الإمام المهدي (عليه السلام) بعد بيعة أصحابه الخاصَّة معه، وبعد خسفِ جيش السفياني في البيداء، ووصول خبرهم إليه، وقوله: (هذا الذي كنَّا ننتظره).

14- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله) ج1 باب (129)، أخرج بسنده عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(ثمَّ يظهر المهدي بمكَّة عند العشاء، ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصه، وسيفه، وعلامات ونور وبيان، فإذا صلَّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول: أُذكِّركم الله أيُّها الناس ومقامكم بين يدي ربِّكم، فقد اتَّخذ الحُجَّة، وبعث الأنبياء، وأنزل الكتاب، يأمرُكم أن لا تشركوا به شيئاً، وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وأن تحيوا ما أحيى القرآن، وتميتوا ما أمات، وتكونوا أعواناً على الهدى، ووزراً على التقوى، فإنَّ الدنيا قد دنى فناؤها وزوالها، وأَذِنت بالوداع، وإنِّي أدعوكم إلى الله وإلى رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سُنَّته، فيظهر في ثلاثمئة وثلاثةَ عشرَ رجلاً عدَّة أهل بدرٍ، على غير ميعادٍ قُزعاً كقُزع الخريف ، رهبانٌ بالليل، أُسدٌ بالنهار

٦٢

فيفتح الله أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن [ في المدينة ] من بني هاشم، وتنزل الرايات السود الكوفة، فيبعث بالبيعة إلى المهدي، ويبعث المهدي جنوده إلى الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله على يديه القسطنطينيَّة).

المؤلِّف:

يأتي هذا الحديث الشريف بلفظ آخر في رقم (23) نقلاً من (القول المختصر) لابن حجر الهيتمي الشافعي المخطوط، ونسخته توجد في مكتبة أمير المؤمنين في النجف الأشرف عندنا، ويُطبع إنشاء الله في ذيل هذا الكتاب.

15- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، باب (132)، ص41، أخرج بسند عن رزين، عن علي (عليه السلام) قال:

(يُرسل الله على أهل الشام مـَن يُفرِّق جماعتهم حتَّى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم، وعند ذلك يخرج رجلٌ من أهل بيتي في ثلاث رايات، المـُكْثِر يقول: خمسةَ عشرَ ألفاً، والمـُقْلِل يقول: اثني عشر ألفاً، أمارتهم: أَمت أَمت، على رايةٍ منها رجلٌ يطلب المـُلْك، أو يُبْتَغى له المـُلْك، فيقتلهم الله جميعاً، ويردّ الله على المسلمين أُلفَتهم وفاصتهم وبزارتهم).

قال ابن ليهعة: وأخبرني إسرائيل بن عبَّاد، عن محمَّد بن علي مثله، قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا رشدين، حدَّثنا ابن لهيعة قال: وأخبرني عبد الرحمان بن سالم، عن أبيه، عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام)، الحديث، إلاَّ أنَّه قال: (تسع راياتٍ سودٍ)، [ أي: مكان ثلاثِ راياتٍ في الحديث ].

المؤلِّف:

الحديث مرَّ ذكره في قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (المهدي رجلٌ من أهل بيتي)، في الباب (2) في رقم (110)، ورقم (111)، نقلاً من كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، ج7، ص317، ومن المستدرك للحاكم، ج4

٦٣

، ص553 ط حيدر آباد الدكن، والحديثين فيهما اختلاف في الألفاظ مع حديث الفتن، وفيهما مقدِّمة لم تُذكر في الفتن والله أعلم بسبب النقص والاختلاف.

وأخرج الحديث علي المتَّقي الحنفي في كنز العمَّال، ج7، ص263، نقلاً من المستدرك والملاحم والفتن، وأخرج الحديث ابن خلدون في كتابه المعروف (بمقدِّمة ابن خلدون، ص267)، ولفظه يَقرُب لفظ مجمع الزوائد ولا يساويه، راجع الباب (2) تجد اللفظين بنصِّهما.

16- وفي ينابيع المودَّة، ص193، أخرج بسنده من مسند أبي حاتم، وصحيح ابن حبَّان، وكتاب ابن السري بأسانيدهم عن ابن مسعود مرفوعاً أنَّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال:

(... إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله - تعالى - لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي إثرةً وشدَّةً وتطريداً في البلاد، حتَّى يأتي قومٌ من ها هنا - وأشار إلى المشرق - أصحابُ راياتٍ سودٍ، فيسألون حقَّهم فلا يُعطَوْنه - مرَّتين أو ثلاثاً - فيقاتلون فَيُنصَرُون، فيعطون ما شاؤوا فلا يقبلونها، حتَّى يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَملَؤها عدلاً بعدما مـُلئت ظلماً، فمن أدرك ذلك [ منكم ] فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

.

المؤلِّف:

في الحديث اختصار، ويأتي في رقم (17) الحديث كاملاً، وقد أخرجه كاملاً ابن خلدون في المقدِّمة، وأخرجه الحاكم كاملاً، وأخرجه الذهبي كاملاً، ويأتي الحديث عن غيرهم.

17- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص518، طبع مصر، سنة 1349، أخرج الحديث المتقدِّم بسندٍ متَّصل عن عبد الله بن مسعود - وله مقدِّمة - وهذا نصُّه:

بحذف السند عن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم النبي (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه، وتغيَّر لونه

٦٤

قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اخْتارَ الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيسألون الخير فلا يُعْطَوْنه، فَيُقاتِلون فيَنُصَرُون فَيُعطَونَ ما سألوا فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَمْلَؤُهَا قسطاً كما مـَلَئُوهَا جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

في الأربعين لأبي نعيم، أخرج نحوه، وقال فيه:

(حتَّى يأتي قومٌ من المشرق ومعهم راياتٌ سود، فيسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه...). الحديث، وقال في آخره: (ومن استطاع منكم فليأتهم ولو حبواً).

18- وفي الصواعق المـُحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، ص100 طبع مصر، سنة 1308 هـ، أخرج حديث عبد الله بن مسعود مع المقدِّمة، نقلاً من سُنن ابن ماجة بسنده عن عبد الله قال:

بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ)، وذكر الحديث.

ولفظه يساوي لفظ ابن ماجة إلى قوله: (فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج)، وزاد فيه: (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

يظهر من لفظِ حديثِ ابن حجر في الصواعق أنَّه الحديث الذي في ينابيع المودَّة، وفي نفس السُنن أسقط منه قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

هذا وقد أخرج الحديث في عقد الدُّرر - تأليف الشافعي - وفيه زيادات كثيرة، وإليك لفظه في الرقم الآتي.

19- وفي عقد الدُّرر، الحديث (162)، من الفصل (4)، أخرج بسنده عن علقمة بن قيس وعبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود قال:

٦٥

أتيتا رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، فخرج إلينا مـُستبشراً، يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فئةٌ من بني هاشم، فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم خبر بممرهم، وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً تكرهه، فقال:

(إنَّا أهلُ البيت اخْتار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيَلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تُرفع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطَونه، فيُقاتِلون فَيُنصَرَون، فمـَن أدركه منكم ومِن أعقابكم فليأتِ إِمامـَ أهلَ بيتي، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملأها قسطاً وعدلاً، كما مـُلئت جوراً وظلماً).

أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله في مستدركه هكذا، ورواه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني، والإمام أبو عبد الله محمَّد بن يزيد بن ماجه، والحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد، كلُّهم بمعناه.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (29) الحديث من مستدرك الحاكم مع اختلافٍ، ويأتي بقيَّةُ ألفاظه من كتبٍ عديدة بعد رقم (29).

المؤلِّف:

تقدَّم لفظ ابن ماجه، ولفظ ابن حجر، ولفظ ينابيع المودَّة، وليس فيها ما في هذا الحديث من الألفاظ النافعة المهمَّة، ومنه يُعرف أنَّ ألفاظ الحديث في الكتب المتقدِّمة وقعَ فيها تغييرٌ أو تحريف.

