الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٠

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل10%

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 550

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 550 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 206773 / تحميل: 6194
الحجم الحجم الحجم
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

وَيُتِمُّ عَلَى الْيَقِينِ(١) ، فَيَبْنِي عَلَيْهِ ، وَلَايَعْتَدُّ بِالشَّكِّ(٢) فِي حَالٍ مِنَ الْحَالَاتِ »(٣) (٤)

٥١٦٨/ ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنِ الرَّجُلِ لَايَدْرِي رَكْعَتَيْنِ صَلّى ، أَمْ أَرْبَعاً؟

قَالَ : « يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ(٥) ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِفَاتِحَةِ(٦) الْكِتَابِ ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ ،................................................

____________________

(١). فيالوافي : « لاينقض اليقين بالشكّ ؛ يعني لايبطل الثلاث المتيقّن فيها بسبب الشكّ في الرابعة بأن يستأنف الصلاة ، بل يعتدّ بالثلاث. ولايدخل الشكّ في اليقين ؛ يعني لايعتدّ بالرابعة المشكوك فيها بأن يضمّنها إلى الثلاث ويتمّ بها الصلاة من غير تدارك. ولايخلط أحدهما بالآخر ، عطف تفسيري للنهي عن الإدخال. ولكنّه ينقض الشكّ ؛ يعني في الرابعة بأن لايعتدّ بها باليقين ؛ يعني بالإتيان بركعة اخري على الإيقان. ويتمّ على اليقين ؛ يعني يبنى على الثلاث المتيقّن فيها ».

(٢). في حاشية « بث » : « في الشكّ ».

(٣). فيالوافي : « لم يعترّض في هذا الحديث لذكر فصل الركعتين ، أو الركعة المضافة للاحتياط ووصلها ، كما تعرّض في الخبر السابق - وهو الخبر ٥١٦٨ هنا - ، والأخبار في ذلك مختلفة ، وفي بعضها إجمال ، كما ستقف عليها ، وطريق التوفيق بينهما التخيير ، كما ذكره فيالفقيه ويأتي كلامه فيه ، وربما يسمّى الفصل بالبناء على الأكثر ، والوصل بالبناء على الأقلّ ، والفصل أولى وأحوط ؛ لأنّه مع الفصل إذا ذكر بعد ذلك ما فعل ، وكانت صلاته مع الاحتياط مشتملة على زيادة ، فلا يحتاج إلى إعادة ، بخلاف ما إذا وصل ؛ وما سمعت أحداً تعرّض لهذه الدقيقة ، وفي حديث عمّار الساباطي - وهو الذي روي فيالتهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٤٩ ، ح ١٤٤٨ - الآتي إشارة إلى ذلك ، فلا تكن من الغافلين ».

(٤).التهذيب ، ج ٢ ، ص ١٨٦ ، ح ٧٤٠ ، معلّقاً عن الكليني ؛الاستبصار ، ج ١ ، ص ٣٧٣ ، ح ١٤١٦ ، معلّقاً عن الكليني ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن حمّاد ، عن حريزالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٧٩ ، ح ٧٥٤٠ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٢٠ ، ح ١٠٤٧١ ، إلى قوله : « بفاتحة الكتاب ويتشهّد ولا شي‌ء عليه » ؛البحار ، ج ٢ ، ص ٢٨١ ، ح ٥٣ ؛وفيه ، ج ٨٨ ، ص ١٨٠.

(٥). في « جن » : « فيسلّم ».

(٦). فيالاستبصار : « فاتحة ».

٢٦١

وَإِنْ(١) كَانَ(٢) صَلّى أَرْبَعاً(٣) ، كَانَتْ هَاتَانِ نَافِلَةً ، وَإِنْ كَانَ صَلّى رَكْعَتَيْنِ ، كَانَتْ هَاتَانِ تَمَامَ الْأَرْبَعِ(٤) ، وَإِنْ(٥) تَكَلَّمَ(٦) ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ ».(٧)

٥١٦٩/ ٥. حَمَّادٌ(٨) ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، قَالَ :

إِنَّمَا السَّهْوُ مَا(٩) بَيْنَ الثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ ، وَفِي الِاثْنَتَيْنِ ، وَفِي(١٠) الْأَرْبَعِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ.

وَمَنْ سَهَا وَلَمْ يَدْرِ(١١) ثَلَاثاً صَلّى أَمْ أَرْبَعاً ، وَاعْتَدَلَ شَكُّهُ؟ قَالَ : يَقُومُ فَيُتِمُّ ، ثُمَّ يَجْلِسُ فَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ ، وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ(١٢) وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ وَهُوَ جَالِسٌ ؛

____________________

(١). فيالاستبصار : « فإن ».

(٢). فيالتهذيب والاستبصار : + « قد ».

(٣). فيالوسائل والاستبصار : « الأربعة ».

(٤). في « ظ » والوافي والتهذيب : « الأربعة ».

(٥). فيالتهذيب : + « كان ».

(٦). فيمرآة العقول : « قولهعليه‌السلام : وإن تكلّم ، حمل على النسيان ، والمراد إمّا التكلّم في أثناء الصلاة مطلقاً أو بين صلاة الأصل والاحتياط ، والأخير أظهر ».

(٧).التهذيب ، ج ٢ ، ص ١٨٦ ، ح ٧٣٩ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٣٧٢ ، ح ١٤١٥ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٧٩ ، ح ٧٥٣٩ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢١٩ ، ح ١٠٤٧٠.

(٨). السند معلّق على سند الحديث الثالث ، وينسحب إليه الطريقان المتقدّمان إلى حمّاد بن عيسى.

(٩). فيالوسائل والبحار : - « ما ».

(١٠). في « ظ ، ى » والوافي والبحار : - « في ».

(١١). في « ى ، بث ، بح ، بس ، جن » والوافي والوسائل والبحار : « فلم يدر ».

(١٢). فيمرآة العقول : « قولهعليه‌السلام : يصلّي ركعتين ، ظاهره البناء على الأقلّ ، فالركعتان من جلوس لاحتمال‌الزيادة ؛ لتصير الركعة الزائدة مع الركعتين من جلوس ركعتين نافلة ، فيمكن حمل هاتين الركعتين على الاستحباب. ويحتمل أن يكون المراد الشكّ بين الاثنين والثلاث ، أي لا يدري أنّه بعد فعل الركعة =

٢٦٢

فَإِنْ(١) كَانَ أَكْثَرُ وَهْمِهِ إِلَى الْأَرْبَعِ ، تَشَهَّدَ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ(٢) وَرَكَعَ وَسَجَدَ ، ثُمَّ قَرَأَ وَسَجَدَ(٣) سَجْدَتَيْنِ ، وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ ؛ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ وَهْمِهِ(٤) الثِّنْتَيْنِ ، نَهَضَ فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ ، وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ.(٥)

٥١٧٠/ ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي رَجُلٍ صَلّى ، فَلَمْ يَدْرِ(٦) أَثِنْتَيْنِ(٧) صَلّى ، أَمْ ثَلَاثاً(٨) ، أَمْ أَرْبَعاً؟

قَالَ : « يَقُومُ(٩) ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مِنْ قِيَامٍ وَيُسَلِّمُ ، ثُمَّ يُصَلِّي(١٠) رَكْعَتَيْنِ مِنْ جُلُوسٍ وَيُسَلِّمُ ؛ فَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ، كَانَتِ الرَّكْعَتَانِ(١١) نَافِلَةً ، وَإِلَّا تَمَّتِ الْأَرْبَعُ ».(١٢)

____________________

= الاُخرى يصير ثلاثاً أو أربعاً ، وفيه بعد. ويحتمل أن يكون مكان « ويصلّي » : « أو يصلّي وسقطت الهمزة من النسّاخ ويكون نصّاً في التخيير ، وفي صورة غلبة الظنّ على الأربع فعل الركعتين لعلّه على الاستحباب استدراكاً للاحتمال المرجوح ». وراجع :الوافي .

(١). في « بخ » والوافي : « وإن ».

(٢). فيالوافي : « قوله : ثمّ قرأ فاتحة الكتاب ؛ يعنى جالساً ، واكتفى عن ذكره بذكره فيما قبله ».

(٣). في « بح ، بس »والوسائل والبحار : « فسجد ».

(٤). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي الوسائل . وفي المطبوع : + « [ إلى ] ».

(٥).الوافي ، ج ٨ ، ص ٩٨٤ ، ح ٧٥٤٩ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢١٧ ، ح ١٠٤٦٣ ؛البحار ، ج ٨٨ ، ص ١٧٩.

(٦). فيالتهذيب : « ولم يدر ».

(٧). في « بث ، بس » والوافي : « ثنتين » بدون همزة الاستفهام. وفيالوسائل والبحاروالتهذيب : « اثنتين ».

(٨). في « بث ، بس » : - « أم ثلاثاً ».

(٩). فيالتهذيب : « فيقوم ».

(١٠). في حاشية « بح » : « فيصلّي ».

(١١). في « ى ، بح » وحاشية « ظ ، جن » والبحار : « الركعات ».

(١٢).التهذيب ، ج ٢ ، ص ١٨٧ ، ح ٧٤٢ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٨١ ، ح ٧٥٤٢ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٢٣ ، ح ١٠٤٨٢ ؛البحار ، ج ٨٨ ، ص ١٨٤.

٢٦٣

٥١٧١/ ٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبَانٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ سَيَابَةَ وَأَبِي الْعَبَّاسِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِذَا لَمْ تَدْرِ ثَلَاثاً صَلَّيْتَ أَوْ أَرْبَعاً ، وَوَقَعَ رَأْيُكَ عَلَى الثَّلَاثِ ، فَابْنِ عَلَى الثَّلَاثِ ؛ وَإِنْ وَقَعَ رَأْيُكَ عَلَى الْأَرْبَعِ ، فَسَلِّمْ وَانْصَرِفْ ؛ وَإِنِ اعْتَدَلَ وَهْمُكَ ، فَانْصَرِفْ ، وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَأَنْتَ جَالِسٌ ».(١)

٥١٧٢/ ٨. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِذَا لَمْ تَدْرِ ثِنْتَيْنِ(٢) صَلَّيْتَ أَمْ أَرْبَعاً ، وَلَمْ يَذْهَبْ وَهْمُكَ إِلى شَيْ‌ءٍ ، فَتَشَهَّدْ وَسَلِّمْ(٣) ، ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ تَقْرَأُ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ تَشَهَّدْ ، وَسَلِّمْ(٤) ؛ فَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ ، كَانَتَا(٥) هَاتَانِ تَمَامَ الْأَرْبَعِ ؛ وَإِنْ كُنْتَ صَلَّيْتَ أَرْبَعاً(٦) ، كَانَتَا(٧) هَاتَانِ نَافِلَةً ؛ وَإِنْ(٨) كُنْتَ لَاتَدْرِي ثَلَاثاً صَلَّيْتَ أَمْ أَرْبَعاً ، وَلَمْ يَذْهَبْ وَهْمُكَ إِلى شَيْ‌ءٍ ، فَسَلِّمْ ، ثُمَّ صَلِّ(٩) رَكْعَتَيْنِ وَأَنْتَ‌

____________________

(١).التهذيب ، ج ٢ ، ص ١٨٤ ، ح ٧٣٣ ، معلّقاً عن الكليني.فقه الرضا عليه‌السلام ، ص ١١٨ ، مع اختلافالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٨١ ، ح ٧٥٤٤ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢١١ ، ح ١٠٤٤٨.

(٢). في « ظ ، ى ، بس » : « أَثِنتين ». وفي « بح ، بخ » والبحار : « اثنتين ».

(٣). في « ظ » : « وتسلّم ».

(٤). في « بث »والفقيه : « وتسلّم ».

(٥). في « ى » وحاشية « بح » والوافي : « كانت ».

(٦). في « بث ، بح ، بخ ، بس ، جن » والوافي : « الأربع ».

(٧). فيالوافي : « كانت ».

(٨). فيالوسائل ، ح ١٠٤٦٤ : « إذا ».

(٩). في « بث » : « ثمّ تصلّي ».

٢٦٤

جَالِسٌ تَقْرَأُ فِيهِمَا بِأُمِّ الْكِتَابِ ؛ وَإِنْ ذَهَبَ وَهْمُكَ إِلَى الثَّلَاثِ ، فَقُمْ ، فَصَلِّ الرَّكْعَةَ الرَّابِعَةَ ، وَلَاتَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ ؛ فَإِنْ(١) ذَهَبَ وَهْمُكَ إِلَى الْأَرْبَعِ ، فَتَشَهَّدْ وَسَلِّمْ ، ثُمَّ اسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ(٢) ».(٣)

٥١٧٣/ ٩. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ ، عَنْ جَمِيلٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ فِيمَنْ لَايَدْرِي أَثَلَاثاً صَلّى أَمْ(٤) أَرْبَعاً ، وَوَهْمُهُ فِي ذلِكَ سَوَاءٌ ، قَالَ : فَقَالَ : « إِذَا اعْتَدَلَ الْوَهْمُ فِي الثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ ، فَهُوَ بِالْخِيَارِ ، إِنْ شَاءَ صَلّى رَكْعَةً وَهُوَ قَائِمٌ ، وَإِنْ شَاءَ صَلّى رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ وَهُوَ جَالِسٌ ».

وَقَالَ فِي رَجُلٍ لَمْ يَدْرِ أَثِنْتَيْنِ(٥) صَلّى أَمْ أَرْبَعاً ، وَوَهْمُهُ يَذْهَبُ إِلَى الْأَرْبَعِ ، أَوْ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ(٦) ، فَقَالَ : « يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ ».

وَقَالَ : « إِنْ ذَهَبَ وَهْمُكَ إِلى رَكْعَتَيْنِ(٧) وَأَرْبَعٍ ، فَهُوَ سَوَاءٌ ، وَلَيْسَ الْوَهْمُ فِي‌

____________________

(١). في « ى » : - « ذهب وهمك - إلى - سجدتي السهو ، فإن ».

(٢). فيالوافي : « لعلّ الأمر بسجدتي السهو في الصورة الأخيرة لتدارك النقصان الموهوم ، وينبغي حمله على الاستحباب ». ونقل فيمرآة العقول نسبة وجوب سجدتي السهو في تلك الصورة إلى الشيخ الصدوق وقوّاه.

(٣).الفقيه ، ج ١ ، ص ٣٤٩ ، ح ١٠١٥ ، معلّقاً عن الحلبيّ ، إلى قوله : « كانتا هاتان نافلة » مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٨٢ ، ح ٧٥٤٥ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢١٧ ، ح ١٠٤٦٤ ، من قوله : « إن كنت لاتدري » ؛وفيه ، ص ٢١٩ ، ذيل ح ١٠٤٦٩ ، إلى قوله : « كانتا هاتان نافلة » ؛البحار ، ج ٨٨ ، ص ١٧٦.

(٤). في « بخ » : « أو ».

(٥). في « بخ ، جن » والوافي : « ثنتين » بدون الهمزة. وفيالوسائل : « اثنتين ».

(٦). فيالوافي : « ووهمه يذهب إلى الأربع وإلى الركعتين ». وقال : « يعني يذهب إليهما جميعاً سواء من غير رجحان ، كما فسرّهعليه‌السلام بقوله : إن ذهب وهمك إلى الركعتين وأربع فهو ؛ يعني الوهم ، سواء ؛ يعني معتدل. وربّما يوجد في بعض النسخ : أو ، بدل الواو في قوله : وإلى الركعتين. وهو من سهو النسّاخ ».

(٧). في « بث ، بخ » والوافي : « الركعتين ».

٢٦٥

هذَا الْمَوْضِعِ مِثْلَهُ فِي الثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ »(١) (٢)

٤١ - بَابُ مَنْ سَهَا فِي الْأَرْبَعِ وَالْخَمْسِ وَلَمْ يَدْرِ زَادَ (٣)

أَوْ نَقَصَ (٤) أَوِ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ زَادَ‌

٥١٧٤/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ(٥) ، عَنْ زُرَارَةَ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام يَقُولُ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ ، فَلَمْ يَدْرِ زَادَ(٦) أَمْ نَقَصَ ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ، وَسَمَّاهُمَا رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله الْمُرْغِمَتَيْنِ(٧) ».(٨)

____________________

(١). فيالوافي : « وليس الوهم في هذا الموضع مثله في الثلاثة والأربع ؛ يعني حكمه في الموضعين مختلف ، كما تبيّن».

(٢).التهذيب ، ج ٢ ، ص ١٨٤ ، ح ٧٣٤ ، معلّقاً عن الكليني ، إلى قوله : « وإن شاء صلّى ركعتين وأربع سجدات »الوافي ، ج ٨ ، ص ٩٨٢ ، ح ٧٥٤٦ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢١٦ ، ح ١٠٤٦١ ، إلى قوله : « وأربع سجدات وهو جالس » ؛وفيه ، ص ٢٢٠ ، ح ١٠٤٧٣ ، من قوله : « وقال في رجل ».

(٣). في « بث » : « أزاد ».

(٤). في « ظ ، ى ، بث ، بخ ، جن » والوافي : « أم نقص ».

(٥). في « ظ » : « عمر بن اُذينة ».

(٦). في « ى ، بخ » والوافي : « أزاد ».

(٧). في « جن » : + « ترغمان الشيطان ». وقال الشهيد الثانيقدس‌سره : « العاشر : الشكّ بين الأربع والخمس بعد السجود ، وهو صحيح إجماعاً ، موجب للمرغمتين ، بكسر الغين اسم فاعل ، سمّيتا بذلك لأنّها ترغمان الشيطان ، كما ورد في الخبر - وهو الخبر ٥١٨٨ هنا - وهو إمّا من المراغمة ، وهي المغاضبة ، أي تغضبانه. وإمّا من الرغام بفتح الراء ، وهو التراب ، يقال : أرغم الله أنفه ، أي ألصقه بالتراب ذلّة وضغاراً ، فكأنّهما =

٢٦٦

٥١٧٥/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ(١) ، عَنْ زُرَارَةَ وَبُكَيْرٍ ابْنَيْ أَعْيَنَ(٢) :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « إِذَا اسْتَيْقَنَ(٣) أَنَّهُ(٤) زَادَ فِي صَلَاتِهِ(٥) الْمَكْتُوبَةِ(٦) ، لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا ، وَاسْتَقْبَلَ صَلَاتَهُ(٧) اسْتِقْبَالاً إِذَا كَانَ قَدِ اسْتَيْقَنَ يَقِيناً ».(٨)

٥١٧٦/ ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِذَا كُنْتَ لَاتَدْرِي(٩) أَرْبَعاً صَلَّيْتَ ، أَوْ خَمْساً(١٠) ،

____________________

= يرغمان أنف الشيطان ». وقال الطريحي : « المرغمتان في الحديث بكسر المعجمة : سجدتا السهو ، سمّيتا بذلك لكون فعلهما يرغم أنف الشيطان ويذلّه ؛ فإنّه يكلّف في التلبيس فأضلّ الله سعيه وأبطل قصده وجعل هاتين السجدتين سبباً لطرده وإذلاله ». راجع :المقاصد العليّة ، ص ٣٤٤ ؛مجمع البحرين ، ج ٦ ، ص ٧٤ ( رغم ). وللمزيد راجع :الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٣٤ ( رغم ).

(٨).الوافي ، ج ٨ ، ص ٩٩١ ، ح ٧٥٧١ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٢٤ ، ح ١٠٤٨٤.

(١). في « ى »والتهذيب : « عن عمر بن اُذينة ».

(٢). في الكافي ، ح ٥١٤٩ : - « وبكير ابني أعين ».

(٣). فيالتهذيب : + « الرجل ».

(٤). في الكافي ، ح ٥١٤٩ : + « قد ».

(٥). في الكافي ، ح ٥١٤٩والاستبصار : « الصلاة ».

(٦). فيالوسائل والكافي ، ح ٥١٤٩ : + « ركعة ».

(٧). في الكافي ، ح ٥١٤٩ : « الصلاة ».

(٨).الكافي ، كتاب الصلاة ، باب السهو في الركوع ، ح ٥١٤٩. وفيالتهذيب ، ج ٢ ، ص ١٩٤ ، ح ٧٦٣ ، معلّقاً عن الكليني ؛الاستبصار ، ج ١ ، ص ٣٧٦ ، ح ١٤٢٨ ، بسنده عن الكلينيالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٦٤ ، ح ٧٥٠٠ ؛الوسائل ، ج ٦ ، ص ٣١٩ ، ح ٨٠٧٥ ؛ ج ٨ ، ص ٢٣١ ، ح ١٠٥٠٨.

(٩). في « بث » وحاشية « بس » : « لم تدر ».

(١٠). في « ى »والوسائل والتهذيب : « أم خمساً ».

٢٦٧

فَاسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ تَسْلِيمِكَ ، ثُمَّ سَلِّمْ بَعْدَهُمَا ».(١)

٥١٧٧/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ سَمَاعَةَ ، قَالَ :

قَالَ(٢) : « مَنْ حَفِظَ سَهْوَهُ(٣) وَأَتَمَّهُ(٤) ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ ، إِنَّمَا(٥) السَّهْوُ عَلى مَنْ لَمْ يَدْرِ زَادَ(٦) أَمْ نَقَصَ(٧) مِنْهَا ».(٨)

٥١٧٨/ ٥. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ ، فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ ».(٩)

____________________

(١).التهذيب ، ج ٢ ، ص ١٩٥ ، ح ٧٦٧ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٨٨ ، ح ٧٥٦١ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٢٤ ، ح ١٠٤٨٣.

(٢). في الكافي ، ح ٥١٨٠ : + « أبو عبداللهعليه‌السلام ».

(٣). في « بخ » : « من سهو ».

(٤). في « ظ ، ى ، بح » وحاشية « بث »والوسائل والكافي ، ح ٥١٨٠والتهذيب والاستبصار : « فأتمّه ».

وفيمرآة العقول ، ج ١٥ ، ص ٢٠١ : « قولهعليه‌السلام : من حفظ سهوه ، أي ذكر سهوه قبل فعل المبطل ، فأتمّ صلاته بأن يفعل ما سهاه من ركعة أو ركعتين ، فليس عليه سجدة السهو ».

(٥). في « بح » : « وإنّما ».

(٦). في « ى ، بخ »والوسائل : « أزاد ». وفيالوافي والفقيه : « أزاد في صلاته ».