وأخرج الحديث في كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان)، ص315، ولفظه يساوي لفظ ابن ماجه القزويني الشافعي، وأخرج الحديث ابن الصبَّاغ المالكي في كتاب الفصول المهمَّة في الفصل (12)، ص276 – 277، ولفظه يقرب لفظ ابن ماجه في سُننه وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم، ثمَّ ذكر بعده حديثاً آخر مختصر مضمونه فيه ما في الحديث السابق، وأخرجه الحاكم في المستدرك، ج4، ص553، وقد تقدَّمت ألفاظهم، ويأتي في رقم

٦٦

(29) لفظ الحاكم وغيره، ولفظ السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص117، راجع رقم (33).

20- وفي الفصول المهمَّة الفصل (12)، ص277، الطبعة الثانية، النجف، سنة 1369 قال: وروى الحافظ أيضاً بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(إذا رأيتم الرايات السود من خراسان فأتوها ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج أبو نعيم حديث ثوبان في الأربعين حديث الذي جمعه في أحوال الإمام المنتظر (عليه السلام)، وذكر السيِّد في غاية المرام، ص700 جميع الأربعين حديث، ومن جملتها حديث ثوبان، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ.

وأخرجه يوسف بن يحيى في عقد الدُّرر في الحديث (173)، ولفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الرايات السود من قِبَل المشرق، كأنَّ قلوبهم زُبَرَ الحديد، فمن سَمِع بهم فليأتهم فيبايعهم، ولو حَبْواً على الثلج).

أخرجه الإمام أبو نعيم في صفةِ المهدي، وأخرج السيِّد في غاية المرام، ص700 هذا الحديث بلفظه نقلاً من الأربعين حديث لأبي نعيم وقال فيه: (كأنَّ قلوبهم من حديد...). الحديث، وهو الحديث (104) من الأحاديث التي جمعها في الإمام المهدي (عليه السلام).

وأخرج ذلك جلال الدين السيوطي الشافعي في العرف الوردي، ج2، ص63، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

21- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم في الحديث (31) من الأحاديث التي أخرجها السيِّد في غاية المرام، ص700، فقد أخرج بإسناده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(يَقْتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير [ الأمر ] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلونهم

٦٧

قتلاً لا يُقاتله قومٌ... ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي حديث ثوبان في كتابه عقد الدُّرر، الحديث (89)، ولفظه يخالف لفظ أبا نعيم، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثة، كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطْلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقاتلونهم قتالاً لم يُقاتِله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً، فقال -: إذا رأيتموه فبايعوه، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

أخرجه الحافظ عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يُخرجاه.

وأخرج أبو نعيم بمعناه وقال: موضع قوله: (ذَكَر شيئاً): (ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي)، وأخرج الحديث في رقم (92) ولفظه لفظ الأربعين لأبي نعيم وقال في آخره: (ثمَّ يجيء خليفة رسول الله المهدي)، ثمَّ قال: أخرجه أبو نعيم هكذا، وأبو عمرو الدَّاني في سُننه، وسيأتي الحديث في رقم (26)، وفي لفظه زيادةٌ واختلاف نفهم منه معنى الحديث.

22- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم، وهو الحديث (33) من الأربعين حديث، قال: وعن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الراياتُ السودُ مِن قِبَل المشرق، كأنَّ قُلوبَهم مِن حديدٍ، فمـَن سَمِع بهم فليأتِهم ولو حَبْواً على الثلج) .

المؤلِّف:

تقدَّم حديث عن ثوبان في رقم (20) ولفظه يقرُب هذا اللفظ، وفيه زيادةٌ واختلافٌ لا يغيِّر المعنى.

المؤلِّف:

الحديث مـُفصّل اختصره أبو نعيم، وقد أخرجه في

٦٨

كتاب البيان، ص313 مفصَّلاً، ويأتي لفظه في رقم (26)، وأخرجه في مقدِّمة ابن خلدون، ص267، وتكلَّم في رجالِ الحديث؛ لأنَّهم ليسوا على مذهبه وفيهم من يتشيَّع، وأخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269، ويأتي لفظه في رقم (27) إنشاء الله.

23- وفي كتاب (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) تأليف ابن حجر الهيتمي الشافعي قال:

الرابعة والعشرون : - من علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - يظهر من مكَّة عند العشاء، معه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصُه، وسيفُه، وعلامات، ونور، وبيان، فإذا صلَّى العشاء خطبَ خطبةً طويلة، ودعى الناس إلى طاعةِ الله وطاعةِ رسوله، فيفتح له أرض الحجاز، ويُخرِج مـَن في السجن من بني هاشم، ويبعث الرايات السود إليه من الكوفة، ويبعث جنوده في الآفاق.

المؤلِّف:

وذكر ابن حجر قبل هذا الحديث في العدد (18) وقال: ينزل قبل رايات سود من خراسان بالكوفة فإذا ظهر [ وليُّ الله الحُجَّة (عليه السلام) ] بمكَّة بعث إليه بمكَّة.

24- وفي عقد الدُّرر، الحديث (176) قال: وعن الحسين قال:

( يَخرجُ بالريِّ رجلٌ رُبْعةٌ أَشَمُّ، مولى لبني تميم، كوسج، يقال له: شُعيب بن صالح، في أربعةِ آلافٍ، ثيابهم بيض، وراياتهم سود، يكون على مقدِّمة المهدي، لا يلقاه أحدٌ إلاَّ فَلَّه).

أخرجه أبو عبد الله في كتاب الفتن.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (4) نقلاً من كتاب الملاحم والفتن، ص31، ولفظه يُخالف هذا اللفظ، وقال: رواه عبد الله بن إسماعيل البصري، عن أبيه، عن الحسن والظاهر، أنَّ في أحدِ الحديثين تحريف.

٦٩

25- وفي عقد الدُّرر، الحديث (143)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(انظروا الفرج في ثلاث ، قلنا: يا أمير المؤمنين: وما هي؟ قال: اختلاف أهلِ الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان! فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ قال: أوَ ما سمعتم قول الله عزَّ وجلَّ في القرآن: ( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمـَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ) ، وهي آيةٌ تُخرِج الفتاةَ من خِدرها، وتُوقظ النائم، وتُفزع اليقظان!).

أخرجه أبو الحسن أحمد بن جعفر المـُنادي.

26- وفي كتاب البيان للكنجي الشافعي، ص336، طبع إيران، سنة 1322 هـ، أخرج بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود، فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ، ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج العلاَّمة السيِّد هاشم البحراني الحديث في غاية المرام، ص701 نقلاً من كتاب البيان للكنجي الشافعي، وفي لفظه اختلاف وزيادة، ويظهر منه: أنَّ الحديث - في طبع إيران - فيه سَقْط، وهذا نصُّ ما في غاية المرام: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

( يقتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود مِن قِبَل المشرق فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا احتفظه، ثمَّ قال النبي (صلَّى الله عليه وآله): فإذا رأيتم أميرهم فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي). أخرجه الحافظ ابن ماجه.

المؤلِّف:

بالتأمُّل في هذا الحديث الشريف يتَّضح لك الحديث المتقدِّم في رقم (20)، ورقم (21)، ورقم (22)، وأخرج الكنجي الحديث أيضاً في الباب الرابع من كتاب البيان، ص313، طبع إيران، وهذا

٧٠

لفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تَصير [الخلافة] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلوهم قتلاً لم يقتله قوم - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

تأمَّل دقيقاً لعلَّك تعرف الفرق بين اللفظ الذي أخرجه في غاية المرام، واللفظ الذي في كتاب البيان، ثمَّ قال الكنجي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، أخرجه الحافظ ابن ماجه القزويني في سُننه كما سُقناه.