(٧). في « ظ » : « أو نقص ».

(٨).الكافي ، كتاب الصلاة ، باب من تكلّم في صلاته أو انصرف ، صدر ح ٥١٨٠. وفيالتهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٤٦ ، صدرح ١٤٣٨ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٣٦٩ ، صدر ح ١٤٠٥ ، بسندهما عن سماعة ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، وفي كلّها إلى قوله : « فليس عليه سجدتا السهو ».الفقيه ، ج ١ ، ص ٣٥٠ ، ح ١٠١٨ ، بسند آخرالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٩١ ، ح ٧٥٦٩ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٣٩ ، ح ١٠٥٣١.

(٩).التهذيب ، ج ٢ ، ص ١٩٤ ، ح ٧٦٤ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٣٧٦ ، ح ١٤٢٩ ، معلّقاً عن عليّ بن مهزيارالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٦٤ ، ح ٧٥٠١ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٣١ ، ذيل ح ١٠٥٠٩.

٢٦٨

٥١٧٩/ ٦. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِذَا لَمْ تَدْرِ خَمْساً صَلَّيْتَ أَمْ أَرْبَعاً(١) ، فَاسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ(٢) تَسْلِيمِكَ وَأَنْتَ جَالِسٌ ، ثُمَّ سَلِّمْ(٣) بَعْدَهُمَا ».(٤)

٤٢ - بَابُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ أَوِ انْصَرَفَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهَا

أَوْ يَقُومُ فِي مَوْضِعِ الْجُلُوسِ‌

٥١٨٠/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام (٥) : « مَنْ حَفِظَ سَهْوَهُ فَأَتَمَّهُ(٦) ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ(٧) ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله صَلّى بِالنَّاسِ الظُّهْرَ(٨) رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ سَهَا فَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ‌

____________________

(١). فيالوافي : « كنت لا تدري أربعاً صلّيت أو خمساً » بدل « لم تدر خمساً صلّيت أم أربعاً ».

(٢). في « بح » : « وبعد ».

(٣). في « ى ، بث » : « ثمّ تسلّم ».

(٤).الوافي ، ج ٨ ، ص ٩٨٨ ، ح ٧٥٦٢ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٢٤ ، ح ١٠٤٨٥.

(٥). في الكافي ، ح ٥١٧٧ : - « أبو عبداللهعليه‌السلام ».

(٦). في الكافي ، ح ٥١٧٧ : « وأتمّه ».

(٧). فيالوافي : « يعني من حفظ سهوه بنفسه من غير أن يتكلّم وينصرف ، فأتمّه ، فليس عليه سجدتا السهو ، كما يظهر من آخر الحديث ، وإنّما سجدهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لأنّه تكلّم ، ومن انصرف فعليه الاستئناف. ويأتي ما يبيّن هذا ويوضحه. ومعنى إتمامه الإتيان المسهوّ عنه ، سواء كان في الصلاة أو في خارجها ، وسواء كان ركعة تامّة أو جزءاً منها ».

(٨). في « ى » : - « الظهر ».

٢٦٩

ذُو الشِّمَالَيْنِ(١) : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَنَزَلَ فِي الصَّلَاةِ شَيْ‌ءٌ؟ فَقَالَ : وَمَا ذَاكَ(٢) ؟ قَالَ(٣) : إِنَّمَا صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : أَتَقُولُونَ مِثْلَ قَوْلِهِ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، فَقَامَ(٤) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَأَتَمَّ بِهِمُ الصَّلَاةَ ، وَسَجَدَ(٥) بِهِمْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ ».

____________________

(١). روت العامّة نحوه عن أبي هريرة ، وردّه العلّامة فيمنتهى المطلب ، ج ٥ ، ص ٢٨١ ، بقوله :

« إنّ هذا الحديث مردود لوجوه :

أحدها : أنّه يتضمّن إثبات السهو في حقّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو محال عقلاً ، وقد بيّنّاه في كتب الكلام.

الثاني : أنّ أبا هريرة أسلم بعد أن مات ذو اليدين بسنتين ؛ فإنّ ذا اليدين قتل يوم بدر وذلك بعد الهجرة بسنتين ، وأسلم أبوهريرة بعد الهجرة بسبع سنين.

واعترض على هذا بأنّ الذي قتل يوم بدر ذوالشمالين واسمه عمير بن عبد عمرو بن نضلة الخزاعيّ ، وذواليدين عاش بعد وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومات في أيّام معاوية ، قال : وقبره بذي خشب واسمه الخرباق ، والدليل عليه أنّ عمران بن حصين روى هذا الحديث ، فقال فيه : فقام الخرباق ، فقال : أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟

واُجيب بأنّ الأوزاعيّ روى ، فقال : فقام ذوالشمالين ، فقال : أقصرت أم نسيت يا رسول الله؟ وذو الشمالين قتل يوم بدر لا محالة.

وروى الأصحاب أنّ ذا اليدين كان يقال له : ذوالشمالين ، رواه سعيد الأعرج ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام .

الثالث : أنّه قد روي في هذا الخبر أنّ ذا اليدين قال : أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال : كلّ ذلك لم يكن.

وروي أنّهعليه‌السلام قال : إنّما السهو لُابيّن لكم. وروي أيضاً أنّه قال : لم أنس ولم تقصر الصلاة ». وردّه بمثله فيتذكرة الفقهاء ، ج ٣ ، ص ٢٧٤ - ٢٧٥ ، ذيل المسألة ٣١٩.

وفيمرآة العقول ، ج ١٥ ، ص ٢٠١ : « الظاهر أنّ هذا الخبر صدر عنهمعليهم‌السلام تقيّة لوجوه شتّى لايخفى على المتأمّل ». وذكر في الحديث الثالث من هذا الباب وجه آخر لتوجيه الخبر. وللمزيد راجع :البحار ، ج ١٧ ، ص ١٠٧ - ١٢٩ ؛ وج ٨٨ ، ص ٢١٨ - ٢١٩.

(٢). في « بث ، بخ ، بس ، جن » والوافي والبحار : « ذلك ».

(٣). في « بث » والبحار : « فقال ».

(٤). في البحار : + « رسول الله ».

(٥). في « بح » : « فسجد ».

٢٧٠

قَالَ : قُلْتُ : أَرَأَيْتَ مَنْ صَلّى رَكْعَتَيْنِ ، وَظَنَّ أَنَّهُمَا(١) أَرْبَعٌ(٢) ، فَسَلَّمَ وَانْصَرَفَ ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ مَا ذَهَبَ أَنَّهُ إِنَّمَا صَلّى رَكْعَتَيْنِ؟

قَالَ : « يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِهَا ».

قَالَ : قُلْتُ : فَمَا بَالُ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله لَمْ يَسْتَقْبِلِ الصَّلَاةَ ، وَإِنَّمَا أَتَمَّ بِهِمْ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ؟

فَقَالَ : « إِنَّ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله لَمْ يَبْرَحْ مِنْ مَجْلِسِهِ ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَبْرَحْ مِنْ مَجْلِسِهِ ، فَلْيُتِمَّ مَا نَقَصَ مِنْ صَلَاتِهِ إِذَا كَانَ قَدْ حَفِظَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ(٣) ».(٤)

٥١٨١/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ(٥) فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ(٦) مِنَ الْمَكْتُوبَةِ ، ثُمَّ يَنْسى ، فَيَقُومُ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ بَيْنَهُمَا ، قَالَ : « فَلْيَجْلِسْ مَا لَمْ يَرْكَعْ وَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ ، فَإِنْ(٧)

____________________

(١). في « ى ، بح ، بخ ، جن » والوافي والتهذيب والاستبصار : « أنّها ».

(٢). في « بس » : + « ركعات ». وفي البحار : « أربعاً ».

(٣). في « ظ ، بس » : « الاُوليين ».

(٤).الكافي ، كتاب الصلاة ، باب من سها في الأربع والخمس ، ح ٥١٧٧ ، إلى قوله : « فليس عليه سجدتا السهو » ، مع زيادة في آخره. وفيالتهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٤٦ ، ح ١٤٣٨ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٣٦٩ ، ح ١٤٠٥ ، بسندهما عن سماعة ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام .الفقيه ، ج ١ ، ص ٣٥٠ ، ح ١٠١٨ ، بسند آخر ، إلى قوله : « فليس عليه سجدتا السهو » ، مع زيادة في آخره ، وفي الثلاثة الأخيرة مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٥٣ ، ح ٧٤٧٦ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٠١ ، ذيل ح ١٠٤٢٤ ؛البحار ، ج ١٧ ، ص ١٠٤ ، ح ١١.

(٥). فيالوافي والتهذيب : - « قال ».

(٦). في « ظ ، ى ، بث ، بس ، جن »والتهذيب : « الركعتين ».

(٧). فيالوسائل والتهذيب : « وإن ».

٢٧١

لَمْ يَذْكُرْ حَتّى يَرْكَعَ(١) ، فَلْيَمْضِ فِي صَلَاتِهِ ، فَإِذَا(٢) سَلَّمَ ، سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ(٣) وَهُوَ جَالِسٌ(٤) ».(٥)

٥١٨٢/ ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَدَقَةَ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِعليه‌السلام : أَسَلَّمَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ(٦) ؟ فَقَالَ : « نَعَمْ ». قُلْتُ : وَحَالُهُ حَالُهُ(٧) ؟ قَالَ : « إِنَّمَا أَرَادَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ يُفَقِّهَهُمْ(٨) ».(٩)

____________________

(١). في « بث ، بح ، بخ ، بس ، جن » والوافي والوسائل : « ركع ».

(٢). فيالوافي : « وإذا ».

(٣). فيالتهذيب : « نقرثنتين » بدل « سجد سجدتين ». وقال فيالوافي بعد نقل ما فيالتهذيب : « وقد مضى النهي عن تسمية السجدة نقرة ، فما في الكافي هو الصواب ».

(٤). فيمرآة العقول : « ظاهره الاكتفاء بالسجدتين ، وليس في الأخبار تعرّض لقضاء التشهّد المنسيّ ، والمشهور الإتيان به أيضاً. وذهب ابن بابويه والمفيد -رحمهم‌الله - إلى إجزاء تشهّد سجدتي السهو عن التشهّد المنسيّ. ولايخلو من قوّة وإن كان العمل بالمشهور أحوط. وأمّا وجوب السجدتين فلا خلاف فيه بين الأصحاب ، ولاخلاف أيضاً بين القائلين بوجوب قضاء التشهّد المنسيّ أنّه بعد التسليم ».

(٥).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٤٥ ، ح ١٤٣١ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيم.وفيه ، ص ١٥٧ ، ح ٦١٦ ؛ وص ١٥٨ ، ح ٦١٩ و ٦٢٠ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٣٦٢ ، ح ١٣٧٣ و ١٣٧٥ ، بسند آخر عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٣٩ ، ح ٧٤٤٠ ؛الوسائل ، ج ٦ ، ص ٤٠٥ ، ح ٨٢٩٣.

(٦). في « ظ ، بس » : « الاُوليين ».

(٧). فيمرآة العقول : « قولهعليه‌السلام : وحاله حاله ، أي في الجلالة والرسالة ».

(٨). فيالوافي : « تعجّب السائل من سهوهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع كونه معصوماً عن الخطأ ، فأجابهعليه‌السلام بأنّه كان في ذلك مصلحة للاُمّة بأن يفقهوا بمثل هذه الاُمور معالم دينهم ، ويعلموا أنّ البشر لا ينفكّ عن السهو والنسيان ، وأنّ المخلوق محلّ للغفلة والنقصان ، وإنّما المنزّه عن جميع صفات النقص هو الله سبحانه ».

(٩).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٤٥ ، ح ١٤٣٢ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد البرقيالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٥٥ ، ح ٧٤٧٨ ؛البحار ، ج ١٧ ، ص ١٠٥ ، ح ١٢.

٢٧٢

٥١٨٣/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى(١) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ؛

وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَلَّمُ نَاسِياً فِي الصَّلَاةِ : يَقُولُ : أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ؟

فَقَالَ : « يُتِمُّ صَلَاتَهُ ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ(٢) ».

فَقُلْتُ : سَجْدَتَا(٣) السَّهْوِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ هُمَا أَوْ بَعْدُ؟ قَالَ : « بَعْدُ(٤) ».(٥)

٥١٨٤/ ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « تَقُولُ(٦) فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ : بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ».

* قَالَ الْحَلَبِيُّ(٧) : وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً أُخْرى يَقُولُ(٨) : « بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ‌

____________________

(١). فيالتهذيب : - « محمّد بن يحيى ». وهو سهو.

(٢). فيالوافي : « سجدتي السهو ».

(٣). فيالتهذيب والاستبصار : « سجدتي ».

(٤). فيالتهذيب والاستبصار : « بعده؟ قال : بعده » بدل « بعد؟ قال : بعد ».

(٥).التهذيب ، ج ٢ ، ص ١٩١ ، ح ٧٥٥ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٣٧٨ ، ح ١٤٣٣ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٤٤ ، ح ٧٤٧٦ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٠٦ ، ح ١٠٤٣٥ ، إلى قوله : « ثمّ يسجد سجدتين » ؛وفيه ، ص ٢٠٧ ، ح ١٠٤٣٨ ، من قوله : « فقلت : سجدتا السهو ».

(٦). في « ى ، بخ »والتهذيب : « يقول ».

(٧). معلّق على صدر السند ، كما هو واضح.

(٨). في « بس » : « تقول ». وفيالوافي والتهذيب : + « فيهما ». وفيمرآة العقول : « ثمّ اعلم أنّ ما يوهم ظاهر الخبر من سهو الإمامعليه‌السلام فمدفوع بأنّه يحتمل الخبر أن يراد به التعليم لكيفيّة السجود له مرّة هكذا ومرّة هكذا ، كما ذكره الأصحاب ».

٢٧٣

أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ».(١)

٥١٨٥/ ٦. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ ، عَنْ سَعِيدٍ الْأَعْرَجِ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « صَلّى رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثُمَّ سَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ ، فَسَأَلَهُ(٢) مَنْ خَلْفَهُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْ‌ءٌ؟ قَالَ : وَمَا ذَاكَ(٣) ؟ قَالُوا : إِنَّمَا صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ ، فَقَالَ(٤) : أَكَذلِكَ(٥) يَا ذَا الْيَدَيْنِ؟ - وَكَانَ يُدْعى ذَا الشِّمَالَيْنِ(٦) - فَقَالَ : نَعَمْ ، فَبَنى عَلى صَلَاتِهِ ، فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ أَرْبَعاً ، وَقَالَ : إِنَّ اللهَ هُوَ الَّذِي أَنْسَاهُ رَحْمَةً لِلْأُمَّةِ ؛ أَلَاتَرى(٧) لَوْ أَنَّ رَجُلاً صَنَعَ هذَا لَعُيِّرَ ، وَقِيلَ : مَا تُقْبَلُ(٨) صَلَاتُكَ ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ ذَاكَ(٩) ، قَالَ : قَدْ سَنَّ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وَصَارَتْ أُسْوَةً ، وَسَجَدَ‌

____________________

(١).التهذيب ، ج ٢ ، ص ١٩٦ ، ح ٧٧٣ ، بسنده عن محمّد بن أبي عمير. الفقيه ، ج ١ ، ص ٣٤٢ ، ح ٩٩٧ ، معلّقاً عن الحلبيّ. فقه الرضاعليه‌السلام ، ص ١٢٠ ، وفي كلّها مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٩٦ ، ح ٧٥٨٣ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٣٤ ، ذيل ح ١٠٥١٧ ؛ البحار ، ج ٨٨ ، ص ٢٢٠.

(٢). في « بخ » : « ثمّ سأله ».

(٣). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والبحاروالتهذيب . وفي المطبوع : « ذلك ».

(٤). في « ى ، بث ، بح ، بخ ، بس ، جن » : « قال ».

(٥). في « ظ ، بح ، بس » والوافي والتهذيب : « أكذاك ».

(٦). فيالوافي : « يحتمل أن يكون المراد بمن خلفه ذا اليدين ؛ لئلاّ ينافي الخبر السابق ولا الآتي فيما بعد ، ولاينافي هذا قوله : كذاك يا ذا اليدين ؛ لاحتمال الاستفهام التأكيد ولعلّهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما دعاه بذي اليدين لأنّه كره أن يدعوه بالنبز إن كان مشهوراً بذلك ، أو كان يدعى بذي اليدين أيضاً ، كما يستفاد من كتب العامّة ، قيل : سمّي لذلك لأنّه كان يعمل بيديه جميعاً ، وقيل : بل كان في يده طول ، وفسّر بعضهم الطول بالسعة بمعنى السخاوة ، وقيل : بل لأنّه هاجر هجرتين ».

(٧). في حاشية « بح » : « أما ترى ».

(٨). في « بس » : « ما يقبل ».

(٩). فيالوافي والتهذيب : « ذلك ».

٢٧٤

سَجْدَتَيْنِ ؛ لِمَكَانِ الْكَلَامِ ».(١)

٥١٨٦/ ٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « إِذَا قُمْتَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ(٢) ، وَلَمْ تَتَشَهَّدْ ، فَذَكَرْتَ قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ ، فَاقْعُدْ فَتَشَهَّدْ ، وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ حَتّى تَرْكَعَ ، فَامْضِ فِي صَلَاتِكَ كَمَا أَنْتَ ، فَإِذَا انْصَرَفْتَ ، سَجَدْتَ سَجْدَتَيْنِ لَارُكُوعَ فِيهِمَا ، ثُمَّ تَشَهَّدِ التَّشَهُّدَ الَّذِي فَاتَكَ ».(٣)

٥١٨٧/ ٨. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِذَا قُمْتَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ أَوْ غَيْرِهِمَا(٤) ، وَلَمْ تَتَشَهَّدْ(٥) فِيهِمَا(٦) ، فَذَكَرْتَ ذلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ ، فَاجْلِسْ فَتَشَهَّدْ وَقُمْ ، فَأَتِمَّ صَلَاتَكَ ، فَإِنْ(٧) أَنْتَ لَمْ تَذْكُرْ حَتّى تَرْكَعَ ، فَامْضِ فِي صَلَاتِكَ حَتّى تَفْرُغَ ،

____________________

(١).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٤٥ ، ح ١٤٣٣ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد بن عيسىالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٥٤ ، ح ٧٤٧٧ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٠٣ ، ذيل ح ١٠٤٢٩ ؛ البحار ، ج ١٧ ، ص ١٠٥ ، ح ١٣.

(٢). في « بس » : « الاُوليين ».

(٣).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٤٤ ، ح ١٤٣٠ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيد. وفي الفقيه ، ج ١ ، ص ٣٥٥ ، ذيل ح ١٠٣٠. فقه الرضاعليه‌السلام ، ص ١١٨ ، مع اختلاف يسير. راجع :قرب الإسناد ، ص ١٩٥ ، ح ٧٤١ ؛والتهذيب ، ج ٢ ، ص ١٥٧ ، ح ٦١٧ و ٦٢١ و ٦٢٢ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٣٦٢ ، ح ١٣٧٦الوافي ، ج ٨ ، ص ٩٣٩ ، ح ٧٤٣٨ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٤٤ ، ذيل ح ١٠٥٤٦.

(٤). فيالوافي والوسائل : « غيرها ».

(٥). فيالوسائل : « فلم تتشهّد ».

(٦). في « ظ » : « فيها ».

(٧). في « ظ ، بخ » وحاشية « بث » والوافي والوسائل والتهذيب : « وإن ».

٢٧٥

فَإِذَا فَرَغْتَ ، فَاسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ قَبْلَ أَنْ تَتَكَلَّمَ(١) ».(٢)

٥١٨٨/ ٩. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُهُ(٣) عَنِ الرَّجُلِ يَسْهُو ، فَيَقُومُ فِي حَالِ(٤) قُعُودٍ(٥) ، أَوْ يَقْعُدُ فِي حَالِ قِيَامٍ(٦) ؟

قَالَ : « يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ ، وَهُمَا الْمُرْغِمَتَانِ تُرْغِمَانِ(٧) الشَّيْطَانَ ».(٨)

____________________

(١). في « جن » : « أن يتكلّم ». وفيمرآة العقول : « اختلف الأصحاب في فوريّة سجدتي السهو ، وربّما يستدلّ بمثل هذا الخبر على الفوريّة ، ولايخفى ضعفه ، نعم يدلّ على عدم جواز الكلام قبلها. والمشهور بينهم عدم بطلان الصلاة بالتأخير وتخلّل الكلام ، وعدم سقوطهما أيضاً ، بل يصيران قضاء ، وقيل : بخروج وقت الصلاة يصيران قضاء ولعلّ ترك نيّة الأداء والقضاء في الصور المشكوكة أولى ».

(٢).التهذيب ، ج ٢ ، ص ٣٤٤ ، ح ١٤٢٩ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيم. وفيه ، ص ١٥٨ ، ح ٦١٨ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٣٦٢ ، ح ١٣٧٤ ، بسند آخر. فقه الرضاعليه‌السلام ، ص ١٢١ ، وفي الثلاثة الأخيرة مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٣٩ ، ح ٧٤٣٩ ؛الوسائل ، ج ٦ ، ص ٤٠٦ ، ح ٨٢٩٥.

(٣). في « ى » : « سألت ».

(٤). في البحار : « موضع ».

(٥). في « بح » : « قعوده ».

(٦). في « بح » : « قيامه ».

(٧). في « بث ، بح ، بخ ، جن » والبحار : « يرغمان ». سمّيتا بالمرغمتين - بصيغة اسم الفاعل - لأنّهما ترغمان‌الشيطان ، أي تغضبانه ، أو ترغمان أنفه ، أي تلصقانه بالرَّغام ، وهو التراب ، أي تصيران سبباً لصرده وإذلاله. وللمزيد راجع ذيل الحديث ٥١٧٤.

(٨). الفقيه ، ج ١ ، ص ٣٤١ ، ذيل ح ٣٤٠.الأمالي للصدوق ، ص ٦٤٣ ، المجلس ٩٣ ، ضمن وصف دين الإماميّة على الإيجاز والاختصار ، وفيهما إلى قوله : « يسجد سجدتين بعد التسليم » مع اختلاف يسير وزيادة في آخرهالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٩٢ ، ح ٧٥٧٣ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٥٠ ، ح ١٠٥٦١ ؛ البحار ، ج ٨٨ ، ص ٢٢٤.