المؤلِّف:

ثمَّ أخرج الكنجي الحديث بسند آخر، ولفظه فيه اختصار واختلاف، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ، ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه وبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

ثمَّ قال الكنجي: قلت: رواه عبد العزيز بن المختار، عن خالد الحذّاء نحوه، إلاَّ أنَّه قال في حديثه:

(تجيء راياتٌ سودٌ مِن قِبَل المشرق كأنَّ قلوبهم زُبَر الحديد - فمن سَمِع بهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج - حتَّى يأتوا مدينة دمشق، فيهدمونها حَجَراً حَجَراً ويقتلون بها أبناء الملوك).

رواه أبو نعيم في مناقب المهدي (عليه السلام) عن الطبراني، رُزِقْناه عالياً بحمد الله.

27- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص269، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يَصير إلى واحدٍ منهم، ثم تَطلُع الرايات السود مِنْ قِبَل المشرق، فَيقْتلُونكم قتلاً لم يُقْتَلْهُ قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

٧١

المؤلِّف:

ذكر أبو الحسن محمَّد بن عبد الهادي الحنفي نزيل المدينة، سنة 1138 عند شرحه للحديث في الهامش ص269، ج2، من سُنن ابن ماجه قوله: (عند كَنْزِكُم): أي: مـُلْكِكِم.

وقال ابن كثير: الظاهر أنَّ المراد بالكنز المذكور [ في الحديث ] كنز الكعبة، [ قال ]: وقوله: (ثمَّ تطلع الرايات السود).

قال ابن كثير: هذه الرايات السود ليست هي التي أقبلَ بها أبو مـُسلم الخُراساني فاستلب بها دولة بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

قال: وقوله: (خليفة الله المهدي)، كذا ذكره السيوطي، قال: وفي الزوائد، أي زوائد المسند، هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، ورواه الحاكم في المستدرك، ج4، ص463، ويأتي لفظه في رقم (28) إنشاء الله.

المؤلِّف:

قال جلال الدين السيوطي في كتابه العرف الوردي، ص60، أخرج أحمد، والترمذي، ونعيم بن حمَّاد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تَخرجُ مِن خُراسان راياتٌ سودٌ، فلا يَرُدَّها شئٌ حتَّى تُنْصب بإيلياء).

قال ابن كثير: هذه الرايات ليست هي التي أقْبل بها أبو مسلم الخُراساني، فاستلب بها دولةَ بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

المؤلِّف:

أخرج جلال الدين في كتاب العرف الوردي - قَبل نقلِه هذا الحديث - حديثاً عن أحمد بن حنبل، والترمذي، والطبراني بأسانيدهم عن عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرج ناسٌ مِن المشرق [ خراسان ] فَيُوطِّئون للمهدي سُلطانه).

وهم أهل الرايات السود المذكورين في الحديث، وهم الذين أمر النبي (صلَّى عليه وآله وسلَّم) بمبايعة الناس مع أميرهم، وهو المهدي (عليه السلام).

المؤلِّف:

وقع اختلاف في المصادر في كلمة: (كَنْزِكُم)، ففي

٧٢

مقدِّمة ابن خلدون قال: عند (كِبَرِكُم)، وفي نسخةٍ للبيان قال: عند (كَرْبِكُم)، وفي الأكثر عند (كَنْزِكُم)، والظاهر أنَّ الصحيح هو هذا، وعليه وافقت الشرَّاح للحديث، والله أعلم.

28- وفي المستدرك للصحيحين - البخاري ومسلم - للحاكم النيسابوري الشافعي، ج4، ص463، أخرج بسنده عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطلُع الرايات السود مِن قِبَل المشرق، فيقاتلونكم قتالاً لم يُقاتِلْه قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً - فقال: إذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبواً على الثلج، فإنَّه خليفة الله المهدي ).

ثمَّ قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين.

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف، أخرجه جماعةٌ من الحُفَّاظ وعلماء الحديث في كتبهم المعتبرة، وقد تقدَّم ذِكْرُ بعضهم في رقم (26)، وقد أخرجوه بألفاظٍ مختلفةٍ مفصَّلةٍ ومختصرةٍ وهم جماعة.

منهم: ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة في الفصل الثاني عشر في ص277، وقد تقدَّم لفظه في رقم (20).

منهم: الحافظ أبو نعيم في أربعينه، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21).

منهم: يوسف بن يحيى الشافعي، وقد أخرجه في عقد الدُّرر، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21) (23) أيضاً.

ومنهم: ابن حجر الهيتمي، فإنَّه أخرجه في الصواعق المحرقة، ص 100، ولفظه يَقرُب لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

ومنهم: علي المتَّقي الهندي الحنفي، أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص186، الحديث (1932)، نقلاً من سُنن ابن ماجه ومستدرك

٧٣

الحاكم عن ثوبان وقد تقدَّم لفظ ابن ماجه في رقم (27)، ولفظ الحاكم في رقم (28)، وفي لفظيهما اختلاف يسير.

ومنهم: السيوطي في العرف الوردي، ج2، ص63.

ومنهم: القندوزي في ينابيع المودَّة، ص431، وقال: أخرجه أحمد، والبيهقي في دلائل النبوَّة.

ومنهم: علي المتَّقي في كنز العمَّال، ج7، ص187، أخرج بسنده من مسند الفردوس للديلمي أنَّه قال:

عن ثوبان: (سَتطْلُع عليكم راياتٌ سودٌ من قِبَل خُراسان، فأتوها ولو حَبواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله تعالى المهدي). الديلمي عن ثوبان.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (3)، ورقم (20) من كُتبٍ عديدة لعلماء أهل السنَّة، وليس في ألفاظهم هذا اللفظ.

ومنهم: الشبلنجي في نور الأبصار، ص154 من أربعين أبي نعيم، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ، وقد تقدَّم في رقم (20).

ومنهم: السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص31، باب (94)، وقد تقدَّم في رقم (3).

29- وفي المستدرك للحاكم، ج4، ص464، أخرج بسنده عن عبد الله بن مسعود قال:

أتينا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، فخرج إلينا مـُستبْشِراً يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فِتيةٌ من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟!

٧٤

فقال: (إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تَرتَفِع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألُون الحقَّ فلا يُعْطُونه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطُونه، ثمَّ يسألونه فلا يُعْطُونه، فيقاتلون فَيُنصَرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمامـَ أهلِ بيتي ولو حَبْواً على الثلج، فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي).

30- وفي ينابيع المودَّة، ص433، أخرج الحديث المتقدِّم من جواهر العقدين وقال: ولابن ماجه عن طريق إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، قال:

بينا نحن عند رسول الله (ص) إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي (ص) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، فقلت: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟! فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سَيَلْقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيَسألون الخير فلا يُعْطُونه، فيُقاتلِون فَيُنْصَرون، فيُعْطَون ما سألوه فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي فيملأها قسطاً كما ملؤوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

أخرج الحديث في العرف الوردي عن ابن أبي شَيْبة في سُننه، [ وعن ] نعيم بن حمَّاد في الفتن، وعن ابن ماجه في سُننه، وأبي نعيم، عن ابن مسعود، وزاد في آخره بعد قوله: (ولو حبواً على الثلج)، (فإنَّه المهدي).

وقال السيوطي: فيه دلالةٌ على أنَّ المهدي يكون بعد دولة بني العبَّاس.

المؤلِّف:

من الغريب أن يخفى على جلال الدين السيوطي المتوفَّى سنة 911 أنَّ ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) بعد انقضاء دولة العباسيين وغير العباسيين، وأمَّا الحديث الذي أخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269

٧٥

فحديثين، تقدَّم أحدُهما في رقم (27)، والحديث الآخر هذا بحذف السند عن علقمة، عن عبد الله قال:

(بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، إذ أقبل فِتيةٌ من بني هاشم...). الحديث، ولفظه يساوي لفظ الحديث المنقول من جواهر العقدين فيما تقدَّم بلا اختلافٍ وبلا زيادةٍ.