٢٧٦

٤٣ - بَابُ مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا (١) وَلَمْ يَدْرِ (٢) زَادَ (٣) أَوْ نَقَصَ ، وَمَنْ كَثُرَ

عَلَيْهِ السَّهْوُ ، وَالسَّهْوِ فِي النَّافِلَةِ ، وَسَهْوِ الْإِمَامِ وَمَنْ خَلْفَهُ‌

٥١٨٩/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ صَفْوَانَ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنْ(٤) كُنْتَ(٥) لَاتَدْرِي كَمْ صَلَّيْتَ ، وَلَمْ يَقَعْ وَهْمُكَ عَلى شَيْ‌ءٍ ، فَأَعِدِ الصَّلَاةَ(٦) ».(٧)

٥١٩٠/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى(٨) ؛

وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَنْ زُرَارَةَ وَأَبِي بَصِيرٍ ، قَالَا :

قُلْنَا لَهُ : الرَّجُلُ يَشُكُّ كَثِيراً فِي صَلَاتِهِ حَتّى لَايَدْرِيَ كَمْ صَلّى ، وَلَامَا بَقِيَ عَلَيْهِ؟

قَالَ : « يُعِيدُ ».

____________________

(١). في « بخ » : - « كلّها ».

(٢). فيمرآة العقول : « ومن لم يدر ».

(٣). في « بث » : « أزاد ».

(٤). في حاشية « بح » : « إذا ».

(٥). في « بخ » : « أنت ».

(٦). في حاشية « بث » : + « كلّها ».

(٧).التهذيب ، ج ٢ ، ص ١٨٧ ، ح ٧٤٤ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٣٧٣ ، ح ١٤١٩ ، بسندهما عن سعد بن سعدالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٨٩ ، ح ٧٥٦٥ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٢٥ ، ح ١٠٤٨٩.

(٨). فيالتهذيب والاستبصار : - « عن حمّاد بن عيسى ».

٢٧٧

قُلْنَا لَهُ(١) : فَإِنَّهُ يَكْثُرُ عَلَيْهِ ذلِكَ كُلَّمَا عَادَ(٢) شَكَّ؟

قَالَ : « يَمْضِي فِي شَكِّهِ(٣) ». ثُمَّ قَالَ : « لَا تُعَوِّدُوا الْخَبِيثَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ بِنَقْضِ(٤) الصَّلَاةِ ؛ فَتُطْمِعُوهُ(٥) ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ خَبِيثٌ يَعْتَادُ(٦) لِمَا عُوِّدَ(٧) ، فَلْيَمْضِ أَحَدُكُمْ فِي الْوَهْمِ ، وَلَايُكْثِرَنَّ(٨) نَقْضَ الصَّلَاةِ ؛ فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذلِكَ(٩) مَرَّاتٍ(١٠) ، لَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ الشَّكُّ ».

قَالَ زُرَارَةُ(١١) : ثُمَّ قَالَ(١٢) : « إِنَّمَا يُرِيدُ الْخَبِيثُ(١٣) أَنْ يُطَاعَ ، فَإِذَا عُصِيَ لَمْ يَعُدْ إِلى أَحَدِكُمْ».(١٤)

____________________

(١). في « بث ، بخ » والوافي والوسائل والتهذيب والاستبصار : - « له ». وفي البحار : « قلت » بدل « قلنا له ».

(٢). فيالوسائل والبحاروالتهذيب والاستبصار : « أعاد ».

(٣). فيالوافي : « الظاهر أنّ المراد بالمضيّ في الشكّ في هذا الحديث والمضيّ في الصلاة فى الأخبار الآتيةواحد ، وهو عدم الالتفات إلى الشكّ وترك التدارك فيه بما ورد في مثله ، فإن كان ممّا لابدّ فيه من أن يفعل فعلاً تخيّر ، مثل ما إذا شكّ في الاثنتين والثلاث تخيّر بين البناء على الأقلّ أو أكثر ؛ فإنّ بمثل هذا يدحر الشيطان ».

(٤). في « ى » : « ينقص ». وفي « بث ، بح » وحاشية « بس » : « ينقض ». وفي حاشية « بث ، جن »والوسائل والبحاروالتهذيب : « نقض ».

(٥). في « ى » : « فتطمّعوه ». وفي « بح » : « فتطعوه ». وفي حاشية « بح » : « فتطيعوه ».

(٦). في « ظ ، بث ، بخ ، بس » والوافي والوسائل والبحاروالتهذيب والاستبصار : « معتاد ».

(٧). فيالتهذيب : + « به ».

(٨). في « ظ » : « لاتكثرنّ ».

(٩). فيالاستبصار : + « ثلاث ».

(١٠). في « ى » وحاشية « بث » : « مراراً ».

(١١). معلّق على صدر السند ، وينسحب إليه الطريقان المتقدّمان إلى زرارة.

(١٢). في « بخ » : - « ثمّ قال ».

(١٣). فيالاستبصار : - « الخبيث ».

(١٤).التهذيب ، ج ٢ ، ص ١٨٨ ، ح ٧٤٧ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٣٧٤ ، ح ١٤٢٢ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٩٧ ، ح ٧٥٨٥ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٢٨ ، ح ١٠٤٩٦ ؛ البحار ، ج ٨٨ ، ص ٢٧٠.

٢٧٨

٥١٩١/ ٣. حَمَّادٌ(١) ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قَالَ : « إِذَا شَكَكْتَ فَلَمْ تَدْرِ أَفِي(٢) ثَلَاثٍ أَنْتَ ، أَمْ فِي(٣) اثْنَتَيْنِ(٤) ، أَمْ فِي وَاحِدَةٍ ، أَمْ فِي أَرْبَعٍ ، فَأَعِدْ ، وَلَاتَمْضِ عَلَى الشَّكِّ ».(٥)

٥١٩٢/ ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « أَتى رَجُلٌ(٦) النَّبِيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَشْكُو إِلَيْكَ مَا أَلْقى مِنَ الْوَسْوَسَةِ فِي صَلَاتِي حَتّى لَا أَدْرِيَ مَا صَلَّيْتُ مِنْ زِيَادَةٍ ، أَوْ نُقْصَانٍ؟

فَقَالَ : إِذَا دَخَلْتَ فِي صَلَاتِكَ(٧) ، فَاطْعُنْ فَخِذَكَ الْأَيْسَرَ بِإِصْبَعِكَ(٨) الْيُمْنَى‌

____________________

(١). السند معلّق على سابقه ، وينسحب إليه الطريقان المتقدّمان إلى حمّاد بن عيسى.

ثمّ إنّ الخبر رواه الشيخ الطوسي فيالتهذيب ، ج ٢ ، ص ١٨٧ ، ح ٧٤٣ ،والاستبصار ، ج ١ ، ص ٣٧٣ ، ح ١٤١٨ ، بسنده عن عليّ بن إسماعيل ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن ابن أبي يعفور ؛ ولعلّه قد سقط « عن حريز » من سندنا هذا.

ويؤيّد ذلك أنّ ابن أبي يعفور - وهوعبدالله - مات في أيّام أبي عبداللهعليه‌السلام ، وطبقة حمّاد بن عيسى تأبى عن الرواية عنه مباشرةً. راجع : رجال النجاشي ، ص ٢١٣ ، الرقم ٥٥٦.

(٢). في « بخ » : « في » بدون همزة الاستفهام.

(٣). فيالوسائل والاستبصار : - « في ».

(٤). في « بث » : « ثنتين ».

(٥).التهذيب ، ج ٢ ، ص ١٨٧ ، ح ٧٤٣ ؛والاستبصار ، ج ١ ، ص ٣٧٣ ، ح ١٤١٨ ، بسندهما عن حمّاد ، عن حريز ، عن ابن أبي يعفور ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٨٩ ، ح ٧٥٦٤ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٢٦ ، ح ١٠٤٩٠.

(٦). في « ظ ، بث ، جن » : + « إلى ».

(٧). فيالوسائل : « في الصلاة ».

(٨). يقال : طعن بإصبعه في بطنه ، أي ضربه برأسها. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ١٢٨ ( طعن ).

٢٧٩

الْمُسَبِّحَةِ ، ثُمَّ قُلْ : "بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ ، أَعُوذُ(١) بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" ؛ فَإِنَّكَ تَنْحَرُهُ(٢) وَتَطْرُدُهُ(٣) ».(٤)

٥١٩٣/ ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ(٥) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ رَجُلٍ:

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام (٦) ، قَالَ : سَأَلْتُهُ(٧) عَنِ الْإِمَامِ يُصَلِّي بِأَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ أَوْ خَمْسَةِ أَنْفُسٍ ، وَيُسَبِّحُ(٨) اثْنَانِ(٩) عَلى أَنَّهُمْ صَلَّوْا ثَلَاثاً(١٠) ، وَيُسَبِّحُ(١١) ثَلَاثَةٌ عَلى أَنَّهُمْ صَلَّوْا أَرْبَعاً(١٢) ، وَيَقُولُ(١٣) هؤُلَاءِ : قُومُوا ، وَيَقُولُ هؤُلَاءِ : اقْعُدُوا ، وَالْإِمَامُ مَائِلٌ مَعَ أَحَدِهِمَا ، أَوْ مُعْتَدِلُ الْوَهْمِ ، فَمَا(١٤) يَجِبُ عَلَيْهِ؟

____________________

(١). في « ظ » : « وأعوذ ».

(٢). فيالوافي : + « وتزجره ».

(٣). فيالوافي : + « عنك ».

(٤). الفقيه ، ج ١ ، ص ٣٣٨ ، ح ٩٨٤ ، معلّقاً عن السكوني. الجعفريّات ، ص ٣٧ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفيهما مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٨ ، ص ٩٨٩ ، ح ٧٦٠٣ ؛الوسائل ، ج ٨ ، ص ٢٤٩ ، ح ١٠٥٦٠.

(٥). فيالتهذيب : + « عن أبيه ». وهو سهو ، كما تقدّم في الكافي ، ذيل ح ١٨٧.

(٦). فيالوسائل ، ح ١٠٤٠١والتهذيب ، ج ٢ : « أبي جعفرعليه‌السلام ».

(٧). في « بخ ، بس ، جن » : « سألت ».

(٨). في « ظ ، ى » والوافي ومرآة العقول والفقيه والتهذيب ، ج ٣ : « فيسبّح ».

(٩). في هامش الكافي المطبوع ، ج ٣ ، ص ٣٥٩ : « قوله : ويسبّح اثنان ، أي اثنان من هؤلاء الخمسة ؛ يعني يشيران بسبب التكلّم بسبحان الله مع رفع الصوت إن احتيج إليه في الإعلام به ، إلى أنّهم صلّوا ».

(١٠). في « بخ » : « ثلاثة ».

(١١). في « بح » : « أو يسبّح ».

(١٢). في « بخ »والتهذيب ، ج ٣ : « أربعة ».

(١٣). فيالتهذيب ، ج ٣ : « يقولون » بدل « ويقول » في الموضعين.

(١٤). في « بخ » : « ما ».

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

المعروفون بالصلاح والاستقامة ، فلم يبق الله للمشركين ذريعة في هذا الصدد إذ قال سبحانه:( أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ) .

فلو كان الرسل مجهولين لتذرّع المنافقون بذلك ، ولأنكروا الرسالات السماوية.

والأمر الآخر أنّ الرسل لا يستسلمون أبدا لأهواء الناس. ولا يقرّون الناس على ما اعتادوه من انحراف ، مثلما نشاهده اليوم حيث التأييد المطلق لكلّ الرغبات العامّة (رغم انحراف الكثير منها). وعلى هذا كان الرسل يواصلون عملهم بإصرار دائم لنشر العقيدة الحقّة رغم رفض عدد كبير من الناس لهم وحقدهم عليهم.

والصفة الاخرى للأنبياء أنّهم لم يطلبوا أجرا من الناس ، ولم يأخذوا منهم شيئا في مقابل نشر الحقّ ، فهم لا يرجون غير الله ، وظلّوا يتجرّعون الفقر والبأساء دون أن يكون لأحد عليهم منّة قطّ ، ليبقوا أحرارا طليقين في نشر دعوتهم بين الناس.

٣ ـ لماذا لا يميل أكثر الناس إلى الحقّ؟

لقد استنكرت آيات القرآن الكريم ـ كالآيات السابقة ـ «الأكثرية» من الناس ، في حين نرى أنّ «الأكثرية» يقرّرون اليوم صلاح الشيء أو عدمه فهم معيار الحسن والقبح في المجتمع ، وهذا يثير علامة استفهام كبيرة : وليس الكلام في الآيات التي تذكر الأكثرية مع إضافة ضمير (هم) حيث يكون المراد منها أكثر الكافرين والمشركين وأمثالهم ، بل الكلام حول الآيات التي تذكر عنوان (أكثر الناس) من قبيل :( وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ) (١) .

__________________

(١) البقرة ، ٢٤٣.

٤٨١

( وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) (١) .

( وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ ) (٢) .

( وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) (٣) .

( فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً ) (٤) .

( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) (٥) .

ومن جهة أخرى اهتمت بعض آيات القرآن بمنهج أكثرية المؤمنين باعتباره معيارا صحيحا للآخرين ، فقد جاء في الآية الخامسة عشرة بعد المائة من سورة النساء :( وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً ).

ونجد في الرّوايات الإسلامية لدى تعارض الرّوايات أنّ أحد المعايير للترجيح هو الشهرة بين أصحاب أئمّة الهدى وأنصارهم وأتباعهم ، كما يقول الإمام الصادقعليه‌السلام : «ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك ، فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه»(٦) .

ونقرأ في نهج البلاغة : «والزموا السواد الأعظم ، فإنّ يد الله مع الجماعة ، وإيّاكم والفرقة ، فإنّ الشاذّ من الناس للشيطان ، كما أنّ الشاذّ من الغنم للذئب»(٧) .

__________________

(١) الأعراف ، ١٨٧.

(٢) هود ، ١٧.

(٣) يوسف ١٠٣.

(٤) الإسراء ، ٨٩.

(٥) الأنعام ، ١١٦.

(٦) وسائل الشيعة ، المجلّد الثامن عشر ، صفحة ٧٢ (كتاب القضاء الباب التاسع من أبواب صفات القاضي).

(٧) نهج البلاغة ، الخطبة ١٢٧.

٤٨٢

ونقرأ أيضا في نهج البلاغة : «والزموا ما عقد عليه حبل الجماعة»(١) .

وعلى هذا قد يتراءى للبعض تناقض بين هاتين المجموعتين من الآيات والأحاديث.

ومن جهة أخرى يمكن أن يتصوّر مخالفة الإسلام للديمقراطية التي تعتمد على آراء أكثر الناس ، وهذا ما رفضه القرآن بشدّة.

ولكن بالتدقيق في الآيات والأحاديث السابقة ومقارنة بعضها ببعض يتّضح المفهوم الحقيقي ، وهو أنّ الأكثرية لو كانت من المؤمنين الواعين الذين ينتهجون الحقّ ويرفضون الباطل ، لا لاستحقّوا الاحترام ، وحظي رأيهم بالتقدير والقبول.

أمّا إذا كانوا فئة جاهلة أو واعية لكنّها مستسلمة لرغباتها وشهواتها على علم منها ، فلا طاعة لها ولا رأي. لأنّ اتّباعها يؤدّي إلى الضلالة والضياع ، كما يقول القرآن المجيد.

وعلى هذا الأساس فلو أردنا تحقيق «ديمقراطية سليمة» لوجب السعي أوّلا لتوعية الناس وتكوين جماعة مؤمنة واعية ، ثمّ الاستناد على رأي أكثريتهم كمعيار لسلامة الأهداف الاجتماعية ، وإلّا فإنّ ديمقراطية الأكثرية الضّالة لا تنتج سوى ضلال المجتمع وجرّه إلى جهنّم.

ومن الضروري التنبيه إلى انّنا نعتقد أنّ رأي الأكثرية الواعية المؤمنة إنّما يكون محترما ومقبولا فيما إذا لم يخالف الكتاب والسنّة والأحكام الإلهيّة.

ولجوء الأمم والشعوب في هذا العصر إلى رأي الأكثرية مبعثه انعدام المعيار الموثوق به في قياس ما ينفع المصلحة العامّة وما يضرّها ، فهذه المجتمعات لا تستنير بكتاب ربّاني ولا تلتزم رسالة نبي كريم ، وليس لديها سوى الرجوع إلى

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٥١.

٤٨٣

رأي العامّة. وبما أنّ المتسلّطين لا يسعون لتوعية رعاياهم ، بل يجتهدون في استدامة غفلة الناس وضآلة اطّلاعهم على ما ينهض بتقدّمهم وازدهار حياتهم ، ليتسنّى لهؤلاء الاستمرار في الهيمنة على الناس والعبث بمصيرهم ، لذلك جعلوا الأكثرية الكميّة معيارا لإسكات الأصوات المعترضة.

ولو دقّقّنا في وضع المجتمعات المعاصرة والقوانين والأنظمة السائدة ، لوجدنا أكثر مصائبهم نابعة من اللجوء إلى ما يسمّى رأي الأكثرية.

فما أسوأ القوانين وأقبح المقرّرات التي جعلتها «الأكثرية» ، وما أكثر الفتن والحروب التي اندلعت بسبب رأي الأكثرية الجاهلة ، وما أعظم المظالم وأشكال العدوان التي قرّرت الأكثرية صحّتها ومشروعيتها!!

* * *

٤٨٤

الآيات

( وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٥) وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ (٧٦) حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٧) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٧٨) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٨٠) )

التّفسير

طرق التوعية الإلهيّة المختلفة :

عرضت الآيات السابقة الحجج التي يتذرّع بها منكرو الحقّ في رفض الرسالات وإيذاء الأنبياءعليهم‌السلام . وتناولت هذه الآيات إتمام الحجّة عليهم من قبل الله تعالى وتوعيتهم.

فتقول أوّلا : إنّنا تارة نشملهم برعايتنا ونرزقهم من وفير النعمة لينتبهوا ،

٤٨٥

ولكن :( وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) .

والله تعالى يبتليهم لعلّهم يعون حين لا تجدي بهم رحمته سبحانه ، لكنّ طائفة غالبة منهم لم يستيقظوا حتّى بالبلاء المذلّ( وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ ) (١) .

«التضرّع» ـ كما أسلفنا ـ مشتقّة من الضرع بمعنى الثدي ، فالتضرّع يعني الحلب ، ثمّ استعملت بمعنى التسليم المخالط بالتواضع والخضوع.

وتعني هذه الآية أنّ المشركين لم يتخلّوا عن غرورهم وعنادهم وتكبّرهم ، ولم يستسلموا للحقّ حتّى وهم يواجهون أشدّ النكبات عصفا بهم.

وإذا ما فسّر التضرّع في الرّوايات بأنّه رفع اليدين نحو السّماء للدعاء ، فهو أحد مصاديق هذا المعنى الواسع.

فالله تعالى يواصل هذه الرحمة والنعمة والعقوبات ، والمشركون يواصلون طغيانهم وعنادهم( حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) (٢) .

الواقع ، أنّ نوعين من العقاب الإلهي : أوّلهما «عقاب الابتلاء» ، وثانيهما «عقاب الاستيصال» والاقتلاع من الجذور ، والهدف من العقاب الأوّل وضع الناس في صعوبات وآلام ليدركوا مدى ضعفهم وليتركوا مركب الغرور.

أمّا هدف العقاب الثّاني الذي ينزل بالمعاندين المستكبرين فهو إزالتهم عن مجرى الحياة ، وتطهيرها من عراقيلهم ، لأنّه لم يبق لهم حقّ الحياة في نظام الحقّ ،

__________________

(١) «استكانوا» مشتقّة من السكون ، بمعنى الصمت في حالة الخضوع والخشوع ، وبهذه الصورة ستكون من باب «افتعال» التي كانت في الأصل استكنوا. أشبعت فتحة الكاف وبدّلت إلى ألف. فأصبحت استكانوا. وقال البعض : إنّها مشتقّة من كون ، ومن باب «استفعال» أي طلب الإقامة في مكان بخضوع وخشوع. وعلى كلّ حال فإنّها تبيّن حالة العبد الخاضع لربّه ، وقد اعتبرها البعض بمعنى الدعاء بسبب كونه أحد مصاديق الخضوع والتواضع. أمّا الاحتمال الثالث ، فهي مشتقّة عن «الكين» على وزن «عين» ومن باب الاستفعال ، لأنّها تعني الخضوع أيضا. وجميع هذه المعاني متقاربة.

(٢) «المبلس» كلمة مشتقّة من «الإبلاس». بمعنى الألم الشديد الناتج عن شدّة أثر الحادثة. وتدفع بالإنسان إلى الصمت والحيرة واليأس.

٤٨٦

ولهذا يستوجب اقتلاع هذه الأشواك من طريق تكامل البشر.

وبيّن المفسّرين اختلاف في قصد الآية من عبارة( باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ ) .

فالكثيرون يرون أنّه الموت ، ثمّ العذاب وعقاب يوم القيامة.

وآخرون يرونه القحط الشديد الذي واجه المشركين سنين عديدة بدعاء من النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأصبحوا لا يجدون ما يأكلون ، حتّى تناولوا ما تشمئز منه الأنفس.

وغيرهم يرونه العقاب الأليم الذي نزل على المشركين بضربات سيوف جند الإسلام في معركة بدر.

وهناك احتمال أنّ الآية لا تختّص بفئة معيّنة ، بل هي استعراض لقانون شامل عامّ للعقوبات الإلهيّة ، يبدأ من الرحمة ، فالتنبيه والعقاب التربوي ، وينتهي بعذاب الاقتلاع من الجذور والدمار(١) .

ثمّ تناول القرآن المجيد القضيّة من باب آخر ، فعددّ النعم الإلهيّة لدفع الناس إلى الشكر( وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ ) والتأكيد على (الأذن والعين والعقل) لأنّها الأجهزة التي بها يتعرّف الإنسان على المحسوسات والقضايا ، فالأشياء الحسيّة يبلغها بالعين والأذن ، والقضايا غير الحسّية يدركها بالعقل.