المؤلِّف:

قال شارح السُنن: (اغرورقت) أي: غَرِقتا بالدموع .

وهذا الحديث الشريف أخرجه الحاكم في المستدرك، وأخرجه غيره، فهو حديثٌ ثابتٌ رواته من رواة الصحاح، كالجامع للترمذي، والسُنن لأبي داود، والنسائي، وابن ماجه، ومن رواةِ صحيح مـُسلم، وفيهم من يتشيَّع، أي: يُقدِّم أمير المؤمنين في الفضل على غيره؛ ولأجل ذلك توقَّف بعض المـُتعصِّبين عن روايته.

وقد تقدَّم نقلُ الحديث من كتاب البيان للكنجي الشافعي، ومن سُنن ابن ماجه، ومن الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، وأخرج السيِّد في الملاحم والفتن الحديث بلفظ آخر كما في ج1، ص32 راجع الحديث الآتي.

31- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، ص32، قال:

الباب (100) فيما ذكره نعيم - مِن نصرِ الذي اسمه اسم النبي (عليه السلام) برايةٍ من المشرق - قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا عبد الله بن مروان، عن العلاء بن عقبة، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) ذَكَرَ بلاءً يلقاه أهل بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نَصَرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتوا رجلاً اسمه كاسمي، فيولُّوه أمرهم، فيؤيِّده الله ويَنصُره).

المؤلِّف:

قد تقدَّم الحديث في رقم (8)، وعلَّقنا عليه وقلنا: إنَّ الحديث في روايته تصحيف، والرواية عن الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)، عن النبي، كما في عقد الدُّرر، الحديث رقم (174) من الباب (5)، ولفظُه يساوي لفظَه.

٧٦

المؤلِّف:

إنَّ هذا الحديث هو الحديث السابق المروي في كُتبٍ عديدة، ولكنَّ الراوي اختصره كما هو عادةُ الرواة، وهو أمرٌ غير صحيح؛ لأنَّه يوجب الإجمال وعدم الوصول إلى معنى الحديث.

المؤلِّف:

ويأتي في باب أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) أحاديث عديدة ذُكر فيها الرايات السود، وأنَّهم من أصحابه وأنصاره، غير أنَّهم يتقدَّمون عليه، وعند انتصارهم يُسلِّمون الأمر إليه.

وقد ذُكر من أوصافهم أنَّ راياتِهم سودٌ صغارٌ، وقلانِسُهم سود، وثيابهم بيض، وهم على خلاف الجيش الذي حارب بني أُميَّة وأخذ السلطة منهم وسلَّمها إلى بني العبَّاس، وهم أصحاب أبي مسلم الخراساني.

وفي العرف الوردي، ج2، ص68 قال: أخرج نعيم بن حمَّاد، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ذكر بلاءً يلقاه أهلُ بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نصرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتي رجلٌ اسمه كاسمي، فيولُّونه أمرهم، فيؤيِّده الله وينصره).

المؤلِّف:

الظاهر أنَّ المراد من الحسن في هذه الرواية - وغيرها - هو: الحسن البصري على اصطلاح علماء أهل السنَّة.

32- وفي كنز العمَّال، ج6، ص68، نقلاً مِن مسند علي (عليه السلام)، قال: وعن أبي الطفيل، أنَّ علياً (عليه السلام) قال له:

(يا عامر: إذا سمِعتَ الرايات السود مـُقبلة مِن خُراسان، فكنت في صندوقٍ مـُقْفلٍ عليك، فاكْسر ذلك القفل، وذلك الصندوق، حتَّى تُقتل تحتها! [ أي: تحت الرايات السود ] فإن لم تستطع [ أي: أن تمشي ] فتدحرج حتَّى تُقْتلَ تحتها [ أي: تحت الرايات السود ]) .

قال السيوطي: - بعد نقل الحديث - قال: أخرجه أبو الحسن علي بن عبد الرحمان بن أبي السري البكالي في جزء من حديثه.

٧٧

33- وفي الملاحم والفتن للسيِّد ابن طاووس، ج1، ص117 قال: أخرج زكريا في الفتن، بسنده عن عبد الله، قال:

بينما نحن جلوس عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، إذ مرَّ فِتيةٌ من قريش، فتغيَّر لونه، فقلنا: يا رسول: الله إنَّا لا نزال نرى في وجهك شيئاً نَكرَهُهُ؟! قال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي هؤلاء سيُصيبُهم بعدي بلاءٌ، وتطريدٌ، وتشريدٌ، حتَّى يَخرُج قومٌ مِن ها هنا - وأومأ بيده نحو المشرق - معهم راياتٌ سودٌ، يَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ويَسألون فلا يُعْطَوْن، فيُقاتِلون ويصبِرون، فيُعْطونَ ما سألوا، فلا يقبلُونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهل بيتي، يملأها قسطاً وعدلاً كما مـُلِئت ظلماً وجوراً، فمن أدركهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث من كُتبٍ عديدةٍ وألفاظ الجميع تُخالف لفظ السيِّد في الملاحم والفتن؛ ولذلك أخرجناه.

٧٨

البَابُ الخامِس وَالعِشرُون

1- في عقد الدُّرر، الحديث (122) من الباب (4)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(السفياني: من وُلْدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، رجلٌ ضخمـُ الهَامةِ، بوجهه آثار جُدري، بعينه نُكتةُ بياضٍ، يَخرُج من ناحيةِ مدينة دمشق، في وادٍ يقال له: الوادي اليابس، يَخرُج في سبعةِ نفرٍ، مع رجلٍ منهم لواءٌ معقود، يُعرَفون به في النصر، يَسيرُ بين يديه على ثلاثين ميلاً، لا يَرى ذلك العلم أحدٌ يريده إلاَّ انهزم).

أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد في الفتن.

المؤلِّف:

أخرج ابن الصبَّان في إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار في ص127 حديثاً مفصَّلاً في علامات الإمام المهدي (عليه السلام)، والنداء السماوي، أخرجنا أوَّله في أحاديث النداء في رقم (6).

وذَكرَ في آخره من كتاب (المسائل الظريفيِّة) للشيخ مجدولي: أنَّ السفياني رجلٌ من وُلدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، ضخم الهامة، بوجهه أثرُ الجُدري، وبعينه نكتهٌ بيضاء، يخرج من ناحية دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ اسم عشيرة ]، يفعل الأفاعيل، ويقتل قبيلةَ قيسٍ.

[ ثمَّ قال ]: وإنَّ المهدي يستخرج تابوتَ السكينة من غار أنطاكية، وأسفار التوراة من جبلٍ بالشام، يُحاجُّ به اليهود فيُسْلِم كثيرٌ منهم [ قال ]: وإنَّه يكون بعد موت المهدي

٧٩

القحطاني: رجلٌ من أهل اليمن، يَعدِل في الناس، ويسير فيهم بسيرة المهدي، يمكث مدَّة ثمَّ يُقتل.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (45)، حديث نور الأبصار - الذي فيه علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - بتفصيله، راجع واغتنم أيُّها الطالب.

2- وفي عقد الدُّرر، الحديث (123)، من الباب (4)، أخرج بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرجُ رجلٌ يُقال له: السفياني، في عمق دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ أي: من عشيرة كلب ] ، فيَقتلُ حتَّى يَبْقر بطون النساء، ويَقْتل الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويَخرجُ رجلٌ من أهل بيتي في الحرم [ أي: مكَّة ] فيبلغ [ إلى ] السفياني [ خروجه ] فيبعث إليه من جُنْدِه فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمن معه، حتَّى إذا جاز بِبَيْدَاءَ مِن الأرض خُسِف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

أخرجه أبو عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم، ولم يُخرجاه.