ومعرفة أهميّة حاسّتي النظر والسمع يكفي لتصوّر حالة الإنسان الذي يفقدهما ، إذ تظلم الدنيا بعينه. وبفقدان هاتين الحاسّتين بالولادة تفقد حواسّ أخرى عملها. فالأصمّ بالولادة يكون بالبداهة أبكم ، فانطلاق اللسان مرتبط بسمع الإنسان وبفقدهما يفقد الإنسان وسيلة ارتباطه مع الآخرين.

وبعد هاتين الحاسّتين اللتين هما مفتاح الإدراك لعالم المادّة ، يأتي العقل الذي ينتزع الأفكار ممّا تموّنه به الحواسّ ، ويجتاز الطبيعة إلى ما وراءها ، ومهمّته

__________________

(١) الآية( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ) التي ذكرت قبل هذه الآيات تؤيّد هذا التّفسير.

٤٨٧

النقد والاستنتاج والترتيب والتعميم وتحليل محصّلة حاسّتي البصر والسمع وسواهما ، أفلا يستحقّ الذين لا يشكرونه على هذه الأدوات الثلاث للمعرفة الذمّ واللوم؟ ألا يكفي التدقيق في تفاصيلها دليلا على معرفة الخالق وعظيم إحسانه للعباد؟

وتقديم ذكر الاذن والعين على العقل في الآية المذكورة له ما يسوّغه. ولكن لماذا تقدّم السمع على البصر؟ يحتمل ـ كما يقول العلماء ـ أنّ أذن الوليد تعمل أوّلا ، ثمّ عينه ، فالعينان مغلقتان في عالم الرحم وليست لديهما أي استعداد وقابلية على مشاهدة أمواج النور ، ولذلك تبقيان هكذا بعد الولادة قليلا ، ثمّ تتعودان النور تدريجيّا.

وليست الأذنان هكذا ، حتّى أنّ بعضهم يرى أنّها قادرة على السماع حتّى في الرحم(١) . فهي تسمع صوت دقّات قلب الامّ.

إنّ بيان المواهب الثلاث أعلاه يشكّل دافعا لمعرفة واهب هذه النعم ، وهو المنعم الوحيد حقّا (مثلما يرى علماء العقائد في بعث شكر المنعم أساسا لوجوب معرفة الله عقلا).

وتناولت الآية اللاحقة خلق الله سبحانه للإنسان من التراب ، فتقول :( وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ ) (٢) .

وبما أنّه ـ جلّ اسمه ـ خلقكم من الأرض ، لذلك ستعودون إليها مرّة ثانية ، ثمّ يبعثكم :( وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) .

ولو فكّرتم في خلقكم من تراب لا قيمة له ، لدلّكم على خالق الوجود سبحانه ، وعرّفكم على كريم لطفه بكم وإحسانه إليكم ، وقادكم إلى الإيمان به

__________________

(١) تحدّثنا عن أجهزة التعرّف الثلاثة في تفسير الآية (٧٨) من سورة النحل.

(٢) «ذرأ» مشتقّة من الذرء (على وزن زرع). وهي في الأصل بمعنى الخلق والإيجاد والإظهار ، إلّا أنّ كلمة (ذرو) وهي أيضا على وزن فعل بمعنى البعثرة. الآية الأولى من النوع الأوّل.

٤٨٨

وبالمعاد.

وبعد ذكر خلق الإنسان ، تناولت الآية المذكورة آنفا دلائل أخرى من بديع صنع الله تعالى( وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) .

وبهذا الترتيب بدأ البيان القرآني من الدافع لاستيقاظ القلب وانبعاثه على معرفة ربّه سبحانه وانتهى بذكر بعض أهمّ الآيات الأنفسيّة والآفاقية ، فالقول المبارك استعرض مسيرة الإنسان منذ الولادة حتّى الموت والعودة إلى الله تعالى ، التي تتمّ مراحلها جميعا بإرادة الله العزيز الحكيم.

وممّا يلفت النظر جعل الله الموت والحياة إلى جانب اختلاف الليل والنهار ، وذلك لكون النور والظلام في عالم الوجود كالموت والحياة للكائنات ، فمثلما يجد الخلق حركته ونشاطه بين أفواج النور ، ويستخفي بين أستار الظلام ، كذلك تبدأ الأحياء حركتها ونشاطها في نور الحياة ، وتستخفي في ظلمة الموت ، ولكليهما صفة التدرّج.

وسبق أن قلنا بأنّ «اختلاف» الليل والنهار قد يعني تواليهما حيث يخلف الليل النهار ، ويخلف النهار الليل. وقد يعني اختلافهما وتفاوتهما التدريجي الذي يوجد الفصول الأربعة ، ويقود دورة الحياة في عالم النبات في ظلّ نظام دقيق.

وكلّ هذه المسائل يمكن أن تكون السبيل إلى معرفة الله ، إذا انتبه لها الإنسان وتأمّلها بفطنة.

ولهذا تقول الآية في النهاية :( أَفَلا تَعْقِلُونَ ) ؟!

* * *

٤٨٩

الآيات

( بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ (٨١) قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٨٢) لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٨٣) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩) بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٩٠) )

التّفسير

القرآن يدعو الضمائر إلى التحكيم :

دعت الآيات السابقة منكري الله والمعاد إلى التفكّر في خلق عالم الوجود وآيات الآفاق والأنفس ، وأضافت هذه الآيات أنّ هؤلاء تركوا عقولهم واتّبعوا

٤٩٠

أسلافهم وقلّدوهم تقليدا أعمى :( بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ ) .

ثمّ إنّ هؤلاء ملكهم التعجّب و:( قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) (١) .

إنّ ذلك لا يصدق!( لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ ) فكانت وعودا كاذبة ، و( إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) فإعادة الخلق أسطورة ، والحساب والكتاب أساطير أخرى ، وكذا الجنّة والنّار.

ولكون الكفّار والمشركين أشدّ خوفا من اليوم الآخر وما فيه من هول الحساب وعدل الكتاب ، تذرّعوا بالأوهام لتسويغ إعراضهم عن الحقّ وتمسّكهم بالباطل.

ولهذا سدّدت الآيات موضع البحث ضربة قويّة إلى هذا المنطق الواهي من ثلاث طرق : بتذكيرها الإنسان بمالكية

الله لعالم الوجود المترامي الأطراف ، وربوبيته له ، وسيادته عليه. وتستنتج ـ من جميع الأبحاث ـ قدرة الله وسهولة المعاد عليه سبحانه ، وأنّ عدالته وحكمته تستلزمان أن يعقب هذا العالم عالم آخر وحياة أخرى.

وممّا يلفت النظر أنّ القرآن يأخذ من المشركين اعترافا بكلّ مسألة ، فيعيد كلامهم ليثبت إقرارهم.

يقول أوّلا :( قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) .

ثمّ تضيف الآية أنّهم يؤمنون بالله خالق الوجود وفق نداء الفطرة النابع من ذاتهم ، وسيجيبونك و:( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) فأجبهم :( قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) كيف تتصوّرون استحالة إحياء الموتى بعد اعترافكم الصريح؟

ثمّ يأمر رسوله مرّة ثانية أن يسألهم :( قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ

__________________

(١) تقديم التراب على العظام إما لعودة التراب إلى الحياة الأولى هي أعجب من عودة العظام ، وإما لأن الأجداد أصبحوا ترابا والآباء عظاما نخرة ، وإما لصيرورة لحم الإنسان ترابا قبل العظام ، ثم تتحول العظام إلى تراب.

٤٩١

الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) .

فيأتي الجواب نابعا من الفطرة التي فطرة الله الناس عليها ، وهي الاعتراف بربوبيّته تعالى( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) وبعد هذا الاعتراف الواضح فلما ذا لا تخافون الله ، ولا تعترفون بالمعاد وبعث الإنسان مرّة ثانية :( قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ ) .

واسألهم مرّة أخرى عن سيادة الله على السماوات والأرض( قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ) . ومن الذي يجير اللاجئين وجميع المحرومين ولا يحتاج إلى اللجوء إلى أحد :( وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ ) ،( إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) .

فيعترفون بأنّ العالم ومالكيته وحكومته وإجارة الآخرين يعود لله فقط( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) .

( قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ) أي : كيف تقولون : إنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سحركم رغم كلّ هذا الاعتراف والإقرار منكم؟!

إنّها لحقائق اعترفتم بها في كلّ مرحلة ، فقد أقررتم بأنّه سبحانه مالك الوجود وخالقه ، وأنّه المدير والمدبّر والحاكم والملجأ ، فكيف لا يستطيع من له كلّ هذه القدرة والحكم والحكمة ، إعادة الإنسان إلى تراب وبعثه ثانية كما خلقه أوّل مرّة؟

لماذا تفرّون من الخضوع للحقيقة؟ ولماذا تتّهمون النّبي الأكرم بالسحر وقلوبكم تعترف بهذه الحقائق؟!

وأخيرا يقول القرآن في عبارة مختصرة ذات دلالة كبيرة بأنّه ليس سحرا ولا شعوذة ولا شيء آخر :( بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ) .

لقد بيّن الله الحقائق للناس بإرساله الأنبياء والرسل إليهم ولكنّهم عصوا أمره ، ولم يستجيبوا له فيما يحييهم من عبادته وإقامة أحكامه الهادية لكلّ خير ، المنقذة من كلّ شرّ.

* * *

٤٩٢

ملاحظات

١ ـ معنى عدد من الكلمات

«الأساطير» جمع «أسطورة» قال بعض اللغويين : إنّها مشتقّة من «السطر» بمعنى الصف ، فيطلق على الكلمات التي اصطفّت في خطّ واحد لفظ السطر.

فالأسطورة : الكتابة أو السطور التي تركها لنا الآخرون ، ولأنّ كتابات القدماء تحتوي على أساطير خرافية ، تطلق الأساطير على الحكايات والقصص الخرافية الكاذبة. وقد تكرّرت كلمة الأساطير في القرآن المجيد تسع مرّات. وجميعها جاء على لسان الكفّار لتوجيه مخالفتهم لأنبياء الله تعالى.

«الربّ» تعني ـ كما قلنا في تفسير سورة الحمد ـ المالك المصلح ، ولهذا لا يطلق على كلّ مالك ، وإنّما يختّص بالمالك الذي يسعى لإصلاح وحفظ وإدارة ملكه حفظا جيّدا ، وتطلق كلمة «ربّ» أحيانا على المربّي والمعلّم أيضا.

«الملكوت» مشتقّة من «الملك» (على وزن كفر) ، بمعنى الحكومة والمالكية ، وإضافة الواو والتاء للتأكيد والمبالغة.

«العرش» يعني السرير ذا القوائم العالية ، ويطلق أحيانا على السقف وشبهه.

وعند ما تتعلّق هذه الكلمة بالله سبحانه ، فإنّها تعني عالم الوجود كلّه ، فهو كلّه دون جلاله المقدّس وحكمه الحكيم.

وقد تطلق أحيانا على عالم ما وراء الطبيعة (ميتافيزيقيا) مقابل «الكرسي» الذي يعني عالم الطبيعة والمادّة ، مثال ذلك( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) (١) (٢) .

__________________

(١) بحثنا موضوع العرش بإسهاب في تفسير الآية (٥٤) من سورة الأعراف.

(٢) البقرة ، ٢٥٥.