المؤلِّف:

أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص188، نقلاً من المستدرك للحاكم، عن أبي هريرة، وهذا نصُّه:

(يَخرج رجلٌ يُقال له: السفياني، في عُمقِ دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب، فيَقتُل حتَّى يبقر بطون النساء، ويقتلُ الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجلٌ من أهل بيتي في الحرَّة، فيبلغ السفياني، فيبعث إليه جُنْداً من جُنْدهِ فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمِن معه، حتَّى إذا صار بِبَيْدَاءَ من الأرض خُسف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

(ك، عن أبي هريرة).

3- وفي عقد الدُّرر، الحديث (124) من الباب (4)، عن المهاجر

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

«وما أهل النهر منهم ببعيد» يعنيعليه‌السلام الخوارج(١) .

وفي حديث ثالث هنا إشارة خاصّة إلى الرهبان (الرجال والنساء الذين يتركون الدنيا) والمجاميع التي ابتدعت البدع من المسلمين(٢) .

وهناك قسم من الرّوايات تفسّر الآية ب (الذين ينكرون ولاية أمير المؤمنين الإمام عليعليه‌السلام )(٣) .

أليس الرهبان الذي يعيشون كل عمرهم في زاوية من الزوايا (في الدير مثلا) ويعانون أنواع الحرمان ، ويمتنعون عن الزواج والأكل والملابس الجيدة ، ويفضلون سكنى الدير على كل شيء وهم يظنون أنّ هذه الحياة تقرّبهم إلى الله ، أليس هؤلاء مصداقا واضحا للأخسرين أعمالا؟!

هل هناك مذهب أو دين إلهي يمكن أن يدعو إلى خلاف قانون العقل والفطرة ، أي يدعو الإنسان الاجتماعي إلى الابتعاد عن الحياة ، ويعتبر هذا العمل مصدرا للتقرب إلى الله تعالى؟!

إنّ الذين أوجدوا البدع في دين الله من قبيل التثليث في مقابل توحيد الله الواحد الأحد ، واعتبروا المسيح بن مريم ابن الله ، وأدخلوا خرافات أخرى في دين الله ، ظنا منهم بأنّهم يحسنون صنعا ، أليس هؤلاء وأمثالهم هم أخسر الناس؟!

ألا يعتبر خوارج «النهروان» من أخسر الناس ، وهم المجموعة الجاهلة التي ارتكبت أعظم الذنوب (مثل قتل الإمام عليعليه‌السلام ) ظنا منهم أنّ هذا الأمر سيقربهم من الله ، بل واعتبروا أنّ الجنّة مخصوصة لهم؟!

الخلاصة : إنّ الآية لها مفهوم واسع ، إذ تشمل أقواما كثيرين في السابق والحاضر والمستقبل.

__________________

(١) المصدر السّابق.

(٢) المصدر السّابق.

(٣) المصدر السّابق.

٣٨١

والآن نصل إلى هذا السؤال : ما هو مصدر هذا الانحراف الخطير؟

إنّ التعصب القوي والغرور والتكبير وحب الذات ، هي من أهم العوامل التي تقود إلى مثل هذه التصورات الخاطئة. وفي بعض الأحيان يكون التملق ، أو الانطواء على النفس لفترة معينة سببا لظهور هذه الحالة ، حيث يتصوّر الإنسان أنّ كل أعماله الخاطئة المنحرفة هي أعمال جميلة ، بحيث يشعر بالفخر والغرور والمباهاة بدلا من إحساس الخجل والشعور بالعار بسبب أعماله القبيحة. يقول القرآن في مكان آخر واصفا هذه الحالة :( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً ) (١) وفي آيات أخرى ، نقرأ أنّ الشيطان هو الذي يزيّن للإنسان سيئاته حسنات ، ويمنيهم بالغلبة والنصر ، كما في قوله تعالى :( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ ) (٢) .

ويقول القرآن بعد قصّة برج فرعون المعروف :( وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ ) . والآية تعليق على عمل فرعون عند ما طلب من هامان أن يبني له برجا ليطّلع بزعمه إلى إله موسى كما في الآيتين (٣٦ ـ ٣٧) من سورة غافر.

٢ ـ ماذا يعني لقاء الله؟

بالرغم من أنّ بعض أشباه العلماء يستفيدون من أمثال هذه الآيات إمكانية رؤية الخالق جلّ وعلا في العالم الآخر ، ويفسّرون لقاء الله باللقاء الحسي ، إلّا أنّه من المعلوم بداهة أنّ اللقاء الحسي يقتضي تجسيم الخالق جلّ وعلا ، والتجسيم يقتضي التحديد والحاجة ، والمحدود المحتاج يكون قابلا للفناء ، والكل يعرف ويؤمن بأنّ هذه الصفات لا تنطبق على الله تعالى.

لذا فإنّ القصد من اللقاء أو الرؤيا في الآيات القرآنية ليس الرؤية الحسية ، بل

__________________

(١) فاطر ، ٨.

(٢) الأنفال ، ٤٨.

٣٨٢

الرؤية الباطنية المعنوية.

يعني أنّ الإنسان في يوم القيامة يشاهد آثار الخالق أكثر وأفضل من أي زمان ، لذا فإنّه ينظر إليه بوضوح ، بعين القلب الواعي البصير. لهذا السبب ـ ووفقا للآيات القرآنية ـ فإنّه حتى أشد الناس إنكارا للخالق وأكثرهم عنادا ، سوف يقر يوم القيامة بوجود الخالق ، وأنّه لا مجال لإنكاره(١) .

بعض المفسّرين اعتبر هذا المفهوم (لقاء الله) مشاهدة النعم والثواب ، وأيضا العذاب والعقاب الإلهي وفي ذلك تكون كلمة الثواب والعقاب مقدّرة في الآية.

وبالرغم من أن هذان التّفسيران لا تعارض بينهما ، إلّا أنّ التّفسير الأوّل يبدو أظهر وأوضح.

٣ ـ وزن الأعمال

ليس بنا حاجة إلى أن نفسّر قضية وزن الأعمال عن طريق تجسيم الأعمال والقول بأنّ عمل الإنسان سيتحوّل هناك إلى جسم وله وزن ، ذلك لأنّ الوزن له معنى واسع يشمل أية مقايسة ، فمثلا نقول للأشخاص عديمي الشخصية أنّهم أشخاص لا وزن لهم ، أو أنّهم أشخاص خفيفون ، ونعني بذلك ضعف شخصيتهم وليس القلّة في وزنهم الجسمي.

والجميل هنا أنّ الاية تصف الأخسرين أعمالا بأنّنا لم نضع لهم يوم القيامة ميزانا للقياس. ولكن هل تتعارض هذه الآية مع قوله تعالى في الآية (٨) من سورة الأعراف:( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ ) ؟

طبعا لا ، لأنّ الوزن يخصّ الأشخاص الذين قاموا بأعمال تستحق الوزن ، أمّا الشخص الذي لا يساوي وجوده وأعماله وأفكاره حتى جناح بعوضة ، فهل هو بحاجة إلى الوزن؟!

__________________

(١) يمكن مراجعة سورة المؤمنون ، الآية ١٠٦ فما فوق.

٣٨٣

لهذا السبب نقرأ في رواية معروفة عن النّبي قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن جناح بعوضة»(١) .

لماذا؟ لأنّ أعمال مثل هؤلاء وأفكارهم وشخصيتهم كانت في الحياة الدنيا عديمة الأهمية والفائدة.

ومن هنا يتّضح أنّ الناس هناك على عدّة أنواع هي :

١ ـ مجموعة تكون مثقلة بالحسنات والأعمال الصالحة بحيث لا تحتاج إلى الوزن والحساب في أعمالها ، بل تدخل الجنّة بدون حساب.