٤٩٣

٢ ـ تأكيد المعاد بالاستناد إلى قدرة الله الشاملة

يستنتج من آيات القرآن أنّ معظم مخالفة المنكرين للمعاد يدور حول مسألة المعاد الجسماني ، ودهشتهم من عودة الروح والحياة ثانية إلى الإنسان بعد أن يصير ترابا ، من هنا عدّدت الآيات معالم قدرة الله في عالم الوجود ، وأكّدت خلقه لكلّ شيء من عدم ، ليؤمنوا بالحياة بعد الموت ، وتزول استحالتها من تصوّرهم.

وبحثت هذه الآيات هذه المسألة من خلال بيان قدرة الله على الأرض وسكّانها. وقدرته على السموات والعرش العظيم ، وقدرته على إدارة عالم الخلق والنشر ، وهذه السبل الثلاثة مصاديق لمفهوم واحد. ويحتمل أيضا أنّ كلا من هذه الأبحاث الثلاثة يشير إلى وجهة نظر المنكرين للمعاد ، فلو كان إنكاركم للمعاد يعود إلى أنّ العظام البالية قد خرجت من دائرة حكومة الله وملكيّته ، فهذا خطأ ، لأنّكم تعترفون أنّ الله تعالى هو مالك الأرض ومن عليها.

وإنّ كان إنكاركم لأنّ بعث الأموات يحتاج إلى إله مقتدر ، فأنتم تعترفون بأنّ الله ربّ السماوات والعرش.

وإن كان جحودكم أنّكم في شكّ من تدبير العالم بعد الحياة الجديدة وبعد بعث الأموات ، فهو أيضا في غير مورده ، لأنّكم قبلتم تدبيره واعترفتم بقدرته على إدارة عالم الوجود ، وجوار من لا جار له (أي كلّ الموجودات) حيث يتكفّل برعايتها وتدبير أمورها ، فعلى هذا لا مجال لإنكاركم أيضا. وإجابة الكفّار في الحالات الثلاث بشكل منسجم موحّد( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) تؤكّد التّفسير الأوّل.

٣ ـ اختلاف نهايات الآيات

والجدير بالاهتمام هو أنّه بعد السؤال الأوّل وإجابته جاءت عبارة :( أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) .

وبعد السؤال الثّاني وإجابته جاءت عبارة( أَفَلا تَتَّقُونَ ) .

٤٩٤

وبعد السؤال الثّالث وإجابته جاءت عبارة( فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ) .

وهذه عبارات تنبيه شديدة للكفّار واستنكار لما هم عليه من باطل بشكل متدرّج ومرحلة بعد أخرى ، وهو أسلوب متعارف ينسجم مع الأساليب المعروفة في التعليم والتربية المنطقيّة. فإذا احتاج المربّي إلى إدانة شخص ، يبدأ أوّلا بتنبيهه بلطف ، ثمّ بحزم ، وبعد ذلك يعنّفه!

* * *

٤٩٥

الآيتان

( مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢) )

التّفسير

الشرك يجرّ العالم نحو الدمار :

تناولت الآيات السابقة بحوثا في المعاد والملك والحكم والربوبيّة ، أمّا هذه الآيات فقد تناولت نفي الشرك ، واستعرضت جانبا من انحرافات المشركين.

وردّتها عليهم بالأدلّة الساطعة ، قائلة :( مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ ) .

إنّ الإعتقاد بوجود ابن لله لا ينحصر في المسيحيين الذين يرون النّبي عيسىعليه‌السلام ابنا حقيقيّا له! فقد كان المشركون يرون الملائكة بنات لله ، ولعلّ المسيحيين أخذوا هذه الفكرة من المشركين القدماء ، وعلى أساس أنّ الولد جزء من الأب ، فلذلك اعتقدوا بأنّ الملائكة أو المسيحعليه‌السلام لهم حصّة من الالوهيّة ، وهذا أوضح مظهر للشرك.

٤٩٦

ثمّ بيّنت الآية بطلان الشرك : أنّه لو كان هناك آلهة متعدّدة تحكم العالم ، فسيكون لكلّ إله مخلوقاته الخاصّة به يحكم عليها ويدبّر أمورها.

وسيكون تبعا لذلك أنظمة متعدّدة للعالم ، لأنّ كلّ واحد من الآلهة يدير منطقته بنظام خاص( إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ ) وهذا ينافي وحدة النظام الحاكم في هذا العالم.

( وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ ) وهذه نتيجة محتومة لكلّ صراع ، إذ يسعى كلّ طرف فيه لغلبة الآخرين والهيمنة عليهم ، وهذا سيكون بذاته سببا آخر لتفكّك النظام الموحّد السائد في العالم.

وجاء في ختام الآية تقديس لله سبحانه( سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) .

وزبدة الكلام ما نجده بوضوح من سيادة نظام موحّد لساحة الوجود كلّه.

فالقوانين السائدة لهذا العالم في أرضه وسمائه واحدة ، والنظام الحاكم لذرّة واحدة هو ذاته يحكم المجموعة الشمسيّة المنظومات الكبيرة ، ولو أتيحت لنا صورة مكبّرة لذّرة واحدة لحصّلنا على شكل المنظومة الشمسيّة ، والعكس صحيح.

وقد برهن العلماء في تجاربهم في مختلف العلوم ، باستخدام أدقّ الأجهزة وأحدثها على وحدة النظام السائد لهذا العالم كلّه. هذا من جهة.

ومن جهة أخرى إنّ الاختلاف والتباين يلازمان التعدّد دوما. فلو تشابهت صفات شيئين تمام التشابه لكانا شيئا واحدا ، إذ لا معنى لثنائيتهما عندئذ ، ولو فرضنا لهذا العالم آلهة عديدة لوقع أثر هذا التعدّد على مخلوقات العالم والنظام الحاكم له ، ولانتفت وحدة نظام الخلق.

مضافا إلى أنّ كلّ موجود لا بدّ أن يسعى لاستكمال وجوده إلّا الوجود الكامل من كلّ جهة فلا معنى للتكامل في وجوده حينئذ ، فلو فرضنا وجود مناطق خاصّة لكلّ إله من هذه الآلهة المزعومة ، وطبعا لا يكون لكلّ منها كمال مطلق ،

٤٩٧

ومن الطبيعي أيضا أنّها سوف تسعى لاستكمال ذاتها ، وتحاول ضمّ بقيّة المناطق إلى حوزتها ، وهذا السعي للتكامل والتنافس في الاقتدار مدعاة لوقوع العالم فريسة بين مخالب الناقصين الباحثين عن السيطرة على غيرهم ، والنتيجة هي فساد العالم ودماره.

وبهذا تكون كلتا الجملتين في الآية إشارة إلى دليل منطقي واحد ، ولا تصل النوبة إلى حصر الجملة في جهة إقناعية وليست منطقية.

السؤال الوحيد الباقي في هذا المورد هو أنّ البرهان المذكور يصحّ فيما لو فرضنا أنّ الآلهة تسعى للتغلّب والسيطرة المطلقة ، أمّا لو فرضناها حكيمة وعالمة ، فما المانع من أنّ تدير العالم بالتشاور فيما بينها؟

لقد أجبنا عن هذا السؤال في تفسيرنا للآية الثّانية والعشرين من سورة النساء ، في بحث برهان التمانع ، ولا حاجة لتكراره هاهنا.

والآية التالية تردّ على المشركين المغالطين فتقول :( عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ) أي إنّ الله يعلم ظاهر الأشياء وباطنها ، فكيف تتصوّرون وجود إله آخر تعرفونه أنتم ولا يعرفه الربّ الذي خلقكم والذي يعلم الغيب والشهادة في هذا العالم؟

هذا البيان يشبه ما ورد في الآية الثامنة عشرة من سورة يونس( قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ ) ؟!

وبهذه العبارة يبطل تصوراتهم الخرافيّة :( فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) .

وختام هذه الآية يشبه ختام الآية الثامنة عشرة من سورة يونس وهو( سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) . وهذا يدلّ على وحدة الموضوع.

كما أنّ هذه العبارة تهديد موجّه للمشركين بأنّ الله الّذي يعلم السرّ والعلن ، يعلم ما تقولونه. وسيحاسبكم عليه يوم القيامة في محكمته العادلة.

* * *

٤٩٨

الآيات

( قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤) وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ (٩٥) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨) )

التّفسير

تعوّذوا بالله من همزات الشياطين :

مع مخاطبة هذه الآيات للرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واصلت مقاصد الآيات السابقة في تهديد الكفّار والمشركين المعاندين بأنواع العذاب الإلهي( قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ ) (١) .

( رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) هاهنا دعاء بالنجاة من الهلاك ، والانفصال من الظالمين الذين ينتظرهم سوء العذاب ، ولا شكّ أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم

__________________

(١) «إمّا» في الآية أعلاه مركّبة من «إنّ» الشرطية و «ما» الزائدة. وقد استعملت هنا للتأكيد. ومن أجل أن ترد (إنّ الشرطية) على الفعل المقرون بنون التأكيد يجب أن تفصل بينهما «ما».

٤٩٩

يعمل ما يعرضه للعذاب ، وليس من العدل الإلهي أن يأخذ البريء بالمذنب ، بل لو أنّ رجلا كان يعبد الله في قوم لأنقذه الله سبحانه ممّا يعمّهم به من البلاء.

فهذا الدعاء من الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّما كان بأمر من الله تعالى ، لهدفين : ليحذّر الكفّار والمشركين من سوء المنقلب الذي يتوجّب أن يسلّم الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه إلى الله جلّ وعلا ويطلب منه النجاة ، والآخر : ليعلّم أصحابه وأتباعه جميعا التسليم إلى الحقّ ، وألّا يتصوّروا أنّهم في مأمن من عذابه.

أمّا ماذا يقصد بهذا العذاب؟

يرى معظم المفسّرين أنّه العقاب الدنيوي الذي ابتلى الله به المشركين ، ومنه الهزيمة المرّة التي ألحقها بهم في معركة بدر(١) ومع التوجّه إلى أنّ سورة «المؤمنون» مكّية نزلت يوم مواجهة المؤمنين لضغوط كبيرة. لهذا كانت هذه الآيات بلسم لجراحهم وتسلية لخواطرهم (وجاء بهذا المعنى أيضا في سورة يونس الآية ٤٦).

إلّا أنّ بعض المفسّرين احتملوا أنّه يشمل العذاب الدنيوي والاخروي معا(٢) .

ويبدو التّفسير الأوّل أقرب لمراد الآية.

وتأكيدا لهذا الموضوع ولنفي كلّ شكّ لدى الأعداء ، ولتسلية خاطر الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمؤمنين ، أضافت الآية اللاحقة( وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ ) .

ولقد تجلّت قدرة الله سبحانه في ساحات مختلفة بعد ذلك ـ ومنها معركة بدر ـ حيث غلبت قلّة من المؤمنين جموع الأعداء الغفيرة بقوّة الإيمان وبنصر من الله

__________________

(١) يراجع تفاسير مجمع البيان ، والميزان ، وفي ظلال القرآن ، وأبو الفتوح الرازي ، وروح المعاني ، في تفسير الآيات موضع البحث.

(٢) التّفسير الكبير للفخر الرازي ، في تفسير الآيات موضع البحث.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550