٢ ـ مجموعة ثانية من الذين حبطت أعمالهم ، أو ليس لهم أي عمل الصالح ، وهذه لا تحتاج إلى وزن أيضا ، بل تدخل النّار بدون حساب.

٣ ـ أمّا المجموعة الثّالثة ، فهي التي تملك السيئات والحسنات ، وهذه يشملها الوزن والحساب. وقد يكون أكثر الناس من هذه الفئة.

٤ ـ تفسير قوله تعالى :( لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً )

(حول) على وزن (علل) لها معنى مصدري وتعني التحوّل ونقل المكان ، وكما قلنا في تفسير الآيات ، فإنّ الفردوس بستان الجنة توجد فيه أفضل النعم والمواهب الإلهية ، ولهذا السبب فإنّها تعتبر أفضل مناطق ذلك العالم ، حيث أنّ الساكنين فيها لا يتمنون أبدا الانتقال منها إلى مكان آخر.

وقد يقول البعض : إنّ الحياة قد تكون هناك رتيبة وراكدة ، وهذا بحد ذاته نقص وعيب كبير فيها؟!

في الجواب نقول : ليس ثمة مانع من أن يكون التحوّل والتكامل في نفس المكان ، إذا توافرت أسباب التكامل واجتمعت هناك ، وهي ـ قطعا ـ متوافرة. وفي ظل الأعمال التي قام بها الإنسان في هذه الدنيا ، فإنّ الإنسان ـ من خلال

__________________

(١) عن تفسير مجمع البيان ، في تفسيره للآية.

٣٨٤

المواهب الإلهية هناك ـ سوف يستمر في طريق تكامله بشكل دائم ومستمر.

وسنقوم إن شاء الله بشرح أفضل لتكامل الإنسان حتى في الجنّة ، وذلك في نهاية الآيات التي تناسب الموضوع.

٥ ـ الفردوس لمن؟

قلنا : إنّ «الفردوس»(١) أفضل مناطق الجنة ، ولا يسكنه سوى المؤمنين وذوي الأعمال الصالحة ، إذا سيكون السؤال : من يسكن الأقسام الأخرى في الجنة ، إذا كانت الجنة مكانا للمؤمنين وحسب وممنوعة على غيرهم؟

في الجواب نقول : إنّ الفردوس لا تشمل كل مؤمن ذي عمل الصالح ، بل هي لمن بلغ درجة عالية من الإيمان والعمل الصالح ، وهذه المرتبة هي المعيار للوصول إلى الفردوس بالرغم من أنّ ظاهر الآية مطلق ، إلّا أنّ الانتباه إلى معنى الفردوس يقيّد الإطلاق المذكور.

لذلك عند ما تتحدث سورة المؤمنون عن صفات ورثة الفردوس فإنّها تبيّن الحد الأعلى لصفات المؤمنين والذي لا يكون موجودا عند جميع الأفراد. وهذا دليل آخر على أنّ سكنة الفردوس يملكون صفات ممتازة بالإضافة إلى شرطي الإيمان والعمل الصالح.

لذلك رأينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث سابق ، يعلمنا بأنّنا عند ما نطلب الجنّة ، فعلينا أن ندعو لنيل الفردوس بالخصوص ، لأنّها أكمل وأفضل منازل الجنّة.

وهذه إشارة إلى ضرورة أن تنصرف همة المؤمن ـ في كل الأمور ـ إلى أعلى حد ، وحتى في الجنة عليه أن لا يقنع بمراحلها الدنيا بالرغم ممّا في هذه المراحل

__________________

(١) ذهب بعض إلى أن هذه الكلمة مأخوذة من اللغة الرومية في الأصل ، وذهب آخرون الى أن جذورها حبشية انتقلت الى العربية (تفسير الفخر الرازي وتفسير مجمع البيان).

٣٨٥

من نعم ومواهب.

وطبيعي أنّ الذي يطلب هذه المنزلة من الله لا بدّ وأن يكون قد أعدّ نفسه لها ، وعليه أن يبذل كل سعيه وجهده لكسب أفضل الصفات وأرضى الأعمال.

ومن ذلك يعلم أن من يقول بأن المهم هو أن أدخل الجنّة حتى في أدنى درجة منها هو شخص يفتقد للهمة العالية للمؤمنين الحقيقيين.

* * *

٣٨٦

الآيتان

( قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (١٠٩) قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (١١٠) )

سبب النّزول

عن ابن عباس قال : «قالت اليهود لما قال لهم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ) قالوا : وكيف وقد أوتينا التوراة ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا؟ فنزل قوله تعالى :( قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ ) .

وقيل أيضا : قالت اليهود : إنّك أوتيت الحكمة ، ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ، ثمّ زعمت ـ والمخاطب هنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أنّك لا علم لك بالروح؟

فأمره الله تعالى أن يجيبهم بأنّي وإن أوتيت القرآن وأوتيتم التوراة فهي بالنسبة إلى كلمات الله تعالى قليلة»(١) .

__________________

(١) تفسير القرطبي ، المجلد ١١ ـ ١٢ ، صفحة ٦٨ ـ ٦٩. وكذلك تفسير الصافي أثناء الحديث عن الآية.

٣٨٧

التّفسير

الذين يأملون لقاء الله :

الآيات أعلاه في نفس الوقت الذي تبحث بحثا مستقلا ، إلّا أنّها متصلة مع بحوث هذه السورة ، حيث أنّ كل قصة من القصص الثلاث الواردة في السورة ، تكشف الستار عن مواضيع جديدة وعجيبة ، وكأنّما القرآن يريد أن يقول في هذه الآيات : إنّ الاطلاع على قصّة أصحاب الكهف ، وموسى والخضر ، وذي القرنين ، يعتبر لا شيء إزاء علم الله غير المحدود ، لأنّ علمه سبحانه وتعالى ومعرفته تشمل كافة الكائنات وعالم الوجود في الماضي والحاضر والمستقبل.

القرآن الكريم يخاطب الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أوّل آية نبحثها بقوله :( قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً ) .

«مداد» تعني الحبر ، أو أي مادة ملونة تساعد في الكتابة ، وهي في الأصل مأخوذة من «مدّ» بمعنى السحب ، حيث تتوضح خطوط الكتابة بسحب القلم(١) .

(كلمات) جمع كلمة ، وهي في الأصل تعني الألفاظ التي يتمّ التحدّث بها ، أو بعبارة أخرى : الكلمة لفظ يدل على المعنى ، وبما أنّ كل موجود من موجودات هذا العالم هو دليل على علم وقدرة الخالق ، لذا فإنّه يطلق في بعض الأحيان على كل موجود اسم (كلمة الله) ويختص هذا التعبير أكثر بالموجودات المهمّة العظيمة.، فبالنسبة للمسيح عيسىعليه‌السلام يقول القرآن الكريم :( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ ) (٢) .

__________________

(١) نقل الفخر الرازي في معنى (مداد) إضافة إلى ما ذكر معنى آخر ، وهو «الزيت» الذي يوضع في المصباح ويكون سببا للنور ، والاثنان يرجعان إلى معنى واحد.

(٢) النساء ، ١٧١.

٣٨٨

وفي الآية التي نبحثها فإنّ (كلمة) قد استخدمت بهذا المعنى ، أي إشارة إلى موجودات عالم الوجود التي تدل كل واحدة فيه على الصفات المختلفة لله تبارك وتعالى.

وفي الحقيقة إن القرآن يلفت أنظارنا في هذه الآية إلى هذه الحقيقة وهي : لا تظنّوا أنّ عالم الوجود محدود بما تشاهدونه أو تعلمونه أو تحسّونه ، بل هو على قدر من السعة والعظمة بحيث لو أنّ البحار تتحول إلى حبر ، وتكتب صفاته وخصائصه ، فإنّها ـ أي البحار ـ ستجف قبل أن تحصي موجودات عالم الوجود.

ومن الضروري الالتفات هنا إلى أنّ كلمة البحر يراد بها الجنس وكذلك كلمة (مثل) في قوله :( وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً ) فإنّه يراد بها الجنس أيضا ، وهذه إشارة إلى أنّنا مهما أضفنا من أمثال هذه البحار إليها فإنّ الكلمات الإلهية لا تنتهي ولا تنفد.

ولهذا السبب فليس ثمّة تعارض بين هذه الآية وما ورد في سورة لقمان حيث قوله تعالى في الآية (٢٧) :( وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ ) . يعني أنّ هذه الأقلام ستتكسر والمحابر ستجف حتى آخر قطرة ، ومع ذلك فإنّ أسرار المخلوقات وحقائق عالم الوجود لا تنتهي.

وينبغي الانتباه هنا إلى أنّ الآية أعلاه في الوقت الذي تجسّد فيه سعة عالم الوجود اللامتناهية في الماضي والحاضر والمستقبل ، فإنّها توضّح ـ أيضا ـ العلم المطلق وغير المحدود للخالق جلّ وعلا ، لأنّنا نعلم أنّ الله سبحانه وتعالى يحيط علمه بما كان موجودا في عالم الوجود ، وبما سيكون موجودا. وفي الوقت الذي يعتبر فيه علم الله تعالى «علما حضوريا» فإنّه لا يفترق عن وجود هذه الموجودات. (فدقق في ذلك).

إذن نستطيع أن نقول : لو أنّ جميع المحيطات وبحار الأرض تحولت إلى

٣٨٩

حبر ومداد ، ولو أنّ كافة الأشجار تحولت إلى أقلام ، فإنّ ذلك كلّه لا يستطيع الإحاطة بما موجود في عالم الخالق جلّ وعلا.

توضيح لمفهوم اللانهاية :

يقوم القرآن الكريم بتجسيد العدد اللانهائي ويقرب معنى العلم المطلق غير المحدود لله تعالى ، ويقرب سعة عالم الوجود العظيم إلى أفكارنا. وقد استخدم القرآن في ذلك توضيحا بليغا للغاية ، وذكر أرقاما حيّة وذات روح.

ترى هل هناك أعداد حيّة وأخرى ميتة؟

نعم ، ففي الرياضيات إذا وضعت الأصفار إلى يمين العدد الصحيح فهي لا تعبّر في الواقع سوى عن أعداد ميتة لا تستطيع أن تجسّد عظمة شيء معين.

الأشخاص الذين يهتمون بالقضايا الرياضية والحسابية يعرفون أنّ العدد الواحد (كرقم واحد مثلا) لو وضع أمامه من الجهة اليمنى أصفارا بطول كيلومتر واحد ، فسيكون عدد عظيم جدّا ومحيّر ولا يمكن تصوّر عظمته ، ولكن لمن؟ للاشخاص الرياضيين لا عامّة الناس الذين لا يستطيعون تصور العظمة في هذا الرقم.

العدد الحي هو العدد الذي تنشغل أفكارنا به ، ويجسّد الحقائق كما هي ويملك روحا ولسانا وعظمة.

والقرآن الكريم بدلا من أن يقول : إنّ مخلوقات عالم الوجود تتجاوز في كثرتها الرقم الذي تقع على يمينه مئات الكيلو مترات من الأصفار ، يقول : إذا تحولت جميع الأشجار إلى أقلام ، وكل البحار إلى مواد وحبر ، فإنّ الأقلام ستتكسر ومياه البحار ستنتهي ، ولا تنتهي أسرار ورموز وحقائق عالم الوجود ، هذه الأسرار التي يحيط بها جميعا علم الله تعالى.

فكروا جيدا وتأملوا المقدار الذي يستطيع أن يكتبه القلم ، ثمّ ما هو عدد

٣٩٠

الأقلام التي يمكن صناعتها من غصن واحد صغير من شجرة معينة؟

ومعلوم أن باستطاعتنا صناعة آلاف بل حتى ملايين الأقلام من شجرة كبيرة عظيمة، ولنا أن نتصوّر الكمية من الأقلام التي يمكن صنعها من أشجار الأرض جميعا وغاباتها!

من الجهة الثّانية لنا أن نتصوّر عدد الكلمات التي يمكن كتابتها من قطرة حبر واحدة، ثمّ علينا أن نتصوّر ما نستطيع كتابته من حوض واحد ، فبحيرة واحدة ، فبحر واحد ، فمحيط ، ومن ثمّ جميع بحار الأرض ومحيطاتها!

إنّ الحصيلة ـ بلا شك ـ ستكون رقما عجيبا وخياليا!! وتتوضح عظمة المثال القرآني إذا عرفنا أنّ رقم (سبع) ليس للتحديد ، بل هو إشارة للكثرة ، ومعنى هذا الكلام أنّنا لو أضفنا لهذا العدد أضعافه من البحار ، فإنّ كلمات الله لا تنفد.

والآن لنتصور الحيوية والروح الدافقة في هذا العدد ، والشاهد الحي الذي يبعث اليقظة في روح الإنسان ، ويشغل فكره ويجعله يفكّر في آفاق اللانهاية!

إنّ العدد الذي يتضمنه المثال القرآني يحس بعظمته الجميع سواء كانوا رياضيين أو أميين.

نعم ، إنّ علم الله تعالى هو أعلى وأوسع من هذا العدد.

علم غير محدود ولا متناهي.

علم يشمل كل الوجود ، سابقا وحاضرا ومستقبلا ، وهو يضم في طياته كل الأسرار والحقائق!

الآية الثّانية في البحث والتي هي آخر آية في سورة الكهف ، عبارة عن مجموعة من الأسس والأصول للاعتقادات الدينية ، التي تتركز في التوحيد والمعاد ورسالة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . والآية في مضمونها إشارة إلى نفس المضمون الذي ورد في بداية السورة المباركة. ففي البداية تحدّثت السورة عن الله والوحي

٣٩١

والجزاء والقيامة ، والآية الأخيرة هي خلاصة لمجموع ما ورد في السورة ، التي اشتملت في قسم مهم منها على الأصول الثلاثة الآنفة باعتبارها محاور للسورة.

ولأنّ قضية النبوة قد اقترنت مع أشكال من الغلو والمبالغة على طول التأريخ ، لذا فإنّ الآية تقول :( قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَ ) .

وهذا التعبير القرآني نسف جميع الامتيازات المقرونة بالشرك التي تخرج الأنبياء من صفة البشرية إلى صفة الألوهية.

ثمّ تشير الآية إلى قضية التوحيد من بين جميع القضايا الأخرى في والوحي الالهي حيث تقول :( أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ) .

أمّا لماذا تمت الإشارة إلى هذه القضية؟ فذلك لأنّ التوحيد هو خلاصة جميع المعتقدات ، وغاية كل البرامج الفردية والاجتماعية التي تجلب السعادة للإنسان.

وفي مكان آخر ، أشرنا إلى أنّ التوحيد ليس أصلا من أصول الدين وحسب ، وإنّما هو خلاصة لجميع أصول وفروع الإسلام.

لو أردنا ـ على سبيل المثال ـ أن نشبّه التعليمات الإسلامية من الأصول والفروع على أنّها قطع من الجواهر ، عندها نستطيع أن نقول : إنّ التوحيد هو السلك والخيط الذي يربط جميع هذه القطع إلى بعضها البعض ليتشكّل من المجموع قلادة جميلة وثمينة.

وإذا أردنا أن نشبّه التعليمات الإسلامية أصولا وفروعا بأعضاء الجسم ، فإنّ التوحيد سيكون روح الإنسان التي تهب الحياة لكافة الأعضاء.

وقد أثبتنا في بحوثنا حول المعاد والنبوة أنّ هذين الأصلين لا ينفصلان عن التوحيد. يعني : عند ما نعرف الخالق بجميع صفاته ، فإنّنا نعلم أنّ مثل هذا الخالق يجب أن يرسل الأنبياء ، وتقتضي حكمته وعدالته أن توجد محكمة عادلة وأن يكون هناك بعثا.

٣٩٢

والمسائل الاجتماعية ، وكل المجتمع الإنساني وما يرتبط به ، ينبغي أن يكون فيه شعاع من التوحيد حتى يتوحد وينتظم ويستقر.

لهذا السبب نقرأ في الأحاديث القدسية إن : «كلمة لا اله إلّا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي».

وكل منّا قد سمع أيضا أن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في بداية الإسلام : (قولوا لا إله إلّا الله تفلحوا).

الجملة الثّالثة في الآية الكريمة تشير إلى قضية البعث وتربطها بالتوحيد بواسطة (فاء التفريع) حيث تقول :( فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً ) .

بالرغم من أن لقاء الله بمعنى المشاهدة الباطنية ورؤية الذات المقدسة بعين البصيرة هو أمر ممكن في هذه الدنيا بالنسبة للمؤمنين الحقيقيين ، إلّا أنّ هذه القضية تكتسب جانبا عاما يوم القيامة بسبب مشاهدة الآثار الكبيرة والواضحة والصريحة للخالق تبارك وتعالى. لذا فإنّ القرآن استخدام هذا التعبير في خصوص يوم القيامة.

من جانب آخر ، فإنّ الإنسان الذي ينتظر أمرا معينا ، ويأمل شيئا ما ، فمن الطبيعي أن يهيء نفسه ويعدّها لاستقبال ذلك الأمر. أمّا الشخص الذي يدّعي ولا يستعد ، وينتظر ولا يعمل ، فهو في الواقع مدع كاذب لا غير.

لهذا السبب فإنّ الآية أعلاه تقول :( فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً ) وردت بصيغة الأمر ، الأمر الذي يلازمه الرجاء والأمل بانتظار لقاء الله.

وفي آخر جملة ثمّة توضيح للعمل الصالح في جملة قصيرة ، هي قوله تعالى :( وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) .

بعبارة أخرى : لا يكون العمل صالحا ما لم تتجلى فيه حقيقة الإخلاص.

فالهدف الإلهي يعطي لعمل الإنسان عمقا ونورانية خاصّة ، ويوجهه الوجهة

٣٩٣

الصحيحة ، وعند ما نفقد الإخلاص يكون العمل ذا جنبة ظاهرية حيث يشير إلى المنافع الخاصّة ، ويفقد عمقه وأصالته ووجهته الصحيحة.

في الحقيقة إنّ العمل الصالح الذي ينبع من أهداف إلهية ، ويمتزج بالإخلاص ويتفاعل معه ، هو الذي يكون جوازا للقاء الله تبارك وتعالى.

وقد أشرنا سابقا إلى أنّ العمل الصالح له مفهوم واسع للغاية ، وهو يشمل أي برنامج مفيد وبنّاء ، فردي واجتماعي ، وفي أي قضية من قضايا الحياة.

الإخلاص أو روح العمل الصالح :

أعطت الرّوايات الإسلامية مكانة خاصّة لقضية «النية» ، والإسلام في العادة يقر بقبول الأعمال بملاحظة النية والهدف من العمل.

الحديث المشهور عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا عمل إلّا بنية» بيان واضح لهذه الحقيقة.

وبعد (النية) هناك (الإخلاص) ، فلو اقترن العمل بالإخلاص فسيكون عملا ثمينا للغاية ، وبدون الإخلاص هو لا قيمة له. والإخلاص هو أن تكون الدوافع الإنسانية خالية من أي نوع من أنواع الشوائب ، ويمكن أن نسمّي الإخلاص بـ «توحيد النية» يعني التفكير بالله وبرضاه في جميع الأمور والحالات.

والطريف في الأمر هنا هو ما ورد في سبب نزول هذه الآية من أنّ رجلا جاء إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : إنّي أتصدق وأصل الرحم ، ولا أصنع ذلك إلّا لله ، فيذكر ذلك منّي،وأحمد عليه فيسرّني ذلك ، وأعجب به. فسكت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم يقل شيئا ، فنزلت الآية :( فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) (١) .

إنّ المقصود من هذه الرّواية ليس الفرح أو السرور اللاإرادي ، بل هي الحالة

__________________

(١) مجمع البيان في تفسير الآية. وكذلك تفسير القرطبي.

٣٩٤

التي يكون فيها الفرح والسرور هدفا لعمل الإنسان ، أو الحالة التي تؤدي إلى عدم خلوص النية.

فالعمل الخالص يعتبر مهما في الإسلام إلى الحد الذي يقول فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أخلص لله أربعين يوما فجّر الله ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه»(١) .

دعاء الختام :

إلهي ، اجعل نياتنا خالصة في جميع أعمالنا بحيث لا نفكّر بأحد سواك ، ولا نعدوك إلى غيرك واجعل ما نريده وما لا نريده تبعا لطاعتك ورضاك آمين ربّ العالمين.

نهاية سورة الكهف

__________________

(١) سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٤٠٨.

٣٩٥
٣٩٦

سورة مريم

مكّية

وعدد آياتها ثمان وتسعون آية

٣٩٧
٣٩٨

«سورة مريم»

محتوى السورة :

لهذه السورة من جهة المحتوى عدة أقسام مهمّة :

١ ـ يشكل القسم الذي يتحدث عن قصص زكريا ومريم والمسيحعليهم‌السلام ويحيي وإبراهيمعليهما‌السلام بطل التوحيد ، وولده إسماعيل ، وإدريس وبعض آخر من كبار أنبياء الله ، الجزء الأهم في هذه السورة ، ويحتوي على أمور تربوية لها خصوصيات مهمّة.

٢ ـ الجزء الثّاني من هذه السورة ـ والذي يأتي بعد القسم الأوّل من حيث الاهمية ـ عبارة عن المسائل المرتبطة بالقيامة ، وكيفية البعث ، ومصير المجرمين ، وثواب المتقين ، وأمثال ذلك.

٣ ـ القسم الثّالث ، وهو المواعظ والنصائح التي تكمل ـ في الواقع ـ الأقسام السابقة.

٤ ـ وأخيرا ، فإنّ آخر قسم عبارة عن الإشارات المرتبطة بالقرآن ، ونفي الولد عن الله سبحانه ، ومسألة الشفاعة ، وتشكل بمجموعها برنامجا تربويا مؤثرا من أجل دفع النفوس الإنسانية إلى الإيمان والطهارة والتقوى.

فضل السورة :

روي عن الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من قرأها أعطي من الأجر بعدد من صدّق

٣٩٩

بزكريا وكذب به ، ويحيي ومريم وموسى وعيسى وهارون وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وإسماعيل عشر حسنات ، وبعدد من ادعى لله ولدا ، وبعدد من لم يدع ولدا»(١) .

إن هذا الحديث ـ في الحقيقة ـ دعوة إلى السعي ت والجد في خطين مختلفين : خط مساندة ودعم النّبي والطاهرين والخيرين ، وخط محاربة المشركين والمنحرفين والفاسقين ، لأنا نعلم أن هذه المكافئات والعطايا الجزيلة لا تعطى لمن يتلفظ كلمات السورة بلسانه فقط ، ولا يعمل بأوامرها ، بل إن هذه الألفاظ المقدسة مقدمة للعمل.

ونقرأ في حديث آخر عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «من أدمن قراءة سورة مريم لم يمت في الدنيا حتى يصيب منها ما يغنيه في نفسه وماله وولده»(٢) .

إن هذا الغنى وعدم الاحتياج ـ حتما ـ قبس من وجود محتوى السورة وسريانها في أعماق روح الإنسان ، وانعكاسها من خلال أعماله وأقواله وسلوكه.

* * *

__________________

(١) مجمع البيان الجزء ٣ ، ص ٥٠٠.

(٢) المصدر السابق.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576